المقالات

29 نوفمبر 2019

المسيح محرر الإنسان

بعض الآباء فى الغرب أمثال جيروم وأغسطينوس وأمبروسيوس أكد قصة المرأة التى أمسكت فى الزنا، ويقرأون هذه القصة فى 8 أكتوبر من كل عام تذكار عيد القديسة بيلاجية، ويكشف هؤلاء الآباء عن سبب غياب هذه القصة فى بعض المخطوطات الأخرى هو خوف الأوائل من استخدام القصة كمشجع للإنحلال الخلقى أو إنها ذريعة للإباحية كما يقول أغسطينوس أما الآباء فى الشرق فقد كانوا أكثر تحفظاً فامتنعوا عن شرحها أو الرجوع إليها أو حتى ذِكرها بالمرة أمثال أوريجانوس ويوحنا ذهبى الفم وكبريانوس ولكن الذى يقطع بصحة القصة هو ورودها فى كتاب " تعاليم الرسل " وذلك فى سياق صحة وضرورة قبول عودة الخطاة التائبين إلى الكنيسة، كما ذكرها بابياس من القرن الأول والثانى الميلادى (60- 125م) هـــدف الواقعة (أ)- وضع السيد المسيح فى مأزق / ورطة / تجربة. (ع6) (ب)- إظهار السيد المسيح بأنه صديق الخطاة. (ع11) ظروف الواقعة الفاعل الأصلى غير موجود لقد أمسكوا المرأة وقدموها للمحاكمة وتركوا الرجل يفلت ولم يمسكوه مع إن الحكم فى الناموس واحد على الإثنين)الحالة حالة تلبس فى ذات الفعل، وهذا سند قانونى لا يمكن أن يفلت منه القاضى بأى حال من الأحوال (يو8: 2- 11). (2)- (لا20: 10، 11)" أما دانك أحد .. أنا أيضاً لا أدينك "لم تذكر الشريعة عقوبة الرجم بل فقط " يقتل الزانى والزانية "(1) فقط ذكر الرجم فى حالة الفتاة المخطوبة التى تزنى(2)، وقولهم برجم المرأة خروج عن قانون موسىىلم يحضروا ليطلبوا مشورته، وحتى حين خاطبوه بلقب (معلم) لم يكن ذلك احتراماً أو تبجيلاً .. بل مجرد خبث ودهاء وإلتواء بقصد إيقاعه فى مأزق وتجربة.. لقد استغلوا عار امرأة شرقية كأداة لامتحانه كان قصدهم من تلقيبه بالمعلم هو التغطية لإخفاء مخططهم وخدعتهم الخبيثة ذات الحدين (أ)- لو أنه أطلق المرأة دون أن يحكم عليها بالرجم فإنه يكون قد تنكر لناموس موسى = جاحد للناموس الموسوى (ب)- ولو أنه أفتى بتطبيق ما ينص عليه الناموس، فإنه يكون قد هزأ بالقانون الرومانى وجرأ الناس على الخروج عليه = ثائر على السلطة الحاكمة من جهة أخرى (أ)- إن حكم المسيح على المرأة (بحسب الناموس) وقتلت أمام عينيه وبحكم (لا20: 10). (2)- (تث22: 23، 24) منـه.. يكون قـد إنحرف إنحرافـاً هائـلاً عن مسـتوى الحب والرحمة والفداء = كسر مبدأ الرحمة والحب / أيـن الرحمة ... ؟! (ب)- وإن حكم عليها بمقتضى الرحمة والحب يكون قد تجاهل الناموس.. ويكون المسيح بذلك مستحقاً القتل = كسر الناموس / أيـن العدل .. ؟! بمعنى آخر (أ)- إن هو أدان المرأة قالوا عنه إنه قاسى. وهذا ينافى قوله عن نفسه بأنه رحيم جاء لكى يطلب ويخلص ما قد هلك) (ب)- وإن هـو أطلق المرأة فإنه يكون قد نقض الناموس وهو الذى قال قبلاً " ما جئت لأنقض بل لأكمل "(2) = كاسر الناموس / واتُهم بالتساهل قال السيد المسيح سابقاً "إنى لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم"(3) بمعنى أنه جاء ليبرئ الخاطئ لا ليقتله.. وهو سيبرئه على حساب نفسه هنا السيد المسيح " محاور" رائع معهم كيف تصرف السيد المسيح ؟ أعطاهم فرص وقت لإعادة التفكير ولمراجعة ضمائرهم = حركها نحو التوبة كتب على الأرض (وهذه هى المرة الأولى والأخيرة التى نسب فيها ليسوع أنه " كتب " شيئاً ) استحضر انتباههم بمفاجأة أنه موافق على قتل المرأة بشرط أن يكون من ينطق بالحكم وينفذه لم يأت الخطيئة، وإلا يكون هـو الأوجب بالرجـم والموت "من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر" (ع7). لقد أشترط أن من ينفذ الناموس يكون على مستوى الناموس لم يقل السيد المسيح إنها غير خاطئة ولم يقل إن الناموس لا يعاقب .. بل حرك الضمائر نحو التوبة (التوبة ليسـت إدعاء البر). إنه لم يدن أحد منهم بل جعلهم هم الذين يدينون نفوسهم تسلل الشهود إلى خارج دون أن يجرأ أحدهم على قذف المرأة بحصاة، (1)- (لو19: 10). (2)- (مت5: 17). (3)- (يو3: 17، 12: 47) وبذلك إنعدم ركن الشهود فى قضية المرأة، وبذلك لم يعد الاتهام قائماً، وبالتالى رفض القضية وانتقاء الإدانة حيث أن أحداً لم يدنها "وأنا لا أدينك"(ع11) هؤلاء المشتكون استقالوا وتركوا مناصبهم لقد فتح أمامها باب الحياة الجديدة بالتوبة والندم محققاً قوله : "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى، لم آت لأدعوا أبراراً بل خطاة إلى التوبة " + لقد أعطانا السيد الغفران، وهى التى نادته يا سيد = رب = Lord الذى هـو عمل حب من الرب .. وعلى أساس دم الصليب .. ويكون بالتوبة والاعتراف .. وبلا حـدود يقول القديـس أغسطينوس [ بقى اثنان المرأة التعيسة بل السـعيدة فى مواجهة الرحمة المتجسدة ] هكذا المسيح .. يرفع الزانية فوق الفريسى .. واللص فوق رئيس الكهنة .. والابن الشاطر فوق الابن الأكبر.. إنه صديق الخطاة بحق لمن يُقر بخطيته نادماً حقائق : كان الناموس يحكم على الخاطئ ويدين الخطية ولكنه لا يستطيع أن يبطل الخطية .. المسيح هوالذى أبطل الخطية لقد مثلت هذه المرأة أمام السيد المسيح كديان وقاض، ولكنها لم تجد فيه إلا المخلص والفادى أنا مستعبدة أنا حــرة للخطية : إذ أمسكونى فيها. تمتعت : بحرية القلب عندما تطهرت. للعــار : صارت فضيحتى أمام الكل. تمتعت : بحرية الكرامة لأن مشتكىّ تركونى. للخـوف : لئلا يقتلوننى. تمتعت : بحرية الشجاعة فالبر قوانى. للهـلاك : لأن للخطية عقوبة أبدية. تمتعت : بحرية المكافأة إذ لى نصيب. للمهانة : لأن الخطية أضاعت شرفى وكرامتى. تمتعت : بحرية المجد لى مجد وكرامة لكل من يفعل الصلاح. إذن حقاً المسيح واهب الحياة = محرر الإنسان (ع32/ 34/ 36). تدريب : تخيل هذه المرأة كانت تكتب مذكراتها يومياً تُرى ماذا كتبت فى هذا اليوم .. ؟! (1)- (مت9: 12، 13- لو5: 31، 32- مر2: 17). قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثانى
المزيد
28 فبراير 2020

كيف تصلي؟

كل فصل من أناجيل الصوم الكبير يحمل سؤالًا، وكأن أيام الصوم هي بمثابة أسئلة يطرحها الله علينا لتكشف لنا مقدار معرفة الإنسان الروحية وطبيعته وتعمقه وعمقه في هذة الحياة الروحية. كلمة الله أجابت عن أسئلة كثيرة في السنوات الماضية وهذا العام (2017) سوف نأخذ القراءة الإنجيلية في كل يوم جمعة طوال أيام الصوم في السبعة أسابيع.إنجيـــــــل الجمعـــــــــــة الأولـــــــــــى مـــــــــــن الصـــــــــوم (لوقا11 : 1-10) يبـــــــــدأ بســـــــــؤال واضـــــــح جــــــدًا، فقـــــــد طلب التلاميذ من السيد المسيـــــح قائلين: «يا رَبُّ، عَلِّمنا أنْ نُصَلّيَ...»، ولذلك السؤال يكــــــون كيف تصلي؟ كثيرون ينظرون إلى الصــــلاة على أنها فعل روحي، وبعضهم يعتبرها فنًّا، ولكننا نرى الصلاة حياة. حياة الصلاة هي ليست حياة لوقت معين ولا في مناسبة معينة ولا في مكان معين، الصلاة حياة يعيشها الإنسان طول حياته، والوصية التي قالها السيد المسيح أن صلوا كل حين ولا تملوا، فكأن الصلاة مرتبطة بالتنفس في كل حين. والصلاة هنا تعني العلاقة التي تربط بينك وبين الله، وهذه العلاقة علاقة داخلية في القلب وليست مظهرية أو خارجية، فصمتك قد يكون صلاة، وترنيمك صلاة ووقفتك صلاة، حتى أننا نقرأ في سفر النشيد عن عروس النشيد «أنا نائمَةٌ وقَلبي مُستَيقِظٌ (بالصـــــــلاة)» (نش2:5)، وكأن نبضات القلب هي تعبير عن نبضات الحب، حب الإنسان لله وحب التواجد في حضرته على الدوام. والصلاة لا تأخذ شكــــــلًا واحـــــــدًا، مشاعرك تكون صلاة، ودموعك تكون صلــــــوات، وسجودك صلوات، وصمتك يُحسب صـــــــلاة. وداود النبي يقول هذا التعبير الجميل: «مِنَ الأعماقِ صَرَختُ إلَيكَ يا رَبُّ» (مز1:130)، لا أحـــــــد يسمـــــــع هذة الصرخة غير الله، أعمــــــاق القلب وأعمــــــــاق النفس البشرية هي التي تصلي وتخاطب الله، والله يسمع ويستجيب. لذلك في كل قداس نصليه في الكنيسة نسمع نداءً من الأب الكاهـن في صورة سؤال: «أين هي قلوبكم؟»، فيـــــرد المصلـــــون ويقولون: «هي عند الرب»، ليست قلوبنا على الأرض وإنما في السماء. تقدم التلاميذ للسيد المسيح وطلبوا السؤال الذي نطلبـــه: «علمنـــــــا يــــا رب أن نصلـــــي»، هل تحتاج الصـــــــلاة أن نتعلمهــــــا؟ هل نحتاج إرشادًا لنصلي؟ هل لابد من الحكمـــــة؟ نعم! لذلك أعطاهم السيد المسيح النموذج المثالي للصلاة، وهي التي نسميها الصـــــلاة الربانيـــــة وأحيانًا نسميها صلاة الصلوات. وسلمنا الرب هذه الصـــــــلاة في عبارات موجزة قليلة ولكنها واسعـــــة المعانـــــــي، وصــــــارت هذة الصلاة هي الصلاة الرسمية في المسيحية، ونصليها شرقًا وغربًا، ويمكن أن نعتبرها بمثابة البذرة التي نشأت منها كل صلواتنا.وهذه الصلاة قصيرة ولكن عميقـــــة المعنى، وأريد أن أتأمل معكم في هذه الصـــــــلاة في عشرة معانٍ متكاملة...المعنــى الأول: أن فيها روح البنـــــوة، فحين تصلي وتقول: أبانا في بدء الصــلاة، معناها إني أنا ابن لك يا رب. شعور البنوة حلو يريح الإنسان.المعنــــى الثانـــــي: ننادي الله «أبانا» بصيغة الجمع وليس أبي، وكأن كل الموجودين إخوتي، أي روح الأخوة التي تجمعنا، فلنا أب واحد هو الله الآب. ولذلك قيمة الصلاة أنها تجمعنا معًا. أيضًا حين نخاطب الكاهن ندعوه «أبونا» وأيضًا بصيغة الجمع، والكنيسة الإثيوبية تنادي الأب البطرك والأب الأسقف والأب الكاهن بكلمه «أبونا» حتى اليوم.المعنـــى الثالــــث: وهو روح المهابـــة، فأنت تقف أمام أبينا الذي في السماء، وتحمل نسمة حياة من السماء. لست مخلوقًا أرضيًا بل مخلوق من السماء. وحين تقف أمام الحضرة السماوية فيجب أن يكون ذلك بمهابة وخشوع.المعنى الرابـــع: «ليتقدس اسمك» رغم أنهما كلمتان والعبارة قصيرة، ولكن ليتقدس اسمك يا رب في حياتي، وهذه روح القداسة. أحيانًا في مسيره حياه الإنسان ينسى اسم الله وينسى تقديس اسم الله، ولذلك نعتبر القسم خطية لأن الإنسان يستخدم اسم الله بلا مصداقية. في إنجيل يوحنا تجد هذه الآية الجميلة «لأجلِهِمْ أُقَدِّسُ أنا ذاتي» (يو19:17)، الأب في بيته يقدس نفسه أي يجعل نفسه أمينًا على أسرته، الخادم في الكنيسة وكل مسئول في المجتمع يقدسون أنفسهم من خلال الأمانة في المسئولية. ليتقدس اسمك يا رب في كلامي فلا يكون غامضًا أو ملتويًا بل بالحق.المعنــى الخامــــس: «ليأتِ ملكوتك» وهنا روح الاستعداد. فالإنسان المؤن ينتظر ملكوت الله أو ينتظر أن يكون له نصيب في السماء. ليأتِ ملكوتك أي الإحساس اليومي بأنك مدعو لهذا الملكوت، مدعو أن يكون لك حياة في السماء، الحياة الأبدية التي بلا نهاية. مثل العذارى الحكيمات والجاهلات يشرح لنا كيف أن العذارى الحكيمات انتظرن العريس مستعدات بالزيت، أمّا الغير مستعدات فيسميهم الكتاب المقدس الجاهلات، فلم يكن لهن نصيب وأُغلِق الباب دونهن.المعنــــى الســــادس: «لتكن مشيئتك» وهذه المشيئة تعني روح التسليم. الإنسان الذي يعيش في مشيئة الله، الذي يرى كل شيء يصنعه الله أنه خير، يعيش في حياة الرضا والقبول، هو في يدي الله يقود حياته من يوم ليوم ومن سنة لسنة ومن مسئولية لمسؤلية. المعنـــــى السابــــع: «كما في السماء كذلك على الأرض»، عبــــــاره مفصليــــة: قبلهـــــا ثلاث عبارات تخـــــص الله. نريـــــد يــــا رب أن الأرض التي خلقتها لنا تكون مثل السماء، أريد كنسيتي مثل السماء، وكذلك وطني، بل والبشرية كلها تكون كما السماء. السماء كلها سعادة وفرح وصفاء، ونريد أن تكون الأرض هكذا. السماء قلبها واسع وكلها سلام، ونريد سلامًا على الأرض... وهذه نسميها روح الاتكال أو سماوية الطابع.المعنـــــــى الثامـــــن: «خبزنا كفافنــــــا أعطنـــــا اليوم»، ونسميها روح القناعـــــة. والقناعة صورة من صور الرضـــــا أو الشبع الداخلــــي، ولن يأتي الرضا أو الشبــــع الداخلـــي مــــــــن أمـــــــــور ماديــــــه أبدًا، ولكن بقدر ارتباطك ووجودك في الحضرة الإلهية بقدر ما يكون شبعـــــك، لأن القلب لا يشبـــــع بطعام ولا بماديات ولا بالتراب بل بالله فقط. المعنى التاسع: «اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا». الله صاحب المغفرة، ولكنه أعطى للإنسان قوة المسامحة، والمعادلة أكثر من رائعة! فعلى قدر ما تسامح الآخر على قدر ما تحصل على غفران الله، ورغم بساطتها إلّا أن الإنسان أحيانًا ما ينساها! وهذه نسميها روح المغفرة. أتعجب حين يحدث خلاف بين اثنين ويستمر لأيام بل وسنين، وأتساءل: ألا تصلون أبانا الذي...؟! المعنــى العاشــــر: «لا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير». هي روح الحرص، نحن نعيش في عالم فيه الخير والشر، وفيه ضعفات كثيرة وخطايا متنوعة، فكيف يحترس الإنسان لنفسه، ونحن نعلم أن الخطيه يسبقها غفلة أو نسيان للوصية، لذا نقف أمام ربنا ونقول: لا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير. طالما تحصنت بروح الصلاة الدائمة فلا يقدر العدو أن يؤذيك ما لم تؤذِ أنت نفسك. الصلاة الربانية تقــــدم لك نموذجًا للصلاة، سواء روح البنوة أو الأخوة أو المهابة أو القداسة أو روح الاستعداد أو الاتكال على الله أو القناعة أو المغفرة أو االحرص والانتباه. كل هذه مفاهيم تدخل في الصلاة. مشكلة الإنســـــــان المعاصــــــر أنه يحيــــــــا في عصر السرعة، لكن الحياة الروحية ليست بهذه السرعة. فحين تزرع لبد أن تنتظر ثلاثة أو أربعة شهور حتى تثمر، وهناك نباتات تحتاج لسنين، فلكل شيء وقت. في هذا مثل صديق نصف الليل (لو11) يعلمنا اللجاجة أي استمرار الطلبة أمام الله، وكأنك تقول لله إنه ليس لي غيرك ولا أستطيع أن أذهب لأحد آخر. وقد سمعتم عن القديسة مونيكا التي ظلت تصلي 20 سنة وبدموع من أجل ابنها أغسطينوس، حتى تغير وصار قديسًا. لم تصلِّ يومًا ولا اثنين بل 20 سنة! قيسوا على هذا كثيرًا. ولذلك اللجاجة أحد عناصر نجاح الصلاة. والله عندما يعطيك أو لا يستجيب إنما يفعل هذا لخيرك. ولذلك في آخر هذا الفصل يقول لنا «اسألوا تُعطَوْا، اُطلُبوا تجِدوا، اِقرَعوا يُفتَحْ لكُمْ»، إياك من اليأس أو الشك إن كان الله يسمع صلواتك، بل هو يسمع كل كلمة، يسمع مشاعرك من الداخل وأنين قلبك. اسألوا باللسان، اطلبوا بمشاعر القلب، اقرعوا باللسان والمشاعر والإرادة. لقد أعطانا الله نعمة الصلاة، ونعمة التواجد في الحضرة الإلهية، ونعمة الاستجابة، كل إنسان ومهما كان ضعفه ومهما كانت كلماته يستطيع أن يصلي، والله يسمع ويستجيب الصلاة. يعطينا مسيحنا أن تكون حياتنا كلها صلاة، كما يقول داود النبي: «أمّا أنا فصلاة»... قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
31 يناير 2020

العقل والروح والنفس

أريد أن أتحدث عن العقل والروح والنفس وكيف تكون غير نافعه وتصير نافعه فيما بعد.معني انسيمس هو اسم نافع او مفيد، واستخدم بولس الرسول معنى هذا الاسم ليحول هذا العبد الهارب الغير نافع الى نافع، الَّذِي كَانَ قَبْلًا غَيْرَ نَافِعٍ لَكَ، وَلكِنَّهُ الآنَ نَافِعٌ لَكَ وَلِي، كلمتك عن الجسد واعضاء الجسد وقد تكون غير نافعه ونتعلم كيف نحولها لنافعه.واكلمك اليوم عن العقل وشخصية يونان النبى العقل هبه من ربنا مثل التعبير الشعبى العقل زينه، وهذا العقل هو العطية العظمى للانسان التى جعلت للانسان عقل يفكر ويبدع ويطور، وهل ياترى انت تستخدم كل عقلك ولا جزء منه ولا عقلك به موضوعات لا تليق او لا تفرح او شر ماذا يوجد بعقلك، وعقلك لا يعرفه احد سوى انت فقط.إن كان الإنسان من كلامه نستطيع أن نحكم على عقله، لكن ربما يكون عقلك لا يخدمك، أو يدمر أفكارك الذاتية المتعبة، ومثال على ذلك يونان النبى، إنسان ظهر فى العهد القديم، وعاش عمرا طويلا، لكن يوجد موقف معين ومشهد فى التاريخ ظهر عقله يفكر ازاى، يونان لما تدرس شخصيته ستجد بها أخطاء كثيرة، لكن الآن ستجد بها 3 خطايا معينه وقع فيها يونان بسب العقل. الخطية الأولى: الاستهتار، والاستهانة بكلام الله وليس لديه مخافة لكلمة الله، وجود المخافة تحكم تصرفاته مثل جملة (اتقِ ربنا) ربنا قاله روح نينوي راح ترشيش ويستهتر بكلمة الله وربنا أراد أن يوقظه، فهاج البحر ليصحى من نوم العقل. أما الخطية الثانية: العناد، عناد الانسان يكون بعقله زى ما بنقول: فلان مخه ناشف، عناد الإنسان، وعندما يعاند يكون بلا طاعة ويبرر موقفه وحياته ولا يهتم لإرشاد أحد، كم من مشكلة بطلها العناد، نام يونان نومًا ثقيلًا خطية عناده سببت هيجان بحر بأكمله، وكادت أن تغرق سفينة بأكملها، وفقد الطاعة حتى نجد الله وأراد أن يفيقه من غفلته فاحضر كائن أكثر طاعة وهو الحوت، والعناد أفقد يونان السلام الداخلى لأنه عاند الله”. وأوضح قداسة البابا بأن الخطية الثالثة هي الأنانية، كان بيحب نفسه أكثر من أي أحد آخر كان بلا توبة وهى تظهر الأنا للإنسان وأنانيته، ويجب أن نعرف رؤيتنا لنفسنا، ويونان كان ساقطًا فى هذه الخطية، وعقله جعله يقع فى الاستهتار والعناد والأنانية. وتساءل قداسة البابا خلال العظة: كيف نجعل عقلنا عقلا نافعا؟ أولًا: نجعل عقلنا دائمًا فى حالة تفكير غير مشتت ونكون أفكارا ناجحة، ما تزرعه بعقلك ستحصده، وحتى تنجح اشحن عقلك بالقراءة بكل صورها بالمعرفة ، ولا تجعل عقلك “هايف وفاضي”، مثل بعض البرامج التى لا تبنى الإنسان واجلس فى مجالس تحترم العقل، واجعل عقلك نافعا وبناء ويستطلع خبرات الآخرين، وابعد عن القراءات المتعبة وعلى قمة قراءتك الناجحة يتربع الكتاب المقدس، والكتاب ليس كتابًا بل إنه مكتبة متنوعة أسفار ومزامير، اجعل عقلك ينفعك ويفيدك. أما من ناحية النفس، والنفس تشمل العواطف والعادات والمواهب والقدرات، عاطفة الإنسان التى تجعله إنسانًا يحب ويحنو ويشعر بالآخر وعواطف الإنسان قد تكون انساقت فى غرائز غير نافعة محبات أرضية بصور وأشكال مثل بعض الكتب تجد محور حياة شخص المال أو النساء أو الشهرة.والطفل وهو صغير بيترشم فى أماكن كثيرة فى جسده ليقدس الله وتصير أعضاؤه نافعة.عندما تقترب من الله يصير قلبك جميلًا يحب الجميع، وعندما تبتعد عن الله يصغر قلبك ولا تجد غير نفسك، العاطفة المقدسة والمباركة التى من خلالها نشأت كل الخدمات الإنسانية التى نسمع عنها مثل خدمة التمريض والصليب الأحمر وهم لديهم عاطفة متدفقة لخدمة البشر كلهم، مثل عندما نقرأ سيرة الآم تريزا لما خدمت بالعاطفة ملايين من الفقراء والمرضى، اجعل عاطفتك قى هذا العام الجديد عاطفة منضبطة، واجعل عاطفتك يقودها الله ومحبتك لله فقط من أجل الله تتعب فقط وليس من أجل أي مجد من خلال عاطفتك تكون خدمتك.ومن ناحية العادات بعضها سلبى وسيئة وبعضها إيجابى ومفيد، والإنسان بعادات قد يدمر آخرين مثل الإدمان قد يدمر الأسرة بأكملها، ومثل شراهة المأكل، وتوجد عادات نافعة مثل قراءة الإنجيل، ويجب فحص عاداتك، والتخلص من عاداتك السيئة الضارة غير المفيدة، واحتفظ بالعادات الإيجابية والمفيدة فقط والمنضبطة، واعد الله وكن صادقًا فى وعدك و لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
10 يوليو 2020

مختارات حلو الكلام

+ الذين يشقّون الكنيسة هم أسوء من الشيطان. (ذهبي الفم) + لا قيمة لآراء الناس ما دامت أفعالك تمنحك ضميرًا مُريحًا. + من تركك أثناء انهيارك، لا يحق له العودة بعد ازدهارك. + الحياء أشد جاذبية من الجمال. + الهزيمة للشجعان، فالجبناء لا يخوضون المعارك. + لا يتواضع إلا من كان واثقًا بنفسه، ولا يتكبر إلا من كان عالمًا بنفسه. + الناس نوعان: أحدهما يراك طيبًا فيحبك، والآخر يراك طيبًا فيأكلك. (جورج برناردشو) + سأل أحدهم جلال الدين الرومي: "نراك تقرأ وتكتب كثيرًا، فماذا عرفت؟". فأجاب قائلاً: "عرفت حدودي". + مع كل فجر جديد لا يكون العالم هو نفسه، ولا تكون أنت الشخص نفسه. (كافكا) + أيها الموجوع صبرًا إن بعد الصبر بشرى يا عزيز القلب مهلاً إن بعد العُسر يُسرًا. + هناك قلوب جميلة، تتحدث معها مرة وتتعلق بها إلى الأبد. + زراعة الحب صعبة، لكن حصاد الحب مفرح. + إذا تألمت لألم إنسان فأنت نبيل، أما إذا شاركت في علاجه فأنت عظيم. + جميل أن يكون لديك عقل جميل وقلب جميل، والأهم من ذلك روح جميلة. + الابتسامة أقل تكلفة من الكهرباء ولكنها أكثر إشراقًا. + لا شيء يعود كالسابق، احفظ هذه العبارة جيدًا قبل أن تكسر شيئًا. + أمران يحددان شخصيتك: صبرك حين لا تملك شيئًا، وتصرفاتك حين تملك كل شيء. + القلب يتمنى والعقل يتأنى. + الوطن بحاجة لمخلص وليس مخ لص. + الكلمات قد تكذب لكن التصرفات دائمًا تقول الحقيقة، شكرًا للمواقف التي تظهر لنا حقائق البشر. + السعادة طريقة، لا طريق. + إذا كان الجسد العاري دليل الحضارة فهنيئًا للحيوانات. (مصطفى الرافعي) + لكل شيء جمال ولكن لا يراه الجميع. + متى اتسع نطاق محبتك، اتسع نطاق الجمال في حياتك، لأنك لا تستطيع أن ترى قباحة فيما تحب، ولا جمالاً فيما تكره. (ميخائيل نعيمة) + من يزرع الغش والخداع، يحصد الخيبة والفضيحة. + لن يرحل الحزن ما دُمت تحسن ضيافته. + قد يؤخر الله الجميل ليجعله أجمل. + كيف تخشى الفقر وأنت عبد الغني؟ + في حياة الآخرين كن كحبات السكر، حتى وإن اختفيت تركت طعمًا حلوًا. + ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ. (المتنبي) + حاولو أن يدفنونا، ولم يعلموا أنّا بذور. + الهدوء فن؛ فإذا كنت فنانًا في هدوئك، صرت مبدعًا في كلامك. + حين تشتاق لإنسان بشدة، يصبح العالم كأنه خالٍ من البشر. + مال الوقف يهد السقف (أي سرقة مال الوقف بالكنيسة). + «قَالَ الْكَسْلاَنُ: الأَسَدُ فِي الطَّرِيقِ، الشِّبْلُ فِي الشَّوَارِعِ!» (الأمثال 26: 13) + ازرع عطاء تحصد محبة، وازرع تواضعًا تحصد احترامًا، ازرع أمانة تحصد ثقة، وازرع اجتهادًا تحصد نجاحًا، ازرع إيمانًا تحصد طمأنينة. + حين يسألونك عن أعظم الأعمال الإنسانية؛ فحدثهم عن: جبر الخواطر. + عصفور الكناري من أرق العصافير شكلاً ولونًا وجسدًا، والغريب أنه لا يغني إذا تزوج بل يقدم أعذب أغانيه ما دام عازبًا. + تجمعنا صدف رائعة، وتفرقنا أعذار تافهة، ولا يقدر على الفراق إلا من لديه البديل. (نزار قباني) + سوء الظن: عاصفة تقتل كل جميل خلفها. + إذا ملأت عقلك بصغائر الأمور فلن يبقى فيه مكان لكبارها، فالعقل كالحقل إن لم تتعهده بالنباتات الجيدة نمت فيه الحشائش الضارة. + النقاشات بين المحبين ينهزم فيها الأكثر حبًا، وليس الأضعف حجة. + الخيال هو ليل الحياة الجميل، هو حصننا وملاذنا من قوة النهار الطويل، إن عالم الواقع لا يكفي وحده لحياة البشر، إنه أضيق من أن يتسع لحياة إنسانية كاملة. (توفيق الحكيم) + زوجتك ترى رجولتك في حنانك، وفي شعورها بالأمان والحماية وهي معك، وفي احتوائك لها بالحب وليس بالتخويف أو التهديد. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
18 مارس 2020

صليب الألم... صليب الأمل

يقولون إن المسيح هو أعظم نجار في التاريخ، حيث بنى جسرًا يصل الأرض بالسماء، فقط بعارضتين من الخشب وثلاثة مسامير... هذا هو الصليب الذي صار مذبحًا عليه الذبيحة الدائمة، مسيحنا القدوس، الإله المتأنس من أجل خلاص جنس البشر، لأنه «هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل (صُلب) ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يو3: 16). وصار الصليب فاتحة خلاص انتظرته أجيال وأجيال كما نقرأ في أسفار العهد القديم.ومن المدهش أن يكون «الصليب» في معناه وتاريخه وأحداثه وآثاره هو صورة الألم الشديد والقاسي، وفي نفس الوقت هو صورة الأمل الرائع والواسع أمام الإنسان، وهذا هو سر عظمة الصليب الذي يعشقه كل مسيحي يعيش إيمانه القويم، ويُعبّر عنه باللحن والصلاة والفن والموسيقى والعبادة، ومن خلاله ينال البركة والراحة والسلام والفرح والأمل.صليب الألم:منذ سقوط آدم وحواء وكسر الوصية الإلهية ورفضها وكسر قلب الله الذي خلقهما وأبدعهما وأحبهما جدًا ووضعهما على قمة الخلقة والخليقة.. وكلتهما اختارا طريق الخطية التي عمت العالم فيما بعد، وانتشرت انتشار النار في الهشيم، حتى عبر داود النبي المعتبر بين الأنبياء «... هأنذا بالإثم صُوِّرت، وبالخطية حبلت بي أمي» (مزمور 51: 5).لقد كانت خطة الخلاص على امتداد الزمن والأجيال في حلقات متصلة، ولكن بقيت علامة الصليب رمزًا للعقوبة والألم والعذاب، وصار الألم من أجل الإيمان طريقًا إلى المجد لأنه مشاركة مع المسيح في آلامه.نقرأ هذه الكلمات: «إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني» (مت16: 24). «ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا» (لوقا14: 27). وهكذا صــــــــار حمل «صليب الألم» أحد مفردات حياة المسيحي مهما تنوع هذا الألم بين المرض أو الضيق أو الفشل أو الاضطهاد وغير ذلك. وهذا يبين كيف تنظر المسيحية إلى قضية «الألم» حيث صار هناك رفيق وصديق يحمل معك صليب الألم أو سبق وحمله عنكَ. وهذا ما عبّر عنه بولس الرسول حين قال: «مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ» (غلاطية2: 20).إن الصلب مع المسيح يعني معانٍ كثيرة: مثل قبول الألم سواء الجسدي أو النفسي أو المعنوي. ويعني أيضًا قبول الموت أو الاستشهاد الفعلي من أجل الإيمان. وقد يعني حياة النُسك والصوم والتوبة والتعفّف وبذل الوقت أو الجهد أو المال حبًا في المسيــــــــــــح ومــــــــــن أجـــــــــل مجد كنيسته.إذا أردت عزيزي القارئ أن تقرأ عن صورة الألم الشديد الذي حمله المسيح من أجلك، افتح الأصحاح 53 من سفر إشعياء وأعلم أنه «إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير..» (يوحنا12: 24و25).نقول في ذكصولوجية عيد الصليب: «الصليب هو سلاحنـــــــــــا. الصليــــــــــب هو رجاؤنـــــــــا. الصليب هـــــــــــــو ثباتنــــــــــا فــــــــي ضيقاتنا وشدائدنا».صليب الأمل:يقول القديس يوحنــــــــــا ذهبــــــــــي الفم: «الصليـــــــــب جعـــــــــــل الأرض سمــــــــــاء. هدم حصونًا وحطم قوة الشرير... حطـــم قيودنا.. وفتح الفردوس.. وأوصل جنس البشر إلى ملكوت السموات... تأملوا الخير الذي عاد علينا... أنشدوا تسابيح التمجيد للغالب.. صيحوا بالصوت العالي: يا موت أين نصرتك؟ ويا هاوية أين شوكتك؟». لم يكن قبر المسيح هو نهاية الصليب، بل كان نصرة الصليب ومحطة انطلاق وأمل ورجـــــــاء نحو الملكوت.إذا كانت العارضة الأفقية في الصليب تمثل الامتداد الذي يكون بين إنسان وآخر.. وعادة تكون آلام الإنسان بسبب إنسان آخر بأي صورة؛ فإن العارضة الرأسية تمثّل الرجاء والأمل المفتوح أمام الإنسان، والذي يصعد عليه نحو الله بواسطة الصلاة المستمرة. وإذا كنا نحتفل بتذكار الصليب المقدس يوم الجمعة الكبيرة، فإننا نحتفل بتذكار القيامة يوم الأحد.. إنه صليب الألم يوم الجمعة الكبيرة، وصليب الفرح يوم الأحد الذي صار هو العيد الأسبوعي للقيامة المجيدة.. إنه يوم النور. دائمًا يوجد أمل ورجاء لأن الصليب هو إعلان محبة الله الدائمة للإنسان صنعة يديه، إذ صار قوة خلاص وقوة رجاء، وهذا ما نعلنه في تسبحة البصخة ونكرره ونحن نصلي في أسبوع الآلام إذ نقول: «لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد. يا عمانوئيل إلهنا وملكنا» (رؤ5: 12،13؛ 7: 12). إنه صاحب القوة ومصدرها، ورجاؤنا في المجد، وبركة حياتنا وعزة وفخر إيماننا القويم، ومكتوب:«إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه» (رؤ8: 17)«وإن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضًا معه، وإن كنا نصبر فسنملك أيضًا معه» (2تي2: 11)«أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا» (يو11: 25)كل أسبوع آلام وأفراح القيامة وجميعكم بخير قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
28 أغسطس 2020

أمومة الكنيسة

الكنيسة على مدار الأجيال هي "أم" ترعى مصالح أبناءها، ويهمها حياتهم الجسدية والروحية والنفسية، وأسرارها السبعة أساس إيمانها وتقواها عبر الزمن، وتاريخها شاهد على ذلك.وعدو الخير الذي يقوم من وقت لآخر لكي يشكّك في هذا الإيمان المستقيم بشائعات وهرطقات وأكاذيب وضلالات، ودائمًا الكنيسننة من خلال آبائها وشعبها تقف حائط صدّ ضد أي انحراف إيماني أو عقيدي، لأنها لا تعرف الإيمان فقط، بل تعيشه وتحياه كل يوم.والكنيسة المسترشدة بالروح القدس عليها مواجهة الظروف التي تتغير من زمن إلى زمن، وفي حدود ما قاله الآباء: "المسيحيون يقيمون سر الإفخارستيا، وسر الإفخارستيا يقيم المسيحين". المهم تقديم السر سواء في البيوت، في المغائر، في المقابر، في المزارع، في الكنائس... المهم السر.جسد ودم المسيح الأقدسان، أي حضور المسيح حقيقة لا مجازًا، وهما لا ينقلا أي عدوى لأنهما سر حياة، وحاشا لمن يقول غير ذلك.أمّا إجراءات تقديم السر فقد تغيّرت أشكالها عبر الزمان، وبقي الهدف هو إتاحة سر التناول كما هو، رغم اختلاف الوسائل والأساليب المستعملة لذلك.لقد كانت دعوة المسيح «تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم» (متى 11: 28)، وأيضًا قال: «إني أريد رحمة لا ذبيحة» (متى 12: 7). ليس جميع المؤمنين المسيحيين أقوياء إيمانيًا، ولكن واجب الكنيسة أن ترعاهم وتساعدهم وتخدمهم. الكنيسة لا تخدم الأقوياء في الإيمان فقط، ولكن أيضًا ضعاف الإيمان وقليلي الإيمان ومحدودي الإيمان والخطاة من كل نوع، لأن المسيح لم يأتِ ليدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة، وقال: «لا يحتاج الأصحاء (الأقوياء) إلى طبيب بل المرضى» (مرقس 2: 17).الكنيسة تستمع إلى صرخة الإنسان الذي ينادي: "أعن ضعف إيماني"، ويجب أن تستجيب في ظل هذه الظروف الحاضرة.وقد استقرّ في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية طريقتان لممارسة سر التناول وهما:الطريقة الأولى: الطريقة التقليدية والمعتادة والمعروفة في كل كنائسنا، حيث ممارسة صلوات وطقوس القداس الإلهي بأواني المذبح المُدشّنة.الطريقة الثانية: الطريقة البديلة وهي التي تُستخدم في مناولة المرضى في المنازل أو المستشفيات، وأيضًا مناولة المساجين في السجون. وقد تُستخدم هذه الطريقة الاستثنائية في الكنيسة عندما توجد أعداد كبيرة من المتناولين مع وجود كاهن واحد فقط. ولهذه الطريقة نصوص في الخولاجي المقدس وليست بدعًا ولا خروجًا ولا انتقاصًا لقدسية السر.وعلى نفس القياس نحن نستخدم في ممارسة السر المذبح الحجري المُدشَّن بالميرون المقدس، كما يمكن أن نستخدم أيّة مائدة خشبية أو غير خشبية ونضع عليها لوحًا مُدشَنًا بالميرون المقدس كوضع استثنائي لحين وجود مذبح ثابت ومُدشَّن، وهذا لا ينتقص من قدسية سر التناول على الإطلاق.في زمن تأسيس السر لم يكن هناك وباء عالمي يقضي على مئات الألوف من البشر ويصيب الملايين في معظم أقطار العالم. هذا زمن مرض. هذا زمن عدوى. هذا زمن إصابات. هذا زمن يحتاج وقاية وحرص بالغ.وفي تجربة السيد المسيح قال له الشيطان: «... إن كنت ابن الله فأاطرح نفسك من هنا إلى أسفل...»، وبينما السيد المسيح يقدر أن يفعل ذلك، إلّا أنه أجاب وقال له: «لا تجرّب الرب إلهك» (لو4: 12).الله ليس جاحدًا.. ولا قاسيًا.. ولا متبلِّدًا.. حاشا.الله رحيم بالإنسان ومتعطّف عليه ويرثي لحاله ولضعفه، ومكتوب: «فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضًا رحيم» (لوقا 6: 36).+ هذا زمن توبة وليس زمن كلام ومقالات... «وإن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون» (لوقا 13: 5).+ هذا زمن ندم واستعداد وليس زمن عناد وقساوة... «قوموا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة» (لوقا 22: 46).+ هذا زمن دموع وليس زمن استعراض ومناقشات... «يا رب نجّني» (متى 14: 30).لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وأهلك نفسه أو خسرها؟ (لوقا 9: 25). ماذا يستفيد كل من يكتب وينشر على مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي ويهاجم الكنيسة وآباءها وتدبيرها ويثير سجسًا وتعبًا بين الناس. غالبًا التوبة لم تعرف طريقها إليك. لك أقول: احترس! الموت على الأبواب، قد تُؤخذ نفسك في هذه الليلة. أبديتك أهم من أي شيء (لوقا 12: 20).في تاريخ الكتاب المقدس نرى القديس بولس الرسول يصير ضعيفًا ليربح نُفوس الضعفاء، وبالتالي فالكنيسة كأُم تطبّق قواعد المحبة خلال هذا الزمن الطارئ من انتشار الوباء بصورة عالمية، وتستخدم الطريقة الاستثنائية (طريقة مناولة المرضى)، وهي طريقة طقسية مذكورة في الخولاجي للقمص عبد المسيح المسعودي البراموسي (1902) بدلاً من الطريقة المعتادة والتي نرجع إليها بمجرد عودة الأحوال الطبيعية. هذا تجميد أو تأجيل للطريقة المعتادة وليس إلغاءً أو حذفًا. وهذا هو صوت الحكمة خاصة وإننا لا نعيش بمفردنا في هذا المجتمع، ويجب ألّا نكون سببًا في بلبلة أحد أو عثرة النفوس التي نحبها.إن الدعوة لاتخاذ إجراءات وقائية نتيجة الظروف الحالية ليس خروجًا عن الإيمان إطلاقًا، وها نحن نشهد بوفيات بالمئات وإصابات بالآلاف وانتشار شديد للعدوى، والوباء تعدى إمكانيات المستشفيات والأطباء والأجهزة...لم يعد لنا سوى طلب الرحمة من الله لكي يترأف علينا جميعًا وعلى بلادنا وكنيستنا وأبنائنا... قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
12 أكتوبر 2018

المسيح إكليل الشهداء

أقرأ بنعمة المسيح جزء من رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس الأصحاح التاسع 20 فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ. وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ. 21 وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ ¬ مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ للهِ، بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ ¬ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22 صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ، لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَال قَوْمًا. 23 وَهذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ، لأَكُونَ شَرِيكًا فِيهِ. 24 أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يَرْكُضُونَ فِي الْمَيْدَانِ جَمِيعُهُمْ يَرْكُضُونَ، وَلكِنَّ وَاحِدًا يَأْخُذُ الْجَعَالَةَ؟ هكَذَا ارْكُضُوا لِكَيْ تَنَالُوا. 25 وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبُطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. أَمَّا أُولئِكَ فَلِكَيْ يَأْخُذُوا إِكْلِيلاً يَفْنَى، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِكْلِيلاً لاَ يَفْنَى. 26 إِذًا، أَنَا أَرْكُضُ هكَذَا كَأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ. هكَذَا أُضَارِبُ كَأَنِّي لاَ أَضْرِبُ الْهَوَاءَ. 27 بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ، حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضًا.” وأحنا في صوم العذراء مريم دائمًا نتذكر مقدمة قانون الايمان ” ومثل ما ذكرت منذ اجتماعان من أسبوعين تقريبًا أن قانون الأيمان الذى يحكم ويحفظ الايمان وضع في المجامع المسكونية وضع الجزء الأول ثم الجزء الثاني ثم في الجزء الثالث الذى نسمية مقدمة قانون الأيمان ” نعظمك يا أم النور الحقيقي ونمجدك أيتها العذراء القديسة، والدة الإله، لأنك ولدت لنا مخلص العالم, أتى وخلص نفوسنا. المجد لك يا سيدنا و ملكنا المسيح, فخر الرسل, إكليل الشهداء, تهليل الصديقين, ثبات الكنائس, غفران الخطايا. وهذا القانون بيهتم بأمنا القديسة مريم ووضع في زمن القديس كيرلس عمود الدين ولما بنصلي قطعة نعظمك يا أم النور الحقيقي بنقول المجد لك يا سيدنا وملكنا المسيح + فخر الرسل + إكليل الشهداء + تهليل الصديقين + ثبات الكنائس + غفران الخطايا بنضع خمس صفات رئيسية تشرح لنا كيف أن المسيح يعمل في حياتنا وهو المركز في حياة كل انسان مسيحي “فخر الرسل, إكليل الشهداء, تهليل الصديقين, ثبات الكنائس, غفران الخطايا” ودائمًا رقم “5” يعبر عن القوة ويعبر كيف ان المسيح مركز حياة الانسان فبنقول فخر الرسل أعطي مجموعة الإباء الرسل أكليل الشهداء وتهليل الصديقين وثبات الكنائس يخصنا ككنيسة وغفران الخطايا تمثل كل انسان في مغفرة خطاياه علشان كده هذه المنظومة الخماسية هي مجال تأمل جيد واحنا في صوم العذراء وتكلمنا عن المسيح فخر الرسل وحطينا “آية (2 كو 10: 17): وَأَمَّا: «مَنِ افْتَخَرَ فَلْيَفْتَخِرْ بِالرَّبِّ” + والنهاردة أتكلم وياكم في ” المسيح أكليل الشهداء ” كلمة أكليل هي ترجمة لكلمة ” اسطفانوس “فكلمة اسطفانوس معناها اكليل وبنسمي اسطفانوس أول الشمامسة وأول الشهداء فكأن أسم على مسمى حمل أكليل الشهادة لكن علشان أقرب لكم الصورة أكثر الجزء اللى قرأته فيه القديس بولس الرسول بيكلم أهل مدينة كورنثوس ومدينة كورنثوس هى مدينة تشبه مدينة الإسكندرية عندنا في مصر وهى مدينة ساحلية ولكن هذه المدينة كانت من أكبر المدن الرومانية زي روما كدة وكانت هذه المدينة تشتهر بالمسابقات الاوليمبية وأهمها مسابقة الجرى… كان عندهم ميدان بيجروا فيه وزمان مكنش في عندهم (stop watch) لكن كان بيبان بالعين اللى بيجرى بسرعة واللي يجرى مسافات أكثر فيعطونه أكليل فكان هذا الإكليل حاجه من الاثنين (إكليل صغير يوضع على الرأس أو إكليل كبير يلبسه مثل إكليل ورد) وكان عادة يصنع من أشجار الزيتون لأنها أشجار معمرة والزيتون له فوائد غذائية متعددة وبالتالي كانوا يسموا إكليل ” الغار أو الانتصار” وكلمة إكليل معناها كده وهنا القديس بولس الرسول يستعير هذا المشهد الرياضي اللى بيتم في هذه المدينة باستمرار ويعيده على المؤمنين ولكن بتطبيقه الروحي” أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يَرْكُضُونَ فِي الْمَيْدَانِ جَمِيعُهُمْ يَرْكُضُونَ، وَلكِنَّ وَاحِدًا يَأْخُذُ الْجَعَالَةَ؟ هكَذَا ارْكُضُوا لِكَيْ تَنَالُوا” كلهم بيجروا واحنا في الأرض بنسابق علشان نجري للسماء وبينقل المعنى ولكل واحد يأخذ إكليل ” والجعالة التي تجعل وهى المكافأة وبيجروا كثيرين لكن مين اللى هيوصل ومين اللى هيأخذ الجائزة ؟ هنا السؤال ولأن الشهداء في مقدمة المدينة يصلون للسماء علشان كدة بنصلي ونقول المسيح المجد لك يا سيدنا وملكنا المسيح + فخر الرسل + إكليل الشهداء من هنا جه التعبير ده ” هكَذَا ارْكُضُوا لِكَيْ تَنَالُوا” يعنى جاهدوا روحيًا لتأخذوا الاكليل ويحطها في قانون رائع يصلح لكل انسان وبالأولى في حياتنا الرهبانية ” وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبُطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ “طالما بنجاهد روحيًا وطالما حياتك قدامها السماء تجاهد للسماء ومن يجاهد للأرض يصل للتراب والتراب ليس جائزة والذى يجاهد يكون له نصيب في السماء . ” أَمَّا أُولئِكَ فَلِكَيْ يَأْخُذُوا إِكْلِيلاً يَفْنَى، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِكْلِيلاً لاَ يَفْنَى” إكليل يفنى من الورق والورق هينشف ويتلم وتخلص الحكاية ، وَأَمَّا نَحْنُ فَإِكْلِيلاً لاَ يَفْنَى اما نحن صيغة الجمع التي تظهر التحويل الروحي والمعنى الروحي مش ورق شجر ومش شوية اغصان ولا في شوية أكاليل وردية وأرجوك خد بالك بولس الرسول بيتكلم عن نفسه وكمان عن ما يهمنا نحن المؤمنين وكأناس نسعى نحو الملكوت ، إِذًا، أَنَا أَرْكُضُ هكَذَا كَأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ. هكَذَا أُضَارِبُ كَأَنِّي لاَ أَضْرِبُ الْهَوَاءَ، مش بجرى وبس من غير يقين ولا غير هدف بل بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ، واقمع كلمة قوية جدًا مفيش بلاغة أكبر من كدة ، حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضًا ويوصف لنا الذين ينالون اكليلًا مثال في خطة استشهاد ال 49 شهيدًا شيوخ برية شهيت والقصة دي حصلت أحداثها في دير القديس أبو مقار وكان مندوب الملك ثيؤدوسيوس وكان وياه ابنه ولما وصلوا والبربر هجموا على شيوخ البرية وماتوا واستشهدوا وبعدين مندوب الملك ثيؤدوسيوس وابنة شافوا هذا المنظر الرائع أن كل شهيد من ال 49 توضع على رأسه أكليل منير فتقدموا للاستشهاد أيضًا وكثير من سير الشهداء يوضحوا لنا هذه الاكاليل التى يحصل عليه الشهداء واحنا في كنيستنا بنحط مرتبة الشهيد مرتبه عليا وبعد ما نتكلم عن أمنا العذراء ونتكلم عن يوحنا المعمدان باعتباره السابق للسيد المسيح ونتكلم عن الإباء الرسل بالطبع يجي مكانة الشهداء يعنى لو عندنا كنيسة هنحط عليها اسمين اسم البابا اثناسيوس وهو بطريرك عظيم واسم القديسة الشهيدة دميانة وهى شهيدة مصرية ولما نيجى نكتب اسم الكنيسة نكتب دميانة الأول وبعد كده البابا اثناسيوس بطريرك عظيم الشهيد الأول قبل الناسك وتصير اسم الكنيسة الشهيدة دميانة والبابا أثناسيوس ده مثال بسيط . وبولس الرسول يقول ” قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ” الشيء الأساسي الذى يجب ان تعلمه ان الشهيد قبل أن يصير شهيًدا هو كان شاهدًا بحياته للمسيح وده تعريف لازم نحطه قدامنا والشهيد مش بيجى من يوم وليله لكن الشهيد قبل ان يصير شهيد وسفك دمه هو كان شاهد بحياته للمسيح ، تقول أبانوب الصغير كان شاهد اقولك طبعا حتى بانت في المحاورة الأخيرة وهو بيتكلم عن نفسه ومارينا الشابة شاهده المسيح والشهيد القديس بوليكاربوس كان عنده 86 سنة وطلبوا منه ان ينكر المسيح فرفض وقال ” إن لي 86 سنة وأنا أخدم المسيح” وعندما رفض قدموه للوحوش لتأكل لحمه وأوصى أولاده ليأخذوا بقايا ويعتبروها وأولاده عملوا كده . يا أخواتي الأحباء هذه ليست قصص للانبهار او للفخر فقط بل هي قصص للحياة لتعلمنا . يعنى ايه اكليل الشهداء ؟ يوجد ثلاثة أنواع من الأكاليل ممكن ان تشكل هذا المعنى. النوع الأول : إكليل البر وبولس الرسول يقول ” قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ” واكليل البر يعنى اكليل حياة الفضيلة اليومية الانسان الذي يحيا في البر دائمًا ” آية (2 بط 1: 5): وَلِهذَا عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وتعنى حياة الفضيلة اليومية الكلمة اللى بتقولها السلوك اللى بتسلكه علاقتك بالأخرين وهدوئك وصمتك لما بتبقي لوحدك كيف تكون افكارك تقديم مساعدتك وتقديم يد المعونة وأيضًا الرحمة التي في قلبك لا تغتاب الاخرين في واحد يحط في باله تشويه الاخرين او مسك السيرة او نقل الاخبار وكل دى خطايا تعدى على الانسان ومبياخدش باله من نفسه اكليل البر يعنى اكليل الفضيلة اليومية تصور حد يطلب حاجه تقول له لا ” لا تمنع الخير عن أصحابه ” او انسان بخيل حطوا صفات لا تنتهى المقصود ان تحيا حياة البر وتكون شاهدًا في حياة الفضيلة والفضيلة معناها جاي من فعل يفيض أي يزيد في حياته الصفات الجيدة حنيتك طيبتك رغبتك ان تساعد وتفرح الاخرين قلبك يتسع باتساع المسكونة التي تعيش فيها ويا ترى بتحمل خصام ولا كره او ضغينة او شحنه انتقام وحياة الفضيلة تمنع كل هذا في واحد عنده انسياب في الكلام وفى واحد يحلف بأغلظ الإيمان ولكنه لا يكون صادقًا ياترى انت ايه ؟ احكم على نفسك كويس ، علشان كده بنصلى ونقول “يارب جميع ما اخطأنا به اليك في هذا اليوم ان كان بالفعل او بالقول او بالفكر او بجميع الحواس فاصفح واغفر لنا من اجل اسمك القدوس ” إكليل البر يعنى الذي يعيش في الفضيلة وحياته نقيه وجيده حتى في الفكر. النوع الثاني: إكليل الحياة واكليل الحياة المقصود به أكليل الأمانة الكاملة الأول الفضيلة ثم الأمانة أمانة الانسان ” كن أميناً إلى الموت، فسأعطيك إكليل الحياة ” ( رؤ 2 : 10 ) وهذه الرسالة موجه لكل واحد فينا لكل انسان كيف ما يكون وضعه أو سنة أو نوعه . “آية (يع 1: 12): طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إِذَا تَزَكَّى يَنَالُ «إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» الَّذِي وَعَدَ بِهِ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ.” وموضوع الأمانة في غاية الأهمية وعكس الأمانة كلمة قاسية جدًا وهى الخيانه واكليل الحياة يعنى اكليل أمانتك انت في اسرة أمانة زوج مع زوجته او أمانة زوجه مع زوجها وأمانتهم أتجاه أولادكم امانتك في التربية والتنشئة والتسليم والاهتمام وامانتك في القدوة والصورة التي تمثلها أمام بنتك جوة الاسرة وانت خادم في الكنيسة خدمتك من اول مدارس الاحد ومن اول فصول الملائكة والحضانة أمانتك معهم للوصول للمسؤوليات الكبيرة امانتك في درسك وتحضيرك وعلاقاتك معهم وممكن كلمة وحده تصدر من خادم يكون معثره لأعداد من البشر وتمتد العثرة أجيال واجيال امانتك كخادم امانتك في عملك ومسؤوليتك ومقدار الأمانة التي تقدر ان تقدمها وتشعر ان الله يراقبك وربما الله وضع بداخلنا الضمير ليكون صوت من عنده علشان الانسان يعرف ماشي أزاي؟ وعندما ننال نحن سر المعمودية وسر الميرون وسر الاعتراف وسر التناول ونعيش الحياة الكنسية يصير الانسان اكثر حساسية تجاه الخطية والواحد ذمته ازاى هل عاملة زي الاستك ؟ ولكن فى انسان واضح وأنا لا اتحدث عن الانسان المتزمت ولا الانسان المنغلق وأيضا لا اتحدث عن المسيب، وهل انت أمين في قرارتك في واحد يأخذ القرار اللى يهمه شخصيًا وفى واحد يأخذ قرار للمصلحة العامة ولو اخترت ان تكون راهبًا او مكرسًا هل انت أمين في رهبنتك هل أمين في تكريسك الأمانة دي اللى هتقف بيها قدام ربنا وسيأتي يوم وتسمع صوت الله يقول الله اعطنى حساب وكالتك عملت فيه ايه؟ ومثل اللى أخذ 10 وزنات واللي أخذ 5 وزنات واللى أخذ وزنه واللى أخذ 10 وتاجر بهم وفاز ولا اللى اخذ وزنه ولم يفعل بها شيئَا وتصرف بلا حكمه ، هذا إكليل الحياة وهذا اكليل الأمانة الكاملة التي يعيشها الانسان . النوع الثالث: أكليل المجد اكليل المجد “ان كنا نتألم معه لكي نتمجد ايضا معه” وآية (رو 8: 18): فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا ، (2كو4: 17) “لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل . اكليل المجد هو اكليل نوال الكرامة السماوية تفتكروا حياتنا على الأرض وتنتهى بعد عمر شاءه الله وبعدين نصيبه ايه في مصريتنا وتاريخنا المصري كانوا يؤمنون جدًا بالخلود وعندما تقرأ عن أخناتون قبل المسيح كانوا يؤمنوا بالخلود وكانوا يحنطوا الانسان ويستأصلوا كل شيء بداخله الا القلب لانهم كانوا يؤمنوا ان القلب له ميزان امام الله ولهذا السبب سمى هذا الوادي بوادي النطرون بالتعبير القبطي القديم برية شهيت “ميزان القلوب” والقلب وزنه ايه اكليل المجد اكليل الكرامة السماوية شوف امنا العذراء شوف ابائنا الرسل وشوف الشهداء مارمينا العجائبي والقديسة دميانه وأنظر الى شهداء ليبيا هم شهداء بسطاء جدًا استشهدوا بعيد عن وطنهم تعليمهم محدود وكانوا موجودين هناك من أجل لقمة العيش وعلاقتهم طيبة عاشوا على اللى تعلّموه وهما صغيرين ويمكن كانوا يقرأوا في الانجيل ببساطة لكن الله وضع لهم أكاليل واكليل الشهداء فخر اكليل المجد ويصير له مكانه في السماء ” لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل “. وزى ماقال بولس الرسول ” فاني احسب ان آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد ان يستعلن فينا”. في الم ؟ اه في الم وكل زمان له الاماتة المتعبة وكل هذه بولس الرسول كتبها في القرن الأول الميلادي ولما تقعد تراجعه كده طول حياتنا المسيحية تجده الامآت كثيرة ولكن ” آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد ان يستعلن فينا” وهذا إكليل المجد إذًا يا أخواتي الأحباء عندما نقول نعظمك يا أم النور الحقيقي ونمجدك أيتها العذراء القديسة, والدة الإله, لأنك ولدت لنا مخلص العالم, أتى وخلص نفوسنا. المجد لك يا سيدنا وملكنا المسيح. وإكليل الشهداء تعنى إكليل البر وإكليل الحياة وإكليل المجد وتعنى أيضًا إكليل الفضيلة اليومية وتعنى إكليل الأمانة الكاملة وتعنى إكليل نوال الكرامة السماوية . لا تترد ان تكون واحد من هؤلاء زي ما قلت الشهيد قبل ان يكون شهيد هو كان شاهد بحياته للمسيح علشان تنال هذا الاكليل يمكن ان تقبل الباب الضيق في حياتك الباب الواسع لا يؤدى الى السماء بل أدخل من الباب الضيق واحفظ ايمانك نقيًا وأخدم في صمت وتشهد بكلامك وسلوكك وتحفظ مبادئك رغم المتاعب التي تأتيك من الأخرين كل دي سلوكيات حياتنا اليومية التي نحاول ان نحافظ عليها احفظ عبارة بولس الرسول ” قد جاهدت الجهاد الحسن ، أكملت السعي ، حفظتُ الأيمان ، وأخيراً قد وُضع لي إكليل البر ، الذي يهبُه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل” حط قدامك هذه الآية وانك مدعو لأخذ اكليل لا يفنى في السماء يعطينا مسيحنا ان يفرح قلوبنا بهذه الاكاليل التي هي عنوان للانتصار وعنوان للفوز الذى يحيا قدميه على الأرض لكن فكره في السماء لألهنا كل المجد والكرامة من الأن والى الأبد أمين . قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
29 أغسطس 2020

أمومة الكنيسة (2)

في حياة البشر كلمات قليلة في حروفها وعظيمة في معانيها، مثل كلمات : أسرة، وطن، علم، هواء... ومن بين هذه الكلمات كلمة "أُم" وهي من حرفين فقط، ويقولون إنها اختصار عبارة "الله محبة"، ولذا فهي كلمة غالية جدًا.والأم إذ تعطي الحياة، تحتل مكانة ممتازة في حياة الناس كما في تاريخ الخلاص. وهذا ما قصده آدم بتسمية امرأته "حواء" بمعنى أنها "أم الأحياء" (تكوين3: 20).والكنيسة التي استودعها المسيح إلى تلاميذه ورسله، عندما قال لبطرس الرسول في حضور التلاميذ «وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ» (مت16: 18-19)، ولئلا يظن أحدٌ ان هذا الكلام يخصّ بطرس الرسول فقط، رغم أن السيد المسيح قاله في حضور التلاميذ، ولكن اندفاع بطرس الرسول وإجابته السريعة جعلت المسيح يوجّه له الكلام، ولكن نفس هذا الكلام قاله السيد المسيح الى جموع التلاميذ في (متى18:18) «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ.»وهكذا صارت الكنيسة بصيغة الملكية للمسيح «كنيستي» (متى16: 18)، ولذا نسمّيها: عروس المسيح أو كنيسة المسيح أو بيت الله أو بيت الملائكة أو بيت القديسين... الخ، وهو ما عبّر عنه أحد أبنائنا حين وضع كلمات الترنيمة المشهورة "كنيستي كنيستي كنيستي هي بيتي، هي أمي، هي سر فرح حياتي". وهذا تعبير بليغ عن وضعية ومكانة الكنيسة بالنسبة للإنسان القبطي.. إنها بيت، وأم، وفرح.أولًا: بيت لأن فيها الأبوة (سر الكهنوت )، وفيها الراحة والشفاء (سر مسحة المرضى). وثانيًا: أم لأن أسرتي وُلِدت فيها (سر الزيجة)، وأنا وُلِدت فيها (سر المعمودية)، وايضًا تثبّتُّ في عضويتها (سر الميرون). وثالثًا: فرح لأني في حضنها أتوب (سر الاعتراف)، وعلى مائدتها أتغذّى وأشبع (سر التناول) وأفرح.وهكذا صارت أمومة الكنيسة حاضرة من خلال أسرارها السبعة المقدسة، التي نمارسها على يد آبائها الأساقفة والكهنة، من جيل إلى جيل.وأمومة الكنيسة حاضرة دائمًا لأنها بكل فرح تلد كل يوم بنين وبنات، فالمرأة عندما تصبح أمًّا تتهلّل، وحواء عند ولادتها الأولى ابتهجت (تكوين4: 1)، وإسحق يذكّرنا بضحك سارة وفرحها ساعة ولادته (تكوين21: 6). والوصايا العشر تعلن أنه يحق للأم أن تجد لها عند أبنائها احترامًا مثل الأب تمامًا: «أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ» (خروج20: 12). وأي تهاون في حق الأم أو الأب له عقاب قاسٍ:«وَمَنْ شَتَمَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يُقْتَلُ قَتْلًا» (خروج21: 17)، و« كُلُّ إِنْسَانٍ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. قَدْ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ» (لاويين20: 9)، وكذلك في سفر اللاويين (21: 18-21). أمّا في سفر الأمثال فيقول: «مَنْ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يَنْطَفِئُ سِرَاجُهُ فِي حَدَقَةِ الظَّلاَمِ» (أمثال20:20).وهذه الوصايا ليست للأمومة الجسدية أو الأبوة الجسدية فقط، ولكنها وثيقة الصلة بالأمومة الروحية أي أمومة الكنيسة، وبالأبوة الروحية أي آباء الكنيسة. وهناك خطورة بالغة على من يكسر هذه الوصايا ويستهين بها، ويشرح السيد المسيح ذلك للجموع قائلًا: «اسْمَعُوا وَافْهَمُوا. لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ» (متى15: 10-11)، ثم قدم المثل الشهير «إِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ» (متى15: 14)، ويختم بقوله: «... مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ فَمِنَ الْقَلْب يَصْدُرُ، وَذَاكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ» (متى15: 18).حقًا «فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ.َالإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ.وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ الدِّينِ.لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ» (متى12: 33-37).أكتُب هذا بروح أمومة الكنيسة الصادقة، وخوفي الشديد علي من يستهينون بالكتابات والمقالات وما أكثرها، وهم لا يدرون ما يفعلون؟!.. بماذا ستجيب الديان العادل يوم الدين؟؟ لا تظن أيها الحبيب أنك مُصلح أو عالم أو مُعلّم، فهذه خدع شياطين. سوف ترتفع وترتفع وسوف تشتهر وتشتهر، وتظن أنهم يستمعون إليك، وأنت لا تدري أنه «قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ» (أمثال16: 18).هذه أقوال الله.. هل تصدقها؟ إيّاك تستهين بلطف الله.الكنيسة وأمومتها المتدفقة نحوك تحتمل وتصبر وتتأنى وتصلي من أجل كل شارد، حتى وان كان ابنها العزيز الذي تنتظر عودته ورجوعه وتوبته ونقاوة لسانه. تنتظره حتى يستيقظ من غواية الشيطان له. واستمع إلى كلمات القديس بولس الرسول الحاسمة وهو يناديك: «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ،وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ،فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ.فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ،لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ،مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ» (أفسس5: 14-16).من فضلك أعد قراءة الكلمات السابقة بتمعُّن.. إنها لك حتى لا يضيع عمرك باطلًا، وفي غفلة الحياة يأتيك الموت. استيقظ الآن وليس غدًا، واترك ماضيك الرديء وقلمك الشرير، وأعلم «مَنْ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يَنْطَفِئُ سِرَاجُهُ فِي حَدَقَةِ الظَّلاَمِ» (أمثال20:20). قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
03 يوليو 2020

معنى الحياة

بلا شك الحياة نعمة من عند الله. الخالق العظيم أوجد هذه الخليقة من العدم ثم توّجها بخلقة الإنسان –رجلًا وامرأة– كائنًا عاقلًا وناطقًا ومفكرًا، وأودعه قيادة الخليقة، بل واستأمنه على هذه الحياة ليحفظها وينمّيها ويصونها، ويسلّمها من جيل إلى جيل، وطمأنه أنه سيكون معه كل الأيام بلا انقطاع وحتى انقضاء الدهر (متى28: 20).الحياة من الناحية الطبية هي استمرار التنفُّس مع نبضات القلب، وحيوية المخ الذي يدير منظومة حياة كل إنسان، بالتعاون مع جميع أعضاء الجسد ووظائفه العديدة، والتي يقوم بالتنسيق معها جميعًا.ويأتي السؤال: ما هي الحياة؟ ما معنى الحياة؟ الإنسان يُولد ويعيش وينمو ويتعلم ويعمل ويلد آخرين، ويمتد به العمر حتى الشيخوخة ويموت، وكما يقول الكتاب: «فيَرجِعُ التُّرابُ إلَى الأرضِ كما كانَ، وتَرجِعُ الرّوحُ إلَى اللهِ الّذي أعطاها» (جامعة12: 7).وملايين الملايين من البشر عاشوا في هذه السلسلة من الأفعال إلى أن ماتوا، وقد تركوا شيئًا قليلًا أو كثيرًا، أو لم يتركوا شيئًا، لأن كل إنسان دخل إلى العالم بلا شيء وخرج منه بلا شيء على الإطلاق (1تيمو6: 7).هل معنى الحياة هو مجرد هذه الأفعال المتكرّرة، والتي يصاحبها الفقر أو الغنى، السعادة أو التعاسة، الصحة أو المرض، المعرفة أو الجهل، الحرب أو السلم، السلام أو الخوف، الصراع أو الاتفاق، الحكمة أوالحماقة... الخ؟ وتتكرر حياة الإنسان "يُولد-يعيش-يموت"، أو كما قال أحدهم إن للإنسان ثلاثة أيام فقط: يوم الميلاد، ويوم الوفاة، وبينهما يوم طويل هو يوم الحياة.ذات يوم قرأت قصة قال بطلها في نهايتها: "لقد وجدت الحياة بلا معنى، لذا قرّرت الانتحار"! وقد تعجبت أن هذا الانسان لا يجد معنى لحياته... كيف؟!لقد لخّص سليمان الملك خبرته أن الحياة مليئة بالمصاعب والأمور المحيّرة، وهناك الكثير مما لايستطيع أحد فهمه أو حتى السيطرة عليه، وأطلق عبارته الشهيرة في فاتحة سفر الجامعة الذي كتبه في أواخر حياته على الأرض قائلًا: «باطل الأباطيل الكل باطل» (الجامعة1: 2)، «الكل باطل وقبض الريح» (الجامعة1: 14).حقيقةً تبدو الحياة باطلة وبلا منفعة، حتى ان أحد الشعراء في الغرب قال: "إن الحياة تشبه بصلة تقشّرها ورقة ورقة، وفي بعض الأحيان تبكي"!! وشرح أحدهم كلمة "باطل" بأنها تعني ما يتبقّي بعد أن تنفجر فقاعة صابون!!لقد ذكر سليمان الملك كلمة «باطل» في سفره 38 مرة بمعنى فراغ أو بخار، ولكنه ألحقها بعبارة «تحت الشمس» 29 مره في ذات السفر، بمعنى فحص الحياة الأرضية تحت الشمس.كما لخّص الحياة في ثلاثة أوصاف تميل كلها إلى التشاؤم وربما الكآبة والملل: لا شيء يتغير (جامعة1: 4-7)، لا شيء جديد (جامعة1: 8-11)، لا شيء يُفهَم (جامعة1: 12-18)، وهذا كله تعبير عن رتابة الحياة وأنها غير مُشبعة، وأنها مملة.وبالطبع هذه نظرة ناقصة، لأنه ليس من المنطق أن الله العظيم خلق الإنسان ليعيش في رتابة وملل، وكأنه كان بلا قصد في خلقة الإنسان.. وحاشا لذلك!!!إنني أعتقد أن منظومة الحياة ثلاثية الشكل، تتكوّن من الإنسان والزمان والحب.الله يخلق الإنسان حبًا، ويدخل الإنسان دائرة الزمان من بوابة حب الله، والتي فيها طريق واحد مستقيم ذو ثلاث حارات أو مسارات متوازية تؤدي إلى الحياة الأبدية، كما قال السيد المسيح: «أنا هو الطريق والحق والحياة» (يوحنا14: 6)، بمعنى أنا هو الطريق الحقيقي للحياة الأبدية السماوية. ولكن دائرة الزمان فيها أيضا عدة طرق جانبية متعرّجة، ليس فيها أيّة استقامة، وغالبًا ما يتوه الإنسان فيها بعيدًا، وغالبًا ما ينشغل بها ولا يفطن إلى الطريق المستقيم، وتضيع حياته بلا معنى، وتنتظره نهاية غير سعيدة على الإطلاق.مسارات الطريق المستقيم الثلاثة والمتوازية: 1- مسار الإيمان بالله، واليقين بوجوده، والثقة في عمله ويده الممدودة نحو الإنسان. وهذا المسار يجعل صليب المسيح ماثلًا أمام الإنسان كل يوم، متمتعًا بالفداء والخلاص والمعونة الإلهية التي ترفع خطية الانسان –مرض الروح الصعب، وكل مرة يرى الصليب ينال منه قوة وسلامًا وفرحًا.2- مسار العمل والاجتهاد والتعب من أجل الآخر كيفما يكون موقعه، وفيه البذل والتضحية والخدمة، والخروج من الذات من أجل رفيق الحياة أو الأسرة أو المجتمع أو الوطن أو الإنسانية. ومن خلال هذا المسار تتقدم الشعوب والأمم، وتُبنى الحضارات، وتُصان الطبيعة، ويرتفع شأن الإنسانية، ويشعر الإنسان بالسعادة الداخلية التي تملأ حياته فرحًا.3- مسار الرضا والشكر والقبول والقناعة (1تيمو6:6)، وفي محطات الحياة المتنوعة الصعبة والسهلة، وكأن لسان حال الإنسان ينادي دائمًا: «كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله» (رومية8: 28). وبهذا المسار يزداد فيض النعم الإلهية، كما قال القديس باسيليوس الكبير: "ليست نعمة بلا زيادة إلّا التي بلا شكر"، وبهذا المسار المتوازي مع مسار الإيمان ومسار العمل، لا يكون الإنسان إلّا فرحًا.أمّا المسارات الجانبية المتعرّجة والتي بلا استقامة، وفيها يتوه الإنسان، فهي عديدة ومتشابكة، وكثيرًا ما تتقابل في بعض نقاطها، وأحيانًا تضيق واحيانًا تتسع، وهي في الغالب ثلاثة ليست متوازية ولكنها متقاطعة: 1- مسار المال أو على الأدق محبة المال التي هي أصل لكل الشرور (1تيمو6: 10). ومن أجل المال تقوم الصراعات والحروب، وتزداد أعداد الأغنياء، وتتفاقم أعداد الفقراء، ويتحول المال من كونه مجرد وسيلة مُعِينة ومُنظّمة للحياة، إلى هدف وغاية، رغم أن الإنسان عندما يموت يترك ماله تمامًا! وللمال وسلطانه صور عديدة مثل الميديا والأسواق (الماركت) والتجارة والممتلكات والتكنولوجيا والرياضة، وغير ذلك من صور الصراع الدائم من أجل المال.2- مسار السلطة، والبحث عن المناصب، وتأليه الذات، والتنافس غير النقي بين البشر، والتحكم في الآخرين واستعبادهم أحيانًا، وقيام حركات العنف والجريمة والإرهاب والانتقام، وظهور شخصيات الديكتاتور والطاغية والمتسلّط، كما نقرأ في صفحات تاريخ البشر الحافلة بأمثال هذه النوعيات.3- مسار الجنس والإباحيات والتجاره في البشر، والانحرافات الأخلاقية، والاستهانة بالجسد، وظهور الخيانات في حياة الناس وعلى كل مستوى، وكذلك الشذوذ والزواج من نفس الجنس. ويصير هذا المسار مجلبة لخطايا وسقطات عديدة، وينغمس الإنسان في وحل الفساد والشر.والخلاصة: الحياة اختيار، وعطية من الله، وسامية في معانيها، وهي باب مفتوح دائمًا وليست دائرة مغلقة، وهناك بركات جديدة من الله كل صباح نختبرها يوميًا، ولا يمكننا تفسير كل شيء، ولكن الحياة لا تُبنى على التفاسير بل على المواعيد، ولدينا الكثير من المواعيد في كلمة الله، لذلك استمتع بإنجيلك كل يوم، إنه يقول لك: «سلِّم للرب طريقك واتكل عليه وهو يُجري» (مز37: 5).. رغباتك لن تُشبَع إلّا في المسيح يسوع واهب المتع الحقيقية للحياة، وواهب الفرح في كل يوم، إنه «يمنحنا كل شيء بغنىً للتمتُّع» (1تيمو6: 17). وعش اختبار سليمان الحكيم الذي وصل إليه في ختام سفر الجامعة: «اتقِّ الله واحفظ وصاياه، لأن هذا هو الإنسان كله» (جامعة12: 13). قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل