يوحنا المعمدان _ ليلة عيد الغطاس

Large image

فلتحلّ علينا نعمتهُ وبركتهُ من الآن وكُل أوان وإلى دهر الدهور كُلّها آمين
هذا اليوم يا أحبائىِ يوم عيد الظهور الإِلهىِ الذى تُعطيه الكنيسة مقام عالىِ جداً00وتجعلهُ أحد الأعياد السيّديّة الكُبرى وتجعل لهُ إحتفال وصلوات خاصة بهِ بِطقس فرايحىِ
فهى مُناسبة كُلّها فرح وكُلّها سرور لأنّ الله صار كواحد منّا وبِكر بين الخليقة00ومن خلال صلوات عيد الغُطاس نشعُر أنّ الكنيسة بتُشير بقّوة جداً لِشخصية يوحنا المعمدان والكنيسة بتضع يوحنا المعمدان فىِ رُتبة عالية جداً0
عظمة يوحنا المعمدان :
============================
فنحنُ نجد أنّ كُل القديسين بنطُلب صلواتهُم أمّا الشفاعة فنطلُبها من الست العدرا ويوحنا المعمدان ، يكفىِ شِهادة الرب يسوع نفسهُ إنّهُ أعظم مواليد النساء00وأعظم من نبىِ 00والكنيسة بِتضعهُ بعد أيقونة السيد المسيح والكنيسة تُلّقبهُ بالسابق00فهو الذى مهدّ لربنا يسوع المسيح وكانوا يسألوهُ : هل أنت إِيليّا مَن أنت فواضح من السؤال أنّهُ كان شاغلهُم " ماذا تقول عن نفسك " فكان شخصية مُحيّرة جداً
لدرجة أنّهُ مَن بِداية ميلادهُ يقولوا أنّهُ " وقع خوف على كُل جيرانهُم " ومَن بطن أُمهِ إمتلأ بالروح القُدس " وكان ينمو ويتقّوى بالروح وكان فىِ البرارىِ إلى يوم ظُهورهِ لإسرائيل " ( لو 1 : 80 ) 00 " ويتقدّم أمامهُ بروح إيليّا وقّوتهِ ليرُدّ قلوب الآباء إلى الأبناء والعُصاة إلى فِكر الأبرار لكى يُهيّىء للرّب شعباً مُستعداً " ( لو 1 : 17 ) ، فهو أتى ليُهيّىء للرّب شعباً مُستعداً00لِذلك نشعُر أنّ الكِتاب المُقدّس يُكرمهُ وحياتهُ تُكرمهُ لأنّهُ نبىِ وأعظم من نبىِ0
فكُلّما نقترب من يوحنا المعمدان نشعُر بِعظمتهُ ، عظمتهُ فىِ مولدهِ ، لدرجة أنّهُ يتكلّم مع هيرودس بجبروت ، لأنّ الحق الذى بِداخلهُ حق لابُد أن يُعلن لا يستطيع أن يكتمهُ ، فضلّ أن يكون بِلا رأس على أن يكون بِلا ضمير ، لم يُفضلّ السكينة والطُمأنينة ، وهو لم يكُن فقط وبخّ هيرودس لسبب هيروديّا إمرأة فيلُبّس أخيهِ ولكن " لسبب جميع الشرور التى كان هيرودس يفعلها " ( لو 3 : 9 ) 0
فالكُل عارف وساكت لكن يوحنا لا يستطيع أن يكتم ، ولكن الحق تجدهُ بيعلنهُ وبِجبروت ، إنّهُ أعظم من كُل الأنبياء ، فإنّهُ يوجد أنبياء عُظماء جداً ولكن يوحنا جاء " ليُعدّ طريق الرب " فهو جاء ليفرش للملك ، جاء ليُهيّىء القلوب " أعدّوا طريق الرب إصنعوا سُبلهُ مُستقيمة " 00وأشعياء قال " صوت صارخ فىِ البريّة " ومَن هو الصوت ؟! هو يوحنا المعمدان ، وكان يعيش فىِ البرارى وإختفى فىِ البريّة إلى يوم ظهورهُ لإسرائيل0
وبالتأكيد إكتسب من البريّة أشياء كثيرة ، لِذلك فهى أعطتهُ عظمة ، أعطتةُ قوة " كُل وادٍ يمتلىء وكُل جبلٍ وأكمه ينخفض وتصير المُعّوجات مُستقيمة والُشعاب طُرقاً سهلة ويبُصر كُل بشرٍ خلاص الله " إبتدأ يُكلّمهُم بكُل قوة
" والآن قد وُضعت الفأس على أصل الشجرة فكُلّ شجرةٍ لا تصنعُ ثمراً جيّداً تُقطع وتُلقى فىِ النار " ( لو 3 : 9 ) ، ما هذا الكلام القوى 00فهذا هو يوحنا المعمدان ، صوت مُوبّخ لكُلّ نفس تعيش فىِ كسل وفىِ عدم مخافة الله
والكنيسة تُرّكز على حادثة يوحنا المعمدان ، لأنّ لو لم يكُن يوحنا صوت صارخ لغُفران الخطايا ما إستطعنا أن نستقبل ربنا يسوع المسيح ، فهو صوت صارخ فىِ كُل قلب ، صوت يوحنا لابُد أن يدوىِ فىِ بريّة نفسىِ الموحشة " تُب "
لابُد أنّ حياتىِ تكون مرضيّة لربنا وشجرتىِ يكون فيها ثمر ، فأشعياء قال " صوت صارخ فىِ البريّة " ، وهذا الكلام قالهُ رب المجد عن يوحنا المعمدان مُنذُ 850 سنة ، ففىِ سِفر ملاخىِ يقول " هأنذا أُرسل ملاكىِ فيُهيّىء الطريق أمامىِ 00" ( ملا 3 : 1 ) ، فملاخىِ تنبّأ عن مجيئهُ مُنذُ مِئات السنين ، تنبّأ عن مجىء هذا العظيم الصوت الصارخ لِدرجة إن زكريّا الكاهن فىِ لوقا يقول عنهُ " وأنت أيُّها الصبىّ نبىِّ العلىّ تُدعى لأنّك تتقدّم أمام وجه الرّب لتُعدّ طُرُقهُ " ( لو 1 : 76 ) 0
لهذهِ الدرجة ؟! " نبىِّ العلىّ تُدعى تتقدّم أمام وجه الرب لتُعدّ طُرُقهُ لتُعطىِ شعبهُ معرفة الخلاص بِمغفرة خطاياهُم " ، والقديسين كثيراً ما يربطوا بين يوحنا المعمدان وإيليّا النبىِ فىِ القوة0
فنجد إيليّا ظهر فجأة ووقف أمام أخآب الملك ( 1 مل 18 : 17 ، 18 ) ويوحنا نجدهُ كبر وظهر فجأة من البرّية 00إيليّا النبىِ كانت هُناك إمرأة إسمها إيزابل كانت بِتكمن لهُ شرور وهدّدتهُ بالقتل ( 1 مل 19 : 1 ، 2 ) ، كذلك يوحنا توجد إمرأة كانت تُكمن لهُ شرور وطلبت رأسهُ ( مت 14 : 6 – 11 ) 0
يوحنا المعمدان يحمل روح قوية ، روح موبّخة ، روح مؤنّبة ، قال للعشارين " لا تستوفوا أكثر ممّا فُرض لكُم " ( لو 3 : 13 ) 0 ، وكان يأتىِ إليهِ الجنود ويقولوا لهُ ماذا نفعل فكان يقول لهُم " لا تظلموا أحداً ولا تشوا بأحدٍ وأكتفوا بعلائفكُم " ، وكان يقول للناس " فأصنعوا أثماراً تليق بالتوبة " ( لو 3 : 8 ) 0
إبتدأ يُعلّم كُل فئة كيف تقترب من الله من خلال حياتها العمليّة 00هيروديّا لم تستطع أن تحتمل صوت ربنا الذى يُوبّخها ، لِذلك النفس البعيدة عن ربنا تُريد أن تتجنّب صوت ربنا وتنساه وتكون ملهيّة عن ربنا ، الضمير بيفقد حساسيتهُ والنفس بتهرب من الفأس الموضوعة على أصل الشجرة ، لِذلك قُلّ لهُ يارب أعطينىِ زمان ، فأنت لست مُحتاج أن يحلّ الروح عليك ولا الحمامة تستقر عليك ، وأنت فىِ نهر الأردُن أنا كُنت فيك ، فالحمامة والروح إستقر علىّ ، فالقديس يوحنا المعمدان هو نبىِ بل أعظم من نبىِ ، عاش فىِ البريّة ، عاش فىِ حياة كُلّها بِر وكُلّها تقّوى 0
سر عظمة يوحنا المعمدان :0
==================================
وهى نُقطتين فقط :
أول نُقطة مُهمة جداً عندما نأتىِ بِسيرة يوحنا المعمدان نتكلّم عن :

الذى صنع يوحنا المعمدان تقّوى أبوه وأُمه " زكريّا وأليصابات " ، الإنجيل يقول عنهُما " وكانا كلاهُما بارّين أمام الله سالكين فىِ جميع وصايا الرّبّ وأحكامِهِ بلا لومٍ " ( لو 1 : 6 ) 0
الأب والأُم فىِ البيت بارّين أمام ( الله ) وليس أمام ( الناس ) ، فالإنسان مُمكن يكون برّهُ أمام الناس بِر شكلىِ وبِر نسبىِ ، ولكن هُم بارّين أمام الله الذى يفحص القلوب 0
لابُد أن نبحث عن بِرّنا الحقيقىِ ، فنحنُ مُمكن أن نكون فىِ الكنيسة شىء وفىِ البيت شىء آخر ، لماذا نحنُ نكون فىِ البيت شخصيّة غير الشخصيّة التى فىِ الكنيسة ؟ لماذا يملُك علينا فىِ البيت الصوت العالىِ والعصبيّة والغضب وعدم الطاعة ؟
فالقديس يوحنا فم الذهب يقول " فالأولاد مهما أخذوا من دروس بالمدرسة يعودون ويستذكرونها باقىِ النهار00فلنحرص على ما نسمعهُ حرصنا على نقودنا ومُقتنياتنا لأننّا أُعطينا كلِمات أثمن من الذهب والأحجار الكريمة وقبلنا الروح القُدس "0
فالأولاد لابُد أن يرجعوا البيت ويذاكروا الدروس ، فلماذا حياتنا بعيدة عن الوصيّة 00ولم نجد فىِ أولادنا الثمر الذى المفروض أن نجدهُ0
فأنسب شىء فىِ الحياة المسيحيّة أن لا نتكلّم عن الصلاة بدون أن نُصلّىِ ، علّمنىِ بِحياتك قبل كلامك لىّ ، فهل نحنُ نُصلّىِ بأنتظام ؟! هل نحنُ حريصين على الحضور فىِ بيت ربنا ؟ هل حريصين على زرع المحبة فىِ داخلهُم ؟ فعادةً نقول لهُم إيّاك أنّ فُلان يحصُل على درجات أعلى منّك ، فإن كان البيت بيزرع مخافة ربنا 00فلو نجد زكريّا وأليصابات سنجد يوحنا0
فلا تعتقدوا أنّ الحياة أيامهُم كانت مِثاليّة00لا00 زكريّا كان بار فىِ جو ليس فيهِ بِر ، فإنّهُ صعب أنّ زكريّا أرضى الله فىِ جو رُبما كُل المُحيطين بهِ كان فاسد0
ولا تقولوا أنّهُ لم يكُن عِندهُم مُشكلة ، فعُقم اليصابات كان مُشكلة كبيرة عِندهُم ، لدرجة أنّهُ الملاك عندما ظهر لزكريّا قال لهُ " طِلبتك قد سُمعت " وهذا دليل على أنّها كانت طِلبتهُم بإستمرار ، وأيضاً زكريّا فضلّ أن لا يتزوج بإمرأة أُخرى بالرغم من أنّ الناموس يُشرّع لهُ الزواج ، فزكريّا بِتقواه إرتقى فوق الناموس 0
ففىِ البيت نهتم جداً بأكل الأولاد وشُربهُم ، وكما يقول أحد الآباء " نحنُ لم نُقدّم مشروع تسمين فىِ البيت " فأكل طالع وأكل داخل ، والأكل الروحىِ هو الأهّم ، هو الأبقى ، فأحد الآباء يقول " إنّ البطن لا تستطيع أن تحتفظ بالأطعمة " ، تخيلّوا أننّا مُهتمين بالأكل وبالمظهر 00مَن مُهتم أن يحتفل بالقديسين فىِ بيتهُ ، مَن يحتفل بالست العدرا فىِ بيتهُ 00الإحتفال الأجمل هو الذى فىِ البيت0
مَن الذى يأخُذ أولادهُ مَن بِداية النهار للقُدّاس ؟ وأسألهُم ماذا كان يقول الأبركسيس ؟ فأنا لىّ رِسالة من جهتهُم ، ربنا بيُعطينا عجينة جميلة الزمن بيخرّبها ولكن ماذا نعمل نحنُ لهُم ؟
" الكنيسة التى فىِ بيتك 00الإيمان العديم الغِش " القديس بولس الرسول يقول لتلميذهُ تيموثاوس أنا مُطمئن عليك لأنّ عِندك الإيمان العديم الغش 0
فيجب أن تهتم بروحياتهُم ، فهل عِندنا نفس الغيرة ونفس الإهتمام ؟ هل أحرص أن يكون فىِ البيت مكتبة تُناسب سِن الإبن ؟ هل أشُعر إن أنا لىّ دور أن أُدخل هذهِ النفس للملكوت ؟ فمُمكن أن يصير إبنىِ دكتور ويكون غير مُوفّق فىِ حياتهُ0
فأبونا بيشوى كامل ذهب لواحد ليفتقدهُ فأبوه قال لهُ إن إبنىِ فىِ هذهِ السنة لم يكُن عِندهُ وقت فهو فىِ ثانويّة عامّة وبيأخُذ دروس ، وكان بيطلُب منهُ الخادم أن يجلس معهُ ولو لوقت بسيط ، فكان يقول لهُ لا يوجد عِندهُ وقت لِذلك تمُرّ السنين ويُصبح الخادم كاهن ويأتىِ إِليهِ الأب ويقول لهُ أنا إبنىِ أصبح دكتور فىِ المُستشفى وإرتبط بِممُرّضة فىِ المُستشفى وأنا غير قادر أن أُقف مشاعرةُ0
فالسماء لا يوجد فيها شِهادات ، فلا نُهمل حياتهُم الداخليّة ، فهل ربنا سيسألنىِ هل هو مُدرّس أم دكتور ولكن ربنا سيسألنىِ عن الأمانة التى أعطتها لك ماذا فعلت بِها ؟! ، فالجو الذى نُرّبىِ فيهِ أولادنا صعب ، ولِذلك نجد أنّ القديس أوغسطينوس مديون لدموع مونيكا ، فدموع مونيكا هى التى صنعت أوغسطينوس ، فالقديس بولس الرسول يقول ثلاث سنين لم أفتُر ليلاً ونهاراً عن أن أُنذركُم بِدموعىِ ، فهو يُنذر بالدموع ، فأنا إبنىِ مُمكن أن أُنذرهُ بِدموعىِ وهى ستُنذرهُ أكثر من كلامىِ0

البرّيّة جعلتهُ أن يكون إنسان بسيط لا يُحب المظاهر ، لا ينقاد لِخداع العالم ، فهو خرج لابس وبر الأبل ، وكأنّهُ يقول أنا سألبس الذى يستُر جسدىِ فقط0
فنحنُ جيل المظاهر والمظهر عِندهُ أهم من الروحيّات بكثير ، وعُلماء النفس يقولوا أنّ الإنسان كُلّما يهتم أن يُحسّن بالمظهر الخارجىِ دلّ ذلك على أنّهُ فىِ داخلهُ يوجد شىء يُريد أن يُخبئّهُ0
تأمّلوا الأنبا بولا كان لابس ثوب من ليف النخيل أو من سعفهُ ، والأنبا أنطونيوس كان لابس جلاّبيّه ولكن من الداخل قّوة جبّارة0
ويوحنا المعمدان يقولوا أنّ هيرودس كان يهابهُ ، القديس العظيم الأنبا أنطونيوس عِندما كان سيُقابل الملك فقال لهُ تلاميذهُ أن يرتدىِ ملابس تليق بِمقابلة الملك فقال لهُم " أنا أنطونيوس ذهبت أو لم أذهب فماذا يكون الملك " ؟!! ، فجمال النفس فىِ الداخل 0
كُنت عِند ناس وكان عِندهُم مُشكلة إن إبنهُم طالب موبايل لأنّهُ شعر أنّ قيمتىِ ستأتىِ من الأشياء التى معىِ ، وذلك يدُل على إن أنا فقير ومريض من داخلىِ ولكن أنا لا تفرق عِندىِ هذهِ الأشياء0
فأين ذهبت قّوة أولاد الله ؟ أين ذهبت قّوة الآباء ؟ ونحنُ بنسعى وراء شهوات باطلة وأمور تافهه لا تُقاس بِمجد السماء ، لِذلك القديس يوحنا المعمدان يُوبّخنا بِمظهرهُ ، ليتهُ يُوبّخنا بسيرتهُ لأنّ ربنا قال " إن سمعتُم صوتهُ فلا تُقسّوا قلوبكُم " 0
ربنا يسند كُل ضعف فينا بنعمتهُ
ولإِلهنا المجد دائماً أبدياً أمين0

عدد الزيارات 2572

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل