المقالات
22 أغسطس 2020
التسبحة
أولاً: طبيعة التسبحة
أرقى أنواع الصلاة لأنها تعكس إحساس الإنسان بعمل الله (ويشعر الإنسان انه قريب من الله) ويقترب الإنسان من الصورة الملائكية في التسبيح ولذلك يقال عن التسبحة أنها طعام الملائكة أو ما يسمى بعمل السمائيين – شغلتهم أنهم يسبحون الله وليس لهم عمل آخر غير ذلك.أنها تعبير عن الشكر بالإحساس بالخلاص – بصفة خاصة: يعني التسبيح مرتبط بالإحساس بالخلاص مثل شعب إسرائيل بعد نجاته من فرعون سبح الله، وداود بعد انتصاره على جليات سبح الله وكل الشعب معه والثلاثة فتية القديسين سبحوا الله في آتون النار.التسبحة أيضاً هي تراث آبائي أختبرها الآباء وقدموا لنا صلوات مختبرة بمعنى أنها مفعمة بخبرات الآباء وهناك تأملات كثيرة للآباء في التسبيح.والتسبحة أيضاً تعبر عن مكنونات النفس في علاقتها بالله: تعبر عما بداخل النفس من مشاعر مثل الانسحاق والخشوع والفرح والألم والنصرة في المزامير أيضاً توضيح أن الهدف من حياة الإنسان هو التسبيح فيقول في مز 146 : 2 – 10 " أسبح الرب في حياتي وأرنم لإلهي ما دمت موجوداً" في المزامير أيضاً تتكلم عن الحالة النفسية التي يمر بها الإنسان فمثلاً في حالة الترك والتخلي يقول " إلى متى يا رب تنساني.. إلى الانقضاء" (مزمور 12 بالأجبية).
وظيفة الكنيسة:-
الكنيسة هي مؤسسة إلهية تترجم عمل الله على الأرض بمعنى أنها تشيد بعمل الله، التسبيح جزء من طبيعة الكنيسة وقبل القداس لازم نصلي التسبحة.
اللاهوتيات في التسبحة:-
لاهوتيات : يعني تعبير عن لاهوت السيد المسيح. نجد في التسبحة في ثيؤطوكية الأحد، ثيؤطوكية الخميس، ثيؤطوكية الجمعة. واضح في الثلاث أيام هذه أحاديث كثيرة في التسبيح بتتكلم عن لاهوت السيد المسيح ولذلك التسبيح له معاني فوق اللفظ فمثلاً لما نقول السلام للعذراء المعمل الإلهي الذي اتحد فيه اللاهوت مع الناسوت. هذا كلام له معنى أكبر من مجرد الألفاظ، فصور اللغة أحياناً تجعلنا نحيط الكلام بمشاعر وتأملات لكي نصل إلى المعاني الحقيقية للكلمات.
ثانياً: حكمة ترتيب التسبحة:
طريق التسبيح:-
1- طريقة المرابعة: المجاوبة الصوتية مجموعة تقول ومجموعة ترد عليها.
خورسان : في مجموعتان يسبحان بالتتابع الربع البحري، والربع القبلي 0أي شمال وجنوب والكل ناظر إلى الشرق)
2- طريقة التسبيح المنفردة: مثال لذلك الكاهن وهو يصلي صلوات منفرداً في صلوات القداس والشعب يردعليه.
3. طريقة المردات: المرنم يقول – وباقي الخورس يرد بالمرد الخاص مثل : جيف بيف ناي شوب شا إينيه.
4. الطريقة الجماعية: الكل يقول كل شيء – الجميع يشتركون- مثل ختام الصلوات وختام التسبحة
والتنوع هو نوع من أنواع الإثراء ويجعل التسبيح بدون ملل وبدون ارتباط بطريقة واحدة.
الحان التسبحة:-
لها 24 لحن وفيها حاجة اسمها لبش واللبش هو تفسير باللحن (أي تفسير ملحق) وألحان التسبحة تتفاوت بين الطول والقصر وبين القلة والكثرة حسب الجزء الذي يلحن لكن لازم كل هوس يبقى له لبش وهو كنفسير يقال بلحن معين.
ترتيب فقرات التسبحة:-
صلاة نصف الليل:-
المزامير نلاحظ أن البداية دائماً بمزامير نصف الليل يوجد 3 خدمات (تسمى أيضاً 3 هجعات وهجعة بمعنى سجدة) وهي التسمية المسيحية التقليدية الرهبانية.
خدمة يعني خدمة الصلاة وتعني أيضاً تقدمة.
هجعة يعني حركة الجسد المعبر عن العبادة وهي حركة مجاوبة.
سجدة معناها تلاقي الركبة والرأس في السجود على الأرض.
فالخدمة الأولى تتكلم عن السهر يقول فيها المزمور الكبير 119 فيه تلتقي النفس مع كلمة الله.
والخدمة الثانية تتكلم عن التوبة – مزامير المصاعد – الإنجيل.
والخدمة الثالثة تتكلم عن الإعداد للملكوت وانتظار الملكوت وتقال فيها مزامير النوم، النوم يشير إلى الموت ثم القيامة.ثم تختتم الخدمة الثالثة بانجيل (اطلق عبدك بسلام) وهنا تعبر الكنيسة عن حالة تجلي نعيشها وكأنها اختطفت إلى الملكوت وصارت في الحفوة الإلهية وتختم بكيرياليسون 41 مرة ثم قدوس قدوس قدوس رب الجنود.ثم تبدأ تسبحة نصف الليل بالترتيب الآتي:
(1) قطعة تين ثينو: ومعناها: قوموا يا بني النور وهي الدعوة العامة للتسبيح.
(2) مديح القيامة: تين ناف (كلمة قبطي) وهذا بعد الخماسين يقال في الأحاد فقط حتى الأحد الأخير لشهر هاتور (ولا يقال من أول كيهم حتى عيد القيامة) ةالكنيسة تعطينا الإحساس بالمناسبة قبلها (أي قبل المناسبة) فمثلاً قبل التجسد تعطينا إحساس بالتجسد وهكذا في القيامة وما بعدها. وكذلك حتى بداية الصوم الكبير.
(3) الهوس الأول: (كلمة قبطي) وكلمة هوس معناها تسبحة أو يسبح (مارن هوس – فلنسبح) في الهوس الأول تذكر قصة نجاة الشعب من يد فرعون. نجدها في (خر 15 ، رؤ 15) والارتباط بينهما وفي خر 15 عبور البحر الأحمر فخلصوا من نير فرعون. وفي رؤ 15 أيضاً المفديين يقولون تسبحة موسى والخروف.
- (لبش 0مديح) الهوس الأول: وهو على نفس معنى الهوس الأول أي خلاص إسرائيل من يد فرعون – وعبورهم البحر الأحمر بقيادة موسى النبي – ثم يطلب المرتل صلوات موسى رئيس الأنبياء وشفاعة والدة الإله.في أيام الأسبوع العادية (فيما عدا الأحد) يصلي بعد الهوس الأول ولبشه تقال القطع (السابعة ، والثامنة والتاسعة ) من ثيؤطوكية الأحد. بعد تلاوة فصل الإنجيل "الآن يا سيد تطلق عبدك بسلام"
لماذا القطع الثلاثة هذه من ثيؤطوكية الأحد؟لأنها تطبق بين الرمز والمرموز إليه وهذه الثلاث قطع تتحدث عن التجسد بصورة كاملة لأن نجاة الشعب من يد فرعون كانت رمز لنجاة البشرية من يد الشيطان عن طريق تجسد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح.
(4) الهوس الثاني: عبارة عن مزمور 135 وهو شكر على الخلاص ولذلك يجيء هذا الهوس بعد المرموز إليه – يبقى عملنا الرمز، المرموز إليه وبعدين الشكر على الخلاص هذا الهوس 28 ربع وكل ربع يتكرر فيه عبارة "لأن على الأبد رحمته" واحنا بنتكلم عن رحمة ربنا نجد 14 جيل إلى داود و 14 جيل إلى المسيح جملتهم 28 وداود يرمز إلى السيد المسيح كل جيل له ربع >إلى الأبد رحمته" دليل على أن رحمة الله تشمل كل جيل.
لبش الهوس الثاني: مارين أو أونه فلنشكر المسيح إلهنا مع المرتل داود النبي وهذا اللبش على نفس الهوس الثاني نعبر فيه عن ابتهاجنا وشكرنا للرب الذي أنعم علينا بالخلاص.
(5) الهوس الثالث: تسبحة الثلاث فتية سفي الآتون وهي تمثل تجار بالحياة- لأن أي إنسان ممكن أن يلقى في الآتون بيد بشرية شريرة تلقيه في آتون التجاربز الثلاث فتية سجلوا انتصارات كمثال أولاد الله الذين ينتصرون على العالم. العجيب أننا نجد في الهوس الثالث نظرة الخليقة من خلال عمل الله. فيها دعوة للخليقة لكي تسبح الله في عمله فالشمس تسبح ربنا لعملها بالفلك الذي تدور فيه لذلك يقول المرنم السموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه.هذا يدل على انتصار أولاد الله في كل الظروف المحيطة الخارجية – المتعبة علاوة على الانتصار الداخلي على أي مشاعر غير روحية في النفس الهوس الثالث عبارة عن 40 ربع نجد أن ال 6 أرباع الأولى: خاطب فيها الفتية الثلاثة السيد المسيح 6 مرات قائلين مبارك أنت وهي إشارة إلى أو ترمز إلى (600 سنة) بين ملك نبوخذ نصر وميلاد السيد المسيح – أي بمعدل كل 100 سنة ربع كذلك ال 34 ربع بعد هذه الأرباع الستة هي رمز على سني حياة السيد المسيح التي عاشها على الأرض 33 سنة و ثلث تقريباً أي بمعدل كل سنة بريع. وهذا يوضح قيمة السيد المسيح على الأرض في ال 6 أرباع الأولى يسبح الفتية الثلاثة القديسون الله على مجد صفاته الذاتية وفي الأربع والثلاثون التالية وحتى آخر الهوس على مجده المستعلن في الخليقة وبالخليقة.
(6) لحن اريبصالين: وهي ابصالية واطس للثلاث فتية وهي أرباع مرتبة من الألفا (كلمة قبطي) إلى الأوميجا (كلمة قبطي) على الحروف الهجائية اليونانية أي الربع الأول يبدأ ب ألفا والثاني ب فيتا والثالث بجاما وهكذا على الربع الأخير الذي يبدأ ب أوميجا.وهي قطعة يونانية وقبطية تسير على منهج الهوس الثالث ونمطه.وطريقة هذه الإبصالية ثابتة لا تتغير بتغير المناسبات كما في باقي الابصاليات.
(7) لحن تيه أويه انسوك (كلمة قبطي)وهو مقدمة المجمع أي نتبعك بكل قلوبنا وهو عبارة عن مديح واطس للثلاث فتية القديسين وهو لبش الهوش الثالث.من الملاحظ في ليلة أبو غالمسيس يعمل زفة 3 مرات في هذه الليلة.
المرة الأولى: بعد المزمور 151 ومعنا سفر المزامير ملفوف في ستر أبيض.
المرة الثانية: بعد مديح تين أويه إنسوك أو نقول فيها تيه أويه أنسوك.
الملاحظ هنا ولأننا نقول " نتبعك بكل قلوبنا" غننا نجد أكبر رتبة ليس في الآخر كما في الزفات الآخرى بل نجدها في الأول وراء الصليب مباشرة تمثل المسيح والكل يسير وراءه يقولون نتبعك بكل قلوبنا.ومن هنا نرى روعة الطقس في كنيستنا القبطية لأن هذا معناه أن السيد المسيح حاضر من خلال هذه الرتبة سواء البطريرك أو الأسقف أو الكاهن أكبر رتبة موجودة في الكنيسة في هذه الليلة تسير خلف الصليب والكل وراءه يقولون نتبعك بكل قلوبنا.وهذا اللحن يعبر عن أن مجمع القديسين يقولون للسيد المسيح بكل قلوبنا وكأنه درس نتعلمه من خلال طقس الكنيسة الحالية نتعلمه من الذين سبقونا إذ ساروا وراء السيد المسيح بكل قلوبهم.
(8) مجمع القديسين في التسبحة:
- نجد فيه 20 (عشرون) اسم من آباء وأنبياء العهد القديم ويوحنا المعمدان السابق، لأنه سبق المسيح ب 6 أشهر الصابغ لأنه عمد الشعب.نجد ال 144 ألف البتوليين غير الدنسين عبارة عن 12 × 12 × 1000رقم 12 يشير إلى ملكوت الله 3 × 4× 12 يشير إلى الأبدية الشيء الثابت الدائم× 1000 يعنى السماء.نجد 12 تلميذ ، 70 رسول.+ نجد أكثر من 100 شهيد ، 100 قديس.بالنسبة لرقم 12 وملكوت ربنا نجد في سر التثبيت (سر الميرون)فرشم الإنسان 36 رشمة 12 × 3ال 12 عبارة عن 3 × 4 رمز لملكوت اللهفال 36 رشم عبارة عن ال 12 اللي هي ملكوت الله في ال 3 اللي هو التثبيت.لكن 12 × 12 يشير إلى الملكوت الأبدي. × 12 يشير إلى الملكوت الكنسي، كيف أن الله يملك على الإنسان من خلال الكنيسة.
(9) الذكصولوجيات: وهي تماجيد القديسين والقديسات وهي كلمة مكونة من كلمتين (كلمة قبطية) بمعنى، والكلمة الثانية (كلمة قبطية) بمعنى بركة.ولذلك كلمة دكصولوجيا تعني أننا نأخذ بركة المجد الذي وصل إليه القديسون، وهناك ذكصولوجيات للسيدة العذراء، والملائكة، والسمائيين... الخ، وكذلك المناسبات إشارة للبركة التي أخذناها في هذه المناسبات ومنها الأعياد السيدية الكبرى ، الصغرى ، عيد الصليب المجيد، شهر كيهك، الصوم الكبير. وتقال الذكصولوجيات بنفس الطريقة التي يقال بها المجمع والباش الأيام الواطس (جمع لبش) في التسبحة.
(10) الهوس الرابع: وهو عبارة عن الثلاثة المزامير الأخيرة 148 ، 149 ، 150 ويعتبر الهوس الرابع امتداد للهوس الثالث في تسبيح الخليقة كلها أما المزمور 151 فيقال ليلة أبو غالمسيس.
(11) ابصالية اليوم: ابصالية من كلمة ابصالي اليونانية بمعنى ترتلة، أو تتمجيد للسيد المسيح، فيه ابصالية آدام (أيام الأحد والاثنين والثلاثاء) ولها نغمة قصيرة.
ابصالية واطس أيام الأربعاء والخميس والجمعة والسبت، ولها نغمة مطولة نوعاً.
أي أن كل يوم ابصالية كذلك هناك ابصاليات المناسبات، والابصالية تحمل نوع من الصلاة القلبية مثل ابصالية أعطى فرحاً لنفوسنا التي تقال يوم السبت.
(12) مقدمة الثيؤطوكية والثيؤطوكية: كل يوم من أيام الأسبوع له ثيؤطوكية وهي عبارة عن تمجيد للسيدة العذراء التي تم عن طريقها سر التجسد الإلهي.
(13) اللبش الخاص بالثيؤطوكية: وهو تفسير الثيؤطوكية ويقال بلحن مختلف عنها، بالنسبة ليوم الأحد ليس له لبش.
أما لبش الإثنين والثلاثاء فيقالا بطريقة الهوس الأول والثاني.
أما الألباش الواطس فتقال بطريقة حسب الطقس فتقال إما سنوي أو فرايحي أو كيهكي أو صيامي أو شعانيني.
(14) الطرح: في بعض الأيام أو المناسبات لها طرح أي تفسير وكلمة طرخ أي شيء مطروح على آذان الناس.
(15) الدفنار: وهو سيرة مختصرة لقديس اليوم ويقال بطريقة الترتيل.
(16) ختام الثيؤطوكيات: فأيام الواطس لها ختام "ربنا يسوع المسيح" وأيام الآدام لها ختام "مراحمك يا إلهي"
(17) ختام التسبحة:
- قانون الإيمان
- كيرياليسون باللحن المعروف
- قدوس...
- ابانا الذي في السموات ثم يقرأ الكاهن تحليل نصف الليل الخاص بالكهنة.
المزيد
21 أغسطس 2020
العَذْرَاء مَريَمُ كليَّة الطهْرُ
رؤية آُبائية
الكنيسة الأرثوذكسية لا تجعل من علم المريميات Μαριολόγυ موضوعًا عقائديًا مستقلاً
بذاتو بل يظل متكاملاً مع لرموع التعليم الدسيحي القائم على أساس ال ) Χριστολόγυ )
متأثرًيا كثنًًا بالتعليم عن الريوح القدس ) πνευματολογία ( من خلال التدبنً مريتبطًا بشدة
بحقيقة التعليم عن الكنيسة ) Εκκλησιολόγυ .)
لذلك نظريتنا إلى العذراء القديسة في كل شيء لا تتخذ كامل معناىا إلا من خلال سري الخلاص
والتجسد الإلذي، فتقليدنا الكنسي لا يعتبرىا أبدًا موضوعًا مستقلاً وقائمًا بحدّ ذاتو، بل يرياىا
دائمًا من خلال دورىا في تدبنً الخلاص.
وإن كان تقليدنا برُيمّتو يتضمن مدائح وتكرييم وثيؤطوكيات لكنو في الوقت نفسو لم يحسبها
موضوع بحث نظريي خاص يُدرّس بحد ذاتو، أو مسألة عقائدية مستقلة. فالآباء الأولون تكلموا
عنها في سياق الدناسبات والتفاسنً والكتابات والليتورچيات من أجل ارتباطها بالخطة الإلذية
للخلاص، بعد أن خدمت خلاص البشري وتم بواسطتها قصد الله القديم، وأجابت بإرادتها الحرية
)ىوذا أنا امَة الريب، ليكن لي كقولك( في تذكار البشارة الدسمىَ في الليتو رجية )رأس خلاصنا(.
قبلت غنً المحوي في بطنها، ومن قِبَل تذريتها أدرك الخلاص جنسنا، وأشريق لنا منها شمس البِر،
قدمتو لنا لزمولاً على ذراعيها، ولدتو بإتحاد بغنً افتراق، ولدتو كالنبوة بغنً زرع ولا فساد،
وبقيت عذراء بعد الولادة وبتوليتها مصونة بأمري عجيب، فهي ق بُّة وقدس أقداس، وتابوت
مصفح بالذىب من كل ناحية، صارت أمًا لله، عمانوئيل ابن العلي، وقد ثبَّت لرمع أفسس
) مٖٔٗ( مسكونيًا لقب "والدة الإلو الثيؤطوكوس" ىذه التسمية ذات الواقع اللامتناىي.
فالكنيسة الأرثوذكسية نادرًا ما تريسمها وحدىا بل جالسة عن منٌ الدلك حاملة دومًا ابنها الإلذي
بنٌ ساعديها ومتوَّجة كملكة، ىي أعلى من الشاروبيم وأجَلّ من السنًافيم؛ لأن الآب تطلع
من السماء ولم يجد من يشبهها، فأرسل وحيده أتى وتجسد منها، غنً الدنسة العفيفة قبلت
بإرادتها الحرية وىي نذيرية الذيكل أن يَفِد إليها الابن الوحيد، فصارت الشريط البشريي الدباشري
والدوضوعي للتجسد، والدكان الحي حيث سكن العلي في بطنها، ودُعيت سماء ثانية جسدانية،
وصارت أيقونتها ىي أيقونة التجسد، واسمها ولقبها صار يحوي سري التدبنً الإلذي للخلاص،
بإسهام إمانها وطاعتها وطهارتها وفقريىا ونذرىا وتكرييسها وإرادتها، وبواسطتها أصلحنا الله مرية
أخريى من قِبَل صلاحو، فأخذ الدسيح وجو إنسان، وارتبطت ىي بو ارتباطًا عضويًا، ارتباطًا
فرييدًا مع شخص كلمة الله الذي اتخذ جسدًا من جسدىا، وأراد أن يكون ابنها بالدعنى الكامل
للكلمة.
إنها العَجنة والسماء والأرض، والنسل الجديد، حواء الثانية أم كل حي، حَجْلة الريب الدتسريبلة
بالشمس، مدينة الله التي قيل عنها أعمال لريدة، لأنها أرفع وألرد بغنً قياس من كل الطغمات،
وىي وحدىا البرئية التي استحقت أن تكون الأم والعبدة، الأم الدائمة البتولية، الأم والعذراء،
عظمت الريب فأزىريت وأوسقت تذرًيا، وابتهجت بالله لسلصها ففاح عنبرىا بوحدانية لا يُنطق بها،
ونضح الحبور عليها في الريوح القدس فنادت في أرضنا وأينعت لنا تذرية الريوح، حبلت بالفريح
وولدت بالفريح، وىي يُنبوع الحياة الفائض الذي نبعت لنا منو نعمة اللاىوت، فصارت عنبرًا
لستارًا ومامة عقلية وسبب فريح وخلاص وعتق ونجاة وفخري وشفاء وكريازة وكريامة وثبات ورفعة
وقوة كل من يتشفع بها.
ففي رقادىا أيضًا ما أهملت العالم وما تريكتو لأنها الشفيعة الدؤتدنة التي تستر العالم بجناحيها
وتحريسو بزنارىا، وىي قوية في الحريوب، ناظرية إلينا من الدواضع العلوية، تريفع ألحاظها وتوصينا
تريعًا )مهما قال لكم ابني تفعلوا( ونحن نقول لذا )الفريح لكِ يا والدة الإلو مرييم أم يسوع
المسيح.
القمص أثناسيوس چورچ
المزيد
20 أغسطس 2020
ليتورجيا كنيسة المشرق الكلدانية ج2
العذراء مريم في طقس كنيسة المشرق
ثانيا- مكانة العذراء مريم في رتب اسرار الكنيسة:-
ان ذكر العذراء مريم بارز في رتب اسرار البيعة، الا انه يحتل مساحة أضغر من المساحة التي يشغلها في ساعات الصلاة الفرضية. نحاول اكتشاف هذه المكانة السامية في رتب العماد، والقداس، والرسامات الاكليريكية، والزيجة، ورتب تشييع الموتى المؤمنين.
1-رتبة العماد
يتشفع المصلون بالعذراء مريم مراراً في رتبة العماد، نشير الى اهم الاماكن التي يرد ذكرها فيها:
أ- تُخصّصُ المناداة التي تقال بعد تلاوة الانجيل الطاهر”طلبة” بمريم العذراء، مطلعها”لاجل تذكار
الطوباوية مريم البتول القديسة…”، ورد ذكرها آنفاً، لان هذه المناداة تكرر يومياً خلال صلاة المساء.
ب- تَكوّن “قانون الايمان” ضمن اطار مراسيم المعمودية، اذ كان على طالبي العماد ان يتعلموا بنود الايمان المسيحي خلال فترة الموعوظية، ويعلنوا اعتناقهم عقيدة الجماعة المسيحية التي يطلبون الانتماء اليها. يرد ذكر العذراء مريم في فقرة من فقرات “قانون الايمان” الذي يُتلى قبل رتبة تقديس الماء والزيت، حينما يؤكد بان”…ابن الله الوحيد… صار انساناً، وجبل به وولد من مريم العذراء…”.
جـ -يرتل الشماس مدراشاً بعد منح سر العماد مباشرة. والمدراش لحن تعليمي، يتحدث هنا عن عماد يسوع وعن مفاهيم المعمودية المسيحية. يرد ذكر العذراء مريم في المقطع الاخير على النحو التالي:
– “تصف السماء مجد الرجل ذي البهاء السني
– (ظهر) في الغمام كصبي
– فُتحت الاسفار امامه
– انحدر ونزل بهاؤه الخفي
– مالت مريم وقبلته
– مادت مياه المعمودية
– وانحدر الروح ورفرف عليه”(63).
د- يتلو الكاهن في نهاية رتبة العماد صلوات ختامية، يلتجئ في احداها الى شفاعة العذراء مريم: “ايها الرب،
لتكن صلاة البتول القديسة حمى لنا…”(64).
2- رتبة القداس الالهي
يرد ذكر العذراء مريم في عناصر القداس المتغيرة، وفي الصلوات التالية:
أ- العناصر المتغيرة: يطلب المصلون شفاعة امهم العذراء عبر التراتيل التي تتغير وفق المواسم الطقسية المختلفة وهي:
1- “ترتيلة قدس الاقداس” ، التي ينشدونها في مستهل القداس، داخل قدس الأقداس، اذ يكون ستار قدس الاقداس مسدلاً.
2- “ترتيلة الانجيل”، التي يؤديها الجوق في فناء الكنيسة خلال موسم الحر، أي خلال الفترة الممتدة ما بين عيد الصعود والاحد الاول من تقديس الكنيسة.
3- “ترتيلة الاسرار”، التي ترنم اثناء نقل التقادم، أي الخبز والخمر، من “بيت الكنز” الى المذبح(65).
4- “ترتيلة البيم”، التي يرتلها الجوق الجالس في البيم اثناء التناول. نقدم نموذجاً من هذه التراتيل، وهي “ترتيلة قدس الاقداس” التي يؤدونها في عيد تهنئة العذراء:
“يا رب الكل، تشكرك القديسات اللواتي أحببن اسمك، لانك اخترت مريم من جنسهن، واحللت فيها سرك الخفي، اذ ظهر منها المسيح مخلص العالم بقوة الروح القدس. لذا تحتفل الكنيسة المقدسة بيوم عيد البتول”(66).
ب- يتناوب جوقا المذبح والبيم في ترتيل اربعة ابيات شعرية، بعد “ترتيلة الاسرار” وقبل “قانون الايمان”، وذلك احياءً لذكر العذراء، والرسل، وشفيع الكنيسة والموتى المؤمنين. فيما يلي ترجمة البيت الاول المخصص بمريم العذراء “المجد للآب وللابن والروح القدس: لنذكر على المذبح المقدس العذراء مريم ام المسيح”(67).
جـ- اضاف الكاثوليك ذكراً للعذراء مريم في النَّصَّين التاليين الواردين في انافورا الرسل للقديسين أدي وماري:
1-يشكر الكاهن المولى القدير من أجل النعم التي أغدقها على القديسين، وفي مقدمتهم العذراء مريم، على النحو التالي:”ايها الرب الاله القدير، اقبل هذا القربان الذي نقربه لك عن جميع النعم التي افضتها على الطوباوية مريم الدائمة البتولية، وعلى جميع الابرار الذين ارضوك…”(68).
2-يستمطر الكاهن بركات الله على المؤمنين بشفاعة العذراء عبر الصلاة الختامية التالية:“ليفض عليكم خيراته، وليمطر في بيوتكم وابل بركاته ومواهبه، وليُنجكم ربنا والهنا من الشرير وقواته بصلاة السيدة الطوباوية وجميع القديسين، وليصنكم من كل أذية خفية وظاهرة، الآن وكل أوان والى الأبد”(69).
3-كتاب الحبريات
يحتوي كتاب “الحبريات” الكلداني، الذي طُبع بهمة مجمع الكنائس الشرقية في روما عام 1957 على الطقوس التالية:
أ-رتبة تقديس المذبح، وتستخدم لتكريس الكنائس الجديدة، أعده البطريرك ايشوعياب الثالث الحديابي(649-659م).
ب-رتبة تكريس الزيوت المقدسة، من أعداد البطريرك عبد يشوع الخامس خياط(1894-1899م).
جـ- رتب رسامة الشمامسة والكهنة والأساقفة والبطاركة.
نجد في كل من هذه الرتب صلوات وتراتيل عديدة مخصصة بمريم العذراء، نذكر بعضاً منها:
أ-رتبة تقديس المذبح والكنائس الجديدة:
“مدينة الملك العظيم(مزمور 48/2): أيتها البتول القديسة الطاهرة مريم، يا هيكل الروح القدس، تضرعي الى المسيح، لينجز الوعد الذي قطعه للكنيسة من خلال بطرس بكر إيماننا”(70).
ب- رتبة تكريس الزيوت:
“ايتها البتول القديسة مريم، ام يسوع مخلصنا، تضرعي واستمطري الرحمة على الخطأة الملتجئين إلى
صلواتك، لئلا يهلكوا. لتكن صلاتك حمى لنا في هذا العالم وفي الدهر الآتي”(71).
جـ-رتب الرسامات:
1-تدعو تراتيل الرسامات العذراء مريم، ام يسوع الكاهن والحبر الأعظم، لتسهر على الكنيسة وخَدَمِتها، ليتمكنوا من أداء مهامهم ومواصلة رسالة المسيح الخلاصية(72).
2-اقتبست رتب الرسامات العديد من التراتيل من كتاب الفرض، وخاصة من مجموعة “تراتيل طلب العون الإلهي” (73). نقدم فيما يلي ترجمة إحدى هذه التراتيل “لان ينبوع الحياة عندك(مز 36/9): أضحت مريم معين الخيرات ومصدر المعونات لجنس البشريين. فلتحرسنا صلواتها من الشرور، لنصبح معها من ورثة الملكوت”(74).
4-مراسيم الزواج
يرد ذكر مريم العذراء مراراً في مراسيم رتبة الزواج، الا ان معظم هذه التراتيل المريمية مستقاة من كتاب الفرض الإلهي، سبق وان ذكرنا العديد منها، لذا نكتفي بالإشارة اليها وذكر مطلعها.تتكون رتبة الزيجة من المراسيم التالية:
أ- مراسيم العقد
انه عقد أولي لمراسيم الزواج، يطلب الكاهن في احدى الصلوات من الله ان ينزل غيث بركاته على المتعاقدين وان يضع الأُلفة والمحبة بينهما “بشفاعة العذراء البتول، والدة المسيح، مستودع النعم والبركات…(75).
ت- رتبة البركة على ثياب العروسين
ترتل الجوقة ترنيمة، ترجو فيها حماية العذراء مريم وشفاعتها لأبناء آدم كافة، مطلعها: “يا مريم يا من ولدت
دواء الحياة لأبناء آدم…”(76).
جـ- رتبة الخطوبة
تستنجد تراتيل هذا القسم بالبتول القديسة مراراً في المقاطع التالية:
1″- ترتيلة مطلعها:”لتكن صلاة مريم ام يسوع مخلصنا سوراً لنا ليلاً ونهاراً…”(77).
2″-ترتيلة مطلعها أخرى تبدأ بالمجدلة ، مطلعها:”افرحي وابتهجي، أيتها المملؤة نعمة، مريم البتول الطاهرة، والدة المسيح…”(78).
3″- تبدأ ترتيلة أخرى بعبارة” يقول الشعب آمين: ايها الرب بارك النساء كما باركت السيدة مريم الطوباوية…”(79).
4″- ترجو الكنيسة العون الإلهي في ردة القانون أي (مز 37/23-28) “الرب يقدم خطوات الرجل…” على النحو التالي:”اللهم لتكن صلاة العذراء مريم وصلاة القديسين والشهداء حمى لساجديك…”(80).
5″-فيما يلي ترجمة لمقطع من مقاطع التسبيحة “لتكن صلاة البتول مريم سوراً لنا ليلاً ونهاراً ازاء الشرير وقواته…”(81).
د- رتبة الاكليل
نجد في رتبة الإكليل الترتيلة التالية المقتبسة من “الحان طلب المعونة”:“أرسل الله نعمته وحقه(مز57/4):أُرسل جبرائيل من بين صفوف الملائكة، فانحدر وزف لابنة المائتين بشرى أبهجت العالم كله، وسلم لها مرسوم الامان والسلام، وبشرها بحبل ملؤه العجب. القى عليها السلام، فقبلت حبلاً مدهشاً. قال لها “السلام عليك وطوباك، لأنك تلدين بلا زواج، اذ منك يشرق المسيح الملك، وبه يتجدد العالم العلوي والعالم السفلي، وكل ما فيهما، المجد له”(82).
هـ- رتبة بركة الخدر
نجد في الرتبة التراتيل المريمية التالية:
1″- “يقول الشعب آمين: ليسد السلام المسكونة بصلاة(العذراء) المباركة”(83).
2″-“التسبيحة: لتكن صلاة البتول سوراً لنا (يحمينا) من الشرير وقواته ليلاً ونهاراً(84).
3″- الصلاة الختامية: اللهم رب الكل، يا من قبلت قربان الآباء الصديقين القدامى…ليرض عنكم كما رضي بالقديسين. ليستجب صلواتكم… ليغنكم بالثروات الروحية والنعم المادية… بصلاة تابوت الخلاص، السيدة مريم الكلية الطهارة، ام المسيح ملكنا ومحيينا…”(85).
5- تشييع الموتى المؤمنين
يحتوي كتاب “تشييع الموتى” على الطقوس والمراسيم التي تقام من أجل الموتى المؤمنين بكل فئاتهم: رجالاًونساءً، أطفالا وكباراً، اكليروساً وعلمانيين، وذلك خلال الايام الثلاثة التي تلي الوفاة، أي يوم التشييع واليوم الثاني والثالث.يتردد ذكر العذراء مريم في التراتيل التي تُرنم أثناء جلسات الصلاة في بيت الفقيد، وأثناء تشييعه الى المقبرة، وأثناء الصلاة المقامة عن روحه في الكنيسة خلال اليومين: الثاني والثالث للوفاة، وكلها مقتبسة من كتاب صلاة الفرض الإلهي، وخاصة من مجموع “تراتيل طلب العون”(86).
أ-“ملأت الأرض منها(مز80/9): يا مريم، يا من ولدت دواء الحياة لأبناء آدم، اجعلينا نجد بصلاتك المراحم يوم الانبعاث…”(87).
ب-“انه سيدك، فله اسجدي(مز 45/12): يا مريم، أيتها البتول القديسة، ام يسوع مخلصنا، لتكن صلاتك حمى لجمهور المؤمنين، ولتستجب صلواتنا بشفاعتك. ساعدي ضعفنا لنرى معك المسيح يوم ظهوره”(88)
ج-أثناء الصلاة المقامة في الكنيسة بمناسبة اليوم الثاني لحدوث وفاة إحدى النسوة، يصعد احد الشمامسة الإنجيليين الى البيما الكائن وسط الهيكل، ويجلس بقية الحاضرين في أماكنهم. يقف الشماس متوجهاً صوب المشرق، ويتلو تعليماً مقتبساً من الكتب المقدسة، ليُلهِمَ ذوي الفقيدة الصبر والسلوان، مؤكداً بأنه لا مفر من الموت، لأن كل الأبرار والصديقين ذاقوا طعمه كسائر البشر، وذلك بدءاً بآدم وحواء، هابيل، ملكيصادق، إبراهيم، اسحق، يعقوب، داود، سليمان، ابن سيراخ، صموئيل وغيرهم، ويختم الشماس قائلاً:“… ان ربنا، الذي تشبه بنا واتخذ جسداً من بشريتنا، قد ذاق الموت كذلك، والسيدة مريم العذراء الطاهرة التي ولدته، وبها اكتملت كل المواعيد، ذاقت بدورها طعم الموت… فلا نتضايقن في العالم بسبب فراق اختنا… لان المسيح الملك يلبسها حلة المجد في العالم الجديد…”(89).
الخاتمة
لا تقتصر مظاهر التقوى والتكريم التي يبيديها أبناء كنيسة المشرق على الأدعية التي يرفعونها لمقامها السامي أثناء الرتب الطقسية الآنفة الذكر، بل تتجلى في أمور عديدة(90)، نذكر بعضاً منها:
أ-الكنائس والمزارات
أقيم العديد من الكنائس والمعابد على اسم العذراء مريم. يذكر الأب جان موريس فييه في كتابه”آشور المسيحية” ثلاثاً وعشرين كنيسة شيدت على اسم العذراء منتشرة في شمال العراق(91)، يرتقي بعضها إلى العهود القديمة. مثال ذلك كنيسة مريم العذراء “سيدة الانوار” في قرية حوردبني(92)، التي تذكرها مخطوطات قديمة منها مخطوطة الرهبنة الكلدانية 195، التي جددها وأصلحها الشماس هومو ابن القس دانيال ابن القس إيليا الالقوشي لأجل كنيسة السيدة في حوردبني(93). وكنيسة السيدة مريم في قرية خردس المذكورة في مخطوطة الرهبنة الكلدانية 224 التي كتبها القس كوركيس ابن القس إسرائيل الالقوشي الساكن انذاك في تلكيف، وفرغ من كتابتها في 4 حزيران سنة 2026 يونانية (=1715م)(94).نجد حالياً في بغداد وحدها نحو عشرين كنيسة او معبداً على اسم البتول الطاهرة موزعة على مختلف الطوائف المسيحية، وفي مقدمتها الكاتدرائية الكلدانية، التي تحمل اسم “كاتدرائية ام الأحزان”. وتحمل كاتدرائية البصرة الكلدانية اسم العذراء، وأشهر كنيسة في مدينة الموصل تدعى “كنيسة الطاهرة مريم” للكلدان، التي كانت كنيسة الدير الأعلى، الذي يرتقي عهد تأسيسه الى القرن الميلادي السابع.
ت- الاحتفالات الشعبية
يقيم المؤمنون احتفالات بمناسبة اعياد العذراء في الكنائس المقامة على اسمها. يبدأ الاحتفال بإقامة الذبيحة الإلهية،حيث يقترب المؤمنون من سري التوبة والقربان المقدس، ثم يقيمون ما يسمى بـ”شيرا” وهو نوع من المائدة الأخوية المشتركة. اذ يجلب المؤمنون أصنافاً من الأطعمة الى فناء الكنيسة، حيث يضعونها على الموائد او على الأرض. وبعدما يتلو الأسقف او الكاهن البركة على هذه الأطعمة، يتناول منها الحاضرون سويةً، ليعبروا عن اخوَّتهم، كأبناء ام واحدة هي العذراء.
جـ-العبادات التقوية
هذا بالإضافة الى مختلف العبادات التقوية المريمية المعروفة، التي استقاها الكلدان من أبناء الكنائس الأخرى كالمراسيم المقامة خلال الشهر المريمي وصلاة الوردية والتساعيات وغيرها
المزيد
19 أغسطس 2020
«وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ» (مت17: 2)
ونحن نحتفل بعيد التجلي، يكشف لنا المسيح إلهنا عن طبيعة الله، الطبيعة النورانيّة المطلقة، فيقول القديس يوحنا: «إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ» (1يو1: 5)، ويترنم داود النبي، قائلًا: «اللاَّبِسُ النُّورَ كَثَوْبٍ» (مز104: 2). وقال أيضًا: «لأَنَّ الرَّبَّ اللهَ شَمْسٌ وَمِجَنٌّ» (مز84: 11). ونصلي في ثيؤطوكية يوم الأثنين: [الله هو نور وساكن فى النور تسبحه ملائكة النور]. وهذا النور هو النور غير المخلوق.ويقول معلمنا القديس بولس الرسول، عن الله: «سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ» (1تي6: 16). يشرح القديس يوحنا ذهبيّ الفم هذه الآية، قائلًا: [أعر انتباهك دقة أسلوب القديس بولس، فهو لم يقل: "الذي هو نور لا يُدنى منه"، بل قال: "مسكنه نور لا يُدنى منه". هذا كي تتعلم أنه إذا كان مسكنه لا يُدنى منه، فإن الله الذي يقيم في هذا المسكن، هو أيضًا كذلك، بل وأكثر كثيرًا ... وهو لم يقل: "الذي يسكن نورًا لا يُدرك"، ولكن: "لا يُدنى منه"، وهذا أقوى بكثير. إذ يُقال عن أمر إنه لا يُدرك عندما لا يتوصل الذين يدرسونه إلى إدراكه، بالرغم من بحوثهم وتنقيباتهم. أما الذي لا يُدنى منه، فهو ما يتوارى منذ أول وهلة عن كل تنقيب، ولا يمكن لأحد أن يدنو منه] (الله لا يمكن إدراكه، عظة3). ولكون السيد المسيح هو الإله المتجسد، فله الطبيعة الإلهيّة النورانيّة كاملة، متحدة بطبيعة بشريّة كاملة. فهو إله كامل وإنسان كامل في طبيعة واحدة وأقنوم واحد. وهو بهاء مجد الله «الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ» (عب1: 3). ويعلن عن ذاته قائلًا: «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ» (يو8: 12). فعلى جبل التجلي أظهر حقيقة جوهره المحتجب في الناسوت، ولم يستمد شيئًا من خارجه.النور رمزٌ طبيعيّ لكل ما هو إيجابيّ، من العدل والحق والصلاح والخير، وهو يشير أيضًا إلى الفرح والسرور والابتهاج. فالنور تعبير مجازي يرمز إلى البر، فجاء في سفر الأمثال: بأنه «أَمَّا سَبِيلُ الصِّدِّيقِينَ فَكَنُورٍ مُشْرِقٍ يَتَزَايَدُ وَيُنِيرُ إِلَى النَّهَارِ الْكَامِلِ» (أم4: 18). والنور يشير إلى حياة الطهارة. وقد استخدم المسيح إلهنا النور كصورة للأعمال الحسنة: «فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ» (مت5: 16). فجوهر الله نور، فهو كلي القداسة. ومن طبيعة الله النورانيّة يستمد أبناؤه النور، ينالون قبسًا من هذا النور بحلول روح الله فيهم، يقول العلاَّمة أوريجانوس: [حقًا إن اللَّه هو النور الذي يضيء أفهام القادرين على تقبل الحق، كما قيل في المزمور 36 "بنورك نعاين النور". أيّ نور به نعاين النور، سوي اللَّه الذي يضيء الإنسان فيجعله يرى الحق في كل شيء، ويأتي به إلى معرفة اللَّه ذاته الذي يدعى "الحق". فبقوله "بنورك يا رب نعاين النور" يعني أنه بكلمتك وحكمتك أي بابنك نرى فيه الآب]. فعمل الله فينا ينقلنا، وينْقَذَنَا «مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ وَنَقَلَنَا الَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ» (كو1: 13). فدعوة الله لنا، دعوة إلى النور «دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ» (1بط2: 9). فإن لم يكن لنا النور، فنحن لا نعرف الله. الذين يعرفون الله ويسلكون معه، هم من النور ويسلكون في النور. وقد صاروا مشاركين صفات الطبيعة الإلهية (بصورة نسبية) «هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ» (2بط1: 4).
القمص بنيامين المحرقي
المزيد
18 أغسطس 2020
أهمية الإلتزام بالعقائد الأرثوذكسية
مع كثرة انتشار الطوائف، وظهور شيع كثيرة غير مسيحية، ولكنها تدّعى المسيحية، كالأدفنتست، وشهود يهوه، والمورمون (وقد وصلوا حديثًا إلى مصر)، ينادى البعض بعدم أهمية العقيدة، وبشىء اسمه “اللاطائفية”، أى عدم الانتماء إلى طائفة بعينها. وهذا كله خطأ، بل “اللاطائفية” هى وهم كبير، فأى إنسان يدعى أنه “لا طائفى” ستجد: أنه لا يعيش بمعتقدات هامة تقود حياته مثل:
وجود الله، وألوهية المسيح، والثالوث القدوس، الكنيسة جسد المسيح والمسيح رأس هذا الجسد.
الأسرار السبعة ودورها فى خلاص الإنسان.
وسائط النعمة كشبع روحى للإنسان.
وهكذا يستحيل أن يعيش الإنسان “فى الهواء” بل هو يرتكز على ركائز صلبة، هى العقائد والممارسات الكنسية.
فالعقيدة هى ما انعقدت عليه الحياة، فأنا أؤمن بوجود الله، لذلك سأسلك على هذا الأساس. وأنا أؤمن بالتجسد، فأرتبط بالفادى الذى تجسد لأجلى، وأطلب منه تقديس جسدى بدمه الكريم وفعل روحه القدوس “كَىْ لاَ نَكُونَ فِى مَا بَعْدُ أَطْفَالاً مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ” (أف 14:4).وإذا كنت أؤمن بشفاعة القديسين، أدخل فى عشرة معهم، وأحسّ بوجودهم ودورهم فى حياتى. إن آمنت بالاعتراف اعترفت، وإن آمنت بالقيامة وضعت الأبدية نصب عينى.أما اللاطائفية فهى ببساطة “مسح العقيدة” فيصير الإنسان غير أرثوذكسى (Non-orthodox)، وليس فقط “ضد الأرثوذكسية” أى (Anti-orthodox). أى أنك ربما تجده لا يهاجم العقيدة الأرثوذكسية، ولكنه أخطر، لأنه يمسحها تمامًا، وهذا أخطر طبعًا! إذ سينساها الناس،
ولا يعيشون بمقتضاها. و”اللاطائفية” بحد ذاتها نوع من الاعتقاد!! الاعتقاد بأنه لا توجد عقائد؟!!هذا ما استقر فى قلب هؤلاء الأخوة، وتصوروه حقًا وهو باطل!! ذلك لأن الإنسان يتحرك من صباحه الباكر إلى آخر المساء بناء على عقائد استقرت فى وجدانه! منذ الصباح الباكر يخرج كل من العامل والفلاح والموظف وهو يقول: “يارب يا ساتر”، “ربنا معانا”، “متخافش.. ربنا موجود!!”.. إنه إيمان راسخ بوجود إلهنا الحىّ المحب، الفاعل فى السماء وعلى الأرض وفى كل مكان وزمان!! “فَاثْبُتُوا إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَتَمَسَّكُوا بِالتَّعَالِيمِ الَّتِى تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ أَمْ بِرِسَالَتِنَا” (2تس 15:2).الله هو فوق الإنسان، والزمان والمكان!! لهذا أصبح شعار قداسة البابا شنوده الثالث: “ربنا موجود”.. شعارًا لكل الشباب والشعب، أمام كل ظروف الحياة اليومية، وامتحاناتها!لاشك أن العقيدة هامة فى حياة كل إنسان، فالعقيدة هى “ما انعقدت عليه الحياة من أفكار ومناهج”.. ومن هنا نسأل:
ما هى العقيدة ؟
العقيدة هى الفكر الجوهرى فى حياة الإنسان، والذى يقود عاطفته وإرادته وسلوكياته.. فمثلاً هناك من لا يؤمن بوجود الله، أو من يرفض وجود الله غير المحدود، وهذا بلاشك لا يعرف حدودًا لنفسه ولغرائزه وشهواته، لا يقف ضدها، ولا يفرز الغث من الثمين، والصحيح من الخاطئ، والحدود المطلوبة فى الحياة اليومية، سواء الخاصة، أو الأسرية، أو الكنسية، أو الاجتماعية. ببساطة هو قطار بلا فرامل، ولا قضبان مناسبة، ولذلك فما أسهل أن يصطدم، أو يخرج عن المسار، أو يدمر هنا وهناك.
أما العقيدة فهى الضابط والضامن للسلوك الإنسانى فى هذه الأرض، والمصير النهائى فى الحياة الأبدية.هناك فى التاريخ من “أنكروا وجود الله”.. تمامًا كمن يغمض عينيه فلا يرى الشمس.. وهناك من “رفضوا وجود الله”، وقالوا له: “يا أبانا الذى فى السموات ابق فيها!!”. وهناك من نادوا بضرورة أن نلغى وجود الله لنحقق وجودنا نحن.. وكأن هناك تعارضًا بين الاثنين.. مع أن وجود الإنسان مرهون بنسمة حياة الخالق، التى نتنسمها كل لحظة.. وبوجود الهواء والأكسجين اللازم لاستمرار الحياة!!من هنا كان من لديه اعتقاد بوجود الله، قادرًا على :-
1- إقامة علاقة مقدسة معه “لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ” (أع 28:17).
2- تقديم طلب مستمر لله.. لكى ينقذنا من السلبيات الداخلية والخارجية..
3- رجاء سكنى الله فى داخلنا.. لنحقق الآية: “الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ” (كو 27:1).
وعقيدتنا الأرثوذكسية لها سمات خاصة.. هى النقطة التالية:-
(السمات الإيجابية للعقيدة)..
1- هى عقيدة سليمة : بمعنى أنها مضبوطة بالكتاب والتقليد والتدقيق فى موضوع ما كالأسرار، والشفاعة، والصلاة من أجل الراقدين، والأصوام، والأعياد، وغير ذلك من المواضيع، وكنيستنا تفخر – بنعمة الله – أنها قدمت للمسيحية علماء اللاهوت الذين استطاعوا أن يقتنوا الإيمان المسيحى والعقيدة السليمة، ويصيغوا قانون الإيمان وحقائق المسيحية، بأسلوب دقيق شهد له العالم المسيحى آنذاك،وما يزال!! ولعل عودة العائلتين الأرثوذكسيتين إلى “صيغة كيرلس الاسكندرى” كانت، وسوف تكون، سببًا فى الوحدة بين العائلتين الأرثوذكسيتين: طبيعة واحدة لكلمة الله المتجسد..
2- وهى عقيدة مستقيمة : وأقصد بذلك أنها لم تمل يمنة أو يسرة.. بدأت من عصر الرسل، وحتى الآن، فى خط مستقيم، محافظ بدون أدنى انحراف، فالبعض انحرفوا يمينًا، واحتج عليهم بعض منهم، فانحرفوا يسارًا، فإذ ما جلسوا وتقاربوا للحوار، فسيجدون الجذور الأرثوذكسية ملجأ وملاذًا!!
لا ندعى شيئًا متميزًا فى أشخاصنا، ولكن لأننالم ننحرف لا يمينًا ولا يسارًا.. أنها طبيعة الأشياء، وحركة التاريخ!!
3- وهى عقيدة شاملة : فهى لا تميل إلى المبالغة فى أمر على حساب الآخر، فنراها تتحدث عن الإيمان دون أن تهمل الأعمال، وتكرم العذراء دون أن ترفعها إلى مصاف الألوهية.. وتسمح بقراءة الكتاب المقدس والتأمل فى كلماته، دون أن
تعطى لكل فرد حرية التفسير، فالمسيحية لن تبدأ بنا.. وتعطى الكهنوت سلطة وكرامة، دون أن تعطى الشعب حقه فى صنع القرار الكنسى.. تتحدث عن النعمة وتتحدث عن الجهاد أيضًا.. وهكذا فى شمول يعطى المسيحية صورتها الشاملة المتكاملة.
4- وهى عقيدة كتابية : فمع أن الكنيسة القبطية كنيسة تقليدية، تؤمن بأهمية التقليد الكنسى،وأن الكتاب نفسه هو عطية التقليد وجزء منه،إلا أنها تؤمن أن الكتاب المقدس هو الحكم على كل عقيدة أو تقليد أو طقس.. لهذا فكل عقائد
كنيستنا كتابية.. مئات الآيات عن الأسرار، والشفاعة، والتقليد، وتطويب العذراء، ومسحة المرضى بالزيت، والكهنوت، والمذبح.. الخ.لاشك أن عقيدة كنيستنا القبطية الأرثوذكسية، هى الفهم السليم للكتاب والحياة، ولا نقصد بذلك تعصبًا، ولكنه التراث الذى تسلمناه من الآباء دون زيادة أو نقصان. لقد عاش آباؤنا المسيحية والإنجيل والمجتمع، ونحن ندرس حياتهم وأقوالهم تفسيراتهم للكتاب المقدس، ولاهوتهم، وعقيدتهم، ونجتهد أن نستمر فى نفس الطريق: “انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ” (عب 7:13).وهكذا إذ نضرب بجذورنا فى عمق التاريخ، وفهم وسلوك الآباء، ترتفع الساق إلى فوق، وتورق وتزهر وتثمر لمجد السيد المسيح.. وبناء ملكوت الله
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
17 أغسطس 2020
الثيؤتوكوس والدة الإله
أمومة القديسة مريم في الكتاب المقدس:
يشهد الكتاب المقدس لأمومة القديسة مريم لله، إذ نرها في الكتاب المقدس تلقب ابنها "الله" يو 20: 28، فتكون هي أم الله.وفي البشارة يتحدث الملاك غبريال عن الطفل الذي تحبل به أنه ابن العلي و"القدوس" و"ابن الله".وعندما دخلت القديسة مريم بيت نسيبتها اليصابات وسلمت عليها، ركض الجنين في أحشائها بابتهاج (لو 1: 41، 44)، وامتلأت اليصابات من الروح القدوس الذي وهبها إدراك سر التجسد الإلهي. فنرى اليصابات السيدة التي بلغت سن الشيخوخة،زوجة الكاهن والحاملة في أحشائها نبي عظيم تتصاغر جدا أمام هذه الفتاة اليتيمة الفقيرة صغيرة السن، إذ تكشفت فيها أنها أم ربها، فقالت
" من أين لي أن تأتي أم ربي إلى؟" لو 1: 43. هكذا بينما كان العالم كله يجهل كل شيء عن البشارة للقديسة مريم إذ بالقديسة اليصابات تعلن أمومة مريم لربها، رغم عدم وجود أي علامة ظاهرة لهذا الحدث الإلهي.والأمر المدهش في هذه الأحداث العجيبة (ركوض الجنين بابتهاج وامتلاء اليصابات بالروح القدس وشهادتها لأمومة العذراء لربها) تمت بمجرد اصفاء اليصابات لسلام مريم، وكأن ابن الله الساكن في أحشاء القديسة مريم قد تكلم بنفسه على فم أمه، وعمل خلال تصرفاتها.
أمومة القديسة مريم في الكنيسة الأولى:-
برزت العقيدة الخاصة بالقديسة مريم وتطورت خلال صراع الكنيسة ضد الهرطقات، كان ذلك لتأكيد حقيقتين تخصان السيد المسيح:
أ- أن يسوع المسيح قد ولد ميلادا حقيقيا من القديسة مريم، فلم يكن يسوع خيالا بل حمل جسدا حقيقيا مولودا من أم حقيقية.
ب- أن يسوع المسيح المولود من القديسة مريم هو ابن الله الأبدي الذي بلا بداية.
(أما الأهم الهرطقات فهي الغنوصية والمانية والأريوسية والنسطورية).
1- الغنوصية:-
تقوم أغلب النظم الغنوصية على الفصل ما بين الله الخالق والكائن الإلهي السامي. ففي نظر البعض أن العالم المادي هو شر جاء نتيجة سقوط الحكمة "صوفيا".
ويقسم الغنوصيون البشر إلى طبقتين أو ثلاث، هم:
أ- الروحيون، يتمتعون بإشراقة من الجوهر الإلهي الروحي، ويعودون إلى أصلهم أي إلى الكائن الإلهي السامي، وذلك بواسطة المعرفة (الغنوصية) وممارسة طقوسها.
ب- بقية البشر أي الجسدانيون أو الماديون، وهم منهمكون في العالم المادي مصيرهم الهلاك الأبدي.
ج- يضيف البعض طبقة ثالثة متوسطة، وهي جماعة المسيحيين غير الغنوصيين، هؤلاء يبلغون حالة وسطى خاصة بالله الخالق، وذلك خلال إيمانهم وأعمالهم الصالحة.
أما عن المسيح ففي نظرهم جاء عن الإله السامي، يقدم الغنوصية أي "المعرفة"، وهو كائن إلهي لم يأخذ جسدا بشريا حقيقيا ولا مات. بهنا لم يقبلوا تجسد المخلص ولا ولادته من امرأة.
إحدى الأشكال الغنوصية تدعى Docetism، وهي هرطقة هددت كيان الكنيسة الأولى، أخذت أسمها عن كلمة dokein اليونانية التي تعني "يبدو" أو "يظهر هكذا" إذ نادت هذه الهرطقة بأن يسوع المسيح لم يصر أنسانا حقيقيا بل بدى هكذا كأنه يحمل جسدا. أنه عبر في العذراء دون أن يأخذ من جسدها شيئا.
يقول القديس ايريناؤس أن ساتيرنانيوس (حوالي عام 120) قد أعلن بأن المخلص لم يولد، ولا تجسد ولم يكن له شكل... إذ يرى أن الزواج وإنجاب
وعلم أيضا فالنتينوس في القرن الثاني بأن السيد المسيح قد أتحد بالإنسان يسوع "الذي ولد خلال مريم وليس من مريم، عبر فيها كما من قناة".أما مرقيون فعلم بأن يسوع لم تكن له نفس بشرية ولا تجسد أرضي. أنه لم يولد من مريم بل ظهر فجأة في اليهودية في تجسد خيالي كشخص كامل النمو مستعد للبدء في الخدمة حالا. أما إبليس Appeles فقد قبل أن يكون للسيد المسيح جسدا حقيقيا، لكنه جسد سماوي، نزل إلى هذا العالم من السماء، وليس من مريم.
وقد حذر آباء الكنيسة مثل القديسين أغناطيوس أسقف أنطاكية ويوستين وايريناؤس والعلامة ترتليان والعلامة أوريجين المسيحيين من هذه التعاليم كما واجهوا الهراطقة مؤكدين حقيقة أمومة القديسة مريم بقصد تأكيد سر التجسد أي حقيقة ناسوتية المسيح.
كتب القديس أغناطيوس إلى أهل تراليا: "سدوا آذانكم عندما يحدثكم أحد من هؤلاء الذين يأخذون جنبا من يسوع المسيح، الذي هو من نسل داود ابن مريم، الذي ولد ميلادا حقيقيا.
2- المانية Manichaeism:-
مؤسس هذه البدعة هو ماني أو مانس أو مانخيوس من القرن الثالث النظام الماني في أصله هو وليد التقاليد الغنوصية القادمة من شرق بلاد فارس والتي تقوم على افتراض وجود صراع بين النور والظلمة، وبين الله والمادة. أما هدف ممارسة الدين عندهم فهو أدراك عناصر النور التي أغتصبها الشيطان من عالم النور وسجنها في ذهن الإنسان، وأن يسوع وبوذا والأنبياء وماني أنما جاءوا لهذا العمل.
ظهور آدم كان غايته استعادة النور المسجون. أما يسوع
"النور المتلألئ" فقد خلص آدم برؤيا.
والممارسات الدينية عندهم من امتناع عن أكل اللحم والزهد في الحياة الجنسية هي وسائل لتحقيق استمرار تحرر هذا النور تدريجيا.
أذن لا تعجب أن رأينا أتباع ماني قد ظنوا أن يسوع المسيح ليس ابن لمريم بأي حال من الأحوال.
لهذا قام القديس الكسندروس، بابا الإسكندرية، يدافع عن حقيقة ناسوتية السيد المسيح وبالتالي عن أمومة القديسة مريم الحقة له، مقاوما الغنوصيين وأتباع ماني.
وقام القديس أثناسيوس بنفس الأمر، إذ يقول "كان جسد الرب جسدا حقيقيا... مثل جسدنا".
كما يقول القديس أمبروسيوس "قدمت العذراء شيئا من عندياتها ولم تعطه شيئا (جسدا) غريبا عنها بل من جسدها، قدمته بطريقة غير عادية لكن العمل (إعطاء الجسد للابن) كان عاديا، قدمت للثمرة جسدها".
3- الأريوسية:-
أما اتباع أريوس، فعلى خلاف الغنوصيين والمانيين، أنكروا أن يسوع بن مريم هو ابن الله غير المخلوق، الواحد مع الآب في الجوهر الإلهي. أنكروا لاهوت السيد المسيح وبالتالي أنكروا أمومة القديسة مريم لله.
لهذا فإن آباء الإسكندرية مثل القديسين الكسندروس وأثانسيوس في مواجهتهم للاريوسية لقبوا القديسة مريم "الثيؤتوكوس" (والدة الإله). ففي الخطاب الدوري الذي وجهة القديس الكسندروس للأساقفة (حوالي عام 319م) حيث أعلن حرمان أريوس استخدام لقب "ثيؤتوكوس" بطريقة يفهم منها أن هذا اللقب كان مستخدما بطريقة لا تحتمل المناقشة، إذ كتب هكذا: " أننا نعرف القيامة من الأموات، فان البكر هو يسوع المسيح الذي حمل جسدا حقيقيا وليس شكليا، مولودا من مريم الثيؤتوكوس (والدة الإله)". هكذا يسجل لنا قلمه لقب "الثيؤتوكوس" بطريقة طبيعية تاركا هذا الانطباع أن هذا اللقب كان دارجا مستقرا ولم يكن موضع نقاش في أيامه.وفي الجدال مع الأريوسية ركز القديس أثانسيوس على هذه الحقيقة أن السيد المسيح مولود من الأب، حمل هيئته الجسدية من الأرض غير المفلحة دائمة البتولية، الثيؤتوكوس.كما سجل القديس أمبروسيوس أسقف ميلان لحنا لعيد الميلاد علمه لشعبه لسند إيمانهم في المسيح يسوع بكونه الله الحقيقي لمواجهة الأريوسية: "تعالى يا مخلص العالم!اظهر ميلادك من البتول!ليعجب العالم كله من ميلاد كهذا يليق بالله!"
4- النسطورية:-
وقف القديس كيرلس السكندري في بازيليكا والدة الإله (عام 431) يتحدث أمام آباء مجمع أفسس، قائلا: "السلام لمريم والدة الإله، كنز العالم كله الملوكي، المصباح غير المنطفئ، إكليل البتولية، صولجان الأرثوذكسية، الهيكل غير المفهوم، مسكن غير المحدود، السلام لك، يا من حملت غير المحوي في أحشائك البتولية المقدسة" في الحقيقة الصراع الذي قام بين القديس كيرلس الإسكندري ونسطور لم يقم أساسا حول لقب القديسة مريم "الثيؤتوكوس" بل حول شخص السيد المسيح نفسه وأننا نستطيع أن نلخص الظروف التي دفعت القديسة كيرلس ليدخل هذا النزاع هكذا في العاشر من شهر أبريل عام 428م رسم نسطور الكاهن بإنطاكية وتلميذ تيؤدور أسقفا على القسطنطينية. وقد أعتاد أن يستخدم لقب خريستوكوس (والدة المسيح) للقديسة مريم وليس "ثيؤتوكوس"، لكن ملامح المعركة وضحت تماما عندما قام أحد كهنته يسمى أنسطاسيوس الذي جاء به من أنطاكية يعظ أمامه في ديسمبر عام 428 م قائلا: "ليته لا يسمي أحد مريم " ثيؤتوكوس"، لأن مريم لم تكن إلا امرأة، ومن المستحيل يولد الله من امرأة". وقد أكد نسطور نفسه هذا التعليم علانية، مقدما في عظاته تمييزا بين الإنسان يسوع المولود من مريم وابن الله الذي سكن فيه. في رأيه يوجد شخصان في المسيح: ابن مريم وابن الله، اتحدا معا اتحادا معنويا ولا أقنوميا. فالمسيح لا يسمى " الله" بل حامل الله " ثيؤبورون" على نفس المستوى الذي دعي إليه القديسون بالنعمة الإلهية التي توهب لهم هكذا فإن مريم لم تكن أما الله بل للإنسان يسوع الذي سكن فيه الله الرأس.انتقد نسطور وأتباعه المجوس لأنهم سجدوا أمام الطفل يسوع، ونادوا بأن اللاهوت قد أنفصل عن الناسوت في لحظة الصلب.بلغ ذلك إلى مسامع القديس كيرلس بابا الإسكندرية، فانتهر فرصة كتابة الرسالة الفصحية السنوية عام 429م ليكتب دون أي تلميح إلى شخص نسطور مؤكدا التعليم الخاص بالتجسد في عبارات واضحة وبسيطة، موضحا اتحاد ناسوت السيد المسيح الحقيقي الحقاني الكامل بلا هوته في الشخص الإلهي الواحد.وبعد أربعة شهور كتب رسالة أخرى إلى الرهبان في ذات الشأن بلغت هذه الرسائل مسامع نسطور فأثارت غضبه جدا، وطلب من شخص يسمى Photius أن يجيب عليها.أرسل القديس كيرلس إلى نسطور رسالتين يوضح فيهما طبيعة السيد المسيح كابن الله المتجسد، شخص واحد... معلنا أنه الله من حق القديسة مريم أن تدعى " ثيؤتوكوس".
وفي رسالته الثانية كتب هكذا: "لسنا نقول بأن الكلمة صار جسدا بالتحول، فهو لم يتحول إلى إنسان كامل بنفس وجسد، بل الحرى أتحد الكلمة أقنوميا بطريقة غير موصوفة ولا مدركة بالجسد الحي بنفس عاقلة، وهكذا صار إنسانا ودعي ابن الإنسان.كما أنه لم يولد أولا من العذراء القديسة كإنسان عادي وبعد ذلك نزل عليه " الكلمة"، الحرى أتحد " الكلمة" بالجسد في الأحشاء ذاتها.لهذا السبب دعي " الآباء القديسون" بثقة العذراء القديسة " ثيؤتوكوس"، لا بمعنى أن طبيعة الكلمة أو اللاهوت قد تقبل بدءا جديدا من العذراء القديسة، بل يقال أنه ولد منها حسب الجسد مادامت نفسه العاقلة التي تحيي الجسد أتحد بها الكلمة أقنوميا مولودا منها.هكذا كتب إليك بدالة الحب التي لي في المسيح، متوسلا إليك كأخ محملا إياك المسئولية أمام السيد المسيح وملائكته المختارين أن تفكر وتعلم معنا هكذا لحفظ سلام الكنائس ورباط الحب والمودة القائم بين كهنة الله".بعد هذا أنعقد مجمع محلي بالإسكندرية بعث رسالة مجمعية إلى نسطور يوضح ذات التعاليم التي وردت برسائل القديس كيرلس، مذيلة بما يسمى " الأثنى عشر بندا أو الأثنى عشر حرمانا".جاء في الحرمان الأول: "من لا يتعرف بأن عمانوئيل هو الله حقا، وبالتالي فإن القديسة العذراء هي " الثيؤتوكوس" إذ ولدت كلمة الله المتجسد حسب الجسد فليكن محروما" وفي الثاني والعشرين من شهر يونيو عام 431م انعقد المجمع المسكوني الثالث بأفسس تحت رئاسة البابا كيرلس، الذي جرد نسطور من الكهنوت وحرمه، كما قرأت الرسالة التي وجهها القديس كيرلس لنسطور، ووافق على الحر ومات الأثنى عشر، وأدان المجمع رأى نسطور في شخص السيد المسيح، وثبت بكل وقار لقب "الثيؤتوكوس".
القمص تادرس يعقوب ملطى
القديسة مريم فى المفهوم الأرثوذكسى
المزيد
16 أغسطس 2020
بتولية مريم العذراء فى كتب أبوكريفا
كما كانت عقيدة "الدائمة البتولية" لمريم العذراء عقيدة راسخة فى الكنيسة، كانت أيضاً منتشرة فى الكتابات الأبوكريفيه التى إنتشرت فى القرن الثانى وحتى السادس والتى أعطاها مؤلفوها لقب أناجيل ونسبوها أو أسموها بأسماء بعض الرسل لتلقى رواجاً بين بعض المؤمنين، وكانت تعبر عن الفكر الشعبى المسيحى وأحياناً يعتبر بعضها تاريخاً. ومع أن الكنيسة رفضتها من البداية لأنها أخذت أفكارها الرئيسية من الأناجيل القانونية ولكن موضوعاتها كانت مخله مملؤه بالمعجزات الصبيانيه الخرافية ومع ذلك فهى لا تعدو كونها تراث فكرى وشعبى مبكر، خاصة وإن كانت أفكار تلك الكتب منسجمة مع فكر الكتاب المقدس والكنيسة، وهذه الكتب الأبوكريفية غير القانونية أو معظمها أكدت دوام بتولية مريم العذراء.
وقد أكدت كتب أبوكريفا على دوام بتولية القديسة مريم وهى:
1- كتاب صعود أشعياء:
وجد رحمها كما هو عليه قبل الحمل.
2- كتاب أناشيد سليمان:
أنها ولدت أبناً بغير آلام المخاض
3- إنجيل العبرانيين المنحول:
كاتب إنجيل العبرانيين يهودي متنصِّر جمع أخبار يعقوب بتدقيق يعوَّل عليه، وإنجيل العبرانيين هو أوثق كتابات الأبوكريفا وأقدمها حسب رأى العالِم ليتفوت وجاء فيه:
أن يعقوب هذا كان قد قطع على نفسه أن لا يأكل خبزاً بعد أن شرب الرب الكأس (كأس الموت) حتى يراه قائماً من الأموات، وبعد القيامة ظهر له الرب، وأخذ خبزاً وباركه وكسر وأعطى يعقوب قائلاً: كُلْ خبزك يا أخي لأن ابن الإنسان قد قام من بين الأموات.
وهذه الرواية تشابه قصة ظهور الرب ليعقوب، طبقاً لما جاء فى رسالة بولس الرسول الأولى لأهل كورنثوس، حسب ما إستلم وهو في أُورشليم في زيارته الأُولى:
+(كونثوس الأولى 15: 5-8) 5وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ. 6وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ أَكْثَرُهُمْ بَاقٍ إِلَى الآنَ. وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. 7وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ.
4- إنجيل بطرس المنحول:
هو كتاب أبوكريفى من القرن الثاني أو قبل نهايته، وجده سيرابيون أسقف أنطاكية متداولاً في مدينة روسوس Rhossus إحدى مدن كيليكية وقد وصل ليوسابيوس القيصري قطعة من كتابة سيرابيون الأسقف هذا يقول فيها إن هذا الإنجيل كان متداولاً منذ أيام قديمة. ويقول العالِم المصري أوريجانوس إنه اطّلع على هذا الإنجيل وفيه أن أخوة الرب كانوا أبناء ليوسف القديس من زوجة سابقة. وهكذا يؤكِّد دوام بتولية القديسة مريم العذراء.
5- إنجيل يعقوب الأول المنحول:
- دافع كتاب إنجيل يعقوب الأول غير القانوني عن بتولية القديسة مريم مشيرا إلى أن أخوة يسوع ليسوا إلا أبناء القديس يوسف من زواج سابق. هذه الفكرة انتقلت إلى الكتابات القبطية والسريانية واليونانية، كما نادى بها بعض الأباء العظام، فأشار إليها كل من القديس أكليمنضس الإسكندري وإغريغوريوس النيصيصي وكيرلس الإسكندري وأمبروسيوس والعلامة أوريجانوس وهيجيسيوس ويوسابيوس أسقف قيصرية وهيلارى من بواتييه وأبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص الذي دافع عن هذه الفكرة بحماس شديد حتى نسبت إليه: "الأبيفانية". ويقدم هذا الكتاب يوسف النجار كرجل متقدِّم في الأيام عندما خُطبَت له القديسة مريم العذراء، وكان له أولادٌ من زوجة سابقة ولكن لم يكن له بنات.
- أن سيدة تدعى سالومى قد لاحظت بتولية القديسة مريم بعد ولادة يسوع.
- "وقال الكاهن ليوسف أنت أخترت من الكثيرين لتأخذ عذراء الرب لتحفظها لديك وكان يوسف خائفاً وأخذها ليحفظها عنده".
- أن القديسة مريم ولدت من يواقيم وحنة الشيخين، وأن والدتها قد نذرت أبنتها خادمة للرب كل أيام حياتها. وفي الثالثة من عمرها، قدمت مريم للهيكل، حيث كانت تتغذى بأيدي ملائكة. وبحسب التقليد القبطي يحتفل بعيد "دخولها الهيكل" في الثالث من شهر كيهك، فيه نذكر الطفلة مريم كعذراء تعيش بين العذارى، فنترنم باللحنين التاليين:
- "في سن الثالثة قدمت يا مريم للهيكل، جئت كحمامة، وأسرعت الملائكة إليك!"
- "كانت بين العذارى تسبح وترنم معهن، دخلت الهيكل بمجد وكرامة".
وفي الثانية عشر من عمرها اجتمع الكهنة ليناقشوا أمرها إذ كان يلزم أن تترك الهيكل. فأحضروا اثني عشر رجلا من سبط يهوذا، وأودعوا عصيهم داخل الهيكل. وفي اليوم التالي أحضر أبيثار الكاهن العصي وقدم لكل منهم عصاه. وأن أمسك القديس يوسف بعصاه حتى جاءت الحمامة استقرت عليها، كانت بيضاء أكثر من الثلج وجميلة للغاية، صارت ترفرف لوقت طويل بين أجنحة الهيكل وأخيرا طارت نحو السماوات. عندئذ هنأ الشعب كله الشيخ، قائلين له: "هوذا قد صرت مطوبا في شيخوختك أيها الأب يوسف، فقد أظهرك الله مستحق الاستلام مريم. أما القديس ففي البداية أعتذر بشيخوخته، ولكنه أطاع الكهنة الذين هددوه بحلول غضب الله عليه إن رفض.
6- إنجيل متى المنحول:
"ترتيب جديد فى الحياة إكتشف بواسطة مريم وحدها التى وعدت أن تظل عذراء لله". وذكر أن العذارى كن مع مريم وقت أكتشاف يوسف للعمل قلن له: "يمكن أن تختبر أنها ما زالت عذراء ولم تلمس". وجاء فيه أن سالومى لما شكت فى حقيقة بتولية العذراء ودوام هذه البتولية قالت: "أسمح لى أن المسك وعندما سمحت لها.. صرخت... بصوت عال وقالت: يارب يارب يا قدير أرحمنا لم يسمع أبداً ولم يفكر فى أن واحد امتلأ ثدياها باللبن وأن ميلاد ابن يبين أن أمه ما تزال عذراء... عذراء حبلت، عذراء ولدت، وتظل عذراء".
وهذه الواقعة تذكر أيضاً فى إنجيل يعقوب الأولى.
7- إنجيل طفولة مريم:
- سوف لن تعرف إنساناً أبداً فهى وحدها بدون نظير، نقية، بلا دنس، بدون اجتماع رجل، هى عذراء، ستلد ابناً.
- أخذ يوسف العذراء طبقاً لأمر الملاك كزوجة له وبرغم ذلك لم يعرفها ولكن أعتنى بها وحفظها فى طهارة.
8- كتاب تاريخ يوسف ومريم:
يدعو كتاب "تاريخ يوسف ومريم" العذراء ب "السيدة مريم أمه العذراء".
9- كتاب نياحة وصعود مريم:
يدعو مريم: المقدسة، والدة الإله، العذراء النقية، العذراء دائماً، مريم المطوبه، العذراء مريم.
10- كتاب طفولة المخلص:
يدعو كتاب "طفولة المخلص" مريم ب "السيدة مريم أمه العذراء".
المزيد
15 أغسطس 2020
ليتورجيا كنيسة المشرق الكلدانية
العذراء مريم في طقس كنيسة المشرق
المقدمة
حظيت مريم العذراء بمكانة مرموقة في حياة ابناء كنيسة المشرق الكلدانية والآثورية، حيث غطى ذكرها مساحة كبيرة في مختلف الرتب والطقوس، أوسع من ان تحتويها صفحات مقال في مجلة. إن كلَّ ما نطمح اليه في هذا المقال هو رسمُ الخطوط العريضة لمكانة العذراء في هذا الطقس العريق تعكس مكانة العذراء في ليتورجيا كنيسة المشرق منزلتها في الكتب المقدسة. انها مكانة متوازنة، فلا مغالاة في تكريمها، أي لا إفراط في رفع منزلتها الى حدّ تنافس فيه الله في التقوى والعبادة، ولا تقليل او انتقاص في شأنها، أي عدم التنكرّ لصفاتها الأساسية السامية يمكننا تحديد مكانتها بكلمات قليلة على النحو التالي:”ان مريم العذراء هي والدة المسيح، الرب المخلص “، لذا فإن شفاعتها قديرة لدى الله، وهي الى ذلك امّ لأخوة يسوع ابنها، لذا فإنها كلية الحنان والشفقة بنا نحن البشر يتكون بحثنا عن مكانة العذراء مريم في طقوس المشارقة من القسمين التاليين:-
مكانة العذراء مريم في الصلاة الفرضية
مكانة العذراء مريم في رتب اسرار الكنيسة
في طبعات الكتب الطقسية الكلدانية أجريت بعض التغييرات على نصوص التراتيل منها تبديل عبارة “أم المسيح” بعبارة ” أم الله”، كما جرى تحوير في تعابير لاهوتية تتحدث عن سر تجسد المسيح، سنشير الى الاختلافات الموجودة بين طبعات الكلدان وطبعات الآثوريين.
أولا مكانة العذراء مريم في الصلاة الفرضية:-
تتجلى منزلة العذراء السامية واضحة جلية من خلال الصلاة الفرضية التي يرفعها الكهنة والرهبان والراهبات والشمامسة وسائر المؤمنين في الكنائس الراعوية وفي معابد الاديرة، وذلك عبر مواسم السنة الطقسية نتقصى مكانة العذراء مريم في الصلاة الفرضية من خلال العناصر التالية:-
أ- مكانة العذراء في بنية ساعات الصلاة:-
1 – مكانة العذراء في السنة الطقسية:-
تعكس منزلة العذراء مريم في السنة الطقسية الكلدانية المكانة التي منحها اياها الانجيل المقدس. إذ يرد ذكرها حينما تؤدي دوراً هاماُ خلال احداث حياة يسوع المسيح الارضية، أي انها تشارك يسوع ابنها في تنفيذ مخطط الله لخلاص البشر، لذا لا يمكننا فهم مكانتها السامية إلاّ ضمن إطار تدبير الخلاص قام البطريرك إيشوعياب الثالث الحديابي (649-659) بتنظيم التقويم الطقسي لكنيسة المشرق، فوزّع مراحل عمل يسوع الخلاصي عبر مواسم السنة الطقسية بحيث يحتفل المؤمنون بسر الخلاص كاملاً خلال السنة. فقسم السنة الى سبع فترات، تتكون كل فترة مبدئياً من سبعة اسابيع، واضاف اليها فترتين تتكون كل فترة منها من اربعة اسابيع، وضع الاول في بداية السنة والاخرى في نهايتها تبدأ السنة الطقسية بفترة البشارة / الميلاد التي تحيي ذكرى تجسد يسوع، الاله الكلمة من مريم العذراء، ثم تتوالى الفترات لتذكر بقية مراحل الخلاص، من عماد الرب، وتبشيره بالانجيل، موته وقيامته، والتطلع الى مجيئه الثاني، وتختم السنة بالتأمل بسر الكنيسة التي هي إمتداد لحضور يسوع في العالم ان ما يُلفت النظر في السنة الطقسية الكلدانية الحالية، هو ان للعذراء مريم ذكراً خاصاً في كل فترة من فتراتها، وذلك من خلال الاعياد المريمية المختلفة او من خلال المواسم الطقسية المقامة فيها، او من خلال الصلوات والادعية التي ترفع خلال ساعات الصلاة يظهر ذلك جلياً من خلال العرض السريع التالي لفترات السنة الطقسية:
– فترة البشارة/ الميلاد: عيد البشارة، عيد مريم العذراء المحبول بها بلا دنس، عيد الميلاد، عيد تهنئة العذراء بميلاد الرب يسوع، عيد تقدمة يسوع وتطهير مريم العذراء.
– فترة الظهور(الدنح) أي العماد: الاحد الرابع: ذكرى معجزة تحويل الماء خمراً بناءً على طلب مريم العذراء(يو2/ 1-12)
– فترة الصوم الكبير: موسم الكنيسة مريم الطاهرة( الموصل).
– فترة القيامة: عيد مريم العذراء حافظة الزروع.
– فترة الرسل: عيد حلول الروح القدس على التلاميذ بحضور العذراء مريم (اعمال1/14).
– فترة الصيف: عيد انتقال مريم العذراء.
– فترة ايليا/ الصليب: عيد ميلاد مريم العذراء.
– فترة موسى وفترة تقديس الكنيسة.
2– فترة البشارة/ الميلاد
تمتاز فترة البشارة/ الميلاد عن الفترات الطقسية الاخرى بتخصيصها مساحة كبيرة لذكر العذراء مريم، لذا فانها تستحق ان نتحدث عنها بصورة خاصة.
تبدأ السنة الطقسية الكلدانية بفترة البشارة، وتصادف عادة اما الاحد الاخير من شهر تشرين الثاني او الاحد الاول من كانون الاول من كل سنة. قوامها اربع آحاد، تسبق عيد الميلاد المجيد، هدفها اعداد المؤمنين لذكرى تجسد المخلص.
تتّسم فترة البشارة/ الميلاد هذه بطابع مريمي رائع، إذ تحتوي على نصوص إنجيلية وتأملات لاهوتية تشرح سر تجسد المسيح وسر والدته المجيدة. ولا فترة طقسية اخرى تعطي هذه الاهمية لذكر العذراء. ويظهر ذلك من خلال النصوص الانجيلية التي تُتلى على مسامع المؤمنين اثناء القداس، ومن خلال التراتيل والابتهالات التي ترفع اثناء ساعات الصلاة الفرضية.
النصوص الانجيلية:
تسرد قراءات الانجيل المقدس، التي تُتلى أثناء قداس الآحاد والأعياد، احداثاً هامة من حياة مريم العذراء، وذلك على النحو التالي:
1-الاحد الثاني من البشارة: بشارة الملاك جبرائيل للعذراء مريم بالحبل البتولي، زيارة مريم لنسيبتها اليشباع، الحوار بين اليشباع ومريم، نشيد “تعظم نفسي…”(لوقا 1/26-56).
2-الاحد الثالث من البشارة: ولادة يوحنا المعمدان (لوقا1/ 57- 80).
3- الاحد الرابع من البشارة: إعلان الملاك جبرائيل للقديس يوسف حبل مريم العذراء العجائبي والايعاز اليه بجلب العذراء الى بيته(متى 1/ 18-25).
4-عيد الميلاد المجيد: ميلاد يسوع المسيح، بشارة الملاك للرعاة، وعبارة لوقا”وكانت مريم تحفظُ هذا الكلام كله وتفكر به في قلبها”(لو 2/ 1-20).
5- الاحد الاول بعد الميلاد: زيارة المجوس للطفل يسوع مع مريم أُمه، هرب العائلة المقدسة الى مصر والعودة الى فلسطين(متى2/1-22).
6-الاحد الثاني بعد الميلاد: مراسيم ختانة يسوع، رتبة تطهير العذراء في الهيكل، وتقدمة يسوع، وعثور مريم ويوسف على يسوع وهو في الهيكل، فكرة عن سياق حياة العائلة المقدسة في الناصرة، وعبارة لوقا “وكانت امه تحفظ هذا الكلام كله في قلبها”(لوقا 2/ 21-54).
ب- التأملات اللاهوتية:
لا تشرح الصلوات والتراتيل التي تُؤدّى خلال فترة البشارة/ الميلاد النصوص الانجيلية التي تُقرأ ايام الآحاد، كل أحدٍ او اسبوع على حدة، بل تقدم خلال الفترة كلها تأملات لاهوتية عن سر التجسد، واتحاد الله الكلمة بالطبيعة البشرية، والحبل العجائبي، ودور العذراء مريم في سر التجسد، كما أنها تعبّر عن المشاعر البنوية التي تغمر أبناءَ كنيسة المشرق تجاه ام المخلص وامهم. فيما يلي بعض من هذه التأملات اللاهوتية والمشاعر البنوية:
1ً- اختار الله مريمَ من نسل ابراهيم لتلد المسيح
تُستهلُّ السنة الطقسية بصورة عامة، وفترة البشارة بصورة خاصة، بترتيلة نموذجية، تتسم بطابع صلوات المسيحيين الاولين، فهي تعبّر عن معان لاهوتية عميقة بكلمات قليلة، انها تقدم تأملاً سامياً بسر الكلمة المتأنس وبسر والدته القديسة.
تُرتّل هذه الترنيمة خلال صلاة المساء، عشية الاحد الاول من البشارة، وفيما يلي ترجمتها:
“إن الله(المولود) من الآب، لم يتخذ هيئة العبد(فيلي 2/7) من الملائكة (عبر1/5)، بل من زرع ابراهيم، واتى الينا في ناسوتنا بنعمته، ليخلص جنسنا من الضلال”(2)
هكذا تتحدث السنة الطقسية في بدء دورتها عن دور العذراء مريم في تدبير الخلاص من خلال عبارة “زرع ابراهيم”، التي تشير الى اياتٍ نبوية من العهد القديم، منها قول الرب لابراهيم ابينا “يتبارك بنسلك جميع الامم” (تك 22/18). ان العذراء مريم هي نسل او زرع ابراهيم، الذي منه اتخذ الله الكلمة جسداً بشريا ليخلصنا من الضلال، إذ لم يأتِ من أجل الملائكة بل من اجل البشر، كما يقول القديس بولس ” لم يقم لنصرة الملائكة، بل قام لنصرة نسل ابراهيم، فحق عليه ان يكون مشابهاً لأخوته في كل شيء…(عبرانيين2/16-17).
2- المسيح آدم الثاني والعذراء حواء الثانية
“المجد للآب والابن والروح القدس:… يا لحكمة الله، إن رحم حواء، التي قضي عليها أن تنجب بالآلام، أصبح معيناً يهبُ الحياة. فحبلت بدون زرع وانجبت عمانوئيل، وحررت هكذا جنسنا من الفساد…” (3)(جلسة صلاةالأحد الأول من البشارة).
“تجاوز آدم الأول بواسطة امرأة، وبواسطة العذراء تجدّد في المسيح من الفساد…” (4)(جلسة صلاة الاثنين الاول بعد الميلاد).
3- تستحق العذراء مريم كل اكرام لانها انجبت المسيح يسوع:
“الام التي انجبته تستحقُ البركات، الاذرع التي حملته تسأهل المديح، الركب التي ربّته تستحق الثناء…” (5)(مدراش صلاة الليل للاحد الاول بعد الميلاد).
4- ولدت العذراء مريم يسوعَ بقدرة الله:
“…حبلت(العذراء) من دون أن يعرفها رجل، وذلك بقوة الروح القدس. الذي خَلَقَ آدم من التراب، وابدع حواء منه بلا زرع، هو نفسه جعل سارة العاقر تلد(التكوين 17/21)، ومن بعدها رفقة (التكوين 25/21)، وهو الذي كشفَ للعذراء حالة اليصابات…” (6)(ترتيلة قدس الأقداس للأحد الرابع من البشارة).
5- يتكرر ذكر البشارة في كل لحن:
“…أنا جبرائيل، القائم للخدمة امام تلك السيادة الرهيبة، ارسلني الآب لابشّركِ ببشارة تُبهجُ العالم كله: انك ستقبلين حبلاً- معجزة، إذ ستخلقه قدرةُ العلي في أحشائك، وتلدين ابنه عمانوئيل، الذي سيصالح الكائنات السماوية مع الأرضية، فيحمده الجميع قائلين: “المجدُ لكَ، يا مخلص العالم” (7)(جلسة صلاة الأحد الأول من البشارة).
المزيد
14 أغسطس 2020
مريم العذراء فى عقيدة الكاثوليك
تؤمن الكنيسة الكاثوليكية بأن مريم العذراء هى الدائمة البتولية، فقد كانت مخطوبة ليوسف النجار وبعد موت يوسف النجار لم تخطب أو تتزوج من أى شخص آخر، فهى لم تعرف رجلا قط كل أيام حياتها بمعنى العلاقة الزوجية والجسدية بين الأزواج، فقد كانت مريم هى العذراء قبل الحبل بيسوع المسيح وأثناء الحبل بيسوع وظلت عذراء بعد ولادة يسوع المسيح حتى آخر يوم فى حياتها على الأرض.
(أولاً) نقاط الإتفاق بين الأرثوذكس والكاثوليك حول السيدة العذراء:
1- مريم العذراء ممتلئة نعمة بعكس البروتستانت (منعم عليها).
2- مريم العذراء دائمة البتولية.
3- شفاعة مريم العذراء التوسلية.
4- مريم العذراء والدة الاله (الذى يرفضة النساطرة).
5- مريم العذراء أم الكنيسة.
6- صعود جسد مريم العذراء إلى السماء.
7- عظمة مريم العذراء ووضعها فوق مستوى الملائكة.
8- تمجيد مريم العذراء.
9- الاحتفال بأعياد مريم العذراء.
10- بناء كنائس على إسم مريم العذراء.
(ثانياً) نقاط الإختلاف بين الأرثوذكس والكاثوليك حول السيدة العذراء:
1- الحبل بمريم العذراء بلا دنس.
2- عبادة مريم العذراء.
3- عصمة مريم العذراء.
4- غفرانات مريم العذراء.
5- مريم العذراء سيدة المطهر.
وتم مناقشة الخلاف بين المعتقدات فى الجزء الخاص بالعقائد.
بتولية مريم العذراء فى عقيدة البروتستانت
من الخطأ القول بأن كل البروتستانت ينكرون بتولية مريم العذراء، فالتراث البروتستانتي الأصيل يؤمن بضرورة إكرام مريم العذراء والقدّيسين، والواقع أن منكرى بتولية العذراء وإن كانوا يندسون الآن وينتمون للمذهب البروتستانتى وهو برئ منهم، فهم فى الأساس أبيونيون ونساطرة ولا يعلمون، ويتبعون بدعة نسطور الذى أنكر بتولية العذراء وأنكر عليها لقب والدة الإله، ليس هذا الإنكار لذاتها، بل لإنكار لاهوت المسيح نفسه، ويلقبون العذراء بأنها أخت لنا ومثل قشرة البيضة التى خرج منها الكتكوت فلا قيمة للقشرة بعد ذلك، أو مثل علبة القطيفة التى تحوى بداخلها جوهرة... ألخ، ولعلهم قد تناسوا أنهم بذلك يفصلون بين جسد العذراء وجسد السيد المسيح الذى إتخذة من مريم العذراء، فالطبيعة الجسدية واحدة ومتجانسة لهما، بعكس علبة القطيفة والجوهرة، وقشرة البيضة والكتكوت فلا تجانس بينهم وطبيعتهم المادية مختلفة.
وكما يقول بولس الرسول أن أجسادنا هى أعضاء المسيح وهىهيكل الله الساكن فيها الروح القدس، فكم إذن بالأولى أحشاء السيدة العذراء هيكل الله المقدس التى تجسد منها المسيح وحل عليها الروح القدس وظللتها قوة العلى، وكان القدوس المولود منها إبن الله:
+ (لوقا 1: 35) اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.
+ (كورنثوس الأولى 3: 16) أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟
+ (كورنثوس الأولى 6: 15-16) 15أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ الْمَسِيحِ؟ أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ؟ حَاشَا!. 16أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟
وحتى لا نظلم زعماء ومؤسسى حركة الإصلاح البروتستانتى أنفسهم في القرن السادس عشر وعلى رأسهم مارتن لوثر، الذين أقروا أنّ مريم دائمة البتوليّة نضع هنا بعض أقوالهم الرائعة والخالدة فى حق التأكيد على دوام بتولية مريم العذراء:
وقد أقرّ زعماء الإصلاح البروتستانت أنفسهم في القرن السادس عشر أنّ مريم دائمة البتوليّة.
1- مارتن لوثر سنة 1539:
كتب لوثر سنة 1539 مقال بعنوان "في المجامع والكنائس"، جاء فيه:
"هكذا لم يأت مجمع أفسس بشيء جديد في الإيمان، وإنّما دافع عن الإيمان القديم ضدّ ضلال نسطوريوس الجديد. فالقول إنّ مريم هي والدة الإله كان في الكنيسة منذ البداية، ولم يخلقه المجمع جديدًا، بل قاله الإنجيل أو الكتاب المقدّس. ففي القدّيس لوقا (1: 32)، نجد أنّ الملاك جبرائيل بشّر العذراء بأنّ ابن العليّ سوف يولد منها. وقالت القدّيسة أليصابات: "من أين لي هذا أن تأتي أمّ ربّي إليّ؟" وأعلن الملائكة معًا يوم الميلاد: "اليوم ولد لكم مخلّص، هو المسيح الربّ" (لو 1: 11). وكذلك بولس الرسول: "أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة" (غلا 4: 4).
هذه الأقوال التي أؤمن بصحّتها تدعم، وبكلّ تأكيد، الحقيقة القائلة إنّ مريم هي والدة الإله".
2- مارتن لوثر سنة 1546:
أكد على عقيدة بتوليّة مريم الدائمة طول حياتها، حيث قال عن مريم العذراء في الثاني من شباط سنة 1546، يوم عيد تقدمة المسيح إلى الهيكل:
"كانت بتولاً قبل الحبل والولادة، وظلّت بتولاً حتى الولادة وبعدها".
3- زفينكلي سنة 1524:
كتب زفينكلي سنة 1524 عظة عن "مريم الدائمة البتوليّة الطاهرة والدة الإله"، استعمل فيها بحرّية لقب "والدة الإله"، وأعلن في مقطع منها نافيًا اتّهامات ذوي الإرادة السيّئة الذين ادّعوا أنّهم سمعوه يتحدّث عن مريم بأنّها امرأة خاطئة شبيهة بأيّة خليقة وقال في عظة عن مريم العذراء أكّد بتوليّتها الدائمة بقوله:
"إنّي أؤمن إيمانًا ثابتًا، استنادًا إلى ما جاء في الإنجيل المقدّس، أنّ هذه العذراء الطاهرة قد ولدت لنا ابن الله، وأنّها ظلّت، في الولادة وبعدها أيضاً، عذراء نقيّة وبكرًا إلى الأبد".
ولم أفكّر إطلاقًا، ولم أعلّم، ولم أقل جهرًا عن العذراء الطاهرة، مريم أمّ مخلّصنا، أيّ قول معيب أو شائن أو سيّئ.
كما تكلّم كثيرًا على بتوليّة مريم الدائمة، فأعلن في مدينة برن في كانون الثاني سنة 1528:
إنّي أستشهد بكنيسة زوريخ التقيّة وبجميع مؤلّفاتي لأعترف بمريم بتولاً دائمًا وقدّيسة".
4- بولينجر:
إنتقد نسطوريوس الذي رفض تسمية العذراء بلقب "والدة الإله".
5- القسّ الفرنسي شارل دريلانكور:
"بسبب هذا الاتّحاد المتين غير المدرك (بين طبيعتي المسيح)، فإن ما يناسب إحدى الطبيعتين يمكن أن يُنسَب إلى الشخص بشكل عام. لهذا قال بولس الرسول: "إنّ اليهود صلبوا ربّ المجد" (1كو 2: 8). ولا نرى أيّ صعوبة في القول مع الأقدمين:
- إنّ العذراء هي والدة الإله، لأنّ الذي ولدته هو الإله الفائق كل شيء المبارك إلى الأبد
6- كالفين:
تردد في استعمال لقب "والدة الإله بسبب ما يحمله من خطر على سوء فهم علاقة مريم العذراء بالله،، ولكنة كان صريحًا في موضوع بتوليّة العذراء الدائمة، ورفض أن يكون لمريم أولاد غير يسوع وقال:
- بتوليّة العذراء دائمة، وأرفض أن يكون لمريم أولاد غير يسوع.
7- ماكس توريان 1963:
يؤكّد تقليد الكنيسة العريق على بتوليّة مريم الدائمة. ويوجز إيمان المصلحين بقوله:
- "إنّ موقف مريم من احترامها سرّ إعدادها الأزلي يجعلنا نقرّ أنّ عقيدة مريم الدائمة البتوليّة التقليدية تنسجم، على الأقلّ، مع دعوة مريم الفريدة، المكرّسة تمامًا لخدمة الله، والممتلئة من نعمة الله، والمتّجهة كلّيًا نحو ملكوت الله.
- مريم، في بتوليّتها، هي علامة الخليقة المصطفاة والمكرّسة والممتلئة من ملء الله، التي لم تعد تنتظر شيئًا غير الاكتمال النهائي في ملكوت الله الظاهر، وتعيشه الآن بشكل خفيّ ومسبّق.
- هي علامة الكنيسة المقدّسة التي لا تنتظر ولا ترجو سوى عودة المسيح".
أسباب إتهام الفكر البروتستانتى بإنكار بتولية مريم العذراء:
بعد كل الأقوال الرائعة التى أقرها زعماء البروتستانت فى حق مريم العذراء بأنها كانت بتولاً قبل الحبل والولادة، وظلّت بتولاً حتى الولادة وبعدها"، وأن مريم هي والدة الإله. قد يتسائل القارئ، إذن لماذا أصابع الإتهام تشير دائماً أن البروتستانت هم منكرى دوام بتولية مريم العذراء؟
أحد الأسباب الرئيسية التى دفعت بعض البروتستانت للهجوم على العذراء مريم وإنكار لقب والدة الإله عليها وأنها دائمة البتولية، هو الفكر الكاثوليكى المتطرف الذى غالى فى تكريم مريم العذراء لدرجة العبادة، نعم فالكاثوليك الآن يقرون بعبادة مريم وأنها هى الوحيدة من البشر المعصومة من الخطأ والتى حبلت بها أمها حنة بلا دنس الخطيئة الأصلية لآدم، بل ولقبها الكاثوليك أيضاً بأنها سيدة المطهر بمعنى أنها سوف تتشفع من أجل الخطاة الذين ماتوا وذهبوا إلى الجحيم لكى ما ينقلهم المسيح إلى الفردوس!!.
بل وصل الأمر أن بابا الكاثوليك هو أيضاً معصوم من الخطأ.
والكنيسة القبطية الأرثوذكسية ترفض كل ذلك ولكن لم تدفعها تلك العقائد الكاثوليكية إلى مهاجمة العذراء نفسها والإقلال من شأنها وكرامتها الموحى بها فى الكتاب المقدس، بعكس بعض البروتستانت الذين ردوا على تطرّف بعض الكاثوليك بتطرّف معاكس، فأنكروا إكرام مريم وأنها لا تمثل سوى قشرة بيضة خرج منها الكتكوت فلا قيمة للقشرة، ولا تعدو كعلبة قطيفة تحوى فى داخلها جوهرة غالية الثمن فإذا أخذنا الجوهرة لا قيمة للعلبة، كما أنكروا شفاعة العذراء والقدّيسين. وأنكروا أن العذراء دائمة البتولية، بل وتزوجت وأنجبت أولادا وإستشهدوا بعبارات إخوة يسوع المقصود بهم أبناء خالتة وأقرباؤة بأنهم إخوة أشقاء له ولدتهم مريم. ولكن بعد أن إنحسرت موجة المجادلات والنقاشات الحادّة، وعاد الجوّ الى التحاور بإعتدال ورصانة، رأى الفكر البروتستانتى حالياً ضرورة تصحيح تلك الأوضاع وإكرام العذراء مريم والدة الإله الإكرام اللائق بها.
وفى الواقع أن ماكس توريان فى عام 1963 وهو أحد إخوة دير تيزيه البروتستانت نشر كتاب بعنوان: "مريم أمّ الربّ ورمز الكنيسة"، أوضح فيه نظرة الفكر البروتستانتي (الذي يدعى اليوم الإنجيلي) في مريم العذراء، ولا سيّما أفكار المصلحين الأوائل الذين انطلقت منهم مختلف الكنائس البروتستانتيّة. ولقد تطوّرت تلك الكنائس وتشعّبت كثيرًا، بحيث يستحيل تكوين فكرة واضحة عن التعليم البروتستانتى في مريم العذراء.
والفكر البروتستانتي الحالى تمتّع في هذا الموضوع بكثير من الحرّية. وأن حق تفسير الكتاب المقدس مكفول للجميع، فإنتشرت مدارس تفسير الكتاب المقدس، إذ أعطى مارتن لوثر حق التفسير لكل مسيحى مؤمن حسبما يرشده الروح القدس وذلك رداً منه على تسلط الكنيسة الكاثوليكية، وإتسم الفكر البروتستانتى الحديث بأن الكتاب المقدّس هو مصدره الأوحد فى إقرار الأمور، وأن السيّد المسيح المخلّص هو محور تفكيره، والإيمان بالكتاب المقدّس وبالمسيح المخلّص هو ركيزة حياته وروحانيّته. ولا إعتراف بالتقليد أو أقوال الآباء أو تاريخ الكنيسة، لذلك ظهر في نظره كلّ ما يقال عن مريم العذراء بأنه شئ هامشى. وهب الفكر البروتستانتى إلى نقد الكاثوليك والأرثوذكسي فى المغالاة والتطرّف في إكرام العذراء، وكأنّه يخشى أن يقلل من الإكرامُ المؤدّى للعذراء مريم من الإهتمام بشخص المسيح نفسة المخلّص الأوحد والوسيط الأوحد بين الله والناس.
ولكن إكرام مريم العذراء لا يقود إلى تقليل أهمّية الخلاص بالمسيح ولا إلى إنكار وحدانيّة وساطة المسيح. إنّ إكرام مريم العذراء يستند إلى كونها أمّ المسيح، وشفاعتها ترتكز على ارتباطها بوساطة المسيح. وهذه العلاقة بين مريم العذراء وابنها المسيح الربّ هي التي يؤكّدها المصلحون الأوائل، في مختلف النقاط المرتبطة بمريم العذراء.
ولا شكّ أنّ الفكر البروتستانتي عرف في تطوّره مراحل كثيرة، وفي حدّة النقاش مع الكاثوليك ردّ بعض البروتستانت على تطرّف بعض الكاثوليك بتطرّف معاكس، فأنكروا إكرام مريم العذراء والقدّيسين. ولكن بعد أن انحسرت موجة المجادلات والنقاشات الحادّة، وعاد الجوّ الى التحاور باعتدال ورصانة، رأى البروتستانت ضرورة إكرام العذراء والقدّيسين، وإن بطريقة تختلف عن الطريقة المتّبعة في كنائس الكاثوليك والأرثوذكس.
وهذا ما نقرأه في كتاب ماكس توريان، إذ يقول في فصل عنوانه: "مريم في الكنيسة":
"مريم، حسب الإنجيل، "تطوّبها جميع الأجيال" (لو 1: 48): في الليترجيّا وفي المواعظ وفي تقوى الكنيسة. لأنّ مريم حاضرة في الكنيسة بكونها المرأة المسيحيّة الأولى، ولأنّها رمز الكنيسة، لها مكانتها في إعلان كلمة الله في الكنيسة وفي حياة المؤمنين الروحيّة. لا شكّ أنّ هذه الالتفاتة الى مريم في الكنيسة قد عرفت ولا تزال تعرف تطرّفًا قد يسيء الى عبادة الله الثالوث الذي له وحده يجب السجود. ولكنّ هذا الخوف من التطرّف يجب ألاّ يقودنا الى الصمت والى غياب مريم عن الضمير المسيحي، فيكون ذلك أيضًا عدم أمانة لإنجيل المسيح.
"لقد أكّدنا، في خلال هذه الدراسة، استنادًا الى الكتاب المقدّس، كلّ ما تستطيع التقوى المسيحيّة أن تكتسبه من علم راسخ ومحيٍ في التأمّل بدعوة مريم، أمّ الربّ ورمز الكنيسة. بقي علينا هنا أن نحدّد كيف يمكن الإعلان عمّا صنعه الله في مريم أن يجد مكانه المشروع في ليترجيّا الكنيسة، وفي كرازتها، ليتاح لجميع الأجيال أن تطوّب أمّ الرب، حسب قول الكتاب المقدَّس.
"للعذراء مريم مكانتها في الليترجيّا حيث يمكن أن تُعلَن، كما في الكرازة، النعمة التي صنعها الله فيها.
"أو ليس الكتاب المقدّس رواية المعجزات التي حقّقها الله لشعبه ولكلّ من أفراده؟ ومريم، بكونها عضوًا متميّزًا في الكنيسة، وصورة لشعب الله الأمين والممتلئ من نعمته، يجب أن تكون المناسبة لليترجيّا لتمجّد بها الله تمجيدًا خاصًّا.
ومارتن لوثر الذي حافظ على عدّة أعياد للعذراء في الليترجيّا قال في عيد البشارة في 25 آذار سنة 1539: "هذا العيد هو واحد من أهمّ الأعياد التي يمكننا الاحتفال بها كمسيحيّين. لأنّنا دعينا، كما يقول بطرس، الى أن نكون شعبًا يبشّر بعجائب الله ويعلنها". هذا هو معنى الليترجيّا التي تقام بمناسبة الأعياد التي تذكّر بدعوة مريم في تصميم الخلاص، لمجد الله وحده. إنّ حضور مريم في الليترجيّا، في بعض الأعياد الأكثر قدمًا، هو فرصة للمسيحيّين ليعلنوا، بمناسبة مريم، أمّ الربّ وصورة الكنيسة، تسابيح الذي دعاها ودعانا من الظلمة الى نوره العجيب.
"إنّ ذكر الرسل والشهداء وشهود الكنيسة والعذراء مريم في الليترجيّا أمر ضروري لندرك أنّنا لسنا وحدنا في سجودنا لله وتضرّعنا له تضرّع شفاعة من أجل البشر. بل إنّ المسيح يضمّ في جسد واحد معنا كلّ "السحاب من الشهود الذي يحدق بنا". إنّ شركة القدّيسين توحّد جميع المسيحيّين في صلاة واحدة وحياة واحدة في المسيح. إنّها توحّد كنيسة اليوم وكنيسة كلّ الأزمنة، الكنيسة المجاهدة على الأرض والكنيسة المنتصرة في السماء. والكنيسة، في عراكها، بحاجة الى التطلّع الى آية سفر الرؤيا الإسختولوجية: المرأة الملتحفة بشمس الله، والكون تحت قدميها، وهي مكلّلة باثني عشر كوكبًا. هذه المرأة هي الكنيسة عينها، التي هي بالرغم من معركتها الضارية مع هذا العالم، موعودة بالمجد.
والكنيسة بحاجة الى أن تشعر "بالسحاب الكثير من الشهود" يحيط بها لتسعى بثبات في ميدان المحنة المقدّمة لها (عب 12: 1). الكنيسة تسير نحو الملكوت بموكب عيد حافل: "لقد دنوتم الى جبل صهيون، والى مدينة الله الحيّ، الى أورشليم السماويّة، الى ربوات ملائكة، والى عيد حافل، الى جماعة الأبكار المكتوبين في السماوات، الى الله ديّان الجميع، الى أرواح الصدّيقين الذين بلغوا الى الكمال، الى يسوع وسيط العهد الجديد، والى دم مطهّر أبلغ منطقًا من دم هابيل" (عبرانيين 12: 22- 24).
إنّ شركة القدّيسين هذه التي ترافق الكنيسة في عراكها وفي مسيرها نحو الملكوت تقوّيها في الإيمان، وتفرّحها في الرجاء، وتنعشها في المحبّة. هذا السحاب الكثيف من الشهود يذكّر الكنيسة بأنّها لا تحصى وبأنّها منتصرة في معركة تبدو وكأنّها ستغمرها. ومريم، أمّ الربّ وصورة الكنيسة، هي فرد من هذه الجماعة العظيمة من المسيحيّين، في مكان متميّز لكونها المسيحيّة الأولى الممتلئة نعمة. وهي أيضًا للكنيسة رمز أمومتها المتألّمة التي تلد المؤمنين الى حياة القيامة. إنّها مثال في الإلهي يمان والطاعة والثبات والقداسة، والكنيسة المجاهدة، وهي تتطلّع الى الكنيسة المنتصرة، ترى فيها مريم رمز انتصارها الأكيد.
"إنّ أمّ الربّ يمكن للكنيسة أنّ "تطوّبها" في الذكرى الليترجيّة للأحداث الكبرى من حياتها، وذلك من خلال أعياد إنجيليّة بسيطة، في تسبيح يُرفَع لمجد الله وحده، وتقدّم لجميع المؤمنين بالمسيح مثالاً في الإيمان والطاعة والثبات والقداسة".
ثمّ يذكر المؤلّف كيف حافظ مارتن لوثر على معظم أعياد العذراء ثمّ اكتفى بثلاثة منها: البشارة والزيارة وتقدمة يسوع الى الهيكل، لأنّه وجد لها مستندًا في الإنجيل المقدّس.
أمّا كلفين، الأكثر تشدّدًا من بين المصلحين، فقد ألغى كلّ أعياد العذراء والرسل والقدّيسين. ويشير أخيرًا المؤلّف الى ضرورة المحافظة على أربعة من أقدم أعياد العذراء: البشارة والزيارة وتقدمة يسوع الى الهيكل ورقاد العذراء. ويختم بقوله: "ليس القصد في هذه الأعياد الأربعة إلاّ أن نرفع آيات المجد والشكر لله لأجل كلّ ما حقّقه في حياة أمّه البشريّة، ونطلب اليه نعمة اتّباع مثل العذراء مريم في إيمانها وطاعتها وثباتها وقداستها، ونفرح في شركة القدّيسين، بانتظار القيامة وملكوت الله، حيث سنحيا مع مريم وجميع القدّيسين حياة أبدية وفرحًا كاملاً".
قد لا يجد الكاثوليكي أو الأرثوذكسي في هذه النظرة البروتستانتيّة الجديدة تعبيرًا كافيًا عن إيمانه بما صنعه الله في العالم بواسطة مريم العذراء.
ولكنّنا نرى أنّ هذه المحاولة تقرّب وجهات النظر المختلفة التي عبّرت من خلالها كلّ كنيسة عن إيمانها بالله وبعمله الخلاصي في العالم. وهذا هو في النهاية موضوع إيماننا المسيحي الذي أعلنته الكنيسة منذ المجامع الأولى وأوجزته في قانون الإيمان النيقاوي القسطنطيني:
"نؤمن بإله واحد آب ضابط الكل... وبربّ واحد يسوع المسيح... الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنّس..."
إنّ إكرامنا لمريم العذراء يهدف أوّلاً الى تمجيد الله والإشادة بما صنعه "من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا"، فتجسّد بقدرة الروح القدس من مريم العذراء. ويهدف ثانيًا الى مساعدتنا على قبول هذا الخلاص الذي جاءنا به ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح المولود من مريم العذراء. وفي مسيرتنا الخلاصية هذه نتّخذ "جميع القدّيسين"، "وخصوصًا سيّدتنا الكاملة القداسة الطاهرة، الفائقة البركات المجيدة والدة الإله الدائمة البتوليّة مريم"، قدوة ومثالاً ورفقاء درب على طريق الملكوت.
المزيد