العظات
درس من شخصية موسى النبى والحلم
درس من شخصية موسى و الحلم
غير مدمن الخمر ولا ضراب ولا طامع بالربح القبيح بل حليماً غير مخاصم ولا محب للمال 1تى 3:3
وأما الرجل موسى فكان حليماً جداً أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض عد 3:12
موسى فى البداية خر2 خرج إلى إخوتة لينظر فى أثقالهم فقتل المصرى وطمرة فى الرمل
هرب جلس فى أرض مديان .... أعاد الله تشكيله فعاد وعمله وعاء لآخر أر
الحلم يحوى الصبر والتأنى وطول الأناة والإحتمال وتحوى إيمان تام بأن مواعيد الله صادقه وستتحقق يوماً ما وهذا يحتاج إلى جهاد ومثابرة وتودد إلى الروح القدس لأنه مثل بقية الفضائل عكس الطبع البشرى ومايشوبة من إندفاع والتسرع
وإعرف أن الذى تقتنيه بسهوله يضيع أيضاً بسهوله ولكن ما تقتنيه بالمشقه والتعب لا ينزع منك بسهوله لأن ما نرجوه نتوقعه بالصبر
فى المستقبل يتأصل يعقوب ويفرع إسرائيل ويملأون وجه المسكونه ثماراً أش 6:27
لا تحكم على شخص بتصرف أو مرحلة أومجموعه بفرد
ناداة الله من وسط العليقة وقال يا موسى موسى فقال هأنذا
قال موسى من أنا حتى أذهب إلى فرعون لست أنا صاحب كلام منذ أمس ولا أول أمس ولا من حين كلمت عبدك بل أنا ثقيل الفم واللسان أرسل بيد من ترسل
الضربات العشر والمفاوضات الرب هو البار وأنا وشعبى الاشرار خر 9
وقال الرب لموسى لايسمع لكما فر عون لكى تكثر عجائبى فى أرض مصر
وكان لما أطلق فرعون الشعب أن الله لم يهدهم فى طريق أرض الفلسطينيين مع أنها قريبة لأن الله قال لئلا يندم الشعب إذا رأوا حرباً ويرجعوا إلى مصر خر 17:13
وحين إقتربت مركبات فرعون قالوا لموسى هل لأنه ليست قبور فى مصر أخذتنا لنموت فى البرية
من يطعمنا لحماً قد تذكرنا السمك الذى كنا نأكله فى مصر مجاناً والقثاء والبطيخ والكرات والبصل والثوم ثمرات أرضية ولكن ثمر أرض الميعاد عنب والرمان والتين فى الهواء سماوى
العلى حبلت بجميع هذا الشعب أولعلى ولدته حتى تقول لى أحمله فى حضنك كما يحمل المربى الرضيع قالوا عن المن هذا الطعام السخيف
لأنه خيرلنا أن نخدم المصريين من أن نموت فى البرية فقال موسى لا تخافوا قفوا وأنظروا خلاص الرب الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون خر 14:14
ثم تذمر الشعب على موسى قائلين ماذا نشرب
ليتنا متنا بيد الرب فى أرض مصر إذ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل خبزاً للشبع فإنكما أخرجتمانا إلى هذا القفر لكلى تميتا كل هذا الجمهور بالجوع خر 16
وبينما موسى على الجبل وجلس الشعب للأكل والشرب ثم قاموا للعب إذ هو شعب غليظ الرقبة إتركنى ليحمى غضبى عليهم وأفنيهم فأصيرك شعباً عظيماً
فتضرع موسى أمام الله إرجع عن حمو غضبك أذكر إبراهيم وإسحق وإسرائيل عبيدك الذين حلفت لهم بنفسك فندم الرب على الشر الذى قال غنه يفعاه بشعبه خر 14:32
يكلم الرب وجهاً لوجه كما يكلم الرجل صاحبه
وحين تكلمت عليه مريم وهرون دافع عنه الرب أما عبدى موسى فليس هكذا بل هو أمين فى كل بيتى فماً إلى فم وعياناً أتكلم معه لا بالألغاز وشبه الرب يعاين وأصيبت بالبرص فصرخ موسى إلى الرب قائلاً اللهم إشفها عد 13:12
وحين رجع الجواسيس بثمر أرض الميعاد وأثاروا الشعب إنها أرض تأكل سكانها قال الرب لموسى حتى متى يهيننى هذا الشعب وحتى متى لا يصدقوننى بجميع الآيات التى عملت فى وسطهم إنى أضربهم بالوبأ وأبيدهم ....إصفح عن ذنب هذا الشعب كعظمة نعمتك وكما غفرت لهذا الشعب من مصر إلى هنا فقال الرب قد صفحت حسب قولك
التطبيق
لا تتوقع تغيرات فيك أو فيمن حولك سريعة ربما تريد ولا تستطيع وقد يغلب الطبع وهناك من العادات ما تأخذ قوة الطبع فلا تتوقع تغيرها السريع إصبر فى كل شئ قصة الفئران المدربه على الإصطفاف والرقص مرتديه زى أنيق وتقوم بتشكيلات دقيقه أراد احدهم اث يثبت قوة تاثير الترويض فى تغيير الطباع فأمسك احهم بقط واطلقه عليم وكانت المفاجأة ولكننا نثق ان الله يقدر والنعمة مغيرة من قاتل سارق زانى إلى رئيس جماعة رهبان لك ان تتخيل الحلم الذى تعامل به القديس إيسيزيروس مع القديس موسى اسود ليعلمه النسك جعله يأكل بمقدار وزن جزع شجرة ومع الوقت كان يتضائل
رأينا ربنا يسوع وهو يصبر ويتانى على التلاميذ إندفاع بطرس ومشاجرتهم ونكرانهم ونومهم وتخليهم وخوفهم وفى النهاية تراءى لهم والبطرس
لا يحاكم إلى الأبد ولا يحقد إلى الهر لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب اثامنا لأنه يعرف جبلتنا يذكر أننا تراب نحن مز103
القديس بولس ينصح تلميذة تيموثاوس عظ بكل أناة وتعليم 2تى 2:4
شجعوا صغار النفوس إسندوا الضعفاء تأنوا على الجميع 1تس 14:5
بصبركم تقتنون انفسكم لو 19:21
القديس مارإفرام كان يناجى الله المجد لك يامن تحتملنى ..أذكر يارب طلبة من عاهدك أن يرضيك يوماً وكذب
والذى يفتقد إلى الحلم يقع فى القلق والضجر والإنزعاج
أنا اصبر على كل شىء 2تى 10:2
فتأنوا أيها الإخوة إلى مجىء الرب
جيد أن ينتظر الإنسان ويتوقع بسكوت خلاص الرب
لا تلح على الله سائلاً إيضاحات من تحننه بل إبق متواضعا ًفى سكينتك منتظراً إرادة الله أن تكمل فيك
تذكر أن القديسين كلهم أرضوا الله بمكابدة الآلام وهذا ما يجعل النفس مختبرة وصلبه وأعلم أن جميع المواهب بطول الروح وثبات القلب تعطى
أما أنتم اللذين صبرتم معى فى تجاربى والله لا يخزى منتظريه أبداً وأيضاً محبه الله وتحننه لا يدعان المنتظر يصبر لوعد لن يتحقق
اللذين حفظوا إيمان وصبر يسوع
ويثمرون بالصبر لو 15:8 واما اللذين بصبر فى العمل الصالح .لأنكم تحتاجون إلى الصبر حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون المواعيد عب 32:10
وبها تكتسب النفس حكمة وصبراً وطول أناة
الحياة المسيحية هى أن نجمع زيتاً القديس أوغسطينوس كان يجدف ويلعن ويسب وفى النهاية قال لقد تأخرت كثيراً فى حبك حين وجدتك وجدتك عميقاً أعمق من أعماقى وعالياً أعلى من علو أنت كنت معى ولكن أنا بشقاوتى لم أكن معك
أبونا إبراهيم صبر حوالى 20 سنه حتى تحقق الوعد بإسحق
علمنى أن أصبر وأن أترجى وجهك فوجهك يارب أنا التمس
الترك في حياة ابونا ابراهيم
بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
فلتحل علينا نعمته وبركته من الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين
درس من شخصية من الكتاب المقدس .. شخصية عُرِف عنها عدم الإرتباط بالأمور الأرضية .. عُرِف عنها عدم الصراع على أمور الدنيا .. عُرِف عنها الترك والزهد .. من هو ؟ هو أبونا إبراهيم .. نتكلم عن الترك في حياة أبونا إبراهيم .
1. اترك أرضك :
من سفر التكوين ” وقال الرب لأبرام اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أُريك .. فأجعلك أُمَّةً عظيمةً وأُباركك وأُعظِّم اسمك وتكون بركةً وأُبارك مُباركيك ولاعِنك ألعنهُ .. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض .. فذهب أبرام كما قال له الرب “ ( تك 12 : 1 – 4 ) .
كان عُمر إبراهيم وقتها 75 عام بالطبع في هذا العمر ليس من السهل على إنسان أن يترك أرضه وعشيرته وأهله ويذهب إلى مجهول .. لو كان الله قال له اذهب إلى أرض مُعيَّنة وعرَّفه المكان الذي سيذهب له كان إبراهيم عندئذٍ يستطيع أن يُقارن ويُقيِّم أيهما أفضل موطنه الأصلي أم الأرض التي يريدها الله له .. ومعروف في الكتاب المقدس أن الأرض تُشير للجسد .. والعشيرة تُشير للعواطف .
الله يقول لك اترك أرضك .. أهواء جسدك وشهواته اتركها لأن الأرض تراب والجسد من تراب .. واترك عشيرتك أي عواطفك .. لذلك الله يقول لك أريد أن أكون أنا عشيرتك .. أنا مالئ عواطفك وكيانك .. لذلك عندما خرج إبراهيم من أرضه طاعة لله وأخذ أبوه معه تعطَّل حتى مات أبوه .
إبراهيم لما دُعِيَ أطاع ( عب 11 : 8 ) .. لماذا ؟ لأنه عرف أنه في الطاعة عِوَض وبركة وبديل .. لذلك أبونا إبراهيم ظهر في خمسة أمور بها تَرْك وكل تَرْك مقابله بركة .. اترك أرضك وعشيرتك ومقابل ذلك سأجعلك أُمَّة عظيمة .. في الوقت الذي يقول له فيه اترك شئ يعطيه مقابله بركة .
إنسان ترك عبودية شهوات الجسد وينال مقابل ذلك نعمة وبركة وتقديس عقل وقلب .. كلما فُطِمت من عواطف بشرية كلما امتلأت مشاعر إلهية .. كثيراً ما يكون فينا أمور مُعطلة بركات وعطايا كثيرة .. اترك أرضك وعشيرتك وبيت أبيك لتتمتع ببيت أبيك السماوي وتتذوق حلاوة الإنتصار في الحياة الروحية وتتذوق النعمة لأكون أنا لك وحدي .. لكي تنال بركات لابد أن تتخلى وتترك .. الوعد بالبركة يعطي عزاء مُقابل الترك .
2. لم يختار لنفسه :
” ولم تحتملهما الأرض أن يسكُنا معاً إذ كانت أملاكهما كثيرة “ ( تك 13 : 6 ) .. فما هي أملاكهما ؟ قيل عن أملاك أبينا إبراهيم ” وكان أبرام غنياً جداً في المواشي والفضة والذهب “ ( تك 13 : 2 ) .. وقيل عن أملاك لوط ” ولوط السائر مع أبرام كان له أيضاً غنم وبقر وخيام “ ( تك 13 : 5 ) .. ما الفرق بينهما ؟ أبونا إبراهيم كان له مواشي وذهب وفضة ولوط كان له غنم وبقر وخيام .. فرق كبير بين أملاكهما .. أبونا إبراهيم له فضة وذهب ولم يكون للوط ذهب وفضة رغم أنه غني شكلاً .. إبراهيم غِناه خفي ذهب وفضة .. الفضة تُشير في الكتاب لكلمة الله ” كفضة مُصفَّاة قد صُفِيَت سبعة أضعاف “ ( مز 12 : 6 ) .. والذهب يُشير للحياة السماوية .. أبونا إبراهيم كان لديهِ كلمة الله وحياة سماوية .
لو قطعة ذهب قيمتها كيلو جرام بالطبع تغطي ثمن غنم كثير .. إذاً الغِنَى الحقيقي في الخفاء وليس في الشكل لذلك يقول القديس يوحنا ذهبي الفم ” لا يوجد شئ اسمه فقر لكن يوجد ما يُسمَّى بالشعور بالإحتياج .. ولا يوجد شئ اسمه غِنَى .. الغِنَى الحقيقي هو الشعور بالإكتفاء “ .. أي قد يكون شخص غني لكنه فقير لأنه يشعر دائماً بالإحتياج وقد يوجد فقير يشعر بالإكتفاء لأنه غني .
أبونا إبراهيم غِناه خفي .. ” فقال أبرام للوط لا تكن مُخاصمة بيني وبينك وبين رُعاتي ورُعاتك لأننا نحن أخوان .. أليست كل الأرض أمامك .. اعتزل عني .. إن ذهبت شمالاً فأنا يميناً وإن يميناً فأنا شمالاً .. فرفع لوط عينيهِ ورأى كل دائرة الأردن أن جميعها سَقْي قبلما أخرب الرب سدوم وعمورة “ ( تك 13 : 8 – 10 ) .. لم يضع لوط اعتبار لأهل سدوم لأنهم أشرار .. ماذا فعل أبونا إبراهيم ؟ ” وقال الرب لأبرام بعد اعتزال لوط عنه ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي أنت فيه شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً “ ( تك 13 : 14) .. شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً أي صليب وكأن الله يقول له لأنك تركت الأرضيات سأُعطيك روحيات .. بركات صليبي .. ” لأن جميع الأرض التي أنت ترى لك أُعطيها ولنسلك إلى الأبد “ ( تك 13 : 15) .
متى يتمتع الإنسان بعطايا إلهية ؟ عندما يترك .. كما يقول الآباء ” اترك ما في أيدي الناس يُحبك الناس .. اترك ما في الأرض يُحبك الله “ .. العُرف يقول أن الكبير هو الذي يختار وليس الصغير لكن هنا إبراهيم ترك لوط هو الذي يختار .. جيد هو الإنسان الغير مذلول من داخله للأشياء .. بل سهل أن يترك .. السلام عندي أهم من الممتلكات .. ضع السلام والمحبة أهم عندك من أي شئ من رأيك ووجهة نظرك و..... أبونا إبراهيم ترك ليجعل المحبة دائمة بينه وبين لوط .
لوط رفع عينيهِ .. علامة الطمع واختار لنفسه .. سار برأيه الشخصي .. معلمنا بولس الرسول يقول ” الطمع الذي هو عبادة الأوثان “ ( كو 3 : 5 ) .. نعم الطمع عبادة أوثان لأنه يريد أن يأخذ فصار عبد .. عبادة أوثان .
3. ولا شِرَاك نعل :
عندما دخل لوط سدوم .. دخلت سدوم وعمورة في حرب وكانت الحرب خمسة ملوك مقابل أربعة ملوك .. وكانت الحروب قديماً لأمرين للأرض أو الممتلكات .. سُبِيَ لوط وكل ما لهُ في هذه الحرب فخرج أبونا إبراهيم ليُنقِذ لوط واستطاع أن يغلِب الملوك ويسبيهم ويُنقذ لوط .. فخرج ملك سدوم ليُقابل إبراهيم وهو عائد من الحرب بالسبايا والغنائم وقال لإبراهيم ” أعطني النفوس وأما الأملاك فخذها لنفسك .. فقال أبرام لملك سدوم رفعت يدي إلى الرب الإله العليِّ مالك السماء والأرض لا آخذنَّ لا خيطاً ولا شِرَاك نعلٍ ولا من كل ما هو لك فلا تقول أنا أغنيت أبرام “ ( تك 14 : 21 – 23 ) .. ” شِرَاك نعل “ هو خيط يُخاط به الحذاء .. ما هذا الإكتفاء ؟
من حق إبراهيم أن يأخذ غنائم لأنه ذهب للحرب وخاطر بنفسه وعبيده .. كان معروف أنهم عندما يدخلون حرب أعظم منهم يستأجرون مُحاربين في مقابل أن يعطوهم الغنائم كأجرة للحرب .. أي يستأجروهم بالغنائم مثل العمالقة كانوا مُحترفي حرب يُستأجرون .. هكذا فعل ملك سدوم مع إبراهيم قال له خذ الغنائم واعطني النفوس لكن إبراهيم رفض وقال ” رفعت يدي إلى الرب الإله العليِّ مالك السماء والأرض لا آخذنَّ لا خيطاً ولا شِرَاك نعلٍ “ .. من المُكتفي هنا ؟ ما رأيك في إنسان تعرِض عليه أمور كثيرة ويرفضها لأنه مُكتفي ؟ قد يتحايل الإنسان أحياناً على شئ ليس له ليأخذه .. تخيل ما مدى تأثير كلام أبونا إبراهيم على ملك سدوم ؟!!
الله كان يستخدم أولاده ليُعلن عن نفسه .. بالطبع سيقول ملك سدوم من هو إله إبراهيم الذي يجعله مُكتفي هكذا ؟ بالطبع هو إله جميل جعله شخص سماوي يرفض الأرضيات .. وأكيد إبراهيم خسر أشياء كثيرة في الحرب ولم يأخذ مُقابلها شئ وأكيد كان خائف من الملوك الذين حاربهم وغلبهم .. لذلك قال له الله ” لا تخف يا أبرام أنا تُرس لك أجرك كثير جداً “ ( تك 15 : 1) .. كل تَرْك مُقابله بركة .. كل طاعة شكلها خسارة وكل وصية شكلها حرمان لكن خلفها نعمة وبركة .
أبونا إبراهيم أخذ مقابل ذلك حماية الله .. حماية الله ننالها عندما نشعر ” من لي في السماء ومعك لا أريد شيئاً في الأرض “ ( مز 73 : 25 ) .. اترك لتشعر بغِنَى الله .
4. يُقدم أفضل ما عنده :
أتى ضيوف لأبونا إبراهيم .. ” وظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار “ ( تك 18 : 1) .. كان جالس وقت حر النهار تحت شجرة فرأى ثلاثة رجال لا يعرفهم يمرون بالمكان ” فرفع عينيهِ ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديهِ فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد إلى الأرض .. وقال يا سيد إن كنت قد وجدت نعمةً في عينيك فلا تتجاوز عبدك “ ( تك 18 : 2 – 3 ) .. لم يعرفهم لكنه مجرد أن رآهم ركض إليهم وسجد لهم وقال أرجوكم ادخلوا عندي لتأكلوا وتشربوا وتستريحوا .. ” ليُؤخذ قليل ماءٍ واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت الشجرة .. فآخذ كسرة خبزٍ فتُسندون قلوبكم ثم تجتازون لأنكم قد مررتم على عبدكم .. فقالوا هكذا تفعل كما تكلمت “ ( تك 18 : 4 – 5 ) .
رغم أنه غني إلاَّ أنه قال للرجال الثلاثة أنا عبدكم رغم أنه دخل الحرب لإنقاذ لوط بـ 318 عبد وهم أفضل عبيده أي لديهِ أكثر منهم ولديهِ جواري ويُقال أنه كان لديهِ حوالي ألف عبد .. رغم كل ذلك الغِنَى إلاَّ أنه جرى ناحية الرجال الثلاثة وسجد لهم ويقول لهم لا تتجاوز عبدك .. يا لإتضاعك يا أبونا إبراهيم .. أبونا إبراهيم لم يكن يعرفهم وأكد ذلك بولس الرسول ” لا تنسوا إضافة الغرباء لأن بها أضاف أُناس ملائكة وهم لا يدرون “ ( عب 13 : 2 ) .. لم يكن يعرف أنه ظهور لابن الله .. كل هذا فعلته يا إبراهيم وأنت لا تعرفهم .. إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك .. يقول الآباء إجعل هذه الآية صلاة وقل لله لا تمر عليَّ دون أن أجلس معك .. ” ألزماه قائلين امكث معنا “ ( لو 24 : 29 ) .. امكث معي .
قال لهم إبراهيم أُقدم لكم كسرة خبز وقليل ماء .. وكانت كسرة الخبز وليمة ” فأسرع إبراهيم إلى الخيمة إلى سارة وقال أسرعي بثلاث كيلات دقيقاً سميذاً اعجني واصنعي خبز ملةً .. ثم ركض إبراهيم إلى البقر وأخذ عجلاً رخصاً وجيداً وأعطاه للغلام فأسرع ليعملهُ .. ثم أخذ زُبداً ولبناً والعجل الذي عملهُ ووضعها قدامهم وإذ كان هو واقفاً لديهم تحت الشجرة أكلوا “ ( تك 18 : 6 – 8 ) .. الخيمة تُشير للجسد .. هل لم يكن لإبراهيم خبز في الخيمة ؟ كان له لكنه أراد أن يُقدم لهم ما هو طازج وجيد .. وكان واقف يخدمهم ولم يأكل معهم رغم أنهم غرباء .. ما كل هذا العطاء وما هذه الخدمة ؟ كل ذلك يُلخص في كلمتين .. خارج الخيمة أي خارج الجسد .. وعند حر النهار ويُشير للصليب لأنه تم في الساعة السادسة أي أن هذا وقت الصليب .
الإنسان الخارج خارج سلطان الجسد يتمتع بالصليب ويرى الابن ويتمتع بالنعمة لأن هذا الحدث كان أحد ظهورات الابن .. أبونا إبراهيم أضاف ابن الله الكلمة وهو لا يعلم .. كيف تكون مُسرع في الخدمة ومُتضع للكل ؟ لأنه أحياناً يعمل عمل روحي تحت بند المُجاملة .. في مقابل هذا الموقف نال إبراهيم بركة جميلة لأنه خدم هذه الخدمة وكان عمره 99 عام .. ” ولما كان أبرام ابن تسعٍ وتسعين سنةً ظهر الرب لأبرام “ ( تك 17 : 1) .. مقابل الخدمة أخذ بركة جميلة قال له ” إني ارجع إليكَ نحو زمان الحياة ويكون لسارة امرأتك ابن “ ( تك 18 : 10) .. كانت البركة مقابل الضيافة ميلاد إسحق .. حتى وإن كنت رجل مُسِن وامرأتك مُسِنَّة أنا في يدي الكون كله أُعيدك لزمان الحياة وأُخرِج من ممات مُستودع سارة إسحق .
5. يدفع ثمن المغارة :
في نهاية حياة سارة .. وكان إبراهيم بكل هذا الغِنَى يسكن الخيام ولا يمتلك شئ .. فبكى على موت سارة وأراد لها مقبرة ليدفنها ولم يشتري شئ رغم غِناه إلاَّ المقبرة .. ” فأتى إبراهيم ليندب سارة ويبكي عليها .. وقام إبراهيم من أمام ميته وكلم بني حث قائلاً أنا غريب ونزيل عندكم .. أعطوني مُلك قبرٍ معكم لأدفن ميتي من أمامي .. فأجاب بنو حث إبراهيم قائلين له اسمعنا يا سيدي أنت رئيس من الله بيننا .. في أفضل قبورنا ادفن ميتك .. لا يمنع أحد منا قبرهُ عنك حتى لا تدفن ميتك “ ( تك 23 : 2 – 6 ) .. أكيد إبراهيم صنع مع بني حث مواقف جميلة كثيرة لذلك تكلموا معه بمهابة وشهدوا له أنه رئيس من الله .. ومعروف أن أعز شئ عند الشخص خاصة المُسِن هو قبره ولا يسمح لأحد أن يدفن ميت في قبر يملُكه .
لكن بنو حث يقولون له اختر أفضل قبر عندنا وادفن الميت الذي لك .. ” فقام إبراهيم وسجد لشعب الأرض لبني حث “ ( تك 23 : 7 ) .. سجد لبنو حث سجود الإحترام وليس العبادة لأنه مُتضع .. الغير أرثوذكسيين يأخذون علينا السجود للآباء الأساقفة .. هذا ليس سجود عبادة بل احترام .. إن كان إبراهيم سجد لبني حث ألاَّ نسجد نحن لرجل الله ووعاء الروح القدس ؟!!
” التمسوا لي من عفرون بن صوحر ان يُعطيني مغارة المكفيلة التي له في طرف حقلهِ بثمنٍ كاملٍ يُعطيني إياها في وسطكم مُلك قبرٍ .. وكان عفرون جالساً بين بني حث فأجاب عفرون الحثي إبراهيم في مسامع بني حث لدى جميع الداخلين باب مدينتهِ قائلاً لا يا سيدي اسمعني .. الحقل وهبتك إياه والمغارة التي فيه لك وهبتها .. لدى عيون بني شعبي وهبتك إياها .. ادفن ميتك “ .. سأعطيك الحقل والمقبرة مجاناً دون مُقابل .. ” فسجد إبراهيم أمام شعب الأرض وكلم عفرون في مسامع شعب الأرض قائلاً بل إن كنت أنت إياهُ فليتكَ تسمعني .. أُعطيك ثمن الحقل .. خذ مني فأدفن ميتي هناك “ ( تك 23 : 8 – 13 ) .. كان يمكن أن يقول أشكرك وكتَّر خيرك ويأخذ المقبرة مجاناً .. لكن لا إبراهيم كان غِناه داخله ولا يستغل المحبة ويُعطي أكثر مما يأخذ .
دروس جميلة في الترك نتعلمها من أبينا إبراهيم .. ونحن مُقبلين على الحياة العملية ونحن في جيل طلباته كثيرة وقد نُنفِق أكثر من نصف دخلِنا على أمور ثانوية .. نحن جيل مُستهلِك .. لا .. يجب نعطي أكثر مما نأخذ .. نحن جيل يأخذ وصعب أن يعطي .. أبونا إبراهيم يعلمنا كيف نعطي ونتنازل .. كيف نضع الله أمامنا وكنزِنا الحقيقي في طاعته ورِضاه لكي نسمع منه وعد ” أنا تُرس لك أجرك كثير جداً “ .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين
الامانة فى حياة يوسف
يوسف الصديق ابن مُدلل من أمه راحيل وأبوه يعقوب وجاء له بعد عشرة أولاد من زوجته الأخرى – ليئة – والجواري .. اشترى له قميص ملون مصنوع بالأيدي .. وكان إخوته يرعوا الغنم ويذهبوا طول الموسم ليرعوا الغنم .. وعندما قلق عليهم أبيهم يعقوب أرسل لهم أخوهم يوسف ليُطمئنه عليهم .. ورغم أن يوسف كان مُدلل ولكنه لم يرفض الذهاب .. فهو مُدلل ولكنه مسئول وأمين .. ذهب ولكنه لم يجدهم .. فسأل عليهم وعرف إنهم ذهبوا إلى مكان آخر فذهب إليهم لينظر سلامة إخوته وسلامة الغنم ويرد إلى أبوه ويخبره .
هذه هي رسالة لكل واحد فينا .. « انظر سلامة إخوتك وسلامة الغنم ورُد لي خبراً » ( تك 37 : 14) .. عندما ذهب يوسف إلى إخوته أخذ معه خير من عند أبيه – أبوه السماوي – وذهب ليفتقد إخوته .
جميل أن تذهب برسالة من الآب السماوي بإنه يحبك ويعتني بك .. إن يوسف لم يعتذر لأبوه ويأتي بأكثر من سبب ولكنه لم يفعل بل ذهب وهو مُحمَّل بكل خيرات أبيه .
في حياتي كإنسان مسيحي أمانتي لا تتوقف على من هم أمامي .. لكنها تتوقف على الرسالة التي أنا مُحمَّل بها .. أنت غير مسئول عن رد الفعل ولكنك مسئول عن الفعل وهو المحبة .. ما أجمل كلمة يوسف لأبيه « هأنذا » ( تك 37 : 13) .
وحدث ما حدث وباعوه إخوته ووصل إلى فوطيفار وزوجته ولكنه لم يخون الأمانة مطلقاً رغم كل الإحباطات والظروف النفسية لم يتخلى عن الأمانة .. فالظروف هي اختبار لأمانتنا .
كان يوسف أمين مع فوطيفار إلى أقصى درجات الأمانة حتى إنه جعله مسئول على كل شئ حتى بيته .. أيضاً كان أمين مع رئيس السجن .. ومع امرأة فوطيفار .. ومع كل شخص وجد في عينه نعمة .. الأمانة هي فِعْل داخلي .. الأمانة ليست هي ما يقوله الناس عني ولكن هي ما يقوله الله عني .. أحد الآباء القديسين يقول « يوسف زيَّن العبودية بجمال بهاء فضائله .. واختار السجن مكان لذيذ لأن يوسف فيه » .
وعندما فسَّر يوسف الحلم لفرعون أعطاه الختم الخاص به ووكَّله على كل ما يملُك في بيته وفي المدينة لأنه عرف أمانته التي بلا حدود وتعلُّقه بإلهه .. ووجدنا أن أمانته أنقذت كل البلدان من حوله .. وهذا ما رأيناه عندما جاء إخوته من كنعان .. وعندما كان يخطط للمجاعة كان أمين ودقيق ولم يفكر في فترة المجاعة فقط ولكنه نظر لما بعد ذلك .. فعندما كان يأتي من يطلب طعام كان يأخذ منهم مقابل ذلك أغنام .. حقول .. عبيد .. ثم بدأ بعد المجاعة يطلب منهم أن يعملوا لدى فرعون للحصول على كل ما باعوه من قبل .. حتى لا تتعود الشعوب على الجلوس بلا عمل وحصولهم على الطعام بلا مقابل وتخرب هذه البلاد .
وظهرت أمانته أيضاً في موقفه مع إخوته .. فإنه عرفهم ولكنهم لم يعرفوه .. فقال لهم إنه يوسف وأن الرب أرسله إلى هنا لاستبقاء حياة .. فأنتم أردتم لي شراً ولكن الله أراد أن يفعل بي خيراً ( تك 45 : 5 ) .
ربنا يعلمنا الأمانة ويستخدمنا في كل مراحل حياتنا ونكون أمناء له
لا الظروف والمتغيرات ولا عدم محبة الناس
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين
التوازن فى شخصية يوسف
بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
فلتحل علينا نعمته وبركته من الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين
شخصية يوسف العفيف شخصية غنية وجيد أن يكون لنا وقفات مع شخصية يوسف نجد فيها بركات وتعزيات جميلة .
من سفر التكوين بركاته على جميعنا آمين ” وأما يوسف فأُنزِلَ إلى مصر واشتراه فوطيفار خصي فرعون رئيس الشرط رجل مصري من يد الإسمعيليين الذين أنزلوه إلى هناك .. وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً .. وكان في بيت سيده المصري .. ورأى سيده أن الرب معه وأن كل ما يصنع كان الرب يُنجحه بيده .. فوجد يوسف نعمةً في عينيهِ وخدمهُ .. فوكَّلهُ على بيتهِ ودفع إلى يده كل ما كان له .. وكان من حين وكَّلهُ على بيتهِ وعلى كل ما كان له أن الرب بارك بيت المصري بسبب يوسف .. وكانت بركة الرب على كل ما كان له في البيت وفي الحقل .. فترك كل ما كان له في يد يوسف .. ولم يكن معه يعرف شيئاً إلا الخبز الذي يأكل .. وكان يوسف حسن الصورة وحسن المنظر .. وحدث بعد هذه الأمور أن امرأة سيده رفعت عينيها إلى يوسف وقالت اضطجع معي .. فأبى وقال لامرأة سيده هوذا سيدي لا يعرف معي ما في البيت وكل ما له قد دفعهُ إلى يدي .. ليس هو في هذا البيت أعظم مني .. ولم يُمسِك عني شيئاً غيرك لأنكِ امرأته .. فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأُخطئ إلى الله .. وكان إذ كلمت يوسف يوماً فيوماً أنه لم يسمع لها أن يضطجع بجانبها ليكون معها .. ثم حدث نحو هذا الوقت أنه دخل البيت ليعمل عمله ولم يكن إنسان من أهل البيت هناك في البيت .. فأمسكته بثوبهِ قائلةً اضطجع معي .. فترك ثوبهُ في يدِها وهرب وخرج إلى خارجٍ .. وكان لما رأت أنه ترك ثوبهُ في يدِها وهرب إلى خارجٍ أنها نادت أهل بيتها وكلمتهم قائلةً انظروا .. قد جاء إلينا برجلٍ عبراني ليُداعبنا .. دخل إليَّ ليضطجع معي فصرخت بصوتٍ عظيمٍ .. وكان لما سمع أني رفعت صوتي وصرخت أنه ترك ثوبهُ بجانبي وهرب وخرج إلى خارجٍ .. فوضعت ثوبه بجانبها حتى جاء سيده إلى بيتهِ فكلمته بمثل هذا الكلام قائلةً دخل إليَّ العبد العبراني الذي جئت به إلينا ليُداعبني .. وكان لما رفعت صوتي وصرخت أنه ترك ثوبه بجانبي وهرب إلى خارجٍ .. فكان لما سمع سيده كلام امرأته الذي كلمتهُ به قائلةً بحسب هذا الكلام صنع بي عبدك أن غضبهُ حمى .. فأخذ يوسف سيده ووضعهُ في بيت السجن المكان الذي كان أسرى الملك محبوسين فيه .. وكان هناك في بيت السجن “ ( تك 39 : 1 – 20 ) .. مجداً للثالوث الأقدس .
شخصية يوسف غنية في رموزها ومعانيها .. من أكثر الشخصيات التي تجلى فيها شخص ربنا يسوع المسيح .. ممكن نرفع يوسف ونكتب المسيح .. بدايةً كما يقول يعقوب كان يوسف الابن المحبوب له .. نقول هو الابن المحبوب لأبيه المُرسل لافتقاد إخوته .. إذاً هو يسوع .. الذي تآمر عليه إخوته وقتلوه .. من هو ؟ الذي وُضِع في الجب وخرج منه حي من هو ؟ ربنا يسوع .
نجد تحقيق المسيح في يوسف عالي جداً حتى أن الآباء أرشدهم الروح لأعماق في القصة فبدأوا يرون ما بعد يوسف وأعمق من يوسف .. فمثلاً في قصة امرأة فوطيفار مع يوسف قيل إنها أمسكت بثوبه .. الآباء يقولون أن هذا هو الموت الذي لم يستطيع أن يمسك المسيح بل أمسك بثوبهِ .. هذه هي القيامة التي قام بها من القبر وترك الأكفان كأن الموت يقول له لم أستطع أن أمسك بك فأمسكت بثوبك .
لما ذهب للسجن وتقابل بإثنان بشَّر واحد بموت والآخر بحياة قالوا إنهما اللصان .. وقالوا إنه لما نزل المسيح الجحيم أخرج الأبرار معه وأبقى الأشرار في الجحيم .
كل جزء في القصة ممكن نرى فيه المسيح بوضوح حتى النهاية .. لما يكون هو مُخلص مصر من الجوع .. هذا هو المُخلص .. ثم عودة إخوته له وسجودهم له هذه عودة اليهود للمسيح في أخر الأزمنة .. كل جزء يُشير لشخص ربنا يسوع .
هناك عبارات في الكتاب المقدس تُسمى عبارات مسيانية .. عبارات لا تمس الشخص بل تمس المسيح نفسه .. أحياناً يقولون أن وصف الشخص نفسه في الإنجيل يعرفك إلى ماذا يرمز للمسيح .. مثل عبارة " جبار بأس .. مُخلِّص " .. عبارات لا يحتملها الشخص .. مثل عبارة " جبار بأس " عن جدعون لا تليق عليه لأنه ضعيف .. لكن هنا يقول انتبه نحن نتكلم عن مُخلص إذاً نتكلم عن ربنا يسوع .. مثلاً قيل عن يوسف لما خرج من السجن أنه حلق ذقنه وبدَّل ثيابه .. قد نرى أن هذا أمر غير مهم لكن الآباء يقولون هنا يُشير للإنسان الجديد الذي خرج من الموت خرج من السجن .. عبارات هدفها توصيل معنى أعلى من معناها العادي .
التكامل في شخصية يوسف :
1. يوسف ابن محبوب لكنه خادم .
2. التوازن عند يوسف الصديق بين الوصية والتحديات .
3. التوازن عند يوسف الصديق بين الأحباء والأعداء .
4. التوازن عند يوسف الصديق بين النجاح والفشل .
1. يوسف ابن محبوب لكنه خادم :
نعرف أن أبونا يعقوب انتظر أن يكون له ولد من راحيل فلم يكن له من راحيل بل من ليئة ثم من جارية ليئة ثم من جارية راحيل ثم من راحيل لذلك هو الابن المنتظر .. وراحيل تُشير لنعمة العهد الجديد .. أبونا يعقوب عمل سبع سنين بليئة وسبع سنين براحيل لكنه أخذ راحيل أولاً ثم عمل السبع سنوات لكن لابان قال ليعقوب ارتبط براحيل بعد سبعة أيام لليئة .. ما هذا ؟ ارتبط براحيل وعمل بمقتضاها سبع سنوات بعدها .
هذا هو العهد القديم والعهد الجديد .. العهد القديم نتعب لننال النعمة بينما العهد الجديد تنال النعمة وتتعب بمقتضاها .. تأخذ راحيل وتعمل بحرارة لأنها معك في البيت .. ” وكانت في عينيهِ كأيام قليلة بسبب محبته لها “ ( تك 29 : 20 ) .. لذلك تقول لك الكنيسة صوم .. جاهد .. اعمل ميطانيات لأن راحيل معك تشجعك على التعب .. العهد الجديد فيه نعمته تعطيك المعمودية عطية الروح القدس تأخذ الختم المقدس تقول لك اعمل الآن .
يوسف الابن المحبوب المنتظر مُدلل جداً وكلنا نعرف قصة القميص الملون لأنه في ذلك الوقت كون أن يقتني الإنسان ثوب هذا أمر صعب لأنها أنسجة طبيعية مغزولة .. وكون أن الثوب يُلون هذا أصعب لأنه لا يوجد صبغات بل كانت مواد طبيعية .. يوسف أعطاه يعقوب قميص ملون .. كان ممكن يوسف ينشأ طفل مُدلل لكنه لا .
أبوه طلب منه أن يسأل عن سلامة إخوته وذهب ولم يجدهم في المكان الذي قيل عنه وقالوا إنهم ذهبوا لأرض دوثان فذهب لهم هناك .. رغم أنه ابن محبوب لكنه خادم يقبل التعب ويقبل التضحية ويقبل الميل الثاني والثالث .. كان ممكن يرجع يقول لأبيه أنا ذهبت ولم أجدهم وبحثت عنهم ولم أجدهم فعدت .. لا .. أحياناً هدف الإنسان لا يعطيه دفعة للتعب .. أي ممكن أمر في الخدمة يحتاج بعض التعب فنعتذر لكن الجميل في الشخص الخادم إنه مهما كان في تعب أو مُعطلات يُثابر .. ليس معنى عدم النجاح التراجع .. لا .. يقولون عرفت طريقي للنجاح من كثرة الفشل .
يوسف هنا محبوب مُدلل مُميز ومع ذلك نجد قدرته على العطاء عالية جداً .. وجدناه إنسان مسئول باذل مُضحي ذهب ليفتقد سلامة إخوته واحتياجاتهم وأنهم قد يكونوا في حالة جوع وشدة وغربة .. وهم أيضاً ليسوا مُحبين له .. كان ممكن يعتذر لكن على قدر ما أخذ كمية من الحب كان يعكس هذا الحب .
هذا جمال الخادم أن خدمته تكون انعكاس للحب الإلهي الذي فيه .. يوسف أخذ حب من أبيه هذا الحب أخرجه لإخوته .. هكذا نحن .. المخدوم يرى محبة الله من خلالك .. لو عاملنا أحد بقسوة يأخذون فكرة عن الله أنه قاسي .. ولو عاملناهم بحب يفهموا أن الله مُحب .. ولو غفرنا يعرفوا أن الله غافر .. ممكن أنا أبلغ صورة عن الله .. نعم .. كثيراً ما يُقال للخادم نحن عرفنا المسيح يوم عرفناك .
يوسف مُحمل برسالة محبة أبيه فذهب يوصل هذه الرسالة لإخوته .. ذهب يقول لهم أنا أحبكم أم أبيكم يحبكم ؟ أبوكم يحبكم وأرسلني لكم هذه هي الخدمة وبقدر ما تشبعت بهذا الحب بقدر ما انجح في توصيله للمخدوم .. هل نحن مستمتعين بمحبة الله لنا وشعرنا بحب الله الخاص لكل واحد منا وقيمة كل واحد منا ؟ مجرد أن أشعر بمحبة الله لي خدمتي تمتلئ حب .. مجرد ما اشعر بكلمة بولس الرسول ” الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي “ ( غل 2 : 20 ) .. لما أشعر بمقدار حبه لي أنجح أن أوصل ذلك الحب لأولادي .. أنجح أن أوصل لهم اشتياقاتي في المحبوب واشتياقات المحبوب إليهم وسعيه الأمين إليهم لأني أدركته منه .
لذلك كلما ازدادت علاقة الخادم بالله كلما كان قلبه بحسب قلب الله وحبه بحسب حب الله وصورته تختفي ويظهر الله فيه .. لذلك من الألقاب الجميلة للخادم ” أن الخادم هو حضرة شفافة “ .. يعكس المسيح في حياته .
2. التوازن عند يوسف بين الوصية والتحديات :
لم يكن في عصر يوسف وصية مكتوبة لكن الوصية كانت في القلب وكانت تُنقل شفاهةً لذلك لما نطوب يوسف نقول لم يكن عنده وصية مكتوبة تقول لا تزني لكنه كان مُتمسك بالوصية المتوارثة بالتقليد وبإحساسه الروحي بصلته لله يعرف ما هو لائق وغير لائق .
كم كانت التحديات التي واجهت يوسف ؟ ماذا لو كان سلم للتحديات ؟ يقول اخوتي خانوني .. أنا الآن في مصر وكانت مصر في عبودية غالباً في عصر احتلال الهكسوس لها لذلك غريبة لما يقول الكتاب عن فوطيفار أنه كان مصري .. هل هذا أمر يُذكر ونحن نحكي عن قصة في مصر ونتكلم عن رتبة في مصر ؟ لكن لأن مصر كانت مستعمرة فكان الأمر يقول أنه كان كفاءة وسط المصريين .. أي أن يوسف كان وحده وسط ظلمة وعبادات أوثان وزنى وهو وحده أحباؤه تخلوا عنه .
يوسف رأى مُعاناة بشدة جداً .. زوجة سيده أي امرأة لها سلطان .. لو كان يوسف أطاعها كان نال كل التسهيلات البشرية وينال رضاها وبالتالي رضى سيده لكن لا .. يوسف نال رضى سيده بأُسلوب آخر أن الله أعطاه نعمة في عينيهِ .
أحياناً كثيرة ننهزم للظروف ونتعلل بالوسط والضعف والمجتمع ووسائل الإعلام وضعف المخدومين وقد تكون ظروف الكنيسة .. نعم توجد تحديات لكن توجد وصية .. متى يظهر النور ؟ في الظلمة .. متى تظهر قيمة الشمعة ؟ في الظلمة .. لو شخص وسطنا يمسك شمعة مضيئة ثم انقطع التيار الكهربائي سننظر كلنا لمن معه الشمعة .. تخيل أن هذا الشخص أطفأ الشمعة نقول له لماذا نحن محتاجينك الآن ! يقول لماذا أنا فقط الذي أمسك الشمعة ؟!
أحياناً نحن أيضاً وسط الظروف الصعبة نقول أنا فقط الذي أسير بأُسلوب صحيح ؟ نعم .. لابد أن تتمسك بوصاياك والإنجيل وأن مكافأتك من الله وليس من الناس .. تحديات ووصايا .
يوسف تمسك بالوصية في بيت فوطيفار ورغم ذلك ظُلِم .. والعجيب إننا لم نرى يوسف يفتح فاه حتى لو وهو في السجن كان من باب فك ضيقة .. لكنه لم يفتح فاه ولما خرج من السجن لم يطلب زوجة فوطيفار أو أهل بيتها .
دائماً الكتاب لا يذكر سِيَر الأشرار بعد اعلان شرهم .. يوسف تمسك بالوصية .. هل عندنا قناعة بالوصية ؟ قد نرى المخدومين ونحن أحياناً قد نقول هل الوصية مناسبة لنا ولعصرنا ؟ لما يكلمنا عن بيع كل ما لك واعطِ صدقة .. محبة الأعداء .. من نظر إلى امرأة ليشتهيها في قلبه .. هل هذا مناسب لجيلنا ؟ أقول لك لابد أن تتمسك بالوصية مهما كانت التحديات فلن تواجه تحديات أكثر مما واجه يوسف .
أحياناً المفسرين يقولون يوسف كان شاب وداود كان أكبر .. يوسف كان غير متزوج .. داود كان متزوج .. يوسف لم يكن لديهِ وصية مكتوبة .. داود كان لديهِ وصية .. يوسف كان يائس لأنه شاب وحده مظلوم .. داود كان ملك .. مقارنة بين يوسف وداود .. كل هذه الظروف ضده ومع ذلك متمسك بالوصية ” كيف أصنع هذا الشر العظيم وأُخطئ إلى الله “ ؟ .
ما أجمل الشعور بوجود الله الدائم أمامي هذا يمنعني من أمور كثيرة .. دخل السجن .. كان يمكنه يفعل ما لم يفعله في السجن .. لماذا ؟ يقول أنا سرت بالوصية وفي النهاية سُجنت .. لكن أبداً .. وجد نعمة في عيون من في السجن حتى صار رئيس للسجن .. وُكِّلت له أعمال تنظيم السجن لتمسُّكه بالوصية حتى أن أحد الآباء قال ” أن السجن صار مكاناً لذيذاً لأن يوسف كان هناك “ .. كان في السجن وكل من له مشكلة يلجأ إليه .
أنا ممكن أكون في أي مكان خادم ومتمسك بالوصية حتى لو كان سجن .. ما هي نوعية المسجونين ؟ أكيد من عمل مخالفات كثيرة ومع ذلك قَبَل أن يكون بينهم وقَبَل أن يكون له رسالة وسطهم لذلك صار السجن لذيذ .. يقول ” أن يوسف زيِّن العبودية بجمال بهاء فضائلهِ “ .
لما خرج من السجن طلبوه ليفسر حلم فرعون .. لو ننتبه لتفسير حلم فرعون كم مرة ذكر يوسف اسم الله ؟ كيف وأنت تتكلم أمام فرعون غير أن الله لم يقف بجانبك ؟ تكلم كثيراً عن الله .. قد صارت فترة السجن فترة خزين ليوسف .. خزين روحي .
أحياناً الظروف تكون صعبة وأحياناً نُغلب منها لكن هزيمتنا أمام الظروف علامة ضعف داخلي .. نحن الآن نقول الخدمة صعبة والأولاد حولهم أمور تجذبهم .. هذه الظروف هي مجال أجمل لإظهار انتصار نعمة الله .. ” لأنه حيث كثر الإثم تكثُر النعمة “ .. تكثُر النعمة لمن يجاهد ضد الإثم .. يرفض الإثم .. لكن لو لم ترفض الإثم تكثُر الخطية والنعمة تنظر وتنتظر .
وسط ذلك الإثم يوسف رافض ودفع ثمن ذلك غالي بالتعبير البشري وسُجِن وذُل ودخل عبودية وأُهين أكثر ما كان مُهان .. ثم .. خرج ولما خرج كان يحفظ الوصية في قلبه وعقله .
ولما صار رئيس على مصر لم يترك الوصية حتى النفس الأخير حتى عظامه يُوصي من أجلها .. شئ جميل أن يكون الإنسان نور وسط ظلمة يتمسك بالوصية مهما يواجه تحديات ولنرى كل أبرار الكتاب المقدس نجدهم مروا بظروف ضاغطة شديدة جداً .
لما يكلمك عن نحميا كان ساقي ملك .. أي وسط تدليل .. كانت مهنة قيِّمة جداً لأن حياة الملك في يده لأنه ممكن يُمات الملك عن طريق الأطعمة والأشربة .. أي رجل مُستريح جداً لكن لما يعرف إن أسوار أورشليم منهدمة يبكي وينوح .. متمسك بالوصية رغم التحديات والإغراءات .
لما نجد أنفسنا مغلوبين من أنفسنا ونضعُف إعرف إنك محتاج أن تتمسك بالوصية أكثر وبالنعمة أكثر .. لما تجد أمور دخلت حياتك تفتُر محبتك .. دانيال مسبي لكنه متمسك بالصلاة وهددوه لكنه يفتح الكوى وينظر لأورشليم ويسجد لإلهه .. لا تكن متشدد لكنه يظل متمسك بالوصية .. جيد أن نكون أكثر ناس متمسكين بالوصايا لأننا صورة المسيح ونحن الوسيلة التي نُعلِّم بها .
3. يوسف بين الأحباء والأعداء :
مشاعر كثيرة جاءت ليوسف إتجاه كثيرين .. والديه .. أحباءهُ وإخوته أعداءهُ .. الإسماعيليين كانوا أحباء أحياناً وأعداء أحياناً لأن بعضهم وثقوا فيه وأحبوه وبعضهم غاروا منه .. زوجة فوطيفار كانت تعتقد أنها تُحبه لكن كان حب شهواني .. لما تقرأ ما قالته عنه لا تشعر إنها تُحبه فهي ظَلَمِته وافترِت ورضِيت له بالإهانة والسجن .
أحياناً الإنسان ينخدع في مشاعر كاذبة .. كان يمكن ليوسف أن يتخيل إنها تُحبه .. وأحياناً الإنسان في ظروف صعبة يقول أنا محتاج لكلمة " أحبك " .. كانت امرأة فوطيفار تلح عليه يوماً فيوماً أي لم يحدث الأمر في لحظة لكن الظروف تهيأت مرة لما لم يكن أحد في البيت ويوسف ذهب للبيت ليعمل عمله .. أي رجل أمين .
جيد أن تكون علاقاتك متزنة .. أن يكون مع أحباؤه مُحباً ومع أعداؤه مُحباً .. هكذا كان يوسف .. رأيناه مع أعداؤه مُحباً ومع إخوته مُحباً ومع امرأة فوطيفار مُحباً ومع مرؤوسيه مُحباً .. ومع مدبري مصر مُحباً .. مع الكل مُحباً .. كيف يصل الإنسان إلى هذه القامة ؟ أن يتمسك بإلهه المملوء محبة .
أحياناً الإنسان تكون تصرفاته رد فعل .. لو كان ذلك كان يعادي .. يُقال عن يوسف أنه لما رأى اخوته عرفهم أما هم فلم يعرفوه .. هي نفس الكلمة التي تقول ” إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله “ ( يو 1 : 11 ) .. أي نحن معروفون له من قبل انشاء العالم ورغم ذلك نحن الذين نتركه .. كما يقول ” لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد “ ( 1كو 2 : 8 ) .. هو عرفهم وهم لم يعرفوه .
أحياناً جهل الإنسان يجعله يمتنع عن تبادل المحبة .. عرفهم حتى أنه في أحد المرات لم يستطع أن يتماسك فطلب مكان ليبكي .. ثم يعود لهم مُتماسك ويقول لهم ستأكلون معي .. لم يستوعبوه أبداً .. الحب لا يُحكى .. يوسف كان عنده هذا الحب .. ألم تأتِ في خيالك لحظات إلقاءك في الجب ؟ بكى واسترحمهم ورغم ذلك قسُّوا قلوبهم عليه .. ورغم ذلك يعطيهم فضة وقمح .. لم يستطع أن يأخذ منهم مال .. ويوم حجز عنده شمعون لأنه أراد أن يرى بنيامين وبنيامين في هذه القصة رمز للروح القدس .. قال لهم لن أعطيكم شمعون إن لم تأتوا ببنيامين ونحن لم نأخذ إلا لما أتى الروح القدس .. يعقوب يرمُز للآب ويوسف للابن وبنيامين للروح القدس .
جيد أن يكون عندك اتزان في مشاعرك مع الأحباء والأعداء .. الكنيسة تصلي من أجل الكل نقول ” أحباءنا وأعداءنا “ .. معلمنا بولس يقول ” هم أحباء من أجل الآباء “ ( رو 11 : 28 ) .. نعم ممكن تكون هناك عداوة لكنها هم الذين صنعوها ولسنا نحن .. إجعل مشاعر الحب دائماً تغلب في قلبك مشاعر العداوة حتى لو ظُلِمت وأُهنِت وشعرت بقسوة عليك .
يوسف يقول لهم ” لأنه لاستبقاء حياة أرسلني الله قدامكم “ ( تك 45 : 5 ) .. إنها قصة كبيرة أنتم أتيتم بي إلى هنا لاستبقاء حياة بدلاً من أن يسبهم أو يجرحهم .. ” أنتم قصدتم لي شراً أما الله فقصد به خيراً “ ( تك 50 : 20 ) .. بالطبع هم في خجل وهو يطيِب خاطرهم .. لا تجعل في قلبك عداوة من أحد .. القديس مارإسحق يقول ” لا تتضايق من الذين يُشاركوك في صُنع إكليلك “ .. إحدى القديسات تُسمى القديسة سارة تقول ” إنه يليق بنا لكي نربح الملكوت أن نعطي فضة لشاتمينا “ .. إعرف إنك مادمت متمسك بالوصية أنت لك بُعد أكبر بكثير من تعاملات رد الفعل .. لا .. هذه علاقة بشرية أنت يحكُمك قانون إلهي أكبر من ذلك بكثير .
في بستان الرهبان أحد الآباء أخذ هذا التدريب أن من يهينه يعطيه فضة .. وفي أحد المرات هانه شخص فضحك فقال له شاتمه أنا أهينك وأنت تضحك ؟ أجابهُ لأني لم أجد معي ما أعطيه لك فهذه أول مرة أُهان مجاناً بدون مقابل .
بين الأحباء والأعداء .. متوازن .. ناضج .. يعرف كيف يتعامل .. نحن تنقصنا هذه الخبرة .. نحن نتخيل أن المجتمع كله الكنيسة يخرج خارجها فيجد من يحبه ومن يعاديه والذي يتكلم والذي يُدبر مكيدة .. فنُقسم الناس ونحب شخص له موقف من " 99 " .. لنرى ماذا فعل يوسف .. ليس كل من تعامل مع يوسف أحبهُ وأقربهم إخوته عادوه .. لكنه أحبهم .
4. التوازن عند يوسف بين النجاح والفشل :
جيد عندما يقول عن يوسف ” كل ما يصنع ينجح فيه “ ( مز 1 : 3 ) .. النجاح يمجد الله .. النجاح طريق وتحدي وأمانة .. النجاح رجاء .. الفشل ممكن يُغلب منه الإنسان لكن الله لم يُعطينا روح الفشل .. لما نرى ما حولنا ونقول لن نستطيع أن نفعل أكثر من ذلك أقول لك هذا فشل .. لا تفشل .. يقول ” لذلك لا نفشل بل وإن كان إنساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يوماً فيوماً “ ( 2كو 4 : 16) .. هذا هو يوسف .. لا نفشل لا نكل .
عند خدمتك لا تقطع رجاءك في حياتك وجهادك الخاص .. لا تفشل مهما كانت عثراتك وضعفاتك .. لا تتراجع ولا تفشل أبداً .. من أكثر الحروب التي يحب عدو الخير يُسقطنا فيها في هوة عميقة لا نستطيع القيام منها الفشل .. يقول لم أعد أحاول لأني كثيراً ما حاولت وفشلت .. لا .. يوسف لم يفشل أبداً .. كان في نجاح في كل مكان .. في بيت أبيه .. وبيت فوطيفار .. وفي السجن .. وفي بيت فرعون .. في كل مكان ناجح .
أحياناً الجانب العملي في حياتنا يحتاج نظرة النجاح .. في خدمتنا وعملنا وحياتنا الخاصة نحتاج رجاء النجاح .. لا نفشل .. جيد الإنسان الذي يحاول ويجتهد مرات .. لما يكرر الإنسان المحاولة جيد لكن لا تستسلم للفشل .. يوسف يجتهد ويعمل ما عليه في كل المكان .. دخل البيت ليعمل عمله .. وفي السجن أخذ توكيل على كل أعمال السجن .. في بيت فوطيفار كان فوطيفار نفسه لا يعرف شئ في البيت غير الخبز الذي يأكله .. كان يوسف يعرف كل شئ .. نجاح .
خذ النجاح طريق لك .. ليس أن تكون في أفضل وظيفة وأفضل جامعة .. لا .. بل في العمل الذي وكلك عليه الله إنجح فيه بأمانة .. السيد المسيح قال ” العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملتهُ “ ( يو 17 : 4 ) .. أنا مجدتك على الأرض .. عِش بهذا المبدأ .. كن ناجح وأمين وابذل كل طاقتك ولا تُسلِّم للفشل .. إظهر جديتك في العمل والأمانة وستجد الله يسهِّل العراقيل أمامك .
يوسف كان عملي يحب العمل .. لما أراد أن يحل مشكلة الجوع ماذا فعل ؟ الناس طلبوا منه القمح الذي خزِّنه فعمل معهم خطة على أربعة مراحل .
(1) طلب منهم فضة مقابل القمح .. ولما فرغت فضتهم .
(2) طلب منهم مواشيهم مقابل القمح .. ولما فرغت المواشي .
(3) طلب منهم أراضيهم مقابل القمح .. ولما فرغت الأراضي وكتبها باسم فرعون .
(4) أخيراً طلب منهم أنفسهم عبيد لفرعون مقابل القمح .
لماذا فعل ذلك ؟ تخيل سبع سنوات يعيش شعب بطال يأكل مجاناً .. ماذا يحدث له ؟ كسل .. لن تستطيع أن تقول له فيما بعد اعمل لتأكل .. فأراد أن يعلمهم أن يتعبوا مقابل إطعامهم وإنه عندما تنفرج الأمور فيما بعد يعملوا أكثر ليردوا أنفسهم وحقولهم ومواشيهم وفضتهم .. تخيل بأي حماس فعلوا وعملوا فكانت المجاعة سبب خير لمصر أكثر من سبب جوع وكل هذا يرجع الفضل ليوسف .. كان ممكن آخر يقول أعمل نظام شيوعي هذا يحوِّل الناس لكسالى .. لا يوسف كان رجل مدبر ناجح يخطط .. نعم عنده تدبير إلهي في حياته وينظر نظرة بعيدة .. لما تتعرض لفشل في حياتك لا تستسلم بل فكَّر أكثر .
يُحكى عن رجل ثري هو وزوجته ثم افتقر .. وبعدما افتقر جلس مع زوجته لمجرد التسلية يتذكر هو وهي ثروتهم ويقول لها هل تتذكرين هذا المنزل بكم بيعَ ؟ تقول له بـ 300.000 جنية ويعمل ورق بهذا المبلغ .. ثم ثمن هذه الأرض و..... فعملا خريطة بممتلكات وبيع وأثمان فوجدوها لعبة مسلية عرضوها على شركة بيع لعب فرفضت اللعبة .. فطوروها وعرضوها على شركة أخرى وهكذا حتى أتى يوم اتصلت بهم شركة وطلبت اللعبة واعطتهم حق بيع اللعبة وكانت لعبة monopoly .
الفشل قد يصل بك لنجاح .. ممكن يكون عندك سقطة في حياتك لكن تستطيع أن تحوِّلها لنجاح .. يوسف كانت عنده سقطة في حياته حوِّلها لنجاح .
بين الوصية والتحديات .. بين الحب والخدمة .. بين الأحباء والأعداء .. بين النجاح والفشل .. الله يعطينا روح النجاح والحب والخدمة .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين
قصة العالم والخلاص
مِنْ سِفْر الرُّؤيَا 22 : 6 – 14 { ثُمَّ قَالَ لِي هذِهِ الأقْوَالُ أَمِينَةٌ وَصَادِقَةٌ . وَالرَّبُّ إِلهُ الأنْبِيَاءِ الْقِدِّيسِينَ أَرْسَلَ مَلاَكَهُ لِيُرِي عَبِيدَهُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَرِيعاً . هَا أَنَا آتِي سَرِيعاً . طُوبَى لِمَنْ يَحْفَظُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ . وَأَنَا يُوحَنَّا الَّذِي كَانَ يَنْظُرُ وَيَسْمَعُ هذَا . وَحِينَ سَمِعْتُ وَنَظَرْتُ خَرَرْتُ لأِسْجُدَ أَمَامَ رِجْلَيِ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ يُرِينِي هذَا . فَقَالَ لِي انْظُرْ لاَ تَفْعَلْ . لأِنِّي عَبْدٌ مَعَكَ وَمَعَْ إِخْوَتِكَ الأنْبِيَاءِ وَالَّذِينَ يَحْفَظُونَ أَقْوَالَ هذَا الْكِتَابِ . اسْجُدْ للهِ . وَقَالَ لِي لاَ تَخْتِمْ عَلَى أَقْوَالِ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ . لأِنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ . مَنْ يَظْلِمْ فَلْيَظْلِمْ بَعْدُ . وَمَنْ هُوَ نَجِسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ . وَمَنْ هُوَ بَارٌّ فَلْيَتَبَرَّرْ بَعْدُ . وَمَنْ هُوَ مُقَدَّسٌ فَلْيَتَقَدَّسْ بَعْدُ . وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعاً وَأُجْرَتِي مَعِي لأُِجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ . أنَا الألِفُ وَالْيَاءُ . الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ . الأوَّلُ وَالآخِرُ . طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ وَيَدْخُلُوا مِنَ الأبْوَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ } .
قِصَّة الخَلاَص فِي الكِتَاب بِدَايَةً مِنْ سِفْر التَّكْوِين إِلَى سِفْر الرُّؤيَا إِلَى مَجِئ الرَّبَّ :0
العَصْر الأبَوَان الأوَّلاَنْ .
سِمَتُه أقَامَنِي مَلِكاً .
الأسْفَار سِفْر التَّكْوِين .
غَايَتُهَا خَلَقَ العَالَمْ كُلَّهُ لأِجْلِي .
أوِّل عَصْر فِي بِدَايِة الخَلِيقَة كُلَّهَا سِفْر التَّكْوِين يَبْدأ بِقِصِّة الخَلِيقَة وَيَقُول قِصِّة خَلِيقِة آدَم كَتَاج لِلخَلِيقَة وَأظْهَرَ حُبَّهُ لِلإِنْسَان مِنْ خِلاَل خِلْقَتِهِ لآِدَم وَهَيَّأ لَهُ وَدَبَّرَ لَهُ كُلَّ شَيْءٍ .. أقَامَ لَهُ السَّمَاء وَالأرْض وَالبَحر وَاليَنَابِيع وَ ........ مِنْ أجل مَحَبَّتِهِ لِلإِنْسَان .. أجْمَل طَرِيقَة لِدِرَاسِة الكِتَاب أنْ أشْعُر أنَّهُ لأِجْلِي وَأنَّ العَالَمْ خُلِقَ لأِجْلِي .. لِلأسَفْ لَمْ يَطِع الإِنْسَان الله وَأخْطَأ وَفَسَدَت طَبِيعَتَهُ وَدَخَلِتْ الخَطِيَّة لِلعَالَمْ وَقَتَلَ الإِنْسَان أخِيهِ .. قَايِينْ وَهَابِيل .. وَازْدَادَ الشَّر حَتَّى نَدَمَ الله عَلَى خَلْقِهِ الإِنْسَان وَقَالَ أنْ يُهْلِك العَالَمْ بِالطُوفَان وَيُبْقِي بَقِيَّة قَلِيلَة تَشْهَدْ لَهُ وَهُوَ نُوح وَقِصَّة نُوح هِيَ قِصَّة تَجْدِيدْ الخَلِيقَة بِالمَعْمُودِيَّة وَهِيَ أنَّ نُوح إِجْتَازَ المَوْت وَنَجَى بِالفُلْك .. الطُوفَان يُشِير إِلَى دَفْنِنَا فِي المَعْمُودِيَّة وَاجْتِيَازْنَا لَهُ إِلَى الحَيَاة الأبَدِيَّة .
العَصْر نُوح وَالطُوفَان .
سِمَتُه يُجَدِّدْ طَبِيعَتِي بِالعِمَادْ .
الأسْفَار سِفْر التَّكْوِين .
غَايَتُهَا الخَالِق وَحْدَهُ يَقْدِرْ أنْ يُجَدِّدْ الخَلِيقَة .
بَعْد الطُوفَانْ دَخَلَ الله فِي عَهْدٍ جَدِيدْ مَعَ الإِنْسَانْ فَإِخْتَارَ أُنَاس مُعَيَّنِينْ وَهُمْ إِبْرَاهِيمْ وَإِسْحَق وَيَعْقُوب .. وَيُسَمَّى هذَا العَصْر عَصْر البَطَارِكَة .. تُحْسَبْ التَّوَارِيخ فِي هذِهِ الفِتْرَة بِأنْ تُقَلِّلْ 500 سَنَة كُلَّ فِتْرَة .. أي عَام 2500 ق . م كَانَ أبِينَا آدَم ثُمَّ نُقَلِّلْ 500 سَنَة أي عام 2000 ق . م كَانَ أبِينَا إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب .. ثُمَّ عَام 1500 ق . م عَصر مُوسَى النَّبِي .. وَانْقِضَاء 500 سَنَة أي عَام 1000 ق . م عَصْر دَاوُد النَّبِي وَسُلَيَّمَان الحَكِيم .. ثُمَّ عَام 500 ق . م عَصْر الأنْبِيَاء .. وَتَنْقَضِي 500 سَنَة أي صِفْر سَنَة هُوَ عَصْر الْمَسِيح لَهُ المَجْد .. إِذاً كُلَّ 500 سَنَة حَلَقَة فِي التَّارِيخ مِنْ حَلَقَات الخَلاَص .
العَصْر الأبَاء البَطَارِكَة إِبْرَاهِيمْ وَإِسْحَق وَيَعْقُوب .
سِمَتُه يَهْتَمْ بِي شَخْصِيّاً .
الأسْفَار التَّكْوِين .
غَايَتُهَا يُقِيمْ العَهْد مِنْ أجل بَارْ وَاحِدْ .. ظُهُور أيُّوب .. الله لاَ يَنْسَى أحَدْ .
الله وَسَطْ العَالَمْ كُلُّه إِخْتَارْ إِبْرَاهِيمْ .. إِخْتَارْ نُوح .. الله يَرَى شَمْعَة مُضِيئَة وَسَطْ الظَّلاَم .. الكِتَاب يَحْكِي قِصَّة الله مَعَ الإِنْسَان وَمَحَبَّتَهُ لَهُ وَتَدْبِيره .. إِدْخِلْ نَفْسَك دَاخِلْ كُلَّ قِصَّة فِي الكِتَاب .. مَثَلاً قِصَّة نُوح إِنْ لَمْ نَضَعْ أنْفُسْنَا فِيهَا لَنْ نَسْتَفِيدْ مِنْهَا سِوَى إِنَّهَا قِصَّة وَانْتَهِتْ .
العَصْر المَوْسِوِي قَدِيماً كَانَ نَامُوس الضَمِير .. لكِنْ عِنْدَمَا رَأى الله أنَّ شَعْبَهُ يَكْثُرْ وَيَزْدَادْ وَاخْتَلَطَ بِالشُّعُوب الأُخْرَى أعْطَاهُمْ النَّامُوس عَام 1500 ق . م .
العَصْر العَصْر المَوْسِوِي .
سِمَتُه يَضْمَنِّي كَعُضْو فِي جَسَدِهِ ( كَنِيسَتَهُ ) .
الأسْفَار التَّكْوِين .. اللاَّوِيِّين .. الْعَدَد .. التَّثْنِيَة .. الْخُرُوج .
غَايَتُهَا الله يُحَرِّرْنِي وَقَدَّسَنِي وَرَافَقَنِي وَرَفَعْنِي .
سِفْر التَّكْوِين يَقُول " الله إِخْتَارْنِي " مِنْ وَسَطْ الأرْض كُلَّهَا إِخْتَارَ لَهُ شُهُودْ أُمَنَاء .
سِفْر الخُرُوج يَقُول " الله حَرَّرْنِي " حَرَّرْنِي مِنْ سُلْطَانْ فِرْعُون .
سِفْر اللاَّوِيِّين يَقُول " الله قَدَّسَنِي " فَأعْطَانِي الشَّرَائِع وَالذَّبَائِح .
سِفْر الْعَدَد يَقُول " الله رَافَقَنِي " يَحْكِي قِصَّة قِيَادِة الله لِشَعْبُه فِي البَرِّيَّة .
سِفْر التَّثْنِيَة يَقُول " الله رَفَعْنِي " لأِنَّهُ أعْطَاهُمْ وَصَايَا إِلهِيَّة تَرْفَعَهُمْ عَلَى جِبَال
العَصْر النِّظَام الثِيؤُقرَاطِي .
سِمَتُه الله يُحَقِّق وُعُودَهُ لِيَّ .
الأسْفَار يَشُوع .. قُضَاة .. رَاعُوث .
غَايَتُهَا الله نَصِيبِي وَمِيرَاثِي .. الله يُؤَدِّبْ وَيُخَلِّص وَهُوَ إِله المَنْسِيِينْ .
سِفْر يَشُوع يَقُول " الله نَصِيبِي وَمِيرَاثِي " .
سِفْر القُضَاة يَقُول " الله يُؤَدِّبْ وَيُخَلِّص " .
سِفْر رَاعُوث يَقُول " الله إِله المَنْسِيِينْ " .
بَيَّنَ لَنَا كَمْ أنَّ الله ضَمَنِي كَعُضْو حَيّ فِي الجَمَاعَة المُقَدَّسَة وَلَمَّا حَرَّرَنِي حَرَّرَنَا كُلِّنَا .. تَعَامَلْ مَعَنَا كَمَجْمُوعَة وَاحِدَة وَلَيْسَ مَعَ فِئَة مُعَيَنَة لِذلِك لَيْتَكَ تَشْعُرْ أنَّكَ عُضْو فِي الجَمَاعَة المُقَدَّسَة مِنْ خِلاَل الأسْفَار الخَمْسَة .
النِّظَام الثِيؤُقْرَاطِي أي عَصْر الحُكْم بِالله .. دِيمُوقْرَاطِي أي حُكْم الشَّعْب .. هُنَا الشَّعْب كَانَ قَلِيلْ وَكَانَ الأمر مَحْكُوم فِي يَدْ إِنْسَان وَاحِدْ مِثْل مُوسَى النَّبِي لكِنْ عِنْدَمَا إِزْدَادَ الشَّعْب وَدَخَلَ فِي حُرُوب كَثِيرَة وَاحْتَاجَ إِلَى قَائِدْ مِنْ خِلاَل الله مِثْلَ يَشُوع وَالقُضَاة وَرَاعُوث وَلَيْسَ مَلِك كَمَا أعْلَن لَنَا الله فِي سِفْر رَاعُوث .. مَا عَجَزَ عَنْهُ مُوسَى صَنَعَهُ يَشُوع وَهُوَ دُخُول أرْض كَنْعَان .. هذَا إِشَارَة إِلَى أنَّ رَبَّنَا يَسُوع أكْمَل النَّامُوس وَصَنَعَ مَعَنَا مَا عَجَزَ النَّامُوس أنْ يَفْعَلَهُ بِنَا .. النَّامُوس وَصَلَ إِلَى مَرْحَلَة مُعَيَّنَة وَالْمَسِيح أكْمَلَهُ .. فِي الُّلغَة العِبْرِيَّة حَرْف " س " هُوَ نَفْسَهُ حَرْف " ش " فِي النُطْق إِذاً يَشُوع هُوَ يَسُوع .. وَكَمَا يَقُول الكِتَاب { لأِنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ . أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسَوعَ الْمَسِيحِ صَارَا } ( يو 1 : 17 ) .
العَصْر النِّظَام المَلَكِي ( شَاوِل .. دَاوُد .. سُلَيَّمَان ) .
سِمَتُه شَهوِة المَجْد الزَّمَنِي ( شَاوِل ) .. وَشَهوِة المَلَكُوت الإِلهِي ( دَاوُد ) .
الأسْفَار صَمُوئِيل الأوَّل .. صَمُوئِيل الثَّانِي .
غَايَتُهَا المُلُوكِيَّة وَحَيَاة الصَّلاَة ( صَمُوئِيل ) .. المُلُوكِيَّة وَالوُقُوف أمَام الله
بَعْد عَصْر القُضَاة دَخَلْنَا عَصْر المُلُوك أي شَاوِل وَدَاوُد وَسُلَيَّمَان .. الشَّعْب رَفَض القُضَاة وَقِيَادِة الله وَطَلَبُوا مَلِك .. بَدَأَ العَصْر بِشَاوِل المَلِك عَام 1000 ق . م وَكُلَّمَا إِقْتَرَبْنَا إِقْتَرَبَ الخَلاَص وَفُكَّتْ الرُّمُوز وَفُهِمَتْ .. وَبَعْد أنْ كَانَ الله غَرِيبْ تَمَاماً عَنْ الإِنْسَان أصْبَحَ الإِنْسَان يُمَيِّزْ صَوْت الله وَيَدْخُلْ فِي عِشْرَة مَعَهُ .. كَانَ صَعْب أنْ نَجِدْ دَاوُد فِي عَصْر إِبْرَاهِيمْ أبُو الأبَاء .. أي خِبْرَات الله تَزْدَادْ وَنَحْنُ نَتَعَامَلْ مَعَهُ لِذلِك لاَبُدْ أنْ نَتَعَلَّمْ مِنْ قِصَص الأبَاء لأِنَّ كُلَّمَا تَقَدَّم التَّارِيخ كُلَّمَا إِسْتَفَادْنَا نَحْنُ .
فِي عَصْر رَحْبَعَام إِبْن سُلَيَّمَان إِنْقَسَمِتْ المَمْلَكَة لأِنَّ رَحْبَعَام كَانَ قَاسِي وَزَادَتْ الضَّرَائِبْ فِي عَصْرِهِ وَقَالَ { أَبِي أَدَّبَكُمْ بِالسِّيَاطِ وَأَنَا أُؤَدِّبُكُمْ بِالْعَقَارِبِ } .. { خِنْصَرِي أَغْلَظُ مِنْ مَتْنِي أَبِي } ( 1مل 12 : 10 – 11) .. إِنْقَسَمِتْ المَمْلَكَة إِلَى مَمْلَكَتَيْن الشَّمَالِيَّة وَالجَنُوبِيَّة .. المَمْلَكَة الشَّمَالِيَّة تَحْوِي عَشَرْة أسْبَاط وَتُسَمَّى مَمْلَكِة إِسْرَائِيل وَالمَمْلَكَة الجَنُوبِيَّة تَحْوِي سِبْطِينْ يَهُوذَا وَبِنْيَامِين وَتُسَمَّى مَمْلَكِة يَهُوذَا وَكَانَتْ مَعَ رَحْبَعَام إِبْن سُلَيَّمَان وَانْشَقَّ عَنْهُ الأغْلَبِيَّة .. لِمَاذَا تَتْرُكَهُ كُلَّ الأسْبَاط ؟ لأِنَّ البَعْض لله وَهُوَ قَالَ سَأحْفَظ المَمْلَكَة مِنْ أجل دَاوُد لِذلِك ظَلَّتْ مَمْلَكِة يَهُوذَا أوْ مَمْلَكِة أُورُشَلِيم لأِنَّ الله يَحْفَظ رَحْمَتَهُ وَعَدْلَهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ .. مَمْلَكِة السَّامِرَة هِيَ مَمْلَكِة الشَّمَال أوْ مَمْلَكِة إِسْرَائِيل وَكَانَ كُلَّ مُلُوكْهَا أشَّرَار وَأفْعَالِهِمْ قَبِيحَة وَاخْتَلَطُوا بِالأُمَمْ وَعَبَدُوا آلِهَة وَثَنِيَّة وَكَانَ لهَا أنْبِيَاء بَيْنَمَا مَمْلَكِة الجَنُوب كَانَ أحْيَاناً يَحْكُمْهَا مُلُوك أبْرَار حَوَالِي ثُلْث مُلُوكْهَا أبْرَار – لِذلِك مَمْلَكِة إِسْرَائِيل – فِي قِصَّة السَّامِرِيَّة قَالَتْ لِلْمَسِيح اليَهُود لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِينْ مُنْذُ ذلِكَ الإِنْشِقَاق وَأصْبَحَ اليَهُودِي يَقُول عَنْ السَّامِرِي كَلْب نِجِس لِذلِك مِنْ ضِمْن مَا قِيلَ عَنْ الْمَسِيح { حَسَناً إِنَّكَ سَامِرِيٌّ وَبِكَ شَيْطَانٌ } ( يو 8 : 48 ) .
وَيَذْكُرْ التَّارِيخ أنَّ إِبْناً لِكَاهِنْ فِي مَمْلَكِة يَهُوذَا أحَبَّ فَتَاة مِنْ مَمْلَكِة السَّامِرَة فَوَقَفَتْ أمَامَهُ مَمْلَكِة يَهُوذَا وَقَالُوا أنَّهُ خَائِنْ لكِنَّهُ تَزَوَّجْهَا فَبَنُوا لَهُ فِي السَّامِرَة هَيْكَل لأِنَّهُ مِنْ نَسْل كَهَنَة وَأصْبَحَ هُنَاكَ هَيْكَلاَنْ وَازْدَادَتْ الحَسَاسِيَّة بَيْنَهُمَا .. قَبْل عِيدْ الفِصْح كَانَتْ السَّامِرَة تَأتِي بِعِظَام أمْوَات وَتُلْقِيهَا فِي الهِيكَل وَبِذلِك يَتَنَجَّس الهِيكَل وَبِالتَّالِي تَبْطُل الذَّبَائِح لِذلِك كَانُوا يُقَاتِلُونَ بَعْضَهُمَا البَعْض .. وَلِذلِك أيْضاً يَذْكُرْ الْمَسِيح مَثَلْ السَّامِرِي الصَّالِح وَعِنْدَمَا قَالَ المَثَلْ سَألَ فِي النِّهَايَة مَنْ هُوَ القَرِيب ؟ لَمْ يَقُلْ مَنْ هُوَ السَّامِرِي بَلْ قَالَ الَّذِي صَنَعَ رَحْمَة لأِنَّهُ صَعْب عَلِيه أنْ يَقُول السَّامِرِي .. الإِنْقِسَام حَدَثَ عَام 931 ق . م .
العَصْر إِنْقِسَام المَمْلَكَة إِلَى مَمْلَكَتَيَّ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيل عَام 931 ق . م .
سِمَتُه المُلُوكِيَّة وَالمَشُورَة الرَّدِيئَة .
الأسْفَار مُلُوك أوَّل .. مُلُوك ثَانِي .. أخْبَار أيَّام أوَّل .. أخْبَار أيَّام ثَانِي .
غَايَتُهَا إِعْلاَن غِيرِة رِجَال الله وَحُدُوث السَبْي وَالإِنْحِطَاط وَالإِنْقِسَام
سِفْر مُلُوك أوَّل يُعْلِنْ غِيرِة رِجَال الله ( إِيلِيَّا ) .
سِفْر مُلُوك ثَانِي يُعْلِنْ الإِنْقِسَام وَحُدُوث السَبْي .
سِفْر أخْبَار أيَّام أوَّل يُظْهِر الإِنْحِطَاط .
سِفْر أخْبَار أيَّام ثَانِي الفَسَادْ وَالإِصْلاَح .
المَرْحَلَة السَابِقَة حَسَّاسَة وَحَدَثَ بِهَا السَبْي لأِنَّ الأنْبِيَاء كَانُوا يُنْذِرُونَ وَيَكْشِفُون الخَطِيَّة وَيُعْلِنُون رَفْض الله لهَا لِذلِك جَاءَ بَعْض الأنْبِيَاء وَيَنْقَسِمُونَ إِلَى ثَلاَثَة فِئَات :0
أي أنَّ أوِّل الأنْبِيَاء هُوَ أشْعِيَاء النَّبِي وَآخِرَهُمْ مَلاَخِي النَّبِي .. أنْبِيَاء قَبْل السَبْي كَانُوا يُنْذِرُونَ الشَّعْب عَنْ الخَطَايَا .. وَأنْبِيَاء أثْنَاء السَبْي كَانُوا يَتَرَجُون مَرَاحِمْ الله .. أمَّا أنْبِيَاء مَا بَعْدَ السَبْي فَكَانُوا يَشْكُرُونَ الله عَلَى عَمَلِهِ وَيَطْلُبُونَ مِنْهُ ألاَّ يَصْنَع هذَا الأمر مَرَّة أُخْرَى وَيُحَاوِلُونَ بُنَاء الهِيكَل مِنْ جَدِيد .
العَوْدَة مِنْ السَبْي تَارِيخ سَبْي إِسْرَائِيل حَدَثَ أوَّلاً لأِنَّهَا كَانَتْ أكْثَرْ شَرَّاً وَبَعْدَهَا حَدَثَ سَبْي مَمْلَكِة يَهُوذَا وَكَأنَّ الله يُعَاقِبْ إِسْرَائِيل وَيُنْذِر يَهُوذَا .. سَبْي إِسْرَائِيل ( آشُور ) عَام 722 ق . م .. سَبْي يَهُوذَا ( بَابِل ) عَام 686 ق . م .
العَصْر العَوْدَة مِنْ السَبْي .
سِمَتُه الله مُحَرِّرِي .
الأسْفَار عِزْرَا .. نَحَمْيَا .. أسْتِير .
غَايَتُهَا عِزْرَا إِقَامِة هَيْكَل الرَّبَّ ..
سَنَوَات الصَمْت .. حَوَالِي 400 سَنَة .. الفِتْرَة قَبْلَ مَجِئ الْمَسِيح وَبَعْد العَوْدَة مِنْ السَبْي حَكَمُوا بِهَا أُنَاس غَيْرَ مَمْلَكَتَيَّ بَابِل وَآشُور وَهُمْ مَادِي وَِفَارِس .. ثُمَّ حَكَمَ البَطَالِسَة .. ثُمَّ المِيكَابِيِينْ قَبْلَ مَجِئ الْمَسِيح .. ثُمَّ الرُّومَان وَهُوَ عَصْر مَجِئ الْمَسِيح .
هُنَا عَصْر مِلء الزَّمَانْ مُشْتَهَى الأجْيَال أوْ عَصْر النِّعْمَة العَصْر الَّذِي أتَى فِيهِ الْمَسِيح وَصَنَعَ الخَلاَص وَحَرَّرْ الإِنْسَان وَعَتَقَهُ وَأسَّسَ كَنِيسَتَهُ وَهِيَ فِتْرِة كِنِيسِة العَهْد الجَدِيدْ وَالرَّسَائِل وَسِفْر الأعْمَال وَيَسْتَمِر هذَا العَصْر حَتَّى اليَوْم عَصْر إِمْتِدَاد المَلَكُوت وَالتَّمَتُّع بِالغُفْرَان وَزَمَنْ التُوْبَة مَفْتُوح وَمَذْبَحَهُ أمَامَنَا وَكَأنَّ كُلَّ مَا عَجَزَ عَنْهُ الإِنْسَان قَبْلَ الْمَسِيح رَدَّهُ لَنَا الْمَسِيح .. رَدَّ لَنَا كَرَامِتْنَا المَفْقُودَة .
عَصْر ضِدْ الْمَسِيح .. الْمَسِيح الدَّجَال وَظُهُور إِيلِيَّا وَأخْنُوخ وَهذَا قَبْل المَجِئ الثَّانِي لِلْمَسِيح وَانْقِضَاء الدَّهر .
هذِهِ قِصِّة خَلاَص العَالَمْ مُنْذُ أنْ أوْجَدْنَا وَأحَبَّنَا لكِنَّنَا سَقَطْنَا وَهُوَ لَمْ يَتْرُكْنَا بَلْ تَعَهَّدْنَا بِالأنْبِيَاء القِدِّيسِينْ وَأنْذَرْنَا وَعَلَّمْنَا .. ثُمَّ أتَى بِنَفْسِهِ وَأسَّسَ كَنِيسَتَهُ وَفِي إِنْتِظَارْ أنْ يَأتِي عَلَى السَّحَاب لِيَأخُذْنَا .
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته
لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِينْ
يوم الرب فى سفر يوئيل
هُوَ السِفْر الوَحِيد الَّذِي تَكَلَّمَ بِوُضُوح عَنْ عَطِيِة الرُّوح القُدُس لَمَّا قَالَ { وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ أنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَيَحْلَمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَماً وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى } ( يؤ 2 : 28 ) .
الأصْحَاحُ الثَّالِثُ :0
========================
يَوْم الدَيْنُونَة
===============
الله يُكَلِّم شَعْبُه وَيَحِثَّهُمْ عَلَى التَوْبَة ثُمَّ يُنْذِرَهُمْ أنَّهُ مُمْكِنْ يُؤدِّبَهُمْ بِشُعُوبٍ أُخْرَى .. ثُمَّ قَالَ إِنْ شَعَرْت أنَّ هذِهِ الشُّعُوب سَتَقْوَى عَلَى شَعْبِي أرْفُض ذلِك وَأقُول لِهذِهِ الشُّعُوب أنَا مَنْ سَمَحْت لَكُمْ بِسَبي شَعْبِي وَلَيْسَت قُوَّتِكُمْ وَإِنْ أرَدْتُمْ مَعْرِفَة إِنِّي مُحَرِّكَكُمْ فَإِنِّي سَأجْعَل شَعْبِي يَغْلِبَكُمْ وَكَمَا أذْلَلْتُمْ شَعْبِي سَأجْعَلَهُ يُذِلُّكُمْ .. لِذلِك الأصْحَاح الثَّالِث يَتَكَلَّم عَنْ يَوْم مَجِئ الرَّبَّ أي يَوْم الدَيْنُونَة .
الله يَتَمَجَّد بِكَسْر كِبْرِيَاء الأُمَم الَّذِينَ إِفْتَخَرُوا أنَّهُمْ قَادِرِين عَلَى مَذَلِّة شَعْب الله وَيُكْرِم وَيُمَجِّد شَعْبُه فِي نَفْس الوَقْت خَاصَّةً وَأنَّهُمْ إسْتَجَابُوا لِنِدَاء التُوْبَة .. { قَدِّسُوا صَوْماً نَادُوا بِاعْتِكَافٍ اجْمَعُوا الشُّيُوخَ جَمِيعَ سُكَّانِ الأَرْضِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ .... } ( يؤ 1 : 14) .. { اِجْمَعُوا الشَّعْبَ قَدِّسُوا الْجَمَاعَةَ ...... } ( يؤ 2 : 16 ) .. { مَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ ...... } ( يؤ 2 : 13 ) .. تَابَ الشَّعْب وَالله يُذِل الأُمَم { لأِنَّهُ هُوذَا فِي تِلْكَ الأيَّامِ وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ عِنْدَمَا أَرُدُّ سَبْيَ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ أَجْمَعُ كُلَّ الأُمَمِ وَأُنَزّلُهُمْ إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاطَ } ( يؤ 3 : 1 – 2 ) .. كُلَّ أُمَّة ظَنَّتْ أنَّهَا أقْوَى مِنْ شَعْبِي وَافْتَخَرَت بِقُوَّتِهَا أجْمَعُهَا فِي وَادِي يَهُوشَافَاط .. " يَهُوشَافَاط " تَعْنِي " يَهوه يَدِين " أي وَادِي الدَيْنُونَة .. الله يُرِيدَك أنْ تَعْرِف أنَّ الحَرْب لِلرَّبَّ وَإِنْ كَانَ قَدْ سَمَحَ بِمَذَلَّة فَهُوَ الَّذِي سَمَحَ .
{ وَأُحَاكِمُهُمْ هُنَاكَ عَلَى شَعْبِي وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ بَدَّدُوهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ } ( يؤ 3 : 2 ) .. الله لَهُ حُكْمه .. هذِهِ مُحَاكَمِة الأُمَم أوْ مُحَاكَمِة الأشَّرَار .. يَهُوشَافَاط أي يَهوه يَدِين .. هذَا الوَادِي كَانَ شَرْق أُورُشَلِيم .. الله سَيَجْمَع فِيهِ الأُمَم لِيَدِينَهُمْ ثُمَّ يُمَجِّد شَعْبُه .. الله يَقُول سَأجْعَلَكُمْ تَحْضَرُون الدَيْنُونَة حَتَّى أنَّ الآبَاء يَقُولُون أنَّ يُوْم يَهُوشَافَاط هُوَ يُوْم الصَّلِيب .. أنَّ الله أدَانَ الخَطِيَّة فِي الجَسَد وَأذَلَّ مَمْلَكِة العَدُو وَكِبْرِيَاء الشَّيْطَان .. هذَا يُوْم الدَيْنُونَة .. يُوْم رَدَّ لَنَا المَلَكُوت .. يُوْم المَحَبَّة البَاذِلَة .
الله يَقُول كُلَّ يُوْم دَعْوَة إِلهِيَّة لِلذِهَاب إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاط وَهُنَاك يَحْدُث شَيْئَان هُمَا دَيْنُونِة الأُمَم وَتَمْجِيد شَعْب الله وَهذَا مَا يَحْدُث فِي الصَّلِيب إِدَانِة الخَطِيَّة وَقُوَّات الظُلْمَة وَمَجْد وَبِر لأِوْلاَد الله .. دَعْوَة إِلهِيَّة مُتَجَدِّدَة لِلذِهَاب إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاط كَي تَهْزِم عَدُو الخِير وَتَنْطَلِق إِلَى أُورُشَلِيم وَكَمَا يَقُول بُولِس الرَّسُول { فَلْنَخْرُجْ إِذاً إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ } ( عب 13 : 13) .. نَخْرُج إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاط .. لِذلِك يُوْم الدَيْنُونَة لَيْسَ يُوْم تَارِيخِي بَلْ كُلَّ أيَّام حَيَاتَك تُحَاكِم فِيهِ كُلَّ قُوَى الشَّر .. لِتَغْلِب فِيهِ العَدُو بِكُلَّ قُوَّاتُه .. يُوْم طَرْد العَدُو وَكُلَّ جُنُودُه .. الله يَقُول أوْلاَدِي غَالِبِين وَلأِنِّي سَلَّمْتَهُمْ لَكُمْ تَخَيَّلْتُمْ أنَّهُمْ غِير غَالْيِين عَلَيَّ .. لاَ .. هُمْ غَالْيِين جِدّاً عِنْدِي لِذلِك سَأُخْضِع كِبْرِيَاءَكُمْ .
{ وَأُحَاكِمُهُمْ هُنَاكَ عَلَى شَعْبِي وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ بَدَّدُهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ } .. أنَا سَآخُذْ ثَأرَ شَعْبِي وَأرُدّ كَرَامِة شَعْبِي .. كَمَا سَيَقُول لِلأُمَم { أَرُدُّ عَمَلَكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ } ( يؤ 3 : 4 ) .. لِمَاذَا يَارَبَّ ؟ { لأِنَّكُمْ أَخَذْتُمْ فِضَّتِي وَذَهَبِي وَأَدْخَلْتُمْ نَفَائِسِي الْجَيِّدَةَ إِلَى هَيَاكِلِكُمْ } ( يؤ 3 : 5 ) .. نَحْنُ نَفَائِس الله .. أحَدٌ الآبَاء يَقُول { لَيْسَ لَكَ خِسَارَة سِوَى هَلاَكِنَا } .. وَهُوَ يَقُول { لَذَّاتِي مَعَْ بَنِي آدَمَ } ( أم 8 : 31 ) .. أنْتُمْ أغْلَى شِئ عَنْدِي لِذلِك سَأرُدّ عَمَلِهِمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ .. الذَّهَب يُشِير إِلَى الحَيَاة السَّمَاوِيَّة وَالفِضَّة تُشِير إِلَى كَلِمَة الله أي أنَّهُ يَقُول لِلأُمَم أنْتُمْ أخَذْتُمْ أغْلَى شِئ عِنْدِي .. أخَذْتُمْ الغَالِي لِي وَوَضَعْتُمُوهُ فِي هَيَاكِلَكُمْ الَّتِي لِلأصْنَام .
{ وَبِعْتُمْ بَنِي يَهُوذَا وَبَنِي أُورُشَلِيمَ لِبَنِي الْيَاوَانِييِّنَ لِكَيْ تُبْعِدُوهُمْ عَنْ تُخُومِهِمْ } ( يؤ 3 : 6 ) .. " الْيَاوَانِييِّنَ " هُمْ قَوْم يَشْتَرُون العَبِيد .. أي الأُمَم تَعَامَلُوا مَعَ أوْلاَدِي بِالهَوَان مَعَ فِضَّتِي وَذَهَبِي لِذلِك أرُدّ عَلَيْهِمْ عَمَلِهِمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ .. جَمِيل أشْعِيَاء النَّبِيّ لَمَّا فَهَمَ الدَرْس وَقَالَ وَكَأنَّ الله إِسْتَخْدِم مُنْشَار لِقْطع قِطْعِة خَشَب .. الفَضْل لِمَنْ لِلمُنْشَار أم اليَدْ المُسْتَخْدِمَة لِلمُنْشَار ؟ بِالطَبْع لِليَدْ .. الأُمَم هُمْ المُنْشَار وَالله هُوَ اليَدْ المُسْتَخْدِمَة .. إِنْ كُنْتُمْ كَالمُنْشَار فَأنَا أسْتَخْدِمَكُمْ فَلاَ تَفْتَخِرُوا عَلَيَّ لأِنِّي سَأرُدّ حُرِّيَة شَعْبِي .
نَحْنُ نَصِيب الله وَمِيرَاثُه أغْلَى شِئ عِنْدُه لِذلِك صَعْب عَلَى الله أنْ يَرَى أوْلاَدُه يُبَدَّدُون وَيُسْتَعْبَدُون بِأرْخَص الأثْمَان لِلخَطِيَّة وَيَبِيعُوا الأبَدِيَّة بِالتُرَاب لِذلِك يَقُول أنَا لِي مُحَاكَمَة فِي ذلِك الأمر .. الهَيَاكِل هِيَ مَلَذَّات العَالَم .. نَحْنُ نَصِيب الله وَنَفَائِسَهُ { إِنَّ قِسْمَ الرَّبِّ هُوَ شَعْبُهُ . يَعْقُوبُ حَبْلُ نَصِيبِهِ } ( تث 32 : 9 ) .. قَدِيماً كَانُوا يَقِيسُون مُمْتَلَكَاتِهِمْ بِالحَبْل .. الله لَهُ نَصِيب لَيْسَ أرْض بَلْ أوْلاَد أنْتُمْ يَعْقُوب حَبْل نَصِيبُه .. لِذلِك أرَادَ أنْ يَرُدْ لأِوْلاَدُه كَرَامَتِهِمْ المَسْلُوبَة لاَ يَدْخُلُونَ بِهَا إِلاَّ لِهَيْكَل الله وَلَيْسَ هَيَاكِل الوَثَنْ .
{ هَأَنَذَا أُنْهِضُهُمْ مِنَ الْمَوْضِع الَّذِي بِعْتُمُوهُمْ إِلَيْهِ وَأَرُدُّ عَمَلَكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ . وَأبِيعُ بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ بِيَدِ بَنِي يَهُوذَا لِيَبِيعُوهُمْ لِلسَّبَائِييِّنَ لأُِمَّةٍ بَعِيدَةٍ لأِنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ } ( يؤ 3 : 7 – 8 ) .. كَمَا فَعَلْتُمْ بأوْلاَدِي أفْعَلُ بِكُمْ بِأوْلاَدِي .. هُمْ يَدِينُوكُمْ لِذلِك لَكُمْ الدَيْنُونَة وَلأِوْلاَدِي الحُرِّيَّة لأِنَّ الأشْرَار سَيُدَانُون بِوَاسِطَة الأبْرَار .. { نَادُوا بِهذَا بَيْنَ الأُمَمِ . قَدِّسُوا حَرْباً } ( يؤ 3 : 9 ) .. الله يُرِيد تَقْدِيس حَرْب بَيْنَ مَمْلَكَتِهِ وَمَمْلَكِة الظُّلْمَة .. بَيْنَ أوْلاَد الله وَشَعْب الأرْض .
{ قَدِّسُوا حَرْباً أَنْهِضُوا الأبْطَالَ لِيَتَقدَّمْ وَيَصْعَدْ كُلُّ رِجَالِ الْحَرْبِ . اِطْبَعُوا سِكَّاتِكُمْ سُيُوفاً وَمَنَاجِلَكُمْ رِمَاحاً } ( يؤ 3 : 9 – 10 ) .. هَات كُلَّ قُوِّتَك .. وَكَأنَّ الله دَخَلَ تَحَدِّي مَعَ شُعُوب الأرْض .. هَات كُلَّ رِجَالَك .. كُلَّ مَنْ عِنْدُه سِكِّين يُحَوِلْهَا إِلَى خَنْجَر وَكُلَّ مَنْجَل لِلعُشْب حَوِّلَهُ إِلَى رُمْح .. هَات كُلَّ إِمْكَانِيَاتَك الحَرْبِيَّة .. { لِيَقُلِ الضَّعِيفُ بَطَلٌ أَنَا . أَسْرِعُوا وَهَلُمُّوا يَا جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَاجْتَمِعُوا . إِلَى هُنَاكَ أَنْزِلْ يَارَبُّ أَبْطَالَكَ . تَنْهَضُ وَتَصْعَدُ الأُمَمُ إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاطَ لأِنِّي هُنَاكَ أَجْلِسُ لأُِحَاكِمَ جَمِيعَ الأُمَمِ } ( يؤ 3 : 10 – 12 ) .
مَاذَا يَفْعَل الله يُوْم الدَيْنُونَة ؟ سِر الغَلْبَة لَيْسَ فِي الإِنْسَان أوْ فِي سِلاَحُه بَلْ فِي مَعِيِّة الله .. يَقُول أنْتُمْ إِتَكَلْتُمْ عَلَى ذَوَاتِكُمْ وَإِمْكَانِيَاتَكُمْ لكِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ مَنْ أقْوَى أنَا أم إِمْكَانِيَاتِكُمْ .. إِحْذَر أنْ تَرَى نَفْسَك ضَعِيف وَسَطْ العَدُو .. أنْتَ قَادِر .. لِيَقُل الضَّعِيف بَطَلٌ أنَا .. كَثِيراً مَا يَفْقِدَنِي العَدُو ثِقَتِي فِي الله لِذلِك أشْعُر بِضَعْف وَيَغْلِبَنِي إِحْسَاس الضَّعْف فَيُبَدِّد كُلَّ القُوَى .. لاَ .. يَجِب أنْ أتَمَسَّك بِإِلهِي وَأثِق فِيهِ .. مَا أجْمَل قَوْل دَاوُد النَّبِي عِنْدَمَا قَالَ { الَّذِي يُعَلِّمُ يَدَيَّ الْقِتَالَ فَتُحْنَى بِذِرَاعَيَّ قَوْسٌ مِنْ نُحَاسٍ } ( مز 18 : 34 ) .. نَعَمْ هُوَ يُعَلِّمَنِي لِذلِك يَقُول " لِيَقُلِ الضَّعِيفُ بَطَلٌ أَنَا " .. تَشَدَّد لأِنَّهُ وُجِدَ شَدِيداً ( مز 46 : 1 ) لأِنَّ الله يَعْمَل فِي ضَعْفَك وَكَمَا قَالَ بُولِس الرَّسُول { حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ } ( 2كو 12 : 10 ) .. { أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي } ( في 4 : 13 ) .. لِذلِك يَأخُذْ الإِنْسَان قُوَّتَهُ مِنْ الله .
{ أَرْسِلُوا الْمِنْجَلَ لأِنَّ الْحَصِيدَ قَدْ نَضَجَ . هَلُمُّوا دُوسُوا لأِنَّهُ قَدِ امْتَلأَتِ الْمِعْصَرَةُ . فَاضَتِ الْحيَاضُ لأِنَّ شَرَّهُمْ كَثِيرٌ } ( يؤ 3 : 13 ) .. إِرْسِل المِنْجَل وَسَتَرَى جَنْي الله .. الله يَجْنِي الأبْرَار وَالأشَّرَار .. { جَمَاهِيرُ جَمَاهِيرُ فِي وَادِي الْقَضَاءِ لأِنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَرِيبٌ فِي وَادِي الْقَضَاءِ . الْشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَظْلُمَانِ وَالنُّجُومُ تَحْجُزُ لَمَعَانَهَا } ( يؤ 3 : 14 – 15 ) .. قَدْ جَاءَت النِّهَايَة وَأعْلَنْتُ غَضَبِي .. أعْلَنْت الحَرْب عَلَى الأُمَمِ لأِنَّهُمْ أهَانُوا أوْلاَدِي وَبَاعُوهُمْ وَأخَذُوا فِضَّتِهِمْ وَذَهَبِهِمْ .. لله يَوْم حَرْب يَوْم ظُلْمَة يَخْتَفِي فِيهِ كُلُّ شَيْءٍ .. يَوْم الصَّلِيب حَدَثِت ظُلْمَة .
{ وَالرَّبُّ مِنْ صِهْيَوْنَ يُزَمْجِرُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ يُعْطِي صَوْتَهُ فَتَرْجُفُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ } ( يؤ 3 : 16) .. لاَ تَتَخَيَّلُوا إِنِّي سَأظَلُّ حَنَّان دَائِماً لكِنِّي أحْيَاناً أكُون كَأسَدٌ .. فِي يُوْم الدَيْنُونَة سَتَرَى الْمَسِيح فِي هَيْئَة أُخْرَى فِي بَهَاء وَمَجْد حَتَّى أنَّ الأشَّرَار لَنْ يَحْتَمِلُوا رُؤيَتَهُ .. هُوَ يُزَمْجِر لِدَيْنُونِة الأشَّرَار وَيَخْتَفِي الأبْرَار فِي شَخْصُه وَتَرْتَجِف أمَامه كُلَّ الخَلِيقَة .. { وَلكِنَّ الرَّبَّ مَلْجَأٌ لِشَعْبِهِ وَحِصْنٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ . فَتَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ سَاكِناً فِي صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مُقَدَّسَةً وَلاَ يَجْتَازُ فِيهَا الأَعَاجِمُ فِي مَا بَعْدُ } ( يؤ 3 : 16 – 17 ) .. أنْتُمْ طَمَعْتُمْ فِي أوْلاَدِي وَفِي أُورُشَلِيم .. لاَ .. إِنْ كُنْتُ قَدْ سَمَحْت لَكُمْ أنَا لكِنْ هذِهِ لَيْسَت قُوَّتِكُمْ وَلَنْ تَكُون أُورُشَلِيم لَكُمْ .. الله يَسْكُنْ وَحْدَهُ فِي أُورُشَلِيم وَإِنْ دَخَلِت الخَطِيَّة لاَ تَجْتَازُ فِيهَا .. لاَ تَجْعَل الخَطِيَّة تَجْتَاز قَلْبَك وَلاَ تَدْخُلَهُ مَحَبَّة غَرِيبَة تَأخُذٌ إِهْتِمَامَاتَك وَلاَ يَجْتَاز فِيك شَرْ .. الله يُرِيدْنَا جِبَال مُقَدَّسَة لَهُ .. مِلْكُه .
{ وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ الْجِبَالَ تَقْطُرُ عَصِيراً وَالتِّلاَلُ تَفِيضُ لَبناً وَجَمِيعُ يَنَابِيعِ يَهُوذَا تَفِيضُ مَاءً } ( يؤ 3 : 18) .. مَا هذَا كُلَّهُ ؟ عَطَايَا الرُّوح .. يَقُول أنَّ الجِبَال سَتُعْطِي عَصِير .. هَلْ يُعْقَل ذلِك ؟!! نَعَمْ نَحْنُ جِبَال الله .. الكِنِيسَة جَبَلْ الله المُقَدَّس الَّذِي يَتَجَلَّى عَلِيه يَوْمِياً وَيَفِيض عَصِير أي عَطَايَا الرُّوح وَتِلاَل مَحَبَّتِهِ تَفِيضُ لَبَناً أي غِذَاء .. وَكَأنَّ الله يَقُول سَأتَوَلاَّكُمْ أنَا .. أنَا غِذَاءَكُمْ .
{ وَمِنْ بَيْتِ الرَّبِّ يَخْرُجُ يَنْبُوعٌ وَيَسْقِي وَادِي السَّنْطِ } ( يؤ 3 : 18 ) .. وَادِي السَّنْط وَادِي جَاف جِدّاً كَيْفَ يَكُونُ فِيهِ يَنْبُوع ؟ هذَا عَمَلْ رُوح الله فِي كَنِيسَتَهُ أنَّهَار مَاء .. رُوح مُتَجَدِّدَه بِاسْتِمْرَار .. يَنَابِيع الرُّوح تَبْدأ دَائِماً بِالمَاء أي المَعْمُودِيَّة .. مَاء يَسْقِي وَادِي السَّنْط أي النِفُوس الجَافَّة البَعِيدَة عَنْ مَاءه تَرْتَوِي مِنْ خِلاَل مَاء السَّنْط .. المَعْمُودِيَّة تُحَوِّل الحَيَاة مِنْ جَفَاف وَانْعِدَام ثَمَر إِلَى حَيَاة رُوحِيَّة مُثْمِرَة .
{ مِصْرُ تَصِيرُ خَرَاباً وَأَدُومُ تَصِيرُ قَفْراً خَرِباً مِنْ أَجْلِ ظِلْمِهِمْ لِبَنِي يَهُوذَا الَّذِينَ سَفَكُوا دَماً بَرِيئاً فِي أَرْضِهِمْ } ( يؤ 3 : 19 ) .. مِصْر .. أدُوم هذِهِ أقْوَى الأُمَم فِي هذَا الوَقْت .. فِي وَقْت كَانَتْ بَابِل وَوَقْت آخَر كَانَتْ أشُور .. وَكَانَتْ أدُوم فِي وَقْتٍ آخَر .. فِي هذَا الوَقْت كَانَتْ مِصْر هِيَ القُوَى العُظْمَى فِي العَالَم وَالله يَقُول سَأجْعَلُهَا خَرَاب .. شِئ صَعْب .. { وَلكِنَّ يَهُوذَا تُسْكَنُ إِلَى الأَبَدِ وَأُورُشَلِيمَ إِلَى دُوْرٍ فَدَوْرٍ . وَأُبَرِّئُ دَمَهُمُ الَّذِي لَمْ أُبَرِّئْهُ } ( يؤ 3 : 20 – 21 ) .. أنَا كُنْتُ نَاظِر لِكُلَّ ظُلْم وَكُلَّ مَذَلَّة لِذلِك أنَا أحَامِي عَنْكُمْ .. أنَا رَأيْت الدَّم البَرِئ المَسْفُوك وَأنَا سَأرُّد لَكُمْ حَقُّكُمْ .
{ الرَّبُّ يَسْكُنُ فِي صِهْيَوْنَ } ( يؤ 3 : 21 ) .. هذَا مَكَانَهُ .. جَيِّد هُوَ الإِنْسَان المُطْمَئِنْ أنَّ الله دَاخِلُه .. جَيِّد أنْ نَرَى أنَّ الله مُسْتَخْدِم الظُّرُوف وَهُوَ مُحَرِّك الأُمَم وَهُوَ السَّامِح بِالنُصْرَة وَالهَزِيمَة .. يَعْقُوب أحَبَّ نَصِيبَهُ .. كِنِيسْتُه هِيَ نَصِيبُه وَإِنْ كَانَ سَمَحْ لَهَا وَسَطْ العَالَم بِاضْطِهَاد فَهُوَ المُحَامِي عَنْهَا وَلِنَرَى كَيْفَ مَرَّ شَعْبُه بِضِيقَات وَكَيْفَ كَانَ يُعَظِّمَهُمْ بِوَاسِطَة هذِهِ الضِيقَات .. وَإِنْ كَانَ سَمَح بِالعَشَرْة ضَرَبَات لِيَتَعَظَّمْ هُوَ .. وَإِنْ كَانَ سَمَحْ بِاضْطِهَاد فَلِكَي يُمَجِّدَك .
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيَسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه
لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
التوبة فى سفر يوئيل
مِنْ سِفْر يُوئِيل النَّبِي { وَلكِنِ الآنَ يَقُولُ الرَّبُّ ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ . وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأِنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ بَطِئُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ . لَعَلَّهُ يَرْجِعُ وَيَنْدَمُ فَيُبْقِيَ وَرَاءَهُ بَرَكَةَ تَقْدِمَةٍ وَسَكِيباً لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ . اِضْرِبُوا بِالْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ قَدِّسُوا صَوْماً نَادُوا بِاعْتِكَافٍ . اِجْمَعُوا الشَّعْبَ قَدِّسُوا الْجَمَاعَةَ احْشُِدُوا الشُّيُوخَ اجْمَعُوا الأطْفَالَ وَرَاضِعِي الثُّدِيِّ لِيَخْرُجِ الْعَرِيسُ مِنْ مُِخْدَعِهِ وَالْعَرُوسُ مِنْ حَجَلَتِهَا . لِيَبْكِ الْكَهَنَةُ خُدَّامُ الرَّبِّ بَيْنَ الرُّواقِ وَالْمَذْبَحِ وَيَقُولُوا اشْفِقْ يَارَبُّ عَلَى شَعْبِكَ وَلاَ تُسَلِّمْ مِيرَاثَكَ لِلْعَارِ حَتَّى تَجْعَلَهُمُ الأُمَمُ مَثَلاً . لِمَاذَا يَقُولُونَ بَيْنَ الشُّعُوبِ أَيْنَ إِلهُهُمْ . فَيَغَارُ الرَّبُّ لأِرْضِهِ وَيَرِقُّ لِشَعْبِهِ . وَيُجِيبُ الرَّبُّ وَيَقُولُ لِشَعْبِهِ هأَنَذَا مُرْسِلٌ لَكُمْ قَمْحاً وَمِسْطَاراً وَزَيْتاً لِتَشْبَعُوا مِنْهَا وَلاَ أَجْعَلُكُمْ أَيْضاً عَاراً بَيْنَ الأُمَمِ } ( يؤ 2 : 12 – 19 ) .
يُقَسَّم الأصْحَاح الثَّانِي فِي سِفْر يُوئِيل إِلَى أرْبَعَة أقْسَام :0
1/ آثَار غَضَبْ الله عِنْدَمَا يَأتِي غَضَبْ الله عَلَى شَعْب بِسَبَبْ خَطِيِتهُمْ نَجِد الله يَضْرَبَهُمْ بِعُقُوبَات شَدِيدَة وَنَسْتَطِيع أنْ نَقُول أنَّهَا ضَرْبَة مِنْ أجل الإِفَاقَة .. عِنْدَمَا يَعِيش الإِنْسَان فِي الشَّر يَكُون مَخْدُوع وَيَتَخَيَّل أنَّهُ أمر طَبِيعِي وَقَدْ يَقُول أنَّ النَّاس كُلَّهَا مِثْله .. وَقَدْ يَكُون لَيْسَ مَخْدُوع فَقَطْ بَلْ وَمُتَلَذِذ بِالشَّر .. الله يَقُول إِنْتَبِه { اِضْرَبُوا بِالْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ صَوِّتُوا فِي جَبَلِ قُدْسِي . لِيَرْتَعِد جَمِيعَ سُكَّانِ الأرْضِ لأِنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَادِمٌ لأِنَّهُ قَرِيبٌ . يَوْمُ ظَلاَمٍ وَقَتَامٍ يَوْمُ غَيْمٍ وَضَبَابٍ } ( يؤ 2 : 1 – 2 ) .. أحْيَاناً الإِنْسَان مِنْ غَفْلِة الخَطِيَّة لاَبُد أنْ يَفِيق لِذلِك هذَا الجُزْء مِنْ الأصْحَاح الثَّانِي دَعْوَة مِنْ الله مِنْ شِدِّة غَضَبُه وَلكِنْ لاَ يَظِل الله دَائِماً فِي غَضَبُه لأِنَّهُ إِله رَؤُوف .
2/ دَعْوَة لِلْتُوْبَة { ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ } .. نَعَمْ أنْتُمْ أغْضَبْتُمُونِي وَأنَا سَوْفَ أُؤَدِبَكُمْ لكِنْ فِي نَفْس الوَقْت إِنْ رَجِعْتُمْ إِلَيَّ سَأرْفَعْ غَضَبِي عَنْكُمْ حَتَّى أنَّهُ يَقُول { وَيَرِقُّ لِشَعْبِهِ وَيُجِيبُ الرَّبُّ وَيَقُولُ لِشَعْبِهِ هأنَذَا مُرْسِلٌ لَكُمْ قَمْحاً وَمِسْطَاراً وَزَيْتاً لِتَشْبَعُوا مِنْهَا } .. يَرِق الرَّبَّ لِشَعْبه بَعْدَمَا أخَذَ قَرَار بِالشِّدَّة وَالعُقُوبَة وَالقَسْوَة .
ثُمَّ نَجِد الله يَفْتَح بَاب التُوْبَة فِي نِهَايِة الأصْحَاح وَيَقُول الحَل فِي عَطِيِة الرُّوح القُدُس وَنَجِد أنَّهُ مِنْ أرْوَع مَا كُتِبْ عَنْ الرُّوح القُدُس .. { وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ } ( يؤ 2 : 28 ) أي بَعْد التُوْبَة { أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ } عَطِيِة الرُّوح القُدُس { وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى وَعَلَى الْعَبِيدِ أَيْضاً وَعَلَى الإِمَاءِ أَسْكُبُ رُوحِي فِي تِلْكَ الأيَّامِ وَأُعْطِي عَجَائِبَ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ دَماً وَنَاراً وَاعْمِدَةَ دُخَانٍ } .. الحَلْ فِي عَطِيِة الرُّوح القُدُس .
1/ غَضَبْ الله :0
================
{ اِضْرَبُوا بِالْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ صَوِّتُوا فِي جَبَلِ قُدْسِي . لِيَرْتَعِد جَمِيعَ سُكَّانِ الأرْضِ لأِنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَادِمٌ لأِنَّهُ قَرِيبٌ } .. دَائِماً ضَرْب البُوق يَرْمُز لإِعْلاَن الحَرْب أي دَعْوَة لِلجِهَاد الرُّوحِي .. أي عِنْدَمَا تَقُول الكِنِيسَة أنَّ هُنَاك فِتْرَة صُوْم كَأنَّ ذلِك بُوْق يِضْرَب .. مُجَرَّد أنْ تَرْشِم الصَّلِيب عَلَى جَسَدَك وَتَبْدأ تَسْجُد لِلرَّبَّ إِلهَك لِكَيْ تَرْفَع يَدَك بِالصَّلاَة كَأنَّ بُوْق يِضْرَب .. دَعْوَة لِلحَرْب .. إِضْرَبُوا بِالبُوْق .. مَا أجْمَل أنْ تَكُون حَيَاتِي دَائِماً إِسْتِجَابَة لِضَرَبَات البُوْق .. تَخَيَّل أنَّهُ عِنْدَمَا تَكُون هُنَاك حَالِة حَرْب وَيَضْرَبُوا بِالبُوْق وَتُحَارِب وَأنْتَ كَسُول .. لاَ .. الحَرْب لِلرَّبَّ .. فَكُنْ مُسْتَجِيب دَائِماً لِلبُوْق لِذلِك الأبَاء فَسَّرُوا صُوْت البُوْق أنَّهُ الإِنْجِيل .. دَائِماً كَلِمَة الله هِيَ صُوْت البُوْق .
البُوْق يُمَثِّل الوَصِيَّة الإِلهِيَّة .. مَرَّة يِكَلِمَك عَنْ الوَصِيَّة الإِلهِيَّة إِنَّهَا ذَهَبْ وَمَرَّة هِيَ مَطْرَقَة وَمَرَّة هِيَ فَضَّة وَمَرَّة هِيَ مِرْآة لِذلِك ضَرْب البُوْق وَصِيَّة إِلهِيَّة تَعْمَل فِي النَّفْس مِنْ خِلاَل الجِهَاد الرُّوحِي ضِدْ الخَطِيَّة كَيْ تَغْلِب .. لِنَفْرِض أنَّ النَّفْس لَمْ تَأتِ بِضَرْب البُوْق فَهُنَاك طَرِيقَة أُخْرَى ..{ صَوِّتُوا فِي جَبَلِ قُدْسِي } أي صُوْت عَالِي جِدَّاً .. { لِيَرْتَعِد جَمِيعَ سُكَّانِ الأرْضِ لأِنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَادِمٌ لأِنَّهُ قَرِيبٌ . يَوْمُ ظَلاَمٍ وَقَتَامٍ يَوْمُ غَيْمٍ وَضَبَابٍ مِثْلَ الْفَجْرِ مُمْتَدَّاً عَلَى الْجِبَالِ . شَعْبٌ كَثِيرٌ وَقَوِيٌّ لَمْ يَكُنْ نَظِيرُهُ مُنْذُ الأزَلِ } .. إِنْ لَمْ تَأتِ بِصَوْت البُوْق سَتَأتِي بِالرِعْدَة وَالزَّلْزَلَة .. التَّعَدِّي وَالمَعْصِيَة إِنْ لَمْ تَتُبْ عَنْهَا بِرُوح الوَدَاعَة وَاسْتِجَابْتَك لِصُوْت الإِنْجِيل سَتَأتِي بِالمَخَافَة لِذلِك الله يَقُول لَيْتَكَ تَعُود إِلَيَّ بِالوَصِيَّة .. عِنْدَمَا تَسْمَع صُوْت الإِنْجِيل تَجَاوَب مَعَ حَنَان الله وَصُوْته وَلاَ دَاعِي لأِنْ يِرْهِبَك الله .
مَا أجْمَل أرْمِيَا عِنْدَمَا قَالَ لله { لاَ تَكُنْ لِي رُعْبُاً } ( أر 17 : 17) .. الله يَقُول إِنْتَبِه إِنْ لَمْ تَتُبْ إِسْتِجَابَة لِصَوْتِي سَأُرْعِبَك لِذلِك يَقُول { شَعْبٌ كَثِيرٌ وَقَوِيٌّ لَمْ يَكُنْ نَظِيرُهُ مُنْذُ الأزَلِ } .. الله عِنْده إِسْتِعْدَاد مِنْ صَلاَحه وَمَحَبِّته أنْ يُخِيف الإِنْسَان لأِجْل تُوْبته لِذلِك هُنَاك إِنْسَان صُوْت الله يَمْلأه سَلاَم وَآخَرْ لاَ يَسْتَجِيب هذَا الله يَتَعَامَل مَعَهُ بِأُسْلُوب آخَرْ .. مِثْل يُوْم الدَيْنُونَة الأخِير بِالنِسْبَة لِلمُؤمِنِين يُوْم عُرْس وَفَرَح وَمُكَافَأة وَبِالنِسْبَة لِلأشَّرَار يُوْم رُعْب وَخُوْف وَغِيم وَظَلاَم وَضَبَاب .. لِمَاذَا ؟ شَعْب كَثِير قَوِي .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّ الإِنْسَان لَمَّا تَهَاوَن وَعَاشْ فِي الشَّر بَدأ يَبْتَعِد عَنْ الله وَأصْبَح يَحْيَا فِي جَفَاف فَجَسَده لاَ يَتَمَتَّع بِالله وَلاَ نَفْسه وَلاَ رُوحه .. نَارْ تَأكُل لَهِيب يِحْرَق الأرْض .. أمَامه قَفْر خَرَاب لاَ تَكُون مِنْهُ نَجَاة .. عَلاَمَات إِنْذَار الله لِشَعْبه لِذلِك يَقُول سَيَكُون مَنْظَره كَالخِيل يَأتُون بِمَرْكَبَات .. نَار تَأكُل .. قَوْم أقْوِيَاء مُصْطَّفِين لِلقِتَال .
المُتَهَاوِن فِي حَيَاته الرُّوحِيَّة يَقْوَى عَلِيه الأعْدَاء وَيُحَارِبوه بِانْتِظَام .. { مُصْطَفِّينَ لِلْقِتَالِ . مِنْهُ تَرْتَعِدُ الشُّعُوبِ . كُلُّ الْوُجُوهِ تَجْمَعُ حُمْرَةً . يَجْرُونَ كَأبْطَالٍ . يَصْعَدُونَ السُّورَ كَرِجَالِ الْحَرْبِ } .. عِنْدَمَا لاَ تَسْتَجِيب النَّفْس لِلوَصِيَّة يُحِيط بِهَا الأعْدَاء وَيُعْلِنْ سُلْطَان العَدُو .. مَتَى نَشْعُر أنَّ العَدُو جَبَّار ؟ عِنْدَمَا نَتْرُك الله .. نَجِد إِنْسَان يِشْتِكِي مِنْ الخَطِيَّة فِي يَأس وَيَقُول لاَ أسْتَطِيع .. مَتَى يَحْدُث هذَا .. وَلِمَاذَا ؟ لأِنَّهُ هُنَا يَشْعُر بِضَخَامِة حَجْم العَدُو .. وَمَتَى تَظْهَر ضَخَامِة العَدُو ؟ عِنْدَمَا يَتْرُك الإِنْسَان الله وَقُوَّتَه فَلاَ يَكُون رَجَاء فِي الغَلْبَة وَكُلَّ عَمَل فِينَا يَتَحَطَّمْ وَتَتَحَوَّل حَيَاتْنَا إِلَى قَفْر .. نَار تَأكُل وَلاَ يُوْجَدْ أبَداً رَجَاء وَالخَطِيَّة مُحْكَمَة .. { يَمْشُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرِيقِهِ وَلاَ يُغَيِّرُونَ سُبُلَهُمْ } حَرْب مُنَظَمَة .. نَاس تَأتِي لَك مِنْ فُوْق عَارْفِين طَرِيقَهُمْ .. { وَلاَ يُزَاحِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً } أي مُنَظَمِين .. عِنْدَمَا تَتَوَانَى النَّفْس تُسَلَّم لِيَدْ أعْدَائهَا وَالأعْدَاء يُحَارِبُونَهَا بِشَرَاسَة وَفِرْدُوس الله دَاخِل النَّفْس يَتَحَوَّل إِلَى قَفْر .. بِدِقَّة شَدِيدَة يُهَاجِم وَلاَ يَخْطَف لِذلِك لَنْ يَهْرَب مِنْهُ أحَدْ وَفِرْدُوس الله دَاخِل النَّفْس يَتَحَوَّل إِلَى قَفْر لِذلِك لَنْ يَهْرَب أحَدْ مِنْ هذِهِ الحَرْب وَثَمَرِة الخَطِيَّة تَأتِي عَلَى كُلَّ إِنْسَان حَتَّى وَإِنْ كَانَ فِي البِيت أم لاَ .. { يَتَرَاكَضُونَ فِي الْمَدِينَةِ يَجْرُونَ عَلَى السُّورِ يَصْعَدُونَ إِلَى الْبُيُوتِ يَدْخُلُونَ مِنَ الْكُوَى كَاللَِّصِّ } .. الله يُنْذِر الشَّعْب بِالخُوْف .
2/ دَعْوَة لِلتُوْبَة :0
==================
مِنْ أرْوَع فُصُول التُوْبَة فِي الكِتَاب المُقَدَّس .. الله كَشَفْ عَنْ فَاعِلِيِة الخَطِيَّة فِي النَّفْس وَكَشَفْ عَمَّا تُحْدِثه فِي النَّفْس مِنْ دَمَار وَفِي الجَسَدْ وَالرُّوح وَكَيْ لاَ يَقَعْ أحَدْ فِي هُوَة اليَأس يَفْتَح الله بَاب الرَّجَاء .. { الآنَ يَقُولُ الرَّبُّ ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ } .. الله يَقُول تَعَالَ .. هَلْ يُوْجَدْ حَلْ لِهذَا العَدُو الجَبَّار يَا الله ؟ يَقُول الله نَعَمْ إِرْجَعُوا إِلَيَّ بِكُلَّ قُلُوبَكُمْ .. تَعَالَ إِلَيَّ لكِنْ بِكُلَّ قَلْبَك .. كَيْفَ يَا الله ؟ يَقُول { بِالصُّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ . وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ } .. أنَا أُرِيد أنْ أرَى صُوْرَة حَقِيقِيَّة لِرِجُوعَك لِيَّ وَلَيْسَ رُجُوع بِرِيَاء .. عِنْدَمَا تِرْجَع إِلَيَّ لاَ تُمَزِق ثِيَابَك بَلْ مَزِق قَلْبَك .. لاَ تُمَزِق ثِيَابَك وَأنْتَ مَمْلُوء غُرُور .
دَعْوَة لِلتُوْبَة .. الله حَنُون عَلَى قَدْر مَا يُظْهِر قَسْوِة العَدُو عِنْدَمَا أتَرَاخَى عَلَى قَدْر مَا يَفْعَل ذلِك لِرِجُوعِي وَتَوْبَتِي .. مِثْل أب لَدَيْهِ إِبْن فِي الدِرَاسَة لكِنَّهُ مُتَرَاخِي وَمُسْتَهْتِر فَيَقُول لَهُ إِنْ حَصَلْت عَلَى دَرَجَات جَيِّدَة الشَّهْر القَادِم سَأُحْضِر لَكَ هِدِيَة .. وَالإِبْن مَازَال مُسْتَهْتِر فَيَقُول لَهُ إِنْ لَمْ تَحْصُل عَلَى دَرَجَات جَيِدَة الشَّهْر القَادِم سَأغْضَب مِنْكَ .. وَالإِبْن لاَ يَسْمَع فَيَقُول لَهُ مَادُمْت لاَ تَسْتَجِيب سَأُخْرِجَك مِنْ الدِرَاسَة مَادُمْت لاَ تُرِيدَهَا وَسَتَذْهَب إِلَى مِيكَانِيكِي تَعْمَل لَدَيْهِ وَتَسْهَر وَ ... هَلْ هذَا الأب يِكْرَه إِبْنه ؟ .. لاَ .. لكِنَّهُ يَرَاه غِير مُنْتَبِه لِمُسْتَقْبَله .. هكَذَا يَفْعَل الله مَعَنَا .. يَقُول سَأجْعَله يَوْم غِيم وَضَبَاب وَسَأُرْعِدَك وَسَتُرْعِبَك الشُّعُوب .. إِنْتَبِه أنْتَ مُسْتَهْتِر لاَ تَعْرِف مَاذَا تَفْعَل .. لَوْ سَلِّمْت نَفْسَك لِلأعْدَاء وَالخَطِيَّة سَتَجِدْ أنَّ الخَطِيَّة لاَ تُشْفِق وَسَتُحَوِلَك إِلَى قَفْر .. إِنْسَان بِلاَ ثَمَرْ مَنْهُوب فَاقِد الرَّجَاء وَفَاقِد الشَّخْصِيَّة .. هذَا حَال مَنْ يَحْيَا فِي الخَطِيَّة سَتَجِده يَائِس مُحْبَط كُلَّ الإِمْكَانِيَات مُتَوَفِرَة لَهُ لكِنَّهُ مَقْسُوْم لِذلِك قَالَ الله إِرْجَعُوا إِلَيَّ بِكُلَّ قُلُوبَكُمْ .. لَمَّا تُرِيد الرُّجُوع لله إِرْجَع لَهُ بِكُلَّ قَلْبَك .
الله أب وَإِنْ كَانَ يُؤَدِب فَإِنَّهُ يَنْتَظِر .. وَإِنْ كَانَ يُؤَدِب فَثِق فَإِنَّهُ يُؤَدِب مِنْ أجْل الرُّجُوع إِلِيه لأِنَّهُ لاَ يَشَاء هَلاَك إِنْسَان .. لَيْتَنَا نَسْتَجِيب لِهذِهِ الدَّعْوَة فِي فِتْرِة الصُوْم .. إِرْجَع لَهُ بِكُلَّ قَلْبَك .. القَلْب هُوَ مَرْكَز الإِنْفِعَالاَت وَالمَشَاعِر وَالحَيَاة .. وَجَرَت العَادَة أنْ تُطْلَق كَلِمَة " القَلْب " فِي الكِتَاب المُقَدَّس أوْ فِي تَعْبِير الأبَاء أنَّهُ يَرْمُز إِلَى الجَوْهَر الرُّوحِي لِلإِنْسَان لِذلِك إِرْجَع لَهُ بِكُلَّ قَلْبَك وَلِتَرَى أيْنَ قَلْبَك .. ضَعْ قَلْبَك أمَامه لِذلِك قَالَ { اجْعَلُوا قَلْبَكُمْ عَلَى طُرُقِكُمْ } ( حج 1 : 5 ) أي إِجْعَل القَلْب يُحَدِد أيْنَ يُرِيد أنْ يَكُون .. الله يُرِيدَك بِكُلَّ قَلْبَك .
فِرْعُون يَقُول لِمُوسَى وَهَارُون صَلِيَا لأِجْلِي عِنْدَ إِلهَكُمَا وَيَعْتَذِر .. نَقُول أنَّهُ تَاب .. لكِنَّهُ يَعُود ثَانِيَةً وَيُعَانِد لأِنَّهُ لَمَّا رَجَعْ لَمْ يَرْجَع بِكُلَّ قَلْبه بَلْ بِمُؤَثِر خَارِجِي .. لِذلِك إِنتْبِه أنْ تَعُود لَهُ بِكُلَّ قَلْبَك .. لِذلِك مِنْ عَلاَمَات الرُّجُوع لله بِكُلّ القَلْب أنَّ الجَسَدْ يَشْتَرِك مَعَ القَلْب .. الجَسَدْ وَالمَشَاعِر الإِثْنَان يُقَدَمَان لله .. الجَسَدْ يُقَدِم صُوْم وَالمَشَاعِر تُقَدِم بُكَاء .. بُكَاء لِدَرَجِة النَّوح لِذلِك يَقُول إِرْجَعُوا إِلَيَّ بِكُلَّ قُلُوبَكُمْ بِالصُوْم وَالبُكَاء وَالنَّوْح مَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ .. { ارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأِنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ بَطِئُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ } .. لَدَيْهِ الإِسْتِعْدَاد أنْ يَنْسَى كُلَّ مَا فَات لأِنَّهُ كَثِير الرَّأفَة وَالرَّحْمَة رَأفَتَهُ كَثِيرَة وَغَضَبه قَلِيل .. غَضَبه بَطِئ هذِهِ ثِقَتْنَا فِي إِلهْنَا .
لكِنْ مَا الَّذِي يَجْعَل غَضَبه يَظْهَر وَإِنْ كَانَ بَطِئ ؟ هَلْ هُوَ غَضَبه أم خَطَايَانَا ؟ بِالطَبْع خَطَايَانَا لِذلِك يَقُول أُرِيدَك أنْ تَرْجِع إِلَيَّ .. التُوْبَة تَهِز الأحْشَاء الدَّاخِلِيَّة لله .. يَقُول الشِيخ الرُّوحَانِي { مَنْ ذَا الَّذِي يُبْغِضَكِ أيَّتُهَا التَوْبَة إِلاَّ العَدُو لأِنَّكِ إِقْتَنَيْتِ كُلَّ مُقْتَنَاه } .. العَدُو فَقَطْ هُوَ الَّذِي يُبْغِض التُوْبَة لأِنَّهَا تَأخُذْ مِنْهُ النِفُوس الَّتِي سَلَبَهَا بِالخَطِيَّة .. التُوْبَة تُعِيدَهَا مَرَّة أُخْرَى لِذلِك العَدُو يِكْرَه التُوْبَة بِشِدَّة .. وَلِذلِك يُكَلِمَك عَنْ دَعْوَة لِلتُوْبَة وَالله نَاظِر إِلَى هذِهِ التَنَهُدَات وَالدِمُوع وَالنَّوْح .. الله يُرَاقِب هذِهِ القُلُوب لِذلِك جَيِّد أنْ يَقُول لَكَ الله إِرْجَع لِي وَجَيِّد أنَّهُ يَنْدَم عَلَى الشَّر لَعَلَّهُ يَرْجَع .. { لَعَلَّهُ يَرْجِعُ وَيَنْدَمُ } لَعَلَّهُ .. لأِنَّنَا نَتَرَجَّى مَرَاحِم الله .. نَحْنُ فِي الحَقِيقَة نَسْتَحِق العُقُوبَة .
فِي سِفْر بَارُوك يَقُول { نَحْنُ خَطَئْنَا وَنَافَقْنَا وَأثَمْنَا أيُّهَا الرَّبُّ إِلهْنَا } ( با 2 : 12) .. نَحْنُ نَسْتَحِق مَا يَحْدُث لَنَا مِنْ تَأدِيبَات لِذلِك يَقُول { أَنَّهُ مِنْ إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَنَّنَا لَمْ نَفْنَ } ( مرا 3 : 22 ) إِحْسَانَات الله .. لِذلِك نَقُول لَعَلَّهُ يَرْجَع أي مِنْ حَقِّهِ أنْ يَغْضَب مِنْ كَثْرِة خَطَايَانَا وَمِنْ حَقِّهِ أنْ يَرْجَع .. أحَدْ الأبَاء كَانَ يَنْصَح أوْلاَده عِنْدَمَا يَطْلُبُون رَحْمِة الله أنْ يَطْلُبُوهَا وَهُمْ يَتَرَجُونَهَا وَلَيْسَ عَنْ إِسْتِحْقَاق فَكَانَ يَقُول لَهُمْ هكَذَا قُولُوا { إِرْفَع يَارَبَّ غَضَبَك عَنَّا } .. مِنْ جِهَة إِسْتِحْقَاقَاتَنَا نَحْنُ نَفْنَ وَمِنْ جِهَة رَأفَاتَك أنْتَ تَغْفِر .. { إِفْتَح لَنَا يَارَبَّ ذلِك البَاب الَّذِي أغْلَقْنَاه عَلَى أنْفُسَنَا بِإِرَادَتْنَا إِنْ فَتَحَ فَهذَا حَقٌ وَإِنْ لَمْ يَفْتَح فَهذَا حَقٌ .. إِنْ فَتَحَ فَمِنْ جَزِيل رَأفَاته وَإِنْ لَمْ يَفْتَح فَمُبَارَك ذَاكَ الَّذِي أغْلَق عَلَيْنَا بِعَدْل } .
إِفْحَص كُلَّ الخَطَايَا سَتَجِدْ أنَّهَا كُلَّهَا بِإِرَادَتَك وَسَتَقُول أنَّهُ سَبَق الخَطِيَّة مَشَاعِر وَأفْكَار وَتَهَاوُن .. حَتَّى وَإِنْ لَمْ تَفْتَح فَمُبَارَك أنْتَ يَا الله .. نَحْنُ نَقِف أمَام الله نَطْلُب الرَّحْمَة لاَ لأِنَّنَا نَسْتَحِقَهَا بَلْ قِف أمَامه وَأنْتَ تَعْلَم أنَّكَ مُجْرِم مُتَلَبِس وَأمَام القَانُون جَرِيمَتَك تَسْتَحِق حُكْم مُعَيَّن وَأنْتَ تَطْلُب الرَّحْمَة فَهَلْ تَطْلُبْهَا بِحَقٌ أم بِتَوَسُل ؟ بِتَوَسُل وَالله يُعْطِي مَنْ يَطْلُبَهَا بِتَوَسُل .. { أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَاراً وَلَيْلاً وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ } ( لو 18 : 7 ) .
لِذلِك يَقُول { اِضْرِبُوا بِالْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ قَدِّسُوا صَوْماً نَادُوا بِاعْتِكَافٍ } .. خُذُوا الأمر بِجِدِيَّة إِنْ كَانَ العَدُو يُمْكِنْ أنْ يَذِلَكُمْ إِلَى هذِهِ الدَرَجَة وَيُحَارِبَكُمْ بِإِنْتِظَام وَيَأخُذْ ثَمَرَكُمْ .. إِنْ كَانَ العَدُو مُتَجَبِر عَلَيْكُمْ وَقَاسِي جِدَّاً .. إِنْ كَانَ العَدُو مُتَسَلِط وَجَبَّار إِلَى هذِهِ الدَرَجَة فَأمَام كُلَّ هذَا الجَبَرُوت قَدِّسُوا صَوْماً نَادُوا بِإِعْتِكَاف .. { اِجْمَعُوا الشَّعْبَ قَدِّسُوا الْجَمَاعَةَ احْشُدُوا الشُّيُوخَ اجْمَعُوا الأطْفَالَ وَرَاضِعِي الثُّدِيِّ } .. مَاذَا يَفْعَل رَاضِعِي الثَّدِيِّ ؟ كُلَّ هؤُلاَء يُمَثِلُون وِحْدَة وَاحِدَة هُمْ كُلُّهُمْ جَسَدْ الله وَأعْضَاءه .. كَنِيسَتَهُ .. إِجْمَعُوا الكُلَّ { لِيَخْرُجِ الْعَرِيسُ مِنْ مُِخْدَعِهِ وَالْعَرُوسُ مِنْ حَجَلَتِهَا } .. إِنْسَان يَقُول أنَا عَرِيس وَأُرِيد بَعْض الوَقْت مَعَ زَوْجَتِي .. نَقُول لَهُ هذَا وَقْت بُكَاء وَتُوْبَة وَتَنَهُّد .. إِجْمَعُوا الكُلَّ حَالِة حَرْب كَمَا يُحَارِبْنَا العَدُو بِنِظَام وَدِقَّة وَقَسْوَة هكَذَا لاَبُد أنْ نَسْتَعِد لَهُ لِذلِك يَقُول إِجْمَعُوا كُلَّ الشَّعْب .
مَا أجْمَل الكِنِيسَة الَّتِي يَرَى فِيهَا الله كُلَّ أعْضَاءهَا يَتَألَمُون وَقَلْبَهَا كُلَّه مَرْفُوع كُلَّ أعْضَاءهَا يَتَنَهَدُون وَيَصْرُخُون .. مَا أجْمَل الكِنِيسَة الَّتِي يَرَى الله كُلَّ أعْضَاءهَا يَصُومُون بِإِنْسِحَاق حَتَّى رَاضِعِي الثَّدِيِّ .. فَهَلْ هؤُلاَء أيْضاً يَهِمُوك يَا الله ؟ رَأيْنَا فِي أهل نِينَوَى أنَّهُمْ جَعَلُوا البَهَائِم تَصُوم مَعَهُمْ لأِنَّهُمْ أرَادُوا أنْ يَرَى الله فِيهُمْ نِفُوس مُنْسَحِقَة تَمَاماً .. لِذلِك يَقُول { لِيَبْكِ الْكَهَنَةُ خُدَّامُ الرَّبِّ بَيْنَ الرُِّوَاقِ وَالْمَذْبَحِ وَيَقُولُوا اشْفِقْ يَارَبُّ عَلَى شَعْبِكَ وَلاَ تُسَلِّمْ مِيرَاثَكَ لِلْعَارِ } .. طِلْبَة جَمِيلَة نَطْلُبَهَا .. نَحْنُ يَارَبَّ شَعْبَك وَمِيرَاثَك .. نَحْنُ حَقَّك .. نَحْنُ لَكَ يَارَبَّ .. جَيِّد أنْ نَطْلُب التُوْبَة بِهذِهِ الرُّوح .
الله يَطْلُب كُلَّ طَاقَات وَمَوَاهِب الإِنْسَان .. يُرِيد كُلَّ الإِنْسَان لِذلِك يَقُول { فَيَغَارُ الرَّبُّ لأِرْضِهِ وَيَرِقُّ لِشَعْبِهِ وَيُجِيبُ الرَّبُّ وَيَقُولُ لِشَعْبِهِ هأَنَذَا مُرْسِلٌ لَكُمْ قَمْحاً وَمِسْطَاراً وَزَيْتاً لِتَشْبَعُوا مِنْهَا وَلاَ أَجْعَلُكُمْ أَيْضاً عَاراً بَيْنَ الأُمَمِ } .. عِنْدَمَا يَجِدَنِي أُقَدِّم لَهُ تُوْبَة بِإِنْسِحَاق وَتَذَلُّل يَرُد لِي الخِير الَّذِي أعْطَانِي إِيَّاه .. لِتَرَى غِيرِة الله عَلَى أرْضِهِ .. يُقَدِّم لَكَ شَبَعْ الَّذِي هُوَ القَمْح .. وَالمِسْطَار هُوَ عَصِير الكَرْم رَمْز لِلفَرَح الرُّوحِي .. القَمْح هُوَ الطَّعَام رَمْز لِلغِذَاء الرُّوحِي .. الزِيت يَرْمُز لِعَطَايَا الرُّوح القُدُس .. الله يَقُول وَلاَ أجْعَلَكُمْ عَاراً بَيْنَ الأُمَم لأِنَّهُ يُعْطِيك عَطَايَا جَزِيلَة .. يُعْطِيك دَالَّة وَفَرْحَة .
{ وَالشِّمَالِيُّ أُبْعِدُهُ عَنْكُمْ وَأَطْرُدُهُ إِلَى أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَمُقْفِرَةٍ } .. الله يَقُول أنَا سَلَّطْت الشِّمَالِيُّ عَلَيْكُمْ وَجَعَلْتَهُ يُحَارِبَكُمْ لِذلِك أنَا الَّذِي أقْدِر أنْ أطْرُدَهُ .. فَيَقُول { لاَ تَخَافِي أَيَّتُهَا الأرْضُ ابْتَهِجِي وَافْرَحِي لأِنَّ الرَّبَّ يُعَظِّمُ عَمَلَهُ . لاَ تَخَافِي يَا بَهَائِمَ الصَّحْرَاءِ فَإِنَّ مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ تَنْبُتُ لأِنَّ الأشْجَارَ تَحْمِلُ ثَمَرَهَا التِّينَةُ وَالْكَرْمَةُ تُعْطِيَانِ قُوَّتَهُمَا } .. الله يُقَدِّس كُلَّ طَاقَات الإِنْسَان عَنْ طَرِيقٌ مَوَاهِب الرُّوح القُدُس الَّتِي يُعْطِيهَا لَهُ وَيَرُد البَهْجَة وَيُؤَدِب الأعْدَاء وَيَقُول لَهُمْ لاَ تَتَخَيَلُوا أنَّكُمْ أقْوِيَاء .. لاَ .. أنَا مَنْ سَمَحْت لَكُمْ بِهذِهِ القُّوَة .. أنَا إِسْتَخْدِمْتُكُمْ عَصَا تَأدِيب لِشَعْبِي .
{ يَا بَنِي صِهْيَوْنَ ابْتَهِجُوا وَافْرَحُوا بِالرَّبِّ إِلهِكُمْ لأِنَّهُ يُعْطِيكُمْ الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ عَلَى حَقِّهِ وَيُنْزِلُ عَلَيْكُمْ مَطَراً مُبَكِّراً وَمُتَأَخِّراً فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ } .. إِرْتَبَطَ دَائِماً المَطَر بِعَمَل الرُّوح القُدُس .. دَائِماً يُرْمَز لِعَمَل الرُّوح القُدُس بِالمِيَاه بِكُلَّ أنْوَاعْهَا وَمِنْ أجْمَل أنْوَاع المِيَاه مِيَاه المَطَر لأِنَّ مَصْدَرْهَا السَّمَاء مُبَاشَرَةً .. المَطَر الَّذِي يَأتِي مِنْ السَّمَاء مُبَاشَرَةً هُوَ رَمْز لِفِيض عَطَايَا الرُّوح القُدُس المِيَاه المُقَدَّسَة لِذلِك يَتَكَلَّم عَنْ نُوعِين مِنْ المَطَر مَطَر مُتَقَدِم وَمَطَر مُتَأخِّر .. المَطَر المُتَقَدِّم هُوَ إِنْسِكَاب رُوح الله عَلَى الإِنْسَان طُول الفِتْرَة الَّتِي عَرَفَ الله فِيهَا .. المَطَر المُتَأخِّر فَهُوَ عَطِيِة الرُّوح القُدُس الَّتِي أعْطَاهَا الله لِكَنِيسَتَهُ يَوْم الخَمْسِين .. إِذاً الله أعْطَى البَشَرِيَّة مَطَر مُتَقَدِم مُنْذُ أنْ خَلَقَ الخَلِيقَة .. وَكَانَ { رُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ } ( تك 1 : 2 ) .. وَالمَطَر المُتَأخِّر فِي يُوْم الخَمْسِين لِذلِك الأبَاء القِدِّيسُون يَقُولُون أنَّ لِكُلَّ إِنْسَان مَطَر مُتَقَدِم وَمَطَر مُتَأخِّر .
أنَا يَوْمِياً عِنْدِي مَطَر مُتَقَدِم وَمَطَر مُتَأخِّر .. وَلِنَنْتَبِه أنَّهُ أحْيَاناً يَكُون بَيْنَ المَطَر المُتَقَدِّم وَالمُتَأخِّر فِتْرِة جَفَاف فَلاَ تَحْزَن إِنْ مَرِّت فِي حَيَاتَك فَتَرَات فُتُور رُوحِي لأِنَّكَ بِذلِك تَكُون بَيْنَ المَطَر المُتَقَدِّم وَالمُتَأخِّر .. عِنْدَمَا تَجِد أنَّ المَطَر تَأخَّر مَاذَا تَفْعَل ؟ أُطْلُب المَطَر لأِنَّهُ مَتَى يَأتِي ؟ لَيْسَ لَكَ يَدْ فِي ذلِك مَا عَلِيك هُوَ أنْ تَزْرَع الزَّرْع وَتَحْرُث الأرْض وَتَضَعْ البِذْرَة وَتَرْعَاهَا أمَّا مَتَى يَأتِي المَطَر فَهذَا عَمَل نِعْمَة الله يَأتِي عَلَيْكَ المَطَر المُتَقَدِّم وَالمُتَأخِّر .. النِفُوس الَّتِي تَضْجَر مِنْ الفِتْرَة مَا بَيْنَ المَطَر المُتَقَدِّم وَالمَطَر المُتَأخِّر تُعْلِنْ عَنْ عَدَم إِسْتِحْقَاقْهَا .. وَالنِفُوس الَّتِي تَتَرَاجَعْ تُعْلِنْ ضَعْف إِيمَانْهَا .. أمَّا النِفُوس الَّتِي تَثْبُت فَهيَ تُعْلِنْ إِيمَانْهَا .
لِذلِك يَقُول { فَتُمْلأُ الْبَيَادِرُ حِنْطَةً وَتَفِيضُ حِيَاضُ الْمَعَاصِرِ خَمْراً وَزَيْتاً } .. مَتَى أتَمَتَّع بِهذَا الشَّبَع ؟ هذَا غِنَى كُلَّ البُيُوت وَالبَيَادِر تُمْلأ حِنْطَة .. كُلَّ المَخَازِن تُمْلأ حِنْطَة .. غِنَى .. إِنْسَان الله الَّذِي يَحْيَا فِي فَرَح بِالله تَجِدْ دَاخِلُه كُنُوز وَمَخَازِن .. { سَوَاقِي اللهِ مَلآنَةٌ مَاءً } ( مز 65 : 9 ) .. عِنْدَمَا يَأتِي مَوْقِف يَمْتَحِنْ هذَا الشَّخْص تَجِدْ بَيْدَرَهُ مَمْلُوء حِنْطَة .. { تَفِيضُ حِيَاضُ الْمَعَاصِرِ خَمْراً وَزَيْتاً وَأُعَوِّضُ لَكُمْ عَنِ السِّنِينَ الَّتِي أَكَلَهَا الْجَرَادُ } .. فَتَرَات الحُرُوب الرُّوحِيَّة وَالقَفْر الَّذِي سَبَّبَهُ عَدُو الخِير يُعَوِضْنِي عَنْهَا الله .. أنَا مَا عَلَيَّ إِلاَّ إِنِّي لاَ أمِيل بِقَلْبِي لِلخَطَايَا وَلَيْسَ عَدَم عَمَل الخَطِيَّة فَقَطْ بَلْ لاَ أمِيل بِقَلْبِي لِلخَطَايَا .. أجَاهِد ضِدْ الخَطِيَّة وَالله يُعَوِضَنِي عَنْ السِنِين الَّتِي أكَلَهَا الجَرَاد .. لَكَ وَعْد مِنْ الله إِنْ ثَبَتْ فِي الحَرْب وَلَوْ ظَلَلْت سِنِين أكَلَهَا الجَرَاد فَالله قَادِر أنْ يُعَوِضَك عَنْهَا وَسَتَجِد فِيض أنْهَار .. { فَتَأْكُلُونَ أَكْلاً وَتَشْبَعُونَ وَتُسَبِّحُونَ اسْمَ الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّذِي صَنعَ مَعَْكُمْ عَجَباً وَلاَ يَخْزَى شَعْبِي إِلَى الأبَدِ } .. مُنْذُ قَلِيل كَانَتْ الشُّعُوب تَهِيجُ عَلَيْنَا وَتَتَحَوَّل حَيَاتْنَا إِلَى ظُلْمَة لأِنَّنَا أخْطَأنَا لله .. لاَ .. إِنْتَبِه أنَا الرَّبَّ إِلهْكُمْ .. جَيِّد هُوَ الإِنْسَان الَّذِي يَتَمَسَّك بِالرَّبَّ إِلهَهُ .. جَيِّد مَنْ يَثِق أنَّ الله وَاهِب النُصْرَة .
{ وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَيَحْلَمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَماً وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى } .. هذِهِ هِيَ عَطِيِة الرُّوح القُدُس العَطِيَّة العُظْمَى مِنْ الله لِلبَشَرِيَّة .. مُكَافَأة الله لِلبَشَرِيَّة الوَعْد بِهَا جَاءَ فِي يُوئِيل 2 .. هَلْ يَا الله تُرِيد أنْ تُشَوِقْنَا لِلرُّوح القُدُس مِنْ قَبْل أنْ يَأتِي بـ 500 سَنَة ؟ يَقُول نَعَمْ أنَا أُرِيد أُرِيك عَطِيِة الرُّوح القُدُس الَّذِي يُسَمَّى رُوح النُّبُوَة .
هذَا الأصْحَاح بَدأ بِالعُقُوبَة وَانْتَهَى بِمُكَافَأَت وَعَطَايَا وَغِنَى وَعَطِيِة الرُّوح القُدُس رُوح الله .. النَّفْس الأمِينَة لله عَلَى مِيعَاد مَعَ الرُّوح القُدُس فَتَمْسِك بِالله وَلاَ تَتْرُكَهُ دُونَ أنْ تَأخُذْ الهِدِيَّة وَيَتَحَقَّق فِيك الوَعْد .. قُلْ لَهُ أنْتَ يَارَبَّ قُلْتَ إِنِّي أسْكُب رُوحِي عَلَى كُلَّ البَشَر .. خُذْ الرُّوح القُدُس دَاخِلَك كَمَارِد قَوِي مُتَسَلِط جَبَّار يُعْطِيك قُوَّة وَرَجَاء لِذلِك يَقُول " بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ " يَكُونُونَ أصْحَاب بُنُّوَة .. يَارَبَّ ألَيْسَ أوْلاَدْنَا كَانُوا مُنْذُ قَلِيل أشْرَار تَحْت سُلْطَان العَدُو ؟!! يُجِيب نَعَمْ وَلكِنِّي سَأُحَوِلَهُمْ إِلَى أنْبِيَاء .. أيْضاً شُيُوخَكُمْ سَيَحْلَمُون وَيَرَوْنَ رُؤى .
حَتَّى الَّذِينَ تَحْتَقِرُونَهُمْ وَهُمْ العَبِيد .. { وَعَلَى الْعَبِيدِ أَيْضاً وَعَلَى الإِمَاءِ أَسْكُبُ رُوحِي فِي تِلْكَ الأيَّامِ وَأُعْطِي عَجَائِبَ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ دَماً وَنَاراً وَاعْمِدَةَ دُخَانٍ } .. سَأُحَوِل المَسْكُونَة كُلَّهَا إِلَى مَسْكُونَة خَاضِعَة لِي تَعْبُدَنِي بِحُب .. عَطِيَّة مَصْحُوبَة بِعَجَائِب وَكَأنَّ غَايِة العَطِيَّة أنْ يُعْلِنْ أنَّ هذِهِ كَنِيسَتَهُ وَهذَا شَعْبه .. { وَتَتَحَوَّلُ الشَّمْسُ إِلَى ظُلْمَةٍ وَالْقَمَرُ إِلَى دَمٍ قَبْلَ أَنْ يَجِئَ يَوْمُ الرَّبِّ الْعَظِيمُ الْمَخُوفُ . وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَنْجُو } .. عِنْدَمَا تَأتِي عَطِيِة الرُّوح القُدُس سَيُهَيِئ كَنِيسَتَهُ لِمَجِئ الرَّبَّ لِذلِك يَتَكَلَّم عَنْ الشَّمْس الَّتِي تَتَحَوَّل إِلَى ظُلْمَة .. هذَا هُوَ المَجِئ الثَّانِي .. أجْمَل إِسْتِعْدَاد لِمَجِئ الرَّبَّ هُوَ عَطِيِة الرُّوح القُدُس لِذلِك يُكَلِمَك عَنْ الشَّمْس الَّتِي تَتَحَوَل إِلَى ظُلْمَة أي زَوَال العَالَم وَانْتِهَاءه لِذلِك الكِنِيسَة تِجَهِز نَفْسَهَا مِنْ الآن لَهُ وَعِنْدَمَا يَنْطَفِئ نُور العَالَم يَظِل كُلَّ شِئ إِلهِي وَتَتَجِه قُلُوْبْنَا لله .
{ لأِنَّهُ فِي جَبَلِ صِهْيَوْنَ وَفِي أُورُشَلِيمَ تَكُونُ نَجَاةٌ } .. مَعْرُوف أنَّ جَبَلْ صِهْيَوْن هُوَ كَنِيسَة العَهْد الجَدِيد .. هَلْ تُرِيد أنْ تَنْجُو ؟ كُنْ فِي جَبَل صِهْيَوْن كُنْ فِي الكَنِيسَة .. الكَنِيسَة هِيَ المُؤتَمَنَة عَلَى يَنَابِيع الرُّوح وَمَخَازِن الرُّوح .. خُذْ الرُّوح مِنْ الإِعْتِرَاف وَالتَنَاوُل .. خُذْ الرُّوح مِنْ فَمْ الرُّوح القُدُس المَوْجُود الَّذِي تَنَال الحِل بِهِ .. { وَمِنْ فَمْ الكَنِيسَة الوَاحِدَة الوَحِيدَة المُقَدَّسَة } ( مِنْ تَحْلِيل الخُدَّام ) .. يَكُونُ فِي جَبَلْ صِهْيُون نَجَاة .. { كَمَا قَالَ الرَّبُّ . وَبَيْنَ الْبَاقِينَ مَنْ يَدْعُوهُ الرَّبُّ } .. يُوْجَدْ بَقِيَّة لله مِنْ خَارِج صِهْيَوْن سَيَكُون لَهُمْ نَجَاة أيْضاً .. الإِنْسَان الَّذِي يَتَحِد بِالله إِتِحَاد تُوْبَة وَيَرْجِع لله بِكُلَّ قَلْبِهِ يَسْتَحِق عَطِيِة الرُّوح القُدُس وَيَسْتَحِق النَجَاة مِنْ هُنَا الله يُرِيد أنْ يَفْتَح ذِرَاعَيْهِ لِلكُلَّ لأِنَّهُ رَبَّ غَنِي لِلكُلَّ غَنِي لِمَنْ يَدْعوه .. لأِنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِإِسْم الرَّبَّ يَنْجُو .
جَيِّدْ أنْ تَتَمَسَّك بِمَوَاعِيد الله .. جَيِّدْ أنْ تَتَأمَّل خَطَايَاك وَإِلَى أيْنَ تَذْهَب بِك .. أحْيَاناً يَسْتَخِف الإِنْسَان بِكَلاَم الله وَيَتَعَالَى عَلَى كَلاَمه .. الله يَقُول لَكَ إِنْتَبِه أنَا فِي البِدَايَة أتَكَلَّم مَعَك بِالبُوْق وَإِنْ لَمْ تَأتِي بِذلِك فَأنَا قَادِر أنْ أُخِيفَك وَأُرِيعَك وَأُرْهِبَك وَعِنْدَمَا تَدْخُلَك الرِعْدَة يَقُول لَكَ لاَ تَخِف فَأنَا أبُوك فَتَقُول لَهُ لَكِنِّي يَارَبَّ مَازِلْت مُرْتَعِد فَيُجِيبَك " تَعَالَ إِلَيَّ بِكُلَّ قَلْبَك " .. وَعِنْدَمَا أعُود لَهُ بِكُلَّ قَلْبِي يَقُول لِي أنَا أضْمَنْ لَك أنْ لاَ تَعُود كُلَّ هذِهِ التَّهْدِيدَات تَأتِيك وَأضْمَنْ لَك أنْ تَكُون قُوَّة وَسَطْ أعْدَاءَك وَضَمَان القُوَّة إِنِّي أُعْطِيك رُوحِي وَأسْكُبه عَلِيك وَرُوحِي هذَا يُهَيِّئَك لِليُوْم العَظِيم وَهُوَ الَّذِي يَضْمَنْ لَكَ أنْ تَنْجُو فِي يُوْم الدَيْنُونَة .
الله يُعْطِينَا رُوح تُوْبَة وَيِقْبَل صُوْمنَا وَصَلاَتْنَا وَيُكَمِّل نَقَائِصْنَا
وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته
لَهُ الْمَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين