سكب الطيب - ليلة الشعانين

Large image

بسم الأب والابن والروح القدس إللي واحد أمين فلتحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان..والى دهر الدهور كلها امين
نحن اليوم قادمين على أقدس أيام السنة أسبوع آلام ربنا يسوع المسيح الذي تعيشه الكنيسة يوم بيوم ولحظة بلحظة وإنجيل معلمنا مار يوحنا البشير يقول اليوم ” ثم قبل الفصح بستة أيامٍ أتى يسوع إلى بيت عنيا حيث كان لعازر الميت الذي أقامه من الأموات فصنعوا له هناك عشاء “ ( يو 12 : 1 – 2 ) بدأوا من قبل الفصح بستة أيام أُدخل معه الأحداث كلها ستة أيام ويحدث الفصح أي الصليب إذاً لابد أن تعيش هذه الأيام بدقة معلمنا مار يوحنا يكتب الميعاد بدقة والكنيسة تضع لنا ذلك الميعاد لنعيش معه الوليمة وحتى الفصح أحداث هذه الفترة لها قيمة أكثر من الحدث فما هي الوليمة ؟ هي نقطة انطلاق لأنها كانت في بيت أُناس يحبهم يسوع أيضاً كان فيها سكب الطِيب وربط ربنا يسوع بينه وبين التكفين أي أن هناك ارتباط بين الوليمة والصليب أي الذي يريد أن يسير معه أحداث الصليب لابد أن يبدأ معه المسير من اليوم هذه الأحداث ليست مجرد أحداث بل هي منهج وطريق وليس مجرد أشخاص في هذه الأحداث بل مشاعر تُعبِّر عن نفوس مجتمعة حول المسيح لذلك التعليم والمشاعر والأحداث السريعة مهمة هذا الأسبوع كلنا متفقين على أن إنجيل مار يوحنا أكثر إنجيل به عمق لأحداث ربنا يسوع الخلاصية في هذا الأسبوع نقرأ الإصحاح الثاني عشر من إنجيل مار يوحنا من بدايته وحتى نهايته أما أناجيل البشيرين الثلاثة فتكلموا عن أحداث الخلاص في أخر إصحاحين فقط من أناجيلهم بينما مار يوحنا جعل لهذا الأسبوع نصف إنجيله لأنه أسبوع مهم لا يمر منه حدث دون فائدة قل لله لقد مر عليَّ أسابيع آلام لم أستوعبها واليوم أريد وأشتاق أن أُشاركك الأحداث وأتمتع بها أخر شئ فعلهُ قبل الوليمة دخل ربنا يسوع بيت زكا لأنه أتى من الشمال إلى أورشليم فاستراح مرتين لأن المسافة ثمانية عشر ساعة مسير وكان ربنا يسوع في استراحاته يعمل فقد عمل مع السامرية بعد مسير ستة ساعات هنا عمل مع زكا واستراح في بيته وخلصه قال له أسرع وانزل فهذه أخر مرة أمر عليك وأراك وتراني وكأن الكنيسة تقول لك تعال اليوم حدث خلاص لهذا البيت تعال بسرعة ثم سار مسافة إلى بيت عنيا وكان باقي له حوالي ساعتين ونصف حتى أورشليم لكن كانت مدينة بيت عنيا بالنسبة له راحة ” عنيا تعني عناء أو مرض أو ألم “ وكأنه يقول لك سآتي إليك وأنت في ألم وضعف إقبل مرضك وألمك وضعفك وسأفتقدك وأحوِّل مرارتك لحلاوة وخلاص عندما دخل بيت عنيا صار بيت فرح وخلاص بيت عنيا كان مكان قريب جداً لقلب يسوع وكان بينه وبين أورشليم مسيرة ساعتين تقريباً فكان يذهب إلى أورشليم في النهار ويبيت في بيت عنيا ثم استراح يوم الأربعاء في بيت عنيا وبعدها ذهب إلى أورشليم للمحاكمة والصليب ولما بات في أورشليم بات في القبر ربنا يسوع يريد موضع راحته بيت مريم ولعازر يا ليت قلبي البسيط بيت راحته هو قلب بسيط متواضع لكنه يحب أن يُكرمك قلب ليس به نفاق ورياء أورشليم لكنه فيه راحتك يا يسوعي لذلك كان يسوع لا يستريح في أورشليم لأن كلها مظاهر ورياء ومكايد جيد أن يكون بيتك وقلبك كبيت عنيا بالنسبة ليسوع يمكن لقلبك أن يكون إشعاع لعمل الله ويصير كارز بالمسيح ويحدث فيه أحداث الخلاص ووليمة تخيل الوليمة بها لعازر الذي مات وأنتن وأقامهُ يسوع أبسط شئ يُعمل ليسوع مقابل ذلك إحتفال ووليمة تُدعى فيها البلدة كلها بل أهل البلدة دعوا أنفسهم للوليمة ليروا يسوع ولعازر المُقام إذاً هي وليمة لها طابع خاص لها طبيعة عمل الخلاص ليست وليمة عادية بل بها المُحبين كل أهل القرية أنت لعازر مجرد أن يعمل فيك المسيح ويُقيمك فتصير جذاب لكل إنسان عرف إنك مُت وقمت لأنه رآك في موتك وخطاياك ثم قيامتك فتصير منارة هذا عمل المسيح يغيَّر قلب الإنسان ويجعله كارز مثل شاول أليس هو من كان مُضطهد للكنيسة ؟ نعم بل قال عن نفسه أنه كان مُضطهد بإفراط ( غل 1 : 13) والآن يأتون ليروا غزارة روح الله في شاول الذي صار بولس الرسول أنت أيضاً يمكنك أن تكون صاحب وليمة كلها مشاعر والجميع يأتي ليرى فيك يسوع يسأل الناس لعازر هل أنت بالحق مُت ؟ أم أنت شخص تُشبه لعازر الميت لك نفس صوته ونفس ملامحه و ؟ وربنا يسوع بجانب لعازر صامت جيد أن تُحدِّث بعمل المسيح بصمت والتغيير الذي يتم في حياتك هو أكبر دليل على خدمتك كلنا نشتاق أن يكون لنا دور في الكرازة بالإنجيل أقول لك سلِّم له قلبك ليُغيِّرك لعازر لما قام صارت حياته كلها لله وصار أسقف على مدينة بقرب قبرص ومازال بها قبره وكُتِب عليه ” قبر لعازر الذي أقامهُ يسوع “ يمكنك بالتغيير الذي تم في حياتك أن تصير كارز الوليمة كلها مشاعر حب دائماً البارعين في التعبير عن المشاعر هم النساء أكثر وكانت مريم أرادت أن تعبر عن مشاعرها المُتأججة تجاه يسوع الذي أقام أخيها من الموت طبيعي أن يعجز الإنسان عن أن يقدم شئ لمن أقام أخيه مريم قدمت أغلى ما عندها قدمت قارورة طِيب الفتاة في العُرف اليهودي تدخر مال طوال حياتها لتشتري قارورة طيب ليوم عرسها وتُقارن قوارير الطِيب بحسب غِنَى الفتاة وكون أن فتاة تسكب هذه القارورة عند قدمي يسوع فهذا شئ جميل ومشاعر عارمة الإنجيل قدَّر قيمة قارورة طِيب مريم بثلثمائة دينار تقريباً والدينار يساوي أجرة عامل في يوم أي أن قيمة قارورة الطيب تساوي أجرة عامل في ثلثمائة يوم بالكامل دونَ أن يُنفق منها شئ أي حوالي راتب سنة تقريباً إذاً قيمتها كبيرة ولنرى بحسب عصرنا هذا متوسط أجر العامل في يوم اليوم يُحسب أجر العامل بالساعة ويوم كامل يكون أُجره تقريباً خمسون أو ستون جنيهاً إذاً قيمة القارورة حوالي 50 × 300 = 15000 جنية رقم كبير ثمن القارورة لذلك أقام الآباء مقارنة بين ثمن قارورة الطِيب وقيمة الفضة التي باع بها يهوذا ربنا يسوع الفضة هي كسر الدينار ما قيمة المسيح عندك ؟
مريم كسرت قارورة الطِيب عند قدمي يسوع ربنا يسوع لا يشغِله ثمن القارورة بقدر ما يشغِله المشاعر المسكوبة مع القارورة ربنا يسوع لا ينظر لعطايانا بل لمقدار الحب الذي نقدمه له في هذه العطايا والعبادة .
+ عبادة بدون حب تساوي فريضة أو جزية أو ضريبة .
+ أيضاً اتضاع بدون حب يساوي صِغَر نفس .
+ تسامُح بدون حب يساوي ضعف .
+ إستشهاد بدون حب يساوي إنتحار .
ما الذي يُحوِّل الموت لاستشهاد ؟ الحب والذي يُحوِّل العطاء لعمل رحمة ؟ الحب والعبادة إلى عبادة مقبولة ؟ الحب هل تريد أن تبدأ أسبوع الآلام بعبادة حق واستفادة ؟ إبدأه بحب تأمل في حبه تُشحن بالحب وكلما أدركت حبه كلما أعطيته حب أكثر أفضل مشهد يزيد حبك الصليب يجعل حبه يملُك عليك إجتر مشهد الصليب داخلك لذلك قد يرى البعض هذه المشاعر أنها إتلاف مثل يهوذا وتحجج بأنه يمكن أن يُباع الطِيب ويُوضع ثمنه للمساكين والعجيب أنه قيلَ عن يهوذا أنه سارق ( يو 12 : 6 ) أي أراد أن يضع ثمنه في الصندوق ليسرقه الإثنان كانا مع المسيح دائماً لكنهما مختلفين هكذا نحن دائماً معه لكن الإختلاف في مقدار الحب داخل القلب يهوذا خائن ومريم مُحبِّة قد يقول البعض أنا وُلدت فوجدت نفسي مسيحياً أو يقول آخر البيت كله صائم لذا فأنا أيضاً صائم معه هذا فِعل بدون حب لا كن مسيحي بحب وصلي بحب صائم بحب إفعل أي فِعل بحب لتتمتع بشركة المسيح وحبه المسيح يعلم أنه سيموت عند الغروب ولن يُكفن لذلك رأى طِيب مريم لأجل تكفينه الكنيسة قصدت أن تجعل هذه الوليمة هي المُحرك والشاحن لمشاعرك في أسبوع الآلام حتى أنك ترفض الطعام والتنعم وسيدك متألم مثل أوريا الحثي عندما أراد داود النبي أن يُخفي خطيته الرديئة حاول أن يُدخله بيته بحجة الراحة لكن أوريا يقول كيف أستريح وأتنعم في بيتي وتابوت الرب في الحرب ( 2صم 11 : 10 – 11) هكذا أنت كلما اقتربت الأحداث قل له سأُصلب معك وأتبعك لأخر لحظة وألتهب معك لذلك من تبعهُ لأخر لحظة وأدركوا القيامة ؟ مُحبيه أسرار لا تُدرك إلا بالحب الذي يعرف أسرار الله بدون حب هو فيلسوف يقول معلمنا مار بولس لو لي إيمان ينقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلستُ شيئاً إن أطعمت كل أموالي وليس لي محبة فلستُ شيئاً ( 1كو 13 : 2 – 3 ) المحبة هي محرك الحياة مع الله ” إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تُحتقر احتقاراً “ ( نش 8 : 7 ) أراد يسوع أن يُبرز مشاعر حب مريم لأنها أكرمته هذا الطِيب سُكِب على قدمي يسوع فصار له إكرام جميل تخيل رائحة البيت بعد سكب الطِيب رائحة عبقة مريحة هكذا الإنسان الروحاني تقترب إليه فتشتم رائحة المسيح الذكية فتستريح وتريد الجلوس بجانبه دائماً بينما الخاطي كلامه ليس به رائحة المسيح وليمة المحبين بها رائحة المسيح الذكية لذلك لابد أن يكون الحب هو الدافع لكل أعمالك الإنسان الذي يحيا في مغارة بدون حب هو إنسان مكتئب بينما لو كان في مغارة بحب يكون ناسك عظيم هكذا الإستشهاد في المسيحية حتى أن التاريخ وصف المسيحيون بالمنتحرين أبداً لم يكن إستشهاد المسيحيين إنتحار بل من أجل عِظَم محبتهم في الملك المسيح بل وسكنوا الجبال والبراري وشقوق الأرض واحتملوا البرد والجوع و طِيب مسكوب على أقدام المخلص هل تريد أن تتعلم الحب ؟ أُنظر سيرة النساك والشهداء والخدام وقِس نفسك على هذه الوليمة لتدخل أسبوع الآلام مُحمَّل بالمشاعر إسأل نفسك هل أنا آتي إليك بقارورة حب ؟ وما قيمتها عندك ؟يقول لك المسيح أريد مشاعرك وقلبك كيف تقول للعالم لا ؟ كيف تغلب وتدوس الشهوات إلا بالحب ؟ رصيد الحب يجعلك تأخذ قرارك بدون نزاع إبحث عن قارورة طِيبَك واكتشف نفسك وعِش أحداث الأسبوع وقل له سآتي إليك كل يوم بقارورة طِيب مشاعري ووقتي وقلبي وصحتي فاسمح واقبل وإن كنت من بيت عنيا القرية الفقيرة لكني محسوب عندك من المدعوين وواثق إنك ستقبل وواثق أن قارورة طِيبي ستكون سر فرحك الله يعطينا أن نُشاركه هذا الأسبوع في تعاليمه وصليبه بحب ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين.

عدد الزيارات 1606

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل