مسيح واحد واثنتى عشر رسولا

بِسْم الآب وَالإِبْن وَالرُّوح القُدُس إِله وَاحِد آمِين
فَلْتَحِل عَلِينَا نِعْمِتُه وَبَرَكْتُه مِنْ الآنْ وَكُل أوَان وَإِلَى دَهْر الدُّهُور كُلَّهَا آمِين
مَوْضُوعْنَا اليُوْم بِنِعْمِة رَبِّنَا أشْعُر أنَّهُ مَوْضُوع جَمِيل وَمُفْرِح وَمُهِمْ وَضَرُورِي لَنَا جَمِيعاً وَخُصُوصاً لِلخُدَّام وَهُوَ عَنْ * مَسِيح وَاحِد وَإِثْنَى عَشْرَ رَسُولاً * .. مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول فِي رِسَالْتُه الأُولَى إِلَى أهْل كُورُنْثُوس 12 يَقُول ﴿ أنْوَاع مَوَاهِب مَوْجُودَة وَلكِنَّ الرُّوح وَاحِد .. وَأنْوَاع خَدِمٍ مَوْجُودَة وَلكِنَّ الرَّبَّ وَاحِد ﴾ ( 1كو 12 : 4 – 5 ) .. ثُمَّ يَبْدَأ يَتَكَلَّمْ عَنْ المَوَاهِب المُتَنَوِعَة وَوِحْدِة الجَسَد مُتَخَيِلاً لَوْ كَانَ الجَسَد كُلُّه عِين أوْ كُلُّه يَدْ أوْ كُلُّه رِجْل ... إِلخ .. سَوْفَ نَتَحَدَّث عَنْ " 4 " نِقَاط :0
أوَّلاً : الْمَسِيح الوَاحِد :
============================
مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول يِقُول ﴿ هكَذَا نَحْنُ الكَثِيرِينَ جَسَد وَاحِد فِي الْمَسِيح ﴾ ( رو 12 : 5 ) .. كُلِّنَا وَاحِد فِي الْمَسِيح يَسُوع .. مَسِيح وَاحِد وَنَحْنُ وَاحِد فِيهِ وَهُوَ وَاحِد فِي الآب .. إِذاً نَحْنُ فِي الْمَسِيح فِي الآب وَاحِد .. لِذلِك نَجِد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح يَطلُب فِي يُوحَنَّا 17 وَهُوَ عَلَى وَشَك دُخُولُه إِلَى آلاَم الصَّلِيب رَافِعاً قَلْبُه لِلآب فِي حَدِيثُه الوُدَاعِي – وَنَحْنُ يَارَب نَتَمَنَّى أنْ نَسْمَع آخِر كَلِمَاتَك الَّتِي وَجَّهْتَهَا لِلآب قَبْل الصَّلِيب – نَجِدُه يَقُول ﴿ وَأنَا قَدْ أعْطَيْتُهُمْ المَجْد الَّذِي أعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا أنَّنَا نَحْنُ وَاحِد ؛ أيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أنَّ هؤُلاَء الَّذِينَ أعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي ﴾ ( يو 17 : 22 ؛ 24 ) .
فَهُوَ يُرِيدْ أنْ نَكُون نَحْنُ وَاحِد فِيهِ كَمَا هُوَ وَاحِد فِي الآب .. أي نَكُون نَحْنُ فِيهِ فِي الآب وَاحِد .. وَأنْ نَكُون مُكَمَّلِين إِلَى وَاحِد ( يو 17 : 23 ) .. ﴿ هكَذَا نَحْنُ الكَثِيرِينَ جَسَد وَاحِد فِي الْمَسِيح ﴾ .. مِنْ أجْمَل الأشْيَاء الَّتِي تُحَقِّق هذَا الكَاهِن وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى المَذْبَح وَأمَامُه جَسَد الرَّبَّ .. فَلَوْ أرَادَ أنْ يَنْظُر إِلَى الشَّعْب وَهُوَ مُعْطِي ظَهْرُه لَهُمْ تَجِدُه يَنْظُر إِلَى الجَسَد – أنْتُم الجَسَد – وَفِي النِّهَايَة أيْنَ يَذْهَب الجَسَد ؟ لَقَدْ أصْبَح فِينَا – فَنَحْنُ كُنَّا فِيهِ وَهُوَ فِينَا – نَحْنُ مَخْفِيِين دَاخِلُه وَهُوَ مَخْفِي دَاخِلْنَا .. نَحْنُ وَهُوَ وَاحِد .. هذِهِ هِيَ الكِنِيسَة .. هذَا هُوَ الْمَسِيحِي .. وَهذِهِ هِيَ حَيَاتْنَا كَخُدَّام أنْ نَكُون كُلِّنَا وَاحِد فِي الْمَسِيح يَسُوع .
قَدْ يَرُد عَلَيَّ شَخْص وَيَقُول * وَلكِنِّنَا لَسْنَا وَاحِد .. نَحْنُ مُخْتَلِفِين .. فَأنَا لِيَّ شَخْصِيَّة وَلِيَّ كَيَان وَلِيَّ فِكْر وَلِيَّ وُجُود وَلِيَّ طَاقَة وَلِيَّ مَوَاهِب مُخْتَلِفَة عَنْ الآخَر * .. أقُول لَك أنَّ كُل هذَا يَذُوب فِي الجَسَد الوَاحِد .. كُل إِنْسَان فِي شَخْصِيِتُه وَفِي عَمَلُه وَفِي وَزْنِتُه وَفِي كَيَانُه يُكَمِّل أخَاه .. ﴿ هكَذَا نَحْنُ الكَثِيرِينَ جَسَد وَاحِد فِي الْمَسِيح ﴾ .. فَأسَاس مَادِّة الجَسَد تَجِدْهَا الدَّقِيق وَهُوَ كَانَ حَبَّات قَمْح وَطُحِنَت .. فَلاَ وُجُود بِذَات حَبَّايِة القَمْح وَلكِنَّهَا مَوْجُودَة وَلاَ تَرَاهَا .. كُل الحَبَات قَدْ طُحِنَت وَعُجِنَت بِالمَاء وَأصْبَحَت كُلَّهَا مُتَحِدَة بِعَمَل الرُّوح وَصَارَت خُبْزَة وَاحِدَة .
هذِهِ هِيَ الحَيَاة فِي الْمَسِيح يَسُوع لِذلِك يَقُول الكِتَاب ﴿ يَنْبَغِي أنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أيْضاً ﴾ ( 1يو 2 : 6 ) .. فَانْظُر كَيْفَ سَلَكَ الْمَسِيح وَاتْبَعُه .. وَمُعَلِّمْنَا بُطْرُس الرَّسُول يَقُول ﴿ تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ ﴾ ( 1بط 2 : 21 ) .. فَهُوَ مِثَال نَتْبَعُه فِي كُل أُمور حَيَاتُه .
لِذلِك شَرْط أسَاسِي لِلإِنْسَان لِكَيْ يُؤمِنْ حَيَاتُه وَخِدْمِتُه أنْ يَكُون وَاحِد فِي الْمَسِيح – فَقَطْ – .. فَطَالَمَا أنَّ لَكَ عِشْرَة فِي الْمَسِيح وَعَيْنَيْكَ عَلِيه إِطْمَئِنْ .. وَطَالَمَا أنَّكَ تِرَاجِع فِكْرَك عَلَى فِكْر الْمَسِيح وَفِكْرَك هُوَ فِكْر الْمَسِيح كَمَا يَقُول مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ أمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيح ﴾ ( 1كو 2 : 16) .. فَكُلِّنَا سَنَخْدِم بِفِكْر وَاحِد .
بُولِس الرَّسُول فِي غَلاَطْيَة عِنْدَمَا شَكَّكُوا فِي رَسُولِيَتُه .. وَطَالَمَا شَكَّكُوا فِي رَسُولِيَتُه أي شَكَّكُوا فِي تَعَالِيمُه وَمِصْدَقِيَتُه قَالَ ﴿ وَلكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أوْ مَلاَك مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ فَلْيَكُنْ أنَاثِيمَا ﴾ ( غل 1 : 8 ) .. * أنَاثِيمَا .. أي مَحْرُوم * .. بِمَعْنَى أنَّهُ مَا بَشَّرْتُكُمْ بِهِ هُوَ بِحَسَبْ الإِنْجِيل وَبِحَسَبْ الْمَسِيح .. وَمَنْ يُبَشِرَكُمْ بِغَيْر مَا بَشَّرْتُكُمْ بِهِ فَلْيَكُنْ مَحْرُوماً .. وَاثِقاً أنَّ مَا يَقُولُه هُوَ مِنْ الْمَسِيح وَلَيْسَ مِنْ فِكْرُه الشَّخْصِي .. صَحِيح أنَّهُ يُوْجَد رُسُل كَثِيرِين وَخُدَّام كَثِيرِين وَلكِنْ لاَبُدْ مِنْ الفِكْر الوَاحِد وَالقَلْب الوَاحِد وَالتَّعْلِيم الوَاحِد .. جَيِّد جِدّاً أنْ يَكُون بَيْنَنَا تَمَايُز لكِنْ لاَبُدْ مِنْ الوِحْدَة .. وَجَمِيل جِدّاً أنْ يَكُون لَكَ مَوْهِبَة مُخْتَلِفَة عَنْ أخِيك وَهذَا شِئ نَافِع وَلكِنْ أيْضاً يَكُون هُنَاك إِتِفَاق .
تَخَيَّل مَثَلاً آلَة مُوسِيقِيَّة ( عُود ) وَهذِهِ الآلَة تَعْمَل نَغَمَة وَاحِدَة * دُو .. دُو .. دُو * .. كَيْفَ تُكَوِّن لَحْن ؟ وَلكِنْ كَذَا نَغَمَة مَعَ بَعْض تُكَوِّن تَنَاغُمْ وَانْسِجَام Harmony .. * دُو .. رِي .. مِي * تِعْمِل إِتِفَاق .. فَالمُسْتَمِع لَيْسَ مَشْغُولاً بِـ " دُو " وَحْدَهَا وَلكِنْ بِالنَغَمَة كَكُل .. هكَذَا نَحْنُ أيْضاً إِنْتَ وَاحِد فِي وَسَطْ مَجْمُوعَة لِكَيْ تَعْمَل فِي إِتِفَاق مَعَ إِخْوَتَك – فِي تَكَامُل – .. وَأجْمَل شِئ أنْ يَكُون هذَا العَمَل فِي الخَفَاء .. فَلاَ تُحَاوِل أنْ تَفْرِض نَغَمَتَك – تُظْهِر عَمَلَك – فَأنْتَ تَتَوَظَفْ حَسَبْ النَّغَمَة المَطْلُوبَة وَحَسَبْ الإِحْتِيَاج .
سُؤال هَام فِي تَعْلِيمْنَا لِلاَّهُوت .. أي العِبَارَتَيْن صَحِيح وَأيُّهُمَا خَطَأ :0
1/ الآب هُوَ الإِبْن هُوَ الرُّوح القُدُس ؟ 2/ الآب غِير الإِبْن غِير الرُّوح القُدُس ؟
العِبَارَة الأُولَى خَطَأ وَالعِبَارَة الثَّانِيَة صَحِيحَة .. فَالعِبَارَة الأُولَى لَيْسَت فَقَطْ خَطَأ وَإِنَّمَا بِدْعَة لأِنَّ الَّذِي صُلِبْ هُوَ الإِبْن وَالَّذِي أُرْسِل يُوم الخَمْسِين هُوَ الرُّوح القُدُس .. صَحِيح أنَّ الثَّلاَثَة هُمْ وَاحِد وَلكِنْ الثَّلاَثَة مُتَمَايِزِين وَيَعْمَلُوا فِي إِتِفَاق وَفِي وِحْدَة وَفِي إِنْسِجَام .. فَفِي صَلاَة بَاكِر نَقُول لِلعَذْرَاء ﴿ الآب إِخْتَارِك .. وَالرُّوح القُدُس ظَلَّلِك .. وَالإِبْن تَنَازَل وَتَجَسَد مِنِّك ﴾ .. وَلاَ أسْتَطِيع أنْ أُغَيِّر أيٍ مِنْ الأقَانِيم الثَّلاَثَة .. فَمَثَلاً إِنْ قُلْت * أنَّ الإِبْن ظَلَّلِك .. وَالآب تَجَسَد مِنِّك * تُصْبِح الجُمْلَة خَاطِئَة وَذلِك لأِنَّهُ يُوْجَد عَمَل لِكُل أُقْنُوم .
وَلكِنْ لأِنَّنَا فِي مُجْتَمَع يُحَارِب الوِحْدَة وَيَقُول إِنَّنَا نَعْبُد ثَلاَثَة آلِهَة .. لِذلِك نَحْنُ نَخْشَى فِي التَّكَلُّمْ عَنْ هذَا الأمر تَمَاماً خَوْفاً مِنْ إِمْتِزَاج الأُمور عِنْدَ النَّاس .. وَلكِنْ أقُول أنَّ هذَا خَطَأ .. فَكَمَا أنَّكَ لَدَيْكَ إِيمَان فِي تَكْوِين الشَّمْس بِأنَّ الضُوء لَيْسَ هُوَ الحَرَارَة وَلكِنْ الشَّمْس تُعْطِيك الضُوء مَمْزُوج بِالحَرَارَة وَلاَ نَسْتَطِيع فَصْلَهُمَا عَنْ بَعْض .. وَلكِنْ الحَرَارَة لَهَا خَوَاص وَالضُوء لَهُ خَوَاص .. هكَذَا أيْضاً الآب وَالإِبْن وَالرُّوح القُدُس فَهُمْ فِي إِتِفَاق وَإِنْ كَانُوا مُتَمَايِزِين كَأقَانِيم ثَلاَثَة .. أُرِيدْ أنْ أصِل مَعَك إِلَى حَقِيقَة هَامَة جِدّاً وَهيَ أنَّهُ لاَبُدْ أنْ نَكُون مُتَمَايِزِين – وَهذَا مِنْ جَمَال الحَيَاة – .. فَلَوْ كُنَّا جَمِيعاً نُسْخَة وَاحِدَة مِنْ بَعْضِنَا البَعْض نُصْبِح شِئ رَتِيب مُمِلْ .. وَلكِنْ كُل وَاحِد لَهُ صُوْت .. لَهُ مَلاَمِح .. لَهُ شَخْصِيَّة Character .
لِذلِك يَقُول الكِتَاب ﴿ جِدُّوا لِلمَوَاهِب الحُسْنَى .. وَأيْضاً أُرِيكُمْ طَرِيقاً أفْضَل ﴾ ( 1كو 12 : 31 ) .. وَأيْضاً ﴿ فَأنْوَاعُ مَوَاهِب مَوْجُودَة وَلكِنَّ الرُّوحَ وَاحِد ﴾ ( 1كو 12 : 4 ) .. مَا أجْمَل أنْ تَدْرِس شَخْصِيَات الرُّسُل .. مَثَلاً فَتَرَى بُولِس .. بُطْرُس .. يُوحَنَّا .. يَعْقُوب .. أنْدَرَاوُس .. فِيلُبُّس سَوْفَ تَرَى فِي كُلٍّ مِنْهُمْ شَخْصِيَّة مُخْتَلِفَة – وَأنَا أعْنِي هذِهِ الكَلِمَة * مُخْتَلِفَة * – عَنْ الأُخْرَى .. فَجَمِيعَهُمْ مُخْتَلِفِين فِي شَخْصِيَتْهُمْ وَلكِنْ يَعْمَلُون فِي إِتِفَاق .
إِذَا دَرَسْتُم شَخْصِيَات الرُّسُل تَجِد مَثَلاً بُولِس رَجُل غَيُور .. نَارِي .. جَبَّار .. فَيْلَسُوف .. وَبُطْرُس لَهُ رِسَالَة أُخْرَى إِخْتَارُه الرَّبَّ لَهَا .. فَتَجِد الرَّب يَخْتَار الأُمُمْ لِبُولِس لِكَيْ يُبَشِّرَهُمْ وَاليَهُود لِبُطْرُس .. فَكُل وَاحِد وَظَّفْ طَاقْتُه فِي خِدْمِة الْمَسِيح .. فَإِنْ عَمَل بُولِس وَيُوحَنَّا مُقَارَنَة مَعَ بَعْضَهُمَا تَجِد بُولِس يَقُول لِيُوحَنَّا * مَا هذَا الهُدُوء المُتَزَايِد ؟ * .. وَتَجِد يُوحَنَّا يَقُول لِبُولِس * مَا هذِهِ الشَّخْصِيَّة النَّارِيَّة الحَادَّة ؟ * .. وَلكِنْ يُوحَنَّا مَطْلُوب وَبُولِس مَطْلُوب وَرَبِّنَا يُقَدِّس هذَا وَيَسْتَخْدِم هذَا .. وَأيْضاً يُقَدِّس ذَاك وَيَسْتَخْدِم ذَاكَ .. هكَذَا نَحْنُ الكَثِيرِين جَسَد وَاحِد .. كُل وَاحِد لَهُ عَمَل وَيُكَمِّل الآخَر لِكَيْ نُصْبِح فِي النِّهَايَة كَامِلِين لِلبُنْيَان .
هُنَاك لَحْن فِي الكِنِيسَة يَقُول ﴿ هؤُلاَء الَّذِينَ ألَّفَهُمْ الرُّوح القُدُس مِثْلَ قِيثَارَة Nai `etaf\otpou eucop > `nje Pip/n/a/ e/q/u/ > `m`vrh; `noukuqara > ﴾ ( ذُكْصُولُوجِيَّة بَاكِر آدَام ) .. أي فِي إِتِفَاق نَغَمَات .. مَثَلاً شَخْصِيَّة مِثْل فِيلُبُّس تَجِدُه مُنْدَفِعاً بَسِيطاً جِدّاً .. فِي مُعْجِزِة إِشْبَاع الجُمُوع عِنْدَمَا قَالَ الرَّبَّ يَسُوع أُعْطُوهُمْ أنْتُمْ لِيَأكُلُوا ( مر 6 : 37 ) .. تَجِدُه يَقُول مُسْتَنْكِراً ﴿ لاَ يَكْفِيهِمْ خُبْز بِمِئَتَيْ دِينَارٍ لِيَأخُذ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئاً يَسِيراً ﴾ ( يو 6 : 7 ) .. وَمَرَّة أُخْرَى يُكَلِّمَهُمْ الْمَسِيح عَنْ الآب تَجِدُه يَقُول ﴿ أرِنَا الآب وَكَفَانَا ﴾ ( يو 14 : 8 ) .. فَيَرُد عَلِيه الرَّب ﴿ أنَا مَعَكُمْ زَمَاناً هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّس ﴾ ( يو 14 : 9 ) .. هذِهِ هِيَ شَخْصِيِتُه وَلكِنْ الرَّب يَخْتَارُه وَيُقَدِّسُه وَيَسْتَخْدِمُه .. فَالرَّب لاَ يَطْرُد أحَد وَلاَ يَقُول أبَداً أنَّ هذَا غِير نَافِع لأِنَّهُ لاَ يُوْجَد إِنْسَان غِير نَافِع فِي أي شِئ .
أجْمَل شِئ أنْ نَعْمَل مَعاً وَنُكَمِّل نَقَائِص جَسَد الْمَسِيح .. كُل وَاحِد فِي رُتْبِتُه وَفِي عَمَلُه .. لاَ يَهِمْ مَا هُوَ عَمَلَك وَمَا هِيَ رُتْبِتَك وَلكِنْ المُهِمْ فِيمَا أنْتَ أمِين .. سِمْعَان الخَرَّاز الرَّجُل البَسِيط هَام جِدّاً فِي الكِنِيسَة .. وَكَذلِك الأُسْقُف وَالبَطْرَك وَالشَّمَاس وَالفَرَّاش .. الكُل مُهِمْ وَكُلُّنَا نَعْمَل فِي إِتِفَاق .. لِذلِك نَقُول عَنْ الثَّالُوث أنَّ كُل شِئ يَعْمَلَهُ الآب بِالإِبْن فِي الرُّوح .
س : فَمَنْ صَنَعَ الخَلِيقَة ؟
ج : الله الآب بِالإِبْن – هذِهِ هِيَ أدَق إِجَابَة – .. عِنْدَمَا قَالَ الله ( الآب ) لِيَكُنْ نُور ( تك 1 : 3 ) .. مَنْ عَمَل النُّور ؟ الإِبْن .. فَالآب يَأمُر وَالإِبْن يُنَفِذ .. يُوْجَد إِتِفَاق .. الإِنْسَان يَجِب أنْ يَعْرِف أنَّ مَسِيحْنَا مَسِيح وَاحِد .. وَرَب المَجْد قَالَ هكَذَا ﴿ كَمَا أرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أنَا ﴾ ( يو 20 : 21 ) .. وَقَالَ ﴿ أنْ أفْعَل مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ ﴾ ( مز 40 : 8 ) .
س : فَلِمَاذَا سَمَحَ الله لَنَا بِالتَمَايُز .. كُل وَاحِد وَلَهُ طَاقَة .. وَلَهُ مَوْهِبَة مُخْتَلِفَة عَنْ الآخَر ؟
ج : لأِنَّ الله يُرِيدْ أنْ يُثْرِي وَيُغْنِي الكِنِيسَة .. يَجِبْ ألاَّ يَكُون فِيهَا ضَعْف أوْ قُصُور أوْ عَجْز بَلْ تَنَوُّع وَتَعَدُّد .. يُرِيدْ أنْ يَسْتَخْدِم مَوْهِبِة كُل إِنْسَان فِي خِدْمِة بُنْيَان النُّفُوس .. القَارِئ وَالعَازِف وَالوَاعِظ وَالمُرَنِمْ .. شَخْصِيَّة مِثْل دَاوُد النَّبِي لَهُ مَلَكَات بَسِيطَة جِدّاً وَلكِنْ يَسْتَخْدِمْهَا الله مِنْ أجْل خَلاَص شَعْبُه كُلُّه .
مِنْ مَوَاهِب دَاوُد البَسِيطَة العَزْف .. التَّرْنِيم .. الشَكْل المُرِيح .. الغِيرَة .. الشَّجَاعَة .. التَّصْوِيب بِالمِقْلاَع .. تَخَيَّل مِنْ هذِهِ المَوَاهِب البَسِيطَة الله يُعِدُّه مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيل وَيَجْعَلُه يَتَدَرَّب عَلَى المَمْلَكَة دَاخِل قَصْر شَاوُل .. فَهذِهِ مِنْ تَدَابِير الله .. وَأيْضاً يُعِد مُوسَى النَّبِي لِقِيَادِة الشَّعْب وَذلِك دَاخِل قَصْر فِرْعُون .. لِذلِك يَسْتَخْدِم الله مَوَاهِبِي وَظُرُوفِي وَإِمْكَانِيَاتِي مِنْ أجْل عَمَل أعْظَم .
ثَانِياً : كِنِيسَة وَاحِدَة :
========================
الكِنِيسَة هِيَ جَمَاعِة المُؤمِنِين .. تَعْرِيف الكِنيسَة هِيَ جَسَد الْمَسِيح .. إِذاً نَحْنُ لَحْم مِنْ لَحْمُه وَعَظْم مِنْ عِظَامُه .. الكِنِيسَة تُشَبَّه بِالكَرْمَة .. جِمِّيزَة .. تِينَة لأِنَّهَا تَتَكَوَّن مِنْ غُلاَف بِهِ حَبَّات مَمْزُوجَة بِمَادَّة لَزِجَة .. نَحْنُ الحَبَّات المَحْفُوظُون فِي الكِنِيسَة المُتَحِدِين بِرَبَاط الصُلْح الكَامِل .. وَحَيَاتْنَا كُلَّهَا مَعَ بَعْض تُعْطِي ثَمَرَة وَاحِدَة وَكُلُّنَا نَتَلاَشَى فِي الْمَسِيح يَسُوع بِكُل مَوَاهِبْنَا وَقُدْرَاتْنَا وَطَاقِتْنَا .. لِذلِك نَقُول ﴿ وِحْدَانِيَّة القَلْب الَّتِي لِلمَحَبَّة فَلْتَتَأصَّل فِينَا ﴾ .. * وِحْدَانِيِة القَلْب أي Single Heart * .. وَفِي رِسَالِة أفَسُس ﴿ مُسْرِعِين إِلَى حِفْظ وِحْدَانِيِة الرُّوح بِرَبَاط الصُّلْح الكَامِل ﴾ ( أف 4 : 3 ) .. لِيَكُنْ لَك إِيمَان أنَّكَ أنْتَ وَإِخْوَتَك تُمَثِّلُوا الكِنِيسَة الوَاحِدَة .
نَقُول عَنْ الكِنِيسَة فِي عَصْر الرُّسُل ﴿ وَكَانَ لِجُمْهُور الَّذِينَ آمَنُوا قَلْب وَاحِد وَنَفْس وَاحِدَة ﴾ ( أع 4 : 32 ) .. لِذلِك أنْتَ عِنْدَمَا تَعْبُد الله بِرُوح وَاحِدَة تَسْتَمِيل قَلْب الله وَتَسْتَدِر عَطْفُه وَمَرَاحِمُه .. عِنْدَمَا نَقُول جَمِيعْنَا * إِرْحَمْنَا أوْ كِيرْيَالَيْسُون * تِهِز السَّمَاء وَتَنْقِل الجِبَال .. وَإِذَا سَافِرْت إِلَى أي بَلَد أُخْرَى تَجِد ألْحَان وَاحِدَة وَقِرَاءَات وَاحِدَة وَأصْوَام وَاحِدَة وَنَغَمَات وَاحِدَة وَإِتِجَاه وَاحِد .. وَإِنْ أرَادْنَا رُؤيِة مَنْظَر ( بَانُورَامَا ) لِبَنِي إِسْرَائِيل فِي البَرِّيَّة تَجِد خِيمِة الإِجْتِمَاع فِي الوَسَطْ وَحَوْلَهَا سِبْط لاَوِي حَوْلَهُمْ ألـ 12 سِبْط ( 3 أمَام .. 3 خَلْف .. 3 يِمِين .. 3 يَسَار ) مُتَجِهِين كُلُّهُمْ نَحْو كَنْعَان .. هكَذَا هِيَ الكِنِيسَة جَمَاعَة إِتَفَقَتْ فِي الهَدَف .. كُلِّنَا مِنْتَظِرِين المَلَكُوت .. لَنَا ضَوَابِط وَوَصَايَا وَاحِدَة .. لَنَا إِشْتِيَاقَات وَاحِدَة .. لَنَا قَائِد وَاحِد .. مَسِيح وَاحِد .. ﴿ شُكْراً لله الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِب نُصْرَتِهِ ﴾ ( 2كو 2 : 14) .
وَفِي سِفْر نَشِيد الأنْشَاد ﴿ وَاحِدَة هِيَ حَمَامَتِي كَامِلَتِي ﴾ .. ﴿ الوَحِيدَة لأُِمِّهَا هِيَ عَقِيلَةُ وَالِدَتِهَا هِيَ ﴾ ( نش 6 : 9 ) .. هذَا كُلُّه فِي وَصْف الكِنِيسَة .. جَمِيل أنْ نَكُون مُتَحِدِين فِي الرَّأس فَالكِنِيسَة الوَاحِدَة هِيَ قَصْد رَبِّنَا .. ﴿ تَكُونُ رَعِيَّة وَاحِدَة وَرَاعٍ وَاحِد ﴾ ( يو 10 : 16) .. فِي سِفْر المُلُوك تَجِد أخِيَّا الشِّيلُونِي يُقَابِل يَرْبَعَام إِبْن سُلَيْمَان فَيَجِدُه لاَبِس ثُوب جَدِيد فَيُمَزِّقُه إِلَى 12 قِطْعَة وَيَقُول لَهُ هكَذَا رَبِّنَا سَوْفَ يُقَطِّع هذِهِ المَمْلَكَة ( 1مل 11 : 29 – 31 ) .. وَهكَذَا حَزَن رَبِّنَا عَلَى الإِنْقِسَام .
ثَالِثاً : خُطُورِة الإِنْقِسَام :
===============================
يَقُول مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول إِلَى أهْل كُورُنْثُوس ﴿ أنْ تَقُولُوا جَمِيعُكُمْ قَوْلاً وَاحِداً وَلاَ يَكُونَ بَيْنَكُمْ إِنْشِقَاقَات بَلْ كُونُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأيٍ وَاحِدٍ ﴾ ( 1كو 1 : 10) .. أصْعَب شِئ أنْ تَكُون الكِنِيسَة مُنْقَسِمَة كُل وَاحِد بِفِكْر وَكُل وَاحِد بِرَأي وَبِهَدَف .. وَمَا يُسَاعِد عَلَى الإِنْقِسَام الذَّات .. الغِيرَة .. حُبْ الظُهُور .. الإِبْتِعَاد عَنْ الْمَسِيح وَعَنْ عِشْرِتُه .. كُل هذَا يَجْعَل الإِنْسَان مُحِبَاً لِمَجْدُه الشَّخْصِي .. عَلَيْكَ ألاَّ تَنْسَى رُؤيِة القِدِيس أثَنَاسْيُوس حِينَمَا رَأى الْمَسِيح وَثِيَابُه مُمَزَقَة وَوَجَدَهُ حَزِيناً جِدّاً .. فَبَكَى أثَنَاسْيُوس وَقَالَ لَهُ مَنْ مَزَّق ثِيَابَك يَا سَيِّدِي ؟ فَرَد عَلِيه * أرْيُوس * .
الإِنْقِسَام خَطِير وَالوِحْدَة رَائِعَة .. لاَحِظْ قَوْل الإِنْجِيل عَنْ المُؤمِنِين * ثُوْب مَنْسُوج غِير مِخَيَط * ( يو 19 : 23 ) .. One unit .. وَحْدَة وَاحِدَة .. لأِنَّ الإِنْقِسَام يُبْعِد رُوح الله وَيُحْزِن قَلْبُه .. كُلٍّ مِنْ بُولِس وَأبُلُّوس ذَهَبَا إِلَى كُورُنْثُوس لِخِدْمِة أهْلَهَا .. بَعْضُهُمْ إِنْحَاز لِبُولِس وَالبَعْض لأِبُلُّوس .. فَرَد عَلِيهُمْ مُعَلِّمْنَا بُولِس قَائِلاً ﴿ مَنْ هُوَ بُولُس وَمَنْ هُوَ أبُلُّوس .. بَلْ خَادِمَانِ آمَنْتُمْ بِوَاسِطَتِهِمَا ؛ لَيْسَ الغَارِسُ شَيْئاً وَلاَ السَّاقِي بَل اللهُ الَّذِي يُنَمِي ؛ أنَا غَرَسْتُ وَأبُلُّوس سَقَى ﴾ ( 1كو 3 : 5 ؛ 7 ؛ 6 ) .. كُل وَاحِد عَمَلَ عَمَلْ وَكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَّل الآخَر .
قَدْ تَجِد فِي الكِنِيسَة مَجْمُوعَات أوْ إِتِجَاهَات أوْ أفْكَار أوْ آبَاء كَهَنَة مُخْتَلِفِين .. كُنْ أنْتَ إِنْسَان سَاعِي لِلوِحْدَة وَلِلحُبْ وَلِرَبَاط الصُّلْح الكَامِل وَلِلبُنْيَان .. بِمَا سَنَسْتَفِيد عِنْدَمَا يَقُول فَرِيق أنَّهُ تَابِع لِهذَا وَفَرِيق أنَّهُ تَابِع لآخَر ؟!! هَلْ إِنْقَسَمَ الْمَسِيح ؟ بُولِس الرَّسُول يَسْتَنْكِر هذَا الإِنْقِسَام مُعَاتِباً بِقَوْلُه ﴿ ألَعَلَّ بُولُس صُلِبَ لأِجْلِكُمْ ﴾ ( 1كو 1 : 13) .. أي هَلْ بُولِس هُوَ الَّذِي صُلِبَ لأِجْلُكُمْ ؟ لِتَجْعَل عِينَك عَلَى الْمَسِيح .. فَأنْتَ سَوْفَ تَخْدِم لأِوْلاَدَك فَعَلِّمْهُمْ كَيْفَ يِحَافْظُوا عَلَى أنْظَارِهِمْ ثَابِتَة فِي الْمَسِيح .. هذَا هُوَ عَمَلَك .. عَلَيْنَا أنْ نَقْتَاد وَرَاء الرَّب يَسُوع وَنَكُون رَعِيَّة وَاحِدَة لِرَاعٍ وَاحِد .. هذَا هُوَ الهَدَف .
وَقَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس ﴿ إِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أنْقُلَ الجِبَالَ وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّة فَلَسْتُ شَيْئاً ﴾ ( 1كو 13 : 2 ) .. فَإِذَا أدْخَلْنَا الذَّات .. عَدَم المَحَبَّة .. غِيَاب حُضُور الله سَوْفَ نَضِل جَمِيعْنَا وَالمَجْد الذَّاتِي يَظْهَر .. وَرَب المَجْد قَالَ ﴿ كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ ﴾ ( مت 12 : 25 ) .. مَا أجْمَل أنْ نَعْمَل فِي إِتِفَاق وَفِي وِحْدَة حَتَّى وَإِنْ كُنَّا مُتَمَايِزِين .. وَمَا أجْمَل أنَّ كُلٍّ مِنَّا يَسْتَفِيد بِخِبْرِة الآخَر .. وَمَا أجْمَل أنْ أشْعُر أنَّنِي وَإِنْ كُنْت مُخْتَلِف عَنْ أخِي إِلاَّ إِنِّي أُكَمِّلُه .. وَمَا أجْمَل أنْ أشْعُر أنَّ لِيَّ دُور بَسِيطْ وَأخِي لَهُ دُور بَسِيطْ وَكُلِّنَا فِي النِّهَايَة نُمَثِّل عَمَل الله مِنْ خِلاَلْنَا .. فَالله هُوَ العَامِل فِينَا ( في 2 : 13) .
الإِنْقِسَام يُفَرِّح الشَّيْطَان جِدّاً وَهُوَ الَّذِي يَزْرَع الإِنْقِسَام بِدَاخِلْنَا .. فَهذَا هُوَ عَمَلُه لأِنَّهُ هُوَ أصْلاً مُنْقَسِم وَمُنْشَق وَمَطْرُود .. فَعَمَلُه أنْ يُقَسِّم وَيَشُق وَيَطْرُد .. تَخَيَّل أنَّ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول بِكُل تَقْوَاه وَعَمَلُه وَحُبُّه وَمَعْرِفَتُه قَالَ ﴿ وَإِنَّمَا صَعِدْتُ بِمُوجَبِ إِعْلاَنٍ وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمْ الإِنْجِيلَ الَّذِي أكْرِزُ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ وَلكِنْ بِالإِنْفِرَادِ عَلَى المُعْتَبَرِينَ لِئَلاَّ أكُونَ أسْعَى أوْ قَدْ سَعَيْتُ بَاطِلاً ﴾ ( غل 2 : 2 ) .. * إِنْجِيلِي * أي * كِرَازْتِي .. طَرِيقَة خِدْمِتِي .. مَنْهَج كَرَازْتِي * .. * المُعْتَبِرِينَ أعْمِدَة * أي * الرُّسُل الَّذِينَ قَبْلُه * .. فَهُوَ يُرِيدْ أنْ يَخْدِم بِاتِفَاق مَعَ إِخْوَتُه وَذلِك لأِنَّ هَدَف بُولِس الرَّسُول أنْ يَتَمَجَد الْمَسِيح وَلَيْسَ أنْ يُمَجِّد ذَاتُه .. فَلاَ تَنْسَى أنَّ الهَدَف مِنْ خِدْمِتَك هُوَ ﴿ يَتَمَجَد وَيَتَبَارَك وَيَرْتَفِع إِسْمَك العَظِيم القُدُّوس فِي كُل شَيْءٍ كَرِيم وَمُبَارَك ﴾ ( جُزْء " إِهْدِنَا إِلَى مَلَكُوتَك " فِي القُدَّاس البَاسِيلِي ) .. فَنَحْنُ نُعَظِّمُه هُوَ لأِنَّهُ هُوَ الَّذِي صُلِبَ وَمَاتَ لأِجْلِنَا .
رَابِعاً : الطَّرِيق إِلَى الوِحْدَة :
====================================
أ/ الإِتِحَاد بِالرَّأس :
========================
أي بِالْمَسِيح وَبِفِكْرُه .. هذَا الَّذِي كَانَ يَجُول يَصْنَع خَيْراً ( أع 10 : 38 ) .. مُحِباً لِلعَشَّارِين وَالخُطَاة ( لو 7 : 34 ) .. الَّذِي قَالَ أنَّ إِبْن الإِنْسَان لَمْ يَأتِي لِيُدِين العَالَمْ بَلْ لِيُخَلِّص العَالَمْ ( يو 3 : 17) .. إِحْمِل فِكْرُه لِتُصْبِح وَاحِد فِيه وَبِالتَّالِي وَاحِد فِي إِخْوَتَك لأِنَّ إِخْوَتَك هُمْ وَاحِد فِيهِ .. إِتَحِد بِالْمَسِيح .. مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول يَقُول ﴿ الَّذِي فِيهِ كُلُّ البِنَاءِ مُرَكَّباً مَعاً يَنْمُو هَيْكَلاً مُقَدَّساً فِي الرَّبِّ ﴾ ( أف 2 : 21 ) .. فَلاَ تَضَعْ أسَاس غَيْر الّذِي وُضِعْ بَلْ سِر وَرَائُه وَابْنِي عَلِيه .. هذَا أوِّل شِئ يِضْمَن الوِحْدَة .. طَالَمَا أنَّكَ مُتَحِد بِالرَّأس فَقَدْ نِلْت جَوْهَر الوِحْدَة لأِنَّ جَوْهَر الوِحْدَة هُوَ الإِتِحَاد بِالرَّأس .
ب/ الحُبْ الكَامِل :
=======================
الحُبْ الَّذِي يَحْتَمِل وَالَّذِي يَغْفِر .. الحُبْ المُتَسِع .. قَالُوا القِدِّيسُون ﴿ إِنَّ المَحَبَّة تَجْعَل قَلْب الإِنْسَان مُتَسِع أكْثَر مِنْ السَّمَاء ﴾ .. عِبَارَة جَمِيلَة قَالَهَا يُوحَنَّا المَعْمَدَان عِنْدَمَا جَاءُوا تَلاَمِيذُه قَائِلِينْ لَهُ أنَّ الْمَسِيح الَّذِي عُمِّدَ عَلَى يَدَيْكَ هُوَ يُعَمِّد هُوَ وَتَلاَمِيذُه .. فَرَد عَلِيهُمْ قَائِلاً ﴿ يَنْبَغِي أنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأنِّي أنَا أنْقُصُ ﴾ ( يو 3 : 30 ) .. فَلْتَجْعَل لَدَيْكَ هذَا الفِكْر .. وَلكِنْ تَخَيَّل مَاذَا كَانَ سَيَحْدُث لَوْ أنَّ يُوحَنَّا عَمَل لَهُ مَدْرَسَة وَالْمَسِيح مَدْرَسَة .. وَيُوحَنَّا لَهُ تَلاَمِيذ وَفِكْر وَكِرَازَة وَالْمَسِيح لَهُ تَلاَمِيذ وَفِكْر وَكِرَازَة مُخْتَلِفَة ؟ كَانَ سَيَحْدُث إِنْقِسَام .
إِقْبَل غِيرَك وَاتَضِع وَاحْتَمِل ضَعَفَات غِيرَك وَلاَ تَنْظُر إِلَى ذَاتَك .. إِقْبَل هذَا وَاحْتَمِل ذَاكَ .. هذَا هُوَ الخَادِم الوَاعِي الَّذِي يَعْرِف كَيْفَ يِجَمَّع .....
يُوْجَد خَادِم تُعْطِيه مَجْمُوعَة فَيُوَحِدْهَا وَآخَر تُعْطِيه مَجْمُوعَة فَيُفَرِّقْهَا
يَجْمَع الحِمْلاَن إِلَى حُضْنُه يُفَرِّق الحِمْلاَن مِنْ حُضْنُه
يَسْتَرِد المَطْرُود وَيُجَبِّر الكَسِير وَيَعْصِب الجَرِيح وَيَطْلُب الضَّال يَطْرُد المَوْجُود وَيَكْسَر المَجْبُور وَيَجْرَح المَعْصُوب
ج/ أسَاسِي الرُّسُل وَالأنْبِيَاء :
===============================
فَلاَ تَحِيد عَنْ طَرِيق آبَائَك .. فَلِكَيْ تُوَحِد أُسْلُك نَفْس المَنْهَج لاَ تَخْتَرِع طَرِيقَة جَدِيدَة أوْ يَكُون لَك مَنْهَج خَاص .. لاَ تَقُل * أنَّ هذَا القُدَّاس مُمِلْ نُرِيدْ أنْ نُجَدِّدُه * .. أقُول لَك لاَ يَصِح .. إِتَفِق مَعَ الوِحْدَة .. حَافِظْ عَلَى تُرَاث آبَائَك وَكِنِيسْتَك .. أوْ تَقُول * مَا مَعْنَى أنْ نُقَبِّل يَدْ أبُونَا .. ألَيْسَ هُوَ بَشَر مِثْلَنَا ؟ * .. لاَ .. بَلْ إِتَّبِع قَانُون وَإِيمَان كِنِيسْتَك .. وَإِنْ كَانَ لَكَ حُبْ التَطْوِير فَقَدْ تُطَوِر فِي إِجْتِمَاع .. فِي نَدْوَة .. إِعْزِف .. رَنِّمْ .. مِجَلَّة صَوْتِيَّة .. نَشَاط ثَقَافِي وَإِنْتَ فِي نَفْس الوَقْت حَامِل لِتُرَاث آبَائَك .. فَلاَ تَسْلُك حَسَبْ فِكْرَك الخَاص لأِنَّ هذَا خَطَأ وَخَطَر .. فَأنَا لِيَّ طَرِيق لاَ أحِيد عَنُّه وَأرَاجِع فِكْرِي بِاسْتِمْرَار .
حَتَّى آبَاء كِنِيسِتْنَا .. كِنِيسِة العَهْد الجَدِيد – فِي أي عَصْر – تُقَاد بِأبِينَا البَطْرَك فَهُوَ يَقُود الكِنِيسَة بِاتِخَاذ قَرَارَات عَنْ طَرِيق المَجْمَع الَّذِي يَتَكَوَنْ مِنْ عَدَد مِنْ الآبَاء الأسَاقِفَة .. فَلَيْسَ البَطْرَك وَحْدُه لأِنَّ الفَرْدِيَّة خَطِيرَة جِدّاً .. فَلاَبُدْ أنْ أصُون فِكْرِي بِإِخْوَتِي لأِنَّ إِخْوَتِي هُمْ وَسِيلِة حِفْظ لِيَّ وَسَنَد لِيَّ .. فَمَثَلاً عِنْدَ ظُهُور مُشْكِلِة التَهَوُد فِي الكِنِيسَة الأُولَى فَكَانَ الرَد ﴿ قَدْ رَأى الرُّوحُ القُدُسُ وَنَحْنُ أنْ لاَ نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقَلاً أكْثَرَ غَيْرَ هذِهِ الأشْيَاءِ الوَاجِبَةِ ﴾ ( أع 15 : 28 ) .. * نَحْنُ .. كَمَجْمُوعَة * .. كُلُّنَا وَلَيْسَ فَرْد وَاحِد لأِنَّ الشَّخْص الوَاحِد يُمْكِنْ مُهَاجَمَتُه إِذْ أنَّ الفَرْد الوَاحِد غِير مَعْصُوم مِنْ الخَطَأ .
وَلكِنْ أُنْظُر الرُّوح المُتَنَوِع فِي آبَاء المَجْمَع لأِسَاقِفِة كِنِيسِتْنَا الحَالِيَة .. تَجِد نَغَمَة كَبِيرَة جِدّاً فِي كُل المَجَالاَت مِثْل البُعْد الرَّهْبَانِي وَالنُسْكِي .. البُعْد التَّعْلِيمِي .. البُعْد العَقِيدِي .. البُعْد الطَقْسِي وَالكَنَسِي فِي نَفْس المَجْمُوعَة .. وَتَجِد مَنْ فِيهِ الرُّوح الشَّبَابِيَّة المُتَجَدِّدَة مَا يُنَاسِبْ الجِيل الآتِي فِي الخِدْمَة وَلَيْسَ فَقَطْ هذَا الجِيل .. وَلكِنْ لَوْ إِنْفَرَد وَاحِد بِقِيَادِة الكِنِيسَة وَكَانَ مُتَمَيِزاً فِي العَقِيدَة مَثَلاً فَهَلْ تَكْفِي العَقِيدَة شُمُول الكِنِيسَة كُلَّهَا ؟ بَلْ يَجِبْ أنْ يَخْدِمُوا جَمِيعَهُمْ بِكُل مَوَاهِبْهُمْ مِنْ أجْل البُنْيَان .
د/ الإِنْجِيل دُسْتُورِي :
==========================
فَأرَاجِع فِكْرِي عَلَى فِكْر الإِنْجِيل .. لاَ أضَعْ أسَاس غِير الَّذِي وُضِعْ .. أقْرَأ جَيِّداً الإِنْجِيل .أحِبْ الإِنْجِيل .. أكْشِفْ أسْرَار الإِنْجِيل .. تَجِد فِكْرَك إِسْتَقَام .. وَأنْظُر إِلَى تَعَالِيم السَيِّد الْمَسِيح وَإِلَى رَسَائِل بُولِس الرَّسُول تَجِد فِكْر ذَهَبِي يُحَكِّمَك إِلَى الخَلاَص وَيَعْصِمَك مِنْ الخَطَأ .. يُؤمِّنَك مِنْ الإِنْفِرَاد وَالإِنْعِزَال وَيَحْفَظَك مِنْ أي خَطَر . رَبِّنَا يُعْطِينَا أنْ نَكُون مُتَحِدِينْ بِهِ .. مُتَحِدِينْ فِيهِ .. لَنَا رِسَالَة تِجَاهُه وَإِنْ كُنَّا مُتَمَايِزِينْ إِلاَّ أنَّنَا نَعْمَل فِي إِتِفَاق رَبِّنَا يَسْتَخْدِمْكُمْ لِمَجْد وَانْتِشَار مَلَكُوتُه عَلَى الأرْض .. وَيُمَجَّد إِسْمُه بِكُمْ تَحْمِلُوا إِسْمُه فِي كُل مَكَان .. تَكُونُوا شُهُود أُمَنَاء لَهُ فِي كُل عَمَل تِعْمِلُوه فِي وِحْدَة وَاتِفَاق وَبِقَلْب وَاحِد وَرُوح وَاحِدرَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا كُل مَجْد وَكَرَامَة دَائِماً أبَدِيّاً آمِين