المقالات

25 يوليو 2018

مجالات الخدمة

إننا لو أحببنا النفوس المحتاجة فى كل مكان ، ما تنافسنا مطلقاً على خدمة . فالميادين واسعة . والخدمة بذل وليست تنافساً الذى يتنافس فى الخدمة ، إنما تهمه ذاته وليس الخدمة . فإن كانت الخدمة تشغل كل قلبه ، فإنه يعمل على نجاحها بأية الطرق ، وعلى يد أى شخص غيره . فالمهم هو نجاح الخدمة والذى يحب الخدمة ، لايشكو إن ثقلت أعباؤها عليه بل هو على العكس يفرح بنمو الخدمة ، ويجد لذة فى أن يحمل أثقال الناس ، كما حمل المسيح أثقال العالم كله . ولذلك فإن هذا الخادم لايرفض أية خدمة تعرض عليه ، ولا يفضل خدمة على أخرى ، فيقبل هذه ويرفض تلك لأن هنا يبدو المزاج الخاص ، وليس الإهتمام بإحتياج الآخرين إن الخدمة تتسع للجميع . كل من يريد ، يجد مجالأ ما أجمل أن نجد مجالاً فى الخدمة للأشخاص الفاضلين الذين ‍" يحالون إلى المعاش " مستفيدين من وقت الفراغ الذى لهم ، ومن وقار السن ، ومن خبرة الحياة ، ومن مواهبهم ومقدراتهم المتعددة . كما أن الخدمة تعطيهم حيوية و نشاطاً ، و تشعرهم بأن رسالتهم في الحياة لم تنته ، و أن الكنيسة و المجتمع لا يستغنيان عنهم . فالخدمة تستفيد منهم ، و هم أيضاً يستفيدون منها كذلك توجد مجالات واسعة لخدمة النساء في الكنيسة سواء في مدارس الأحد ، أو الخدمة الإجتماعية ، أو الإشراف علي نظافة الكنيسة ، و علي تنظيم النساء فيها و المرأة يمكن أن تكرس للخدمة ، و تعمل عمل الشمامسة . و في هذا المجال يمكن أن تشرف علي خدمات معينة ، مثل دور الحضانة ،و خدمة المشاغل ، و ترتيب النساء في التناول ، و أثناء المعمودية . كما تخدم في إفتقاد العائلات ، و في زيارة المرضي ، و في مجال العزاء ، و في الإشراف علي بيوت الطالبات ، و علي بيوت المغتربات حقاً كما قال الرب : في بيت أبي منازل كثيرة ليس فقط في البدية ، و إنما علي الأرض أيضاً ، يوجد منازل و منزلة لكل أحد في بيت الله مميزات الخدمة الروحية :- 1-حرارة الخدمة و إلتهابها :- إنها الخدمة الباذلة التي لا تقف عند حد مثلها قول الرسول " إذ الضرورة موضوعة علي ، فويل لي إن كنت لا أبشر أستعبدت نفسي للجميع ، لأربح الكثيرين صرت للضعفاء كضعيف ، لأربح الضعفاء . صرت للكل كل شئ ، لأخلص علي كل حال قوماً (1كو 9 : 16 – 22 ) . 2- الإفتقاد في الخدمة :- اَباؤنا الرسل لم يؤسسوا خدمات و يتركوها بلا متابعة . بل علي العكس ، كانوا يتابعون خدمتهم و يفتقدونها بشتى الوسائل : بالرسائل ، بتلاميذ من قبلهم ، كما كان بولس يوسل تيطس أو تيموثاوس ، و كثيراً ما كانوا يفتقدونهم بزيارات خاصة ، كما قال القديس بولس عبارته المملوءة محبة " لنرجع و نفتقد أخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب كيف هم " ( أع 15 : 36 ) . 3- خدمة مملوءة بالروح القدس :- و ما أجمل قول الكتاب في ذلك " و بقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع . و نعمة عظيمة كانت علي جميعهم " ( أع 4 : 33 ) . من طبيعة الخدمة الروحية أنها قوية ، لأنها بالروح و لأن كلمة الرب " حية و فعالة ، و أمضي من كل سيف ذي حدين " ( عب 4 : 12 ) . و لذلك فإنها " لا تلاجع فارغة ، بل تعمل كل ما يسر الرب به ، و تنجح فيما يرسلها له (أش55 : 11 ) . 4- خدمة مملوءة حباً :- السيد المسيح " أحب خاصته حتي المنتهي " ( يو 13 ك 1 ) . و بنفس الحب خدمة الرسل . فلم تكن مجرد خدمة رسمية مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحى
المزيد
04 يوليو 2018

الخدمة أهميتها – مجالاتها - فاعليتها

الخدمة :- تحدث القديس بولس الرسول عن المواهب المتنوعة " كما قسم الله لكل واحد مقداراً من الإيمان " " بحسب النعمة المعطاة لنا " ، فقال " أنبوة فبالنسبة إلي الإيمان . أم خدمة . أم المعلم ففي التعليم . أم الواعظ ففي الوعظ . المعطي فبسخاء المدبر فباجتهاد " ( رو 12 ك3-8 ) و هكذا جعل الخدمة في مقدمة هذه المواهب المتنوعة ، لكي يرينا بهذا أهميتها ربنا يسوع المسيح نفسه ، قال عن ذاته " إن إبن الإنسان لم يأت ليخدم ، و يبذل نفسه فدية عن كثيرين " ( مر 10 : 45 ) . فإن كان السيد المسيح قد جاء ليخدم ، فماذا نقول نحن ، و أية كرامة تكون للخدمة إذن ؟ إن كان السيد المسيح أخذ شكل العبدليخدم البشرية ، فماذا يفعل البشر ؟ و كما جاء المسيح ليخدم ، هكذا رسله ايضاً كانوا خداماً سواء من جهة الخدمة الروحية ، أو الخدمة الإجتماعية من الناحية الروحية ، قالوا عن أنفسهم لما أقاموا الشمامسة السبعة . "و أما نحن فنعكف علي الصلاة و خدمة الكلمة " ( أع 6 : 4 ) . و يقول القديس بولس الرسول عن هذه الخدمة الروحية و أعطانا خدمة المصالحة نسعي كسفراء عن المسيح ، كأن الله يعظ بنا . نطلب عن المسيح ن تصالحوا مع الله " ( 2 كو 5 : 18 ،20 ) . و يقول لتلميذه تيموثاوس " أعمل عمل البشر ، تمم خدمتك " ( 2 تي 4 : 5 ) . و في هذه الخدمة ، قال عن القديس مرقس إنه " نافع لي للخدمة " ( 2 ت 4 : 11 ) . أما من جهة الخدمة الأخري ، فيقول القديس بولس أيضاً : " إن حاجاتي و حاجات الذين معي ، خدمتها هاتان اليدان " ( أع 20 : 34 ) و يمدح العبرانيين فيقول " لأن الله ليس بظالم ، حتي ينسي عملكم و تعب المحبة إذ قد خدمتم القديسن و تخدمونهم " ( عب 6 : 10 ) إن الآباء لم تكن لهم روح السيطرة ، بل روح الخدمة كانوا يخدمون الناس ، و يبذلوا أنفسهم عنهم . و في الكهنوت . كان كل من يرسم علي كنيسة ، يعتبر نفسه خادماً لهذه الكنيسة . يخدم السرائر المقدسة ، و يخدم الله ، و الشعب إن القديس أوغسطينوس أسقف هبو ، لما صلي لأجل شعبه ، قال " أطلب إليك يا رب ، من أجل سادتي ، عبيدك " . فاعتبر أن أفراد هذا الشعب ، الذي يخدمه كأسقف ، هم سادته و لم تكن كلمة (خادم ) مجرد لقب ، و إنما حقيقة واقعة و كان الاباء يتعبون في هذه الخدمة ، إلي اَخر نسمة " في أسفار مراراً كثيرة في جوع و عطش في برد و عري ، في تعب و كد في أسهار ، في أصوام " ( 2 كو 11 : 26 ، 27 ) يسهرون لأجل النفوس ، كأنهم سوف يعطون حساباً " ( عب 13 : 17 ) . كانوا مثل الشموع ، التي تذوب ، لكي تعطي نوراً للآخرين . و ما أجمل قول الشيخ الروحاني في الخدمة " في كل موضع مضيت إليه ، كن صغير أخوتك و خديمهم " إن نزعة العظمة ، ليست دليلاً علي القوة ، بل هي حرب أما القوي ، فهو الذي يدرب نفسه ، علي أن يكون خادماً القديس الأنبا صرابامون أبو طرحة ، كان و هو اسقف ، يحمل الطعام إلي بيوت الفقراء ، في الليل في الخفاء ، و يقرع أبوابهم ، و يترك ما يحمله أمام الباب و يمضي ، و هو سعيد بخدمته. و الأنبا موسي الأسود ، كان يحمل الماء إلي قلالي الرهبان . و القديس بينوفيوس ، كان يدرب ذاته علي أن يقوم في الدير بالخدمات الحقيرة التي لا يقبل عليها الكثيرون ، مثل تنظيف دورات المياه و كنس الدير ، و حمل القاذورات خارجاً ، و سائر عمليات التنظيف و الآباء كانوا يقومون بهذه الخدمات في فرح ، بلا تذمر بل كانوا يتطوعون لهذه الخدمة ، دون أن يطلبها منهم أحد و كانوا يقومون بها بكل تواضع قلب ، سعداء بخدمة اخوتهم . قديس يري رجلاً مجذوماً ، فيحمله إلي قلايته ، و يخدمه و ينفق عليه مدة ثلاث اشهر ، لكي ينال بركة خدمته . و ما أكثر الآباء ، الذين بصبر كثير ، فرغوا أنفسهم فترات طويلة لخدمة المرضي ، و خدمة الشيوخ ، كما فعل يوحنا القصير ، مع ابيه الشيخ الأنبا بموا ، في إحتمال عجيب ، حتي تنيح بسلام ، و نال بركته . و قال عنه الأنبا بموا " هذا ملاك لا إنسان " .و كان الآباء ، إن رأوا أحداً مرهقاً في عمل ، يمدون أيديهم في محبة ليحملوا العبْ عنه ، كما قال الرب " تعالوا إلي يا جميع المتعبين و الثقيلي الأحمال و أنا أريحكم " ( مت 11 : 28 ) مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحى
المزيد
31 أكتوبر 2018

ما بين الحكمة والذكاء

الذكاء هو طاقة فكرية نابعة من العقل. وتظهر في سرعة الفهم، وقوة أو عُمق الفهم، وسرعة البديهة، والقدرة على الاستنتاج. ومن عناصر الذكاء أيضًا قوة الذاكرة أمَّا الحكمة فتتجلَّى في التصرف الحسن. والحكمة الحقيقية هي هبة من اللَّه. ورُبَّما يكون عند بعض الناس دهاء أو ذكاء يظنونه حكمة. أو تكون عندهم سياسة أو كياسة يظنونها حكمة. بينما تكون الحكمة بعيدة عن هذا كله. ونود هنا أن نميز ما بين الحكمة والذكاء الحكمة ويسمونها أحيانًا بالإفراز لها معنى أوسع كثيرًا من الذكاء. بل الذكاء هو مُجرَّد جزء منها. وقد يتمتَّع إنسان بذكاء خارق وعقل ممتاز، ولا يكون حكيمًا في تصرفه، إذ توجد عوائق تعطل عقله وذكاءه أثناء التصرف العملي رُبَّما تطغى عليه شهوة مُعيَّنة هي التي تقود تصرفاته، فيخضع لها تمامًا، ويتصرَّف بأسلوب بعيد عن الحكمة، على الرغم من ذكائه الذي تكون الشهوة قد عطلته وتولت القيادة بدلًا منه... أو قد يخضع في تصرفاته لأعصاب تثور وتنفعل. فيتصرَّف بأعصابه وليس بذكائه. ولا يكون تصرفه حكيمًا... أو قد يكون له ذكاء، ولكن تنقصه الخبرة أو المعرفة، ولهذا يكون سلوكه غير حيكم ففي أي شيء إذن تتميز الحكمة عن الذكاء؟ إن الذكاء مصدره العقل، وقد يكون مُجرَّد نشاط فكري سليم. ولكن الحكمة لا تعتمد على العقل وحده. إنما تستفيد أيضًا من الخبرة، ومن الإرشاد على أيدي حكماء، ومن معونة اللَّه نطلبها بالصلاة ليمنحنا حكمة والحكمة ليست مُجرَّد معرفة سليمة، أو مُجرَّد فكر صائب، إنما هي تدخل في صميم الحياة العملية، لتعبر عن وجودها بسلوك حسن حقًا إن الفكر السليم أو الذكاء، يجوز اختبارًا دقيقًا عن التطبيق العملي، فإن نجح يتحوَّل إلى حكمة وقد يكون الإنسان ذكيًا، ويُفكِّر أفكارًا صائبة. ولكن تنقصه الدقة في التعبير، لنقص معلوماته اللغوية في استخدام كل لفظ بدقة. فيخطئ في التعبير. أمَّا الإنسان الحكيم فإنه يقول ما يقصده، ويقصد ما يقوله وهكذا تشمل الحكمة جودة التفكير، ودقة التعبير، وسلامة التدبير. وبهذا نقول إن كل حكيم ذكي، ولكن لا يشترط أن يكون كل ذكي حكيمًا والحكيم إذا كانت تنقصه المعرفة، فإنه يستعيض عنها بالمشورة وبالقراءة والإطلاع، وبالاستفادة من خبرته وخبرة الآخرين. كما ينتفع أيضًا بأحداث التاريخ، كما قال الشاعر: ومَن وعى التاريخ في صدرهِ أضاف أعمارًا إلى عمرهِ ونظرًا لأهمية الخبرة في الوصول إلى الحكمة، فإننا نسمع عبارة (حكمة الشيوخ). والمقصود بها أنهم في مدى عمرهم الطويل، اكتسبوا خبرات كثيرة في الحياة تمنحهم حكمة، بغض النظر عن درجة ذكائهم. وهكذا فإن المشيرين يضيفون إلى عقل الإنسان عقلًا من خلال مشوراتهم. ويضيفون إلى فكره وجهة نظر أخرى ما كان يلتفت إليها لقلة خبرته ومحدودية رؤيته. ولعلهم يمنعونه من الاندفاع في اتجاه معين تكون كل قواه الفكرية مُركَّزة فيه بسبب غرض مُعيَّن في قلبه. إن من معطلات الذكاء: التَّسرُّع، لذلك يتصف الحكماء بالتروي. والحكيم لا يندفع في تصرفاته، إنما يهدئ اقتناعه العقلي حتى يتبصَّر بأسلوب أعمق وأشمل. إن السرعة لا تعطي مجالًا واسعًا للتفكير والبحث والدراسة ومعرفة الرأي الآخر. كما لا يكون فيها مجال للمشورة ولعرض الأمر على اللَّه في الصلاة. ورُبَّما تحوي السرعة في طياتها لونًا من السطحية. والتصرفات السريعة كثيرًا ما تكون تصرفاته هوجاء طائشة... بينما الحكماء تصرفاتهم متزنة رزينة قد أخذت نصيبها من التفكير والفحص، مهما اتهموها بالبطء ولا ننكر أن بعض الإجراءات تحتاج إلى سرعة. ولكن هناك فرقًا بين السرعة والتَّسرُّع. فالتَّسرُّع هو السرعة الخالية من التعمق والدراسة. ويأخذ التَّسرُّع صفة الخطورة، إذا كان يتعلَّق بأمور مصيرية أو رئيسية وتحتاج إلى حكمة في التَّصرُّف. ويكون التَّسرُّع بلا عذر، إن كانت هناك فرصة للتفكير ولم يكن الوقت ضاغطًا. لذلك فإنني أقول باستمرار: إن الحل السليم ليس هو الحل السريع، وإنما هو الحل المتقن قد تكون السرعة من صفات الشباب، إذ لهم حرارة زائدة تريد أن تتم الأمور بسرعة. ولكنهم حينما يدرسون الأمر مع مَن هم أكبر منهم، يمكن أن يقتنعوا بأن السرعة لها مخاطرها، ومن الحكمة التروي... وقد تكون السرعة طبيعة في بعض الناس غير الحكماء. وأولئك يحتاجون إلى تدريب أنفسهم على التروي وعُمق التفكيروكثيرًا ما يندم شخص على تصرف سريع قد صدر منه، فأخطأ فيه أو ظلم فيه غيره. مثال ذلك صحفي قد يسرع في نشر خبر ليحصل على سبق صحفي. ثم يتضح أن الخبر غير صحيح. ويفقد هذا الصحفي ثقة الناس في دقة أخباره ومثال ذلك أيضًا أب يعاقب ابنه، أو رئيس يعاقب أحد مرؤوسيه على أخطاء. ثم يتضح أن الذي عوقب كان بريئًا!من معطلات الذكاء أيضًا عدم الفهم أو عدم المعرفة. فقد يكون زوج ذكيًا جدًا، ولكنه يفشل في حياته الزوجية. وأما سبب فشله فهو جهله بنفسية المرأة، فهو يعاملها كما لو كانت بنفس عقليته ونفسيته!! أمَّا الرجل الحكيم فإنه يدرس عقلية المرأة ونفسيتها وظروفها، بحيث يتصرَّف معها حسبما يناسبها. وبالمِثل فإن المرأة الحكيمة تدرس نفسية الرجل وعقليته، وبهذا تتعامل معه بما يريحه، فتربحه ونفس الكلام نقوله في معاملة الأطفال: فرُبَّما إنسان ذكي يطلب من بعض الأطفال أن يجلسوا هادئين لا يتكلَّمون. بينما الحكيم يرى أن سن الأطفال يناسبها الحركة والكلام. فلا يضغط عليهم بما لا يحتملونه... وهكذا بالنسبة للتعامل مع أي إنسان، يعامله بما يناسبه والحكيم -بدارسته عقلية ونفسية مَن يعاملهم- يعرف نوعية المفاتيح التي يدخل بها إلى قلب كل منهم، وينجح في تصرفاته معه. وحتى إن حدث في بعض الأحيان أن تعطل المفتاح الذي يدخل به إلى شخصية إنسان ما، فإنه يزيِّت هذا المفتاح ويشحمه ويعود فيفتح باب القلب وينجح حقاَّ إننا نفشل أحيانًا، في التعامل مع أشخاص معينين. ويكون السبب ليس لعيب فيهم، بقدر ما يرجع السبب إلى عدم معرفتنا بطريقة التعامل معهم. والحكمة تقتضي أن ندرس بعُمق نوعية هؤلاء الناس وأسلوب التعامل معهم. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
06 فبراير 2019

تدريبات على الهدوء

إذا أردت أن تدرب نفسك على الهدوء -وبخاصة هدوء القلب وهدوء الأعصاب وهدوء الحياة- فعليك بالنصائح الآتية: 1- لا تسمح لأي شيء أن يثيرك. بل تقبّل كافة الأمور بنفس هادئة، لا تنفعل كثيرًا بالأسباب الخارجية مهما كانت تبدو متعبة، ولا تقلق وتضطرب. وإن انفعلت، حاول أن تضع هدوءا لانفعالك، وأن تهدئ نفسك. ولا تتصور أو تتخيل نتائج خطيرة سوف تحدث، فهذا التخيل سوف يزعجك. وقل لنفسك: إن كل مشكلة لها حل أو بضعة حلول. فكرّ إذن في الحلول، حينئذ يدخل الهدوء إلى قلبك. وإن عجزت عن إيجاد حلّ، استشر غيرك. وإن عجز الغير أيضًا، فأعطِ المشاكل مدى زمنيا تحل فيه. واطلب معونة الله وتدخله وستره. وباستمرار اجعل المشاكل تدور حولك من الخارج، دون أن تدخل إلى قلبك فتؤذيك. إن الأمواج الهائجة إذا صدمت السفينة من الخارج لا تضرها. ولكن إن وُجد ثقب في السفينة تدخل منه المياه، حينئذ تكون السفينة في خطر. احرص إذن على عدم وجود ثقوب في نفسك تدخل منها المشكلة إلى أعصابك لتحطمها. 2- كن دائمًا قوى القلب قوى الإيمان، واسع الصدر في مقابلة المتاعب، بحيث لا تتضايق بسرعة. واعلم أن الضيقة قد سميت هكذا، لأن القلب قد ضاق عن أن يتسع لها. أما القلب الواسع فإنه لا يتضيق بشيء. إن قطعة من الطين إذا ألقيت في كوب من الماء فإنها تعكره. أما إذا ما ألقيت في المحيط فإنها لا تعكره. بل يفرشها في أعماقه ويقدم لك ماءً رائقًا... اعرف يا أخي أنه إذا وقع حجر على جبل، فأنه لا يهزه. ولكن إن وقع هذا الحجر على زجاج فإنه يهشمه ويفتته. لهذا كن جبلًا لا زجاجًا. 3- مما يفيدك في حياتك، أن تكون لك روح المرح وبالبشاشة. فإنها تجلب للإنسان هدوءًا في النفس، واسترخاءً في الأعصاب، وتبعد عنه الكآبة والاضطراب. ومهما كان الجو مكهربًا وصاخبًا، فإن الإنسان المرح، يستطيع بفكاهة لطيفة أن يزيل جو التوتر.. وعمومًا فإن المتصفين بالمرح، تكون أعصابهم هادئة. بل إنهم بالأكثر يمكنهم أن يهدئوا غيرهم أيضًا. كما أن الوجوه البشوشة تشيع الهدوء في الآخرين. لهذا درّب نفسك على البشاشة والمرح، وتقبّل كثيرًا من الأمور بهذه الروح... 4- كذلك أن أردت أن تكسب الهدوء، يمكنك ذلك بمعاشرة الأشخاص الهادئين، بعكس الذين يختلط دائمًا بالمضطربين والثائرين، فإنهم ينقلون إليه عدوى مشاعرهم. فالخائفون ينقلون إليه خوفهم، والمتشائمون ينقلون إليه تشائمهم. وكذلك فالذين يحاربهم الشك والضيق ينقلون إلى غيرهم الشكوك والضيقات. أما معاشرة الهادئين فإنها تمنح الثقة والطمأنينة والسلام. قد تقرأ خبرًا مزعجًا فتتعلق. ثم تقابل شخصًا هادئًا فتجده قد تقبّل الخبر بمنتهى الثقة وهو مطمئن تمامًا أنه سوف لا يحدث شيء متعب على الإطلاق. ويشرح لك، فيبدأ الاطمئنان يزحف من نفسه إلى نفسك فتهدأ. ألست ترى إذن أنك بمعاشرة الهادئين يمكنك أن تمتص إيمانهم وهدوءهم، وتأخذ من سلامهم الداخلي سلامًا لنفسك... وتأخذ أيضًا نموذجًا وقدوة من طباعهم الهادئة، وتحاول أن تحاكيها إذ تعجبك وتريحك. وتتعود على طريقة تفكيرهم في مقابلة المشاكل والضيقات، وتتعلم من ذكائهم كيف يستوعب العقل المشكلة ويهضمها، وكيف يمكنه إن يفهم الأمور ويحل المشاكل ويستنتج الطرق الصالحة لعلاجها، كما تتعلم أيضًا من إيمانهم ومن طول بالهم واحتمالهم وصبرهم. إن معاشرة الهادئين هي من أفضل أنواع المهدئات. 5- كذلك درّب نفسك على عدم الاندفاع وعدم التسرع. واعرف أن قلة الصبر تدل على عدم هدوء الإنسان في الداخل. فالإنسان الهادئ يكون دائمًا طويل البال. فإن اضطرب يفقد القدرة على الصبر. ولا يستطيع أن ينتظر حتى تحُلّ الأمور. إنما يريد أن يعمل الآن أي عمل، أو يتكلم أي كلام، أو يتخذ أي قرار!! وفي ذلك ما يضره. 6- ما دمت لم تصل بعد إلى فضيلة الهدوء، أبعد إذن بقدر إمكانك عن أسباب الإثارة وكل مصادرها. ابحث ما هي الأسباب التي تجعلك تفقد هدوءك، سواء كانت منك أو من الخارج. وتحاشى هذه الأسباب وبخاصة في المعاملات. وكما قال أحد الحكماء "لا تأخذ وتعطى مع إنسان يقاتلك به العدو". وابعد عن المناقشات الحادة. ولا تستصحب غضوبًا. وابعد أيضًا عن القراءات التي تفقدك الهدوء، وعن سماع الأخبار التي تزعجك. 7- وفى معاملاتك مع الآخرين لا تفترض المثالية في جميع الناس. فإن قوبلت بتصرف خاطئ من البعض، لا تتضايق. فالناس هكذا: فيهم الطيب والرديء. ولا تتوقع أنك ستتعامل مع ملائكة أو قديسين، إنما مع بشر عاديين، لا نسمح لأخطائهم من نحونا أن تقلقنا..! وأيضًا لا ترد على أحد وأنت غضبان. إنما انتظر إلى أن تهدئ نفسك، ثم أكمل الحديث معه، أو على الأقل اصمت. فليس من صالحك ولا من صالحه أن تناقشه وأنت في حالة توتر. واحذر من أن ترد على الإساءة بإساءة، وإلا تكون قد شابهت المسيء في أخلاقه... 8- ابعد عن استخدام العنف بكل أنواعه، ولا تواجه العنف بالعنف. فليس هذا هو أسلوب الروحيين. فالإنسان الروحي لا يغلبنّه الشر، بل يغلب الشر بالخير. وإذا تملكتك الحيرة في التصرف، فشاور أحد الحكماء واعمل بمشورته. فإنك بهذا تضيف إلى فكرك فكرًا أكثر خبرة. وتتعلم الحياة عمليًا... 9- لا تلجأ إلى العقاقير لكي تحصل على الهدوء. واعلم أن استخدام المسكنات والمهدئات والمنومات لها ردود فعلها واحذر من أن تتعودها إنها كلها تتيهك عن نفسك، دون أن تحل مشاكلك أو تزيل متاعبك. إنما اعمل على حلّ إشكالاتك داخل نفسك، وبحلول عملية وطرق روحية. واعرف أن الذي يتعود تعاطي المسكنات، قد تصبح إدمانًا ولا تفيده بل قد يضطر إلى إزادة كمياتها. وما أن يفيق منها حتى يجد نفسه كم هي بنفس متاعبها وبدون حلّ... 10- كذلك لا تلتمس الهدوء بالانطواء والهرب. ولا تظن أنك في انطوائك على نفسك قد صرت هادئًا! كلا، فهذا مرض آخر وليس هدوءًا.. فإن كانت لك مشكلة في بيتك، لا تظن أن حل المشكلة هو في هروبك إلى النادي أو المقهى أو إحدى السهرات، بينما تظل المشكلة قائمة كما هي. لا تصلح إلا بمواجهتها، ومعرفة أسبابها وحلها عمليًا.. 11- تعوّد الهدوء في دخولك وخروجك، وفي طريقة كلامك بحيث تكون ألفاظك هادئة ليست فيها كلمة عنيفة أو جارحه. وقبل أن تلفظ كلمة فكرّ في نتائجها وفي تأثيرها على غيرك... وإذا كتبت خطابًا غير هادئ، فلا ترسله بسرعة. بل اتركه يومًا أو يومين، وأعد قراءته، وغيرّ ما يلزم تغييره فيه. وكل فكر يلحّ عليك، لا تسرع في تنفيذه ولا تطاوعه. بل أنتظر حتى تفحصه في هدوء... 12- أخيرًا، أنصحك بأن تعطى جسدك ما يحتاجه من الراحة ولا ترهقه. فإن الإنسان في حالة الإرهاق، تكون أعصابه عرضة لعدم الاحتمال، وربما يفقد هدوءه ويتصرف بغضب أو عصبية لأتفه الأسباب مما يندم عليه فيما بعد. لذلك لا تدخل في مناقشة حادة وأنت مرهق. ولا تأخذ قرارًا مصيريًا وأنت مرهق. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
07 أغسطس 2019

صوم العذراء مريم

تحتفل الكنيسة في أول مسرى (7 أغسطس) بصوم السيدة العذراء، وهو صوم يهتم به الشعب اهتمامًا كبيرًا، ويمارسه بنسك شديد. والبعض يزيد عليه أيامًا. وذلك لمحبةالناس الكبرى للعذراء وصوم العذراء مجال للنهضات الروحية في غالبية الكنائس يعد له برنامج روحي، لعظات كل يوم، وقداسات يومية أيضًا في بعض الكنائس، حتى الكنائس التي لا تحمل اسم العذراء ويقام عيد كبير للسيدة العذراء في كنيستها الأثرية بمسطرد بل تقام أعياد لقديسين آخرين في هذه الأيام أيضًا فعيد القديس مارجرجس في دير ميت دمسيس يكون في النصف الثاني من أغسطس، وكذلك عيد القديس أبا مقار الكبير. وعيد القديس مارجرجس في ديره بالرزيقات وفي نفس صوم العذراء نحتفل بأعياد قديسات مشهورات مثل القديسة بائيسة (2 مسرى: 8 أغسطس)، والقديسة يوليطة (6 مسرى: 12 أغسطس) والقديسة مارينا (15 مسرى: 21 أغسطس) بل أثناء صوم العذراء أيضًا نحتفل بعيد التجلي المجيد يوم 13 مسرى (19 أغسطس) وفي نفس الشهر (7 مسرى: 13 أغسطس) تذكار بشارة الملاك جبرائيل للقديس يواقيم بميلاد مريم البتول إن صوم العذراء ليس هو المناسبة الوحيدة التي تحتفل فيها الكنيسة بأعياد العذراء، وإنما يوجد بالأكثر شهر كيهك الذي يحفل بمدائح وتماجيد وابصاليات للعذراء مريم القديسة وصوم العذراء يهتم به الأقباط في مصر، وبخاصة السيدات، اهتمامًا يفوق الوصف كثيرون يصومونه (بالماء والملح) أي بدون زيت. وكثيرون يضيفون عليه أسبوعًا ثالثًا كنوع من النذر. ويوجد أيضًا من ينذر أن يصوم انقطاعًا حتى ظهور النجوم في السماء فما السر وراء هذا الاهتمام؟ أولًا: محبة الأقباط للعذراء التي زارت بلادهم وباركتها، وتركت آثارًا لها في مواضع متعددة في كنائس. ثانيًا: كثرة المعجزات التي حدثت في مصر بشفاعة السيدة العذراء، مما جعل الكثيرين يستبشرون ببناء كنيسة على اسمها ولعل ظهور العذراء في كنيستها بالزيتون وما صحب هذا الظهور من معجزات، قد أزاد تعلق الأقباط بالعذراء، وبالصوم الذي يحمل اسمها. مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث من كتاب السيدة العذراء مريم
المزيد
19 ديسمبر 2018

قساوة القلب

قساوة القلب قد تظهر في قساوة المعاملة بالكلمة القاسية والنظرة القاسية والعقوبة القاسية والتوبيخ القاسي وقد تكون القسوة علي الجسد في تعليمه أو قد تكون القسوة علي النفس في إذلالها وسحقها والتشهير بها والعنف في معاملتها‏ وعكس القسوة الرحمة والحنو والعطف والإشفاق وهكذا فإن الله يدعو دائما إلى الحنان والعطف ويحذر القساة من أنهم سوف يلاقون المثل وبنفس المعاملة التي يعاملون بها غيرهم قد يقعون في نفس الجزاء. فليحترص القساة إذن وليخافوا علي أنفسهم من قساوة أنفسهم أن القساوة حرب شيطانية ومن يتصف بها يشابه الشيطان في بعض صفاته وبديهي أن القسوة ليست من صفات الله بل أن الله -تبارك اسمه- رحيم باستمرار شفوق علي الكل وواضح أن القلب الطيب قريب من الله انه مثل عجينة لينة في يد الله يشكلها مثلما يشاء بعكس الأشرار الذين لهم قلوب صخرية صلبة قاسية لا تخضع لعمل الله فيها وهو سبحانه ينظر إلى الخطية علي اعتبار أنها قساوة قلب لأن القلوب الحساسة لا تعاند الله مطلقا ولا تغلق أبوابها في وجوه الناس أنها حساسة لصوت الله ولدعوته سريعة الاستجابة له تتأثر جدا بمعاملات الله وبعمل نعمته وان بعدت عنه تحن إلى الرجوع إليه بسرعة اقل حادثة تؤثر فيها وكل كلمة روحية تذيب قلبها وتقربه إلى حياة الحنو والشفقة وعكس ذلك كان فرعون في قساوة قلبه إذ كان لا يلين مطلقا ولا يتوب مهما كانت الضربات شديدة القلب القاسي إذن توبته ليست سهلة وتأثره بوسائط النعمة ضئيل جدًا ووقتي وسريع الزوال بل قد لا يتأثر علي الإطلاق القلب القاسي يعيش في جو من اللامبالاة والكلمة الروحية لا تترك تأثيرها في قلبه بل قد يسخر ويتهكم ويرفض السماع وقد يرفض المجال الذي يقال فيه كلام روحي وتصبح وصايا الله ثقيلة عليه بينما الثقل في قلبه وهكذا فإنقساوة القلب تقود إلى العناد والمقاومة ربما تنصح شخصا مخطئًا وتبين له خطأه لمدة ساعات وكأنك لم تقل شيئا فهو مصر علي موقفه ويرفض أن يعترف بالخطأ قلبه صخري لا يستجيب وهكذا إذا استمرت قساوة القلب قد تقود إلي تخلي النعمة عن هذا الخاطئ فيضيع الإنسان الحساس دموعه قريبة أما القاسي فيندر أن تبتل عيناه مهما كانت الأسباب لأن الدموع دليل علي رقة الشعور بينما القاسي لا رقة في مشاعره في كل معاملاته والقاسي قد تقوده قسوته إلى الحدة والغضب، أن مشاعره تشتعل ضد الآخرين بسرعة فيحتد ويثور ويهدد وينذر ولا يحتمل أن يمسه أحد بكلمة وفي الوقت نفسه لا يراعي مشاعر الآخرين بل يجرح غيره في سهولة! وفي لا مبالاة ولا مانع من أن يهين ويشتم ولا يتأثر من جهة وقع الألفاظ الشديدة علي من يسمعها فهو قد يجمع بين أمرين متناقضين فيكون حساسا جدا من جهة المعاملة التي يعاملها بها الناس أما من جهة وقع معاملته علي الآخرين فلا إحساس له بها علي الإطلاق هو إذا وبخ غيره بحق أو بغير حق يكون كثير التوبيخ وعميقا في قسوته لا يحتمل أحدًا ويريد أن يحتمله الكل وباختصار فإن القسوة منفرة ومن يستسلم لحروب القسوة يخسر الناس ويفشل في حياته الاجتماعية وقد يقسي القلب أحيانًا بسبب صحبة شريرة لها تأثيرها عليه وقد تدخل هذه الصحبة القساوة إلى قلبه وتقنعه بأهمية السلطة والكرامة ووجوب خضوع الناس لهم وأصدقاؤه قد يدخلون في قلبه معاني عديدة عن القوة والبطولة أو عن الحرية الخاطئة وهكذا يثور علي كل سلطة ورئاسة سواء في البيت أو المدرسة أو الشارع بل قد يثور أيضًا علي النظام وعلي القانون ويري أن الرجولة هي في فرض رأيه وكثير من الشباب في بلاد الغرب يرفضون الخضوع لآبائهم حينما يقولون بحجة الحرية الشخصية! ويعتبر الشاب أن نصيحة والده له هي مجرد رأي قابل للصحة والخطأ يمكن أن يأخذ به أو لا يأخذ وفي ذلك يعتز برأيه الخاص ويعتد به ويصر علي انه صاحب القرار مهما كان حدثا أو قليل الخبرة في الحياة أننا نحتاج أن نُرَبّي أولادنا منذ طفولتهم المبكرة حتى لا تتلقفهم أفكار جديدة عليهم تقسي قلوبهم بل قد تدفعهم إلى الجدل في البديهيات ورفض كل شيء لمجرد الرفض الأفكار التي تصور لهم الطاعة ضعفا والخضوع خنوعا والهدوء خوفا وجبنا وفي تقسية قلوبهم تقلب لهم كل الموازين فيفرحون بهذا إحساسًا بقوة الشخصية وان تكلمنا عن اثر الصحبة الشريرة في تقسية القلب لا نقصد بهذه الصحبة مجرد أشخاص وإنما أيضًا الكتب والمطبوعات وكل وسائل الإعلام الخاطئة والوسائل السمعية والبصرية التي يجب أن نتأكد من سلامتها خاصة ما نقوله عن الصغار يمكن أن نقوله عن الكبار أيضًا في محيط الأسرة مثلا مثال ذلك زوجة تقسي قلب زوجها علي أولاده من زوجة سابقة وتظل تحدثه عن أخطائهم وخطورتهم حتى يثور عليهم ويقسو في معاملتهم أو مثل أم تظل تصب في إذن ابنها المتزوج أحاديث عن أخطاء زوجته أو إهانات هذه الزوجة لها حتى تتغير معاملته لزوجته ويقسو عليها فعلي كل إنسان أن يكون حريصًا ولا يسمح للقسوة أن تزحف إليه من الآخرين أو من أي تأثير خارجي وعليه عدم تصديق كل ما يسمعه وقد يكون من أسباب قسوة القلب الكبرياء وقد يكون سببها طباعا موروثة وقد تكون هناك أسباب أخرى ليس الآن مجالها إنما ذكرنا ما قد ذكرناه كمثال. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
01 أغسطس 2018

حياة الاتضاع من فضائل القديسة مريم

كان الاتضاع شرطًا أساسيًا لمن يولد منها رب المجد كان لابد أن يولد من إنسانة متضعة، تستطيع أن تحتمل مجد التجسد الإلهي منها... مجد حلول الروح القدس فيها... ومجد ميلاد الرب منها، ومجد جميع الأجيال التي تطوبها واتضاع أليصابات أمامها قائلة لها "من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلىّ.." (لو1: 48، 43). كما تحتمل كل ظهورات الملائكة، وسجود المجوس أمام ابنها. والمعجزات الكثيرة التي حدثت من ابنها في أرض مصر، بل نور هذا الابن في حضنها لذلك كان "ملء الزمان" (غل4: 4) ينتظر هذه الإنسانة التي يولد ابن الله منها وقد ظهر الاتضاع في حياتها كما سنرى: 1- بشرها الملاك بأنها ستصير أمًا للرب، ولكنها قالت "هوذا أنا أمة الرب" (لو1: 38) أي عبدته وجاريته. والمجد الذي أعطي لها لم ينقص إطلاقًا من تواضعها. بل أنه من أجل هذا التواضع، منحها الله هذا المجد، إذ "نظر إلى اتضاع أمته" فصنع بها عجائب (لو1: 48، 49). 2- ظهر اتضاع العذراء أيضًا في ذهابها إلى أليصابات لكيما تخدمها في فترة حبلها. فما أن سمعت أنها حُبلى- وهي في الشهر السادس- حتى سافرت إليها في رحلة شاقة عبر الجبال. وبقيت عندها ثلاثة أشهر، حتى تمت أيامها لتلد (لو39: 1- 65). فعلت ذلك وهي حبلى برب المجد. 3- ومن اتضاعها عدم حديثها عن أمجاد التجسد الإلهي. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث من كتاب السيدة العذراء
المزيد
18 يوليو 2018

فاعلية الخدمة

إن الإثني عشر لم يبدأوا الخدمة إلا بعد أن حل الروح القدس عليهم و نالوا قوة ( أع 1:8 ) ، و لبسوا قوة من العالي ( لو 24 :49 ) . حينئذ " إلي أقاصي المسكونة بلغت أصواتهم " و في كل الأرض خرج منطقهم " ( مز 19 : 4 ) اسطفانوس الشماس ، لأنه كان مملوءاً من الروح القدس و الحكمة ، لذلك لما وقفت أمامه ثلاثة مجامع فلسفية " لم يقدروا أن يقاوموا الحكمة و الروح الذي كان يتكلم به " ( أ‘ 6 ك 10 ) . و بفاعلية عمل الروح في العصر الرسولي " كانت كلمة الرب تنمو ، و عدد التلاميذ يتكاثر جداً في أورشليم " ( أ‘ 6 : 7 ) " كان الرب كل يوم يضم إلي الكنيسة الذين يخلصون " ( أع 2 : 47 ) " و الكنائس في جميع اليهودية و الجليل و السامرة ، كان لها سلام ، و كانت تبني و تسير في خوف الرب . و بتعزية الروح القدس كانت تتكاثر " ( أع 9 : 31 ) أما نحن فلنا عشرات الآلاف من المدرسين ، و لكن الخدام العاملين بالروح قليلون تأملوا خادماً واحداً مثل بولس الرسول ...لاشك أن إختياره كان حادثاً خطيراً في الكنيسة . لقد تعب أكثر من جميع الرسل (1كو 15 : 10 ) . و تألم و جاهد أكثر من الكل " عدا الأهتمام بجميع الكنائس " و غيرته التي يقول فيها " من يعثر ، و أنا لا ألتهب ؟!" ( 2 كو 11 : 28 ، 29 ) . هذا الذي دعي " رسول الأمم " . ووصلت خدمته من أورشليم إلي أنطاكية إلي قبرص ، ثم إلي اَسياغ الصغري و بلاد اليونان ، و إلي رومه و كتب 14 رسالة ، و كرز و هو في السجن أننا مستعدون أن نستغني عن عشرات الآلاف من الخدام الذين معنا ، في مقابل بولس واحد و ستكون خدمته أكثر فاعلية من الآلاف ربما نجد في أحد فروع الخدمة خمسين خادماً ، و لكن بلا حرارة في خدمتهم . ثم يلتحق بالخدمة خادم جديد ، فيحول الخدمة إلي لهيب نار بقوة الروح الذي فيه إن ألسنة النار التي حلت علي التلاميذ في يوم البندكستي ، أعطتهم لساناً نارياً و كلمات نارية ، و خدمة لها لهيب و فاعلية ، و حرارة في الروح ، و حرارة في الصلاة ، و حرارة في الحركة و الأسفار إنها جمرات نار ، ظل العالم يتقاذفها ، حتي أشتعل العالم كله ناراً ، ألهبت القلوب بالإيمان أنظروا ماذا فعل أوغسطينوس مثلاً ، حينما دخل في محيط الخدمة و كيف أن تأثيره لم يقتصر فقط علي جيله ، و إنما حتي الآن مازلنا نستفيد من تأملاته .. و تادرس تلميذ باخوميوس ، لما صار راهباً ، كم كان أعمق التأثير الذي أحدثه في الحياة الرهبانية في جميع الأديرة . و كذلك يوحنا القصير الذي قيل عنه إن الأسقيط كله كان معلقاً باصبعه حقاً ، هناك أشخاص في كل جيل ، مميزون في خدمتهم . خدام من طراز خاص . كل منهم "معلم بين ربوة " ( نش 5 : 10 ) أما نحن الآن : فلنا خدام يخدمون الفصول العادية . و لكن الذين لهم قدرة علي خدمة إجتماعات الشبان و الشابات ،و الأسرات الجامعية ، و إعداد الخدام ، أو الذين يتكلمون في مؤتمرات الخدمة . فلا شك أنهم قليلون و العجيب ، أنه علي الرغم من إحتياج الخدمة ، نجد خداماً يتشاجرون و يتنافسون في مكان للخدمة ، تاركين ميادين عديدة غير مخدومة في تشاجرهم و تنافسهم ، لا يعطون مثالاً عن روحانية الخدام ، بل يكونون عثرة ن إذ يفقدون روح المحبة و التعاون و إنكار الذات . و في نفس الوقت توجد مجالات عديدة تستوعب كل طاقة مستعدة للخدمة ، و هم يتجاهلونها ، من أجل محبتهم لمكان أو وضع بالذات ، دون محبة النفس البشرية أينما كان موضعها . مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحى
المزيد
03 أكتوبر 2018

السَيد المسيح يدعُو إلىَ الكمَال

السيد المسيح له المجد كان يعلّم باستمرار. في كل مكان وفي كل وقت. وكانوا يدعونه "يا معلم" أو "أيها المعلم الصالح". وهو كمثالي في كل شيء، كان يدعو إلى المثاليات. وفي مقدمة ذلك كان يدعو إلى الكمال، إذ يقول «كونوا كاملين، كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل» (مت5: 48).+ وطبعًا الكمال الذي يدعو إليه السيد المسيح هو الكمال النسبي، لأن الكمال المُطلق هو لله وحده لا غير...والكمال النسبي نُسميه كذلك، نسبة إلى ما عند الإنسان من مقدرة وإمكانيات، ونسبة لما يمنحه الله من معونة ومن قوة للسير في الطريق الروحي، وما يعطيه أيضًا من نعمة تساعده وتقويه. وكذلك نسبة إلى مدى تجاوب الإنسان مع عمل الله فيه، ومع عمل الله معه.+ وحياة الكمال الروحي تشمل علاقة الإنسان بالله – تبارك اسمه – وعلاقته بالناس، وعلاقته بنفسه أو بذاته.أما عن علاقة الإنسان بالله، فقد لخصها بقوله «تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك ومن كل فكرك» (مت22: 37)، وعبارة «من كل قلبك»، تعني أنه لا يكون في قلبك أي منافس لله. فلا تحب شيئًا ولا شخصًا ضد محبتك لله، ولا أزيد من محبتك لله. وفي ذلك يقول السيد الرب «من أحب أبًا أو أمًا أكثر مني فلا يستحقني. ومن أحب ابنًا أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني».+ ومحبتنا لله تعني أن نطيعه في كل شيء. فهو يقول «من يحبني، يحفظ وصاياي». وإن حدث وكسرنا إحدى وصاياه، فعلينا بالتوبة سريعًا. فالتوبة هي شرط لازم لمغفرة الله لنا. فهو يقول «إن لم تتوبوا، فجميعكم كذلك تهلكون».ولكي ننال مغفرة الله لنا، علنيا أن نغفر أيضًا لمن أذنب إلينا. ونحن نقول في صلواتنا اليومية باستمرار: «اغفر لنا ذنوبنا، كما نغفر نحن أيضًا لمن أذنب إلينا». وعلمنا السيد المسيح قائلًا «إن لم تغفروا للناس زلاتهم، لا يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم».+ وفي محبتنا لله علينا أن نطلب في كل حين ملكوته. والسيد المسيح قد تحدث كثيرًا عن ملكوت الله، وملكوت السموات. وعلمنا في صلواتنا اليومية – التي نرددها مرات عديدة كل يوم – أن نقول لله باستمرار «ليأتِ ملكوتك». وهذه الطلبة تعني العديد من المعاني: منها أن يأتي ملكوتك علينا، على قلوبنا، ومشاعرنا وحواسنا. فتملك أنت يا رب كل ما فينا. وتملك إرادتنا ونكون لك، نفعل في كل حين ما يرضيك حسبما نقول هذه الطلبة دومًا في صلاة باكر. وكلمة «ليأتِ ملكوتك» تعني أن يملك الله على سائر الناس، ويقودهم إلى حياة البر والفضيلة.+ ومن كمال محبتنا لله الصلاة الحقيقية، التي ليست من الشفتين، بل من القلب. فإن الله وبّخ الشعب قديمًا قائلًا «هذا الشعب يكرمني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عني بعيدًا». لذلك ليس كل من يقول يا رب يا رب يدخل ملكوت الله، بل الذي يفعل مشيئة الله.وفي كمال الصلاة، قال السيد المسيح: صلوا كل حين ولا تملّوا، صلوا بلا انقطاع. ومعنى ذلك أنه لا يقتصر الإنسان على صلوات معينة ويكتفي بذلك، بل في كل حين يمكنه أن يرفع قلبه لله ويصلي.+ ومن كمال محبتنا لله، أن نؤمن به، ونؤمن بعنايته بنا، واهتمامه بكل أمورنا. فقال السيد المسيح له المجد «لا تهتموا بما تأكلون وما تشربون... انظروا إلى طيور السماء، إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها. ألستم أنتم بالحرى أفضل منها؟ ولماذا تهتمون بما تلبسون؟ تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو! لا تتعب ولا تغزل. ولكن أقول لكم إنه ولا سليمان في كل مجده، كان يلبس كواحدة منها!! ».. «الله يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها. أطلبوا أولًا ملكوت الله وبره، وكل هذه تزدادونها»..+ أما الكلام المطلوب من الإنسان فيقول السيد المسيح: «طوبى للأنقياء القلب... طوبى لصانعي السلام... ». والقلب النقي لا يوجد فيه شر أبدًا، بل لا توجد فيه سوى محبة الله، ومحبة الناس جميعهم. والقلب النقي لا تخرج من فمه كلمة خاطئة. وفي ذلك يقول السيد المسيح: «الإنسان الصالح: من كنز قلبه الصالح، يخرج الصلاح، أما الإنسان الشرير فمن كنز قلبه الشرير، يخرج الشرور». إذًا فالكلمة الشريرة، كلمة الإهانة والشتيمة، أو كلمة القسوة، أو كلمة التحقير، وما إلى ذلك... كل هذه مصدرها القلب، فهي خطية مزدوجة: خطية قلب ثم خطية لسان... والسيد المسيح يحذر من خطايا اللسان، فيقول «بكلامك تتبرر، وبكلامك تُدان». ويقول أيضًا «كل كلمة بطالة تخرج من أفواهكم، تعطون عنها حسابًا في يوم الدين». وعبارة كلمة بطّالة لا تعني فقط الكلمة الشريرة، بل تعني أيضًا كل كلمة ليست للبنيان، أي لا تنفع بشيء...+ أما قول السيد المسيح «طوبى لصانعي السلام» فتعني أن يكون بيننا وبين الآخرين سلام. وأيضًا أن نصنع سلامًا بين الآخرين بعضهم بعضًا. وأتذكر أنني كلما كنت أزور بيتًا من بيوت أبنائنا في الغرب، كانت أول كلمة لي، وأنا أخطو أول خطوة، هي: قال ربنا يسوع المسيح: «أى بيت دخلتموه، فقولوا: سلامٌ لأهل هذا البيت»...ولكي نصل إلى كمال السلام مع الناس، وضع لنا السيد المسيح قاعدتين: أولهما الاحتمال والتسامح، والثانية هي المغفرة للمسيئين. وفي ذلك قال لنا «سمعتم أنه قيل للقدماء: عين بعين، وسن بسن. أما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشر... بل من أراد أن يخاصمك أو يأخذ ثوبك، فأترك له الرداء أيضًا. ومن سخرك ميلًا، فامشِ معه اثنين».+ ولعل من أكمل الوصايا التي قدمها السيد المسيح من جهة التعامل مع الأعداء أو المسيئين، هي قوله «أحبوا أعداءكم، باركوا لاعينكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم... لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم، فأي أجر لكم؟! أليس العشارون أيضًا يفعلون ذلك؟!». إن المسيحية تعتبر أن عدونا الحقيقي هو الشيطان أما الأعداء من البشر، فهم ضحايا للشيطان يحتاجون أن نصلي من أجلهم، ونحتملهم ونغفر لهم...+ ومن كمال الوصايا التي وضعها السيد المسيح في التعامل مع البشر، هي وصية العطاء، التي تُسمى أحيانًا بالصدقة. فقال «من سألك فأعطه. ومن أراد أن يقترض منك، فلا ترده». وهكذا رفع الناس من مستوى دفع العشور، الذي كان في العهد القديم، واعتبره السيد المسيح مجرد الحد الأدنى للعطاء. وأمر بوصية الاهتمام بالجائع والعطشان والعريان، والغريب والمسجون. وقال «مهما فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي قد فعلتم» (مت25). ورفع مستوى العطاء إلى الكمال في قوله «ليس حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه عن أحبائه».+ ومن أجمل تعاليم السيد المسيح في العلاقات مع الناس، هي قوله: «مهما تريدون أن يفعل الناس بكم، افعلوا أنتم بهم». وقوله أيضًا «بالكيل الذي به تكيلون، يُكال لكم». فهذا هو الوضع الأصيل والكامل في التعامل: أن نعمل مع الناس ما نشتهي أن يعملوه معنا...+ ومن كمال ما يريده السيد المسيح في علاقاتنا مع الأمور العالمية والمادية، هي قوله «ماذا ينتفع الإنسان، لو ربح العالم كله وخسر نفسه!! أو ماذا يُعطي عوضًا عن نفسه؟!». إن العالم كله. لا شيء بالنسبة إلى مصيرنا في الأبدية. مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل