مملكة المسيح -أحد الشعانين

بسم الاب والابن والروح القدس اله واحد امين فلتحل علينا نعمته رحمته الان وكل اوان والى دهر الدهور كلها امين تحتفل الكنيسة في هذا اليوم المبارك بعيد دخول ربنا يسوع لمدينة أورشليم هو يوم أحد الشعانين وفيه نجد الكنيسة تضع نغمة خاصة لهذا اليوم تُسمى نغمة شعانيني نغمة بها فرح وبهجة عالية لا توجد نغمة أخرى وضعتها الكنيسة ليوم واحد إلا هذه النغمة الشعانيني فقط لهذا اليوم توجد نغمة سنوي أي تُقال على مدار السنة وتوجد نغمة فرايحي تُقال طوال فترة الخماسين المقدسة ونغمة كيهكي تُقال في شهر كيهك نغمة حزايني تُقال في أسبوع الآلام والجنازات اليوم له نغمة خاصة لأنه يوم غير عادي فيه دخل ربنا يسوع أورشليم ليرد المُلك لنفسه فمنذ سقوط آدم وصار العالم في سلطان عدو الخير اليوم يقول ربنا يسوع لعدو الخير سأكون اليوم أنا الملك ولستَ أنت الملك على العالم سأرد المُلك إلى نفسي إستقبلته اليوم الجموع إستقبال الملوك هتفوا له حتى أن الكتاب قال ” ارتجت المدينة “( مت 21 : 10) واليوم وقت الفصح إقترب حيث يجتمع اليهود من كل الأمم في أورشليم يقترب عددهم إلى ثلاثة ملايين نسمة تقريباً ربنا يسوع دخل المدينة بموكب تلاميذه واستقبله موكب الجموع المجتمعين في المدينة أي دخل المدينة بموكبين وهو في الوسط لذلك قيل ” الذين تقدموا والذين تبعوا “( مت 21 : 9 ) وهذين الموكبين يُشيران لكنيسة العهد القديم وكنيسة العهد الجديد والجميع صرخوا وهتفوا ” أُوصنا لابن داود “ ( مت 21 : 9 ) العجيب أن ربنا يسوع كان دائماً في حياته على الأرض يميل إلى الإختفاء والإتضاع فمثلاً في معجزة إشباع الجموع أرادوا أن يُنصِّبوه ملكاً لكنه اختفى وكثيراً ما قال الكتاب عنه ” أما هو فجاز في وسطهم “ ( لو 4 : 30 ) لكن اليوم ربنا يسوع يرتب للموكب بنفسه فيقول لتلاميذه أحضروا إليَّ أتان وجحش ابن أتان معروف أن الملك المنتصر يدخل مدينته راكب على فرس ربنا يسوع ملك مُتضع دخل أورشليم راكباً على جحش ابن أتان وجاء ليملُك صار صراع بين ربنا يسوع منذ تجسده وميلاده وبين عدو الخير فنجد هيرودس يقتل أطفال بيت لحم عندما قيلَ له أنه اليوم وُلِدَ ملك اليهود إذاً منذ ميلاده قيلَ عنه أنه ملك وصار صراع بينه وبين عدو الخير لأنه وُلِد ليملُك أيضاً عدو الخير دخل في مساومة قائلاً له أُعطيك كل ممالك العالم إن سجدت لي ( مت 4 : 9 ) إذاً كان العالم في سلطان عدو الخير وساوم به ربنا يسوع لأنه شعر أنه وُلِد ليملُك اليوم هو يوم انتخاب المسيح ملك بينما نُصِّب ملك يوم الجمعة على خشبة يوم الجمعة هو يوم إعلان مُلكه رسمي نعم هم قصدوا منه سُخرية ووضعوا عبارة ملك اليهود على الصليب بثلاثة لغات يونانية ورومانية ويهودية لكنه حقق قصده أنه ملك على كل العالم الذي قرأها بكل اللغات ( مت 27 : 37 ) مُلك ربنا يسوع مُلك مختلف ليس للرياسة والقرارات ولكنه قال أنه سيملُك باتضاع وزكريا النبي قال منذ 480 سنة ” ابتهجي جداً يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت أورشليم هوذا ملكُكِ يأتي إليكِ هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان “ ( زك 9 : 9 ) لذلك نضع نغمة خاصة لليوم في دورة باكر أعلنا مُلكه على العالم طوفنا أركان الكنيسة ونقول أوصنا لابن داود وقلنا أن العذراء والملائكة والرهبان والشهداء ولقان الكنيسة وأبواب الكنيسة الكل يُعلن أنه ملك ونستقبله وفي أيدينا سعف النخل علامة مُلكه ملوك العالم تستقبلهم بلادهم بأعيرة نارية أو سيوف أو لكن مسيحنا ملك سلام فاستقبلوه بسعف النخل وأغصان الزيتون هو قصد ذلك المشهد والكل بروح النبوة هتف له قيل عن عدو الخير أنه رئيس هذا العالم وربنا يسوع قال ” رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء “ ( يو 14 : 30 ) ونجح في استرداد مُلكه من عدو الخير أتى ليُعلن مُلكه عجيب موكب ربنا يسوع من هتف له ؟ أكيد من تلامس معه ومن أحبهُ فهل لعازر كان موجود ؟ بالطبع لأنه أكبر شاهد والمفلوج والمرضى الذين شفاهم و بالطبع سيكون جميع أحبائه ومن تلامس معه وعائلاتهم وبالطبع نحن أيضاً معه في الموكب لو تلامسنا معه نقول لو أقامنا من الموت وشفانا من عجز 38 سنة وأعطانا حياة وشفى نزف دمي سأكون معه في الموكب وأهتف له من قلبي من يعبد الله بحرارة ؟ التائب الذي اختبر صلاح الله ومحبته هو من يعرفه جيداً لذلك تكون صلاته صلاة بالروح وكلامه من القلب وليس كلام شفتين ” وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي أُمَّة مقدسة شعب اقتناءٍ “ ( 1بط 2 : 9 ) مملكة وكهنوت ؟ إذاً أنت يا الله تقصد دخولك أورشليم بهذا الموكب ؟ يُجيب نعم أقصِد ألم يقل ” جعلنا ملوكاً وكهنةً لله أبيه “ ( رؤ 1 : 6 ) ؟ لأننا من مملكته الخاصة وتكلم الكتاب عن المُلك الألفي وأنه يأتي ويملُك ألف سنة إخوتنا البروتُستانت يقولون أنه في المجئ الثاني سيأتي ويملُك ألف سنة للأسف فهموا المُلك الألفي فهم خاطئ نحن الآن في المُلك الألفي منذ دخل أورشليم وملك على قلوبنا ورقم ألف رقم سماوي كمالي ولا يقصد بذلك تفسير حرفي ألف سنة لذلك توجد صلاة في القداس تتكلم عن التناول وتقول إنه وليمة الألف سنة وليمة نتغذى بها وأنها علامة أننا صرنا ملوك أي مملكة مُعرضة للتقلُّب وتغيير ملوك وقوانين وللغزو والحروب إلا المملكة السماوية هو ملك واحد لن يتغير مملكة واحدة ثابتة بوصايا ثابتة ودائمة نحن محظوظون أننا أعضاء في هذه المملكة نحن غير خاضعين للأرض لو قارناها بممالك العالم تجد أننا مختلفين نعم ليس لنا ملابس فاخرة وغِنَى ومال وثراء و لكن لنا علامات أخرى فلنا علامة ضبط النفس وضبط الشهوات وانتظار السماء لأن المُلك السماوي أبدي هذه هي علامات مُلكي لذلك نجد ملوك وأُمراء إحتقروا ممالكهم أمام مملكة السماء مثل القديسين مكسيموس ودوماديوس ودميانة وأناسيمون و صارت المملكة الأرضية أمامهم وقتية لذلك لم يختاروا المُلك الأرضي بل احتقروه واختاروا المُلك الأبدي ملكوت ربنا يسوع ملكوت روحاني جاء يملُك على قلوبنا وأرواحنا ويُصيِّرنا أواني مقدسة له ويجعلنا ملوك فما حقه أن يكون ملك علينا ؟ حقه لأنه اشترانا ” ذبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأُمَّة “ ( رؤ 5 : 9 ) دفع الثمن لكي يكون ملك إشترانا بدمه فصرنا له نحن أعضاء في مملكته السماوية هذا ليس أمر خيالي أو وهم بل ملكوت حقيقي ” علمه فوقي محبة “( نش 2 : 4 ) أي صليبه صليبه علامة مُلكه وعلامة أنني تابع له مادام دفع فينا الثمن إذاً نحن نتبعه لم يملُكنا بالقوة والغصب بل بحق لذلك صار ملك علينا بدليل أنه صُلِب عنا نحن مملكته الروحية لذلك اليوم له مذاق خاص لأنه فيه يملُك على أولاده وكنيسته وخاصته كما يليق أن يعلن هذا الشعب حب وخضوع عندما يحدث إنقلاب شعب على مَلِكُه يكون الملك ضعيف ويصير بلا مُلك لكن عندما يهتف شعب لملك إذاً هو شعب يُزكي مَلِكُه ويُثبت مُلكُه في كل تناول وكل صلاة نهتف له ونقول ” مبارك الآتي باسم الرب “ ” ليأتِ ملكوتك “ صار ملكوته شهوة قلوبنا ونسلُك بمقتضاه قل له ” أنا يارب أحبك من كل قلبي وأُسبحك وأهتف لك فتعال واملُك على قلبي وكل كياني “ عندما نربط الأمور ببعضها نرى أن مزمور اليوم يقول ” لك ينبغي التسبيح يا الله في صهيون ولك تُوفى النذور في أورشليم إستمع يا الله صلاتي لأنه إليك يأتي كل البشر “ ( مز 65 : 1 – 2 ) اليوم قصد يسوع أن يدخل ظافراً فيرى من وضع ثيابه في الطريق له وهو صامت ومن يمسك له بأغصان الزيتون والسعف وأيضاً صامت لا يعترض ومن يهتف له وهو يُراقب الأمر صامت كان يمكنه أن يختفي كما كان يفعل من قبل أو كان يمكنه أن يُسكتهم لكنه طلب جحش ليدخل به أورشليم وسط هذا الموكب ربنا يسوع قام بثلاثة رحلات إحتاجت فترات طويلة سيراً على الأقدام فكان بها استراحات عمل خلالها كما فعل مع السامرية حيث أنه كان قد سار ستة ساعات وعندما استراح من المسير بشَّر السامرية وتوِّبها عندما يكون في الجليل ويريد النزول لأورشليم يحتاج ذلك مسيرة عشرون ساعة لم يطلب خلالها ركوبة لكنه سار هذه الفترة وعمل خلالها استراحتين إستراحة في أريحا فهو أمس كان في بيت عنيا واليوم في أورشليم وقبل أمس كان في أريحا بدايةً سار ثمانية ساعات حتى وصل أريحا ومنها سار إلى بيت عنيا ثمانية ساعات أخرى ثم ذهب إلى أورشليم وفي طريقه كانت بيت فاجي وطلب جحش ليدخل به أورشليم ولنقل له ليتك تستريح من هذه الرحلة الطويلة يقول لنا لا لقد رتبت أن أدخل أورشليم ملك لذلك إحذر أن تكون اليوم ممن لم يهتفوا ليسوع أو تكون ممن هتف لمن لم يعرف اليوم جاء يسوع ليملُك على مشاعرك وقلبك إحذر أن ترفض مُلكه لئلا تصير مثل الكتبة الذين خافوا على أنفسهم وقالوا ” هوذا العالم قد ذهب وراءهُ “ ( يو 12 : 19) كثيرون اغتاظوا من الموكب لكن لا تكن منهم بل كن من الأمناء الذين هتفوا له معلمنا مار متى البشير كتب بشارته لليهود كان المفروض أن يكتب لهم عن الملكوت لأنهم يحبون المُلك والرياسة لذلك كلمهم عن ملكوت الله خمسة وخمسون مرة وقال عنه ” ملكوت السموات “ لأنه يوجد عندهم محاذير من قراءة كلمة ” الله “ فهم لابد أن يغتسلوا قبل قراءتها و فكانوا يتلاشون هذه الأمور ويقولون عنه ” السيد “ الكتاب يقول لك أنت تابع لملكوته فزِد مشاعرك واشتياقاتك له وتذكر أن هذا المشهد يتكرر في السماء ” بعد هذا نظرت وفي أيديهم سعف النخل “ ( رؤ 7 : 9 ) نحن اليوم نأخذ عربون بدايةً أن يكون في أيدينا سعف نخل ونهتف له أوصنا إهتف له خلصني أنت شهوة قلبي ومَلِكي فأنا لا تملُك فيَّ شهوة إلا شهوة محبتك سأتبعك في كل مكان لذلك مع بداية أحداث الآلام أمس كان مشهد الوليمة وسكب الطِيب واليوم دخوله ملك خزِّن هذان المشهدان لتدخل الآلام واحذر أن تكون مُشاهد لمن أقام لعازر ومُشاهد لموكب دخوله ملك لا لو كنت كذلك ستدخل معه المحاكمة وتقول لا أعرفه ( مت 26 : 72 ) لكن قل له اليوم سأتمسك بقدميك وأسير معك حتى القبر لأرى بهجة وفرح قيامتك ربنا يعطينا أن نعيش هذه الأيام بحب وإخلاص واشتياق ووفاء ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين.