المقالات

07 مايو 2019

القيامة والحياة الارثوذكسية

يشهد العالم اليوم تناقضين أساسيين، إذ بينما كثرت لجان الحوار اللاهوتى بين الكنائس، ازدادت أيضاً – من جانب آخر – حدة "الإستلاب" (Proselytism) أى أخذ أبناء كنيسة معينة إلى كنيسة أخرى، تختلف عنها فى العقيدة. هذا نلحظه فى الواقع العملى، كما نراه على مواقع شبكة الإتصالات والمعلومات (الإنترنيت)، الأمر الذى سيزداد مع الوقت، ومع تداخل البشر فى إطار العولمة، وما يمكن أن نسميه "العولمة الدينية"، أو "العولمة العقائدية". ويستدعى هذا أن ينمو الإنسان الأرثوذكسى فى أمرين: 1- معرفة العقيدة الأرثوذكسية، وكيف أنها مطابقة للكتاب المقدس، والتقليد الكنسى، وأقوال الآباء. 2- معايشة الحياة الأرثوذكسية، داخل الكنيسة وفى حياته الخاصة والأسرية، من خلال الممارسات البناءة مثل: حضور القداسات، والمواظبة على صلوات الأجبية، والصلوات السهمية والحرة، وكذلك من خلال التسبيح والألحان، والإندماج فى المناسبات الكنسية على مدار السنة، سواء فى الأصوام أو الأعياد... الخ. وكمثال لذلك... نتحدث عن القيامة فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إذ نراها واضحة فى عديد من الأمثلة: 1- الصوم الكبير وفيه يصوم المؤمن الأربعين المقدسة، وأسبوع الإستعداد (فرق السبوت)، ثم اسبوع الآلام... وفى هذا الصوم، الذى يسميه الآباء "ربيع السنة الكنسية"، أو "ربيع الحياة الروحية"، يتمتع المؤمن بالكثير من العطايا مثل: الصوم الإنقطاعى، وما يعطيه من ضبط للجسد واشباع للروح، من خلال الصلوات والنهضات والتناول... أناجيل التوبة، التى تؤكد لنا قبول الرب لكل التائبين: - مهما كانت خطيتهم بشعة كالإبن الضال. - أو متكررة كالسامرية. - أو لمدة طويلة كالمفلوج. - أو حتى للمولودين بها، كالمولود أعمى؛ إذ نخلص من كل هذا بالمعمودية، والتوبة المستمرة. وهكذا ننتصر بالمسيح على عدو الخير، مع دخوله الإنتصارى إلى أورشليم فى أحد السعف، فنستطيع أن نجتاز معه وادى الألم فى أسبوع الآلام. 2- أسبوع الآلام حيث الدسم الروحى بقراءات متعددة من المزامير والأناجيل، تشرح لنا آلام الرب، وتسير معه يوماً بيوم، وساعة بساعة، وحيث نسجد عند أقدام صليبه، هاتفين بكل قوة: "لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين، يا عمانوئيل إلهنا وملكنا" مؤكدين إيماننا بألوهيته، وبفدائه العجيب، وحبه اللانهائى، ومستعدين أن نجتاز معه موت الصليب (بالمعمودية والتوبة والمطانيات والإماتة)، واثقين أن بعد الموت تكون القيامة، وبعد الصليب يكون القبر الفارغ! 3- ليلة أبو كالبسيس وتسمى شعبياً "أبو غالمسيس"... حيث نسهر بجوار قبر السيد المسيح فى طقس رائع، ينقسم إلى ثلاثة أقسام: أ- تسابيح الخلاص... من العهدين، إعلاناً بأن الرب أتم الخلاص، وقال: "قد أكمل" ، ونزل إلى الجحيم، وحرر المسبيين، ودخل بهم إلى الفردوس. ب- سفر الرؤيا... حيث السماء التى انفتحت، والفردوس الذى عاد، وحيث رجاء الخلود الأبدى، بعد انتهاء هذا الزمن الفانى. ج- قداس سبت النور... حيث نفرح بالمسيح الذى قطعاً سيقوم فجر الأحد، وذلك بعد أن أنجز المهمة الخلاصية المجيدة، التى جعلته يعد اللص اليمين التائب: "اليوم تكون معى فى الفردوس" ... وذلك استعداداً لقداس العيد. 4- قداس عيد القيامة بأفراحه الممتازة، وألحانه المبهجة، بدءاً من لحن "السبعة طرائق" فى بخور باكر، وحتى بهجة التناول من الجسد والدم الأقدسين، مروراً بطقس "تمثيلية القيامة" وزفة أيقونتها... حيث نادى من فى الخارج: "اخرستوس آنستى"، فجاوبهم من فى الداخل: "آليثوس آنيستى"... وإذ تنفتح الأبواب الدهرية، يدخل ملك المجد إلى عرشه المجيد، وتصدح جوقات الشمامسة لحن القيامة الجميل: "ياكل الصفوف السمائيين... رتلوا لإلهنا بنغمات التسبيح... قد قام الرب مثل النائم... وكالثمل من الخمرة... ووهبنا النعيم الدائم... وعتقنا من العبودية المرة...". مع ألحان أخرى جميلة مثل: "طون سينا نارخون لوغون"... ومعناه: "نسبح نحن المؤمنين ونمجد الكلمة المساوى للآب والروح فى الأزلية وعدم الإبتداء، المولود من العذراء لخلاصنا، لأنه سر وارتضى بالجسد أن يعلو على الصليب، يحتمل الموت وينهض الموتى، بقيامته المجيدة". و"توليثوس"... ومعناه: "أن الحجر لما ختم من اليهود وجسدك الطاهر حفظ من الجند، قمت فى اليوم الثالث أيها المخلص، مانحاً هذا قوات السموات هتفوا إليك يا واهب الحياة المجد لقيامتك أيها المسيح، المجد لملك المجد لتدبيرك، يا محب البشر وحدك". وبينما الكل يهتف باللحن الشعبى الرائع: "اخرستوس آنستى"... المسيح قام من الأموات.. بالموت داس الموت.. والذين فى القبور.. أنعم لهم بالحياة الأبدية". ترتفع أبصارنا نحو السماء، وتمتد آفاق أفكارنا نحو الأبدية العتيدة، والخلود المجيد. 5- الخمسين المقدسة إذ تبدأ بشم النسيم، حيث تتفتح الزهور، ونأكل البيض، تذكاراً للبيضة التى ذهبت بها المجدلية إلى بيلاطس، لتشرح له حقيقة القيامة، وكيف أن داخل البيضة، مع بعض التدفئة، كتكوت صغير حىَ، سيخرج منها وهى مغلقة، ودون أن يفتح له أحد. فكم بالحرى خالق الكون، كيف لا يخرج وأبواب القبر مغلقة، ودون أن يفتح له أحد، وهو رب الحياة، ومانح الحياة!! وتستمر أيام الفرح حيث لا صوم، فالعريس فى وسطنا، ولا سنكسار إذ كيف نتحدث عن قديسين فى حضرة قدوس القديسين، ولا مطانيات فلماذا الإنسحاق وقد أعطانا الرب قوة قيامته... وهكذا تجعلنا الكنيسة نحيا فى بركات القيامة العديدة، كما تتضح من خلال قراءات الخمسين المقدسة، فالرب هو: الحياة، والنور، والحرية، والخلاص، والمجد. وتختار لنا الكنيسة فصولاً مناسبة من الأناجيل والرسائل والمزامير، تتفق مع جلال المناسبة المجيدة، والقيامة المفرحة. وبعد أربعين يوماً تنادينا الكنيسة بأن نصلى مع الآباء الرسل، بعد صعود السيد المسيح، طالبين منه أن ننال بركات الصعود مثل: - ارتفاع أفكارنا وقلوبنا إلى حيث المسيح جالس... - التشفع بمسيحنا القائم... حاملاً جراحاته، فهو شفيعنا الكفارى الوحيد، القادر أن يغفر لنا خطايانا. - طلب الإمتلاء بالروح القدس يوم العنصرة، تمهيداً للإرسالية والخدمة. - انتظار المجئ الثانى، فيسوع الصاعد سيأتى ثانية فى اليوم الأخير، فى مجد عظيم، ليأخذنا إلى ملكوته العتيد. وحين تختم الخمسين المقدسة بعيد العنصرة ننال مع الآباء الرسل ملء الروح، فنخرج معهم إلى الخدمة والكرازة، فى صومهم المبارك. السنة الليتورجية إن كنيستنا القبطية قد رسمت لنا "السنة الليتورجية" بأسلوب رائع، حتى نحيا معها أحداث الخلاص، وقوة القيامة، وإرسالية الخدمة، ساعين فى طريق القداسة ونستطيع أن نجمل "السنة الليتورجية" كما يلى: تبدأ السنة بالنيروز... إذ تدعونا الكنيسة للحياة الشاهدة، بل حتى إلى الشهادة من أجل المسيح. ولكى نصل إلى هذا المستوى المبارك، نجتاز مع الكنيسة صوم الميلاد، ليولد المسيح فى قلوبنا فى عيد الميلاد المجيد. ثم نتعرف على الثالوث القدوس فى عيد الغطاس، الثيؤفانيا، الظهور الإلهى. وإذ نخطئ كبشر ضعفاء، نتوب مع يونان فى صومه القصير، ثم نتوب مع تائبى الصوم الكبير: الإبن الضال، والسامرية، والمفلوج، والمولود أعمى. وهكذا ننتصر مع الرب وبه يوم أحد السعف. فنجتاز معه الآلام فى اسبوع الآلام لنموت معه... ونقوم فى عيد القيامة معه... ونصعد بقلوبنا وأفكارنا إلى السماء فى عيد صعوده... ونصلى مع الآباء الرسل فى العلية طلباً للملء الروحى... فنمتلئ من روح الله يوم العنصرة. فنخرج للخدمة مع التلاميذ فى صوم الرسل. وإذ نجد أنفسنا فى الموازين إلى فوق، نحاول أن نقتدى بالعذراء القديسة لننال قبساً من قداستها فى صومها المشبع. وهكذا ننمو بنعمة الرب إلى الحياة الشاهدة مع شهداء النيروزإنها دعوة إلى شباب المستقبل، أن يشبعوا بكنيستهم القبطية، وكنوزها الهامة، من طقس وعقيدة وتاريخ وقديسين وأقوال آباء... بحر واسع، ومحيط شاسع، من الأغذية الروحية ووسائط النعمة حيث المذبح والذبيحة و الكهنوت وشفاعة القديسين ولذا يحس الشباب الأرثوذكسى أنهم جزء من منظومة جبارة هى: - المؤمنون... على الأرض يجاهدون... - القديسون... فى الفردوس يتشفعون... - الرب يسوع... رأس الجسد... الذى يقوده ويحييه، ويحس بكل آلامه واحتياجاته ما أجمل أن نعيش الحياة الأرثوذكسية ببساطة وتفاعل وعمق، فنستفيد بما أعده الرب لنا، من خلال كنيسته المقدسة، حيث الدسم والإرتواء. نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
25 أغسطس 2020

قدسية العهد القديم

لاشك أن الموقف المسيحى والكنسى الأرثوذكسى من العهد القدم، هو أن كاتبه هو الروح القدس، وأن كتابه سجلوا هذه الأسفار مسوقين من الروح القدس، لا بمشيئتهم الشخصية فقط. فقد قال معلمنا بولس الرسول:“كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ” (2تى 16:3). وقال معلمنا بطرس الرسول: “لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ” (2بط 21:1).وقد أكد السيد المسيح نفسه، وأسفار العهد الجديد هذه القدسية،وهذه بعض الأدلة كأمثلة على ذلك: أولاً: من أقوال السيد المسيح 1- “لاَ تَظُنُّوا أَنِّى جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. فَإِنِّى الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ” (مت 17:5-18). (والتكميل هنا معناه تكميل الهدف من الناموس وهو معرفة السيد المسيح، وتكميل الإنسان حتى يصنع الناموس، وذلك من خلال تجديد الطبيعة البشرية بالروح القدس. كذلك فهو تكميل الوصية حتى لا تقف عند حدود الفعل كالزنا والقتل، بل تصل إلى الدوافع الكامنة وراء ذلك كالشهوة والحقد). 2- “فَتِّشُوا الْكُتُبَ (كتب العهد القيم طبعًا فى ذلك الوقت) لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِىَ الَّتِى تَشْهَدُ لِى” (يو 39:5).. “تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللَّهِ” (مت 29:22). 3- “إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ” (مت 8:19)، وهذا مأخوذ عن سفر التثنية (تث 1:24-4). 4- “لاَبُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّى فِى نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ. حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ. وَقَالَ لَهُمْ: هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِى أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِى الْيَوْمِ الثَّالِثِ” (لو 44:24-47). 5- قال له الكتبة والفريسيون: “يَا مُعَلِّمُ نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً. فَقَالَ لَهُمْ: جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِىِّ. لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِى بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِى قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ. رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِى الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ هَهُنَا” (مت 38:12-41).وهنا يتحدث الرب ليس فقط عن سفر يونان، الذى حاول البعض أن يعتبروه أسطورة خيالية، بل عن شخص يونان، وحوت يونان، ومناداة يونان، وأهل نينوى، وتوبتهم والرمز الواضحين يونان والسيد المسيح. 6- كذلك يتحدث الرب عن ملكة التيمن. التى أتت من أقاصى الأرض لتسمع حكمة سليمان، وقال: “هُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!” (مت 42:12).وهنا يتحدث الرب عن زيارة ملكة التيمن لسليمان، وعن حكمة سليمان.. وهذا كله فى العهد القديم. 7- حديث الرب عن الزواج من امرأة واحدة، وعن عدم الطلاق إلا لعلة الزنا، وكيف أعاد الرب الأمور إلى أصولها حينما قال: “مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا” (يقصد سهولة التطليق، وكيف أن التطليق سمح به موسى، من أجل قساوة قلوبهم). وكذلك حينما تحدث عن شريعة الزوجة الواحدة بقوله: “أَمَا قَرَأْتُمْ (فى العهد القديم طبعًا) أَنَّ الَّذِى خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَراً وَأُنْثَى؟ وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونُ الاِثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا” (مت 1:19-9). وواضح أن هذه كلها اقتباسات من أسفار العهد القديم، ودعوة إلى قراءة أسفاره: “أَمَا قَرَأْتُمْ”؟! 8- وفى امتداح السيد المسيح ليوحنا المعمدان، آخر أنبياء العهد القديم، تأكيد على قدسيته، وذلك حين قال: “مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ لَكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَانًا لاَبِسًا ثِيَابًا نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ هُمْ فِى بُيُوتِ الْمُلُوكِ. لَكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ أَقُولُ لَكُمْ وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِىٍّ. فَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِى كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِى الَّذِى يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ” (مت 7:11-11). وواضح أن الرب يقتبس من نبوات العهد القديم ما جاء عن تجسده الإلهى، وعن المعمدان كسابق له.وواضح أيضًا أن “الأصغر” هنا قد يكون السيد المسيح نفسه (لأنه أصغر سنًا من المعمدان بستة أشهر)، أو هو مؤمن العهد الجديد الذى لن يمر بالجحيم بل يدخل إلى الفردوس مباشرة، بعد أن فتح الرب الفردوس بصيبه، الأمر الذى لم يحدث مع المعمدان، إذ عبرت نفسه بالجحيم فى انتظار الفداء والفادى. 9- قال الرب لبطرس: “أَتَظُنُّ أَنِّى لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِى فَيُقَدِّمَ لِى أَكْثَرَ مِنِ اثْنَىْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟ فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ: أَنَّهُ هَكَذَا يَنْبَغِى أَنْ يَكُونَ؟” (مت 53:6-54). هذه مجرد أمثلة بسيطة عن مدى تقديس رب المجدللعهد القديم: أسفارة وأنبيائه، ففى النهاية هو مسيح العهدين، والعهد القديم كان مرحلة فى طريق العهد الجديد، والروح القدس هو كاتب جميع الأسفار، عاصمًا كاتبيها من الزلل. ثانيًا: آيات من الأناجيل المقدسة هذا بحر مستفيض، فالأناجيل المقدسة اقتبست كمية ضخمة من آيات العهد القديم، لتؤكد لنا الارتباط العضوى والصميمى بين العهدين. فالعهد القديم كان التمهيد والأنين والنبوات، أما العهد الجديد فكان الفرح بالخلاص والمخلص، الذى فيه تحققت كل النبوات.وكمجرد إحصاء عن هذه الحقيقة: أ- إنجيل معلمنا متى : أورد 53 إقتباسًا من العهد القديم. ب- إنجيل معلمنا مرقس : أورد 36 إقتباسًا من العهد القديم. ج- إنجيل معلمنا لوقا : أورد 25 إقتباسًا من العهد القديم. د- إنجيل معلمنا يوحنا : أورد 20 إقتباسًا من العهد القديم. واترك للقارئ الحبيب، أن يقرأ هذه الأناجيل المقدسة ويسجل فى دراسة خاصة له هذه الاقتباسات، وهى واضحة وضوح الشمس..وهذه مجرد عينة بسيطة من إنجيل واحد هو إنجيل معلمنا متى: (1:1-17) (22:1-23) (5:2-6) (15:2) (17:2-18) (23:2) (4:4،7،10) (14:4-16) (17:5) (21:5) (27:5) (31:5) (33:5) (38:5) (43:5) (29:6) (4:8) (17:8) (40:10) (9:11-10) (14:11) (3:12-6) (17:12-21) (38:12-41) (42:12) (17:13) (8:15) (3:16-4) (11:17-13) (16:18) (3:19-9) (17:19) (4:21-5) (13:21) (16:21) (25:21) (42:21) (29:22-32) (32:22-40) (21:22-46) (31:26) (53:26-54) (56:26) (6:27-10) (35:27) (42:27) (46:27) ثالثًا: من رسائل الآباء الرسل حفلت رسائل البولس والكاثوليكون باقتباسات كثيرة من العهد القديم، مؤكدة الترابط العضوى بين العهدين، وهذه مجرد أمثلة، من رسالة واحدة هى الرسالة إلى رومية: 1- “لإِنْجِيلِ اللهِ. الَّذِى سَبَقَ فَوَعَدَ بِهِ بِأَنْبِيَائِهِ فِى الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ” (رو 1:1-2). 2- “لأَنْ لَيْسَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ النَّامُوسَ هُمْ أَبْرَارٌ عِنْدَ اللهِ بَلِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِالنَّامُوسِ هُمْ يُبَرَّرُونَ” (رو 13:2). 3- “اسْمَ اللهِ يُجَدَّفُ عَلَيْهِ بِسَبَبِكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ” (رو 24:2). 4- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: لِكَىْ تَتَبَرَّرَ فِى كَلاَمِكَ وَتَغْلِبَ مَتَى حُوكِمْتَ” (رو 4:3). 5- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ” (رو 10:3). 6- “فَمَاذَا نَقُولُ إِنَّ أَبَانَا إِبْرَاهِيمَ قَدْ وَجَدَ حَسَبَ الْجَسَدِ..” (رو 1:4). 7- “كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ..” (رو 12:5). 8- “الْمَرْأَةَ الَّتِى تَحْتَ رَجُلٍ هِىَ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ بِالرَّجُلِ الْحَىِّ..” (رو 2:7). 9- “الَّذِينَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ وَلَهُمُ التَّبَنِّى وَالْمَجْدُ وَالْعُهُودُ وَالاِشْتِرَاعُ وَالْعِبَادَةُ وَالْمَوَاعِيدُ. وَلَهُمُ الآبَاءُ وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ” (رو 4:9-5). 10- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَحْبَبْتُ يَعْقُوبَ وَأَبْغَضْتُ عِيسُوَ” (رو 13:9). 11- يقول الكتاب لفرعون: “إِنِّى لِهَذَا بِعَيْنِهِ أَقَمْتُكَ لِكَىْ أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتِى..” (رو 17:9). 12- كما فى هوشع أيضًا: “سَأَدْعُو الَّذِى لَيْسَ شَعْبِى شَعْبِى وَالَّتِى لَيْسَتْ مَحْبُوبَةً مَحْبُوبَةً” (رو 25:9). 13- وإشعياء يصرخ من جهة إسرائيل: “وَإِنْ كَانَ عَدَدُ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ فَالْبَقِيَّةُ سَتَخْلُصُ” (رو 27:9). 14- وكما سبق إشعياء فقال: “لَوْلاَ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ أَبْقَى لَنَا نَسْلاً لَصِرْنَا مِثْلَ سَدُومَ وَشَابَهْنَا عَمُورَةَ” (رو 29:9). 15- كما هو مكتوب: “هَا أَنَا أَضَعُ فِى صِهْيَوْنَ حَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ وَكُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى” (رو 33:9). 16- “لأَنَّ مُوسَى يَكْتُبُ فِى الْبِرِّ الَّذِى بِالنَّامُوسِ: إِنَّ الإِنْسَانَ الَّذِى يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا” (رو 5:10). 17- الكتاب يقول: “كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى” (رو 11:10). 18- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَمِ الْمُبَشِّرِينَ بِالْخَيْرَاتِ” (رو 15:10). 19- لأن إشعياء يقول: “يَا رَبُّ مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا” (رو 16:10). 20- “إِلَى جَمِيعِ الأَرْضِ خَرَجَ صَوْتُهُمْ وَإِلَى أَقَاصِى الْمَسْكُونَةِ أَقْوَالُهُمْ” (رو 18:10). 21- موسى يقول: “أَنَا أُغِيرُكُمْ بِمَا لَيْسَ أُمَّةً. بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُكُمْ” (رو 19:10). 22- إشعياء يتجاسر ويقول: “وُجِدْتُ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُونِى وَصِرْتُ ظَاهِرًا للَّذِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنِّى. أَمَّا مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيلَ فَيَقُولُ: طُولَ النَّهَارِ بَسَطْتُ يَدَىَّ إِلَى شَعْبٍ مُعَانِدٍ وَمُقَاوِمٍ” (رو 20:10-21). 23- ماذا يقول الكتاب عن إيليا، كيف توسل إلى الله ضد إسرائيل قائلاً: يارب قتلوا أنبياءك، وهدموا مذابحك، وبقيت أنا وحدى، وهم يطلبون نفسى، لكن ماذا يقول الوحى؟ “أَبْقَيْتُ لِنَفْسِى سَبْعَةَ آلاَفِ رَجُلٍ لَمْ يُحْنُوا رُكْبَةً لِبَعْلٍ” (رو 2:11-4). 24- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَعْطَاهُمُ اللهُ رُوحَ سُبَاتٍ وَعُيُونًا حَتَّى لاَ يُبْصِرُوا وَآذَانًا حَتَّى لاَ يَسْمَعُوا إِلَى هَذَا الْيَوْمِ” (رو 8:11). 25- وداود يقول: “لِتَصِرْ مَائِدَتُهُـمْ فَخًّـا وَقَنَصًا وَعَثْرَةً وَمُجَازَاةً لَهُمْ. لِتُظْلِمْ أَعْيُنُهُمْ كَىْ لاَ يُبْصِرُوا وَلْتَحْنِ ظُهُورَهُمْ فِى كُلِّ حِينٍ” (رو 9:11-10). 26- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: سَيَخْرُجُ مِنْ صِهْيَوْنَ الْمُنْقِذُ وَيَرُدُّ الْفُجُورَ عَنْ يَعْقُوبَ” (رو 26:11). 27- “مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟” (رو 34:11). 28- “أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِىَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِى يَقُولُ الرَّبُّ” (رو 19:12). 29- “لأَنَّ لاَ تَزْنِ لاَ تَقْتُلْ لاَ تَسْرِقْ لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ لاَ تَشْتَهِ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً أُخْرَى هِىَ مَجْمُوعَةٌ فِى هَذِهِ الْكَلِمَةِ: أَنْ تُحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ” (رو 9:13). 30- “لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَا حَىٌّ يَقُولُ الرَّبُّ إِنَّهُ لِى سَتَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ وَكُلُّ لِسَانٍ سَيَحْمَدُ اللهَ” (رو 11:14). 31- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: تَعْيِيرَاتُ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَىَّ” (رو 3:15). 32- “لأَنَّ كُلَّ مَا سَبَقَ فَكُتِبَ كُتِبَ لأَجْلِ تَعْلِيمِنَا حَتَّى بِالصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ بِمَا فِى الْكُتُبِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ” (رو 4:15). 33- “إِنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ قَدْ صَارَ خَادِمَ الْخِتَانِ مِنْ أَجْلِ صِدْقِ اللهِ حَتَّى يُثَبِّتَ مَوَاعِيدَ الآبَاءِ” (رو 8:15). 34- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ سَأَحْمَدُكَ فِى الأُمَمِ وَأُرَتِّلُ لاِسْمِكَ (ثم اقتباسات أخرى متتالية)” (رو 9:15). 35- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: الَّذِينَ لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ سَيُبْصِرُونَ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْمَعُوا سَيَفْهَمُونَ” (رو 21:15). 36- “السِّرِّ الَّذِى كَانَ مَكْتُومًا فِى الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ. وَلَكِنْ ظَهَرَ الآنَ وَأُعْلِمَ بِهِ جَمِيعُ الأُمَمِ بِالْكُتُبِ النَّبَوِيَّةِ حَسَبَ أَمْرِ الإِلَهِ الأَزَلِىِّ لإِطَاعَةِ الإِيمَانِ” (رو 25:16-26).تصور أيها القارئ الحبيب، كل هذه الاقتباسات من العهد القديم فى رسالة واحدة، فماذا نقول عن باقى الرسائل؟ إنها دراسة شيقة يمكنك أن تقوم بها، خصوصًا فى رسالتى غلاطية والعبرانيين.. لتدرك قدسية العهد القديم، والترابط العضوى بين العهدين.لهذا كان طبيعيًا أن يقول الرسول للقديس تيموثاوس: “وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ إنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِى فِى الْمَسِيحِ يَسُوعَ. كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِى فِى الْبِرِّ، لِكَىْ يَكُونَ إنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ” (2تى 15:3-17). تيموثاوس قارئها إلى الإيمان بالمسيح والخلاص به. – ولاحظ قول للقديس تيموثاوس الرسول: أن “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ” (2تى 16:3)، عجبى إذن على أناس ينتقصون من قدسية العهد القديم!! ألم يقل معلمنا بطرس: “وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِىَ أَثْبَتُ، الَّتِى تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِى مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِى قُلُوبِكُمْ، عَالِمِينَ هَذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ، لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُك بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ” (2بط 19:1-21). ولاحظ أيها الحبيب فى هذا النص: 1- أن كلمات الأنبياء هى أثبت، أى أنها ثابتة وأثبت من كلام البشر. 2- أنه يوصينا أن ندرسها إذ أننا نفعل حسنًا إذا انتبهنا إليها. 3- أنها كسراج منير فى موضع مظلم. 4- أنها مرحلة تمهيدية تقودنا إلى المسيح كوكب الصبح. 5- أن كل نبوات الكتاب هى من الله وليس بعضها. 6- أن مشيئة الإنسان ليست هى الدافع للكتابة بل روح الله. 7- أنهم قديسون، كانوا مسوقين بالروح القدس. هل بعد ذلك نتساءل عن قدسية العهد القديم؟! رابعًا: من رسائل الكاثوليكون 1- فى رسالتى معلمنا بطرس الرسول وقد إقتبس معلمنا بطرس الرسول الكثير من آيات وأحداث العهد القديم مثل: 1- “الْخَلاَصَ الَّذِى فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِى لأَجْلِكُمْ” (1بط 10:1). 2- “رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِى فِيهِمْ، إِذْ سَبَقَ فَشَهِدَ بِالآلاَمِ الَّتِى لِلْمَسِيحِ وَالأَمْجَادِ الَّتِى بَعْدَهَا” (1بط 11:1). 3- “لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّى أَنَا قُدُّوسٌ” (1بط 16:1) مأخوذة من (لا 44:11). 4- “لِذَلِكَ يُتَضَمَّنُ أَيْضًا فِى الْكِتَابِ: هَأنَذَا أَضَعُ فِى صِهْيَوْنَ حَجَرَ زَاوِيَةٍ مُخْتَارًا كَرِيمًا، والَّذِى يُؤْمِنُ بِهِ لَنْ يُخْزَى” (1بط 6:2) إشارة إلى (إش 16:28). 5- “الَّذِينَ قَبْلاً لَمْ تَكُونُوا شَعْبًا، وَأَمَّا الآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ، وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ” (1بط 10:2) إشارة إلى (هو). 6- “فَإِنَّهُ هَكَذَا كَانَتْ قَدِيمًا النِّسَاءُ الْقِدِّيسَاتُ أَيْضًا الْمُتَوَكِّلاَتُ عَلَى اللهِ، يُزَيِّنَّ أَنْفُسَهُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِهِنَّ، كَمَا كَانَتْ سَارَةُ تُطِيعُ إِبْرَاهِيمَ دَاعِيَةً إِيَّاهُ سَيِّدَهَا..” (1بط 5:3-6). 7- “ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِى فِى السِّجْنِ.. أَيَّامِ نُوحٍ، إِذْ كَانَ الْفُلْكُ يُبْنَى..” (1بط 19:3-20). 8- “لَمْ يُشْفِقْ عَلَى مَلاَئِكَةٍ قَدْ أَخْطَأُوا، بَلْ فِى سَلاَسِلِ الظَّلاَمِ طَرَحَهُمْ” (2بط 4:2). 9- “حَفِظَ نُوحًا ثَامِنًا كَارِزًا لِلْبِرِّ” (2بط 5:2). 10- “رَمَّدَ مَدِينَتَىْ سَدُومَ وَعَمُورَةَ” (2بط 6:2). 11- “وَأَنْقَذَ لُوطًا الْبَارَّ” (2بط 7:2). 12- “فَضَلُّوا، تَابِعِينَ طَرِيقَ بَلْعَامَ” (2بط 15:2). 13- “لِتَذْكُرُوا الأَقْوَالَ الَّتِى قَالَهَا سَابِقًا الأَنْبِيَاءُ الْقِدِّيسُونَ، وَوَصِيَّتَنَا نَحْنُ الرُّسُلَ، وَصِيَّةَ الرَّبِّ وَالْمُخَلِّصِ” (2بط 2:3). 2- وفى رسالة معلمنا يوحنا “لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ..” (1يو 12:3). ومعروف أن معلمنا يوحنا كتب رسائل دفاعًا عن ناسوت السيد المسيح، أنه ناسوت حقيقى ولكن بلا خطية، كما كتب إنجيله دفاعًا عن لاهوت السيد المسيح.. وقد كتب ذلك فى أواخر القرن الأول بعد أن سادت وإنتشرت الأناجيل الثلاثة الأولى، ورسائل البولس، والكاثوليكون، بما فيها من إقتباسات كثيرة من العهد القديم. ولقد لاحظنا إقتباساته الكثيرة فى سفر الرؤيا. لذلك فلا صحة لمن يحاولون تصوير منهج الرسولين بولس ويوحنا أنه مختلف عن بطرس ويعقوب. فالكل إقتبس من العهد القديم، ولكن الموضوعات تتنوع وتحتاج إلى أسلوب حديث مختلف، لكنه متكامل مع غيره، بدليل قول معلمنا بطرس عن رسائل معلمنا بولس: “كَمَا كَتَبَ إِلَيْكُمْ أَخُونَا الْحَبِيبُ بُولُسُ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحِكْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ، كَمَا فِى الرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضًا، مُتَكَلِّمًا فِيهَا عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ” (2بط 15:3-16).. وهذا يؤكد وحدة المنهج الرسولى، وخطأ من يحاولون التفريق بين الرسل. 3- وفى رسالة معلمنا يهوذا تتحدث عن أمور كثيرة من العهد القديم مثل: 1- خلاص الشعب من أرض مصر (يه 5) 2- والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم (يه 6). 3- وهلاك سدوم وعمورة (يه 7). 4- ومحاربة ميخائيل والشيطان (يه 9). 5- وطريق قايين، وضلالة بلعام، ومشاجرة قورح (يه 9). 6- ونبوة أخنوخ (يه 14). خامسًا: من سفر الرؤيا نجد فى سفر الرؤيا اقتباسات وإشارات كثيرة إلى العهد القديم مثل: 1- “وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً لِلَّهِ أَبِيهِ” (رؤ 6:1). 2- “وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، والَّذِينَ طَعَنُوهُ” (رؤ 7:1). 3- “عِنْدَكَ هُنَاكَ قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ، الَّذِى كَانَ يُعَلِّمُ بَالاَقَ أَنْ يُلْقِىَ مَعْثَرَةً أَمَامَ بَنِى إِسْرَائِيلَ: أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، وَيَزْنُوا” (رؤ 14:2). 4- “هُوَذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِى مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ” (رؤ 5:5). 5- الأسباط المذكورة فى (رؤ 7). 6- “يَتِمُّ أَيْضًا سِرُّ اللهِ، كَمَا بَشَّرَ عَبِيدَهُ الأَنْبِيَاءَ” (رؤ 7:10). 7- الزيتونتان والمنارتان، هما شخصيتان من العهد القديم (رؤ 11). 8- المرأة المذكورة فى رؤيا (رؤ 12) هى الأمة اليهودية وهى أيضًا رمز العذراء الطاهرة. 9- الخروف الواقف على جبل صهيون، رمز انتصار الكنيسة على الشيطان (رؤ 14)، وكذلك سقوط بابل (الشعب الذى سبى بنى إسرائيل) رمز حروب الخطية وانتصار أولاد الله عليها. 10- “تَرْنِيمَةَ مُوسَى عَبْدِ اللهِ، وَتَرْنِيمَةَ الْخَرُوفَ” (رؤ 3:15). 11- سقوط بابل (الجديدة) رمز بابل القديمة التى سبت شعب الله (رؤ 10:18). 12- أورشليم الجديدة (رؤ 21). 13- شجرة الحياة (رؤ 22). وبعد.. فماذا نقول؟ أن مئات بل آلاف الاقتباسات من العهد القديم، وردت فى العهد الجديد، فهل يجوز أن نكابر ونفصل العهدين؟أو ننتقص من قدسية العهد القديم، وها آياته وأحداثه تملأ إصحاحات العهد الجديد؟! نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
16 يونيو 2020

«هَأنَذَا أَرْسِلْنِي» (إش6: 8)

«لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ» (أع1: 8)،«فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي» (لو24: 49).- بعد صعود الرب إلى السماء، رجع التلاميذ إلى أورشليم.. ومكثوا يصلون في علية مارمرقس.. التلاميذ ومعهم السيدة العذراء مريم، والنسوة، ومن معهم.. إلى أن حلّ عليهم الروح القدس المعزي.ويأتي "عيد العنصرة" في اليوم الخمسين من يوم عيد القيامة، وبعد عشرة أيام من عيد الصعود، ويُسمّى الـ Penticost "البنطيقستي" حيث كلمة بنتا تعني خمسة، ويسمى أيضًا "عيد حلول الروح القدس". ويليه صوم الآباء الرسل الأطهار؛ وكان من أهم أعياد اليهود..- و"العنصرة": هي كلمة عبرية معناها "الجمع" أو "الاجتماع" أو "المحفل المقدس"، وفيه كانوا يجتمعون ويعيّدون.. وجاءت المسيحية فدعت عيد حلول الروح القدس باسم "عيد العنصرة" لأن الروح القدس حل فيه على جماعة التلاميذ وهم مجتمعون في العلية، حيث أعطى قوة للتلاميذ، في الكرازة، وصنع المعجزات، فأقاموا الموتى، وشفوا الأمراض المستعصية، وأخضعوا الشياطين وصنعوا المعجزات (مر16: 17-18).- فالعنصرة إذًا تتويج للفصح، لأن السيد المسيح بعد أن أتمّ الفداء والقيامة على الأرض، صعد إلى السماوات، ثم أرسل لنا الروح القدس المعزي، لكي ينير أذهاننا، فنفهم الكتب، وندرك عمق أقواله التي وردت في الكتاب المقدس.- أرسلهم ليكرزوا: كانت إرسالية الرب للتلاميذ، الذين سرعان ما فتنوا المسكونة، وغيّروا وجه التاريخ، ونشروا اسم المسيح في كل مكان، حتى دانت لهم إمبراطورية الأوثان، وملك الرومان، وصارت هياكل الأصنام مذابح للرب.. وهكذا سلكوا:- في بذل.. حتى إلى الموت..- وفي إخلاء.. حتى إلى وضع العبيد..- وفي ألم.. حتى الاستشهاد..- وفي طاعة.. مهما كانت التضحيات..- وفي أمانة.. حتى النفس الأخير..- قدموا من أجل المسيح:1- خدمة الصلاة من أجل المخدومين.2- وخدمة المحبة لكل الناس.3- وخدمة النموذج الشاهد للمخلص.4- وخدمة الكلمة الحية الفعالة..لذلك يعظنا الكتاب المقدس «امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ» (أف5: 18). «وَلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ» (أف4: 30). «لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ» (1تس5: 19)، بل «حَارِّينَ فِي الرُّوحِ، عَابِدِينَ الرَّبَّ» (رو11: 12).. فالروح القدس هو الذي يعطينا التجديد الروحي وإرسالية الخدمة، وإمكانية الكرازة!! وهكذا انطلق الآباء الرسل يخدمون ويبشرون، حتى نشروا المسيحية وصاروا شهودًا للرب في كل مكان، في أنحاء العالم المعروف آنذاك، وذلك: بقوة الروح، وعمق الصلاة، ويقين الإيمان، وفاعلية الكلمة.- لقد تغيرت حياة التلاميذ بعد حلول الروح القدس عليهم.. لهذا يجب أن نسلم حياتنا لقيادة الروح القدس لكي يغيرنا «لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ» (رو8: 14).فليعطنا الرب أن نخدم كما خدموا.. لنذوق فرحة الخدمة والإرسالية، مع فرحة القيامة المجيدة.. ولنقل في تواضع إشعياء النبي وانسحاقه: «هَأنَذَا أَرْسِلْنِي» (إش6: 8). نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
02 أكتوبر 2018

الخادم ومعلم الأجيال - أ.د. موريس تواضروس

أستاذ تفسير الكتاب المقدس بالكنيسة القبطية، والنموذج الممتاز في حب كلمة الله وكل الناس، وفي ريادة أجيال عديدة أحبت كلمة الله، وتعلمت على يديه كيف تفهمها، وتحياها بمرجعية: علمية، وآبائية، وكنسية. أستاذي أ. د. موريس تواضروس عرفته أستاذًا لي بالإكليريكية، كما أعطاني شرف الصداقة الشخصية معه، وكان مرشدًا لي في مناسبات كثيرة، حيث جعلني أدخل إلى دراسة الكتاب المقدس، وقد سعدت به على المستويين الأكاديمي والشخصي.. أقرأ مذكراته وكتبه، ثم أكتب بعض الدراسات والكتيبات عن أسفاره المقدسة.. فهو الذي أدخلنا بمحاضراته وأبحاثه إلى آفاق جديدة في دراسة الكتاب المقدس. أ. د. موريس تواضروس لم يكن فقط أستاذًا يفسّر الكتاب المقدس، بل كانت حياته كتابًا مقدسًا فعلًا، إذ تتلمذنا على يديه وصادقناه عن قرب، فوجدناه قلبًا نقيًا وكتابًا مفتوحًا وتراثًا من الدراسات الهامة والمتميزة. إن أ. د. موريس تواضروس تخرج على يديه بطاركة وأساقفة وكهنة، وقيادات خادمة في كل أنحاء الشرق الأوسط. الرب يعوضه عن تعبه في خدمة الكنيسة، وتربية الأجيال، وكذلك في احتمال الألم والمرض. إنه بحق من الأبرار المعاصرين.لقد استقبله السيد المسيح بفرح، كما فرحت به أمنا العذراء وآباء الكنيسة: مار مرقس والقديس أثناسيوس، والقديس كيرلس، والقديس ديوسقوروس، وآباء العصر الحالي: من البابا كيرلس أبي الاصلاح، إلى البابا كيرلس الخامس بابا الاكليريكية والتربية الكنسية، والقديس الأرشيدياكون حبيب حرجس، والبابا كيرلس السادس رجل الصلاة والمعجزات، ثم البابا شنودة الثالث بابا التعليم ومدارس الأحد. لقد خدم معهم جميعًا بأمانة متميزة، وغيرة حقيقية، الى أن داهمه المرض.. لتنظلق روحه بسلام إلى سماء المجد.طوباك يا د. موريس، فلقد جاهدت الجهاد الحسن، وحفظت الإيمان، والآن في طريقك إلى اكليل البر والملكوت العتيد، حيث المجد الأبدي مع رب المجد، وأم النور، وكل الآباء القديسين. الرب يعوضه عن جهاده المتميز في خدمة الكتاب المقدس، والكنيسة، والعلم. وينيح نفسه الأمينة في الفردوس.الرب يعيننا كما أعانك، ويعزّينا عنك بتعزيات روحه القدوس، ويعزي أسرته، وتلاميذه من بطاركة وأساقفة إلى كهنة ورهبان وشمامسة وخدام. تعزياتي لقداسة البابا تواضررس الثاني، أحد علماء دراسات الكتاب المقدس أيضًا، ولأسرة أ.د. موريس وتلاميذه المنتشرين، في العالمين: القبطي والمسكوني، ولكل مريديه وعارفي فضله... تعزيات السماء ترافقنا جميعًا، وتسند ضعفنا بصلواته المقدسة. ولربنا كل المجد إلى الأبد آمين. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
20 نوفمبر 2018

الأدفنتست السبتيون

طائفة الأدفنتست (السبتيون) ليست مسيحية رغم أنهم يدعون غير ذلك، وهى امتداد لهرطقة قديمة حاربها الآباء الرسل بضراوة، وكانت تدعى "هرطقة التهود"، ويظهر ذلك جليًا في كتابات معلمنا بولس الرسول: "لا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت، التي هي ظل الأمور العتيدة" (كو2: 16، 17)، فالسبت كان ظلًا للأحد، وذبائح العهد القديم كانت ظلًا لذبيحة السيد المسيح على الصليب، ولقد كتب معلمنا بولس رسالة كاملة إلى العبرانيين (اليهود المتنصرين)، ليوضح لهم أن مجد المسيحية أكبر كثيرًا من المجد اليهودي، سواء من جهة: الذبيحة أو الهيكل أو العهد أو الكهنوت.. إلخ. ويكفى أن السبتيين يعتقدون أن السيد المسيح شابهنا في كل شيء حتى في الخطية الجدية، وفي إمكانية الخطأ والخطيئة!! وهكذا نسفوا عقيدة الفداء نهائيًا، الأمر الذي يهدد كل من يعتقد في هذه الهرطقة بالهلاك الأبدي. لذلك أشكر نيافة الأنبا بيشوي من أجل هذا الكتيب المختصر، الذي يناسب القارئ العادي، والذي كشف لنا فيه الأساسات الواهية لهذه البدعة الخطيرة، والأخطاء القاتلة التي تحتويها. وكان قداسة البابا قد حذرنا منها في مقالات وعظات سابقة، وهو بصدد إصدار كتاب خاص يدحض هذه الهرطقة. إننا ندعو قادة هذه البدعة، وكل تابعيها، أن يسرعوا إلى التوبة، قبل فوات الأوان، حتى لا تنطبق عليهم الآية: "وإن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء، بغير ما بشرناكم، فليكن أناثيما (محرومًا)" (غل1: 8). وقد لعبت السيدة إيلين هوايت (أو هيلين وايت) دورًا كبيرًا في تاريخ جماعة السبتيين. ولدت إيلين جولد هارمون Ellen Gould Harmon في 26 نوفمبر سنة 1827م من أسرة تنتمي إلى جماعة المثوديست. وكانت أسرتها قد انضمت إلى حركة المجيئيين نتيجة للتعليم الذي نادى به وليم ميللر في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أصيبت إيلين برمية حجر أثناء وجودها في المدرسة في الجانب الأيسر من جبهتها كاد يودى بحياتها، وأصاب مخها بتدمير سيئ حتى أنها لم تتمكن من استكمال دراستها الرسمية بالمدرسة. وقد إدعت إيلين هوايت Ellen White التي تزوجت بجيمز هوايت James White أنها قد رأت حلمًا يؤكد حتمية حفظ السبت اليهودي بالنسبة للمسيحيين. وفي هذا الحلم ادعت أنها رأت الوصية الرابعة وهى تضئ بنور باهر بين الوصايا العشر على لوحيّ الحجر ونص هذه الوصية "اذكر يوم السبت لتقدسه" (خر20: 8). اعتبرت جماعة وليم ميللر أن إيلين هوايت هي رسولة من الله ونبية ورائية وأن كل ما رأته هو رسائل إلهية لهذه الجماعة. وتوفيت السيدة إيلين هوايت سنة 1915م عن عمر 87 عام ولكنها لم تحضر أبدًا المجيء الثاني للسيد المسيح. ومع ذلك فهي مكرمة بطريقة عالية جدًا في جماعة السبتين. وكانت إيلين هوايت قد استبدلت الأحلام بإدعاء زيارات في الثالثة صباحًا لملائكة كانوا يخبرونها بما ينبغي أن تكتبه. تعليق شهود العيان على رؤى إيلين هوايت: في كتاب "نبية الأيام الأخيرة" الذي أخرجه الأدفنتست، يصفون حالتها أثناء الرؤى، فتقول السيدة مرثا أمادون التي حضرت عدة مرات تلك الرؤى : "أنا ممن راقبوها كثيرًا وهى في الرؤية وأعرف المجموعة التي تحضر معها في العادة وجميعهم ذو قوة ملاحظة وإيمان بما تقوم به. وكنت أتساءل كثيرًا لماذا لم يعط وصف أكثر حيوية للمناظر التي حدثت. كانت عيناها مفتوحتين في الرؤية. لم يكن هناك نفس لكن حركات كتفيها وذراعيها ويديها كانت رشيقة تعبر عما كانت تراه. كان مستحيلًا على أى شخص آخر أن يحرك يديها أو ذراعيها وكثيرًا ما كانت تنطق بالكلمات فرادى وأحيانًا بجمل تعبر لمن حولها عن طبيعة المنظر الذي تراه سواء سماوي أو أرضى". George Ide Butler (جورج بطلر، باطلر، باتلر) من أتباع هذه الطائفة وقد شاهدها في مناسبات عديدة في سنة 1874م فيقول : "أعطيت إيلين هوايت هذه الرؤى طيلة 30 سنة تقريبًا، وكانت تكثر تارة وتقل تارة أخرى، وشاهدها الكثيرون. وفي الغالب كان الحاضرون من المؤمنين بها وغير المؤمنين على السواء. وهى تحدث عامة ولكن ليس دائمًا، في مواسم الاهتمام الديني الجادة حيث يكون روح الله حاضرًا بشكل خاص". وقال أيضًا في وصفه: "يتراوح الوقت الذي تقضيه السيدة هوايت على هذا الحال بين خمسة عشر دقيقة إلى مائة وثمانين (ثلاث ساعات). وأثناء هذا الوقت يستمر القلب والنبض، وتكون العينان مفتوحتين عن آخرهما، ويبدوان محملقتين في شيء على مسافة بعيدة، ولا تلتفتان إلى شخص أو شيء بعينه في الحجرة، بل يكون اتجاهها دائمًا إلى أعلى.. وقد تُقرَّب أشد أضواء إلى عينيها أو يتظاهر (أحد) بدفع شيء فيهما، ومع ذلك لا ترمش أو تغير وجهها... يتوقف تنفسها تمامًا وهى في الرؤية، ولا يفلت من منخارها أو شفتيها أي نفس وهى على هذه الحال". وقال أيضًا: "كثيرًا ما تفقد قوتها مؤقتًا فتتكئ أو تجلس ولكن في ماعدا ذلك تكون واقفة. إنها تحرك ذراعيها برشاقة". وزوجها جيمز هوايت يعلق على رؤاها قائلًا : "عند خروجها من الرؤية سواء بالنهار أو الليل في غرفة جيدة الإنارة، يكون كل شيء حالك الظلمة بالنسبة لها، ثم تعود قدرتها على تميز حتى ألمع الأشياء بالتدريج مهما كان قريبًا من عينيها. ويقدر عدد الرؤى التي تلقتها أثناء ثلاث وعشرون عامًا خلت بما يتراوح بين مائة ومائتي رؤية وقد أعطيت هذه الرؤى في مختلف الظروف تقريبًا ومع ذلك تحتفظ بتماثل عجيب". أراد دكتور بوردو أيضًا أن يتأكد من الأمر بنفسه فذهب لرؤية إيلين هوايت وهى تدَّعى أنها في حالة رؤية وكانت هذه الحادثة في بكس بريدج Buck’s Bridge في نيويورك سنة 1857م فيقول : "في يوم 28 يونيو 1857م رأيت الأخت إيلين هوايت في رؤية لأول مرة وكنت آنذاك غير مؤمن بالرؤى، ولكن موقفًا من المواقف الكثيرة التي يمكن أن أذكرها أقنعني بأن رؤاها من الله. فلكي أرضى عقلي بشأن عدم تنفسها وهى في الرؤية أولًا وضعت يدي على صدرها مدة كافية، فتأكدت من عدم تنهد رئتيها تمامًا، كما لو كانت جثة هامدة، ثم أخذت يدي ووضعتها على فمها، وضغطت منخاريها بين إبهامي وسببابتي بحيث يستحيل عليها الشهيق أو الزفير، حتى ولو أرادت هي ذلك، فأمسكت بها هكذا بيدي قرابة العشر دقائق، وهذا يكفى لخنقها لو كانت في حالتها الطبيعية لكنها لم تتأثر بهذا على الإطلاق. ومنذ مشاهدتي هذه الظاهرة العجيبة لم أجنح ولو مرة واحدة بعد ذلك إلى الشك في مصدر رؤاها الإلهي". - الروح تموت مع الجسد يعتقدون أن الروح تموت مع موت الجسد وأن الروح الإنسانية ليست خالدة بل هي مثل روح البهيمة أو الحيوان. مع أن السيد المسيح قال "أنا إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب ليس الله إله أموات بل إله أحياء" (مت 22: 32). قال هذا في رده على الصدوقيون بخصوص المرأة التي كانت زوجة لسبعة إخوة فسألوه "فئ القيامة لمن من السبعة تكون زوجة فإنها كانت للجميع. فأجاب يسوع وقال لهم تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله. لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء. وأما من جهة قيامة الأموات أفما قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل أنا إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب ليس الله اله أموات بل إله أحياء" (مت 22: 23-33). وهم يسيئون استخدام الآية التي وردت في سفر الجامعة "لأن ما يحدث لبنى البشر يحدث للبهيمة وحادثة واحدة لهم موت هذا كموت ذاك ونسمة واحدة للكل فليس للإنسان مزية على البهيمة لأن كليهما باطل" (جا 3: 19). طبعًا كاتب سفر الجامعة لم يقصد إطلاقًا أن روح الإنسان مثل روح البهيمة لأنه في الآيات السابقة لهذه الآية يقول "قلت في قلبي من جهة أمور بني البشر أن الله يمتحنهم ليريهم أنه كما البهيمة هكذا هم" (جا 3 : 18). فالرب يمتحن الإنسان بحادثة الموت التي تحدث للإنسان والبهيمة على السواء ليرى إن كان الإنسان سوف يؤمن بالحياة الأبدية أم لا. كما أنه يقول عن موت الإنسان "فيرجع التراب إلى الأرض كما كان وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها" (جا 12: 7). أما في الإصحاح الثالث فيقول "من يعلم روح بني البشر هل هي تصعد إلى فوق وروح البهيمة هل هي تنزل إلى أسفل إلى الأرض" (جا 3 : 21) ففي قوله "من يعلم؟" هو يمتحنهم.. وقد أورد الكتاب المقدس العديد من الآيات التي تدل على أن روح الإنسان لها مكانة عند الله، ومن أمثلة ذلك قول الكتاب عن الرب "جابل روح الإنسان في داخله" (زك 12: 1) ، وأيضًا "لكن في الناس روحًا ونسمة القدير تعقلهم" (أى 32: 8)، و"روح الله صنعني ونسمة القدير أحيتني" (أى33: 4). وفي سفر أشعياء يقول "هكذا يقول الله الرب خالق السماوات وناشرها باسط الأرض ونتائجها معطى الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحًا" (أش 42: 5). كما أنهم يعتقدون أنه لا توجد دينونة أبدية للأشرار ولا قيامة لأجسادهم ولا عودة لأرواحهم بل يقيم الله الأبرار فقط ويعيد الحياة إلى أجسادهم وأرواحهم بنعمة خاصة. على الرغم من أن السيد المسيح تكلّم كثيرًا جدًا عن خروج الأبرار أو الصالحين للقيامة لحياة أبدية (أنظر مت25 )، وذهاب الأشرار إلى جهنم الأبدية المعدة لإبليس وملائكته "ثم يقول أيضًا للذين عن اليسار اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" (مت25: 41). ويعتبرون أن نفس هذه القاعدة تنطبق على الرب يسوع المسيح من ناحية إنسانيته، أي أن روحه وجسده أعيدوا إلى الحياة مرة أخرى أيضًا بنعمة خاصة إلهية. وفي هذه الحالة يصطدمون بالآية التي قالها القديس بطرس الرسول "مماتًا في الجسد ولكن محيىً في الروح الذي فيه أيضًا ذهب فكرز للأرواح التي في السجن" (1بط3: 18-19). فهم يقللون من شأن القيامة وتبدو مفاهيمهم مهتزة في عمل السيد المسيح الفدائي وقيامته من الأموات. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
27 نوفمبر 2018

الضمانات الأكيدة للطهارة

1) عمل النعمة ليس من شك إن مجهوداتنا البشرية مهما عظمت، لا تقدر إن ترفعنا فوق قامتنا ولو إلى ذراع واحد. هذه خبرة حياتنا اليومية، وليس من شك إن قوى البشر أعلى من إن نواجهها ببشريتنا الهزيلة. لذلك جاء تدبير النعمة ليحل المشكلة ويلغى التناقص المروع، الكائن بين إله قدوس وبشر خطاة، النعمة عمل إلهي باطني، به يصير الإنسان شريكا للطبيعة الإلهية، وهى قوة غير محدودة في أحشاء الإنسان فتنبط الغريزة، وتهدأ النفس، ويستنير الفكر، ويخشع الكيان، النعمة طبيب إلهي يشفى النفس من انحرافاتها وأوجاعها. لذلك فالشباب الذي يستودع نفسه لعمل النعمة، يحس بتغير صادق في نفسه وحواسه وأفكاره ومشاعره ونزعاته، وهذه معجزة لابد من اختبارها. النعمة.. طاقة جبارة ترفع النفس فوق معاكسات الجسد وإغراءات العالم ، وإيحاءات العدو أنها ببساطة الله ساكنا في إنسان. أما وسيلة الحصول على هذه النعمة فهي: الطاعة والقبول الصادق للرب يسوع رئيسا للحياة، والشركة المستمرة معه، للتعبير عن هذا الاختبار عمليا، بالصلاة والشبع بالانجيل والاتحاد المستمر بجسده ودمه الاقدسين. إذا كانت لدينا نية صادقة للحياة حسب المسيح، فلنترجم هذا عمليا بالشركة الحية والطاعة العملية لتعليمات الرب، وهنا يأتي دور الجهاد الذي به نحصل على النعمة اللازمة لخلاصنا. هيا يا أخي الشاب أقترب من السيد، وانسكب تحت قدميه، وسلمه حياتك المسكينة المائتة، لتخرج كل مرة من مخدع الصلاة وفى يديك زوفا جديدة تغسل بها خطاياك، وذخيرة جديدة تحارب بها في اليوم الشرير. 2) روح الرجاء إياك والاستسلام لخدعة العدو: "لا فائدة!" وليكن ردك باستمرار: (لا فائدة فيَّ ولكن كل الفائدة في السيد الرب "الذي يفتدى نفسي من الموت وحياتي من الحفرة" ). تشدد بالحب المذهل الذي في قلب المسيح من نحوك، وثق في الحنان الذي بلا حدود المنسكب من أحشائه تجاهك أنت الضعيف المستعبد: "ثِق قم، هوذا يناديك" فلا تتأخر ولا تستسلم لماضيك ولا لضعفك ولا لخداعات العدو إنه دوما في انتظارك، يفرح بعودة التائب مهما كان ماضيه. 3) الحياة المليئة من أخطر الأمور على طهارتك يا أخي الشاب "فراغ الحياة" لا اقصد فراغ الوقت فحسب، بل الحياة التافهة، التي بلا رسالة ولا مسئولية ولا تطلعات. خذ من يد الرب رسالتك كخادم للمسيح. ينبغي إن تستجيب لمحبته الخالدة، وتبحث عن أولاده البعيدين.. مسئوليتك كطالب، هي أن تشهد للرب بأمانتك وتطلعاتك المقدسة، حتى تمتلئ حياتك بالأهداف المباركة والآمال النقية، التي تهدف إلى خدمة الرب وأولاده. ضع أمامك أهدافًا مقدسة مثل: التدريب على الصلاة الدائمة، واستيعاب الإنجيل المقدس، واستيعاب روح الكنيسة في آبائها وتاريخها وعقائدها وصلواتها، واستيعاب روح العصر وفكره وثقافته، حتى تسخر هذا كله لخدمة المسيح والبحث عن النفوس البعيدة واجتذابها إلى الحظيرة.. وهكذا. كذلك اهتم بدراستك ومهنتك، فأدرس بحب وشغف ولا تدرس للامتحان فقط، بل أهدف إلى النمو في حب عملك لتؤديه بفاعلية وسعادة. إن انشغال قلبك بأهداف طاهرة يسكب الطهارة في أحشائك، أما تفاهة الحياة وفراغ القلب فلا منفعة فيهما!! 4) الصفاء النفسي لعلك تلاحظ أن الإنسان لا يلجأ إلى الخمر والمخدرات والتدخين إلا بسبب القلق، كنوع من البحث الخاطئ وراء السعادة المفقودة، كذلك أيضًا في موضوع الطهارة، نجد آن الشقاء النفسي الناتج عن الفشل الدراسي أو الاجتماعي، أو المتاعب المادية، يجعل النفس تلجأ إلى الغريزة كوسيلة متيسرة للتعويض، لذلك يلزمنا كشباب أن نقتني -بنعمة المسيح- النفسية الصافية التي تتعامل بإيجابية، مع مصادمات الحياة اليومية ومشاكلها، فتأخذ منها عيرا ودروسا للمستقبل، وتتجاوزها لتحول الفشل إلى نجاح، والمشكلة المادية إلى وسيلة لاختبار يد المسيح الأمينة من نحو أولاده، وفقد الوالدين أو الإخوة إلى نافذة مفتوحة على السماء، من خلالها نتعرف على الله، وعلى الأبدية، وعلى زيف هذا الدهر. وهكذا إذ تهدأ نفسيتنا بين يدي الله لا تبقى لدينا حاجة إلى التعويض باللذة الضارة. 5) الحياة الأمينة يجب إن تكون أمينًا في حياتك من كافة زواياها: الدراسية والاجتماعية والروحية.. الخ. ويجب إن تكون دوافعك في السير وراء المسيح نقية، تهدف إليه في ذاته لا إلى عطاياه.. وان تكون مدققا في مشاعرك وعواطفك، فترفض إن تدخل في علاقة تظنها مقدسة، ثم تنتظر لنفسك حياة الطهارة، لذلك دقق في حواسك وأفكارك واتجاهاتك، حتى لا تتحول إلى منافذ للعدو، منها يتسلل إلى قلبك. وثق إن الرب الذي يرى جهادك من السماء سوف لن يتخلى عنك، بل سيسندك بقوته الفائقة. انشغل به أساسًا فتنحل الخطية من أعضائك بسهولة، إن صراعنا ليس ضد الخطية لنصرعها، بقدر ما هو مع المسيح لنقتنيه، وإذا اقتنينا المسيح أخذنا كل شيء. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
13 نوفمبر 2018

ضمانات حياة الطهارة

يتصور بعض الشباب إن حياة الطهارة أصبحت أمرًا مستحيلًا هذه الأيام، فهناك بالفعل قوة جبارة تدفع الإنسان نحو السقوط: الغريزة بنداءاتها الملحة التي لا تهدأ، والمجتمع بعثراته الخطيرة التي لا تنتهي، والشيطان كرئيس شرير يعمل في هذا العالم ضد الله وضد القداسة، ليحاول قد إمكانه إفساد خطة الله من خلق الإنسان، وقصده المبارك من نحوه. النغمة الشائعة في هذه الأيام هي نغمة "روح العصر" فالمجتمع الحالي يجرى ليلاحق التطور العصري في مجلاته العلمية والفكرية والتقدمية، والمجتمع الكنسي يجتهد في استيعاب التغيرات التي طرأت على هذا الجيل، والنزعات المختلفة التي تحركها مثل: نزعة الكبرياء العقلية، ونزعة القلق، ونزعة التحرر ، ونزعة الانحلال، ونزعة الانفتاح الفكري... الخ. ولكن ثمة خدعة يحاول الشيطان إن يتسلل بها إلى قلوب شبابنا هذه الأيام، مؤداها أن هذا العصر يختلف كثيرًا عما سبقه من عصور، بحيث أصبحت القداسة سرابا لا داعي للاجتهاد في السير نحوه. الحقائق العُظمى حول الطهارة * الحقيقة الأولى: التي لا يرقى إليها شك إن كل مجتمع كان في عصره مجتمعًا عصريًا، فمجتمع القرن الأول كان عصريًا بالنسبة لما قبل الميلاد وهكذا... * والحقيقة الثانية: إن التغيير الذي يطرأ على المجتمعات لا يصيب جوهر الأمور إطلاقًا، بل هو تغير فكرى وعملي وسياسي واجتماعي، ولكنه يستحيل إن يفترق عن أي مجتمع سابق أو لاحق من جهة موضوع الخطية والقداسة، هذا الموضوع روحي محض، والروح أبدي خالد لا يخضع للزمن ولا للتطور بل هو خارجهما معا. * والحقيقة الثالثة: انه لا تغيير يمكن إن يطرأ على جوهر الإنسان فغرائزه هي بعينها كما كانت منذ القديم، وطبيعته الساقطة هي بذاتها كما ورثها عن آدم، وتطلعاته الأبدية وضميره الإلهي، أمور لا تتغير من جيل إلى جيل، إلا بقدر أمانة الإنسان في استخدامها أو تجاهلها. * والحقيقة الرابعة: أنه حتى إذا افترضنا جدلا سهولة السقوط وصعوبة الخلاص في هذا العصر، فيجب أي ننسى أنه " حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدا" (رو5: 20) فليس خلاص الإنسان في يده وحده، ولكنه في يد الله حينما تمتد لتنتشل الإنسان الباحث عن الحق باجتهاد القلب وعزم صادق. ولعلنا لو طلبنا من شباب هذا الجيل إن يقيم الآن في عمورة وسدوم لما وجد فرقا بينهما وبين أحداث المجتمعات الآن، مع أن أربعين قرنًا تفصل بين المجتمعين. ولعلنا نذكر أيضًا كيف كانت القداسة مزدهرة في العصر الرسولي، بينما كان السحر منتشرا بصورة مذهلة، وكانت الأوثان تعبد بطقوس نجسة شائنة. إذن فلا جديد تحت الشمس، الجديد هو في تخاذل نيتنا كشباب إن نحيا للمسيح، ومن هنا نلتمس المعاذير تحذيرًا لضمائرنا حين تنحرف. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
08 يناير 2019

تأملات فى عيد الظهور الإلهي

تقابل السيد المسيح أثناء كرازته مع إنسان ولد أعمى، ولم يستطع هذا الإنسان أن يتمتع بنعمة البصر إلا بعد أن قابله السيد وطلى بالطين عينيه، وأمره بالإغتسال فى بركة سلوام، مثالاً لكل البشر، الذين فقدوا بصيرتهم الروحية وإستنارتهم السماوية، وكيف أنهم سينالون الإستنارة من خلال المعمودية. إن الله لم يترك نفسه بلا شاهد (أع 17:14) بل أعلن لنا نفسه فى القديم بواسطة رموز وصور متعددة مثل: 1- ملكى صادق (تك 14) : ملك شاليم، الذى أضاء فى وسط العهد القديم، بلمحة من ضياء كهنوت المسيح. وظهر بعد ذلك الكهنوت اللاوى، حتى جاء المسيح كاهناً على رتبة ملكى صادق (مز 4:11)، ذلك الذى كان مجرد رمز للسيد المسيح، ملك السلام، والبر، وقابل العشور، وذبيحة الخبز والخمر.. الخ. 2- سلم يعقوب (تك 28) : الذى رآه فى هروبه من وجه أخيه وكان رمزاً للسيدة العذراء حاملة المسيح (يو 51:1). 3- ظهور النور (الشاكيناه) : ظهر على غطاء تابوت العهد بين الكاروبين ليعلن عن حضور الله وعن مشيئته، فالله هو النور، وساكن فى النور، وتسبحه ملائكة نور.. 4- أخيراً جاء يوحنا المعمدان : جاء كملاك يعد الطريق (مت 1:3).. ودعى السابق الصابغ والشهيد. وفى ملء الزمان كشف الله عن ذاته بطريقة باهرة، إذ انشقت السماء، وأعلن الآب عن ذاته، منادياً الابن، وظهر الروح القدس فى شكل حمامة. 1- الإعلان الكامل : أخيراً أعلن الله ظهوره النورانى الكامل الذى مهدت له ومضات العهد القديم. وازداد لمعان ذلك الظهور أثناء كرازة الرب العامة (يو 3:17)، وفى حادثة التجلى (مر 19:12-26). 2- السماء المنشقة : أ- انشقت السماء يوم عيد الظهور الإلهى، إيذانا بانتهاء عهد الظلال والرموز والظلام، وحلول وبدء عهد النور المكشوف الواضح. ب- لم تنغلق السماء منذ أن انشقت، بل ظلت مفتوحة للمؤمنين (أع 26:7)، (أع 11:10)، (2كو 12) فى رؤى للقديسين بطرس وبولس. ج- وإذ انشقت السماء نزل منها الروح القدس، ليحل على بنى البشر مصدراً للحياة، وأساساً للتعزية، يصاحب المؤمن طوال غربته. 3- الشهادة السماوية : أ- هذا هو إبنى الحبيب: هى شهادة البنوة التى أعلن بها الآب أبوته لإبنه الوحيد، ذاك الذى صار لنا به التبنى المواعيد (أف 5:1). ب- الذى به سررت: بهذا أعلن الآب كمال مسرته بإبنه، أنه قد أصبح لله مسرة فى حياة أولاده المؤمنين به، "لذتى فى بنى آدم" (أم 31:8). وهنا نتساءل: هل استنرت أنت يا أخى الشاب شخصياً فى حياتك؟ بل هل أضأت مصابيح قلبك بزيت البهجة؟ كيف؟‍‍؟! هناك وسائل هامة للإستنارة مثل: 1- إستنارة المعمودية : بدون المعمودية لا يمكن أن يستضئ قلب المؤمن، وبولس الرسول يقول عنها أنها الإستنارة (عب 4:6) التى لا تعاد. وهى حق لكل مؤمن. 2- إمتداد الإستنارة : وما أن ينال المؤمن قوة المعمودية، حتى ينطلق لممارسة كافة الأسرار الكنسية المقدسة، كالميرون والإعتراف والتناول، بل أنه يواظب على وسائط النعمة لزيادة إمتداد الإستنارة، بالإضافة إلى دراسته لكلمة الله وقراءاته الروحية، وحضوره الإجتماعات الكنيسة.. هذه كلها وسائل إستنارة. ملاحظات: ويمكن للخادم أن يناقش بعض الموضوعات الأخرى مثل: 1- عمل الثالوث القدوس فى خلاصنا. 2- اتضاع المسيح وخضوعه للناموس سواء فى الختان أو المعمودية ليكمل كل بر. 3- أهمية المعمودية والقيم الروحية التى ننالها من ممارسة هذا السر، كما أنه يمكن أن يقرأ مع المخدومين بعض مقتطفات من كتاب الخدمات الكنسية عن المعمودية. 4- يحسن أن ينبه الخادم إلى أن الميلاد الثانى بالمعمودية ليس هو التوبة وتغيير الفكر، كما تدعى بعض الطوائف، وإنما التوبة هى إمتداد عمل المعمودية فينا، ولكن الولادة الثانية هى بالماء والروح. فلنتأمل معاً فى بركات المعمودية التى نالها كل منا، ويمكنا أن نجمع مواقف وآيات من الكتاب المقدس عن مواضع إعلان الله لذاته فى العهدين، وأن طقوس المعمودية وعلاقتها بالنور مثل الملابس البيضاء، وإضاءة الشموع حول المعمد فى الزفة التى تعمل بعد العماد. بعض أقوال الآباء القديسين : كيرلس الكبير: "تستنير نفوس المعتمدين بتسليم معرفة الله". يوستينوس الشهيد: "وهذا الإغتسال يسمى تنويراً لأن الذين يتعلمون هذه الأمور يستنيرون فى أفهامهم". نيافة الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
04 أغسطس 2020

مهرجان الكرازة المرقسية 2020 (1) كنيستي.. روح وحياة

1- هذا هو شعار مهرجان الكرازة المرقسية 2020: وفي ظل الظروف الحالية، ولانتشار "فيروس كورونا" في العالم، فإن كنا لا نجتمع بداخل الكنيسة، ولكنها تسكن فينا ونعيشها ونشتاق إليها..2- وبسبب الجائحة العالمية "وباء كورونا"، وانتهاء الدراسة هذا العام قبل الوقت، ووجودنا في منازلنا: فهيّا بنا إلى مسابقات المهرجان المتنوعة، والتي للمراحل المختلفة بدءًا من الحضانة، وحتى ذوي القدرات الخاصة والمسنين.3- ونحن نشكر الله من أجل عمله في مهرجان الكرازة المرقسية: تحت رعاية قداسة البابا تواضروس الثاني، وأحبار الكنيسة الأجلاء والآباء الكهنة وأمناء وأمينات الخدمة، والذي نسعد بانتشاره في كنائسنا القبطية بمصر والمهجر. والمهرجان هذا العام له ثلاثة محاور:أولاً: كنيســــتي: 1- القبطية 2- الأرثوذكسية - ثانيًا: روح - ثالثًا: حياةأولاً: كنيســــتي:1- القبطية: إن كنيستنا القبطية الأرثوذكسية كنيسة وطنية على مر العصور، والأقباط يحبون بلدهم ويدافعون عنها دائمًا.. ولذلك يجب علينا التمسك بالهوية القبطية:أ- أنا مصري.. سليل الفراعنة! ب- أنا قبطي.. ابن القديسين والشهداء!أ- أنا مصري: سليل بناة الأهرام، مخترعي الورق، والطب، والكيمياء (ابن الأرض السمراء), والحكمة الخالدة، والفلاح الفصيح. بل أن عيد الميلاد "الكريسماس" هي كلمة قبطية أخذها عنا العالم كله.ب- أنا قبطي: ابن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية:1- كنيسة اللاهوتيين: أثناسيوس وديسقوروس وكيرلس.2- كنيسة الرهبنة: الأنبا أنطونيوس والأنبا مكاريوس والأنبا شنوده والأنبا باخوميوس.3- كنيسة الشهداء: الكنيسة المسيحية الوحيدة التي لها، بجانب التقويم الميلادي (م)، تقويم الشهداء (ش) من كثرة ما قدمت من شهداء عبر تاريخها الطويل، ولا تزال تقدم حتى في عصرنا الحالي (شهداء ليبيا مثالاً).4- كنيسة الكرازة: التي كرزت في أنحاء المسكونة... والتاريخ يذكر القديس موريس والقديسة فيرينا، حيث لهما في أوربا مؤسسات وأديرة ومدن كثيرة باسمهما.. وما تزال تنتشر بكنائسها وأساقفتها وكهنتها وشعبها القبطي، في كل قارات العالم بدون استثناء. ففي عصر الطائرات والفضائيات ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي، نستطيع أن نحس بأننا جسد واحد. والكنيسة واحدة: طقوسها واحدة، وعقائدها واحدة, وتاريخها واحد. ولهذا أتخذنا شعارًا لمهرجان الكرازة المرقسية هذا العام 2020 "كنيستي: روح وحياة" يجعلنا نعيش هذه الوحدة: نردّد شعارًا واحدًا وألحانًا واحدة.. إلخ.كلمات شعار المهرجان 2020:كنيستي.. روح وحياة+ كنيستي السما.. أجمل ملحمة - حصن من بخور فيه الكل احتمى+ البشرية في آدم تاهت - والأبدية في وقتها غابتشمس البر قام في الفجر - بدّد كل ظلام الشر - أمي لأولادك ضيّ - عقيدة سليمة وطقسك حيّ+ تراثك قبطي عظيم.. - يا منارة للتعليم - أنت الكرمة بيت الله - كنيستي روح وحياة الرب يحفظ كنيسته بروحه القدوس لمجد اسمه،، - (يتبع) نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل