المقالات
19 أكتوبر 2024
حُضُور المَسِيح فِي حَيَاتنَا
يَقُول إِنْجِيل مُعَلِّمنَا مَارِيُوحَنَّا 1 : 39 { وَمَكَثَا عِنْدَهُ ذلِكَ اليَوْمَ } تِلمِيذَا يُوحَنَّا رَأيَا يَسُوع وَمَكَثَا عِنْدَهُ يوم فَمَا كَانْت النَتِيجة لِذلِك ؟ أنَّهُمَا أحَبَّاه وَاشتَاقَا أنْ يمضِيَا مَعَهُ بَاقِي حَيَاتَهُمَا فَتَبِعَاه أينَمَا يمضِي هَلْ فَكَّرت فِي أنْ تَتبع يَسُوع فِي حَيَاتك أينَمَا يَمضِي تَمضِي يُومك مَعَهُ ؟؟
كَيْفَ نَقضِي يوم مَعَ يَسُوع ؟ لَمَّا جَلَسُوا مَعَهُ يوم أخذُوا قَرار أنْ يَتبعوه أينَمَا يَمضِي يَسِيرُونَ مَعَهُ يَأكُلُونَ مَعَهُ يَتَحَدثُونَ مَعَهُ عَرَفُوا أفكاره وَطِبَاعه فَإِنجَذَبُوا إِليهِ وَتَبِعُوه أينَمَا يَمضِي كَيْفَ نشعُر أنَّ المَسِيح حَاضِر فِي كُلَّ أعمالنَا ؟ كَيْفَ نَقتَرِن بِهِ فِي كُلَّ أعمالنَا وَكَلاَمنَا وَأنْ نَظِل فِي حَضرَتِهِ بِإِستِمرار ؟ كَيْفَ نَتَعَلَّم الجُلُوس مَعَهُ ؟ كَيْفَ تَكُون اللحظات الَّتِي نَقضِيهَا مَعَهُ خَمِيرة تُخَمِر العَجِين كُلَّه ؟ جَيِّد أنْ نَشعُر أنَّ حَيَاتنَا جُزء مِنْ حَيَاة يَسُوع وَحَيَاة يَسُوع هِيَ حَيَاتنَا وَلَمَّا تَجَسَّد عَمل كُلَّ شِئ لأِجلِنَا ليتَنَا نَقضِي يوم مَعَ يَسُوع لَيتَ حَيَاة يَسُوع تُكتب عَلَى صَفَحَات قُلُوبِنَا وَتُنقش عَلَى أفكَارِنَا عِنْدَمَا كَانَ يَسُوع يِتَلمِذ أحد كَانَ يَجعَلَهُ أوَّلاً يَحتك بِهِ شخصِياً { كَانُوا مَعَهُ } ( يو 9 : 40 ) لِيَرَى كَيْفَ يَتَعَامل مَعَ أحِبَّائه وَأعدائه وَيَرَى كُلَّ مَوُاقِف حَيَاته أوَّلاً .
كَيْفَ نَعِيش مَعَ المَسِيح فِي يَومِنَا العَادِي ؟
تدرِيب جَمِيل وَوَاقِعِي
1- أثنَاء غَسِيل وُجُوهنَا :-
أثناء غَسِيل وَجهِكَ قُل لَهُ { إِنْضح عَلَيَّ بِزُوفَاكَ فَأطهُر ، تَغْسِلنِي فَأبيض أكثر مِنَ الثلج }( مز 50 ) غَسِيل الوجه يُجَدِّد النَشَاط الماء يُعْطِي إِحساس التَجدِيد كَيْفَ يَكُون لَنَا فِكر المَسِيح ؟ حَيَاة المَسِيح لَمْ تنتَهِي بَلْ هِيَ دَائِمة مُتَجَدِّدة أي لَهَا صِفة الخُلُود وَأعْطَانَا هذِهِ الصِفة بِأنَّ حَيَاته مُتَجَدِّدة فِينَا هُوَ قَالَ لِبُطرُس { إِنْ كُنْتُ لاَ أغْسِلُكَ فَلَيْسَ لَكَ مَعِي نَصِيبٌ } ( يو 13 : 8 ) قُلَ لَهُ وَأنْتَ تَغسِل وَجهك " إِغْسِلنِي كي يَكُون لِي نَصِيب مَعْك أنَا يَا الله فِيَّ كَثِير مِنْ الشَوَائِب وَالخَطَايَا فَإِغْسِلنِي يَاربَّ مِنْهَا كي يَكُون لِي نَصِيب مَعْك " مُشكِلِتنَا أنَّنَا نَفْصِل بينَ أُمورنَا الرُّوحِيَّة وَحَيَاتنَا العَادِيَّة لاَ الآباء كَلَّمُونَا كَثِيراً عَنْ أنْ نِوَحِد قَلبِنَا فِي خُوفه أي يَكُون لِلقلب إِهتِمام وَاحِد كَيْفَ نَتَذَكَّر المعمودِيَّة وَنَحْنُ نَغْسِل وُجُوهِنَا كُلَّ صَبَاح ؟ أمام الماء تَذَكَّر إِنَّكَ إِبن الماء وَالرُّوح الأنبَا أنطونيُوس كَانَ يَقُول لأولاده { يَا أولاَدِي جَدِّدوا كُلَّ يوم عَهد معمودِيَتِكُمْ } وَكَأنَّكَ كُلَّ صَبَاح تُجَدِّد معمودِيِتك المَسِيح لَيْسَ مَاضِي أوْ خَيَال بَلْ هُوَ دَائِمْ جَدِيد لِلأبد جَيِّد أنْ نَتَقَابل مَعَ حُضُور المَسِيح فِي كُلَّ أحداث اليَوْم .
2- أثنَاء إِرتِداء المَلاَبِس :-
توجد عِلاَقة وَطِيدة بينَ المَلاَبِس وَالمَسِيح تَذَكَّر وَأنْتَ ترتَدِي مَلاَبِسك عُري الخَطِيَّة وَالله هُوَ الَّذِي سَتَرَنَا وَنَحْنُ فَكَّرنَا فِي حُلُول تستُرنَا لَمْ تَكُنْ مُفِيدة كَمَا فَعَلَ آدم بِأنَّهُ خَاطَ أقمِصة مِنْ وَرق التِين ( تك 3 : 7 ) وَأنْتَ ترتَدِي مَلاَبِسك قُلَ لَهُ " أنْتَ سَتَرتِنِي مِنْ عُري الخَطِيَّة وَأنَا حَاوِلت أنْ أستُر عُريي بِطَرِيقة زَائِفة فَإِستُرنِي أنْتَ وَبَدَلاً مِنْ أنْ يُقال عَنْ آدم { وَصَنَعَا لأِنْفُسِهِمَا مَآزِرَ }( تك 3 : 7 ) ألاَ يُقال أنْتَ سَترتَنِي !! ؟ " عِنْدَ إِرتِداء مَلاَبِسك تَذَكَّر الآية { أخْرِجُوا الحُلَّةَ الأُولَى } ( لو 15 : 22 )قُلَ لَهُ " يَاربَّ أنَا لاَ أُرِيد أنْ أختار لِنَفْسِي مَاذَا أرتَدِي بَلْ أُرِيدك أنْتَ تَختار لِي مَلاَبِسِي أُرِيدك أنْتَ تُلْبِسَنِي بِيَديكَ " جَيِّد هُوَ الإِنْسَان الَّذِي يَرتَدِي مَلاَبِس مُحتَشِمة وَكَأنَّ الله هُوَ الَّذِي ألبَسَهُ إِيَّاهَا الحُلَّة الأُولَى لَمْ تَكُنْ لِلإِبن قبل أنْ يترُك بيت أبِيهِ بَلْ هِيَ أجمل حُلَّة فِي البيت وَمَا هِيَ الحُلَّة الأُولَى إِلاَّ المَسِيح المَسِيح هُوَ ثِيَابِي وَسَترِي وَغِطَائِي { لأِنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ المَسِيحَ } ( غل 3 : 27 ) – هُوَ سَترِي – الله يُلْبِسنِي أجمل حُلَّة فِي البيت المَسِيح لاَ يُرِيد أنْ يُعِيدَنِي لِمَا كُنْتُ عَلْيهِ بَلْ يُرِيد أنْ يُعْطِينِي الأعظم يُعْطِينِي نَفْسه جَيِّد أشعِياء النَّبِي عِنْدَمَا يَقُول { كَسَانِي رِدَاءَ البِرِّ } ( أش 61 : 10){ وَمَكَثَا عِنْدَهُ ذلِكَ اليَوْمَ } لَمَّا جَلَسُوا مَعَهُ عَاشُوا مَعَهُ وَاختَلَطُوا بِهِ فَتَبَعوه أينَمَا يَمضِي جَيِّد أنْ تَختَبِر حُضُوره فِي حَيَاتك اليومِيَّة .
3- أثنَاء المَسِير فِي الطَرِيق :-
السَيِّد المَسِيح كَانَ يَجُول فِي بِلاَدٍ كَثِيرة .. وَأنَا فِي الطَرِيق أتَذَكَّر أنَّ المَسِيح لَهُ المجد كَانَ يَمْشِي عَلَى هذِهِ الأرْض فَقَدَّسهَا وَالَّذِينَ نَرَاهُمْ فِي الطَرِيق هَلْ هُمْ أشرار ؟ لاَ لاَ تنظُر لَهُمْ هذِهِ النظرة بَلْ أُنْظُر لَهُمْ عَلَى أنَّهُمْ عَمْل يَدَيهِ وَمخلُوقاته وَهُوَ مُمَجد فِيهُمْ مَهمَا كَانِت أخلاَقِهِمْ وَدِيَانَتِهِمْ فَهُمْ صَنْعِة يَدَيهِ لاَ يوجد إِنْسَان يخلو مِنْ حُضُوره أوْ صُورته مَهمَا كَانَ أي إِنْسَان أرَى فِيهِ الله يَقُول الكِتاب { أمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى مُجْتَازاً فِي وَسْطِهِمْ } ( يو 8 : 59 ){ أكَلْنَا قُدَّامَكَ وَشَرِبْنَا وَعَلَّمْتَ فِي شَوَارِعنَا } ( لو 13 : 26 ) إِذاً وَأنَا فِي الطَرِيق أرَاهُ فِي كُلَّ كَائِن وَأيضاً يَجِب أنْ أنقِل حُضُوره لِكُلَّ كَائِنْ يُقال عَنْ السَيِّدة العذراء عِنْدَمَا ذَهَبِت إِلَى أليِصَابات أنَّ يُوحَنَّا إِرْتَكَضَ فِي بطن أُمِّهِ ( لو 1 : 41 ) لَمَّا لَمْس حُضُور المَسِيح سَجَدَ لَهُ المفرُوض أنْ ألمِس حُضُور المَسِيح فِي الآخر فَأقبله وَأرَى الله فِيهِ حَتَّى وَإِنْ كَانَ عَابِر سَبِيل أرَى فِيهِ شِئ إِيجَابِي حَتَّى وَلَوْ سَلِّمت عَلِيه أوْ كَلِّمته كَلِمَات بَسِيطة أكَلِّمه بِإِحساس أنَّ الله فِيهِ فَأحتَرِمه أحياناً لَهجِة الكَلاَم تُبَيِّن القصد مِنْهُ لِذلِك لاَبُد أنْ يَكُون أُسلُوبنَا يَحمِل إِحتِرَام لِلجَمِيع لأِنَّ المَسِيح فِيهُمْ فِي الخَارِج يُعَلِّمُونَ الأطفال نبرة الصوت لِلتعبِير عَنْ الكَلاَم بِإِسلُوب لاَئِق أيضاً تعبِير الوجه يُعَبِّر عَنْ مَدى إِحتِرَامك لِلآخر لاَبُد أنْ يَكُون لَنَا عُبُور إِتِجاه الآخر فِي أحد المرَّات جَاءَ رَاهِب ضِيف مِنْ الكِنِيسة الهِندِيَّة لِمصر وَكَانَ الأنبَا مُوسَى مَازَالَ مُكرَّس فَأخذهُ لِيَتَفَقد بعض الكَنَائِس وَيَتَعرَّف عَليهَا وَأثناء الطَرِيق إِستَقَلاَّ تِرَام مُزدَحِمْ وَنَدِمَ الأنبَا مُوسَى لأِنَّهُ أرْكَبَهُ التِرَام وَظَلَّ يَعتَذِر لَهُ طُول الطَرِيق فَإِذْ بِالرَّاهِب يُجِيبه بِبَشَاشة أنَّهُ غِير مُتَضَايِق لأِنَّهُ يَرَى يَسُوع فِي كُلَّ إِنْسَان حَولَهُ فِي هذَا الزحام الَّذِي يَبحث عَنْ يَسُوع وَيَعِيش مَعَهُ يَرَاهُ فِيمنْ حَولَهُ عِنْدَمَا يَكُون المَسِيح غَائِب عَنِّي لاَ أرَاهُ أبَداً وَلكِنَّهُ عِنْدَمَا يَكُون حَاضِر فِيَّ أرَاهُ فِي كُلَّ لحظة وَأشعُر بِمَنْ حَولِي وَبِآلامهُمْ أبُونَا مِيخَائِيل إِبرَاهِيمْ المُتَنَيِّح كَانَ يَدعو بالبَرَكة لِكُلَّ إِنْسَان يِقَابله فِي الطَرِيق حَتَّى البَائِع المُتَجَوِل وَالأُم الَّتِي تَحمِل طِفلَهَا وَمَهمَا كَانِت دِيَانَتهُمْ كَانَ يَدعو لَهُمْ بِينه وَبِينَ الله إِنْسَان قَلْبه مفتُوح يَرَى الله فِي كُلَّ إِنْسَان وَفِي كُلَّ الخَلِيقة فِي العصفُور وَالزُرُوع وَالبشر وَلَمَّا قَالَ الله { اكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا } ( مر 16 : 15) ترجَمِتهَا كُلَّ الخَلِيقة وَلَيْسَ البشر فقط لِذلِك الكِنِيسة تُسَبِّح بِلِسَان الخَلِيقة كُلَّهَا .
4- أثنَاء الإِستِذكار وَالعَمل :-
يَسُوع كَإِنْسَان تَعَلَّم القِرَاءة وَالكِتابة { وَقَامَ لِيَقْرَأَ } ( لو 4 : 16) لَيْسَ بِالفِطره بَلْ بِالتَعلِيم عِنْدَمَا حَفظ النَّامُوس حَفِظَهُ كَإِنْسَان وَعِنْدَمَا دَخل فِي مُجَادَلاَت مَعَ الكَتبة وَالشُيُوخ فِي الهِيكل بُهِتُوا مِنْ تَعَالِيمه ( مر 1 : 22 ) لِذلِك كَانَ مكتُوب عَنْهُ { وَأمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الحِكْمَةِ وَالقَامَةِ } ( لو 2 : 52 ) إِذاً أنَا بِتحصِيلِي لِلمعلُومات وَالإِجتِهَاد فِي الإِستِذكار أشتَرِك مَعَ المَسِيح أيضاً المُذَاكرة وَزنة يطلُبهَا الله مِنِّي بِأمَانة إِذاً المُذَاكرة مِنْ ضِمنْ أمَانَتِي لله المَسِيح لَهُ المجد عَمل وَاجتَهد إِذاً العَمل إِشتِرَاك فِي تَعْب يَسُوع { اذْهَبِ اليَوْمَ اعْمَلْ فِي كَرْمِي } ( مت 21 : 28 ) السَيِّد المَسِيح قَدَّسَ العَمْل وَالتَعب وَالآباء يَقُولُون أنَّ الوقت الَّذِي عَمَلَ فِيهِ أكثر مِنْ الوقت الَّذِي كَرَزَ فِيهِ جَيِّد أنْ تشعُر أنَّ الله لَيْسَ بِبَعِيد عَنْكَ بَلْ هُوَ مُختَلِط بِكَ فِي كَيَانك وَفِكرك لِذلِك لاَ نَتَعَجَب مِنْ قول القِدِيس أثنَاسيُوس عَنْ الأنبَا أنطونيُوس أنَّهُ{ كَانَ يَتَنَفَس المَسِيح } .
5- أثنَاء الرَّاحة :-
لَمْ يَكُنْ السَيِّد المَسِيح يُحِب الرَّاحة الَّتِي فِي الوقت الغِير مُنَاسِب بَلْ يُقَدِّس الرَّاحة فِي وَقتِهَا المُنَاسِب عِنْدَمَا كَانَ فِي البُستان يُصَلِّي وَوَجد تَلاَمِيذه نِيَام وَبَخَهُمْ بِلُطف وَقَالَ لَهُمْ { مَا قَدَرْتُمْ أنْ تَسْهَرُوا مَعِي سَاعَةً وَاحِدَةً } ( مت 26 : 40 ) لكِنْ لَمَّا حَزَنُوا قَالَ لَهُمْ { أمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأمَّا الجَسَدُ فَضَعِيفٌ } ( مر 14 : 38 ) أعْطَاهُمْ العُذر بِلُطف وَعِنْدَ دُخُوله البُستان قَالَ لَهُمْ أنَّ إِبن الإِنْسَان سَيُسَلَّم ( مت 26 : 45 ) إِذاً لاَ تطلُب الرَّاحة وَقت التَعْب أي أنَّ هُناك وَقت لِلتَعْب وَوَقت لِلرَّاحة جَيِّد أنْ تشعُر أنَّهُ يَحتَاجك جَانِبه فَتسهر مَعَهُ الله أخذ رَاحة عِنْدَمَا وَجَدَ أنَّ كُلَّ شِئ حَسن فِي الخَلِيقة ( تك 1 : 31 ) إِذاً الرَّاحة بعد إِتمام عَمل المَسِيح لَهُ المجد قَالَ لِتَلاَمِيذه مَرَّة وَاحِدة إِستَرِيحُوا قَلِيلاً بعد أنْ عَادُوا مِنْ الإِرْسَالِيَّة لَمْ يَقُل لَهُمْ إِسْتَرِيحُوا وَقت طَوِيل بَلْ قَلِيلاً جَيِّد أنْ تَستَرِيح بعد أنْ تُتَمِّمْ عَمَلك نَتَعَجَب مِنْ إِنْسَان يُرِيد كُلَّ وَقته رَاحة سَيَجِد أنَّ الرَّاحة تَفقِد مَعنَاهَا كَرَاحة وَالنُزهة تَفقِد مَعنَاهَا كَترفِيه السَيِّد المَسِيح يَأمُرنَا أنْ تَكُون رَاحِتنَا فِيهِ " إِستَرِح فِيَّ " أنَا رَاحتك رَاحِتنَا هِيَ الإِشتِراك فِي رَاحته وَرَاحته هِيَ بعد العَمل إِذاً السَيِّد المَسِيح جَعَلَ الرَّاحة كَمَا العَمل الرَّاحة فِي المَسِيح غِير الفَرَاغ الفرق بينَ الرَّاحة وَالفَرَاغ هُوَ أنَّ الرَّاحة هِيَ رَاحة فِي حُضُور المَسِيح لَهَا مَذَاق خَاص فَإِستَرِح فِيهِ بينَمَا الفَرَاغ هُوَ رَاحة بِدُون حُضُور المَسِيح الأبَدِيَّة أسمَاهَا المَسِيح رَاحة { فَلْنَجْتَهِدْ أنْ نَدْخُلَ تِلْكَ الرَّاحَةَ } ( عب 4 : 11 ) إِذاً حَيَاتنَا كُلَّهَا تَعْب إِلَى أنْ نَستَرِيح فِيهِ { لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أتْعَابِهِمْ وَأعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ }( رؤ 14 : 13 ) إِنْ لَمْ أعرِف كَيْفَ أقضِي وَقت رَاحتِي سَأُمنع مِنْ رَاحَتِهِ إِنْ لَمْ أُمَارِس الرَّاحة الآن بِإِسلُوب صَحِيح إِنَّهَا مُقتَرِنة بِتَعْب سَتهرب مِنِّي الرَّاحة الأبَدِيَّة لِذلِك هُوَ قَالَ { فَأقْسَمْتُ فِي غَضَبِي لاَ يَدْخُلُونَ رَاحَتِي } ( مز 95 : 11) لأِنَّهُمْ إِستَهَانُوا بِالرَّاحة قُلَ لَهُ " تَعَالَ يَا الله وَأعِنْ ضَعْفِي وَاجعل رَاحَتِي مَعَكَ حَتَّى أنَال الرَّاحة الأبَدِيَّة " .
6- أثنَاء تَنَاوُل الطَعام :-
مَا عِلاَقِة الطَعام بِالمَسِيح ؟ فِي إِنْجِيل لُوقَا 13 : 26 يَقُول { أكَلْنَا قُدَّامَكَ وَشَرِبْنَا } تَذَكَّر تِلكَ الآية وَأنْتَ تَأكُل نَأكُل وَنَشرب وَأنْتَ مَعَنَا يَا يَسُوع الله قَدَّس الطَعام حَتَّى أنَّهُ قَالَ{ أنَا هُوَ خُبْزُ الحَيوةِ } ( يو 6 : 48) الطَعام يِسَاعِد عَلَى الوُجُود وَالحَيَاة أي أنَّهُ يَقُول أنَا طَعَامكُمْ أنَا وُجُودكُمْ أنَا حَيَاتكُمْ إِذاً تَنَاول طَعَامك فِي وُجُوده لأِنَّهُ أسَاس حَيَاتنَا وَجَيِّد هُوَ الإِنْسَان الرُّوحِي لأِنَّهُ يَأكُل بِعِفَّة وَيَتَذَكَّر إِخوَته المَسَاكِين وَيَأكُل وَيَشكُر وَيَشعُر أنَّهُ يَأكُل مِنْ يَد المَسِيح نَفْسه الطَعَام يُعَبِّر عَنْ وُجُود الله وَحُضُوره آدم كَانَ يَأكُل مِنْ يَد الله وَعِنْدَمَا رَفض يَد الله وَأرَادَ أنْ يَأكُل مِنْ يَدِهِ هُوَ سَقَطَ إِذاً تَذَكَّر أنَّكَ تَأكُل مِنْ يَد الله وَعِنْدَمَا رَفض آدم يَد الله قَالَ لَهُ الله { بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأكُلُ خُبْزاً } ( تك 3 : 19) إِذاً الطَعَام وَسِيلِة حُضُور الله وَأثناءه أيضاً نَتَذَكَّر العُقُوبة لِذلِك لَمَّا أرَادَا الله أنْ يُصلِح خَطَأ آدم عَادَ يُؤكِله مِنْ يَده وَقَالَ { خُذُوا كُلُوا } ( مِنْ رُشُومات الخُبز ) وَلِذلِك أيضاً نُصِر عَلَى أنَّنَا نُصَلِّي قبل الطَعَام حَتَّى نَتَذَكَّر أنَّنَا نَأكُل مِنْ يَد الله وَنَقُول { تَبَاركت يَارَبَّ يَا مَنْ تَعُولنَا مُنْذُ حَدَاثِتنَا وَتَهِبنَا خَيرَاتك وَتُهَيِئ الغِذاء لِلجَمِيع لأِنَّ أعيُن الكُلَّ تَتَرَجَاك وَأنْتَ تُعْطِيهُمْ طَعَامَهُمْ فِي حِينه تَفْتح يَدك فَتُشبِع كُلَّ حَيٍ رَضَى إِجْعَله شِفاء وَقُوَّة لِحَيَاتنَا الجَسَدِيَّة إِمنْح خَلاَصاً وَنِعمة وَبَرَكة وَطُهراً لِكُلَّ المُتَنَاوِلِين مِنْهُ إِرْفع عُقُولنَا إِلِيك كُلَّ حِين لِطَلب طَعَامَنَا الرُّوحِي غِير البَائِد} أصبح الطَعَام خَلاَص وَطُهر وَنِعمة لأِنَّهُ مِنْ يَد الله أصبح الطَعَام تَسبِحة يَارَبَّ إِجعل عُقُولنَا تِفَكَّر فِي الوَلِيمة السَّمَائِيَّة هذَا مَا يَفْعَلَهُ الإِنْسَان الرُّوحِي قُلَ لَهُ أنْتَ جَعْلت الخَمس خُبزات وَالسَمكتِين تُشبِع الآلاف لأِنَّهَا مِنْ يَدِك وَمِنْ يَدك الطَعَام حُلو( مت 16 : 9 ) أبسط الأطعِمة كَانَ المَسِيح يَأكُل مِنْهَا تِين سَنَابِل لَمَّا جَاع فَرك قَلِيل مِنْ السَنَابِل وَأكل لأِنَّ السَنَابِل عِنْدَمَا تُمضغ تَكُون كَالعَجِين أي خُبز ( لو 6 : 1 ) أصعب شِئ نَرَاه الآن أنَّ أولادنَا يَرفُضُون بعض أنواع الأطعِمة هذَا مَعنَاه رَفض لِعَطَايَا الله .
7- أثنَاء النُوم :-
النُوم جُزء مِنْ حَيَاة يَسُوع مَتَى نَام ؟ فِي السَفِينة إِذاً النُوم لَيْسَ خَارِج حَيَاة يَسُوع أي إِنَّنِي عِنْدَمَا أنَام أعِيش جُزء مِنْ حَيَاة يَسُوع جَيِّد أنْ تَشعُر أنَّكَ نَائِمْ فِي حُضنه وَمَعَهُ إِذاً نُومك مُقَدَّس{ أنَا نَائِمَةٌ وَقَلْبِي مُسْتَيْقِظٌ } ( نش 5 : 2 ) جَيِّد أنْ تَشعُر أنَّ النُوم وَقت مُبَارك لِذلِك إِعلاَنَات إِلهِيَّة كَثِيرة تَحدُث لَيلاً رُؤى الَّلِيل مُقَدَّس وَكَمَا يَستَعمِل عَدو الخِير الَّلِيل فِي أعمال الظُلمة الله صَنْع تَوَازُن بِأنْ جَعْل مِنْ الَّلِيل تَسَابِيح وَصَلَوَات مَقبُولة رُبَمَا فِي تعبِير الآباء صَلَوَات الَّلِيل أكثر إِستِجابة لِذلِك كَانَ المَسِيح يَمضِي الَّلِيل فِي الصَلاَة ( لو 6 : 12) تَشعُر أنَّ صَلاَة نِصف الَّلِيل لَهَا مَذاق آخر لأِنَّ الَّلِيل لَهُ نِعمة خَاصة بينَمَا النَّاس نِيَام أنْتَ مُستيقِظ بينَمَا لَكَ الحقٌّ أنْ تُرِيح جَسَدك أنْتَ تَسهر لِتُصَلِّي جَيِّد أنْ تَجعل لِيلك مُقَدَّس يَقُول الآباء { طُوبَى لِمَنْ نَام وَإِسمك القُدُّوس عَلَى شَفَتِيه } لِذلِك لاَ تَنَام إِنْ لَمْ تُصَلِّي { لاَ أصعد عَلَى سِرِير فِرَاشِي } ( مز 131 – مِنْ مَزَامِير النُّوم ) إِذاً النُّوم عَمْل مُقَدَّس لَنْ أنَام إِنْ لَمْ أشعُر أنَّكَ يَا الله قَدْ مَلكت عَلَى عَقْلِي البَاطِن لأِجِدك فِي أحلاَمِي وَأستودِع نَفْسِي فِيك لأِسمع حَتَّى وَأنَا نَائِمْ أنَّ العَرِيس قَادِم ( مت 25 : 6 ) أبُونَا يَعقُوب رَأس سُلَّم السَّماء وَهُوَ نائِم( تك 28 : 12) .
الأحلاَم فِي الكِتاب كَثِيرة أحلاَم يُوسِف أحلاَم دَانِيال إِذاً النُّوم لَيْسَ وَقت مَيِّت بَلْ وَقت حَيَاة لِلإِنْسَان الَّذِي ينبُض قَلبه بِحُب الله قَالَ أحد الآباء أنَا حَسبت إِنِّي لَوْ عِشت سُتُونَ عَاماً سَأنَام مِنْهُمْ حَوَالِي عُشرُونَ عَام – خِسَارة – لَهُ الحقٌّ القِدِيس الأنبَا بِيشُوي الَّذِي كَانَ يَربُط شعر رَأسَهُ حَتَّى لاَ يَنام وَإِنْ كَانَ النُّوم عَمل مُقَدَّس وَاحتاج الإِنْسَان لَهُ إِلاَّ أنَّهُ مِنْ شِدَّة حُبَّه لله لاَ يُرِيد هذَا الإِحتِياج وَإِنْ نَام يَنَام فِي حُضُور الله جَيِّد أنْ تَشعُر بِحُضُور الله فِي حَيَاتك حَتَّى فِي الإِستِذكار قُلَ لَهُ فَهِّمنِي أنْتَ مَا أدرِسه وَإِنْ كُنْت كَارِه قُلْ لَهُ عَلِّمنِي مَحَبِّتك إِدْخِله فِي حَيَاتك فِي مَشَاكِلك وَأحزانك وَاحتِيَاجَاتك وَأفرَاحك وَمِنْ هُنَا تَشعُر أنَّ حَيَاته لَيْست بِبَعِيدة عَنْكَ بعد أنْ مَكَثُوا عَنْده يُوم هذَا اليَوْم زَادَ إِشتِيَاقَهُمْ أنْ يَعِيشُوا مَعَهُ بَاقِي عُمرُهُمْ رَبِّنَا يِسنِد كُلَّ ضعف فِينَا بِنِعمِته لَهُ المجد دَائِمَاً أبَدِيّاً آمِين
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
12 أكتوبر 2024
لزوم التجارب وفوائدها
مُعَلِمنا بُولِس الرَّسُول فِي عب 12 يَقُول [يَا ابنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأدِيبَ الرَّبِّ وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ لأِنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤدِّبُهُ وَيَجْلِدُ كُلَّ ابنٍ يَقْبَلُهُ إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ فَأيُّ ابنٍ لاَ يُؤدِّبُهُ أبُوهُ وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأدِيبٍ قَدْ صَارَ الجمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ فَأنتُمْ نُغُولٌ لاَ بَنُونَ ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آباءُ أجسَادِنَا مُؤدِّبِينَ وَكُنَّا نَهَابُهُمْ أفَلاَ نَخْضَعُ بِالأوْلَى جِدّاً لأِبِي الأرْوَاحِ فَنَحْيَا لأِنَّ أُولئِكَ أدَّبُونَا أيَّاماً قَلِيلَةً حَسَبَ استِحْسَانِهِمْ وَأمَّا هذَا فَلأِجْلِ المنفعةِ لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ وَلَكِنَّ كُلَّ تَأدِيبٍ فِي الحَاضِرِ لاَ يُرَى أنَّهُ لِلفَرَحِ بَلْ لِلحُزَنِ وَأمَّا أخِيراً فَيُعطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ لِذلِكَ قَوِّمُوا الأيادِي المُسترخِيَةَ وَالرُّكَبَ المُخَلَّعَةَ ] ( عب 12 : 5 – 12 )( كَلِمة " نُغُولٌ " تعنِي " أبناء غِير شرعِيين " ) فَإِنْ كَانَ أبُويا الجَسَدِي يَعرِف كيفَ يَشِد عَلَيَّ فَكَمْ يَكُون أبُويا السَّمَاوِي وَهَذِهِ التجارُب هِيَ لِكي نَنَال مِنْ قَدَاسته نرى مِنْ هذِهِ المُقَدِّمة كَمْ أنَّ رَبِّنا يَدَهُ صَالِحة وَهُوَ حنُون حَتَّى فِي تجارُبه لأِنَّهُ يوجد فِكر خَاطِئ عِندَ بعض النَّاس وَهُوَ أنَّ الله يُؤدِّب الإِنسان الخاطِئ مِنْ أجل خَطِيته وَلَكِنْ ليسَ هذَا أُسلُوب رَبِّنا لأِنَّ الله إِنْ كَانَ يُنذِرنِي فَإِنَّهُ يُنذِرنِي بِمَحَبَّة فَيَعْقُوب الرَّسُول يَقُول [ اِحْسَبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِب مُتَنَوِّعَةٍ ]( يع 1 : 2 ) رَبِّنا يُرِيدنا أنْ نَحمِل الإِكلِيل بِفرح فَفِي رِسالة كُورنثُوس يَقُول القِدِيس بُولِس عَنْ الله [ وَلكِنَّ الله أمِينٌ الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أيضاً المَنْفَذَ لِتَسْتَطِيعُوا أنْ تَحْتَمِلُوا ] ( 1كو 10 : 13 ) مُستحِيل أنْ أقُول لِطِفل صَغِير إِحمِل هذِهِ المنضدة فَإِنْ كُنت أنَا أعرِف أنْ أحَمِّل كُلَّ وَاحِد بِقدر طاقته أفَلاَ يفعل الله ذلِك رَبِّنا يَسُوع المَسِيح نَفْسه جُرِّب وَجُرِّب فِي وقت مُقدس وَعَلَى جبل مُقدس فَالتجرُبة ليست لِلإِنتِقام فَعِندما أُجَرَّب أجِد المَسِيح مُعِين لِي فِي تَجَارُبِي [ لأِنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَألَّمَ مُجَرَّباً يَقْدِرُ أنْ يُعِينَ المُجَرَّبِينَ ] ( عب 2 : 18 ) فَالتجارُب رَبِّنا يُرسِلها لَنَا بِحِكمة وَبِإِرَادة إِلَهِيَّة عالية جِدّاً جِدّاً وَهدفها هُوَ خَلاَص النَفْس وَالإِشتراك فِي حِمل صَلِيب المَسِيح وَقِيامته وَسَأحصِد مِنْهُ ثِمار .
1- بَرَكات التَجَارُب :-
أ - إِنَّها تَأدِيبات مَحَبَّة :-
كُلَّ تَأدِيب فِي الحَاضِر لاَ يُرى أنَّهُ لِلفرح بَلْ لِلحُزن ( عب 12 : 11) فَالتَجَارُب هِيَ تَأدِيبات مَحَبَّة وَليست قسوة .. رَبِّنا لَمْ يَقِف ضِدِّي أبَداً فَالقِدِيس يُوحنا ذَهَبِي الفم يَقُول[ هل لأنَّكَ تُعَانِي مِنْ أتعاب كَثِيرة تَظُن أنَّ الله قَدْ تركك وَأنَّهُ يُبغِضك ، بَلْ إِنْ لَمْ يُؤدِبك فَاعلم أنَّهُ قَدْ تركك ] فَإِنْ وجدت مجموعة أولاد بِيعملوا أعمال سَيِئة جِدّاً بِيضربُوا بعض وَبِيشتِمُوا بعض وَوَجدت فِي هذِهِ المجموعة إِبنك فَمَنْ الَّذِي سَتأخُذه معك ؟!! إِبنك .. وَمَنْ الَّذِي سَتُؤدِبه ؟ إِبنك أحياناً بَفهم أنَّ عِلاَقتِي مَعْ رَبِّنا هِيَ عِلاَقة قُيُود وَلَكِنْ إِنَّ تَأدِيباته هِيَ عَلاَمة بُنُّوة حَقِيقِيَّة لَهُ وَهِيَ عَلاَمة مِقدار مَحَبِّته لِيَّ فَهُوَ يُرِيد أنْ يُقِيمنِي وَلاَ يُرِيدنِي أنْ ألهو وَألعب وَأنسى نَفْسِي وَخَلاَص نَفْسِي فَهِي تَأدِيبات لِكي أنَال مدحه وَتطوِيبه وَالتَجَارُب هِيَ وَسائِل تكشِف لَنَا عَنْ مقاصِد الله وَحُكم الله علِينا فَهِيَ مكسب عَظِيم جِدّاً وَالإِنسان الَّذِي يَعِيش التجرُبة بِفرح وَيَحتَمِلها بِشُكر يَنال مدح مِنْ الله مكسب عَظِيم أنْ نُؤدب فِي هذا الزمان بدلاً مِنْ أنْ نُؤدب فِي الدينُونة فِالأولاد الَّذِينَ فِي الشَوَارِع وَالَّذِينَ ليسَ لَهُمْ أهل لاَ يوجد عندهُمْ أحد يُنذِرَهُمْ جَمِيل جِدّاً أنَّ الله يُرسِل لِلإِنسان تجرُبة فِي حياته وَأصعب شِىء أنَّ الإِنسان يَظِل طَوَال عُمره يرفُض التجرُبة وَيَقُول أنَا رَأيت سَلاَمة الأشرار فَإِكتأبت فَأيُوب الصِّدِّيق قَالَ فِي إِحدى المرَّات أنَّهُ توجد ناس تَعِيش فِي قِمة الشُّرُور وَحياتهُمْ أفضل مِنِّي يَقُولُوا لله إِبعِد عَنَّا وَبِمَعرِفة طُرُقك لاَ نُسر ( أي 21 : 14 ) فَمَاذا ننتَفِع إِنْ تبعناك ؟ يَقُول عَنْهُمْ أيُوب الصِّدِّيق أنَّ عجُولَهُمْ مُسَمَنة [ بُيُوتُهُمْ آمِنَةٌ ] ( أي 21 : 9 ) ثَمَرِة بِر لِرَبِّنا إِنِّي أُؤدب فِي هذَا الزمن وَهذِهِ التجارُب سَتُعطِينِي سَلاَم قلب .
ب - لأخُذ نِعم مِنْ السَّماء :-
فَالقِدِيس يُوحنَّا الحَبِيب صَاحِب سِفر الرؤيا مَتى تَمَتَّع بِرؤية السَّماء ؟!! وَهُوَ فِي المنفى وَرَأى مجد السَّماء وَأمجاد السَّماء وَالحُكَّام قَدِيماً كَانُوا بِيجعلُوا مَنْ كَانَ فِي منفى يَعِيش فِي رُعب لأِنَّهُ بِيَكُون مُهَدد فِي أي وقت بِعقوبة وَلِذلِك السيِّد المَسِيح قَالَ [ وَلكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ ]( يو 16 : 20 ) فَرَأى القِدِيس يُوحَنَّا وَهُوَ فِي وسط التجرُبة مَا أجمل أنْ يراه وَهُوَ عَلَى الأرض فَسِفر الرؤيا عِندما نقرأه نَفرح فَالقِدِيس يُوحَنَّا رَأى الله وَرَأى عرشه وَرَأى العظمة الإِلَهِيَّة كُلَّها رَأى المِئة وَالأربعة وَالأربعُونَ ألفاً البَتُولِيين رَأى كُلَّ هذا وَهُوَ فِي وسط الآلام كَثِيراً مَا نَنَال نِعم مِنْ السَّماء وَنَحْنُ فِي وسط التجارُب مَتى تَمَتَّع الثَلاَثة فِتية بِرؤية الله ؟ وَهُمْ فِي وسط الأتون وَاليوم نَحْنُ نُعَيِّد بِعِيد إِستشهاد القِدِيسين أبَاكِير وَيُوحَنَّا فَنَجِد الكاثُولِيكُون يَقُول [ أيُّها الأحِبَّاءُ لاَ تَسْتَغْرِبُوا البَلْوَى المُحْرِقَةَ الَّتِي بينكُمْ حَادِثة لأِجْلِ امتِحَانِكُمْ كَأنَّهُ أصَابَكُمْ أمر غَرِيبٌ بَلْ كَمَا اشتركْتُمْ فِي آلامِ المَسِيحِ افْرَحُوا لِكَي تَفْرَحُوا فِي استِعْلاَنِ مَجْدِهِ أيضاً مُبْتَهِجِينَ ] ( 1بط 4 : 12 – 13 ) مَتى رَأى القِدِيس أسطِفَانُوس المَسِيح جَالِس عَلَى العرش ؟ وَهُوَ بِيُرجم فَالتجارُب فُرصة لأخُذ نعم مِنْ الله فَالَّذِي لاَ يُتاح لِي أنْ أأخُذه أأخُذه فِي التجارُب دَانِيال مَتى تَمَتَّع بِمُصَاحبة المَلاَئِكة ؟ عِندما أُلقِيَ فِي جُب الأُسُود فَنَحْنُ عِندما نرى منظر الأُسُود نِفُوسنا تجزع وَلَكِنْ دَانِيال تَمَتَّع بِمُصَاحَبة المَلاَئِكة لَهُ فِي هذا الجُب فَالنَّاس الَّذِينَ ألقُوا الثَلاَثة فِتية فِي الأتُون صهد النَّار حرقهُمْ وَأمَّا الثَلاَثة فِتية فَرَائِحة النَّار لَمْ تَأتِي عَلَى ثِيابَهُمْ فَأحد القِدِيسِين يَقُول [ مَاذا فعلت النَّار بِالثَلاَثة فِتية ؟ فَهِيَ قَطَّعت القُيُود الَّتِي كَانُوا يُربَطُونَ بِها ] وَهُنا نَجِد المزمُور يَقُول [ كَثِيرة هِيَ أحزان الصِّدِّيقِين ، وَمِنْ جَمِيعُها يُنَجِيهُمْ الرَّبَّ . يحفظ الرَّبُّ جَمِيع عِظَامِهِمْ ، وَوَاحِدة مِنْهَا لاَ تنكَسِر ] ( مز 33 – مِنْ مَزَامِير السَّاعة الثَّالِثة ) [ هُمْ عثرُوا وَسَقَطُوا ، وَنَحْنُ قُمنا وَانتصبنا ]( مز 19 – مِنْ مَزَامِير السَّاعة الثَّالِثة ) فَالتجرُبة فُرصة لأخُذ نِعم مِنْ رَبِّنا وَدَانِيال كَانَ يقضِي فِي جُب الأُسُود أجمل لِيله مِنْ لَيَالِي عُمره بُولِس وَسِيلاَ أُلقُوا فِي السِجن الداخِلِي وَوَضِعت أرجُلَهُمْ فِي مقطرة وَلَوْ تخيلنا حالتهُمْ النَفْسِيَّة وَهُمْ فِي هذَا الوضع لَتَوَقعنا أنَّهُمْ تعبانِين وَيُعَاتِبُونَ الله قَائِلِين " هَلْ يُرضِيك ياربَّ أنْ نُسجن هَكذا ؟!! " وَلَكِنَّهُمَا كَانَا يُسَّبِحان الله فِي السِجن التَّسبِيح هُوَ أرقى دَرَجات الصَلاَة هُوَ تَغَنِّي بِأعمال الله وَقُدرته فهل هذَا كَانَ وقت التَّغَنِّي بِأعمال الله ؟!! فَنَحْنُ فِي أجمل لَحَظَات حَياتنا لاَ نَعرِف أنْ نُسَبِّح وَلاَ يوجد عِندنا رَصِيد مِنْ عِشرِتنا لِرَبِّنا لِكي نُخرِج لَهُ كَلاَم جَمِيل فَإِنْ كَانَ هذَا فِي أجمل الأوقات فَكَمْ يَكُون فِي أصعب الأوقات وَلِذلِك أحياناً رَبِّنا بِيُعطِينا تعزِيات جَمِيلة جِدّاً أثناء التجرُبة بِالذَّات فَأحد الآباء يُشَّبِه ذلِك بِتَشبِيه إِذْ يَقُول لَوْ يوجد إِنسان خَبَّاز وَعِنده حوالِي 50 طاولة يَضع فِيهُمْ الخُبز وَيَأخُذ طاولة وَيَضعها فِي الفُرن وَيعرَّضها لِلنَّار لِوقت مُعَيَّن .. فَلَوْ تَعَرَّضت لِلنَّار وقت زِيادة فَإِنَّها تُحرق وَلَوْ تَعَرَّضت وقت قُلَيِل فَإِنَّها تخرُج نَيئِة فَالله لاَ يَدَعنا نُجَرَّب فوقَ مَا نحتمِل فَهذَا هُوَ الفرَّان فَإِنَّهُ يعرِف التوقِيت فَكَمْ يَكُون الله !!!!
بُولِس الرَّسُول أُختُطِف لِلسَّماء الثَّالِثة وَيَقُول أحد الآباء أنَّهُ قَدْ يَكُون رَأى ذَلِك وَهُوَ فِي أثناء غيبوبته بعد رجمه أوْ وَهُوَ فِي سِجن مِنْ السِجُون إِنَّهُ رَأى مَا لَمْ ترهُ عين وَلَمْ تسمع بِهِ أُذُن فَلاَبُد أنْ أعرِف أنَّ وَراء التجرُبة سَأأخُذ نِعمة وَلِكي نشترِك فِي قداسته كَثِيراً مَا نَجِد ناس رَبِّنا بِيُعطِيهُمْ تعزِيات كَبِيرة جِدّاً أثناء التجرُبة فَأصعب شِئ قَدْ يُمكِنْ أنْ نُعَرَّض لَهُ هُوَ الموت وَمَعْ ذَلِك نَقُول إِنْ سِرت فِي وَادِي ظِل الموت لاَ أخاف شَرَّاً لأِنَّكَ أنتَ مَعِي ( مز 23 : 4 ) فَإِنَّ خِفَّة ضِيقتنا الوقتِيَّة تُنشِئ لَنَا أكثر فَأكثر ثِقل مجد أبَدِي ( 2كو 4 : 17) فَالتجرُبة مهما طالت فَهِيَ مُدِتها وَقتِيَّة وَلَكِنْ تُنشِئ مجد أبَدِي لاَ يُقاس بِأي رَاحة زَمَنِيَّة توجد قِصَّة مشهُورة فِي بُستان الرُهبان عَنْ رَاهِب إِستأذِن مِنْ رَئِيس الدِير لِيترُك الدِير وَيذهب لِدِير آخر فَسَألَهُ رَئِيس الدِير مَا الَّذِي أحزنك فِي الدِير لِكي تترُكه ؟!! قَالَ لَهُ أنَا أُرِيد أنْ أخُذ فرصة لأمُر بِتجرُبة أوْ مِحنة وَلأِنَّكُمْ مُحِبِين فَأنَا أُرِيد أنْ أترُك الدِير فَالإِنسان لاَبُد أنْ يَعرِف أنَّ الله لَهُ إِرَادة بِهَذِهِ التجرُبة وَهِيَ بِسَماح مِنْه وَمِنْ يَده وَلَيْسَ مِنْ إِنسان يقبلها بِفرح إِلاَّ وَيَتَلاَمس مَعْ عمل رَبِّنا وَيأخُذ نِعمة كَبِيرة جِدّاً بِتدخَلنا مَلَكُوت السَّمَاوَات .
ج - لِلتَنقِية مِنْ الشَّوَائِب :-
فَلَوْ نظرنا يَا أحِبَّائِي لأِي تجرُبة نظرة رُوحِيَّة فَإِنَّنا سَنَجِدها فُرصة لِلتَنقِية مِنْ الشَّوَائِب فَالَّذهب كُلَّما يُوضع فِي النَّار كُلَّما يَتَنَقى أكثر وَسِعره يزداد فَالتجرُبة بِالنِسبة لِيَّ هِيَ تنقِية مِنْ رَزَائِل نَفْسِي وَمِنْ أطماعِي وَحُبِّي لِنَفْسِي فِالتجرُبة تُنَقِّي الإِنسان مِنْ أي شَائِبة فَعِندما نَرى إِنسان يقُص شجرة فَإِنَّهُ يَقُول أنَا بَنَقِّي الكرمة وَأُرِيد أنَّ العُصارة تَصِل إِليها حَتَّى تنضُج الثِمار بِسُرعة وَلِكي تثبُت أكثر وَنَجِد أنَّ الكِتاب يَقُول [ الَّذِي بِهِ تَبْتَهِجُونَ مَعَ أنَّكُمُ الآنَ إِنْ كَانَ يَجِبُ تُحْزَنُونَ يَسِيراً بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعةً لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ وَهِيَ أثمنُ مِنَ الذَّهَبِ الفَانِي مَعَ أنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ تُوجَدُ لِلمَدْحِ وَالكَرَامَةِ وَالمجدِ عِنْدَ استِعْلاَنِ يَسُوعَ المَسِيحِ ] ( 1بط 1 : 6 – 7 ) كَثِيراً مَا يَكُون هُناك إِنسان نَاسِي حياته الأبَدِيَّة وَكُلَّ مَا يشغِله فقط هُوَ الزمن الحَاضِر وَيضع آمال وَآمال حَتَّى تأتِيه تجرُبة تُفِيقه فَأيوب الصِّدِّيق قَالَ [ بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ وَالآنَ رَأتْكَ عَيْنِي ] ( أي 42 : 5 ) كَثِيراً مَا تَكُون التجارُب سبب توبة وَتَحَوُّل وَتغيير وَتجعل الإِنسان يشعُر كَمْ أنَّهُ ضَيَّع عُمره فِي تيهان كَثِير فَالتجرُبة هِيَ فُرصة لِكي أرَى حُضن الله المُتَسِع لِي بعد أنْ تركتهُ [ فَإِنَّ مَنْ تَألَّمَ فِي الجَسَدِ كُفَّ عَنِ الخَطِيَّةِ ] ( 1بط 4 : 1 ) يَا لِروعة الكَلاَم رَبِّنا يُرِيدنا أنْ نَكُف عَنْ الخَطِيَّة إِهتمام رَبِّنا بِأجسادنا وَبِالحياة الزمَنِيَّة أقل بِكَثِير جِدّاً مِمَّا نَتَصَور بِحَياتنا الأبَدِيَّة فَكُلَّ إِهتمامه هُوَ بِالحياة الأبَدِيَّة وَلَكِنْ نَحْنُ إِهتمامنا هُوَ بِالحياة الزَمَنِيَّة رَبِّنا يَقُول لَنَا أنَا قَدْ ظُلِمت وَتُفِلَ عَلَيَّ أتُرِيد أنْ تصنع لَكَ طَرِيق آخر غير طرِيقِي فَهَذَا هُوَ طَرِيقِي فَالتجرُبة هِيَ فُرصة لِكي يفِيق الإِنسان لَوْ كَانَ قَدْ بعد نَفْسه عَنْ الحياة الأبَدِيَّة يوجد تشبِيه لَوْ نَتَخَيَّل أنَّنَا سَائِرُون فِي الشَّارِع وَرَأينا حادثة صعبة جِدّاً وَهِيَ أتوبِيس ضرب رجُل وَرفعه لِفوق 30 متر المفرُوض إِنَّه يِكُون فِيهِ نَفْس ؟!!!! وَلَكِنْ وجدنا أنَّ هذَا الشخص وقف يِنَظَّف البدلة وَيَقُول " إِنَّ هَذَا الزُرار تَقَطَّع " – شِئ عَجِيب – إِنَّ الحياة الزَمَنِيَّة عند رَبِّنا مِثْل هَذَا الزُرار لَوْ ضاع لاَ يَهِمْ المُهِمْ سَلاَمة النَفْس هَكذَا المُهِمْ عند الله هُوَ خَلاَصنا الأبَدِي فهل يَجِب أنْ نهتم بِيوم أوْ بِساعة أمْ نهتم بِحَياتنا الأبَدِيَّة الَّتِي لَيْسَ لها نِهاية ؟ الحياة الزَمَنِيَّة الَّتِي نَعِيشها صَدِّقُونِي لاَ تُسَاوِي يوم وَلاَ ساعة عند رَبِّنا يَا حَبِيبِي أُنظُر لِفوق مِثْلَ طَالِب يُرِيد أنْ يلعب وَأنتَ ترى مُستقبله فَإِنْ كُنَّا نَحْنُ بِحِكمِتنا البَشَرِيَّة الضَعِيفة نَعرِف المُفِيد لِلشخص الله يُرِيد[ أنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفةِ الحَقِّ يُقْبِلُونَ ] ( 1تي 2 : 4 )[ لأِنَّ هذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ قَدَاسَتُكُمْ ] ( 1تس 4 : 3 ) توجد قِصَّة تحكِي عَنْ فتاة مِنْ البنات المشهُورِين جِدّاً فِي السِباحة العالمِيَّة وَبِتأخُذ أُلُوف أُلُوف الدُولاَرَات وَهِيَ فِي إِحدى المرَّات بِتنُط سَقَطِت عَلَى العمُود الفقرِي وَمَكَثت عَلَى كُرسِي مُتَحَرِّك فَأشارت عليها إِحدى صَدِيقاتها بِأنْ تِشترِي هدايا لِلمُعَوَقِين وَالمُحتاجِين وَتزورهُمْ وَتِوَزَعها عَليهُمْ فَكانت عِندما تزور النَّاس كَانُوا يسألُونها هَلْ أنتِ سَعِيدة هَكَذَا ؟!!!! فَإِنحنت وَقَبَّلت الكُرسِي وَقَالت أنَا فِي البِداية كُنت رَافضاه وَلَكِنْ الآن أنَا بَشكُر رَبِّنا [ مَا أبعد أحكامَهُ عَنِ الفحصِ وَطُرُقَهُ عَنْ الاِستِقصَاءِ ] ( رو 11 : 33 ) .. فَالتجرُبة دعوة لِلإِستمرار فِي حياة التوبة وَفُرصة لِلنمو فِي الفضِيلة وَلِلإِشتياق لِلسَّماء .
د - دعوة لِلنمو فِي الفضائِل :-
الإِنسان المُتَألِم وَالمُجَرَّب الفَضِيلة بِالنِسبة إِليه قُرَيِبة وَالإِنسان الَّذِي إِستفاد مِنْ تجرُبة فَإِنَّهُ قَدْ دَخَلَ مدرسة الألم وَدَخَلَ مدرسة الفضائِل وَكَأنَّ مدرسة الألم هُوَ عِنوان لَهُ وجهين وجه هُوَ مدرسة لألم وَالوجه الآخر هُوَ مدرسة الفضائِل .
أ - الإِتِضاع :-
فَمَثَلاً فَضِيلة الإِتِضاع تنمو جِدّاً جِدّاً جِدّاً مَعْ التجرُبة فَلَوْ جلست مَعْ إِنسان مُجَرَّب لاَ تَجِده يَقُول هذَا فعل أوْ ذَاكَ فعل لأِنَّ التجرُبة بَلَعت الذَّات وَإِبتدأَ الإِنسان بِالتجرُبة يَعِيش بِذات مُرَوَضة وَمُنضَبِطة بعد أنْ كانت الذَّات بِتِشتِكِي وَعالية وَكانت مِحور الإِنسان صَارت ذات الإِنسان مكسُورة وَلِذَلِك دَائِماً الإِنسان المُجَرَّب هُوَ إِنسان مُتَضِع لأِنَّهُ عرف ضعفه فَإِتضع أحد القِدِيسِين يَقُول [ بِوَاسِطة التجارُب نَدنوا مِنَ الإِتِضاع وَمَنْ يدوم بِلاَ أحزان باب العظمة مفتُوح أمامه ] دَاوُد النَّبِي قَالَ عِبارة ذَهَبِيَّة وَهِيَ [ خير لِي أنَّكَ أذللتنِي ، حَتَّى أتعلَّم حقُوقك ] ( مز 118 – القِطعة 9 مِنْ الخِدمة الأولى مِنْ صَلاَة نِصف الليل ) فَأنتَ ياربَّ أقمتَ لِي شَاوُل مِنْ أجل تقوِيم ذَاتِي حَتَّى أنَّ شَاوُل يَذِلَنِي وَيجعلنِي أعِيش مكسُور فَأنتَ يَارَبِي تقصُد أنْ تجعلنِي أتَضِع فَحَتَّى يَارَبِي مَلِك مِثْلَ دَاوُد تُقِيم لَهُ أعداء حَتَّى يَظِل مُتَضِع ؟!!!! نعم فَمدرسة التجارُب هِيَ مدرسة الإِتِضاع وَكَثِيراً مَا تُمَحِص التجرُبة الإِنسان وَتجعل كِبريائه وَتَعَاليه يُمحى فَقَدْ نَتَعَجب فِي بعض الأحيان وَنَقُول هَلْ هذَا هُوَ الإِنسان الَّذِي كَانَ يَقُول مَنْ مِثْلِي ؟ فَالتجرُبة قَدْ جعلته مُنكَسِر بعد أنْ كَانَ مغرُور فَالإِنسان فِي إِعتِقاده أنَّهُ سَيَعِيش إِلَى الأبد عَلَى الأرض وَلَهُ قُدرات وَلَهُ مَعَارِف وَلَهُ إِمكانِيات وَلَكِنْ هذَا الإِنسان عِندما يَمُر فِي تجرُبة يَصِير كَطِفل وَينسى ذَاته فَالتجرُبة تكسر ذات الإِنسان وَتجعله يَعرِف حَقِيقة نَفْسه أنَّهُ تُراب وَلاَ شِئ فَالله سمح بِتجرُبة لأيُوب وَأيُوب كَانَ كُلَّ شِئ فِيهِ حَسِن جِدّاً مَا عدا شِئ وَاحِد وَهُوَ البِر الذَّاتِي فَكَانَ يشعُر أنَّهُ أفضل مِنْ جَمِيع النَّاس وَيَتَكَلَّم عَنْ نَفْسه بِزهو وَلَكِنْ فِي التجرُبة صَارت النَّاس تشمئِز مِنْهُ وَتنفُر مِنْ رَائِحته وَرَبِّنا يَقُول لَهُ يَا أيُوب أنَا لاَ أقصِد أنْ أتعِبك أنَا أقصِد أنْ أُخَلِّصك أنَا لِيَّ هدف فِي هَذَا الأمر وَفِي النِهاية رَبِّنا رَدَّ لَهُ مَا خَسِره ضِعفِين وَلِذَلِك فَإِنَّ الأمر رَبِّنا يِحسِبه بِطَرِيقة أُخرى غِير طَرِيقِتنا فَالإِنسان الأنانِي وَالمُتَكِل عَلَى قُدراته وَعَلَى فِكره وَتَدَابِيره الشخصِيَّة ويَظُنْ أنَّهُ لاَ يوجد أحد أفضل مِنْهُ مُمكِنْ أنْ يُعطِي لَهُ الله تجرُبة مِنْ أجل مذلته وَإِتِضاعه دَاوُد النَّبِي يَقُول [ قبل أنْ أُذَلل أنَا تَكَاسلت ]( مز 118 – القِطعة 9 مِنْ الخِدمة الأولى مِنْ صَلاَة نِصف الليل ) .
ب - المَحَبَّة :-
كَثِيراً مَا يحدُث أنَّ ذات الإِنسان تجعله يكره وَيَحمِل بُغضه فِي دَاخِله وَيختلِف مَعْ الآخرِين وَعِندما تأتِيه تجرُبة ينسى كُلَّ إِساءة فِي الأوِل كَانَ الَّذِي يشغِله هُوَ ذاته أمَّا بعد التجرُبة فَإِنَّهُ يَقُول" فُلان هُوَ أفضل مِنِّي " وَيبدأ يُبارِك الكُلَّ وَينسى أي إِساءة تحت نِير الألم وَالتجارُب فِي إِحدى المرَّات ذَهبت لِشخص قَدْ عَمَلَ حادثة وَقَدْ ذهبت إِليه لأِناوله فَقَالَ لِي يَا أبُونا ألَيْسَ مِنَ المفرُوض قبل التناوُل أعترِف ؟ وَهَذِهِ التجرُبة جعلته يَتَنَاول وَيعترِف وَفِي هَذِهِ المواقِف مُمكِنْ أنْ أسأله : هل أنتَ مخاصِم أحد ؟ وَعِندما سألته هذَا السؤال قَالَ لِي " أمس فقط التجرُبة صَنَعت مَحَبَّة وَسَلاَم " فَالَّذِينَ كَانُوا عَلَى خِصام معِي عِندما سمعوا بِالحادثة جَاءُوا إِلَيَّ لِيسألُوا عَلَيَّ التجرُبة نقَّت القلب وَلِذَلِك الإِنسان المُجَرَّب لاَ يحمِل قلبه ضَغِينة مِنْ أحد بَلْ بِالعكس التجرُبة تجعله يُبَارِك الآخرِين .
ج - اللجاجة فِي الصَلاَة :-
التجرُبة أيضاً تجعل الصَلاَة مِنْ الأعماق فَعِندما تَكُون التجرُبة شَدِيدة جِدّاً يعرِف الإِنسان كيفَ يصُرخ مِنْ أعماق قلبه فِي الأوِل مُمكِنْ أنْ تَكُون الصَلاَة مُجَرَّد وَاجِب وَلَكِنْ التجرُبة جعلتنِي أعرِف أنْ أُصَلِّي فَمَا أعجب الكَلِمة الَّتِي قالها يُونان وَهُوَ فِي جوف الحوت إِذْ يَقُول [ فَصَلَّى يُونان مِنْ جَوفِ الحُوتِ وَقَالَ صَرَخْتُ مِنْ جَوفِ الهَاوِيَةِ فَسَمِعْتَ صَوْتِي ] ( يون 2 : 1 – 2 ) كَانَ يوجد قِدِيس يَتَكَلَّم عَنْ الصَلاَة فَسَألوه مَنْ الَّذِي عَلَّمك الصَلاَة ؟ فَقَالَ تجاربِي وَآلامِي فَعِندما يُحارِبنِي عدو الخِير أوْ جَسَدِي يثُور عَلَيَّ أوْ أوَاجِه آلام أوْ تجارُب فَأشعُر بِضِيق وَأصرُخ لِرَبِّنا وَلِذَلِك فَالألم وَالتجرُبة هُوَ مدرسة لِتعلِيم الصَلاَة مَا أجمل الصَلاَة الَّتِي تَكُون بِإِحتياج وَبِمَذَلة وَتَكُون الذَّات فِيها مُنكَسِرة وَيشعُر الإِنسان فِيها أنَّهُ عَاجِز عَنْ كُلَّ شِئ وَيَقُول لِرَبِّنا [ أُحكُمْ لِي يَاربَّ وَانتقِمْ لِمظلمتِي ] ( مز 42 – مِنْ مَزَامِير السَّاعة الثَّالِثة ) [ دَعَوْتُ مِنْ ضِيقِي الرَّبَّ فَاستجَابنِي ] ( يون 2 : 2 ) أحد الآباء يَقُول مَا رأيك لَوْ رَأيت إِنساناً فِي بحر وَهُوَ يغرق لمح مركِب آتية مِنْ بعِيد فَأخذ يُلَوِح لَهَا وَيصرُخ بِكُلَّ قُوَّته فَالتجرُبة جعلته يصرُخ وَيصرُخ صرخة صَادِقة فَالإِنسان الَّذِي لَمْ يختبِر صَلاَح الله مُمكِنْ أنْ يختبِره فِي التجرُبة فَالتجرُبة تُعَلِّم الصَلاَة وَتُعَلِّمه كيفَ يصرُخ مِنْ أعماقه كَثِيراً مَا يسمح الله بِتجرُبة لِيَّ لِكي يُخرجنِي مِنْهَا بِفَضَائِل كَثِيرة كَثِيراً مَا يَكُون الإِنسان مشغُول وَيَسِير وراء تيارات العالم وَفِي وسط كُلَّ هَذَا يَجِد الله يَقُول لَهُ بعد إِذنك أنَا سَأحَمِلك شِئ وَبِهَذَا سَأكُون أنَا مركز إِهتمامك وَرَبِّنا لاَ يُحِب عَلَى الإِطلاق أنْ يَكُون لِلإِنسان مركز غِيره رَبِّنا عِندما وجد لِعازر وَمريم وَمرثا أُسرة حلوة جِدّاً وَلِعازر هُوَ مركز هَذِهِ الأُسرة فَقَدْ أخَذَ لِعازر ثُمَّ أقامهُ وَبعد أنْ أقامهُ صَارَ يَسُوع هُوَ مركز الأُسرة أبُونا إِبرَاهِيم كَانَ مركز حياته هُوَ إِسحق فَقَالَ الله لإِبرَاهِيم أعطِينِي إِسحق وَوَضَعهُ فِي التجرُبة ثُمَّ أعطاه خروفاً عِوضاً عَنْهُ وَصَارَ رَبِّنا هُوَ المركز فَرَبِّنا يَقُول أنَا أضعك فِي التجرُبة لِكي أرَجَع ترتِيب الأُمور لِلصح وَلِذَلِك فَإِنَّ التجرُبة تجعل الإِنسان يُصَلِّي وَتُعَلِّمه كيفَ يُرضي الله وَكيفَ يصرُخ مِنْ أعماق قلبه .
د - تجعل الإِنسان يزهد عَنْ العالم :-
مُستحِيل أنْ يَكُون إِنسان فِي تجرُبة وَيُرِيد أنْ يقتنِي شِئ أوْ يشترِي بِيت أوْ عَرَبِية فَالتجرُبة بِتجعل الإِنسان يُفطم عَنْ مَحَبَّة العالم مِثْلَ القِدِيسِين فَلِنفرِض أنْ يَكُون إِنسان ذَاهِب لِيُجرَى لَهُ عَمَلِية جِرَاحِيَّة فَهل وَهُوَ ذَاهِب سَيُشَاهِد التِليِفِزيُون وَينظُر لِلمحِلات لِيَتَعَرَّف عَلَى الموضة الجَدِيدة ؟ بِالطبع لاَ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ موجُود مَعْ ناس بِتِتكَلِّم عَلَى الموضة فَإِنَّهُ لاَ يشعُر بِكَلاَمهُمْ وَلاَ يسمعهُمْ لأِنَّ قلبه لاَ يَكُون فِيها فَالإِنسان الَّذِي يُوضع فِي تجرُبة بعد أنْ كَانَ مُرتبِط بِالعالم وَمُقيد بِهِ وَالعالم يَحِد نَفْسه فَإِنَّهُ يُفك مِنْ رَبَاطات العالم وَمِنْ مَحَبَّة المُقتنيات وَيُفطم بِعمل نِعمة الله وَيحدُث هَذَا بِطَرِيقة تِلقائِيَّة بِالتجرُبة فَأنتَ يَاربِي بِتُعطِينا مَا لاَ نستطِيع أنْ نقتنيه فَالتجرُبة بِضربة واحدة مِنْهَا تُعطِيك كُلَّ هَذِهِ الفضائِل وَتُحَطِّم لَكَ كُلَّ الأصنام الَّتِي تعبُدها وَلِذَلِك كُلَّ تأدِيب هُوَ لِلفرح وَلَيْسَ لِلحُزن وَتوجد نِعم كَثِيرة نأخُذها بِالتجرُبة وَاحِد كَانَ ذَاهِب لِيُغَيِّر مِفصل وَكَانَ آخِذ مَعْهُ 100000 جِنية فِي شنطة فَيَقُول أنَّ هَذِهِ الأموال فِي ذَلِك الوقت كانت أمامه مِثْلَ الجرائِد فَالتجرُبة جعلت الفلُوس أمامه مِثْلَ ورق الجرائِد مَعْ إِنَّها لها بَرِيقها فَالفضائِل الَّتِي يصعُب عَلَى الإِنسان إِقتنائها بِالجِهاد الرُّوحِي فَإِنَّهُ يأخُذها بِسِهولة بِالتجرُبة فَالتجرُبة بِتجعل الإِنسان يزهد فِي مَحَبَّة العالم وَتجعله لاَ يُرِيد أنْ يأكُل وَيسمو عَنْ مَحَبَّة الأُمور الأرضِيَّة وَغِير خاضِع لِشِئ وَيزدرِي العالم وَأبَاطِيل العالم وَالإِنسان الَّذِي يعِيش فِي تجرُبة يَتَعجب مِنْ النَّاس الَّذِينَ يدخُلُونَ فِي صِراع مَعْ بعضهُمْ البعض وِيَقُول إِنَّهُمْ مَسَاكِين كيفَ يَعِيشُون هَكَذَا أيُوب الصِّدِّيق قَالَ [ إِنْ كَنَزَ فِضَّةً كَالتُرابِ وَأعَدَّ مَلاَبِسَ كَالطِّينِ ] ( أي 27 : 16) وَكُلَّ هَذَا أتى مِنْ التجرُبة فَمَثَلاً لَوْ شخص فِي سِجن وَقُدِّم لَهُ فلُوس كَثِيرة جِدّاً فَإِنَّهُ سَيَقُول خُذُوهُمْ أنَا لاَ أُرِيد أنْ أأخُذ فلُوس فَالله يُرِيد أنْ يَكُون لَنَا هَذَا الفِكر بِأنَّهُ إِنْ كَانَ لَنَ قوت وَكِسوة فلنكتفِ بِهُمَا ( 1تي 6 : 8 ) وَلِذَلِك فَإِنَّ التجرُبة تجعل الإِنسان يَعِيش الكفاف وَلاَ يهتم بِالغد وَلِذَلِك الإِنسان الأمِين فِي إِستفادته مِنْ التجرُبة يقتنِي بَرَكات كَثِيرة جِدّاً وَيشعُر أنَّهُ لَيْسَ لَنَا هُنا مَدِينة بَاقِية ( عب 13 : 14) .
ذ - تُعطِينا الإِشتياق وَالإِستعداد لِلسَّماء :-
بِالتجرُبة تبدأ الأرض تنسحِب بِسُلطانها وَبِغِنَاها وَبِمجدها وَبِحياتها مِنْ قلب الإِنسان وَيبدأ يعرِف أنَّ هُناكَ مِنْ نِهاية وَلاَبُد مِنْ نِهاية وَإِشتياقات السَّماء تَزِيد وَتَزِيد فِي الإِنسان وَتَحِث الإِنسان جِدّاً جِدّاً لأِنْ يِجَهِز لِنَفْسه مكان فِي السَّماء وَيَعِد نَفْسه وَيضمن لِنَفْسه مكان فِي السَّماء وَيَعرِف حَقِيقة أنَّهُ لاَبُد مِنْ نِهاية وَيُفطم مِنْ مَحَبَّة العالم لِكي يرتبِط بِمَحَبَّة السَّماء القِدِيس الشِيخ الرُوحانِي يَقُول [ إِنَّ مَحَبَّة الله غرَّبتنِي عَنْ مَحَبَّة الأرض وَالأرضِيات ] فَالتجرُبة تجعل الإِنسان إِشتياقاته تَزِيد لِلسَّماء وَيبدأ يِجَهِز نَفْسه لِلفِترة الأهم فَكَانَ قبل ذَلِك تائِه وَناسِي السَّماء وَبِيعتقِد أنَّ حياته عَلَى الأرض سَتستمِر إِلَى الأبد وَلِذَلِك فَإِنَّ الإِنسان الواعِي لِعمل رَبِّنا يَقُول مُباركة هِيَ آلامِي الَّتِي جعلتنِي أستفاد كُلَّ هَذِهِ الفوائِد وَيبدأ الجسد الَّذِي كُنت بَثِق فِيهِ جِدّاً وَبَحِبه جِدّاً جِدّاً يبدأ أنْ يزبُل وَالتعب يَدِب فِيهِ وَأبدأ أجَهِز نَفْسِي لِمَا بعد هَذَا وَإِبتدأت الأرض تِصغر تِصغر وَالجسد التُرابِي يَنحل لِكي يظهر الجسد السَّماوِي وَلِذَلِك فَإِنَّ التجارُب تُعَرِّف الإِنسان أنَّهُ توجد نِهاية وَلاَبُد مِنْ نِهاية فَيبدأ يَقِف أمام نَفْسه وَيِجَهِز نَفْسه وَلِذَلِك ياربَّ فَإِنَّ أعمالك كُلَّها هِيَ أعمال رحمة وَحقٌّ وَأنتَ تُرِيد أنْ تأخُذنِي معك لأِعِيش معك لِلأبد فَتوجد حرُوب وَأوبِئة وَمَجَاعات جعلها الله لِكي يعلم الإِنسان أنْ لاَ يأمن لِلحياة فِي الأرض وَيستعِد لِلسَّماء فَإِن كَانَ كُلَّ شِئ تمام فَإِنَّنا لَنْ نشتاق لِلسَّماء وَلَكِنْ الله جعلنا نَعِيش فِي مُتَغيِرات لِكي نَقُول مَتى نأخُذ المَدِينة الباقِية ؟ مَتى نأخُذ الرَّاحة السَّماوِيَّة وَالعطايا الَّتِي لَمْ يُعطِيها لَنَا إِنسان ؟ فَهَذَا هُوَ مَا يُرِيد الله أنْ يِجَهِزنا لَهُ وَهُوَ أنْ نَقُول [ لَيْسَ لَنَ هُنَا مَدِينة بَاقِية لكِنَّنَا نَطْلُبُ العَتِيدةَ ] ( عب 13 : 14 ) نَحْنُ فِي إِنتظارها أحد القِدِيسِين يَقُول [ إِنَّ مَحَبَّة العالم تنقلِع مِنْ القلب مِنْ التجارُب الَّتِي تحدُث فِي الجسد ] دَائِماً نَجِد أنَّ الإِنسان الَّذِي عِنده تجارُب فِي جسده تَكُون مَحَبَّة العالم قَدْ إِنقلعت مِنْ قلبه وَابتدأ الملكُوت يملُك عليه وَيُفطم عَنْ العالم رَبِّنا يُرِيد أنْ يُعطِينا أفراح وَأمجاد وَبِقبُولنا التجرُبة نشترِك مَعْهُ فِي حمل الصلِيب وَلِذَلِك الله يقصِد بِالتجرُبة أنَّ النَفْس تَتَمجد وَتزداد إِشتياق لِلسَّماء وَتُجَهز لِلسَّماء وَتُعد لِلسَّماء لاَبُد أنْ نعرِف يَا أحِبَّائِي أنَّ مَلَكُوت الله يُغصب وَالغاصِبُون يختطِفُونه ( مت 11 : 12 ) وَلاَ تنسوا أنَّ رَبِّنا يَسُوع قَالَ طُوبى لَكُمْ إِذا أبغضُوكمْ ( لو 6 : 22 ) طُوبى لَكُمْ أيُّها الحزانى الآن لأِنَّكُمْ سَتضحكُون ( لو 6 : 21 ) وَقَالَ إِنَّ العالم يضحك وَأنتُمْ سَتحزنُون وَلَكِنْ حُزنكُمْ سَيَتَحول إِلَى فرح ( يو 16 : 20 ) نَحْنُ أولاد الله الفاهِمِين قصده وَلِذَلِك نَحْنُ نستطِيع أنْ نحتمِل التجرُبة وَنشكُر عليها وَلِذَلِك لَوْ جاءت لِلإِنسان تجرُبة فَعليهِ أنْ يقبلها وَإِنْ لَمْ يستطِع أنْ يقبلها يطلُب مِنْ رَبِّنا أنْ يحتمِلها وَلَكِنْ لاَ يرفُضها وَلاَ يُعَاتِب رَبِّنا لأِنَّ الإِنسان لاَ يَكُون أحكم مِنْ الله وَلاَ يَكُون رَحِيم أكثر مِنْ الله وَلاَ يهتم أكثر مِنْ الله وَلَكِنْ يَقُول لِرَبِّنا أنتَ الَّذِي تسندنِي فِي تجارِبِي وَتُعِيننِي عَلَى إِحتمال كُلَّ ألم سَيِّدنا مثلث الرحمات البابا شنوده الثَّالِث يَقُول عِبارة جَمِيلة جِدّاً وَهِيَ [ لَيْسَ كُلَّ الَّذِينَ يتألمون ينالُون الأكالِيل وَلَكِنْ الَّذِينَ يقبلُونَ الألم ] لأِنَّ الَّذِي لَمْ يقبل لَمْ يَتَعَلَّم الدرس نَحْنُ عملنا الأول فِي خدمِتنا أنْ نقبل آلامنا [ عَالِمِينَ أنَّ الضِّيْقَ يُنْشِئُ صَبْراً وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي لأِنَّ مَحَبَّةَ الله قَدْ انسكبتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوح القُدُسِ المُعطَى لَنَا ]( رو 5 : 3 – 5 ) فَالتجرُبة لَهَا هدف عِندَ رَبِّنا عَالِي جِدّاً جِدّاً كَثِير مَا يَكُون الإِنسان فِكره عَاجِز عَنْ أنْ يعرِف مَقَاصِد الله يُوسِف الصِّدِّيق كَانَ كُلَّ أمله أنْ يخرُج مِنْ السِجن وَلَكِنْ رَبِّنا عَنْ طَرِيق السِجن جعلهُ رَئِيس خِطِة رَبِّنا تختلِف عَنْ خِطِتنا قصد رَبِّنا غِير قصدِنا[ مَا أبعد أحكامهُ عَنِ الفحصِ وَطُرُقَهُ عَنْ الاِستِقصَاءِ ] ( رو 11 : 33 ) [ لأِنَّ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ أوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيراً ]( رو 11 : 34 ) فَلاَ تَتَعَوَّد أنْ تَقُول لَهُ لِمَاذا يَاربَّ ؟ وَلَكِنْ قُل لَهُ يَاربَّ فَهِّمنِي وَلِذَلِك طُوبى لِلإِنسان الَّذِي يحتمِل التجرُبة وَيحتمِلها بِشُكر وَفرح وَهَذَا ينال الإِكلِيل رَبِّنا يُعطِينا نِعمة فِي تجارِبنا وَيَسنِد كُلَّ ضعف فِينا بِنِعمِته وَلإِلهنا المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
05 أكتوبر 2024
مؤهلات دخول السماء
الله أوجدنا لِكى نكُون معهُ فِى مجده ،قصد خلقتِهِ لنا أنْ نكُون معهُ فِى مجدهِ ،مُنذُ خلقِتنا وَهُوَ ينتظِرنا فِى الأبديَّة وَمُنذُ الأزل ،إِذاً فنحنُ مُواطِنيِن سمائيين وَ السَّماء هى بيتنا الإِنسان دائِماً يُرِيد الرِجُوع لِبيتِهِ لِيسترِيح،هكذا القديسين أحبُّوا السَّماء لأنّها الموطِن الأصلِى ، وَداوُد النبِى يقُول [ ويل لِى لأنّ غُربتِى قَدْ طالت علىَّ ]( مز 119 مِنْ مزاميِر الغرُوب ) ، وَالسيِّد المسيح قال [ أنا أمضِي لأُعِدَّ لكُمْ مكاناً حيثُ أكُونُ أنا تكُونُون أنتُم أيضاً ] ( يو 14 : 2 – 3 ) إِذاً الله لَمْ يخلِقنا لِكى نهلك لاَ بل لِنُشارِكهُ مجدهُ وَسُكناه ، وَما أجمل أنْ نكُون معهُ ، وَما أمجد أنْ نكُون معهُ وَنسكُن معهُ عِندما ندخُل الكنيسة وَنجِد المذبح مفتُوح يفرح قلبِنا ، إِذا كان منظر هكذا على الأرض يفرّحنا فما بال السَّماء !!
البعض يقُولُون أنّ صُورة السيِّد المسيح تُثيِر نِفُوسهُمْ وَتُفرّحهُمْ فكم تكُون الحقيقة وَالمجد السَّماوِى عِندما نراه كما هُوَ ، سنتمتَّع بِالله نَفْسَه ، إِذا كان مُوسى النبِى عِندما رأى لمحة مِنْ مجد الله مِنْ وراءه أصبح وجههُ يلمع حتَّى أنّهُ لبس بُرقُع ، إِذا كانت لمحة مِنْ مجد الله فعلت فِى مُوسى النبِى هكذا فما بال لمّا تكُون معهُ وَ ترى مجده بِالحقيقة إِذا كان بُطرُس وَيعقُوب وَيُوحنا على جبل التجلِّى رأوا مجد الله قالُوا [يارب جيِّد أنْ نكُونَ ههُنا ] ( مت 17 : 4 ) ، لمحة مِنْ مجده تجعلنا نظِل معهُ ، هذا هُوَ المجد الّذى سنكُونُ فِى هيئتِهِ كما يقُول مُعلّمِنا بولس الرسُول [ الَّذى سيُغيّرُ شكل جسدِ تواضُعِ لِيكُونَ على صُورةِ جسدِ مجدِهِ بِحسب عمل إِستطاعتِهِ ] ( فى 3 : 21 ) ، سنكُون بِجسدٍ مُمّجد ، [ متى أُظهِر المسيحُ تظهرُون أنتُمْ أيضاً معهُ فِى المجدِ ] ( كو 3 : 4 ) ،الّذى نأخُذهُ هُنا هُوَ عربُون لِكنْ فِى المجد سيظهر وَسنظهر معهُ مُعلّمِنا بولس الرسُول فِى رِسالِة كورنثُوس يقُول [ ناظِرِين إِلَى مجد الرّبّ بِوجهٍ مكشُوفٍ ] ( 2 كو 3 : 18 ) ، أىّ بِدُون بُرقُع أوْ رمُوز ، المجد السَّماوِى أمر لابُد أنْ نُفّكِر فِيهِ ،الله لاَ يُرِيد أنْ يهلك أحد [ الَّذى يُرِيدُ أنّ جميِع النَّاسِ يخلُصُون وَإِلَى معرِفةِ الحقِّ يُقبِلُون ]( 1 تى 2 : 4 ) ، [ لأنّ هذِهِ هى إِرادة الله هى قداستُكُمْ ] ( 1 تس 4 : 3 ) ،لكِنْ الإِنسان بِذاته هُوَ الّذى يمنع نَفْسَه أراد الله أنْ يرُد الإِنسان إِلَى رُتبتهُ الأولى ، قال لابُد أنْ أُخلّصهُ وَأرُدّه مرّة أُخرى [ لأِنَّ إِبن الإِنسانِ قَدْ جاء لِكى يطلُبَ وَيُخلِّصَ ما قَدْ هلك ] ( لو 19 : 10 ) ، الله يهِمّه أنْ لاَ تهلك يهِمّه خلاصك وَيحزن لِهلاكك ، كما يقُول أحد القديسين[ الّذى ليس عِنده خِسارة سِوى هلاكنا ] ، الله ليس عِنده خِسارة وَإِنْ جاز تعبيِر أنّ الله عِنده خِسارة ستكُون الخِسارة هى هلاكنا 0
مؤهِلات دخُول السَّماء :-
1- الإِيمان بِالمسيِح :-
لاَ أحد يدخُل السَّماء أبداً إِلاّ الّذى عِنده إِيمان بِالمسيِح الفادِى وَ المُخلّص ، مهما نقُول أنّ هذا الإِنسان صالِح لكِنّهُ لاَ يعرِف المسيِح فهُوَ لاَ يدخُل السَّماء ، لابُد أنْ يكُون لهُ إِيمان وَإِيمان عامِل بِالمسيِح وَليس إِيمان نظرِى بِدايِة القائِمة فِى الممنُوعُون مِنْ دخُول السَّماء هُمْ غير المؤمنيِن ، المُهِمْ الإِيمان بِالمسيِح إِبن الله الفادِى وَالمُخلِّص [ وَليس بِأحدٍ غيرِهِ الخلاصُ ] ( أع 4 : 12 ) ، لَنْ نخلُص بِدُونه ، لَنْ ندخُل السَّماء بِدُون إِيمان عامِل وَليس إِيمان نظرِى مرّة سأل تُوما السيِّد المسيِح قائِلاً كيف نخلُص وَنعرِف الطرِيق ؟ أجابهُ السيِّد المسيِح [أنا هُوَ الطرِيق وَالحق وَالحيوة ليس أحد يأتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي ] ( يو 14 : 6 ) ،إِذاً الباب هُوَ المسيِح ، لاَ أحد يدخُل السَّماء بِدُون الله [ الّذى يؤمِن بِالإِبن لهُ حيوة أبديَّة وَالّذى لاَ يؤمِنُ بِالإِبنِ لَنْ يرى حيوةً بل يمكُثُ عليهِ غضبُ اللهِ ] ( يو 3 : 36 )0
ليس دخُول السَّماء بِالفضائِل فقط لاَ لأنّهُ فضيلة وَبِر بِدُون المسيِح تكُون فضيلة بشريَّة وَالبشريَّة طبيعة فاسدة وَالفاسِد لاَ يلبِس عدم فساد وَلِكى يلبِس عدم فساد لابُد أنْ يكُون غير فاسِد كيف ؟
بِالإِتحاد بِالمسيِح ، مادام الإِنسان خارِج المسيِح فهُوَ فاسِد وَ لاَ يستطيِع أنْ يلبِس عدم فساد ، إِذاً أول شرط لِدخُول السَّماء هُوَ الإِيمان العملِى بِالمسيِح ،لابُد أنْ يتجدّد الإِنسان فِى طبيعتهُ أىّ يُصبِح خليقة جدِيدة ، لو أنا طبيعتِى مُتكّبِر فِى المسيِح أُصبِح مُحِب وَحنُون وَمُتواضِع ، وَبِذلِك أُصبِح مُمهّد لِكى أكُون إِنسان سماوِى ، لابُد أنْ تتغيّر طبيعتنا [ فَمِنْ ثمَّ يقدِرُ أنْ يُخلِّص أيضاً إِلَى التمامِ إِذْ هُوَ حىّ كُلّ حِينٍ لِيشفعَ فِيهُمْ ] ( عب 7 : 25 ) ، مَنْ هُوَ الّذى يُخلِّص ؟ المسيح ، حتَّى متى ؟ إِلَى التمام ، فِى القُدّاس الكيرُلُسِى نقُول [ لاَ تقُل يارب إِنِّى لاَ أعرِفكُمْ ] ، إِنْ هُوَ حىّ كُلّ حِين يشفع فِينا معرِفة السيِّد المسيِح هى الإِيمان الحىّ الفعَّال الّذى يُثّبِتنِى فِيهِ هُوَ أهم شرط لِدخُول السَّماء كما قال [ بِدُونِى لاَ تقدِروُن أنْ تفعلُوا شيئاً ] ( يو 15 : 5 ) ،[ وَمهما سألتُمْ بِإِسمِى فذلِكَ أفعلُهُ ] ( يو 14 : 13 ) ، فِى الصلاة الرّبانيَّة نُزِيد فِى النِهاية كلِمة [ بِالمسيِح يسُوعَ ربِنا ] لِماذا ؟
لأنّ طِلباتها صعبة علينا ، لكِنْ لِكى ننال هذِهِ الطِلبات ننالها بِالمسيِح يسُوعَ ربِنا ،أىّ الصلاة لاَ تتم إِلاّ بِقوّتك ، وَالكنيسة تقُول هذِهِ الكلِمة فِى نهايِة القُدّاس بِنغمة لأنّها أحبّت هذِهِ الكلِمة فأرادت أنْ تُبرِزها لأنّنا بِدُونه لاَ ندخُل السَّماء [ الّذى يؤمِنُ بِهِ لاَ يُدانُ وَالّذى لاَ يؤمِنُ قَدْ دِينَ ] ( يو 3 : 18 ) فِى سِفر الرؤيا يقُول لاَ يدخُلها دنس وَ لاَ رجس بل المكتُوبِين فِى سِفر حياة الخرُوف أىّ المسيِح ، أىّ أنّ لو سيرتِى وَحياتِى فِى سِجل المسيِح مكتُوبة لِكى أدخُل السَّماء مُنذُ الآن وَأسماءنا تُكتب فِى سِجل الخرُوف المذبُوح لأنّهُ فصحُنا مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول فِى رِسالة رُومية 10 عِندما وجد النَّاس يؤمِنُون إِيمان شكلِى ، وَمُشكِلة الخِتان كان لها تأثيِر فِى تلك الفترة فقال لهُمْ [ لأنَّكَ إِنِ إِعترفت بِفمِك بِالرَّبِّ يسُوعَ وَآمنتَ بِقلبِكَ أنَّ اللهَ أقامهُ مِنَ الأمواتِ خلصْتَ ] ( رو 10 : 9 ) البرُوتوستانت إِستخدِمُوا هذِهِ الآية وَقالُوا لاَ أسرار لاَ هذِهِ الآية هى مدخل الإِيمان [ لأِنَّ القلب يُؤمِنُ بِهِ لِلبِرِّ وَالفم يُعترفُ بِهِ لِلخلاصِ ] ( رو 10 : 10 ) ، لأنّ الكِتاب يقُول [ كُلّ مَنَ يُؤمِنُ بِهِ لاَ يُخزى ] ( رو 9 : 33 ) ، وَنحنُ مغرُوسيِن فِى الإِيمان وَليس لنا فضل فِى ذلِك ، لِذلِك مسئولِيتنا أكبر [ فَكيف ننجُو نحنُ إِنْ أهملنا خلاصاً هذا مِقدارُهُ ] ( عب 2 : 3 ) لِذلِك الكنيسة دائِماً تصنع ذِكرى آلام المسيِح وَتُحِب أنْ يعترِف أولادها بِقصتِهِ وَيُعيّشهُمْ إِياها فِى القُدّاس مِنْ التجسُّد وَحتَّى الدينُونة وَالكنيسة كُلّها تصرُخ " آمين أؤمِن " ، الكنيسة لَمْ تضع قانُون الإِيمان فِى القُدّاس بِلاَ هدف بل وضعتهُ مدخل لِلإِيمان وَبعده السِر يُقام ينفتِح علينا وَندخُل إِلَى جُزء الصعيِده ، لَنْ ندخُل هذا الجُزء إِلاّ بِقانُون الإِيمان لِماذا ؟
لابُد أنْ نُرّدِدهُ مِنْ القلب لأنّهُ يُعّبِر عَنْ إِيمان قوِى فِى أعماقِى ، لِذلِك لابُد أنْ نُصلّيه بِحرارة ، لمّا نقُول " تجسّد " نتذّكر التجسُّد ، وَلمّا نقُول " صُلِب عنَّا " نتذّكر صلبِهِ ، الكنيسة أرادت بِهِ أنْ تُثبِّت إِيمانُنا السيِّد المسيِح فِى إِنجيل يُوحنا 17 [ وَهذِهِ هى الحيوةُ الأبدِيَّةُ أنْ يعرِفُوكَ أنت الإِلهَ الحقيقِيَّ وحدك وَيسُوعَ المسيِح الّذى أرسلتهُ ] ( يو 17 : 3 ) ، لابُد أنْ يكُون لنا عِشرة معهُ وَتداخُل معهُ وَمَعْ تجسُّدِهِ وَصلبِهِ وَقِيامتِهِ تلمسنِى وَإِيمانه عامِل فىَّ ، مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [إِيمان إِبن اللهِ الَّذى أحبَّنِي وَأسلم نَفْسَهُ لأِجلِي ] ( غل 2 : 20 ) كُلُّنا عِندنا إِيمان لكِنْ إِحذر أنْ يكُون إِيمان شكلِى يُحسب عليك وَليس لِحِسابك ، لِذلِك لابُد أنْ تعرِفهُ أولاً معرِفة عقليَّة ثُمّ تعرِفهُ بِقلبِك وَمشاعرك ثُمّ تنمو فِى المعرِفة إِلَى معرِفتِهِ معرِفة الإِختبار ، وَأخِيراً معرِفة إِتحاديَّة وَالثبات فِيهِ 0
2- وِلادة الرُّوح :-
كيف يدخُل الإِيمان إِلَى حياتِى عملياً ؟ كيف أثبُت فِيهِ ؟ كيف آخُذ مِنهُ فِعل موتهِ وَقيامتِهِ ؟ بِالولادة بِالرُّوح ، إِذاً لابُد أنْ نموت وَنحيا كيف ؟ بِالرُّوح كيف ؟ بِماء المعموديَّة لاَ يوجد أحد على الأرض بِدُون وِلادة مِنْ أُم وَأب ، كذلِك لاَ يدخُل أحد السَّماء بِدُون وِلادة المعموديَّة ، إِذاً هذِهِ وِلادِة الرُّوح لِلحياة فِى السَّماء وَ إِلاّ يُصبِح الله كاذِب وَحاشا لله أنْ يكُون كاذِباً ، بل مواعيده صادِقة لَنْ يدخُل السَّماء إِلاّ المولُود مِنْ الرُّوح ، لِذلِك نحنُ نتأمل كثيراً فِى هذا السر الّذى أخذناه ، وَليس لأنّ الكنيسة أحبّتنا كثيراً فعمّدتنا وَنحنُ صِغار على إِيمان آبائنا أنْ نستهتر بِهذا السر لاَ بل هى أرادت أنْ تمتّعنا بِالمسيِح مُنذُ صُغرِنا حتَّى لاَ نهلك مِثل أب وجد إِبنه ذاهِب لِمكانٍ بعيِد وَخاف عليه فكتب لهُ شيِك بِقيمة كبيرة ،هذا ما فعلهُ السيِّد المسيِح معنا أراد أنْ يُعطِينا رُوح مُتجّدِد حتَّى لاَ نقع تحت سُلطان الزمن لأنّهُ فِعل رُوح لاَ ننسى المعموديَّة وَ لاَ نشعُر أنّنا فقدنا فِعل المِيلاد بِالرُّوح لأنّهُ فِعل مُستمر فِى حياتنا ، [ لأِنَّ كُلَّكُمْ الَّذينَ إِعتمدتُمْ بِالمسيِح قَدْ لبِستُمُ المسيِح ] ( غل 3 : 27 ) ، نحنُ لابِسيِن المسيِح أىّ نحنُ مؤهّلِين لِلسَّماء لأنّنا مولودِين مِنْ الرُّوح ، [ لكِنِ إِغتسلتُمْ بَلْ تقدَّستُمْ بَلْ تبرَّرتُمْ بِإِسمِ الرَّبِّ يسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهنِا ] ( 1 كو 6 : 11 ) 0
3- حياة الفضيِلة وَالبِر :-
بِالتأكيِد المؤمِنْ بِالمسيِح وَمولُود مِنْ الرُّوح هُوَ إِنسان رُوحانِى وَبِالتالِى حياته كُلّها حِفظ وصايا ، بل إِتقان حِفظ الوصايا ، لابُد أنْ نحيا لهُ ، تخيّل لو إِبن عصى أبوه كَمْ يكُون حُزن هذا الأب ؟ هكذا نحنُ فِى كُلّ خطيَّة نعصى الله وَنضربهُ بِحربة جدِيدة ، فَكَمْ يكُون حُزنهُ ،لأِنَّنا وَلِدنا مِنهُ فَلاَبُد أنْ نُثمِر لهُ الحياة المسيحيَّة ليست مُقاومة سلبيَّة فقط بل لها ثِمار ، أىّ ليس لأِنِّى لاَ أُحِب فُلان أختصِره لاَ بل أُحاوِل أنْ أُحِبّه وَأسامحه ، لأنّ المسيحيَّة هى مُقاومة سلبيات وَعمل إِيجابيات ، لابُد أنْ أسامِح وَ أحِب مِنْ أهم المؤشِرات فِى حياتِى الرُّوحيَّة أنْ يكُون لِى ثمر بِر[ كُلُّ شجرةٍ لاَ تصنعُ ثمراً جيِّداً تُقطعُ وَتُلقى فِي النَّارِ ] ( مت 7 : 19 ) ، شرط أنْ ندخُل السَّماء أنْ نُثمِر لها ، لِذلِك تقُول الكنيسة [ يأتِى الشُهداء حامِليِن عذاباتِهِم وَيأتِى الصدّيقُون حامِليِن فضائِلهِم ] ( طِلبة مِنْ الأبصلموديَّة ) ، نحمِل ثمر بِر وَوداعة وَإِتضاع وَنسلُك بِالرُّوح [وَالقداسة التَّى بِدُونِها لَنْ يرى أحدٌ الرَّبَّ ] ( عب 12 : 14 ) ، حياة القداسة ليس معناها إِنِّى لاَ أُخطِىء بل أكُون كارِه لِلخطيَّة ، وَإِنْ أخطأت أتوب عَنْ خطيتِى 0
كيف أكُون قديس ؟ بِبُغض الخطيَّة وَمُقاومتها وَإِنْ سقطت أتوب عنها ، الله يُرِيدنا مِنْ قبل تأسيِس العالم أنْ نكُون قديسيِن وَ بِلاَ لوم ، قديسيِن فِى كُلّ أمور حياتنا فِى الشارِع فِى العمل فِى البيت ، لاَ يوجد فِى حياتنا إِنقسام ، نحنُ شخصيَّة واحدة فِى كُلّ مكان ، وَالقداسة أصبحت فِى دمِنا وَفِى صِفاتنا ، وَإِذا كانت شخصيتنا مُنقسِمة يكُون فِى حياتنا رِياء وَنحتاج إِلَى عِلاج بِدُون إِتحادنا بِالمسيِح القُدّوس لَنْ نرى القدُّوس ، وَلِكى نعرِفهُ وَنعيِش معهُ لابُد أنْ نكُون قديسيِن ، صعب أنْ تجعل إِنسان يذهب لِبلدٍ لاَ يعرِفها وَ لاَ يعرِف لُغتها ، بِالتأكيِد يتوه فِيها ، لِذلِك لابُد أنْ نكُون كُلّ يوم نأخُذ خطوة جدِيدة فِى القداسة ، وُكُلّ هذا مُسجل لنا فِى سِجل الخرُوف تخيّل ذلِك !!!
السَّماء تطلُب مِنك مواظبة على أُمور رُوحيَّة وَوسائِط رُوحيَّة وَ إِلاّ لَنْ تدخُلها ، وَالملائِكة تُسجِل لك صلواتك وَأصوامك وَجِهادك وَكَمْ عِشت وَكَمْ فعلت بِر ، لِذلِك لابُد أنْ نُتقِن عمل الفضيلة ، مادام الموسم موجُود فَلاَبُد أنْ نُتاجِر ، وَمادام الوقت جاهِد وَتُب وَحِب الله وَقدِّم لهُ أشواق وَأشواق لِكى يقُول لك [ تعالوا يا مُباركِي أبِي رِثُوا الملكُوتَ المُعدَّ لكُمْ مُنذُ تأسيِس العالمِ ] ( مت 25 : 34 ) ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين 0
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
29 سبتمبر 2024
عيد الصليب
هو عيد هام جداً بتحتفل به الكنيسة مرتان فى السنة المرّة الرئيسيّة هى عيد ظهور الصليب يوم 10 برمهات ولأنّ شهر برمهات دائماً يكون فى فترة الصوم الكبير ولأنّ الكنيسة تُكرّم عيد الصليب جداً وتشعُر أيضاً أنّ الصوم الكبير يأخذ إهتمام كبير منها فتشعُر أنّ هذا العيد للصليب لا يأخُذ كفايته فتحتفل الكنيسة بعيدهِ الثانى وهو عيد تكريس كنيسة الصليب يوم 17 توت إحتفال رسمى كبير لمُدة ثلاثة أيام بصلاة فرايحى الصليب هو المسيحيّة والمسيحيّة هى الصليب مُمكن نعرف أى شخص إنّه مسيحى من الصليب ونعرف المكان أنّه مسيحى من الصليب ، أى صار الصليب علامة المسيحيّة وفخرُهم وقوتّهُم ومجدُهم حتى أنّ المسيح بشخصهِ المُبارك مُرتبط بالصليب عندما ظهر الملاك للمجدليّة عند القبر قال لها إنتِ تطلُبين المسيح المصلوب ، أصبح المسيح مُقترن بالصليب والصليب مُقترن بالمسيح وكما قال بولس الرسول " عزمت أن أعرف بينكُم المسيح وإياه مصلوب " الكنيسة القبطيّة تُكرّم الصليب لأنّه مصدر كُل بركة وقوة لها الصليب هو :-
1- الصليب قوة الله:-
نستطيع أن نعرف قوة الصليب من الشيطان لأنّه هو الذى هُزم وخُزى بالصليب00إن كان إنسان به روح شرير ووضع آخر عليه الصليب وإن كان ليس كاهن أى ليس الروح مواجه بسر الكهنوت بل بصليب من شخص عادى فإنّه يُهزم أمام الصليب فى أحد المرات كان إنسان بهِ روح شرير يسير بأحد الشوارع وكان آخر يسير فى نفس الطريق يحمل صليب فى جيبهُ فصرخ الذى به روح شرير قائلاً " إخرج الصليب من جيبك " ، الصليب علامة تسحق الشيطان قوتّةُ تظهر عندما يرتعب أمامه الشيطان كمُجرم أمام آلة إعِدامهُ هكذا الصليب مُرعب للشيطان أكثر واحد يعرف جبروت الصليب عدو الخير لذلك نمسك الصليب فى أيدينا ونرشم به جسدنا وطعامنا ومضاجعنا ونُعلّقه على منارات كنائسنا و000 أكثر شىء يحميك الصليب00 نحن نعبُد الإله المصلوب الذى بالصليب أعطانا غلبة الصليب هو قوة الله للخلاص لذلك قد يرشم الكاهن قليل من الماء الرشومات الثلاثة بالصليب فيحمل الصليب قوة الثالوث وبالتالى يحمل الماء قوة الثالوث ويرّشُها فى المنزل أو يشربه مريض فيُعطى الماء بركة00قوة أيضاً خاتم الزواج يرشمه الكاهن بالصليب فيحمل قوة الثالوث وقوة الإرتباط المُقدّس ، أيضاً فى بداية القُداس يرشم الكاهن التوانى بالثالوث بالصليب ، القرابين أيضاً يرشمها بالصليب فتحمل قوة الثالوث وتتحّول من نبات أرضى إلى جسد مُقدّس غير المؤمنين عندما يرون الصليب يسخرون منّهُ " كلمة الصليب عِند الهالكين جهالة " لأنّهُ مُشكلة خزى وعار لكنّه يحمل قوة تخُزى حكمة العالم0
مزمور العشية:- يقول " قد إرتسم علينا نور وجهك يارب " وفى القُداس نقول أعطيت أولادك علامة أى علامة الصليب وفى سفر الرؤيا أنّه أعطى علامة لأولاده هى علامة الصليب أيضاً فى سفر النشيد تقول عروس النشيد " علمُه فوقى محبة " أى صليبهُ و كأنّ كُلٍ منّا يسير وفوقه علم هو الصليب يُميزّنا عن كُل قبائل الأرض كما يُميّز كُل بلد علم خاص بها ، نحن علمنا هو الصليب يعرفنا به الله وسط الأُمم ويُميّز به قطيعهُ00علامة قوية لذلك معروف عن يسوع أنّه يسوع المصلوب حتى فى الأبديّة " خروف قائم كأنّه مذبوح " أى مصلوب هكذا رآه يوحنا لأنّ الصليب قوة عندما أراد الله أن يُخلّص إسرائيل من أرض مِصر أعطاهم علامة فقال لهُم أن يأخذوا من دم الذبيحة ويضعوا على القائمتين والعتبة العُليّا لأبواب منازلهُم ما هذا الخشب المُلّطخ بالدم ؟ هو الصليب وهو يُنجى من الموت الملاك المُهلك يعبُر وعندما يرى خشب مُلّطخ بالدم لا يُهلك من بداخل هذا البيت لكن إن كان باب هذا البيت غير مُلّطخ بالدم يدخُل ويُهلك الصليب قوة مُخلّصة إحتمى فيهِ وأنت تعرف معنى إدراكهُ ، أكيد الذين كانوا فى البيوت التى أبوابها مُلّطخة بالدم فى حالة صعبة من الرُعب والخوف وهم يسمعون صُراخ الذين فى الخارج لكنّهُم عرفوا كيف يحتموا بالصليب عندما تذّمر الشعب على الله وعلى موسى النبى فى البريّة أرسل لهُم الله حيّات تلدغهُم ومات منهُم كثيرون وعندما تضرّع موسى لله قال لهُ الله إصنع حيّة نُحاسيّة وإرفعها على خشبة وكُل من نظر إليها وهو ملدوغ لا يموت بل يُشفى قوة لا تُدرك لكن نقول لله لتقُل كلام يستوعبه العقل ، قُل لموسى إعطيهم هذا الدواء المُضاد لسُم الحيات ، لكن كيف ينظُر إنسان بهِ سُم لحيّة نُحاسيّة يشفى من أثر السُم ؟ يقول الله هذه قوة غير مُدركة لأنّ صليبى جهالة لكنّه صار أحكم من حكمة حُكماء العالم عندما رأوا المسيح مصلوب فى صورة ضعف قالوا أنّهُم حسبوهُ مُهان00لكنّه قوة لذلك وهو على الصليب نقول لهُ قدوس قدوس لأنّ صليبهُ قوة فى العهد القديم كانوا يُقدّمون ذبائح كثيرة لكن الله قال لهُم إنّ دم التيوس والعجول لا يفى العدل الإلهى ، إذاً ما هو يا الله الذى يفىِ عدلك ؟ يقول الصليب هو الذبيحة التى تفىِ العدل الإلهى ذبيحة الكفّارة هى عبارة عن تيسين يُذبح إحدُهما ويؤخذ من دمهِ ويُوضع على الآخر ويُطلق الآخر المُلّطخ بالدم بعيداً فى البريّة ، وكأنّ الله يقول إنّ خطاياكُم لم تُمحى لكنّها بعُدت لأنّ التيس حى لكنّه بعيد ، إذاً الخطايا موجودة لكنّها بعيدة " كما من حمل بلا عيب بدم نفسهِ " ، بروح أزلى جاء حمل الله ورفع عنّاخطايانا بدم نفسهِ ، لذلك جاء مولود فى مزود لأنّه حمل أى ذبيحة ، وكأنّه يقول كما عرفتمونى من يوحنا المعمدان " هوذا حمل الله " وأنا أعيش ذبيحة من أجلكُم لابُد أن تتمتّع بفدائهِ قوة خلاص جبّارة بدم يسوع ، إن كان غير المؤمن يستهين بالصليب فنحن نفتخر بهِ قديماً أيام بولس الرسول كان الناس بهُم روح التفاخُر بالأنساب والثقافة والجاه والغِنى وفوجد بولس أنّ تيار التفاخُر قد دخل الكنيسة فقال لهمُ " حاشا لى أن أفتخر إلاّ بصليب ربنا يسوع المسيح " ، لا تفتخر بغِناك أو أولادك أو نسبك00كُل هذا يفنى لكن إفتخر بالصليب لأنّه يُعطى الخلاص ، لذلك سمح الله أن يُعلن صليبهُ بكُل قوة وإن كان مظهرهُ الضعف المسيح مات مصلوب كى يشترك العالم كُلّه فى موتهِ حيث كان فى هذا العصر العالم كُلّه تحت حُكم الرومان وكُل دولة دائماً لها عُرف لقتل المُجرم اليهود يقتلوه بالرجم وأُمّة أُخرى بالحرق وهكذا الرومان بالصلب ، قال المسيح سأجعل العالم كُلّه يشترك فى قتلى ، سأموت بطريقة الرومان وبمشورة اليهود أى إجتمع فى موتهِ العالم كُلّه لأنّه جاء ليُخلّص العالم كُلّه المحكوم عليه كمُجرم صار مُخلّص وطريقة موت المُجرم صارت خلاص0
2- الصليب حكمة الله:-
إن كان الصليب هو قوة الله وأعطانا غُفران لكن مظهره ضعف وخزى وعار فكيف يكون حكمة الله ؟ نقول كان لابُد لهُ أن يموت بضعف ليرفع عنّا ضعفنا وأن يموت بخزى كى يحمل عنّا خزينا بعض اليهود يقولون أنّ كُل اليهود سيدخلون الفردوس لأنّ أبونا إبراهيم سيقف أمام الفردوس ويُدخل كُل مختون إلاّ الملعونين على خشبة أى الذين وقع عليهم حُكم الصلب والسيد المسيح جاء من تلك الفئة ليُحّول اللعنة إلى خلاص " حولّت لى العقوبة إلى خلاص " يقول القديس مارِأفرآم السُريانى أنّ الموت جاء لنا عن طريق شجرة مُعلّق عليها ثمرة وأدخل الشيطان الغوايّة لآدم فأخذ الثمرة وأكل منها ومات أى الخطيّة دخلت بشجرة وثمرة وغوايّة وموت والسيد المسيح جاء وخلّصنا بنفس الإسلوب بشجرة أى الصليب وثمرة أى المسيح المُعلّق على الصليب والغواية جاءت للشيطان الذى أراد أن يأخذ الثمرة ليأكُلّها فأكلته هى بدلاً من أن يبُتلع المسيح للموت إبتلعهُ المسيح وقيّدة والنتيجة كانت الخلاص ، إذاً الخلاص بشجرة أى الصليب والثمرة أى المسيح نيابة عن ثمرة البشريّة كُلّها هو ثمرتنا والغُوايّة للشيطان الذى رأى المسيح فى ضعف مُعلّق على خشبة لكنّه إبتُلع منّه وقُيّد وطُرح وبدلاً من أن يُعطينا هلاك وموت أعطانا حياة ، لذلك قال المسيح قديماً أكلتُم و مُتّم أمّا الآن تأكلون للحياة حكمة الله نعم الصليب بهِ ضعف ومهانة ومظهره لا يُشجّع لكن داخلهُ قوة لذلك يطلب منكِ أن تشترك فى آلامهِ هو ليس ضعيف لكنّه يُعلن قوة الله لأنّه لا يوجد صليب إلاّ ولهُ قيامة ومجد ، لذلك من شروط تلمذته أن تحمل صليبهُ وتتبعهُ إحملهُ بفرح وإِعلم أنّ داخله حكمة خفيّة أصعب شىء أن يُرسل لنا الله صليب لنفرح به و نخلُص ونحن نرفضه حكمة الله إفهمها إنّه يُريد خلاصك للحياة الأبديّة لا توجد قيامة بدون صليب ولا مجد بدون جُلجُثة الذى يُريد المجد بدون صليب كأنّه يُخلىِ الحياة من تدخُلّ المسيح وكأنّه يقول لله جيدّة الحياة التى أعطيتنى إِياها لكن ليتكّ ترفع المرض منها أو المشاكل أو المتاعب لا مثل إنسان قرأ الإنجيل بطريقة فلسفية فقال هو كتاب جيد جداً ماعدا الإصحاحات التى تحكى صلبهِ فى الأناجيل الأربعة ، نقول لهُ لا هذا فخرِنا ، لا ترفُض الألم الإنسان كثير الشكوى يجلب على نفسهِ مزيد من الأتعاب أمّا الذى لهُ عِشره مع الله نجدهُ قليل الكلام قليل الشكوى كثير الشُكر ، بينما الذى يرفُض الصليب دائم الشكوى لأنّ ذاته غالية عليه أى ألم فى حياتى هو جُزء هام من تدبير خلاصى فأقبله وأقبله بفرح وإن كُنت غير قادر على حملهِ سأقول لهُ فى صلواتى إحمله عنّى يا الله الذى لهُ رغبة فى الإشتراك فى ألم المسيح لهُ هدف هو شِفاء نفسهِ والنمو فى حياته مع الله الله يُريدنا أن نغلب أوجاعنا الأرضيّة لنصل للإبديّة لأنّ الإنسان إن إستراح سينسى الله لذلك الله يُريدنا أن نشترك فى آلامهِ لننال بركة ونكون جنود صالحين فى جيشهِ حكمة عجيبة يا الله كيف تنوب عن البشر وتحمل خلاص البشر وخطايا البشر ؟ يقول لنا بالصليب ، إكثر من رشم الصليب فى كُل عمل وعلى طعامك وفى نومك وقبل خروجك من بيتك وأنت فى طريقك وإرشم ذاتك بالصليب وما تعملهُ أيضاً حتى الهواء من حولك وستشعُر أنّ العالم كُلّه أصبح لك كنيسة لأنكّ دشنتّه بالصليب وأصبحت كُل الأماكن تحمل قوة الخلاص طوبى لمن يحمل صليبهُ لذلك حرب شرسة يُحاربنا عدو الخير بها وهى أننّا نرشم الصليب بغفله دون أن ندرى معناه وقوتّه لا إرشمه بقوة وإيمان وإعلِم أنّه قوة وحكمة الله وهو الذى هزم عدو الخير وخزاه ربنا يسند كُل ضعف فينا بنعمته لهُ المجد دائماً أبدياً أمين0
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
21 سبتمبر 2024
شفاء حماة سمعان
تَقْرَأ الكِنِيسَة فِي العَشِيَّة اليُوْم مِنْ إِنْجِيل مُعَلِّمنَا مَارِ لُوقَا أصْحَاح 4 وَهُوَ يَتَكَلَّم عَنْ شِفَاء حَمَاة سَمْعَان وَكُلِّنَا نَحْفَظ هذَا الفَصْل لأِنَّ الكِنِيسَة عَلِّمِتنَا أنْ نُصَلِيه فِي صَلاَة الغُرُوب{ ثُمَّ قَامَ مِنَ الْمَجْمَعِ وَدَخَلَ بَيْتَ سِمْعَانَ وَكَانَتْ حَمَاةُ سِمْعَانَ بِحُمَّى شَدِيدَةٌ فَسَأَلُوهُ مِنْ أَجْلِهَا فَوَقَفَ فَوْقَاً مِنْهَا وَزَجَرَ الْحُمَّى فَتَرَكَتْهَا وَفِي الْحَالِ قَامَتْ وَخَدَمَتْهُمْ وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ كَانَ الَّذِينَ عِنْدَهُمْ مَرْضَى بِأنْوَاع أمْرَاضٍ كَثِيرَة يُقَدِّمُونَهُمْ إِلَيْهِ ، أمَّا هُوَ فَكَانَ يَضَع يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيَشْفِيهُمْ ، وَكَانَتْ الشَّيَاطِين تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ : أنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ فَكَانَ يَنْتَهِرَهُمْ وَلاَ يَدَعَهُمْ يَنْطِقُونَ ، لأِنَّهُمْ كَانُوا قَدْ عَرَفُوهُ أنَّهُ هُوَ الْمَسِيحُ }( لو 4 : 38 – 41 ) وَالمَجد لله دَائِمَا أمِين .
لِمَاذَا وَضَعَت الكِنِيسَة هذَا الفَصْل فِي صَلاَة الغُرُوب ؟
لأِنَّهَا وَجَدَت الغُرُوب هُوَ عِنْدَ النِهَايَة وَفِي النِهَايَة الإِنْسَان مُحْتَاج أنْ يُشْفَى وَيُعْتَق مِنْ خَطَايَا اليُوْم فَنَقُول لَهُ يَارَبَّ نَحْنُ لاَ نُرِيد أنْ يَمُر اليُوْم وَنَحْنُ مَازِلنَا مُصَابِين بِالحُمَّى فَنَرْجُوك أنْ تَأتِي وَتَشْفِينَا لِذلِك يَقُول الكِتَاب { فَسَأَلُوهُ مِنْ أَجْلِهَا } أي لاَ يَلِيق أنْ تَكُون مَوجُود مَعَنَا وَوَاحِدَة مِنّا مُصَابه بِالحُمَّى لِذلِك تَقُول الكَنِيسَة أنَّ هذَا الفَصْل مِنْ الإِنْجِيل مُنَاسِب لِصَلاَة الغُرُوب نِهَايِة اليُوْم أنْ يَقِف الإِنْسَان مُتَضَرِّع أمَام الله كَحَمَاة سَمْعَان الإِنْسَان المَحْمُوم بِحُمَّى شَدِيدَة وَالَّذِي كَتَبَ ذلِك الإِنْجِيل هُوَ مُعَلِّمنَا مَارِ لُوقَا وَهُوَ طَبِيب أي يَعْرِف تَشْخِيص المَرَض وَقَالَ إِنَّهَا حُمَّى شَدِيدَة وَلَيْسَت حُمَّى عَادِيَة أي الحَرَارَة مُرْتَفِعَة جِدّاً وَالكِنِيسَة وَضَعِت هذَا الفَصْل مِنْ الإِنْجِيل لأِنَّهُ يُنَاسِب نِهَايِة اليُوْم لأِنَّ كُلَّ إِنْسَان إِعْتَرَاه مَرَض وَأُصِيبَ بِحُمَّى شَدِيدَة لاَبُد أنْ يَسْألُوا مِنْ أجْلُه وَلاَبُد أنْ أقِف أمَام الْمَسِيح كَمَرِيض أطْلُب الشِفَاء فِي نِهَايِة اليُوْم مِنْ الأمرَاض الكَثِيرَة الَّتِي أصَابِتنِي اليُوْم يَقُول الكِتَاب { وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ كَانَ الَّذِينَ عِنْدَهُمْ مَرْضَى بِأنْوَاع أمْرَاضٍ كَثِيرَة يُقَدِّمُونَهُمْ إِلَيْهِ } أنْتَ وَاحِد مِنْ هذِهِ الفِئَات وَلَسْتَ غَرِيب عَنْهَا إِمَّا مُصَاب بِحُمَّى شَدِيدَة أوْ مُصَاب بِأحَد هذِهِ الأمْرَاض الكَثِيرَة فَلاَبُد أنْ تَقْتَرِب إِليه أيْضاً يَقُول الكِتَاب { وَكَانَ يَضَع يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيَشْفِيهُمْ } جَيِّد أنَّكَ عِنْدَمَا تُصَلِّي هذَا الجُزء أنْ تَنْحَنِي وَكَأنَّكَ تَقُول لَهُ " ضَعْ يَدَكَ عَلَيَّ وَاشْفِينِي " وَكَأنَّ الكِنِيسَة تُرِيد أنْ تَضْمَن لِكُلَّ إِنْسَان أنْ يَتَقَابَل مَعَ الْمَسِيح فِي هذَا اليُوْم بِالوَاقِع مِنْ خِلاَل أسْقَامه وَأمْرَاضه وَآلاَمه حَتَّى وَإِنْ كُنْت خَاطِئ فَلَنْ يَمُر اليُوْم دُونَ أنْ تُقَابِل رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح وَإِنْ كُنْت مَرِيض فَمَرَضِي سَيَكُون عِلَّة مُقَابَلَتِي بِهِ وَإِنْ كُنْت مَرِيض فَمَرَضِي لَنْ يَكُون سَبَب إِبتِعَادِي عَنْهُ بَلْ سَيَكُون سَبَب إِقْتِرَابِي لَهُ لَنْ يَكُون سَبَب خَجَلِي وَبُعْدِي عَنْهُ بَلْ سَبَب قُربِي مِنْهُ لِشِفَائِي .
مَا هِيَ الحُمَّى ؟
الآبَاء يَقُولُون أنَّ الحُمَّى هِيَ تَشْبِيه دَقِيق لِلخَطِيَّة فَفَي عُرْف الطِب الحُمَّى لَهَا عَدِيد مِنْ الأسبَاب أي أنَّهُ مِنْ أكثَر الأمْرَاض الَّتِي تُحَيِّر الأطِبَاء الحُمَّى أوْ الحَرَارَة المُرْتَفِعَة مِئَات الأسبَاب تَجْعَل حَرَارِة الإِنْسَان تَرْتَفِع قَدْ يَكُون جَرْح أوْ أي شِئ فِي الجُوف أوْ وَرَم دَاخِلِي لاَ يَتَضِح أوْ كُلَّهَا أشْيَاء خَفِيَّة غِير وَاضِحَة هكَذَا الخَطِيَّة أسبَابهَا دَفِينَة فِي الإِنْسَان تَحْتَاج تَدْقِيق وَفَحْص وَأمَانَة كَي تَعْرِفُهَا الخَطِيَّة تُسَبِّب الحُمَّى وَلِمَاذَا الحُمَّى خَطِيرَة فِي الطِب ؟ يَقُول الطِب أنَّ كُلَّ شَرْطَة فِي إِرْتِفَاع دَرَجِة الحَرَارَة تُسَبِّب زِيَادَة فِي نَبَضَات القلب لِنَفْرِض أنَّ نَبَضَات الإِنْسَان الطَبِيعِي مِنْ 70 – 80 نَبْضَة الشَّخْص الَّذِي تَرْتَفِع حَرَارته شَرْطَتَان نَجِد نَبَضَات قَلبه 90 – 95 نَبْضَة أرْبَع شُرَط تِزِيد النَبْض إِلَى 110 نَبْضَة دَرَجَتَان كَامِلَتَان تِزِيد النَبْض إِلَى 140 – 150 نَبْضَة أي أنَّهُ يِحَمِّل القلب ضِعْف مَجهُودة فِي اللَحْظَة فَمَا بَال لَوْ ظَلِّت الحَرَارَة مِنْ 3 – 4 أيَّام مُرْتَفِعَة ؟ وَلِنَفْرِض أنَّ الحَرَارَة 40 سَنَجِد القَلب مُحَمَّل خَمَس أضْعَاف مَجْهُودة فِي اللَحْظَة لِذلِك الحُمَّى فِي الطِب شِئ خَطَر جِدّاً وَنَجِد أنَّ الأطِبَاء لَدَيْهُمْ الإِسْتِعدَاد لِوَضع الشَّخْص المَرِيض بِالحُمَّى فِي الثَّلْج وَلاَ أنْ تَرْتَفِع حَرَارِة جَسَده فِترَة طَوِيلَة كَي يِفدُوا القَلب وَيَجْعَلَهُ يَحْتَمِل الثَّلْج رَغمْ حَرَارته المُرْتَفِعَة مُقَابِل حِمَايِة القَلب إِذاً الحَرَارَة خَطِيرَة جِدّاً عَلَى الإِنْسَان هكَذَا الخَطِيَّة فِي كُلَّ لَحْظَة تَسْرِي فِيهَا فِي الإِنْسَان تُحْدِث فِيهِ تَلَف وَدَمَار وَمُوت حُمَّى شِديدَة الخَطِيَّة قَاتِلَة بَلْ وَمُسْتَهْلِكَه وَمُمِيتَة وَمُدَمِّرَة لِذلِك مِنْ التَشْبِيهَات الدَقِيقَة لِلخَطِيَّة الحُمَّى أسبَابهَا دَفِينَة وَمُضِرَّه جِدّاً لِلإِنْسَان تَأكُل مِنْ حَيَاته فِي كُلَّ لَحْظَة وَرُبَّمَا يَكُون الإِنْسَان مُسْتَهتِر وَيَقُول سَأتُوب فِي المُسْتَقبَل وَلَيْسَ الآن لاَ الأمر مُحْتَاج يَقَظَة وَتَنْبِيه إِحْذَر أنَّكَ لَوْ تَهَاوَنْت مَعَ الخَطِيَّة لَحْظَة أوْ لَوْ كَانِت قَدْ سَبِّبِت لَكَ حُمَّى شَدِيدَة وَتَهَاوَنْت مَعَهَا أوْ تَعَوَدتَهَا أوْ غِير عَارِف لأِسبَابهَا هذِهِ هِيَ العِلاَقَة بَيْنَ الخَطِيَّة وَالحُمَّى لِذلِك جَيِّد أنْ يَفْحَص الإِنْسَان نَفْسه بِتَدْقِيق وَيَكُون لَهُ مُرَاقَبَة لِنَفْسه وَلِدَوَافعه وَالأعْرَاض الخَارِجِيَّة وَلِيَسْأل نَفْسه لِمَاذَا نَطَقت بِهذِهِ الألفَاظ ؟ أوْ لِمَاذَا مَشَاعرِي إِتِجَاه هذَا الشَّخْص صَارِت عُدوَانِيَّة ؟ لِمَاذَا نَظَرَاتِي غِير مُنْضَبِطَة ؟ أقُولُ لَكَ هذِهِ كُلَّهَا أعْرَاض حُمَّى إِعْرَف الأسْبَاب مِنْ الدَّاخِل قَدْ يَكُون قَدْ حَدَثَ إِسْتِهتَار أوْ تَهَاوُن أوْ قَدْ نُزِعَت مَخَافِة الله أوْ إِشْتِيَاقك لِلأبَدِيَّة خَمُد أوْ قِرَاءَاتك لِلإِنْجِيل ضَعُفَت هذِهِ كُلَّهَا أسبَاب لِذلِك الخَطِيَّة تُؤدِي إِلَى حُمَّى وَالحُمَّى إِذَا أُهْمِلَت تُؤدِي إِلَى مُوت الإِنْسَان وَهذَا مَا تَفْعَله الخَطِيَّة لاَ تُسَبِّب فَقَط مُوت جَسَدِي بَلْ تُؤدِي إِلَى مُوت أبَدِي لِذلِك هِيَ أخْطَر كَثِيرَاً مِنْ الحُمَّى هذِهِ هِيَ عِلاَقِة هذَا الفَصْل مِنْ الإِنْجِيل بِصَلاَة الغُرُوب .
سَأَلُوهُ مِنْ أَجْلِهَا :-
إِنْ كُنْت مُصَاب بِحُمَّى لاَ تَصْمُت وَإِنْ كَانِت خَطِيِتَك شَدِيدَة لاَ تَتَبَاطَئ يُوجَد طَبِيب شَافِي يَعْرِف أمْرَاض النَّفْس وَالرُّوح طَبِيب مَاهِر يَعْرِف جَيِّدَاً تَشْخِيص مَرَضك وَلاَ يَحْتَار المَطلُوب مِنْكَ أنْ تَعْرِض نَفْسَك عَلِيه فَقَط وَهُوَ يَعْرِف جَمِيع الأمْرَاض وَعِنْده كُنُوز الأدوِيَة طَبِيب مَاهِر لِذلِك إِعْرِض نَفْسَك عَلِيه لأِنَّكَ مُحْتَاج أنْ تَنَال مِنْ الحُمَّى شِفَاء وَنَجَاه إِعْرِض نَفْسَك عَلِيه لأِنَّكَ فِي كُلَّ يُوْم تَترُك الحُمَّى دَاخِلَك فِيهِ ضَرَر شَدِيد عَلِيك وَعَلَى حَيَاتَك سَأَلُوهُ مِنْ أَجْلِهَا يُوجَد طَبِيب شَافِي لَهُ سُلْطَان مَاذَا فَعَل ؟
وَقَفَ فَوْقَاً مِنْهَا وَزَجَرَ الْحُمَّى فَتَرَكَتْهَا :-
وَقَفَ فَوْقَاً مِنْهَا وَهيَ نَائِمَة وَقَفَ بِجَانِبهَا وَزَجَرَ الحُمَّى لَهُ سُلْطَان شَدِيد لَمْ يَتَفَاوَض مَعَ الحُمَّى أوَّلاً لِكي يَعْرِف مَا هِيَ ؟ لاَ هُوَ زَجَرْهَا مُبَاشَرَةً دُونَ تَفَاوُض تَخَيَّل أنَّ مَا يُهَدِّدَك بِالهَلاَك وَالمُوت وَأنْتَ تَعْرِف مَنْ لَهُ سُلْطَان أنْ يَزْجُره فَلِمَاذَا تَتَبَاطَئ ؟ إِنْ كُنْتَ تَعْرِف مَنْ لَهُ سُلْطَان أنْ يَزْجُر سَبَب مُوتَك فَإِعْرِض نَفْسَك عَلِيه وَقُلْ لَهُ أنْتَ هُوَ شِفَاء نَفْسِي وَجَسَدِي وَرُوحِي قُلْ كَلِمَة وَقِف فَوْقِي وَازْجُر حُمَّتِي كَيْمَا تَتْرُكَنِي فِي الحَال كَلِمَة مِنْكَ تَشْفِينِي وَنَظْرَة مِنْكَ فِيهَا الشِّفَاء وَضْع يَد مِنْكَ تُدَاوِي كُلَّ أسْقَامِي أنْتَ طَبِيب نَفْسِي وَجَسَدِي لَهُ سُلْطَان أحِبَّائِي أحْيَاناً نَتَخَيَّل أنَّ الخَطِيَّة لَيْسَ لَهَا حَل بَلْ وَلَهَا سُلْطَان قَوِي جِدّاً نَعَمْ هذَا كُلَّه خَارِج الْمَسِيح الخَطِيَّة تَرْبُط الإِنْسَان بِقُيُود وَسَلاَسِل نَعَمْ خَارِج الْمَسِيح الخَطِيَّة مُؤذِيَّة أقُول لَكَ نَعَمْ خَارِج الْمَسِيح بَلْ وَتُسَبِّب مُوت لكِنْ فِي الْمَسِيح يَسُوع تُنْتَهَر بِكَلِمَة فِي الْمَسِيح يَسُوع لَيْسَ لَهَا سُلْطَان أحَد الآبَاء يُشَبِّه الخَطِيَّة فِي وُجُود الْمَسِيح بِأسَد مُفْتَرِس قَدْ نُزِعَت كُلَّ أضْرَاسه وَأُزِيلَت عَنْهُ شَرَاسَته هكَذَا الْمَسِيح يَسُوع أبَادَ الخَطِيَّة لِذلِك الخَطِيَّة دَاخِلنَا مُمَاته بِالْمَسِيح يَسُوع وَقَفَ فَوْقَاً مِنْهَا وَزَجَرَ الحُمَّى فَتَرَكَتهَا ثِق فِي قُدْرَة رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح عَلَى شِفَاءك وَلاَ تَتَعَامَل مَعَ خَطَايَاك عَلَى أنَّهَا أقوَى مِنْهُ لاَ خَطَايَاك لَنْ تَعْسُر عَلَى الْمَسِيح وَلَنْ تَسْتَحِيل عَلِيه وَإِلاَّ تَكُون قَدْ قَلِّلت مِنْ قُدْرَته عِنْدَمَا نَسْمَع عَنْ طَبِيب مَاهِر نَضَع ثِقَتنَا فِيهِ وَنَذْهَب لَهُ مُبَاشَرَةً لأِنَّنَا سَمَعْنَا عَنْ قُدْرَاتَهُ وَمَهَارَتَهُ أحَد الآبَاء يَقُول { إِنَّ الطَبِيب يُمْدَح بِمَرْضَاه } أي كُلَّمَا كَانَ المَرَض صَعْب وَاسْتَطَاعَ الطَبِيب عِلاَجه تِعْرَف مَهَارِة الطَبِيب كُلَّمَا كَانَ المَرَض مُسْتَعْصِي وَاسْتَطَاعَ الطَبِيب تَشْخِيصه وَعِلاَجه كُلَّمَا كَانَ الطَبِيب مَاهِر وَجَيِّد الطَبِيب يُمْدَح بِمَرْضَاه وَالْمَسِيح أيْضاً يُمْدَح بِمَرْضَاه وَمَنْ هُمْ مَرْضَاه ؟ نَحْنُ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح كَثِيرَاً مَا تَوِّب خُطَاه عُتَاه فِي الخَطِيَّة هَلْ تَقُول أنَّ الخَطِيَّة صَعْبَة ؟ أُنْظُر إِلَى القِدِيس مُوسَى الأسوَد سَتَعْرِف أنَّ الْمَسِيح يُمْدَح بِمَرْضَاه مَهْمَا ثَقُلَت الخَطَايَا يُوجَد مَنْ لَهُ قُوَّة وَاقْتِدَار بِكَلِمَة يَزْجُرَهَا وَيَنْتَهِرَهَا ثِق فِي قُدْرَة الْمَسِيح عَلَى شِفَاءَك بِكَلِمَة مِنْهُ يَقُول لَك" مَحْلُول مِنْهَا " فَتُشْفَى ثِق أنَّهُ بِكَلِمَة مِنْهُ يَقُول لَك " إِيمَانَك قَدْ شَفَاك ( لو 18 : 42 ) " فَتُشْفَى يَزْجُر الخَطِيَّة فَتَتْرُكَك يَقُول لَك " لِعَازَر هَلُّمَ خَارِجاً ( يو 11 : 43 ) " ثِق فِي هذِهِ القُدْرَة اللانِهَائِيَّة .
فِي الْحَالِ قَامَتْ وَخَدَمَتْهُمْ :-
لَمْ تُوجَد مَرْحَلَة إِنْتِقَالِيَّة بَيْنَ المَرَض وَالشِّفَاء قَدْ نَقُول لَهَا أنَّ شَفَاءِك لَمْ يَكْمُل بَعْد أنْتِ فِي مَرْحَلِة النَقَاهَة لاَ مُجَرَّد أنْ شُفِيَت نَالَت قُوَّة وَقَامَت نَقُول لَهَا قَدْ كُنْتِ مُنْذُ لَحَظَات قَلِيلَة مَرِيضَة جِدّاً وَكُنَّا نُبَاشِرِك بِالعِلاَجَات المُخْتَلِفَة وَكُنَّا حَزَانَى لِمَرَضِك وَأنْتِ الآن قُمْتِ لِتَخْدِمِينَا ؟هذِهِ قُدْرِة رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح اللانَهَائِيَّة يُحَوِّل الإِنْسَان لَيْسَ مِنْ خَاطِئ إِلَى تَائِب فَقَط بَلْ مِنْ خَاطِئ تَائِب إِلَى قِدِيس خَادِم رَوعَة وَجَمَال فَفِي الحَال قَامَت وَخَدَمَتْهُمْ لَمْ تُشْفَى فَقَط بَلْ أصبح بِهَا قُوَّة لِشِفَاء بَلْ وَلِخِدْمِة الآخَرِين بَلْ وَلِتَلبِيَة إِحْتِيَاجَات الآخَرِين .. هذِهِ قُوَّة عَمَل الله فِي النَّفْس يُعْطِيك قُوَّة فَوْقَ الطَبِيعَة لاَ تُصَدِّقهَا إِنْسَان مِثل القِدِيس أُوغُسْطِينُوس لَمْ يَتُب فَقَط بَلْ وَصَارَ قِدِيس لَيْسَ قِدِيس فَقَط بَلْ وَأُسْقُف يُعَلِّم زَجَرَ الحُمَّى الَّتِي فِيهِ فَقَامَ وَعَلَّم أيْضاً شَاوِل الطَرْسُوسِي كَانَ ذَاهِب إِلَى دِمشق لِيَضطَهِد الكِنِيسَة وَيَتْلِفُهَا بِإِفْرَاط فَوَقَفَ فَوْقَاً مِنْهُ وَزَجَرَ الحُمَّى فَشَفَاه وَقَامَ يَخْدِم ( أع 9 : 1 – 3 ) هذَا عَمَل الْمَسِيح يُرِيد نِفُوس تَشْهَد لَهُ وَتَقُول تَعَالُوا أنْتُمْ خُطَاه أنَا خَاطِئَة مِثْلُكُمْ لكِنَّه تَعَامَل مَعِي وَشَفَانِي وَحَوَّلَنِي مِنْ مَرِيض إِلَى إِنْسَان مُعَافَى مِنْ خَاطِئ إِلَى بَار لَيْسَ بَار فَقَط بَلْ وَخَادِم لأنِّي الأقدَر عَلَى التَحَدُّث بِقُوَّتَهُ فَكُلَّ إِنْسَان أصَابَهُ مَرَض وَكُلَّ إِنْسَان أصَابَهُ عَجْز كَامِل أكثَر إِنْسَان يُعْطِيهِ رَجَاء هُوَ مَنْ كَانَ مَرِيض مِثْله الإِنْسَان الْمَسِيحِي عِنْدَمَا يَخْتَبِر عَمَل الله فِي حَيَاته تِغَيَّره وَتِتَوِبه وَأكثَر مِنْ ذلِك تُحَوِّله إِلَى خَادِم فَفِي الحَال قَامَت وَخَدَمَتْهُمْ تُرِيد أنْ تَجْذِب نِفُوس كَثِيرَة لَهُ وَتَحْكِي لِكَثِيرِين عَنْ حُبَّه وَاقْتِدَاره تَعَالُوا إِنْسَان قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ ( يو 4 : 29 ) تَعَالُوا لِمَاذَا أنْتُمْ صَامِتِين وَبَعِيدِين عَنْهُ ؟ تَعَالُوا وَتَلاَمَسُوا مَعَهُ هُوَ صَاحِب قُوَّة لاَ نِهَائِيَّة فَلِمَاذَا أنْتُمْ بَعِيدِين ؟
جَيِّد فِي سِفر التَكْوِين أنْ يَذْكُر أنَّ أبِينَا يَعْقُوب كَانَ وَاقِف خَارِج بِيْت خَاله لاَبَان وَهُوَ فِي خَجَل فَقَالَ لَهُ لاَبَان كَلِمَة رَائِعَة قَالَ { فَقَالَ ادْخُلْ يَا مُبَارَكَ الرَّبِّ لِمَاذَا تَقِفُ خَارِجاً وَأنَا قَدْ هَيَّأْتُ الْبَيْتَ } ( تك 24 : 31 ) نَحْنُ قَدْ أعْدَدنَا كُلَّ هذِهِ الوَلِيمَة لَكَ وَأنْتَ فِي خَجَل تَقِف خَارِجاً ؟ هَيَّا أُدْخُل لأِنَّ كُلَّ شِئ قَدْ أُعِدَّ لَكَ هكَذَا السَيِّد الْمَسِيح لَهُ المَجد يَقُول لَك لِمَاذَا تَقِف صَامِت تَتَأمَّل فِي مَرَضَك ؟ يُوجَد طَبِيب مَاهِر قَادِر عَلَى شِفَاءَك لَيْسَ شِفَاءَك فَقَط بَلْ وَقَادِر أنْ يُحَوِّلَك إِلَى قِدِيس لَيْسَ قِدِيس فَقَط بَلْ وَخَادِم هُوَ يُرِيد أنْ يُعْلِن قُدْرِته فِيك وَيُمْدَح بِكَ وَيُكْرَز بِهِ مِنْ خِلاَلَك يُرِيد أنْ يُثبِت عَمَله مِنْ خِلاَلَك أنْتَ فَاعْطِهِ الفُرْصَة تَخَيَّل أنَّكَ تِعْرَف عَنْ إِنْسَان خَطَايَاه الكَثِيرَة ثُمَّ تَرَاه يَدْخُل الكِنِيسَة وَيَعْتَرِف وَ يِتنَاوِل ثُمَّ يَبْدَأ فِي الخِدمَة وَيَأتِي بِآخَرِين لِلْمَسِيح كُلِّنَا سَنَتَعَلَّم مِنْهُ وَنَقُول مُبَارَك أنْتَ يَارْبَّ وَعَجِيب عَجِيب فِي قُدْرِتَك وَفِي تُوبتَك فَأنْتَ القَادِر أنْ تُحَوِّل وَتَأتِي بِأبْنَاء كَثِيرِينَ إِلَى المَجد ( عب 2 : 10) فِي الحَال قَامَت وَخَدَمَتْهُمْ .
وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ كَانَ الَّذِينَ عِنْدَهُمْ مَرْضَى بِأنْوَاع أمْرَاضٍ كَثِيرَة يُقَدِّمُونَهُمْ إِلَيْهِ :-
النَتِيجَة الطَبِيعِيَّة لِمَا رَأوه المَوجُودِين أنَّ كَثِيرِينَ في الوَلِيمَة كَانَ لَهُمْ مَرْضَى وَلأِنَّهُمْ رَأوه يَزْجُر الحُمَّى فَقَالَ كُلَّ مِنْهُمْ أبَي مَرِيض أُمِي مَرِيضَة أُخْتِي عَمِّي وَأتُوا بِهُمْ جَمِيعَاً لِيَسُوع وَظَلَّ فِي البِيْت مِنْ الصَّبَاح حَتَّى الغُرُوب وَأتُوا إِليْهِ بِكُلَّ هؤلاَء المَرْضَى إِذاً حَمَاة سَمْعَان كَانِت سَبَب إِتْيَان مَرْضَى كَثِيرِينَ إِليْهِ وَشِفَائِهِمْ إِذاً شِفَائِي أنَا سَيَكُون سَبَب بَرَكَة لِلآخَرِين وَيَأتِي مَرْضَى كَثِيرُون وَهُوَ يَضَع يَدَهُ عَلَى كُلَّ وَاحِد مِنْهُمْ وَيَشْفِيهُمْ لِذلِك الكِنِيسَة تَضَع هذَا الفَصْل مِنْ الإِنْجِيل فِي نِهَايِة اليُوْم وَتَقُول لَك إِحْذَر أنْ يَمُر عَلِيك اليُوْم وَأنْتَ مَازِلت فِي الحُمَّى إِحْذَر أنْ تَكُون الحُمَّى قَدْ أصَابَتك وَأنْتَ صَامِت لاَ إِنْ كُنْت قَدْ أُصِبت بِحُمَّى وَالحُمَّى شَدِيدَة وَالخَطِيَّة أحْدَثِت فِيك دَمَار فَلاَبُد أنْ تَقِف أمَامه بِثِقَة فِيهِ فَيَزْجُرَهَا وَيُقِيمَك فَتَقُوم لَيْسَ تَقُوم فَقَط بَلْ تَقُوم وَتَخْدِم وَتَقُول لَهُمْ تَعَالُوا وَهُوَ يَضَع يَدَهُ عَلَيْكُمْ وَيَشْفِيكُمْ هذَا هُوَ إِخْتِبَار عَمَل الله فِي حَيَاتنَا أنَّهُ وُجِدَ شَدِيداً إِخْتَبَرْنَا حَنَانه إِخْتَبَرْنَا شِفَاءه إِخْتَبَرْنَا مَحَبِّته إِخْتَبَرْنَا قُدْرِته فَتَسْتَطِيع أنْ تُقْنِع النَّاس وَتُحْضِر كُلَّ إِنْسَان فِي الْمَسِيح يَسُوع الله قَادِر أنْ يَمِد يَدَهُ وَيَشْفِينَا مِنْ حُمَّى شَدِيدَة أصَابِتنَا لِمُدَّة طَوِيلَة رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المَجد دَائِمَاً أبَدِيّاً آمِين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
13 سبتمبر 2024
مسيح كل أحد
تقرأ علينا يا أحبائي الكنيسة في هذا الصباح المبارك فصل من بشارة معلمنا يوحنا الإصحاح العاشر عن الراعي الصالح، الكتاب المقدس يا أحبائي هو الذي يعطينا صورة أمينة صادقة عن شخص ربنا يسوع المسيح كراعي صالح هنا يحدثنا عن الراعي الذي يهتم بخرافه،والذي بمجرد أن تسمع خرافه صوته تتبعه، الراعي الذي يبذل نفسه عن الخراف أريد أن آخذ منظور صغير نقف عنده في رعاية ربنا يسوع المسيح، كان يرعى كل إنسان،وكان يرعى كل الإنسان لا يوجد فئة يا أحبائي إلا وافتقدها ربنا يسوع المسيح،وأحبها،وعلمها،وأطال أناته عليها جداً لا يوجد فئة إلا وخاطبها ربنا يسوع بما يناسبها على سبيل المثال نجده الآن يتحدث عن الراعي الصالح هذا يناسب الأشخاص الذين كانوا يرعون الغنم، ويظل يحدثهم عن تفاصيل كأنه صديق معهم في المهنة فعندما يحدثهم بأسلوبهم عن الراعي،والخروف، والذي يضيع،والحظيرة،والبحث،والراعي الذي خرافه تعرف صوته وتتبعه هذا الكلام كله من الذي يفهمه جداً؟ الرجل الراعي فالرجل الراعي عندما يسمع هذا الكلام يكون متأثر جداً،ويشعر أنه قريب منه لأنه يفهمه لأنه يعرفه،ولأنه داخل منه داخل اهتماماته فيقول له حقا كلامك كله صحيح أنا الراعي الصالح هو راعي صالح فيخاطب الإنسان بحسب ظروفه بحسب احتياجه سنرى الآن يا أحبائي أن ما من فئة إلا وخاطبها ربنا يسوع المسيح بما يناسبها راعي صالح لا يمكن فئة تسقط منه أبدا فهو خاطب جماعة رعاة الغنم وحدثهم عن مثل الخروف الضال يتحدث عن مدى رعاية واهتمام الراعي بكل غنم لديه ثم يأتي لفئة أخرى مثل المزارعين تجده يتحدث عن حبة الخردل وتجده يتحدث عن مثل خرج الزارع ليزرع يتحدث عن شجرة التين الأشخاص المزارعين الذين يعملوا في هذا المجال يتفاعلون مع هذا الكلام جداً ويشعرون أنه رفيق لهم وقريب منهم ربنا يسوع من أهداف تجسده أنه يأتي ويصير كواحد منا،ويقترب منا جداً،ومن اهتماماتنا التي تبدو تافهة وبسيطة بالنسبة له ما معني رجل راعي غنم فهو لا شيء، أو رجل مزارع لا شيء، فمن الممكن أننا ننظر لهذه الفئات نظرة دونية، لكن شاهد كم هو يقترب منهم، يحدثهم بأسلوبهم، ويدخل داخل اهتماماتهم ويحول هذه الاهتمامات إلى اهتمامات روحية بحيث أنه يجعله من خلال حياته العملية يتذكر أموره الروحية، وهذا إبداع، إبداع الإنسان الروحي، إبداع الإنسان الروحي أنه لا يكون هناك فاصل بين ما يفعله وبين الأمور الروحية، بين عمله وبين صلاته، بين حياته في المجتمع وبين رؤيته لله، بين عمله وتقواه، أبدا لكن على العكس قد يشعر أن الإثنين وجهين لعملة واحدة لذلك الآباء القديسين يعلمونا ويقولون لك صلي وأنت تعمل، وأعمل وأنت تصلي، اليدين تعملان والعقل والقلب يصليان، أنت عملك أنك رجل مزارع، حسنا أزرع، ازرع كيفما تريد، لكن وأنت تزرع تذكر أن هذه البذرة هي كلمة الله، وارجع إلى قلبك، فأنت من أي نوع من أنواع التربة، وكلما تزرع ترجوا أن تنتظر ثمر أعتبر أن الله بذر فيك كلمته وينتظر أن تصنع ثمر، ويقول لك أنت كرجل مزارع ما مشاعرك عندما تضع بذرة ولا تجد ثمر، يجعلك من خلال حياتك العملية تتذكر أمورك الروحية ما من فئة يا أحبائي إلا وتكلم معها بما يناسبها، شاهدنا الراعي، المزارع، وفئات أخرى كثيرة كالصيادين يتحدث مع الصياد ويقول له يشبه ملكوت السموات شبكة مطروحة في بحر، وهذه الشبكة تجمع كل شيء، ثم يقول له ماذا تفعل عندما تدخل الأسماك التي جمعتها من الشبكة، يقوم بفرزها، وعندما يفرزها الأسماك التي لا تعجبك ماذا تفعل بها؟! يقول لك ألقيها مرة أخري في البحر، قال له الملكوت هكذا شبكة مطروحة في البحر، البحر هو العالم والشبكة هي كلمة الله التي تصطاد الكثيرين، ويمكن أن تأتي لها أشخاص صادقين ويمكن أن تأتي لها أشخاص غير صادقين، يأتوا الملائكة يقوموا بالفرز في الدينونة الأمناء والأشرار يطرح الجياد عن يمينه أما الأردياء فيطرحهم في البحر، قال لك هذا هو عمل الله في العالم وعمل ملائكته، عندما يتحدث مع رجل صياد بمثل هذا فهو بذلك يقترب منه جدا، من اهتمامه، من عقله، من قلبه، راعي صالح لا يترك فئة إلا ويخاطبها، يخاطبها باهتمامها، ويشعره بأن الأمر عميق جداً ولكن في بساطة شديدة.
والآن دعنا نري فئة أخرى على سبيل المثال نجد سيدة بسيطة لا تعرف في الصيد أو الزراعة، فهذه سيدة تجلس في المنزل، لا تخرج من المنزل، لا يوجد بيت إلا ويقوم بالخبيز لأنه لم يكن يوجد أفران، فيحدثها ويقول لها "يشبه ملكوت السماوات خمير صغير تخبأ في ثلاثة أكيال دقيق لتخمر العجين كله"، تكلم عن اهتمامها وعملها في المنزل، كلما تخمر السيدة في المنزل تتذكر أن هذا هو الملكوت، الملكوت القليل الحي الفعال الذي ينتشر في صمت وهدوء وفي سرعة، هذا هو الملكوت، كيف يسود ملكوت الله على قلب الإنسان؟ خمير صغير توفر له فقط جو مهيأ، لأنه لكي يخمر أي شيء لابد أن تكون الحرارة قليلة، تكون دافئة قليلا، وتغطى لكي تعمل في صمت، تجد الحجم إزداد والرائحة ظهرت، الطعم ظهر، ما هذا كله؟! إنها الخميرة، هذا هو الملكوت، فالملكوت يظهر رائحته في الإنسان جداً، يظهر في ملامحه، يظهر في عقله، يظهر في اهتماماته في صمت شديد في خفاء شديد هذا هو الملكوت، فبذلك نجد السيدة التي تخبز قد علمها وكلمها، فهو راعي صالح يهتم بكل إنسان وبكل الإنسان، لا يوجد فئة إلا ونالت نصيبها من تعاليم ربنا يسوع المسيح ولكن ماذا عن الأغنياء؟! الطبقة التي يقال عليها الأرستقراطية، حدثهم عن مثل الغني ولعازر، وظل يروي لهم ويقول لهم الناس التي استوفت خيراتها على الأرض، ولكن هذه طبقة موجودة كثيراً، وفي نفس الوقت يخاطب الفقير جداً ويعزيه، يقول له انتبه لا تحكم بما يحدث الآن فهذه مرحلة، لكن أحكم بعد ذلك، بعد ذلك ما هي النهاية؟ سوف تنقلب الصورة تماماً، والذي كان يتنعم هذا سوف يتعذب، والذي كان يتعذب هذا سوف يتعزى، والرجل الذي كان يظل يحتقر هذا الفقير سوف يقول له أرجوك أنا أريدك فقط أن تأتي بنقطة صغيرة من الماء، سوف يتوسل إليك ما هذا؟! عزاء للفقير وفي نفس الوقت توبيخ وإنذار للغني، ما من فئة إلا وحدثها وأيضا الناس التي تعمل في الأعمال الخاصة والتجارات الثمينة قال لهم يشبه ملكوت السموات تاجر لآلئ حسنة، حتى هذه الفئة، تخيل إذا كان هناك مجموعة من الفئات ولدينا من بينهم أشخاص تجار بالذهب، لابد أن نتحدث مع تجار الذهب يقول لك كلم أيضا تجار الذهب، تاجر لآلئ حسنة بمجرد أن يسمع كلمة تاجر لآلئ حسنة ماذا يفعل؟ ينتبه جداً، ويقول إنه يتحدث علي، هذا موضوع يتعلق بي، كيف يفهمني هذا الرجل هكذا؟ يقول لك عندما يجد جوهرة غالية كثيرة الثمن ماذا يفعل؟ من شدة فرحه يمضي ويبيع كل ماله ويأخذها، ما هذا؟ تاجر لآلئ حسنة، يريد أن يقول له هذا هو الملكوت يا سيدي، وجدته أم لا؟!، تظل تبحث عن اللآلئ التي تشتريها فهي كثرت جداً لديك، أنا أعرض عليك أن تستبدل هذه اللآلئ كلها فهي لآلئ مزيفة، فأنا أعرض عليك أن تستبدل هذه اللآلئ كلها باللؤلؤة الوحيدة الغالية الكثيرة الثمن هي ربح الملكوت، هل هذه المبادلة تتوافق معك أم لا؟، إذا وجدت أنها غالية سوف تمضي من شدة فرحك، إذا وجدت أن العملية ليست رابحة فإنك حينئذ لا تقدم على هذه البيعة، كل فئة يخاطبها بأسلوبها، مع تلاميذه يكلمهم بأسلوب، مع العامة يكلمهم بأسلوب، لدرجة أنه من كثرة ما إعتاد التلاميذ أنه يتكلم معهم بمفردهم وأحيانا مع الناس فتشتتوا في مثل الوليمة والفريسي قالوا له ألنا قلت هذا المثل أم قلته للجميع؟، نحن نريد أن نعرف أنت تقول هذا الكلام لنا أم أنك تقوله للكل؟
جميل جداً أن الراعي الصالح يكون افتقدني، يكون كلمني، ويكون كلامه أثر في، ويكون كلمته هذه شعرت أنها كلمتي أنا، خاصة بي أنا، لأنه كتبها لي أنا، أرسلها لي أنا، راعي صالح يهتم بكل نفس جداً، لا يوجد نفس لا تعنيه أبدا، حتى المقاومين، حتى المعاندين، المضلين، المطرودين، المجروحين، لا يوجد فئة أبدا يزدري بها، تجد أكثر ناس تقاومه الكتبة والفريسين، شاهد كم هو علمهم، كم هو أنذرهم، كم هو فتح قلبه لهم، كم فتح صفحات جديدة، يكلم الكتبة والفريسيين يقول لهم احكي لكم قصة، لكي تحاول تفهم واحد يكون يقاومك بشدة ممكن تحكي له حكاية، فيحكي له حكاية يقول له كان شخص لديه كرم فتركه ووكل أشخاص عليه، ثم غاب، فأرسل واحد من الكرامين لكي يأخذ الأجرة منهم فعندما شاهدوه ضربوه وطردوه، فأرسل واحد آخر فجرحوه وطردوه، انتبه هنا الدرجة تزيد مرة ضربوه مرة ثانية جرحوه، أرسل واحد ثالث قال لك أهانوه وضربوه وجرحوه وطردوه تظل تزيد الدرجة، ثم قال لك لا توجد فائدة أرسل ابني لعلهم يهابوه، فبمجرد أن وجدوا ابنه قالوا هذا الحل الوحيد، هذا نقتله نهائيا لأنه الوارث فقتلوه وألقوه، قولوا لي صاحب هذا الكرم ماذا يفعل؟ بالطبع الكتبة والفريسيين يفهموا ماذا يقصد؟، فهو يحكي لهم قصتهم لكن بذوق بلطف شديد، وكأنه يريد أن يقول لهم ألستم أنتم أيضا هكذا؟!، فقولوا لي ماذا أفعل أنا معكم؟ لأنهم يعلمون أنهم يخططوا لكي يتآمروا عليه ويقتلوه، يقول لهم قولوا لي ماذا افعل؟! يريد أن يقول لهم بالطبع الله أرسل نبي، واثنين، وثلاثة، وكما قال لهم القديس اسطفانوس "أخبروني أي من الأنبياء لم تضطهدوا" قولوا لي على أحد الأنبياء قمتم بتكريمه، لا يوجد نبي تكرم، كل نبي كان الشعب يتمرد عليه، نبي مثل دانيال يوضع في جب، نبي مثل أشعياء يقتلوه وينشروا عظامه، لا يوجد نبي رحبوا به، قال لهم إذن هؤلاء هم الذين أرسلهم لكي يتابعوا كرمي، وفي النهاية أرسل ابنه لعلهم يهابوه فقتلوه، ماذا يفعل؟! لم يقدروا أن يجيبوه، فهو سؤال صعب جداً، قال لهم أنا أقول لكم، ماذا يفعل؟ يأتي هو ويأخذ هذا الكرم ويعطيه لآخرين، هذه هي كنيسة العهد الجديد الذي جاء ربنا يسوع في العهد الجديد أزال رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين، والمقيمين على الخدمة، والمقيمين على الكرم، والمقيمين على الناس والرعية، أزالهم وأقام رعاة جدد، أقام رسله، وأقام كهنوته، وأصبحوا هؤلاء هم الخدام الجدد، أين القدماء؟، وأين كرامتهم؟، انظر ما فعلوه، هم الذين حكموا على أنفسهم لا توجد فئة إلا ويخاطبها بما يناسبها، وبما تفهمه، جميل جداً أن الراعي الصالح الذي يقترب لكل نفس، الذي يكلم كل إنسان بحسب ظروفه، بحسب ثقافته، وبحسب اهتماماته، يشعر أن الله يخاطبه هو، وهو تحديداً، إذا كان راعي غنم، إذا كان رجل مزارع، إذا كان رجل صياد، إذا كانت سيدة منزل، إذا كان رجل غني، إذا كان رجل تاجر لآلئ حسنة، إذا كان من الكتبة والفريسيين، ويحكي أيضا مع تلاميذه أنفسهم ويحكي لهم بأمثلة وقصص، مع الخطاة شاهد القصص والحكايات التي قيلت للخطاة، على سبيل المثال عندما يبرز موقف مثل المرأة الخاطئة، عندما يحكي مثل كالابن الضال، يريد أن يقول للخاطئ مكانك موجود ومحفوظ لا تخف، لا تبتعد، اقترب فأنت مقبول، أنا أضمن لك ذلك، أنا الذي أقول لك أنت مقبول، ما هذا؟ لم يترك فئة، يجعل البعيد يقترب، القريب يثبت، الثابت ينمو إلى أن نصل إلى ملء قامة المسيح، وهذا هو دور الكنيسة في الرعاية، ما هو الذي تفعله الكنيسة؟ تخاطب كل الفئات، ما من فئه إلا وواجب على الكنيسه أن تخاطبها وتخاطبها بأسلوبها، تجد الناس الكبار في السن لابد أن يكون لهم خدمة، المرضى لابد أن يكون لهم خدمة، الأشخاص البعيدين والعمال والمشغولين يكون لهم خدمة ونذهب إليهم في أماكنهم، الأطفال يكون لهم خدمة، الشمامسة يكون لهم خدمة، كل الفئات، فمن من تعلمنا هذا الأسلوب؟! من الراعي الصالح، الراعي الصالح الذي بذل نفسه عن الخراف، الراعي الصالح الذي اقترب من الإنسان جداً لكي ما يقدس كل الإنسان وكل إنسان، لذلك قال لك ماذا يحدث إذا كان هذا الراعي غريب عن خرافه؟ قال لك الغريب فلا تتبعه بل تهرب منه لأنها لا تعرف صوت الغريب، قال لك في كل مرة كان يكلمهم كان هناك أشخاص تتحير، تجد من يقول لك أنا استمعت لكلامه وأعجبت بهذا الكلام لكن لا أستطيع استيعاب قصده، وماذا يقول لي؟ أقول لك القصد واضح لكن أنا لا أستطيع أن أتخيل أنه يقترب مني جداً هكذا، أنا خائف لئلا يكون له قصد آخر لذلك يقول لك "أما هم فلم يعرفوا بأي شيء كان يكلمهم"، هل لا تعرفوا؟ يقول لك أنا الراعي الصالح يقول لك أنا الذي أبحث عنك، يقول لك تعال وأدخل داخل الحظيرة، تعال أنا أفتقدك، خلاصك أنا، راحتك أنا، سلامك أنا، البعد عني خسارة، البعد عني تيهان، البعد عني جوع، إذن تعالى والباب مفتوح، يعود ثانية ويقول لهم بما أنكم لم تنتبهوا أنا أوضح لكم مرة أخرى، فماذا تقول لهم لتوضح؟!، قال لهم أنا هو باب الخراف، بدأ يتكلم صراحة، في البداية كان يتكلم بمثل، لكنه الآن يقول لهم "أنا هو باب الخراف جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص ولكن الخراف لم تسمع لهم، أنا هو باب الخراف إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى"، يريد أن يقول له هل فهمت أم لا تفهم؟ الآن انتبهت؟!، يقول له تعالى وادخل من خلالي إلي، أنا باب الخراف أدخل من خلالي إلي، اتبع كلامي فتمتلكني، أدخل من خلال وصاياي فتشعر بالراحة والسلام، يدخل ويخرج ويجد مرعى، يجد خصوبة، صراع الرعاة حتى الآن على أين يرعون غنمهم؟ لأنه لا يوجد واحد يترك حقله لغنم غيره، فكل واحد صنع حقل لغنمه هو، فكان الصراع على الأماكن الخضراء، فكان من الممكن أن يذهبوا إلى بلاد غريبة لكي يجدوا فيها مراعي خضراء، هنا يقول لهم الذي يأتي إلي يجد هذا المرعى، وكان الراعي الأمين من شدة أمانته لأن الحقل متسع جداً فكانوا يفعلون مثل جدران بسيطة أو حدود خشبية ويصنعون في النهاية باب للحظيرة، فالراعي من شدة أمانته لكي لا يسمح لأي ذئب أن يأتي كان يجلس على الباب، يظل جالس على الباب، حتى عندما يريد أن ينام أو يستريح كان يسند جسمه على الباب لكي إذا جاء ذئب يمر من فوقه، فيستيقظ ويطرده أو يضحي بحياته هو أولا، هذا هو الراعي، هنا يقول لهم أنا هو الباب، أنا الذي أجلس على الباب لن تدخل إلا من خلالي، أنا الذي أجلس أسهر لرعايتك وفي نفس الوقت تدخل من خلالي، أنا هو الباب، من المؤكد أنه عندما يقول لهم أنا هو الباب تجد الرعاة يقولون له نعرف ذلك، قد لا نعرف نحن هذا الكلام، لكن يقولها لهم فيعرفوها، يخاطب كل إنسان بفئته، بثقافته، بذهنه لماذا؟ يقول لك لأنك أنت تهمني جداً جداً، أنت من الممكن أن تظن أن تعاليمي هذه عشوائية لا أبدا، فهي لكل إنسان، هي لك أنت تحديداً، لذلك الذي يريد أن يسمع صوت الله في الإنجيل سوف يسمعه، والذي يريد رسالة خاصة له تحديداً سيجدها، والذي يريد كلمة تناسب حالته سيجدها، والذي يريد كلمة تناسب ظروفه يجدها، والذي يريد كلمة تدخل داخل قلبه سيجدها، كل إنسان سيجد كلمة الله داخله لذلك هذا الراعي الصالح يكلمنا، يخاطبنا، يلح علينا، يكرر الكلام، كل هذا لكي في النهاية نقول له نتبعك يارب بكل قلوبنا، لأنه هنا قال لك خرافي تسمع صوتي فتتبعني.ربنا يعطينا أن نتبعه، وأن نميز صوته، وأن نكون خراف أمناء له، وأن نكون مستفيدين بكل تعاليمه، تدخل إلى قلوبنا فنفعل بها.ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
09 سبتمبر 2024
الدينونة ج2
لقد تكلّمنا مَعْ بعض فِى موضُوع عَنْ الدينُونة وَ قُلنا أنّنا سنُكمِلهُ ، وَ لقد تعّودت الكنيسة فِى نهايِة عام وَ بِدايِة عام أنْ تُكلّمنا عَنْ الدينُونة وَنُحِب أنْ نتكلّم وَ نتخيّل وَ لو قليِلاً عَنْ الدينُونة لأنّها حقيقة ، الدينُونة هى مِنْ أهم الحقائِق الرُّوحيَّة التَّى يجِب على الإِنسان أنْ يُفّكِر فِيها ، حتَّى يضمن ميراث أبدِى ، وَالّذى يبعُد عنها يُعرِّض نَفْسَه للهلاك وَتكُون دينُونتةُ لِلهلاك وَلِذلِك أجمل شيء لِلإِنسان أنْ يذكُر بِإِستمرار الدينُونة ، وَلقد قيِل عَنْ القديس الأنبا أرسانيُوس مُعلِّم أولاد الملُوك كم أنّ حياته كُلّها مملوءة توبة وَدِمُوع وَبِر وَتقوى ،وَمَعْ ذلِك وجدوهُ دائِماً بِيبكِى ، وَفِى لحظات قبل الموت وجدوهُ بِيبكِى ، فسألوه وَقالُوا لهُ ياأبانا أنت عايِش بِتقوى وَعايِش بِبر فلِماذا تبكِى ؟
فقال لهُمْ إِنّ رُعب هذِهِ اللحظة لَمْ يُفارِقنِى طوال حياتِى ، فإِنّنِى خائِف مِنْ أمرين :-
1/ الوقُوف أمام الديَّان العادِل 2/ وقت صدُور الحُكم علىَّ
فهاتين اللحظتين رُعبهُمْ لَمْ يُفارِقهُ طوال حياته ، فالّذى يعيِش هذا الخُوف يضمن الخلاص 0
يقُول القديس العظيِم الأنبا مقَّار [ أُحكُمْ ياأخِى على نَفْسَكَ قبل أنْ يحكُموا عليك ] ، وَ القديس العظيِم الأنبا أنطونيُوس قال[ إِنْ دِنَّا أنفُسنا رضى الديَّان عنَّا ] الإِنسان ياأحِبَّائِى الّذى لاَ ينسى فِكر الدينُونة يرتفِع وَ يأخُذ ضمان لِلحياة الأبديَّة ، فالدينُونة عدل مِنْ الله ، وَربِنا فِيها يُعطِى كُلّ واحِد بِحسب أعماله ، وَلكِنْ السؤال الّذى نسأله هُنا أين مراحِم الله إِنْ كانت الدينُونة لهذِهِ الدرجة قاسية ؟ فأين مراحِم الله ؟
فنحنُ الآن يجِب أنْ نعيِش فِكر الدينُونة وَمراحِم الله تُدرِكنا بِحسب إِرادتِهِ ، فإِنْ كانت خطيَّة أبونا آدم تكلّفت أنّ الله يتجسّد وَ يُصلب ، فخطايانا ياأحِبَّائِى لاَ يليِق أبداً أنّ الله يتغاضى عنها بِدُون عدل فالله يقُول لك خطيتك أُجرتها مُوت فَلاَبُد أنْ تموت مِنْ أجلها ، فعدلِى يقُول أنّهُ لابُد أنْ تدفع ثمنها ، وَ رحمتِى تقُول أنّ الثمن الّذى لابُد أنْ تدفعه أنا أدفعه ، يعنِى لاَ توجد خطيَّة ستُغفر لنا أبداً إِلاَّ عِندما تنتقِل مِنْ حسابنا إِلَى حِساب الله ، فالخطيَّة هى تعدّى على الله وَ إِهانة لله ، وَأُجرِتها موت كُلّ خطيَّة ، وَكُلّ تعدّى على الله هى إِهانة لله ، لابُد أنّ العدل الإِلهِى يستوفى حقه ، وَلابُد أنْ يُعطِى موت عِوض الخطيَّة ، وَلابُد أنْ يدفع ثمن عَنْ الخطيَّة ، فأنا أضع خطيتِى عليه فينتقِل ثمن الخطيَّة مِنِى له ، وَفِى وقتها يوفِى الدين ، وَوقتها يتقابل عدل الله مَعْ رحمتهِ ، أتُرِيد أنْ ترى العدل يلتقِى بِالمراحِم ؟! أُنظُر إِلَى الصليب ، فنحنُ سيظل الحكُم علينا بِسبب خطيتنا مادُمنا لَمْ نُقدِّم توبة عنها ، فمهما كانت خطيَّة صغيِرة فإِنَّها لَنْ تُغفر أبداً إِلاّ عِندما تنتقِل إِلَى حِسابه القديسين يقُولُوا [ ليست خطيَّة بِلاَ مغفِرة إِلاّ التَّى بِلاَ توبة ] ، فمراحِم الله ليست معناها أنْ يتنازل الله عَنْ ثمن الخطيَّة ، فالمراحِم هى أنْ تنتقِل مِنْ حسابِى لِحسابه ، فهذا هُوَ العدل وَالمراحِم ، وَلِذلِك يوجد خُوف علينا أنّنا بِإِستمرار نتكلّم عَنْ ربِنا الرحيِم وَقَدْ نسينا عدله ، تعّودنا أنْ نتكلّم عَنْ ربِنا أنّهُ غافِر وَقَدْ نسينا أنّهُ ديَّان لابُد أنْ يكُون الأمر عِندنا فِيه حُب أكثر مِنْ ذلِك ، وَفِيه تقدِير لِحُبه ، وَفِيه تقدِير لِمراحمة أكثر مِنْ ذلِك ، وَ لِذلِك بِإِستمرار الإِنسان بِيرفُض فِكر الدينُونة ، وَبِإِستمرار الإِنسان يُحِب أنْ يتكلّم عَنْ الأُمور السهلة وَيقُول الله غفر لِلمرأة الخاطِئة ، وَيُعطِى لِنَفْسَه تصرِيح بِالتساهُل وَ الإِستباحة ، وَيظِل الإِنسان يستمر فِى تعدّياته تحت بند أنّ ربِنا غفُور فَلاَ يليِق أبداً أنْ نستغل مراحِم الله وَحُب الله بِطرِيقة خاطِئة ، أبداً فعِندما أشعُر أكثر بِحُب الله فهذا يجعلنِى أكثر خجلاً وَأكثر تحفُّظاً ، وَأشعُر أنّ خطاياى أكثر عُمقاً لأنّنا نُوّجِهها لِشخص كُلّه مجد ، فلو كان ربِنا قاسِى لكان لنا عُذر لِخطيتنا ، لكِنْ ربِنا كُلّه محبَّة ، وَلِذلِك ياأحِبَّائِى الإِنسان كما أنّهُ بِإِستمرار يُحِب أنْ يتكلّم عَنْ رحمِة ربِنا ، لابُد أنْ يتذّكر الدينُونة0
جمِيلة الكنيسة عِندما تُكلّمنا كُلّ يوم وَتقُول[ هوذا أنا عتيِد أنْ أقِف أمام الديَّان العادِل] ( القِطعة الأولى مِنْ صلاة النَّوم ) ،جميِل أنّ الإِنسان كُلّ يوم يتذّكر فِكر الدينُونة ، فَلاَبُد أنْ يتذّكر الدينُونة الآن قبل أنْ يفُضح وَ تُكشف أعماله فِى صلاة السِتار نقُول [ يارب إِنْ دينونتك لمرهُوبة إِذ تُحشر النَّاس وَتقِف الملائِكة وَتُفتح الأسفار وَتُكشف الأعمال وَتُفحص الأفكار أيّةُ إِدانة تكُونُ إِدانتِى أنا المضبُوطُ بِالخطايا ! مَنْ يُطفِىءُ لهيِب النَّار عَنِّى ؟! مَنْ يُضِىءُ ظُلمتِى إِنْ لَمْ ترحمنِى أنت ياربُّ ؟] فكُلّ واحِد لهُ سِفر وَلهُ كِتاب ، وَالملائِكة ماسكة السِفر وَفِيه كُلّ سِيرتنا ، ففِى مرّة تكلّم سيِّدنا مثلث الرحمات البابا شنوده وَكان يقُول " لو تخيّلنا أنّ ملاك وقف وسطنا فِى الكنيسة وَكشف كُلّ أفكار وَخفايا كُلّ إِنسان لِمُدِة أسبوع واحِد ، مَنَ سيقدِر أنْ يقِف ؟ فتصُّورات المخادِع ستُكشف " ، فَمَنَ يقدِر أنْ يثبُت أمامه ؟ ! وَلِذلِك نقُول لهُ يارب أيّة إِدانة تكُون إِدانتِى أنا المضبُوط بِالخطايا !
ففِكر الإِنسان بِإِستمرار مملوء قباحات وَإِدانات وَشِرُور ، وَمملوء أنانيَّة ، فالإِنسان مُحتاج أنْ يُدِين نَفْسَه جيِّداً ، فلو خطايا الإِنسان إِنكشفت أمام المِنبر سيكُون أمر صعب أحد القديسين يقُول [ سنقِف أمامه كأنَّنا فِى مسرح فسيِح مُضاء ] ، فالضُوء مُتسلِّط جِدّاً ، وَالمسرح عالِى ، وَالأُمور مكشُوفة جِدّاً أمام مَنْ نعرِفهُمْ وَأمام مَنْ لاَ نعرِفهُمْ جميِل أنّ الإِنسان يتخيّل الدينُونة وَهُوَ على الأرض ، جميِل أنّ الإِنسان يحكُم على نَفْسَه ، مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول [ مُخيِف هُوَ الوقُوع بين يديِ الله الحىِّ ] ( عب 10 : 32 ) ، صحيِح ربِنا رحيِم وَلكِنّه عادِل ، صحيِح نحنُ جُبلته وَلكِنّه لَمْ يخلِقنا لِلدنس وَلِلشر ،فكيف تنتقِل مِنْ حسابِى لِحسابه ؟!!
يقُول لنا أنا أعطيِكُم المذبح ، وَهُوَ إِسمه مذبح لأنِّى أُذبح عليه ، هُوَ بِيُذبح عليه عِوضاً عنَّا ، فموتنا بِينتقِل عليه ، وَهُوَ بِيُعطِينا حياة ، وَلِذلِك ذبيحة الصليب لَمْ يشأ أنْ تكُون قاصِرة وَلكِنّها مُمتدّة ، وَلازال يشفع فِى ضعفاتنا ، فهُوَ [ يُعطى عنَّا خلاصاً وَغُفراناً لِلخطايا00 ] ، فلو أنا مازالت خطيتِى علىَّ فما هُوَ عُذرِى وَماذا أقُول لهُ ؟؟!!
لِذلِك لِنحذر مِنْ التوانِى وَالكسل ، لِنحذر مِنْ التأجيِل ، فمعنى أنّنِى سأتوب بعد ذلِك أنّنِى سأظل كارِهاً لك ، وَسأظل أُهينك وَ سأظل أضيِف إِلَى جِراحاتك جِراحات بِخطيتِى ، فكيف أتوب بعد ذلِك ؟ فالإِنسان الّذى يقُول لاَ أتوب الآن فكيف تكُون الدينُونة عليه ؟!
المفرُوض ياأحِبّائِى مراحِم الله تُدرِكنا وَنعيِش فِيها ، وَنسعى لإِرضاؤه كُلّ يوم ،وَ لاَ نسعى أبداً وَ لاَ نقبل أبداً أنْ نُهِينه وَنُبغِضهُ ، كم أنّ الإِنسان الّذى يعيِش فِى الدينُونة وَيُفّكِر فِيها بِإِستمرار فإِنّها تحميه وَترفعه ، تحميه مِنْ الكسل ، وَتحميه مِنْ تسوِيف العُمر باطِلاً ، [000 إِنّها الآن ساعة لِنستيقِظ مِنَ النَّوْمِ000] ( رو 13 : 11 ) [هُوذا الآن وقت مقبُولٌ0هُوذا الآن يومُ خلاصٍ ] ( 2 كو 6 : 2 ) ، فكم مرّة ربِنا نادانِى لِلتوبة ؟ وَكم مرّة حذّرنِى أنْ لاَ أستمر فِى الخطيَّة ؟
مراحِم الله تجعلنا بِإِستمرار نتأملّ فِيها ، كثيراً الإِنسان بِيرفُض فِكر مخافِة ربِنا ،القديس الأنبا أنطونيُوس قال [ أنا لاَ أخاف الله لأنِّى أُحِب الله ] ،فهل أنا وَأنت وصلنا إِلَى درجِة محبِّة الأنبا أنطونيُوس حتَّى لاَ نخافه ؟ فالخُوف أنواع يوجد خُوف مِنْ شخص حتَّى لاَ يضربه أوْ حتَّى لاَ يوقِع عليه عِقاب مُعيّن ، وَلكِنْ الله بِالنسبة لىّ بحِبّه وَبخاف على مشاعره ، لِذلِك يجِب أنْ نصِل إِلَى مخافِة الحُب ، نحنُ نُحِبّه جِدّاً وَلِذلِك لاَ نُرِيد أنْ نجرحه لأنّهُ أبونا نحنُ مخافتنا ياأحِبّائِى لِربِنا بِسبب أنّنا فِعلاً نُحِبّه ، وَنُحِبّه مِنْ كُلّ قلوبنا ، وَلِذلِك يجِب على الإِنسان أنْ يعيِش المخافة وَتكُون الدينُونة أمامه فِى كُلّ وقت فتوجد واحدة أرادت أنْ تُسقِط قديس فِى الخطيَّة ، فتركها وَدخل الحُجرة وَوضع إِصبعهُ على شمعة ، فعِندما رأت ذلِك سألتهُ عما يفعل ، فقال لها أنا أحببت أنْ أتعرّف على لحظة مِنْ لحظات جُهنّم فالإِنسان الّذى فِى داخِله حضُور الله لاَ يُفّكِر أبداً أنْ يفعل الخطيَّة ، فهُوَ إِنسان عايِش بِإِستمرار يُفّكِر كيف يُرضِى ربِنا ، وَلِذلِك الإِنسان الّذى يعيِش تقوى ربِنا ، فالكلام عَنْ مخافِة ربِنا يكُون بِالنسبة لهُ كلام لذِيذ مِثل النَّاس فِى العهد القدِيم عِندما قال لهُمْ الأنبياء أنّ الله سيُدِيننا ، فقالوا لهُمْ نحنُ سوف لاَ نسمع لِكلامكُمْ ، كلّمونا بِالناعِمات ، وَلكِنْ الأمر ليس أنْ نتكلّم بِالناعِمات وَفِى النِهاية نجِد الحُكمْ علينا ، صعب نحنُ يجِب ياأحِبّائِى ككنيسة نعيِش تقوى وَبِر وَحياة فاضِلة مَعْ ربِنا ، يجِب أنْ يكُون بِإِستمرار خوف الله فِى قلبِنا القديسين قالُوا[ أنّ بِدايِة الطرِيق إِلَى الله هى مخافِة الله ] ، أتُرِيد أنْ تعيِش مَعْ ربِنا صح ؟ خاف ربِنا ، فإِنْ كانت ياأحِبّائِى الخطيَّة أُجرتها الموت فماذا سيفعل الإِنسان؟
الإِستعداد وَالتوبة :-
لابُد بِإِستمرار أعيِش الإِستعداد وَالتوبة ، وَأضبِط فِكرِى ، وَأضبِط مشاعرِى ،فالكِتاب يقُول [وَمَنْ قال ياأحمق يكُونُ مُستوجِبَ نارِ جهنَّمَ ] ( مت 5 : 22 ) ،فهل هذِهِ فقط تستوجِب الحُكم ؟! نعم تستوجِب الحُكم مِثل طالِب يرسب فِى مادّة فإِنّهُ يرسب فِى باقِى المواد كُلّها ، كما هُوَ كان مُتبّع فِى نظام الدراسة قبل ذلِك ، فلو أنا وقعت فِى خطيَّة واحدة أستوجِب الحُكم وَأهلك ؟! نعم لأنّ هذِهِ معناها عدم محبَّة ، وَمعناها إِدانة ، لأنَّك تقُول لأخيِك ياأحمق وَمعناها بُغضة ، فالخطيَّة خطيَّة ، فنحنُ الّذين تساهلنا مَعْ الخطيَّة ،وَصِرنا نُدخِل الأُمور فِى بعضها وَنحالِلها وَلِذلِك ياأحِبّائِى الإِنجيِل واضِح جِدّاً وَيقُول لاَ خائِفُون يدخلوا السَّماء لاَ كذّابُون لاَ شتَّامُون ، فأنا مُمكِنْ أنْ أكُون واحِد مِنْ هؤلاء ، فماذا أفعل ؟ أتوب ، وَالكِتاب يقُول لك [وَالقداسة التَّى بِدُونِها لَنْ يرى أحد الرّبّ ] ( عب 12 : 14 ) فالقداسة لابُد أنْ نعيِشها بِأكثر حتميَّة ، فلِذلِك لابُد أنْ نعيِش بِأكثر تدقيِق ،فنحنُ سنُحاسب أيضاً على نقص الإِيجابيات ، فيقُول لك [جُعتُ فَلَمْ تُطعِمُونِي عطِشتُ فَلَمْ تسقُوني مرِيضاً فَلَمْ تزُورُونِي ] ( مت 25 : 42 – 43 ) فمُمكِنْ أكُون قَدْ كسِلت أنْ أُطعِم واحِد جوعاناً ، فنحنُ لَنْ نُحاسب فقط على السلبيّات وَلكِنْ نحنُ سنُحاسب أيضاً على نقص الإِيجابيات ، فعدم العطاء سيُديننا ، فكم مرّة عرفت أنّهُ يوجد واحِد مرِيض وَلَمْ أزوره ، [ فَمَنْ يعرِفُ أنْ يعملَ حسناً وَ لاَ يعملُ فذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ ] ( يع 4 : 17 ) فَلاَبُد أنْ نعرِف كيف سنُدان ؟ وَنعرِف مقاييس وَمعايير الحُكمْ وَنعيِش بِمُقتضاها لابُد أنّ ربِنا يستوفِى حقهُ فِى كُلّ أمور حياتنا ، فربِنا سيأتِى وَيقُول لك أين أنت مِنْ وصاياى ؟ أين أنت مِنْ أحكامِى ؟ وَلِذلِك نقُول [ لكِنْ تُوبِى يا نفسِى مادُمتِ فِى الأرض ساكِنة ]( مِنْ قِطع صلاة النوم ) تخيّلوا أنّنا نتكلّم كُلّ هذا الكلام وَمازال الحُكم لَمْ يأتِى علىّ ،فأنا لابُد أنْ أتُوب وَأُقدِّم وسائِل لإِرضاء الله أحد القديسين يقُول [ إِنّ سُكّان الجحيم يتمنّون لحظة واحِدة لإِرضاء ربِنا ] ، فهُمْ يُعّبِرُون لِربِنا عَنْ ندمهُمْ وَأسفهُمْ ، سُكّان الجحيِم مُشتاقيِن لِلحظة واحدة مِنْ التَّى نعيِشها الآن ، مادام الإِمتحان لَمْ يأتِى فهذا أمر حسناً ،فنحنُ الآن لنا فُرصة وَلكِنْ بعد ذلِك [ ليس رحمة فِى الدينُونة لِمَنْ لَمْ يستعمِلْ الرحمة ]( مِنْ قِطع الخدمة الثالثة مِنْ صلاة نِصف الليل ) فالله سيقُول لك أنا لَمْ أمسِك مراحمِى عنك أبداً ، فليس لك إِجابة ، وَلِذلِك الإِنسان يحتاج فِى صلواته أنْ يقُول لهُ ياربِنا أعطينِى الجواب الحسن أمام منبرك الرهيِب فالّذى أحسن إِلينا طوال العُمر فهذا كيف نُقسِّى قلبِنا عليه ؟ وَالّذى أحنى نَفْسَه لأجلِنا كيف نزيِد جِراحات على جِراحاته وَنُزيِد جلدات على جلداته ؟
فالإِنسان عليهِ أنْ يُقدِّم لهُ أعمال رحمة ، وَيُقدِّم توبة وَإِستعداد ، أمَّا الإِنسان الّذى يُؤّجِل التوبة وَالإِستعداد ستأتِى عليهِ اللحظة التَّى إِستنفِذ فِيها كُلّ فُرص التوبة ،وَستظل خطاياهُمْ هى التَّى تُعذِّيبهُمْ وَليس الجحيِم ، فالحالة التَّى سيكُونوا فِيها أشد مِنْ أىّ حالِة حُزن كان فِيها الإِنسان على الأرض ، يكفِى إِحساسهُمْ أنّهُمْ أهانُوا الله ، يكفِى إِحساسهُمْ أنّهُمْ خانُوا الله ، وَلَمْ يكُنْ حُزن فقط وَلكِنّهُ بُكاء وَصرِير الأسنان ، وَصرِير الأسنان يعنِى زنّة مِنْ الداخِل خارجة مِنْ الأعماق ، فالنَّار ليست نار ماديَّة وَلِذلِك يجِب على الإِنسان أنْ يُقدِّم توبة مِنْ الآن ، فالّذى يقُول أأجِل وَأمامِى الوقت طويل فإِنّهُ يجِب أنْ يُقدِّم توبة الآن لِكى يكُون عِندهُ رصيِد لِمحبِّة ربِنا ،فالإِنسان ياأحِبّائِى عِندما يُصّمِمْ أنْ يخُون ربِنا كيف تكُون دينونتهُ ؟! كُلّ عمل نعملهُ ياأحِبّائِى ربِنا ناظِر إِليه ، وَكُلّ بِر نعملهُ ربِنا ناظِر إِليه ، وَكُلّ خطيَّة نفعلها ربِنا يراها لأنّ عينيهِ تخترِق كُلّ الأُمور وَربِنا يقُول لك وَلِذلِك أنا مُت لأجلك ، وَلازِلت أُقدِّم ذاتِى لأجلِك ، وَأىّ خطيَّة لاَ تُقدِّم عنها توبة لاَ تنتقِل لِلدم ، وَلَمْ يُقدِّم عنها موت ، فأموت أنا وَهذِهِ هى دينونتِى ،وَلِذلِك علينا أنْ نُسرِع لِلتوبة ، لأنّ بِالتأجيِل سيمتلىء القلب قساوة ، وَالّذى يُؤّجِل يزّوِد الدينُونة عليه ، وَيزّوِد غضب ربِنا عليه ، وَيزّوِد القساوة ، وَالّذى يُؤّجِل على حِساب الرحمة سوف لاَ تأتيه التوبة وَ لاَ الرحمة فهل معنى إِنِّى أُخطىء فِى أبونا مرّة وَأعتذِر لهُ ثُمّ أُخطىء وَأعتذِر أستمِر على ذلِك فهل هذا يليِق ؟! فإِنْ كان ربِنا رحيِم ، وَإِنْ كان ربِنا مُحِب ، فالمفرُوض أنْ نفهم جيِّداً رحمتهُ ، وَأنّ عِشرتنا معهُ تنمو ، وَتسبِيحنا يزِيد ، وَصلواتنا تكُونُ أكثر عُمقاً لِذلِك فِى القُدّاس نقُول [ وَظهورهِ الثانِى الآتِى مِنْ السَّموات المخُوف المملوء مجداً] ، فهُوَ الّذى سيأتِى وَيُعطِى كُلّ واحِد كنحو أعماله إِنْ كان خيراً وَإِنْ كان شرّاً ياليت الإِنسان لاَ يستهتِر وَ لاَ يُؤجِل ، وَالدينُونة تكُون أمامه فِى كُلّ لحظة ، فإِنْ لَمْ نتُب مِنْ أجل أنفُسنا فلنتُب مِنْ أجل الكنيسة ، وَإِنْ لَمْ نتُب مِنْ أجل أنفُسنا فلنتُب مِنْ أجل سلام العالم صدّقُونِى ياأحِبّائِى مُمكِنْ خطيَّة واحدة تجلِب غضب على الكنيسة وَ على العالم مُعلّمِنا بولس الرسُول عِندما وجد إِنسان خاطِىء قال [فَإِعزِلُوا الخبيِث مِنْ بينكُمْ ]( 1 كو 5 : 13 ) ، وَ لاَ تُكلّموه لِذلِك ياأحبّائِى ربِنا مُمكِنْ أنْ يُعطِى رحمة ولكِنْ بِسبب توبِتنا ، ربِنا يُعطِينا إِستعداد لِلدينُونة ، وَنكُون أمامه بِلاَ لوم ، وَيُعطِينا الجواب الحسن أمام المِنبر الرهيِب ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين0
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
02 سبتمبر 2024
الدينونية
بِتتعوّد الكنيسة يا أحِبّائِى وَ نحنُ فِى نهايِة عام قبطِى أنْ تقرأ لنا فصُول عَنْ نِهايِة العالم ،وَ عَنْ الدينُونة ، فالسنة مرّت وَ هذا إِنذار لنا أنّ هذا هُوَ نِهاية لِحياتنا ، وَ بِإِستمرار أخِر إِسبُوعين فِى السنة القِراءات تدُور حُول علامات المجىء الثانِى وَ إِستعلان مجيئه بِما أنّنا فِى نِهاية العام وَ الكنيسة تُرِيد أنْ تُكلّمنا عَنْ الدينُونة ، فأُرِيد أنْ نتكلّم اليوم عَنْ الدينوُنة يمكِن كثيرِين بِيهربوا مِنْ الكلام عَنْ الدينُونة لأنّهُ مُخِيف ، وَ لكِنْ لابُد أنْ ننتبِه إِليهِ ،وَ لابُد أنْ نعرِف أنّهُ تُوجد نِهاية ، وَ تُوجد مُجازاة للأشرار وَ مُكافأة لِلأبرار نقُول جُزء مِنْ سِفر الرؤيا إِصحاح 6 : 15 – 16[ وَ مُلُوكُ الأرضِ وَ العُظماءُ وَ الأغنِياءُ وَ الأُمراءُ وَ الأقوِياءُ وَ كُلُّ عبدٍ وَ كُلُّ حُرٍّ أخفوا أنفُسهُمْ فِي المغايِرِ وَ فِي صُخُورِ الجِبالِ وَ هُمْ يقُولُونَ لِلجِبالِ وَ الصُّخُورِ أسقُطِي علينا وَ أخفِينا عَنْ وجهِ الجالِس على العرشِ وَ عَنْ غضبِ الخرُوفِ ] فأكثر ناس بِنُعطِيهُمْ عظمة وَ كرامة فِى هذا الدهرِ يقُول عنهُمْ كانُوا بِيختبِأوا فِى صُخُور الجِبال مِنْ وجه الجالِس على العرش ، نحِب أنْ نأخُذ فِكرة بسيِطة عَنْ دينُونة يسُوعَ نأخُذ أولاً:-
1- مفهُوم الدينُونة :-
فهل أنت يارب ستأتِى لِتُدِين أولادك وَ تُدِين العالم ،وَ ستُفرِّق العالم إِلَى أبرار وَ أشرار ؟ وَ هل الصُورة التَّى تعّودنا عليها صُورة الحمل الهادِىء الّذى لاَ يصيِح ، الّذى[ قصبة مرضُوضةً لاَ يقصِفُ وَ فتيِلةً مُدخِّنةً لاَ يُطفِىءُ ] ( مت 12 : 20 ) فهل ستكُون بِنَفْسَ وداعتك أم ستأتِى غاضِب مُنتقِم ؟ فهل نستوعِب أنّ ربِنا تخرُج مِنْ فمِهِ كلِمات لعنة وَ يقُول إِبعدوا عنِى يا ملاعيِن ،فإِنْ كان ربّ المجد يسُوعَ قَدْ غفر لِصالِبيه حماقتهُمْ وَ قال[ يا أبتاهُ إِغفِر لهُمْ لأنّهُمْ لاَ يعلمون ماذا يفعلُون ] ( لو 23 : 34 ) ، فهل أنت يارب تسترِيح وَ مراحمك تسترِيح عِندما تقُول [ فحيِنئِذٍ لَمْ أعرِفكُمْ قط إِذهبوا عنِّى يا فاعِلِي الإِثْمِ] ( مت 7 : 23 ) ؟ هل أنت يارب ستكُون راضِى تماماً عَنْ دينُونتك ؟ وَ هل ستكُون أحشاءك مُسترِيحة وَ أنت سامِع صُراخ الخُطاه وَ بُكاءهُمْ ؟ فهُوَ ليس فقط بُكاء وَ لكِنْ صرِير الأسنان ففِى إِنجيِل يُوحنا إِصحاح 12 يقُول آية ذهبيَّة ،قال [ لأِنِّى لَمْ آتِ لأدِين العالم بل لأُخلِّص العالم ] ( يو 12 : 47 ) ، فأنت مُخلِّص وَ ليس ديَّان ، وَ لكِنْ بعدها قال [ مَنْ رذلنِى وَ لَمْ يقبل كلامِى فلهُ مَنْ يدِينُهُ ، الكلامُ الّذى تكلّمتُ بِهِ هُوَ يدِينُهُ فِى اليوم الأخيِر ] ( يو 12 : 48 ) كلامِى هُوَ الّذى سيُدِينه ، وصيَّة ربِنا هى التَّى ستُدِينه ، وَ لكِنْ هل فِى الدينُونة سنتذّكر أعمالنا ؟! فتُوجد ثلاث أُمور ستُذّكِرنِى بِأعمالِى :-
أ- الزمن سيُرفع .
ب- الجسد الضعِيف سنكُون قَدْ تخلّصنا مِنهُ ، وَ مِنْ سِمات الجسد الضعيِف هُوَ النِسيان ،فَلاَ يوجد زمن وَ لاَ يوجد نِسيان .
ج- سنكُون فِى حضرِة الله .
أ- الزمن سيُرفع :-
فهذا هُوَ الجو المُحِيط بِالدينُونة ،فأحداث عُمر الفرد ستكُون مُتواصِلة ،وَ كأنّها فِى لحظة واحدة ، فحياتِى كُلّها ستكُون أمامِى كُلّها فِى لحظة واحِدة ،وَ سأكُون فِى وعى كامِل ، فالوعى الّذى سيكُون عِندنا فِى الأبديَّة سيفُوق أىّ وعى نحنُ قَدْ مررنا بِهِ على الأرض وَ سأكُون فِى وعى كامِل لِكُلّ أحداث حياتِى ،وَ لِكُلّ سقطاتِى ،وَ لِكُلّ ضعفاتِى وَ سهواتِى ،وَ ستمُر فِى لحظة واحِدة ،وَ لِذلِك يقُول [ مُخيِف هُوَ الوقُوعُ فِي يديِ الله الحىِّ ]( عب 10 : 31 ) ، كم أنّ الحياة الماضية كُلّها ستكُون حاضِرة أمامِى الآن ، وَ فِى نُور وجُود الله سيكُون لها رؤية أُخرى تخيّل عِندما تتواجد ضعفاتِى فِى حضرِة الله ، فالشيء القبيِح لاَ يظهر عِندما يكُون فِى وسط شيء قبيِح ، وَ لكِنْ لو رميت قشرة لب فِى مكان نظيِف فإِنّهُ سيكُون شيء غرِيب ، فنحنُ خطيتنا أمام حق الله ستكُون أفظع وَ ستظهر قباحتها أكثر ممّا نتخيّلها 0
ب- لاَ يوجد نِسيان :-
مُمكِنْ أنْ نكُون الآن بِننسى ، فالنِسيان داخِل مِنْ خلال الزمن ، وَ لكِنْ فِى الأبديَّة سنكُون فِى يقظة شامِلة ، خالية مِنْ كُلّ سهو ، وَ ستُعرض علينا فِى لحظة واحِدة أمام نُور وَ حق الله ، كم أنّها يا أحِبّائِى ستكُون لحظة مُرعِبة ، كم أنّ نُوره عِندما يدخُل إِلَى كياننا ستكُون الخطيَّة خاطِئة جِدّاً ، وَ سيكُون فِى لُون مِنْ ألوان الخِزى وَ لِذلِك لاَ تتعّجب مِنْ الملُوك وَ الأُمراء عِندما يقُولُوا[ لِلجبال وَ الصُخُور أسقُطِى علينا وَ أخفِينا عَنْ وجه الجالِس على العرش وَ عَنْ غضب الخرُوف] ( رؤ 6 : 16 ) ، غير قادِر أنْ ينظُر ، غير قادِر أنْ يحتمِل نُور حق ربِنا ، فِى حِين هُوَ عايِش فِى ظُلمة ، فماذا سيفعل معنا ربنا يسُوعَ ؟! وَ لِمَنَ ستكُون الدينُونة ؟! فيوم ظهُوره نقُول عنهُ فِى القُدّاس [ وَ ظهُوره الثانِى الآتِى مِنْ السَّموات المخُوف المملوء مجداً ] 0
ج- سنكُون فِى حضرِة الله :-
السيِّد المسيِح هُوَ الوحيِد المُستحِق أنْ يُدِين لأنّهُ هُوَ القداسة الفائِقة ، هُوَ النُور الحقيقِى ، لأنّهُ أخذ جسدنا وَ شاركنا فِى اللحم وَ الدم ، هُوَ سيُدِين الطبع البشرِى ، وَ لِذلِك أعطى حق الدينُونة للإِبن ، فأعماله وَ قداسته تشهد لهُ فالحق الّذى فِى ربِنا يسُوعَ يكفِى أنْ يُعطيهِ الحق بأنْ يُدِيننِى بِدُون أنْ أعترِض ،بل بِالعكس أخضع لِدينونتهُ جِدّاً لأنّهُ هُوَ الّذى غلب الموت وَ دان الخطيَّة ، فعِندما أكُون أنا إِنسان مُحِب لِذاتِى وَ مُحِب لِشهواتِى مُجرّد أنْ أقِف أمامه أشعُر بِالدينُونة ، لأنّهُ هُوَ القداسة الكامِلة ، وَ هُوَ الحق وَ هُوَ الحياة وَ هُوَ النُور ، لأنّ ما مِنْ موقِف أقع فِيه إِلاّ وَ هُوَ غلبهُ ،وَ يقُول لك لِماذا ؟ فأنا غلبت ، أنا أخذت نَفْسَ جسدك فلِماذا تُغلب ؟!
وَ لِذلِك كم أنّ ظهُوره سيكُون مُخيِف ،وَ سيحدُث أمرين :-
الأبرار:- سيمتلِئوا فرحاً وَ تهليلاً ، وَ ستكُون الدُنيا لَمْ تسعهُمْ ، ففرحِة العرُوس بِعريسها لاَ تُقاس بِفرحِة الأبرار بِالمسيِح ، إِنَّها فرحة لاَ يُعبّر عنها 0
وَ لِلأشرار:- ستكُون رُعب ، وَ ستكُون كارثة ، وَ هُمْ سوف لاَ يستطيِعُوا أنْ ينظُرُوا إِليهِ ، وَ لِذلِك يقُولُوا [ لِلجبال أسقُطِى علينا وَ لِلآكام غطّيِنا ] 0
وَ لِذلِك وَ هُمْ كانُوا يعيِشُون فِى دنس وَ يعيِشُون لِلعالم ، عِندما ينظُروه هُوَ الفائِق القداسة فإِنّهُ سيُدِين نجاستهُمْ وَ سيرتعبُوا ، مِثل النتيِجة لِلتلميِذ البليِد فإِنّهُ يكُون يوم حزِين وَ كآبة ، وَ لكِنْ لِلمُجتهِد يكُون يوم تتوِيج ، يوم فرح وَ مسرّة وَ لِذلِك تتذّكرُوا القِصَّة التَّى فِى لوقا 8 وَ هى قِصَّة الشخص الّذى كان عليهِ شيَّاطيِن كثيرة ، وَ كانت تُرِيد أنْ تخرُج مِنهُ ، وَ قالُوا له أمُرنا أنْ ندخُل فِى قطيِع الخنازِير ، فالشيَّاطِين غير قادِرة على أنْ تتقابل مَعْ قداستِهِ ، الإِنسان الّذى يعيِش فِى الشرّ سوف لاَ يحتمِل أنْ ينظُر ربنا يسُوعَ فنحنُ كُلُنا فِى إِشتياق لِهذِهِ اللحظة بأنْ نراه ، الكنيسة مُتوّقِعة أنْ تراه ، الكنيسة كُلّها مُترّقِبة أنْ تراه ، الكنيسة مُشتاقة أنْ تراه ، وَ لكِنْ الأشرار0لاَ0فسوف لاَ يحتمِلُوا أنْ يروه وَ لِذلِك الإِنسان عِندما يعيِش فِى القداسة سيكُون يوم مجىء ربنا يسُوعَ يوم بهجة ،وَ لِذلِك كُلّ مجد ربِنا يسُوعَ هُوَ للأبرار ، الكُلّ سيراه ، حتَّى الّذين طعنوه سيروه ، فالّذى طعنهُ هُوَ واحِد فقط وَ لكِنْ هُنا يقُول الّذين طعنوه فإِنّ كُلّ خطيَّة هى طعنة لِربّ المجد يسُوعَ ، وَ فِى وقتها سنتذّكر كلامه ، وَ سنتذّكر لُطفه ، وَ سنتذّكر حنان ربنا يسُوعَ ، وَ سيشمل البار ، وَ لكِنْ الخاطىء ستكُون حنان ربِنا يسُوعَ وَ لُطفه نار عليه وَ لَمْ يستطع أنْ يحتمِلهُ [ شدّة وَ ضيِق وَ غضب على الّذين فعلُوا الخطيَّة ] ، وَ لكِنْ للّذين فعلُوا البِر[ مجد وَ كرامة وَ سلام 00] ( رو 2 : 10 ) رؤية ربنا يسُوعَ ستجعل ناس فِى ضيِق ، وَ ستجعل ناس أُخرى تكُون فِى محّبتِهِ ،وَ لِذلِك الكنيسة تقُول لهُ " كيرياليسُون 00يارب إِرحم " ، وَ لِذلِك فالإِنسان الّذى يعيِش فِى البِر رؤية ربنا يسُوعَ ستكُون بِالنسبة لهُ فرحة وَ مُكافأة ، وَ لِذلِك النَّاس الّذين يعيِشُون فِى الشرّ يطلبُون الموت وَ هُمْ فِى حضرِة الحياة ، وَ الحياة هُوَ ربّ المجد يسُوعَ ، فهُوَ يوم مُرعِب لِلخاطِىء وَ يوم مُبهِج لِلبار فِى سِفر يُوئِيل يتكلّم فِى إِصحاحين عَنْ يوم الرّبّ ، وَ كم أنّهُ يوم ظلام وَ قِتام لِلأشرار ، وَ يوم مُفرِح لِلأبرار ، فالإِنسان الّذى يعيِش فِى القداسة سيكُون مُكافأة لهُ ، وَ كم يكُون فِى تأمُل فِى حضرِة الله ، وَ كم تكُون سعادِة الإِنسان عَنْ كُلّ أتعابه الماضية فيكفِى فقط أنْ يراه ، أجمل مُكافأة هى أنّنا نكُون معهُ وَ نراه وَ نُعايِن وجههُ ، وَ نرى إِستعلان مجده وَ نفهم أسراره 0
وَ لكِنْ ما هى الأُمور التَّى ستُدِيننا ؟
1- الوصيَّة :-
وصيَّة ربِنا يسُوعَ ستدُيننا كسيف ذو حدين ، ستُدِيننا بِحزمٍ فائِق لاَ نتخيّله أبداً وَ لاَ نتّوقعه أبداً الوصيَّة التَّى تأخُذ شكل التحايُل وَ التَّى بِتتودّد إِلينا ، فِى يوم الدينُونة ستأخُذ شكل القاضِى ، فالوصيَّة التَّى تقُول لك يا حبيبِى أرجُوك صلِّى ، وَ التَّى تقُول لك لو سمحت إِعطِى العشُور فِى يوم الدينُونة ستجِد الوصيَّة مكتوبة بِأحرُف مِنْ نور وَ تُدِين الإِنسان الّذى كان لاَ يفعلها فأنا مُمكِنْ أنْ أعرِف الحُكم الّذى علىَّ قبل أنْ يصدُر ، لأنّ نص القانُون يقُول كذه وَ يُدِين الإِنسان ، الحق الّذى فِى الوصيَّة يا أحِبَّائِى سيقِف فِى صُورة مُرعِبة وَ حازِمة وَ بِخاصةً للإِنسان الّذى يُحِب العالم وَ الإِنسان الّذى كان مُتهاوِن فِى الصلاة ، وَ سيقُول لهُ الله أنا قُلت لك[ وَاظِبُوا على الصَّلوةِ ساهِرِينَ] ( كو 4 : 2 ) ،وَ كُلّ إِنسان كان لاَ يعيِش بِالمحبَّة سيقُول لهُ أنا قُلت [ أحِبُّوا أعداءكُمْ ] ( لو 6 : 27 ) ، وَ كُلّ إِنسان كان يُحِب العالم يقُول لهُ أنا قُلت [ لاَ تُحِبُّوا العالم وَ لاَ الأشياء التَّى فِى العالم ] ( 1 يو 2 : 15 ) الوصيَّة ستأخُذ صُورة القاضِى الحازِم ، وَ ستكُون فِى شكل جدِيد ، فهذا حق ربِنا ،وَ ستلبِس الوصيَّة صُورة القضاء ، وَ هى سوف لاَ تُدِيننا فقط على أنّنا كسرناها وَ لكِنْ أيضاً على كم مرّة تحايلت علينا أحد القديسيِن يقُول[ ستأتِى الوصيَّة وَ تُطالِبنا بِثمن توّسُلاتِها السابِقة ] ، كثيراً ما قدّمت الوصيَّة توّسُلات ، وَ آباء الإِعتراف شِبه بِتتوّسل ، وَ يقُولُوا لك يا إِبنِى صلِّى يا إِبنِى إِعطِى إِعطِى ربِنا حقوقه ، وَ لِذلِك الحق الّذى كُنّا نُقدّمه فِى صُورة توّسُلات سيأتِى فِى شكلٍ جدِيد ، سيأتِى بِقوّة جبّارة ، فِى صُورة فائِقة 0
2- منظر ربِنا يسُوعَ المصلُوب :-
حق جِراحاته ستكُون فِى حد ذاتها ستُدِين الأشرار ، فِى سِفر الرؤيا يقُول عنهُ أنّهُ[خرُوفٌ قائِمٌ كأنّهُ مذبُوحٌ ] ( رؤ 5 : 6 ) ، لِكى تكُون جِراحاته شاهِد عَنْ حُبّه الّذى لاَ يُعبّر عنهُ ، وَ عَنْ غُفران للّذى يُرِيد أنْ يتوب ، وَ عَنْ الدينُونة للّذى لاَ يُرِيد أنْ يتوب ، فيقُول لك لِماذا أنت مُصّمِمْ على الخطيَّة وَ أنا قدّمت لك كُلّ هذا الحُب ، ففِى ناس بِتستهيِن بِدم الله ، وَ لِذلِك البِر الّذى نحنُ مدعُويِن أنْ نعِيشه هُوَ بِر بِحسب قلب الله منظر ربِنا يسُوعَ وَ إِكليِل الشُوك وَ جرح جنبه وَ جرح رجليه وَ جرح يديه سيكُون منظر فظيِع لِلأشرار ، فالّذى كان يفعل الخطيَّة كأنّهُ يُعيِد موته مرّة أُخرى ، لأنّ الخطيَّة هى مُوت ، وَ هُوَ مات مِنْ أجلِنا 0
3- الأبرار وَ الأنبياء وَ الشُهداء وَ القديسيِن سيُوقِفهُمْ عَنْ يمينه مِنْ أجل دينونتنا :-
حتَّى يقُول لك فها هُمْ مِنْ كُلّ النوعيات ، الشيُوخ وَ السيِّدات وَ المُتزّوجيِن وَ غير المُتزّوجيِن وَ العذارى وَ البتوليين ، ناس أُمراء ، ناس رُتب مِنْ كُلّ الطبائِع سيُوقِفهُمْ عَنْ يمينه ، لأنّ مُمكِن واحِد يقُول لهُ أنا كُنت دكتور وَ كُنت مشغُول جِدّاً فإِنّهُ سيقُول لهُ أُنظُر فهذا فُلان كان أيضاً دكتور ، فهُوَ سيُدِيننا بِأنفُسنا وَ سيأتِى الأبرار وَ هُمْ النَّاس الناجحة كإِعلان عَنْ صِدق مواعِيده ، وَ أنّ الوصيَّة ليست مُستحيِلة ، وَ أنّ الوصيَّة مُمكِنْ أنْ تكُون مُعاشة بِالجسد ، وَ لِذلِك سيوقِف الأبرار بِجانِبِهِ وَ يُدِينُوا العالم فكُلّ وصيَّة نعيشها يُكافِئنا عنها ، وَ كأنّ ربنا يُرِيد أنْ يقُول لك أنا أُرِيد أنْ تكُون واحِد مِنَ الّذين سأُدِين بِهُمْ العالم الأبرار يا أحِبَّائِى الدينُونة سوف لاَ تُرعِبهُمْ وَ لاَ تُخِيفهُمْ ، وَ الخُطاه سوف لاَ يجِدوا راحة إِلاّ فِى بُكاءهُمْ وَ صرِير أسنانهُمْ ، كم أنّ الخطيَّة مُتعِبة لِدرجِة أنّهُ يقُول لك أنّهُمْ لاَ يرتاحُون إِلاّ فِى الظُلمة ، فهُمْ لاَ يُحِبُّوا أنْ يروا الأبرار ، ياه عقُوبة صعبة وَ لكِنْ هُمْ الّذين حكموا على أنفُسهُمْ ، وَ سوف لاَ يحتمِلُوا أنْ يكُونوا فِى حضرِة ربِنا ، فالعذاب أهون لنا مِنْ أنْ نجلِس أمامك وَ لِذلِك الإِنسان المُنشغِل بِالحياة وَ بِهمومها لابُد أنْ يُفكِّر فِى الدينُونة ،لأنّهُ [ الحُكمْ هُوَ بِلاَ رحمةٍ لِمَنْ لَمْ يعملْ رَحمَةً00] ( يع 2 : 13 ) ، الكنيسة بِتضع لنا الدينُونة كُلّ يوم فِى صلاة النُوم [ هوذا أنا عتيِد أنْ أقِف أمام الديَّان العادِل ] ، فأهم شيء هُوَ أنّ الإِنسان يتُوب فالدينُونة الآن وَ المجِىء الثانِى هُوَ الآن وَ العِقاب هُوَ الآن ، فالإِنسان لابُد أنْ يستعد لِلأبديَّة يا أحِبَّائِى ، لأنّهُ سيكُون يوم مُبهِج لنا إِنْ عِشنا فِى البِر وَ سيكُون يوم مُفزِع لو عِشنا فِى الشرّ ربِنا يجعلنا نكُون مِنْ القطيِع الّذى عَنْ يمينه لِكى نفرح بِلِقاءه ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَ لإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين0
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
01 سبتمبر 2024
علامات مجئ ربنا يسوع المسيح
تتعّود الكنيسة يا أحبائى فى ختام سنة قبطية أن تُكلّمنا عن مجىء ربنا يسوع الثانى اليوم هو أخر أحد فى السنة والكنيسة تتعّود فى نهاية السنة وبداية سنة جديدة أن تكلّمنا عن نهاية العالم والكنيسة بتعمل ترتيب وتنظيم لأيام حياتنا لدرجة انها تعمل لنا دورات فى حياتنا لتُذكّرنا بالخلاص ففى كل يوم وكل أسبوع تعمل لنا دورات للخلاص وفى كل مناسبة وكل سنة أيضاً ففى كل يوم نتذكر قيامة ربنا يسوع ونتذكّر موته على الصليب ودفنه والدينونة ومجيئه الثانى ففى اليوم الواحد بنعيش تذكار حياة ربنا يسوع وفى الأسبوع يوم الأربعاء نتذكّر المحاكمة وفى الجمعة نعيش تذكار موته الكنيسة بتتأكد من دخولنا لأعماق الإنجيل من خلال الممارسات البسيطة ففى القداس ربنا يسوع يقدّم لنا نفسه كخبز مكسور وكدم مسفوك وفى نهاية القداس أبونا يرش الماء كتذكار صعود ربنا يسوع فكل أحداث الخلاص الكنيسة بتضعها أمامنا لكى نعيشها حية جديدة الكنيسة تريد أنّ هذا الأسبوع لا يمر إلاّ وأن نتذكّر نهاية العالم ولذلك المزمور يقول " لك السماوات لك أيضاً الأرض المسكونة وملؤها أنت أسستها " إنظروا كم جيل مر وكم سنة مرت فكلمة " سنوك " جمع سنة فيقول له " فمن جيل إلى جيل أنت أسست الأرض "يريد أن يقول له يارب كل شىء يمكن أن يبُاد ولكن أنت تبقى فكم سنة أنت أعطيتها لنا ؟!! فالكنيسة تريدنا أن نستقبل السنة بروح جديدة وبفكر جديد وهذا الفكر هو حقيقة مجىء ربنا يسوع وأن يكون لنا الإحساس أنّ الرب آتٍ وأنّ مجيئه على البواب وأنّه توجد دينونة بنعمة ربنا أريد أن أتكلّم معكم فى ثلاث نقط :-
1- حقيقة مجىء ربنا يسوع المسيح
لابد أن نؤمن أنّه يوجد مجىء ثان لربنا يسوع لأنّه كان يوجد مجىء أول وهو مجىء التجسّد وهو تجسّد فى ملء الزمان والمجىء الثانى هو مجىء الدينونة الله الذى سيأتى ويظهر فيه ويدين المسكونة بالعدل ويدين كل واحد كنحو أعماله وربنا يسوع كان يؤكد لنا فى تعاليمه بإستمرار على مجيئه الثانى وكان يتكلّم عن مجيئه ويقول إنتبه أنت تعيش فى فترة مؤقتّةوأنا سآتى ولذلك قال لهم مثل الكرّامين فيريد أن يقول أنا سآتى أحاسبك فماذا فعلت فى الكرم الذى أعطيته لك ؟
فبولس الرسول يقول " وأنتم متوقعون إستعلان مجيئه " فهو يتكلّم وكأّن مجيئة أمام عينيه الأن نحن ننتظر مخلّصاً فهو جالس ومنتظر ربنا يسوع يأتى فى أى لحظة وبطرس الرسول فى الكاثوليكون اليوم يقول " منتظرين وطالبين سرعة مجيئة " نريده أن يأتى بسرعة وأخر آية فى الكتاب المقدس فى سفر الرؤيا تقول" والروح والعروس يقولان تعال " فلم يجد آية يختم بها الإنجيل إلاّ " تعال " الكنيسة تؤمن أننا الأن ونحن فى الكنيسة متوقعين مجيئة والكتاب يقول " هوذا يأتى على السحاب وتنوح عليه كل قبائل الأرض " فعندما يأتى إبن الإنسان " هل سيجد الإيمان على الأرض " فهو يؤكّد أنّه سيأتى نحن فى فترة إنتظاروفى فترة توقّع لمجىء ربنا يسوع فلا ننساها أبداً لأنها هى ركيزة تجعلنا نحافظ على حياتنا ونعيش فى البر فحقيقة أنّه سيأتى ويجازى هى حقيقة موجودة فى الكتاب المقدس " لأنّ الرب نفسه بهُتاف بصوت رئيس الملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والأموات فى المسيح سيقومون أولاً سنُخطف فى السحب لملاقاه الرب فى الهواء " ، سيبصروا إبن الإنسان آتٍ على السحاب فالمفروض أن نتوقع مجيئه ولكن هو أبتدأ يعطى علامات لمجيئه لدرجه أنّه عندما كان يكلّم تلاميذه عن المجىء كانوا يمتلأون حيوة فأعطاهم كلمات فيها شىء من التدقيق وفيها شىء من الوضوح والغموض رب المجد يسوع لا يريد أن يضع تحديد دقيق للمجىء وأى إنسان يا أحبائى يتكلّم عن المجىء بأوقات مُحددّة إعلموا أنّ هذا ليس من المسيح رب المجد يسوع نفسه قال " إنّ ملكوت الله لا يأتى بمراقبة " فليس لأنّه حدثت مجاعة أو حدثت حروب فإنّه سيأتى فالملكوت لا يأتى بمراقبة فهو حب أن يُخفى هذه الساعة لكى تكون حياتنا كلها توقّع لظهوره حتى لا ألهو وأمرح إلى أن يأتى فهو قصد أن يكون مجيئة غير معلوم الوقت لأنّ التحديد سيتنافى مع قصد الله ويتنافى مع قصد عمل التوبة وسيكون فيه دعوة للإستهتار والتكاسل والتهاون والناس ستنغمس فى إرتباطات العالم لذلك نحن علينا ألاّ نتزعزع ولا نأخذ بالتحديدات فأنا قرأت كتاب لشخص كان يتكلّم بمنتهى القوة وبمنتهى الثقة وكان يحدّد المجىء أنّه سنة 94م وقد مرّت هذه السنة ولم يحدث شىء ومرة كان التحديد فى سنة 97م وواحد قال إن الأصح سنة 2000م ، وسنة 2000 مرّت فسنجلس نحسب حسابات ونتوه ويضيع منّا الهدف فالعلامات كلها أمامنا وبتتحقق فنحن علينا أن نتوقّع إستعلان مجيئة.
2- علامات مجيئه
فالعلامات لا يوجد فيها شىء جديد علينا0ولقد عاشها الأجيال السابقين ولكن ممكن أنها بتتضح أكثر فمن هذه العلامات :-
أ- إضطهاد المؤمنين
وهو موجود منذ زمن بعيد ولا يوجد عصر إلاّ وكانت فيه الكنيسة مُتأّلمة فمنذ عصر الرسل وكانت الكنيسة مُتألّمة كما قال لنا ربنا يسوع " ستكونون مُبغضين من الجميع من أجل إسمى".
ب- قيام مُسحاء كذبة
كثيراً ما نسمع عن ناس تتكلّم عن إسم المسيح ويجعلونا نتيه عن المسيح ما أكثر الطوائف التى تكلّمنى عن المسيح ولا تثبتنّى فى الأسرارفهم مُسحاء كذبة فالذين يجعلونى أتوه عن المغفرة والتوبة وإن الخلاص حدث فى لحظة فهم مُسحاء كذبة ويضلونى عن الجهاد ويقولوا بالإيمان خلُصت فالطريق السليم هو طريق الذبيحة وطريق الإتحاد بالجسد والدم وطريق الإتحاد بالقديسين والكنيسة وهم يوجد بينهم ناس ممكن أن يصنعوا آيات وعجائب فالكنيسة تعيش فى صراع عنيف ورب المجد يسوع أنذر وبينذر منهم فما أكثر الحروب والإضطرابات والقلاقل فى العالم فلا يوجد مكان فى العالم مستقرفالدنيا متقلّبة جداً ويوجد فيها تغيرات سريعة وعنيفة فكل العلامات موجودة فتوجد علامات فى الشمس وعلامات فى القمروتوجد تغييرات فى طبقات الجو العُليا وفى الغُلاف الجوى فى الحقيقة إنّ رب المجد يسوع قد تكلّم عن هذه الأمور كعلامات لمجيئه ومن العلامات التى نحب أن نقف عندها هى :-
ج- الإرتداد:-
فهو ليس فقط المقصود به الناس التى تترك المسيح ولكن توجد ناس مع المسيح ولكن ليست مع المسيح فهم بالشكل مع المسيح ولكن بالجوهر ليسوا مع المسيح فعندما يرتّد إنسان ممكن نبكى ونتألم على شىء كهذا ولكن يوجد ناس كثيرين فى الكنيسة ولكن تاركين المسيح فالإرتداد يزيد عندما يعيش الإنسان فى الملاهى بعيداً عن وصية الله وقد يبدو أنّ الناس فى العصر الحديث قد وجدوا أنّ الحياة مع الله هى من الموضة القديمة التى يجب أن يتحرر منها الإنسان فالإرتداد هو بالقلب فيوجد أعداد رهيبة من المسيحيين ولكن كم منهم لو وقع فى إختبار فى المحبة ولبذله ولعطاه سينجح فممكن أن نكون موجودين فى الكنيسة ولكن مرتّدين عن المسيح تخيلّوا أنّ الغرب كله وأمريكا عندما يحتفلوا بالأعياد ومناسبة الكريسمس يكون فيها مظاهر للإحتفال عجيبة ويكون فيها أمور كثيرة جداً جداً ولكن تتعجبّوا أنّ فى كل هذا لا يُذكر إسم يسوع ولا يتذكّروا نعمة ربنا ولا محبة ربنا ولا بذل ربنا وقد حولّوه إلى مناسبة إجتماعية وكأنّه كعيد الثورة تخيلّوا ياأحبائى مشاعر ربنا كيف تكون عندما يكون العيد بإسمه وهو ذكرى لتجسّده ولا يُذكر إسمه فإحذر من أن تكون مع المسيح بالشكل ومرتدّ عنّه إحذر من أن تكون مع المسيح بالشكل فقط والعلامة الثانية الخطيرة هى :-
د- تفتُر محبة الكثيرين
فكلّما تكثُر الخطايا تبرُد محبتنا لربنا فعندما يهين واحد أنسان كثيراً فإنّه تفتُر المحبة بينهم وعندما يشعر الإنسان الذى يهين صديقه أنّ هذا شىء لا يوجد فيه خطأ وأنّه شىء عادى فإنّ ذلك يجرح شعور صديقه فما أكثر الناس التى تخطأ وتشعر أنّ ذلك ليس خطأ فتتعّود الآثام ويشربون الإثم كالماء فسبب كثرة الإثم تبرُد محبة الكثيرين فستبرُد المحبة بيننا وبين بعض وستبرُد المحبة بيننا وبين ربنا فكل إنسان يفكر فى نفسه ولذلك نجد تفكك العائلات وبذلك سنعيش فى جيل ليس فيه حنو ولا مراحم وذلك بسبب كثرة الإثم فما الذى يجعل الإنسان غير قادر على أن يقف وقفة صلاة ؟! كثرة الإثم وما الذى يجعله غير قادر أن يتوب ؟! كثرة الإثم وذلك لأنّ الخطية هى السائدة عليه فربنا يريد أن يقول لك إنتبه لئلاّ تكون كثرة الإثم جعلت محبتك تضعف وتكون عايش معه بالشكل فقط.
3- الإستعداد
فالعلامات كلها تتحقق فماذا نحن ننتظر ؟! فلابد أن نستعد الأن وكأنّه سيأتى الأن فالقديسة سارة تقول : " أننى أضع رجلى على السلّم لأصعد فأتصّور الموت قُدّامى قبل أن أنقل الرجل الثانية " فهى فى كل لحظة بتنظر مجىء الرب وواحد من الأباء يقول أنّه فى كل يوم ينظر للسرير ويقول له أنت ممكن أن تكون كمرقد لى فإن كنت أنت لا تعرف الوقت فربما المسيح يأتى لىّ الأن ولذلك يقول لنا : " طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين " ولذلك من الأمور التى تحاول الكنيسة أنّ أولادها يتقنوها هو السهر فليس فقط يعيشوها ولكن يتقنوها فإقضى ساعة وإثنين وثلاثة فى الصلاة " فى الليالى إرفعوا أيديكم إلى القُدس وباركوا الرب " حولّوا الليل إلى نور وليس إلى ظلام فالآباء فى برية مصر وصلوا الليل بالنهارولم يكن عندهم نوم ولم يكن عندهم ظلمة فكل يوم هو مجىء لربنا يسوع فأستعد بالتوبة وأكف عن خطاياى وأراجع نفسى فربنا ممكن أن يأتى ويجدنى غير مستعد فأهلك ربنا لا يسمح بذلك فلا نكون مصممين على الخطية ونقدّم توبة حقيقية وأقول له يارب إنت سامحنى يارب إنت إرحمنى فبولس الرسول فى رسالته لأهل رومية يقول آية جبّارة : " إنها الآن ساعة لنستيقظ "( إنها الآن ) فهذه الآية هى التى غيّرت القديس أوغسطينوس وزلزلت قلبه " قد تناهى الليل وتقارب النهار " فالظلمة قد إنتهت فإحذر أن يكون المجتمع قد فرض عليك الشر وأنت مصمم أن تعيش فيه فلابد أن تكُف عن هذا الشر فالمجىء ممكن أن يأتى الآن ونحن كأباء كهنة بإستمرار نسمع عن حالات وفاة ولم تكن هذه الساعة متوقعّة أبداً أبداً ونقف نقول له يارب لا تأخذنى فى غفلة وأنا ساهى عن نفسى " لأنّ العمُر المنُقضى فى الملاهى يستوجب الدينونة " فالكنيسة تعلّمنا أنّ كل يوم هو أخر يوم فى حياتنا وكل يوم لىّ هو يوم الدينونة بالنسبة لىّ ولذلك فى صلاة نصف الليل نقول " هوذا الختن يأتى فى نصف الليل طوبى للعبد الذى تجده مستيقظاً " فهل أنا سأكون سهران أم سأكون سهران أمام التليفزيون والوقت يمر منّا فى حين أنّه وقت كان لكى أكون سهران فيه فلابد أن أعيش يقظة فى الذهن ويقظة فى القلب ويقظة فى الضمير فالشماس تيموثاوس كان متزوج من 15 يوم وكان المسيحيون فى وقتها يصلّون فى البيوت لأنّ الكنائس قد هُدمت ولأنّ المضطهدين لا يعلمون البيت الذى يصلّون فيه فإبتدأوا يفكّروا بفكرة من الشيطان بأنهم يأخذوا كتب القراءة وعدّة المذبح حتى يمنعوهم من الصلاة والشماس تيموثاوس كان معه الكتب والأوانى فقبضوا عليه ورفض أن يعطيهم الكتب والأوانى فعذّبوه ولكن لم يتأثر بذلك فوجدوا أنّ أفضل وسيلة للتأثير عليه هى أن يأتوا بعروسته و تتزّين وتقول له نحن مازلنا صغار ولابد أن نتمتع بشبابنا وفعلاً أتت إليه وقالت له ذلك فنظر إليها وإنتهرها وجعلها تفيق بكلمتين منه فوجدوها هى أيضاً مُصممة على نفس الفعل فعذّبوهم الأثنين فوجدها تيموثاوس بتغفل من كثرة التعب فكان يقول لها إصحى لئلاّ يأتى ويجدنا فى غفلة ونيام وقد كان من شعارات الكنيسة عندما بسلّم الناس على بعضهم يقولوا " ماران آثا " أى " الرب قريب "الكنيسة ياأحبائى تتوقع مجىء الرب فى كل لحظة0الرب قريب من نفوسنا ومن حياتنا وربما يأتى الآن فسيأتى الصوت " يا غبى الذى أعددته لمن يكون اليوم تُاخذ روحك منك "المسيح آتٍ وسيجازى كل واحد بحسب أعماله فهو سيأتى وسيدين نحن نفوسنا مُشتاقة لمجيئك نحن نفوسنا كلّت من الخطايا فالموت هو ربح وربنا يسند كل ضعف فينا ولإلهنا المجد دائماً أبدياً أمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد