النعمة والسند فى الخدمة

Large image

من رسالة معلمنا بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس .. ” عالمين أن الذي أقام الرب يسوع سيُقيمنا نحن أيضاً بيسوع ويُحضرنا معكم .. لأن جميع الأشياء هي من أجلكم لكي تكون النعمة وهي قد كثُرت بالأكثرين تزيد الشكر لمجد الله .. لذلك لا نفشل بل وإن كان إنساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يوماً فيوماً .. لأن خفة ضيقتنا الوقتية تُنشئ لنا أكثر فأكثر ثِقل مجدٍ أبدياً .. ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التى تُرى بل إلى التي لا تُرى لأن التي تُرى وقتية وأما التي لا تُرى فأبدية “ ( 2كو 4 : 14 – 18) .
سنتحدث عن :0
1. مفهوم كلمة النعمة .
2. النعمة للخادم في حياته الداخلية .
3. النعمة للخادم في خدمته .
4. النعمة للخادم في المخدوم .
أولاً : مفهوم النعمة :0
========================
كلمة النعمة في أصلها اليوناني تُدعى ( خريس ) أي عطية .. لذلك تأتي كلمة ( إفخارستيا ) المُكونة من ( إف = حلو ، خريس = عطية ) .. أي ( عطية حلوة ) .. النعمة هي العطية المجانية التي يهبها للإنسان ليسند بها إرادته الضعيفة ويُقوي حياته الداخلية ويُكمل كل نقائصه ويسدد كل احتياجاته .
أنعم الله على الإنسان بأمور كثيرة .. كل أمر فيها يُدعى نعمة .. مثل نعمة الوجود .. نعمة المسيحية .. نعمة الغفران والإتحاد به .. ومن هو على علاقة بالله يشعر أنه محاصر بالنعمة وأن كل موهبة فيه هي نعمة وكل كلمة يُرسلها الله لك هي نعمة .. فمن له حواس روحية يقظة قادر أن يُميز نعمة الله .
النعمة تجعل الإنسان يعترف بعمل الله في حياته .. فإن الله سمح أن يعطي نِعَمه للكل بلا تفريق .. نعمة الحياة .. النُطق والعقل .. نعمة معرفته يعطيها للكل .. النعمة هي التي دعت شاول الطرسوسي لكنيسة الله بعد أن كان مُضطهد لها .. وهي التي جعلت الجندي الذي طعن المسيح أن يصير شهيداً وأُسقفاً .. وهي التي تدعو الإنسان للتوبة وتترجاه وتُعلِّمه كيف يتوب وتسند ضعفه .
عندما رأى الله الإنسان الضعيف يقاوم عدو شرس وخبير في ضعفات الإنسان فأرسل له نعمة عندما يطلب الإنسان ذلك .. يجد نفسه تغير وارتفع .. نعمة الله معروضة على الكل .. يقول الآباء القديسين ” النعمة مُستعدة دائماً تجول مُلتمسة أن تصنع خيراً “ .. النعمة تريدك أن تصلي .. فإن صليت ستأخذ نعمة لكي تعرف كيف تصلي .. وإن صليت بالشفتين ستأخذ نعمة كي تصلي بالعقل .. ثم نعمة كي تصلي بالقلب .. ثم نعمة كي تعرف أن تصلي بالروح .
النعمة تنتظر يد مرفوعة .. تنتظر مجرد رغبة .. إرادة ورفض للخطية .. وعندما نسأل النعمة أم الجهاد ؟ نقول الإثنين معاً .. فالقديس يوحنا ذهبي الفم يقول ” الجهاد يزكي النعمة والنعمة تديم الجهاد “ .. النعمة هي حياة إنسان مسنودة بنعمته .. هي التي تصلي فينا وتعطي فهم وحكمة .
فما موقفنا نحن من هذه النعمة ؟ فهناك من يرفض النعمة وهناك من يتجاوب معها .. إن الله أرسل كلمته لشخص يُدعى فيلكس الوالي .. أرسلها له مع بولس الرسول فحدَّثه عن البر والدينونة والتعفف ولكنه أضاع نداء النعمة وقال لبولس الرسول ” أما الآن فاذهب ومتى حصلت على وقت أستدعيك “ ( أع 24 : 25 ) .. أيضاً نجد النعمة تفتقد فرعون إلا أنه لم يتجاوب معها .
ثانياً : النعمة في حياة الخادم الداخلية :0
==============================================
الخادم مُستهدف من العدو ومرصود من المخدومين .. لذلك هو يحتاج إلى نعمة مُضاعفة لكي تسند ضعفات حياته .. ربنا يسوع يقول ” أني أضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية “ ( مت 26 : 31 ) .. أي أن عدو الخير يعمل على أن يُبدد الخادم عن أن يفعل ذلك مع " 30 أو 40 " شخص في الرعية .. لذلك هناك قول صعب للغاية ” الكاهن يُحارب بعدد مخدوميه والخادم يُحارب بعدد مخدوميه “ .. قال هذا القديس يوحنا ذهبي الفم حتى يطلب من الجميع أن يصلوا من أجله لأنه يُحارب من أجلهم .
بقدر ما ينمو الخادم بقدر ما ينمو المخدومين معه .. وبقدر ما يُدرك النعمة بقدر ما مخدوميه يدركوا النعمة .. لأن من اختبر وذاق سهل عليه أن يدعو الجميع للمذاقة .
ما أجمل موقف كالب ويشوع وهم يتجسسوا أرض الميعاد .. رأوا ثمار الأرض إنها جيدة وأكلوا منها ثم رجعوا وأخبروا جميع الشعب بأنها أرض جميلة جداً جداً .. ” إن سُرَّ بنا الرب يُدخلنا إلى هذه الأرض ويُعطينا إياها “ ( عد 14 : 8 ) .. وأتوا بعينة من الثمر وأعطوهم ليتذوقوا .. فالخادم يفعل هكذا يتذوق عذوبة الحياة مع الله ثم يدعو الآخرين ليتذوقوا .
إثبت في النعمة لكي تترقى .. لأننا نحتاج أن تعطينا فيض لا ينتهي .. فالآباء القديسين يقولوا أن أي تدريب روحي إن ثَبَتْ فيه لمدة أربعين يوم فإن النعمة تُدخلك إلى درجة ثانية – أي ترقية – لذلك الكنيسة تجعلنا نصوم " 40 " يوم لأنها فترة كافية لاستقبال نعمة .
أجمل تعريف للخادم هو تائب يقود تائبين .. من خلال التوبة يذوق النعمة وأستطيع أن أقود من يرغب في التوبة لأني عرفت طريق التوبة .. وأُخبِر بما رأيت وما سمعت .. يقول الآباء القديسين ” إن الخادم الذي لا يشهد له المذبح لا يشهد له المنبر .. والخادم الذي لا يشهد له المخدع لا يشهد له الكلام “ .
النعمة في حياة الخادم الداخلية هي أساس دوام شركته مع الله لذلك ابتدأنا بكلمة الحياة الداخلية .
ثالثاً : النعمة في خدمته :0
==============================
على الخادم أن يقرأ ويُرشد ويُمارس ويعيش في جو محيط لكي يكون محصور بالنعمة .. فهي تضمن سلامته .. جميل أن أجد أن الخدمة توبخني على تقصيراتي فتنشط النعمة داخلي .. فالخادم محظوظ لأن النعمة قريبة جداً منه أكثر من أي شخص آخر لأن أصحابه خدام .. الأنشطة والتفكير في الخدمة .. أي حولك جو مقدس .
تجعل طاقتك ووقتك ووسطك مقدس .. وتقرأ وتسمع بكل ما يفيد بُنيانك .. كأن الله يعمل حولك سياج لأنك له وحده .. أي مقدس بالكمال ” فكر ، جسد ، روح ، طاقة “ .. تجد من يتأثر بكلامك لأن الله أعطاك نعمة في عين من يسمعك فتأثروا بالكلام فأُعطوا نعمة وأنت حصلت على نعمة .. القديس يوحنا ذهبي الفم يقول ” إن كلامي أكثر فائدة لي أكثر من الذين يسمعونني “ .
عندما تبدأ في الخدمة يملأك الله من روحه القدوس وتصير أنت أول المخدومين .. وعندما تسمع عن خطاياهم وضعفاتهم سأكره الخطية جداً لأن الذي حارب مخدوميني لا يمكن أنا أن أتحالف معه .. وأحاول الجهاد معاهم وعنهم لأن ضعفاتهم تجعلك أكثر اجتهاد وتُعلِّمك الصلاة من أجلهم ومن أجلك .
كن أمين في خدمتك والله سيعطي التأثُّر وهو الذي سيعطيك الأفكار والكلام ويُرشدك .. معلمنا بولس كان يقول لهم ” مُصلين بكل صلوةٍ وطِلبةٍ ...... لكي يُعطى لي كلام عند افتتاح فمي لأُعلم جهاراً بسر الإنجيل “ ( أف 6 : 18 – 19) .. نعمة أُعطيت لبطرس الرسول عندما فتح فمه وعلَّم وكرز ورأينا التأثير .. الخادم على موعد دائم ومتجدد مع نعمة الله .. الله هو العامل فيكم أن تريدوا فاعملوا .. ” أنا ساهر على كلمتي لأُجريها “ ( أر 1 : 12) .
عندما جاء إحباط لإيليا النبي وذهب واختبأ وقال للرب أنا بقيت وحدي ( 1مل 19 : 14) .. فرد عليه الرب وقال له ” أبقيت في إسرائيل سبعة آلاف كل الركب التي لم تجث للبعل وكل فمٍ لم يُقبِّلهُ “ ( 1مل 19 : 18) .. الله هو القادر أن يضبط هذا الأمر .
رابعاً : النعمة في المخدومين :0
===================================
الله هو الذي يعمل ليس نحن .. فهو وضعنا كخدام لفائدة لنا نحن لكي يحفظنا .. يوجد نعمة في المخدومين .. هناك عمل إلهي خفي ” أنا ساهر على كلمتي لأُجريها “ .. الله أراد أن يعطيك البداية لأنه هو الحارس لكلمته والفاعل فيكم .. هو الذي يعطي التوبيخ والتأثر والثمر .. الله يعمل ما نعجز نحن في عمله .. الله له الكثير والكثير من الطرق للتعامل مع الجميع .. يرغب الله أن نكون شهود على عمله .. لكي تُدون ما يفعله هو .. لكي تُحدِّث به الآخرين بما فعلهُ معك ومع إخوتك .
الله يعطي للكاهن أو الخادم عذوبة للكلام .. الله هو الذي يستخدم ويعطي ويُوقظ كل صباح .. هو الذي يُحرك القلوب ويُغيِّر المخدوم .. فمعلمنا بولس قال هذا بطريقة واضحة ” ليس الغارس شيئاً ولا الساقي بل الله الذي يُنمي “ ( 1كو 3 : 7 ) .. المعجزة الحقيقية في النمو لذلك يُقال ” أنتم فلاحة الله “ ( 1كو 3 : 9 ) .. فالخدمة هي زرع الله .. ومعلمنا بطرس الرسول يقول ” فألقوا رجاءكم بالتمام على النعمة التي يُؤتى بها إليكم عند استعلان يسوع المسيح “ ( 1بط 1 : 13) .. القديس أغسطينوس يقرأ آية تقول ” أنها الآن ساعة لنستيقظ “ ( رو 13 : 11) .. تجاوب معها وعملت عمل الزلزال في حياته فتغير .. فهناك نعمة حافظة وضابطة ومُغيِّرة .ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين

عدد الزيارات 1530

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل