العظات
اليَقَظة الرُّوحِيَّة
مِنْ رِسالة بُولِس الرَّسُول إِلَى أهل رُومِيَةَ 13 : 11 – 14 [ هذَا وَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ الوَقت أنَّهَا الآنَ سَاعَة لِنَسْتَيقِظَ مِنَ النَّوْمِ . فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا . قَدْ تَنَاهَى الَّليْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ فلنخلع أعمال الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أسْلِحَةَ النُّورِ . لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ لاَ بِالبَطَرِ وَالسُّكْرِ لاَ بِالمَضَاجِعِ وَالعَهَرِ لاَ بِالخِصَامِ وَالحَسَدِ . بَلِ البَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ المَسِيحَ وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيراً لِلجَسَدِ لأِجْلِ الشَّهَوَاتِ ] هذِهِ الآيات مديُون لَهَا القِدِيس أُوغُسطِينُوس بِتوبته أحدثت فِيهِ زِلزال فقد وَجَدَ القِدِيس بُولِس يَقُول لَهُ أنَّهَا الآن ساعة لِنَستَيقِظ قَدْ تَنَاهَى الَّليْلُ وَتَقَارب النَّهَارُ أي كَفَى ظُلمة .. فلنخلع أعمال الظُلمة وَنَلْبَسْ أسلِحة النُّور .. مِنْ أصعب الأُمور الَّتِي تَزعِجنا رُوحِيّاً الغفلة الرُّوحِيَّة وَلِنَتَعَرَّف الآن عَلَى :-
لَيْسَ لَهُ إِنسان
الرَّبَّ يَسُوع ذهب لِمَرِيض بِركِة حسدا .. وَ " بيت حسدا " بِالعِبرِيَّة تعنِي " بيت الرحمة "يَتَجَمَّع حول البِركة مرضى بِأنواع كَثِيرة عُمي وَعُرج وَعُسم .. جَاءَ يَسُوع وَدخل فَوجد عُمي وَعُرج وَعُسم كَثِيرُون لَكِنَّهُ إِختار مرِيض لَهُ 38 سنة فِي مرضه .. يأتِي المَلاَك وَيِحَرَّك الماء وَالَّذِي ينزِل أوَّلاً يبرأ لَكِنْ الَّذِي لَهُ 38 سنة مرِيض مَنْ الَّذِي يُسَاعِده لِيَنزِل الماء ؟ إِذا ساعده أحد وَلَمْ يبرأ يَقُول هُوَ السبب وَإِذا جَاءَ مرِيض آخر وَسبقهُ وَنزل الماء يَقُول لَهُ لِماذا أخَّرتنِي وَيِعتِب عليه .. لِذلِك تَخَلَّى عنْهُ الكُلَّ وَلَمْ يوجد أحد مُتَعَاوِن مَعْهُ لِذلِك ذهب لَهُ السَيِّد المَسِيح مُباشرةً الكِتاب المُقَدَّس يَتَكَلَّم عَنْ أنواع المرضى حول بِركِة حسدا وَيَقُول عُمي وَعُرج وَعُسم وَلِنرى مَنْ هُمْ هؤلاء فِي الفِكر الرُّوحِي ؟
عُمي هُوَ إِنسان لاَ يرى وَفِي الفِكر الرُّوحِي هُوَ مَنْ لَيْسَ لَهُ تمييز وَلاَ يرى الله فِي قلبه وَلاَ ينظُر لِلأُمور الغِير مرئِيَّة بَلْ يرى الأرضِيات فقط بينما بُولِس الرَّسُول يَقُول [ وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأشياءِ الَّتِي تُرَى بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى ] ( 2كو 4 : 18 ) .
العُرج هُوَ إِنسان يمشِي بِعَرج وَفِي الفِكر الرُّوحِي هُوَ الَّذِي يأخُذ الحياة الرُّوحِيَّة بِغِير جِدِيَّة .. يِعترِف وَيَظِل بعد الإِعتِراف فِترة قَصِيرة مُنتَظِم فِي رُوحِياته ثُمَّ يستهتر شهر أوْ إِثنين ثُمَّ يعُود وَيِعترِف وَيَظِل فِترة أيَّام بعد الإِعتِراف فِي حالة رُوحِيَّة مُرتَفِعة ثُمَّ يستهتر مرَّة أُخرى وَهَكَذَا هذَا عَرج فِي الحياة الرُّوحِيَّة هُوَ مَنْ يأخُذ الأُمور بِغير إِنتِظام .
عُسم هُوَ الَّذِي لاَ يَتَحَرَّك نِهَائِياً أي مُقعد مِنْ الحركة كُلِّيةً .
أصعب هذِهِ الحالات هُوَ الأعسم وَكَانَ هُوَ حال مرِيض بِركِة حسدا الَّذِي لَهُ 38 سنة إِذاً السَيِّد المَسِيح ذهب لأِصعب حالة فِي المرضى وَسَألهُ سؤال عَجِيب [ أتُرِيدُ أنْ تَبْرَأ ] ( يو 5 : 6 ) .. نُجِيب نَحْنُ إِذاً لِماذا هُوَ موجُود عِندَ البِركة ؟ هذَا المرِيض هُوَ إِنسان مَلَكَ عَليه رُوح اليأس وَالفشل وَلَيْسَ لَهُ رجاء فِي أحد وَيأتِي لِلبِركة كُلَّ مرَّة كَأدَاء وَاجِب لَكِنْ لَيْسَ لَهُ رجاء فِي الشِفاء العَجِيب أنَّ السَيِّد المَسِيح يَقُول لَهُ [ قُم احمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ ] ( يو 5 : 8 ) تَخَيَّل إِنسان لَهُ 38 سنة نَائِم مُقعد وَالمُخ لديهِ تَكَيَّف مَعَ هذَا الوضع صعب نَقُول لَهُ قُمْ إِحمِل سَرِيرك وَامشِي إِذا آلمت إِنسان رِجله وَظلَّ فِترة أسبُوعين أوْ أكثر بِدُون حركة عِندما يبدأ السير يخاف أنْ يضع قَدَمه عَلَى الأرض وَيَسِير عليها لأِنَّ المُخ تَكَيَّف مَعَ الأمرأمَّا الَّذِي لَهُ 38 سنة مُقعد فَهَذَا قَدْ نسى الحركة تماماً وَالسَيِّد المَسِيح يَقُول لَهُ قُم إِحمِل سَرِيرك وَأيضاً إِمشِي .. عَجِيب أنتَ يَا الله وَكَمَا يَقُول المزمُور [ جَبَرُوت خَلاَص يَمِينه ]( مز 19 – مِنْ مَزَامِير الثَّالثة ) وَكَأنَّهُ يُعلِن خَلاَصه لِلكُلَّ .
كَثِيراً مَا نُصاب بِرُوح اليأس وَالفشل فِي حياتنا الرُّوحِيَّة وَنشعُر أنَّهُ لَيْسَ لَنَا إِنسان وَلَيْسَ لَنَا رَجاء وَلَيْسَ لَنَا شِفاء بينما المزمُور يَقُول [ قَالَ الجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ لَيْسَ إِلهٌ ] ( مز 14 : 1) .. [ كَثِيرُونَ يَقُولُونَ لِنَفْسِي لَيْسَ لَهُ خَلاَصٌ بِإِلهِهِ ] ( مز 3 : 2 ) .. هُنَا نَتَكَلَّم عَنْ ثَلاَث نِقاط مُهِمِين :-
الرجاء الذى لا يخزى
بِنِعْمِة رَبِّنَا نِتكَلِّم النَّهَارْدَة فِي مَوْضُوع " الرَّجَاء الَّذِي لاَ يُخْزَى "فِي حَيَاتنَا الرُّوحِيَّة كِتِير نُوَاجِه ضَعْف أوْ إِحْبَاط أوْ يَأس أوْ فَشَلْ فَاكِتِير جِدّاً نِلاَقِي نَفْسِنَا يَأسَانِين مِنْ نَفْسِنَا مَفِيش رَجَاءعَنْدِنَا إِحْسَاس إِنْ إِحْنَا مَفِيش فَايْدَة فِينَا مَهْمَا عَمَلْنَا وِحْشِين وَمَهْمَا هَا نِعْمِل بَرْضُه وِحْشِين وَصَعْب إِنْ إِحْنَا نَسْتَمِر فِي الحَيَاة دِي لَمَّا وَاحِد يِجَرَّب حَاجَة وَيِنْجَح يِفْرَح لَكِنْ يِجَرَّب وَيِفْشَل يُحْبَط أحْيَاناً فِي حَيَاتنَا مَعَ رَبِّنَا نِكُون مِش عَارْفِين نِنْجَح فِي حَيَاتنَا الرُّوحِيَّة وَبِالتَالِي نِيأس وَاحِد مِنْ الآبَاء القِدِّيسِين يِكَلِّم رَبِّنَا وَيقُولَّه أنَا عَامِل زَي الَّلِي عَايِز يِجْمَع مِيَاه فِي مَنْدِيل أوْ يِطْلَع السَّمَا بِرِجْله أحْيَاناً إِحْنَا بِنكُون زَي الَّلِي عَايِز يِجْمَع مِيَاه فِي مَنْدِيل وَاحِد مِنْ الآبَاء القِدِّيسِين يِقُول عِبَارَة – أشْعُر إِنَّهَا قَرِيبَة جِدّاً لِحَالِتنَا الرُّوحِيَّة – { أنَا لَيْسَ لِي مَسَرَّة بِسُقُوط وَلَيْسَ لِي قُدْرَة عَلَى قِيَام } نِتكَلِّم فِي 3 نُقَط :-
التداريب الروحية
وَاحْنَا فِي فِترِة الصُوم المُقَدَّس يَلِذ لَنَا الحَدِيث عَنْ التَدَارِيب الرُّوحِيَّة وَفَوَائِدْهَا وَخِبْرَاتهَا الرُّوحِيَّة لَنَا بِنِعْمِة رَبِّنَا .. جَمِيل جِدّاً أنْ تُدَرَّب النَّفْس عَلَى الفَضِيلة وَكُلَّمَا كَانَ التَدرِيب مُتقِن تَكُون المُمَارسة مُتقِنة .. يَقُول مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول فِي أعمَال الرُّسُل الأصْحَاح 24 : 16{ أُدَرِّبُ نَفْسِي لِيَكُونَ لِي دَائِماً ضَمِيرٌ بِلاَ عَثْرَةٍ مِنْ نَحْوِ اللهِ وَالنَّاسِ } جَمِيل جِدّاً أنْ تَتَدَرَّب النَّفْس عَلَى مُمَارَسَات رُوحِيَّة لِتَتَحَوَّل المَعرِفة الرُّوحِيَّة فِي حَيَاتهَاإِلَى سُلُوكِيَات تَثْبُت فِيهَا لِتُصبِح جُزء مِنْ حَيَاتهَا .. مِنْ طَبعَهَا أي يُسَهِّل فِعل الفَضِيلة وَتُصبِح الفَضِيلة تَعِيش دَاخِل هذِهِ النَّفْس .. مَا أجمل قَول مُعَلِّمنَا دَاوُد النَّبِي بَعْد تَدَرُّبه عَلَى فَضِيلِة الصَلاَة أنْ يَقُول{ أَمَّا أَنَا فَصَلاَة } ( مز 109 : 4 ) وَذلِك مِنْ كَثرِة تَدرِيب نَفْسه عَلَى الصَلاَة أصبَحِت هِيَ حَيَاته .. كَمْ هذَا رَائِع يَا أحِبَّائِي يَقُول مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول فِي رِسَالته إِلَى الْعِبْرَانِييِّنَ { وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ } ( عب 5 : 14)مُؤكِّداً عَلَى أهمِيِة التَدرِيب لِلحُصُول عَلَى حَوَاس مُقَدَّسة فِي الرَّبَّ .. فَمَثَلاً العِين تَحْتَاج إِلَى تَدرِيب عَلَى العِفَّة وَعَدم الشَّهوة .. الضَمِير يُدَرَّب لِيُصبِح بَعِيد عَنْ الإِدَانة وَعَدم التَفَكُّر بِالشُّرُور وَهَكذَا بَقِيِة الحَوَاس .. مُعَلِّمنَا دَاوُد النَّبِي فِي مَزْمُور 25 يِقُول لِرَبِّنَا { دَرِّبْنِي فِي حَقِّكَ وَعَلِّمْنِي }( مز 25 : 5 ) .. " دَرِّبْنِي يَارْب " أنَا عَايِز أدَّرَّب .. التَدرِيب يَا أحِبَّائِي يُمكِنْ أنْ يُحَوِّل الوَحش الشَرِس إِلَى حَيَوَان مُطِيع لِلأوَامِر الَّتِي تُمْلَى عَلِيه كَمَا نَرَى فِي الأُسُود المُدَرَّبة كَيْفَ إِنَّهَا تُطِيع مُدَرِبهَا فِي كُلَّ مَا يَقُول .. هذَا مَا يَفعله التَدرِيب المُستَمِر مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول يَقُول فِي رِسَالِة فِيلِبِّي { تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِياً بِمَا أَنَا فِيهِ }( في 4 : 11) .. إِدَّرَّبت مُمْكِنْ أجُوع .. مُمْكِنْ أعْطَش .. إِدَّرَّبت .. الحِكَايَة بِالنِسْبَة لِيَّ مِش صَعْبَة .. إِدَّرَّبت .. الإِنْسَان مُحْتَاج جِدّاً عَلَى التَدْرِيب فِي الفَضِيلَة لِغَايِة لَمَّا تُبْقَى الفَضِيلَة دِي جُزء مِنْ الحَيَاة وَجُزء مِنْ السُلُوك وَالإِنْسَان يَتَعَوَّدْهَا مَعَ الزَمَن وَيَسْهُل فِعْلَهَا .