ما دام الله أساسَ كلِّ شيء وقلبَ كلِّ حقيقة، وما دام كلُّ ما نراه هو مجبولٌ بالمادَّة، فلم لا نحاول أن نجد الله في صميم هذه المادّة، في أبعد أبعادها الحسِّيّة الملموسة، “المادّيّة” بالذات؟تختلف النظرة المسيحيّة إلى المادّة عن النظرة المانيَّة في أنّ الثانية تعُدّ المادَّة عنصر الشرّ، العنصر السلبيّ الفاسد، في حين تسمو المسيحيّة بالمادَّة وتُحلّها محلاً مرموقاً، في مركز الصدارة.فمن المعلوم أنّ المانيّة تقول بإلهَين اثنين: إله الخير الذي هو أساس الروح والعالم اللامنظور، وإله الشرّ وهو أصل الجسد والعالم المادّيّ. أمّا المسيحيّة فهي، على خلاف ذلك، تعلن أنّ المادّة صالحة في جوهرها، وترى أنّها عُنصر أساسيّ من العناصر التي تكوّن الشخص البشريّ، وذلك لعدة أسباب.
لقد أصبح التردّد على استشاريّ أو مُختصٍّ نفسيّ أكثر تقبّلاً في أوساطنا الاجتماعيّة عنه من ذي قبل. إذ تغيّر أسلوب حياتنا "العصريّة" عن ما عاشه أسلافنا، أو أهالينا في العقود القليلة الّتي خلت. لكن القلق ظلّ، عبر مراحل تطوّر البشريّة، المصدر الأساسيّ الّذي يحرّك الإنسان لا للوراء وحسب، بل نحو الأمام في كلّ ما أنجزه. يفتح لنا هذا المؤلَّف بابًا (روحيًّا) لحلّ ظاهرة القلق على مستوياتٍ أعمق، فالعودة إلى الحياة الرّوحيّة تجني معها السلام الداخليّ، ففي نظر الكاتب "إنّ كلّ حلّ خارج الإطار الرّوحي هو حلّ جزئيّ وغير ثابت". كيف يُحاجج المؤلِّف عن نظريّته الرّوحيّة؟ وهل تنتصر أصالة الرّوح على حداثة العلوم الإنسانيّة والتقدّم العلميّ؟ أين نجد استقرارنا وراحتنا في قلب عالمنا؟ سنكتشف عمق هذه التساؤلات وغيرها في قلب الكتاب الّذي بين أيدينا.
يولي الإنسان في أيامنا هذه استثمار طاقات الأرض والطبيعة الكثير من اهتمامه، وقد ينسى أن هناك استثماراً من نوع آخر أعظم أهمية إلا وهو استثمار طاقات الإنسان الذي يعتبر أغنى ما في الأرض لأنه مفتاح المستقبل.
ما هو معنى الحياة؟ وما هو هدفها؟ سؤال يتردد على ذهن الإنسان العربي وعند الشباب بوجه خاص، وإنَّ كثيراً منهم يفكرون في الهجرة إلى الخارج، أملاً في ضمان مستقبلهم. فربما يجدون من خلال ذلك عملاً يحبونه، بالرغم من أنَّ هذه الأفكار قد تكون في بعض الأحيان ضرباً من الأوهام إلى حدٍّ ما. أنا أتعامل كثيراً مع الشباب، وبسبب ذلك أشعر بنوع من الإحباط واليأس تعاطفاً معهم. لذلك أريد الآن أن أطرح السؤال مرة أخرى: ما هو معنى حياتك في هذا الواقع الذي تعيش فيه
هذه كلمات من نور، انبثقت من عقلٍ إنسانيّ يذوب حباً وفكراً في قضايا الإنسان، ومن روح قد سكنها روح الله، فامتلأت بالجرأة والصراحة، تفيض نقاءاً وطهراً. أيُّ إبداع أروع من أن توحِّد بين الإيمان وبين الواقع، بين التخيّل واختراق الزمان والمكان وبين قضايا معاصرة تُلِحّ على من يمتلك ضميراً إنسانياً واعياً وفهماً حقيقياً لكلمات الإنجيل وممارسةٍ نقية للقيم المسيحية السامية.
أين الله ؟ حين نطرح السؤال عن وجود الله ، نشعر تلقائيا بأنه حولنا ، يشغل كل المحيط بنا وحتى أوضح المعنى ألمقصود ، أقول هناك أشخاص فى هذا المكان ،والله موجود حولهم . هذه المنضدة يحيط بها الله من كل جانب
كتاب جميل مختلف غير معقد سلس .. الكاتب بارع جدا في اختيار امثلة بسيطة تعبر عن أفكار اكثر تعقيدا .. أعجبت جدا بفكرة ان الإنسان من وجهة نظره - كل إنسان - لم يوجد في هذا الكون بلا هدف بمحض الصدفة ولكن وجود كل إنسان كان مدبر ومخطط له لا من خلال بشر بل على مستوى أعلى مستوى الهي "ظل أيامًا وليالى يفكر كيف يصوغ هذا المخلوق، فيتصور ملامحه، وبدأ يأخذ طينًا ويصوغه : الجسم ثم الأطراف، الرأس وما بها من فم وأنف وعينان و... ، وشيئًا فشيئًا بدأت ملامح العمل الفنى تتضح. هكذا فعل الله كما صوّره لنا الوحى الإلهى فى الفصل الثانى من سفر التكوين، فقد أخذ يشكِّل ويشكِّل، لطّخ نفسه بالطين حتى مرفقيه، لكنه كان سعيدًا. هذه الطينة ابتلت من عرق جبينه فالخامة التى خلقنا منها ممزوجة بعرق الله. هكذا أحب الله الإنسان حتى شكله بيديه وقلبه وعجنه بعرق جبينه ،ووضع كل طاقاته في خلق هذا الكائن. وحين اكتمل العمل، قال إنه حسن، هذا هو الإنسان الذى تصورته وتمنيته، فلنبثّ فيه من روحنا نسمة حياة. وانحنى الله حتى اقترب من الإنسان ، ونفخ فيه من حياته وروحه، وبدأت الحياة تدبّ فى هذا التمثال، فأصبح الإنسان كائنا حياَ، وفتح عينيه لأول مرة فالتقت نظرته نظرة الله، كان أول لقاء بين الخالق والمخلوق، وشعر الإنسان بعاطفة الأبوة المتدفقة من الله الخالق ، نظرة تقابل نظرة ، وابتسامة تقابل ابتسامة، ووجد الله في الإنسان شكله، فقد خلقه علي صورته ومثاله.