المقالات

20 يوليو 2019

نقاط فى شخصية بطرس الرسول

نقاط فى شخصية بطرس الرسول 6 يوليو 2015 إن حياة بطرس مليئة بمتناقضات تستحق أن تدرس لأن كل ما كتب كتب لتعليمنا فنتعلم منها حتى لا نقع فى نفس الأخطاء عينها فبطرس كان من الشخصيات المؤثرة فيما حولها وله رأيه حيث أنه ليس من السهل أن ينقاد من أى شخص وسندرس معاً بالتفصيل. أولاً : أن شخصية بطرس قيادية فهو لم يكن صياداً أجيراً عند أحد بل كان هو صاحب المركب ويقودها. لذلك فهذه الشخصية ليس من السهل أن ينقاد بل يميل دائماً أن يكون هو الأول وهو الذى يصدر الأوامر. ونتأمل فى أحداث مشى بطرس على الماء [مت 14: 22-33] نلاحظ أن يسوع هو الذى قال لهم أن يدخلوا السفينة ويسبقوه أى أنهم فى ملئ مشيئته. ثم أن البحر كان هائجاً وأتى لهم يسوع فوق الأمواج والتلاميذ كلهم كانوا خائفين وقال لهم يسوع تشجعوا. لا تخافوا [مت 14: 28] فأجابه بطرس وقال ياسيد إن كنت هو فمرنى أن آتى إليك على الماء. لنتأمل ونتعلم من هذا العدد. 1-نلاحظ أن كل التلاميذ كانوا خائفين ولكنهم لم يتكلموا ولم يطلبوا شئ من يسوع. فهو الذى قال لهم أن يدخلوا السفينة ثم قال لهم لا تخافوا تشجعوا لكن لماذا تكلم بطرس وحده وباقى التلاميذ ساكتين؟ 2-لم يطلب أى من التلاميذ الـ 11 أن يذهب إلى يسوع بل يسوع هو الذى كان آتياً لهم. لكن بطرس وحده هو الذى طلب أن يأمره أن يأتى إليه فهو كان يثق أن يسوع إذا قال فيكون حسب قوله. رغم علمه أن يسوع هو الذى قال لهم يدخلوا السفينة ويسبقوه إلى العبر. 3-أن طلب بطرس لم يكن بثقة بل سؤاله فيه شك فقد قال إن كنت أنت هو؟ فهو يشك أنه هو يسوع. 4-فترك بطرس السفينة معتمداً على كلمة يسوع ولكن ليس بإيمان بل ليثبت هل هو يسوع أم لا لأنه قال له إن كنت أنت هو فمرنى أن آتى إليك. 5-ومشى بطرس على الماء ليأتى إلى يسوع [ماذا سيفعل أو لماذا يذهب إليه لا يعرف]. دوافعه كانت الأنا ليظهر أنه يختلف عن باقى التلاميذ. 6 -لكن لما رأى أن الريح شديدة خاف. هنا لما خاف ابتدأ يغرق. الدروس المستفادة : 1-أن دعوة يسوع المسيح لبطرس فى [مت 4: 18-20] فقال لهما هلم ورائى فأجعلكما صيادى الناس. تعال ورائى أى لتطيعنى وأنا أقودك حيث مشيئتى فهل نسيت يابطرس ويا [ضع اسمك أنت يامن تقرأ هذه المقالة] أنك دعيت لكى تطيع الله وكلمته وتكون صياداً للناس ولم يكن حتى هذه الحادثة قد جذب أى نفس للمسيح بعد. فوعده لم يتحقق بعد إذن لابد أن للعمر بقية لينفذ يسوع وعده. 2-لماذا أنت وحدك الذى طلبت وتكلمت ألم يكن معك 11 آخرين تلاميذ مثلك ومختارين من يسوع؟ لأن شخصية بطرس يميل أن يكون قائداً ومختلفاً عن باقى التلاميذ. لماذا يابطرس لم تقل كل أخوتى لم يتكلموا؟ لماذا لم يكن لك روح الجماعة وتصمت مثلهم لأنه لم يكن قد مات فى المسيح وأصبح شخص آخر. فكثيرين فى الإجتماعات يحبون أن يكونوا ظاهرين وفى الأوائل بسبب ذواتهم أنهم لم يموتوا بعد مثل بطرس. فالعلاج هو موت الجسد فى المسيح والإمتلاء بالروح القدس وبكلمة الله. وتجديد الذهن. 3-لماذا يابطرس شكيت فى أنه يسوع ألم تعرفه من صوته من حبه من قدرته فمن يستطيع أن يأتى إليك ماشياً على الأمواج والريح شديدة ويتكلم معك بهدوء سوى شخص يسوع المسيح. فلم يكن له إيمان صحيح. رغم أنه قبل دعوة يسوع له وتبعه – أحبائى أن كثيرين يتبعون يسوع لكن الحقيقة ليس لهم إيمان حقيقى مبنى على كلمة الله وعلى شخص المسيح الحى. لذلك يخافون فى التجربة بل ويدعون أنهم أقوياء ويقعون مثل بطرس. فإذا لم يتكلم بطرس ويطلب أن يمشى على الماء لما اتفضح فى عدم إيمانه ولبقى مثل باقى التلاميذ. فكثير من المؤمنين هم الذين يسقطون فى تجارب من أفعالهم هم. فالكتاب يقول لا يرتئى المرء أكثر مما عليه. 4-ثم يابطرس عندما تأكدت أنه هو يسوع وقال لك تعال فلماذا شكيت وخفت من الريح فبدأت تغرق. وأسأل نفسك لماذا أحياناً بعد ما بدأت العمل بحماس. بدأت فى الغرق وفقدت الكثير. الإجابة لأنك بدأت بدون إيمان حقيقى فى سيدك وكلمته بدأت تخدم لتكون مثل الأخ فلان أو لتظهر نفسك أنك أحسن من أخوتك الذين معك مثل بطرس. لكنك نسيت أنه بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه ثم أن نسيت أنه هو سيدك يسوع المسيح ويجب عليك أن تسير خلفه وتطيعه. فكثيراً ما نتخذ قرارات ليست فى مشيئته فنغرق وعندما نصرخ له ينقذنا مثل بطرس. 5-ثم ما هو هدفك يابطرس من الذهاب إلى يسوع ماشياً على الماء وسط الأمواج وبالليل. ماذا سيحققه من دعوة الله لك لتكون صياداً للناس. لنتعقل ياإخوتى ونمتحن دوافعنا قبل المضى قدماً فى قرارات اتخذناها بدون ما تتفق أهدافنا مع كلمة الله ودعوته لنا. ثانياً : فى حادثة غسل يسوع لأرجل التلاميذ [يو 13: 1-10] فى هذه الحادثة أيضاً يسوع غسل أرجل التلاميذ حتى أتى إلى بطرس [يو 13: 6] فجاء إلى سمعان بطرس فقال له ذاك ياسيد أنت تغسل رجلى. وإن كان فى الظاهر أنه نوع من الاحترام لكن فى داخله عدم خضوع للأسباب الآتية : أ - لقد قام بغسل تلاميذ قبلك ولم يقول أي تلميذ للرب شئ أو إعتراض. ب- بطرس يقول له ياسيد. فإذا كان سيدك يابطرس فيجب عليك أن تطيعه مادام هو الذى طلب منك ثم [يو 13: 8] قال له بطرس لن تغسل رجلى أبداً. تصميم بطرس الخاطئ رغم الذى رآه من يسوع والتلاميذ لكنه متمسك برأيه. فهو محتاج أن يكون هادئاً ويتحرك بإيمان ويقول لنفسه هل أنا أفهم أكثر من يسوع الذى أتبعه. ألاحظ كثيرين من المؤمنين يفعلون مثل بطرس مثلاً يقولون لى كيف أقول كلمات غير مفهومة لى [عن التكلم بالألسنة] أقول لهم هو يريدك أن تفعل ذلك. فلا تدعى المفهومية أكثر من الله. ثالثاً : حادثة إنكار بطرس للمسيح [مر 14: 27-31] أيضاً بطرس يشعر أنه مختلف عن باقى التلاميذ فيقول ليسوع أن شك فيك الجميع فأنا لا أشك. فبطرس معتز بنفسه واثقاً فى نفسه ويجادل مع يسوع المسيح. لقد قال له بأكثر تشديد ولو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك أحبائى. إن كثيراً ما نتفوه بكلمات للرب دون أن ندرى خطورتها وأنه يسمع كل ما تقوله فلا تتعجل. "لا تستعجل فمك ولا يسرع قلبك إلى نطق كلام قدام الله" [جا 5: 2]. أحبائى. كثيراً ما نسقط بكلام قدام الرب لا نقدر أن ننفذه. رابعاً : فى حادثة رجوعه للصيد [يو 21: 2-13] بطرس أيضاً يتحرك بحماس دون فهم لما كان قاله لهم يسوع. فبعد الصليب تزعزع بطرس مرة أخرى وفكر وقرر أن يعود لمهنته وهى صيد السمك فقال لإخوته أنا أذهب لأتصيد. ألم يدعوك يسوع لترك صيد السمك وجعلك صياداً للناس. إياك وترك دعوتك مهما كان السبب ومهما كان العيان يقول والضغط والشك حولك, فكثيرين لهم خدمة فى أماكنهم لكنهم ينظرون الأحداث حولهم فيتحركوا بالجسد ويخسرون الكثير. دائماً تفكر فى دعوتك ولابد أن تتم وتتحقق مهما طال الزمن. خامساً : تحقيق وعــد يسوع لهم بالإمتلاء بالروح القدس وتلبســون قوة من الأعالى [أع 2: 1-41] نلاحظ أيضاً بطرس هو الذى تكلم لكن تحت مسحة وقوة الروح القدس لذلك كانت كلماته ممسوحة وأتى بثمر كثير. لأنه إمتلأ من الروح القدس. أحبائى. خلاصة هذه المقالة أن لا تتكلم وتتحرك من نفسك معتمداً على شخصيتك وقوتك. بل إعمل عمل الله بالروح القدس وبمسحة الله لك وفى وقت الله وحسب مشيئته ولا تدعى أبداً فهمك أكثر من الله فتعلم أن تطيعه فى كلمته كما هى لا تضيف لها أو تنقص منها وأيضاً تعلم أن تخضع لروح الجماعة وتكون متحداً مع أخوتك ولا تميز نفسك عن أخوتك بل كما قال يسوع : من أراد أن يكون أولاً يكون آخر الكل وخادم الكل وأيضاً تعلم أنه إذا تأخرت وعود الله معك فلا ترجع أبداً إلى الوراء وتقول مثل بطرس "عودة للصيد" إخدم الرب وأنت معتمداً على وعوده وكلمته فقط ومسحه وقيادة الروح القدس لك. وغير معتمداً على شخصيتك وتأثيرها على الناس وتكون دائماً خلف سيدك ولا تسبقه ولا تدعى يوماً أنك تفهم أكثر من الله. فهو خالقك وصانعك ويعرفك أكثر مما تعرف أنت نفسك فإذا وضعت يدك على المحراث لا تنظر خلفك أبداً. وأى كان المطلوب منك مادمت متأكد أنه من الله ويتفق مع كلمة الله فعليك أن تنفذه وتعمله بدون أى اعتماد على أفكارك أنت لتكون رجل حسب قلب الله.
المزيد
18 يوليو 2019

الفضائل

1 ـ تختلف الفضائل حسب اختلاف المنبع، ولقد فرق فم الذهب بين الحياة الفاضلة على المستوى الأخلاقي الاجتماعي البحت، وبين حياة الفضيلة خلال الشركة مع الله لنكون على شبهه وندخل إلى الحياة الملائكية السمائية، التي ينبغي أن نحياها. 2- الفضائل عقد واحد : ويقول ذهبي الفم ليست الحياة الفاضلة مجموعة من الفضائل المتراصة، لكنها وحدة واحدة متكاملة، كل فضيلة تمثل جانبا منها. " وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به ". 3 ـ توجد فضائل تحفظ الفضائل (بدونها لا تبقى الفضيلة) : أ ـ التمييز : يقول يوحنا الدرجي " التمييز عند المبتدئين هو معرفة ذواتهم معرفة حقيقية. أما عند المتوسطين فهو حس داخلي لا يخطئ، يميز السجية الصالحة حقا عن السجية الطبيعية وعن السجية الرديئة. وأما عند الكاملين فهو معرفة ناتجة عن استنارة إلهية تستطيع أن تضيء بمصباحها ما هو مظلم عند الآخرين " وقال : ( كما أننا نستقي من البئر ضفدعا مع الماء أحيانا، على غير انتباه منا، كذلك كثيرا ما نصنع الرذائل مضفورة مع الفضائل بصورة غير منظورة. فإن الشراهة مثلا تختلط مع ضيافة الغرباء، والزنى مع المحبة، والدهاء مع التمييز، والخبث مع الفطنة، ثم يندس مع الوداعة كل من الغش والمماطلة والبلادة والمحاججة واتباع المشيئة الذاتية وعدم الطاعة، ومع الصمت ادعاء العلم، ومع الفرح الغرور، ومع الرجاء التواني، ومع المحبة الإدانة، ومع الهدوء الضجر والكسل، ومع الطهارة الحدة، ومع التواضع الدالة، ويرافق العجب هذه الفضائل كلها بمنزلة مرهم بل سم مشترك يطليها ) ب ـ المحبة : وقال الدرجى : أبصرت فلاحين يلقون في الأرض نوعا واحدا من البذار إلا أن كلا منهم قصد من زرعه غرضا خاصا به. فالواحد كان غرضه أن يوفى ديونه، والآخر أن يجمع ثروة، وغيره أن يكرم سيده بالهدايا، وآخر أن يتصيد بحسن عمله مديحا من المجتازين في طريق العمر، وغيره أن يحزن عدوه الذي يحسده، وغير هؤلاء أن لا يلومه الناس على بطالته. وهذه أسماء البذار الذي ألقاه الفلاحون في الأرض : صوم وسهر وصدقة وخدمة وما إلى ذلك. فليفحص كل أخ قصده بعناية في ضوء مشيئة الرب. جـ ـ الاتضاع : كلمات بولس الرسول " و لكن لنا هذا الكنز في أوان خزفية ليكون فضل القوة لله لا منا " (2كو4 : 7) قصة الراهب الذي كان يصلى الصلاة الربانية مهلا مهلا. د ـ الحق : فالتشجيع لا بد أن يكون بالحق. والامتداح كذلك. فالذي يسند المحبة لئلا تنحرف هو الحق. وهكذا كل الفضائل. فضيلة التسليم : كانت هذه الفضيلة عجيبة ومؤثرة "ليكن لى كقولك"، تسبب لكِ متاعبِ.. يشك فيك يوسف.. لتكن مشيئتك يا رب، ربنا تدخل وأفهم يوسف. ولكن أين كانت الولادة؟ لا بيت ولا فندق ولا حتى غرفة حقيرة.. إنه مزود حيوانات.. لتكن مشيئتك يارب، وها هم المجوس فى زيارة المولود، يقدم المجوس ذهباً ولباناً ومراً.. إذن لماذا الألم يارب؟ إنها رحلة صليب.. لتكن مشيئتك يارب، ويأتى سمعان ويقول: "أنه وضع لقيام وسقوط كثيرين فى إسرائيل ولعلامة تقاوم" لتكن مشيئتك يارب إنه كنز العذراء، وحتى عند تعذيب اليهود له، وعند صعوده على الصليب.. كان التسليم عجيباً "أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائى فتلتهب عند نظرى إلى صلبوتك، الذى أنت صابر عليه من أجل الكل يا أبنى وإلهى". هل سألته لمن تتركنى؟ من ينساها... إنه تسليم فى كل مراحل الحياة.. لتكن مشيئتك. هل نحن نفعل ذلك أن نقول: "ليكن لى كقولى" تأملوا فى هذه العبارة "لست تفهم الآن ماذا اصنع ولكن ستفهم فيما بعد". قيل في الفضائل : الصلاة أم الفضائل، والتواضع الخيط في المسبحة، والطهارة زينة الفضائل، والمحبة عصير الحياة الذي يجرى في كل الفضائل. يقول الدرجي : المحبة والتواضع زوج طاهر جليل. لأن الأولى ترفع أما الثاني فيحفظ الذين ارتفعوا ولا يدعهم يوما يسقطون. ويقول : الخاصة الأولى لثالوثية التواضع هي اقتبال الإهانة بسرور كعلاج شاف لأسقام النفس ومحرق لخطاياها. والثانية تلاشى كل غضب مع عدم التباهي بالعزوف عن الغضب. والثالثة حذر صادق من الحسنات الذاتية، ورغبة دائمة في التعلم. ويقول : المتواضع لا يتحرى عن الخطايا، أما المتكبر فيفحص عن أحكام الله. ويقول : يتخذ البعض مدعاة للتواضع : ـ السيئات السابقة حتى بعد غفرانها. ـ آلام المسيح فيحسبون ذواتهم مدينون له أبدا. ـ النقائص الحاصلة منهم كل يوم. ـ التجارب والهفوات العارضة لهم. ـ الافتقار إلى المواهب. ـ ازدياد مواهب الله فيهم مع عدم استحقاقهم. ويقول : لقد وجد الكثيرون الخلاص خلوا من نبوءات واستنارات وآيات وعجائب. ولكن لن يدخل أحد خدر العرس بدون الاتضاع. لأن هذا حفظ أولئك وبدونه صارت تلك سببا لهلاك العادمين الفطنة. ويقول مار اسحق السرياني : التواضع وشاح الألوهة، لأن الكلمة المتجسد تسربله وكلمنا عنه من خلال أجسادنا. فكل من يتسربله يتشبه حقا بذلك الذي انحدر من علوه وغطى فضيلة عظمته بالتواضع وستر مجده به كي لا تلتهب الخليقة بمنظره. ومن كلمات القديس أوغسطينوس : السيد المسيح باب وضيع، إن أردت أن تدخل منه فعليك أن تتواضع لتتمكن من الدخول دون أن يصاب رأسك بأذى. التواضع في السيئات لا يغيظ الله كالكبرياء في الصالحات. عليك أن تفكر بما ينقصك أكثر مما تفكر بما لديك. كن دوما غير راض عما أنت فيه، إن شئت أن تصل إلى ما لم تبلغه حتى الآن. الأعرج السائر على الطريق أفضل من العداء خارجا عنها. ويقول أنبا أشعياء : + التواضع نوعين : أمام الناس أن يجعل الإنسان نفسه أصغر وأحقر من الكل. وأمام الله أن يحسب نفسه أنه خاطئ وما صنع ولا صلاحا واحدا قدام الله. + وهذه أعمدة التواضع التي يقوم عليها : 1 ـ لا يقايس الإنسان نفسه مع كل أحد بل يحسب نفسه أصغر وأحقر من كل أحد. 2 ـ لا يقاوم الآخرين ليقيم هواه ويغلب. 3 ـ يطيع كل أحد. 4 ـ نظره متعفف ومطأطئ إلى أسفل. 5 ـ يضع موته قدام عينيه دائما. 6 ـ يحفظ نفسه من الكذب. 7 ـ لا يتكلم بالأباطيل والضحك المنحل الذي يبطل بحفظ العقل والفم. 8 ـ لا يجاوب من هو أكبر منه ( مثل قايين الذي أجاب الله بعظمة ). 9 ـ يحتمل الإهانة والاحتقار. 10 ـ يبغض النياحات والشهوات والمفاوضات والطياشة والحكايات. 11 ـ يعود نفسه بالأعمال الجسدية، ويعود نفسه بعمل العقل. 12 ـ يغصب نفسه ويقطع هواه ويعمل إرادة أخيه. 13 ـ لا يغضب. ويقول مار أوغريس : الاتضاع هو عطية من الثالوث القدوس ـ وهو طريق الملائكة ـ ونار على الشياطين ـ وإمارة للحكمة ـ ويطرد الجهل ـ ونور للنفس ـ ونقاوة للعقل ـ وتذكار للموت ـ ومحب للتعب مع آخرين ـ وميناء للمحبة ـ وكنزا مخفيا وغنى لا يسرق ـ وفعل الخلاص معطى الحياة الأبدية ـ وغلبة للأعداء ـ ورباط للصلح ـ وأساس للطاعة ـ ودوس على العالم ـ وباب للسماء.
المزيد
13 يوليو 2019

بطرس الرسول كخادم

القديس بطرس الرسول لم يكن خادما ًمثاليا، ولم يختلف عن باقي الرسول ولم يكن له صفات معينه تفرق بينه وبين الرسل، فهو إنسان طبيعي، ولن قدوة ولكن قدوة الله التي علمت فيه بصورة كبيرة وأخرجت لنا بطرس الرسول كخادم وهناك نقط في حياة القديس بطرس سوف نتكلم ومن هذه النفط والصفات :- أولا: دعوة بطرس +حدثت دعوة بطرس عندما مر عليه السيد المسيح ودعاه للخدمة وقال أتبعني، وعلي الفور ترك بطرس الشباك وتبع السيد المسيح، لقد كان بطرس الرسول صيادا للسمك، ولم يحمل أي مؤهلات، وهذا يعني أن الله يختار تلاميذه لا ينظر إلي الإمكانيات العملية أو العقلية فإختار السيد المسيح لم يكن قائم بناء علي المؤهلات أو المواهب ولا الإمكانيات والطاقات، فبطرس ليس لديه خبرة بشئ إلا بالبحر فهو لا يغرف إلا السمك أنواعه، أسعاره +ولم يكن القديس بطرس صاحب جاه أو مركز أو مال بل كان فقيرا وهذا يدل علي أن الله لا يختار أشخاص معينين أو أشخاص مختلفين أو لهم مميزات عن غيرهم فدعوة الله ليست قاصرة علي أصحاب المواهب طبل اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء (1كو27:10)ولكن ما هو المعيار أو المقياس الذي تم بناء عليه اختيار القديس بطرس؟! المعيار هو القلب فالله ينظر إلي القلب وليس إلي العينين فقد كان القديس بطرس يتمتع ببساطة قلب فالله ينظر إلي القلب وليس الإمكانيات والمواهب. والله نظر إلي القديس بطرس فوجد في قلبه :- حب للخدمة قلبه كان ملئ بالمحبة، رغم أن المعالم الخارجية لشخصه بطرس لم توحي بذلك. ثانيا: غيرة بطرس كان بطرس شخصية غيورة ولكن بلا فهم غير مصحوبة بالتسرع والاندفاع والتهور هناك كثيرون لهم غيرة وليس لهم حكمة وهذا نوع خطير في الخدمة فالغيرة وحدها لا تكفي !!فلا يصح أن يكون الشخص له غيرة جاهلة !أو غيرة بلا فهم فالغيرة السليمة هي الغيرة التي بلا تهور أوإندفاع فلا يصلح أن يكون الخادم ضراب أو مهين أو مجرح لشعور الأخرين فالإصلاح لا يكون فقط بالغيرة التي يصاحبها الحماقة والتهور دون حكمة او فهم. +فالمهم هو الحكمة والاقتناع والعمق فالغيرة التي يصاحبها عنف هي غيرة مرفوضة في الخدمة... والغيرة التي تجرح شعور الأخرين غير مطلوبة. +السيد المسيح عندما قلب موائد الصيارفة لم يؤذي أحد من الناس، فكان غرضه منصب علي هذه الموائد. +وعندما جاء اليهود ليقبضوا علي السيد المسيح اندفع بطرس. وقطع إذن عبد رئيس الكهنة، ولكن السيد المسيح اعترض علي هذا العمل وقال له : " رد سيفك إلي مكانه لأن كل الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون " (مت 52:26)وقام السيد المسيح بإعادة الأذن للعبد مرة أخري بمعجزة +فالغيرة المصحوبة بالعنف تأتي بنتائج عكسية فهي تدفع إلي الناس وتبعدهم عن الكنيسة ولا تجعلهم يقتربون منها.. فلذلك الغيرة الجاهلة هي منتهي الخطورة علي الخدمة . ثالثا ً: إيمان بطرس كان بطرس مؤمنا إيمان عظيم بالسيد المسيح، ولكن هذا الإيمان كان لإيمان عاطفي وليس إيمان عقلي والمفروض أن يكون الإيمان مبنيا علي العاطفة والعقل معا ً +وكان نتيجة هذا الإيمان العاطفي أن بطرس هو أول شخص من التلاميذ اعترف بلا هوت السيد المسيح عندما سـأل السيد المسيح التلاميذ من يقول الناس إني أنا فرد بطرس وقال " أنت هو المسيح ابن الله الحي " ( مت 16:16 ) فامتدح السيد المسيح إيمان بطرس وقال له "طوبي لك يا سمعان بن يونا لأن لحما نودما لم يعلن لك لكن لأبي الذي في السموات " (مت 17:16) وعندما أعلن السيد المسيح أنه سيتألم ويصلب إندفع بطرس +وعندما أعلن السيد المسيح أنه سيتألم ويصلب إندفع بطرس وقال "حاشا يارب " فإنتهره السيد المسيح وقال (اذهب عني يا شيطان ) وذلك لأن ايمان بطرس هو ايمان عاطفي وليس ايمان عقلي.. ولذلك فالخادم العاطفي في الخدمة أحيانا يكون قوي وأحيانا ضعيف فالحكمة في الخدمة شئ مطلوب. رابعا :كان بطرس خادماً مليئا بالرجاء +كان بطرس ملئ بالرجاء، فقد فعل بطرس ما فعله يهوذا الأسخريوطي ويمكن أبشع منه !فقد ذهب يهوذا وباع السيد المسيح وأخذ ثلاثين من الفضة لمجرد أن يعرف اليهود طريق المسيح فقط، فقال لهم من أقبله هوهو أمسكوه ن وبعدما وحكموا علي السيد المسيح شعر يهوذا أنه أسلم دما بريئا، وحاول إرجاع الفضة التي أخذها ولكنهم رفضوا فذهب وشنق نفسه لأنه لم يكن عنده رجاء أن السيد المسيح بعد صلبه وقيامة وسوف يغفر له خطيته، أما بطرس الرسول فقد أنكر السيد المسيح بل لم يكتفي بذلك فقد لعن وسب وجدف علي السيد المسيح أمام جارية !!ولكن بطرس بكي بكاءا مرا علي عملته هذه وكان عنده رجاء أن السيد المسيح سوف يغفر له خطيته، وأصر القديس بطرس علي تبعية السيد المسيح وهذا دليل علي أنه عنده رجاء أن الله ان يرفضه.. فذهب إلي العلية وأصر علي ترك التلاميذ.. + وبعد القيامة قال الملاك للنسوة " أذهبن وقلن للتلاميذ ولبطرس أنه يسبقكم إلي الجليل وظهر السيد المسيح لبطرس علي بحر طبرية وعاتبه عتاب المحبة وقال له " يا سمعان ابن يونا أتحبني "(ثلاث مرات ") فد بطرس عليه "أنت تعلم يارب أني أحبك " فقال له السيد المسيح "أرع خرافي " وبكي بطرس ومع ذلك لم يفقد القديس بطرس رجاءه في القيامة في محبة المسيح وغفرانه وهذا يدل علي أنه كان ملئ بالرجاء فالمفروض أن الخادم يكون لديه لرجاء في المسيح فمهما فعل الخادم فالمسيح لن يتركه خامساً : الله يستطيع أن يحول الصفات الغريبة في الخادم إلي صفات جميلة كان في بطرس صفة الاندفاع والتهور وقد حول السيد المسيح هذه الصفات الغريبة لتكون وسيلة للمنفعة فكان بطرس مشهور بصفة التسرع وهذه الصفة نفعت في يوم الخمسين (يوم حلول الروح القدس ) فعندما قال اليهود عن التلاميذ يوم الخمسين أنهم سكري قام بطرس بشجاعة وأقحمهم (وكانت أورشليم مكتظة باليهود من جميع بلدان العالم ومن جميع الجنسيات ) فقام بطرس واندفع ودافع عن المسيحة والتلاميذ. فباندفاعه هذا قام وتكلم ووعظ الناس وفي هذا اليوم أمن 3 ألاف نفس وكانت أكبر عملية تبشير بعد حلول الروح القدس علي التلاميذ فالله استخدم اندفاع بطرس وشجاعته لصالح الخدمة. +وعندما طلب اليهود من التلاميذ ألا يتكلموا عن السيد المسيح ويبشروا به، فبشجاعة قال بطرس والتلاميذ "لا نستطيع أن نتكلم بما سمعنا ورأينا " (أع 20:4) ان الله استخدم التهور عند بطرس للكرازة والخدمة. الله يستخدم كل ضعفات وطاقات الخادم في الخدمة لكي تثمر، فالمسيح لم يغير طبيعة بطرس ولكن عرف كيف يستخدمها في الخدمة ولخير الناس. +وقد يكون الخادم متشددا ًمع الأولاد في الخدمة فحزمه وتشديده علي الأولاد لحضور القداس ومدارس الأحد قد يؤدي انتظام والتزام الأولاد علي المواظبة. +أو تشديد أمين الخدمة أو أمين الأسرة مع الخدام من جهة التحضير والافتقاد والقراءات الروحية والجدول الروحي مهم ويقيد الخدام والخدمة. +أن الله لا يغير طبيعة أي شخص من الرسل ولكنه استخدمه كما هو بشخصيته المميزة فالله لا يغير طبيعة الإنسان ولكن فقط قد يعدل من شخصيته للأفضل
المزيد
12 يوليو 2019

إستشهاد القديسين الرسولين بطرس و بولس وفطر صوم الرسل

في مثل هذا اليوم إستشهد القديسان العظيمان الرسولاً ن بطرس و بولس . أما بطرس فكان من بيت صيدا وكان صيادا فإنتخبه الرب ثاني يوم عماده بعد انتخابه لأخيه إندراوس . وكان ذا إيمان حار وغيرة قوية ولما سأل الرب التلاميذ . ماذا يقول الناس عنه . أجابوا : " إيليا أو إرميا أو أحد الأنبياء " فقال بطرس " أنت هو المسيح ابن الله " وبعد ان نال نعمة الروح المعزي جال في العالم يبشر بيسوع المصلوب ورد كثيرين إلى الإيمان وقد أجرى الله على يديه آيات كثيرة وكتب رسالتين إلى جميع المؤمنين . ولما دخل رومية وجد هناك القديس بولس الرسول ، وبكرازتهما آمن أكثر أهل رومية فقبض عليه نيرون الملك وأمر بصلبه . فطلب ان يصلبوه منكسا وأسلم روحه بيد الرب . أما بولس الرسول فقد ولد بطرسوس قبل ميلاد المخلص بسنتين ، وهو من جنس يهودي من سبط بنيامين ، فريسي ابن فريسى وكان عالما خبيرا بشريعة التوراة شديد الغيرة عليها مضطهدا المسيحيين . ولما رجموا إسطفانوس كان يحرس ثياب الراجمين . وأخذ رسائل من قيافا إلى اليهود المتوطنين في دمشق للقبض على المسيحيين . وبينما هو في طريقه إلى دمشق أشرق عليه نور من السماء فسقط على الأرض وسمع صوتا قائلا له : " شأول شأول لماذا تضطهدني (أع 9 : 4 ) " فقال : " من أنت يا سيد " . فقال الرب " أنا يسوع الذي أنت تضطهده . صعب عليك ان ترفس منأخس " ثم أمره ان يذهب إلى حنانيا بدمشق وهذا عمده وللحال فتحت عيناه وامتلأ من نعمة المعزي ، وجاهر بالإيمان وجال في العالم وبشر بالمصلوب وناله كثير من الضرب " الحبس والقيود وذكر بعضها في كتاب أعمال الرسل وفي رسائله ثم دخل رومية ونادي بالإيمان فأمن على يديه جمهور كثير . وكتب لهم الرسالة إلى أهل رومية وهي أولي الرسائل الأربع عشرة التي له . وأخيرا قبض عليه نيرون وعذبه كثيرا وأمر بقطع رأسه . وبينما هو ذاهب مع السياف التقت به شابه من أقرباء نيرون الملك كانت قد آمنت على يديه فسارت معه وهي باكية إلى حيث ينفذ الحكم . فعزاها ثم طلب منها القناع ولف به وجهه وأمرها بالرجوع وقطع السياف رقبته وتركه وكان ذلك في سنة 67 م فقابلت الشابة السياف أثناء عودته إلى الملك وسألته عن بولس فأجابها : " أنه ملقي حيث تركته . ورأسه ملفوف بقناعك " فقالت له : " كذبت لقد عبر هو و بطرس وعليهما ثياب ملكية وعلي رأسيهما تاجان وناولني القناع . وها هو " وأرته إياه ولمن كان معه فتعجبوا من ذلك وأمنوا بالسيد المسيح .وقد اجري الله على يدي بطرس و بولس آيات عظيمة حتى ان ظل بطرس كان يشفي المرضى (أع 5 : 15 ) ومناديل ومآزر بولس تبريْ الكثيرين فتزول عنهم الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة (أع 19 : 12) . صلاتهما تكون معنا ، ولربنا المجد دائمًا . آمين هذا هو اليوم الذي تعيد فبه الكنيسة بفطر الرسل ويعمل اللقان بعد رفع بخور باكر فى الخورس الثالث وبملابس الخدمة .
المزيد
11 يوليو 2019

التأمل.. ما هو؟ وما هي مجالاته؟

التأمل في أي أمر معناه الدخول إلى العمق، سواء في عمل الفكر، أو عمل الروح. هو أيضًا الوصول إلى لون من المعرفة فوق المعرفة العادية الخفية، معرفة فوق الحس، معرفة جديدة عليك، ومبهجة لروحك، تجد فيها غذاءً ومُتعة روحية. أو التأمُّل هو تفتح العقل والقلب والروح، لاستقبال معرفة يرسلها اللَّه من فوق، أو من داخل روح الإنسان. والتأمُّل يناسبه السكون والهدوء، والبُعد عن الضوضاء التي تشغل الحواس، وبالتالي تشغل العقل وتبعده عن عمل الروح فيه. ويزداد التأمُّل عمقًا كُلَّما تتحرَّر الحواس من الشغب الحالي، ويتحرَّر الإنسان من سيطرة فكره الخاص، لكي يستقبل ما تعطيه الروح. وللتأمُّل مجالات كثيرة، نود أن نتناولها بالتفصيل... هناك تأمُّل في كلام اللَّه، أو في الصلاة والتدبير والألحان. أو التَّأمُّل في الخليقة والطبيعة، أو في السماء والملائكة، أو التَّأمُّل في الموت والدينونة وما بعدها. وهناك تأمُّل في الأحداث وفي سِيَر القديسين، وفي الفضيلة عمومًا، وفي وصايا اللَّه. وهناك نوع آخر هو أسمى من التَّأمُّل في صفات اللَّه الجميلة. ومنها التأمُّل في المُطلق، في الحق، في الخير. على أن موضوعات هذا التَّأمُّل قد تكون أكثر من أن نحصيها، بحيث يتأمَّل الإنسان الروحي في كل شيء، حتى في الماديات، يحاول أن يستخرج منها روحيات تفيده. من جهة التَّأمُّل في كلام اللَّه: فكلام اللَّه هو روح وحياة. والكلمات هي مُجرَّد غُلاف، يُغلِّف معاني داخلها. كالصدفة التي تحوي داخلها اللؤلؤ. وفي التَّأمُّل ينبغي أن تكشف الصدفة، وتأخذ اللآلئ التي في داخلها. وهنا تُصلِّي مع داود النبي وتقول: "اكشف يا رب عن عينيَّ، لأرى عجائب من شريعتك". أي تكتشف العمق الموجود في الوحي الإلهي. فإلهنا الحنون ينير عقولنا وأفهامنا لندرك عُمق وصاياه. حقًا يا رب بنورك نُعاين النور. وهنا يكون التَّأمُّل عبارة عن تقديم عقولنا إلى اللَّه، لكي بنعمته يملأها بالفهم الذي من عنده. أو هو تلمذة على نعمة اللَّه، وتدريب كيف نأخذ منها الفهم الذي تريد أن تعطيه. فلا تقف يا أخي عند حدود العقل. بل اتخذ العقل وسيلة للوصول إلى الروح. والروح توصلك إلى اللَّه الذي عنده كل كنوز المعرفة فيعطيك. القارئ السطحي في كلام اللَّه، قد يقرأ كثيرًا ولا يتأمَّل. أمَّا القارئ الروحي، فالقليل من قراءته يكون له نبع تأملاَّت لا ينضب. إن كلمة واحدة أو عبارة تستوقفه، فيغوص في أعماقها، ويظل سابحًا في تلك الأعمال. وهو يقول مع داود النبي: "لكل كمال رأيت منتهى، أمَّا وصاياك فواسعة جدًا". لأنه في التأمل قد يفتح اللَّه قلبه، فيرى في الآية الواحدة كنزًا عظيمًا، مهما اغترف منه لا ينتهي... إذن كتدريب روحي، خُذ لك كل يوم آية للتَّأمُّل تكون قد تركت في نفسك تأثيرًا عميقًا أثناء القراءة... ورُبَّما تكون معاملات اللَّه مع الناس مجالًا واسعًا للتَّأمُّل... سواء معاملة الله تبارك اسمه مع قديسيه الذين أحبوه وأطاعوه. أو معاملته للخطاة الذين انتفعوا من طول أناة الله عليهم التي قادتهم إلى التوبة... إن شخصيات الكتاب أيضًا تصلح مجالًا للتَّأمُّل. إن التأمُّل في وصايا اللَّه سوف يشغل نفسك أثناء النهار بفكر روحي. ويظل هذا الفكر يتعمَّق فيك. والفكر يلد فكرًا من نوعه، ويلد أيضًا الكثير من المشاعر والعواطف والتَّأمُّلات. ويصبح قلبك نقيًا تعمل فيه كلمة اللَّه. ولا يقف الأمر عند حدود اللذة بالمعرفة، إنَّما يتطوَّر ليكون له تأثيره في حياتك العملية. لذلك إن استطعت أن تُطبِّق تأملاتك على حياتك، وتستخرج منها منهجًا تسير عليه، يدخل في علاقاتك مع اللَّه ومع الناس. وإن لم تكن لك موهبة للتَّأمُّل في الكتاب، فاقرأ تأملات الأبرار الذين اتصفوا بعُمق تأملاتهم في الكتاب. أمَّا من جهة التأمُّل في الطبيعة فهو ليس مُجرَّد تأمُّل في جمال الطبيعة، إنما بالأكثر ما تُقدِّمه لنا من روحيات، كما قال داود النبي في مزاميره: "السموات تُحدِّث بمجد اللَّه، والفلك يخبر بعمل يديه". وهنا نتدرج من التأمُّل في الطبيعة إلى التَّأمُّل في عظمة اللَّه خالقها. وهنا أتذكر قول الشاعر: ها ذي الطبيعة قِف بنا يا ساري حتى أريك بديع صنع الباري وقديمًا كانوا يدرسون الفَلَك في الكليات اللاهوتية. لأنَّ النظام العجيب الدقيق الذي فيه، يُثبت وجود خالق كُلِّي القدرة استطاع أن يوجد كل ذلك. إن كانت السماء المادية مكانًا عظيمًا للتَّأمُّل، فكم تكون السماء التي هي عرش اللَّه!! ويرتبط التأمُّل في السماء بتأمُّل آخر في الملائكة... بل على الأرض يمكن أن يكون هناك تأمُّل في جمال الورود والأزهار. وما أكبر الفارق بين الزهور الطبيعية وغيرها من الزهور الصناعية، التي مهما أفتن الإنسان في صنعها، فهي بلا حياة، بلا رائحة، بلا نمو... وكذلك التأمُّل في طيور السماء، في تعدُّد أنواعها وأشكالها ونغمات أصواتها، وطباعها، ورحلاتها. بل التأمل في النملة النشيطة حيث لم أرَ في حياتي كلها نملة واقفة، بل هي دائمة الحركة. . وفي ذلك قال سليمان الحكيم: "اذهب إلى النملة أيها الكسلان. تأمُّل طُرقها وكُن حكيمًا". بل أكثر من هذا إذا تأمَّلنا في النحل حيث نأخذ منه أيضًا تأمُّلًا في النظام الداخلي الذي تعيشه مملكة النحل، وكيف خلقها اللَّه بإمكانيات وقدرات عجيبة... تستطيع أن تجمع الرحيق وتصنعه شهدًا، وكيف تصنع غذاء الملكات! وكيف تبني خلاياها بهندسة متقنة عجيبة، وكيف تطير رحلات بحثًا عن الزهور والرحيق. وما أعجب ما قاله عنها أمير الشعراء أحمد شوقي: مملكة مُدبّرة بامرأة مؤمَّرة تحمل في العمال والصناع عبئ السيطرة أعجب لعمال يولُّون عليهم قيصرة إن الإنسان الروحي يستطيع أن يتخذ كل شيء مجالًا للتَّأمُّل. ويستطيع أن يستخرج من الماديات ما تحمله من دروس روحية. كذلك جسم الإنسان هو مجال واسع للتَّأمُّل يدل على عظمة الخالق، فما أعجب القدرات التي وضعها اللَّه في المُخ، وفي القلب، وفي كل أجهزة الجسم البشري، وكيف تعمل متناسقة في اتزان عجيب. وبعض هذه الأجهزة إذا تلف، لا يقدر كل التَّقدُّم العلمي على إرجاعه إلى وضعه الطبيعي. هناك تأمل آخر في الأحداث، ويد اللَّه في بعض الأحداث، وفي تدبير كل شيء إلى الخير. ولا ننسى التأمُّل في الموت، وفي القيامة، وفي الدينونة، وفي صفات الله الذاتية مثل الأزلية والقدرة على كل شيء والوجود في كل مكان. وأيضًا تأمل صفات اللَّه في معاملته مع البشر
المزيد
06 يوليو 2019

حرب جديدة

هذه الأيام نسمع كثيرا وبصورة مستمرة عن خدام وخادمات يتركون كنيستهم وخدمتهم أو للأسف يُجبروا على ترك كنيستهم بسبب مشاكل تحيط بهم سواء كانت هذه المشاكل من الآباء الكهنة أو مع أمناء الخدمة أو حتى مع أخوتهم الخدام ،وهى حربا جديدة بدأها الشيطان لكى يبعد أولادنا وبناتنا خداما وخادمات عن أمهم الكنيسة وعن خدمة الرب يسوع وأولاده بحجة أن هؤلاء الخدام أصبحوا غير قادرين على إحتمال الضغوط والعثرات والضعفات التى يرونها بالكنيسة ولكن هل الحل هو أن نترك أمنا ؟ أن نهرب من بيتنا ؟حتى لو كان ذلك الى كنيسة أخرى فهل نترك كنيستنا بها ضعفات؟؟ وربما تكون هذه الكنيسة الأخرى التى تبدو لنا دون ضعفات أو مشاكل هى الأخرى لا نحتمل الخدمة بها لكثرة مشاكلها فهل نهرب مرة أخرى ويستمر الهروب الى أن ينتصر عدو الخير ؟ أخى .أختى .مهما كانت تبدو الكنيسة والخدمة تقسو علينا لا نتركها أبدا بل أرجوكم لنجلس الى أنفسنا أولا فمن الممكن أن يكون العيب فينا ربما تكون الذات هى العائق أمامنا فنرفض التوجيه أو التأديب وبالتالى نرفض تشكيل الله لنا بطريقته ونريد أن ننمو فى الخدمة ولكن بطريقتنا نحن وقد يسمح الله أحيانا بأن تقسو الكنيسة علينا ولكن من أجل منفعة يريد الله أن يعلمنا أياها كأن يريد أن يعلمنا الصبر أو الأحتمال أو الأتضاع وعدم الخضوع دائما للذات بعنادها وكبرياءها لذلك ليس الحل فى الهروب من الكنيسة ومن الخدمة ولكن الحل فى الأصرار على البقاء فيها والصلاة من أجلها لكى يظهر الله جمالها ويحل مشاكلها ويدخلنا الى العمق فيها، وأتوجه الى كل الآباء الكهنة وأمناء الخدمة والمسئولين عنها أن يتذكروا دائما أنهم مسئولين أمام الله عن أى عثرة تبعد إنساناً عن كنيسته وخدمته ، وأرجوهم أن يكونوا دائما قدوة حسنة ويسعوا لإنجاح الخدمة وجذب أولاد الله للكنيسة حتى تنتصر الكنيسة فى هذه الحرب
المزيد
25 يونيو 2019

منهج الخادم

1- الخادم هو:- خ: خالى من العيوب باقترابه من الرب يسوع أ: أب حنون والبشاشة على وجهه د: دارس فى علوم الكتاب المقدس وعامل بما يدرسه م: مملوء من النعمة والروح القدس 2- الاحتراس من: أ- (3) صور للخادم: الموظف ، البوسطجى ، recorder ب- (3) صور للخدمة:قضاء وقت فراغ ، تسلسل طبيعى فى الكنيسة ، أجد نفسى فى الخدمة 3- الخادم لابد ان يكون متواضع: م: محب للكل ت: تحت أقدام الكل و: واحد فى الكل أ: أصغر الكل ض: ضد الخطية والشر ع: عينه على السماء 4- أعراض تلف الخدمة: 1- الاهتمام الزائد بنتائج الخدمة : الفرح بالنجاح واليأس من الفشل 2- الاهتمام بالخدمة ونظامها والتدقيق فى ترتيبها أكثر من النفوس المخدومة الذى ينتج عنه أخيرا التضحية بالنفوس فى سبيل الاحتفاظ برصانة النظام 3- عدم نمو المخدومين فى المحبة وتعلقهم بشخص الخادم 5- ملحوظات للخادم: أ- ان كانت الحرارة الالهية تفارقكم بعد أن قبلتموها فاطلبوها من جديد وهى تاتى اليكم لان الحرارة التى هى بحسب الـله هى هكذا مثل النار فهى تحول البرودة الى قوتها الخاصة فاذا ما رايتم قلوبكم فى ساعة ما قد ثقلت. اقيموا نفوسكم أمامكم وحاكموها فى ذهنكم بحسب أفكار التقوى وهكذا لابد أن تسخن من جديد وتشتعل فى الـله ب- جوهر الخدمة و مظهرها : جوهر الخدمة شىء ومظهرها شىء أخر فمظهر الخدمة يتعلق بالنظام والترتيب وأنواع العظات وكيفية الصلوات والخدمات المتعلقة بحاجات الضعفاء وتقسيم هذه المهام على المسئولين وتوجيه المسئولين لاستيفاء معرفتهم من خبرات السابقين ومن الكتب وتزويدهم بالحاجات الضرورية بالخدمة . أما جوهر الخدمة فهو توصيل الحياة الابدية للمخدومين الذين وضعهم الـله فى مسئوليتنا وتوصيل الحياة الابدية هو ان يقبل الانسان عمل المسيح الذى عمله من اجله ج- الاصول التربوية مطلوبة وضرورية عند استخدام القصة أو الترنيمة ولكن مدى تاثيرها فى المخدومين مرتبط اساسا بالروح التى يلقيها الخادم ومدى انفعاله بالاحداث عن صدق وايمان بالهدف الذى تهدف اليه
المزيد
01 يونيو 2019

الهروب إلى مصر

"وبعدما انصرفوا إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم، قائلاً:وكن هناك حتى أقول لك،لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه فقام وأخذ الصبي وأمه ليلاً وانصرف إلى مصر" [13-14]. يلاحظ القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن الملاك لم يقل عن القدّيسة مريم "امرأتك"، بل قال "أمه"، فإنه إذ تحقّق الميلاد وزال كل مجال للشك. صارت القدّيسة منسوبة للسيّد المسيح لا ليوسف. لقد أراد الملاك تأكيد أن السيّد المسيح هو المركز الذي نُنسب إليه. يرى القدّيس أغسطينوس أن النفس التي ترتبط بالسيّد المسيح خلال الإيمان الحيّ العامل بالمحبّة تحمله فينا روحيًا، وكأنها قد صارت له كالقدّيسة مريم التي حملته روحيًا كما حملته بالجسد! لماذا هرب السيّد المسيح إلى مصر؟ أولاً: الهروب إلى مصر يمثّل حلقة من حلقات الألم التي اجتازها القدّيس يوسف بفرحٍ، فإن كان الوحي قد شهد له بالبرّ، فإن حياة البرّ تمتزج بالآلام دون أن يفقد المؤمن سلامة الداخلي. يُعلّق القدّيس يوحنا الذهبي الفم على كلمات الملاك ليوسف، قائلاً: [لم يتعثّر يوسف عند سماعه هذا، ولا قال: هذا أمر صعب، ألم يقل لي إنه يخلّص شعبه، فكيف لا يقدر أن يخلّص نفسه، بل نلتزم بالهروب، ونقطع رحلة طويلة، ونقطن في بلد آخر؟ فإن هذا يناقض ما وعدت به! لم يقل شيئًا من هذا، لأنه رجل إيمان! بل ولا سأل عن موعد رجوعه، إذ لم يحدّده الملاك، بل قال له: "وكن هناك حتى أقول لك". لم يحزن بل كان خاضعًا ومطيعًا يحتمل هذه التجارب بفرح. هكذا يمزج الله الفرح بالتعب، وذلك مع كل الذين يتّقونه... مدبّرًا حياة الأبرار بمزج الواحدة بالأخرى. هذا ما يفعله الله هنا... فقد رأى يوسف العذراء حاملاً، فاضطرب وبدأ يشك... وفي الحال وقف به الملاك وبدّد شكّه ونزع عنه خوفه. وعندما عاين الطفل مولودًا امتلأ فرحًا عظيمًا، وتبع هذا الفرح ضيق شديد إذ اضطربت المدينة، وامتلأ الملك غضبًا يطلب الطفل. وجاء الفرح يتبع الاضطراب بظهور النجم وسجود الملوك. مرّة أخرى يلي هذا الفرح خطر وخوف لأن هيرودس يطلب حياة الطفل، والتزم يوسف أن يهرب إلى مدينة أخرى] هذه هي صورة الحياة التقويّة الحقيقية، هي مزيج مستمر من الضيقات مع الأفراح، يسمح بها الرب لأجل تزكيتنا ومساندتنا روحيًا، فبالضيق نتزكّى أمام الله، وبالفرح نمتلئ رجاءً في رعاية الله وعنايته المستمرّة. ثانيًا: هروب السيّد المسيح من الشرّ أكّد حقيقة تجسّده، وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [لو أنه منذ طفولته المبكّرة أظهر عجائب لما حُسب إنسانًا.] ثالثًا: هروبه كممثّل للبشريّة يقدّم لنا منهجًا روحيًا أساسه عدم مقاومة الشرّ بالشرّ، وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن النار لا تطفأ بالنار بل بالماء. رابعًا: كانت مصر رائدة العالم الأممي، فكانت بفرعونها تُشير في العهد القديم إلى العبوديّة، بخصوبة أرضها تُشير إلى حياة الترف ومحبّة العالم. كان يمكن للسيّد أن يلتجئ إلى مدينة في اليهوديّة أو الجليل، لكنّه أراد تقدّيس أرض مصر، ليقيم في وسط الأرض الأمميّة مذبحًا له. في هذا يقول إشعياء النبي: "هوذا الرب راكب على سحابة خفيفة سريعة، وقادم إلى مصر، فترتجف أوثان مصر من وجهه، ويذوب قلب مصر داخلها... في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر، وعمود للرب عند تُخُمها، فيكون علامة وشهادة لرب الجنود في أرض مصر... فيُعرف الرب في مصر، ويَعرف المصريّون الرب في ذلك اليوم، ويقدّمون ذبيحة وتقدمة، وينذرون للرب نذرًا ويوفون به... مبارك شعبي مصر" (إش 19). اهتم الوحي بهذه الزيارة الفريدة، بها صارت مصر مركز إشعاع إيماني حيّ. وكما خزن يوسف في مصر الحنطة كسندٍ للعالم أثناء المجاعة سبع سنوات، هكذا قدّم السيّد المسيح فيض نعم في مصر لتكون سرّ بركة للعالم كله، ظهر ذلك بوضوح خلال عمل مدرسة الإسكندريّة وظهور الحركات الرهبانيّة والعمل الكرازي. يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [هلمّوا إلى برّيّة مصر لتروها أفضل من كل فردوس! ربوات من الطغمات الملائكيّة في شكل بشري، وشعوب من الشهداء، وجماعات من البتوليّين... لقد تهدّم طغيان الشيطان، وأشرق ملكوت المسيح ببهائه! مصر هذه أم الشعراء والحكماء والسحرة... حصّنت نفسها بالصليب! السماء بكل خوارس كواكبها ليست في بهاء برّيّة مصر الممتلئة من قلالي النُسّاك... على أيّ الأحوال، من يعترف بأن مصر القديمة هي التي بكل خوارس كواكبها حاربت ليست في بهاء برية مصر الممتلئة من قلالي النساك... على أي الأحوال، من يعترف بأن مصر القديمة هي التي حاربت الله في برود فعبدت القطط، وخافت البصل، وكانت ترتعب منه، مثل هذا يدرك قوّة المسيح حسنًا.] يتحدّث أيضًا القدّيس يوحنا الذهبي الفم عن هذه الزيارة المباركة لمصر لتقديسها، فيقول: [إذ كانت مصر وبابل هما أكثر بلاد العالم ملتهبتين بنار الشرّ، أعلن الرب منذ البداية أنه يرغب في إصلاح المنطقتين لحسابه، ليأتي بهما إلى ما هو أفضل، وفي نفس الوقت تتمثل بهما كل الأرض، فتطلب عطاياه، لهذا أرسل للواحدة المجوس، والأخرى ذهب إليها بنفسه مع أمه.] كما يقول: [تأمّل أمرًا عجيبًا: فلسطين كانت تنتظره، مصر استقبلته وأنقذته من الغدر.[
المزيد
11 مايو 2019

من أقوال الآباء في القيامة

-1-لنقدِّم أنفسنا لمن قدَّمَ نفسه عنا إنه فصح الرب، إنه الفصح! لنردده لمجد الثالوث* الفصح، بالنظر إلينا، عيد الأعياد، احتفال الاحتفالات، كما تكسِفُ الشمسُ النجوم، كذلك يكسِفُ هذا العيد الأعياد، ليس فقط أعياد البشر، بل أعياد السيد المسيح نفسه* بالأمس ذُبِح الحمل، ونُضِحت الأبواب بدمه، وبكتْ مصر أبكارها، أمَّا نحن فنجونا بفضل الدم الزكي* بالأمس كنت مصلوبًا مع المسيح، واليوم مُمجَّدٌ معه* بالأمس كنت مائتًا معه، واليوم حيٌّ معه* بالأمس كنت مدفونًا معه، واليوم قائمٌ معه* فلنقدِّم لا الهدايا فحسب للذي تألم لأجلنا ثم قام، بل أنفسنا، فإنها أثمن الهدايا وأقربها إلى الله* صورة الله فينا: لنعكِسَنَّ الضياء اللائق بها اعتبارًا لقيمتِنا، وإكرامًا لمِثالنا* إذن لنفهمَن ذلك السر، ولماذا مات المسيح؟ لنتشبه بالمسيح لأنه تشبه بنا* لنصِرْ آلهة معه لأنه صار إنسانا لأجلنا* لقد اعتنق الشيء الأقل صَلاحًا ليُعطينا الأفضل* تسوَّل بشرتنا لنغتني بفقره* اتخذ شكل عبد ليُعِتقَنا من العبودية* تنازل ليرفعَنا* قبِلَ أن يُجرَّبَ ليُعينَنا على النصر. احتُقِر ليُمجِّدنَا ومات ليُخلِّصنا* صعد إلى السماء ليرفع إليه القابعين في الخطيئة* فليُقدِّم كل واحد منا كل ما يملك للذي قدَّمَ نفسه فداءً عنا* فإذا فهمنا سر الفصح فلا نستطيع أن نعمل أفضل من أن نقدِّم أنفسنا للمسيح، فنُضْحي على مثاله كما أضحى هو على مثالِنا*. القديس غريغوريوس النـزينـزي -2-فصح المسيح إن فصح المسيح جعلنا أُناساً جدداً. كنا نولد أبناء للبشر، واليوم نولد أبناء لله. بالأمس كان الموت سائدًا بسبب الخطيئة، واليوم يملك العدل بفضل الحياة. إنسانٌ واحدٌ فتح لنا قديما باب الموت، والمسيح اليوم أعاد لنا الحياة. بالأمس أخذنا الموت من الحياة، واليوم أبادت الحياةُ الموتَ. بالأمس طردنا العصيان من الفردوس، واليوم يُعيدنا إليه الإيمان بقيامة المسيح. قدَّم لنا المسيح ثمرة الحياة لكي نتلذذ بها كما نشاء، وجرى من جديد ينبوع الفردوس الموزعة مياهه بأربعة أنهار الأناجيل، لكي يُنعش وجه الكنيسة. القديس غريغوريوس النيصي -3-المسيحُ قام من بين الأموات، فقوموا أنتم معه. المسيح عاد واستوى في مكانه، فعودوا أنتم معه. المسيح تحرر من رُبُطِ القبر، فتحرروا أنتم من رُبُطِ الخطيئة. أبواب الجحيم قد فُتحت، والموت ينحل. آدم القديم يبتعد والجديد يعود إلينا. فإذا كانت خليقةٌ جديدةٌ بالمسيح، فتجددوا أنتم. الفصحُ فصحُ الرب. هذا عيد الأعياد وموسم المواسم، فهو فوق الأعياد والمحافل جميعا، وفضله على سائر الأعياد كفضل الشمس على سائر الكواكب. اليوم نعيِّد القيامة نفسها التي لم تعد أملاً ورجاءً، بل واقعاً حياً، وموضوع فرح دائم في غلبتنا الموت. فقد اشتملت العالم بأسره. ومتى صعد المسيح إلى السموات، فاصعدْ معه، وكُنْ مع الملائكة. ساعد في أن ترفع الأبواب لاستقبال الآتي من الآلام بحفاوة. وأَجِبْ السائلين: “من هو هذا ملك المجد؟” أجب إنه السيد الرب ملك المجد، و”إنه الرب القوي والقدير”. يا أيها الناهضُ، إذا وصلنا باستحقاق إلى الغاية المبتغاة، وصرنا مقبولين في الأخدار السماوية، سنقرب لك بصحة العزم ذبائح مقبولة على مذبحك المقدس. يا أيها الآب والابن والروح القدس، لأنه لك يتوجب كل مجد وإكرام وسلطان إلى دهر الداهرين، آمين القديس غريغوريوس اللاهوتي -4-جاء في إحدى عظات القديس بوليكاربوس أسقف أزمير (القرن الثاني) عن الإيمـان بقيامـة المسيح ونتيجتـه على حياة المؤمـن وسلوكـه: “.. شدّوا أحقاءكم واتقّـوا الله بالمخافة والحق طارحين جانباً كلام الثرثـرة الفارغ وضلال الأمم، موطِّدين الإيمان على من أقام ربنا من المـوت، وآتاه المجد، وأعطاه عرشاً عن يمينـه. “له يخضع كل ما في السماء وعلى الأرض” ويعطيه كل من فيه نسمة حياة. وعندما يأتي “ليدين الأحياء والأموات” سيُقاضي عن دمـه كل من رفض الإيمان به. “والذي أقامه من الموت” سيُقيمنا معه أيضاً إن امتثلنا لمشيئته، وسرنا على طريق وصاياه، وأحببنا ما يحب، وتركنا كل إساءة وطمع ونميمة وشهادة زور، وعن حب المال المفرط متجنبين مجابهة شر بشر، وشتيمة بشتيمة، وضربة بضربة، ولعنة بلعنة، ذاكرين تعليم من قال: “لا تدينوا لئلا تُدانوا، اغفروا يُغفر لكم، أرحموا تُرحموا، بالكيل الذي تكيلون به يُكال لكم، طوبى للمساكين وللمضطَهدين من اجل البرّ فإن لهم ملكوت الله”. القديس بوليكاربوس أيقف أزمير عن رعيتي 4/مايو 1997 -5-هذه مقتطفات من العظة الأولى التي ألقاها القديس غريغوريوس بعد انتخابـه أسقفاً على نازيانز (آسيا الصغرى) سنة 362. كان القديس غريغوريوس قد اختار الحياة الرهبانية برفقـة صديقـه القديس باسيليوس الكبير، إلاَّ أن والده الذي كان أسقف نازيانز نفسها استدعاه ورسمه كاهنا ثم أسقفاً. لم يرغب في الأسقفية في زمن تفاقم الأريوسية وعاد إلى الدير لكنـه رجع بعد أشهر إلى مسؤوليته الأسقفية واستمر فيها حتى صار بطريرك القسطنطينية وانتصر على الأريوسية في المجمع المسكوني الثاني. نلاحظ من المقاطع التي ننشرها إن عددا من الصلوات التي نرتلها في العيد مأخوذة من عظات القديس غريغوريوس. الذين خدمونا وتألموا من اجلنا. لنصفح عن كل شيء في القيامة، أنا اغفر لكم فرض المسؤولية عليَّ وأنتم اغفروا لي تأخري … مُسحت سريا وتخلفت عن خدمة السر فترة تفحصت فيها نفسي، والآن أعود في هذا اليوم البهي الذي يساعدني لأتغلب على ترددي وضعفاتي. وأرجو أن يجددني القائم من بين الأموات بالروح ويلبسني الإنسان الجديد ويدفعني إلى خليقتـه الجديدة عاملاً جيداً وسيداً جيداً مستعداً للموت مع المسيح والقيام معـه. أمس كنت مصلوباً مع المسيح، اليوم أُمجَّّد معـه. أمس مت مع المسيح، اليوم أحيا معـه. أمس دُفنت مع المسيح، اليوم اخرج معـه من القبر. لنقـدّم بواكيرنا إلى الذي تألم وقام من اجلنا. أتظنون إني أتكلم عن الذهب والفضة والأقمشة والحجارة الكريمـة؟ كلها مقتنيات أرضية، لا تخرج من الأرض إلاَّ لتقع في أكثر الأحيان بين أيدي الغاشين عبيد المادة وأمير هذا العالم. لنقدم للمسيح ذواتنا: هذه هي أثمن تقدمة في عيني الله والأقرب إليه. لنردّ إلى صورته ما هو على شبهه. لنتعرف على عظمتنا ونمجّد مثالنا، لنفهم قوة هذا السر وسبب موت المسيح. لنصر مثل المسيح بما أن المسيح صار مثلنا. لنصر آلهة من أجلـه بما أنه صار إنساناً من أجلنا. أخذ الأسوأ ليعطينا الأفضل. أفقر ذاتـه ليغنينا بفقره. أخذ صورة عبد لنحصل على الحريـة. وضع نفسه ليرفعنا. تجرّب ليشهد انتصارنا. قَبِلَ الإهانـة ليظلـلنا بالمجد. مات ليخلصنا. صعد إلى السماء ليجذبنا إليه نحن الذين تمرَّغنا في الخطيئـة. لنقدّم كل شيء إلى من أعطى ذاته فديةً عنَّا. لن نعطي أبداً تقدمةً أعظم من أنفسنا إن فهمنا هذا السر وصرنا من اجله ما صاره من اجلنا” القديس غريغوريوس النـزينـزي عن رعيتي 23 ابريل 1995 -6-إنها لحكمةٌ ساميةٌ، تلك القاضية بأن تُنسي السيئات في أيام الفرح. فقد جلَبَ لنا هذا اليوم نسيان الحُكْم الأول الصادر بحقنا. وما قولي كذا؟ ليس النسيان، بل الإلغاء. لقد أُلغي تماما كل ذكرٍ للقضاء علينا. كنَّا قبلاً نُولَدُ بالألم، أمَّا الآن فنولدُ بدون ألم؛ لأننا كنّا جسديين ونولدُ بالجسد، أمَّا مَن يولدُ الآن، فهو روحٌ مولودٌ من الروح. بالأمس كنا نولد أبناء للبشر، واليوم نولد أبناء لله. بالأمس كنا منبوذين من السماء إلى الأرض، واليوم جعلَنا الرسول السماوي مواطنين في السماء. بالأمس كان الموتُ سائداً بسبب الخطيئة، واليوم يملك العدل بفضل الحياة. إنسانٌ واحدٌ فتح لنا قديماً باب الموت، وواحدٌ اليوم أعاد لنا الحياة. بالأمس نبذَنا الموتُ من الحياة، واليوم أبادت الحياةُ الموتَ. بالأمس خبّأَنا الخجلُ تحت التينة، واليوم يجذبنا الموت نحو شجرة الحياة. بالأمس طردَنا العصيان من الفردوس، واليوم يُعيدنا إليه الإيمان. وقُدمَ لنا ثمر من الحياة جديداً لكي نتلذذ به كما نشاء، وجرى من جديد ينبوع الفردوس الموزَّعة مياهه بأربعة أنهار الأناجيل، لكي يُنعَش وجهُ الكنيسة. هكذا تستطيع أن ترتوي الآلام التي شقَّها زارع الكلمة في نفوسنا، فتتأثر بذور الفضيلة… الآن تتمُّ راحة السبت الحقيقية، تلك التي باركَها الله وفيها استراح من محَنِه، بعد أن احتفل بانتصاره على الموت، لأجل خلاص العالم. لقد ظهرت نعمةُ هذا النهار لعيوننا وآذاننا وقلبنا. احتفلْنا بالعيد بكل ما رأينا وسمعنا وملأَنا فرحاً. ماذا رأينا؟ ضياء المشاعل التي كانت تُنقل في الليل كغمامة من نار. وسمعنا طوال الليل رنين المزامير والأناشيد والترانيم الروحية. فكان هذا سلسالا من الفرح يجري بآذاننا إلى نفسنا فيُفعمنا آمالا سعيدة. وكان أخيرا قلبنا المأخوذ بما نسمع ونرى مفعماً فرحاً وغبطةً، يقوده المنظور إلى اللامنظور: “هذه الخيرات التي لم تَرها عين، ولم تسمع بها أُذن، ولم تَخطر على قلب بشرٍ” (1كورنثوس 2: 9). إن أفراح يوم الراحة هذا تُقدِّم لنا عنها مثالا؛ لقد كانت عربون رجائنا الفائق الوصف في المصير المرتقَب. بما أن هذه الليلة المتلألئة بالنور، التي جمعت بين بريق المشاعل وأشعة الشمس الأولى، ألّفت معها يوماً واحداً، دون أن تفسح مجالا للظلام، فلنتأمل، يا إخوتي، النبوءة القائلة: “هوذا اليوم الذي صَنَعَه الرب” (مزمور 117: 24). إنها لا تَعرُض أي أمر شاقّ أو صعب، بل الفرح والسعادة والبهجة، لأنها تضيف: “فلنفرح ونبتهج به!”. يا له من شاغل شيّق! ما ألطفه أمرا! من يتردد في الطاعة لمثل هذه الأوامر؟ من لا يشعر بضيم إذا تباطأ في تنفيذها؟ المقصود أن نفرح، فنحن مأمورون بأن نبتهج، وبهذا مُحي العقاب القاضي على الخطيئة، وتحوَّل حزننا إلى فرح. القديس غريغوريوس النيصصي
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل