المقالات

02 سبتمبر 2022

قدسوا صوماً

" الصوم هو الوسيلة لضبط الأهواء والشهوات ، حتى تنسجم حياة المسيحي مع روح | الله الذي يقوده في طاعـة وخضوع " . ( القمص بیشوی کامل ) " ناد بصوت عال . لا تمسك . ارفع صوتك كبـوق وأخبر شعبي بتعديهم ، وبيت يعقوب بخطاياهم . وإياي يطلبون يوماً فيوماً ، ويسرون بمعرفة طرقي كأمة عملت برا ، ولم تترك قضاء إلهها . يسألونني عن أحكام البر . يسرون بالتقرب رب إلى ا الله . يقولون : لماذا صمنا ولم تنظر ، ذللنا أنفسنا ولم تُلاحظ ؟ ها إنكم في يـوم صومكم توجدون مسرة ، وبكل أشغالكم تسخرون . ها إنكم للخصومة والنزاع تصومون ، ويتضربوا بلكمة الشر . لستُم تصومون كمـا اليـوم لتسميع صوتكم في العلاء . أمثل هذا يكـون صـوم أختاره ؟ يوماً يذلل الإنسان فيه نفسه ، يحني كالأسلة رأسه ، ويفرش تحته مسحاً ورمادا . هل تُسمي هذا صوماً ويوماً مقبولاً للرب ؟ أليس هذا صوما أختاره : حل قيود الشر . فك عقد النير ، وإطلاق المسحوقين أحراراً ، وقطع كل نير . أليس أن تكسر للجائع خبرك ، وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك ؟ إذا رأيت عريانا أن تكسوه ، وأن لا تتغاضى عن لحمك . حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك ، وتنبت صحتك سريعاً ، ويسير برك أمامك ، ومجد الرب يجمع ساقتك . حينئذ تدعو فيجيب الرب . تستغيث فيقول : هأنذا . إن نزعت من وسطك النير والإيماء بالأصبع وكلام الإثم . وأنفقت نفسك للجائع ، وأشبعت النفس الذليلة ، يشرق في الظلمـة نـورك ، ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر . ويقودك الرب على الدوام ، ويشبع في الجدوب نفسك ، وينشط عظامك فتصير كجنّة ريا وكنبع مياه لا تنقطع مياهه " ( إش ٥٨: ١ - ١١ ) . من خلال قراءتنا السابقة يوضح لنا إشعياء النبي مبادئ روحية هامة :- كيف يمثل الصوم ركن أساسي من أركان الحياة الروحية . إن أخطر ما يهدد فضيلة الصوم هو خطية الرياء . فالصوم أو الخطوة الروحية الرابعة هو ممارسة تعبدية ، ولكن يجـب أن تخلو من الرياء . وفي هذا الأصحاح يشـرح لنـا كيـف يمكن أن تتسلل هـذه الخطية إلى حياة الإنسان دون أن يدري . تأمل معي في العـدد الثـاني مـن هـذا الأصحاح إذ يقـول : " وإياي يطلبون يوماً فيوماً ، ... " ، يصلون ... ولكنهـا صـلاة ظاهرة من الشفتين أو من اللسان ، ولا تتعدى ذلك ، ويبقى قلـب الإنسـان كـما هو لا يتغير ، لذلك عندما ينتهـي مـن الصـلاة تجـده يتصـرف تصـرفات غير مقبولة وغير لائقة ولا تتماشى صلاته مطلقاً . ربما تسألني الآن ، كيف للخطية أن تتسلل لحياة الإنسان دون أن يدري ؟ أجيبك : إن لخطية الرياء مظاهر عدة دعنا نسردها سوياً . 1- مظهر من مظاهر الرياء هو إدعاء المعرفة العقلانية : تشعر وأنت جالس مع الشخص أنه موسـوعة ، ولكن ليست موسـوعة اتضاع ، ولكن موسوعة كبرياء ، يفتخر بذاته وبما حصـله مـن معـارف ، ونقـرأ في ( مت ۲۳ : ۱۳ ) : " ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون " ، وكانت طائفة الكتبـة والفريسيين هم من قمة طوائف اليهود ، فكلمة : " فريسي " معناهـا : " مفـرز " ، بينما كان الكتبة أشخاصاً متميزين جداً ( الكتبة هم الناسخون ) ... وبالرغم مـن كل ذلك كانوا بعيدين عن الطريق الروحي كثيراً ، وقـد وبخهم السيد المسيح مرات عديدة . مظهر آخر وهو إظهار الغيرة ونسميه أحياناً " ناموسي " : ناموسي بمعنى " حرفي " أي يحيا بالحرف ، والحياة المسيحية عندما تتعمق فيها تجدها تعتمد على القلـب والـروح ، ولا تعتمـد عـلى الحرف ، ومـن يحيا بالحرف لا يمكنه أن يدرك المسيح . لذلك قال ربنـا يسوع المسيح : " ما جئت لأنقض بل لأكمل " ( مت ه : ١٧) ، فالمقصود هو أن يكمل الفهـم ، فتقـرأ العهـد القديم بروح العهد الجديد ، وتتحول الوصية في حياتك إلى شهادة عمليـة عـن علاقتك بالله 3- صورة أخرى من صور الرياء ، أن الإنسان يتظاهر أنه قريب من الله : يسر بالتقرب إلى الله " من خلال طقوس وممارسات معينة ... يتظاهر إنه قريب من الله وحقيقته من الداخل غير ذلك ، تصور معي إنسان يقضـي صائـماً ويمارس ممارسات روحية ، ثـم بعـد فترة الصـوم يغضـب بشـدة ويسقط في خطايا عديدة . فماذا استفاد إذن من صومه ؟ فترة الصوم هي فترة تساعد الإنسان في نموه الروحي ، وليست مجرد الامتناع عن الطعام . الآن دعني أسألك : لماذا الصوم الذي تحدث عنه إشعياء النبي في هـذا الأصحاح كان مرفوضاً ؟ هناك ثلاثة أسباب واضحة في الأعداد ( ٣ ، ٤ ، ٥ ) :- 1- أن هذا الصوم كان غير منضبط : هـو صـوم يـسـر صـاحبه لا يسـر اللـه ، فهـو صـوم لا يسير بنظـام بـل يستعرض فيه الإنسان إمكانياته وقدراته . 2- أن هذا الصوم كان بلا صمت : الصوم ليس عن الطعام فقط ، بل أيضاً عن الكلام ، فهـذا الصـوم المرفوض ليس فيه صمت بل فيه خصومة مع الغير ، وفيه إدانة للآخرين . 3- أيضاً هذا الصوم مرفوض لأنه بلا تذلُل : هو شكل بلا جوهر فهو مجرد منظر داخلي ، لذا تحرص الكنيسة أن ترتّب لنا في الأصوام قداسات لأوقات متأخرة لتساعد الإنسان في ممارساته الروحية . والآن يا عزيزي ، حان لنا أن نفكر سوياً كيف نصوم ، وكيـف ننال بركـات هذا الصوم ؟ في فترة الصوم المقدس ، احرص أن تقدم لنفسك ثلاثة أنواع من الأغذية الروحية : غذاء روحي غذاء ذهني ... وغذاء نسكي ۱۔ الغذاء الروحي : وهو ما تقدمه لنا الكنيسة في كل أشكال العبادة ، وممارسة الأسرار ، جيـد أن تتقابل مع أب اعترافـك قبـل الصـوم ، وتضع خطـة للصـوم ، ولا تتكاسل في تنفيذها . ۲۔ الغذاء الذهني : الذي يعتمد أساساً على القراءات الإنجيلية ، والكنيسة تعلمنا في فترة الصوم المقدس أن نقرأ النبوات . ويمكنك أن تأخـذ سـفراً واحـداً مثـل : إشعياء ، إرميا ، أو تأخذ مجموعة أسفار مثل : أسفار الأنبياء الصغار ، لكن يجب أن تقـرأ يومياً ، وليست قراءة فقط ، بل ادرس .. وافهم .. وعش . وقراءة النبوات مفيدة جداً إذ تكشف مقاصد الله في حياتك . 3- الغذاء النُسكى : تسكياتك هامة جداً في الصوم ، الانقطاع شيء مهم لتقوية الإرادة . أيضـاً الطعام النباتي هو طعام هادئ الطاقة وهو طعام صحي ومفيد للإنسان أيضاً الميطانيات ( سجدات التوبة ) مـن القلـب ولـيس بالجسد ، وهي مرتبطة بالصلوات ؛ فيها الصلاة القصيرة : " يا ربي يسوع المسيح ارحمنـي أنـا الخاطئ " . احرص أثناء سجودك في الميطانيات أن ترشم ذاتك بعلامة الصليب . يمكنك أن تبـدأ بـ ١٢ ميطانية في أول يـوم ، وتزداد تدريجيـاً كـل يـوم مـع الصـوم ، وتقدمها ؛ بروح الصلاة . هذه الميطانيات هي وسيلة مساعدة لتـركـيـز الـذهن ، فيهـا تعـب وبذل ، وهذا التعب يذكرك بأتعاب المسيح من أجلك . أيضاً فترات الاعتكاف هي جزء هام من تسكياتك خلال الصوم ، ويستفاد منها كفترات تأمل وقراءة وصلاة أو ترنيم وتسبيح . فترة الصوم يا إخوتي تحكمها الآية التي تقول : " كل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء " ( 1 كو ٩ : ٢٥ ) ، وأيضاً ينطبق عليها الآية : " الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج " ( مز ١٢٦ : 5 ) ، الذين يزرعون بدموع التوبة في فترة الصـوم ، يحصدون بالابتهاج في القيامة . وللصوم بركات كثيرة : 1- استجابة الصلوات :- لأنك عندما تحيا حياة الصـوم ، تشعر بالانسحاق والخشوع وتخـرج صـلواتك مـن داخلـك عميقـة وتدخل فيهـا روح الإيمان ، صلوات مرفوعة من قلب نقي . ٢- بركة أخرى من بركات الصـوم : أن يصير الـرب لـذة للإنسان ، فأنت تصوم عن الطعام لكي تتحول لذة الطعام في داخلـك إلى لذة للرب ، ويكون المسيح هو لذتك ، وكـمـا يقـول معلمنا داود النبي في أحـد مزاميره : " تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك " ( مز ٣٧ : ٤ ) . ٣- بركـة أخـرى مـن بـركـات الصـوم : أن الإنسـان يشـعر بارتفاعـه وكـمـا يقـول داود النبـي : " ليت لي جناحاً كالحمامة فأطير وأستريح " ( مز ٥٥ : ٦ ) . يرتفـع فـوق الماديـات ، وحتـى فـوق احتياجات الجسـد ، ويشعر أن رباطـات الأرض تصير ضعيفة ، ويشعر أنـه يقترب مـن السماء ويحيا بهذه الروح . ٤- أيضاً من بركات الصوم : أن الإنسان ينال الصحة الجسدية ؛ الطعـام النباتي يمنح الإنسان شكل من الطاقة الهادئة ، فلا يكون الطعام مثير في جسده أو في حياته فيعطيه صحة جسدية ، ويقول إشعياء النبي في هذا الأصحاح : " تنبت صحتك سريعاً " ( إش ٥٨: ٨ ) . 5- أيضاً في الصوم ينال الإنسان استنارة ، ولا أقصد للعين الجسدية ، ولكن العين القلبية ، عنـدمـا يقـرأ الإنجيـل يفهـم أكـثر ، وعنـدما يشارك في التسبيح يعيش أكثر ، وعندما يمارس ميطانيات يتمتّع أكثر . قداسة البابا تواضروس الثانى البابا ال١١٨ عن كتاب خطوات
المزيد
03 مارس 2023

مائة درس وعظة ( ٥ )

التمرد « الروح القدس الذي أعطاه الله للذين يطيـعـونه ( أع ٣٢ : ٥ ) التمرد صورة من صور الخطية تقابلها فضيلة الطاعة والخضوع . أولا : ـ نماذج للعصيان في تاريخ البشرية وعلاقة الإنسان بالله . ١- في الكتاب المقدس:- أ- إنسان يتمرد على وصية الله : مثال آدم وحواء ، وكذلك حنانيا وسفيرة . ب إنسان يتمرد على عطايا الله : مثل يهوذا الذي اختاره السيد المسيح وأعطاه نعما كثيرة وفي نهاية حياته تمرد . ج- إنسان يعصى أعمال الله : تمرد الشعب على صموئيل النبي وطلبوا أن يكون لهم ملك مثل باقي الشـعـوب ويجيب صـمـوئيل أن الله هو ملككم ولكنهم رفضوا واختاروا ملكا ( شاول الملك ) ويسقط هذا الملك في خطايا عديدة بعد ذلك . ونحن كثيرا ما لا تعترف بهذه الخطية وتمردنا على وصايا الله أو عطاياه أو أعـمـالـه ، « لأنه كـمـا بمعصية الإنسان الواحد جعل الكثيرون خطاة ، هكذا أيضا بإطاعة الواحـد سيجعل الكثيرون أبرارا » ( رو ٥ : ١٩ ) .. وهنا يربط بولس الرسول بين معصية آدم وطاعة السيد المسيح . ۲- في تاريخ الكنيسة :- يظهر بين الحين والآخـر إنسـان يـتـمـرد على الكنيسة وإيمانهـا وطـقـوسـهـا ، وأشـهـرهـم أريوس وهرطقته التي استمرت عشرات السنين ، وكذلك مقدونيوس ونسطور وغيرهم من الهراطقة في كل زمان. ۳- في الحياة اليومية:- أ- العناد عند الأطفال : وتبدأ عندما يسمع الطفل « لا » كثيرا ويرددها . ب- العناد عند المراهقين : وهي أخطر وتظهر بقـوة مع التطور التكنولوجي وانبـهـار الإنسان بما صنع وابتكر وأنتج . ثانيا :. صور التمرد : - 1- التمرد على سلطة الله ظهرت في العالم موجات الحاد غير عادية « قال الجـاهـل في قلبـه : ليس إله » ( مـز ١ : ٥٣ ) وظهـرت فلسفات منذ مائة عام مهدت لهذا الأمر .. أن الله له السماء ونحن البشر لنا الأرض . ٢- التمرد على الذات ويسمى في علم النفس عدم قبول الذات ، يكون الإنسان في خصومة مع نفسه وفي حالة صراع يمكن أن يصل إلى مرض نفسي ويؤدي به إلى طريق الإدمان أو الجريمة أو الإباحيات . ٣- التمرد على سلطة الأسرة :- الأسرة التي أوجدها الله في صورتها الجميلة .. ولكن يبدأ الإنسان في التمرد على سلطة الأسرة ونسميه بالابن العاق . « أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب » ( أف ١ : ٦ ) « أيتها النساء ، اخضعن لرجالكن » ( كو ١٨ : ٣ ) وهذا خضوع الحب في إطار الأسرة . وترتيب الأسرة من رجل وامرأة وأبناء هو ترتيب إلهي . 4- التمرد على المجتمع کشخص يسير ضد مجتمع بأكمله ويسمى بالخائن لمجتمعه . ثالثاً : كيف نواجه التمرد ؟ 1- طريقة الحوار « الحوار » داخل البيت أو الكنيسة أو المجتمع هو عمل إنساني راق وهو فن يدرس . فـإذا لم يـوجـد الحوار وجد الشجار ، أو الحوار الصامت وهو ما يسمى بثقافة الجدار . - مثال : حوار السيد المسيح مع توما كـحـوار ایجابی عملی. ٢- الصبر « بصـبـركم اقتنوا أنفسكم » ( لو ١٩ : ٢١ ) وهي فضيلة اقتناء الذات ، الله مـات عنا على الصليب ونحن نقتني أنفسنا بالصبر . - مثال : البارة مونيكا مع ابنها أوغسطينوس ابن الدموع. 3- جو المحبة المحبة تصنع العجائب ، فإذا تلامس المعاند مع من يحبه سيتغير تماما . - مثال : محبة السيد المسيح لبطرس بعد إنكاره . أخطر ما يواجه الإنسان السائر في طريق الرب أن يعاني من خطية الرياء ، أو ما نسميه بشكلية العبادة ، من الخارج ممارساته كلها حسنة ولكن من الداخل ليس لـهـا أصل وليس لـهـا جـوهر فالرياء خطية خفية تتسلل إلى نفوس المتعبدين ، والإنسان يخدع نفسه بشكليات العبادة لكن لا تـوجـد داخله توبة ، ولذلك صـدق أباؤنا الذين وضعوا المدائح والترانيم عندما قالوا على الصوم الكبير ( يا دوبك 55 يوم ) وكلمـة ( يا دوبك ) تعنى بالكاد ، بالكاد الإنسان جني ثمرة التوبة وبالكاد يحصد ثمرا . قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
21 أكتوبر 2022

المسئولية الأسقفية جـ3

تحدثنا عن جوانب المسئولية الأسقفية وهي عديدة، وذكرنا ستة جوانب هي: الشخصية – الروحية – الأبوية – الرعوية – المالية – التعليمية. ونستكمل الحديث هذه المرة في أربعة جوانب أخرى. سابعًا: المسئولية المجتمعية: كل أسقف في إيبارشيته مسئول مسئولية اجتماعية تجاه الآخرين الذين ليسوا من المسيحيين، في أي مجتمع داخل وخارج مصرالكنيسة تعيش في المجتمع وتتعامل معه وتقدم له المحبة والمساعدة والسند في كل الظروف.. لذا ينبغي أن يدرك الأسقف تلك المسئولية ويتذكر أنها مسئولية عمل لا مجرد كلام: «يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ!» (1يو3: 18). مثال: نضع دائمًا مثل السامري الصالح الذي قدّم للآخر الذي لا يعرفه محبة غير مشروطة فقط لأنه أخوه في الإنسانية.. وهنا نعيد تعريف "القريب".. مَنْ هو قريبي؟ حسب تعليم الرب: هو كل إنسان.. 1- «وَلَمَّا رَآهُ تَحَنَّنَ» (ننظر للمجتمع ونشعر بآلامه). 2- «فَتَقَدَّمَ وَضَمَدَ جِرَاحَاتِهِ» (الشعور بداية للعمل وتقديم المساعدة العملية). 3- «اذْهَبْ أَنْتَ أَيْضًا وَاصْنَعْ هكَذَا» (كما صنع السامري نصنع نحن أيضًا فهذا أمر الرب لنا)(لو10: 29-37) المشاركة الإيجابية في جميع قضايا المجتمع مثل التعليم والصحة والبيئة وتقديم الخدمات المتنوعة... ثامنًا: المسئولية التكريسية: كيفية الاختيار ومعاييره ونوعيته. كل شخص تكرّسه أنت، بهذا تضع طوبة في مستقبل الكنيسة من أصعب المسئوليات مسئولية الاختيار.. كل شخص تقوم بتكريسه لا بد أن تختاره بعناية وبأناة وبصوت الروح القدس.. وأضع أمامك النص الآتي: «أُنَاشِدُكَ أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَالْمَلاَئِكَةِ الْمُخْتَارِينَ، أَنْ تَحْفَظَ هذَا (1) بِدُونِ غَرَضٍ، (2) وَلاَ تَعْمَلَ شَيْئًا بِمُحَابَاةٍ. (3) لاَ تَضَعْ يَدًا عَلَى أَحَدٍ بِالْعَجَلَةِ» (1تي5: 21-22). 1- بدون غرض: أي لا يكون اختيارك مبني على هوى خاص بك إلّا إذا كان الغرض هو الخدمة وصلاحية هذا الشخص للخدمة والتكريس الذي سيقوم بها. 2- إياك والمحاباة.. من أي جانب إلّا مخافة الله. 3- أعط لاختيارك فرصة وقت كاف.. الوقت مع الصلاة يسمح بإرشاد الروح القدس. مثال: «فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: لاَ تَنْظُرْ إِلَى مَنْظَرِهِ وَطُولِ قَامَتِهِ لأَنِّي قَدْ رَفَضْتُهُ. لأَنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَنْظُرُ الإِنْسَانُ. لأَنَّ الإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا الرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى الْقَلْبِ» (1صم16: 7) أحيانًا ننخدع بالمظاهر.. شكل التقوى.. CV ضخم وفخم.. صوت ملائكي.. لباقة في الكلام.. كاريزما.. وقد يكون كل هذا مرفوضًا من الرب لأنه ينظر إلى لقلب لا إلى العينين.. لذا نحتاج أن نسمع صوت الروح القدس بوضوح قبل الاختيار إن مسئولية التكريس خطيرة للغاية لأنه ينبغي أن نقدم أفضل العناصر في مجالات الخدمة، سواء الكاهن أو الراهب أو المُكرَّس أو المُكرَّسة. ولا تنسَ أن التكريس والتعليم هما قَدَما الكنيسة، وبهما تتقدم وتخدم وتنجح في كل زمان. تاسعًا: المسئولية الوطنية: تجاه الوطن كله.. الحفاظ على سلام الوطن بكل حكمة وبكل روية وبكل فكر متعقّل مسئوليتنا الوطنية هي مسئولية تجاه الوطن والعالم كله.. نتذكر دائمًا أننا ملح الأرض، ولو لم نقم بدورنا نُداس من الناس.. ونور العالم الذي به نمجّد اسم الله الآب «أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل، وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (مت5: 13-16) بكل حكمة وتعقّل احفظ السلام.. وابدأ بالمحبة.. وانشر كلمة الحق الهادئة دون الإثارة.. مثال: أكبر مثل للوطنية كان نحميا الذي لم يحزن لهدم الهيكل فقط بل ولأن أورشليم وطنه قد انهدم.. قال: «هَلُمَّ فَنَبْنِيَ سُورَ أُورُشَلِيمَ وَلاَ نَكُونُ بَعْدُ عَارًا» (نح12: 17).. وشجع الشعب على البناء.. وقاوم المقاومين بشجاعة وبوطنية، وصار قول نحميا المثل الشهير "يدٌ تعمل، ويدٌ تحمل السلاح": «الْبَانُونَ عَلَى السُّورِ بَنَوْا وَحَامِلُو الأَحْمَالِ حَمَلُوا. بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ يَعْمَلُونَ الْعَمَلَ، وَبِالأُخْرَى يَمْسِكُونَ السِّلاَحَ» (نح4: 17).المقصود هنا بالبناء هو البناء الروحي داخل الكنيسة، والسلاح هو اليقظة لمحاربات المقاومين الذين يريدون نزع السلام الوطني.. مسئوليتنا أن ننتبه للجانبين لأنهما يتكاملان.. الجانب الروحي والمؤسسي للكنيسة والجانب الوطني لاستقرار وسلام الوطن. عاشرًا: المسئولية الصحية: صحته وصحة شعبه وهي مهمة «الْعَافِيَةُ وَصِحَّةُ الْبِنْيَةِ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ الذَّهَبِ، وَقُوَّةُ الْجِسْمِ أَفْضَلُ مِنْ نَشَبٍ لاَ يُحْصَى. لاَ غِنَى خَيْرٌ مِنْ عَافِيَةِ الْجِسْمِ، وَلاَ سُرُورَ يَفُوقُ فَرَحَ الْقَلْبِ» (سيراخ 30: 15-16) الجسد وصحته وزنة ضرورية للخدمة، والطاقة الجسدية تقلّ بمرور الأعوام والسنين، ولذا الاحتفاظ باللياقة الجسدية أمر هام على المستوى النفسي والعقلي والبدني. والمتابعة الطبية ضرورية لسلامة الأداء والتدبير كذلك الاهتمام بصحة الرعية سواء الجسدية أو النفسية لكل القطاعات: الأطفال أو المرأة أو الرجل أو المسنين أو ذوي القدرات الخاصة، من خلال وجود مستشفيات أو عيادات أو بيوت رعاية، أو من خلال تشجيع الناس على الالتحاق بالمبادرات الصحية التي تقدمها الدولة في مواقع عديدة. قداسة البابا تواضروس الثانى (للحديث بقية)
المزيد
09 فبراير 2024

وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا

نتأمل اليوم في الطلبة الثانية من طلبات قصيرة نصليها في القداس: "وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا".كتب معلمنا يعقوب الرسول: "مَن هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيَر أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ لَكُمْ غَيْرَةٌ مُرَّةً وَتَحَزَّبٌ فِي قُلُوبِكُمْ، فَلا تَفْتَخِرُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى الْحَقِّ لَيْسَتْ هذه الْحِكْمَةُ نَازِلَةٌ مِنْ فَوْقَ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَزُبُ، هُنَاكَ التَّشْوِيسُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ. وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوْلَا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفْقَةٌ، مُدْعِنَةٌ، مَمْلُوةً رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحةً عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ. وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلَامِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلام" (يع ۳: ۱۳-۱۸). ما هي أكثر خطية تغضب قلب ربنا ؟ إن الخطية التي تحزن قلب الله هي خطية الانقسام، لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَزبُ، هُنَاكَ التشويسُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ" حدث انقسام في مدينة كورنثوس فكتب لهم بولس الرسول: "وَلكِنَّنِي أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنْ تَقُولُوا جَمِيعُكُمْ قَوْلاً وَاحِدًا، وَلَا يَكُونَ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٌ بَلْ كُونُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأَي وَاحِدٍ، لَأَنِّي أُخْبِرْتُ عَنْكُمْ يَا إِخْوَتِي مِنْ أَهْلِ خُلُوِي أَنَّ بَيْنَكُمْ خُصُومَاتٍ فَأَنَا أَعْنِي هَذَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَقُولُ: «أَنَا لِبُولُسَ»، و «أَنَا لأَبْلُوسَ»، و «أَنَا لِصَفَا» (بطرس الرسول)، و«أَنَا لِلْمَسِيح» (۱ کو ۱: ۱۰-۱۲).فوبخهم بولس الرسول بلطف قائلاً: "هَلْ انْقَسَمَ الْمَسِيحُ ؟ (۱ کو ۱ :۱۳)، إذا كان المسيح واحدا يجب أن تكونوا جميعًا واحدًا. وحدانية القلب التي للمحبة افهم هذه الطلبة وصليها في البيت وفي الكنيسة: "وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا". ولكي تفهمها أكثر سأغير لك حرفًا واحدًا: "وحدانية القلب التي بالمحبة فلتتأصل فينا".هناك وحدانية مظهرية، وحدانية شكلية، وحدانية منافع ومصالح وحدانية مؤقتة إلخ، لكن الوحدانية الحقيقية هي وحدانية القلب التي بالمحبة لأن المحبة هي السبيل الوحيد للوحدانية. الخطية هي سبب الانفصال حينما دخلت الخطية إلى العالم بحسد إبليس سببت انفصال الإنسان عن الله، وعن أخيه الإنسان، وانفصال الشعوب.٠الخطية بكل أشكالها بما فيها شكل الانقسام هي السبب في الانفصال والانعزال بين الله والإنسان. عدو الخير دائما يريد أن ينقسم الشخص على ذاته، ينقسم البيت الواحد، والمجتمع الواحد،والكنيسة الواحدة، والعمل الواحد، لأن عدو الخير لا يعيش أبدًا في الوحدانية واعلم أن الخصام والانقسام يعطي فرصة لعدو الخير أن يسكن في المكان، وأن يدخل فيه روح الشر . وحدانية المحبة في مجمع الرسل بأورشليم في بداية المسيحية كان رأي البعض أنه لكي يصير الإنسان الوثني مسيحيًا لابد أن يتهود أولاً، وكان رأي البعض الآخر أن الأممي يصير مسيحيًا دون الحاجة للتهود. فقرر الأباء الرسل أن يجتمعوا معًا تكلم بولس الرسول، وبطرس الرسول، ويعقوب الرسول، كل منهم معبرًا عن وجهة نظره، وفي النهاية قالوا: "قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ، أَنْ لَا نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقْلاً أَكْثَرَ، غَيْرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْوَاجِبَةِ: أَنْ تَمْتَنِعُوا عَمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ، وَعَنِ الدَّمِ، وَالْمَخْنُوقِ، وَالزِّنَا" (أع ٢٨:١٥-٢٩) تقرر عدم الاحتياج للتهود، وتم حل المشكلة.القديس باسيليوس الكبير قدم تشبيها جميلاً فقال: المسيحيون مثل الجزر، ولكن روح المحبة هو المحيط الذي يجمعهم، ولا شيء يفرقنا سوى العزلة التي نفرضها على أنفسنا. كيف يعيش الإنسان هذه الوحدانية وما علاماتها ؟ ١- الحكمة ذكرنا كلمات معلمنا يعقوب الرسول عن الحكمة. فلا سبيل للوحدانية إلا بالحكمة والكتاب يقول رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ" (مز ۱۱۱ :۱۰). إن أكثر شيء ينقص الناس اليوم هي الحكمة في التصرف في الكلام في الأسلوب. وكعلاج سريع اقرأ كل يوم إصحاح من سفر الأمثال. ٢- المحبة اثبت في محبة حقيقية صحيحة مستمرة من القلب، فالمحبة هي التي تثبت الوحدانية.يقول الكتاب: "حينَئِذٍ أُحْضِرَ إِلَيْهِ مَجْنُونٌ أَعْمَى وَأَخْرَسُ فَشَفَاهُ، حَتَّى إِنَّ الْأَعْمَى الْأُخْرَسَ تَكَلَّمَ وَأَبْصَرَ . فَبُهِتَ كُلُّ الْجُمُوع وَقَالُوا: أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ ابْنُ دَاوُدَ؟ أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: هَذَا لَا يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلَّا بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ. فَعَلِمَ يَسُوعُ أفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لَا يَتْبَتُ. فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟" (مت ۱۲ :٢٢-٢٦).ليتكم تحفظون هذه العبارات التي قالها السيد المسيح نفسه.ويقول الكتاب: "تُشْتَم فَنُبَارك" (١ كو ٤ :١٢) الشتيمة يمكن أن تسبب الانقسام، لكن اثبت في محبتك وقل لشاتمك: "الله يباركك" فلا تعطي فرصة للانقسام وهذا ما علمنا إياه السيد المسيح انه أحبنا أولاً (١يو ١٩:٤) ٣- عمل الرحمة اثبت في عمل الرحمة اصنعها باستمرار. اجعل لك قلبا رحيما، لا قلبا قاسيًا. لقد فقدت راعوث ،زوجها، وهي في أرض غريبة وليس لها أولاد لكنها لم تفارق حماتها نعمى وصارت تصنع معها رحمة هل تعمل أنت كذلك؟ كل البشر يحتاجون إلى الرحمة وأكثر كلمة نصليها في الكنيسة هي: "يارب ارحم"طالبين من الله الرحمة لنا جميعا. ٤- الصلاة من أجل الآخرين صل حتى من أجل الذين يضايقونك، ويتعبونك، ويريدون أن يعملوا انقسامًا في حياتك. صلِ من أجل من يسيء إليك، فيعطيك الله نعمة ورحمة. واعرف أن الصلاة قادرة على صنع المعجزات. الوحدانية تتطلب دائما أن أصلي من أجل الآخرين من القلب. ٥- التواضع الوحدانية تحتاج إلى التواضع.أحيانا يشترط كل طرف أن يبدأ الطرف الآخر بالاعتذار، فيطول الخلاف بسبب العناد والكبرياء. وأمنا العذراء قالت: نزل الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ" (لو ٥٢:١).وفي العهد القديم نجد هامان وقد أضاعه کبر بازه اما مردخاي وأستير في تضاعهما حفظا وحدانية الأمة بأسرها.إن آخر درس قدمه السيد المسيح لتلاميذه هو إنه انحنى وغسل أرجلهم وكان هذا هو الدرس القمة في التواضع. 6- البعد عن الكبرياء قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ (أم ۱٦ :۱۸). أكثر شيء يكسر الوحدانية هي ذات الإنسان الـ ego ذاتك هي عدوك. واعلم أن القوي هو المتضع الذي يسامح ويغفر وينسى ويتقدم بالخطوة الأولى في الاعتذار. أما من يتفوقع حول ذاته فلا يقدر أن يعيش وسط الجماعة في وحدانية. الخلاصة يجب أن تكون حكيمًا من أجل أن تكون في هذه الوحدانية . تذكر أن أكثر خطية تغضب قلب الله هي الانقسامية إن الكلام عن الآخرين ونقل الكلام يسبب الانقسام، لذلك قال داود النبي: ضَعُ يَا رَبُّ حَارِسًا لِفْمِي. بَابًا حَصِينًا لشَفَتَيْ" (مز ٣:١٤١) كلمة واحدة ممكن أن تشوه صورة شخص عندك وممكن أن تقسم المجتمع. الانقسام خطية شديدة تغضب قلب الله وتضيع البشر والأسرة والمجتمع والكنيسة.صل هذه الطلبة باستمرار وضعها شعارًا أمامك.وليعطنا المسيح أن نعيش هذه الوحدانية. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
10 مارس 2023

مائة درس وعظة ( ٦ )

العبادة الشكلية « یا معلم ، نعلم أنك صادق وتعلم طريق الله بالحق ، ولا تبـالـي بأحـد ، لأنك لا تنظر إلى وجـوه الناس " ( مت ١٦:٢٢ ) . مظاهر العبادة الشكلية ١- الصلاة غير الفاعلة : هي الصلاة الظاهرة من الشفتين أو من اللسان ولا تتعدى ذلك الأعماق كما هي لا تتغير . ۲- المعرفة العقلانية : فنجد شخصا ما موسوعة ، ولكن ليست موسوعة اتضاع بل موسوعة كبرياء يفتخر بذاته وبما يحصله من مـعـارف ، وأحيانا تكون معرفة في الكتاب المقدس وأقوال الآباء وأحيانا يعطيه الله ملكة الحفظ ولكن كل هذا حـديث الـعـقـل وليس في القلب وليس في الكيـان وليس بالروح . ونقرأ في (متی ۱۳:۲۳ ) « ويل لكم أيهـا الكـتـبـة والفريسيون المراؤون ! » وكانت طائفة الكتبة والفريسيين من أعلى طوائف اليهود ، فكلمة « فریسی » معناها « مفرز » وهم أشخاص متميزون جدا ( الكتبة هم الناسخون ) . ٣- الحرفية : الحياة المسيحية تعتمد على الحياة القلبية ، وتعتمد على الروح ولا تعتمد على الحرف ، ومن يحيا بالحرف يتـأخـر ، ومن يعش بالناموس وفكر الناموس الجـاف دون روحه يكن متأخرا كثيرا ، لذلك قال ربنا يسوع المسيح : « ما جئت لأنقض بل لأكمل » ( مت 17 : 5 ) ، فما جاء السيد المسيح لينقض العهد القديم ، فتقرأ العهد القديم بروح الـعـهـد الجـديد ، مـثـل مـا تقـرأ رسالة العبرانيين ، فهي رسالة في العهد الجديد ، ولكنها تحكي كيف نفهم العهد القديم بروح العهد الجديد ، أما الإنسان المراثي ( بحرفيته أو بنامـوسيته ) فليس له روح العهد الجديد ، لأن الله في العهد الجديد أعطانا الحرية من خلال عمل الروح القدس .. والذي يضبطنا هو روح الحق . 4- التقرب الشكلي إلى الله : يتظاهر بقربه من الله « يسرون بالـتـقـرب إلى الله ( إش ٢ : ٥٨ ) من خلال تأدية طقوس وممارسات معينة دون أن يدخل جوهرها . تصـور إنسانا يقضى يومه صائما ويمارس ممارسات الصيام المعتادة ، ويبدأ بعد فترة الصـوم ( في نفس يوم الصـوم ) غضبـه يظهر أو سلوكه ينحـرف !! فهذا تقـرب شكلي .. فـالصـوم هو ممارسة ووسيلة لتساعد الإنسان في نموه الروحي وليس هدفا في حد ذاته . حياة الصوم أولا : الصوم غير المقبول :- ۱- صوم بلا ضبط : هو صـوم يسـر صـاحـبـه ولا يسر الله . ۲- صـوم بلا صمت : الصـوم لا يكون عن الطعام فقط بل أيضا عن الكلام ، فأنت في فترة الصـوم عليك أن تضبط كل صغيرة وكبيرة وكل كلمة وتختار الصمت وتنشغل بداخلك . ۳- صـوم بلا تذلل : كأى شكل بلا جـوهـر مـجـرد منظر خارجی. ثانياً :. بركات الصوم : ۱- صلوات مستجابة : لأنك عندمـا تـحـيـا جـو الـصـوم تشـعـر بالانسحاق والخشوع وتخرج من داخلك صلوات عميقة وتدخل فيها روح الإيمان ، صلوات مرفوعة من قلب نقى. ٢- التلذذ بالرب : فأنت تصوم عن الطعام لكي تتـحـول لذة الطعام في داخلك إلى لذة للرب ويكون المسيح هو لذتك . ٣- الشعور بالسمو : كما يقول داود النبی : « لیت لی جناحا كـالحـمـامـة فأطير وأستريح ! » ( مزه 6 : 5 ) ، يرتفع فوق الماديات وحتى فوق احتياجات الجسد ، ويشعر أن رباطات الأرض تصير ضعيفة ، ويشعر أنه يقترب من السماء ويحيا بهذه الروح . ٤- الصحة الجسدية : تقريباً ثلث سكان العام نباتيون ، والطعام النباتي يمنح الإنسان شكلاً من الطاقة الهادئة . ه- الاستنارة : ليست للعين الجسدية بل للعين القلبية . لذلك أدعوك فـي فـتـرة الـصـوم القـادم أن تقـرأ ( أصحاح 58 من سفر إشعياء النبي ) وقس نفسك علیه کتدریب روحی . ثالثاً :. كيف نصوم ؟ الكنيسـة تقـدم لنا في فترة الصـوم المقـدس ثلاثة أنواع من الغذاء 1- الغذاء الروحي : الذي تقدمه الكنيسة هو كل شكل للعبادة وممارسة الأسرار . جـمـيـل أن تتقابل مع أب اعـتـرافك قـبـل الصـوم وتضع خطة للصوم .الغذاء الروحي يتجلى في القداسات المتأخرة ، ويمكن خلال فترة الصـوم أن يكون حضورك للقداس يوميا ، إن كانت ظروفك تسمح .فترة غذاء روحي جيد تصحبها توبة وصلوات وألحان وميطانيات . يجب ألا تنشغل بشيء ولا تنشغل بإنسان ، وأن تكون لك فترات خاصة بك . ۲- الغذاء الذهني : يعتمد أساسا على القراءات الإنجيلية ، والكنيسة تعلمنا في فترة الصوم المقدس أن نقرأ النبوات .يجب أن نقرأ يومياً وليست قراءة فقط بل ادرس وافهم وعش . قراءة النبوات مفيدة جدا وتكشف مقاصد الله في حياتك . أيضا قراءة الكتب الروحية تساعدك في الحياة النسكية ، القراءة تساعدك ألا تنشغل بشيء آخر . ٣- الغذاء النسكي : الصوم الانقطاعي شيء مهم لتقوية الإرادة . الطعام النباتي هو طعـام هادئ الطاقـة وصـحى ومفيد للإنسان . الميطانيات ( سجدات التوبة ) من القلب وليس بالجسد ، وهي مرتبطة بالصلوات .. فيها الصلاة القصيرة « ياربي يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطئ » ، وأنت تسجد وترشم نفسك بعلامة الصليب .. ممكن تبدأ باثنتي عشرة ميطانية في أول يوم ، وتزداد واحدة كل يوم مع الصـوم ، وتقدمها بروح الصلاة وتقدمها في بدء النهار أو في آخر الليل ، وتقدم الميطانيات كوسيلة مساعدة لتركيز الذهن وفيها تعب ، وهذا التعب يذكرك بأتعاب المسيح من أجلك ومن أجل كل البشر قضاء فترات اعتكاف تستفيد منها كفترات تأمل وقراءة وصلاة أو ترنيم وتسبيح الزهد أيضا في الملبس وفي الكلام والطعام . حاول أن تعيش بفكر روحي خلال فترة الصوم . قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
28 أكتوبر 2022

المسئولية الأسقفية جـ 4

ذكرنا في الأعداد الثلاثة الماضية عشرة جوانب عن المسئولية الأسقفية. ونستكمل في هذا العدد آخر جانبين من هذه المسئولية وهما: المسئولية المعرفية – المسئولية الجمعية. وبذلك تكتمل هذه المقالات الأربعة عن المسئولية الأسقفية في اثني عشر جانبًا لها. حادي عشر: المسئولية المعرفية: يليق بالأسقف أن يكون على دراية وإلمام بل ومعرفة كاملة ببعض الأمور التي تستوجبها خدمته في إيبارشيته، وبخاصة مع عالم يجابه متغيرات سريعة وتحديات صعبة وأخلاقيات مغلوطة.. 1- المعرفة اللاهوتية: بكل أبعادها التاريخية والكنسية والمسكونية. 2- المعرفة الثقافية الحضارية: اللغة: والمقصود بها لغة البلد التي سيخدم بها (لغة أجنبية)، وأيضًا اللغة بشكلها الاجتماعي ولهجاتها المختلفة والمفردات التي تميز كل لهجة وطريقة استخدامها تبعًا للمجتمع الذي تُستخدم فيه.. وطريقة الحوار المناسبة لكل فئة.. الـCulture : وهو موضوع كبير جدًا يحتاج إلى قراءات واسعة.. وإرشاد من الذين يعيشون في مجتمع الإيبارشية.. وتدريب عملي بالمعايشة لفترة قبل السيامة.. وهي دراسة ومعرفة تخصّ المجتمع الكبير وليس مجتمع الكنيسة.. والتحدي الأكبر هنا يكون للأسقف في الخارج: كيف يفكرون؟ ما هي الأخلاقيات المقبولة، وغير المقبولة؟ ما الذي يحكم ثقافتهم؟ ما هو مصدر ومرجع تفكيرهم وسلوكهم: الدين، أم الفلسفات والأفكار، أم المنفعة الاقتصادية، أم التوجه السياسي، أم القوانين، أم غير ذلك؟ 3- المعرفة النفس – اجتماعية:- ابتعاد الراهب عن العالم وعن الحياة المجتمعية وعن الحياة الاجتماعية والأسرة والزوجة والأطفال والشباب والإخوة والأخوات والجيران وزملاء وزميلات العمل والشارع والمتطلبات المادية والاجتماعية والنفسية لكل هؤلاء (المقصود ابتعاده عن خبرات الحياة في هذه الأدوار) تجعل من الصعب أن يتفهم الأسقف حقيقة حياة هؤلاء.. لذا تصبح مهمة استيعاب ودراسة تلك الأمور صعبة وشاقة وتحتاج اجتهادًا ومعونة للحكمة والفهم.. المرأة: أكبر مشكلة فهم سيكولوجية المرأة وطبيعتها ونموها واختلاف مراحل حياتها فسيولوجيًا ونفسيًا.. المرأة المتزوجة، الأم، الراهبة، المكرّسة، الخادمة.. المرأة المعينة (حواء)، المطيعة المتعجلة (سارة)، الزوجة المعزية، والأم المميِّزة لأحد الأبناء (رفقة)، الجميلة السارقة (راحيل)، المنسية واسعة الحيلة (ثامار)، الجدعة المسئولة (مريم أخت هارون)، المغوية اللحوحة الشريرة (دليلة - قض16:16)، الوديعة التابعة (راعوث)، الذكية الحكيمة (أبيجايل)، الباحثة المدققة المحبة التعلّم (ملكة سبأ)، الطماعة غير القانعة الشريرة (إيزابل، زوجة لوط)، المصابة بجنون العظمة والـInsecurity (عثليا)، المضحية (أستير)، الصبورة والجاهلة (زوجة أيوب)، الخائنة (زوجة فوطيفار، جومر زوجة هوشع)، المرأة القادرة (هيروديا)... المرأة الفاضلة.. مَنْ يجدها؟ الرجل: سيكولوجية الرجل وطبيعته الجسدية ومراحل قوته وضعفه.. أنماط الرجال.. طريقة التعامل معهم واستخدام مواهبهم وقدراتهم. الأسرة: تحديات.. متطلّبات.. متغيرات جوهرية.. الشباب: أجيال متباينة.. مستويات عقلية وفكرية وثقافية متباينة.. نفسيات متطلبة جدًا.. انفتاح أخلاقي.. رؤية مختلفة جدًا للكنيسة وطقوسها وأسرارها وآباءها وحتى تاريخها.. العقل لا النقل!!!!! الجيل Z وهم الذين وُلدوا بعد عام 2000م ولهم الآن 22 سنة في عصر جديد. 4- معرفة مجتمع الإيبارشية:- جغرافية الإيبارشية وتاريخها نوعية المجتمع (زراعي – تجاري – متعدد المهن – فقير / غني – متعلم / مثقف / غير متعلم – حضاري – سياحي – عمالي...) كبار الكهنة والشيوخ والأراخنة وأصحاب التأثير وكيفية التعامل بحكمة معهم. 5- المعرفة القانونية والوطنية:- معرفة قوانين البلد التي تنتمي لها الإيبارشية – العادات – التقاليد – القيم معرفة القيادات الوطنية وتقديم المحبة لهم والشخصيات المؤثرة في الإيبارشية، وتقديم المحبة لهم هذه هي المسئولية المعرفية وهي واسعة جدًا وما ذكرناه مجرد شذرات قليلة... ولذا وجب الاجتهاد الشخصي والقراءة والمناقشة والملاحظة... الخ. ثاني عشر: المسئولية المجمعية: 1- الحضور والالتزام:- في مجمع أورشليم التزم الرسل والأساقفة بالحضور: «فَاجْتَمَعَ الرُّسُلُ وَالْمَشَايخُ لِينْظُرُوا فِي هذَا الأَمْرِ» (أع15: 6). هدف حضورنا جميعًا هو التأكيد على المحبة قبل كل الأمور المتعلقة بالكنيسة وشركتنا في المجمع معًا كلنا هي أكبر محبة.. «وَلْنُلاَحِظْ بَعْضُنَا بَعْضًا لِلتَّحْرِيضِ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ، غَيْرَ تَارِكِينَ اجْتِمَاعَنَا كَمَا لِقَوْمٍ عَادَةٌ، بَلْ وَاعِظِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَبِالأَكْثَرِ عَلَى قَدْرِ مَا تَرَوْنَ الْيَوْمَ يَقْرُبُ» (عب10: 24-25). 2- المشاركة والحوار:- لا تمتنع عن إبداء رأيك: «لاَ تَمْتَنِعْ مِنَ الْكَلاَمِ فِي وَقْتِ الْخَلاَصِ، وَلاَ تَكْتُمْ حِكْمَتَكَ إِذَا جَمُلَ إِبْدَاؤُهَا. فَإِنَّمَا تُعْرَفُ الْحِكْمَةُ بِالْكَلاَمِ» (سيراخ 4: 28-29) ستسمع الآخرين ولكن مشاركتك هي إثراء وزيادة وغنى لما قاله الآخرون: «الْعَالِمُ إِذَا سَمِعَ كَلاَمَ حِكْمَةٍ مَدَحَهُ، وَزَادَ عَلَيْهِ» (سيراخ 21: 18) ثق أن مشاركتك مطلوبة ومبتغاة منّا جميعًا: «فَمُ الْفَطِنِ يُبْتَغَى فِي الْجَمَاعَةِ، وَكَلاَمُهُ يُتَأَمَّلُ بِهِ فِي الْقَلْبِ» (سيراخ 21: 20). 3- الدراسة والبحث:- يقول القديس لوقا عن يهود بيرية: «وَكَانَ هؤُلاَءِ أَشْرَفَ مِنَ الَّذِينَ فِي تَسَالُونِيكِي، فَقَبِلُوا الْكَلِمَةَ بِكُلِّ نَشَاطٍ فَاحِصِينَ الْكُتُبَ كُلَّ يَوْمٍ: هَلْ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا؟» (أع17: 11)، يصف القديس لوقا يهود بيرية بأنهم أشرف من يهود تسالونيكي لأنهم بالرغم من إيمانهم وقبولهم كلمة الإنجيل، ذهبوا للفحص والدراسة والتأكد مما قاله لهم بولس بفحص النبوات والبحث عن الإجابات لـ"هل هذه الأمور هكذا؟". عندما تطرح نتيجة دراستك وبحثك في أمر ما من أمورنا الكنسية، ستشارك المجمع ولجانه بهذا العلم الذي وصلت إليه، وسنأخذ المشورة الصالحة التي نبنيها على دراستك واجتهاد بحثك: «عِلْمُ الْحَكِيمِ يَفِيضُ كَالْعُبَابِ، وَمَشُورَتُهُ كَيَنْبُوعِ حَيَاةٍ» (سيراخ 21: 16). 4- التمثيل اللائق للمجمع: أضع أمامك عنوانًا مهمًا وهو: "شكلي أيضًا يمجدك".. لنا مظهر نحتاج أن نهتم به، لا من أجل كرامتنا الشخصية، لكن من أجل كرامة الكهنوت وتمجيد الله الذي اختار ثيابًا للكاهن وأطلق عليها صفة التقديس، وجعلها لتميّز عمل الكاهن ورتبته وهو يقوم بالعمل الكهنوتي، وفي العهد الجديد العمل السرائري. هذا واجب وتقليد ينبغي الحفاظ عليه خاصة في الاجتماعات والمقابلات الرسمية: «وَاصْنَعْ ثِيَابًا مُقَدَّسَةً لِهَارُونَ أَخِيكَ لِلْمَجْدِ وَالْبَهَاءِ» (خر28: 2). 5- أمانة الحديث / صون خصوصية المجمع: "المجمع المقدس هو بيت الكنيسة، وأعضاؤه هم القائمون على صون البيت وخصوصية أهله".وبالتالي لا ندخل الغرباء إلى هذا البيت دون فحص ونطلعهم على خصوصياتنا: «لاَ تُدْخِلْ كُلَّ إِنْسَانٍ إِلَى بَيْتِكَ؛ فَإِنَّ مَكَايِدَ الْغَشَّاشِ كَثِيرَةٌ» (سي11: 31).كما لا نعلن نحن بألسنتنا خصوصيات هذا البيت المقدس: «قُلْتُ: أَتَحَفَّظُ لِسَبِيلِي مِنَ الْخَطَإِ بِلِسَانِي. أَحْفَظُ لِفَمِي كِمَامَةً فِيمَا الشِّرِّيرُ مُقَابِلِي» (مز39: 1)، ومكتوب: «قُلُوبُ الْحَمْقَى فِي أَفْوَاهِهِمْ، وَأَفْوَاهُ الْحُكَمَاءِ فِي قُلُوبِهِمْ» (سيراخ 21: 29). ولتكن صلاتنا: «ضَع يَا رَبُّ حَافِظَاً لِفَمِي. وَبَابَاً حَصِينًا لِشَفَتَيَّ» كقول داود النبي. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
25 نوفمبر 2022

مفهوم الاتحاد الزيجي الاتحاد الاجتماعي

تكلمت معكم في المرات السابقة تحت عنوان "اسرتي مقدسة"، ونحاول الإجابة على السؤال: كيف نبني أسرة مقدسة؟ وقلنا أن هناك خمسة ابعاد اساسية: تكلمنا عن البعد الفكري أو العقلي، والبعد العاطفي أو القلبي، والبعد الروحي أو الايماني، واليوم نتكلم عن البعد الاجتماعي أو النفسي حين تتكون أسرة، فهي تعيش في مجتمع في بلد في مدينة، وتُكتب في سجلات الدولة أن فلانًا تزوج فلانة يوم كذا في بلد كذا وهو ما نسميه "التوثيق"، ويتم داخل الكنيسة من خلال سر الزيجة المقدس وأيضًا من خلال عقد الزواج الذي نوقع عليه، ويصبح هو العقد الرسمي. الخطبة لها محضر، أما الزواج فله عقد. أريد أن أضع امامكم عدة اساسيات للبعد الاجتماعي: (1) كل انسان له شخصية مستقلة: كلا الرجل والمرأة لهما شخصية، هو عالم صغير وكذلك هي. يجب أن يعرف كلاكما أن الشخصية لا يمكن أن تتغير، لكن يمكن أن تتطور. (2) الشخصية تتكون من عوامل كثيرة: هذه العوامل تختلف من شخص لآخر، هناك البيئة التي نشا فيها، التربية في المنزل سواء من الأسرة الصغيرة أو الأسرة الكبيرة، الجينات العوامل الوراثية والتي لها دور كبير جدًا في حياة الإنسان، كذلك الثقافة، الظروف الحياتية والمادية لكل أسرة، مستوى ونوعية التعليم، مستوى إشباع الاحتياجات لأن الوفرة تربّي والحرمان أيضًا يربّي، الحالة الصحية، ماضي الشخص وحاضره... الخلاصة أن الشخصية تتكون من عوامل كثيرة، وطبيعي أن يكون بين الخطيبين اختلافات، لذا لا بد من حساب الأمر جيدًا. (3) مكانة الخطيب أو الخطيبة في أسرتيهما: هل هي بنت وحيدة؟ هل لها إخوة ذكور؟ هل هي كبرى إخوتها أو ضغراهم؟ ومثل هذا الكلام يُقال عن الرجل أيضًا. مكانة الشخص في الأسرة تجعل التربية تختلف، والتعليم، وأحيانًا في الظروف الصحية.عند الخطبة يبدأ الخطيبان في التعامل مع المجتمع بهذه الحيثية، ويجب الانتباه لما يلي: (1) ألّا يجهل أحد الخطيبين قدسية الزواج: بل تكون نظرتهما للزواج نظرة مقدسة. الإعلام لا يقدم صورة حقيقية أو صورة نقية عن الزواج، فلا بد أن تكون عندكم نظرة لقدسية الزواج وإلّا كيف ستبنون أسرة مقدسة؟ (2) نحن نؤمن بشريعة الزوجة الواحدة: لقد ارتبط كلٌّ منكما بالآخر لنهاية عمره، لهذا قرار الزواج قرار خطير، ويسمّي كلاكما الآخر: "شريك الحياة". (3) خطية الزنا تدمر الزواج: فكونوا في منتهى الحرص لكي تحموا أنفسكم من السقوط في هذه الخطية التي تدمر الزواج. لا بد أن عند الخطيب والخطيبة عفة في الحواس والأفكار، لا تسمحا للفظ خارج أو غير لاسق أن يخرج من أفواهكما. احفظوا حواسكم نقية عفيفة. ويجب على الرجل أن تكون نظرته للمرأة وقورة، يظهر في سلوكه وتصرفاته أنه يحترم المرأة، بل أن العفاف يعطيك أن تنظر حتى إلى الجنس بنظرة قدسية. (4) الارتباط الدائم بالكنيسة: الدورات التي تعملها الكنيسة تعطيك فرصة لتكون مرتبطًا بالكنيسة باستمرار. ابتعدوا عن حالات الفتور، شجعوا بعضكما على حضور القداسات والاجتماعات، فكل منكما حارس للآخر. ومن الأمور المهمة جدًا في فترة هي علاقة الخطبيبن بالإنجيل، فالإنجيل هو الذي يبنينا، ومن أجمل التداريب لكل المخطوبين قراءة سفر الأمثال معًا ليتعلموا منه كيفية التعامل مع الحياة وماهية الحياة. (5) البعد عن النمط الاستهلاكي: ابتعدوا عن التبذير وعن البخل، أما الطريق الوسطى فهي التدبير. كونوا معتدلين. وإياكم الارتباط بشخص كسول، لأن الرخاوة لا تمسك صيدًا. لا تستقوا المبادئ والقيم للأسرة السعيدة من الإعلام والدراما، اخذروا أن يشكّل الإعلام وعيكم. احذروا مفاهيم السحر واللجوء إلى أعمال الشيطان، بل تمسكوا بالله. ابتعدوا عن الإدمان بكل صوره وأشكاله، لا تستسهلوا الأمور الصغيرة, تذكروا قول الكتاب: «اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ، وَلِلنَّفْسِ الْجَائِعَةِ كُلُّ مُرّ حُلْوٌ» (أم27: 7). انتبهوا لأن الإدمان أحد أسباب بطلان الزواج إذا ثبت أن أحد الخطيبين كان مدمنًا قبل الزواج. كذلك هناك قائمة بالموضوعات التي يجب أن تراعوها في النواحي الاجتماعية: أ- التواريخ المهمة عند شريك حياتك، ومراعاة الوقت الذي يقضيه الخطيبان مع بعضهما البعض. ب- المال، التدبير حلو، كونوا معتدلين في كل شيء، واحذروا البخل. ج- المظهر اللائق في المجتمع، ولائق للطرف الآخر، كونوا وقورين في ملابسكم، والكلام للشباب كما للشابات. د- العمل: لا تجعلوا أحاديث العمل تأخذ كل وقتكما. ه- المشاركة بين الخطيبين حتى لو في شيء بسيط تجعل كلًّا منهما يخرج عن أنانيته. و- المكالمات تكون وقورة، تبادلا فيها الحب والكلمات الطيبة. ز- الصور: ما أسهل التقاط الصور الآن، انتبهوا أن تكون صوركم حسنة، وأنصحكم نصيحة مخلصة: لا تنشروا صوركم وأنتم مخطوبان على النت. ما الفائدة من نشرها؟ كما أن هناك من يتلاعبون بصوركم. ح- كونوا حريصين في المجاملات، ولتكن المجاملة عاقلة وبمشاركة الخطيبين. ط- ضعا حدود جيدة ومحترمة بينكما ي- في الزيارات هنزور ليكن قلبكما منفتحًا تجاه أسرة الآخر، واعملا ما يسر أحدكما الآخر. ك- الصداقة تقوّي كل علاقة، وكلا الخطيبين يجب أن يكونا أصدقاء. الصداقة هي قمة العلاقات الإنسانية غير الرسمية (البشر عندهم نوعين من العلاقات: علاقة غير رسمية، وعلاقة رسمية تُكتب في ورق). الصداقة والزواج متماثلان، الفرق أن الصدافة ليس بها البعد الجنسي. لو كنتم أصدقاء وبقيتم أصدقاء طول عمركما، يسكون زواجكما ناجحًا. في فترة الخطوبة اسعيا لتقوية الصداقة بينكما.ربنا يحفظكم وتبنوا بيوتًا مقدسة، ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
07 أكتوبر 2022

المسئولية الأسقفية جـ1

الدرجات الإكليروسية في الكنيسة المقدسة ثلاث، هي: الشموسية – القسيسية – الأسقفية، والإكليروس (كلمة يونانية تعني المُكرَّسين لله) هم الذين يقومون بسائر الخدمات الليتورجية والكنسية المتعدّدة في نظام دقيق جدًا ومُحدَّد كما يقول الكتاب: «لكل واحد منّا أُعطِيت النعمة حسب قياس هبة المسيح» (أفسس 4: 7).. «لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح» (أفسس 4: 12-16). وبمناسبة سيامة عشرة أساقفة جدد ليخدموا في المواضع التي خلت بنياحة عدد من الأحبار الأجلّاء خلال الفترة الماضية، فإنني أودّ أن أتحدث عن جوانب المسئولية الأسقفية، والتي تُعتبر (الأسقفية) أعلى درجات السلم الإكليروسي، ومن الأساقفة يتكون أعضاء المجمع المقدس برئاسة البابا البطريرك. بنعمة المسيح نتحدث عن المسئولية الأسقفية في عشرة جوانب متعدّدة ونكتب عنها في أكثر من مقال. أولًا: المسئولية الشخصية: التخلي عن الذات: دورنا كأساقفة هو النظر للآخر.. النظر للشعب وليس لأنفسنا: «لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضًا» (في2: 4) إذا استطعنا أن نقول مع بولس إننا عبيد للشعب من أجل يسوع، فنحن إذًا أساقفة ورعاة بحق: «فَإِنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُمْ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ» (2كو4: 5).كلمة السر لبلوغ التخلّي التام عن الذات هي الاتضاع.. الاتضاع هو أكبر وأضمن طريق للنمو الروحي الدائم.. الاتضاع هو حارس نعمة الأسقفية. ولذلك أقول لك أيها الآب الأسقف: اجعل مَثَلَك يوحنا المعمدان: «يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ» (يو3: 30-32). ثانيًا: المسئولية الروحية: النمو فيها، وتجنُّب الجفاف الروحي: المسئولية الروحية عن ذاتك تتلخص فيما قاله بولس الرسول: (1) «لَيْسَ أَنِّي قَدْ نِلْتُ أَوْ صِرْتُ كَامِلاً، وَلكِنِّي أَسْعَى لَعَلِّي أُدْرِكُ الَّذِي لأَجْلِهِ أَدْرَكَنِي أَيْضًا الْمَسِيحُ يَسُوعُ» (في3: 12). نحن جميعنا في سعي دائم بل ونجري، كيما ندرك وننمو.. ولو شعرنا للحظة أننا قد صرنا كاملين يبدأ الجفاف الروحي.. (2) كيما نظل في حالة نمو دائم ينبغي أن نتذكر درس بولس الرسول لتيموثاوس أن يكون قدوة: «لاَ يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ، بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْكَلاَمِ، فِي التَّصَرُّفِ، فِي الْمَحَبَّةِ، فِي الرُّوحِ، فِي الإِيمَانِ، فِي الطَّهَارَةِ» (1تي4: 12).وحتى ما يكون دائمًا قدوة، نصحه بولس الرسول بدوام ملاحظة تعليم نفسه: «لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ وَدَاوِمْ عَلَى ذلِكَ، لأَنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ هذَا، تُخَلِّصُ نَفْسَكَ وَالَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ أَيْضًا»(1تي4: 16).المثل القوي هنا هو مثل سلبي لأسقف لاودكية الذي فكّر بل وقال إنه غني وقد استغنى ويعلم كل شيء ولا يحتاج أي شيء.. لذا صار لا حارًّا ولا باردًا كما يقول الرائي: «وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ الّلاَوُدِكِيِّينَ:«هذَا يَقُولُهُ الآمِينُ، الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ، بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ: أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا! هكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي. لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ» (رؤ3: 14-17). ثالثًا: المسئولية الأبوية: لكل قطاعات الشعب الأبوة الروحية هي أن تلد أبناء في المسيح، وهذا هو تعريف الأبوة الروحية: «لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَكُمْ رَبَوَاتٌ مِنَ الْمُرْشِدِينَ فِي الْمَسِيحِ، لكِنْ لَيْسَ آبَاءٌ كَثِيرُونَ. لأَنِّي أَنَا وَلَدْتُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ بِالإِنْجِيلِ» (1كو4: 15). أمّا ممارسة الأبوة الروحية فهي متابعة الأبناء بالوعظ والتعليم والتشجيع، وعدم الملل في التحفيز للأبناء ليسلكوا كما يحق بالإنجيل: «كَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ كُنَّا نَعِظُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ كَالأَبِ لأَوْلاَدِهِ، وَنُشَجِّعُكُمْ، وَنُشْهِدُكُمْ لِكَيْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ ِللهِ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَى مَلَكُوتِهِ وَمَجْدِهِ» (1تس2: 11-12) (Encouraging, Comforting and Urging) وأخيرًا على الأسقف أن يكون أبًا للكل لأن الأبوة الروحية تشمل كل الشعب.. وبالتالي تحتاج كأسقف أن تتعامل مع كل ابن بالطريقة المناسبة له: «فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ. وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ. وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ للهِ، بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ، لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَال قَوْمًا» (1كو9: 20-22)أمّا الانشغال عن الأبوة الحقيقية فينتج عنه مشكلة كبيرة وهي فقدان الأبناء.. يذهبون وراء آخر.. أيّ آخر يبدي لهم اهتمامًا بأحوالهم وقضاياهم.. انشغال داود عن الشعب أعطى الفرصة لـ"أبشالوم" لسرقة قلوب الشعب إذ كان أبشالوم يتواصل مع مَنْ يأتي لداود ويقول لهم: «انْظُرْ. أُمُورُكَ صَالِحَةٌ وَمُسْتَقِيمَةٌ، وَلكِنْ لَيْسَ مَنْ يَسْمَعُ لَكَ مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ» (2صم15: 3). وكانت النتيجة أن 200 من الشعب ساروا وراء أبشالوم ببساطة ودون تمييز: «وَانْطَلَقَ مَعَ أَبْشَالُومَ مِئَتَا رَجُل مِنْ أُورُشَلِيمَ قَدْ دُعُوا وَذَهَبُوا بِبَسَاطَةٍ، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ شَيْئًا» (2صم15: 11). للحديث بقية قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
24 فبراير 2023

مائة درس وعظة ( ٤ )

٤- الله يريدني ( يونان النبي ) « حين أعيت في نفسي ذكرت الرب ، فجاءت إليك صـلاتي إلى هيكل قـدسك . الذين يراعون أباطيل كاذبة يتركون نعمتهم . أما أنا فـبـصـوت الـحـمـد أذبح لك . وأوفي بما نذرته . للرب الخلاص » ( یونان ۲ : ۷-۹ ) هل تتطابق مشيئتك الشخصية مع المشيئة الإلهية ؟ عندما تصلى « لتكن مشيئتك » هل فعلاً تقصـد مـا تقـول أم أنك تسير على حسب مشيئتك الشخصية ؟ في أحداث قـصـة يونان نقف أمام هذا السؤال ، وكيف أجاب يونان وربان السفينة على هذا السؤال . إن الله كان يهتم بإنقـاذ شعب مدينة نينوى ، وربان السفينة يهـتم بإنقاذ ركاب السفينة . أما يونان على الرغم من أنه نبي من الأنبياء ظهر في القرن الثامن قبل الميلاد - كان يشغله سؤال واحد فقط هو : كيف أنقذ نفسي ؟! ولكن ما هي خطة الله لإنقاذ شعب نينوى ؟ الله كانت لديه خطة ليخلص شـعب مـدينة نينوى الذي قال عنهم في نهاية السـفـر : إنهم كانوا اثنتى عـشـرة ربوة ( والربوة عـشـرة آلاف ) وغـالـبـا كـان هذا العدد ينطبق على الرجال فقط دون الأطفال والنساء ، ولكنهم ذات قيمة غالية عند الله وأراد أن يخلصهم . أولاً : اختيار وإرسال : اختار الله شخصا ليرسله إليهم وكان هذا الشخص هو يونان النبي ، ولكن يونان لم يـتـمـم الأمـر ، ففكر أن يهرب من الله وغابت عنه حقيقة : أن الله يملأ السـمـاء والأرض ، أمـا الله فـقـد أطال أناته على يونان . ثانيا : طول أناة الله : دائما ما يأتي على فكرنا هذا السؤال .. لماذا يطيل الله أناته على الأشــــرار والخطاة ؟! الله في طول أناته يحـاول أن يوقظ الإنسان ، أحيانًا يوقظه بقرعات خفيفة ( عظة ، قراءت..إلخ ) ، وأحيانا قـرعـات الله تكون شديدة مثل ما حدث مع يونان النبي . الله أطال أناته على يونان وبعد ما كان یونان على حافة الموت أعـد لـه حـوثـا مكث في جوفه ثلاثة أيام . وهنا العجب يا إخوتي أن يونان يهرب من الله ولكن الله ينتظر عودته . ثالثا : رحمة الله ونجاح المهمة الكرازية : الله في رحـمـتـه يطى درسا بالغا وشديدا لهذا الشعب فـقـدم الشعب كله ( ألوف من البـشـر ) توبة رائعة ، ونجح الله في خطته لإنقاذ شعب نينوى . رابعا : دور الوثنيين : ربان السفينة الذي لا نعرف اسمه ولا جنسـيـتـه ... ( ولكننا نعرف أن بـحـارة السفينة كانوا من الأمم الوثنية » ، عندما هاج علـيـهـم البـحـر اتخـذ عـدة أمـور لينقذ السفينة منها :- ١. التخلص من الأشياء الثقيلة البضائع والأمتعة الموجودة في السفينة حتى يخف وزن السفينة . ۲. طلب من ركاب السفينة أن يصـرخ ( يصلي ) كل واحـد لإلـهـه ، وهذا يبين لك الالتجاء إلى الله ، وهذا ما فعله البحارة الذين يعبدون الأوثان . ٣. إلقاء قرعة على الركاب ليعرفوا سبب هذه البلية التي وقعوا فيها « فصرخوا إلى الرب وقـالوا : أه يارب ، لا نهلك من أجل نفس هذا الرجل ، ولا تجـعل علينـا دمـا بريئا ، لأنك يارب فعلت كما شئت » یونان . ( 1 : 14 ). خامسا : دور یونان : يونان الذي كان يشغله سؤال ، كيف أنقذ نفسی ؟ ۱. سقط في خطيـة الأنانية إلى أقصى حـد ، مـا هذا القلب الذي يـهـرب مـن المسئولية ! ۲. نام نوما ثقيلاً وجعل أذنه لا تسمع صـوت الله ولا تسمع صوت الضمير وكـانت تـأخـذ يونان الغفلة التي قد تكون إحـدى مسببات الخطية ، وكان يبرر هذه الغفلة لنفسه بأن أهل نينوى شعب وثنى بعيد عن الله - إن أرسلك الله لتـؤدى عـمـلاً أو رسالة فلا تتوان ولا تتكاسل . قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل