المقالات
30 ديسمبر 2018
هبنى يارب ان أبدأ
تحتاج إلى ثلاثة أمور
1- حاسب نفسك
2- قدس وقتك
3- لا تيأس
لحظة.... تخلوا فيها مع نفسك إجلس مع نفسك فى هدوءفى صدق فى أمانه فى توبة
لحظة.... أدخل إلى ذلك الإنسان الذى تجهله
لحظة.... تسلم فيها حياتك لألهك،
لحظة.... تقول فيها لا للشيطان،فيها تستوقف الزمن
لحظة.... فيها ترتقى فوق المال والذات والشهوات والكسل....
لحظة.... تشعر فيها أنك قد أبصرت نفسك بأمانه
لحظة.... تطلب فيها الخلاص من الخطايا المسيطرة والمتكررة والمحبوبه
لحظة.... تطلب فيها معونة إلهك بقلب واثقفى محبه الله،
لحظة.... لا تطلب فيها شىء سوى البدايه الجديدة
ُقَيِّم الماضى وخذ منه الخبرة، واندم على ما صدر فيه لا تقتصر على الندم، وانما والرجاء فى تحسين الحاضر.
جلسه.... جلسة حساب عتاب أو عقاب جلسة تخطيط للمستقبل في جو من الصلاة ، وعرض الأمر علي الله ، لكي تأخذ من الله معونة وإرشاداً ..
جلسة قاض عادل ، جلسة صريحة ، وحازمة وحاسب نفسك علي كل شئ :خطايا الفكر خطايا القلب و الرغبات و المشاعر خطايا اللسان خطايا الجسد خطاياك من جهة نفسك ومن جهة الآخرين ...
جلسه.... حاسب نفسك فى :علاقتك مع الله ، وتقصيراتك في الوسائط الروحية هل أنت تنمو روحياً أم حياتك واقفة ؟
2 - أبدأ الآن إنها الآن ساعة لنستيقظ أهم لحظه هى الآن
لحظة.... لا تسترجع الماضى، فأنت لا تقدر أن تصلحه ولكنك تستطيع ان نجعل اليوم أفضل منه..
لأن مراحم الرب جديدة في كل صباح من الرائع ان تكون راضي عن الامس، غير نادم.
. فإن كنت قد اخفقت، فإن الله يحول النتائج الى خيرك
مهما كانت الاسباب، ومهما كانت الاعراض.
3- لا تياس لكل الاحياء يوجد رجاء الله أعطانا زماناً جديداً لأنه ينتظرنا ويترجى توبنا
لا تستثقل خطاياك على حامل خطايا العالم لا تتشكك فى مواعيد الصادق والأمين إلهك ينتظرك ويترقب رجوعك لك الذبيحة والخاتم والحلة الأولى والحضن الأبوى ينتظرك فلا تتوانى
المزيد
29 ديسمبر 2018
ماران آثا - (نداء في نهاية السنة الميلادية وعلامات الأزمنة)
لن ينتهي العالم إلا بمجيء نعمة الرب، لذلك صيغة Μαρανα θα تأتي في صيغة الاعتراف المضارع المستمر (ربنا يأتي). وترد أيضًا في صيغة امر الطلب والترجِّي (تعالَ يا ربنا) كنداء عبادة وصلاة توسلية في اشتياق وترقب (لينتهِ العالم) و (لتأتِ نعمتُك يارب. عندما نستعجل مجيئه؛ ونعيش حاضرنا على رجاء انتظار مجيء ربنا كل يوم
لأنه حاضر معنا وحالٌّ بيننا ونحن ننظره كل يوم على المذبح؛ يكسر معنا خبزه، ثم يغيب عن ناظرينا؛ لكنه باقٍ معنا؛ ونحن نترجاه طالبين أن لا يتركنا وأن لا يغيب عنا، فقد وَعَدَنا على كل حال؛ أنه سيشرب معنا من نتاج الكرمة جديدًا في ملكوته (مر ١٤ : ٢٥). ويكفي أننا في مَعِيَّته وتحت ظل جناحَي صليبه نَبِيتُ. نذكر موته ونعترف بقيامته ونبشر بخلاصه كل يوم إلى أن يجيء (١كو ١١ : ٢٦). يأتي إلينا ويقرع أبوابنا ويتعشىَ معنا (رؤ ٣ : ٢٠)، وكل من ذاقه وخَبِر حلاوته؛ تنفتح عينه ويدرك صدق كل ما وعد به.
إننا نعيش مواعيده منذ الآن؛ حينما يكسر معنا الخبز كل يوم، مانحًا لنا الغفران والخلود الأبدﻱ. واهبًا لنا حياةً يمتزج فيها الحاضر بالمستقبل. ونحن نلحُّ عليه بلجاجة قائلين له (تعالَ يارب ولينتهِ هذا العالم). ومناداتنا له يا أبانا الذﻱ في السموات؛ تؤكد بأننا لم نأخذ روح العبودية التي للخوف بل روح التبني الذﻱ به نصرخ يا أبا الآب، في جراءة ودالة؛ حتى يأتي ملكوته.
فملكوته آتٍ آتٍ حتمًا، ونحن نترقبه بصبر واستعداد؛ لنُعِدَّ له موضع ارتكاز عندما يحُطّ على أرض الشقاء، لعله يجد الإيمان على الأرض (لو ١٨ : ٨)، وهو قد سلمنا نسخة من مشورته فيما هو مزمع أن يعمله. نناديه ونذكر وعوده ومواعيده كل يوم بندًا بندًا؛ لأن كل مشيئة صالحة هي من عنده، مختوم عليها بالدم الكريم؛ ليقودنا بدم صليبه نحو البراءة الكلية والوجود الآتي والثاني الذﻱ للغد الأبدي الخالد؛ نأخذها كوثيقة موثقة مدموغة بالدم القادر بروح إزلي علي التقديس و بفصح العبور؛ فنحلِّق بجرأة ونتراءىَ قدامه؛ طالبين نعمته صارخين بإستغاثة على من نجَّانا وأنقذنا من موت مثل هذا، وهو ينجي وسينجي أيضًا (٢كو ١ : ١٠).
لقد جاء في مجيئه الأول (تجسده) لكي يخلصنا؛ وفي مجيئه الثاني (دينونته) لكي يضمنا.. تجسّد ليخلصنا؛ وتكلم ليخلصنا؛ وصُلب ليخلصنا، وتدبير خلاصه هو في كل عمله وإرساليته وحياته وموته وقيامته. وها نحن في هذا الزمان؛ زمان الفوضى اليائسة والعاملة في كل شيء من حولنا... نترجى وجهك يا ربنا الطيب ونمتلئ رهبة في حضورك يا مليكنا محب البشر الصالح، ونتوسل مجيئك الآتي بين الذين صلبوك والذين يصلبونك كل يوم، ونقول لك : ”تعالَ إلينا اليوم يا سيدنا المسيح؛ وأضِئْ علينا بلاهوتك العالي“.
فمَن يبحث في هذا العالم عن الجمال؛ إنما يبحث عنك دون أن يدرﻱ؛ لأنك أنت الجمال الكامل والمكمِّل والفائق في القِدم، الذﻱ تنساب النعمة من شفتيه؛ والأبرع جمالاً من بني البشر. وكل من يجُول بفكره نحو الحق إنما يسعى إليك؛ لأنك الحق الحقيقي ( الأليثيا) Αληθεια الواحد والوحيد؛ الذﻱ ينبغي أن يُعرَف. وكل من يفتش عن السلام إنما يبحث عنك لتستقر فيه بسلامك غير الفاني ياملك السلام وذا المجد والاكرام . روحك يعزي كنيستك إزاء محنة التاريخ والعالم ،ويمنحنا غفرانا وصفحا ومصالحة وشركة معك ياغافر الخطايا وماسح الآثام والذنوب ومانح العطايا الي التمام ....ونحن نسبحك ونرتل لك ونباركك ونخدمك ونسجد لك ونشكرك ونمجدك ونعترف لك بلا انقطاع حتي ظهورك الاتي .
إن صلاة (ماران آثا) هي نداء قد تسجَّل في (١كو ١٦ : ٢٢)،(رؤ ٢٢ : ٢٠) كفعل رجاء وعُربون تذوُّق لمجيئك الثاني المنتظر في نهاية هذا الدهر، حيث وليمة المسيا المجيدة وسمائن البنين، وعشاء عرس الحمل الملكوتية؛ الروح والعروس يقولان : (تعالَ). ومَنْ يسمع فليقل (تعال) فهَلُمَّ نكمل خطة خلاصنا من جهة مجيئك... بنعمتك ومسرة أبيك الصالح وفعل روحك القدس القدوس، نأتيك عطشىَ فنأخذ ماء حياة مجانًا، ولن نتكلف شيئًا، فقد دفعتَ الثمن واشتريتنا بدمك الذكي الكريم، فاقتننا لك ياالله مخلصنا، وها الشاهد قد صدَّق على هذة الأقوال (نعم أنا آتٍ سريعًا). آمين (تعالَ أيها الرب يسوع). نراك وننظرك في مجد الدهر الآتي.
القمص اثناسيوس فهمي جورج
كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج - الاسكندرية
المزيد
28 ديسمبر 2018
تدريب روحي
بمناسبة استعدادنا للعام الجديد 2019م، أحب أن يكون تأمل هذه الليلة في مزمور رقم رقم 18 وهو مزمور طويل (50 آية)، وقد صلي به داود النبي بعد أن أنقذه الله من أعدائه ومن يد شاول الملك. المزمور به تسبيح وعبارات جميلة ومعانٍ جميلة تصلح لنا جميعًا كأفراد أو مجموعات سواء الكنيسة أو الأسرة، ويصلح أن يكون تدريب روحي نبتدئ به السنة الجديدة.وسنتأمل فقط في الكلمة الأولى «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي»... أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي.. ونحن نستعد لاستقبال عام جديد يجب أن يكون لنا خطة ويجب أن يكون لنا رؤية لهذا العام الجديد، فلتكن لنا هذه الكلمة شعارًا لنا «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي». ولكن ماذا تعني أحبك يا رب أو ما يقصده داود النبي؟ «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي» لها خمسة أبعاد تشرحها، وكما ذكرت في مرات سابقة أن رقم خمسة يُعبّر عن القوة (مثل أصابع اليد). «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي» اختصر فبها المرنم خمس كلمات في كلمة واحدة، ووضعها أمامنا لكي يمكن أن تكون تأملنا أو يمكن أن نسميه خريطة طريق للعام الجديد.المعنى الأول: الشكر أول معنى لكلمة أُحِبُّكَ «أنني أشكرك» أشكرك يا رب.. العام الماضي بأيامه بما فيها أمور حلوة وأمور مُرّة عبر، ومثلما نصلي صلاة الشكر «نشكرك على كل حال ومن أجل كل حال وفي كل حال»، ومثلما تعلمنا كنيستنا أن بداية صلواتنا دائمًا هي بالشكر، وبداية يومنا هي بالشكر، ونشكر الله على عطاياه السبعة الكبيرة التي يعطيها لنا (سترتنا، وأعنتنا، وحفظتنا، وقبلتنا إليك، وأشفقت علينا، وعضدتنا، وأتيت بنا إلى هذه الساعة)، هذه العطايا التي يمنحها الله لنا جميعًا. أنا يا رب أحبــــــــــك.. هذا الحــــــــــب يبـــــــدأ دائمًا بالشكر، أشكرك على كل ما صنعته معي في العام الماضي، أشكرك على كل ما فعلته وقدمته سواء على المستوى الشخصي أو المستــــوى الجماعي، أشكرك يا رب على أمور كثيرة في حياة الإنسان دبرتها ورتّبها، ويقف الإنسان أمام الله قائلًا له: ماذا أقول يا رب أمام حسناتك الكثيرة وعطاياك الجليلة في كل صباح؟ويعلمنا الآباء أنه ليست موهبة بلا زيادة إلا التي بلا شكر، يشكر الإنسان على كل شيء، حتى على الألم والتعب وأحيانًا على الخسارة. أحيانًا يتذمر الإنسان على حياته، فقد كان يأمل أن يتحقق شيء ولم يتحقق.. وتذمُّر الإنسان يتعبه وينسيه الشكر.. يمكن أن تشكر على كل صغيرة وكبيرة، على الصحة، على الخير الذي بين يديك كثر أم قلّ، على صداقاتك ومعارفك، بل وعلى الفخاخ التي نجاك منها، على عطايا الأكل والحماية والملبس والهواء الذي نستنشقه. لو جلس الإنسان لكي ما يعدد عطايا الله له لن يحصرها أبدًا.المعنى الثانـــــــي: التوبــــــــة أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي... يعني أنني أتوب إليك.. في العام الماضي يمكن أن يكون الإنسان قد صنع بعض الأمور الخاطئة أو انجرف إلى بعض الضعفات أو بعض السهوات أو بعض الخطايا أو بعض التقصيرات، خطايا صنعها بمعرفة وخطايا صنعها بغير معرفة، خطايا خفية وخطايا ظاهرة، خطايا بإرادة وخطايا من غير إرادة. لذلك مع بداية عام جديد، جيد جدًا أن الإنسان يقدم توبة: «أتوب إليك يا رب، توّبني، أنا أحبك وأعرف إنك لا تحب الخطية لكنك تحبني حتى عندما أكون خاطئًا، لا تحب خطيتي ولا تريدها ولكنك تحب الإنسان حتى وإن كان خاطئًا، تحبه كإنسان». هل لك جلسة اعتراف وجلسة توبة حقيقية؟ هل تقدر في نهاية السنة أن تفرغ قلبك؟ هل تظنون أنه يمكننا أن نضع في كوب شيئًا صالحًا للشرب وآخر غير صالح للشرب في نفس الوقت؟ لا يمكن..! هل عزمت على التوبة وأن تنقي قلبك؟ أن تبدأ السنة الجديدة بقلب سليم؟ فكّر كيف تسكّن ضعفاتك وكيف تنقي قلبك، لأنه بدون نقاوة القلب لن يعاين أحد الله. لذلك تضع الكنيسة مزمور التوبة في بداية الصلاة هو تعبيرًا عن هذا البُعد في حب الله. مزمور التوبة مزمور فردي (أرحمني يا الله كعظيم رحمتك...)، ونقول في نهاية كل ساعة بالأجبية «ارحمنا يا الله ثم ارحمنا» بصيغة جماعية... التوبة الجماعية مجموع توبة الأفراد.. هل تطبق عبارات المزمور الخمسين على نفسك؟ هذه المزامير أو قطع الصلوات بصفة عامة هي مقاييس نقيس عليها أنفسنا، فترى أين أنت من مزمور التوبة، أين أنت من كلماته وعباراته ومشاعره ودموعه. أحبك يا ربي يا قوتي، أنت هو توبتي، وأنت الذي تساعدني على هذه التوبة.المعنى الثالث: الوعـــــد أعدك يا رب.. فرصة قوية جدًا مع بداية العام الجديد لكي تَعِد الله بتعهدات فمك لكي ما يباركك. كنت مقصرًا في الإنجيل، في الصلوات، في الأصوام، في الحياة الروحية بصفة عامة، في الاعتراف، في النسكيات، في ممارسة الأسرار... فما رأيك أن تقدم وعودًا لله من اليوم؟ قدم وعدًا بقلبك، قل: أعدك يا رب ولكني أريد منك أن تقويني. بماذا يا تُرى ستعد ربنا في نهاية السنة وأنت تستقبل عامًا جديدًا؟.. وعود تخص حياتك الروحية، حياتك الاجتماعية... ممكن أن تتصالح مع من تخاصمهم، ممكن أن تعد الله أنك تُحسّن طريقة تربية أولادك وبناتك. أحيانًا الآباء والأمهات تربيتهم يكون بها شىء خاطىء، ها توعد ربنا بإيه؟ ربنا منتظر وعدك، منتظر تعهدات فمك، وهذه التعهدات هي تعهدات قلبية. لا أريد فقط أن تقدم لله وعود، ولكني أريد أيضًا أن تقدم لإلهك أحلامًا واشتياقات، أحلام في الدراسة في الخدمة في العمل، أحلام في الحياة بصفة عامة... الأحلام تعني أن أن الإنسان حيّ، فالإنسان الميت لا يحلم. وعودك وتعهدات قلبك وأحلامك واشتياقاتك تأتي بها جميعها وتضعها أمام الله.المعنى الرابـــــــع: الصــــــــلاةالصـــــــــلاة هي العمــــــــل الأسمى الذي يمكــــــن أن يمارســـــــــه الإنســـــــــان على الأرض، هو بمثابة خيـــــط رفيع يربطك وأنت على الأرض بالله في السماء. وأقصد هنا الصلاة التي تنبع من القلب، لا من اللسان فقط، الصلاة التي هي لقاء شخصي بينك وبين المسيح، وتتشفع في الصلاة بقديسين يكونون شهودًا على هذه الصلاة، صلاة حقيقية من قلبك، تعبّر فيها عن حبك وشكرك وتوبتك وعن اشتياقاتك، وتعبر فيها عن طلبك واحتياجك ليد الله القوية أن تعمل معك. عمل الصلاة قوي، فطلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها، ولنا في التاريخ قصة جبل المقطم كمثال لهذا. اجعل صلواتك مرفوعة ولا تنشغل بالأمور المادية والاقتصادية والكلام الكثير والأحداث، وناس تتحدث عن كل شيء إلا الأبدية!المعنى الخامس والأخير: أخدمـــــــك أحبك يا رب لا حبًا نظريًا، ولكن أعبّر عنه عمليًا بخدمة المحتاج، المريض، الجائع، العطشان، المحبوس، المأسور، اليتيم، وخدمة أصحاب الاحتياجات الخاصة، والخدمة بكل اتساعها. فأنت لا تخدم أحدًا من الناس ولكنك تخدم الله في عيون ونفوس وفي أشخاص هؤلاء. والخدمة يا أحبائي يجب أن تكون لكل أحد بدون استثناء لأنك تخدم الله في أشخاص الناس، ويكون لديك روح الخدمة والعمل، فمن يعرف أن يعمل حسنًا ولا يعمل فتلك خطية.نصلي كل يوم صباحًا جزءًا من الاصحاح الرابع من رسالة أفسس ونقول عبارات جميلة: «اسألكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتهم إليها...»، فأنت دُعيت لكي ما تخدم، بكل صور الخدمة. من القصص اللي تعجبني كثيرًا قصة في القرن الثالث أو الرابع الميلادي، حبنما كان الجنود متجهين جنوبًا وعسكروا عند إسنا، فخرج أهل إسنا الكرام وأطعموهم وأكرموهم، فسأل جندي وثني زميله: لماذا هؤلاء الناس يفعلون هذا معنا؟ فقال له لأنهم مسيحيون. لقد خدموا بهذه الوسيلة، وكان طبق الأكل الذي قُدِّم وسيلة لجذب قلب إنسان صار فيما بعد القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة. ولهذا فإن الخدمة ليست فقط هي خدمة تعليم أو خدمة مدارس أحد، بل لها اتساعات كبيرة جدًا بأشكال كثيرة جدًا، ويمكنك أن تبتكر شكل الخدمة التي ستخدمها.الخلاصــــــــــة... ونحــــــــن نبتـــــــــدئ عامًا جديدًا (2018)، نصلـــــــــي أن يكـــــــــون عامًا سعيدًا على الجميع، وأن تنعم مصر وكل شبعها بالخير وبالفرح والسلام والمحبة. ونأخذ هذا المزمور كتدريب لكنائسنا وأسرنا، وكل بيت يمكنه أن يقرأ هذا المزمور، ويمكن أن تكبته وتضعه في مكان ظاهر، ويكون أمامك وتصلي به، وتتذكر أنه عندما وقف داود النبي وقال «أحبك يا رب يا قوتي» كان يقصد هذه الأفعال الخمسة: أشكرك، أتوب إليك، أعدك، أصلي لك، وأخيرًا أخدمك في كل مكان.وكل سنة وأنتم طيبون
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
27 ديسمبر 2018
نصوص غنوسية عامة
إنجيل فيليب:-
ويرجع إلى القرن الثاني وقد وجدت له مخطوطة ترجع إلى القرن الثالث.
ضمن مجموعة نجع حمادي مترجمة إلى القبطية الصعيدية. وهو مجموعة من التأملات والتعاليم الغنوسية المتفرقة. وهو مثل بقية الكتب الغنوسية التي تتكلم عن المسيح الإله الذي ظهر على الأرض في شبه وهيئة الجسد دون أن يأخذ جسدًا حقيقيًا، أي مجرد روح محض يظهر لذا يقول أنه كان يظهر دائمًا في أشكال مختلفة: "يسوع أخذهم سرا، لأنه لم يظهر كما كان، ولكن لكي يستطيعوا أن يروه. ظهر لهم جميعهم. ظهر للعظماء كعظيم. ظهر للصغير كصغير. ظهر للملائكة كملاك، وللإنسان كإنسان، لهذا السبب، الكلمة تخفي نفسها من الجميع. وبالفعل، فقد رآه معتقدين أنهم رأوا أنفسهم، لكنه حين ظهر لتلاميذه بمجد على الجبل، لم يكن صغيرا. أصبح عظيما، وقد جعل التلاميذ عظماء، لكي يستطيعوا إن يروه بعظمة".
ومثل غالبية الكتب الغنوسية كان هذا الكتاب ينظر إلى الزواج كنوع من الدنس، فيقول "قال البعض: "أن مريم حبلت بالروح القدس"، أنهم مخطئون، أنهم لا يعلمون ماذا يقولون. فمنذ متى تحبل المرأة من امرأة؟ إن مريم هي العذراء التي لا قوة تدنسها، أنها لعنة عظيمة على العبرانيين، الذين هم الرسل والتلاميذ. هذه العذراء التي لا قوة تدنسها [...] القوى تدنس نفسها".
رؤيا بطرس الغنوسية:-
والتي هي في الأصل تقليد مسيحي طويل يتناول شرح ما بعد الموت، وكانت قد اختفت ولم يعرف منها شيئًا سوى مقاطع من الأصل اليوناني قبل أن تكتشف لها ترجمة إثيوبية ترجع لسنة 1911م في مخطوطتين: الأولى يرجع تاريخها للقرن الخامس عشر أو السادس عشر والثانية ربما ترجع للقرن الثامن عشر والاثنتان وجدتا في جزيرتين من بحيرة تانا وهي مترجمة عن اليونانية. وتقول أنها إعلان من يسوع المسيح إلى بطرس والرسل الآخرين، في فترة ظهورات الرب يسوع بعد قيامته، عن أحداث نهاية الأزمنة والمصير النهائي للأشرار والأبرار وتنتهي برواية صعوده إلى السماء.
ومن الواضح أن مؤلفها أراد توسيع التعليم الأخروي الوارد في الإنجيل للقديس متى وتكييفه مع وضع قارئيه. لذا يشير كثيرا إلى هذا الإنجيل، ويعرض في شكل أكمل التعليم الأخروي ليسوع.ويميز الكاتب في الفصلين الأولين بين المسيح الحقيقي، ومسيح دجال سوف يسلم للموت الذين لم تخدعهم ادعاءاته من اليهود. هذا المسيح هو سمعان بار كوسيفا (ابن الكذب) المعروف بسمعان: كوخبا (ابن النجمة)، الذي قاد ثورة اليهود على الرومان فيما بين 132-135م.
حكمة يسوع المسيح:-
وترجع أقدم مخطوطاته إلى القرن الثالث أو بداية الرابع (95) ويبدأ هكذا: "بعد أن قام (يسوع) من الأموات تبعه تلاميذه الاثنا عشر وسبعة نساء اللواتي تبعنه كتلميذات، عندما جاءوا إلى الجليل.. وهناك ظهر لهم المخلص، ليس في شكله الأصلي ولكن في الروح غير المرئي، كان ظهور ملاك عظيم من نور. أما شكله فلا أستطيع وصفه.. وقال سلام لكم، سلامي أنا أعطيكم" (96).
حوار المخلص:-
وجدت هذه الوثيقة في اللغة القبطية الصعيدية فقط في مكتبة نجع حمادي 1945. وجاء فيها سؤال التلاميذ للمسيح، هكذا: "يا رب قبل أن تظهر هنا (علي الأرض) من كان هناك (في السماء) ليعطيك المجد؟ لأنه فيك (خلالك) كل الأمجاد، ومن كان هناك ليباركك حيث منك تأتي كل البركة؟" (97).
وجاء فيه هذه الطلبة: "استمع إلينا أيها الآب البار كما استمعت لابنك الوحيد وأخذته إليك" (98).
إنجيل مريم المجدلية، إنجيل مريم:-
وقد كتب هذا الكتاب فيما بين نهاية القرن الثاني وبداية الثالث، وتوجد له ترجمة إلى القبطية ترجع للقرن الخامس، ويوجد ضمن مجموعة جون رايلانذ بمنشتسر، ويصور مريم المجدلية في صورة التلميذة المحبوبة من المخلص أكثر من غيرها، بل الأكثر شجاعة من التلاميذ والرسل جميعًا! والأكثر إدراكًا وحفظًا لكلامه، والتي سمعت منه ما لم يسمعه تلاميذه الآخرون من أسرار ملكوت الله، والرائية التي رأت المخلص في عالم النور والروحيات والسماويات، بل والأكثر ثقة وشجاعة من كل التلاميذ والرسل! ويزعم أنه بعد أن أمر المخلص تلاميذه بالكرازة في العالم أجمع حزنوا وبكوا!! فشجعتهم وطمأنتهم وشرحت لهم ما لم يشرحه المخلص لغيرها: "لكنهم حزنوا. وبكوا بكاءً شديدا، قائلين كيف نذهب لغير اليهود ونبشر بإنجيل الملكوت بابن الإنسان؟ فإن لم يحفظوه كيف سيحفظوننا؟ ثم وقفت مريم، وحيتهم جميعا. وقالت لإخوتها، لا تبكوا ولا تحزنوا ولا تتحيروا، لأن نعمته ستكون معكم بالكامل وستحميكم. لكن بالحري، دعونا نمجد عظمته، لأنه أعدنا وجعلنا للناس. وحين قالت مريم هذا. شعروا بالطمأنينة في قلوبهم، وبدأوا بمناقشة كلمات المخلص. قال بطرس لمريم، أختاه نعلم أن المخلص احبك أكثر من أي امرأة أخرى. قولي لنا كلمات المخلص التي تذكرينها وتعرفينها، ولم نسمعها من قبل. أجابت مريم وقالت، ما هو مخفي عليكم سأطالب به من أجلكم. وبدأت تقول لهم هذه الكلمات: أنا، رأيت الرب في رؤيا وقلت له، يا رب لقد رأيتك اليوم في رؤيا، فرد قائلا لي، مباركة أنت لأنك لم ترتعشي لرؤيتي. لأنه حيث يكون العقل يكون الكنز. قلت له، يا رب، كيف يرى الرؤيا من يراها، من خلال الروح أم من خلال النفس؟ أجاب المخلص وقال، لا ترى من خلال الروح أو النفس، ولكن العقل الذي بين الاثنين هو الذي يرى الرؤيا وهي [...].
كتاب الحكمة، حكمة الإيمان:-
Pistis Sophia. والذي يسمى أيضًا بحكمة الإيمان: وترجع أقدم خمس مخطوطات متبقية له لما بين 250 و300م(99)، وتعليمه غنوسي شديد الغموض يتكلم عن الأنثى الغنوسية الإلهية، صوفيا (Sophia) أو الحكمة، ذات الوجوه والأسماء العديدة فيصورها أحيانًا متوافقة مع الروح القدس، ويقول أنها هي أيضًا الأم الكونية، أم الحياة أو الأم المتألقة، القوة في الأعالي، ذات اليد اليسرى (كمضادة للمسيح الذي يفهم على أنه زوجها ذو اليد اليمنى)، كالواحدة صاحبة الرفاهية زوجة الذكر، كاشفة الأسرار الكاملة، الرحم، العذراء، قديسة الروح كلومبا (Columba)، الأم السمائية، الواحدة العجيبة أو الينا (Elena - التي القمر والصمت) المصورة كنفس (Psyche) العالم والمظهر الأنثوي للوجوس (الكلمة - Logos).
وهو عبارة عن كتابين: يبدأ الكتاب الأول منه بالحديث عن قيامة الرب يسوع المسيح من الموت "بعد أن قام يسوع من الموت". ويقول عن ظهور المسيح في شكل جسد أنه تجلى لتلاميذه بما فيهم أمه العذراء القديسة مريم ومريم المجدلية ومرثا وأخذ يتكلم معهم عن طبقات وحكام السموات: وقال له التلاميذ أيضًا: أخبرنا بوضوح كيف جاءوا من العوالم غير المرئية من عوالم الخلود إلى عالم الموت؟ فقال المخلص الكامل: ابن الإنسان توافق مع الحكمة (صوفيا) رفيقته وأظهرا نورا مخنثا عظيما، تعين اسمه الذكري "مخلص" منجب كل الأشياء. وتعين أسمه الأنثوي صوفيا منجبة كل الأشياء. والتي يدعوها البعض Pistis".
ويتحدث في الثاني عن صعود الرب يسوع المسيح إلى السموات ويروي أفراح السماء بصعوده إليها واضطراب كل قوات السماء. ثم يتحدث عن ظهوره لتلاميذه "ثم انفتحت السموات.. ورأوا يسوع وقد نزل وبهاؤه (أشرافه) ساطع جدا وكان نوره لا يقاس.. ولم يستطع البشر في العالم أن يصفوا النور الذي كان عليه"، ثم يروي خوف التلاميذ واضطرابهم لرهبة هذا المنظر "ولما رأي يسوع، الرحيم والحنان أن التلاميذ في غاية الاضطراب. قال لهم: تهللوا أنا هو لا تخافوا.. ثم سحب بهاء نوره، عندئذ تشجع التلاميذ ووقفوا أمام يسوع وخروا معا وسجدوا له بفرح وابتهاج عظيم".
كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد
من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
26 ديسمبر 2018
العالم محتاج السلام
علي الرغم من كل ما في العالم من كنوز, ومن خيرات لا تحصي, ومن نتائج كثيرة لنمو العلم و المخترعات, ومن نتائج عجيبة للمدنية والحضارة والعلم ومع ذلك فإنه محتاج ولعلنا نسأل إلي أي شيء هو محتاج؟! العالم محتاج إلي السلام وإلي الهدوء, فإلي أي مكان نذهب إليه نجد احتياج العالم إلي السلام, في هذا الجو المضطرب, والذي يموج بالاختلافات في كل بلد وفي كل مكان حتى إنك لا تتصفح الجرائد في أي يوم, إلا وتجد أخبار الصحف الرئيسية عن مشاكل العالم جملة, وعن المشاكل المحلية في كل بلد تجد هذا في العناوين الرئيسية فإن دخلت إلي التفاصيل تجد ما هو أبشع نعم هذا هو العالم الذي خلقه الله في سلام وفيه كان يعيش أبونا آدم في سلام حتى مع الوحوش كانت في سلام معه, ويعيش هو في سلام معها, وتأتي إليه ويسميها بأسماء وبنفس الوضع كان يعيش أبونا نوح مع الوحوش في الفلك ويهتم بها ويغذيها, ويتعهدها بالرعاية وإن كان السلام هكذا, فإن الله قد أوصانا قائلًا: وأي بيت دخلتموه, فقولوا سلام لأهل هذا البيت، ونص الآية هو: "وَأَيُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَقُولُوا أَوَّلًا: سَلاَمٌ لِهذَا الْبَيْتِ." (إنجيل لوقا 10: 5) وهكذا عندما كنت أزور أي بيت من بيوت أولادنا في المهجر, كانت أول عبارة أقولها عندما تخطو قدماي باب بيتهم, كنت أقول: قال الرب: وأي بيت دخلتموه فقولوا سلام لأهل هذا البيت والسلام معروف في كل تحياتنا مع بعضنا البعض فإن حضر أحد من سفر نقول له: حمدا لله علي السلامة وإن سافر, نقول له: مع السلامة, وإن وقع علي الأرض, نقول له: سلامتك. وأي اجتماع رسمي, نبدأه بالسلام الجمهوري.
والسلام علي أنواع ثلاثة: سلام مع الله, وسلام مع الناس, وسلام داخل النفس, في الفكر وفي القلب, ما بين الإنسان وبين نفسه, ولذلك فالإنسان البار هو في سلام مع الله أما إذا بدأ بالخطية يبتعد عن الله, حينئذ يفقد سلامه الداخلي, ويحتاج أن يصطلح مع الله بالرجوع إليه. غير المؤمن يصطلح مع الله بالإيمان وحياة البر.
أما المؤمن الخاطئ, فيصطلح مع الله بالإيمان وحياة البر وإلهنا المحب الغفور يكون مستعدًا لقبول ذلك الصلح, إذ يقول: ارجعوا إلي أرجع إليكم ويأتي هذا السلام أيضا بحفظ الله للإنسان: كما يقول: "وَهَا أَنَا مَعَكَ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ" (سفر التكوين 28: 15) أحفظك من حروب الشياطين, ومن الناس الأشرار وأحفظك من حروبك الداخلية, وأحفظ دخولك وخروجك.. وينضم إلي هذا المزمور وعود الله الكثيرة, كقوله: "هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ." (إنجيل متى 28: 20) وقوله عن الكنيسة: إن "أَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا." (إنجيل متى 16: 18).
نقطة ثانية وهي سلام مع الناس, فيها يسلم الناس علي بعضهم البعض ليس فقط بالأيدي وإنما بالقلب والشعور أيضًا وإن كانت بينهم خصومة من قبل فإنهم يتصالحون. ولأنه قد يبدو من الصعب أن تصطلح النفس مع كثير من الأعداء والمقاومين, فإن الكتاب يقول: إن كان ممكنا, فعلي قدر طاقتكم سالموا جميع الناس, وقيل علي قدر طاقتكم فإن هناك أشخاصا تحاول أن تسالمهم وهم لا يريدون إما بسبب طباعهم, أو بسبب سلوكك الطيب يكشف سلوكهم الرديء, أو لأنهم يحسدونك بسبب نجاحك, أو بسبب تدبير أو بسبب تدابير معينة يدبرونها, أو لأي سبب آخر فهؤلاء أيضًا سالمهم حسب طاقتك وإن وجد خلاف فلا يكن بسببك أنت.. قد يعاكسك الغير.. ولكن لا تبدأ أنت بالخصومة تكن حساسًا جدًا من جهة احتمال أخطاء الغير, كن واسع الصدر حليمًا وتذكر أنه قيل عن موسي النبي: "وَأَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ." (سفر العدد 12: 3)
إن بدأ الغير بالخصومة فاحتمل, فقد قيل في الكتاب: "لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12: 19).. "لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12: 17). لذلك ابعد عن الغضب. ولا تعط فرصة لأحد أن يستثيرك فتخطئ واسمع هذه النصيحة الغالية: "لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ." (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12: 21).. واعرف أن الذي يحتمل هو الأقوى.. أما الذي لا يستطيع أن يحتمل فهو الضعيف. لأنه لم يقدر علي ضبط نفسه.
† لا تطالب الناس بمثاليات لكي تستطيع التعامل معهم. نعم, بل تعامل معهم كما هم, وليس كما ينبغي أن يكونوا, وإلا فربما يأتي عليك وقت تختلف مع الجميع, إننا نقبل الطبيعة كما هي: الفصل المُمْطِر, والفصل العاصِف, والفصل الحار.. دون أن نطلب من الطبيعة أن تتغير لترضينا.. فلتكن هذه معاملتنا لمن نقابلهم من الناس, إنهم ليسوا كلهم أبرارًا أو طيبين. كثير منهم لهم ضعفات, ولهم طباع تسيطر عليهم, إنهم عينات مختلفة, وبعضها مثيرة, فلتأخذ منهم بقدر الإمكان موقف المتفرج وليس موقف المنفعل, وعاملهم حسب طبيعتهم بحكمة, ولكن احترس من معاشرة الأشرار الذين قد يجذبونك إلي الخطيئة معهم, "إِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 15: 33).
النقطة الأخيرة هي السلام داخل النفس, أي السلام داخل القلب والفكر, والذي عنده مثل هذا السلام, يظهر أيضا هذا السلام في ملامح وجهه. فنجد أن ملامحه مملوءة سلامًا, ويستطيع أن يشيع السلام في نفوس الآخرين, وفي وجوده, يكون الجو مملوءًا سلامًا, ويكون مملوءا أيضا اطمئنانًا وذلك بسبب عمل الله معه, وعمل الله فيه أما الذي يفقد سلامه الداخلي, فإنه يقع في الاضطراب والخوف والقلق والشك.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
25 ديسمبر 2018
دعوة الخدمة
الدعوة للخدمة في كرم الرب هي بلا شك دعوة مفرحة، تحمل في طياتها فرح الشركة في عمل الرب، وفرح كسب النفوس للمسيح، وفرح المشاركة في بهجة السماء بخلاص النفوس. ودعوة الخدمة في الكنيسة هي دعوة لا تخص فئة معينة من المؤمنين بل تخص كل المؤمنين، فكل من يصبح عضوًا في جسد الرب لابد أن يكون له عمل في كرم الرب، ولكن دعوة الخدمة تختلف من إنسان لآخر بحسب الرسالة التي يعطيها الرب لكل عضو في الكنيسة، فالرب قد اختار إبراهيم ودعاه للخروج ليكون أمة عظيمة ويأتي من نسله المخلص، بينما دعا إرميا ليقلع ويغرس ويهدم ويبني وينذر الشعب للتوبة، واختار بطرس ليكون صيادًا للناس، بينما اختار بولس ليحمل اسمه أمام ولاة وملوك... نعم كل الدعوات هي لمجد الله وانتشار ملكوته، لكن لكل دعوة هناك رسالة محددة تُوجَّه لصاحبها.. ورغم اختلاف رسالة كل منا إلّا أن دعوة الخدمة يميزها عدة أمور..1) قبول الدعوة: فيسوع كان دائمًا يدعو الجميع، لكن دعوة الخدمة كان لابد أن يقابلها مشاعر إحساس بالمسئولية وقبول للدعوة التي يقدمها الرب. فيسوع دعا تلاميذه من على شاطئ بحيرة طبرية، وهم بكل حب قبلوا دعوته وتركوا شباكهم ومراكبهم وصيدهم الكثير وتبعوه. وشاول الطرسوسي وجّه له الرب دعوة أن يحمل اسمه وأن يتألم من أجله، وهو بكل خضوع قبل الدعوة رغم صعوبتها وعاش لأجلها. أمّا الشاب الغني الذي دعاه الرب ان يبيع كل ما له ويتبعه، فقد تعثّر ولم يستطع أن يقبل دعوة الرب له، ففقد رسالته!2) الدعوة تحتاج أن نقبلها بلا شروط: فدعوة الرب للإنسان تحتاج إلى قلب يعرف أن يقول «هأنَذا أرسِلني»، رغم أنه قد لا يعرف كل أبعاد الدعوة، وربما يجهل كل تفاصيلها، إلّا أن الدعوة تحتاج من الإنسان أن يقبلها بلا شروط، فلا يطلب شروطًا لسد احتياجاته، ولا للعمل. فمن يطلب الشروط يظن أنه موظف، أمّا دعوة الرب للخدمة فتحتاج أن يقبل الإنسان دعوته بالإيمان وبلا شروط.. فيسوع دعا بطرس ليتبعه ويكون صيادًا للناس، ولكنه لم يعرف أنه لن يملك مقدار الجزية المطلوب منه ولم يعرف كيف يسدّدها الرب عنه.. أو أنه سيُحكَم عليه يومًا بالصلب مُنكّس الرأس. شاول دُعِي ليحمل اسم الرب ويكرز به، ورغم أنه أراد أن يخدم اليهود، إلّا أن الرب اختار له أن يخدم بين الأمم، وكان عليه أن يقبل بلا شروط.3) الدعوة تحتاج لطاعة كاملة: فالدعوة تحتاج أن يقبلها الانسان بطاعة كاملة ويسلك بحسبها، فلا يقبلها الإنسان بقلبين ويعرج بين الفرقتين ليتشبّه بالعالم وهو يخدم الرب، وبينما هو يخدم يمشي مع التيارات المحيطة ليرضي العالم ويرضي الله في ذات الوقت، فالرب علّم تلاميذه إنه لا يستطيع أحد ان يخدم سيدين.. فلا يجب على الإنسان أن يقبل الدعوة بقلب منقسم.4) الدعوة بلا شك تحمل وعودًا من الرب لصاحبها: فقد وعد الرب إبراهيم أن يجعله بركة وأن يكون أمة عظيمه. ووعد إرميا أنه يواجه محاربات من الشعب لكنهم لا يقدرون عليه. ووعد بطرس أن يصير صيادًا للناس. ووعد بولس أن يكون له إناءً مختارًا. ولا شك أن دعوة الرب دائمًا تحمل لكل مدعو بركات عظيمة، أعظمها أنه حيث يكون هو يكون أيضًا خادمه.5) أخيرًا يحتاج صاحب الدعوة أن يقبل الآلام: فإبراهيم الذي وعده الرب بأرض تفيض لبنًا وعسلًا، كان الجوع أول آلامه، ورغم أنه قبل وعدًا بأن يكون أمة، انتظر عشرات السنوات ليكون له ابن. وبولس الذي وُعِد أن يحمل اسم الرب أمام الملوك والولاة، قضى سنوات من عمره في السجون، وانكسرت به السفن، ورُجِم، وقضي في عمق المياه فترات صعبة.. الخ، لكنه قبل دعوته بكل طاعة. لذلك في كل دعوة نحتاج أن نهيئ أنفسنا لقبول آلام الطريق، متذكرين قول الكتاب: «لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ» (في1: 29).
نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
24 ديسمبر 2018
عقيدة الثالوث القدوس
عقيدة الثالوث هي عقيدة أساسية في الفكر المسيحي، حتى أنه لا يمكن أن يُعتبر الشخص مسيحيًا إن لم يكن مؤمنًا بالثالوث.. وهناك حقائق لا بد أن نعرفها عن الثالوث القدوس:
(1) حقيقة أزلية
الله ثالوث في أقانيمه (الآب والابن والروح القدس) والله لا يتغيَّر، وهو ثابت من الأزل وإلى الأبد وبالتالي الله ثالوث منذ الأزل الآب كائن منذ الأزل ومعه الابن والروح القدس أيضًا منذ الأزل.
بعض الناس يظنون أن الابن يُسمى ابنًا لأنه وُلد من العذراء مريم في ملء الزمان، وهذا خطأ.. لأن الابن اسمه ابن منذ الأزل، لأنه مولود من الآب قبل كل الدهور ..
+ "الرَّبُّ قَناني أوَّلَ طريقِهِ، مِنْ قَبلِ أعمالِهِ، منذُ القِدَمِ. منذُ الأزَلِ مُسِحتُ، منذُ البَدءِ، منذُ أوائلِ الأرضِ. إذ لم يَكُنْ غَمرٌ أُبدِئتُ. إذ لم تكُنْ يَنابيعُ كثيرَةُ المياهِ. مِنْ قَبلِ أنْ تقَرَّرَتِ الجِبالُ، قَبلَ التِّلالِ أُبدِئتُ. إذ لم يَكُنْ قد صَنَعَ الأرضَ بَعدُ ولا البَراريَّ ولا أوَّلَ أعفارِ المَسكونَةِ. لَمّا ثَبَّتَ السماواتِ كُنتُ هناكَ أنا. لَمّا رَسَمَ دائرَةً علَى وجهِ الغَمرِ. لَمّا أثبَتَ السُّحُبَ مِنْ فوقُ. لَمّا تشَدَّدَتْ يَنابيعُ الغَمرِ. لَمّا وضَعَ للبحرِ حَدَّهُ فلا تتعَدَّى المياهُ تُخمَهُ، لَمّا رَسَمَ أُسُسَ الأرضِ، كُنتُ عِندَهُ صانِعًا، وكُنتُ كُلَّ يومٍ لَذَّتَهُ، فرِحَةً دائمًا قُدّامَهُ. فرِحَةً في مَسكونَةِ أرضِهِ، ولَذّاتي مع بَني آدَمَ" (أم8: 22-31) "تقدَّموا إلَيَّ. اسمَعوا هذا: لم أتكلَّمْ مِنَ البَدءِ في الخَفاءِ. منذُ وُجودِهِ أنا هناكَ. والآنَ السَّيدُ الرَّبُّ أرسَلَني وروحُهُ" (إش48: 16) أما ميلاده من العذراء مريم فهو التجسد الإلهي، وظهوره للبشر، وصيرورته ابنًا للإنسان .. هذا ميلاد آخر غير الميلاد الأزلي من الآب "لَمّا جاءَ مِلءُ الزَّمانِ، أرسَلَ اللهُ ابنَهُ مَوْلودًا مِنِ امرأةٍ، مَوْلودًا تحتَ النّاموسِ" (غل4: 4) "والكلِمَةُ صارَ جَسَدًا وحَلَّ بَينَنا، ورأينا مَجدَهُ، مَجدًا كما لوَحيدٍ مِنَ الآبِ، مَملوءًا نِعمَةً وحَقًّا" (يو1: 14) "عن ابنِهِ. الذي صارَ مِنْ نَسلِ داوُدَ مِنْ جِهَةِ الجَسَدِ" (رو1: 3) "لكنهُ أخلَى نَفسَهُ، آخِذًا صورَةَ عَبدٍ، صائرًا في شِبهِ الناسِ" (في2: 7).
(2) إعلان حقيقة الثالوث كان متدرجًا
بالرغم من وجود الثالوث منذ الأزل، ولكن الله أعلن لنا ذاته بطريقة متدرجة، لكي نستوعب حقيقته الإلهية تثبيت عقيدة أن الله واحد "اِسمَعْ يا إسرائيلُ: الرَّبُّ إلهنا رَبٌّ واحِدٌ" (تث6: 4) "أنا الرَّبُّ هذا اسمي، ومَجدي لا أُعطيهِ لآخَرَ، ولا تسبيحي للمَنحوتاتِ" (إش42: 8)"أليس أبٌ واحِدٌ لكُلنا؟ أليس إلهٌ واحِدٌ خَلَقَنا؟ فلمَ نَغدُرُ الرَّجُلُ بأخيهِ لتدنيسِ عَهدِ آبائنا؟" (ملا2: 10)"هكذا يقولُ الرَّبُّ مَلِكُ إسرائيلَ وفاديهِ، رَبُّ الجُنودِ: أنا الأوَّلُ وأنا الآخِرُ، ولا إلهَ غَيري... لا ترتَعِبوا ولا ترتاعوا. أما أعلَمتُكَ منذُ القَديمِ وأخبَرتُكَ؟ فأنتُمْ شُهودي. هل يوجَدُ إلهٌ غَيري؟ ولا صَخرَةَ لا أعلَمُ بها؟" (إش44: 6، 8) "هكذا يقولُ الرَّبُّ فاديكَ وجابِلُكَ مِنَ البَطنِ: أنا الرَّبُّ صانِعٌ كُلَّ شَيءٍ، ناشِرٌ السماواتِ وحدي، باسِطٌ الأرضَ. مَنْ معي؟" (إش44: 24) "مِنْ أجلِ نَفسي، مِنْ أجلِ نَفسي أفعَلُ. لأنَّهُ كيفَ يُدَنَّسُ اسمي؟ وكرامَتي لا أُعطيها لآخَرَ" (إش48: 11) "أنتُمْ شُهودي، يقولُ الرَّبُّ، وعَبدي الذي اختَرتُهُ، لكَيْ تعرِفوا وتؤمِنوا بي وتفهَموا أني أنا هو. قَبلي لم يُصَوَّرْ إلهٌ وبَعدي لا يكونُ. أنا أنا الرَّبُّ، وليس غَيري مُخَلصٌ" (إش43: 10-11) "مَنْ فعَلَ وصَنَعَ داعيًا الأجيالَ مِنَ البَدءِ؟ أنا الرَّبُّ الأوَّلُ، ومع الآخِرينَ أنا هو" (إش41: 4)"أخبِروا. قَدموا. وليتشاوَروا معًا. مَنْ أعلَمَ بهذِهِ منذُ القَديمِ، أخبَرَ بها منذُ زَمانٍ؟ أليس أنا الرَّبُّ ولا إلهَ آخَرَ غَيري؟ إلهٌ بارٌّ ومُخَلصٌ. ليس سِوايَ. اِلتَفِتوا إلَيَّ واخلُصوا يا جميعَ أقاصي الأرضِ، لأني أنا اللهُ وليس آخَر" (إش45: 21-22) "أنا الرَّبُّ وليس آخَرُ. لا إلهَ سِوايَ. نَطَّقتُكَ وأنتَ لم تعرِفني. لكَيْ يَعلَموا مِنْ مَشرِقِ الشَّمسِ ومِنْ مَغرِبِها أنْ ليس غَيري. أنا الرَّبُّ وليس آخَرُ. مُصَورُ النّورِ وخالِقُ الظُّلمَةِ، صانِعُ السَّلامِ وخالِقُ الشَّر. أنا الرَّبُّ صانِعُ كُل هذِهِ" (إش45: 5-7)"وأنا الرَّبُّ إلهُكَ مِنْ أرضِ مِصرَ، وإلهًا سوايَ لستَ تعرِفُ، ولا مُخَلصَ غَيري" (هو13: 4)"اُذكُروا الأوَّليّاتِ منذُ القَديمِ، لأني أنا اللهُ وليس آخَرُ. الإلهُ وليس مِثلي" (إش46: 9).
وهذه الحقيقة الأزلية أن الله واحد هي أيضًا جوهر الإيمان المسيحي في العهد الجديد، فالسيد المسيح نفسه وآباؤنا الرسل علَّموا بأن الله واحد كمثلما في هذه الآيات:-
"فأجابَهُ يَسوعُ: إنَّ أوَّلَ كُل الوَصايا هي: اسمَعْ يا إسرائيلُ. الرَّبُّ إلهنا رَبٌّ واحِدٌ. وتُحِبُّ الرَّبَّ إلهَكَ مِنْ كُل قَلبِكَ، ومِنْ كُل نَفسِكَ، ومِنْ كُل فِكرِكَ، ومِنْ كُل قُدرَتِكَ. هذِهِ هي الوَصيَّةُ الأولَى. وثانيَةٌ مِثلُها هي: تُحِبُّ قريبَكَ كنَفسِكَ. ليس وصيَّةٌ أُخرَى أعظَمَ مِنْ هاتَينِ. فقالَ لهُ الكاتِبُ: جَيدًا يا مُعَلمُ. بالحَق قُلتَ، لأنَّهُ اللهُ واحِدٌ وليس آخَرُ سِواهُ" (مر12: 29-32) "إلهٌ وآبٌ واحِدٌ للكُل، الذي علَى الكُل وبالكُل وفي كُلكُمْ" (أف4: 6)"وهذِهِ هي الحياةُ الأبديَّةُ: أنْ يَعرِفوكَ أنتَ الإلهَ الحَقيقيَّ وحدَكَ ويَسوعَ المَسيحَ الذي أرسَلتهُ" (يو17: 3)"فمِنْ جِهَةِ أكلِ ما ذُبِحَ للأوثانِ: نَعلَمُ أنْ ليس وثَنٌ في العالَمِ، وأنْ ليس إلهٌ آخَرُ إلاَّ واحِدًا. لأنَّهُ وإنْ وُجِدَ ما يُسَمَّى آلِهَةً، سِواءٌ كانَ في السماءِ أو علَى الأرضِ، كما يوجَدُ آلِهَةٌ كثيرونَ وأربابٌ كثيرونَ، لكن لنا إلهٌ واحِدٌ: الآبُ الذي مِنهُ جميعُ الأشياءِ، ونَحنُ لهُ. ورَبٌّ واحِدٌ: يَسوعُ المَسيحُ، الذي بهِ جميعُ الأشياءِ، ونَحنُ بهِ" (1كو8: 4-6) كل هذه الآيات وغيرها .. أراد الله القدوس أن يثبِّت فينا معرفة أنه واحد لا إله آخر معه.
(3) إشارات عن الثالوث في العهد القديم
ومع أن الله قد ركّز في الإعلان الإلهي في العهد القديم على وحدانيته .. لم يكن ممكنًا اختفاء الثالوث نهائيًا بطول الأسفار المقدسة، لذلك هناك أيضًا إشارات في العهد القديم للثالوث "في البَدء خلق الله السماوات والأرض ... وروح الله يَرف على وجه المياه. وقال الله: (كلمة الله) ليكن نور، فكان نور" (تك1: 1-3). هنا يظهر الثالوث بوضوح منذ أول آية في الوحي المقدس (الله وروح الله وكلمة الله) "وقال الله: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" (تك1: 26). هنا استخدم صيغة الجمع.. ليست للتعظيم (كمثلما في اللغة العربية) ولكن لإعلان حقيقة الثالوث، بدليل أنه جاء بعدها "فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خَلقهُ. ذكرًا وأُنثى خَلقهُم" (تك1: 27). وهنا يؤكد على حقيقة التوحيد وهناك إشارة أخرى عن الابن جاءت في صيغة سؤال في سفر الأمثال .. "مَنْ صَعِدَ إلَى السماواتِ ونَزَلَ؟ مَنْ جَمَعَ الرِّيحَ في حَفنتيهِ؟ مَنْ صَرَّ المياهَ في ثَوبٍ؟ مَنْ ثَبَّتَ جميعَ أطرافِ الأرضِ؟ ما اسمُهُ؟ وما اسمُ ابنِهِ إنْ عَرَفتَ؟" (أم30: 4).
(4) الظهور الإلهي الواضح في العهد الجديد
بسبب تجسد ابن الله الوحيد عرفنا حقيقة الثالوث، فقد ظهر لنا الابن متجسدًا وأعلمنا بأبيه الصالح والروح القدس بداية هذا الإعلان الواضح كان عند معمودية ربنا يسوع المسيح حيث سمعنا صوت الآب قائلاً: "هذا هو ابني الحَبيبُ الذي بهِ سُرِرتُ" (مت3: 17) ورأينا الروح القدس في شكل حمامة "وإذا السماواتُ قد انفَتَحَتْ لهُ، فرأَى روحَ اللهِ نازِلاً مِثلَ حَمامَةٍ وآتيًا علَيهِ" (مت3: 16)، والابن كائنًا في الماء يشهد له الآب.. لذلك سُمي عيد الغطاس "عيد الظهور الإلهي" (الثيؤفانيا).
وهنا تحققت نبوءات الأنبياء "ويَحُلُّ عليه روح الرب، روح الحكمة والفَهم، روح المَشورَة والقوة، روح المعرفة ومَخافة الرب" (إش11: 2) "هوذا عَبدي الذي أعضُدُهُ، مُختاري الذي سُرَّتْ بهِ نَفسي. وضَعتُ روحي علَيهِ فيُخرِجُ الحَقَّ للأُمَمِ" (إش42: 1) "إني أُخبِرُ مِنْ جِهَةِ قَضاءِ الرَّب: قالَ لي: أنتَ ابني، أنا اليومَ ولَدتُكَ" (مز2: 7) وبدأنا نعرف أن الله إلهنا هو الآب والابن والروح القدس، وبدأ السيد المسيح يكلمنا عن الآب والروح القدس في أحاديث طويلة، لذلك نقول له في القداس الغريغوري: "الذي أظهر لنا نور الآب، الذي أنعم علينا بمعرفة الروح القدس (الحقيقية)".
(5) لماذا أخفى الله حقيقة الثالوث منذ البداية؟
لقد كانت البشرية في حالة ضعف شديد، ومائلة إلى عبادة الأوثان وتعدد الآلهة، فأراد الله أن يثبّت أولاً فكرة وحدانية الله حتى لا يُفهم الثالوث على أنه ثلاثة آلهة ولذلك نلاحظ أن جميع المسيحيين يؤمنون بالثالوث، ولم يحدث أن واحدًا فقط من المسيحيين قد فهم الثالوث على أنه تعدد آلهة أو ثلاثة آلهة. نحن نؤمن بإله واحد فيه ثلاثة أقانيم.
(6) شرح معنى الثالوث
أبسط شرح للثالوث هو أن نستخدم مثلثًا مجسمًا متساوي الأضلاع، وبالطبع سيكون متساوِ الزوايا لدينا الآن مثلث واحد وثلاثة رؤوس .. وكذلك نحن نؤمن بإله واحد وثلاثة أقانيم في المثلث تستطيع أن تقول أ = ب = ج ولكنك لا تستطيع أن تقول أ هو ب هو ج بعينه وإلا تحول المثلث إلى نقطة واحدة ولا يصير له وجود كذلك في الثالوث نقول إن الآب يساوي الابن ويساوي الروح القدس ولكننا لا نقول إن الآب هو الابن هو الروح القدس بعينه.
مرة ثانية: لدينا مثلث واحد وثلاثة رؤوس .. وكذلك لدينا إله واحد وثلاثة أقانيم الآب متميز عن الابن ومتميز عن الروح القدس .. الثلاثة أقانيم متمايزة لو عرفنا أن المثلث كله من معدن الذهب الخالص، فإذا أردنا أن نعرف ما هو معدن الرأس (أ) سنقول إنه (ذهب)، الرأس (ب) هو أيضًا (نفس الذهب)، الرأس (ج) هو (نفس الذهب).
لاحظ أننا نتكلم عن الرأس (أ) وليس النقطة (أ).
الرأس (أ) : معناه المثلث كله وأنت تنظر إليه من النقطة (أ).
الرأس (ب) : معناه المثلث كله وأنت تنظر إليه من النقطة (ب).
الراس (ج) : معناه المثلث كله وأنت تنظر إليه من النقطة (ج).
نفس الكلام ممكن أن يقال عن الثالوث: فالآب هو الله، الابن هو الله، الروح القدس هو الله والثلاثة هم إله واحد "فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب، والكلمة، والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد" (1يو5: 7). وإذا سألت:
ما هو جوهر الآب؟ تكون الإجابة: (لاهوت) ما هو جوهر الابن؟ تكون الإجابة: (نفس اللاهوت) ما هو جوهر الروح القدس؟ تكون الإجابة: (نفس اللاهوت) فالثلاثة أقانيم لهم لاهوت واحد "نسجد له ونمجده"وبما أن الرأس (أ) هو المثلث كله منظورًا إليه من ناحية (أ)، والرأس (ب) هو المثلث كله منظورًا إليه من ناحية (ب).. نستطيع أن نقول إن الراس (أ) في الرأس (ب)، والرأس (ب) في الرأس (أ) .. ونفس الكلام يقال عن الرأس (ج) وهذا أيضًا ينطبق على الثالوث القدوس له المجد .. فالسيد المسيح أعلن لنا أنه في الآب والآب فيه"ألستَ تؤمِنُ أني أنا في الآبِ والآبَ فيَّ؟" (يو14: 10)"الآبَ الحالَّ فيَّ هو يَعمَلُ الأعمالَ" (يو14: 10)"صَدقوني أني في الآبِ والآبَ فيَّ" (يو14: 11)"ولكن إنْ كُنتُ أعمَلُ، فإنْ لم تؤمِنوا بي فآمِنوا بالأعمالِ، لكَيْ تعرِفوا وتؤمِنوا أنَّ الآبَ فيَّ وأنا فيهِ" (يو10: 38)"كما أنَّكَ أنتَ أيُّها الآبُ فيَّ" (يو17: 21).
لذلك قال السيد المسيح:-
"الذي رَآني فقد رأَى الآبَ" (يو14: 9).
"والذي يَراني يَرَى الذي أرسَلَني" (يو12: 45).
وهناك حقيقة أخرى هي:-
بما أن: أ = ب = ج ولهم نفس الجوهر ونفس المقاسات.. لذلك فكل صفات (أ) موجودة في (ب) وفي (ج) وكذلك في الثالوث القدوس: كل صفات الألوهية التي في الآب موجودة أيضًا في الابن وفي الروح القدس، وهذا ما أعلنه السيد المسيح له المجد: "كُلُّ ما للآبِ هو لي" (يو16: 15) فالصفات (الأزلي، الخالق، القادر على كل شيء، العارف كل شيء، ضابط الكل، المُخلِّص، القدوس، .....) يشترك فيها الأقانيم الثلاثة .. ولا يمكن أن نتخيل أن أقنومًا رحيم والآخر غير رحيم، أو أقنومًا عادل والآخر غير عادل!! ففيهم جميعًا كل الصفات بالتساوي.
ومع ذلك:-
هناك صفة واحدة موجودة في الآب ولا يمكن أن توجد في الابن أو الروح القدس، وصفة أخرى في الابن لا يمكن أن توجد في الآب ولا الروح القدس، وصفة ثالثة تُسمى الصفة الأقنومية، والتي بدونها لا يكون هناك تمايز بين الأقانيم فلماذا يُسمى الآب آب، ولا يُسمى الابن أو الروح القدس؟ وكذلك نفس الكلام يقال عن الابن والروح القدس هذه الصفة الأقنومية لكل أقنوم تحِّدد لنا تميزه واسمه وعلاقته بالأقنومين الآخرين:-
الصفة الأقنومية للابن أنه مولود لذلك فهو ابن والصفة الأقنومية للروح القدس أنه منبثق ولذلك فهو ليس ابنًا لأنه ليس مولودًا بل هو منبثق والآب هو الوالد للابن الباثق للروح القدس، ولذلك فصفته الأقنومية أنه ينبوع لا يمكن للآب أن يكون مولودًا وإلا لكان اسمه الابن ولا يمكن للابن أن يكون ينوعًا وإلا لصار اسمه الآب وكذلك الروح القدس أن يكون ينبوعًا ولا مولودًا بل هو روح قدس لأنه منبثق من الآب الآب هو الأقنوم الوالد والباثق، ولا يمكن أن يكون مولودًا ولا منبثقًا الابن هو الأقنوم المولود، ولا يمكن أن يكون والدًا ولا باثقًا ولا منبثقًا الروح القدس هو الأقنوم المنبثق، ولا يمكن أن يكون والدًا ولا مولودًا ولا باثقًا.
شرح هذه العلاقة:-
الآب كائن منذ الأزل بدون بداية وبدون سابق له، فهو أصل الوجود، ولا يمكن أن يكون له بداية، ولا يمكن أن يكون له خالق يخلقه .. بل هو الخالق وليس مخلوقًا الآب هو أصل الثالوث، يخرج منه الابن بطريقة اسمها الولادة، ويخرج منه الروح القدس بطريقة أخرى اسمها الانبثاق ولا يمكن أن يكون خروج الابن والروح القدس من الآب بنفس الطريقة وإلا لصار للآب ابنان أو روحان. ولكن الحقيقة هي أن الآب له ابن وحيد مولود منه قبل كل الدهور، وله روح وحيد منبثق منه أيضًا قبل كل الدهور "اللهُ لم يَرَهُ أحَدٌ قَطُّ. الاِبنُ الوَحيدُ الذي هو في حِضنِ الآبِ هو خَبَّرَ" (يو1: 18) "أنتُمْ تدعونَني مُعَلمًا وسيدًا، وحَسَنًا تقولونَ، لأني أنا كذلكَ" (يو13: 13)"لأنَّهُ هكذا أحَبَّ اللهُ العالَمَ حتَّى بَذَلَ ابنَهُ الوَحيدَ، لكَيْ لا يَهلِكَ كُلُّ مَنْ يؤمِنُ بهِ، بل تكونُ لهُ الحياةُ الأبديَّةُ" (يو3: 16) "فليَعلَمْ يَقينًا جميعُ بَيتِ إسرائيلَ أنَّ اللهَ جَعَلَ يَسوعَ هذا، الذي صَلَبتُموهُ أنتُمْ، رَبًّا ومَسيحًا" (أع2: 36)"الذي يؤمِنُ بهِ لا يُدانُ، والذي لا يؤمِنُ قد دينَ، لأنَّهُ لم يؤمِنْ باسمِ ابنِ اللهِ الوَحيدِ" (يو3: 18) واضح هنا أن السيد المسيح هو الابن الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور، وكذلك الروح القدس هو روح واحد وحيد منبثق من الآب قبل كل الدهور .. ونقول في القداس الإلهي "واحد هو الآب القدوس، واحد هو الابن القدوس، واحد هو الروح القدس" نحن نؤمن بآب واحد، وابن واحد، وروح قدس واحد والثلاثة هم الإله الواحد "لكن لنا إلهٌ واحِدٌ الآبُ الذي مِنهُ جميعُ الأشياءِ، ونَحنُ لهُ. ورَبٌّ واحِدٌ يَسوعُ المَسيحُ، الذي بهِ جميعُ الأشياءِ، ونَحنُ بهِ" (1كو8: 6) هذا الشرح لا يُعني أن الآب أقدم أو أقيم أو أهم من الابن والروح القدس لأن الآب أزلي، وهو آب منذ الأزل. فلذلك له ابن خارج منه منذ الأزل والروح القدس أيضًا خارج منه منذ الأزل بدون أسبقية الآب عنهما كلمة الولادة وكلمة الابن توحي لغير العارفين أن هناك زواج، وأن الآب أكبر سنًا من الابن، وأن الابن عندما وُلد انفصل عن الآب كمثل ميلاد البشر والحيوانات.
هنا لابد أن غير ولادة الابن من الآب أنها تختلف عن ولادات الناس والبهائم بأربعة اختلافات:-
(1) لا يوجد زواج طبعًا، بل ميلاد الابن من الآب كميلاد الحرارة من النار، والشعاع من المصباح.
(2) لا يوجد أسبقية، فالابن أزلي مع الآب، لم توجد لحظة أو جزء من الثانية كان الآب بدون ابن، وإلا لما كان أب ثم صار آب. وهذا معناه أن الله يتغير.
الحقيقة أن الله لا يتغير وبالتالي فهو آب منذ الأزل، وبالتالي فالابن خارج منه منذ الأزل، كمثل النار أيضًا تخرج من الحرارة بدون أسبقية النار عن الحرارة بل حيث النار هناك الحرارة والضوء. وكذلك حيث الآب هناك الابن والروح القدس.
(3) لا يوجد انفصال بين الآب والابن، بل هو خارج منه بينما هو كائن فيه بدون انفصال، كمثل خروج الحرارة من النار بدون أن تبرد النار ولا يكون فيها حرارة. وكمثل خروج الفكر من العقل وانتشاره في كل مكان، بينما هو ما يزال في عقل الإنسان.
(4) ولادة الطفل تستغرق لحظات ثم ينفصل عن أمه، وخروج الرصاصة من المسدس تستغرق لحظة وتنطلق تاركة المسدس فارغًا. أما ولادة الابن من الآب فهو ولادة مستمرة بدون انقطاع منذ الأزل وإلى الأبد. كمثل أيضًا دوام خروج الحرارة من النار وما يقال عن ولادة الابن من الآب يقال أيضًا عن انبثاق الروح القدس من الآب .. أيضًا يكون الانبثاق بدون أسبقية. فالآب ليس أسبق على الروح القدس، وكذلك بدون زواج وبدون انفصال وبدون انقطاع بل باستمرار.
الفرق بين الولادة والانبثاق:-
في عالم الفيزياء يفرّقون بين طريقة خروج الحرارة من النار، فيقال (توليد الحرارة)، وبين خروج الضوء من النار، فيقال (انبعاث الضوء) .. وذلك لأن فيزيقيًا هناك اختلاف بين الطريقتين، ولو كان خروج النور والحرارة من النار بنفس الذبذبات والترددات والموجات لكان الاثنان حرارة أو الاثنان ضوءًا، ولكن هناك فارق بين الطريقتين، ولذلك هناك حرارة وهناك ضوء وكذلك في مجال شرح اللاهوت، لقد أعلن لنا الكتاب المقدس أن الابن مولود من الآب، والروح القدس منبثق من الآب، وليس لدينا معرفة كافية عن كنه الولادة أو كنه الانبثاق .. لعلنا سنعرف ذلك في الأبدية!!
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
23 ديسمبر 2018
المسيح شبع النفس
يقول الكتاب في قصة المرأة السامرية ” وكان نحو الساعة السادسة فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماء . فقال لها يسوع أعطيني لأشرب لأنَّ تلاميذه كانوا قد مضوا إلى المدينة ليبتاعوا طعاماً فقالت له المرأة السامرية كيف تطلب مني لتشرب وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية لأنَّ اليهود لا يُعاملون السامريين أجاب يسوع وقال لها لو كنتِ تعلمين عطية الله ومَنْ هو الذي يقول لكِ أعطيني لأشرب لطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حياً “ ( يو 4 : 6 – 10 ) النفس عميقة جداً وجوهر الإنسان في نفسه الجسد سهل والروح لا نعرف كيف نصل لها أعمق جزء في الإنسان هو نفسه واحتياجات النفس كثيرة جداً لأنَّ الجسد يحتاج طعام لكن النفس تطلب أكثر النفس تشتهي الكثير ودائماً تطلب واحتياجاتها كثيرة لا تنتهي ولا نستطيع أن نُقيِّم احتياجاتها حتى أنَّ الكنيسة تذكرها قبل الجسد فتقول في القداس ” أمراض نِفوسنا اشفيها والتي لأجسادنا عافيها “ لأنَّ النفس أصعب من الجسد لو إنسان مُصاب بمرض جسدي فمرضه واضح المهم المرض الغير واضح وهو يأتي من النفس لذلك المهم أن تشبع النفس وتفهمها وتُطورها معظم أمراض الجسد قد يكون سببها انحراف النفس ومعظم التقدُّم الروحي يسبِقه استقرار نفسي لذلك لابد أن تشبع النفس وكما يقول الكتاب ” النفس الشبعانة تدوس العسل “ ( أم 27 : 7 ) المرأة السامرية كانت تعرف ستة رجال ولم تشبع لأنَّ رقم " 6 " يُشير للنقص رقم ناقص أي احتياج لنا بدون المسيح لا يُشبِع دخل ربنا يسوع رقم " 7 " في حياة السامرية فشبعت .
ما هي احتياجات النفس ؟
لها خمسة احتياجات :-
1. الأمن :-
الإنسان يريد أن يشعر أنه آمِنْ وليس لديه اضطرابات الإنسان له احتياج أن يكون له بيت فِرَاش مكان آمِنْ مُستقر الإنسان يعيش خائف تسمع نشرة الأخبار تخاف تسمع كلام الناس تخاف أمور الحياة صعبة اضطراب أمراض أوبئة قلق على المستقبل وعلى الامتحانات وعلى دائماً يعيش الإنسان في قلق ودائماً القلق يرتبط بالقُدرة الإنسان الغني لا يخاف من الغلاء مثل الفقير والإنسان ذو المركز المرموق قد يشعر بأمان أكثر لذلك كثيراً ما يعيش الإنسان في قلق أحياناً الغِنَى والمركز يُسبِّب قلق أيضاً هيرودس الملك خاف على مُلكه عندما عرف أنه وُلِدَ طفل وسيكون ملك على إسرائيل وفقد صوابه وأخذ قرار وحشي بقتل كل الأطفال لأنه جعل أمانه بمركزه هكذا شاول اضطرب من داود الأمان في المسيح المسيح هو المُعطي الأمان لنرى الغلاء وإن جلسنا نحسب بالعقل عندما يكبر الشاب ويريد الارتباط كم يكون ثمن الشقة وكم يتكلف في ارتباطه نضطرب ونخاف فكَّر في المجموع الذي تحصل عليه في الثانوية وما هي الجامعة التي تلتحق بها وتخاف وتضطرب فكَّر لو فقدت شخص عزيز عليك ستضطرب مَنْ يعطي الأمان وسط كل هذه المُتغيرات العنيفة ؟ ربنا يسوع هو يدبر أمرك في الغلاء وإن شعرت بالجوع هو يُشبِعك حتى لو فقدت شخص مهم غالي هو يعوضك إن كان الناس يعتمدون على قُدراتهم فأنا أعتمد على الله كُليّ القدرة خالق الكل مُعطي الغِنَى والسند إذاً احتياجي النفسي مُشبِع لأنَّ الله إلهي وأنا أثق في رعايته المرأة المُمسكة في ذات الفِعْل ربنا يسوع وضعها خلفه ووقف هو أمامها يحامي عنها ضد راجميها نعم أنا خاطي لكنه يُحامي عني لذلك أشعر فيه بالأمان لذلك أشتاق للرجوع لحضنه مهما كانت خطاياي هو يقبلني لذلك يقول داود النبي ” أُعظِّمك يارب لأنك احتضنتني “( مز 29 ) مادُمت خارج المسيح لن تشبع ولن تستقر كثيرون مُصابون بأمراض نفسية لأنهم فاقدين الأمان لذلك المسيح هو طريق الأمان ولا توجد حياة روحية سليمة بدون ما تُبنَى على نفسية سليمة .
2. التقدير :-
الإنسان يحب التقدير تخيل إنسان يُلام ويُوبَخ دائماً صعب الإنسان محتاج للتقدير ويحاول دائماً أن يُعبِّر عن نفسه لكي يُقدَّر الذي لا يُقدَّر تصغُر نفسه جداً ويحاول أن يكون كبير بأي وسيلة وقد يُعبِّر عن ذلك بانحراف شهواني أو عاطفي أوأي انحراف عندما هاجمت الجموع ساكبة الطِيب قال عنها السيد المسيح ” حيثما يُكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يُخبر أيضاً بما فعلته هذه تذكاراً لها “ ( مت 26 : 13) ربنا يسوع يريد أن يرفعنا ويُعطينا مجد ويُزيننا ونحن نتضع من أفضل الأمور التي تُعطي الإنسان تقدير أن يسمع اسمه يُنادى وجدنا ربنا يسوع يُعامل زكا بتقدير والمولود أعمى بتقدير و الإنسان محتاج أن يشعر أنه مهم وغالي ويشعر أنَّ أعماله صحيحة تُقدَّر ولنرى التقدير من وجهة نظر الناس الناس تعرف اللوم فقط وإن فَعَلْ شخص شيء مهم لا يُقدِّره مَنْ حوله بحجة أن لا يتكبر إن فَعَلْ شيء خاطئ الجميع يلومه ويوبخه نحن لا نُجيد التعبير وأحياناً لا نريد التعبير ودائماً الذي يُجيد التقدير لا يُريده ليتكم تُقدِّرون بعضكم بعض وتُقدِّمون لبعضكم البعض كلمات الشكر والتشجيع على أي شيء ولو بسيط مجرد مجيئكم لبعضكم قدِّموا عنه كلمات شكر شجعوا أي سلوك ولو بسيط ودائماً التقدير تزداد قيمته بِمَنْ يُقدِّمه لذلك نحن تقديرنا عند المسيح له المجد هو يُقدِّرني وأنا غالي جداً عنده وكرامتي هي عنده وكما يقول الكتاب ” لمدح مجد نِعمتِهِ “ ( أف 1 : 6 ) لمَّا أتى وتجسَّد بجسدي هذا أعظم تقدير لي لمَّا دُعِيَ اسمه عليَّ وصار اسمي مسيحي هذا أعظم تقدير لي لمَّا بذل نفسه لأجلي قدَّرني جداً ليتنا نتمتع بهذه التقديرات العظيمة ونتمتع بتقديره جداً في التوبة لأنه فيها يقبلني ويحبني رغم أنَّ كل الناس تنظر لي على إني خاطي .
3- الحرية :-
الإنسان لا يُحب الأسر لو وضعت نسر في قفص ووضعت أمامه طعام كثير لن يأكل مهما طالت فترة حبسه في القفص لأنه غير حُر هكذا الإنسان يحب أن يشعر أنه حُر قد يبنون في الخارج سجون عالية التجهيز وبها كل احتياجات الإنسان حتى الترفيهية لكن الإنسان يشعر فيها بالضيق لأنه محبوس من الاحتياجات النفسية المهمة للإنسان أن يشعر أنه حُر في سلوكه لأنَّ الذي يفعله بدون حرية يُولِّد فيه الكبت حتى حضور الكنيسة إن كان بأمر وبدون رغبة داخلية يُولِد كبت ودائماً التغصُّب يزول بزوال المؤثِر لذلك لابد أن يتعلم الإنسان كيف يختار الكنيسة تُربيك لكي تعرف كيف تعيش حُر كل شاب مُعرَّض لأن يلتحق بجامعة خارج مدينته ويتغرَّب فيها إن لم يكن قد تربَّى على المسئولية لن يشعر بالمسئولية إن تربَّى على الكبت والأوامر في المواعيد والاستذكار وسينحرف في غربته ويجدها فرصة للخروج من قيود الأوامر والكبت لذلك لابد أن تشعر بحرية وأنك تفعل الأمور باقتناع أنت محتاج أن تحترم الضوابط والثوابت وهذا يأتي من الحرية حتى الروحيات تحتاج حرية حتى لو تغصبت فأنا أتغصب بحريتي لأنتقل إلى درجة روحية أجمل الكنيسة تُربيك على الحرية وتُعطيك المشورة فقط لذلك الحرية تصنع اتزان واحترام وإن لم أنال حريتي في بيتي والمجتمع ؟ أقول لك أنَّ الله يُعطيك الحرية الحرية ليس معناها أن أسلُك كما أشاء لا بل الحرية من الداخل ” إن حرَّركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً “( يو 8 : 36 ) أصعب شيء العبودية للخطية هي أشرس من العبودية لسيد قاسي ربنا يسوع أعطانا الحرية ” يارب أنا عبدك ، أنا عبدك وابن أمتك “” قطعت قيودي “ ( مز 115 – من مزامير التاسعة )أنا عبد لك يارب لأنك أنت الذي حللت قيودي كانت شريعة العبد في العهد القديم تسمح بأن يُفك العبد بعد فترة من العبودية لكن إن أحبَّ العبد سيِّده وفضَّل أن يكون في خدمته كل أيام حياته كانوا يأتون به عند مدخل المدينة وهو بنفسه يثقُب أُذُنه ليُعلن أمام الجميع أنه بإرادته يريد أن يكون في خدمة سيِّده أعظم حرية نأخذها على الصليب وفي الاعتراف نأخذ الحِلْ ويقول الحِلْ ” قطَّع يارب كل رباطات خطايانا “ معلمنا بولس الرسول كان يُسمي نفسه سفير في سلاسل وهو حُر داخلياً لأنه حُر من الخطية أصعب عبودية هي العبودية لخطية أو عادة أوبينما أفضل حرية هي أن تتخذ قراراتك في ضوء الوصية .
4- الانتماء :-
دائماً تشتاق أن يكون لك انتماء لشيء مهم وقوي لبيت لبلد لدين لجنس لعمل لفكرة وأصعب انتماء هو الانتماء الديني والذي بواسطته قد تخرب بلاد لذلك إن أرادوا تقسيم بلد يزرعون فيها بُغضة دينية وهذا سهل جداً في البلاد قليلة الثقافة إحساس الانتماء إحساس قوي عند الإنسان لذلك جيد أن تشعر أنك مُنتمي ولكن بتعقُّل وليس بتشدُّد أنا محتاج لهذا الإحساس وليس هناك انتماء أجمل من الانتماء لجسد المسيح للكنيسة هو قال أنتم لحم من لحمه وعظم من عِظامه ( تك 2 : 23 ) أي انتماء أعظم من هذا ؟اشعُر بانتمائك للمسيح وللكنيسة ولإخوتك والذي يعيش بدون انتماء يكون بلا هوية والذي بلا هوية نفسيته فقيرة والإنسان يحب الانتماء لشيء قوي مُميز لأنه محتاج أن يشعر أنه قوي ومُميز وينال بذلك نشوة ونُصرة وكفاه احباط اشعر أنك مُنتمي للمسيح مصدر سعادتك وقُوَّتك ” رعية مع القديسين وأهل بيت الله “ ( أف 2 : 19) أنت مُنتمي له وعائلتك هي القديسين لأنَّ الانتماء للعائلة يُشبِع النفس جداً والنفس محتاجة للشبع وكلما كانت النفس جوعانة كلما كانت الخطية أسهل والانحراف أسهل .
5- الحب :-
الإنسان يحب أن يشعر أنه محبوب وغالي ومُشبَّع بأمور كثيرة ومن أكثر الأمور التي ترفع الإنسان للسماء أنه يشعر أنه محبوب لذاته ذَوِي المعاش يشعرون بالاحباط إن لم يسأل عنهم أحد لأنهم يشعرون أنهم كانوا محبوبون ليس لذواتهم بل لمراكزهم الحب عطاء وكما تُعطي تأخذ كثيراً ما نشكو أننا غير محبوبين لا في البيت ولا في الكنيسة الإنسان يحب أن يكون مُميز لنفرض أنَّ الكنيسة أرسلت رسائل مُعايدة لأولادها بالطبع يفرحون بها لكن الذي يفرَّح أكثر أن تكون كلمات الرسالة خاصة بك أنت وتحمل اسمك هذا يُسعِدك لأنك تشعر أنك مُميز ومحبوب الإنسان يحتاج الحب الشخصي ودائماً احتياج الحب يسبِق أي احتياج فسيولوچي سواء طعام أو نوم أوالتقدير والحب أهم ولا نأخذ إحساس الحب من الناس لأنهم مُتقلبين ذَوِي مزاج مُتغير وصعب تجد إنسان يسير بخط واحد حياته كلها لذلك خذ الحب من الله تسمع مَنْ يقول أنا منذ " 30 " سنة كنت أحب والدتي ومن " 15 " سنة كنت أحب زوجتي والآن أحب أولادي .. هذا لأنه كان محتاج لأُمه منذ " 30 " سنة واحتاج لزوجته منذ " 15 " سنة أكثر من أُمه والآن محتاج لأولاده هذا حب مبني على الأنانية والأخذ أمَّا ربنا يسوع فقد أحبنا بلا سبب أحبنا أولاً ” هكذا أحبَّ الله العالم “( يو 3 : 16) أي بلا سبب أمَّا نحن فنحبه لأنه أعطانا عطايا وله صفات جميلة وكلما تأملت في عطاياه وصِفاته كلما أحببته أكثر صليبه يُشبِعك لأنه يُشعِرك أنك غالي عليه يقول الشيخ الروحاني ” أقسمت بحبك أن لا أحب وجه آخر غير وجهك “ ” مَنْ رآك واحتمل قلبه ألاَّ يراك “ التقدير منه الحرية فيه الانتماء له الحب هو القادر أن يُشبِعك به لن تستطيع أن تكون مُشبِع وغني ومُستقر إلاَّ به فخذ احتياجاتك كلها منه والذي يحب يسوع يجد الكنز يقول القديس أوغسطينوس ” مَنْ امتلكك شبعت كل رغباته “ هو دعاني للحرية والحب والانتماء والتقدير وتقابل مع المرأة السامرية فأعطاها الشبع وأنساها ماضيها وبدأت حياة جديدة فليكن هدفك هو الشبع من يد المسيح هو كنزك وغايتك هو الكل لأنَّ له ومنه وبه كل شيء ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين.
القس أنطونيوس فهمى
كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
22 ديسمبر 2018
التَّسْبِحَةُ الكِيَهْكِيّة أيْقُونَةٌ صَوْتِيَّةٌ
التسبحة القبطية هي مستودع خبرات الكنيسة، وهي ليست بهيِّنة، وكل من اختبرها وذاقها وفهم معانيها تأخذه، بحيث لا يجد ما يماثلها في الشمولية والدسم والعمق المستيكي الروحاني... ولغة التسبحة فن فنون بمعنى الكلمة. فن الآباء العظام وتقواهم وخبرتهم... لهذا أُلقي علينا نِير الفهم (تعالَ وانظر!!!) كلمة ولحنًا وعمقًا وسجودًا وتضرعًا وانسكابًا، في حضرة الله وسط شعبه وفي مسكنه ومحل موضعه المستعد.
ويكشف قالب التسبحة الأبعاد الكتابية واللاهوتية والعقيدية والروحية، كسيمفونية إيمان الكنيسة وتراثها الحي المُعاش عبر الأجيال، الذي ينقلنا بالفهم الروحي لمعرفة الحق متجاوزين الحرف إلى الروح المحيي، وإدراك الحكمة عند شركة الطغمات السماوية وجماعة المؤمنين وملامسة حضور العريس السماوي، بعين الإيمان حسب وعده الصادق. وبهذا الإيمان عينه نسبحه ونمجده ونسجد له ونباركه ونتضرع إليه بيقين، لأنه معنا وفيما بيننا كائن ويكون، حيث يجتمعا الماضي والمستقبل ليلتقيان في الحاضر المكرَّس.
يأتي الشكل الليتورچي للتسبحة الكيهكية دليل تثبيت لمعاينة سر التجسد الإلهي، عبر التعبير النطقي ونصوص الإبصلمودية التي تنطق بالحكمة والمعرفة الإلهية المقترنة باتفاق نغمات الخلاص في لغة صياغات مَحكية معبرة عن الحدث الخلاصي، وفي لغة مرنَمة موزونة ومفعمة بروح التعزية على قيثارات النفوس، داخلة إلى العمق في حضرة مجد الله... وفي نُسك فكري لتقديم الفكر وبقية العقل كذبائح معقولة لله، عبر تصوير نغمي مختبئ بين النغمات والخلايا الصوتية الموسيقية.
ويتضمن الإطار الليتورچي للتسبحة كل أنواع الصلوات: التوسلات (Intercessions)، الصلوات (Prayers)، التشفعات (Supplications)، التشكرات(Thanksgivings) فهي مشحونة بالتضرعات والالتماسات والتوسلات والتعهدات والنذورات والتشفعات لأجل الكائنات وجميع الناس (١ تي ١:٢). لهذا تنسكب التسبحة كذبيحة عقلية غنية بالاصطلاحات والمعاني المليئة بالسمو، مثل لهيب لا يمكن إدراكه، ملتهم كل شيء حتى يصل ويُعلَم لدَى الله.
في التسبحة الكيهكية نتجه إلى الله إله الكنيسة، نتضرع إليه ونناجيه بالإلهامات والإبداع في التعابير الليتورچية والمديح العبقري، عندما نخاطبه قائلين: يا الله مخلصنا/ الأزلي قبل الأدهار/ الكائن في مجد أبيه/ المهتم بنا والمدبر كل الأمور/ حامل خطية العالم/ الرب المرهوب/ الضابط الكل محيي الأرواح والنفوس/ إله خلاصنا/ الملك الديان/ الرب المعبود/ رب القوات/ الستار وحيد الآب مسياس/ النور الحقاني/ معدن الغفران/ رب الأرباب الفادي الكريم/ مدبر مختاريه/ الكائن في حضن أبيه، ابن الله الكلمة/ المشتاق لخلاص خليقته/ رب جميع البشرية، ملك المجد الواحد من الثالوث/ الله القدير/ رب وإله آبائنا مخلص كل أحد/ إله الرحمة وحياة كل إنسان محب البشر الصالح/ رب الدهور الحي بغير زوال/ الله الآب والابن والروح القدس ثالوث إله واحد رب جميع الآلهة/ الله المتعالي سيدنا القوي الكثير الرحمة/ ابن الله المُنزَّه/ مخلصنا الوسيط يسوع المسيح/ مسيا الرؤوف/ إله الآلهة عمانوئيل إلهنا/ ملك الملكوت الواحد من الثالوث/ المتكئ في حضن أبيه الذي هو فوق كل رئاسة/ صانع الخيرات الأزلي ذو الجلال الدائم إلى الأبد/ إله جميع الأحقاب ذو الاسم المرتفع/ إله إبراهيم الذي بسط يمينه، والجمع الممسوك مع آدم رفعه إليه/ الله المستريح في قديسيه/ الراعي العظيم الذي جمع المؤمنين وألَّفهم مع الملائكة وصيَّرهم وارثين لملكوته الأبدية/ الذاتي مع أبيه من جوهر الإله/ غير المنظور والغير المدنو منه/ المتسربل بالنور والساكن في النور الذي لا يُدنى منه/ ملاك المشورة العظمى/ الكائن والذي كان والذي أتى وسيأتي/ آدم الثاني المسيح الملك/ عمانوئيل مخلص العالم.
وبمناداتنا بلجاجة على الله نلتحف بالفرح من أجل حضرته بالسلام والنصرة والحلاوة والبشرَى والكرامة، ومن أجل نوالنا رتبة الفرح والسرور بسرّ التجسد الإلهي الذي حوّل لنا العقوبة خلاصًا... من الحسرة والحيرة وحزن آدم النادم واكتآب الأرض المقفرة الذي صار لنا بالتدبير حُرية وبنوية ومجدًا وخلاصًا ونجاة من ضيق الجنوس ورِقّ الشيطان، والذي به بلغنا أرض الميعاد، وانمحَى الرِقّ وتمزق الصك ونلنا المراد.
من أجل هذا نتهلل بالتسبيح والمديح اليسير، وتفرح نفوسنا التي كانت بهيمية (حيوانية)، وقد صارت الآن روحانية، واستمدّت قوام حياتها من قوة الحياة الإلهية، وتتزود زادًا روحانيًا يدسم روحها بدسم سماوي يملأها فرحًا ولسانًا ونعيمًا، فنتقوَى على من بنا يمكرون... وتتقوى شجرة الكنيسة بالتسبيح في السر والإجهار، حاملين هدايا مُرّ البخور والرضا، ولبان التسبيح، وذهب توبة النفوس لنبلغ مذود الملك المولود الآتي... غير المتجسد الذي تجسد، وغير الزمني الذي صار تحت الزمن... الحاضر معنا، وفيه قد خلصنا من الفساد، وتربّينا على معرفة إرادة الله. الكائن بذاته الذي أتى إلى الوجود في ملء الزمان ونلنا به التبني... وهو الملء الذي أخلى نفسه ليكون لنا نصيب في ملئه.
القمص أثناسيوس چورچ
كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج - الاسكندرية
المزيد