المقالات

04 ديسمبر 2018

التجسد الإلهي

عقيدة التجسد هي إحدى العقائد الهامة في الإيمان المسيحي، لذلك تردّد الكنيسة في كل العالم في قانون الإيمان: "هذا الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء، وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وتأنس". فالتجسد كان في فكر الله منذ البدء، فالموت وفساد الطبيعة البشرية كانا نتائج خطية آدم، وبمجيء المسيح متجسدًا إلى العالم لكي يتمّم فداءنا، وبصلبه وقيامته، وهب لنا أن ننال الحياة والطبيعة الجديدة في سر المعمودية المقدسة.لم تكن توبة آدم كافية لحل مشكلة سقوط الإنسان، إذ لم يكن ممكنًا للتوبة وحدها أن تفي عدل الله ولا أن تغيِّر طبيعة الإنسان، بل كانت البشرية محكومًا عليها بالموت، وكان لابد لوجود مخلص ليعتق الإنسان من هذا الموت ويجدّد طبيعته. وفي المسيحية وحدها دون سائر الديانات فإن الإله فيها هو إله مخلّص، وهو يخلّص بذاته، لا يرسل ملاكًا ولا نبيًا ولا رسولًا من أجل خلاص الإنسان، بل هو وحده بذاته أتى ليخلّص الإنسان (لأنه وحده بلا خطية، وهو وحده غير المحدود، وهو وحده الذي يستطيع أن يجتاز الموت ويهزمه، فيهبنا بقيامته الخلاص من الخطية ومن اللعنة ومن العبودية للشيطان والخطية، ومن الإحساس بالذنب ومن الخوف.. الخ)، فوحده جدّد طبيعتنا الفاسدة.لماذا التجسد؟1) كان التجسد من أجل إتمام الفداء والخلاص، فقد ارتضي الله أن يتخذ لنفسه جسدًا لكي يقبل فيه حكم الموت، وفي جسده يحمل خطايانا على الصليب، وبهذا الجسد الذي تألم يقوم ناقضًا أوجاع الموت واهبًا لنا الحياة.2) بالتجسد يعلن الله ذاته للخليقة (عمانوئيل الله معنا)، فعندما سقط الإنسان وفقد صلته بالله، جاء الله في صورة إنسان لكي يعلن ذاته للبشرية «الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبّر» (يو1: 18)، حتي لا يعود الإنسان يعبد المخلوق دون الخالق، فتبطل كل عبادة غير عبادة الإله الحقيقي، فيسوع كان بهاء مجد الله ورسم جوهره (عب1: 3).3) بالتجسد قدم يسوع ذاته مثالًا للبشرية، وتمّم كل بر لكي نتبع خطواته، ولكي لا يعيش الأحياء فيما بعد لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام (2كو5: 15).نبوات ورموز عن التجسد الإلهي + تكلم سفر التكوين عن وعد الله بالخلاص لآدم وحواء في (تك3: 15)، ثم عن كون المخلص من سبط يهوذا في (تك49: 10)، ثم تحدث موسى النبي لشعب إسرائيل «يقيم الرب إلهك نبيًا من وسطك من إخوتك مثلي» (تث18: 15)، ويُكتب عنه في سفر العدد «أراه ولكن ليس الآن، أبصره ولكن ليس قريبًا» (عد21: 17)، ثم عنه يتحدث إشعياء بكونه مولودًا من عذراء (إش7)، ثم بكونه ملكًا وأبًا أبديًا في (إش9: 6)، كما يتحدث ميخا النبي عن ميلاده في بيت لحم (ميخا5: 2)، وعن مجيئه أيضًا يكتب حجي النبي بكونه مُشتهى الأمم (حجي2: 7)، كما يكتب عنه ملاخي بكونه شمس البر التي تشرق والشفاء في أجنحتها (ملاخي4: 2).+ أمّا عن رموز التجسد فكان عمود السحاب وعمود النار المصاحب للشعب في البرية رمزًا لناسوت الرب ولاهوته، وكانت العليقة رمزًا لتجسده من العذراء، وكانت أيضًا عصا هارون التي أفرخت بغير غرس ولا سقي إشارة لميلاد الرب بدون زرع بشر.المعاني الروحية للتجسد في التجسد تظهر معاني محبة الله للإنسان، ورغبته أن يصنع صلحًا مع البشرية، كما يحمل التجسد معنى الرجاء الذي جعل كل شر الإنسان لا يمنع الله عن خلاصه الذي صنعه من أجل الإنسان. في التجسد أيضًا معنى الاتضاع الحقيقي للإله الذي صار في صورة عبد. وفيه أيضًا تظهر قيمة الإنسان في عيني الله الذي لم يشأ أن يهلك الإنسان، لأنه كان عزيزًا في عيني الرب. التجسد أيضًا يؤكد ضرورة الكرازة وانتشار بشرى الخلاص. أخيرًا التجسد يظهر كيف جاء الله ليمنح الإنسان النصرة على الخطية والشيطان...لتكن هذه المعاني في حياتك معاني حية تتذكرها كلما احتفلت الكنيسة بتذكار ميلاد الرب. نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
03 ديسمبر 2018

التسبيح في الكنيسة

والآن بعد أن استعرضنا كل النصوص التي تتكلَّم عن التسبيح في الكتاب المقدس بعهديه ماذا عن التسبيح في كنيستنا المسيحية؟ لدينا أيضًا عدد كبير من الآيات التي تحثنا على تسبيح الله بقلب طاهر مُستخدمين المزامير والتسابيح والأغاني الروحية:"مُكلمينَ بَعضُكُمْ بَعضًا بمَزاميرَ وتسابيحَ وأغانيَّ روحيَّةٍ، مُتَرَنمينَ ومُرَتلينَ في قُلوبِكُمْ للرَّب" (أف19:5)"وأنتُمْ بكُل حِكمَةٍ مُعَلمونَ ومنذِرونَ بَعضُكُمْ بَعضًا، بمَزاميرَ وتسابيحَ وأغانيَّ روحيَّةٍ، بنِعمَةٍ، مُتَرَنمينَ في قُلوبِكُمْ للرَّب" (كو16:3)."فما هو إذًا أيُّها الإخوَةُ؟ مَتَى اجتَمَعتُمْ فكُلُّ واحِدٍ مِنكُمْ لهُ مَزمورٌ" (1كو26:14). "واظِبوا علَى الصَّلاةِ ساهِرينَ فيها بالشُّكرِ" (كو2:4) " أعلَى أحَدٍ بَينَكُمْ مَشَقّاتٌ؟ فليُصَل. أمَسرورٌ أحَدٌ؟ فليُرَتلْ" (يع13:5) "ونَحوَ نِصفِ اللَّيلِ كانَ بولُسُ وسيلا يُصَليانِ ويُسَبحانِ اللهَ، والمَسجونونَ يَسمَعونَهُما" (أع25:16)هذه التعاليم الإلهية وغيرها كثير في الكتاب المقدس دفعت الكنيسة دفعًا إلى أن تحيا حياة التسبيح الدائم، وكان سفر المزامير هو المصدر الأساسي والرئيسي للتسبيح في الكنيسة فقد وجد فيه الآباء القديسون ما يروي ظمأهم للحب الإلهي ولم يكن الترتيل بالمزامير شيئًا جديدًا، فقد ورثته الكنيسة المسيحية عن الهيكل والمجامع اليهودية والسيد المسيح نفسه قد رتل (مزامير الهلّيل) مع تلاميذه في ليلة العشاء السري وهي (مزامير 113-118) وعبرّت الأناجيل عن هذه التسابيح بالعبارة: "ثُمَّ سبَّحوا وخرجوا إلَى جَبَلِ الزَّيتونِ" (مت30:26، مر26:14) وقيل أيضًا عن الآباء الرسل:"وكانوا كُلَّ حينٍ في الهيكلِ يُسَبحونَ ويُبارِكونَ اللهَ" (لو53:24) "وصَعِدَ بُطرُسُ ويوحَنا مَعًا إلَى الهيكلِ في ساعَةِ الصَّلاةِ التّاسِعَةِ" (أع1:3). وكل الجماعة المسيحية الأولى قيل عنها: "وكانوا كُلَّ يومٍ يواظِبونَ في الهيكلِ بنَفسٍ واحِدَةٍ" (أع46:2) "مُسَبحينَ اللهَ" (أع47:2). "وكانوا لا يَزالونَ كُلَّ يومٍ في الهيكلِ وفي البُيوتِ مُعَلمينَ ومُبَشرينَ بيَسوعَ المَسيحِ" (أع42:5). بكل تأكيد لم يكونوا يشتركون في ذبائح اليهود، إذ قد أدركوا أن ذبيحة المسيح على الصليب، كانت قد أبطلت كل هذه الذبائح الدموية، وإنما اكتفوا بأن يشتركوا في ذبيحة التسبيح بالمزامير والألحان. أما الذبائح الدموية اليهودية فقد استُبدلت بالطقس المسيحي الذي هو ذبيحة الإفخارستيا (كسر الخبز) "وإذ هُم يَكسِرونَ الخُبزَ في البُيوتِ" (أع46:2)وكان هذا الطقس يُتمم في البيوت، حيث لم يكن مُستطاعًا لهم أن يقوموا به في هيكل اليهود كل هذه الذخيرة الروحية الثمينة والعميقة انتقلت بكل مشاعرها الروحية وآثارها النُسكية العميقة إلى كنيستنا القبطية المجيدة، وقد سجل التاريخ أن الشعب القبطي كان يقضي الليل كله في الصلاة والتسبيح حتى الفجر، خاصة في ليالي الآحاد، حيث تبدأ خدمة الإفخارستيا عند الفجر وتنتهي غالبًا مع شروق الشمس وذلك بعد الانتهاء من سهر التسبيح وهناك معنى روحي جميل لاجتماع المؤمنين في الكنيسة والظلام باق، ثم خروجهم منها وقد استنارت المسكونة بضياء الشمس. فهذا يُعبِّر عن إلتجائنا إلى الله في وقت ظلام النفس (إما بسبب الخطية، أو بسبب الضيقات)، ولا نخرج من لُدن الله إلا وقد استنارت نفوسنا بالغفران وحضور الله فينا ومازال هذا الطقس يُجرى يوميًا في الأديرة المقدسة حيث يخرج الرهبان الأتقياء من قلاليهم بعد منتصف الليل والظلام حالك، ثم يخرجون من الكنيسة بعد انتهاء القداس وقد أشرقت الشمس وقد أشار سقراط المؤرخ إلى خدمة التسبيح الليلية في الإسكندرية وبلاد الصعيد، وكذلك وصف يوحنا كاسيان الكثير من التفاصيل عن خدمة السهر والتسبيح لدى الأقباط، وورد في قصة هروب القديس أثناسيوس من أعدائه الأريوسيين، أنه كان مع شعبه في الكنيسة عندما هاجمهم الجند بينما كانوا يقومون بعمل التسبيح. هذا كله يشرح ولع المصريين بالتسبيح، والسهر للصلاة منذ فجر المسيحية وحتى اليوم وبالإضافة إلى سفر المزامير كمصدر رئيسي وأساسي للتسبيح في الكنيسة استخدم الآباء بعض التسابيح والصلوات الواردة في الكثير من أسفار الكتاب المقدس ومنها تبلورت التسبحة اليومية المستخدمة حاليًا بالكنيسة بترتيبها المعروف، ولكنه يظهر بأجلى وضوح في ترتيب سهرة السبت الكبير (أبوغالمسيس)، حيث تُتلى تسابيح الأنبياء المسجلة في الكتاب المقدس ونذكر منها: (1) نشيد الخروج (تسبحة موسى النبي وبني إسرائيل بعد الخروج من مصر وعبور البحر الأحمر) (خروج 15) وهي الآن (الهوس الأول). (2) تسبحة موسى النبي "اِنصِتي أيَّتُها السماواتُ فأتكلَّمَ، ولتَسمَعِ الأرضُ أقوالَ فمي" (تث1:32-43). (3) تسبحة الثلاثة الفتية في أتون النار: وهي الآن (الهوس الثالث)، وقد وردت في (سفر دانيال). (4) تسبحة إشعياء النبي "يارَبُّ، أنتَ إلهي أُعَظمُكَ أحمَدُ اسمَكَ لأنَّكَ صَنَعتَ عَجَبًا مَقاصِدُكَ منذُ القَديمِ أمانَةٌ وصِدقٌ" (إش25). (5) تسبحة أخرى لإشعياء النبي "في ذلكَ اليومِ يُغَنَّى بهذِهِ الأُغنيَّةِ في أرضِ يَهوذا:لنا مدينةٌ قَويَّةٌ. يَجعَلُ الخَلاصَ أسوارًا ومَترَسَةً" (إش26). (6) تسبحة السيدة العذراء"فقالَتْ مَريَمُ: تُعَظمُ نَفسي الرَّبَّ، وتبتَهِجُ روحي باللهِ مُخَلصي" (لو46:1-55). (7) تسبحة زكريا الكاهن"مُبارَكٌ الرَّبُّ إلهُ إسرائيلَ لأنَّهُ افتَقَدَ وصَنَعَ فِداءً لشَعبِهِ" (لو67:1-79). (8) تسبحة الملائكة " المَجدُ للهِ في الأعالي، وعلَى الأرضِ السَّلامُ، وبالناسِ المَسَرَّةُ" (لو13:2-14). (9) تسبحة سمعان الشيخ"الآنَ تُطلِقُ عَبدَكَ يا سيدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بسَلامٍ" (لو28:2-32). (10) التسابيح التي وردت في سفر الرؤيا، وهي كثيرة في آيات متعددة على مدى السفر كله. طرق التسبيح الكنسي تنوعت طرق التسبيح أثناء السهر حتى يكسروا الملل، ويمنعوا تشتت الفكر، وتعب الجسد، ويتجدد الحماس والانتباه ونشاط النفس في الصلاة. ومن هذه الطرق: (1) طريقة المردات: حيث يقوم أحد الشمامسة ويرتل التسبيح، بينما يكون الباقون جالسين ويردون عليه بالمرد مثل: (الليلويا)، أو (آمين الليلويا)، أو (آمين)، أو (لأن إلى الأبد رحمته)، أو (سبحوه ومجدوه زيدوه علوًا إلى الأبد) الخ. (2) طريقة المرابعة (Antiphon): وهي طريقة خورس مقابل خورس آخر. وقد وردت هذه الطريقة في زمان عزرا ونحميا (عز10:3-11)، (نح27:12-40)، كما أُشير إليها في سفر إشعياء. حيث رأى السارافيم يسبحون واحد مقابل واحد آخر (إش2:6-4)، وكذلك في سفر الرؤيا. وهذه الطريقة هي السائدة الآن في تسابيحنا القبطية. (3) طريقة التبادل: حيث يبادل فرد الآخر بالترتيل، والجميع يتابعون جلوسًا ويردون المردات كما يحدث في تسابيح كيهك الآن. كتب التسابيح في الكنيسة - أهم كتب التسابيح في الكنيسة (1) كتاب الإبصلمودية المقدسة: وهو الكتاب المستخدم في التسبحة اليومية على مدار السنة، وكلمة إبصلمودية كلمة يونانية من الفعل (إبصالو) أي (يرتل). (2) توجد كذلك إبصلمودية أخرى كيهكية تحتوي على تسابيح أخرى، تناسب الاحتفال بتجسد الله الكلمة، وميلاده من العذراء مريم. (3) يوجد كتاب للإبصاليات وهي ترانيم للأعياد وللقديسين للاستخدام في أعيادهم. عزيزي القارئ. أرجو أن أكون قد فتحت أمام عين ذهنك الطاهر مقدار كرامة التسبيح من وجهة نظر الكتاب المقدس،ليتحرك قلبك مع قلبي وقلب كل الكنيسة لنمجِّد الله بتسابيح الحب والحمد والفرح الدائم كل حين والرب معكم،،، نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
02 ديسمبر 2018

أجذبنى وراءك فنجرى

آية جميلة قالها سُليمان الحكيم في سفر النشيد يقول فيها ” اجذبني وراءك فنجري “( نش 1 : 4 ) أنا بعيد عن الله ومُشتاق أن أذهب إليه لكني غير قادر ليس فقط لا أستطيع بل هناك روابط تجذبني بعيد عنه فكيف أقترب منه ؟ لابد أن تجذبني أنت يارب اجذبني وراءك فنجري يقول الكتاب في إنجيل مارِيوحنا " 6 " ” لا يقدر أحد أن يُقبِل إليَّ إن لم يجتذبهُ الآب الذي أرسلني “ ( يو 6 : 44 ) أي لابد من جاذبية لنقترب من الله اجذبني يا إلهي بعيد عن شهواتي وذاتي والعالم اجذبني وراءك فنجري مثل المغناطيس نجتذب لله الذي يدخل دائرة الله ومحبته يجتذب كما المغناطيس يستقطِب مُحبيه محبة الله تجعل الإنسان يُسرع إليه تجعل الإنسان يُفطم عن نفسه وعن شهواته وعن الأرض والمال والشيطان وأمام محبة الله تتلاشى ذاتي وكل شهوات الأرض أمام محبتك يا الله خطاياي تقِل أكثر شيء يجذبنا لمحبة الله التوبة خارج محبة الله التوبة غير مضمونة لو عرفت مقدار حبه لك رغم كل خطاياك فستُجذب من لذاتك وشهواتك أجمل مشهد يجذبك هو مشهد يسوع المصلوب على الصليب عندما تريد أن تتوب انظر كثيراً ليسوع المصلوب سيجذبك من خطاياك قُل له اجذبني أنا ضعيف ومربوط بخطاياي فيجذبك يقول الآباء ” يستقطبهم الكمال ولا يستطيعوا هم أن يستقطبوه “ .. أي أنَّ كلامه يجذبهم وكلما اقتربوا إليه كلما وجدوا أنَّ أمامهم مسافة ويجذبهم و هكذا فَمَنْ يستطيع أن يصل إلى الكمال ؟ كل فضيلة تجذبنا نأخذ منها ولا نصل إلى كمالها كمال الاتضاع كمال المحبة كمال الله له قوة جذب عجيبة المغناطيس له مجال مغناطيس أي مجال أو منطقة محيطة به يظهر فيها تأثيره هكذا الله له مجال واسع جداً هو محبته المسيح صنع مكان للجذب مركزه هو صليبه ” صنعت خلاصاً في وسط الأرض كلها “ ( من قِطَع السادسة ) كل مَنْ نظر للصليب جُذِب إليه بمحبته الإلهية الذي ينجذب ويتجاوب مع مجال الحب المغناطيس يجذب مَنْ حوله ألم تروا أُناس تغيَّرت حياتهم أو حدثت لهم طفرة جذبتهم قوة محبته هذا المغناطيس يفطمهم عن أنفسهم وأحباءهم وشهواتهم لأنه مُشبِع لهم لا يمكن أن ترى إنسان عاش مع الله فعلياً وشَعَر أنه محتاج لشيء تجده غافل عمَّا لنفسه يُقال عن آبائنا القديسين أنَّ بعضهم كانوا ساهين عن أكل خبزهم وإن أكلوا يُبلِّلون خبزهم بدموعهم تيار حب إلهي قوي يسري في حياتهم غيرتها كما يقول داود النبي ” أنت جذبتني من البطن “( مز 22 : 9 ) جيد هو الإنسان الذي يتجاوب مع محبة الله داود النبي يقول له ” علمني يارب طريقك واهدني في سبيلٍ مُستقيمٍ “ ( مز 27 : 11) ” علمني أن أصنع مشيئتك “ ” روحك القدوس فليهدني إلى الاستقامة بحقك تُخرِج من الشدة نفسي “ ( مز 142 : 10 – 11 ، من مزامير باكر ) أُناجيه لأنه حبيبي في سفر هوشع يقول ” أنا درَّجت أفرايم ( ابن يوسف ) مُمسِكاً إياهم بأذرعهم فلم يعرفوا أني شفيتهم كنت أجذبهم بحبال البشر برُبُط المحبة وكنت لهم كَمَنْ يرفع النير عن أعناقِهِم ومددت إليه مُطعِماً إياه “ ( هو 11 : 3 – 4 ) ابن يوسف ( أفرايم ) صغير دليل المحبة الله يمسكه ويجذبه برُبُط المحبة الله يمسك يدنا ويجذبنا وكأنه يُدرجنا في أساسيات المحبة كيف نسير معه ؟ اجذبنا وراءك فنجري تجاوب مع الله عندما يجذبك برُبُط محبته يقول في سفر إشعياء ” في طريق أحكامك يارب انتظرناك إلى اسمك وإلى ذِكرك شهوة النفس بنفسي اشتهيتك في الليل أيضاً بروح في داخلي إليك أبتكر “ ( إش 26 : 8 – 9 ) يا إلهي نفسي تشتهيك في الليل وتُبكِّر إليك روحي في داخلي ما هذا ؟ قوة جذب قوة جذب الله لمُحبيه السامرية يجذبها الله من عُمق أعماق الشر والرذيلة والعِناد والكبرياء والعداوة جذبها كما جذب المرأة الخاطية اليوم عيد القديس موسى الأسود الله جذبه بنفس قوة الجذب العالية وكما جُذِب للشر من قبل جذبه الله الآن بنفس القوة بل أكثر للبِّر وتحوَّل من لص زاني شرير إلى قديس جبارقوة جذب الله جبارة جداً لذلك لا يقل أي شخص فينا أنَّ خطيتي أعظم من محبته لا مَنْ قال ذلك ؟ مَنْ قال أنَّ الله غير قادر على الجذب ؟ إن كان قد جذب من عُمق أعماق الخطية إلى أعلى درجات القداسة والدرجات الروحية ألا يستطيع أن يجذبنا ؟ ثق أنه قادر أصعب شيء يقوله لنا عدو الخير أننا خُطاة أردياء وسنظل بخطايانا مهما حاولنا التوبة سنظل أردياء ومحاولاتنا ستبوء بالفشل لا مُحال احباط ويأس لا قُل له يا الله أنت قادر أن تجذبني كما جذبت العشار وكما جذبت بطرس وكما جذبت شاول الطرسوسي وحوِّلته إلى بولس العظيم حوِّلته من ضد الكنيسة إلى لسان العِطر والكارز العظيم كما جذبت مريم المصرية والقديس أوغسطينوس فإن كنت قد جذبت كل هؤلاء ألا تستطيع أن تجذبني أنا ؟ نعم أنا واثق أنك قادر أن تجذب نفوس من العالم ومن أهلهم ومن شهواتهم ولذاتهم وتُحوِّلهم إلى قديسين” تائهين في البراري والمغايِر وشقوق الأرض وهؤلاء لم يكن العالم مُستحقً لهم “ يقول الشيخ الروحاني ( القديس يوحنا سابا ) ” أولئك يارب الذين أشرقت عليهم بشعاع من حُبَّك لم يحتملوا السكنى بين الناس ساعة ما أدركوا شهوة حُبَّه في قلوبهم ما صَبِروا أن يبقوا في أفراح العالم ساعة واحدة بل ألقوا عنهم كل حب جِسداني وسعوا خلف الغني بحُبِّهِ “ هو الغني والدائم والقوي والمُخلِّص أماننا فيه وسلامنا فيه حياتنا فيه فاجذبني وراءك فنجري جيد أن تكون هذه الآية موضِع صلواتنا قُل له أمور كثيرة تبعدني عنك واكشف له ما يبعدك عنه قُل له شهواتي تبعدني عنك نفسي اهتماماتي أُسرتي أصحابي روح العالم حب الزينة المال أمور كثيرة تبعدني عنك كيف أنحل من هذه الرِباطات القوية ؟ الأمر ليس بسهل لكنه يُجيبك إن أردت قوة أكبر تجذبك بعيد عن هذه الرباطات فقوتي الجاذبية قوة محبتي قادرة أن تجذبك وتُقرِّبك لي أنا قادر أن أفكك من هذه الرباطات وإن كان العدو قد ثقَّل أغلالك وأقنعك أنه لا فائدة من جهادك فلن يجذبك أحد سواي أنا القادر أن أجذبك بحبي محبة الله فيها الكفاية والشبع وكلما شبع الإنسان بالله كلما نسى نفسه في التقليد قصة تقول أنَّ الجنود بعد صلب ربنا يسوع ألقوا قُرعة على ثياب ربنا يسوع فوقعت القُرعة لأحدهم على حذاء يسوع وعندما استخدم هذا الحذاء وجده يسير به دون أن يتحكم في خطواته وذهب به إلى بُستان جُثسيماني ووجد نفسه يُصلي وعندئذٍ شعر أنَّ هناك قوة جذب جذبته وأدرك ما حدث على الصليب وقال أنَّ حذاء يسوع جذبني فكم يكون يسوع نفسه ؟ لذلك اجعل حذاءه حذاءك وكما يقول الكتاب ” حاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام “ ( أف 6 : 15) أي سِر على خطواته جيد أن تكون حياتك سائرة على درب سيره في أحد الأديرة صنعت الراهبة الأماكن التي عاش فيها ربنا يسوع على الأرض فصنعت مغارة بيت لحم ومكان له نهر هو نهر الأردن بَنَتْ بيت صغير له درجات سلم وقالت إنه العُلِّية زرعت بُستان وقالت هو بستان جُثسيماني جلجثة وكأنها تحيا معه حياة فعلية وقالت تعلَّم من كل مكان فضيلة تعلَّم من بيت لحم الوداعة والاتضاع ومن جبل الزيتون تعلَّم الخلوة والصلاة ومن جبل التجلي تعلَّم التأمُّل والبهاء وجُثسيماني تعلَّم السجود والانسكاب والدموع ومن الجلجثة تعلَّم الحب والبذل والعطاء العُلِّية تعلَّم منها كيف تجلس معه وتصلي تعلَّم من كل مكان لَمَسُه يسوع ما رأيك لو تشعر أنَّ حياتك مُستترة بالمسيح ؟ قُل له أنا مشدود بعيد عنك ولا أستطيع أن أعود لك فاجذبني أنت لأنكَ قادر أن تجذبني . فنجري :اجذبني فآتي إليك فهل آتي إليك سيراً أم أجري أم نجري ؟ اجذبني وراءك فنجري لأنه لا يمكن أن يأتي إنسان لله إلاَّ ويجذب معه أُناس كثيرون القديس أوغسطينوس لم يأتِ لله وحده هكذا السامرية وبولس الرسول وموسى الأسود وتخيل إنسان موجود وسطنا ومُنجذب لله بقوة ستجد أنه يجذبنا نحن أيضاً معه لماذا ؟ لأنه تذوق حلاوة الله وجمال عِشرته فلا يستطيع أن يتمتع به وحده بل يجذب مَنْ هم في نفس مرحلته العُمرية وآخرين أيضاً فهيا نجذب نحن مثله ونجري نحو الله كما يقول داود النبي ” في الجماعات أُبارِك الرب “ ( مز 26 : 12 ) الله يجذب مجموعات ومجموعات تجذب مدينة ثم أخرى وأخرى حتى صار العالم كله مسيحي هذا حدث في كنيسة الرسل لذلك قال إشعياء النبي ” الغِلمان يُعيون ويتعبون والفتيان يتعثَّرون تعثُّراً وأمَّا مُنتظرو الرب فيُجدِّدون قوةً يرفعون أجنحةً كالنسور يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يُعيُون “( إش 40 : 30 – 31 ) الذي يحيا مع الله كأنه يجري ولا يتعب قد تسأل نفسك هل أنا واقف أم أتراجع أم أسير للأمام أم أجري للأمام ؟ أخاف أن يُجيبني أحدكم لا هذا ولا ذاك بل أنا أجري للوراء لا الغلمان يعيون ويتعبون والفتيان يتعثَّرون أمَّا مُنتظرو الرب فيُجددون قوة يركضون ولا يتعبون لذلك قال بولس الرسول ” اركضوا لكي تنالوا “ ( 1كو 9 : 24 ) الحياة مع الله تحتاج جري ومُثابرة إلى أن نصل إلى ملء قامة المسيح فهل بدأت أنت أم لم تبدأ بعد أم توقفت أم تجري أم ؟ هناك مَنْ لم يبدأ بعد وهناك مَنْ بدأ ثم توقف وهناك بدأ وسار وهناك مَنْ بدأ وجرى يركضون ولا يعيون الذي يحيا مع الله يحيا بقوة ويكون هو نفسه قوة جذب القديس الأنبا باخوميوس كان عنده 20.000 راهب على مختلف المستويات الحار والنشيط والكسول وفماذا كان يفعل ؟ كان يأتي بالمتوحدين ويُدخِلهم إلى مجموعات مُتوانية فكان الرهبان بمجرد رؤيتهم للمتوحدين وهم مُلتهبين بحرارة الروح ودموعهم على وجوههم كانوا يتنشطون لأنهم رأوا مَنْ يركضون ويجرون فيقولون لماذا نقف نحن وهم يجرون ؟ لنجري مثلهم اجذبني وراءك فنجري عدو الخير يُقنعنا أنَّ الخطأ هو الصحيح وما هو صحيح هو الخطأ والذي يسير مع الله هو الخطأ فإن وجدنا إنسان روحاني بدلاً من أن نجري معه لأنَّ قوة الحب داخلنا غير كافية فنريد أن نجذبه هو معنا لا اجري وراءه حتى نكون كلنا تيار جاذِب قُل لشاب اجذب أصحابك لفوق وقُل لهم هيا نصلي يُجيب الشاب لا أستطيع لأنهم سيسخرون مني وبدل تيار محبة الله واجذبني وراءك فنجري تجد تيار عكسي وكأننا نقول لله نريد طريق آخر غير طريقك احذروا أن تجلسوا مع بعضكم جلسات سلبية تُقلِّل محبة الله فيكم لا ابتعدوا عن هذه الجلسات ولا تتكلموا في سيرة آخرين فتبرُد محبتكم ” مُشيع المذمة هو جاهل “( أم 10 : 18 ) لا ليتنا نرفع بعضنا البعض أنا مُتعب كيف تُريحني ولا تتعب معي ؟ بقوة جذب الله اجذبني وراءك فنجري ارفعني الله لديه خير كثير وأنتم مصدر بركة لِمَنْ حولكم أنتم من أكثر الناس الذين عاشوا مع المسيح والكنيسة تعبت فيكم ومنتظرة منكم أن تخرجوا للناس وتقولوا لهم تعالوا ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب ( مز 34 : 8 ) اجذبني وراءك فنجري لماذا أنا مُنجذب للعالم ؟ لماذا أسير وأتوقف ولا أجذب مَنْ حولي لله ؟ لماذا كلنا واقفون ؟ الذي به عمل الله يُلهِب كل المجموعة التي يجلس معها هذا هو الأمر الصحيح الأمر الصحيح أنَّ الناس تراكم فتمتلئ غيرة على خلاص نِفوسهم وثقوا أنَّ الله سيُساعدكم ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بِنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
01 ديسمبر 2018

أَوَّلِيّةُ الكِرَازَةِ بِالِإنْجِيلِ للخَلِيقَةِ كُلِّهَا

الروح الكرازية هي العمل الأول الذﻱ قامت به الكنيسة منذ يوم الخمسين. وسيظل هو طريق عملها الصحيح للخلاص ونوال الحياة الأبدية؛ (مبنيين على أساس الرسل والأنبياء؛ ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية) (أف ٢ : ٢٠) فالبناء على الرسل يعني إيمانهم وكرازتهم. ولا تقوم أية كرزاة صحيحة إنْ لم تكن مؤسسة على الأساس الوحيد؛ لأنه لا يستطيع أحد أن يضع أساسًا آخر غير الذﻱ وُضع؛ الذﻱ هو يسوع المسيح مخلصنا؛ الذﻱ تجسد وصُلب وقام ناقضًا أوجاع الموت، وصعد إلى يمين الآب؛ وسكب الروح القدس على تلاميذه الأطهار، وسيأتي أيضًا في مجده ليدين الأحياء والأموات؛ وليس لملكه انقضاء. هذه الروح الكرازية هي محور الإنجيل وهي قوة الله للخلاص لكل من يؤمن (رو ١ : ١٦)؛ وهي أيضًا قوة الله وحكمته (١ كو ١ : ٢٤)، ولا توجد كرازة رسولية لا تقوم إلا على خلاصه وغفرانه للخطايا لكل من يقبله ويتجاوب مع عطية نعمته.. من أجل هذا يلزم لكل كارز ومكروز له أن يقبل الرب يسوع قبولاً شخصيًا؛ لأن البشرية التي اُفتُديت ليست شيئًا؛ بل هي (الأشخاص البشريون) الذين دعاهم المخلص بأسمائهم ليكونوا خاصته؛ وأهل بيته. معروفين لديه ومميزين عنده (كل واحد منا بإسمه وكل واحدة بإسمها، معروفين بأشخاصنا وليس فقط بطبيعتنا البشرية العامة، نعرفه بإسمه وفي شخصه، نعتمد بإسم الثالوث القدوس ونتوب لنتجدد بالروح القدس الذﻱ يمنحه الله للذين يطيعونه (أع ٥ : ٣٢).. نتوب ونرجع لتُمحَى خطايانا؛ حتى تأتي أوقات الفرج من عند الرب (أع ٣ : ١٩) بالبركة والرد عن الشرور (أع ٣ : ٢٦). يسوع المسيح ربنا هو المكروز به وهو محور كل عمل كرازﻱ، والذين يكرزون به؛ إنما يدعون إلى الإيمان بالمسيح الذﻱ ليس بأحد غيره الخلاص، رب الكل وإله الكل ومخلص الجميع، ديانًا للأحياء والأموات، الذﻱ يعطي كل من يؤمن به أن ينال بإسمه غفران الخطايا... فتأسست الكنيسة على شهادة التلاميذ الرسل؛ وتمركزت رسالة الإنجيل حول الشهادة لتدبير الخلاص؛ فصارت شهادتهم برؤية العين هي أساس كتابة الانجيل وكرازة الكنيسة. لقد وَعَتْ الكنيسة الوليدة نفسها بأنها هي (البقية المختارة)، وكل ما قاله لهم السيد المسيح وعَوْهُ في قلوبهم ونفوسهم؛ بعد أن ارتفع عنهم إلى السماء وسيأتي هكذا كما رأوه منطلقًا إلى السماء، ملأهم بالرجاء الحار بإنتظار مجيئه القريب على الأبواب، فكان قوة حية في الكرازة لتلمذة جميع الأمم، وتعليمهم جميع ما أوصاهم به للخليقة كلها، ومعموديتهم على اسم المسيح القدوس. قامت الكرازة بلا سند من قوة زمنية... بلا ذهب ولا فضة... كرازة بالكلمة الحية المقولة أكثر من الكلمة المكتوبة، كرزوا في البيوت وفي الأسواق جهرًا، وفي بيوت الولاة والحكام... كرزوا بلا فتور، ليلًا ونهارًا، في وقت مناسب وغير مناسب، كرزوا مَقُودين بالروح القدس في دعوتهم ومسار كرازتهم ومعجزاتهم... كرزوا ببرهان الروح والقوة ونشروا إنجيل الخلاص وبشارة الملكوت.. فكانت كلمة الله تنمو؛ وعدد التلاميذ يتكاثر، أمّا الكنائس كانت تتشدد في الإيمان وتزداد في العدد كل يوم؛ وتنمو وتتقويَ. القمص أثناسيوس چورچ كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج - الاسكندرية
المزيد
30 نوفمبر 2018

" المسيح رجاء الأمم"

ما أجمل كلمة رجاء .. جاء المسيح وتجسد لكى يحقق النبوات تنبأ أشعياء النبى قبل مجئ المسيح بحوالى 800 سنة "على أسمه يكون رجاء الأمم" .. يا رجاء من ليس له رجاء معين من ليس له معين عزاء صغير القلوب كما نصلى فى اوشية المرضى يحارب عدو الخير الانسان لكى ما يفقده رجاءه .. أقرب كلمة لكلمة رجاء هى كلمة أمل الانسان بلا أمل صار بلا حياة. كانت البشرية فى العهد القديم بلا رجاء .. يقدم الذبيحة اليوم ويحتاج ان يقدمها بكرة فلا يوجد من يمسح الخطية , فكانت الخطية تستشرى فى الجسد الانسانى ومن هنا نشأت الصراعات والحروب والعنف وكاد يفقد الإنسان رجاءه متى يجئ المسيح. بعض المشاهد الكتابية :- 1- فى زمن أبونا إبراهيم , طلب منه الله ان يخرج من ارضه ويترك عشيرته للارض التى يريها له لو كان ابراهيم بلا رجاء لكان يطلب أولا ان يرى هذه الارض ويقارن بينها وبين الارض التى يعيش فيها للانسان عينان عين الايمان وعين الرجاء . الايمان لا يكون ايماناً الا بالرجاء والرجاء لا يكون رجاءاً الا بالايمان. 2- داود النبى فى سفر المزامير يقول "رجائى فيك" هذه العبارة تتكرر كثيرا. 3- العهد الجديد فى اخر سفر الرؤيا يتحدث عن الرجاء " أمين تعال ايها الرب يسوع" 4- فى عيد الصعود صارت تحية ماران أثا باليونانية بمعنى الرب أتى أو الرب قريب ماأجمل ان يكون للانسان هذه الرؤيا فى مجتمعه سواء البيت أو الخدمة أو الكنيسة أو الوطن أن يكون له رجاء رغم كل الظروف والاحباطات لذلك دعى أسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا معنا كلنا مع كل البشر. 5- بعين الرجاء قال بولس الرسول "لى اشتهاء ان انطلق واكون مع المسيح ذاك افضل جداً" ما فائدة الرجاء فى حياتنا؟ 1- يمد الانسان بالطاقة فتصير حياته بلا يأس يحاربنا عدو الخير بشئ من أثنين اليأس أو الشك. عندما يمتلك الانسان الرجاء يمتلك طاقة لحياته شئ مهم ان يكون للانسان فى حياته اليومية هذه النظرة المملؤة بالرجاء. 2- تضعف جذب العالم للانسان. العالم بكل شهواته واكاذيبه يجذب الانسان ولكن رجاء الانسان فى الحياة الجديدة يجعله غير مرتبط بالارض وهذا ما فعله الاباء القديسيين الناسكيين والشهداء الرجاء يرفع الانسان من مستوى الارض الى مستوى السماء. 3- الرجاء يجعلنا شهود حقيقيين للمسيح. (كان فشلنا فى الاول هو دافعنا للنجاح وعندما فشلنا فى المرة الثانية حاولنا فى المرة الثالثة ولكننا فشلنا) هذه مقولة احد الاطباء فى مذكراته اثناء محاولاته مع مجموعة لاختراع دواء للسل الرجاء يجعلك تشهد للمسيح يجعلك ترى يد المسيح تعمل فى الحياة , فى عمرك , فى ايامك الرجاء يعطى للانسان بعد جديد فى حياته ان وجدت ضيقات ومتاعب تذكر يا معين من ليس له معين وتذكر ان السيد المسيح جاء لكى يكون على اسمه رجاء الامم صار للبشرية بعد الرجاء بمجئ المسيح . قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
29 نوفمبر 2018

من الكتب المنحولة الخمسة أعمال الأولى للرسل

أعمال بولس: تعتبر هذه الأعمال واحدة من الأعمال الرئيسية في أبوكريفا العهد الجديد وترجع إلى نهاية القرن الثاني وقد أشار إليها ترتليان (198- 200 م.)، ووصفها بالمزيفة فقال: "إذا كان هؤلاء الذين يقرأون الكتب المزيفة التي تحمل اسم بولس يقدمون المثال بتكلا ليحصلوا على حق المرأة في التعليم والعماد، فليعرفوا أن القس الذي من آسيا الذي ألف هذه الوثيقة من نفسه وتصور أنه يقدر أن يضيف أي شيء من نفسه لتكريم بولس أعترف أنه فعل ذلك حبا في بولس قد حُرم وطرد من وظيفته" (57). وهو هنا يكلمنا عن أعمال تكلا كجزء من أعمال بولس. ويقول في تفسيره لدانيال: "إذا آمنا أنه عندما كان بولس في المدرج (الروماني) وُضع الأسد الذي كان على رأسه عند قدميه وكان يلعقها، فلماذا لا نصدق أيضًا ما حدث في حالة دانيال" (58). كما يشير إليها كل من هيبوليتس وأوريجانوس ويقول عنها يوسابيوس القيصري (59): "أما أعمال بولس فلم أجده بين الأسفار غير التنازع عليها" (60). كما يقول أيضًا: "وضمن الأسفار المرفوضة، يجب أن يعتبر أيضًا أعمال بولس" (61). كما أدانها المرسوم الجلاسياني (496م) تحت اسم "أعمال بولس وتكلا". وكان يستخدمها المانيون بكثافة. وتتكون من أربعة أجزاء رئيسية هي: (1) أعمال بولس وتكلا. (2) رسالة الكورنثوسيين إلى بولس. (3) رسالة بولس الثالثة إلى كورنثوس. (4) استشهاد بولس وموته على يدي نيرون. فكل جزء من هذه الأجزاء كان يعتبر في أحيان كثيرة كتابًا مستقلًا، وكثيرا ما كان يظهر كل واحد منها مستقلًا. وتحتوي على رواية منقولة لقصة "كوفاديس" في الإصحاح الخامس والثلاثين، مما يجعل من المحتمل أن الكتاب يرجع إلى القرن الثاني. وقد استخدمه المانيون كما استخدموا سائر الأعمال الأبوكريفية لتأييد هرطقاتهم. ولم يكن يُعرف عنها إلا القليل حتى سنة 1904م حين ظهرت ترجمة لنسخة قبطية - غير سليمة الحفظ - نشرها س. شميدت. وظهر أن أعمال بولس وتكلا ليست في الحقيقة إلا جزءًا من أعمال بولس. ومن الملحوظات المذكورة في المخطوطة الكلارومونتانية وغيرها، نستنتج أن هذه الأجزاء التي بين أيدينا لا تزيد عن ربع الأصل، وأطول هذه الأجزاء وأهمها هو ما وصل إلينا في كتاب منفصل باسم "أعمال بولس وتكلا" ولا نستطيع أن نحدد الزمن الذي فصلت فيه عن أعمال بولس، ولكنه لابد أنه حدث قبل المرسوم الجلاسياني (496م) الذي لا يذكر أعمال بولس، ولكنه يدين "أعمال بولس وتكلا". وتركز هذه الأعمال مثل بقية الأعمال الأبوكريفية على البتولية لجميع المؤمنين ورفض العلاقات الزوجية. وتتلخص قصة تكلا في: أن فتاة مخطوبة من أيقونية اسمها تكلا استمعت إلى كرازة القديس بولس عن البتولية وفتنت بها، فرفضت الارتباط بخطيبها. ولتأثير القديس بولس عليها، اُستدعى أمام الحاكم الذي ألقاه في السجن فزارته تكلا، فتعرض كلاهما للمحاكمة، فنُفي القديس بولس من المدينة وحكم على تكلا بالحرق، ولكنها نجت بمعجزة من وسط النار، وأخذت في البحث عن القديس بولس. وعندما وجدته رافقته إلى إنطاكية وهناك فتن بها شخص ذو نفوذ اسمه إسكندر، الذي عانقها علنًا في الشارع، فاستهجنت تكلا فعلته ونزعت التاج الذي كان على رأسه، فحكم عليها أن تصارع الوحوش في ميدان الألعاب. وتركت تكلا تحت حراسة الملكة تريفينا التي كانت تعيش وقتئذ في إنطاكية. وعندما دخلت تكلا إلى حديقة المصارعة، لقيت لبؤة حتفها دفاعًا عن تكلا ضد الوحوش، وفي وسط الخطر ألقت تكلا بنفسها في حوض به عجول البحر، وهي تهتـف: "باسم يسوع المسيح أعمد نفسي في آخر يوم". وعندما اقترح البعض أن تمزق تكلا بين الثيران الهائجة، أغمى على الملكة تريفينا فخشيت السلطات مما يمكن أن يحدث، وأطلقوا سراح تكلا وسلموها لتريفينا فذهبت تكلا مرة أخرى للبحث عن القديس بولس، وعندما وجدته أرسلها للكرازة بالإنجيل، فقامت بالكرازة في أيقونية أولًا ثم في سلوقية حيث ماتت. وقد وضعت إضافات متأخرة نهاية تكلا، تقول إحداها إنها ذهبت من سلوقية إلى روما في طريق تحت الأرض وظلت في روما حتى موتها (62). وبرغم أن الكتاب أبوكريفي ومزيف إلا أنه مبني على تقاليد قوية تؤكد تاريخية شخصية تكلا مثل وجود طائفة قوية باسمها في سلوقية، كما أن التقاليد عن صلتها بالقديس بولس - التي تجمعت حول المعبد الذي بنى في سلوقية تكريمًا لها - هي التي شكلت عناصر هذه الرواية، ولاشك أن فيها بعض الذكريات التاريخية. فتريفينا شخصية تاريخية تأكد وجودها من اكتشاف نقود باسمها، وكانت أم الملك بوليمون الثاني ملك بنطس وقريبة للإمبراطور كلوديوس. وليس هناك ما يدعو للشك في ما جاء في هذه الأعمال من أنها كانت تعيش في إنطاكية في وقت زيارة بولس الأولى لها. كما أن هذه الأعمال واضحة في دقتها الجغرافية، فتذكر الطريق الملكي الذي تقول إن بولس سار فيه من لسترة إلى أيقونية، وهي حقيقة تستلفت النظر، لأنه بينما كان الطريق مستخدمًا في أيام بولس للأغراض العسكرية، أهمل استخدامه كطريق منتظم في الربع الأخير من القرن الأول. ويوصف القديس بولس في هذه الأعمال: "بأنه رجل قصير القامة، أصلع الرأس، مقوس الساقين، نبيل الأخلاق، مقرون الحاجبين، ذو أنف بارز بعض الشيء، ممتليء نعمة، كان يبدو أحيانًا إنسانًا، وأحيانًا أخرى كان يبدو بوجه ملاك". وقد يكون لهذا الوصف سند يعتمد عليه (63). أعمال أندراوس: وتسمى أيضًا بإنجيل أندراوس، وترجع إلى ما قبل القرن الرابع، وقد خرجت من دوائر الهراطقة وقال عنها يوسابيوس القيصري، أنها مع غيرها من الأعمال الأبوكريفية، سخيفة وغير معقولة. وأشار إليها أيضًا ابيفانيوس (403م) عدة مرات وقال أنها مستخدمة عند مذاهب هرطوقية كثيرة ممن يتمسكون بالزهد الشديد حتى الامتناع عن العلاقات الزوجية. وقد جاء فيها قول القديس أندراوس لغريمه: "أن أمنت بالمسيح ابن الله الذي صلب سأشرح لك كيف أن الحمل الذي ذبح سيحيا بعد أن صلب" (64). وينسبها الكتّاب الأوائل خطًا إلى ليوسيوس الذي قيل أيضًا أنه مؤلف أعمال يوحنا. ولم يبق من هذه الأعمال إلا أجزاء صغيرة. كما يحتفظ لنا أيوديوس من أوزالا (توفي 424م - وكان معاصرًا لأوغسطينوس) بجزء صغير، كما يوجد جزء أكبر في مخطوطة من القرن العاشر أو الحادي عشر تحتوي على حياة القديسين عن شهر نوفمبر، يقول عنها بونيت إنها من أعمال أندراوس. كما ترد قصة استشهاد القديس أندراوس ترد على جملة صور، والصورة التي يبدو أنها أقربها إلى الأصل، توجد في خطاب مشايخ وشمامسة كنائس أخائية. وهناك جزء وارد في أيوديوس عبارة عن فقرتين قصيرتين تصفان العلاقات بين مكسيميليا وزوجها أجيتس، الذي قاومت مطالبه. أما أطول جزء من هذه الأعمال فيروي سجن القديس أندراوس لإغرائه مكسيميليا بالانفصال عن زوجها أجيتس، لتعيش حياة الطهارة. ثم تتكلم عن استشهاد القديس أندراوس وتقول أنه القديس أندراوس، أعلن أنه سيصلب في اليوم التالي، فزارته مرة أخرى في السجن، "وكان الرب يسير أمامها في صورة أندراوس". وألقى الرسول خطابًا على جماعة من الإخوة عن خداع إبليس الذي بدا للإنسان أولًا كصديق ولكنه ظهر الآن كعدو. وعندما وصل أندراوس إلى مكان الصلب، رحب بالصليب. وبعد أن ربط إلى الصليب، وعلق عليه، كان يبتسم ويقول أن "الرجل الذي ينتمي ليسوع، لأنه معروف ليسوع، فهو رجل محصن ضد الانتقام". وأنه ظل ثلاثة أيام وثلاث ليال يخاطب الشعب من فوق الصليب، ولما حاولوا إنقاذه بإنزاله عن الصليب رفض النجاة وصلى للمسيح لكي يحول دون إطلاق سراحه. بعد ذلك أسلم الروح، وقد دفنته مكسيميليا، وبعدها بقليل طرح أجيتس نفسه من ارتفاع عظيم ومات. أعمال توما: يقول التقليد أنها من أصل ماني وقد أشار القديس أبيفانيوس (ق4) لاستخدام الشيع الغنوسية لها، كما أشار أغسطينوس إلى استخدامها بين المانيين (65). وتوجد هذه الأعمال كاملة. ويظهر مدى انتشارها في الدوائر الكنسية، من العدد الكبير من المخطوطات التي تضمها. والأرجح أنها كتبت أصلًا بالسريانية، ثم ترجمت بعد ذلك لليونانية مع إجراء تعديلات فيها لتناسب وجهة النظر الكاثوليكية. ويذكر جدول المخطوطات لنيسيفورس أن أعمال توما تحتوي على 1600 سطر ( كل سطر حوالي 16 مقطعًا) أي حوالي أربعة أخماس إنجيل مرقس، وإذا كان ذلك صحيحًا، تكون الأعمال التي بين أيدينا قد تضخمت كثيرًا، ففي النسخة اليونانية تنقسم هذه الأعمال إلى ثلاثة عشر قسمًا وتنتهي باستشهاد توما. وتتلخص هذه الأعمال في الأتي: في اجتماع للرسل في أُورشليم كان من نصيب توما أن يخدم في الهند، ولم يكن راغبًا في الذهاب، ولكنه رضي بالذهاب عندما باعه الرب لرسول من الملك جوندافورس من الهند. وفي أثناء رحلته إلى الهند وصل توما إلى مدينة أندرابوليس حيث كان يحتفل بعرس ابنة الملك، فاشترك توما في تلك الاحتفالات ورنم ترنيمة عن العرس السماوي، وطلب الملك من توما أن يصلي من أجل ابنته، وبعد أن فعل ذلك، ظهر الرب في هيئة توما للعروسين وربحهما لحياة الامتناع عن العلاقات الزوجية، فغضب الملك لذلك وبحث عن توما ولكن توما كان قد رحل. وتحكي قصة طلب الملك جوندافورس أن يبني له قصرا فقام بتوزيع ما أعطاه له من أموال على الفقراء والمساكين لذا يضعه الملك في السجن ثم يموت أخو الملك ويقوم من الموت بمعجزة ويحكي عن القصر الذي بناه توما للملك في السماء فيؤمن الملك بالمسيح. ويمتليء الكتاب بالمعجزات الأسطورية مثل إقامة شاب من الموت كان قد قتله تنين بسبب امرأة رغب فيها كلاهما، بعد أن يمتص التنين السم ويموت!! ويحكي قصة مهر يتكلم، وإنقاذ توما لامرأة من قوة شيطان نجس. ووصف إقامة فريضة العشاء الرباني (بالخبز فقط) مع صلاة غنوسية. وأخيرا يتكلم عن موته وخزًا بالرماح، ثم يقول أنه أظهر نفسه بعد ذلك حيًا لأتباعه. كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
28 نوفمبر 2018

شيطان التخدير وشيطان التأجيل

حينما يكون الإنسان متيقظًا ومتنبهًا لنقاوة قلبه، صاحيًا عقلًا وروحًا، فإنه من الصعب أن يسقط... ولذلك قال أحد الحكماء: "إن الخطيئة تسبقها إما الشهوة أو الغفلة أو النسيان" فحالة الغفلة والنسيان هي تخدير من الشيطان للإنسان... فينساق إلى الخطيئة وكأنه ليس في وعيه!! ولذلك في حالة التوبة يقال عنه إنه رجع إلى نفسه. أي أنه لم يكن في وعيه، أو على الأقل لم يكن في كامل وعيه طوال فترة سقوطه. ** إن الشيطان يخدّر الإنسان، بحيث ينسى كل شيء، ماعدا محبته للخطية. فتكون كل حواسه وأفكاره ومشاعره مركزة في الخطية وحدها. أما ما عداها فلا يخطر له على بال، وكأنه قد نسيه تمامًا تمامًا... ينسى وصايا الله، وينسى مركزه الروحي والاجتماعي، وينسى عبادته واحتراسه، وينسى وعوده لله وتعهداته ونذوره، وينسى ما يمكن أن تسببه الخطيئة من نتائج وأضرار وعار، وينسى عقوبات الله وإنذاراته. ويكون كأنه مخدر تمامًا، لا يعي شيئًا سوى شهوته... ** ولا يصحو لنفسه إلا بعد السقوط، حينما يكون كل شيء قد انتهى! وقد يفيق الشخص بعد الخطية مباشرة. وربما بعدها بمدة طويلة.. وهناك من يفيق من تخديره فيتوب، والبعض قد ييأس إن كان قد أفاق بعد فوات الفرصة! ** وأنصحك يا أخي إن خدّرك الشيطان، أن تفيق بسرعة. واحذر أن تستمر مخدرًا بالخطيئة إلى أن تصبح عادة، أو يصير من الصعب عليك أن تتخلص منها، أو تكون قد وصلت إلى نتائج سيئة جدًا... والنصيحة الثانية أن تستفيد درسًا مما مرّ بك، فلا تتساهل مع الخطيئة، بل عليك أن تتوب توبة حقيقية وسريعة، وتغلق أمامك كل الأبواب التي أوصلتك إلى السقوط. ** على أن شيطان التخدير إذا وجد أن فريسته قد أفاق من تخديره، وعزم على التوبة، يسلّمه بدوره إلى شيطان التأجيل، الذي يقول له: ولماذا هذا الإسراع؟! وأمامك فرص كثيرة للتمتع بالحياة، ليس من الحكمة أن ترفضها فتندم عليها! والأمر في يدك، يمكنك أن تتوب في أي وقت، ولو قبل الموت. ولاشك أن الله الكلى الرحمة يقبل التوبة في أي وقت كانت مهما تقدم بك العمر..! إذن لا داعي إلى الإسراع. ربما التريث يعطينا فرصة لفحص الأمر أكثر، أو لاختيار أسهل السبل للتخلص مما نحن فيه... ** والشيطان يلجأ إلى حيلة التأجيل، ليس فقط في مواجهة نية التوبة عند الإنسان، إنما في كل عمل خير ينوى أن يعمله. والمقصود بالتأجيل هو إضاعة الحماس للعمل، أو إضاعة الفرصة، أو ترك الموضوع فترة فربما يُنسى أو يحدث ما يغطى عليه، أو تأتى مشغولية كبيرة تستحوذ على كل الاهتمامات والوقت، أو يحدث حادث يتسبب في التعطيل، أو يتعرض الإنسان لخطية تفتر بها حرارته الروحية فلا ينفذ ما قد أجّله... ** لذلك لا تؤجل التوبة. فكثيرون من الذين أجلوّها، لم يتوبوا على الإطلاق، وزال تأثرهم الروحي وضاعت الفرصة منهم... واعلم أن توالى تأجيل التوبة، قد يعنى رفض التوبة. وقد يعنى قساوة القلب، وإسكات الضمير المتحرك داخلك، وأيضًا الهروب من الله الذي يدعوك إليه. ** إن الفرصة حاليًا في يدك، والحماس في قلبك. فلا تؤجل التوبة، ولا تؤجل الصلاة، ولا تؤجل أي عمل خير يتاح لك أن تقوم به من نحو غيرك. فهوذا سليمان الحكيم يقول "لا تمنع الخير عن أهله، حين يكون في طاقة يدك أن تفعله" لا تقل لصاحبك "اذهب الآن وتعال غدًا لأعطيك، وموجود عندك"... واعلم أن "خير البر عاجله" كما يقول المثل... والإسراع في عمل البر فضيلة، والتباطؤ فيه قد يسبب الندم. ** كثير من الطلبة الذين أجّلوا مذاكرة دروسهم يومًا بعد يوم، تكاثرت عليهم، ووقعوا في اليأس، وبكوا في ساعة الامتحان... كذلك فإن المزارعين الذين أدركتهم الحسرة في موسم الحصاد، كانوا قد أجّلوا إلقاء البذار في وقت الغرس والزرع. وأيضًا الذين أجّلوا علاج مرض معين، قاسوا كثيرًا حينما استفحل المرض وانتشر. وبعض الذين أجّلوا المصالحة مع الأصدقاء أو الأزواج، كان من نتائج ذلك أن تعقدت الأمور وصار الصلح مستحيلًا.. ** قد يكون التأني في اتخاذ بعض القرارات حكمة، ولكنه في أحيان أخرى يكون خطأً وأحيانًا يكون خطرًا، ويكون مجرد حيلة في يد شيطان التأجيل ليفسد كل شيء... قال شاعر قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجلِ الزللُ. فأجابهم شاعر آخر بقوله: وكم أخذّ ببعض الناس بطؤهمو وكان خيرًا لهم لو أنهم عجلوا ** لذلك احترس من شيطان التأجيل، لئلًا يقودك شيئًا فشيئًا إلى الإهمال، ومنه إلى الضياع... فإن ناداك الضمير، أسرع إلى الاستجابة. وإن حثك على عمل الخير، فلا تتوان ساعة ولا لحظة. وإن زحفت إلى طبعك عادة خاطئة، فلا تتباطأ في التخلص منها. وإن شاهدت شعلة تحرق، فلا تؤجل إطفاءها، لئلا تتحول إلى حريق مدمر. وباستمرار احذر واحترس من شيطان التأجيل. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
27 نوفمبر 2018

الضمانات الأكيدة للطهارة

1) عمل النعمة ليس من شك إن مجهوداتنا البشرية مهما عظمت، لا تقدر إن ترفعنا فوق قامتنا ولو إلى ذراع واحد. هذه خبرة حياتنا اليومية، وليس من شك إن قوى البشر أعلى من إن نواجهها ببشريتنا الهزيلة. لذلك جاء تدبير النعمة ليحل المشكلة ويلغى التناقص المروع، الكائن بين إله قدوس وبشر خطاة، النعمة عمل إلهي باطني، به يصير الإنسان شريكا للطبيعة الإلهية، وهى قوة غير محدودة في أحشاء الإنسان فتنبط الغريزة، وتهدأ النفس، ويستنير الفكر، ويخشع الكيان، النعمة طبيب إلهي يشفى النفس من انحرافاتها وأوجاعها. لذلك فالشباب الذي يستودع نفسه لعمل النعمة، يحس بتغير صادق في نفسه وحواسه وأفكاره ومشاعره ونزعاته، وهذه معجزة لابد من اختبارها. النعمة.. طاقة جبارة ترفع النفس فوق معاكسات الجسد وإغراءات العالم ، وإيحاءات العدو أنها ببساطة الله ساكنا في إنسان. أما وسيلة الحصول على هذه النعمة فهي: الطاعة والقبول الصادق للرب يسوع رئيسا للحياة، والشركة المستمرة معه، للتعبير عن هذا الاختبار عمليا، بالصلاة والشبع بالانجيل والاتحاد المستمر بجسده ودمه الاقدسين. إذا كانت لدينا نية صادقة للحياة حسب المسيح، فلنترجم هذا عمليا بالشركة الحية والطاعة العملية لتعليمات الرب، وهنا يأتي دور الجهاد الذي به نحصل على النعمة اللازمة لخلاصنا. هيا يا أخي الشاب أقترب من السيد، وانسكب تحت قدميه، وسلمه حياتك المسكينة المائتة، لتخرج كل مرة من مخدع الصلاة وفى يديك زوفا جديدة تغسل بها خطاياك، وذخيرة جديدة تحارب بها في اليوم الشرير. 2) روح الرجاء إياك والاستسلام لخدعة العدو: "لا فائدة!" وليكن ردك باستمرار: (لا فائدة فيَّ ولكن كل الفائدة في السيد الرب "الذي يفتدى نفسي من الموت وحياتي من الحفرة" ). تشدد بالحب المذهل الذي في قلب المسيح من نحوك، وثق في الحنان الذي بلا حدود المنسكب من أحشائه تجاهك أنت الضعيف المستعبد: "ثِق قم، هوذا يناديك" فلا تتأخر ولا تستسلم لماضيك ولا لضعفك ولا لخداعات العدو إنه دوما في انتظارك، يفرح بعودة التائب مهما كان ماضيه. 3) الحياة المليئة من أخطر الأمور على طهارتك يا أخي الشاب "فراغ الحياة" لا اقصد فراغ الوقت فحسب، بل الحياة التافهة، التي بلا رسالة ولا مسئولية ولا تطلعات. خذ من يد الرب رسالتك كخادم للمسيح. ينبغي إن تستجيب لمحبته الخالدة، وتبحث عن أولاده البعيدين.. مسئوليتك كطالب، هي أن تشهد للرب بأمانتك وتطلعاتك المقدسة، حتى تمتلئ حياتك بالأهداف المباركة والآمال النقية، التي تهدف إلى خدمة الرب وأولاده. ضع أمامك أهدافًا مقدسة مثل: التدريب على الصلاة الدائمة، واستيعاب الإنجيل المقدس، واستيعاب روح الكنيسة في آبائها وتاريخها وعقائدها وصلواتها، واستيعاب روح العصر وفكره وثقافته، حتى تسخر هذا كله لخدمة المسيح والبحث عن النفوس البعيدة واجتذابها إلى الحظيرة.. وهكذا. كذلك اهتم بدراستك ومهنتك، فأدرس بحب وشغف ولا تدرس للامتحان فقط، بل أهدف إلى النمو في حب عملك لتؤديه بفاعلية وسعادة. إن انشغال قلبك بأهداف طاهرة يسكب الطهارة في أحشائك، أما تفاهة الحياة وفراغ القلب فلا منفعة فيهما!! 4) الصفاء النفسي لعلك تلاحظ أن الإنسان لا يلجأ إلى الخمر والمخدرات والتدخين إلا بسبب القلق، كنوع من البحث الخاطئ وراء السعادة المفقودة، كذلك أيضًا في موضوع الطهارة، نجد آن الشقاء النفسي الناتج عن الفشل الدراسي أو الاجتماعي، أو المتاعب المادية، يجعل النفس تلجأ إلى الغريزة كوسيلة متيسرة للتعويض، لذلك يلزمنا كشباب أن نقتني -بنعمة المسيح- النفسية الصافية التي تتعامل بإيجابية، مع مصادمات الحياة اليومية ومشاكلها، فتأخذ منها عيرا ودروسا للمستقبل، وتتجاوزها لتحول الفشل إلى نجاح، والمشكلة المادية إلى وسيلة لاختبار يد المسيح الأمينة من نحو أولاده، وفقد الوالدين أو الإخوة إلى نافذة مفتوحة على السماء، من خلالها نتعرف على الله، وعلى الأبدية، وعلى زيف هذا الدهر. وهكذا إذ تهدأ نفسيتنا بين يدي الله لا تبقى لدينا حاجة إلى التعويض باللذة الضارة. 5) الحياة الأمينة يجب إن تكون أمينًا في حياتك من كافة زواياها: الدراسية والاجتماعية والروحية.. الخ. ويجب إن تكون دوافعك في السير وراء المسيح نقية، تهدف إليه في ذاته لا إلى عطاياه.. وان تكون مدققا في مشاعرك وعواطفك، فترفض إن تدخل في علاقة تظنها مقدسة، ثم تنتظر لنفسك حياة الطهارة، لذلك دقق في حواسك وأفكارك واتجاهاتك، حتى لا تتحول إلى منافذ للعدو، منها يتسلل إلى قلبك. وثق إن الرب الذي يرى جهادك من السماء سوف لن يتخلى عنك، بل سيسندك بقوته الفائقة. انشغل به أساسًا فتنحل الخطية من أعضائك بسهولة، إن صراعنا ليس ضد الخطية لنصرعها، بقدر ما هو مع المسيح لنقتنيه، وإذا اقتنينا المسيح أخذنا كل شيء. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
26 نوفمبر 2018

جسد المسيح

عندما نتكلَّم عن القربانة كنموذج لشرح تكوين الكنيسة وطبيعتها وارتباطها بالمسيح في وحدة الحب، وذلك قبل أن تتحول القربانة نفسها بفِعل الصلاة والتقديس وحلول الروح القدس إلى جسد حقيقي للرب يسوع.. لا يجب أن يختلط المعنى في ذهننا بين جسد المسيح الخاص المولود من العذراء مريم بلا خطية والذي نأكله على المذبح، وبين جسد المسيح الذي هو الكنيسة، المكونة منَّا كأعضاء في هذا الجسد.. "وأمّا أنتُمْ فجَسَدُ المَسيحِ، وأعضاؤُهُ أفرادًا" (1كو12: 27). التمايز بين جسد المسيح الخاص والكنيسة جسد المسيح + فالكنيسة ليست مولودة من العذراء مريم، بل المسيح وحده الذي هو رأس الكنيسة .. "وإيّاهُ جَعَلَ رأسًا فوقَ كُل شَيءٍ للكَنيسَةِ" (أف1: 22). + والكنيسة لم تُصلب مع المسيح، بل هو مات وحده عنَّا.. "قد دُستُ المِعصَرَةَ وحدي، ومِنَ الشُّعوبِ لم يَكُنْ معي أحَدٌ" (إش63: 3). ولذلك قال السيد المسيح للكنيسة (جماعة الرسل): "هوذا تأتي ساعَةٌ، وقد أتتِ الآنَ، تتفَرَّقونَ فيها كُلُّ واحِدٍ إلَى خاصَّتِهِ، وتترُكونَني وحدي. وأنا لستُ وحدي لأنَّ الآبَ مَعي" (يو16: 32). + والسيد المسيح هو فادينا، لأنه صُلب وحده عنَّا، فلو صُلبت الكنيسة معه أي صُلبنا نحن معه على الجلجثة فكيف يكون فاديًا لنا؟ إنه فادي لأنه مات بدلاً ونائبًا عنَّا، ولم نمت نحن معه في الجلجثة في الصليب لأننا لم نكن موجودين آنئذٍ. لقد نلنا نصيبنا في صليبه عندما اعتمدنا باسمه القدوس .. + "فدُفِنّا معهُ بالمَعموديَّةِ للموتِ، حتَّى كما أُقيمَ المَسيحُ مِنَ الأمواتِ، بمَجدِ الآبِ، هكذا نَسلُكُ نَحنُ أيضًا في جِدَّةِ الحياةِ؟ لأنَّهُ إنْ كُنّا قد صِرنا مُتَّحِدينَ معهُ بشِبهِ موتِهِ، نَصيرُ أيضًا بقيامَتِهِ" (رو6: 4-5). + "مَدفونينَ معهُ في المَعموديَّةِ، التي فيها أُقِمتُمْ أيضًا معهُ بإيمانِ عَمَلِ اللهِ، الذي أقامَهُ مِنَ الأمواتِ. وإذ كنتُم أمواتًا في الخطايا وغَلَفِ جَسَدِكُمْ، أحياكُمْ معهُ، مُسامِحًا لكُمْ بجميعِ الخطايا" (كو2: 12-13). لذلك يحق لنا بعد المعمودية فقط أن نقول: + "مع المَسيحِ صُلِبتُ، فأحيا لا أنا، بل المَسيحُ يَحيا فيَّ. فما أحياهُ الآنَ في الجَسَدِ، فإنَّما أحياهُ في الإيمانِ، إيمانِ ابنِ اللهِ، الذي أحَبَّني وأسلَمَ نَفسَهُ لأجلي" (غل2: 20). + "عالِمينَ هذا: أنَّ إنسانَنا العتيقَ قد صُلِبَ معهُ ليُبطَلَ جَسَدُ الخَطيَّةِ، كيْ لا نَعودَ نُستَعبَدُ أيضًا للخَطيَّةِ" (رو6: 6). + أما من جهة الصليب نفسه، فقد صُلب السيد المسيح وحده لأنه "أحَبَّني وأسلَمَ نَفسَهُ لأجلي" (غل2: 20). + فلو كانت الكنيسة هي جسد المسيح المصلوب لما احتاج أعضاؤها أن يعتمدوا، ولكننا يحدث لنا العكس .. إننا نحتاج المعمودية لكي نُصلب فيها ونُدفن مع المسيح ونقوم .. "وأقامَنا معهُ، وأجلَسَنا معهُ في السماويّاتِ في المَسيحِ يَسوعَ" (أف2: 6). + والكنيسة أيضًا تشترك في آلام الصليب باحتمال كل أنواع الآلام من أجل المسيح .. "ومَنْ لا يأخُذُ صَليبَهُ ويتبَعُني فلا يَستَحِقُّني" (مت10: 38). إنه صليب آلام الاضطهاد وآلام الخدمة وأتعابها وآلام النُسك ومشقاته، والآلام الطبيعية. "عالِمينَ أنَّ نَفسَ هذِهِ الآلامِ تُجرَى علَى إخوَتِكُمُ الذينَ في العالَمِ" (1بط5: 9) .. ولكننا نحتملها بشكر فتصير شركة في صليب المسيح.. "صادِقَةٌ هي الكلِمَةُ: أنَّهُ إنْ كُنّا قد مُتنا معهُ فسَنَحيا أيضًا معهُ. إنْ كُنّا نَصبِرُ فسَنَملِكُ أيضًا معهُ. إنْ كُنّا نُنكِرُهُ فهو أيضًا سيُنكِرُنا" (2تي2: 11-12). "إنْ كُنّا نَتألَّمُ معهُ لكَيْ نتمَجَّدَ أيضًا معهُ" (رو8: 17) .. أما صليب الجلجثة فلم يكن هناك غير يسوع المسيح وحده بجسده الخاص المبذول عن حياة العالم. + جسد المسيح المصلوب عنَّا هو جسد بلا عيب ولا لوم ولا خطية .. + "الذي بروحٍ أزَلي قَدَّمَ نَفسَهُ للهِ بلا عَيبٍ" (عب9: 14). + "بدَمٍ كريمٍ، كما مِنْ حَمَلٍ بلا عَيبٍ ولا دَنَسٍ، دَمِ المَسيحِ" (1بط1: 19). + أما نحن أعضاء الكنيسة .. "إنْ قُلنا: إنَّهُ ليس لنا خَطيَّةٌ نُضِلُّ أنفُسَنا وليس الحَقُّ فينا .... إنْ قُلنا: إنَّنا لم نُخطِئْ نَجعَلهُ كاذِبًا، وكلِمَتُهُ ليستْ فينا" (1يو1: 8، 10). + أما السيد المسيح فقد "حَمَلَ خَطيَّةَ كثيرينَ وشَفَعَ في المُذنِبينَ" (إش53: 12). ولذلك قيل عنه: "لأنَّهُ جَعَلَ الذي لم يَعرِفْ خَطيَّةً، خَطيَّةً لأجلِنا، لنَصيرَ نَحنُ برَّ اللهِ فيهِ" (2كو5: 21). هو حَمَل خطايا الكنيسة على جسده الخاص، لنصير نحن بر الله فيه. + جسد السيد المسيح المولود من العذراء والخاص به، اتحد اتحادًا كاملاً أقنوميًا باللاهوت، كمثل اتحاد النفس بالجسد في الإنسان .. أما المسيح فقد اتحد بكنيسته كاتحاد الرجل بامرأته، فصارت الكنيسة جسده كما أن المرأة هي جسد الرجل والرجل رأسها، ولكن يظل الرجل رجلاً والامرأة امرأة .. كذلك يظل المسيح هو الله والكنيسة هي البشر المتحد بالله اتحاد الحب والإرادة والقداسة. "لأنَّ الرَّجُلَ هو رأسُ المَرأةِ كما أنَّ المَسيحَ أيضًا رأسُ الكَنيسَةِ، وهو مُخَلِّصُ الجَسَدِ" (أف5: 23). + في سر الزيجة "يكونُ الاِثنانِ جَسَدًا واحِدًا" (مت19: 5)، ومع ذلك مازال للرجل جسده الخاص وكذلك للمرأة .. والرجل يصير رأسًا للمرأة والمرأة جسد للرجل. على هذا المثال تكون الكنيسة جسدًا للمسيح والمسيح بجسده الخاص رأسًا للكنيسة. + جسد المسيح المتحد بلاهوته هو جسد مُحي نسجد له ونُمجده، ويعمل المعجزات، ويعطينا حياة أبدية حينما نأكله .. "مَنْ يأكُلُ جَسَدي ويَشرَبُ دَمي فلهُ حياةٌ أبديَّةٌ، وأنا أُقيمُهُ في اليومِ الأخير ِ ... مَنْ يأكُلني فهو يَحيا بي" (يو6: 54، 57) .. أما الكنيسة جسد المسيح .. فليست فيها الألوهة، ولا تعطي حياة، ولا يمكن أن نأكلها. + إننا نسجد فقط لرأس الكنيسة "وهو رأسُ الجَسَدِ: الكَنيسَةِ. الذي هو البَداءَةُ، بكرٌ مِنَ الأمواتِ، لكَيْ يكونَ هو مُتَقَدمًا في كُل شَيءٍ" (كو1: 18). ولكننا لا نسجد للكنيسة ولا نعبدها، لأنها هي نحن (أعضاء الجسد)، فكيف نسجد لأنفسنا أو نعبد أنفسنا؟ + إننا فعلاً "أعضاءُ جِسمِهِ، مِنْ لَحمِهِ ومِنْ عِظامِهِ" (أف5: 30).. ولكننا لسنا لاهوته وأقنومه، مثل المرأة التي هي جسد الرجل "عَظمٌ مِنْ عِظامي ولَحمٌ مِنْ لَحمي" (تك2: 23)، ولكنها ليست ذات الرجل أو شخصه. "هكذا نَحنُ الكَثيرينَ: جَسَدٌ واحِدٌ في المَسيحِ، وأعضاءٌ بَعضًا لبَعضٍ، كُلُّ واحِدٍ للآخَرِ" (رو12: 5). وبهذا المعنى تكون أجسادنا أعضاء المسيح .. + "ألستُمْ تعلَمونَ أنَّ أجسادَكُمْ هي أعضاءُ المَسيحِ؟ أفآخُذُ أعضاءَ المَسيحِ وأجعَلُها أعضاءَ زانيَةٍ؟ حاشا!" (1كو6: 15). + "لأنَّهُ كما أنَّ الجَسَدَ هو واحِدٌ ولهُ أعضاءٌ كثيرَةٌ، وكُلُّ أعضاءِ الجَسَدِ الواحِدِ إذا كانَتْ كثيرَةً هي جَسَدٌ واحِدٌ، كذلكَ المَسيحُ أيضًا" (1كو12: 12). + والمسيح هو الرأس "صادِقينَ في المَحَبَّةِ، نَنمو في كُل شَيءٍ إلَى ذاكَ الذي هو الرّأسُ: المَسيحُ" (أف4: 15). خلاصة القول .. إن الجسد المُقدَّس على المذبح هو جسد السيد المسيح المولود من العذراء مريم، وهو جسد بلا خطية وبلا عيب، يضمنا إليه، ونتحد به عندما نعتمد باسمه وعندما نأكله .. + "نَحنُ الكَثيرينَ خُبزٌ واحِدٌ، جَسَدٌ واحِدٌ، لأنَّنا جميعَنا نَشتَرِكُ في الخُبزِ الواحِدِ" (1كو10: 17). + "اجعلنا كلنا مستحقين يا سيدنا أن نتناول من قُدساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا، لكي نكون جسدًا واحدًا وروحًا واحدًا، ونجد نصيبًا وميراثًا مع جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء" (القداس الباسيلي). وهذا الانضمام إلى جسد المسيح يكون الآن كعربون وفي الأبدية بالحقيقة .. وهذا كله بالنعمة الإلهية الممنوحة للبشروهذا الانضمام إلى جسد المسيح لا يُكسبنا صفات المسيح الإلهية، كمثل جهاز كهربائي لا يعمل إلاَّ باتحاده بالكهرباء، ولكنه عند اتحاده بها لا يصير هو نفسه (كهرباء)، ولكنه يظل (كهربائي)، ويعمل بقوة الكهرباء فيه كذلك نحن لا نحيا إلاَّ بالمسيح، ولكننا لا نصير (مسيحًا)،بل (مسيحيين) ونحيا بقوة حياة المسيح فينا. نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل