العظات
الشفيعةالمؤتمنة
لقب من ألقاب السيدة العذراء ” الشفيعة المؤتمنة “ بمعنى المتصفة بالأمانة في الشفاعة .. مثلاً كما يسأل شخص هل تأتمن فلان على هذا الأمر ؟ يقول نعم .. المؤتمنة أي كمال الأمانة بكمال السر بضمان الأمانة نحن نسمع آراء كثيرة في أمر الشفاعة فمن يقول أنه ليس لنا شفيع عند الله إلا الابن الحبيب .. ” ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطيَ بين الناس به ينبغي أن نخلُص “ ( أع 4 : 12) .. اسم يسوع المسيح .. نحن إيماننا إيمان كامل في إننا خلُصنا بدم يسوع المسيح ” ليس بأحد غيرهِ الخلاص “ .. بالطبع هذه الشفاعة الكفارية ” إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار “ ( 1يو 2 : 1) .. لكن توجد شفاعة توسلية .. على رأس هذه الشفاعة التوسلية السيدة العذراء ونحن نُلقبها ” أم قادرة رحيمة معينة “ .. منذ أن ولدت ربنا يسوع ونحن ثابتين في المسيح .. نحن أعضاء جسده وهي أم المسيح إذاً هي أُمنا نحن أيضاً نتساءل هل السيدة العذراء لا تشعر بمسئوليتنا ؟ هي أمنا .. ألا تشعر باحتياجاتنا ؟ لا .. هي أمنا .. وإن كنا في ضيقة أو شدة فهي تشعر بنا .. هي شفيعة مؤتمنة .. ما دُمنا أولادها صرنا مسئولين منها وهي تقف أمام ابنها الحبيب تشفع عن خلاصنا وهمومنا وخطايانا .. ” إشفعي فينا أمام المسيح الذي ولدتيه لكي ينعم لنا بغفران خطايانا “ .. ” بشفاعة والدة الإله القديسة مريم يارب انعم لنا بمغفرة خطايانا “ إذاً نحن نتمسك بشفاعتها وبدالتها عند ابنها الحبيب من أجل غفران خطايانا ونقول لها ” إصعدي صلواتنا إلى ابنك الحبيب “ .. ” أنتِ سور خلاصنا “ .. قد تسمع من يقول يجب أن تكون العلاقة بين الإنسان والله مباشرة ولا توجد شفاعة .. أقول لك توجد أفكار بروتُستانتية كثيرة لكن سببها واحد وهو سبب خطير تفهم منه أمور كثيرة صنعتها البروتُستانتية .. هذا السبب إسمه ( الفردية ) أي أصِل إلى الله بنفسي مني له مباشرةً .. أقرأ الإنجيل وأفهم ما أشاء .. أصوم في الوقت الذي أحدده أنا كما أشاء لا يوجد أب كاهن يساعدني ولا يوجد قديس يساعدني .. أنا والله والله وأنا غذَّى هذه الفكرة نشأة البروتُستانتية في أوروبا .. أوروبا تُأله الإنسان .. الإنسان عايش في ذاتية وانعزالية .. الينبوع الرئيسي للبروتُستانتية هو الذاتية والإنعزالية .. عندما يقرأ الكتاب المقدس تقول له هذه الآية شرحها القديس يوحنا ذهبي الفم بالطريقة الفلانية .. يقول لك ما لي والقديس يوحنا ذهبي الفم .. تقول له اليوم هو عيد القديس فلان .. يقول لك ما لي وله هو قديس لنفسه .. القديس يوحنا ذهبي الفم شرح الآية بهذه الطريقة وأنا أيضاً فيَّ روح الله مثله وأفهم ما أشاء لذلك تجد عنده ألف تفسير وألف رأي للآية الواحدة فلا تتعجب أنه بمعدل كل سنة تزداد الطوائف .. عندهم ألف طائفة لأن كل شخص تأتيه فكرة ينفذها .. إذاً ماذا حدث ؟ لأنه ليس عنده مرجعية تقول له الآباء الأولين عاشوا بهذه الطريقة .. يقول لك ما لي ولهم ؟ لما عاشوا في الفردية والذاتية عندئذٍ تكلمهم عن الشفاعة والقديسين يقولون لك لا توجد لأنهم أشخاص ماتوا وانتهت حياتهم بيننا .. تُجيبه لكنك تعلم أن السيدة العذراء ذهبت لربنا يسوع وقالت له ليس لهم خمر كما قرأت في الإنجيل( يو 2 : 1 – 11 ) يقول لك لأنها كانت حية لكن الشخص عندما ينتقل من عالمنا هذا ينتهي أمره بالنسبة لنا .. تُجيبه كيف وربنا يسوع في الإنجيل قال ” أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب .. ليس الله إله أموات بل إله أحياء “ ( مت 22 : 32 ) .. وأيضاً يذكر الكتاب أن عظام أليشع النبي أقامت ميت .. عظامه أي كان قد مات .. أيضاً في سفر أرميا عندما تشفع أرميا عن الشعب قال له الله لو جاء موسى ووقف أمامي لن أقبل وأُطيل أناتي على هذا الشعب .. وقتها كان موسى النبي قد مات .. إذاً هل توجد شفاعة أم لا ؟ تقول له موسى النبي كان يشفع عن الشعب والله يقبل منه .. يقول لك لأنه كان حي .. ثم يُدخِلك في شفاعة الأحياء للأحياء والأحياء عن الأموات والأموات عن الأموات و أمور غريبة ويقول لك شفاعة أحياء عن أحياء أي نحن نصلي بعضنا لأجل بعض أجمل ما في كنيستنا أننا نشعر أننا واحد .. همومنا واحدة فنصلي لأجل بعضنا البعض .. البروتُستانت عندهم نزعة الذاتية .. أنا فقط وأنت لست بمهم بل أفضل أنك تكون غير موجود لأنك لي مُنافس .. هذا فكر ذاتي أما الفكر الذي في المسيح يسوع فهو أنك صرت عضو في جسدي وبالتالي صرت مُكمل لي وأنا مُكمل لك .. لكن عندما أنظر لك أنك منافس عندئذٍ صرت لا تعنيني فلا أطلب منك أن تصلي لأجلي .. فكرِنا نحن نصلي بعضنا لأجل بعض ونحن أحياء ونحن أموات .. وعندما ينتقل واحد منا نصلي له وهو يصلي لأجلنا إذاً العلاقة ما زالت مستمرة في سفر الرؤيا قيلَ عن الذين انتقلوا أنهم يقفون أمام الله ويتكلمون بلساننا نحن قائلين ” حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض “ ( رؤ 6 : 10) .. يتكلمون عن الظلم الواقع علينا نحن الذين على الأرض ويطلبون عنا كي يُريحنا .. ونحن الذين على الأرض نأخذ لسانهم ونقول قدوس قدوس .. هم يتبنوا قضايانا ونحن نأخذ تسبيحهم .. إذاً توجد علاقة مستمرة بيننا وبينهم .. إذاً الذي انتقل لم ينتهي أمره بل ما زال موجود .. حتى غير المسيحيين يقولون ” هم أحياء عند ربهم يُرزقون “ .. أي لهم دور وإن قلنا أنهم ماتوا وانتهوا إذاً معنى ذلك أنه ليس لهم دور لكن ما داموا أحياء إذاً لهم دور فعَّال .. ” بل هم قيام أمام منبر ابنك الوحيد يشفعون في ذُلنا وضعفنا ومسكنتنا “ .. إذاً توجد شفاعة تخيل أن أب كاهن يخدم كنيسة ثم سمح الله أن يسافر للخارج هل من لحظة ركوبه الطائرة هو نسى شعبه وهم نسوه ؟ وكأنه يقول أخيراً افترقت عنهم وهم كذلك .. لا .. هذه علاقة حب وطيدة وقوية بل عندما يبتعد يزداد الحب .. عندما ينتقل أحد القديسين هل معنى ذلك أن العلاقة انفصلت ؟ هذا يكون نكران محبة .. لا .. بل نظل نحن نذكره وهو يذكرنا .. كون إننا نعتبر أن علاقتنا بالقديس تنتهي بعد موته وكأننا نعلن موته بالنسبة لنا وانتهاء العلاقة هذا خطأ .. فأي فرد منا له حبيب انتقل يظل يتذكره ويُقيم له تذكارات وهذا المُنتقل أمام عرش النعمة يشفع فيه السيدة العذراء على رأس هذه القائمة اسمها ” الشفيعة المؤتمنة “ .. لأنه كلما ازداد قرب الشخص من الله كلما ازدادت الشفاعة .. وهل هناك أقرب من السيدة العذراء ؟ كيف وهي الجالسة عن يمينه ؟!” قامت الملكة عن يمينك “ ( مز 45 : 9 ) .. أي قريبة جداً من الله السيدة العذراء ليس لديها هم يشغلها سوى همنا نحن وليس لديها طِلبة سوى طِلباتنا وأجمل شفاعة تقدمها شفاعة من أجل غفران الخطايا .. لذلك ونحن في أيام صوم السيدة العذراء لا تترك شفاعتها بل تمسك بها وتشفع بها واجعل اسمها في فكرك دائماً وردد اسمها كثيراً .. يا ستي يا عدرا يُقال عن المتنيح أبونا بيشوي كامل أن كلمة ” يا ستي يا عدرا “ كانت في فمه دائماً وكان كثيراً ما يراها .. وفي شدة آلامه كان بدلاً من أن يتأوه يقول ” يا ستي يا عدرا “ .. أي عندما كان ينطق اسمها كنت تعرف أنه متألم جداً .. إذاً صارت له معينة وقوة احتمال لذلك اجتهد في أن تُنمي صداقتك بالعذراء وأن دالتك عندها تزداد لكي تعيش هذا الفكر الفكر الذي يعطيك شفاعة أمينة قوية ومضمونة .. ” إسألي ابنك “ .. ” اطلبي عنا “ .. وسَّطها لأن كلمتها مقبولة ومسموعة مجرد أن تقول ليس لهم خمر .. هي تشعر بالإحتياجات تشعر بالنقص والضيق والضعف الروحي فتشفع وابنها الحبيب يُرسِل نِعَم ما دورنا نحن ؟ أن نتجاوب وأن ننمو وأن نطلب ونصرخ .. هذا أساس الفكر الروحي الذي نتعامل به مع السيدة العذراء كان رجل له طلب عند رجل أعمال مشهور وبحث عن شخص يعرفه .. فعرف أن والدة رجل الأعمال تعترف عن أبونا فلان فقال في نفسه وجدت ما أردت وذهب للأب الكاهن وقال له تعرف فلان رجل الأعمال ؟ فأجاب الأب الكاهن حقيقةً أنا أعرف والدته هي تعترف عندي .. فقال الرجل هذا أهم لأن كلمة والدته أهم من كلمته عنده فقد يقول ليس لديَّ طلبك إن كلِّمته مباشرةً لكن لن يستطيع أن يرد كلمة والدته شفاعة الأم قوية جداً .. ” مقبولة شفاعتك عند ابنِك “ .. مقبولة وقوية ومقتدرة .. إسمها شفيعة مؤتمنة .. اُطلب شفاعتها وادخل في عمق صداقتها في قوة وإخلاص .. السيدة العذراء رصيد قوة روحية جبارة في الكنيسة .. السيدة العذراء طغمة أعلى من الملائكة والشاروبيم والسيرافيم والكراسي والقوات ولأنها عن يمين ابنها الحبيب بينما الشاروبيم والسيرافيم واقفين أمامه يخدمونه أما السيدة العذراء فهي عن يمينه كأُمه آه لو تخيلنا مقدار كرامتها في السماء ومجدها ولنرى صعود جسدها عندما أتت الملائكة لتحمله لأنه وجد أن جسدها لا يليق أبداً أن يبقى على الأرض لأنه ليس من الأرض .. لأنه عندما اتحد بها الابن صارت من السمائيين بل أعلى من السمائيين لذلك نُلقبها ” السماء الثانية “ لا تجعل صلاة بدون شفاعتها .. واحذر أن تطلب شفاعتها دون أن تشعر بها .. واحذر أن تكون شفاعتها لديك نظرية .. لا .. نحن نقول ” بالسؤالات والطِلبات التي ترفعها عنا كل حين والدة الإله القديسة الطاهرة مريم “ .. هل نستحق نحن شفاعتها ؟ إن كان شخص لديهِ طلب عند رجل ذو مركز مرموق يبحث عن معرفة توصله لديه .. ونحن يقول لنا الله أسهل طريق تصل به إليَّ أن تتعرف على أُمي وأسهل طريق تعرف به أُمي أن تتعرف عليَّ .. كرامتها من كرامته وكرامته من كرامتها شفيعة مؤتمنة .. إجتهد في فترة صومها أن تقتني شفاعتها في حياتك كجزء عملي وليس نظري وأن تكون شفاعتها في حياتك فعَّالة .. شفاعتها تكون معنا دائماً ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين
الحياة المكرسة
1. معنى التكريس .
2. الحياة المُكرسة .
3. التكريس والأبدية .
أولاً .. معنى التكريس :-
أي التخصيص لله .. قديماً كان الفرد وهو يَعِد الغنم وعندما يأتي إلى العدد " 10 " فيكرسها لربنا .. أي تُقدم لربنا ذبيحة أي عشور الإنسان .. أحب الله في العهد القديم يكون له في كل بيت واحد مِلْكه ( البكر ) .. وبعدها كرَّس الله سبط كامل له .. وهو سبط لاوي ويُقال عنه أنه عملاً لا يعمل .. لا يزرع ولا يجني .. وإنما شغله كله للهيكل إذن فكرة التكريس عند الله من العهد القديم .. أما في العهد الجديد أراد الله أن يكرس كل الشعب .. وعلامة ذلك الميرون الذي تقدسنا به من خلال المسيح .. أي لا يوجد فرق بيننا وبين أواني المذبح .. إذن لا يليق أن تعملوا عمل آخر غير مجد المسيح .. ولا يكون لكم استخدام آخر غير استخدام المسيح .. فيجب أن تعملوا عمل المسيح إذن التكريس تخصيص .. فَرْز .. أن يحيا الإنسان لمجد المسيح .. لحساب المسيح .. لذلك الأمر مهم جداً لأنكم مُكرسون من الله وفي ملكيته وجنوده التكريس هو الحب الفائق لله .. حياتنا مثل قارورة الطيب التي انسكبت على قدمي المسيح .. لا يوجد عند الإنسان أغلى من حياته حتى يسكبها على قدمي يسوع لعله يقبلها .. أنا مِلْكَك يارب .. كل شئ .. قلبي وحواسي ومشاعري .. أفراح العالم لا تجذبنا .. ملذات العالم لا تأخذنا ثمرة الحياة الروحية أن يشعر الإنسان أنه مُكرس لله .. التكريس عبارة عن إنسان نسى نفسه من بهاء جمال الإنجذاب للمسيح .. لا ينشغل بأمور حياته وغير مُستعبد لحياته وعمله .. بل هو أراد أن يكون عبداً بإرادته للمسيح .
ثانياً .. الحياة المُكرسة :-
الحياة المُكرسة هي مِلْك المسيح الذي اشتراها .. ولذلك يعيش المُكرس خاضع له .. « هو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام » ( 2كو 5 : 15) المُكرس يُمثل حضور الله في وسط الشعب .. وهو يُعبِّر عن امتداد عمل الله في وسط الناس مثل الخروف العاشر .. والابن البكر .. اللاوي .. هو الشاهد لله المُكرس يُمثل الله أمام الناس .. ويُمثل الناس أمام الله .. أي يحمل أثقال الناس على كتفيهِ ويصلي من أجلهم .. إذن هو لا يحيا لنفسه ولإهتماماته المُكرس لا يبحث عن إرضاء كرامته أو ذاته .. وهو يرفع اسم مخلصه .. لا يتمسك بشئ .. يحيا الفقر والعفة والطاعة المُكرس يبذل حياته حتى أخر نقطة دم للآخرين .. الحياة المُكرسة هي النفوس التي تقدست لله وأعلنت ملكوته الحياة المُكرسة هي حياة للسماء وليست للأرض .. فهو نعمة وعطية .. ولذلك ثمرة للتكريس أن الإنسان يعيش بتول .. وإن كان الإنسان متزوج يعيش بفكر البتول وبالنقاوة التكريس هي حالة قلب أكثر منها حالة جسد .. التكريس هو جوهر أكثر منها شكلاً .. يعلمنا بستان الرهبان ويقول [ من السهل عليك أن تُضيف الغرباء .. لكن الأفضل لك أن تحيا أنت غريباً .. من السهل عليك أن تساعد الفقراء .. لكن الأفضل لك أن تحيا أنت فقيراً ] إن التكريس أن تتشبه بسيدك الذي افتقر من أجلنا وهو غني لكي يُغنينا بفقره المُكرس يعرف أن ليس له أين يسند رأسه .. فالعالم أصبح بيته والسماء هي سقف بيته الجميع مدعو لكي يعيش بقلب مُكرس للمسيح .. الحياة المُكرسة هي حياة ملائكية والمُكرس أحب أن تكون حياته مِلْك للمسيح .
ثالثاً .. التكريس والملكوت :-
صعب الإنسان أن يعيش هكذا وهو يفكر في الأرض .. أما المُكرس الأرض في نظره صغيرة جداً والسماء كبيرة جداً .. إن التكريس هي حياة لا يغلبها الموت .. إذن هي حياة سمائية .. يشعر المُكرس بأن الأبدية بدأت معه من الأرض وتستمر معه في الأبدية .. هو لمحة من حياة الأبدية الموت يهدد الإنسان وبقاؤه .. لذلك قدست الكنيسة الزواج لاستمرار الحياة على الأرض .. أما المُكرس فهو فهم أن الحياة في الأبدية وليست على الأرض دعامة التكريس هي الصلوات الدائمة والتسبيح الدائم والتشبه بالقديسين .. هي مذاقة للأبدية ونحن مازلنا على الأرض ربنا يقبل حياتنا مُكرسة له ويقبل قلوبنا وعقولنا وأنفسنا وأوقاتنا على مذبح محبتنا لربنا ونطلب منه أن يقبلها ذبيحة مرضية مقبولة لديك ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين
التلمذة
من سفر الملوك الثاني بركاته على جميعنا آمين .. « ثم قال له إيليا امكُث هنا لأن الرب قد أرسلني إلى الأردن .. فقال حي هو الرب وحية هي نفسك إني لا أتركك .. وانطلقا كلاهما .. فذهب خمسون رجلاً من بني الأنبياء ووقفوا قُبالتهما من بعيدٍ .. ووقف كلاهما بجانب الأردن .. وأخذ إيليا رداءه ولفَّهُ وضرب الماء فانفلق إلى هنا وهناك فعبرا كلاهما في اليبس .. ولما عبرا قال إيليا لأليشع اطلب ماذا أفعل لك قبل أن أُوخذ منك .. فقال أليشع ليكن نصيب اثنين من روحك عليَّ .. فقال صعَّبت السؤال .. فإن رأيتني أُوخذ منك يكون لك كذلك وإلاَّ فلا يكون .. وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نارٍ وخيل من نارٍ ففصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء .. وكان أليشع يرى وهو يصرخ يا أبي يا أبي مركبة إسرائيل وفرسانها .. ولم يرهُ بعد .. فأمسك ثيابه ومزقها قطعتين .. ورفع رداء إيليا الذي سقط عنه ورجع ووقف على شاطئ الأردن .. فأخذ رداء إيليا الذي سقط عنه وضرب الماء وقال أين هو الرب إله إيليا ثم ضرب الماء أيضاً فانفلق إلى هنا وهناك فعبر أليشع .. ولما رآه بنو الأنبياء الذين في أريحا قبالته قالوا قد استقرت روح إيليا على أليشع .. فجاءوا للقائه وسجدوا له إلى الأرض .. وقالوا له هوذا مع عبيدك خمسون رجلاً ذوو بأسٍ فدعهم يذهبون ويُفتشون على سيدك لئلا يكون قد حمله روح الرب وطرحه على أحد الجبال أو في أحد الأودية .. فقال لا تُرسلوا .. فألحوا عليه حتى خجل وقال أرسلوا .. فأرسلوا خمسين رجلاً ففتشوا ثلاثة أيامٍ ولم يجدوه .. ولما رجعوا إليه وهو ماكث في أريحا قال لهم أما قلت لكم لا تذهبوا .. وقال رجال المدينة لأليشع هوذا موقع المدينة حَسَن كما يرى سيدي وأما المياه فَرَدِيَّة والأرض مُجدبة » ( 2مل 2 : 6 – 19) من هذا الجزء نرى نموذج للتلمذة بأن يكون الشخص بيشرب من روح مُعلمه .. إن الخدمة تلمذة وأيضاً الحياة المسيحية كلها لأنها حياة تُعاش .. والحياة يلزمها ممارسة وتسليم وقدرة .. نموذج .. لذلك نتحدث في ثلاث نقط :-
1. ضرورة التلمذة .
2. شروط التلمذة .
3. بركات التلمذة .
إيمان قائد المئة
إنجيل العشية من إنجيل معلمنا مارلوقا 7 يتكلم عن قائد المئة .. هذا الرجل من الفئة المجهولة في الكتاب .. هو رجل له إيمان عظيم مدحه الرب لكن لا يعلم عنه أحد الكثير .. هو من فئة خائفي الله .. هذه القصة بها ثلاثة نماذج مهمين .. تحكي القصة عن رجل قائد مائة روماني الجنسية لكن له إيمان ومحبة .. محب لليهود .. له إبن مريض وأشرف على الموت .. نعم هو لم يرى يسوع لكنه سمع عنه وآمن به وبحكم عمله فهو قريب من حكام أورشليم وله علاقة برؤساء اليهود فسألهم من أجل إبنه المريض أن يتحدثوا مع رب المجد يسوع لكي يذهب ويشفي إبنه صار بذلك رؤساء اليهود في مأزق لأنهم كانوا ضد ربنا يسوع فإن طلبوا من رب المجد يسوع أن يذهب لقائد المئة ليشفي إبنه إذاً هم يؤمنون به فلن يستطيعوا أن يهيجوا الشعب ضده .. وإن لم يذهبوا له فإنهم بذلك يخسرون مصالحهم مع قائد المئة لأنه كان قد بنى لهم مجمع .. فماذا يفعلون ؟ كان اليهود يجرون وراء مصالحهم فذهبوا ليسوع ﴿ فلما جاءوا إلى يسوع طلبوا إليه باجتهاد قائلين إنه مستحق أن يُفعل له هذا ﴾ ( لو 7 : 4 ) .. لم يخيروا ربنا يسوع أن يذهب إليه أم لا بل طلبوا بإلحاح واجتهاد ﴿ لأنه يحب أمتنا وهو بنى لنا المجمع ﴾ ( لو 7 : 5 ) .. إذاً إيمانهم يعلن أنهم يعلمون أن يسوع قادر أن يفعل .. وعجيب هو ربنا يسوع أن يذهب معهم رغم علمه بنواياهم وذهب معهم .. هنا يظهر ثلاث مواقف مختلفة :-
القداسة طريق
شهر أبيب شهر مملوء بالقديسين العظماء :-
5 أبيب إستشهاد الرسولين بطرس وبولس .
7 أبيب نياحة القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين .
8 أبيب تذكار الأنبا بيشوي حبيب مخلصنا الصالح .
8 أبيب تذكار نياحة الأنبا كاراس السائح .
8 أبيب تذكار القديسين بيرو وآتوم .
القداسة منهج وطريق وحياة وسلوك .. والكنيسة عملها الرئيسي أن تصنع قديسين .. وكلما أحببت الكنيسة كلما أحببت القديسين .. وكلما أحببت القديسين أحببت الكنيسة .. وكلما أحببت المسيح أحببت الكنيسة وأحببت القديسين .. الكل يوصل إلى بعضه .. القديسين يأخذوك إلى المسيح والكنيسة أيضاً تأخذك للمسيح طريق القداسة هو طريق الوصية طريق رسمه لنا يسوع طريق جهاد وتعب ودموع ونسك .. أحياناً مع ضغوط الحياة يستحسن الإنسان طريق آخر ويترك نفسه للضغوط ولرغباته وكسله .. لكن لا .. نحن كلنا مدعوين للقداسة وليس البعض منا فقط بل على كل مسيحي أن يحيا القداسة قداسة الفكر والقلب لا يمر يوم على الكنيسة بدون تذكار شهيد أو قديس .. الكنيسة غنية بأولادها هؤلاء عاشوا الطريق الضيق بحب وكأنهم صف عيونهم على المسيح وهم يقودون بعضهم البعض .. الخوف علينا نحن لئلا نكون متفرجين على الطريق فقط .. الخوف أن نكون محتفلين بالقديس فقط دون أن ننال من فضائله شئ وأن تتحول الحياة بالنسبة لنا إلى معرفة ونظريات .. لا .. القداسة حياة وسلوك وطريق ضيق يستحسن أن يحياه الإنسان بإرادته الأنبا شنودة رئيس المتوحدين عندما كان طفل صغير كان يعطي طعامه للرعاة ويظل يومه صائم .. كيف يتعود طفل صغير على العطاء ويعيش النسك ويتخلى عن طفولته وعندما يصلي كانت أصابعه تضئ نور ونار ؟ تركه أبوه ليرعى الخراف فكان يتأخر في ميعاد العودة وسأل أبوه الراعي لماذا يتأخر ؟فقال الراعي أنه يتركه مبكراً ليعود لمنزله .. فراقبه أبوه فوجده في طريق عودته يذهب إلى الجبل وهناك يصلي وتضئ أصابعه .. حياة جدية هناك قضية تشغله وإله يعبده صار إله حقيقي بالنسبة له يشعر به ويتكلم معه فإرتفع عن ثقل الجسد الأنبا بيشوي كان يربط شعره بسقف القلاية لكي لا يغلبه النعاس .. عندما يلتهب القلب بحرارة النعمة يشعر بثقل أعمال الجسد فيميل للكمال بالروح وكما يقول الآباء ﴿ إن النفس موضوعة بين الجسد والروح إن مالت النفس لأعمال الجسد صار الإنسان جسداني وإن مالت النفس لأعمال الروح صار الإنسان روحاني ﴾ .. ولنسأل الأنبا شنودة ما هي إشتياقاتك ؟ يجيب أشتاق أن أقف مع ربنا يسوع أصلي وأبكي وأتوب .. إنسان روحاني .. ولتسأل نفسك ما هي إشتياقاتك ؟ ستعرف إن كنت إنسان جسداني أم روحاني الأنبا كاراس ظل خمسون عاماً لم يرى فيها إنسان .. كيف يعيش هكذا ؟ لن يعيش دون أن يرى وجه إنسان إن لم تكن له تعزيات ومسرات روحية .. ﴿ الله ملهيه بفرح قلبه ﴾ ( جا 5 : 20 ) لم يكن يحيا الملل والضجر بل كان في قمة الفرح ولتسأله ماذا يزعجك ؟ يقول أن لا أعرف كيف أصلي .. إنسان غالب نفسه وبالتالي غلب طبعه وبالتالي غلب شهواته فغلب العتيق وعاش جدة الروح الروح الجديد بالنسبة له لذيذ مفرح .. هذه هي روح القداسة .. هذه هي روح القداسة التي تضع الكنيسة لها نماذج أمامك كل يوم كي تسير خلفها .. الكنيسة غنية مملوءة نماذج مفرحة ما من ميول إلا وتجد لها نماذج قديسين .. الهادئ والشجاع والتقي والجليل والوديع .. كل من هذه الطباع تجد لها نموذج قديس .. تجد من كان شرير مثل القديس موسى الأسود .. والهادئ الوديع مثل الأنبا بيشوي .. تجد نماذج كهنة ونماذج جنود ونماذج شيوخ ونماذج عذارى وأطفال وأمهات وكلها نماذج والكنيسة تقول لك إختر منها ما تريد أن تكون مثله .. كلها نماذج جاهدت ووصلت بتعب الأنبا شنودة أحب يسوع منذ طفولته .. طريق الفضيلة به تعب لكن أيضاً به تعزيات .. نعم دائماً الجسد يشكو ويقف ضدنا لكن مغبوط هو الإنسان الذي غلب الجسد وارتفع عنه فيدوس بعز على الجسد وبالتالي يدوس بعز على الشهوات ويذوق إنتصار الروح قال الله لنوح إدخل الحيوانات إلى الفلك .. الدور الأول أدخل الحيوانات النجسة وفي الدور الثاني أدخل الحيوانات الغير نجسة والدور الثالث إدخل الطيور .. هكذا نحن لابد أن ننتقل من دور إلى دور .. من سلطان الجسد إلى سلطان الروح .. أنظر الأنبا بيشوي وتمثل به .. إحذر أن يمر تذكار قديس دون أن تأخذ نصيبك منه .. إعمل له تمجيد وقل له علمني حلاوة الصلاة .. أنا جسدي ثقيل فكيف كنت تغلبه وتقف للصلاة أيام ؟ يقول أنا كنت لا أطيع الكسل ولا أختم الصلاة بسرعة بل كنت أجاهد لكي أنال بركة أكثر .. كل نفس تخطت حاجز الملل تجد بركة تنتظرها عندما تكون هناك مسابقة بها أسئلة وكل مجموعة أسئلة لها هدية إن توقفت من السؤال الأول لن تنال أي هدية لكن إن جاهدت وجمعت معلومات ستنال جوائز وهدايا .. فجاهد واغلب الملل لتنال بركة ونعمة أكثر ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين
كيف تنظر إلى نفسك ج2
رأينا أن جدعون وموسى النبي وأرميا و رأوا أنفسهم صغار لكن الله يرى الإنسان جميل ومقبول .. نحن نرى أنفسنا في حالة رديئة عكس ما يرى الله .. سفر العدد 13 أرسل موسى النبي إثني عشر رجلاً ليتجسسوا أرض الميعاد ولما عادوا قال عشرة منهم أن الأرض جيدة جداً لكن نحن صغار أمام شعبها .. ﴿ ثم رجعوا من تجسس الأرض بعد أربعين يوماً فساروا حتى أتوا إلى موسى وهارون وكل جماعة بني إسرائيل إلى برية فاران إلى قادش وردوا إليهما خبراً وإلى كل الجماعة وأروهم ثمر الأرض وأخبروه وقالوا قد ذهبنا إلى الأرض التي أرسلتنا إليها وحقاً إنها تفيض لبناً وعسلاً وهذا ثمرها غير أن الشعب الساكن في الأرض معتز والمدن حصينة عظيمة جداً وأيضاً قد رأينا بني عناق هناك العمالقة ساكنون في أرض الجنوب والحثيون واليبوسيون والأموريون ساكنون في الجبل والكنعانيون ساكنون عند البحر وعلى جانب الأردن لكن كالب أنصت الشعب إلى موسى وقال إننا نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها وأما الرجال الذين صعدوا معه فقالوا لا نقدر أن نصعد إلى الشعب لأنهم أشد منا فأشاعوا مذمة الأرض التي تجسسوها في بني إسرائيل قائلين الأرض التي مررنا فيها لنتجسسها هي أرض تأكل سكانها وجميع الشعب الذي رأينا فيها أناس طوال القامة وقد رأينا هناك الجبابرة بني عناق من الجبابرة فكنا في أعيننا كالجراد وهكذا كنا في أعينهم ﴾ ( عد 13 : 25 – 33 ) .. أليس أحياناً ننظر لأنفسنا نفس هذه النظرة أننا كالجراد ؟ الله أرسل هؤلاء الرجال لمهمة وكان يريد أن يسمع منهم أن الأرض جيدة إن سُر الله بنا يعطيها لنا وأنه أعطاها لهم لمسرته بهم كمكافأة لكنهم للأسف إستضعفوا أنفسهم وقالوا نحن كالجراد في أعين سكانها أحياناً ينظر الإنسان لنفسه نظرة دونية نظرة صغيرة رغم أن الله صنع الإنسان ليمجده ويعلن مجده به .. في حين أن في سفر الخروج مع حروب يشوع نسمع أن سمعة شعب بني إسرائيل كانت مرعبة للأمم رغم أنهم رأوا أنفسهم ضعفاء ولنرى راحاب الزانية عندما ذهب لها الجاسوسان قالت لهم﴿ رعبكم قد وقع علينا ﴾ ( يش 2 : 9 ) .. ﴿ سمعنا فذابت قلوبنا ﴾ ( يش 2 : 11) الله عمل معهم وجعل لهم صيت قوي أنهم مرعبون .. بينما نحن نرى أنفسنا عكس ذلك رغم أن الله أعطانا قوة رائعة هي إسم يسوع ورشم الصليب أحد الآباء يقول أتعجب من الإنسان الذي فُدِيَ على الصليب والشيطان يعرف قوة الصليب أكثر منه .. لا أحد يعرف قوة الصليب مثل الشيطان هذه النظرة الدونية تجعل الإنسان يفقد كرامته ومجده .. كيف والإنسان هو محبوب الله والله كلله بالكرامة وقال لذتي في بني آدم وأنا أقول أنا كالجراد وأخاف الناس ؟ لذلك قال الكتاب أن كالب ويشوع بهما روح الله ولذلك قالا أننا قادرون أن نمتلكها .. ﴿ قد زال عنهم ظلهم ﴾ ( عد 14 : 9 ) .. أحياناً يحاربني عدو الخير فأشعر إني حشرة وأحياناً أشعر بقوتي بعمل الله معي .. إصغِ لله لترى كيف يريد أن يستخدمك وعندما تعرف إمكانياتك التي أعطاك الله إياها ستفرح .