ينبغى أنه كما سلك ذاك هكذا نسلك

Large image

في رسالة معلمنا بطرس الرسول الأولى أصحاح 2 : 21 – 25 .. الموضوع عن ربنا يسوع المسيح مثلنا الأعلى في الفضائل وفي السلوك .. { لأنكم لهذا دُعيتم .. فإن المسيح أيضاً تألم لأجلنا تاركاً لنا مثالاً لكي تتبعوا خُطواته .. الذي لم يفعل خطية ولا وُجِدَ في فمهِ مكر .. الذي شُتِم لم يكن يشتم عوضاً وإذ تألم لم يكن يُهدد بل كان يُسلم لمن يقضي بعدلٍ .. الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر .. الذي بجلدتهِ شُفيتم لأنكم كنتم كخراف ضالة لكنكم رجعتم الآن إلى راعي نفوسكم وأُسقفها } .
جميل جداً في ربنا يسوع المسيح أنه جاء للعالم كنموذج .. عندما نتكلم عن غاية مجئ ربنا يسوع المسيح على الأرض فالجميع يقول الفداء .. ولكن هناك غاية متوازية مع الفداء وهي أنه يريد أن يعطينا مثال كيف نحيا .
ما هو قصد الله من الإنسان على الأرض ؟ هذا من أهداف التجسد أي الفداء .. أعظم هدف وينوب عنا ويُصلب .. ولكن أيضاً لكي يعيش في وسط عالم به مشاعر مختلفة .. فيهم الصادق والغير صادق .. الأمين والغير أمين .. الكاره والحاقد .. الغني والفقير .. مثل المجتمع الذي نعيش فيه الأن .. لكي يفدينا جاء ولكن أيضاً لكي يعطينا نموذج كيف يحيا الإنسان في العالم .
لذلك يقول لنا معلمنا بطرس الرسول { تاركاً لنا مثالاً لكي تتبعوا خُطواته } .. جاء الله ليُعلمنا كيف نسلُك ولا يكتفي بإعطاءنا معلومات مثل " أحبوا أعداءكم " ( مت 5 : 44 ) وهكذا بل ربنا يسوع لم يأتي لكي يعطينا معلومات ولكن لكي يعطينا نموذج للإنسان .
الصورة التي أراد الله أن يخلق بها الإنسان على صورته ومثاله أراد أن يُحققها ويقول لك أنه يملُك للإنسان البشر أن يحيا بحسب القصد الإلهي .. يمكن للإنسان البشر أن يحيا طبقاً للوصايا الإلهية .. فنقول نحن أن هذا صعب جداً .. فيقول لنا أن ربنا يسوع المسيح شابهنا في كل شئ ما عدا الخطية .. أخذ نفس الجسد الخاص بنا بطبيعته الضعيفة التي تجوع وتعطش وتتعب وتتألم .. أخذ نفس الجسد لكي يعطينا مثال أن هذا الجسد ممكن أن يحيا في القداسة ويحيا لآلامه النفسية لأن ربنا يسوع إجتاز آلام جسدية ونفسية وعندما جاء للعالم بغرض فدائنا جاء لنا ليترك لنا مثالاً .
الفلاسفة تقول { لو لم يكن المسيح إلهاً لجعلناه إلهاً بسبب ما قاله وما عمله } .. أيضاً أن ما قاله فعلهُ أيضاً .. حاول أن تأخذ تدريب .. كل سلوك وكل أمر إلهي ربنا يسوع علَّم بهِ إبحث أنت عليه إن كان الرب يسوع فعلهُ أم لا .. مثال :0
{ أحبوا أعداءكم .. باركوا لاعنيكم .. أحسنوا إلى مُبغضيكم } ← فعلهُ بالفِعل .
{ من يُقبِل إليَّ لا أُخرِجهُ خارجاً } ( يو 6 : 37 ) ← تكلم على أنه مُحب للعشارين والخطاة .
عندما قال { لا يحتاج الأصحاء إلى طبيبٍ بل المرضى } ( مت 9 : 12 ) ← بالفعل فعل ذلك .
{ طوبى لرجلٍ لا يحسب له الرب خطية ولا في روحه غش } ( مز 32 : 2 ) .. { الذي شُتِم لم يكن يشتم عوض } .. { ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدم بل ليخدم } ( مت 20 : 28 ) ← هذا فعلهُ حقاً .
{ إعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية } ( يو 6 : 27 ) .. عندما يأتي تلاميذه بالطعام يقول لهم { أنا لي طعام لآكل لستم تعرفونه أنتم } ( يو 4 : 32 ) .
عندما قال { بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة } ( لو 12 : 33 ) .. لم نشاهده يأخذ من غِنى العالم ولكن قيل أنه { ليس له أين يسند رأسه } ( مت 8 : 20 ) .
كل كلامه عمله ولذلك نعطيها كتدريب للجميع لكي نعرف أنه هو أيضاً إجتاز هذا .. عندما قال لنا { إسهروا وصلوا } ( مر 14 : 38 ) فَعَل ذلك فكان رجل صلاة وكان يقضي الليل كله في الصلاة ( لو 6 : 12) .
الله فعل كل هذا ليس لأنه يحتاج عملها بل عملها لأجلنا .. كل ما فعلهُ المسيح لأجلنا .. تجسد وصُلِب ومات وقام وجاع وحُكِم وفقير وليس له أين يسند رأسه .. يصفح لأجلنا .. تاركاً لنا مثالاً لكي نتبع خُطواته .
شخص ربنا يسوع المسيح لا يكفي أبداً أن نقف عند حد الإعجاب به .. لم يأتي ليخلق كثير من المُعجبين .. جاء ليجعل أولاده مُسحاء .. كل واحد مسيح .. كل واحد مسيحي وإسمه يُدعى عليك .. { ينبغي أنه كما سلك ذاك هكذا يسلُك هو أيضاً } ( 1يو 2 : 6 ) .. ما أجمل أن تعيش موقف فترى أنك تنحرف عن الصواب فيُرجِعك عقلك .. لو كان المسيح في الموقف فماذا كان يفعل ؟
عملياً لا يوجد موقف مُشابه ولا يوجد موقف يُشابهه في حياة المسيح .. حتى لو كان العصر غير العصر والدنيا غير الدنيا .. مثال : حولي أشرار ومكايد وداخلهم حقد وغيرة .. جو به عثرات وضعفات وانكسارات والمسيح أيضاً لم يعيش في جو كله قديسين بل كانوا عشارين وزُناة وخُطاة .. المسيح كان مكروه وظُلِم وأُهين والأغنياء احتكروه وضحكوا عليه .. كل المواقف التي نعيشها إجتازها المسيح .
أيضاً عندما ذهب الهيكل وجلس مع مُعلمي الشريعة وعملوا له امتحان في التقليد اليهودي .. الشاب حتى سن 22 سنة يجب أن يكون اجتاز امتحان في الهيكل يعبَّر عنه إنه حفظ الشريعة فيعطوه تصريح لكي يدخل ويكون ضمن الأعضاء في المجمع اليهودي وكان يتم ذلك في الفصح حتى يأتي الناس من كل الأماكن وتتشكل لجنة للإمتحان من شيوخ الهيكل ويدخل المُتقدم للإمتحان .. فيسوع وهو عنده " 12 " سنة اجتاز الإمتحان فبُهتوا من تعليمه .. أي أنه ذاكر مثلنا وامتحن .. كان عنده ذاكرة بشرية مثلنا .. المسيح أيضاً عمل في الحياة نجار .. كان له علاقات وأصحاب من بداية التلميذ الذي كان يسوع يحبه حتى الخائن يهوذا .
أشكرك يارب لأنه لا يوجد موقف في الحياة لم تجتازه وعلمتنا فيه كيف نسلُك .. كيف أحيا المسيح في حياتي ؟ وكيف يتحول المسيح إلى واقع عملي وأن فضيلة المسيح هي فضيلتي ؟ وكيف يكون سلوك المسيح هو سلوكي ؟ فإن كل ما عملهُ رب المجد يسوع عملهُ من أجلنا .. معلمنا يوحنا يقول { ينبغي أنه كما سلك ذاك هكذا يسلُك هو أيضاً }.. يريد منا أن نعيش بفكره ومشيئته .
الإنسان الأول آدم .. الله خلقه بهدف الطاعة .. الحب ويتمتع بعطايا الله لهُ .. قصد الله من خلقة آدم أنه إله مُحب لا يشاء أن يحيا في هذا الكون مُنعزل منفرد فأحب أن يكون أبناءه معهُ يُشاركونه مجد الكون .. مثل الرجل الغني الذي يمتلِك ﭬيلا كبيرة بالحدائق وحمامات السباحة في مكان رائع ولكن كل هذا بلا طعم لأنه يعيش فيه بمفرده فيأتي بأولاده وأحفاده ليشعر بالفرح .. كذلك الله أراد أن نتمتع نحن بالكون الخاص بهِ .
لكن الإنسان كسر الوصية .. ولم يُتمم قصد الله وأن يُمارس الحب بينه وبين ربنا .. أحبَّ أن يأكل من يد الشيطان ويكسر الحلقة وفسد الإنسان .. ولكي يُرجع هذا من جديد جاء المسيح ليعطي لنا هذه الحياة من جديد .. أبونا آدم قبل السقوط كان يأكل من عطية ربنا بيد ربنا .. وبعد السقوط أكل من يد الشيطان فجاء ربنا ليُرجع هذا الأمر ثانياً بعد أن الأرض لُعِنت وخرج منها ثمرة لعنة .. جاء على الأرض ولمس بقدميهِ الأرض فباركها .. أعطى طاعة عِوضاً عن عصيان آدم .. جاء المسيح يقدم طاعة .. صُلِب لكي يُحقق مشيئة السماء وطاعة لها .. { أطاع حتى الموت } ( في 2 : 8 ) .. وكما يقول بولس الرسول في العبرانيين { مع كونهِ ابناً تعلم الطاعة مما تألم به } ( عب 5 : 8 ) .. كل ما أفسده آدم أصلحه المسيح من أجلنا لنعيش حياة جديدة ويكون مَثَلْنا الأعلى في الفضيلة والسلوك تاركاً لنا مثالاً لكي نتبع خُطواته .
حتى في عرس قانا الجليل أطاع الست العدرا .. { لم تأتي ساعتي بعد } ( يو 2 : 4 ) .. ولا يصح أن يفعل المعجزات حتى لا تُثار عليه الأقوال .. لكنه أطاع .. أطاع العرف اليهودي والشريعة .. فيجب أن نذهب للفصح وبالفعل ذهب .. يوجد شريعة للختان فاختُتِن .. وعندما شفى أبرص طلب منه أن يذهب ويُري نفسه للكاهن .. طاعة للشريعة وأطاع نظام الدولة ودفع الجزية .. والأهم من ذلك طاعة الآب .. جاء يقدم طاعة عوضاً عنا بسبب تمرد أبونا آدم .. والأن علينا نحن أن نعيش في طاعة المسيح .. كل فضيلة هي طاعة للمسيح .. طاعة حتى الموت .. جاء لكي يوحد مشيئة الآب في مشيئته .
{ فإن كنا أولاداً فإننا ورثة أيضاً } ( رو 8 : 17) .. ورثنا كل ما للمسيح منها الطاعة .. مصدر طاعتك ليس فِكرك بل طاعة للمسيح .. المسيح جاء للعالم لكي يعطينا نموذج لكي نسير معه طاعة حب وإرادة .. خرج وهو عالم بكل ما سوف يأتي عليه ومع ذلك خرج .
توجد شريعة في العهد القديم تُسمى " شريعة العبد العبراني " .. يمكن أن يكون هناك عبد عند شخصٍ ما لمدة ست سنوات وفي السنة السابعة يُفك .. ولكن إن أحب العبد سيده ورغب في الجلوس معه بعد مرور المدة فيلوم الناس السيد على ذلك لأنه كسر الوصية وأبقى العبد عنده بعد مرور المدة المقررة لذلك فعلى العبد إذا رغب في الإستمرار أن يقف أمام كل الناس ويقول " أنا أحببت سيدي وأريد أن أُكمِل عنده بإرادتي " .. فيقوم الجميع بثقب أُذنه ليكون له علامة وسط الجموع بأنه إختار سيده وهم شهود .. لذلك يقول داود النبي في مزمور " 40 " { أُذنيَّ فتحت } ( مز 40 : 6 ) .. أي أنني أردت أن أحيا في عبودية لك بإرادتي .. أحببت أن أخدِمك بكامل حريتي .
جاء ربنا يسوع المسيح يقول للآب نفس الحقيقة ويُقدمها له .. { أطاع حتى الموت } .. وفتح له أُذنه .. كل متطلبات العدل الإلهي من أجل الكفارة والفداء فلتأخذ مني أنا وقدمها المسيح وأخذنا عنها طاعة المسيح .. أحد الأباء القديسين – القديس بيشوي – يقول { أطِع الله يُطيعك الله } .
الفضيلة الثانية الإتضاع .. وحذاري أن تتضع خارج اتضاع المسيح .. ولابد أن يكون في حياتك مصدره المسيح .. أُنظر للمسيح المُعرى على الصليب .. إن اتضعت بفكرك يكون اتضاع مؤقت ومزيف .. مثل العملة المُزورة والعملة الحقيقية .. المسيح الإله الذي سمح للشيطان أن يجربه .. المسيح الذي انحنى يغسل أرجل تلاميذه وقال لهم { أنتم تدعونني مُعلِّماً وسيداً ..... فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعضٍ } ( يو 13 : 13 – 14) .. تعلم من المسيح غسل الأرجل .. الإله القادر الذي عُلق على الصليب ويقبل .
إن لم يكن الإتضاع مصدره المسيح سيكون أمر مؤلم .. نرى رب المجد يسوع يقف وراء كل الخليقة كلها .. في المعمودية تعمد بعد الكل ويقول ليوحنا المعمدان إسمح الآن ( مت 3 : 15) .. تعلم الإتضاع وكما قال الفلاسفة عنه { لم نجد من تكلم عن الإتضاع مثل ربنا يسوع المسيح } .
كل الناس تتحدث معك كيف تُصبح عظيماً لأنها تتفق مع الفكر البشري .. أما كيف تُصبح آخر الكل فهذا لا يتفق مع الفكر البشري .. لماذا يُهاجم الناس المسيحية ؟ لأنها ضد الفكر البشري تماماً .. كيف يكون الإله إنسان ؟ هذا أمر ضد الفكر البشري تماماً وممكن يُقبل أن الإنسان يصير إلهاً وأن الإنسان يتألَّه ولكن لا يقبل أن الإله يتأنس .. عندما تريد أن تتعلم الإتضاع تعلمه من الإله الذي صار إنسان بل أقل منه وأحقر من أي إنسان .
يقول القديس يعقوب { هو وخاصته لم يكن معهم قوت ليوم واحد وأنت تطلب لنفسك رزق لسنين عديدة .. لم يكن ليسوع أين يسند رأسه وأنت تطلب مجالس مُزينة } .. أجمع القديسين على أن المسيح لم يسند رأسه إلا مرة واحدة على الصليب .. عيش المسيح ليس إعجاب أو مجرد نظرية .. نحن جماعة المؤمنين بالمسيح وعندما أمنا بهِ عِشناه وسلكنا سلوكه ولم نكتفي بأفكار ولكن عشنا حياة .. فالمسيحية نور وحياة .
الحب الذي بلا حدود ولا شروط وللكل .. لا تتكلم عن حب الفلاسفة والنظريات وحب الأخذ .. إن أردت أن تتعلم الحب الحقيقي أُنظر المسيح الذي يعلمك الحب من بداية تلاميذه والخطاة ومن صلبوه حتى من يتأمروا عليه ومن يقول عليه أقوال سوء .
ولأننا مولودين في المسيحية ممكن يكون هناك أمور كثيرة لا تجذبنا للدرجة أن الموعظة على الجبل أتت بآلاف إلى المسيح غير مؤمنين .. كلام عجيب .. ربما سمعت عن شخص متفرغ وطبيب وأعطوه مرتب كبير لكي يعمل كتاب ضد المسيح وأُخِذ إلى السعودية ووعدوه أن كتابه عند طبعه يُنسخ إلى خمسة ملايين نسخة ويُعطوه هو عشرة مليون جنية .. وفرَّغوه ليكتب ضد المسيح .. كان عليهِ أن يقرأ الكتاب المقدس وكل ما يتقدم في القراءة كان ما يقرأه يغيَّر حياته .. الموعظة على الجبل قلبت له كيانه في إنجيل متى .. { أحبوا أعداءكم .. باركوا لاعنيكم .. أحسنوا إلى مُبغضيكم } .. فهناك ثلاث درجات عدو .. مُبغِض .. لاعِن .
أحد الفلاسفة قال عن يسوع { إن لم يكن إلهاً لصار إلهاً لما قالهُ على الصليب } .. ردود أفعاله على الصليب تعلن أنه إلهاً .. إن أردت أن تتعلم الحب لا تبحث كثيراً عن مصادر .. تعلم من حب المسيح .. من كرهك أو أهانك تعلم من المسيح حتى لا تتوه في الطريق .. المسيح هو المصدر .. حِب المسيح لتتعلم المحبة .
المسيح كان شخصية متكاملة فكان يجمع بين القوة والوداعة .. بين البساطة والحكمة .. الحب والحزم .. أشياء متناقضة ولكنها تبدو في المسيح .. مثال على ذلك البساطة والحكمة { كونوا حكماء كالحيات وبُسطاء كالحمام } ( مت 10 : 16) .. لم يقل المسيح هذا فقط بل فَعَل كذلك .. كان بسيط جداً في مظهره .. علاقاته .. في كلامه .. شبِّه للناس بأمثال واقعية مثل الذي زرع زرعة وجاء لصوص وهكذا .. بساطة متناهية ولكن تجد في كلامه قمة الحكمة .. يسأله البعض { بأي سلطانٍ تفعل هذا } .. فيقول لهم { معمودية يوحنا من أين كانت من السماء أم من الناس } ( مت 21 : 23 – 25 ) .. يحول الأمر إلى سؤال لأنه يعرف أنهم غير قادرين على إجابة السؤال حتى لا يقعوا في حرج .
من كثرة بساطته عندما جاء مال على شجرة تين والتقط منها ثمار يأكلها .. إن الشريعة تقول أن من حق أي عابر سبيل في حقل أن يلتقط من ثمار الحقل للأكل إذا جاع .. في أحد المواقف سألوه البعض { أيجوز أن تُعطى جزية لقيصر أم لا } .. فقال لهم وهو يعرف نيتهم في عرض هذا السؤال { أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر وما لله لله } ( مت 22 : 21 ) .. ترك الأمر عندهم .. قمة الحكمة .. حكمة في الإسلوب .. التصرف .. المواقف .
إن المسيح على قدر وداعته على قدر شجاعته أيضاً .. وديع جداً أي لا يصيح ولا يسمع أحد صوته في الشوارع ( مت 12 : 19) .. فقد قيل عنه أنه صرخ فحدث ذلك مرتين .. الأولى عند قبر لعازر والثانية صرخ على الصليب .. وديع متواضع القلب .. فإن وداعته معروفة جداً لكن أيضاً شجاع .. مع الكتبة والفريسيين وبخهم بشجاعة { ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون } ( مت 23 ) .. كان يتحدث إلى الفئة الحاكمة .
في البستان كان لا يعرف أحد منهم من هو يسوع .. وخرج هو لهم وقال { أنا هو } ( يو 18 : 5 ) .. إن هذا المكان يمكن أن يكون به فرصة للهرب .. العجيب أنه كان يعرف أنهم سيأتوا في هذا الوقت .. ما كل هذه الشجاعة ؟! أمام بيلاطس وهو يقول أنا لي سلطان أن أصلبك وسلطان أن أتركك .. فقال له { لم يكن لك عليَّ سلطان البتة } ( يو 19 : 11) .
الحب والحزم .. كان يُوجه وعلى مقدار حبه كان حازم .. رأيناه ينتهر .. كان يُوبخ ليُعلِّم بين الحب والحزم .. هذا الأمر يحتاج إلى معرفة .. في الخدمة .. في البيوت .. مع الأولاد .. جميل أن القديس كبريانوس يقول عبارة رائعة { ليكن لك حب بلا تدليل .. وحزم بلا قسوة } .. فلا تعكس الأمور فلا تستخدم الحزم في وقت الحب ولا تستخدم الحب في وقت الحزم .. كما يقول القديسين { ليكن لك لكل مرض دواء .. لا تستخدم الأدوية الباردة في الأمراض الباردة .. والأدوية الحارة في الأمراض الحارة .. إستخدم الدواء المناسب في المرض المناسب } .
ربنا يسوع كان لديه اتزان بين الخدمة والتأمل والصلاة .. هذا يحتاج في حياتنا إلى اتزان .. طول النهار يجول يصنع خيراً ( أع 10 : 38 ) وفي الليل يمضي طول الليل في الصلاة ( لو 6 : 12) .. أحياناً أثناء النهار يختفي ولا أحد يعرف مكانه .. قيل عندما تحدث مع المرأة الكنعانية أنه كان يجلس وهو لا يريد أحد أن يعلم به .. فترة تأمل .. كان لديه الإتزان بين الخدمة وصلاته .
إعرف الأن متى تصلي ومتى تخرج للخدمة ومتى تأخذ فترة للتأمل والصلاة .. ماذا يلزمك في مخلصك ولم تجده .. ما هو الذي تحتاجه ولم تجده ؟ أي موقف يعوزك فيه أن تتعلم ولم تجد في المسيح كل ما يُعلمك ويُرشدك ؟!!
الله يُعطينا أن نتعلم منه ونتشبع به ونسلك كما سلك هو مُسحاء على الأرض
العالم يحتاج إلى المسيح المُعلن .. المسيح المتحرك .. ويجول في وسطنا
وما هو المسيح إلا أنت
ربنا يبارك في حياتكم ويبارك في فضيلتكم ويجعلها ثابتة
لأن مصدرها من المسيح وللمسيح وبالمسيح
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 2946

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل