المقالات

19 سبتمبر 2020

المقالة التاسعة في تقويم المستسيرين من العباد

بسيرة ذات ألم، ويبتغون الكرامات يا إخوتي أنا منذهل ومجروح بالحزن من أجل النبي القائل: ” انظروا أيها المتهاونون وأعجبوا “. فأولاً: أتحير من أجل ذاتي خاصة ؛ من قبل جهلي وعدم أدبي ؛ لأنني صرت طُرقاً لكل ألم ولكل خطيئة ؛ والعدو ربط فيَّ كل عضو، فينبغي لي أن أنتحب وأبكي على ذاتي من أجل الخزي الحاصل فيَّ. لأني أهتم بالأشياء التي للآخرين، وكان سبيلي أن أنتزع أولاً السارية التي في عيني ؛ ثم أعاين القذى الذي في عين أخي. إلا أن التهاون الصائر الآن في وقتنا يغيصني في الحزن جداً ؛ لأنني أبصر الونية المشتملة علينا الآن ؛ ولا يمكنني أن أحتمل بل أتوجع نظير القائل: ” رأيت الذين لا ذهن لهم فذبت “. لأن أية آلة لم ينصب لنا المعاند ؛ أو أية صناعة كثيرة أنواعها لم يمسكنا بِها، ويلي من لا يبكي على الأسواء المتشبثة بنا ؛ أصغوا إلى المقولات فإنني أتضرع إليكم أنتم الذين اخترتم هذه السيرة أن تصغوا وتفرقوا رعباً. لأننا قد لبسنا زي الملائكة ونحن نناجي المحال، إن الإسكيم ملائكي والسيرة عالمية، أَترى الملائكة في السماوات يسيرون بالمحك والغيرة كما نشاهد الآن فينا، لأنه قد تأصل فينا الحسد والغيرة والوقيعة. لأن المحال المكار قد نضح سمه بحال مختلفة في كل واحد منا ؛ وبصناعته يعرقلنا. فواحد قد قوم الصوم، وقد مُسِك بالغيرة والحسد، وآخر قد مسك ذاته من الشهوة الشنعاء ؛ وقُيد تقييداً بالسبح الباطل، آخر قد قوم السهر وقد أقتنص بالوقيعة. آخر قد أبعد الوقيعة ؛ وامتلأ من عدم الخضوع والمجاوبة، آخر قد مسك ذاته عن الأغذية ؛ وغرق بالصلف والتيه، آخر يواظب على الصلوات ؛ وينغلب من الغضب والغيظ. آخر قد قوم شيئاً يسيراً ؛ وهو مترفع على المتوانيين، وآخر قد قيدته الرذيلة ؛ وليس من يفهم. من أجل هذا يوجد في العبادة مماحكات وانشقاقات ؛ ويلي من لا يتنهد ؛ من لا ينوح على ضعف هذه السيرة الملائكية ؛ لأننا قد تركنا العالم ؛ ونحن نعقل معقولات العالم. طرحنا القنيان ؛ ولا نكف ولا نستقر من الخصومات. تركنا المنازل ؛ ونذوب بالاهتمام بِها كل يوم. ليس لنا غنى ؛ والكبرياء لا نتركها. أهملنا التزويج ؛ ولا ننتقل من الطغيان الباطل. من داخل نتواضع ؛ وبالنفس نلتمس الكرامات. عادمين القنية بالظن ؛ ومضبوطين باحتشاد المال. عادمين القنية بالكلام ؛ ومرتبطين بالذهن بمحبة الاقتناء. من لا ينوح على زهدنا وعلى ونيتنا، من يبصر ولا يعجب من صنائع العُباد ولا سيما المبتدئين والشباب، لأنَهم ما زهدوا بالقول ؛ ويتصلفون. وما خاطبوا أحداً بالإسكيم ؛ ويتعظمون. ما سمعوا التعليم ؛ ويعظون. لم يبصروا الدهاليز ؛ ويتصورون الأشياء التي داخل. لم يرتقوا الدرج ؛ ويطيرون نظير السحب. بالسواء لم يذوقوا النسك؛ ويتدرعون بالسبح الباطل. لم يسمعوا صوت الآذان ؛ ويربون. لم يجتمعوا بالرفقة الأخوية، ويتسيدون متمولين. لم يدخلوا أبواب الدير ؛ وقد صاروا يظنون ويذمون ويقطبون. فلا أفني الوقت لأن صنائعهم كثيرة ؛ وليس من يفهم ؛ ولا من يزهد من أجل اللـه ليبذل ذاته بالطاعة عبداً لأخوته ؛ لكن إن أنتهر ؛ يجاوب بمعاني من الخطابة. وإذا أطاع ؛ يشكك ذاته ولا يغاير العزم الصالح. ويرتب ذاته في الأشياء التى لا تنفع. ليس له ثلاثة أيام منذ زهده في العالم ؛ ويخاصم من شاخ في الإسكيم، إذ لا يريدون أن يطيعوا ؛ يخترعون لذاتَهم صنائع. إذ لا يحتملون حرارة الجسد ؛ ويتهم ويعادي بعضهم بعضاً، ما دخلوا تحت النير ؛ وينتهرون ويأمرون ويسخطون. أعمل هذا أيها الأخ ؛ فيقول: لا أعمله إن لم يجئ فلان. فلان متشاغل بدراسة الكتب ؛ فسبيلي أنا أن أثابر عليها. ولعله قبل زهده كان يعيش عيشة الفعلة، ولم يعرف في قديم أمره ما هي يمناه ويسراه، وفي حال مجيئه إلى الدير قد ظهر محباً للعلم ومترجماً. فلان الأخ مرتاح ؛ فينبغي لي أنا مثله أن أرتاح. يتفرج ؛ فسبيلي أنا أن أتنزه. يلبس حلة ؛ فيجب لي أن ألبس مثله. أخذ كرامة ؛ فينبغي لي أن أُكرم، قد مضى يحدث الآباء ؛ فسبيلي أن أفاوضهم. فوض إليه السلطان على الأمر الفلاني، أتراني لا أستحق أن أؤتمن أنا عليه. هذه الأمور التي يرضاها الشباب. هذا تواضع المبتدئين. هذه أتعاب وأثمار الزيتون الحديث نصبه. أبِهذا الجهاد يحرصون أن يرثوا الملكوت. من أجل هذا صاروا أعداء للـه. بِهذه الأشياء يظهر أننا لم نزهد بشىء يسير من سيرة العالم لأننا بالوهم زهدنا ؛ وبالحقيقة نعقل معقول العالم. وبالحقيقة ليس لنا اعتذار لأننا بالإسكيم عباد ؛ وبالخلق جفاه وعادمو الإنسانية. بالإسكيم متورعون ؛ وبالخلق قتّال. بالإسكيم والزي متواضعون ؛ وبالخلق مفسدون. بالإسكيم والزي محبون ؛ وبالسخاوة ماقتون. بالإسكيم صادقون ؛ وبالسمية معادون. بالشكل صائمون ؛ وبالقلب مجربون. بالإسكيم نساك ؛ وبالقلب متكبرون مجاهدون. بالزي أعفاء ؛ وبالقلب زناة. بالزي صامتون ؛ وبالقلب طامحون. بالزي ودعاء ؛ وبالخلق متعظمون. بالزي معزون ؛ وبالسجية شامتون. بالزي مشيرون ؛ وبالحال مراءون، بالزي هادئون ؛ وبالخلق ماكرون. بالزي غير حاسدين ؛ وبالخلق حسودين. بالزي ناصرون ؛ وبالشيمة دافعون. أترى من أين تعرض لنا مثل هذه الأمور ؟ سوى من كون ليس لنا محبة كاملة بعضنا لبعض، وليست لنا ألفة نقية ؛ وليس لنا تواضع حقيقي ؛ وليس لنا خوف اللـه أمام أعيننا. أننا نتهاون ونتغافل ونظن أن الوصية الخلاصية خرافة وهذيان، بكلمة اللـه تتشدد السماوات ؛ ونحن لا نقبله بصفة أخ. ذلك الفم المرهوب والغير مدرك والمرعب قال: ” من يشاء أن يكون فيكم عظيماً فليصر لكم خادماً “. ونحن قبل أن نعاين درجة الإسكيم نتكبر ويستعظم الواحد منا على الآخر ؛ ويطفر بعضنا على بعض، وكلنا عقلاء عند ذاتنا، كلنا مدبرون. كلنا متسلطون ؛ مرتبون ؛ منتهرون ؛ مفترضو الشريعة ؛ محبو الأمر والنهي ؛ مترجمون ؛ معلمون ؛ كلنا نأمر ؛ كلنا مهتمون ؛ قهارمة ؛ أولون. أترى لا يقنعكم قول الرسول بولس إذ يقول: ” إن كان الجسد كله سمعاً، فأين المشم ؟ “. إن كان الكل أولو الجماعة ؛ مدبرو ؛ الكافة مرتبون، فأين تفاضل ترتيب اللـه ؟ ومع هذا ألا يقنعكم أن تذعنوا للقائل: ” ليس أحد يأخذ الكرامة من ذاته إلا المدعو من اللـه “. أم كيف يقول أيضاً: ” أترى كلهم معلمون “. من أجل هذا رتب اللـه رئاسات وسلطات ؛ لأنه إن كان في السماوات كل أرواح الخدمة الغير بالين ولا مائتين لم يرضي اللـه أن يكونوا في رتبة واحدة ؛ بل رتب رؤساء وسلاطين وعظماء ؛ وكل واحد منهم لا يتجاوز رتبته ؛ وكافة الأشياء قد صارت بترتيب وثبات. فلِمَ نخاصم بعضنا بعضاً خصومات جائرة ؛ والملائكة ورؤساء الملائكة لا يتجاوزون الحدود المرتبة لهم. ونحن ندفع بعضنا بعضاً ؛ ويريد الواحد أن يكردس الآخر ؛ ويسابق بعضنا بعضاً قفزاً، ونزدري ونستصغر كأننا نستطيع أن نقوِّم شيئاً أكثر منهم. ترحماً لعماية الذهن. ألا تذعنون لقول القائل: كل أحد فليثبت في الأمر الذي دعي إليه. كيف تتقون القائل: ” إن من يعطى كثيراً يطالب بكثير “. لكي تقتنوا بِهذا تواضعاً. يا إخوتي لا نستكمل عمرنا بِهذه المناقص المذمومة، كمن ليس أمام أعينهم القضية المرهوبة. لا نسير كمن لا يزعمون أن يعطوا جواباً عن كل أمر، لا تصيروا عثرة وشكاً للذين هم من خارج، لا نضيفن خطيئة على خطايانا، لا يُفترَ على الإسكيم الجليل من أجل عدمنا الفهم، بل الأليق أن يُمدح بنا. فإنه ستوافي وتجئ تلك الساعة المرهوبة ولا تبطئ ؛ وفيها نكون بلا اعتذار، لأنه ماذا نستطيع أن نقول للـه ؟ وماذا احتجنا أن يصنعه بنا ولم يفعله ؟ هل ما رأينا الإله نفسه متواضعاً بصورة عبد لنتواضع نحن ونصير متواضعين، أما رأينا وجهه الأقدس الذي لا يصفه عقل مبصوقاً عليه لكي إذا شُتمنا وانتهرنا لا نتوحش ونتنمر، بل أما شهدنا ظهره مبذولاً للسياط لكي نخضع لمدبرينا، أو ما عاينا وجهه وقد لطم لكي إذا رفضنا لا نتنمر. هل ما سمعنا عنه أنه لم يناصب ولم يجاوب ؛ لكي لا نكون مستبدين برأينا ولا نجاوب. وأما سمعناه يقول: أنا لا أعمل من ذاتي شيئاً. حتى لا نصير نحن متعظمين مالكين مشيئتنا بذاتنا وحاوين السلطان على ذاتنا. بل ترى أما سمعناه قائلاً: تعلموا مني فإني وديع ومتواضع القلب. لنصير نحن ودعاء ومتضعين القلب. لكننا نحن نحسد بعضنا بعضاً ؛ وننهش ونأكل بعضنا بعضاً. أي جواب نعطيه. أطلب إليكم لا من أجل الآلام البشرية نخرج من السعادة التي لا تنتهي؛ ولا من أجل الكرامة الوقتية نضيع المجد المؤبد، ولا من أجل المحك والغيرة والحسد نشجب في نار جهنم. قد التمست أن تخلص فلِمَ تفحص أمر قريبك، قد دخلت تحت النير فلِمَ توعز وترتب ليشتهر ثمر طاعتك. ثق فإنه لا مرتبة ؛ ولا كرامة ؛ ولا عظم شأن ؛ ولا بأن يقال لأحد أولاً وثانياً، ولا بأن يسمى مدبراً، ولا بأن يدعى أيها الشريف، ولا بأن يفوض إليه كرامة، ولا بأن يؤتمن على مرتبة يدخل بِهذه إلى ملكوت السماوات، أو يعطى صفحاً عن خطاياه، أو ينجى من التعذيب. بل هذه تُشجب وتُهلك. لكن التواضع ؛ والطاعة ؛ والمحبة ؛ والصبر ؛ وطول الروح ؛ تمنح ملكوت السماوات وتوابعه. لأنه لا يستطيع أحد أن ينجح ويوقر ويخلص إلا بالتشبه بالرب في الكل. أما قد سمعتموه قائلاً: ” ما جئت لأُخدَم بل لأَخدُم “. وأيضاً: ” ما جئت لأصنع مشيئتي بل مشيئة من أرسلني “. وأيضاً: ” من يعلي ذاته يوضع “. أو ما سمعتم كيف يطوب قائلاً: ” الطوبى للمساكين بالروح فإن لهم ملكوت السماوات “. أما سمعت أنك كنت إذا جلست تغتاب أخاك وكيف يوعد أنه سيوبخك تجاه وجهك، أما قد سمعتم أن من يبغض أخاه هو في الظلمة وأن المحال من أجل الجسد سقط من السموات. أو ما قد وعيتم أنه من أجل الكبرياء والمجاوبة هبط من أي مجد وشرف، وأن مريم أخت موسى من أجل كلمة تعيير أصيبت بالبرص. فلماذا ولنا مثل هذه الأنموذجات نسد آذاننا كما لأفعى، لا أعني الآذان الجسدانية بل آذان القلب، لأن هذه تتذكر لكن تلك لا تتذكر. لم لا تصدق القائل: ” أن من يثبت في المحبة يثبت في اللـه “. أتضرع إليكم يا معشر الرعية المنتخبة أن نستفيق ما دام لنا وقت، ولنتعفف ما دمنا في الإمهال. لئلا تفاجئنا تلك الساعة المرهبة المؤلمة ؛ فننوح بمرارة نادمين تندماً لا ينفع، لئلا نخزى بذلك الخزي العظيم أمام اللـه والملائكة والناس. ولنكف عن الخصومات ؛ ولا سيما نحن الحاويين الحواس الشبابية، تواضعوا بكل ما لكم من قوة لتستطيعوا أن تدركوا الكمال. قد علمتم كم كان لآبائنا من راحة وتحرز، وكم تواضع وتحفظ، وشقاء وازدراء بذاتَهم، فالآن الحرب عظيمة فلا نتهاون، ولا تظنوا أنكم قد وصلتم إلى الكمال ؛ إن الحاجة ماسة إلى تعب كثير وجهاد جزيل لننال الخلاص. لا تظنوا أن التزين الكثير أو سدل الثياب هو التعبد ؛ أو أن تكون يدا الإنسان بَهيتين ذلك يخلصه، أو حسن المنطق، أو ترجمة الكتب هو الكمال، أو كشف الرؤوس ؛ أو تسريح الشعور وتنظيفها بغير الفضائل الموافقة الملائمة التي لا تنحصر في لبس الإسكيم. لكن الإسكيم الذي يتبعه الخلق الجميل والأعمال ؛ لأن الإسكيم خلواً من الأعمال ليس شيئاً ؛ فلا تُهملوا الاهتمام ؛ ولا تتراخوا لأن الحاجة إلى تعب كثير كي نلجم الحداثة. فإن كنتم تستثقلون المقولات ؛ لكن ذلك لا يغمني لأنني أشاء أن تقبلوا مكاوِ لتزيلوا القبح وتنزعوا التماسي، ولا تظنوا إن كتمتم آلامكم ينساها اللـه ؛ فإنني أقول لكم إن الأفعال الخفية فيكم أستقبح أن أكتبها لأنني إن عملت ذلك لا تثبتون بل تَهربون. فلهذا أطلب إليكم أن تواضعوا ذاتكم بالطاعة بالمحبة بالحقارة بالإهانة، وبِهذه أطيعوا بعضكم بعضاً، وأخضعوا بالصوم بالصلاة بالسهر بالترتيب الممدوح، لا تكونوا في الخصومة أقوياء وفي الترنيم ضعفاء. لا تكونوا منتبهين إلى مناجات الأفكار وناظرين مثل وحوش، وفي الصلاة متناعسين وتغمضون عيونكم، لا تكونوا في الحديث الباطل أقوياء كالثيران وفي هذيذ تمجيد اللـه ضعفاء كالثعالب، لا تكونوا في حجج الخصومة غير مغلوبين وفي الأقوال الروحانية تتثآبون. لا تكونوا في اللعب أصحاء وإذا وعظتم تقطبون، لا تكونوا في النهار معافين بنهم البطن وفي الصلاة الليلية متمارضين، لا تكونوا في المحادثات جبابرة وفي الأعمال منحلين، لا تكونوا في أن تأمروا مكرمين وفي أن تؤمروا متنافرين. لا تكونوا ملتذين بأن تطاعوا وفي أن تطيعوا مقطبين، لا تكونوا في أن تأمروا صارمين وإذا أُمرتم تتذمرون، لا تكن الأيدي إلى الأصابع واللسان إلى الصدر، لا تكونوا إلى المائدة متسارعين وفي الأعمال متوانين. لا تكونوا في استدعاء النواظر إليكم متيقظين وفي أن تميزوا شيئاً صالحاً مظلمين، لا تكونوا بحضرة الإناث متأدبين ومع إخوتكم متنمرين، لا تكونوا في كثرة الغتذاء أقوياء وفي الصيام ضعفاء، لا تكونوا في شرب الخمر مسرورين وفي شرب الماء مقطبين ومكتئبين. لكنني أتضرع إليكم يا أولاد اللـه ؛ أن تتخذوا الغيرة النفيسة ؛ ومهما كان ممدوحاً صالحاً يختص بالمنفعة، اقتنوا أول كل المناقب التواضع ؛ المحبة؛ الخيرية ؛ الوداعة والدعة سامعين بعضكم لبعض. ولا تتخاصموا في شىء لا ينفع، وكونوا غير عاجزين في الصوم والصلاة لتستطيعوا أن تغلبوا الآمر الجسد ؛ لكي لا من أجل الآلام المنكرة نعدم مثل جسامة هذه الخيرات، لا نبتغِ الوقتيات فنضيع المجد الذي لا يفنى. أسرعوا وبادروا وما دمنا في الجسد فلنعمل المناقب التي ترضي اللـه، ولنحرص فقد حصلنا في شىء عظيم، فلا نُهمل الاهتمام فليس صراعنا بإزاء أناس مبصرين لكي ما إذا رأيناهم نتحرز منهم بل الذين يحاربوننا لا يرون. فلأجل هذا إن العطب عظيم للمتوانين ؛ وإذا غلبوا فلهم ثواب جزيل، فلنغلبهم بالحيل ولنصاففهم، فإذا حرضنا العدو على شره البطن فلنحاربه بالصوم، إن هيجنا إلى اشتهاء امرأة فلنستعمل الصبر ؛ ونمسك الحس ونَهرب من المكان. إذا أنْهضنا إلى الغيظ فلنتضرع بالسلامة، إن جعلنا أن نغضب فلنتخذ الوداعة، إن أنْهضنا إلى المقت فلنلاصق المحبة، إذا حصلنا إلى ابتغاء الإكرام فلنوضح رغبة الاستحقار. إذا حضنا إلى رغبة الشرف فلنتخذ الخفضة والدناءَة، إن خيل لنا أمور الاستعلاء فلنصور في ذهننا تواضع الرب، أن حرضنا إلى مغايرة أخينا فلنخطر ببالنا سقطة قايين. إن استنهضنا إلى الحسد فلنذكر هلاك عيسو ؛ إن حركنا إلى الاغتياب فلنسيج علينا الصمت، إن قاومناه هكذا يهرب ولا يثبت، وتوافي وقتئذ النعمة وتكللنا كما يليق بالظافرين. صدقوني يا إخوتي أنني مشجوب من جميع الأشياء التي وعظتكم أن تحفظوها فقد صرتم أتقياء وأنا متوحل بحمأة الخطايا. لكن بادروا أن تبتعوني بتوبتكم الجليلة، صدقوني أنني ما حفظت شيئاً مما قلته، زينوا أقوالي بأعمالكم وأنا متيقن أنكم ستوجدون بلا عيب وأنا سأُدان عن الأقوال التي أقولها ولا أعملها.لا نتوانى عن خلاصنا ؛ ولا نحسب المقولات مثل أمثال ؛ فإننا ما أوردنا شيئاً خارج المكتوبات والمقولات ليست كاذبة.فلنقبل زرع هذا القول ؛ ونثمر كالأرض الصالحة بعض ثلاثين وبعض ستين وبعض مائة، لكي ما إذا حملنا الأثمار وتسربلنا ببهاء الفضائل نفرح بربنا يسوع المسيح، وهو ينجينا في ملكوته.فإن له يليق المجدإلى أبد الدهورآمين مقالات مار إفرآم السريانى
المزيد
18 سبتمبر 2020

الاضطهادات العشرة التي عبرت على الكنيسة في العصر الروماني

الاضطهاد الأول تحت حكم الإمبراطور نيرون سنة 64 م. الاضطهاد الثاني تحت حكم الإمبراطور دوميتيان سنة 81 م. الاضطهاد الثالث الذي بدأ في عصر تراجان سنة 106 م. الاضطهاد الرابع تحت حكم مرقس أوريليوس أنطونيوس عان 166 م. الاضطهاد الخامس الذي بدأ مع ساويرس عام 193 م. الاضطهاد السادس في عهد مكسيميانوس التراقي سنة 235 م. الاضطهاد السابع في عهد ديسيوس سنة 250 م. الاضطهاد الثامن على يد فاليريان الطاغية سنة 257 م. الاضطهاد التاسع في عهد أوريليان سنة 274 م. الاضطهاد العاشر في عهد دقليديانوس سنة 284 م. | بدء التقويم القبطي على رسم الشهداء موقف المسيحيين في وسط العالم في أيام الاضطهاد عدم مقاومة الشر الصلاة المحبة الارتباط السري بين الصلاة وقبول الآلام الاستعداد للآلام بفرح كيف أعدت الكنيسة أولادها للاستشهاد؟ إنَّ الاستشهاد اختبار تَقَوِي يومي يحيا فيه المؤمن، والكنيسة كجسد المسيح المُتألِم، يلزمها قبول سِمَات المسيح الرأس حتى تكون لها شَرِكة الحُب الحقيقي والوحدة التي بين العريس المُتألم وعروسه، بين الرأس والجسد (الأعضاء).لذلك الكنيسة العروس تُكمِّل نقائِص شدائِد المسيح بالألم (كو 1: 24) فالمسيح هو العريس والرأس وحجر الزاوية ولمَّا كانت الكنيسة أُم جميع المؤمنين، لذلك سلَّمت أولادها صراحة الإيمان، وجعلتهم يستعدون للمعركة الروحية غير واضعين أمامهم سوى مجد الحياة الأبدية وإكليل الاعتراف بالرب، غير مُهتمين بما يُقابلهم من عذابات، لأنها ستكون كتلك التي عبرت وانتهت ولأنَّ الحرب قاسية وشديدة تلك التي تُهدد جنود المسيح، لذلك هيَّأتهم ليشربوا كأس دم المسيح اليومي حتى يُعطيهم إمكانية تقديم دمهم مسفوكًا لأجله، لأنَّ من قال أنه ثابِت فيه ينبغي أن يسلُك كما سَلَكَ ذاك (1يو 2: 6).المسيح عريس الكنيسة ورأسها وأُسقفها هو الذي يُتوِج خُدامه الذين أُعِدَّت أفكارهم وحياتهم للاعتراف والاستشهاد... فهو لا يرغب في دَمِنَا بل يطلُب إيماننالهذا حرصت أُمنا البيعة المُقدسة على إعداد أولادها للاستشهاد لا بخوف كالعبيد بل بحُب كما يليق بأبناء أحرار، فيا لها من كنيسة مجيدة ومُطوبة تلك التي صار فيها دم الشُهداء مُمجدًا!!لقد كانت بيضاء قبل استشهاد هؤلاء العِظَام، والآن بعد أن أعدَّتهُم الكنيسة للشهادة فشهدوا، صارت قُرمُزية بدم الشُهداء، ولم يعُد ينقُصها زهور بيضاء ولا زنابِق حمراء.لذلك تُجاهد الكنيسة لتُعِد أولادها بجهاد عظيم غير مُتزعزِع لأجل المجد، فينال أولادها أكاليل بيضاء بجهادِهِم في غير زمن الاستشهاد، وينالون أكاليل قُرمُزية مُخضبَّة بدِماء شهادتِهِم في زمن الاستشهاد، عندئذٍ يكون في السماء لكلٍ منهم زهوره التي يتمجد بها جنود المسيح. دور الكنيسة في الاستعداد للاستشهاد كان دور الكنيسة الأساسي الذي قامت به أثناء الاضطهادات المُريعة التي صادفتها خلال الثلاثة قرون الأُولى، هو إعداد أبنائها لاجتياز تلك الاضطهادات التي كانت في عهد الأباطرة المُضطهدين:- (1) نيرون سنة 64 م. (2) دوميتيان سنة 81 م. (3) تراجان سنة 106 م. (4) أوريليوس سنة 161 م. (5) ساويرُس سنة 193 م. (6) مكسيميانوس سنة 235 م. (7) ديسيوس سنة 250 م. (8) ڤالريان سنة 257 م. (9) أورليان سنة 274 م. (10) دقلديانوس سنة 303 م. لكنه سالم الكنيسة منذ تَوَلِّيه سنة 284 م. حتى سنة 303 م. ومن إحصائية قام بها بعض المؤرخين للسنوات التي عاشتها الكنيسة تحت الحرمان والاضطهاد، تبيَّن ما يأتي:- القرن الأول سِت سنوات اضطهاد ، مُقابِل 28 سنة تسامُح. القرن الثاني 86 سنة اضطهاد، مُقابِل 14 سنة تسامُح. القرن الثالِث 24 سنة اضطهاد، مُقابِل 76 سنة تسامُح. القرن الرابِع 10 سنوات اضطهاد ، حتى صدور مرسوم ميلان. فالكنيسة عاشت تحت الحرمان والاضطهاد والمُطاردة ابتداءً من عصر نيرون سنة 64 م إلى سنة 313 م، حتى مرسوم ميلان السلامي الذي أصدره قسطنطين الكبير... ومع أنَّ الاضطهادات لم تكن بدرجة واحدة في العُنف، إلاَّ أنَّ الكنيسة من سنة 249 م حتى تملَّك قسطنطين الكبير ذاقت اضطهادات ومُطاردات ومذابِح عظيمة.وكانت الأجيال المُتلاحِقة تُدرِك تمامًا أنها تعيش تحت خطر الاستشهاد الذي ينبغي الاستعداد له... فكان هذا واجب الأساقفة وقادة الكنيسة من إكليروس وعلمانيين.فكانت تُلقِن أولادها إنهم مُجاهدون لأنَّ حياة المُجاهِد تستوجِب التدريب على النُسك والجهاد ويذكُر التاريخ والتقليد الكنسي أنَّ هناك شُهداء لم يكونوا مُستعدين ولا مُدربين لذلك عجزوا عن الشهادة، وكذلك نجد أنَّ القديس كبريانوس الأسقف والشهيد سنة 249 م يُؤكد على حمل سلاح الله.. فصار تدريب الكنيسة الروحي المُستمر هو الاستعداد للموت وتصفية النَّفْس وتكلَّم أيضًا العلاَّمة ترتليان عن مبدأ الاستعداد بقوله: يجب أن تجعل النفس تألف السجن وتُمارِس الجوع والعطش وتقبل الحرمان من الطعام حتى يمكن للمسيحي أن يدخل السجن، بنفس الكيفية كما لو كان خارجًا منهُ حالًا، فيصير تعذيب العالم لنا ممارسة عادية... فلنمضي للجهاد بكل ثقة دون جزع كاذِب، وليصير الجسد مُدرع بسلاح فيوجد يابسًا. لذلك نقرأ في سيرِة الشهيد يوحنا الهرقلي أنه عاش كيوحنا المعمدان بتولًا، والشهيد أنبا إيسي من صعيد مصر الذي فضَّل البتولية وحذا حذو أُخته تكلة. القمص أثناسيوس فهمي جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج عن كتاب الاستشهاد في فكر الآباء
المزيد
17 سبتمبر 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ أَفَسُسَ

1- بين اصحاح 1 : 17، 1 تى 3 : 16 ففى الاول قيل عن الله (اله ربنا يسوع المسيح) اى الاله الذى اتى المسيح ليعمل مشيئته وارسل المسيح وذهب المسيح اليه. او بعباره اخرى الاله الذى عرفناه اياه المسيح ولم نكن نعرفه قبلا كما عرفنا هو اياه بانه اله محبه ورحمه (الله لم يره احد قط. الابن الوحيد الذى هو فى حضن الاب هو خبر) (يو 1 : 18). 2- بين اصحاح 4 : 26 وبين عد 31 ففى الاول (اغضبوا ولا تخطئوا) وفى الثانى ينهى عن الغضب. فنجيب : ان معنى القول الاول (اغضبوا بشرط ان لا تخطئوا) اى يجوز لكم ان تغضبوا، لكن يجب ان تحترسوا من ان يقودكم الغضب الى الخطيه فيجب ان تمسكوه حتى لا يحملكم على تجاوز الحد الذى بين الحلال والحرام. اما الغضب المنهى عنه فهو الناتج عن الحقد او المقترن به وهو الضار. فلا يقال ان كل غضب حرام فى كل درجاته بدليل ان المسيح نظر الى المعترضين عليه بغضب (مر 3 : 5) وكثيرا ما نسب الغضب فى الكتاب المقدس الى الله ولانه غرس فى طبيعتنا ليعيننا على المحاربه بين الخير والشر فى العالم حتى اننا نقاوم الظلم وسلب الحقوق. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
16 سبتمبر 2020

إنه عالَم مشغول

إن الله -تبارك اسمه- يطل من سمائه على عالمنا، فيجده عالمًا مشغولًا. إنه عالم يجرى بسرعة، ولا يجد وقتًا يتوقف فيه ليفكر إلى أين هو ذاهب! وهو أيضًا عالم صاخب كله أحاديث وضوضاء ومناقشات وانفعالات، وقد فقد هدوءه إنه عالم مشغول على كافة المستويات: على مستوى الدول والأمم والجماعات والأفراد فالدول مشغولة بالحروب والسياسات والانقسامات، وبالفتن والدسائس والتدابير. والجماعات مشغولة بالصراعات والتشاحن، وبالثقافات التي تتصادم وتتزاحم ولا تتلاحم. والأفراد أيضًا مشغولون بالمشاكل الأسرية والمشاكل الاقتصادية، وبالصراع في ميادين الدراسة والوظائف والعلاقات الاجتماعية ووسط كل ذلك يقل العمل الروحي أو يضعف ويفتر، وتختفي العلاقة مع الله، ولا يفكر أحد تفكيرًا جديًا في مصيره الأبدي ولا في الاستعداد له. وإن قام للصلاة يكون ذلك بأسلوب شكلي روتيني لا روح فيه، حتى أن الله يقول كما قال عن اليهود في وقت ما "هذا الشعب يعبدني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عنى بعيدًا" ويقف الشيطان مبتهجًا بمشغولية الناس، ما دامت هذه المشغولية تنسيهم أنفسهم، وتنسيهم إلههم، ولا تعطيهم فرصة للتأمل فيما هو لازم لحياتهم الأخرى، ولا تعطيهم فرصة للتأمل ولمحاسبة أنفسهم. وإن وجدوا وقتًا للهدوء يشغلهم بعمل إضافي، أو بدراسة معينة، أو بألوان من اللهو والتسلية والمتعة، أو يبحث عن مزيد من الرزق المادي. والمهم في كل ذلك أنهم لا يجدون وقتًا يتفرغون فيه لله خالقهم. مقنعًا أن تلك المشغوليات لازمة لهم اجتماعيًا أو ثقافيًا أو ماديًا لصلاح حالهم!! وإن اهتم شخص بالنواحي الدينية، يدخل معه الشيطان أيضًا في هذا المجال. فإما أن يحوّل له الدين إلى صراعات فكرية والى مجالات وفلسفة، أو يحوّل مسيرة تدينه إلى نزاع مع الذين يختلفون معه في المذاهب. أو يكتفي بأن يجعله يهتم بإلقاء دراسات أو محاضرات عن السلوك البار دون السير فيه. وهكذا يشبه لافتات الطريق التي توضح الطريق دون أن تسلك فيه، أو هو يشبه أجراس المعابد التي تدعو الناس إلى دخول المعبد دون أن تدخل هي فيه!! ويصبح التدين كلامًا، ولا يصير ممارسة أو حياة!!لا تظنوا أن الشيطان يغرى كل الناس بالخطيئة لكي يبعدهم عن الله... كلا، فإنه يفتن في طرق عديدة لإبعادهم. المهم عنده أن فكرهم لا يكون مع الله، ولا قلبهم أيضًا فهو يشغل البعض بالمال وكأنه الوسيلة الوحيدة لسعادته، ويشغل البعض الآخر بالمناصب والألقاب، فيسعى إليها بكل جهده ليشبع بها رغباته. كما أنه قد يشغل آخرين بالعلم أو بالسياسة، فيركزون في ذلك كل آمالهم. وهو يضخمّ قيمة المشغولية التي يحارب بها كل أحد لكي لا يتبقى له وقت يهدأ فيه إلى نفسه، ويفكر في الله وفي الحياة الأخرى والاستعداد لها وتصبح المشغولية لونًا من التخدير، يتوه به الإنسان عن نفسه، فلا يرى شيئًا مهما وذا قيمة سوى هذه المشغولية! أما حياته الروحية وصفاء قلبه ونقاوته، فلا يحسب لشيء من هذه حسابًا!!والشيطان -في كل ذلك- لا يكتفي بمشغولياتك الحالية، بل يحاول أن يضيف إليها مشغوليات أخرى، لكي ترتبك ويلهيك عن نفسك. وهو مستعد أن يقدم لك في كل يوم عروضًا ربما تكون سخية تغريك لكي تقدم لها أنت المزيد من وقتك واهتمامك وعاطفتك. وهكذا تعيش في جحيم الرغبات والمشغوليات التي تشعل مشاعرك وتشغلك والعجيب في كل ذلك والمؤلم أيضًا، انك لا تشعر بأنك قد أخطأت في شيء. وتقول لنفسك: أنا لم أكسر أية وصية من وصايا الله لا وقعت في الزنا أو النجاسة أو السرقة أو القتل وما شابه ذلك. أنا إنسان أعمل عملي بكل إخلاص وأتفرغ له... حقًا انك كذلك، ولكنك لم تعط من حياتك وقتًا لله ليكن الله يا أخي في مقدمة مشغولياتك، إن لم يكن هو شاغلك الوحيد. فعملك الروحي وصلتك بالله، ينبغي أن تكون باستمرار في مقدمة مشغولياتك وفي توزيع وقتك. واجعل خلاص نفسك في المقام الأول، ثم رتّب باقي مسئولياتك حسبما تكون أهميتها. وضع نصب عينيك باستمرار تلك العبارة الخالدة: "ماذا ينتفع الإنسان، لو ربح العالم كله وخسر نفسه..؟!"إن خسرت نفسك، ماذا يكون لك عوضًا عنها؟ وكل الذين ماتوا وتركوا هذا العالم، ماذا نفعتهم مشغولياتهم؟! ولما تركوا تلك المشغوليات بموتهم، هل ارتبك العالم، أم بقى كما هو بدونهم؟!. نصيحتي لك: ابدأ يومك بالله في كل صباح، قبل أية مشغولية أخرى. ونظّم وقتك بحيث لا تطغى أية مشغولية على الوقت الذي تقضيه مع الله. ولا تخرج من منزلك قبل أن تقوم بكل واجباتك الروحية. ولا تسمح لشيء أن يتفوق على روحياتك مهما كانت الأسباب أو الإغراءات، ومهما حوربت بقيمة وأهمية تلك المعطلات... ولا يصح أن تضحى بعلاقتك مع الله من أجل أي شيء أو أي شخص أيًا كان. وضع حياتك الروحية قبل كل المشغوليات، سواء من جهة الوقت أو جهة الأهمية واعلم أنك دائمًا تصرّف حياتك، حسب قيمة كل شيء في نظرك. وليس هناك شيء أكثر أهمية من مصيرك الأبدي، لأن كل شيء زائل، إلا البر والخير والعلاقة الطيبة مع الله وثق أن الله سيبارك كل وقت، إن أعطيت الباكورة له. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
15 سبتمبر 2020

من أين يأتي الشهداء بالقوة في مواجهة الموت؟

يرى الكثيرون أن مواجهة العذابات والموت هو أمر يفوق طاقة البشر، ويخشى الكثيرون من تلك المواجهة خوفًا من أن يضعفوا أو يخوروا أو ينكروا. ومن الصلوات التي نردّدها كثيرًا في ليتورجيات الكنيسة: "ثّبتنا على الإيمان الأرثوذكسي إلى النفس الأخير"، وهي شهوة قلب كل أحد أن يموت على إيمانه. ونرى أن الشخص ذاته الذي يحاربه الشيطان ويحارب ذويه بالخوف، هو نفسه يكتسب قوة غير عادية من الله في تلك الساعة. وقد وعد السيد المسيح قائلًا: «فمَتَى ساقوكُمْ ليُسَلِّموكُمْ، فلا تعتَنوا مِنْ قَبلُ بما تتَكلَّمونَ ولا تهتَمّوا، بل مَهما أُعطيتُمْ في تِلكَ السّاعَةِ فبذلكَ تكلَّموا. لأنْ لَستُمْ أنتُمُ المُتَكلِّمينَ بل الرّوحُ القُدُسُ» (مرقس13: 11). إن الاستشهاد هو عمل من أعمال الروح القدس، لا يستطيع شخص ما أن يُقبِل على الموت ما لم يعطه الروح القدس. وفي جنازات الشهداء الأخيرة، كان الناس يبكون وينوحون مثلما كانت مريم ومرثا (يوحنا11: 31)، وأهل طابيثا (أعمال9: 39)، والكثيرين الذين بكوا الآباء والأنبياء عند موتهم ودفنهم، وكذلك نقول في الاحتفال بالقيامة (مديح Tennau في تسبحة نصف الليل): "أسرعت النسوة باكرًا جدًا إلى قبرك، حاملات الطيب ينُحنَ"؛ وقد تركناهم يعبّرون عن البُعد البشري، واحترمنا مشاعرهم وبكاءهم ونحيبهم، ولم يطلب من أحد منهم أن يكفّوا عن البكاء. ولكن ما أن جاء موعد تلاوة قانون الإيمان حتى اختفت في لحظة تلك المظاهر البشرية، ليتحول الحزانى الباكون إلى جبابرة يعلنون إيمانهم بقوّة كالأسود، قوّة رجّت أركان المنطقة المحيطة وليس الكنيسة فقط! فنحن كبشر ضعفاء، ولكن كمؤمنين أقوياء. وكأني بالمصلين المشيِّعين يقولون: تلك عواطفنا وهذا إيماننا. ذكّرني ذلك بالشهيدة فيليستاس (رفيقة الشهيدة بربتوا) وكانت ما تزال موعوظة مقبلة على سر العماد، فلما قبضوا عليها وساقوها إلى موضع المحاكمة جاءتها آلام الوضع إذ كانت حبلى، فسخر منها الجنود قائلين: "ها أنت تتألمين من المخاض، فكيف ستحتملين التعذيب والموت؟!"، فأجابت بشجاعة إن هذه الآلام هي آلام بشرية والعمل البشري، وأمّا تلك فسوف يعينني الله فيها لأنه عمل إلهي: "إني أتألم الآن، أمّا غدًا فيتألم عني آخر هو سيدي يسوع المسيح. اليوم القوة الطبيعية تقاوم الطبيعة، وفي الغد تنتصر فيّ النعمة الإلهية على أشد ما أعددتم لي من التعذيب"، فهي كإنسانة تتألم، وكمسيحية تتحول إلى عملاقة. إن المسيح نفسه تألم بالجسد، وصبر على العذاب والموت. وفي الحادث الأخير اكتملت كافة أركان الشهادة، إذ سألوهم عن هويتهم الدينية ثم طلبوا منهم التخلي عن إيمانهم، فلما رفضوا قتلوهم، وبالتالي ماتوا على الإيمان، وهذا هو الجديد في الحاث الأخير مقارنة بحوادث أخرى، حيث لم تكن ثَمّة فرصة لمحاورة كل من بالكنيسة لسؤال الشهداء قبل قتلهم، فاكتفوا بأنهم مسيحيون يصلّون داخل الكنيسة وقتلوهم، وفي هذا ردٌّ على الذين يدّعون أن القتلى ليسو شهداء لأنه لم تتم مناقشتهم وإعطاؤهم الفرصة لينكروا، فينجوا بذلك من الموت. وفيما يتساءل بعض من ذوي الشهداء بخصوص بعض الضعفات للشهداء خلال حياتهم بالجسد، نقول إنه لا يوجد عبد بلا خطية ولو كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض، ولو كان تائبًا معترفًا منذ ساعات. كما أن العديد من الشهداء في العصور الأولى كانوا وثنيين حتى لحظة استشهادهم، حين أعلنوا إيمانهم بشكل مفاجئ فأمر الوالي بقتلهم على الفور. وفي ضمير الكنيسة أن الاستشهاد معمودية، والمعمودية غفران لجميع الخطايا السابقة، ولا يوجد أعظم من أن يموت إنسان عن المسيح، فهو يظهر بذلك أيّة محبة لله في قلبه. إن الحياة ستنقضي مهما عاش الإنسان حتى ولو عاش عمر متوشالح (969 سنة) ولكن المهم هو مصيره الأبدي، لأن هذه الحياة مهما طالت فهي كنقطة ماء بالنسبة لبحر إذا ما قيست بالحياة الأبدية. وعن المعاناة في موتهم، فهي بلا شك أهون كثيرًا من معاناة شهور وسنين تحت وطأة الأمراض والجراحات والتنقل بين المستشفيات، وقد سمعت بنفسي من بعض المصابين أنهم في حالتهم هذه ورغم شكرهم لله لنجاتهم، ألّا أنهم يتمنّون لو كانوا قد انضموا إلى الشهداء الذين كانوا معهم في اليوم ذاته. قالت أم لابنتها أول أمس: إذا قابلكِ شخص وسألكِ عن ديانتكِ فلا تخفي بل أعلني أنك مسيحية، وإذا طلب منك أن تنكري المسيح فارفضي بشدة وتمسكي بإيمانك، ويمكن أن تشعري وقتها بضربة خفيفة بعدها تكونين في السماء مع بابا يسوع والملائكة وأطفال كثيرين. علينا أن نمارس حياتنا بشكل طبيعي في العمل والأسرة والخدمة، ولا نكرس كل الوقت والفكر في انتظار حادث جديد قد نُقتَل فيه، بل «إنْ عِشنا فللرَّبِّ نَعيشُ، وإنْ مُتنا فللرَّبِّ نَموتُ. فإنْ عِشنا وإنْ مُتنا فللرَّبِّ نَحنُ» (رومية14: 8). فخورون بهم. وفخورون بكم، ولا سيما الأمهات اللاتي ربَّينَ هؤلاء الشهداء على الإيمان المستقيم. وفخورون بالآباء الكهنة والخدام والخادمات الذين تعبوا في خدمتهم فكان هذا الثمر. ومثلما نسكب دموعنا ألمًا لفراقهم، نصلي إلى الله أن يسكب العزاء والهدوء والطمأنينة في قلوب الجميع.«مَنْ سيَفصِلُنا عن مَحَبَّةِ المَسيحِ؟ أشِدَّةٌ أم ضيقٌ أمِ اضطِهادٌ أم جوعٌ أم عُريٌ أم خَطَرٌ أم سيفٌ؟ كما هو مَكتوبٌ: «إنَّنا مِنْ أجلِكَ نُماتُ كُلَّ النَّهارِ. قد حُسِبنا مِثلَ غَنَمٍ للذَّبحِ». ولكننا في هذِهِ جميعِها يَعظُمُ انتِصارُنا بالّذي أحَبَّنا. فإنّي مُتَيَقِّنٌ أنَّهُ لا موتَ ولا حياةَ، ولا مَلائكَةَ ولا رؤَساءَ ولا قوّاتِ، ولا أُمورَ حاضِرَةً ولا مُستَقبَلَةً، ولا عُلوَ ولا عُمقَ، ولا خَليقَةَ أُخرَى، تقدِرُ أنْ تفصِلَنا عن مَحَبَّةِ اللهِ الّتي في المَسيحِ يَسوعَ رَبِّنا.» (رومية8: 35-39). نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس الاسقف العام المنيا وأبوقرقاص
المزيد
14 سبتمبر 2020

عائلة الله عبر التاريخ

عائلة الله عبر التاريخ لم يقف الشيطان الذي واجه السيِّد المسيح على جبل التجربة، مكتوف الأيدي أمام امتداد الكنيسة شرقًا وغربًا، فَرَاحَ يشِن عليها موجات من الاِضطهادات والمُقاومة، فحرَّك رئيس هذا العالم الملوك والأباطرة ضدهاوسجَّل سِفر أعمال الروح القدس (الإبركسيس``Pra[ic ) ما تعرَّضت له الكنيسة من أتعاب ”وحدث في ذلك اليوم اضطهاد عظيم على الكنيسة“ (أع 8: 1).وأيضًا ”في ذلك الوقت مدَّ هيرودس الملك يديهِ ليُسِئ إلى أُناسٍ من الكنيسة فقتل يعقوب أخا يوحنا بالسيف... وعاد فقبض على بطرس أيضًا... ولمَّا أمسكهُ وضعهُ في السجن“ (أع 12: 1-4).وتوالت الاضطهادات في عصر الدولة الرومانية من القرن الرابع الميلادي، أيام الأباطرة: نيرون (سنة 64 م)، تراجان (106 م)، وكان أشدها هولًا اضطهاد دقلديانوس (284 م)، وقيل أنَّ عدد الذين استُشهِدوا في عصره بلغ (144 ألفًا). وقال آخرون أنه (800 ألف)، ولكن بالرغم من أهوال الاضطهادات، ظلَّت كنيسة الله تنمو وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا (أع 6: 7).لأننا إذ نصير مسيحيين، نرى مجد الآلام التي بها نتشبه بموته، لذلك استشهد القديسون عبر التاريخ اِختياريًا.وتميزت أسماء المسيحيين في القرون الأولى بأنهم التلاميذ، المؤمنون، المُختارون، القديسون.. وثمة أمر هام ينبغي أن نُشير إليه ألا وهو أنَّ الاسم علامة من العلامات الأساسية للشخصية، ولذلك سجل يوسابيوس القيصري أنَّ الشهيد سانكتوس Sanctus وهو شماس من كنيسة ڤيينا عندما سُئِل عن بلده واسمه، وهل هو عبد أم حُر، أجاب إجابة واحدة ”أنا مسيحي“ (ك 5: 1)، وسجل ذهبي الفم نفس الإجابة على نفس الأسئلة التي وُجِّهت إلى الشهيد لوقيانوس (عظة 46 في مدح الشهيد لوقيانوس: 2 – 6)، وهؤلاء الشهداء هم أهل العقيدة dogma الذين حفظوا وديعة الإيمان بالدم الذين ذهبوا إلى العالم أجمع وكرزوا بإنجيل الملكوت للخليقة كلها الذين دعوا العالم كله إلى شخص المسيح ابن الله الوحيد، الراعي والفادي والمُخلِّص، الذي ليس بأحد غيرهِ الخلاص، حيث ملكوت النور والفرح الأبدي الذي ليس من هذا العالم وهكذا تحالفت قُوى الشر مُجتمعة ضد المسيح والمسيحيين. فوقفت ضد الكنيسة، وتمت نبوة المُرنم ”قام ملوك الأرض وتآمر الرؤساء معًا على الرب وعلى مسيحه“، فماذا كانت النتيجة؟ ”الساكن في السموات يضحك بهم“ (مز 2). اضطهاد الوثنية للكنيسة المسيحية ما أعجب هذه الكنيسة الفتية!! فبعد كل هذا الذي تحملته، بقيت راسخة على مدى الدهور!! ما أكثر وأعتى العواصِف والتجارب التي حاولت أن تعصِف بها، لكنها في كثرِتها وعُنفوانها شهدت لاسم الله في الكنيسة من جيل وإلى جيل وحتى الآن، لصِدق نبوة المسيح مَلِكنا وربنا ورب الجميع، الذي وعدنا ”أنَّ أبواب الجحيم لن تقوى عليها“ لقد مرت الكنيسة في عصور الاستشهاد بعشرة حلقات من الاِضطهاد وخرجت منها قوية مُرهبة كجيش بألوية، وقد اعتاد المؤرخون والكُّتاب المسيحيون منذ القرن الخامِس الميلادي تقدير الاضطهادات بعشرة أحقاب على مدى حوالي المائتين والخمسين عامًا خرجت منها الكنيسة وأبواب الجحيم حقًا لم تستطِع أن تقوى عليها ومن كثرِة المُعاناة التي تحمَّلها المؤمنون، كانت الكنائِس تُشيَّد على دِماء الشهداء (الجماعة الحيَّة)، واحتفظ لنا القديس چيروم باسم جميل لمبنى الكنيسة وهو (مجمع الشهداء) أو Conciliabula Martyrum.ويقول لكتانتيوس في دِفاعه عن المسيحية أنه في زمان اضطهاد دقلديانوس كان الوثنيون قد قرروا ”سفك دم المسيحيين حتى أنهم في فريچيا أحرقوا جماعة كاملة في الكنيسة حيث اعتادوا أن يجتمعوا“، ويسجِل أرنوبيوس نفس الكلام في دِفاعه ويقول ”لماذا تحرِق كُتبنا المُقدسة في النار؟ لماذا تُهدم كنائِسنا وتُحرق؟“. القمص أثناسيوس فهمي جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج عن كتاب الاستشهاد في فكر الآباء
المزيد
13 سبتمبر 2020

حياة الكنيسة في عصور الاستشهاد بداية المخاض

لقد قال المسيح رب المجد لتلاميذه ”يُسلِّمونكُم إلى ضيقٍ ويقتلُونكم وتكونون مُبغضين من أجل اسمي. والذي يصبُر إلى المُنتهى ذاكَ يخلُص“ (مت 24: 9).وبهذا يكون المسيح رب المجد قد أوضح طبيعة الحياة معه، ونوعية المِحن والضِيق الذي سينال كل من يشهد لإنجيله، ومن ناحية أخرى أظهر عِظَم مكافأة مُحبيه الذين حفظوا صبره وإيمانه ”اِفرحوا وتهللوا لأنَّ أجركم عظيم في السموات“.لذلك نجد أنَّ التلاميذ بعد ما كرزوا بالمسيح قُبِضَ عليهم وقُدِّموا للمُحاكمات ”فلما سمعوا حنقوا وجعلوا يتشاورون أن يقتلُوهم“ (أع 5: 33)، ولكن التلاميذ ”ذهبوا فَرِحين لأنهم حُسِبوا مُستأهلين أن يُهانوا من أجل اسمه“ (أع 5: 41).لقد حلَّت التجربة الأولى بالكنيسة باستشهاد إستفانوس الذي سبَّب ألمًا عظيمًا للكنيسة، وضِيقًا وتشتيتًا للجميع... ولكن هذا التشتُّت أصبح بركة للعمل الكرازي، لأنَّ الذين تشتَّتوا جالوا مُبشرين بالكلمة ويُعد الشهيد إستفانوس رئيس الشمامِسة الذي رُجِمَ سنة 36 م (أع 8)، ويعقوب الكبير بن زبدي الذي قتلهُ هيرودِس بالسيف سنة 44 م. (أع 12: 2) من أشهر الشهداء.وكأنما منح هذا الاستشهاد الكنيسة قوة لتمتد أُفقيًا وتفترِش أراضي جديدة تنضم لحساب الملكوت، وصارت شهادة الدم سبب بركة للكنيسة المُقدسة بعد أن أصبح دم الشهيد بِذار للإيمان بالمسيح، وبعد أن أصبح الضيق والتشتُّت كرازة وبشارة لاسم المسيح رب الكنيسة وعريسها.ثم جاءت التجربة الثانية بقتل يعقوب بن زبدي أخي يوحنا الحبيب، إنه ثمن التبعية للمسيح والشهادة لاسمه العظيم القدوس لكي يتبارك ويرتفِع..وهنا تعمَّق في وجدان الكنيسة الأولى أنَّ الاستشهاد ليس أمرًا استثنائيًا ولا جزءًا إضافيًا، بل ضرورة حتمية للإيمان المسيحي... فجميع الذين يعيشون بالتقوى في المسيح يسوع يُضطهدون... ويقول لسان العِطر بولس الرسول، أنه يحمِل في جسده سِمات الرب يسوع، التي هي جروحه وآلامه المُخلِّصة المُحيية، لذلك يُوصي الكنائِس والمؤمنين أن يحملوا إماتات الرب حتى تظهر حياة يسوع فيهم (2كو 4: 10).وبانتقال الرعيل الأول من التلاميذ والرسل، الذين استُشهِد غالبيتهم، تسلَّمت الكنيسة ذخيرة حيَّة من التعاليم والتقاليد التي تحِث المؤمنين على الشجاعة والصبر والجَلَدْ، وتحبَّب إليهم الموت لأجل اسم المسيح، فيستعذِبون الألم لينالوا المجد، بالاِتحاد بذبيحته بواسطة الاستشهاد.وازدادت الشجاعة في بعض القديسين حتى صارت شوقًا وتلهُفًا إلى الاستشهاد، وانتقل الآلاف من دمنهور إلى الأسكندرية المدينة العُظمى لكي يستشهِدوا، والقديس أبا فام الجندي لمَّا دُعِيَ للاستشهاد، لَبَسَ أفخر ثيابه، وقال ”أنَّ هذا هو يوم عُرسي“.والقديس أغناطيوس الأنطاكي، خاف أن تأخذ المؤمنين الشفقة عليه فيحرموه من حلاوِة الاستشهاد، بل وازدادت قيمة الاستشهاد لمَّا اكتشفت فيه الكنيسة كرامة تجعل صاحبها على مستوى كرامة الرسل، الذي وعدهم المسيح أنه متى جلس على كرسي مجده سيجلسُون على اثني عشر كرسي، وكان أول من أعلن هذه الكرامة الشهيد الأنطاكي أغناطيوس -أحد الآباء الرسوليين- عندما ذهب ليستشهِد وقال: ”لقد ابتدأت أن أكون تلميذًا للمسيح“وأكَّد العلاَّمة أكليمنضُس السكندري، في أواخِر القرن الثاني، أنَّ الاستشهاد عقيدة راسخة في الكنيسة، ولم يعُد للكنيسة شرف أعظم من تقديم الشهداء للسماء، إذ ليس هناك ما يُعادِل كرامتهم.ولمَّا تزايد عدد الشهداء، رأت الكنيسة أنَّ كلمة ”شهيد“ وحدها ليست كافية للتعبير عن كرامِة الذين دفعوا دمائِهِم ثمنًا للإيمان وغلبوا العالم بكلمة شهادتِهِم، فألحقت بها صفات أخرى مثل: الكامِل - المغبوط - الطوباوي - السعيد... وغيرها من الألقاب التي أضفتها الكنيسة على شُهدائها.وكان الشهداء يرون أنَّ الاستشهاد هو أقصر طريق يؤدي إلى الأفراح الأبدية.إنها مجرد لحظات يكونون بعدها في أحضان آبائنا إبراهيم وإسحق ويعقوب، في نور القديسين، حيث مجد إلهنا وحيث لا تقف أمامه خليقة صامته.كانوا يرونه شَرِكة في آلام المسيح وفي موته، وأيضًا شَرِكة في مجده، لذلك كان كثير من الشهداء يرون أكاليلهم ومجد السموات وابن الله قائِم عن يمين العظمة، فكانوا يثقون بالإيمان بما أعدُّه الله لمُحبي اسمه القدوس لقد رأى هؤلاء الكاملون شُهداء المسيح، أنَّ الاستشهاد خير تعبير عن محبتهم لله وصِدق رجائهم الذي مَلَك على قلوبِهِم، فما كانوا يرون الموت إلاَّ انطلاقًا من سجن الجسد، بعد أن كشف لنا ربنا يسوع المسيح قائِد الشهداء وربهم عن أعماق مفهوم الاستشهاد الحقيقي، وبعد أن خرج غالِبًا ولكي يغلِب.. القمص أثناسيوس فهمي جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج عن كتاب الاستشهاد في فكر الآباء
المزيد
12 سبتمبر 2020

المقالة الثامنة نصائح

يا حبيبى أحمل الضعيف فإن القوي لا يحتاج إليك فقد كتب: ” إن الأقوياء لا حاجة بِهم إلى طبيب بل المرضى “. فأنتم المقتدرين احملوا ضعف الذين لا قوة لهم. إذا رأيت إنساناً قد نال رتبة جسيمة على الأرض فلا تعجب من هذا بل أعجب من الذى يبغض الشرف الأرضي. إذا ظهرت في أعين إخوتك كالذهب النقي فأحتسب ذاتك مثل إناء لا يُحتاج إليه فتفلت من الكبرياء الممقوتة من اللـه ومن الناس. شاب يدور لا يتعلم أن يكون بطالاً فقط بل مهذاراً ومتفحصاً ويتكلم بما لا ينبغي. من يسكت بتواضع يُحب. لا تشرب خمراً على انفراد مع أخ قد شاع عنه خبر ردىء. ولا تلاعب من لا أدب له، ولا تعير أحداً، وأحفظ ذاتك طاهراً، وأهرب من مجالس الشرب لئلا تتوجع في أواخرك. إن كنت عليلاً بأخلاقك لا تقترن بالسقيم بفكره، فهذا قلته لا لترفض أحداً كأنه خاطئ لكن لكي لا تضره ويضرك. إن كنت مقتدراً أن تعزي بالرب فتقدم فتجد ثواباً. إن أبصرت إنساناً قد أخطأ وشاهدته في الغد فلا تعتقد به في ذاتك كخاطئ ؛ فإنك لا تعرف إن كان بعد غيابك قد عمل شيئاً صالحاً بعد السقطة ؛ وتضرع إلى الرب بزفرات وعبرات مرة وأستعطفه. فلهذا نحتاج أن نبتعد من أن ندين أحداً، ويحتاج كل واحد منا أن يواضع ذاته كما أمر القائل: ” إن آثامي قد علت فوق رأسي وعملي مثل وقر ثقيل “. كافة حطب الغابة لا تُشبع النار ؛ والجسد لا يَشبع من النياحة. تقوى الرب فردوس النعيم، وعديم التقوى ترثه الثعالب. إن قوتل أخوك فهرب من الدير ؛ وخرجت لتطلبه ؛ فإذا وجدته فجاوبه مجاوبة سلامية ؛ لئلا تضيف وجعاً على وجع نفسه ؛ مراقباً ذاتك حذراً ألا تُمتحن أنت. إن كنت ذا خبرة بالصناعة الطبية وشفيت ؛ فكن متيقظاً فائقاً لئلا بمداواتك آخرين تضع ذاتك متألماً، إذ الرسول يقول: ” لا يفترى على عملكم الصالح “. إذا وضعت مبادئ حسنة فأجتهد أن تتممها حسناً لتأخذ ثواباً كاملاً. يا سيد الكل لا تعطيني قلباً مبغضاً للطاعة وتأديب الأب، وأبعد عني أفكار الكبرياء، لأنك أنت يارب مقت المتكبرين، إذ قد كتب ” أجعل ذاتك جزيل المحبة للجميع وذلل رأسك للمتعظم ولا تخجل من أجل نفسك “. فرب خجلاً يجتلب خطيئة ؛ وحياء يجتلب شرفاً ونعمة. لا تغر أخاً على أخيه ثالباً، فإن ليست هذه محبة أن تستنهض قريبك إلى هلاك نفسه، صر مصلحاً لتؤهل أن تدعى ابناً للـه. أتشاء أن تحب بمحبة مخلصنا يسوع المسيح أمقت المحبة البشرية التي تشمل على هذه الأنواع *نَهم البطن. *السكر. *النهم في القبائح. *الحسد. *الشر. *الفجور. *الألم. *الإنسحاق. *الحزن الجسدي. ونظائر هذه التي نَهايتها الموت. فأما المحبة التي بالمسيح فتشمل على هذه المناقب: *خيريه. *أدب. *علم. ونَهاية هذه حياة أبديةً. لاصق إنساناً يتقي اللـه ليعلمك أن تخاف الرب، لا تحب أن تماشي المتهاونين. أيها الحبيب أتبع الرب ليعليك ؛ لأن شرف هذا العالم لا يبقي، فليكن الرب نصب عينيك كل حين ؛ فإنه ينجي المتوكلين عليه. الرجل المتدرع مرهوب في الحرب ؛ والقوى في الإيمان مرهوب عند الأعداء الذين لا يرون. الرجل المائق يقول: ماذا يجزعني، والمتواضع القلب يوجد عاقلاً. هيولي النار الحطب ؛ وهيولي الغضب استعلاء الرأي. أتشاء أن تلطف الغضب وتسكنه ؛ أتخذ التواضع ؛ وأسلك في طريق الودعاء والمتواضعين. إذا عرضت خصومة بين الإخوة ؛ فالمصلح مغبوط، وأما من يشعلها فلا يكون غير معذب. الحجر الرملي والنفس غير المؤمنة بعد هنيهة ينحلان. في نفس المؤمن الفكر الذي لا يتحرك، وفي الرجل الوديع والمتواضع تستريح روح الحكمة، الرب يحب الذين يسلكون بحكمة. أيها الحبيب أنظر ألا تشتهي كرامة ذائدة فتجذب لذاتك هواناً، كرامة الإنسان بالحقيقة أن يعمل كل شيء كما يشاء اللـه ؛ وإهانة عظيمة مخالفة الوصايا. الراعي المستيقظ لا يسلم الغنم المؤتمن عليها، والنوام يصير للوحوش صيداً لأن في يد السكير ينبت الشوك والنفس الماسكة تمجد اللـه دائماً. الذهب لا يمنح صبراً ؛ والأمانة تؤسس من يقتنيها. ضلالة الرجل ألا يعرف الكتب ؛ ويضل ضلالاً مضاعفاً من يعرفها ويتهاون بِها. أيها الحبيب عز ذاتك وأصبر على كل غمٍ لكي لا فيما تعزى من آخرين بمداومة تصير متشامخ الرأي، لأن الرسول يقول: عزوا ذاتكم في كل يوم ما دام يسمى اليوم لئلا يقسي أحدكم طغيان الخطيئة لأننا صرنا شركاء المسيح أن مسكنا الابتداء فبدء كل فضيلة الأمانة. إذا أقتنى العابد سيرة ذات فضيلة يسمع عطآت أبيه، ويعود عارياً إذا أقتنى عدم الخضوع. والطريقة العريضة فكر شيطان يخامر العابد إذا اشتهى درجة غريبة. المشتبك بأمور العالم ؛ يصير سريع السقوط. الوديع الصامت ؛ يرث حياة دائمة. الشمس والقمر وسائر النجوم تفرح بالذين يخدمون السيد المسيح خدمة مستوية. كل من يحب السكوت بمحبة ؛ يكنز لنفسه في السماء. المتقي الرب بالحقيقة ؛ يصير طبيباً للآلام. الوديع هو: جسوس على الآلام ومترصد لها. الشعوب يسبحون الرب لأجل من لا يتوانى في خلاصه بل يهتم بانصرافه ووقوفه أمام عرش المسيح المرهوب. كل من يحب خلاص نفسه ؛ يصير منزلاً للروح القدس. كل من يحب الطهارة والعفة ؛ يكون هيكلاً للـه. ذكر الموت والعقوبات ؛ سيف على شيطان الضجر. العاقل لا يدين قريبة الغير عامل، والضجور يخرب أماكن كثيرة. المحب للمسيح ؛ يؤتمن على كلمات الحياة الأبدية. الرجل المحب للغرباء ؛ حنطة نقية. لوم الإنسان لذاته كل حين ؛ يهدم الخطايا. المسك ؛ عصب يشد الصبر. من يحد عن وصايا المسيح ؛ يخنق نفسه، ومن يحفظها بحق يرث فرحاً لا ينعت. رتل أيها الحبيب بالروح ورتل بالعقل: ” كلامك في حلقي أحلي من العسل والشهد في فمي “. بدء المؤمنين ونَهايتهم ؛ الإيمان والرجاء والمحبة. الضجر هو أصعب من الأشياء المستصعبة ؛ لا سيما لو أتخذ عدم الإيمان معضداً له، فإن أثماره مملوءة سم الموت. تذكر يا حبيبي عرش الإله المرهوب كل حين ؛ فيكون لك ثباتاً، ويعاقب عوضك المغتالون على نفسك. العاقل إذا بُعث في خدمة يبذل نفسه من أجل السلامة، والجاهل الفاقد الأدب ينشئ خصومات. يارب يا سيد حياتي لا تُسلط عليَّ روح البطالة والإستفحاص وأثرة الرئاسة، بل هب لعبدك روح العفة والتواضع والصبر. وسخ الرجلين بقلب نقي من أجل الفضيلة ؛ أفضل من الاهتمام بتنظيفهما وغسلهما بألم. من يحفظ أعضاء المسيح حفظاً باراً يتبرر، ومن يفسد هيكل اللـه يفسده اللـه. كما تطرد الكلب، جاوب بانتهار شيطان الزنا ؛ ولا تشاء بالجملة أن تنقاد مع هذا الفكر، فإن من شراره يتكاثر الجمر ؛ ومن الفكر الردىء تتزايد الشهوات الرديئة، أبغض ذكرها أكثر من أن تكنس نتانة الحمأة. كما أن البخور يلذذ المنخرين ؛ هكذا يُسر بالطهارة الروح القدس ويسكن في الإنسان. كما يطرب الخنزير برمغة الحمأة ؛ هكذا تطرب الشياطين بالزنا والنجاسة. النور العظيم والفرح والسلامة والصبر يسكن في الأطهار، والحزن والضجر والنوم الذي لا يشبع منه والظلمة المدلهمة تسكن في الزنا. حب الطهارة بمحبة المسيح لأنَها توافق سيرتك وتلائمها ؛ كما يليق القدوم بالنجار. قوتل أخ ما بالزنا فأنتهر الشيطان وقال: أذهب يا شيطان إلى الظلمة أترى كما تعلم أنني وإن كنت غير مستحق فأنا حامل عضو المسيح. فللوقت سكنت الحرارة عنه كمن ينفخ سراجاً ويطفئه ؛ فعجب في ذاته من هذا الأمر ومجد الرب. كرامة عظيمة الطهارة بمحبة المسيح ؛ وإهانة عظيمة الزنا والحسد. أيها الأخ أهكذا بلا خشية تنظف ذاتك وتزينها ؛ أسمع الرسول يقول: ” أهرب من الشهوات الشبابية لأنك لا تعرف أي عدو تصارع “. ألا تعلم أنه صعب أن يكون أحد فخاً لنفس آخر، أتعرف أي نتانة مهلكة وتقيح يزمع أن يرثها الذين يعملون هذه القبائح، وأريد أعرفك هذا، أنه إن كان الإنسان البراني رائقاً وخزانة النفس موسخة فلا يبطئ حسنه أن يتشوه. فإن اقتنيت جمال النفس فإن النفس تعطي من نورها للإنسان البراني وهذا الحسن يبقي لك. من يزين ثيابه ويملأ بطنه يقاتل كثيراً، ومن هو متيقظ يكون مرهوباً عند المضادين. النفس الخبيثة إذا تلاطفت تتعظم ؛ وإذا شتمت تغتاظ، والصالحة إذا تلاطفت لا تفرح ؛ وإذا شتمت لا تسخط. الصمت للشاب، كاللجام للفرس ؛ ومن هو غير مُلجم، يسقط في الأسواء. لتكن خشية اللـه في قلبك أيها الحبيب مثل السلاح بيد الجندي. أعتنق بتواضع في ذاتك المحن المجلوبة عليك من المحال لتنسحق مثل دقيق التراب أعدائك من قدام وجهك، وثق أنك لا تنهزم وأنت متقلد مثل هذا السلاح. من لا يحب الرب يجرب أقنومه ؛ ويحزن مدبريه ؛ ومن يحب الرب يحفظ وصاياه. البواب الحكيم يعرف أن يجاوب المسكين بوداعة، والصغير النفس والغير حكيم هو متكبر. نعم يا أخي ما لنا شيء نَهبه فلتكن منك كلمة طيبة متحرزاً من ذاتك ألا تسقط أنت في مثل هذه الأشياء لأنه قال: ” في كل أعمالك تذكر أواخرك فإنك إلى الأبد لا تخطئ “. البواب العاجز يخسر خسارة كبيرة ؛ وأما العالي بالروح يصنع لذاته إكليلاً. ها الإخوة في مجمع الصلاة واقفون يباركون اللـه وأنت تتنزه خارجاً. ألا تعلم أنك تخسر نفسك، قل لفكرك أترى لو كانت تحفة تعطى أما كنا نسارع قبل الجماعة لنتقبلها، فإن كان في الأمور البشرية حرص مثل هذا فكم أولي بنا أن نحرص في الفوائد الروحانية ؛ صر حاراً بالروح مثل القديسين لتساكنهم في ملكوت السماوات. من يتكلم كلاماً باطلاً وهو يعمل ممتداً في العمل ؛ يخسر ؛ ومن يدرس الأقوال البارة ؛ ينجح أكثر. إذا كنت تعمل وآذاك روح الزنا ؛ فلا تعجز أن تمد يدك للصلاة ؛ وإن ثقل عليك ؛ فإحنِ ركبتيك ؛ فإن صلاة الأمانة تحارب عنك. لا ترقد حاقداً على أحد ؛ لئلا تزعجك الخيالات القبيحة في الليل. لا يكن وجهك مطرقاً إلى أسفل فقط ؛ لكن وقلبك. لا تتعظم على قريبك ؛ نج أخاك من الخطيئة فينجيك الرب في يوم الرجز. من يتعب في الكنونيون لا يتوانى ولا عن موضع إبراز الفضلات ؛ لأنه ليس غير واجب أن يتعب فيه المتعبدون حسناً. لا تخف من المرض قائلاً: أخشى ألا أمرض. أخطر بذهنك أن القديسين كلهم بمكابدة الآلام أرضوا اللـه. العاجز لا ينفع ذاته ولا قريبه، والغير عاجز يستنهض المتوانين إلى الفضيلة. من يحتقر مدبره يخطئ، ومن يطع بالرب يرث مجداً. لا ترد مبتدئاً ونفساً ظامئةً إلى الرب؛ فإن الرب ينظر فلا يرضيه ذلك. الابن الخبيث يسيء خطابة والده ؛ والذين يسمعونه يذمونه. من يكافئ عوض شر بشر هو غير رحوم، أما من يجازي بشرور عوض صالحات فماذا يقنعه. لا تَهتم أن تسمع هفوات أجنبية ؛ لئلا تصير أخطائك مسموعة عند الكل. من يسكت عند المائدة ؛ يضاهي من يأكل خبزه بعسل، ومن يكثر كلامه ؛ يقلق الساكت. كل السمكة بترتيب ؛ وليكن شربك بلا جلب. العابد الملتوي ومن يطلب ما يشكك قريبه لا يرضيهما بواب أمين. ضيق على شهوتك أيها الحبيب ؛ قبل أن يضيق عليك من أجلها ؛ فإنِها تحدر إلى قعر الجحيم الذين يتبعونَها. ليس وزن يعادل الصبر إن مُزج بالمحبة. أيها الرب خولني أن أبصر هفواتي لئلا أدين أخي. إن سكن مبتدئان مع شيخ ؛ فمن منهما أعظم عند الرب ؟ من يواضع ذاته بمخافة اللـه. لأن صادقاً القائل: ” من يواضع ذاته يرفع شأنه “. من عنده مبتدئان يحتاج يقظة جزيلة لئلا يجد المنتصب بازائنا فسحة فيصنع بِهما شيئاً من الأشياء المختصة به. المبتدئ الذي يحب الضحك والدالة يصنع لنفسه تَهشماً وشقاءً. لا تتكلم بأقوال الخلاعة التي لا يجب التنعم بِها ؛ بل بالحري أتل شكراً وتسبيحاً. لا تكن عاصياً فظاً ومتهاوناً ؛ لكي لا تضر نفسك والسامعين. إن صرت متورعاً محقاً ومتواضعاً يسكب عليك الرب رأفاته. اسمع يا حبيبي ممن يعظك بالرب: اتقِ الرب ؛ فيكون لك سوراً ؛ وتجد في يوم وفاتك دالة. لا تزدرِ بعالمي أو تحتقره بذهنك؛ فإن الرب وحده يعرف خفايا القلب. أكرم الكل من أجل الرب ؛ ليكرمك رب الكل. من يشاء أن ينقل صخرة ؛ يضع المخلِ تحتها لا فوقها ؛ وحينئذ يدحرجها بسهولة ؛ فهذا نموذج التواضع. أيها العابد تركت قلايتك لتتمشى في العالم ؛ ألا تخشى من الإثم والمجاوبة التى في المدينة. من خلع عقل العالم بالكلية ؛ يلبث غير مجروح، ومن لم ينزعه، يقبل جراحات متواترة. إن عرض للدير الذي تسكنه ضيقة من حوائج الجسد ؛ فلا تترك الموضع ؛ فإنك لا تجد فيما بعد خيراً كثيراً. لا يرضى الفاقد البر مدبراً باراً، ولا الصديق يرضيه كل أمر ظالم. اغفر لأخيك إذا أخطأ إليك ؛ فيغفر لك الرب هفواتك. أسبق إلى قلاية الأخ الذي أحزنك ؛ وتب إليه بقلب نقي، من أجل القائل: اغفر للأخ لا سبع مرات فقط بل إلى سبعين مرة سبع مرات. أقبل أيها الحبيب توبة الأخ كمرسل من اللـه ؛ لئلا تخالف من أرسله؛ وتحركه إلى أن يسخط عليك. حب السلامة والطهارة ؛ لتؤهل لمعاينة وجه الرب الإله. لا تؤذي أخاك في يوم حزنه، ولا تضف إلى وجع نفسه وجعاً. المدبر الذي يتعب ؛ هو جمال ترتيب الإخوة، والشيوخ العقلاء سلوة الشباب. لا ينبغي أن نصدق الثلاب، فإنه ربما تصير نميمة من حسد ؛ بل نحتاج أكثر أن نلتمس شواهد الحق. ويجب أن يُبكم المتجاسرون والمبتدئون بالمقاومة، لتثبت الرفقة الأخوية بلا قلق. إن شاهدت إخوة متولعين في الشر ؛ فلا تشارك عدم ترتيبهم ؛ بل أجنح عنهم ؛ واذهب إلى قلايتك متذكراً القائل: ” عبد الرب ما سبيله أن يخاصم “. إذا أبصرت أخاً سائماً أو عليلاً ؛ فجيد هو أن تتوجع له، لأن العدل يسر قلب من يعمله ؛ والذين يحبون الرب يرثون العدل. يا أخي أمتنع من الخلاعة والمزاح لئلا يجعلك عادم الحياء، فإن عدم الحياء هو أم الفجور. لا تطف القلالي سكراناً لئلا تضيع بغتة غنى العفة. لا تكن حاقداً على أخيك لأنه قد كتب: ” إن طرق الحقودين مؤدية إلى الموت “. إن كان لا يمكنك أن تحتمل شيئاً ؛ أصمت فتستريح. إن كنت لا تستطيع أن يغض أحد نظرة عنك فلا تحول نظرك أنت عن أحد. الطوبى لمن وجد رفقة صالحين ؛ وأبغض مشيئته. أيها الأخ كمل عملك بلا غش ؛ لأنه هكذا يليق بالمؤمنين ؛ لتجد نعمة في أعمالك. لا تشرب خمراً للسكر ؛ فتحصل خزي الوجه ؛ لأنه يكون حينئذ خزي عظيم إذا وجدت مثل سكير. الوداعة للعابد مثل سلسله ذهب على عنق رجل، كما أن العسل حلو في فم الإنسان كذلك الأقوال الإلهية حلوة في النفس التي تخاف اللـه. الشيوخ الحكماء عصمة الإخوة ؛ والغير حكماء يكونون محاربين لهم. الكبرياء ممقوتة عند اللـه وعند الناس ؛ والرب يعطي المحبين التواضع. المكان المعتدل القانون هو ميناء حسن المرسى ؛ والذين ليس لهم تدبير يسقطون كالورق، لأنه يجب على من يخدم أن يخدم كمن يخدم اللـه لا كمن يخدم إنساناً يأخذ منه الأجرة ؛ والمخدوم سبيله أن يحتمل بتواضع كأنه مخدوم من الرب. إذا أكلت خبزاً وشبعت فأعطِ مجداً للإله الذي أشبعك، وإن شئت ولبست أقل من شبعك فأعطِ مجداً للإله الذي قواك، ولا تقل بحضرة الجماعة أنا ما أكلت مثل هذا الخبز، ماذا إذاً تمنحه لذاتك أو تدين الذين يأكلون ويشكرون. أصبر للرب في يوم الحزن ؛ ليسترك في يوم الرجز. لا تضحك على مغموم، ولا تفرح بمن عاد خائباً ؛ لئلا يسخط عليك الرب ؛ ولا تجد ناصراً في يوم الحزن، ولا تطرد إخوة على أثرة الرئاسة فإن هذا الرأي إن لم يكن من اللـه لا يثبت فإن كان من اللـه وأختفأت مثل شاول بين الأمتعة يأخذك اللـه من هناك وينصبك مديراً لشعبه. من لا يتنهد على هؤلاء أنَهم ما أوضحوا ولا فضيلة واحدة في سيرة العبادة ويطلبون الرئاسات فمن أين يعطوا، نحن على يبوسة من البر دائماً أليس من عدم الأختضاع ومن فقد التأديب ؛ لا نحسن أن نحرك المقذاف ونحاول أن ندبر. ماذا أشر ممن له ماء حلو ولا يسقي نفساً ظامئة ؟ أو من أغزر حسداً ممن له كتاباً نافعاً ولا يعطيه لأخيه متوخياً نفعه وبنائه، من أوفر عجزاً ممن هو عطشان جالس بقرب العين ولا يمد يده ليأخذ ما يسكن عطشه. أو من أكثر ونية ممن له كتاباً يملكه ؛ ويتوانى عن القراءة فيه. أتعب مع من يريد أن يتعلم الكتابة ؛ حتى إذا قرأ عجائب اللـه يمجد اسمه ويكون مانحاً لك ثواباً. الضجور إما يعانده صغر النفس على من له صبر ؛ وإما يقاومه استعلاء الرأي ؛ ومن يحب الرب بتحقيق ينج من الحالين جميعاً. العاجز يخسر فوائد كثيرة ؛ والمتيقظ لا يتهاون ولا بساعة واحدة. العاجز والمماحك لا يشرف لأنه مغيظ ممرمر. الغير مطيع يختبر مواضع كثيرة ؛ والمتواضع القلب يطيع بالرب. المبتدئ الفهيم يستمع لمن هو أعظم منه بالرب ؛ والغير مطيع يكون في الهوان. من يحفظ طهارة جسمه يتعجب منه كثيرون ؛ ومن يتهاون به يلام من قوم كثيرين ويذم. تأمل يا حبيبي مقادير كل واحد من المطيعين من أجل القائل: ” إذ واحد يثمر ويعمل مائة وآخر ستين وآخر ثلاثين “. النهم البطن يدعو الصوم ضيقة وشدة ؛ والممسك لا يقطب. لا تصنع أمراً يحزن قريبك بل كن مؤدباً في كل أمورك. الرجل الغير مؤدب يترصد جاره والسالك في النور لا يتفكر في الشر. من يحب الرب لا يغظ قريبه بل يصون ذاته ويحفظها من أجل القائل: ” جميع الأشياء التي تريدون أن يعملها بكم الناس اصنعوها أنتم بِهم فهذا هو الناموس والأنبياء “. أعمل في الشتاء لتفرح إذا دخلت إلى ميناء الحياة، إن العدو يسلح الإخوة المتوانين كثيراً على الحرصين جداً. فالحريصون يجدون بالمتوانين صناعة مفيدة، إذا حملوا أمراضهم من أجل الرب. من يعمل بقريبه رحمة ؛ يجد رحمة عند اللـه ؛ والدينونة بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة. لا ترافق أخاك في الخطيئة بل الأولي بك أن تنجيه منها ؛ لتعيش أنفسكما بالرب. لتكن مخافة اللـه قدام عينيك في كل حين فلا تسود عليك خطيئة. لا تقل اليوم أخطئ وغداً أتوب ؛ فإنك لا تيقن علم ما في الغد ؛ لكن اليوم فلنتب ؛ والرب يهتم بأمور الغد. رُب من يستعجل في الصلاة ؛ وإذا سمع من يرفع صوته فيها يتناول العمل. لا تتوانى في الصلوات الجامعة ليستضىء ناظر ذهنك ؛ فإن المقتني فماً جسوراً يعاب ؛ والمتقي الرب يتورع. كن بكلية قلبك متوكلاً على الرب ؛ فتجد في كل حين نعمة. إن صبرت له فلا يضيع ثوابك. المياه تدفق في يوم الحريق ؛ والدموع في أوان المحنة. الماء يطفئ اللـهيب المضطرم في البيت ؛ والدموع في الصلوات تخمد الشهوات الخبيثة. كما تتباهى نضارة النخلة في الشواطئ ؛ هكذا تتباهى ألفة الإخوة بالرب. من يكرم من هو أعظم منه قدراً ؛ يُسِر من هم أصغر منه ؛ وفي يوم صلاته يُستجاب له. إن أعرت أخاك شيئاً ؛ وتباطأ في إعادته إليك ؛ وأردت أن تذكره ؛ فذكره مرة ؛ لأنه ربما يلحقه نسيان. وإن استعرت شيئاً من أخيك ؛ فأستعمل التورع ولم يذكرك ؛ فأنت كما يليق بالمتقي الرب لا تعدمه الشىء الذي له، لأنه قد كتب: ” لا تكونوا غرماء لأحد في شىء إلا في أن يحب بعضكم بعضاً “. سبيلنا أيها الإخوة أن نحتقر كافة الأشياء المفسدة ونصنع لنا عوضها الحياة الأبدية. إن فوض إليك أن تتوسط بشىء ؛ فلا تتوانى في خلاصك محتجاً بالخطايا، لأن يوسف قد توسط في مصر بأمر ؛ ولم يقبل الاهتمام بمنزل واحد فقط بل بكافة أرض مصر ؛ فلم يجنح عن سبيل الحق ؛ فلذلك شرفه اللـه. إذا كانت نفسك معافاة لدى الرب ؛ فستنتفع في كل شىء. إذا رأيت تاجراً ؛ فقل في ذاتك: يا نفسِ هذا يشتهي الأشياء الوقتية فيصبر على مثل هذه الأتعاب ليجمع الأمور التي لا تبقى، أفتتوانين أنتِ في الأشياء التي لا تزول. إذا أبصرت أناساً مخاصمين ؛ ويتحاكمون ؛ فقل في ذاتك: يا نفسِ هؤلاء قد أدخلوا ذاتـهم في مثل هذا الحرص والخصومة لأجل شىء لا منفعة فيه ؛ وأنت غريمة بربوات قناطير، أما تسجدين للـه كما يجب لتنالي الصفح. إذا شاهدت الذين يبنون البيوت الطينية ؛ قل في ذاتك: هؤلاء يا نفسِ إنما يبنون بيوتاً طينيةً فيستعملون الحرص ليتمموا العمل أفتتهاونين أنتِ بالمساكن السماوية. وإن عددنا الأمور واحداً فواحداً ؛ فلا نفرغ من القول، فأي أمر أبصرناه في العالم من الأفكار العالمية ؛ والمعقولات الدنيوية ؛ فلنستبدله بمعقولات روحانية فننال بلا مراء منفعة بموأزرة النعمة إيانا. العابد يضاهي رجلاً تدحرج منحدراً من موضع عالِ ؛ فوجد حبلاً معلقاً في جبل رفيع شامخ ؛ فقبض عليه ؛ وتعلق به وهو يستغيث بلا فتور بالرب أن يغيثه عالماً أنه إن أطلق قوته وأرخى تلك يديه يسقط ويموت. يا ابني أتخذ الحياة الخالدة التى دعيت إليها وأقررت بالإقرار النفيس أمام شهود كثيرين ؛ لأنه بعد حين يسير يجىء الوارد ولا يبطئ. ولكوننا لا نشاء أن نحتمل حزناً يسيراً من أجل الرب ؛ نلج بلا اختيارنا في غموم كثيرة وشرور جزيلة. ولكوننا لا نريد أن نترك مشيئتنا من أجل الرب ؛ نسبب لذاتنا خسارة النفس. ولكوننا لا نحتمل أن نكون من أجل الرب في الطاعة والهوان ؛ نُعدم ذاتنا عزاء الصديقين. ولكوننا لا نذعن لوعظ الذين يعظونا من أجل الرب ؛ نجعل ذاتنا شماتة للشياطين الخبثاء. ولكوننا لا نقبل الأدب الذي بالعصى ؛ نعاقب بأنواع العذاب حيث ليس من يعزي. من يعطي لرأسي ماءً ؛ ولعيني ينبوع دموع ؛ ووجهاً بَهياً لدى الذين من خارج ؛ لأبكي على خطاياي نَهاراً ليلاً ؛ وأقول للضحك: كن بعيداً مني ؛ وللدموع تعالي إليَّ ؛ لأن خطيئتى أمام الرب جزيلة جداً ؛ ولا لهفواتي عدد. وأعلموا يقيناً أن الدموع ثلاثة أنواع في الناس: (1) دموع من قِبل الأمور الظاهرة. وهذه هي مرة جداً وباطلة. (2) ودموع للتوبة إذا تاقت النفس للخيرات الدهرية ؛ وهذه هي حلوة ونافعة جداً. (3) ودموع من التندم حيث البكاء وتقعقع الأسنان، وهذه هي مرة وغير نافعة لأنَها لا تنفع حينئذ شيئاً حين لا يوجد أوان للتوبة. أستيقظ أيها الحبيب يقظة جزيلة في شبابك ؛ لتوجد في أواخرك مهذباً مختبراً. لا يقنعك الحبيب الذي يخطر لك أفكاراً خادعة، ويقول لك: أنت الآن شاب ويليق بك أن تعيش سنيناً أُخر كثيرة ؛ فلهذا أفرح الآن وتنعم ولا تغم نفسك، وعند شيخوختك يجب أن تتوب. أما تعرف أيها الأخ الغبي أن العدو يطغيك بِهذه، لأنه إذا كنت أنت بعد شاباً وفي عنفوان حداثتك حين تستطيع أن تصبر على كل تعب وتحتمل كل نسك لا تتوب ؛ فإن شخت ألا تتعلل بضعف الشيخوخة. إن أهملت التوبة في حداثتك ماذا تعمل ؟ فأطرح إذاً طريقة العدو وأسمع صوت السيد الحقيقي القائل: ” تيقظوا إذاً وصلوا فإنكم لا تعرفون الساعة ولا اليوم “. أيها الرب يسوع المسيح ملك الملوك ؛ الحاوي سلطان الحياة والموت ؛ العالم بالمكتومات والخفيات ؛ يا من لا يخفي عليك رؤية ولا فكر ؛ طهرني من مكتوماتي التي صنعتها ؛ فإني قد عملت العمل الخبيث أمامك لأن أيامي تفنى يوماً فيوماً وخطاياي تتكاثر، فأنت يارب يا إله الأرواح وكل جسد تعرف كثرت ضعف نفسي وجسدي. فأمنح يارب لعديم القوة قوة ؛ وعضدني أنا الشقي ؛ لأنك أنت تعلم أنني قد صرت مثل آية لكثيرين ؛ وأنت معيني العزيز. أعطيني يارب قلباً حسن العزم جميل الحفظ، أذكر أيها الصالح إحساناتك كل حين ؛ ولا تذكر كثرة خطاياي ؛ ولا تحقد على زلاتى، ولا تعرض يارب عن طلبتي أنا الخاطئ، لكن كما سترتني نعمتك حتى الآن وإلى الانقضاء ؛ لا تنزعها مني لأنَها هي حكمتي ؛ ومغبوطون هم الذين يحفظون طرقها فإنَها تكون لهم إكليل مجد. أشكرك وأسبحك أيها الموضح فيَّ وفور رأفتك أنا غير المستحق ؛ لأنك صرت لي معيناً وساتراً ؛ فليكن اسم عظمتك مباركاً إلى الأبد، لأن بك يليق العظمة أيها الرب الإله. أيها الحبيب علم أخاك طريقاً ؛ لا الطريق المؤدي إلى العالم ؛ بل المؤدي إلى ملكوت السماوات، أتقِ الرب بكل قوتك؛ ولا تعاين أعمال المنافقين؛ فإن نارهم لا تنطفئ ودودهم لا يموت.والمجد للآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين مقالات مار إفرآم السريانى
المزيد
11 سبتمبر 2020

علامات المجيء الثاني ونهاية العالم كالآتي ج5

8 - حدوث علامات عظيمة غير معتادة في السماء (لو25:21) ووجود حيرة عظيمة وارتباك شديد وضجيج وعواصف " وعلى الأرض كرب أمم بحيرة البحر والأمواج تضج " (لو25:21) والخوف من شر ما سيحدث في المستقبل " والناس يغشى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة لان قوات السماوات تتزعزع " (لو26:21) . 9 - الاضطهاد الشديد للمسيحية وانتشار الكراهية للمسيحيين واضطهادهم في أماكن كثيرة (مت9:24؛مر9:13و13) . وهذا ما حدث منذ بدأ المسيحية وعلى مر العصور فقد اضطهد اليهود المسيحية منذ الشهر الأول لحلول الروح القدس وظل اليهود يتعقبون المسيحيين في كل أنحاء الإمبراطورية الرومانية ثم عانت المسيحية من الاضطهاد الشديد على ايدى الأباطرة الرومان وعلى رأسهم نيرون في القرن الأول ودقلديانوس في القرن الرابع الميلادي ، كما عانت المسيحية من الاضطهاد في فترات كثيرة من العصور الوسطى وفى العصر الحديث وكانت أقسى هذه الاضطهادات في العصر الحديث هي التى حدثت في الدول الشيوعية التى حاولت القضاء على المسيحية واستئصالها من جذورها . 10 - الارتداد عن الدين وعبادة الشيطان تكلم الكتاب أيضا عن انتشار الارتداد بصورة واسعة (مت10:24؛2تس3:2؛1تى 1:4-4) . والارتداد الذي تكلم عنه الكتاب هو ارتداد شديد وغير مسبوق عن معرفة الحق والبعد عن الله (2تى1:3-9؛3:4-4) . ويصاحب هذا الارتداد انتشار اللهو والعربدة " لأنه كما كانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك " (مت38:24) ، وانتشار الجهل بالموقف من النهاية (مت39:24) .وقد تميز هذا القرن بالارتداد الشديد عن الإيمان المسيحي ، خاصة في الكاثوليكية والانجليكانية وفى البلاد الأوربية ! واتجه كثير من الناس إلى الإلحاد ( عدم الإيمان بوجود الله ) والمادية ومذهب المتعة والشيوعية ، واعتبر البعض أن وجود الله غير ضروري في حياة الإنسان ! واتجه البعض إلى عبادة الشيطان التي تنادى بعكس ما تنادى به المسيحية تماماً ، يقول انتون لافى مؤسس عبادة الشيطان في مجلة المراهق الأمريكية عدد يونيو 1993م "بدلا من أمر الأعضاء أن يقمعوا دوافعهم الطبيعية ، نعلمهم انه يجب أن يتبعوها ، ويشمل ذلك الشهوة الجنسية ، والرغبة في الانتقام ، والدافع للحصول على الممتلكات المادية " أي يحرضونهم على الزنى والقتل والسرقة .. الخ ، يحرضونهم على الشر ، قال أحد عبدة الشيطان " أؤمن بأن يعيش المرء حياته إلى حدها الأقصى ، أنا أرى قوتين في الطبيعة : الخير والشر . كل الأمور التي يقول الناس أنها شر هي الأمور التي تسعدك . فالخطايا تقود إلى المسرة العاطفية ، الجسدية العقلية " !! وقال شيطاني آخر " ماذا هناك ليعيش المرء من اجله ؟ سنعيش ليومنا ونفعل ما نريد ، فليس هناك مستقبل". وتتلخص عبادة الشيطان في أقوالهم الآتية : * الصلاة لا فائدة منها ؛ فهي تبعد الناس عن النشاط المفيد ! * استمتع باللذة بدلاً من التقشف ؛ مارس الخطايا المسيحية السبع المميتة بفرح ( * الطمع ، الكبرياء ، الحسد ، النهم ، الشهوة ، الكسل ) !! * إذا لطمك إنسان على أحد خديك فألطمه أنت على الأخر ! *افعل للآخرين كما يفعلون بك ( أي إذا شتموك فاشتمهم ، وإذا سرقوك فأسرقهم ..الخ ) ! * مارس النشاط الجنسي وأستمتع به بحرية بحسب احتياجاتك ( التي قد تتحقق افضل في الزواج الأحادي ، أو بممارسة الجنس مع الكثيرين الآخرين ؛ أو باشتهاء أفراد الجنس المغاير ؛ أو باللواط ( الشذوذ الجنسي ؛ رجل مع رجل أو امرأة مع امرأة ) أو ثنائي الجنس ( المخنس ) ؛ استخدم الولع الجنسي كما تريد ؛ بنفسك أو مع شخص آخر أو مع اكثر من واحد ) !! * الشيطاني لا يحتاج إلى قوانين تحكمه ( كل شئ بالنسبة له مباح ولا يقيده شئ )! 11- الارتداد عن الإيمان القويم ( الارتداد الأدبي والأخلاقي والارتداد العقيدى ) ؛ وكما انتشرت العبادة الشيطانية بين الكثيرين خاصة في البلاد المتقدمة والتي تعطى حرية بلا حدود . انتشرت أفكارها أيضا في العالم بين الذين لا يؤمنون بالشيطانية وبين الذين لا يعرفون شيء عنها أو حتى الذين لم يسمعوا عنها ، وكان ذلك في صورة ارتداد شديد عن الأيمان القويم والدين عموما . 1 - الارتداد الأدبي والأخلاقي ؛ فقد أنتشر الزنى والشذوذ الجنسي بجميع أنواعه فلم يعد من الضروري بالنسبة للكثيرين في معظم بلاد العالم أن تكون الفتاة عذراء قبل الزواج ! كما لم يعد الكثيرون يخجلون من العلاقات المحرمة بين الرجل والمرأة بل وبين الرجل والرجل والمرأة ، والتي أصبحت مقبولة في جزء كبير من المجتمع الغربي ، على أساس أن ذلك من الحرية الشخصية !! وتقول إحصائية حديثة أن 95% من العلاقات الجنسية تحدث خارج الزواج !! ومن ثم قفزت نسبة الأمهات غير المتزوجات بصورة درامية واصبح المواليد من أمهات غير متزوجات يُعد أكثر من نصف المواليد في الولايات المتحدة . ويضطر معظم أولئك لترك أطفالهن بعد الولادة في دار للأمومة أو وكالة تبنى !! ومن هنا انتشر مرض نقص المناعة الطبيعية ، الإيدز ، ذلك المرض الرهيب الذي يصاب به الملايين ، بسبب الزنى عموماً والعلاقات الشاذة بصفة خاصة . وبسبب الزنى والإباحية الجنسية نتجت مسألة الإجهاض التي تقضى على ملايين الأجنة قبل أن ترى النور ، وتقول إحدى الإحصائيات أن أكثر من مليون مراهقة ينجبن كل سنة في الولايات المتحدة وحدها ! وبالتالي فهناك الملايين مثلهن في بقية أنحاء العالم . ويضطر معظم أولئك وغيرهن للإجهاض حيث يتم اكثر من مليون و400,000 حالة إجهاض قانونية سنويا في الولايات المتحدة وحدها ! وفى العام الماضي وحده تمت حوالي 9,7500 عملية إجهاض تمت في ألمانيا ، ويتم اكثر من 50 مليون حالة إجهاض أخرى في أنحاء العالم سنوياً ! كما خرج علينا العلم الحديث بقضية أكثر خطورة من الناحية الأخلاقية ، وهى الأم التي تحبل بدلاً من غيرها !! والأباء الذين يتنازلون عن أبنائهم للغير لعدم تفرغهم لرعايتهم !! وأنتشر وزاد عدد الشواذ جنسيا حتى صارت لهم نقاباتهم الخاصة كما يدافع بعض أعضاء جماعات حقوق الإنسان عن حقوق هؤلاء الشواذ وأصبح لهم صوت مؤثر في الانتخابات في أمريكا لدرجة أن الرئيس الأمريكي بيل كلنتون حضر أحد اجتماعاتهم ‍‍!! وصار زواجهم ، زواج رجل من رجل وامرأة من امرأة شئ عادى وحق طبيعي لهم وذلك على الرغم من قول الكتاب " أم لستم تعلمون أن الظالمين لا يرثون ملكوت الله لا تضلوا لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مابونون ولا مضاجعو ذكور ولا سارقون ولا طماعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطفون يرثون ملكوت الله " (1كو8:6،9) ، " وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني (رؤ21 : 8) وتحول الكثير من الناس إلى " الأنا " وزاد الطمع والجشع وحب الذات ، الأنانية ، واصبح كل واحد منهم يهتم بنفسه فقط " أنا وبعدى الطوفان " ! " أن جالك الطوفان حط ابنك تحت رجليك " !! وزادت معدلات السرقة والنصب والقتل والاغتصاب ، وصارت تجارة المخدرات ، التي تتسبب في دمار حياة الملايين من البشر وفى وفاة أعداد لا تحصى ، اكبر تجارة في العالم ( 300 ألف مليون دولار أمريكي في السنة حسب إحصائية لسنة 1990م .ونتيجة لطبيعة العصر المادي ولكل الأسباب السابقة قل الاهتمام بالدين إذ انهمك الناس في أعمالهم واصبح الدين بالنسبة للكثيرين ، خاصة الكاثوليك والانجليكان في الغرب ، مُركز في العماد والزواج والموت . وتقول بعض الإحصائيات أن نسبة حضور الكاثوليك ، الذين يحضرون القداس بصفة عامة لا تتعدى 30% ، ولا تتعدى 5% في كل من فرنسا وألمانيا وشمال أمريكا ، ولا تزيد النسبة في بريطانيا الانجليكانية عن 10% والنسبة نفسها في أيرلندا الكاثوليكية . وتقول إحصائية كاثوليكية أن 75% من الكاثوليك في الولايات المتحدة لا يؤمنون بتحول الخبز والخمر إلى جسد الرب ودمه. اصبح الكثيرون بسبب إيمانهم بنظريات علمية خاطئة ولم تثبت صحتها ، مثل نظرية التطور الداروينية ، ملحدين أو على الأقل يشكون في وجود الله . والأغرب بل والأعجب إن كثير من رجال الدين في الغرب حاولوا التوفيق بين النظريات العلمية ، والتي لم يستطع حتى المؤيدين لها أن يبرهنوا عليها بصورة كاملة ، مثل نظرية التطور لداروين ، وبين الكتاب المقدس ، فنجد رجل دين يؤمن بأن أصل الإنسان قرد !! أو أن الله هو الذي وضع البذرة الأولى للخليقة وتركها تتطور !! وبالتالي فقصة الخليقة بالنسبة لهم مجرد روايات رمزية فلكلورية !! كما لم يؤمن البعض ، خاصة في الكنيسة الانجليكانية البريطانية ، بعصمة الوحي ، ورأوا في المسيحية ، والأديان عموماً ، مجرد ديانة اجتماعية تقدم المبادئ والمثل والأخلاق ، وأغفلوا دور العقيدة والحياة الأبدية . كما لم يهتم بعضهم بميلاد المسيح من أم عذراء ولا بقيامته الجسدية من الموت ولا بلاهوته !! ونتيجة لهذه الأفكار الهدامة نادى البعض منهم بزواج الشواذ جنسياً ! ورسامة المرأة كاهنة ! ورسموا بالفعل “ 32 كاهنة “ في أواخر 1994 وبداية 1995م !! مناقضين بذلك الكتاب المقدس مما دفع حوالي 700 من كهنة هذه الكنيسة للإعلان عن نيتهم في ترك الكنيسة الإنجليزية والانضمام إلى الكنيسة الكاثوليكية ، وقدم 35 منهم استقالتهم . وطالب عدد كبير من رجال الكنيسة الكاثوليكية برسامة المرأة كاهنة !! ولكن البابا يوحنا بولس الثاني رفض ذلك بحزم وأعلن " أن الكنيسة ليست لديها سلطة على الإطلاق أن تمنح الرسامة الكهنوتية للنساء وأن هذا الحكم يجب أن يلتزم به بشكل قاطع كل المؤمنين في الكنيسة " . 2 – البدع والهرطقات ، حيث يتحدث الكتاب عن ظهور هرطقات عديدة مصحوبة بمعجزات شيطانية (مت11:24؛و24؛مر22:13؛1تى1:4-4) وفيما يلي أخطرها: أ – شهود يهوه ؛ وهناك أيضاً الانتشار المريع والخطير لبدعة شهود يهوه التي تنكر لاهوت المسيح وتعتبره إلهاً ثانيا بعد الله ‍‍‍‍‍‍‍‍‍!! وتقول أنه الملاك ميخائيل ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!! وتنكر عقيدة الثالوث وقيامة المسيح بالجسد ووجود الروح وتناقض معظم ما تنادى به الكنيسة المسيحية بطوائفها الثلاث ؛ الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت . فقد بلغ عدد جماعاتهم في العالم حتى آخر عام 1995 م 78,620, وبلغ عدد الذين تناولوا من العشاء الرباني بحسب طقوسهم 13,147,201 غير عدد الذين انضموا إليهم عام 1995 وحدة 338, 491 ألفاً ، وبلغ إجمالي ما أنفقوه على مبشريهم في هذا العام (1995) وحدة 895, 955, 57 دولار ( برج المراقبة1 يناير 1996) . والأرقام الباقية مذهلة !! ب - وهناك الكثير من البدع الأخرى غير شهود يهوه مثل المورمون فقد ادعى زعيمهم جوزيف سميث النبوة ! ويسمون كنيستهم ب " كنيسة يسوع المسيح لقدسي أواخر الأيام " ويؤمنون أن الله الآب كان أنسانا مائتا ذات يوم ثم أصبح إلهاً !! وأن الله الآب والمسيح قد تزوجا بالعديد من الزوجات !! وأنهم هم وحدهم الذين سيدخلون السماء الثالثة . وهناك أيضا جماعة العلم المسيحي ، التى أسستها مارى ايدى بيكر في أواخر القرن التاسع عشر ، وتؤمن هذه الجماعة أن الله والطبيعة شيء واحد وينكرون العالم المادي ! ويقولون أن يسوع والمسيح اثنان ؛ يسوع الذي تجسد والمسيح الذي هو فكر الله والله . وادفنتست اليوم السابع الذين يقدسون السبت مثل اليهود ويركزون على الملك الألفي وهم اكثر من ابتدعوا تحديد يوم محدد للمجيء الثاني ! وبدعة الطريق العالمي الذين ينكرون لاهوت المسيح ! .. الخ 12 - انتشار الإنجيل في العالم كله (مت14:24؛مر10:13) وعلى عكس ما سبق فقد رافق الارتداد انتشار الإنجيل في كل أنحاء العالم حسب وعد السيد المسيح " ينبغي أن يكرز أولاً بالإنجيل في جميع الأمم " ( مر10:13) ، وبصفة خاصة في هذا القرن العشرين ، ولم يعد هناك دولة واحدة في العالم لم تصلها البشارة بالإنجيل ، فتعلن جمعية الكتاب المقدس الأمريكية ، أن الكتاب المقدس اصبح الآن في متناول 98% من سكان العالم ، وانه قد ترجم سواء بأكمله أو جزئياً إلى أكثر من 1900 لغة ولهجة مختلفة ، وقدر أن توزيعه بلغ 3,000,000,000 ( ثلاثة مليارات نسخة ) . وتحول الملايين في كل أنحاء العالم إلى المسيحية في القرن العشرين ، خاصة النصف الثاني منه ، وعلى سبيل المثال ، وليس الحصر ، فقد بلغ عدد المؤمنين في الصين 75 مليون ، وبلغت نسبتهم في مقاطعة فنجو ( Fungo ) وحدها ( التي تتكون من 70,000 نسمه ) 90% من عدد السكان حتى دعيت بمقاطعة المسيح ، كما بلغ عددا لمؤمنين في إندونيسيا 20 مليون ، وتحولت رواندا بعد ظهور العذراء فيها إلى المسيحية ، أما كوريا الجنوبية فلم يكن فيها سنة 1900م كنائس تذكر ، وفى سنة 1986م اصبح 20% من سكانها مسيحيين ، وفى سنة 1992م وصلت النسبة إلى 40% أي تضاعف العدد في ست سنوات ، في سنة 1986 كان عدد الكنائس بها 25,000 كنيسة وفى سنة 1992 بلغ 37,000 كنيسة . ولم يعد هناك دولة واحدة ليس بها مؤمنون أو كنيسة ، حتى ولو كانت مؤقتة. القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد عن كتاب المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل