أختبار الخادم

Large image

 نقرأ أعداد قليلة من رسالة معلمنا يوحنا الأولى الإصحاح الأول .. ﴿ الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة .. فإنَّ الحياة أُظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا .. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا .. وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع إبنه يسوع المسيح .. ونكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملاً ﴾ ( 1يو 1 : 1 – 4 ) .
 في الحقيقة لا يوجد أجمل من هذه الآية وأحب أن أكررها .. ﴿ الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا ﴾ .. ما هو المنهج الذي يحب أن يعيش به الخادم في خدمته ؟ ﴿ الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا ....... نخبركم به ﴾ .. نحن لا نستطيع أن نجعله لنا فقط بل نريد أن نخبركم به ونحضركم للمسيح لكي يكون لكم أيضاً شركة معه .. نحن رأيناه وشربناه وسمعناه وعاشرناه وعشنا معه ولذلك أول شئ نفعله هو أن نكشف صدق إختبارنا بأن لا يكون لنا فقط بل نخبركم به لكي يكون لكم أيضاً شركة معه .
 الإختبار في حياة الخادم هو حجر الزاوية في حياته وخدمته .. لخلاصه وخلاص الآخرين فبدون الإختبار نقدم نظريات .. والحياة في المسيحية لا تقوم على فكر أو نظرية فربنا يسوع قال ﴿ الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة ﴾ ( يو 6 : 63 ) .. ما أسهل أن أقول وصية ولكن ما أجمل أن أكون قد عشتها وعندما أقول الوصايا أشعر إني لا أقول مجرد أوامر لأنَّ الحياة المسيحية ليست أوامر .. فأنت عندما إختبرت ربنا يسوع عرفت ما يليق وما لا يليق .. ما يحل وما لا يحل فابتدأت تطيعه لأنك تحبه لأنَّ في عدم طاعتك له إهانة بل وحماقة .. وعندما يفهم الإنسان هذا الإختبار في حياته يشعر أنَّ عنده دافع بأن يذوق الآخرين ما تذوقه .. بنعمة ربنا أحب أن أتكلم معاكم في ثلاث كلمات وهم :0

(1) ضرورة الإختبار :
============================
 إنَّ الحياة مع ربنا يا أحبائي لا تشرح بالكلام فالقديس مارإسحق يقول ﴿ الكلام عن العسل شئ ومذاقة العسل شيئاً آخر ﴾ .. عندما أسأل شخص ما هو طعم العسل ؟ فإنه سيقول هو طعمه مسكر .. حلو .. ولكن عندما أسأله ما الفرق بين العسل والسكر ؟ فلن يستطيع أن يوصف لي الفرق وعندما يتحير في الوصف فإنه يُحضر لي ملعقة عسل لكي أتذوقها .. إنَّ الكلام عن العسل شئ ومذاقة العسل شيئاً آخر .. أيضاً يقول مارإسحق ﴿ إنه لا يصح أن نرسم ينبوع ماء ونقول للناس تعالوا إشربوا منه .. فماذا سيشربوا ؟ هل سيشربوا من نظرية أو فكرة ؟ فإن الذي يريد أن يشرب يشرب من ماء حي ﴾ .. لابد أن يكون فيك ينابيع روح متدفقة ويجري من بطنك أنهار ماء حي .. فالذي يجلس معك لابد له أن يشعر أنَّ قلبه قد تحرك لأنه يشرب من مياة حقيقية لأنَّ السيد المسيح لم يكن قصة بل هو حياة .
 في العهد القديم كان ربنا يسوع يعطي للشعب المن والسلوى في الصباح الباكر وكان بعضاً من الناس لشعورهم بالخوف من الجوع يجمعون كثيراً حتى يضمنوا أن يكون وفيراً عندهم ولكن كانوا يأكلوا كفايتهم والذي يتبقى كان يفسد .. إنَّ هذا المن هو لكي يؤكل ولا يخزن .. فربنا يسوع لا أخزنه لكي أفتخر به فلا يليق أبداً أن أفتخر بمعرفة ربنا يسوع كمعرفة فقط .. فقد تقول إني قرأت الكتاب المقدس كله !! أنت بذلك قد جمعت مَن فهل أكلت المن ؟ أجمل ما في الحياة المسيحية إنها حياة إختبار وليس مجرد أنك قد جمعت مَن .. ﴿ الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا ﴾ .
 ويكلمنا الكتاب عن إختبار أعمق وهو اللمس ﴿ الذي ..... لمسته أيدينا ﴾ .. وهنا يؤكد واقعية ربنا يسوع في حياة يوحنا الرسول .. وفي خلال خدمة القديس يوحنا ظهر ناس قد أنكروا لاهوت المسيح فكتب إنجيله مؤكداً لاهوت السيد المسيح .. ثم بعد ذلك ظهر ناس قد أنكروا ناسوت السيد المسيح فكتب رسائله مؤكداً ناسوت السيد المسيح .. ففي بداية خدمته عندما أنكروا لاهوت المسيح بدأ إنجيله بهذه الآية ﴿ في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله ﴾ ( يو 1 : 1) .. وعندما أنكروا ناسوت السيد المسيح وادَّعوا أنَّ جسده كان خيال قال إنه جسد حقيقي ﴿ ولمسته أيدينا ﴾ .. فلابد من الإختبار .
 صعب جداً أن نتكلم عن شئ لا نعرفه .. فعندما يكلمنا شخص عن بلد معينة وكيفية المعيشة فيها والشراء والإقامة فيها فترة طويلة وفي النهاية نكتشف أنه لم يذهب إليها فإننا لا نقتنع بكلامه مثل شخص قد ذهب إليها بالفعل حتى ولو كان قد ذهب إليها إسبوع فقط فإننا سنقتنع بكلامه لأنه يقول عن إختبار ومعايشة .. هكذا الكلام عن ربنا يسوع المسيح سيكون مختلف عندما يكون نابع من إختبار ومعاشرة حقيقية له .. ونحن بنختبره في الحياة السرية الخفية الشخصية فأشعر أنَّ يده هي يد حية مقتدرة .. فقد قيل عن العظيم الأنبا أنطونيوس أنه كان يتنفس المسيح .. أي أنه كان الهواء الذي يتنفسه .. فهذه درجة عميقة جداً في الإختبار .
 إنَّ إختبار الإنسان المسيحي هو أروع إختبار يعيشه على الأرض وهو إحساسه بالوجود الدائم في حضرة الله وأن تكون حياته عبارة عن شركة مع الثالوث القدوس .. ما أجمل فيلبس عندما تلامس مع ربنا يسوع وشعر بجمال عمله في حياته فقال لصديقه نثنائيل ﴿ تعال وانظر ﴾ ( يو 1 : 46) .. فهو لم يكتفي بأنه تقابل مع المسيح وتذوقه بل دعا نثنائيل وقال له ﴿ تعال وانظر ﴾ .. إنَّ خدمتنا تتلخص في هاتين الكلمتين ﴿ تعال وانظر ﴾ .
 إنَّ الآباء القديسين كتبوا لنا مجلدات في هاتين الكلمتين ﴿ تعال وانظر ﴾ لأنَّ إختبار الحياة المسيحية كلها يتلخص في Come and see .. وكأن كل خادم فينا ينادي على مخدومه ويقول له ﴿ تعال وانظر ﴾ .. خسارة إنك لا تتمتع به .. القديس يوحنا ذهبي الفم يقول ﴿ إن رأيت إنساناً لم يكتشفه بعد إغلق على نفسك وابكي عليه ﴾ .. يبكي عليه الخادم لأنه حاسس بجسامة الخسارة التي يتعرض لها هذا الشخص فقلبه محروق عليه مثل القديسة مونيكا التي بكت على إبنها .
 ما أجمل إني أختبر وأجعل الآخرين يختبروا هم أيضاً .. ولذلك لا يكفي أن أقرأ كتاب وأقصه على الأولاد أو أن أعرف قصة وأسردها عليهم .. لا يكفي أن نسلم معلومات ونشرح طقس لا نعيشه فالمسيحية أعمق من ذلك بكثير وأروع من ذلك بكثير .. فالوصية قد تكون غير فعالة فينا لأنَّ الداخل لم يصبح مسيحياً ولم نتحول إلى حملان ولم تصبح الحياة في المسيح يسوع مالكة لحياتنا بل هي مجرد معلومات.
 الذي رأيناه .. سمعناه .. لمسناه .. عشنا معه .. أكلنا معه .. شربنا معه رأيناه وهو يتعامل مع الخطاة والعشارين والفريسيين والكتبة وكل الفئات فشبعنا بسيرته وحياته .. صعب جداً أن ننادي بإله مجهول ولم نعاشره .. ولذلك في جزء التقديس في القداس عندما يقول أبونا ﴿ أخذ خبزاً على يديه الطاهرتين ﴾ نكون متفاعلين جداً ونقول ﴿ نؤمن .... آمين ﴾ .. ثم بعد ذلك لا نقول فقط * نؤمن * بل ﴿ نؤمن ونعترف ونمجد ﴾ .. ولكن لماذا ؟ لأنه لا يكفي فقط أن نؤمن بل نؤمن ونمجد .. وفي نهاية جزء التقديس يقول الشعب جزء يسمى * نشيد * وهو ﴿ آمين آمين آمين بموتك يارب نبشر ﴾ .. ناس إنفعلت بالمسيح المذبوح فأخذوا قرار أن يقدموا حياتهم كما أنَّ المسيح قدم لهم حياته .. فالحياة المسيحية هي حركة قلب ورفع قلب وإحساس دائم بالوجود في حضرة الله .. هي إختبار صادق مخلص من عمق القلب وبعيداً عن ذلك تكون فلسفة ثقيلة وصعبة لأنَّ كون إن الإنسان يتجاوز ذاته ويبيع ممتلكاته ويزدري بمجد الأرض فإنَّ هذه الأمور مستحيلة ولكن عندما يتذوق الإنسان مذاقة الأبدية وتبدأ شهوة محبة المسيح تدخل إلى قلبه فإنه ينفعل بهذه الأمور فيحب الوصية وينفذها .
 الفلاسفة يقولوا ﴿ وراء كل إلحاد شهوة ﴾ .. فأي إنسان بيبعد عن ربنا وينكر وجود ربنا فإن هذا يرجع إلى أنه مستعبد لشهوة معينة في حياته ولكي يريح ضميره فإنه يقول * لا يوجد ربنا * .. هذه العبارة تنطبق علينا ولكن بالعكس فنحن ألحدنا العالم من أجل شهوة ومحبة ربنا .. نحن فعلاً قد طرحنا عنا كل أفكار الخواطر الشريرة وكل ثقل العالم وأمور العالم قد طرحناها ولا نحبها من أجل شهوة محبة ربنا يسوع .. ما أجمل أن أختبر خلاص ربنا يسوع وتجسده وصلبه وقيامته .. لا يكفي أن أعرفه ككلام ولكن لابد أن أختبره .
 ما أجمل عبارة معلمنا بولس الرسول الذي يقول ﴿ الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي * أنا * ﴾ ( غل 2 : 20 ) .. إختبار شخصي .. يقول أيضاً معلمنا بولس ﴿ الله الذي أعبده بروحي * أنا * ﴾ ( رو 1 : 9 ) .. ويقول أيضاً ﴿ حسب إنجيلي بيسوع المسيح ﴾ ( رو 2 : 16) * إنجيلي * .. أي فكر كتابي أو فكر إلهي فهو شخص عايش فعلاً مع الله .. ولذلك من الألقاب الرائعة التي لقبتها الكنيسة لأبونا بيشوي كامل * الإنجيل المعاش * لأنه حول الفكر إلى تطبيق وحول النظرية إلى حياة .. فهو عاش مع المسيح واختبره وانفعل به .
 ﴿ الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا ﴾ .. تعالوا أنظروا .. ﴿ ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب ﴾ ( مز 34 : 8 ) .. ﴿ الرب عز لخائفيه ﴾ ( مز 24 من مزامير باكر ) .. خسارة إنكم تضيعوا أيامكم وعمركم .. هذا هو نداءنا لأولادنا ولمخدومينا أن يتذوقوا ما رأيناه في مخادعنا والذي تذوقناه في إنجيلنا وما إختبرناه في عبادتنا فنحن نريد أن نقدمه لكم .. إنَّ الإختبار مهم جداً .. والإختبار يكون في عشرة الصلاة وعشرة الإنجيل وعشرة العبادة وتنفيذ الوصية .. فعندما أكلم المخدومين عن الإنجيل لا أكلمهم عن فلسفة بل أكلمهم عن حياة أنا عشتها وتذوقتها من خلال الإنجيل .. إنَّ وقفة الصلاة لها إختبار .. أيضاً عندما أكلم المخدومين عن جزء في القداس وأشرحه لهم لا يكون مجرد شرح جاف بل أكون قد عشته وتأملت فيه .. أيضاً عندما أقدم لهم وصية أكون طبقتها في حياتي وبذلك تصل إليهم بسهولة .. وتوجد أربع درجات للمعرفة :

(2) درجات الإختبار :
============================
1/ المعرفة العقلية :
======================
 هذه مرحلة مهمة جداً ولابد أن نجتازها في عشرتنا مع ربنا وهي أنَّ العقل يكتشفه وهي باب للإختبار .. وما أجمل أن يتقدس العقل بنور المسيح ونور الإنجيل فيكون عقل مستضئ .. ما أجمل أن يكون العقل خادم للخلاص .. فربنا يسوع ميزنا بالعقل عن كل الخليقة لكي نعبده بعقلنا ونعرفه ونمجده بعقلنا .. أهل رومية قالوا نحن لنا العذر لأننا لم نكن قد عرفنا الله من قبل أما اليهود فليس لهم عذر لأنهم كان عندهم التوراة .. فبولس الرسول قال لهم أنتم عندكم عقل فكان ممكن من خلال حكمتكم وفلسفتكم وعقلكم تعرفوه .. ﴿ أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ﴾ ( رو 1 : 20 ) .. فمن خلال مصنوعات الله تستطيعوا أن تعرفوه .
2/ المعرفة الوجدانية :
==========================
 ما أجمل أن أعرف الله وأختبره بعقلي وبوجداني .. فعاطفتي تتحرك نحوه وشهوة حبه تتحرك في داخلي لدرجة أنَّ القديس أبو مقار يقول ﴿ إنَّ الحياة الروحية هي مقابلة عشق بعشق ﴾ .. فمحبة العالم قد ماتت في داخلي وابتدأت أعرف ربنا وأحبه .. أحد القديسين كان يقول ﴿ أعطنا يا الله أن نحبك بقوة أهوائنا ﴾ .. نحن نتمنى أنَّ طاقة قوة أهوائنا توجه كطاقة حب لله وبذلك تتقدس العاطفة فيه ولهذا السبب قد أعطانا الله العاطفة .. وأيضاً عندما نحب بعضنا البعض نحب فيه فكل عاطفة هي مقدسة فيه .. القديس مارأفرآم السرياني كان يقول ﴿ أقسمت بحبك أن لا أحب وجهاً آخر غير وجهك ﴾ .
 ما هذه النفوس ؟!! إنَّ هذه النفوس عندها عاطفة مثلنا ولكن هم وجهوها إليه بكل طاقتهم فأحبوه بقوة أهوائهم فتملك حبه عليهم .. هؤلاء القديسين حبوه بكل القلب .. بكل الفكر .. بكل الإرادة فلم تعد معرفتهم به مجرد معرفة عقلية بل صارت معرفة وجدانية مثل يوحنا الحبيب الذي كان يضع رأسه على صدر المسيح فيسمع نبضات قلبه ولذلك هو الوحيد الذي كشف لنا أسرار لم يكشفها أحد غيره عن شخص ربنا يسوع .. فهو وجدانه قد تقدس في المسيح يسوع .
3/ المعرفة الإختبارية :
==========================
 رأيناه وشاهدناه .. لا يكفي أن أقول لك أنا بحبك وبحبك جداً جداً .. لابد أنَّ هذه المحبة تترجم إلى أفعال .. فالعقل والوجدان يخدموا الإختبار .. أختبر ربنا وأذوقه في الإنجيل .. في المخدع .. في آية أنشغل بيها .. في موقف مر عليَّ .. ففي الإنجيل لا أقرأ آية أو قصة أو موقف إلا ويكون ليَّ نصيب فيه .. فالإنجيل هو ليَّ أنا فلابد عندما أقرأ فيه أعرف أين أنا في هذا الموقف وأضع نفسي داخله وأحدد أين أنا من هذه الآية .. أصعب شئ يا أحبائي إن الإنسان لا يتلذذ بالإنجيل ولا يشعر به كرسالة الله له وبشارة الله المفرحة له .. فالكتاب المقدس لم يخبرنا عن قصص وهمية أو بطولات لأشخاص ولكن لكي أختبر قصة الله معي أنا الآن في المسيح يسوع .
 وعندما أقرأ في بداية الخليقة أرى نفسي وكأنها هي الأرض الخربة ومبارك الله الذي لم يترك هذه الأرض بل كان روح الله يرف على وجه المياة .. وقال ليكن نور فكان نور وبدد الظلمة ( تك 1 : 3 ) .. أيضاً أعرف أنَّ سقوط آدم هو سقوطي أنا وما فعله آدم أفعله أنا في كل يوم ولكن مبارك الله الذي فداني من سقطتي .. فعندما أرى نفسي في كل آية في الكتاب المقدس أعيش كإنسان متهلل بالمسيح يسوع وأفرح جداً بخلاصه وخلاص إخوته وبهذا أتذوق الكتاب المقدس .
4/ المعرفة الإتحادية :
=========================
 فالسيد المسيح قال في آخر كلماته في الصلاة الوداعية ﴿ أيها الآب أريد أنَّ هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم ﴾ ( يو 17 : 24 ) .. ربنا يريد أن يجعلنا واحد معه كما أنه هو واحد مع الآب .. ولذلك الكنيسة تسمى * بالكنيسة الواحدة * .. ربنا يريد أن يجعلنا نتحد معه لدرجة أننا نتكلم بكلامه ونفكر بفكره لأننا صرنا واحد معه فنتحرك به ونفهم به ونتكلم به وكل أمورنا تصير به .. وكلمة * عرف * في الكتاب المقدس تشير * للإتحاد * .. فعندما يذكر الكتاب المقدس أنَّ آدم عرف حواء فهذا يعني أنه إتحد بها إتحاد زيجي .. وهذه المعرفة نحن مدعوون لها يا أحبائي وهي أن تكون نفوسنا عرائس للمسيح .. فلو إنت عرفت الإنجيل فلابد أن تتحد به .. ولو عرفت الكنيسة لابد أن تتحد بها وأصير واحداً معها .. وعندما أتلامس مع ربنا يسوع وأتحد به أتكلم عنه وأتكلم بسهولة لأني أتكلم عن شخص أنا عايشه ولامسه فهو نبض حياتي .. داود النبي تدرج في عشرته مع ربنا يسوع وفي وقفاته معه حتى أنه قال ﴿ سبع مرات في النهار سبحتك على أحكام عدلك ﴾ ( مز 119 : 164) .. وابتدأ الأمر يزيد حتى أنه قال ﴿ أما أنا فصلاة ﴾ ( مز 109 : 4 ) .
(3) بعض التحذيرات :
=============================

أ/ إحذر المعلومات :
=======================
 إحذر من التعليم النظري .. وباستمرار الآباء يعلمونا ويقولوا ليتك قبل أن تتكلم عن شئ تكون قد عشته .. وقبل أن تتكلم عن أي فضيلة تكون قد تذوقتها .. وقبل أن تتكلم عن الصلاة تكون قد صليت .. وقبل أن تتكلم عن التسبيح سبح .. وقبل أن تتكلم عن العطاء إعطي وإلا سنكون معلمين دروس .. قد تتعجب عندما تعرف أنه يوجد بالخارج جامعات تدرس العلوم المسيحية وقد يكون الذين يقومون بالتدريس أشخاص غير مسيحيين وهم يقولون معلومات عن المسيحية .. أخشى أن تكون خدمتنا هي مجرد تلقين معلومات لأولادنا والمعلومات الجافة لا تثبت لأنَّ الأولاد قد يأتوا للخدمة وهم ليسوا على درجة تركيز عالية حتى يتلقوا معلومات .. والشباب في سن ثانوي وجامعة يأتون للإجتماعات وهم أساساً مشبعين من العالم فهل لا نستطيع أن نقدم لهم نحن كخدام في الكنيسة شئ يجذب عقولهم وقلبهم ووجدانهم ؟!! فعندما تقدم لهم موضوع صعب قد يكون في الطقس أو تاريخ الكنيسة أو عن العقيدة إن لم تبسطه لهم أو تقدمه لهم بطريقة إختبارية فإنهم لن يستوعبوا أو يركزوا فيه ولذلك إحذر خطورة التلقين .
 توجد عبارة جميلة جداً ينبغي أن نضعها أمامنا كشعار وهي * ليتك تتكلم مع يسوع عن الدرس أكثر مما تتكلم مع المخدومين عن الدرس * .. تكلم معه عن الدرس قبل أن تكلم أولاده .. * وليتك تتكلم مع يسوع عن المخدومين أكثر مما تتكلم مع المخدومين عن يسوع * .. ولكن لماذا ؟ لأننا بنرجع الأمر لصاحبه فلا تعتقد أنَّ المخدومين هم ملكك إنت .. فلا تقل * أسرتي .. أولادي * هم للمسيح وأنت بتأخذ بركتهم بخدمتك لهم .. ولذلك بولس الرسول يقول عن نفسه ﴿ ألعل بولس صلب لأجلكم ﴾ ( 1كو 1 : 13) بل المسيح .. إحذر المعلومات .. أرجوك عندما تحضر الدرس إعرف أنك أنت محتاج للدرس أولاً ولذلك حضره لنفسك واستفاد منه إنت الأول .
ب/ إحذر عدم الصلاة قبل الدرس :
=========================================
 لو الدرس سيأخذ نصف ساعة صلي نصف ساعة على الأقل .. لو الدرس سيأخذ ساعة صلي ساعة وهذا كان تدريب يعطيه الآباء للخدام من أيام أبونا ميخائيل إبراهيم .. حتى يكون الكلام من ربنا يسوع ولا نكون معلمين كثيرين لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنا ( يع 3 : 1 – 2 ) .. أصلي من أجل الدرس وأقول * إنت ياربي الذي تكلمهم .. وماذا تريد ياربي أن تقول لهم ؟ ماذا تريد أن تعلمهم ؟ أولادك مشتاقين لك * .. إختبار المسيح إختبار غني جداً وجذب قلوب شباب وشيوخ وعذارى وإلى الآن هو إختبار حي .. ﴿ الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا ﴾ .. فالسامرية عندما تقابلت مع المسيح قالت ﴿ هلموا انظروا إنساناً قال لي كل ما فعلت ﴾ ( يو 4 : 29 ) .. خسارة أتركوا كل ما يشغلكم .
ج/ لاحظ نفسك والتعليم :
=============================
 إحذر وإنت في الخدمة تنسى خلاص نفسك وتنسى إنك محتاج أن تكون مخدوم .. أحياناً الخدمة تسبب بعض المشكلات منها :0

أ/ الذات :
==========
 وهي إني أشعر أنه توجد أمور لعامة الناس وأمور أخرى للخدام .. فأعتقد أنَّ العشية هي لعامة الناس .. إجتماع الشباب لعامة الناس .. أنا خادم وكأني صرت غني وقد إستغنيت .. فأشعر بالإفتخار بنفسي وإني أفضل من غيري ومميز وليَّ كرامة في الكنيسة وكل هذه أمراض خطيرة .. فإن لم تقع حبة الحنطة وتمت فإنها تبقى وحدها ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير ( يو 12 : 24 ) .. فالذات لابد أن تموت .. نحن عبيد بطالين .. ربنا محتملنا وبيدخلنا بيته .. من أخطر الأمراض الروحية أن يشعر الإنسان أنه أفضل من غيره .. فممكن إن الإنسان يصلي ويقول * الخطاة الذين أولهم أنا * وهو في قراره نفسه لا يشعر بذلك .. فهل نحن نغش الله ؟ فالمفروض إني أقول بكل أمانة وكل صدق * أنا أول الخطاة * .. فلأني خادم إهانتي لربنا تكون أعظم من أي إهانة أخرى ولذلك أنا فعلاً * أول الخطاة * .. الأب الكاهن يصلي في القداس ويقول ﴿ من أجل خطاياي وجهالات شعبك ﴾ .. فأنا ككاهن الخطية بالنسبة ليَّ خطية أما إنت فبالنسبة لك جهل لأنك قد تفعلها عن عدم معرفة أما أنا فقد أفعلها عن معرفة ولذلك صارت المعرفة ليَّ دينونة فأنا أول الخطاة .
ب/ فقد روح التلمذة :
=========================
 يحدث أنَّ الإنسان عندما يخدم أنه لا يحضر إجتماعات ولا يتعامل مع الأشخاص الذين علموه من قبل باحترام بل يعتبر نفسه أنه إنسان مثلهم وأنه صار معلم .. قداسة البابا شنودة الثالث زار في إحدى المرات كنيسة مارجرجس هليوبوليس وقال هناك ﴿ أنا ليَّ 62 سنة في الخدمة وأشعر إلى الآن إني تلميذ ﴾ .
ج/ كثرة الإنشغالات :
========================
 أحياناً الخدمة نفسها تدخلنا في دائرة من الإنشغالات وتشغلنا عن خلاصنا الروحي وبناءنا الروحي أو حياتنا الكنسية مثل حضور القداسات والعشيات .. إنَّ حضور الخادم هو وسيلة جذب وتعليم للناس فهو بذلك يؤكد أهمية حضور العشية والقداس ولا يكون تعليمه في الخدمة هو مجرد معلومات ونظريات بل هو متذوق فعلاً جمال العشية والقداس والتسبحة .
 إنَّ الإختبار في حياة الخادم هو حجر الزاوية فأدخل مخدعك واغلق بابك وصلي إلى أبوك الذي في الخفاء .. تذوق حلاوة الإنجيل والقداس .. تذوق العشرة مع الله .. تذوق الدرس الذي ستقوله .. إختبر لأنك لو إختبرت خدمتك ستختلف كماً ونوعاً .. إختبر لأن الإختبار مهم جداً لأبديتك .. إختبر لأن الإختبار سيجعلك تعيش فرحان وسيعطي طعم لخدمتك وسيجعلك تشعر أنك تعيش لرسالة مهمة جداً وهي أنك تبشر بإسم ربنا يسوع .
 أخشى إني لو سألت كل واحد فينا * لماذا إنت تعيش ؟ * تكون إجابة البعض * أنا عايش لكي أحقق ذاتي في المجتمع * .. لا .. أنت تعيش لكي تبشر بربنا يسوع وتشهد له .. فأهم هدف في حياتك هو إنك تربح الأبدية وتعمل لإنتشار مجد الأبدية وتقول توبوا لأنه قد إقترب منكم ملكوت السموات ( مت 3 : 2 ) .. فإن لم تختبر كل هذا فإنك ستكون إنسان تائة وأهدافك واهتماماتك ستكون خاطئة . ربنا يعطينا أن نراه وأن نلمسه ونسمعه ونتعرف عليه من جديدربنا يعطينا أن نتذوقه ونختبره ونخرج وننادي كل ما نراه* تعال وانظر .. تعالوا ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب .. إنَّ الرب عز لخائفيه *إنَّ ما رأيناه وشاهدناه نخبركم به لكي يكون لكم شركة معنا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 2104

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل