الخادم والكتاب المقدس

بسم الأب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين , فلتحل علينا نعمته وبركته من الأن وكل أوان والى دهر الدهور كلها آمين .
من سفر يشوع 1: 8 " لايبرح سفر هذه الشريعة من فمك . بل تلهج فيه نهاراً وليلاً لكى تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه . لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح "
كلمة الله كلمة حياة , كلمة الله هى رسالة لنا , كلمة الله حية وفعالة , كلمة الله تضئ العينين وتنير القلب , كلمة الله تعزى وترشد وتفرح .... أجمل شئ تتعلموه وتتقنوه هو أن لا تتعاملوا مع الأنجيل على أنه كلمة لشخص , أو موقف لموقف , أو تاريخ لتاريخ ... لا .. خذه على أنه كلمة ليس لشخص بل لك أنت , وموقف ليس لموقف بل لك أنت , وتاريخ ليس لتاريخ بل لك أنت .... أجمل عزاء فى الكتاب المقدس لنا أن نكتشف رسالة الله لنا وكلمة الله لى أنا شخصياً ... مثلاً عندما يقول لأبينا آدم " آدم آدم أين أنت " إعتبره يقول لى أنت أين أنت ؟ أين تختبئ منى ؟ أين تهرب منى ؟ لماذا تستر نفسك بأوراق التين ؟ لماذا تضع حواجز بينى وبينك ؟ ........ أيضاً عندما يقدم الله عن آدم ذبيحة وستره بجلد الذبيحة , فهذا يعنى إنه يقدم عنى ويسترنى أنا ......... عندما يأمر بحرب , فالحرب لى أنا.. وكل موقف فى الكتاب أتعامل معه على إنه موقف شخصى لى أنا فآخذ منه بركة
+ النص والرسالة :- هناك فرق بين النص والرسالة .. كثيرون قرأوا النص وحفظوه لكن لم يكتشفوا الرسالة ... لذلك فى اللغة اليونانية توجد كلمتان توضح الفرق بين النص والرسالة هما :- كلمة " لوغوس " وتعنى كلمة أو نص ..., ... وكلمة " ريما " وتعنى رسالة أو كلمة لى .... ليتك تقرأ الكتاب بأسلوب الريما , فالذى قيل له فى الكتاب " أدخل الى العمق " ليس هو بطرس الرسول بل أنا .. والذى قيل له أغير إسمك من سمعان الى بطرس ليس هو بطرس الرسول بل أنا , وإسم سمعان يعنى" قصبة " وإسم بطرس يعنى " صخرة " , أى أن الله يريد أن يحولك من قصبة مهزوزة الى صخرة صلبة ... إذاً هى دعوتى أنا لكى أقول له " على كلمتك ألقى الشبكة " , أرجوك لا تخرج نفسك من الموضوع وتشاهده من الخارج فإنه لا يليق أن أضع أمامك كوب عصير دون أن تشربه أو بدلاً من أن تشربه تسكبه على نفسك من الخارج , فإنك لن تستفيد منه إن لم يدخل الى جوفك ... هكذا كلمة الله هى رسالة خلاص لك , إكتشف خلاصك الذى تحياه فى المسيح يسوع الأن , لذلك الكتاب لا يحكى لك عن أشخاص وبطولات أشخاص بل عن خلاصك أنت .
* أساليب دراسة الكتاب المقدس :-
هناك أربعة طرق لدراسة الكتاب هى : - + دراسة سفر ككل ....... + دراسة موضوعات ....... + دراسة شخصيات ....... + دراسة الرموز والنبوات
1- دراسة أسفار :-
هذه الطريقة لابد أن تكون بداية لدراسة الكتاب المقدس , أن أقرأ سفر مرة ومرتين وثلاث مرات وأفهم مقدمة السفر وما زمنه ومن كاتبه وأقسامه , وأضع خطوط عريضة للسفر ... أرى معاملات الله فى السفر وشخصياته وأفعاله ...... وسفر ينقلنا لسفر أخر حتى يتكون عندى تخيل عام للكتاب سواء أسفار موسى أو الأسفار النبوية أو الأناجيل الأربعة أو الرسائل أو ....ويكون عندى تخيل عام عن ترتيب أسفار الكتاب وأفكاره ......مثلاً سفر التكوين يتكلم عن تكوين الله للخليقة , كون الكون وإختار ناس مثل أبينا إبراهيم وإسحاق ويعقوب ... ثم سفر الخروج يتكلم عن خروج شعب الله من أرض مصر ... ثم سفر اللاويين الله يقدسهم فى الرحلة ... ثم سفر العدد إحصاء الشعب ... ثم سفر .... إذاً أكون خطوط عامة للأسفار وأهم ما فيها أن أرى خلاصى من خلال الأسفار ....إقرأ السفر كله وأربطه ببعضه ثم أربطه بالأسفار الأخرى فتبنى مبنى يوصلك للسماء .. وليكن معك بعض الأرشادات البسيطة عن السفر , نبذة صغيرة , مقدمة للسفر ثم تأمل الشرح .
2- دراسة الموضوعات :-
لاتدرس الكتاب كموضوعات دون أن تدرسه أولاً كأسفار ... كوّن فكرة عامة عن الأسفارفى ذهنك أولاً كوحدة واحدة ثم إدرس موضوع من خلال كل الأسفار , مثلاً موضوع " الله والناس " وإبحث عنه فى الأسفار كلها وأنت تعلم من قبل محتوى الأسفار وإفرح بالله الذى يخلق ويقدس ويغفر و...... إفرح بكلمة الله
موضوع " الخلاص فى الكتاب المقدس " من أول سقطة أبينا آدم والوعد بالخلاص " نسل المرأة يسحق رأس الحية " وأنظر الخلاص فى العهدين وكما يقول الكتاب " الخلاص الذى فتش عنه كثيرون " .... والكتاب كله هو كتاب خلاصنا ... أحياناً يقولون أن العهد القديم هو الوعد بالخلاص , والأناجيل الأربعة هى تحقيق الخلاص , وسفر الأعمال هو نشر الخلاص , والرسائل هى شرح الخلاص .... لأن الكتاب كله هو كتاب الخلاص ....
خُذ موضوع " التقديس بالدم والتقديس بالذبيحة " ولترى منذ أن قدم الله عن آدم ذبية لستره , ثم الذبائح التى أوصى بها الشعب ذبيحة المحرقة وذبيحة الأثم وذبيحة الخطية وذبيحة السلامة , وما هى هذه الذبائح إلا أوجه مختلفة لذبيحة الصليب , وسر مع الكتاب حتى تصل لذبيحة الصليب وترى كمالها فى سفر الرؤيا والخروف القائم كأنه مذبوح .....
الكنيسة ترى الفلك و المذبح والخيمة والهيكل فى العهد القديم ثم فى العهد الجديد حتى سفر الرؤيا ... ونلاحظ أن الله أعطى تفاصيل الفلك بدقة وتفاصيل الخيمة بدقة من حيث الطول والعرض والمسافة بين العمودين وعلى رأس كل عمود تاج .... أيضاً تفاصيل الفلك والهيكل بدقة , لأن هذه هى الكنيسة والكنيسة لاتخضع للفكر البشرى ولا للهوى الإنسانى بل لتدبير الله ومقاييس الله وليس مقاييس بشرية لأنها الكنيسة التى إقتناها الله بدمه
3- دراسة الشخصيات :-
من أجمل طرق الدراسة فى الكتاب المقدس دراسة الشخصيات ..... إختار شخصية من الكتاب وسر معها , وتابع هل لها ذكر فى العهد الجديد أم لا .
مثلاً قصة أبينا إبراهيم معروفة فى العهد القديم فى سفر التكوين , وإين ذكر فى العهد الجديد , ولترى المذبح فى حياة إبراهيم والخيمة فى حياة إبراهيم لأنه معروف إنه رجل الخيمة والمذبح .... وأجمل شئ فى دراسة الشخصيات فى الكتاب أنك تشعر أنه واقعية لأن الكتاب ذكر فى كل الشخصيات البعد البشرى والإنسانى , مثلاً إبراهيم إنسان يريد أن يكون له نسل وإن لم يكن له النسل يحزن هذا من البعد الإنسانى , أما البعد البشرى يذكر الكتاب الضعفات فأبينا إبراهيم كذب عندما نزل الى مصر ولكن الله يتعامل معه ... فتجد الشخصية التى تدرسها فى الكتاب قريبة منك والله يتعامل معها ... الكتاب ذكر سقطات وإيجابياته .. أبونا نوح الذى قيل عنه أنه بار وكامل سكر وتعرى , أبونا إبراهيم كذب , أبونا يعقوب خدع , .... , سقطة أبينا آدم , سقطة داود النبى ........ الكتاب ذكر الضعفات بشكل واضح ... داود النبى مرة خاف وهرب وقال لله " زيغانى راقبت " حتى توهانى أنت تراقبه ..إتخذ من الشخصية البعد الذى يلائمك ويفرحك
* أنظر المسيح فى كل شخصية تدرسها .. معظم شخصيات الكتاب تخفى وراءها أبعاد خفية لشخص يسوع, هناك أربعة كلمات عندما تقرأها تعرف أن الكتاب يقصدأن يحول ذهنك الى المسيح له المجد , هذه الكلمات هى : كامل .. عظيم .. بار .. جبار .....إذاً هذا الشخص يرمز للمسيح
مثلاً هابيل الصديق هو المسيح لأنه قيل عنه إنه بار وذبيحته ذبيحة حيوانية ومقبولة , وأعطى من أجود غنمه ... ما هذا إلا ذبيحة الإبن الوحيد الكاملة ... ثم حسده أخوه , والمسيح له المجد حسده اليهود إخوته ... ولما حسده قايين أخوه قتله فى الحقل وعندما قتله لم يفتح هابيل فاه .. هذا هو المسيح
يوسف العفيف .. عبارات عندما تقرأها تنسى يوسف وتتذكر المسيح .... مثلاً يوسف هو الإبن المحبوب لأبيه , إذاً رمز للمسيح الإبن المحبوب للأب .... يوسف صاحب القميص الملون المميز , رمز لربنا يسوع المعلم بين ربوة .... يوسف خرج من عند أبيه ليتفقد إخوته وهو محمل بخيرات أبيه , وربنا يسوع نزل من السماء من عند الب محمل بالخيرات السماوية .... عندما قابله إخوته حسدوه وتآمروا عليه ليقتلوه لكنهم باعوه بفضة وألقوه فى جب لكنه خرج منه حى , وربنا يسوع حسده اليهود إخوته وبيع بفضة وتقابل مع الموت وخرج من القبر حى .... أيضاً زوجة فوطيفار أرادت أن تغوى يوسف وتسقطه فى الخطية لكنه هرب منها تاركاً لها ثوبه , وربنا يسوع الذى تقابل مع الموت وأراد الموت أن يمسكه ويسيطر عليه لكنه هرب منه وقام وخرج من سلطانه تاركاً له ثوبه فى القبر أى الأكفان .... وضعوا يوسف فى السجن وفيه تقابل مع لصين ( ساقى الملك وخباز الملك ) وبشر أحدهما بالموت والأخر بالحياة , رمز لربنا يسوع ومعه اللصين على الصليب وبشر اللص اليمين بالحياة وأيضاً لما نزل للجحيم وبشر الذين ماتوا على رجاء القيامة بالحياة ورفع قديسيه للعلا معه وأخرين ظلوا فى الجحيم .... يوسف جمع حنطة وقمح فى زمن وأعطاه للناس فى زمن أخر , هذا هو ربنا يسوع خبز الحياة الذى أعطانا جسده ودمه هوهو رغم أن هذا زمن وهذا فى زمن أخر , حنطة يوسف رمز لجسد المسيح ودمه الذى نتناول منه الأن وحنطة يوسف أكلها الناس بعد يوسف .... يوسف لم يعرفه إخوته إنما عرفهم هو وسجدوا له , هذا رمز لرجوع الأمة اليهودية للمسيح فى أخر الزمان
أيضاً موسى النبى ... الله غضب من موسى النبى عندما ضرب الصخرة بدلاً من أن يكلمها , أمر قد يبدو أنه لا يستحق غضب الله , لكن الله قال لموسى النبى فى أول مرة إضرب الصخرة وفى المرة الثانية قال له كلمها ولا تضربها لأن الصليب حدث مرة واحدة وسُفك دمه مرة واحدة , ثم يأتينا دمه ليس بصلبه مرة أخرى بل بكلمة يقولها الأب الكاهن على المذبح , كلمة هى إستمرار السر على مر الأجيال .. لذلك لم يدخل موسى أرض الميعاد .... إذاً كل حدث وكل شئ فى العهد القديم له قصد
داود الملك والنبى هو المسيح الملك ... داود مُسح فى زمن وملك فى زمن أخر , هكذا ربنا يسوع الممسوح قبل كل الدهور وأتى وسطنا كإنسان عادى رغم إنه ممسوح ثم ملك على الصليب
4- دراسة الرموز والنبوات
+ أولاً الرموز... سلم يعقوب , العليقة , تابوت العهد , خروف الفصح , .... كلها رموز تشير بقوة , وكل رمز يحقق معنى سامى جداً
خروف الفصح ... بكل تفاصيله يهلل نفوسنا بالمسيح مخلصنا ... خروف بلا عيب وفى منتصف عمره و يُحفظ لكى يصير بيننا وبينه دالة وعندما يُذبح يُرش دمه ويُأكل بسرعة ويُأكل مشوى وعلى أعشاب مرة , لماذا يُشوى ولا يُطبخ ؟ لأن مسيحنا مسيح تجارب .. لماذا يُأكل بسرعة ؟ لأن الصليب حدث بسرعة , من محاكمة لمحاكمة للصلب للقبر ..أحداث متوالية وسريعة جداً .. وعلى أعشاب مرة إشارة لألامه ... دم الخروف ينجى إشارة لدم المسيح
+ ثانياً النبوات ليس شئ فى شخص ربنا يسوع إلا وله نبوات .. حياته , ميلاده , من عذراء , طفولته , صباه , معجزاته , تعاليمه , صلبه , قيامته , صعوده , ..... توجد كتب كثيرة تأتى بجداول النبوات وتحقيقها لأن الكتاب المقدس وحدة واحدة رغم إنه كُتب فى ألف وستمائة سنة لكن لاتشعر فيه بإختلاف الزمن بل تشعر أنه كُتب فى سنة واحدة هى السنة المقبولة سنة وجود المسيح على الأرض , وكأن قصة أدم كتبت ليأتى بعدها المسيح مباشرة فلا تشعر بفرق زمنى
المتنيح أبونا بيشوى كامل كان يسأل أولاده كم تقرأ فى الكتاب المقدس ؟ إصحاح .. إثنين .. ثلاثة ..؟ فقط ؟ ... ثم يقول لهم إجلس مع الكتاب ساعة ولا تحدد عدد إصحاحات بل حدد وقت , وبالطبع ليس كل ما تقرأه تفهمه كله بل تأحذ أية أو موقف أو تعزية ... ثق أن الله يكلمك فيه إختار آية وإمسك فيها ورددها وخبئها فى قلبك .... فرق بين التعامل مع النص ومع الرسالة ... خذ من الكتاب رسالة وليس نص ..." ولا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهاراً وليلاً لكى تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح " ربنا يكمل نقائصنا , ويسند كل ضعف فينا بنعمته ........ له المجد دائماً أبدياً آمين