المقالات
11 فبراير 2023
انجيل عشية الأحد الأول من شهر أمشير
و تتضمن الحث على الأعراض عن العالميات وتذكـر القيامة والمجازاة . مرتبة على فصل انجيل ركـوب السفينة . ( يو ٦: ١٥-٢١ ).
إذا كان الذين سمعوه أقوال ربنا زمناً يسيراً تركـوا كـل شـئ وتبعـوه متزرعين بسلاح الشجاعة . ومسرعين إلى السماع بـــــــالقبول وقـد ظـهرت أثـار تصديقهم وثمرات إيمانهم فأنهم القوا انفسهم في البحار الزاخرة . وصـادموا أهـوال تلاطيم الأمواج وعواصف الرياح . ومشوا على المياه الكائنة في الأعماق . وقـاوموا الملوك وقهروا الفلاسفة . وجذبوا سلاطين العالم إلى العمل بمرادهم فما بالنا نحـن الذين نسمعه يخاطبنا دائماً . تارة بذاته وتارة برسله . وتارة بأنبيائه . وتـارة بعظـات التابعين له . ونحن مع ذلك لا نتيقظ من غفلتنا ونسارع إلى ما فيه خلاصنا وحتـى م لا نبتعد عن الميل إلى التنعم والسكر وحب الغني والاهتمام بأجسامنا الباليـة . إذا لا ينبغي لنا أن نقر معترفين بالدخول تحت نير المسيح ونوجد مخالفين له . لأنـه قـد أشترط على مطيعيه أن يكفروا بذواتهم ويهملوا شهوات نفوسهم ويتبعـوه حـاملين صلبانهم ( ۱ ) , ومعلوم أنه حيث يكون الكفر بالنفس فلا لذة توجد هناك ولا سـكر ولا غنى وغير ذلك من المحبوبات العالمية . وحيث يوجد الميل مع الشـهوات واللـذات الدنياوية فهناك توجد المناقضة لشروط المسيح . وإذ نقصنا شروط ربنـا خالفناهـا بأعمالنا الأثيمة . فكيف نوجد بهجين مسرورين ؟ وهل نكون فـى حالتنـا تلـك إلا بمنزلة الأطفال الذين يخالفون آباءهم ويفعلون ما يشتهون ؟ وهم مع ذلـك غـافلون ذاهلون عن عقوباتهم الواقعة بهم وشيكاً . وإلا فكيف يحسن بالعقلاء الإلتـذاذ بنيـل الشهوات الخسيسة مع الخلود في عذاب الجحيم . وكيف اننا لا نصور فـى عقولنـا دائماً إنقراض آجالنـا ؟ وانقطـاع حياتنـا بسـرعة . وفسـاد أجسـامنا . وتفـرق
أوصالناإذا كان الذين سمعوه أقوال ربنا زمناً يسيراً تركـوا كـل شـئ وتبعـوه متزرعين بسلاح الشجاعة . ومسرعين إلى السماع بـــــــالقبول وقـد ظـهرت أثـار تصديقهم وثمرات إيمانهم فأنهم القوا انفسهم في البحار الزاخرة . وصـادموا أهـوال تلاطيم الأمواج وعواصف الرياح . ومشوا على المياه الكائنة في الأعماق . وقـاوموا الملوك وقهروا الفلاسفة . وجذبوا سلاطين العالم إلى العمل بمرادهم فما بالنا نحـن الذين نسمعه يخاطبنا دائماً . تارة بذاته وتارة برسله . وتارة بأنبيائه . وتـارة بعظـات التابعين له . ونحن مع ذلك لا نتيقظ من غفلتنا ونسارع إلى ما فيه خلاصنا وحتـى م لا نبتعد عن الميل إلى التنعم والسكر وحب الغني والاهتمام بأجسامنا الباليـة . إذا لا ينبغي لنا أن نقر معترفين بالدخول تحت نير المسيح ونوجد مخالفين له . لأنـه قـد أشترط على مطيعيه أن يكفروا بذواتهم ويهملوا شهوات نفوسهم ويتبعـوه حـاملين صلبانهم ( ۱ ) , ومعلوم أنه حيث يكون الكفر بالنفس فلا لذة توجد هناك ولا سـكر ولا غنى وغير ذلك من المحبوبات العالمية . وحيث يوجد الميل مع الشـهوات واللـذات الدنياوية فهناك توجد المناقضة لشروط المسيح . وإذ نقصنا شروط ربنـا خالفناهـا بأعمالنا الأثيمة . فكيف نوجد بهجين مسرورين ؟ وهل نكون فـى حالتنـا تلـك إلا بمنزلة الأطفال الذين يخالفون آباءهم ويفعلون ما يشتهون ؟ وهم مع ذلـك غـافلون ذاهلون عن عقوباتهم الواقعة بهم وشيكاً . وإلا فكيف يحسن بالعقلاء الإلتـذاذ بنيـل الشهوات الخسيسة مع الخلود في عذاب الجحيم . وكيف اننا لا نصور فـى عقولنـا دائماً إنقراض آجالنـا ؟ وانقطـاع حياتنـا بسـرعة . وفسـاد أجسـامنا . وتفـرق . ورهيب مجلس القضاء . وجلوس الديان للمحاكمة . واجتماع الأمم . ودوام سعادة المطيعين . وطول شقاوة العاصين . فنتيقظ من ثق نومنا ونفعل مراد ربنا . فإن قلت ياهذا اني فعلت جرائم كثيرة ولا اعلم كيف اتخلص منها ؟ قلت : أنـا أرشدك إلى مسالك الخلاص . وهو أن تستحضر خطاياك في ذهنـك وتعدهـا فـي فكرك . ثم تهرب من قبحها وتبتعد عن سماجتها وتقرع باب رحمة المسيح بالبكـاء والندم والصوم والصلاة والعفة والطهارة والرحمة والمحبة وأمثال هذه . ثـم تـذكـر واحدة واحدة من خطاياك أمام الكاهن وتسارع إلى فعل اضدادهـا . فتقـابل الزنـا بالعفة . والدعارة بالطهارة . والكبرياء بالتواضع . والطمع بالقناعة . والغضب بـالحلم . والحسد بالمحبة وهلم جرا . ثم تضبط الشهوات وتبتعد عن الزوجة وقتاً محدداً . البكاء والصلوة والصوم . وإن كنت اقتنيت مالا بطريق الظلم فتصدق بقدره اضعافـاً من حاصل قناياك . وإن كنت اتبعت الشهوات الأخرى . ولبسـت الثيـاب الفـاخرة . ونوعت ألوان المأكل وسكرت من الخمر ونظرت إلى النساء بعين الفسق فاسـتعمل الأصوام والصلوات والتقشف في المآكل . والتزهد عن رفيع اللباس . وغض الطـوف عن النظر إلى النساء دائماً . وإن كنت قد اسأت إلى غيرك فاصفح عـن المسـيئين اليك وبارك لاعنيك . إياك وأن تهمل شيئاً من ذلك لأن حالات النفوس المهملة مـن التقويم والادب كحالات الاجسام وأعراضها . فكمـا ان الانسـان إذا اهمـل أمـور جسمة . وأستعمل الإكثار من الطعام طيباً ورديئاً . ثم أعرض عن استعمال الأدوية النافعة والمسهلات اللازمة . تولدت العفونة واحترقت الاخلاط داخله . وتفاقمت الامراض عليه . وعزت المداواة وآل حاله إلى الهلاك . كذلك حال النفوس فإنـها إذا لم تقوم بالتعليم والادب . وتتريض بالطهارة والعفة . تغرق بسرعة في بحار الذنـوب و وتتلوث بأوساخ المساوئ " " وتكثر من الخطايا المميتة كـالمرأة الصدئـة التـي لا يمكن للصاقل صقلها فإذا علمنا مما تقدم أن الأدب نافع لنا وعائد بالخير علينـا فـلا نضجـر والحالة هذه من تأديب ربنا . لأنه كما أن الأب الشفوق يؤدب ولده المحبـوب عنـده لخيره وفائدته . محبة منه وشفقة عليه كذلك الآب السماوى فإنه يؤدبنا لكـى نرجـع إليه . وندخل في طاعته ليترآءف علينا ويرحمنا ويهبنا سعادة الملكوت والنعيم بنعمـة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد والوقار . إلى الأبد آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
08 فبراير 2023
انجيل باكر اليوم الثالث من صوم نينوى
تتضمن الحث على التوبة من قول الأنبـا بطـرس بطريرك انطاكية مرتبة على انذار النبـي لأهـل نینوی بانه : بعد أربعين يوما تنقلب نينوى مرتبة على قوله تعالى بفصل الإنجيل : " أحمـدك أيها الآب رب السموات والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء ... " ( يون ٢ : ١-٤ ومت ١١ : ٢٥-٣٠ ).
أيها الأحباء : إن لم نجعل ملكوت السموات وخيرتها نصب أعيننا فـي كـل حين ونجعل عيوننا ناظرة اليها . فلا نستطيع أن نتعب لأجلها . وإن لـم نتصورهـا دائماً في عقولنا فلا نكد مجتهدين اليها . لذلك العقوبات المعدة لخطاة . إن لم نجعل ذكرها وخوفها في قلوبنا على الدوام . فلا نقدر أن نترك الخطايا التي نفعلها . يا أحبائي بأي حجة نحتج أمام الرب إلهنا إذا كنا لـم نـتـب ونرجـع عـن خطايانا . ونحن نسمع ربنا في كل يوم يقول لنا : " قد كمل الزمان واقترب ملكوت السموات فتوبوا وآمنوا بالانجيل" فاهتموا إذن بنفوسكم قبل الرحيل . لأن سيدنا يحذرنا دائماً بقوله . " أدخلــوا من الباب الضيق . لأنه واسع الباب ورحب الطريق الـذي يـؤدى إلـى الـهـلاك . وكثيرون هم الذين يجدونه وهي نعم أن حلاوة هذا العالم لذيذة . ولكنها يسيرة وتضمحل سريعاً . تؤدى إلى الهلاك . أما الطريق الصعبة الضيقة فإنها عن قريب تؤدى إلـى الفـرح الدائم . وصعوبتها زمن يسير وشقاء منقطع ثم يعقبها فرح دائم لا يزول . أيها الأحباء لو فرضنا أن واحداً منا وقع في شدة . أما كان يعمل على الفرج منها بكل جهده مع انها لزمن يسير ثم تزول سريعاً . فكيف نختـار نـحـن أن نلقـى نفوسنا في الشدائد الصعبة والعذاب الطويل الدائم الذي لا نفاذ لـه . ونثـابر عليـه ونتهافت . ونتمادى فيه وبه نتفاخر . أيها الأخوة أما يمكنكم أن تتشبهوا بأهل نينوى . أولئك القوم الذين كانوا مـن قبل عصاة ظلمة . ولما سمعوا الإنذار بالعقاب التهيت قلوبهم بنار الخـوف مـن الله تعالى . وتصوروا ذلك بعيون عقولهم الرائقة وعـــــــاينوا نتيجـة الخسـف لمدينتـهم والعذاب لنفوسهم . ثم تصوروا نتيجة التوبة الصالحة التي هـي الرحمـة الإلهيـة . فعجلوا بتوبتهم وحصلوا على الرحمة الربانية . أيها الإخوة ليبدأ كل منا بتعجيل التوبة والاعتراف بالذنوب . مـع الإقلاع عنها . فإن السيد له المجد يقول في الانجيل المقـدس : " أحمـدك أيـها الآب . رب السماء والأرض لانك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء واعلنتها للأطفال . نعم أيـها الآب لان هكذا صارت المسرة أمامك " یعنیى بذلك أشكرك يا أبي لانك سمحت أن تخفى أسرار ملكوتك السـماوى ، ومواهب نعمتك العظيمة عن المدعين الحكمـة والفـهم مـن الكتبـة والفريسيين المتكبرين القاطنين بكفر ناحوم . وأظهرتها لتلاميذي المؤمنين بي وللمتواضعين مـن الشعب الساذج . نعم أيها الآب هكذا أردت وصنعت كل ما صنعته بإستقامة . لانــك شئت أن تواضع المتكبرين وترفع المتضعين . وقال ايضاً في الكتاب المقدس : تعالوا إلى يا جميـع المتعبيـن والثقيلـى الأحمال وأنا أريحكم . احملوا نيرى عليكم وتعلموا مني . لانــــى وديـع ومتواضـع القلب . فتجدوا راحة لنفوسكم لان نيرى هین وحملی خفیف فسبيلنا الآن ان نطلب من صانع الخيرات معنا كل حين . أن يبعدنـا عـن الخطايا والركون إليها . وأن يلهمنا العمل بما يرضيه . وان يغفر لنا خطايانا ويمحـو أثامنا . وإن يهبنا القبول أمامه والقربي إليه . وفي يوم الحكم العظيم المرهـوب . وأن يسكنا جميعاً فردوس النعيم . ويسمعنا الصوت البهج القائل تعالوا يا مبــاركي أبـى رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم " . بشفاعة سيدتنا العذراء القديسة مريـم وكافة الشهداء والقديسين . آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
07 فبراير 2023
انجيل باكر اليوم الثاني من صوم نينوى
تتضمن الحث على التوبة . مرتبة على فصل الإنجيل الوارد به مثل شجرة التين . ( لو ١٣ : ٦-٩ ).
إذا كان ربنا له المجد ضرب لنا المثل بشجرة التين العديمة الثمر . وأوضـح لنا بأن الرب الكرم لما لم يجد فيها ثمراً أمر بقطعها . فكيف يكون جوابنا لـه نـحـن المهملون لأوامره ؟ وقد تكررت أقواله علينا ووصاياه لنا مدة عمرنا ومع كل ذلـك فنحن غافلون مهملون متوانون . فلا نرجع عن سوء أعمالنا بوعيـده لنـا وتبكيتـه لأعمالنا . وقد خاطبنا بذاته . وأظهر لنا سر القيامة . ووعدنا بـالملكوت . وأعـد لنـا الحياة الدائمة . وفضلنا على الحكماء والفلاسفة . فما بالنا هكذا متهاونين معرضين متغافلين ؟ وكيف لا نتيقظ من نومنا ونفكـر بعقولنا . ونعلم أننا في البلاد الغربية مقيمون . وبأثواب المسكنة مستترون . وعن قليل عن أوطاننا راحلون . وإلى مساكننا مسافرون ؟ ونحن إلى الآن عن حمـل أموالنـا غافلون . وعن نقل أمتعتنا إلى هناك ذاهلون . وإذا كان الذين يعزمون على الارتحال من البلاد الغريبـة إلـى أوطانهم يتكلفون مصاريف السفر الباهظة . ويقاسون أتعاباً كثيرة قبل أن يجدوا أموالهم فـى منازلهم سالمة من الآفات وحيل السراق . فما بالنا نحن نهين الذين ينقلون لنا أموالنـا بلا تعب ولا مشقة في الطرقات السالمة . وبغير أجرة ولا زاد . ونردهم من بيوتن خائبین خاسرین ؟ فإن قلت يا هذا . وأين هؤلاء الذين يفعلون معنا هكذا ؟. أجبتك إنهم الأيتـام والأرامل والفقراء والمساكين والمنقطعون والبائسون والأسرى . وأمثال هؤلاء . وهم لا يحملون الأثقال إلى هناك فقط . بل وبالأثواب البالية التي يأخذونها منك يصنعـون لك هناك أثواباً من النور والبهاء وحللا من المجد . وكذلك يفعلون في كل واحدة مـن قناياك في العوض والمضاعفة بالأمثال من الباقيات . ويا للعجب من كون البعض يرمى أمواله على البضائع وأصناف المتاجر . طلباً للفوائد اليسيرة والمكاسب الحقيرة . وتراهـم يسـافرون إلـى البـلاد البعيـدة ويكابدون الأتعاب ويعرضون أموالهم على الأخذين وتجد بعـض المعـاملين لـهم ينكرون وبعضهم يحلفون كذباً وبعضهم تعطب زراعاتهم وبعضهم تخسر بضائعهم . وترى العاطلين مع كل ذلك يسارعون إلى العطاء . لقد قال المسيح له المجد : " أصنعوا لكم أصدقاء من مال الظلــم حتـى إذا فنيتم يقبلونكم في المظال الأبدية " ! وقال " أعطوا تعطوا كيلا جيداً ملبداً مـهزوزاً فائضاً .. لأنه بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم " وأعوضكم عن الزائل بمـا لا يزول . وعن الواحد بمئة ضعف وترثون الحيوة الأبدية وقـال أيضـاً عـن العشور : " جربوني بهذا قال رب الجنود . إن كنت لا أفتح لكـــم كـوى السـموات وأفيض عليكم بركة حتى لا توسع . وأنتهر من أجلكم الآكل فلا يفسـد لـكـم الأرض . ". " وأعوض لكم عن السنين التي أكلها الجراد الغوغـاء والطيـار والقمص جيشي العظيم الذي أرسلته عليكم " وانتم مع ذلـك لا تسـمعون ولا تعملون . فسبيلنا إذن أن نكون اسخياء في عطايانا وان نرسلها أمامنا لخالقنـا علـى أيدى إخوتنا البائسين . لنأخذ المجازاة عن أعمالنا في النعيم . بمحبة وتعطـف ربنـا يسوع المسيح الذي له المجد دائماً آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
06 فبراير 2023
انجيل باكر الاثنين أول صوم نينوى
تتضمن الحث على التوبة . من قول الأنبـا يؤانس بطريرك الاسكندرية مرتبة على قوله تعالى إلى نبيه یونان : قـم أذهب إلى نينوى المدينة العظيمة وناد عليها لأنه قد صعد شرهم أمامي " وعلى قوله أيضاً بفصل الإنجيل : " لا تعطوا القدس للكلاب ' ( یونان ١ : ١- ١٦ ومت ٧ : ٦-١٢ ) .
اسمعوا ايها الأخوة الأحباء وانظروا بعقولكم وعيونكم إلى عظم مراحم الهنا وكثرة تحننه علينا وكونه يطلب منا دائماً الرجوع اليه من كل القلب وأن لا نتوانـى عن الإقلاع عن ذنوبنا . فلنبدأ إذن بالتوبة ونتشبه بأهل نينوى . أولئك القوم الذين لما كثرت خطايـاهم وتزايدت جداً . وكان في علم الله السابق حسن رجوعهم وتوبتهم . أرسل اليهم نبيـه یونان بن أمتاى منذراً لهم ومحذراً قائلا له : " قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمـة وناد عليها لأنه قد صعد شرهم أمامي " . وكان النبي قد عرف تحنن إلهنا وأنه سيرحمهم عند رجوعهم اليه . فـهرب من وجه الرب إلى ترشيش حتى لا يقول لهم أن الرب يخسف المدينة وأن رحمـة إلهنا كثيرة ثم بعد ذلك يقبل الرب التوبة من عبادة سريعا ويرحمهم فيكــون كـلام النبي كاذباً . انظروا أيها الأحباء إلى رحمة إلهنا وقبوله للتائبين بقلوبــهم وكيـف أنـه يرحمهم ويجعل ذكرهم شائعا إلى أحقاب الدهور .فلنتشبه يا أحبائي بأولئك القوم الذين قد صوموا أولادهم عن ثدى أمهاتهم . وكذلـك بهائمهم وبقرهم وغنمهم فانهم لم يدعوها ترعي شيئا . فنظر الله إلى توبتهم ورحمـهم رحمة زائدة . فيجب على كل منا أن يسأل الرب أن يتوب مثلهم . أيها الأحباء : إذا صمتم فلا تظهروا صيامكم للناس . ولا تعبسـوا وجوهكـم ولا تطلعوا أحداً على أسرار مذهبكم . فإن الإنجيل يقول : " لا تعطوا القدس للكـلاب . ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير . لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفـت فتمزقكـم " . ولا تريدوا بأحد سوءاً . كقول الكتاب : " فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكـذا أنتم ايضاً لأن هذا هو الناموس والانبياء " . فسبيلنا ايها الاحباء أن يبدأ كل منا بتقويم ذاتـه . والرجـوع عـن ذلاتـه . والإقلاع عن هفواته . لكي يتعطف الرب ويتراءف علينا ويرحمنا . فنفوز بملكـوت السموات . ونحظى بمشاهدة الملائكـة المقربيـن والشهداء المكلليـن والقديسـين المنتخبين . بتحنن ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح . الذي له المجـد إلـى أخـر الدهور كلها آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
04 فبراير 2023
انجيل عشية الأحد الرابع من شهر طوبة
تتضمن الحث على طلب العلـوم وتفتيـش الكتـب وتبكيت السحرة والمنجمين والذين يكتبون الحـروز . مرتبة على قوله بفصل إنجيل اليوم : " إن كنت أشهد لنفسى فشهادتى ليست حقا . الذى يشهد لى هو آخر ( يو ٥ : ٣١-٤٦ ).
إذا كان سيدنا له المجد قد بكت الذين أهملوا البحث في الكتب كمـا ينبغـى بقوله لهم : " فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حيوة أبدية . وهي تشـهدؤ لى " وقوله : " لأن موسی كتب عنی . وامثال ذلك . فماذا عساه يبكت المؤمنيـن ؟ ومعنى ذلك هو أنكم لو قرأتم كتب الشريعة قراءة المتفهمين لها . لعلمتم أننـي أنـا المنتظر . لا غيرى . ولأغنتكم شهادة الأقوال الإلهية عن سواها . لمطابقة المكتـوب قديما على الواقع . فما بالنا نحن الآن نعرض عن البحث والتفتيش . حتى صرنا عند المخـالفين لنا في الأيمان أضحوكة وخزيا . ويصدق علينا قول الكتاب : " هلـك شعبي لعـدم المعرفة وإذا كنا إلى الآن نوجد هكذا جهلاء من شدة الكسل . فينبغي لنا أن نبدأ لكـم من الشريعة القديمة بالأسهل والأقرب . وما يصلح للأطفال لا للكاملين . حتى يمكنكـم بهذه الواسطة أن ترتقوا إلى فهم المعاني الخفية والنبوات الرمزية . وكما أن الفلاح إذا نظر إلى قوة الأرض . فأنه يبذر الحبوب بكـثرة . هكـذا نحن إذا رأيناكم إلى فهم ذلك تسارعون . ولإحرازه ترغبون . أما الآن فاسمعوا قـول الله تعالى في أول التعاليم الالهية : " أنا الرب الهك لا يكن لك ألهة أخرى أمامي لا تنطق باسم الرب الهك باطلا . لأن الرب لا يبرئ من نطق باسمه باطلا أكـرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الـرب إلـهك . لا تقتـل . لا تزن . لا تسرق . لا تشهد على قريبك شهادة زور . لا تشته بيت قريبك . ولا أمراتـه ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئا مما لقريبك . لا تلعن رئيسا في شعبك . لا تؤخر ملء بيدرك وقطر معصرتـك . وأبكـار بنيك تعطيني . كذلك تفعل ببقرك وغنمك . سبعة أيام يكون مع أمه وفي اليوم الثـامن تعطيني أياه . وإذا صادفت ثور عدوك أو حماره شاردا ترده إليه . إذا رأيت حمـار مبغضك واقعا تحت حمله .. فلابد أن تحل معه ' لا تأخذ رشوة في القضاء . لأن الرشوة تعمى المبصريـــن وتعـوج كـلام الابرار . وإن وجدت ضالة لا تعرف مالكها فضمها إلى منزلك لتكون عندك إلـى أن يطلبها صاحبها . لأنه لا يحل لك أن تتغافل عن الضال .ومن أخطأ في فعـل واحدة من مناهى الله . أو فعل ما لا يحل يقدم عن خطيته قريابا . وإن خان صاحبه في وديعة أو أمانة . أو غصبه شيئا . أو أخذ ماله ظلما وحلف كاذبـا علـى شئ فليرد كل واحدة من هذه ويزيد عليه خمسة ويعطيه إلى صاحبه . ويقرب قربانـا عن خطيته لا تكشف امراة في وقت حيضها . ولا تتنجس بزوجة صاحبك . ولا تضـاجع الذكور . ولا يتدنس أحد من الرجال والنساء بشئ من البهائم لا تلتقط ماسقط مـن حصاد أرضك . ولا من ثمار كرمك . بل ترك ذلك للمسكين والغريب لا تؤخر أجرة الأجير عندك للغد . ولا تشتم الاصم . وقدام الأعمى لا تجعـل معثرة . لا تتفاءلوا ولا تقصروا شعوركم . ولا تفسدوا لحالكم ولا تخدشوا وجوهكـم وابدانكم على أمواتكم . وكتابة وشم لا ترسموا على أعضائكم ولا تظلموا الغريـب الساكن بينكم لا تسمعوا للمنجمين والعرافين والمشعبذين . لأني أنا الله ربكـم ولا تفعلوا غشا في الحكم . ولا في القياس ولا في الوزن . ولا في الكيل . بل تكون لكم موازين واقساط عادلة الزاني والزانية يقتلان معا . وكذلك من يتنجس ببهيمـة يقتـل الانسـان والبهيمة رجما . ومن جامع حائضا فليقتل مع المرأة . والمشعوذ والعـراف يقتـلان رجما بالحجارة ويكون دمهما على عنقهما " ولا يوجد فيكم عراف ولا سـاحر ولا متفائل . ولا من يرقى رقية ولا من يسـأل جانـا أو تابعـه ، ولا مـن يستشـير الموتى. ومن وجد هكذا فليخرج من الجماعة . واما الذي يسألهم ويخالطهم . أو يدخلهم إلى بيته أو يدخل هو إلى بيوتـهم . أو يأكل من طعامهم ويشرب من شرابهم . فأن كان كاهنا فليقطع ويمنع من مخالطـة المؤمنين وإن كان غير كاهن فليخرج خارج الجماعة إلى ان يرجع ويتـوب عـن ردی عمله إن كان لرجل ابن عاص مارد لا يطيع أوامر أبيه وأمـه فليخرجـاه إلـى المشائخ . ويقولا لرجال تلك المدينة : أن ابننا هذا عاص متمرد علينا يلعب ويســــر ولا يطيع أوامرنا . فيرجمه جميع أهل المدينة بالحجارة حتى يمـوت ) . واعزلـوا جميع الاشرار من بينكم . ولا تلبس المرأة ثياب الرجل . ولا الرجل ثيـاب المـرأة . فـإن هذه الأفعال مرذولة عند الرب إلهك . أعمل درابزين لسطحك لئلا يقع أحد منه فيموت ويكون قتيلا في منزلك إياك أن ترابي أخاك . لا بربا الورق . ولا ربا الطعـام . ولا ربـا جميـع الأمـور . ليباركك الرب إلهك في جميع أعمالك . وإن نذرت للرب نذرا فلا تؤخر وفاءه . فـإن الرب إلهك يطلبه منك ويكون عليك إثم . احفظ ما يخرج من شفتيك . واعط ما تكلـبه فمك لتجازي بالحسنی . إن كان لك دين على صاحبك . فلا تدخل إلى بيته لتأخذ منه رهنا . بل تقيــم خارجا . وإن كان فقيرا فإياك أن تنام في رهنه . بل رد اليه الثـوب عنـد غـروب الشمس لينام فيه . لتجد رحمة امام الرب ألهك لا تحـف علـى الضعيـف فى القضاء . ولا تسترهن ثوب الأرملة وكونوا قديسين لأنى أنا قدوس ،وإذ قد علمنا أن هذه الأقوال الأولى القريبة المأخذ والسـهلة العمـل هـي متعذرة على الاكثرين منا . فكيف والحالة هـذه تكـون شـريعة الكمـال الموافقـة والمطابقة لعقول الفضلاء ؟ فسبيلنا إيها الأحباء أن نتيقظ من غفلتنا . ونتفهم معـــانى كلام ربنا . لنأخذ أكاليل الغلبة . ونحظى بسعادة ملكوت مخلصنا يسوع المسيح . الـذي له المجد والوقار إلى ابد الآبدين آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
28 يناير 2023
إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر طوبة
تتضمن تبكيت المجرمين والظالمين والذين يتعهدون الأوامر الالهية مرتبة على فصل إنجيل ابراء المخلع عند بركة الضأن التي يقال لها بيت حسدا . ( يو 5 : ۱-۱۷ ) لقد سمعنا الآن أن الذين كانت بهم الامراض والاوصاب والعاهات الجسيمة المختلفة . كانوا يتغربون عن بلادهم ويهجرون أوطانهم . وينفقون الكثير من أموالـهم ويكابدون المصاعب العديدة . كل ذلك طلباً للشفاء من الامراض البدنيـة . الصـائرة إلى التراب وشيكاً . حتى آل الاجتهاد بهذا المخلع إلى المقام بجانب تلك البركة سـنين هذا عددها فكيف يجوز لك ياهذا أن تتغافل عن العناية بأمر نفسك العاقلة العديمـة الفساد ؟ . ولعلها تكون في حالة مخلعة . مشتملة على أنواع المأثم الردية . وأنت مـع ذلك لا تنظر إلى قبحها وشناعتها . وكيف تكون مؤمناً بالمسيح ومولوداً من الـروح ومعترفاً بقيامة الأموات ومؤملا سعادة الملكوت ومتقلداً بسلاح النصرانيـة . وأنـت على هذه الكيفية ؟ وإذا كان ربنا له المجد قد اشترط على الذين يطلبـون الملكـوت أن يزيـد برهم على الكتبة والفريسيين . مع ما كانوا عليه بالأمور الدينية كالصوم والصلـوات ودفع العشور والابكار والنذور وتقديم القرابين عن الخطايا وغـير ذلـك . فكيـف يوجد فيكم اليوم المهملون لذواتهم ، السائرون بـهوى قلوبـهم . الذيـن يرتسمون بالنصرانية رسماً خارجياً فقط وهم ليسوا غير عاملين بالوصايا والتعاليم المسيحية فقط ، بل يزنون ويسرقون ويكذبون ويحلفون ويرابـون ويمـاحكون ، ويصنعـون شروراً أخرى كثيرة . وإذا كان سبحانه وتعالى قد عاقب القساة والغليظي الرقاب والغلف القلـوب من بني اسرائيل على تعدى الشريعة الموسوية بالعقاب الشديد . فبماذا يعاقب الخطاة من المؤمنين بالمسيح ؟ اسمعوا قوله تعالى لبنی اسرائیل على لسان هوشع النبي مبكتا لـهم حيـث يقول : " اسمعوا قول الرب يا بني اسرائيل . أن للرب محاكمة على سكان الأرض لأنه لا أمانة ولا احسان ولا معرفة الله في الأرض . لعن وكـــذب وقتـل وسـرقة وفسق . يعتنقون ودماء تلحق دماء . لذلك تنوح الأرض ويذبل كل من يسكن فيها مـع حيوان البرية وطيور السماء وأسماك البحر أيضاً تنتزع . ولكن لا يحـاكم أحـد ولا يعاتب أحد . وشعبك كمن يخاصم كاهناً . فتتعثر في النهار ويتعثر أيضاً النبي معـك في الليل وأنا أخرب أمك.قد هلك شعبي من عدم المعرفة . لانك أنت أيضاً رفضـت المعرفة أرفضك أنا حتى لا تكهن لي . ولانك نسيت شريعة ألهك أنسى أنـا ايضـاً بنيك على حسبما كثروا هكذا أخطأوا إلى فابدل كرامتهم بـهوان . يـاكلون خطيـة شعبي وإلى إثمهم يحملون نفوسهم . فيكون كما الشعب هكذا الكاهن . وأعاقبهم علـى طرقهم وأرد أعمالهم عليهم . فيأكلون ولا يشبعون ويزنون ولا يكثرون لانـ تركوا عبادة الرب قد ( ۱ ) . فأقول ألان للذين يظلمون منكم ويغشمون . ويقرضـون أموالهم بالربـا . ويحبون الارباح الردية . اسمعوا هذا القول يامن تزدرون بالمساكين والمحتـاجين . وتستصغرون بالفقراء . ويقولون في انفسكم متى تمضى الشهور وتجوز الايام ويغلـو الطعام ويتعالى ثمن الحنطة . ففتح الاهراء والمخازن ونصغـر المـكـابيل . ونزيـد المثاقيل . ونبيع القصالة بالورق . والغلة المخلوطة بالتبن وكناسة الاهراء . إن الـرب قد تكام قائلاً : " إني لن أنسى إلى الابد جميع اعمالهم . أليس من أجل هذا ترتعـــد الارض وينوح كل ساكن فيها . وتطمو كلها كنهر وتفيض وتنضب كنيـل مصـر . ويكون في ذلك اليوم يقول السيد الرب أني أغيب الشمس في الظهر وأقتـم الأرض في يوم نور . وأحول أعيادكم نوحاً وجميع أغانيكم مراثى وأصعد على كل الأحقـاء مسحاً وعلى كل رأس قرعة واجعلها كمناحة الوحيد وأخرها يوماً مرا . مرا . هوذا أيـــــام تأتى يقول السيد الرب أرسل جوعاً في الأرض لا جوعاً للخبز ولا عطشا للماء بـل لاستماع كلمات الرب . فيجولون من بحر إلى بحر ومـن الشـمال إلـى المشـرق يتطوحون ليطلبوا كلمة الرب فلا يجدونها " ( 1 ) وإذ قد سمعتم الآن وعيده للمجرمين والظالمين والذيـن يتدبـرون تدبـيراً رديئاً . فاسمعوا الأن وعده للطائعين لتنظروا الطريقين معاً . وتسلكوا المستقيم منهما . فانه يقول : " إذا سلكتهم في فرائضى وحفظتم وصایای وعملتم بها . أعطى مطركــم في حينه وتعطى الأرض غلتها وتعطى أشجار الحقل أثمارهـا ويلحـق دراسـكم بالقطاف ويلحق القطاف بالزرع . فتأكلون خبزكم للشبع وتسكنون في أرضكم أمنين . وأجعل سلاما في الارض فتنامون وليس من يزعجكم . وأبيد الوحوش الرديئة مـن الارض ولا يعبر سيف في ارضكم ، وتطردون أعداءكم فيسقطون أمامكم بالسـيف . يطرد خمسة منكم مئة . ومئة منكم يطردون ربوة . ويسقط أعداؤكم أمامكم بالسيف . وألتفت اليكم وأثمركم وأكثركم وأفي ميثاق معكم . فتأكلون العتيق المعتق وتخرجـون العتيق من وجه الجديد . وأجعل مسكني في وسطكم ولا ترذلكم نفسي . واسير بينكـ وأكون لكم إلها وأنتم تكونون لي شعباً " ( ۲ ) وإذ قد سمعنا الأن وعيده للمخالفين ووعده للطائعين . فلتخـف إذن مـن أن يوجد بيننا إنسان قاس . أو متهاون . أو زان . أو سكير . يصدق عليـه مـاقيـل مـن الأقوال التي مجرد سماعها عند العقلاء يقع كالصواعق . ويلهب كالنـار . ويحـرق كالأتون . وبنيه الغافلين . ويوقظ النائمين بطباعهم . وحيث قد علمنا أن ارتكاب الخطايا والأثــــام يـسـبـب حـدوث الأمـراض والاسقام . ويسلط الظالمين . ويقوى المضادين . ويسبب الغـلاء والجـلاء . وسـائر الأمور المحزنة . فسبيلنا الأن أن ننهض من نومنا . ونتيقظ من غفلتنا . ونخلع ثيـاب أثامنـا . ونقرع باب مراحم إلهنا . ليتراءف على ضعفنا ويرحمنا . ويهب لنا سعادة الملكـوت . له المجد إلى ابد الابدين . أمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
21 يناير 2023
إنجيل عشية الأحد الثانى من شهر طوبة
تتضمن الحث على تقوية الايمان بالله مرتبة على فصل مشى السيد على الماء وتوبيخه لبطرس بقوله . " يا قليل الايمان لماذا شككت ( مت 14 : ٢٢-٣٦ ) أن سيدنا له المجد صعد إلى الجبل منفردا مرتين ليصلي : الأولى قبل آيـة تكثير الخبز يو٢:١ والثانية بعدها يو١٥:٦ . وذلك أولا ليعلمنا كيف نختلي في صلواتنا . وثانيـا ليختفى من وجه الذين أرادوا تنصيبه ملكا بعد نظرهم آية تكثير الخبز . وبقى وحـده إلى المساء حيث كانت سفينة التلاميذ في وسط البحر معذبة مـن الأمـواج بسـبب الريح الشديدة التي حركتها ليعودهم على احتمال الشدائد والمصائب . فبقوا الليل كلـه في اضطراب ولم يأتهم إلا في الهزيع الرابع من الليل ليعلمهم كيف يطلبونه بحرارة واجتهاد . ولما أبصروه ماشيا على البحر خافوا وظنوه خيالا فصرخوا . فقال لـهم " أنا هو لا تخافوا " . فقال له بطرس يا سيد : " إن كنت أنت فمرنی أن أتى إليك على الماء فقال له تعال . فنزل بطرس ومشى على الماء ولكنه خـاف مـن الريح وأبتدأ يغرق . فأمسك به يسوع وقال له : " يا قليل الإيمان لماذا شككت " مت٣١:١٤" : هذا كـل ما في فصل اليوم ومنه نتعلم مسألتين : أحداهما أن سيدنا له المجد صنع هنا خمـس عجائب . الأولى مشيه على البحر . الثانية مشى بطرس أيضا . الثالثة نجـاة بطـرس من الغرق . الرابعة تسكين الرياح والاضطراب . الخامسة بلوغ السفينة إلـى مينـاء السلام يو٢١:٦ . أما المسألة الثانية فهي أن أغلب التجارب والأحزان تأتينا من قلة الأيمان وعدم ثقتنا بإلهنا واعتمادنا على انفسنا . أو على مساعدة غيرنا . فألزم شئ أذن للإنسان إنما هو الايمان بالله والثقة بأقوالـه تعـالى . لأن الايمان هو أساس الخلاص وعليه تبنى احسـانات الله للبشـر . وبدونـه لا يمكـن ارضاؤه عب٦:١١ وهو أمر واضح من قول سيدنا له المجد لقائد المئة : " اذهب وكما أمنـت ليكن لك " مت١٣:٨. ومن قوله للأمرأة نازفة الدم : " ثقى يا ابنة إيمانك قد شـفاك "مت ٢٢:٩ ومن قوله لرئيس المجمع الذي ماتت ابنته : " لا تخف . آمن فقط" مر٣٦:٥ ومن جواب الرسـول للسجان : " آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك " أع ٣١:١٦ فهل يليق بنا أن يكون ايماننا فاتراً ونحن أبناه أولئك الذين جاهدوا الجـهاد الحسن . أولئك الذين قابلوا اضطهاد الحكام العتاة والملـوك القسـاة الطـغـاة مثـل ديوقلاديانوس ونيرون وغيرهما بكل شجاعة وإقدام . حتى انه قتل منهم 840 ألـف نفس في مدة حكم ملك واحد لم يفتر ايمانهم بل حفظوه لنا سالماً كما تسـلمـوه مـن الملائكة الأطهار . أو لم يكن لنا درس بسيط من توبيخ سيدنا له المجـد لبطـرس بقوله : " يا قليل الإيمان لماذا شككت " مت ٣١:١٤ اننا نتعلم منه ألا نزدرى بالنواميس الالهيـة حتى لا نكون قدرة ردية لغيرنا . لان قلة الايمان تسهل الازدراء بالناموس الالـهى وتهون على الانسان اهمال كل ما يقال له فضيلة . من منكم ايها الاحباء ينكر هذه الحقائق التي يؤيدهـا العقـل وتشـهد بـها الوقائع ؟ يا للعجب ! أنحتقر عمل الفضيلة هكذا حتى أن كلا منا يرتكب نوعـاً مـن الخطايا بدون خوف ولا خجل . ؟ وها قد انطبق علينا قول النبي : " كلهم قد ارتـــدوا معاً فسدوا . ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد " مز٣:٥٣ فأن قلتم ما هي علة ذلك ؟ قلت انما هو فتور الايمان .أمر مدهش جداً ! بل عجيب وغريب !!! إننا نصرخ كل يوم مـن عمـق قلوبنا قائلين " بالحقيقة نؤمن بإله واحد . الله ضابط الكل خالق السموات والأرض .. " ونحن نعمل كل لحظة ما يدل على فتور في ايماننا ؟ ألعل الاقوال برهان علـى حسن الإيمان ؟ كلا . وإنما الاعمال الحسنة هي البرهان على حسـن الايمـان قـال الرسول : ارنى ايمانك بدون أعمالك . وأنا أريك بأعمالي ايماني " يع ١٨:٢ فأي ايمان يبيـن لنا أعمالنا ؟ أليس الايمان الكامل العامل بالمحبة !!
إن الله يأمرنا بمحبة أعدائنا مت٤٤:٥ ووعدنا نظير ذلك بأن نكون بني العلى لو٣٥:٦ فماذا نعمل نحن لإخواتنا وليس لاعدائنا ؟ أننا لم نخالف هذا الأمر الإلهي فقط مـن جهة أعدائنا لا . بل من جهة أخوتنا أيضا . فاننا نبغض ونعادي بعضنا بعضا حتـى الموت . نسب ونشتم . ننصب أشراك ومكائد ودسائس وشايات وشـكاوي . سـعايات وأضطهادات . وغير ذلك من الشرور والجرائم التي لا تليق بشعب المسيح . من أيـن هذه كلها ؟ وما هو السبب ؟ إنها من قلة الإيمان . والسبب هو قلة الإيمان . إن الكتاب المقدس يقول إن ساداتنا الرسـل كـانوا يشـتمون فيبـاركون . يضطهدون فيحتملون . يفترى عليهم فيصلون ويعظون المفترين لكـى يتوبـوا ١كو١٢:٤-١٣ . انظر استفانوس بكر الشهداء حينما كانوا يرجمونه فأنه سجد وصلى عـن راجميـه قائلا : " يارب لا تقم لهم هذه الخطية " "أع٦٠:٧ " فلماذا لا نقتفي آثارهم ونعمل كأعمالهم ؟ وما السبب غير ضعف إيماننا وقوة إيمانهم . إن الله تعالى يأمرنا كل يوم في كتابه أن نعطى صدقة : أي نطعـم الجـائع ونسقى العطشان ونأوى الغريب ونكسي العريان ونعول المريض ونعتني بـالمحبوس وغير ذلك . وقال صريحا : إن الفقراء أخوته فمن فعل بهم خيرا فقد فعله بی مت ٤٠:٥فهل قمنا بالواجب علينا حسب هذه الوصيه ؟ . كلا . بل أننا نحول وجهنا عـن الجـائع والعطشان . ونهمل المريض ونوبح القريب والبعيد وكل من يسألنا حاجة . يـا ليتنـا نتركه بل نمتهنه ونوبخه غير ملتفتين لقوله تعالى : " من يرحم فقيرا يقـرض الـرب ومن معروفه يجازيه " ام١٧:١٩ ألعل الله كاذب ؟ حاشا الله . فهو يعطى بدل الواحد مائـه مت ٢٩:١٩ وإنمـا نـحـن ضعفاء الإيمان ، ألعلك ياهذا تقول في نفسك إنى أمنت وأعتمدت وخلصت كقول سيد البرايا : " من أمن واعتمد خلص " مر١٦:١٦ فاقول لك أن بطرس أمن مثلك ولكـن السـيد وبخه قائلا : " يا قليل الأيمان . لماذا شككت " ألعل أيمانك أنت أعظم مـن ايـمـان بطرس ؟ ثم أن يهوذا الاسخريوطي كان مؤمنا ايضا . وتلميذا مصاحبـا للسـيـد لـه المجد لكنه كان قليل الإيمان . حتى أن قليلا من الفضة أضاع منه ذلك القليل البـاقي من إيمانه . وامنا حواء كانت إيضا مؤمنة . ولكن إيمانها كان فاترا فأيمـان كـهذا لا يركن إليه في خلاص النفس . لأنه كالماء الفاتر ليس حارا فيصلح للتطهير . ولا هـو بارد فيترك . لأجل هذا أسمحوا لي أيها الأحباء أن أقـول مـع الرسـول يعقـوب : " الإيمان بدون أعمال ميت " يع ٢٠:٢وإن كان أحدعلى غير ما رويـت . فلـيـرني عظـم ايمانه بأعماله لأرى إن كانت له ثقة بالله كثفة قائد المئة القائل : " يا رب قـل كلمـة فقط فيبرأ غلامی " مت ٨:٨ أو كإيمان وثقة الكنعانية التي قال لها السيد : " عظيـم أيمـانك . ليكن لك كما تريدين " مت ٢٨:١٥ أو إن كان يدخل الكنيسة بورع وليس كمتفرج . أو أن كـان ويسمع يقف بأحترام الأنجيل ولا يهرب وقت الوعظ ، أو أن كان لا يتحـادث عـن أشغاله أو متاجره في أوقات العبادة . أو أن كان يرحم الفقير ويطعم الجائع ويكسـى العريان ويؤاوى الغريب . إن كان يفعل هكذا فيكون مؤمنا بالحق . ويقول البعض لماذا لأنه شاهد أيات ؟ كقول السيد له المجد : " وهذه الأيـات تتبع المؤمنين . يخرجون الشياطين بأسمى ويتكلمون بألسنة جديدة . يحملون حيات وإن شربوا شيئا مميتا لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون "مر١٧:١٦-١٨ " فنقـول لهؤلاء إنه بسبب ضعف إيماننا لا نرى الأن شيئا من ذلك لأنه يقول أن الأيات تتبـع المؤمنين لا قليلي الإيمان . فالأيات قد بطلت . لأن حرارة الأيمان قد بردت . ودليـل ذلك هو جواب السيد له المجد لتلاميذه عندما سألوه عن الروح النجس قائلين : لمـاذا لم نقدر نحن أن نخرجه . فقال لهم يسوع : " لعدم أيمانكم " أي لقلة ايمانكم مت١٩:١٧-٢٠ فها قد بينا لكم أيها الأحباء أن قلة الإيمان هي أصل جميع الشرور والإيمـان هو مصدر كل عمل صالح فسبيلنا أذن أن نتخـذ الحلـم طبعـا لنـا . وأن نكـون متواضعين عادلين رحومين عفوفين . متصفين بطول الآناة . ملتحفين برداءة العفـة . متعقلين . بسطاء . راسخين في الايمان . بنعمة وتعطف ربنا وإلهنا يسـوع المسـيح . الذي له المجد إلى أبد الآبدين . أمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
14 يناير 2023
انجيل عشية الأحد الأول من شهر طوبة
تتضمن توبيخ الذين يتنازعون علـى الرئاسـات . مرتبة على فصل ابراء السيد للمرضـى وأخراجـه للشياطين . ( لو 4 : 40-44 )
إذا رأينا الأرواح النجسة والشياطين الخبيثة تسمع أقوال ربها وتجزع مـن الخالق لطبائعها هكذا . وتمتثل الأوامر بسرعة وتبـادر إلـى المراسـم بـالخوف والوقار . فما بالك أنت تسمعه دائماً يأمرك بمحبة الأخوة والاحسان للمسيئين اليـك . والمسامحة للمبغضين وأنت لا تصنع كذلك . لكنك تغضب أخاك وتخاصم صـاحبك وتود قتل مبغضيك وتنازع المؤمنين أيضاً . فاسمع ما يقوله بولس الرسول : " لانـى أولا حين تجتمعون في الكنيسة اسمع أن بينكم انشقاقات وأصدق بعض التصديــق . لانه لابد أن يكون بينكم بدع أيضاً ليكون المزكوم ظاهرين " " .ومعناه أنه إذا وقعـت بينكم شرور وخصومات يتميز الطائعون للمسيح بالصبر والاحتمال والصفـح عـن المسيئين لهم . ويظهر شر الأشرار بكثرة المحك " والفجور والتنازع وحب الغلبـة . وقال الرسول أيضاً : " أنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد " . وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل . ولكنه لكل واحد يعطى اظهار الروح للمنفعة . فإنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمـة ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد . ولآخر إيمان بالروح الواحد ولآخر مواهـب شفاء بالروح الواحد . ولآخر عمل قوات ولآخر نبوة ولآخر تمييز الارواح . ولأخـر أنواع السنة . ولآخر ترجمة السنة . ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسـماً لكل واحد بمفرده كما يشاء " " " . ( معناه ) فما بالكم انتم الآن تتنافسون وتتغـايرون إذا كان الله هو المقسم الرتب والمعطى بحسب الاستحقاق لكـل واحـد كـمـا يـحـب .
ويا للعجب من أن الذين يكثرون الخصام في الاسواق والشوارع يكسبون المذمة من الناس واللائمة من الناظرين . وكذلك الذين يشوشون على المجتمعيـن فـي أمـاكن اللعب والسباق والحانات وحلقات المشعبذين يوسقهم من حضر سباً وشتماً ويهانون . والذين يتنازعون في أبواب الملوك والعظماء . فأنهم يضربون بالســياط ويسـجنون ولا يرحمون . فإذا كان الذين يشوشون على هذه الاماكن العالمية يفعل بهم مثل هـذه الفعال . فالذين يشوشون على بيعة الله تعالى ومصاف الملائكة ومجــــامع الشـهداء والأبرار بماذا يعاقبون ؟ وبأي عذاب يعذبون . اسمع يا هذا قول الكتاب عن قـورح وداثان وأبيرام الذين حسدوا موسى وهرون وأرادوا أن يكونوا كهنة مثلهم وينقلـون عن رتبة اللاويين . قال الكتاب : " قام قورح وداثان وابيرام ومئتان وخمسون رجـلاً من رؤساء الجماعة على موسى وهرون وقالوا لـهما كفاكمـا . إن كـل الجماعـة بأسرها مقدسة وفي وسطها الرب . فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب .فلما سمع موسی سقط على وجهه ، ثم كلم قورح وجميع قومه قائلاً غداً يعلن الرب من هو ومن المقدس حتى يقوبه إليه .. كفاكم يا بنى لاوى . أقليل عليكم أن إلـه اسـرائيل أفرزكم من جماعة اسرائيل ليقربكم اليه لكي تعملوا خدمة المسـكن وتقفـوا قـدام الجماعة لخدمتها . فقر بك وجميع أخوتك بنى لاوى معك وتطلبون أيضـاً كـهنوتاً . إذن انت وكل جماعتك متفقون على الرب . وأما هرون فما هو حتى تتذمروا عليـه . فارسل موسى ليدعو داثان وابیرام ابنى اليآب فقالا لا نصعد . أقليل أنك أصعدتنا من أرض تفيض لبناً وعسلاً لتميتنا في البرية حتى تترأس علينـا أيضـاً ترؤسـاً . ولا أعطيتنا نصيب حقول وكروم . لا نصعد . فأغتاظ موسى جداً وقال للـرب لا تلفـت إلى تقدمتهما . حماراً واحداً لم أخذ منهم ولا أسات إلى أحد منـهم . وقـال موسـى لقورح كن أنت وكل جماعتك أمام الرب أنت غداً . وهم وهرون وخذوا كـل واحـد مجمرته فيها بخوراً وقدموا أمام الرب كل واحد مجمرته . مئتين وخمسين مجمـرة . وأنت وهرون وكل واحد بمجمرته . فأخذوا كل واحد مجمرته وجعلـوا فيـهـا نـاراً ووضعوا عليها بخوراً ووقفوا لدى باب خيمة الاجتماع مع موسى وهرون . وجمـع عليهما قورح كل الجماعة إلى باب خيمة الاجتمـاع فـتراءى مجـد الـرب لكـل الجماعة . وكلم الرب موسى وهرون قائلاً . افترزا من بين هذه الجماعة فإني أفنيهمفى لحظة . فخرا على وجهيهما وقالا اللهم إله أرواح جميع البشر هل يخطئ رجـل واحد فتسخط على كل الجماعة . فكلم الرب موسى : كلم الجماعة قائلاً اطلعوا ، حوالي مسكن قورح وداثان وابيرام . فقام موسى وذهب إلى داثان وابــرام وذهـب وراءه شيوخ اسرائيل . فكلم الجماعة قائلا اعتزلوا عن خيام هؤلاء القوم البغـاة ولا تمسوا شيئاً مما لهم لئلا تهلكوا بجميع خطاياهم . فطلعوا من حوالي مسـكـن قـورح وداثان وأبيرام . وخرج داثان وأبيرام ووقفا في باب خيمتهما مع نســـائهما وبنيـهما وأطفالهما . فقال موسى بهذا تعلمون أن الرب قد أرسلني لأعمل كـل هـذه وأنـها ليست من نفسي . إن مان هؤلاء كموت كل انسان وأصابتهم مصيبة كل انسان فليـس الرب قد ارسلني . ولكن إن ابتدع الرب بدعة وفتحت الارض فاها وابتلعتهم وكل ما لهم فهبطوا أحياء إلى الهاوية تعلمون أن هؤلاء القوم قد ازدروا بالرب . فلما فرغ من المتكلم بهذا الكلام انشـقت الارض التـى تحتـهم . وفتحـت الارض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورح مع كل الاموال . فـــــزلـوا هـم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية وانطبقـت عليـهم الارض فبـادوا مـن بيـن الجماعة . وكل اسرائيل الذين حولهم هربوا من صوتهم لانهم قـــالوا لعـل الارض تبتلعنا . وخرجت نار من عند الرب وأكلت المئتين والخمسين رجلا الذيـن قـربـوا البخور . ثم كلم الرب موسى قائلاً : " قل لألعازار بن هرون الكاهن أن يرفع المجـامر من الحريق وأذن النار هناك . فانهن قد تقدسن . مجـامر هـؤلاء المخطئيـن ضـد نفوسهم فليعملوها صفائح مطروقة غشاء للمذبح لانهم قد قدموها أمام الرب فتقدسـت فتكون علامة لبنى اسرائيل . فاخذ العازار الكاهن مجـامر النحـاس التـى قدمـها المحترقون وطرقوها غشاء للمذبح . تذكاراً لبنى اسرائيل لكيلا يقترب رجل أجنبـ ليس من نسل هرون ليبخر بخوراً أمام الرب فيكون مثل قورح وجماعته كما كلمـه الرب على يد موسى " .فسبيلنا أن نهرب من طلب الرئاسات والامور العاليـة ونطلـب مـا فيـه خلاصنا ونسارع إلى العمل باقوال ربنا . لنفوز بنعيم الملكوت الدائـم بنعمـة ربنـا يسوع المسيح الذي له المجد والوقار . الآن وكل أوان وغلى دهر الداهرين أمين . القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
31 ديسمبر 2022
إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر كيهك
تتضمن تبكيت الذين يتصرفون تصرف الخوارج مرتبة على قول البشير بفصل اليوم : " وكان يسير فـي كـل مدينة وقربه يكـرز ويبشـر بملكوت الله ... ومعـه الاثنـا عـشـر وبعض النساء ( لو ۸ : ۱-۳ ) إذا كانت النساء اللواتي عرفن قدر مواهب المسيح قد تركـن بيوتـهن ومصـالحن وخدمته بما لهن . فما لي ارى الآن أناسا كثيرين يتصرفون بعـد العمـاد تصـرف الخوارج . بل أشر من ذلك كثيرا . حتى أني لا أرى خصلة واحـــدة تمـيزهم عـنالخارجين عنه ولهذا يلتبس على الفرق بين المؤمنين بالمسيح وبين الخارجين عنهم . وذلك لأن المؤمنين بالمسيح حقيقة ينبغي أن يعرفوا خاصتـا الأعمـال الصالحـة المشرق نورها عليهم . وهذا ومن أشكالهم من ملابسـهم وإطراقـهـم إلـى الأرض من كثرة الحياء والوقار من فضيلة التواضع من كيفية المشـى في الشوارع من الكلام في الباقيات السمائية والإعراض عما لا ينبغي . يفعلون هذه ليس بطلب المديح من الناس بل لأنها صارت لهم طبيعة ولكـي ينتفع بها الناظرون لها أما الأن فأني لا أتمكن أن أفرق بين المؤمن وغيره كمـا أني لا استطيع تمييزه عن الخارجين عنا . فكيف وبماذا أميزك أيها الأخ العزيز عـن الباقين ؟ لأني أن اردت ان أعرفك من أصدقائك واصحابك فــأني اراك مصـاحب الزناة والاردياء ومفسودي السيرة . وتطيل الاقامة معهم في ميادين السباق وأمــاكن اللعب وأن أردت أن اعرفك من لباسك فلا أراك تتميز بملابـــــــس الحشـمة التـى يرتديها المؤمنين بل تتشبه بالخارجين في لبسهم وإن أردت أن أعرفك من الحيـاء والوقار والاطراق إلى الارض والسلوك كما ينبغي فأراك متقهقها ضاحكاً ، محدقـاً إلى كل رذيلة طائشاً ومذاراً وإن أردت أن أعرفك من كلامـك فـاراك مولعـاً بالهزء ، ومسارعاً في نقل احاديثك المغنين والمضحكين وما لا يفيد حيــاتك نفعـاً وإن أردت أن أعرفك من مائدتك التي ينبغي أن يقدم عليها ما يدفع ضرورة الجـوع فقط لا البذخ وغيره فأراك تهيئ الألوان اللذيذة . قاصداً اللذات والتفـاخر وإظـهار التعظم على المقلين وغيرهم . وإذا كنت مؤمنا وبماذا أسميك . لأني إن سميتك وحشـاً فكل واحد من الوحوش محافظ على طبيعة نوعه متميز بنقيصة واحدة . أمـا أنـت فتحوى نقائص الجميع . وإن سميتك شيطاناً . فانى أرى الشياطين لا يهتمون ببطونهم ولا يعشقون ما لغيرهم . وإذ كنا لا نشبه الوحوش ولا الشياطين . فكيف نعرف مـع المؤمنين حقاً ؟ وإذا كان الانصباغ في المعمودية بالمسيح مثـالا لموتنـا بالجسـد وانبعاثنا بالحياة الجديدة . فكيف نوجد نحن جسدانيين وكيف لا نسمع بولس الرسـول موبخاً لنا وصارخاً نحونا قائلاً : " اهتموا بما فوق لابما على الأرض . لانكم قد متـم وحياتكم مستترة مع المسيح فأميتوا أعضاءكم التي على الارض الزنا النجاسـة الهوة الردية الطمع فسبيلنا إذن أن نهرب من هذه النقائض . وان نتـأمل فـى صـفـات يسـوع المسيح إلهنا . ونسارع إلى الاقلاع عن آثامنا . ونتمسك بما يقربنا من ملكوت ربنـا . الذي له المجد والعظمة والاكرام إلى الأبد . آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد