المقالات

31 أغسطس 2020

العاطفة والإعجاب

الإعجاب..! حيرة شاب... " إني معجب بها من أول مرة رأيتها، وأشعر نحوها بعاطفة رقيقة، وأودّ لو أرتبط بها مستقبلا... وكنّي لست أدري: هل هي مرتبطة بشخص آخر؟ أود لو كانت هي أيضاً تبادلني نفس المشاعر... ولكن كيف أتأكد من ذلك؟ لماذا لا اسألها غداً بعد انتهاء المحاضرة..؟ّ " وقلق شابة... " إنه حقاً شخصية جذّابة، فلم يحدث من قبل أن شُغِلتُ بشاب مثلما شُغِلتُ به، ولم يسبق لي أن جذب أحد انتباهي، أو استأثر بتفكيري مثلما فعل هو... حقاً إنه يكبرني سنّاً، ولكن ما المانع من أن أتزوج أستاذي في الجامعة؟ لقد حدث ذلك مع كثيرات غيري... ولكنني –للأسف- غير متأكدة من أنه يشاركني نفس المشاعر، حقاً إنه يعرف اسمي ولكن لا أظن أن هذا يكفي..! إني في حيرة من أمري...!!" كثيرا ما يحدث انجذاب إلى شخص من الجنس الآخر، وقد لا يكون انجذاباً من النوع الحسّي، إذ كثيراً ما ينجذب الفرد إلى شخصية الآخر، حيث يُعجَب بأسلوبه في التفكير والحديث ومعالجة الأمور، أو قد يُعجب برد فعله في موقف ما، أو قد يكون الإعجاب مزيجا من الانجذاب العقلي والعاطفي والجسدي بآن واحد. حاول تقييم إعجابك: ينبغي هنا أن ننظر إلى الأمر من الوجهة الإنسانية، ثم من وجهة النظر الروحية، وليجلس كل شاب وشابة مع نفسه، للإجابة على التساؤلات التالية: التقييم الإنساني للتعلق العاطفي: • لماذا أعجبت به (بها) بالذات ؟ • في أي مرحلة أنت من مراحل النمو النفسي والاجتماعي ؟ • ما هدف هذا الإعجاب في رأيك؟ وماذا أنت مُزمِع أن تفعل إن وجدت هذا الإعجاب مُتبادلاً ؟ • على أي مقياس بَنيتَ إعجابك؟ هل على المقياس العقلي أم على المقياس العاطفي؟ • هل تهدف إلى مزيد من توطيد العلاقة؟ وماذا سيكون في نظرك شكل العلاقة؟ • هل تفكّر في الصداقة أم في الارتباط؟ وإلى أي مدى أنت مستعد للزواج؟ • هل تعرف أبعاد علاقة الصداقة وإمكانية تطورها إلى أمور أخرى ؟ • هل ترى أن هذا الشخص يصلُح شريكا لحياتك؟ وهل تظن أن الاختيار للزواج يتم بمثل هذه السرعة؟ • ألست معي في أن الإبطاء في الاختيار يوسِّع مجال الاختيار، ويعطي فرصة أكبر لاختيار الشخص المناسب؟ • هل تعرف طباع هذا الشخص وإمكانية توافُقه معك، أم ما زلتَ منبهراً به دون الدخول إلى عمقه؟ التقييم الروحي للتعلق العاطفي: • ما موقفك من الجنس بوجه عام؟ ، ما نوع نظرتك إلى الجنس الآخر؟ • ماذا يُرضيك في الجنس الآخر؟ وعن أي شيء تبحث وأنت تتعامل مع الجنس الآخر؟ • لماذا لا تكون علاقاتك بالجنس الآخر علاقة عادية، حتى لا تَحِدّ من انطلاق قدراتك النفسية والروحية؟ لماذا لا تستفيد من تعامُلك بتلقائية مع الجنس الآخر لتنمية شخصيتك؟ • أين أنت من الله؟ هل بدأت الطريق الروحي؟.. إن الدخول في علاقة عاطفية قبل بداية الحياة الروحية يجعل تقييم الأمر مختلفاً تماماً.. • هل حدّدت أهدافك في الحياة؟ وهل تغيّرت هذه الأهداف لتصير أهدافاً روحية؟ • هل تعتقد أن الله يدبّر كل حياتك؟ وأن اختيار الشريك المناسب يهم الله وأنه يهتم به جداً؟ • هل تؤمن بتسليم الأمر لإرادة الله لكي يختار لك شريك الحياة، حيث أن هذا الأمر روحي لا جسدي، لأنه سوف يؤثر على الحياة الروحية تأثيرا إيجابياً أو سلبياً؟؟. • هل تضمن عدم تغيّرك أو تغيّر الطرف الآخر؟.. استمع إلى خبرات السنين من أناس بدءوا بالتعلق العاطفي بلا وعي، ثم اندفعوا نحو الزواج دون تعقّل. الإعجاب وأحلام اليقظة: من المفيد لنا كشباب، أن نضع حدّاً فاصلاً بين الحقيقة والخيال، كما ينبغي أن يكون تفكيرنا موضوعياً واقعياً دون أن نسترسل في أحلام اليقظة... " أنا معجب بها، وارسم أحلاماً وخيالات حولها، وأرتّب أحداثاً على أحداث... فقد خطبتها، وخرجنا معاً في نزهة رائعة.. وقد تزوجنا وعشنا معاً في بيتنا البهيج، وقد...، وقد...، وإذا بي أجد نفسي وقد عُدتُ إلى الواقع، وإذا بأحلامي تتبخّر.. لقد رأيتها مرة واحدة في إحدى الرحلات، ولا أعرف سوى اسمها..!!". إننا كثيراً ما نحاول أن نهرب من الحقيقة، ولا نريد أن نواجه الواقع، وبدلاً من ذلك نحاول أن نفتح مجالاً نستمتع فيه بتحقيق رغباتنا، ولو بصورة وهمية. وكثيرا ما نجد حالات تعلّق عاطفي من طرف واحد، حيث يفسَّر الشاب مثلاً تصرفات الفتاة تفسيراً يخدم رغباته الخاصة..فإذا ابتسمت، يتّخذ من ذلك دليلاً على أنها متعلّقة به عاطفياً..! وإذا سألته عن محاضرة سابقة يعتبر أنها تريد أن تُوجد مَداخل للحديث معه..! فإذا به يتعامل معها على هذا الأساس..!. الإعجاب بين الواقع والخيال: إنه لأمر طبيعي أن يُعجب الفرد بآخر من غير جنسه، فالميل الجنسي الهادف إلى التكامل مِنْحة وهبها الله لطبيعتنا البشرية حتى يمكن من خلالها أن يتحقّق بين الشاب والشابة الاستحسان المتبادل، ثم الإعجاب المتبادل، فالاقتناع العقلي، ومن ثم نشوء الحب اللازم للاختيار الزوجي والذي يدعّمه مزيد من التفاهم بين الشريكين. ولكن يمكن أن تتحرك الأحداث في غير إطارها الإنساني والروحي السليم.. فقد يبدأ الفرد بالإعجاب ثم تطغى العاطفة على العقل، فيرى الواحد فيمن يُعجَب به ملاكاً بلا أخطاء، ويراه في غاية الجمال واللطف، ومُنزّهاً عن العيب. بالطبع لا يوجد ذلك الإنسان الكامل الذي هو ( هي ) في غاية كل صفة من الصفات الإنسانية إلا في نظر شخص يُقيّم الأمور مدفوعاً بالعاطفة المتأجّجة التي تتجاهل كل الأخطاء والعيوب..!. وحينما تشتعل العاطفة فلن يسأل الفرد عن مدى التناسب فيما بينهما، وتتصاعد الرغبة في الارتباط " بالآخر" بأي شكل من الأشكال، سواء كان مناسباً لظروفهما الاجتماعية والعائلية والاقتصادية أم غير مناسب، وقد يتغاضى الفرد عن كل الاعتراضات، ويُسهِّل كل العقبات، متطلّعاً بشغف لأن " يحصل " على " الآخر" دون أن يدرك من "الآخر" سوى القشرة الخارجية، فلا يحاول الدخول إلى أعماقه.. وماذا تكون النتيجة؟. النتيجة علاقة عاطفية قد تؤدّي إلى زواج غير متناسب، بعده يستيقظ كلا الشريكين من نومهما العميق، حينما تتصادم الإرادتان، وتتنافر الرغبات، وتختلف الآراء، ويبدأ الصراع والتجريح..!. أين كان العقل وأنتما هائمان بالعاطفة العمياء كلّ نحو الآخر؟.. وهل الزواج مجرد عاطفة وجسد؟ أم هو كائنان عاقلان متوافقان متناسبان متناغمان، يعزفان معاً لحناً واحداً بلا نشاز؟ وهل يتوافق بعد الزواج من لم يتأكّدا من انسجام طباعهما قبل الزواج ؟ وهل تكفي العاطفة المشتعلة وحدها لتكوين كيان زوجي ناجح؟؟. العاطفة وحدها تخدع الفرد حتى ليظن أن من أعجب به، ربما من النظرة الأولى، يصلح شريك حياة، وربما يظن أن كلاّ منهما قد خُلق لأجل الآخر..! إعجاب ومجازفة! كم من شباب أضاعوا أوقاتاً مهمة من عمرهم من أجل تعلّق زائف غير واقعي من طرف واحد.. وكم من شباب اندمجوا في علاقات متبادلة مع الجنس الآخر، أضاعوا فيها سنوات كان يمكن الاستفادة بها في أداء أعمال مفيدة، ولم ينفع الندم بعد أن اكتشف كلّ منهما أن الآخر لم يكن يصلح له شريكاً، وأن علاقتهما كانت تحدياً للعقل والواقع، وإهداراً لحياتهما الروحية. إن فترة الشباب هي أغنى أوقات العمر إذا استثمرها الفرد في التحرك نحو النضج العقلي والعاطفي والاجتماعي والروحي.. لكن – للأسف – يوجد شباب كثيرون أصابهم القلق والتوتّر العصبي، والأرق ( قلة النوم )، وفقدان شهية الطعام من شدّة الحيرة بسبب رغبات لم تتحقّق، مما يؤدي أحياناً إلى الفشل الدراسي. لكن يوجد شباب لم يفشلوا دراسياً ولكنهم بسبب التعلّق الشديد بشخص من الجنس الآخر، تعطّل نموهم النفسي لأنهم بدلاً من أن يستفيدوا بتلك المرحلة الجوهرية من حياتهم في الانفتاح على مجالات الحياة المختلفة، والنمو العقلي بالثقافة البنّاءة، والنمو العاطفي بالتفاعل مع الآخرين بلا تخصيص ولا تركيز على شخص محدّد.. بدلاً من كل ذلك حاصروا أنفسهم بعواطف متقلّبة شاردة، وركّزوا عقولهم في البحث عن إرضاء الدوافع الأنانية، وهكذا تحوّلت العاطفة عندهم إلى ميل نحو الامتلاك، امتلاك الشخص الآخر والحصول عليه إرضاءً للكرامة الشخصية: " كيف تستعصي علىَّ هذه الفتاة؟ هذه أول مرة تهزمني فتاة..!! " ولا يخفي علينا خطورة هذا الاتجاه السلبي المنحرف على الزواج مستقبلاً، حيث تصبح النظرة إلى شريك الحياة نظرة نفعية حسّية متدنّية. الإعجاب الإيجابي: من خلال حياتنا اليومية سواء في الدراسة أو العمل أو الرحلات... إلخ، يمكن أن يلتقي الشاب والشابة، وهو أمر طبيعي وعادي، ويمكن أن يلفت أحدهما نظر الآخر بشخصيته المتميزة، وهذا أيضاً أمر طبيعي وعادي، ولكن ينبغي أن نضع في الاعتبار الحقائق المهمّة التالية: 1- ليس معنى الإعجاب بشخص من الجنس الآخر أن أحاول أن تكون لي علاقة خاصة معه، تمهيداً للارتباط به!.. لماذا لا يستمر الإعجاب إعجاباً دون أن يرتبط بمعانٍ عاطفية؟!. ينبغي ألاّ ننسى أن هناك شخصيات لها جاذبية عامة، أي تتمتّع بقدرة عالية على جذب انتباه كل من يتعامل معها.. فهل يفكر كل من يلتقي بمثل هذه الشخصيات أن يرتبط بها عاطفياً..؟! أليس هذا نوعاً من تحويل الأشخاص في نظرنا إلى أشياء نمتلكها ونحتفظ بها..؟!. 2- ليس معنى إعجابي بشخص أن يُعجَب هو بي بالضرورة..!، ألا يُعتَبر هذا تفكيرا أنانياً، ليس فيه احترام لحرية " الآخر " الذي من حقه أن يُعجَب أو لا يُعجَب ؟.. إنني كثيراً ما أفترض أو أتوهّم أني نِلتُ إعجابه حتى أبرّر لنفسي الخطوة التالية، أي تكوين علاقة معه. 3- لا مانع من أن أعجب بالآخرين، فكل إنسان فيه من الصفات ما يستحق الإعجاب، ولكن المهم هو رد فعلي للإعجاب.. يوجد رد فعل إيجابي، حيث يمكن أن أستفيد من صفات الشخص الذي أعجب به.. كيف يمكن ذلك؟.. إن إعجابي بصفة معينة في شخص، معناه أن هذه الصفة تنقصني وأريد أن أكتسبها، مثل صفة اللباقة وفن الحديث إن كان ينقصني ذلك، أو الصبر وطول البال إذا كُنتُ شخصاً غضوبا، أو الاهتمام بالآخرين إذا كُنتُ شخصاً أنانياً... إلخ. من خلال التفاعُل مع الشخص الذي أعجب به أستطيع أن أكتسب بعض صفاته، ومن الناحية الأخرى يُمكنني أن أساهم في تجلّي وازدهار صفات الآخرين الذين أعجب بهم، من خلال التعارُف بهم والتعامل معهم. لكن يوجد رد فعل سلبي لإعجابي بشخص ما، هو أن أحاول امتلاك هذا الشخص من خلال تكوين علاقة خاصة معه..! مندفعاً وراء عاطفتي دون تعقّل..! الإعجاب الواعي: إن الإعجاب يُحرّك العاطفة فتتولّد منها مشاعر الحب نحو الشخص الذي نُعجَب به، وبالطبع ليس في الإعجاب شيء خاطىء ولكن يكمُن الخطأ في انحرافه من "الآخر" إلى "الذات".. فبدلاً من أن أقدّم المحبة "للآخر" بلا أغراض شخصية، أتقرّب إليه بحثاً عن فائدة، وكأني أريد امتلاكه.. من هنا تنشأ العلاقات العاطفية الخالية من الحب الحقيقي، والتي لا يُحرّكها سوى الرغبة في امتلاك "الآخر"، أي النظر إليه كجسد ( كشيء ) بدلاً من تقديره واحترام حريته كشخص له كيانه المتميز. ليس هناك إذن، خطأ في أن أعجب بالآخرين، ولكن ينبغي ألا يُترجَم إعجابي إلى عاطفة مندفعة غير متروّية، أيضاً ليس هناك خطأ في العاطفة بحد ذاتها، ولكن ينبغي أن تُراعِي العاطفة الجوانب الأخرى من حياة الإنسان، فلا يندفع الفرد في إعجابه اندفاعاً يؤدي به إلى علاقة سابقة لأوانها، لا تهدف إلى تكوين رابطة زوجية وإنما تستهدف التسلية وإضاعة الوقت. الإعجاب وقرار الارتباط: أخي الشاب – أختي الشابة.. لا تجعلا العاطفة تسيطر عليكما، فالأمر يتطلّب نوعاً من التعقّل والتفكير والاستكشاف، قبل اتخاذ قرار الارتباط، فليس كل لقاء سطحي مع فرد من الجنس الآخر يمكن أن يكون بادرة لكيان زوجي ناجح، وليس كل علاقة تعارُف بين الجنسين تنبىء بارتباط زوجي متناسب، فليس الأمر بهذه البساطة. بناء على ذلك فإن قرار الارتباط يتطلّب تَعقُّلاً، ولابد أن يستغرق وقتاً فيه يدر كلّ من الطرفين طباع الآخر من خلال التفاعُل المشترك في كافة المجالات والمواقف والتعاملات، ووسط مجتمع الأسرة والأصدقاء، حيث يكتشف كلّ منهما.. إنما للعقل دور فعّال يساند العاطفة تجاه الآخر في ظروفه الطبيعية. ولأن الزواج المسيحي غير قابل للانفصام، فينبغي إذن، ألاّ يقرّر الفرد فيه بمثل هذه السرعة، ولا يحكُم فيه من خلال العاطفة وحدها، ويأتي إرشاد الله للمؤمن كي ينير له الطريق. غير أنه لا يُشترط أن يأتي الزواج نتيجة قصة حب رومانسي، على طريقة أفلام السينما، إنما يُكتفَى مبدئياً بوجود الارتياح الداخلي، فليست العاطفة المُشتعِلة وحدها مقياساً دقيقاً لنجاح الحياة الزوجية. إن الخبرة علمتنا أن التعلّق العاطفي الأهوج، أمر يدمّر الحب، و يشتّت العقل، ويفسد على الشباب حياتهم.. فلتكن إذن، علاقات الشباب متّزنة عاقلة، وينبغي ألاّ نفكّر في الارتباط إلا في الوقت المناسب، فلا نستسلم إلى الفكر القائل: " سوف تضيع مني هذه الفتاة ( الشاب) إن أنا انتظرت حتى أنتهي من دراستي الجامعية! " إن الله لا يتخلّى عن أولاده، بل يبارك اختياراتهم، ويقود خطواتهم في الوقت المناسب.. فلنتّكل على الرب، عالمين أنه يهمه جداً أن يكون الارتباط الزيجي مقدساً ليصبح الزواج طريقاً للملكوت السمائي، وإلا صار الزواج مجرد شكل للحياة الأرضية يموت بموتنا.. إن الزواج المسيحي ليس هدفاً بحد ذاته، بل هو طريق خلاص مشترك يسلك فيه الزوجان في اتجاه الحياة الأبدية. إن المحبة المسيحية تدفع بالمؤمن كي يقدم قلبه وعاطفته للرب يسوع، بطاعة وخضوع لإرشاد روح الله، وبذلك تتقدّس العاطفة، فتَصدُر منها مشاعر المحبة والعطاء.. محبة " لا تطلب ما لنفسها " ( 1كورنثوس 13: 5 ).. وهكذا تتقدس المشاعر، وتتنقّى النظرة، ويرتقي الإعجاب فوق مستوى النفّعية والحسّ.فلنقدّم عواطفنا للرب يسوع كي يقدّسها، ويرتقي بمشاعرنا وانفعالاتنا ورغباتنا ويستخدمها لمجد اسمه القدوس.
المزيد
22 أغسطس 2020

التسبحة

أولاً: طبيعة التسبحة أرقى أنواع الصلاة لأنها تعكس إحساس الإنسان بعمل الله (ويشعر الإنسان انه قريب من الله) ويقترب الإنسان من الصورة الملائكية في التسبيح ولذلك يقال عن التسبحة أنها طعام الملائكة أو ما يسمى بعمل السمائيين – شغلتهم أنهم يسبحون الله وليس لهم عمل آخر غير ذلك.أنها تعبير عن الشكر بالإحساس بالخلاص – بصفة خاصة: يعني التسبيح مرتبط بالإحساس بالخلاص مثل شعب إسرائيل بعد نجاته من فرعون سبح الله، وداود بعد انتصاره على جليات سبح الله وكل الشعب معه والثلاثة فتية القديسين سبحوا الله في آتون النار.التسبحة أيضاً هي تراث آبائي أختبرها الآباء وقدموا لنا صلوات مختبرة بمعنى أنها مفعمة بخبرات الآباء وهناك تأملات كثيرة للآباء في التسبيح.والتسبحة أيضاً تعبر عن مكنونات النفس في علاقتها بالله: تعبر عما بداخل النفس من مشاعر مثل الانسحاق والخشوع والفرح والألم والنصرة في المزامير أيضاً توضيح أن الهدف من حياة الإنسان هو التسبيح فيقول في مز 146 : 2 – 10 " أسبح الرب في حياتي وأرنم لإلهي ما دمت موجوداً" في المزامير أيضاً تتكلم عن الحالة النفسية التي يمر بها الإنسان فمثلاً في حالة الترك والتخلي يقول " إلى متى يا رب تنساني.. إلى الانقضاء" (مزمور 12 بالأجبية). وظيفة الكنيسة:- الكنيسة هي مؤسسة إلهية تترجم عمل الله على الأرض بمعنى أنها تشيد بعمل الله، التسبيح جزء من طبيعة الكنيسة وقبل القداس لازم نصلي التسبحة. اللاهوتيات في التسبحة:- لاهوتيات : يعني تعبير عن لاهوت السيد المسيح. نجد في التسبحة في ثيؤطوكية الأحد، ثيؤطوكية الخميس، ثيؤطوكية الجمعة. واضح في الثلاث أيام هذه أحاديث كثيرة في التسبيح بتتكلم عن لاهوت السيد المسيح ولذلك التسبيح له معاني فوق اللفظ فمثلاً لما نقول السلام للعذراء المعمل الإلهي الذي اتحد فيه اللاهوت مع الناسوت. هذا كلام له معنى أكبر من مجرد الألفاظ، فصور اللغة أحياناً تجعلنا نحيط الكلام بمشاعر وتأملات لكي نصل إلى المعاني الحقيقية للكلمات. ثانياً: حكمة ترتيب التسبحة: طريق التسبيح:- 1- طريقة المرابعة: المجاوبة الصوتية مجموعة تقول ومجموعة ترد عليها. خورسان : في مجموعتان يسبحان بالتتابع الربع البحري، والربع القبلي 0أي شمال وجنوب والكل ناظر إلى الشرق) 2- طريقة التسبيح المنفردة: مثال لذلك الكاهن وهو يصلي صلوات منفرداً في صلوات القداس والشعب يردعليه. 3. طريقة المردات: المرنم يقول – وباقي الخورس يرد بالمرد الخاص مثل : جيف بيف ناي شوب شا إينيه. 4. الطريقة الجماعية: الكل يقول كل شيء – الجميع يشتركون- مثل ختام الصلوات وختام التسبحة والتنوع هو نوع من أنواع الإثراء ويجعل التسبيح بدون ملل وبدون ارتباط بطريقة واحدة. الحان التسبحة:- لها 24 لحن وفيها حاجة اسمها لبش واللبش هو تفسير باللحن (أي تفسير ملحق) وألحان التسبحة تتفاوت بين الطول والقصر وبين القلة والكثرة حسب الجزء الذي يلحن لكن لازم كل هوس يبقى له لبش وهو كنفسير يقال بلحن معين. ترتيب فقرات التسبحة:- صلاة نصف الليل:- المزامير نلاحظ أن البداية دائماً بمزامير نصف الليل يوجد 3 خدمات (تسمى أيضاً 3 هجعات وهجعة بمعنى سجدة) وهي التسمية المسيحية التقليدية الرهبانية. خدمة يعني خدمة الصلاة وتعني أيضاً تقدمة. هجعة يعني حركة الجسد المعبر عن العبادة وهي حركة مجاوبة. سجدة معناها تلاقي الركبة والرأس في السجود على الأرض. فالخدمة الأولى تتكلم عن السهر يقول فيها المزمور الكبير 119 فيه تلتقي النفس مع كلمة الله. والخدمة الثانية تتكلم عن التوبة – مزامير المصاعد – الإنجيل. والخدمة الثالثة تتكلم عن الإعداد للملكوت وانتظار الملكوت وتقال فيها مزامير النوم، النوم يشير إلى الموت ثم القيامة.ثم تختتم الخدمة الثالثة بانجيل (اطلق عبدك بسلام) وهنا تعبر الكنيسة عن حالة تجلي نعيشها وكأنها اختطفت إلى الملكوت وصارت في الحفوة الإلهية وتختم بكيرياليسون 41 مرة ثم قدوس قدوس قدوس رب الجنود.ثم تبدأ تسبحة نصف الليل بالترتيب الآتي: (1) قطعة تين ثينو: ومعناها: قوموا يا بني النور وهي الدعوة العامة للتسبيح. (2) مديح القيامة: تين ناف (كلمة قبطي) وهذا بعد الخماسين يقال في الأحاد فقط حتى الأحد الأخير لشهر هاتور (ولا يقال من أول كيهم حتى عيد القيامة) ةالكنيسة تعطينا الإحساس بالمناسبة قبلها (أي قبل المناسبة) فمثلاً قبل التجسد تعطينا إحساس بالتجسد وهكذا في القيامة وما بعدها. وكذلك حتى بداية الصوم الكبير. (3) الهوس الأول: (كلمة قبطي) وكلمة هوس معناها تسبحة أو يسبح (مارن هوس – فلنسبح) في الهوس الأول تذكر قصة نجاة الشعب من يد فرعون. نجدها في (خر 15 ، رؤ 15) والارتباط بينهما وفي خر 15 عبور البحر الأحمر فخلصوا من نير فرعون. وفي رؤ 15 أيضاً المفديين يقولون تسبحة موسى والخروف. - (لبش 0مديح) الهوس الأول: وهو على نفس معنى الهوس الأول أي خلاص إسرائيل من يد فرعون – وعبورهم البحر الأحمر بقيادة موسى النبي – ثم يطلب المرتل صلوات موسى رئيس الأنبياء وشفاعة والدة الإله.في أيام الأسبوع العادية (فيما عدا الأحد) يصلي بعد الهوس الأول ولبشه تقال القطع (السابعة ، والثامنة والتاسعة ) من ثيؤطوكية الأحد. بعد تلاوة فصل الإنجيل "الآن يا سيد تطلق عبدك بسلام" لماذا القطع الثلاثة هذه من ثيؤطوكية الأحد؟لأنها تطبق بين الرمز والمرموز إليه وهذه الثلاث قطع تتحدث عن التجسد بصورة كاملة لأن نجاة الشعب من يد فرعون كانت رمز لنجاة البشرية من يد الشيطان عن طريق تجسد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح. (4) الهوس الثاني: عبارة عن مزمور 135 وهو شكر على الخلاص ولذلك يجيء هذا الهوس بعد المرموز إليه – يبقى عملنا الرمز، المرموز إليه وبعدين الشكر على الخلاص هذا الهوس 28 ربع وكل ربع يتكرر فيه عبارة "لأن على الأبد رحمته" واحنا بنتكلم عن رحمة ربنا نجد 14 جيل إلى داود و 14 جيل إلى المسيح جملتهم 28 وداود يرمز إلى السيد المسيح كل جيل له ربع >إلى الأبد رحمته" دليل على أن رحمة الله تشمل كل جيل. لبش الهوس الثاني: مارين أو أونه فلنشكر المسيح إلهنا مع المرتل داود النبي وهذا اللبش على نفس الهوس الثاني نعبر فيه عن ابتهاجنا وشكرنا للرب الذي أنعم علينا بالخلاص. (5) الهوس الثالث: تسبحة الثلاث فتية سفي الآتون وهي تمثل تجار بالحياة- لأن أي إنسان ممكن أن يلقى في الآتون بيد بشرية شريرة تلقيه في آتون التجاربز الثلاث فتية سجلوا انتصارات كمثال أولاد الله الذين ينتصرون على العالم. العجيب أننا نجد في الهوس الثالث نظرة الخليقة من خلال عمل الله. فيها دعوة للخليقة لكي تسبح الله في عمله فالشمس تسبح ربنا لعملها بالفلك الذي تدور فيه لذلك يقول المرنم السموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه.هذا يدل على انتصار أولاد الله في كل الظروف المحيطة الخارجية – المتعبة علاوة على الانتصار الداخلي على أي مشاعر غير روحية في النفس الهوس الثالث عبارة عن 40 ربع نجد أن ال 6 أرباع الأولى: خاطب فيها الفتية الثلاثة السيد المسيح 6 مرات قائلين مبارك أنت وهي إشارة إلى أو ترمز إلى (600 سنة) بين ملك نبوخذ نصر وميلاد السيد المسيح – أي بمعدل كل 100 سنة ربع كذلك ال 34 ربع بعد هذه الأرباع الستة هي رمز على سني حياة السيد المسيح التي عاشها على الأرض 33 سنة و ثلث تقريباً أي بمعدل كل سنة بريع. وهذا يوضح قيمة السيد المسيح على الأرض في ال 6 أرباع الأولى يسبح الفتية الثلاثة القديسون الله على مجد صفاته الذاتية وفي الأربع والثلاثون التالية وحتى آخر الهوس على مجده المستعلن في الخليقة وبالخليقة. (6) لحن اريبصالين: وهي ابصالية واطس للثلاث فتية وهي أرباع مرتبة من الألفا (كلمة قبطي) إلى الأوميجا (كلمة قبطي) على الحروف الهجائية اليونانية أي الربع الأول يبدأ ب ألفا والثاني ب فيتا والثالث بجاما وهكذا على الربع الأخير الذي يبدأ ب أوميجا.وهي قطعة يونانية وقبطية تسير على منهج الهوس الثالث ونمطه.وطريقة هذه الإبصالية ثابتة لا تتغير بتغير المناسبات كما في باقي الابصاليات. (7) لحن تيه أويه انسوك (كلمة قبطي)وهو مقدمة المجمع أي نتبعك بكل قلوبنا وهو عبارة عن مديح واطس للثلاث فتية القديسين وهو لبش الهوش الثالث.من الملاحظ في ليلة أبو غالمسيس يعمل زفة 3 مرات في هذه الليلة. المرة الأولى: بعد المزمور 151 ومعنا سفر المزامير ملفوف في ستر أبيض. المرة الثانية: بعد مديح تين أويه إنسوك أو نقول فيها تيه أويه أنسوك. الملاحظ هنا ولأننا نقول " نتبعك بكل قلوبنا" غننا نجد أكبر رتبة ليس في الآخر كما في الزفات الآخرى بل نجدها في الأول وراء الصليب مباشرة تمثل المسيح والكل يسير وراءه يقولون نتبعك بكل قلوبنا.ومن هنا نرى روعة الطقس في كنيستنا القبطية لأن هذا معناه أن السيد المسيح حاضر من خلال هذه الرتبة سواء البطريرك أو الأسقف أو الكاهن أكبر رتبة موجودة في الكنيسة في هذه الليلة تسير خلف الصليب والكل وراءه يقولون نتبعك بكل قلوبنا.وهذا اللحن يعبر عن أن مجمع القديسين يقولون للسيد المسيح بكل قلوبنا وكأنه درس نتعلمه من خلال طقس الكنيسة الحالية نتعلمه من الذين سبقونا إذ ساروا وراء السيد المسيح بكل قلوبهم. (8) مجمع القديسين في التسبحة: - نجد فيه 20 (عشرون) اسم من آباء وأنبياء العهد القديم ويوحنا المعمدان السابق، لأنه سبق المسيح ب 6 أشهر الصابغ لأنه عمد الشعب.نجد ال 144 ألف البتوليين غير الدنسين عبارة عن 12 × 12 × 1000رقم 12 يشير إلى ملكوت الله 3 × 4× 12 يشير إلى الأبدية الشيء الثابت الدائم× 1000 يعنى السماء.نجد 12 تلميذ ، 70 رسول.+ نجد أكثر من 100 شهيد ، 100 قديس.بالنسبة لرقم 12 وملكوت ربنا نجد في سر التثبيت (سر الميرون)فرشم الإنسان 36 رشمة 12 × 3ال 12 عبارة عن 3 × 4 رمز لملكوت اللهفال 36 رشم عبارة عن ال 12 اللي هي ملكوت الله في ال 3 اللي هو التثبيت.لكن 12 × 12 يشير إلى الملكوت الأبدي. × 12 يشير إلى الملكوت الكنسي، كيف أن الله يملك على الإنسان من خلال الكنيسة. (9) الذكصولوجيات: وهي تماجيد القديسين والقديسات وهي كلمة مكونة من كلمتين (كلمة قبطية) بمعنى، والكلمة الثانية (كلمة قبطية) بمعنى بركة.ولذلك كلمة دكصولوجيا تعني أننا نأخذ بركة المجد الذي وصل إليه القديسون، وهناك ذكصولوجيات للسيدة العذراء، والملائكة، والسمائيين... الخ، وكذلك المناسبات إشارة للبركة التي أخذناها في هذه المناسبات ومنها الأعياد السيدية الكبرى ، الصغرى ، عيد الصليب المجيد، شهر كيهك، الصوم الكبير. وتقال الذكصولوجيات بنفس الطريقة التي يقال بها المجمع والباش الأيام الواطس (جمع لبش) في التسبحة. (10) الهوس الرابع: وهو عبارة عن الثلاثة المزامير الأخيرة 148 ، 149 ، 150 ويعتبر الهوس الرابع امتداد للهوس الثالث في تسبيح الخليقة كلها أما المزمور 151 فيقال ليلة أبو غالمسيس. (11) ابصالية اليوم: ابصالية من كلمة ابصالي اليونانية بمعنى ترتلة، أو تتمجيد للسيد المسيح، فيه ابصالية آدام (أيام الأحد والاثنين والثلاثاء) ولها نغمة قصيرة. ابصالية واطس أيام الأربعاء والخميس والجمعة والسبت، ولها نغمة مطولة نوعاً. أي أن كل يوم ابصالية كذلك هناك ابصاليات المناسبات، والابصالية تحمل نوع من الصلاة القلبية مثل ابصالية أعطى فرحاً لنفوسنا التي تقال يوم السبت. (12) مقدمة الثيؤطوكية والثيؤطوكية: كل يوم من أيام الأسبوع له ثيؤطوكية وهي عبارة عن تمجيد للسيدة العذراء التي تم عن طريقها سر التجسد الإلهي. (13) اللبش الخاص بالثيؤطوكية: وهو تفسير الثيؤطوكية ويقال بلحن مختلف عنها، بالنسبة ليوم الأحد ليس له لبش. أما لبش الإثنين والثلاثاء فيقالا بطريقة الهوس الأول والثاني. أما الألباش الواطس فتقال بطريقة حسب الطقس فتقال إما سنوي أو فرايحي أو كيهكي أو صيامي أو شعانيني. (14) الطرح: في بعض الأيام أو المناسبات لها طرح أي تفسير وكلمة طرخ أي شيء مطروح على آذان الناس. (15) الدفنار: وهو سيرة مختصرة لقديس اليوم ويقال بطريقة الترتيل. (16) ختام الثيؤطوكيات: فأيام الواطس لها ختام "ربنا يسوع المسيح" وأيام الآدام لها ختام "مراحمك يا إلهي" (17) ختام التسبحة: - قانون الإيمان - كيرياليسون باللحن المعروف - قدوس... - ابانا الذي في السموات ثم يقرأ الكاهن تحليل نصف الليل الخاص بالكهنة.
المزيد
20 أغسطس 2020

ليتورجيا كنيسة المشرق الكلدانية ج2

العذراء مريم في طقس كنيسة المشرق ثانيا- مكانة العذراء مريم في رتب اسرار الكنيسة:- ان ذكر العذراء مريم بارز في رتب اسرار البيعة، الا انه يحتل مساحة أضغر من المساحة التي يشغلها في ساعات الصلاة الفرضية. نحاول اكتشاف هذه المكانة السامية في رتب العماد، والقداس، والرسامات الاكليريكية، والزيجة، ورتب تشييع الموتى المؤمنين. 1-رتبة العماد يتشفع المصلون بالعذراء مريم مراراً في رتبة العماد، نشير الى اهم الاماكن التي يرد ذكرها فيها: أ- تُخصّصُ المناداة التي تقال بعد تلاوة الانجيل الطاهر”طلبة” بمريم العذراء، مطلعها”لاجل تذكار الطوباوية مريم البتول القديسة…”، ورد ذكرها آنفاً، لان هذه المناداة تكرر يومياً خلال صلاة المساء. ب- تَكوّن “قانون الايمان” ضمن اطار مراسيم المعمودية، اذ كان على طالبي العماد ان يتعلموا بنود الايمان المسيحي خلال فترة الموعوظية، ويعلنوا اعتناقهم عقيدة الجماعة المسيحية التي يطلبون الانتماء اليها. يرد ذكر العذراء مريم في فقرة من فقرات “قانون الايمان” الذي يُتلى قبل رتبة تقديس الماء والزيت، حينما يؤكد بان”…ابن الله الوحيد… صار انساناً، وجبل به وولد من مريم العذراء…”. جـ -يرتل الشماس مدراشاً بعد منح سر العماد مباشرة. والمدراش لحن تعليمي، يتحدث هنا عن عماد يسوع وعن مفاهيم المعمودية المسيحية. يرد ذكر العذراء مريم في المقطع الاخير على النحو التالي: – “تصف السماء مجد الرجل ذي البهاء السني – (ظهر) في الغمام كصبي – فُتحت الاسفار امامه – انحدر ونزل بهاؤه الخفي – مالت مريم وقبلته – مادت مياه المعمودية – وانحدر الروح ورفرف عليه”(63). د- يتلو الكاهن في نهاية رتبة العماد صلوات ختامية، يلتجئ في احداها الى شفاعة العذراء مريم: “ايها الرب، لتكن صلاة البتول القديسة حمى لنا…”(64). 2- رتبة القداس الالهي يرد ذكر العذراء مريم في عناصر القداس المتغيرة، وفي الصلوات التالية: أ‌- العناصر المتغيرة: يطلب المصلون شفاعة امهم العذراء عبر التراتيل التي تتغير وفق المواسم الطقسية المختلفة وهي: 1- “ترتيلة قدس الاقداس” ، التي ينشدونها في مستهل القداس، داخل قدس الأقداس، اذ يكون ستار قدس الاقداس مسدلاً. 2- “ترتيلة الانجيل”، التي يؤديها الجوق في فناء الكنيسة خلال موسم الحر، أي خلال الفترة الممتدة ما بين عيد الصعود والاحد الاول من تقديس الكنيسة. 3- “ترتيلة الاسرار”، التي ترنم اثناء نقل التقادم، أي الخبز والخمر، من “بيت الكنز” الى المذبح(65). 4- “ترتيلة البيم”، التي يرتلها الجوق الجالس في البيم اثناء التناول. نقدم نموذجاً من هذه التراتيل، وهي “ترتيلة قدس الاقداس” التي يؤدونها في عيد تهنئة العذراء: “يا رب الكل، تشكرك القديسات اللواتي أحببن اسمك، لانك اخترت مريم من جنسهن، واحللت فيها سرك الخفي، اذ ظهر منها المسيح مخلص العالم بقوة الروح القدس. لذا تحتفل الكنيسة المقدسة بيوم عيد البتول”(66). ب- يتناوب جوقا المذبح والبيم في ترتيل اربعة ابيات شعرية، بعد “ترتيلة الاسرار” وقبل “قانون الايمان”، وذلك احياءً لذكر العذراء، والرسل، وشفيع الكنيسة والموتى المؤمنين. فيما يلي ترجمة البيت الاول المخصص بمريم العذراء “المجد للآب وللابن والروح القدس: لنذكر على المذبح المقدس العذراء مريم ام المسيح”(67). جـ- اضاف الكاثوليك ذكراً للعذراء مريم في النَّصَّين التاليين الواردين في انافورا الرسل للقديسين أدي وماري: 1-يشكر الكاهن المولى القدير من أجل النعم التي أغدقها على القديسين، وفي مقدمتهم العذراء مريم، على النحو التالي:”ايها الرب الاله القدير، اقبل هذا القربان الذي نقربه لك عن جميع النعم التي افضتها على الطوباوية مريم الدائمة البتولية، وعلى جميع الابرار الذين ارضوك…”(68). 2-يستمطر الكاهن بركات الله على المؤمنين بشفاعة العذراء عبر الصلاة الختامية التالية:“ليفض عليكم خيراته، وليمطر في بيوتكم وابل بركاته ومواهبه، وليُنجكم ربنا والهنا من الشرير وقواته بصلاة السيدة الطوباوية وجميع القديسين، وليصنكم من كل أذية خفية وظاهرة، الآن وكل أوان والى الأبد”(69). 3-كتاب الحبريات يحتوي كتاب “الحبريات” الكلداني، الذي طُبع بهمة مجمع الكنائس الشرقية في روما عام 1957 على الطقوس التالية: أ-رتبة تقديس المذبح، وتستخدم لتكريس الكنائس الجديدة، أعده البطريرك ايشوعياب الثالث الحديابي(649-659م). ب-رتبة تكريس الزيوت المقدسة، من أعداد البطريرك عبد يشوع الخامس خياط(1894-1899م). جـ- رتب رسامة الشمامسة والكهنة والأساقفة والبطاركة. نجد في كل من هذه الرتب صلوات وتراتيل عديدة مخصصة بمريم العذراء، نذكر بعضاً منها: أ-رتبة تقديس المذبح والكنائس الجديدة: “مدينة الملك العظيم(مزمور 48/2): أيتها البتول القديسة الطاهرة مريم، يا هيكل الروح القدس، تضرعي الى المسيح، لينجز الوعد الذي قطعه للكنيسة من خلال بطرس بكر إيماننا”(70). ب‌- رتبة تكريس الزيوت: “ايتها البتول القديسة مريم، ام يسوع مخلصنا، تضرعي واستمطري الرحمة على الخطأة الملتجئين إلى صلواتك، لئلا يهلكوا. لتكن صلاتك حمى لنا في هذا العالم وفي الدهر الآتي”(71). جـ-رتب الرسامات: 1-تدعو تراتيل الرسامات العذراء مريم، ام يسوع الكاهن والحبر الأعظم، لتسهر على الكنيسة وخَدَمِتها، ليتمكنوا من أداء مهامهم ومواصلة رسالة المسيح الخلاصية(72). 2-اقتبست رتب الرسامات العديد من التراتيل من كتاب الفرض، وخاصة من مجموعة “تراتيل طلب العون الإلهي” (73). نقدم فيما يلي ترجمة إحدى هذه التراتيل “لان ينبوع الحياة عندك(مز 36/9): أضحت مريم معين الخيرات ومصدر المعونات لجنس البشريين. فلتحرسنا صلواتها من الشرور، لنصبح معها من ورثة الملكوت”(74). 4-مراسيم الزواج يرد ذكر مريم العذراء مراراً في مراسيم رتبة الزواج، الا ان معظم هذه التراتيل المريمية مستقاة من كتاب الفرض الإلهي، سبق وان ذكرنا العديد منها، لذا نكتفي بالإشارة اليها وذكر مطلعها.تتكون رتبة الزيجة من المراسيم التالية: أ- مراسيم العقد انه عقد أولي لمراسيم الزواج، يطلب الكاهن في احدى الصلوات من الله ان ينزل غيث بركاته على المتعاقدين وان يضع الأُلفة والمحبة بينهما “بشفاعة العذراء البتول، والدة المسيح، مستودع النعم والبركات…(75). ت‌- رتبة البركة على ثياب العروسين ترتل الجوقة ترنيمة، ترجو فيها حماية العذراء مريم وشفاعتها لأبناء آدم كافة، مطلعها: “يا مريم يا من ولدت دواء الحياة لأبناء آدم…”(76). جـ- رتبة الخطوبة تستنجد تراتيل هذا القسم بالبتول القديسة مراراً في المقاطع التالية: 1″- ترتيلة مطلعها:”لتكن صلاة مريم ام يسوع مخلصنا سوراً لنا ليلاً ونهاراً…”(77). 2″-ترتيلة مطلعها أخرى تبدأ بالمجدلة ، مطلعها:”افرحي وابتهجي، أيتها المملؤة نعمة، مريم البتول الطاهرة، والدة المسيح…”(78). 3″- تبدأ ترتيلة أخرى بعبارة” يقول الشعب آمين: ايها الرب بارك النساء كما باركت السيدة مريم الطوباوية…”(79). 4″- ترجو الكنيسة العون الإلهي في ردة القانون أي (مز 37/23-28) “الرب يقدم خطوات الرجل…” على النحو التالي:”اللهم لتكن صلاة العذراء مريم وصلاة القديسين والشهداء حمى لساجديك…”(80). 5″-فيما يلي ترجمة لمقطع من مقاطع التسبيحة “لتكن صلاة البتول مريم سوراً لنا ليلاً ونهاراً ازاء الشرير وقواته…”(81). د- رتبة الاكليل نجد في رتبة الإكليل الترتيلة التالية المقتبسة من “الحان طلب المعونة”:“أرسل الله نعمته وحقه(مز57/4):أُرسل جبرائيل من بين صفوف الملائكة، فانحدر وزف لابنة المائتين بشرى أبهجت العالم كله، وسلم لها مرسوم الامان والسلام، وبشرها بحبل ملؤه العجب. القى عليها السلام، فقبلت حبلاً مدهشاً. قال لها “السلام عليك وطوباك، لأنك تلدين بلا زواج، اذ منك يشرق المسيح الملك، وبه يتجدد العالم العلوي والعالم السفلي، وكل ما فيهما، المجد له”(82). هـ- رتبة بركة الخدر نجد في الرتبة التراتيل المريمية التالية: 1″- “يقول الشعب آمين: ليسد السلام المسكونة بصلاة(العذراء) المباركة”(83). 2″-“التسبيحة: لتكن صلاة البتول سوراً لنا (يحمينا) من الشرير وقواته ليلاً ونهاراً(84). 3″- الصلاة الختامية: اللهم رب الكل، يا من قبلت قربان الآباء الصديقين القدامى…ليرض عنكم كما رضي بالقديسين. ليستجب صلواتكم… ليغنكم بالثروات الروحية والنعم المادية… بصلاة تابوت الخلاص، السيدة مريم الكلية الطهارة، ام المسيح ملكنا ومحيينا…”(85). 5- تشييع الموتى المؤمنين يحتوي كتاب “تشييع الموتى” على الطقوس والمراسيم التي تقام من أجل الموتى المؤمنين بكل فئاتهم: رجالاًونساءً، أطفالا وكباراً، اكليروساً وعلمانيين، وذلك خلال الايام الثلاثة التي تلي الوفاة، أي يوم التشييع واليوم الثاني والثالث.يتردد ذكر العذراء مريم في التراتيل التي تُرنم أثناء جلسات الصلاة في بيت الفقيد، وأثناء تشييعه الى المقبرة، وأثناء الصلاة المقامة عن روحه في الكنيسة خلال اليومين: الثاني والثالث للوفاة، وكلها مقتبسة من كتاب صلاة الفرض الإلهي، وخاصة من مجموع “تراتيل طلب العون”(86). أ-“ملأت الأرض منها(مز80/9): يا مريم، يا من ولدت دواء الحياة لأبناء آدم، اجعلينا نجد بصلاتك المراحم يوم الانبعاث…”(87). ب-“انه سيدك، فله اسجدي(مز 45/12): يا مريم، أيتها البتول القديسة، ام يسوع مخلصنا، لتكن صلاتك حمى لجمهور المؤمنين، ولتستجب صلواتنا بشفاعتك. ساعدي ضعفنا لنرى معك المسيح يوم ظهوره”(88) ج-أثناء الصلاة المقامة في الكنيسة بمناسبة اليوم الثاني لحدوث وفاة إحدى النسوة، يصعد احد الشمامسة الإنجيليين الى البيما الكائن وسط الهيكل، ويجلس بقية الحاضرين في أماكنهم. يقف الشماس متوجهاً صوب المشرق، ويتلو تعليماً مقتبساً من الكتب المقدسة، ليُلهِمَ ذوي الفقيدة الصبر والسلوان، مؤكداً بأنه لا مفر من الموت، لأن كل الأبرار والصديقين ذاقوا طعمه كسائر البشر، وذلك بدءاً بآدم وحواء، هابيل، ملكيصادق، إبراهيم، اسحق، يعقوب، داود، سليمان، ابن سيراخ، صموئيل وغيرهم، ويختم الشماس قائلاً:“… ان ربنا، الذي تشبه بنا واتخذ جسداً من بشريتنا، قد ذاق الموت كذلك، والسيدة مريم العذراء الطاهرة التي ولدته، وبها اكتملت كل المواعيد، ذاقت بدورها طعم الموت… فلا نتضايقن في العالم بسبب فراق اختنا… لان المسيح الملك يلبسها حلة المجد في العالم الجديد…”(89). الخاتمة لا تقتصر مظاهر التقوى والتكريم التي يبيديها أبناء كنيسة المشرق على الأدعية التي يرفعونها لمقامها السامي أثناء الرتب الطقسية الآنفة الذكر، بل تتجلى في أمور عديدة(90)، نذكر بعضاً منها: أ-الكنائس والمزارات أقيم العديد من الكنائس والمعابد على اسم العذراء مريم. يذكر الأب جان موريس فييه في كتابه”آشور المسيحية” ثلاثاً وعشرين كنيسة شيدت على اسم العذراء منتشرة في شمال العراق(91)، يرتقي بعضها إلى العهود القديمة. مثال ذلك كنيسة مريم العذراء “سيدة الانوار” في قرية حوردبني(92)، التي تذكرها مخطوطات قديمة منها مخطوطة الرهبنة الكلدانية 195، التي جددها وأصلحها الشماس هومو ابن القس دانيال ابن القس إيليا الالقوشي لأجل كنيسة السيدة في حوردبني(93). وكنيسة السيدة مريم في قرية خردس المذكورة في مخطوطة الرهبنة الكلدانية 224 التي كتبها القس كوركيس ابن القس إسرائيل الالقوشي الساكن انذاك في تلكيف، وفرغ من كتابتها في 4 حزيران سنة 2026 يونانية (=1715م)(94).نجد حالياً في بغداد وحدها نحو عشرين كنيسة او معبداً على اسم البتول الطاهرة موزعة على مختلف الطوائف المسيحية، وفي مقدمتها الكاتدرائية الكلدانية، التي تحمل اسم “كاتدرائية ام الأحزان”. وتحمل كاتدرائية البصرة الكلدانية اسم العذراء، وأشهر كنيسة في مدينة الموصل تدعى “كنيسة الطاهرة مريم” للكلدان، التي كانت كنيسة الدير الأعلى، الذي يرتقي عهد تأسيسه الى القرن الميلادي السابع. ت‌- الاحتفالات الشعبية يقيم المؤمنون احتفالات بمناسبة اعياد العذراء في الكنائس المقامة على اسمها. يبدأ الاحتفال بإقامة الذبيحة الإلهية،حيث يقترب المؤمنون من سري التوبة والقربان المقدس، ثم يقيمون ما يسمى بـ”شيرا” وهو نوع من المائدة الأخوية المشتركة. اذ يجلب المؤمنون أصنافاً من الأطعمة الى فناء الكنيسة، حيث يضعونها على الموائد او على الأرض. وبعدما يتلو الأسقف او الكاهن البركة على هذه الأطعمة، يتناول منها الحاضرون سويةً، ليعبروا عن اخوَّتهم، كأبناء ام واحدة هي العذراء. جـ-العبادات التقوية هذا بالإضافة الى مختلف العبادات التقوية المريمية المعروفة، التي استقاها الكلدان من أبناء الكنائس الأخرى كالمراسيم المقامة خلال الشهر المريمي وصلاة الوردية والتساعيات وغيرها
المزيد
16 أغسطس 2020

بتولية مريم العذراء فى كتب أبوكريفا

كما كانت عقيدة "الدائمة البتولية" لمريم العذراء عقيدة راسخة فى الكنيسة، كانت أيضاً منتشرة فى الكتابات الأبوكريفيه التى إنتشرت فى القرن الثانى وحتى السادس والتى أعطاها مؤلفوها لقب أناجيل ونسبوها أو أسموها بأسماء بعض الرسل لتلقى رواجاً بين بعض المؤمنين، وكانت تعبر عن الفكر الشعبى المسيحى وأحياناً يعتبر بعضها تاريخاً. ومع أن الكنيسة رفضتها من البداية لأنها أخذت أفكارها الرئيسية من الأناجيل القانونية ولكن موضوعاتها كانت مخله مملؤه بالمعجزات الصبيانيه الخرافية ومع ذلك فهى لا تعدو كونها تراث فكرى وشعبى مبكر، خاصة وإن كانت أفكار تلك الكتب منسجمة مع فكر الكتاب المقدس والكنيسة، وهذه الكتب الأبوكريفية غير القانونية أو معظمها أكدت دوام بتولية مريم العذراء. وقد أكدت كتب أبوكريفا على دوام بتولية القديسة مريم وهى: 1- كتاب صعود أشعياء: وجد رحمها كما هو عليه قبل الحمل. 2- كتاب أناشيد سليمان: أنها ولدت أبناً بغير آلام المخاض 3- إنجيل العبرانيين المنحول: كاتب إنجيل العبرانيين يهودي متنصِّر جمع أخبار يعقوب بتدقيق يعوَّل عليه، وإنجيل العبرانيين هو أوثق كتابات الأبوكريفا وأقدمها حسب رأى العالِم ليتفوت وجاء فيه: أن يعقوب هذا كان قد قطع على نفسه أن لا يأكل خبزاً بعد أن شرب الرب الكأس (كأس الموت) حتى يراه قائماً من الأموات، وبعد القيامة ظهر له الرب، وأخذ خبزاً وباركه وكسر وأعطى يعقوب قائلاً: كُلْ خبزك يا أخي لأن ابن الإنسان قد قام من بين الأموات. وهذه الرواية تشابه قصة ظهور الرب ليعقوب، طبقاً لما جاء فى رسالة بولس الرسول الأولى لأهل كورنثوس، حسب ما إستلم وهو في أُورشليم في زيارته الأُولى: +(كونثوس الأولى 15: 5-8) 5وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ. 6وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ أَكْثَرُهُمْ بَاقٍ إِلَى الآنَ. وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. 7وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ. 4- إنجيل بطرس المنحول: هو كتاب أبوكريفى من القرن الثاني أو قبل نهايته، وجده سيرابيون أسقف أنطاكية متداولاً في مدينة روسوس Rhossus إحدى مدن كيليكية وقد وصل ليوسابيوس القيصري قطعة من كتابة سيرابيون الأسقف هذا يقول فيها إن هذا الإنجيل كان متداولاً منذ أيام قديمة. ويقول العالِم المصري أوريجانوس إنه اطّلع على هذا الإنجيل وفيه أن أخوة الرب كانوا أبناء ليوسف القديس من زوجة سابقة. وهكذا يؤكِّد دوام بتولية القديسة مريم العذراء. 5- إنجيل يعقوب الأول المنحول: - دافع كتاب إنجيل يعقوب الأول غير القانوني عن بتولية القديسة مريم مشيرا إلى أن أخوة يسوع ليسوا إلا أبناء القديس يوسف من زواج سابق. هذه الفكرة انتقلت إلى الكتابات القبطية والسريانية واليونانية، كما نادى بها بعض الأباء العظام، فأشار إليها كل من القديس أكليمنضس الإسكندري وإغريغوريوس النيصيصي وكيرلس الإسكندري وأمبروسيوس والعلامة أوريجانوس وهيجيسيوس ويوسابيوس أسقف قيصرية وهيلارى من بواتييه وأبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص الذي دافع عن هذه الفكرة بحماس شديد حتى نسبت إليه: "الأبيفانية". ويقدم هذا الكتاب يوسف النجار كرجل متقدِّم في الأيام عندما خُطبَت له القديسة مريم العذراء، وكان له أولادٌ من زوجة سابقة ولكن لم يكن له بنات. - أن سيدة تدعى سالومى قد لاحظت بتولية القديسة مريم بعد ولادة يسوع. - "وقال الكاهن ليوسف أنت أخترت من الكثيرين لتأخذ عذراء الرب لتحفظها لديك وكان يوسف خائفاً وأخذها ليحفظها عنده". - أن القديسة مريم ولدت من يواقيم وحنة الشيخين، وأن والدتها قد نذرت أبنتها خادمة للرب كل أيام حياتها. وفي الثالثة من عمرها، قدمت مريم للهيكل، حيث كانت تتغذى بأيدي ملائكة. وبحسب التقليد القبطي يحتفل بعيد "دخولها الهيكل" في الثالث من شهر كيهك، فيه نذكر الطفلة مريم كعذراء تعيش بين العذارى، فنترنم باللحنين التاليين: - "في سن الثالثة قدمت يا مريم للهيكل، جئت كحمامة، وأسرعت الملائكة إليك!" - "كانت بين العذارى تسبح وترنم معهن، دخلت الهيكل بمجد وكرامة". وفي الثانية عشر من عمرها اجتمع الكهنة ليناقشوا أمرها إذ كان يلزم أن تترك الهيكل. فأحضروا اثني عشر رجلا من سبط يهوذا، وأودعوا عصيهم داخل الهيكل. وفي اليوم التالي أحضر أبيثار الكاهن العصي وقدم لكل منهم عصاه. وأن أمسك القديس يوسف بعصاه حتى جاءت الحمامة استقرت عليها، كانت بيضاء أكثر من الثلج وجميلة للغاية، صارت ترفرف لوقت طويل بين أجنحة الهيكل وأخيرا طارت نحو السماوات. عندئذ هنأ الشعب كله الشيخ، قائلين له: "هوذا قد صرت مطوبا في شيخوختك أيها الأب يوسف، فقد أظهرك الله مستحق الاستلام مريم. أما القديس ففي البداية أعتذر بشيخوخته، ولكنه أطاع الكهنة الذين هددوه بحلول غضب الله عليه إن رفض. 6- إنجيل متى المنحول: "ترتيب جديد فى الحياة إكتشف بواسطة مريم وحدها التى وعدت أن تظل عذراء لله". وذكر أن العذارى كن مع مريم وقت أكتشاف يوسف للعمل قلن له: "يمكن أن تختبر أنها ما زالت عذراء ولم تلمس". وجاء فيه أن سالومى لما شكت فى حقيقة بتولية العذراء ودوام هذه البتولية قالت: "أسمح لى أن المسك وعندما سمحت لها.. صرخت... بصوت عال وقالت: يارب يارب يا قدير أرحمنا‍‍ لم يسمع أبداً ولم يفكر فى أن واحد امتلأ ثدياها باللبن وأن ميلاد ابن يبين أن أمه ما تزال عذراء... عذراء حبلت، عذراء ولدت، وتظل عذراء". وهذه الواقعة تذكر أيضاً فى إنجيل يعقوب الأولى. 7- إنجيل طفولة مريم: - سوف لن تعرف إنساناً أبداً فهى وحدها بدون نظير، نقية، بلا دنس، بدون اجتماع رجل، هى عذراء، ستلد ابناً. - أخذ يوسف العذراء طبقاً لأمر الملاك كزوجة له وبرغم ذلك لم يعرفها ولكن أعتنى بها وحفظها فى طهارة. 8- كتاب تاريخ يوسف ومريم: يدعو كتاب "تاريخ يوسف ومريم" العذراء ب "السيدة مريم أمه العذراء". 9- كتاب نياحة وصعود مريم: يدعو مريم: المقدسة، والدة الإله، العذراء النقية، العذراء دائماً، مريم المطوبه، العذراء مريم. 10- كتاب طفولة المخلص: يدعو كتاب "طفولة المخلص" مريم ب "السيدة مريم أمه العذراء".
المزيد
15 أغسطس 2020

ليتورجيا كنيسة المشرق الكلدانية

العذراء مريم في طقس كنيسة المشرق المقدمة حظيت مريم العذراء بمكانة مرموقة في حياة ابناء كنيسة المشرق الكلدانية والآثورية، حيث غطى ذكرها مساحة كبيرة في مختلف الرتب والطقوس، أوسع من ان تحتويها صفحات مقال في مجلة. إن كلَّ ما نطمح اليه في هذا المقال هو رسمُ الخطوط العريضة لمكانة العذراء في هذا الطقس العريق تعكس مكانة العذراء في ليتورجيا كنيسة المشرق منزلتها في الكتب المقدسة. انها مكانة متوازنة، فلا مغالاة في تكريمها، أي لا إفراط في رفع منزلتها الى حدّ تنافس فيه الله في التقوى والعبادة، ولا تقليل او انتقاص في شأنها، أي عدم التنكرّ لصفاتها الأساسية السامية يمكننا تحديد مكانتها بكلمات قليلة على النحو التالي:”ان مريم العذراء هي والدة المسيح، الرب المخلص “، لذا فإن شفاعتها قديرة لدى الله، وهي الى ذلك امّ لأخوة يسوع ابنها، لذا فإنها كلية الحنان والشفقة بنا نحن البشر يتكون بحثنا عن مكانة العذراء مريم في طقوس المشارقة من القسمين التاليين:- مكانة العذراء مريم في الصلاة الفرضية مكانة العذراء مريم في رتب اسرار الكنيسة في طبعات الكتب الطقسية الكلدانية أجريت بعض التغييرات على نصوص التراتيل منها تبديل عبارة “أم المسيح” بعبارة ” أم الله”، كما جرى تحوير في تعابير لاهوتية تتحدث عن سر تجسد المسيح، سنشير الى الاختلافات الموجودة بين طبعات الكلدان وطبعات الآثوريين. أولا مكانة العذراء مريم في الصلاة الفرضية:- تتجلى منزلة العذراء السامية واضحة جلية من خلال الصلاة الفرضية التي يرفعها الكهنة والرهبان والراهبات والشمامسة وسائر المؤمنين في الكنائس الراعوية وفي معابد الاديرة، وذلك عبر مواسم السنة الطقسية نتقصى مكانة العذراء مريم في الصلاة الفرضية من خلال العناصر التالية:- أ‌- مكانة العذراء في بنية ساعات الصلاة:- 1 – مكانة العذراء في السنة الطقسية:- تعكس منزلة العذراء مريم في السنة الطقسية الكلدانية المكانة التي منحها اياها الانجيل المقدس. إذ يرد ذكرها حينما تؤدي دوراً هاماُ خلال احداث حياة يسوع المسيح الارضية، أي انها تشارك يسوع ابنها في تنفيذ مخطط الله لخلاص البشر، لذا لا يمكننا فهم مكانتها السامية إلاّ ضمن إطار تدبير الخلاص قام البطريرك إيشوعياب الثالث الحديابي (649-659) بتنظيم التقويم الطقسي لكنيسة المشرق، فوزّع مراحل عمل يسوع الخلاصي عبر مواسم السنة الطقسية بحيث يحتفل المؤمنون بسر الخلاص كاملاً خلال السنة. فقسم السنة الى سبع فترات، تتكون كل فترة مبدئياً من سبعة اسابيع، واضاف اليها فترتين تتكون كل فترة منها من اربعة اسابيع، وضع الاول في بداية السنة والاخرى في نهايتها تبدأ السنة الطقسية بفترة البشارة / الميلاد التي تحيي ذكرى تجسد يسوع، الاله الكلمة من مريم العذراء، ثم تتوالى الفترات لتذكر بقية مراحل الخلاص، من عماد الرب، وتبشيره بالانجيل، موته وقيامته، والتطلع الى مجيئه الثاني، وتختم السنة بالتأمل بسر الكنيسة التي هي إمتداد لحضور يسوع في العالم ان ما يُلفت النظر في السنة الطقسية الكلدانية الحالية، هو ان للعذراء مريم ذكراً خاصاً في كل فترة من فتراتها، وذلك من خلال الاعياد المريمية المختلفة او من خلال المواسم الطقسية المقامة فيها، او من خلال الصلوات والادعية التي ترفع خلال ساعات الصلاة يظهر ذلك جلياً من خلال العرض السريع التالي لفترات السنة الطقسية: – فترة البشارة/ الميلاد: عيد البشارة، عيد مريم العذراء المحبول بها بلا دنس، عيد الميلاد، عيد تهنئة العذراء بميلاد الرب يسوع، عيد تقدمة يسوع وتطهير مريم العذراء. – فترة الظهور(الدنح) أي العماد: الاحد الرابع: ذكرى معجزة تحويل الماء خمراً بناءً على طلب مريم العذراء(يو2/ 1-12) – فترة الصوم الكبير: موسم الكنيسة مريم الطاهرة( الموصل). – فترة القيامة: عيد مريم العذراء حافظة الزروع. – فترة الرسل: عيد حلول الروح القدس على التلاميذ بحضور العذراء مريم (اعمال1/14). – فترة الصيف: عيد انتقال مريم العذراء. – فترة ايليا/ الصليب: عيد ميلاد مريم العذراء. – فترة موسى وفترة تقديس الكنيسة. 2– فترة البشارة/ الميلاد تمتاز فترة البشارة/ الميلاد عن الفترات الطقسية الاخرى بتخصيصها مساحة كبيرة لذكر العذراء مريم، لذا فانها تستحق ان نتحدث عنها بصورة خاصة. تبدأ السنة الطقسية الكلدانية بفترة البشارة، وتصادف عادة اما الاحد الاخير من شهر تشرين الثاني او الاحد الاول من كانون الاول من كل سنة. قوامها اربع آحاد، تسبق عيد الميلاد المجيد، هدفها اعداد المؤمنين لذكرى تجسد المخلص. تتّسم فترة البشارة/ الميلاد هذه بطابع مريمي رائع، إذ تحتوي على نصوص إنجيلية وتأملات لاهوتية تشرح سر تجسد المسيح وسر والدته المجيدة. ولا فترة طقسية اخرى تعطي هذه الاهمية لذكر العذراء. ويظهر ذلك من خلال النصوص الانجيلية التي تُتلى على مسامع المؤمنين اثناء القداس، ومن خلال التراتيل والابتهالات التي ترفع اثناء ساعات الصلاة الفرضية. النصوص الانجيلية: تسرد قراءات الانجيل المقدس، التي تُتلى أثناء قداس الآحاد والأعياد، احداثاً هامة من حياة مريم العذراء، وذلك على النحو التالي: 1-الاحد الثاني من البشارة: بشارة الملاك جبرائيل للعذراء مريم بالحبل البتولي، زيارة مريم لنسيبتها اليشباع، الحوار بين اليشباع ومريم، نشيد “تعظم نفسي…”(لوقا 1/26-56). 2-الاحد الثالث من البشارة: ولادة يوحنا المعمدان (لوقا1/ 57- 80). 3- الاحد الرابع من البشارة: إعلان الملاك جبرائيل للقديس يوسف حبل مريم العذراء العجائبي والايعاز اليه بجلب العذراء الى بيته(متى 1/ 18-25). 4-عيد الميلاد المجيد: ميلاد يسوع المسيح، بشارة الملاك للرعاة، وعبارة لوقا”وكانت مريم تحفظُ هذا الكلام كله وتفكر به في قلبها”(لو 2/ 1-20). 5- الاحد الاول بعد الميلاد: زيارة المجوس للطفل يسوع مع مريم أُمه، هرب العائلة المقدسة الى مصر والعودة الى فلسطين(متى2/1-22). 6-الاحد الثاني بعد الميلاد: مراسيم ختانة يسوع، رتبة تطهير العذراء في الهيكل، وتقدمة يسوع، وعثور مريم ويوسف على يسوع وهو في الهيكل، فكرة عن سياق حياة العائلة المقدسة في الناصرة، وعبارة لوقا “وكانت امه تحفظ هذا الكلام كله في قلبها”(لوقا 2/ 21-54). ب- التأملات اللاهوتية: لا تشرح الصلوات والتراتيل التي تُؤدّى خلال فترة البشارة/ الميلاد النصوص الانجيلية التي تُقرأ ايام الآحاد، كل أحدٍ او اسبوع على حدة، بل تقدم خلال الفترة كلها تأملات لاهوتية عن سر التجسد، واتحاد الله الكلمة بالطبيعة البشرية، والحبل العجائبي، ودور العذراء مريم في سر التجسد، كما أنها تعبّر عن المشاعر البنوية التي تغمر أبناءَ كنيسة المشرق تجاه ام المخلص وامهم. فيما يلي بعض من هذه التأملات اللاهوتية والمشاعر البنوية: 1ً- اختار الله مريمَ من نسل ابراهيم لتلد المسيح تُستهلُّ السنة الطقسية بصورة عامة، وفترة البشارة بصورة خاصة، بترتيلة نموذجية، تتسم بطابع صلوات المسيحيين الاولين، فهي تعبّر عن معان لاهوتية عميقة بكلمات قليلة، انها تقدم تأملاً سامياً بسر الكلمة المتأنس وبسر والدته القديسة. تُرتّل هذه الترنيمة خلال صلاة المساء، عشية الاحد الاول من البشارة، وفيما يلي ترجمتها: “إن الله(المولود) من الآب، لم يتخذ هيئة العبد(فيلي 2/7) من الملائكة (عبر1/5)، بل من زرع ابراهيم، واتى الينا في ناسوتنا بنعمته، ليخلص جنسنا من الضلال”(2) هكذا تتحدث السنة الطقسية في بدء دورتها عن دور العذراء مريم في تدبير الخلاص من خلال عبارة “زرع ابراهيم”، التي تشير الى اياتٍ نبوية من العهد القديم، منها قول الرب لابراهيم ابينا “يتبارك بنسلك جميع الامم” (تك 22/18). ان العذراء مريم هي نسل او زرع ابراهيم، الذي منه اتخذ الله الكلمة جسداً بشريا ليخلصنا من الضلال، إذ لم يأتِ من أجل الملائكة بل من اجل البشر، كما يقول القديس بولس ” لم يقم لنصرة الملائكة، بل قام لنصرة نسل ابراهيم، فحق عليه ان يكون مشابهاً لأخوته في كل شيء…(عبرانيين2/16-17). 2- المسيح آدم الثاني والعذراء حواء الثانية “المجد للآب والابن والروح القدس:… يا لحكمة الله، إن رحم حواء، التي قضي عليها أن تنجب بالآلام، أصبح معيناً يهبُ الحياة. فحبلت بدون زرع وانجبت عمانوئيل، وحررت هكذا جنسنا من الفساد…” (3)(جلسة صلاةالأحد الأول من البشارة). “تجاوز آدم الأول بواسطة امرأة، وبواسطة العذراء تجدّد في المسيح من الفساد…” (4)(جلسة صلاة الاثنين الاول بعد الميلاد). 3- تستحق العذراء مريم كل اكرام لانها انجبت المسيح يسوع: “الام التي انجبته تستحقُ البركات، الاذرع التي حملته تسأهل المديح، الركب التي ربّته تستحق الثناء…” (5)(مدراش صلاة الليل للاحد الاول بعد الميلاد). 4- ولدت العذراء مريم يسوعَ بقدرة الله: “…حبلت(العذراء) من دون أن يعرفها رجل، وذلك بقوة الروح القدس. الذي خَلَقَ آدم من التراب، وابدع حواء منه بلا زرع، هو نفسه جعل سارة العاقر تلد(التكوين 17/21)، ومن بعدها رفقة (التكوين 25/21)، وهو الذي كشفَ للعذراء حالة اليصابات…” (6)(ترتيلة قدس الأقداس للأحد الرابع من البشارة). 5- يتكرر ذكر البشارة في كل لحن: “…أنا جبرائيل، القائم للخدمة امام تلك السيادة الرهيبة، ارسلني الآب لابشّركِ ببشارة تُبهجُ العالم كله: انك ستقبلين حبلاً- معجزة، إذ ستخلقه قدرةُ العلي في أحشائك، وتلدين ابنه عمانوئيل، الذي سيصالح الكائنات السماوية مع الأرضية، فيحمده الجميع قائلين: “المجدُ لكَ، يا مخلص العالم” (7)(جلسة صلاة الأحد الأول من البشارة).
المزيد
14 أغسطس 2020

مريم العذراء فى عقيدة الكاثوليك

تؤمن الكنيسة الكاثوليكية بأن مريم العذراء هى الدائمة البتولية، فقد كانت مخطوبة ليوسف النجار وبعد موت يوسف النجار لم تخطب أو تتزوج من أى شخص آخر، فهى لم تعرف رجلا قط كل أيام حياتها بمعنى العلاقة الزوجية والجسدية بين الأزواج، فقد كانت مريم هى العذراء قبل الحبل بيسوع المسيح وأثناء الحبل بيسوع وظلت عذراء بعد ولادة يسوع المسيح حتى آخر يوم فى حياتها على الأرض. (أولاً) نقاط الإتفاق بين الأرثوذكس والكاثوليك حول السيدة العذراء: 1- مريم العذراء ممتلئة نعمة بعكس البروتستانت (منعم عليها). 2- مريم العذراء دائمة البتولية. 3- شفاعة مريم العذراء التوسلية. 4- مريم العذراء والدة الاله (الذى يرفضة النساطرة). 5- مريم العذراء أم الكنيسة. 6- صعود جسد مريم العذراء إلى السماء. 7- عظمة مريم العذراء ووضعها فوق مستوى الملائكة. 8- تمجيد مريم العذراء. 9- الاحتفال بأعياد مريم العذراء. 10- بناء كنائس على إسم مريم العذراء. (ثانياً) نقاط الإختلاف بين الأرثوذكس والكاثوليك حول السيدة العذراء: 1- الحبل بمريم العذراء بلا دنس. 2- عبادة مريم العذراء. 3- عصمة مريم العذراء. 4- غفرانات مريم العذراء. 5- مريم العذراء سيدة المطهر. وتم مناقشة الخلاف بين المعتقدات فى الجزء الخاص بالعقائد. بتولية مريم العذراء فى عقيدة البروتستانت من الخطأ القول بأن كل البروتستانت ينكرون بتولية مريم العذراء، فالتراث البروتستانتي الأصيل يؤمن بضرورة إكرام مريم العذراء والقدّيسين، والواقع أن منكرى بتولية العذراء وإن كانوا يندسون الآن وينتمون للمذهب البروتستانتى وهو برئ منهم، فهم فى الأساس أبيونيون ونساطرة ولا يعلمون، ويتبعون بدعة نسطور الذى أنكر بتولية العذراء وأنكر عليها لقب والدة الإله، ليس هذا الإنكار لذاتها، بل لإنكار لاهوت المسيح نفسه، ويلقبون العذراء بأنها أخت لنا ومثل قشرة البيضة التى خرج منها الكتكوت فلا قيمة للقشرة بعد ذلك، أو مثل علبة القطيفة التى تحوى بداخلها جوهرة... ألخ، ولعلهم قد تناسوا أنهم بذلك يفصلون بين جسد العذراء وجسد السيد المسيح الذى إتخذة من مريم العذراء، فالطبيعة الجسدية واحدة ومتجانسة لهما، بعكس علبة القطيفة والجوهرة، وقشرة البيضة والكتكوت فلا تجانس بينهم وطبيعتهم المادية مختلفة. وكما يقول بولس الرسول أن أجسادنا هى أعضاء المسيح وهىهيكل الله الساكن فيها الروح القدس، فكم إذن بالأولى أحشاء السيدة العذراء هيكل الله المقدس التى تجسد منها المسيح وحل عليها الروح القدس وظللتها قوة العلى، وكان القدوس المولود منها إبن الله: + (لوقا 1: 35) اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. + (كورنثوس الأولى 3: 16) أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ + (كورنثوس الأولى 6: 15-16) 15أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ الْمَسِيحِ؟ أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ؟ حَاشَا!. 16أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ وحتى لا نظلم زعماء ومؤسسى حركة الإصلاح البروتستانتى أنفسهم في القرن السادس عشر وعلى رأسهم مارتن لوثر، الذين أقروا أنّ مريم دائمة البتوليّة نضع هنا بعض أقوالهم الرائعة والخالدة فى حق التأكيد على دوام بتولية مريم العذراء: وقد أقرّ زعماء الإصلاح البروتستانت أنفسهم في القرن السادس عشر أنّ مريم دائمة البتوليّة. 1- مارتن لوثر سنة 1539: كتب لوثر سنة 1539 مقال بعنوان "في المجامع والكنائس"، جاء فيه: "هكذا لم يأت مجمع أفسس بشيء جديد في الإيمان، وإنّما دافع عن الإيمان القديم ضدّ ضلال نسطوريوس الجديد. فالقول إنّ مريم هي والدة الإله كان في الكنيسة منذ البداية، ولم يخلقه المجمع جديدًا، بل قاله الإنجيل أو الكتاب المقدّس. ففي القدّيس لوقا (1: 32)، نجد أنّ الملاك جبرائيل بشّر العذراء بأنّ ابن العليّ سوف يولد منها. وقالت القدّيسة أليصابات: "من أين لي هذا أن تأتي أمّ ربّي إليّ؟" وأعلن الملائكة معًا يوم الميلاد: "اليوم ولد لكم مخلّص، هو المسيح الربّ" (لو 1: 11). وكذلك بولس الرسول: "أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة" (غلا 4: 4). هذه الأقوال التي أؤمن بصحّتها تدعم، وبكلّ تأكيد، الحقيقة القائلة إنّ مريم هي والدة الإله". 2- مارتن لوثر سنة 1546: أكد على عقيدة بتوليّة مريم الدائمة طول حياتها، حيث قال عن مريم العذراء في الثاني من شباط سنة 1546، يوم عيد تقدمة المسيح إلى الهيكل: "كانت بتولاً قبل الحبل والولادة، وظلّت بتولاً حتى الولادة وبعدها". 3- زفينكلي سنة 1524: كتب زفينكلي سنة 1524 عظة عن "مريم الدائمة البتوليّة الطاهرة والدة الإله"، استعمل فيها بحرّية لقب "والدة الإله"، وأعلن في مقطع منها نافيًا اتّهامات ذوي الإرادة السيّئة الذين ادّعوا أنّهم سمعوه يتحدّث عن مريم بأنّها امرأة خاطئة شبيهة بأيّة خليقة وقال في عظة عن مريم العذراء أكّد بتوليّتها الدائمة بقوله: "إنّي أؤمن إيمانًا ثابتًا، استنادًا إلى ما جاء في الإنجيل المقدّس، أنّ هذه العذراء الطاهرة قد ولدت لنا ابن الله، وأنّها ظلّت، في الولادة وبعدها أيضاً، عذراء نقيّة وبكرًا إلى الأبد". ولم أفكّر إطلاقًا، ولم أعلّم، ولم أقل جهرًا عن العذراء الطاهرة، مريم أمّ مخلّصنا، أيّ قول معيب أو شائن أو سيّئ. كما تكلّم كثيرًا على بتوليّة مريم الدائمة، فأعلن في مدينة برن في كانون الثاني سنة 1528: إنّي أستشهد بكنيسة زوريخ التقيّة وبجميع مؤلّفاتي لأعترف بمريم بتولاً دائمًا وقدّيسة". 4- بولينجر: إنتقد نسطوريوس الذي رفض تسمية العذراء بلقب "والدة الإله". 5- القسّ الفرنسي شارل دريلانكور: "بسبب هذا الاتّحاد المتين غير المدرك (بين طبيعتي المسيح)، فإن ما يناسب إحدى الطبيعتين يمكن أن يُنسَب إلى الشخص بشكل عام. لهذا قال بولس الرسول: "إنّ اليهود صلبوا ربّ المجد" (1كو 2: 8). ولا نرى أيّ صعوبة في القول مع الأقدمين: - إنّ العذراء هي والدة الإله، لأنّ الذي ولدته هو الإله الفائق كل شيء المبارك إلى الأبد 6- كالفين: تردد في استعمال لقب "والدة الإله بسبب ما يحمله من خطر على سوء فهم علاقة مريم العذراء بالله،، ولكنة كان صريحًا في موضوع بتوليّة العذراء الدائمة، ورفض أن يكون لمريم أولاد غير يسوع وقال: - بتوليّة العذراء دائمة، وأرفض أن يكون لمريم أولاد غير يسوع. 7- ماكس توريان 1963: يؤكّد تقليد الكنيسة العريق على بتوليّة مريم الدائمة. ويوجز إيمان المصلحين بقوله: - "إنّ موقف مريم من احترامها سرّ إعدادها الأزلي يجعلنا نقرّ أنّ عقيدة مريم الدائمة البتوليّة التقليدية تنسجم، على الأقلّ، مع دعوة مريم الفريدة، المكرّسة تمامًا لخدمة الله، والممتلئة من نعمة الله، والمتّجهة كلّيًا نحو ملكوت الله. - مريم، في بتوليّتها، هي علامة الخليقة المصطفاة والمكرّسة والممتلئة من ملء الله، التي لم تعد تنتظر شيئًا غير الاكتمال النهائي في ملكوت الله الظاهر، وتعيشه الآن بشكل خفيّ ومسبّق. - هي علامة الكنيسة المقدّسة التي لا تنتظر ولا ترجو سوى عودة المسيح". أسباب إتهام الفكر البروتستانتى بإنكار بتولية مريم العذراء: بعد كل الأقوال الرائعة التى أقرها زعماء البروتستانت فى حق مريم العذراء بأنها كانت بتولاً قبل الحبل والولادة، وظلّت بتولاً حتى الولادة وبعدها"، وأن مريم هي والدة الإله. قد يتسائل القارئ، إذن لماذا أصابع الإتهام تشير دائماً أن البروتستانت هم منكرى دوام بتولية مريم العذراء؟ أحد الأسباب الرئيسية التى دفعت بعض البروتستانت للهجوم على العذراء مريم وإنكار لقب والدة الإله عليها وأنها دائمة البتولية، هو الفكر الكاثوليكى المتطرف الذى غالى فى تكريم مريم العذراء لدرجة العبادة، نعم فالكاثوليك الآن يقرون بعبادة مريم وأنها هى الوحيدة من البشر المعصومة من الخطأ والتى حبلت بها أمها حنة بلا دنس الخطيئة الأصلية لآدم، بل ولقبها الكاثوليك أيضاً بأنها سيدة المطهر بمعنى أنها سوف تتشفع من أجل الخطاة الذين ماتوا وذهبوا إلى الجحيم لكى ما ينقلهم المسيح إلى الفردوس!!. بل وصل الأمر أن بابا الكاثوليك هو أيضاً معصوم من الخطأ. والكنيسة القبطية الأرثوذكسية ترفض كل ذلك ولكن لم تدفعها تلك العقائد الكاثوليكية إلى مهاجمة العذراء نفسها والإقلال من شأنها وكرامتها الموحى بها فى الكتاب المقدس، بعكس بعض البروتستانت الذين ردوا على تطرّف بعض الكاثوليك بتطرّف معاكس، فأنكروا إكرام مريم وأنها لا تمثل سوى قشرة بيضة خرج منها الكتكوت فلا قيمة للقشرة، ولا تعدو كعلبة قطيفة تحوى فى داخلها جوهرة غالية الثمن فإذا أخذنا الجوهرة لا قيمة للعلبة، كما أنكروا شفاعة العذراء والقدّيسين. وأنكروا أن العذراء دائمة البتولية، بل وتزوجت وأنجبت أولادا وإستشهدوا بعبارات إخوة يسوع المقصود بهم أبناء خالتة وأقرباؤة بأنهم إخوة أشقاء له ولدتهم مريم. ولكن بعد أن إنحسرت موجة المجادلات والنقاشات الحادّة، وعاد الجوّ الى التحاور بإعتدال ورصانة، رأى الفكر البروتستانتى حالياً ضرورة تصحيح تلك الأوضاع وإكرام العذراء مريم والدة الإله الإكرام اللائق بها. وفى الواقع أن ماكس توريان فى عام 1963 وهو أحد إخوة دير تيزيه البروتستانت نشر كتاب بعنوان: "مريم أمّ الربّ ورمز الكنيسة"، أوضح فيه نظرة الفكر البروتستانتي (الذي يدعى اليوم الإنجيلي) في مريم العذراء، ولا سيّما أفكار المصلحين الأوائل الذين انطلقت منهم مختلف الكنائس البروتستانتيّة. ولقد تطوّرت تلك الكنائس وتشعّبت كثيرًا، بحيث يستحيل تكوين فكرة واضحة عن التعليم البروتستانتى في مريم العذراء. والفكر البروتستانتي الحالى تمتّع في هذا الموضوع بكثير من الحرّية. وأن حق تفسير الكتاب المقدس مكفول للجميع، فإنتشرت مدارس تفسير الكتاب المقدس، إذ أعطى مارتن لوثر حق التفسير لكل مسيحى مؤمن حسبما يرشده الروح القدس وذلك رداً منه على تسلط الكنيسة الكاثوليكية، وإتسم الفكر البروتستانتى الحديث بأن الكتاب المقدّس هو مصدره الأوحد فى إقرار الأمور، وأن السيّد المسيح المخلّص هو محور تفكيره، والإيمان بالكتاب المقدّس وبالمسيح المخلّص هو ركيزة حياته وروحانيّته. ولا إعتراف بالتقليد أو أقوال الآباء أو تاريخ الكنيسة، لذلك ظهر في نظره كلّ ما يقال عن مريم العذراء بأنه شئ هامشى. وهب الفكر البروتستانتى إلى نقد الكاثوليك والأرثوذكسي فى المغالاة والتطرّف في إكرام العذراء، وكأنّه يخشى أن يقلل من الإكرامُ المؤدّى للعذراء مريم من الإهتمام بشخص المسيح نفسة المخلّص الأوحد والوسيط الأوحد بين الله والناس. ولكن إكرام مريم العذراء لا يقود إلى تقليل أهمّية الخلاص بالمسيح ولا إلى إنكار وحدانيّة وساطة المسيح. إنّ إكرام مريم العذراء يستند إلى كونها أمّ المسيح، وشفاعتها ترتكز على ارتباطها بوساطة المسيح. وهذه العلاقة بين مريم العذراء وابنها المسيح الربّ هي التي يؤكّدها المصلحون الأوائل، في مختلف النقاط المرتبطة بمريم العذراء. ولا شكّ أنّ الفكر البروتستانتي عرف في تطوّره مراحل كثيرة، وفي حدّة النقاش مع الكاثوليك ردّ بعض البروتستانت على تطرّف بعض الكاثوليك بتطرّف معاكس، فأنكروا إكرام مريم العذراء والقدّيسين. ولكن بعد أن انحسرت موجة المجادلات والنقاشات الحادّة، وعاد الجوّ الى التحاور باعتدال ورصانة، رأى البروتستانت ضرورة إكرام العذراء والقدّيسين، وإن بطريقة تختلف عن الطريقة المتّبعة في كنائس الكاثوليك والأرثوذكس. وهذا ما نقرأه في كتاب ماكس توريان، إذ يقول في فصل عنوانه: "مريم في الكنيسة": "مريم، حسب الإنجيل، "تطوّبها جميع الأجيال" (لو 1: 48): في الليترجيّا وفي المواعظ وفي تقوى الكنيسة. لأنّ مريم حاضرة في الكنيسة بكونها المرأة المسيحيّة الأولى، ولأنّها رمز الكنيسة، لها مكانتها في إعلان كلمة الله في الكنيسة وفي حياة المؤمنين الروحيّة. لا شكّ أنّ هذه الالتفاتة الى مريم في الكنيسة قد عرفت ولا تزال تعرف تطرّفًا قد يسيء الى عبادة الله الثالوث الذي له وحده يجب السجود. ولكنّ هذا الخوف من التطرّف يجب ألاّ يقودنا الى الصمت والى غياب مريم عن الضمير المسيحي، فيكون ذلك أيضًا عدم أمانة لإنجيل المسيح. "لقد أكّدنا، في خلال هذه الدراسة، استنادًا الى الكتاب المقدّس، كلّ ما تستطيع التقوى المسيحيّة أن تكتسبه من علم راسخ ومحيٍ في التأمّل بدعوة مريم، أمّ الربّ ورمز الكنيسة. بقي علينا هنا أن نحدّد كيف يمكن الإعلان عمّا صنعه الله في مريم أن يجد مكانه المشروع في ليترجيّا الكنيسة، وفي كرازتها، ليتاح لجميع الأجيال أن تطوّب أمّ الرب، حسب قول الكتاب المقدَّس. "للعذراء مريم مكانتها في الليترجيّا حيث يمكن أن تُعلَن، كما في الكرازة، النعمة التي صنعها الله فيها. "أو ليس الكتاب المقدّس رواية المعجزات التي حقّقها الله لشعبه ولكلّ من أفراده؟ ومريم، بكونها عضوًا متميّزًا في الكنيسة، وصورة لشعب الله الأمين والممتلئ من نعمته، يجب أن تكون المناسبة لليترجيّا لتمجّد بها الله تمجيدًا خاصًّا. ومارتن لوثر الذي حافظ على عدّة أعياد للعذراء في الليترجيّا قال في عيد البشارة في 25 آذار سنة 1539: "هذا العيد هو واحد من أهمّ الأعياد التي يمكننا الاحتفال بها كمسيحيّين. لأنّنا دعينا، كما يقول بطرس، الى أن نكون شعبًا يبشّر بعجائب الله ويعلنها". هذا هو معنى الليترجيّا التي تقام بمناسبة الأعياد التي تذكّر بدعوة مريم في تصميم الخلاص، لمجد الله وحده. إنّ حضور مريم في الليترجيّا، في بعض الأعياد الأكثر قدمًا، هو فرصة للمسيحيّين ليعلنوا، بمناسبة مريم، أمّ الربّ وصورة الكنيسة، تسابيح الذي دعاها ودعانا من الظلمة الى نوره العجيب. "إنّ ذكر الرسل والشهداء وشهود الكنيسة والعذراء مريم في الليترجيّا أمر ضروري لندرك أنّنا لسنا وحدنا في سجودنا لله وتضرّعنا له تضرّع شفاعة من أجل البشر. بل إنّ المسيح يضمّ في جسد واحد معنا كلّ "السحاب من الشهود الذي يحدق بنا". إنّ شركة القدّيسين توحّد جميع المسيحيّين في صلاة واحدة وحياة واحدة في المسيح. إنّها توحّد كنيسة اليوم وكنيسة كلّ الأزمنة، الكنيسة المجاهدة على الأرض والكنيسة المنتصرة في السماء. والكنيسة، في عراكها، بحاجة الى التطلّع الى آية سفر الرؤيا الإسختولوجية: المرأة الملتحفة بشمس الله، والكون تحت قدميها، وهي مكلّلة باثني عشر كوكبًا. هذه المرأة هي الكنيسة عينها، التي هي بالرغم من معركتها الضارية مع هذا العالم، موعودة بالمجد. والكنيسة بحاجة الى أن تشعر "بالسحاب الكثير من الشهود" يحيط بها لتسعى بثبات في ميدان المحنة المقدّمة لها (عب 12: 1). الكنيسة تسير نحو الملكوت بموكب عيد حافل: "لقد دنوتم الى جبل صهيون، والى مدينة الله الحيّ، الى أورشليم السماويّة، الى ربوات ملائكة، والى عيد حافل، الى جماعة الأبكار المكتوبين في السماوات، الى الله ديّان الجميع، الى أرواح الصدّيقين الذين بلغوا الى الكمال، الى يسوع وسيط العهد الجديد، والى دم مطهّر أبلغ منطقًا من دم هابيل" (عبرانيين 12: 22- 24). إنّ شركة القدّيسين هذه التي ترافق الكنيسة في عراكها وفي مسيرها نحو الملكوت تقوّيها في الإيمان، وتفرّحها في الرجاء، وتنعشها في المحبّة. هذا السحاب الكثيف من الشهود يذكّر الكنيسة بأنّها لا تحصى وبأنّها منتصرة في معركة تبدو وكأنّها ستغمرها. ومريم، أمّ الربّ وصورة الكنيسة، هي فرد من هذه الجماعة العظيمة من المسيحيّين، في مكان متميّز لكونها المسيحيّة الأولى الممتلئة نعمة. وهي أيضًا للكنيسة رمز أمومتها المتألّمة التي تلد المؤمنين الى حياة القيامة. إنّها مثال في الإلهي يمان والطاعة والثبات والقداسة، والكنيسة المجاهدة، وهي تتطلّع الى الكنيسة المنتصرة، ترى فيها مريم رمز انتصارها الأكيد. "إنّ أمّ الربّ يمكن للكنيسة أنّ "تطوّبها" في الذكرى الليترجيّة للأحداث الكبرى من حياتها، وذلك من خلال أعياد إنجيليّة بسيطة، في تسبيح يُرفَع لمجد الله وحده، وتقدّم لجميع المؤمنين بالمسيح مثالاً في الإيمان والطاعة والثبات والقداسة". ثمّ يذكر المؤلّف كيف حافظ مارتن لوثر على معظم أعياد العذراء ثمّ اكتفى بثلاثة منها: البشارة والزيارة وتقدمة يسوع الى الهيكل، لأنّه وجد لها مستندًا في الإنجيل المقدّس. أمّا كلفين، الأكثر تشدّدًا من بين المصلحين، فقد ألغى كلّ أعياد العذراء والرسل والقدّيسين. ويشير أخيرًا المؤلّف الى ضرورة المحافظة على أربعة من أقدم أعياد العذراء: البشارة والزيارة وتقدمة يسوع الى الهيكل ورقاد العذراء. ويختم بقوله: "ليس القصد في هذه الأعياد الأربعة إلاّ أن نرفع آيات المجد والشكر لله لأجل كلّ ما حقّقه في حياة أمّه البشريّة، ونطلب اليه نعمة اتّباع مثل العذراء مريم في إيمانها وطاعتها وثباتها وقداستها، ونفرح في شركة القدّيسين، بانتظار القيامة وملكوت الله، حيث سنحيا مع مريم وجميع القدّيسين حياة أبدية وفرحًا كاملاً". قد لا يجد الكاثوليكي أو الأرثوذكسي في هذه النظرة البروتستانتيّة الجديدة تعبيرًا كافيًا عن إيمانه بما صنعه الله في العالم بواسطة مريم العذراء. ولكنّنا نرى أنّ هذه المحاولة تقرّب وجهات النظر المختلفة التي عبّرت من خلالها كلّ كنيسة عن إيمانها بالله وبعمله الخلاصي في العالم. وهذا هو في النهاية موضوع إيماننا المسيحي الذي أعلنته الكنيسة منذ المجامع الأولى وأوجزته في قانون الإيمان النيقاوي القسطنطيني: "نؤمن بإله واحد آب ضابط الكل... وبربّ واحد يسوع المسيح... الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنّس..." إنّ إكرامنا لمريم العذراء يهدف أوّلاً الى تمجيد الله والإشادة بما صنعه "من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا"، فتجسّد بقدرة الروح القدس من مريم العذراء. ويهدف ثانيًا الى مساعدتنا على قبول هذا الخلاص الذي جاءنا به ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح المولود من مريم العذراء. وفي مسيرتنا الخلاصية هذه نتّخذ "جميع القدّيسين"، "وخصوصًا سيّدتنا الكاملة القداسة الطاهرة، الفائقة البركات المجيدة والدة الإله الدائمة البتوليّة مريم"، قدوة ومثالاً ورفقاء درب على طريق الملكوت.
المزيد
13 أغسطس 2020

«مهما قال لكم فأفعلوه» (يو2: 5)

العذراء أم النور هي أمنا جميعًا. نحن نحبها ونطلب شفاعتها عنا، وندعوها الشفيعة الأمينة المؤتمنة أمام ربنا يسوع المسيح. ومحبتنا للعذراء الطاهرة تجعلنا دائمًا نتطلع إليها ونتعلم منها وخاصة في فترة الصوم الذي يحمل اسمها المبارك. العذراء القديسة مريم لم تكتب لنا رسالة، ولكن تقدم لنا نموذج حياة طاهرة مقدسة لنقتدي بها. ومسرة قلبها نحونا أن نتجه إلى ابنها الحبيب ونطيع وصاياه، لأن طاعة الوصية هي علامة المحبة. فالسيد المسيح يقول لنا: «إنْ كنتُم تُحِبّونَني فاحفَظوا وصايايَ» (يو14: 15)، «إنْ أحَبَّني أحَدٌ يَحفَظْ كلامي، ويُحِبُّهُ أبي، وإليهِ نأتي، وعِندَهُ نَصنَعُ مَنزِلًا» (يو14: 23)... الوصية الوحيدة المذكورة في الكتاب المقدس والمنسوبة للعذراء هي «مَهما قالَ لكُمْ فافعَلوهُ» (يو2: 5)، أنها تلخّص رغبة العذراء نحونا أن نظهر محبتنا لابنها الحبيب بحفظ وصاياه. ووصية المسيح الأساسية لنا هي «هذِهِ هي وصيَّتي أنْ تُحِبّوا بَعضُكُمْ بَعضًا كما أحبَبتُكُمْ» (يو15: 12)، لأن محبة الآخرين علامة لمحبتنا لله «ولَنا هذِهِ الوَصيَّةُ مِنهُ: أنَّ مَنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أخاهُ أيضًا» (1يو4: 21). العذراء أم النور التي أحبت الله وحفظت وصاياه، قدمت لنا مثالًا لمحبة الآخرين من خلال خدمة المحتاجين. لأن المحبة الحقيقية هي المحبة بالعمل والحق «يا أولادي، لا نُحِبَّ بالكلامِ ولا باللِّسانِ، بل بالعَمَلِ والحَقِّ!» (1يو3: 18). أحبّت العذراء أهل عرس قانا الجليل، لذا ذهبت مع ابنها الحبيب لمشاركتهم فرحتهم، ولكن حدثت مشكلة إذ فرغ الخمر. لم تنتقد العذراء أهل العرس الذين لم يكونوا مستعدين لضيوفهم، ولكن فكرت كيف تساعدهم دون أن يطلب منها أحد ذلك. لذا تقدمت إلى ابنها الحبيب قائلة له «ليس لهُمْ خمرٌ» (يو2: 3). ونلاحظ أن العذراء عرضت على ابنها المشكلة وليس الحل، لقد تقدمت بثقة أنه سوف يحل المشكلة بالطريقة التي يراها مناسبة، ورغم أن إجابة المسيح لها «ما لي ولكِ يا امرأةُ؟ لَمْ تأتِ ساعَتي بَعدُ»، إلّا أنها لم تلحّ عليه أو تناقشه فيما قاله، بل بثقة تركت له الوقت والطريقة لحل المشكلة، ولأنها كانت تثق أنه سوف يفعل شيئًا لذا قالت للخدام «مَهما قالَ لكُمْ فافعَلوهُ». ماذا يفعل؟ ومتى يفعل؟ هذا أمر متروك له، ولكنها تثق أنه لن يترك هؤلاء الناس بدون مساعدة. العذراء تعلّمنا أن نعرض مشاكلنا أمام الله بثقة وإيمان، دون أن نفرض وقتًا وطريقة معيّنة للحل، فالله لديه حلول كثيرة. مريم ومرثا عرضتا على المسيح مشكلتهما «يا سيِّدُ، هوذا الّذي تُحِبُّهُ مَريضٌ» (يو11: 3). وتوقّعتا أن يأتي المسيح حالًا ليشفي المريض، ولكن المسيح ذهب بعد ستة أيام وكان لعازر قد مات ودُفِن، لذا قالت كلٍّ من الأختين للمسيح «يا سيِّدُ، لو كُنتَ ههنا لَمْ يَمُتْ أخي!» (يو11: 21، 32)، وهنا لم يشفِ المسيح لعازر من مرضه، ولكنه أقامه من موته بعد أن كان في القبر أربعة أيام. الله قادر على كل شيء، ولكنه يدبّر كل الأمور بحكمة. نعجز - نحن المحدودين - أن ندرك حكمة الله التي تفوق إدراكنا، لذا لنتعلم من العذراء مريم أن نطرح احتياجاتنا ومشاكلنا ومتاعبنا أمام إلهنا بثقة وإيمان دون كيف؟ أو متى؟ ولنقف لننظر خلاص الرب... نيافة الأنبا سرابيون مطران لوس آنجلوس
المزيد
12 أغسطس 2020

مريم العذراء فى عقيدة الأرثوذكس

تؤمن الكنيسة القبطية الأرثوذكسة بأن مريم العذراء هى الدائمة البتولية، فقد كانت مخطوبة ليوسف النجار وبعد موت يوسف النجار لم تخطب أو تتزوج من أى شخص آخر، فهى لم تعرف رجلا قط كل أيام حياتها بمعنى العلاقة الزوجية والجسدية بين الأزواج، فقد كانت مريم هى العذراء قبل الحبل بيسوع المسيح وأثناء الحبل بيسوع وظلت عذراء بعد ولادة يسوع المسيح حتى آخر يوم فى حياتها على الأرض. مكانة مريم العذراء فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية:- 1- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تكرم السيدة العذراء الإكرام اللائق بها دون مبالغة أو إقلال من شأنها. فهى القديسة المكرمة والدة الإله المطوبة من السمائيين والأرضيين, دائمة البتولية العذراء كل حين, الشفيعة المؤتمنة والمعينة, السماء الثانية الجسدانية أم النور الحقيقى التى ولدت مخلص العالم ربنا يسوع المسيح. 2- مريم العذراء هى الإنسانة الوحيدة التى إنتظر الله آلاف السنين حتى وجدها ورآها مستحقة لهذا الشرف العظيم "التجسد الإلهى" الشرف الذى شرحه الملاك جبرائيل بقوله "الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلىّ تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يدعى أبن الله" (لوقا 35: 1). لهذا قال عنها الكتاب المقدس "بنات كثيرات عملن فضلاً أما أنت ففقتِ عليهن جميعاً " (أمثال 29: 31) 3- هذه العذراء كانت القديسة كانت فى فكر الله وفى تدبيره منذ البدء ففى الخلاص الذى وعد به آدم وحواء قال لهما "أن نسل المرأة يسحق رأس الحية" (تكوين 15: 3) هذه المرأة هى العذراء ونسلها هو المسيح الذى سحق رأس الحية على الصليب. 4- تحظى مريم فتاة الله بمكانة عظمى في قلب معظم الذين انتسبوا الى المسيح المخلّص، ولها في قلوبهم محبة كبيرة. غير أن هذا لا يمنع القول ان مسيحيّي العالم -وإن قالوا، على العموم، قولا واحدا في حقيقة تجسد ابن الله الوحيد- لا يتفقون في وصف مريم وتكريمها ولا في تحديد مساهمتها في خدمة السرّ "الذي قبل الدهور". 5- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تقدم السلام للعذراء مريم بخشوع كثير واحترام كما قدمه لها الملاك ولكن بلا عبادة. 6- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تكرم العذراء كأم الاله تكريما يفوق كل كرامة لاى ملاك او رئيس ملائكة وفوق الشاروبيم والسارافيم ايضا.. ولكن تكريمنا لها يحدده قولها * هوذا انا امة الرب * فهى فى تقليدنا عبده وامة خاضعة لسلطان الله.. فكأم الاله نكرمها ونعظمها جدا ونتشفع بها، وكأنسانة لايمكن ان نعبدها. 7- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تمجد العذراء لا كملكة السماء تجلس بمفردها.. ولكن كملكة تقف عن يمين الملك *قامت الملكة عن يمين الملك* حيث الوقوف لايؤهلها للمساوة كما فى حالة المسيح حينما جلس عن يمين ابيه 8- فى التقليد الكنسى يحتم فى الايقونة القبطية ان ترسم العذراء حاملة للمسيح على ذراعها الايسر *قامت الملكة عن يمين الملك* ولاتقبل الكنيسة ان تقدم تمجيدا للعذراء بشخصها بمفرده ولكن تمجدها كعذراء وكأم معا. 9- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ترى ان مجد ام الاله مكتسب بسبب امومتها للرب يسوع، وليس طبيعيا لذلك لانقدمه لها فى شكل عبادة وانما فى صورة تكريم فائق. 10- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ترى ان نصيب مريم فى استعلان المجد العتيد سيكون غير منفصل عن جسد المسيح الذى سيجمع البشرية كلها معا كانسان كامل رأسه المسيح، غير ان نصيبها سيكون فائقا بالضرورة وعلى كل وجه انما غير منفصل عنا. 11- الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تقدم البخور لله امام ايقونة مريم العذراء الحاملة يسوع المسيح لان مريم اصبحت هى الهيكل الجديد الذى احتوى الحمل المقدس المعد للذبيحة، لذلك اصبح لائقا ان يقدم امامها بخور لله لكى تشفعه هى بصلواتها عنا.. فيرفع البخور امام الله حاملا صلواتها وصلواتنا. 12- تؤمن الكنيسة الأرثوذكسية أن العذراء بما أنها صارت أم الإله المتجسّد, فقد أصبحت أيضًا أمًّا لكلّ الذين صار ذاك الإله أخا لهم بالتجسّد: "لأَنَّ الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، فَلِهَذَا السَّبَبِ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً . فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذَلِكَ فِيهِمَا" (عبرانيين 2: 11-14). لقب مريم العذراء والدة الإله:- مريم العذراء هى "والدة الإله" theotokos، وهو اللقب الذي منحه اياها المجمع المسكوني الثالث المنعقد في افسس في العام 431م مريم العذراء هى "والدائمة البتولية" aeparthenos، وهو اللقب الذي جاء به المجمع المسكوني الخامس المنعقد في القسطنطينية في العام 553م. مريم العذراء هى "الكلية القداسة" panagia، فلم يحدَّد عقائديا، ولكنه مقبول ويستخدمه جميع الارثوذكسيين في العالم. ميزت الكنيسة الأرثوذكسية في تعليمها عن مريم بين اصطلاحي "العبادة" و"التكريم"، فهي لا تدعو، مطلقا، الى عبادة مريم كعبادة الله، وإنما تكرمها وتعظّمها لأن "إلهاً حقا وُلِدَ منها" (يوحنا الدمشقي)، وهي بذلك تطيع ما جاء على لسانها في انجيل لوقا: "ها منذ الآن (اي منذ قبولي الإلهَ في أحشائي) تكرمني جميعُ الأجيال" (لوقا 1: 48). تحمل عبارة "والدة الإله" تراثا إيمانيا ذا قيمة لاهوتية عظيمة، فاللفظة اليونانية تعني "حاملة الإله" اي التي حملت الإله في رحمها، وقد وُضعَ فحواها اولا على لسان أليصابات زوجة زكريا الشيخ التي لفظت ذاك النداء التعظيمي "من اين لي هذا أن تأتي أم ربّي اليّ؟" (لوقا 1: 41-43)، (غلاطية 4: 4)، وقد إنتشر ذلك اللقب وانتشر انتشارا واسعا منذ بدء المسيحية وفق شهادة إكليمنضس الإسكندري. استعمل لقب والدة الإله كثير من الآباء الأولين مثل: هيبوليتس، واوريجانس الذي شرحها في تفسيره للرسالة الى كنيسة رومية، وديديموس الضرير، وألكسندروس بطريرك الاسكندرية الذي خطّها في رسالة وجهها الى مجمع عُقد ضد بدعة آريوس في الاسكندرية في العام 320 (اي قبل المجمع المسكوني الاول بخمس سنوات)، وكيرلُّس الاورشليمي، وغريغوريوس النيصصي، وكيرلُّس الاسكندري وغيرهم، مما يؤكد انها كانت معروفة ورائجة قبل أن سطرها الآباء عقيدةً في مجمع أفسس. ويقول الاسقف كاليستوس (وير): إن تسمية والدة الإله "مفتاحُ العبادة الارثوذكسية الموجّهة الى العذراء"، وذلك اننا "نكرم مريم لأنها والدة إلهنا، ولا نكرمها منفصلة عنه وإنما بسبب علاقتها بالمسيح" (انظر الايقونات الارثوذكسية التي تظهرهما دائما معا، ولا تصوّر مريم من دون ابنها). ويتابع الأسقف بقوله: "إن التعليم الارثوذكسي المتعلق بوالدة الاله منبثق من تعليمها الخاص بالمسيح وحين أكد آباء مجمع أفسس (تسمية مريم بوالدة الإله)، لم يكن ذلك بقصد تمجيدها بل من اجل الحفاظ على العقيدة الحق المتعلقة بشخص المسيح"، ويخلص الى القول: "وأولئك الذين يرفضون تكريم مريم هم انفسهم اولئك الذين لا يؤمنون حقا بالتجسد". لقب "والدة الإله"، ليس لقب تكريمي فقط لمريم وإنما هو ضرورة لاهوتية تحتّمها، كما يقول القديس كيرلُّس الاسكندري، "حقيقة التجسد"، ولا يمكن لأحد أن يرفض هذه الحقيقة ويُقبَل في الإيمان الحق. فمريم هي ام الرب، وهي أمنا. لا يوجد مسيحي يقول ان مريم ولدت الاهوت، والقول أن مريم أم الله المتجسد مقصود به الناسوت وليس الاهوت. ففى مريم تمّ أولاً الاتحاد بين الله والإنسان، إذ أن ابن الله اتحد ذاته بجسد إتخذه من جسد مريم، لذلك تدعو الكنيسة العذراء "والدة الإله" لأنها ولدت الإله المتجسّد. تؤمن الكنيسة الأرثوذكسية أن منزلة العذراء تفوق الملائكة إذ قد أُهّلَتْ أن تحمل فى ذاتها ابن الله المتجسد الذى لا تسعه السموات ولا سماء السموات، فصارت هى هيكل حي للإله الذى: {لا تجسر طغمات الملائكة أن تنظر إليه}. لذلك تخاطبها الكنيسة منشدة: {يامن هى أكرم من الشاروبيم وأرفع مجدًا بغير قياس من السارافيم}، وأيضًا: {لأنه صنع مستودعك عرشًا وجعل بطنك أرحب من السماوات}.
المزيد
09 أغسطس 2020

دلائل دوام بتولية مريم العذراء

مريم العذراء هي "أمّ وبتول معًا". وهي، بحسب إيماننا المسيحي، "الدائمة البتوليّة". ويؤكّد اللاهوت والليترجيّا أنّ مريم هي بتول قبل الولادة وفي الولادة وبعد الولادة. أي إنّها حبلت بيسوع المسيح دون مباشرة رجل: تلك هي بتوليّة مريم قبل ولادتها ابنها يسوع؛ ثمّ إنّها ولدته وبقيت بتولاً: تلك هي البتولية في الولادة؛ وبعد أن ولدته لم يكن لها علاقة مع أيّ رجل: تلك هي البتوليّة بعد الولادة. إنّ ما تكرز به المسيحيّة قد يبّدو مناقضاً للعقل. ولكن ليس من أمر يستحيل على الله. فالذي في البدء وضع نواميس الحبل والولادة لدى البشر يغيّرها الآن في الحبل به وولادته، جامعًا في أمّه أروع مفخرتين تعتزّ بهما كلّ النساء: البتوليّة والأمومة. إنّ المسيحيّة، بتأكيدها حبل مريم البتولي، تهدف أوّلاً إلى إعلان إيمانها بأنّ يسوع المسيح هو أوّلاً وآخرًا "ابن الله". هذا ما يعنيه القول الأوّل من قانون الإيمان: "وتجسّد من الروح القدس". أمّا القول الثاني "ومن مريم العذراء" فيؤكّد الدور الذي تحتلّه البشريّة في سرّ التجسّد. فذكر بتوليّة مريم في قانون الإيمان هو للإشارة إلى أنّ الدور الذي أدّته البشريّة في التجسّد هو قبول عطيّة الله وليس أكثر. فباسّم البشريّة قبلته مريم دعوة الله وقالت: "ها أنا ذا أمة الربّ، فليكن لي بحسب قولك" (لوقا 1: 38). فقانون الإيمان يؤكّد إذن أمرين: أوّلاً إنّ حياة المسيح على الأرض لم تستمدّ معينها إلاّ من الله وحده، وثانيًا إنّ مريم أسهمت في هذا الحدث بقبولها عطيّة الله. (أولاً) بتولية مريم العذراء قبل الولادة: أوضح الوحى الإلهى أن مريم كانت عذراء قبل ولادة السيد المسيح: + (متى 1: 18) أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هَكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ + (لوقا 1: 26-28) 26وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ. 27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. + (متى 1: 20) وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. وعندما قال الملاك لمريم العذراء: ها أنت ستحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع. فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً (أي أنا عذراء)" + (لوقا 1: 31-34) 31وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هَذَا يَكُونُ عَظِيماً وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ. 33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». 34فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» (ثانياً) بتولية مريم العذراء أثناء الولادة: جاء فى الليترجيا البيزنطيّة: لقد تمّ اليوم عَجَب عظيم مُستغرَب: فإنّ بتولاً تلد وتبقى عذراء كما كانت. الكلمة يصير طفلاً ومن الآب لا ينفصل. الإله الكلّيّ الكمال يصير طفلاً والطفل يولد دون أن يزيل بتوليّة أمّه". وقال القدّيس إيرونيموس، وهو من أعاظم من كتب في الكتاب المقدّس: "مريم هي أمّ وبتول: بتول قبل الولادة وبتول بعد الولادة. الدهشة تغمرني: كيف من هو بتول يولد من البتول؟ وكيف بعد ولادته تبقى أمّه بتولاً؟ أتريد أن تعرف كيف ولد من عذراء وبقيت أمّه عذراء بعد الولادة؟ عندما دخل يسوع على تلاميذه من بعد قيامته "كانت الأبواب مغلقة" (يو 20: 19). لا تعرف كيف حدث ذلك لكنّك تقول: هذه قدرة الله. وكذلك عندما تعلم أنّ يسوع وُلد من عذراء وبقيت أمّه عذراء بعد الولادة قل: هذا عمل قدرة الله". لمّا خرج الطفل الإلهي من أحشاء أمّه لم ينتزع عنها صفاء مشاعرها البتوليّة، بل بالحريّ أضفى على قواها الحياتية مزيداً من الفخر والبهجة، وعلى معنى أمومتها مزيداً من الجلال والعظمة. لقد اجتمعت في مريم مشاعر البتوليّة ومشاعر الأمومة. ويهتف القدّيس غريغوريوس أسقف نيصص: "يا لَلْمعجزة الرائعة: العذراء تصير أمًّا وتبقى عذراء. لا البتوليّة حالت دون الولادة ولا الولادة أزالت البتوليّة. ولقد كان من الملائم أنّ الذي صار إنساناً لينقذ البشريّة من الفساد، يستهلّ عمله بتلك التي ولدته فيحفظها من الفساد". ثمّ يتابع قائلاً: "هذا ما سبق موسى فرآه في النار التي ألهبت العلّيقة دون أن تحرقها. فكما أنّ العلّيقة كانت ملتهبة لم تحترق، كذلك ولدت البتول النور دون أن يعتريها الفساد". فمن يقول أن مريم فقدت بتوليتها وغشاء بكارتها أثناء ولادة السيد المسيح، بدون أن يشعر هو يحد من الله غير المحود، فالله موجود فى كل مكان ولا يحده مكان والقادر على كل شىء فى إمكانه أن يخرج من رحم العذراء كما دخل دون أن يفض بكارتها، وأن يولد منها وتظل بتوليتها مختومة وهذا ما حدث فعلاً فكانت عذراء قبل الحبل وإستمرت عذراء بعد الحبل وظلت عذراء بعد الولادة. ومن ثم لقبتها الكنيسة "العذراء إلى الأبد" و "الدائمة البتولية". وكان هذا الإيمان هو إيمان الكنيسة الأولى، إيمان الرسل وخلفائهم وكان إيماناً مبنياً على الكتاب المقدس المسلم مرة للكنيسة. لقد كانت مريم العذراء بتولاً قبل أن تحمل بالسيد المسيح وأثناء الحمل بل وأثناء الولادة نفسها، وهنا أشار أشعياء النبى أن ولادة المسيح تمت بدون ألم، فقبل أن تأتى آلام الولادة للعذراء ولدت، ومن غير أن تتألم ولدت ذكراً. + (أشعياء 66: 7) قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا الطَّلْقُ وَلَدَتْ. قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهَا الْمَخَاضُ وَلَدَتْ ذَكَراً. وبولادة المسيح تحقق الفرح الذى تنبأ به أشعياء النبى لجميع الشعب + (أشعياء 66: 10) افْرَحُوا مَعَ أُورُشَلِيمَ وَابْتَهِجُوا مَعَهَا يَا جَمِيعَ مُحِبِّيهَا. + (لوقا 2: 10) فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا. فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: وفى القرن الثانى ذكر القديس إيرنياؤس نبؤة (أشعياء 66: 6-8) حيث تنبأ عن عودة الشعب الى أورشليم بطريقة ملحوظة خلال آلام صهيون مفسراً ذلك أن النبؤة تشير إلى العذراء مريم التى ولدت إبناً ذكراً بطريقة فريدة بغير آلام المخاض أى لم تفقد بتوليتها إذ يقول النبى قبل ان يأخذها الطلق ولدت قبل أن يأتى عليها المخاض ولدت ذكراً، ويعلن القديس بأن النبى قد أعلن بهذا من المنظورات، أى ميلاد الطفل من العذراء بطريقة فريدة، وبهذا يؤكد القديس بتولية القديسة مريم العذراء. والبرهان على أن العذراء كانت بتولاً أثناء الولادة هو نبؤة حزقيال النبى العظيم: + (حزقيال 44: 2) فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: [هَذَا الْبَابُ يَكُونُ مُغْلَقاً, لاَ يُفْتَحُ وَلاَ يَدْخُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ, لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ دَخَلَ مِنْهُ فَيَكُونُ مُغْلَقاً. وقال القديس جيروم: مع أن الباب كان مغلق، دخل يسوع إلى مريم، القبر الجديد المنحوت فى الصخر الذى لم يرقد فية من قبل ولا بعدة، هى من تنبأ سليمان الحكيم فى سفر النشيد عن بتوليتها الدائمة فهى مثل الجنة المغلقة والينبوع المختوم: + (نشيد الأنشاد 4: 12) أُخْتِي الْعَرُوسُ جَنَّةٌ مُغْلَقَةٌ عَيْنٌ مُقْفَلَةٌ يَنْبُوعٌ مَخْتُومٌ. فكما خرج السيد المسيح من القبر عند قيامتة وهو مغلق، وكما دخل المسيح العلية على التلاميذ بعد قيامتة والأبواب مغلقة، وكما خرجت حواء من جنب آدم، وكما جرت المياه من الصخرة، وكما يمر النور من زجاجة مليئة بالماء وينفذ إلى الجهة الأخرة دون أن يثقب الزجاجة وبدون أن يسيل الماء من الزجاجة، هكذا تمت ولادة المسيح الذى خرج من رحم العذراء مريم دون أن تفقد بكارتها وظلت عذراء. (ثالثاً) بتولية مريم العذراء بعد الولادة: 1- من ينكر بتولية مريم العذراء بعد ولادة السيد المسيح، هو بالتالى ينكر نبؤة حزقيال النبى بدوام بتولية السيدة مريم العذراء، فالرب الذى دخل من رحم العذراء، وظل مغلقا لا يدخله ابن آخر لها، وحسب نص النبؤة فإن الرئيس الرئيس (تكررت مرتين للتأكيد) وحده (المسيح)، هو يجلس فى أحشاء العذراء ليأكل في محضر الله. فيدخل من مدخله ويخرج من نفس الطريق (رحم العذراء) والباب يكون مغلق لا يدخل ولا يخرج منه إنسان لأن المسيح وحدة هو الذى دخل فيه فيكون مغلقاً. + (حزقيال 44: 1-3) "ثُمَّ أَرْجَعَنِي إِلَى طَرِيقِ بَابِ الْمَقْدِسِ الْخَارِجِيِّ الْمُتَّجِهِ لِلْمَشْرِقِ وَهُوَ مُغْلَقٌ. 2فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: [هَذَا الْبَابُ يَكُونُ مُغْلَقاً, لاَ يُفْتَحُ وَلاَ يَدْخُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ, لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ دَخَلَ مِنْهُ فَيَكُونُ مُغْلَقاً. 3اَلرَّئِيسُ الرَّئِيسُ هُوَ يَجْلِسُ فِيهِ لِيَأْكُلَ خُبْزاً أَمَامَ الرَّبِّ. مِنْ طَرِيقِ رِوَاقِ الْبَابِ يَدْخُلُ, وَمِنْ طَرِيقِهِ يَخْرُجُ» 2- عند هروب يوسف ومريم إلى مصر كان يسوع آنذاك قد قارب على السنتين، وعند الرجوع من مصر كان يسوع قد قارب على سن الخمس سنوات، ولم يذكر إسم أى إبن لمريم غير يسوع فقط، وهذا ينفى القول بان يوسف قد عرف مريم وتزوجها وأنجب منها أولاد وبنات عد ولادة يسوع: + (متى 2: 14) فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ + (متى 2: 20) قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». 21فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 3- لم يذكر الإنجيل وجود أى إخوة للمسيح حتى بلوغه 12 سنة من عمرة، أى أنه على الرغم من مكث العذراء فى بيت يوسف النجار 12 سنة، ولكن لم تنجب منه أبناء، وهذا ينفى القول بان يوسف قد عرف مريم وتزوجها وأنجب منها بعد ولادة يسوع: + (لوقا 2: 42-43) 42وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ. 43وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. 4- لم يذكر الإنجيل هؤلاء الإخوة والأقارب إلا عندما ذهب المسيح المسيح لوطنة فى بلدة الناصرة. 5- إخوة الرب هم أبناء مريم زوجة كلوبا وهى الأخت الصغيرة للسيدة مريم العذراء وكانت واقفة عند الصليب مع مريم العذراء، وبالتالى كانت أمهم على قيد الحياة وليس صحيح أنهم أولاد يوسف من زواج سابق من زوجتة المتوفية أو حتى من مريم العذراء: + (يوحنا 19: 25) "وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ". 6- من المرجح أن جملة أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ" الواردة فى (متى 13: 55)، (مرقس 6: 3) يقصد بها مريم خالتة أخت أمة مريم العذراء وبالتالى فإن أبنائها بالتبعية هم يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا، لأن الخالة والعمة فى التقليد اليهودى هى أم أيضاً. 7- من غير المعقول أن يكون لمريم العذراء كل هذا العدد من الأولاد والبنات ثم يعهد بها السيد المسيح وهو على الصليب إلى يوحنا الحبيب (يوحنا 19: 25-27)، فلاشك أن أولادها كانوا أولى بها لو كان لها اولاد!! وهى أمهم بالفعل. وقد يقول البعض معترضاً أن إخوتة لم يكونوا قد أمنوا به بعد، ولكن نرد ونقول ما علاقة هذا بذاك، فمن حيث المبدأ المقصود بإخوتة هنا هم أقرباؤة، وحتى على إفتراض زعم المعترض أنهم إخوة يسوع فعلا وأشقاؤة (حاشاً) ولم يؤمنوا به، فهل أيضا لم يؤمنوا بأمهم؟ حتى يتركوها تعيش فى منزل رجل غريب حتى وإن كان هو التلميذ الذى يحبه يسوع، هل أيضاً لم يؤمنوا بقول الله "أكرم أباك وأمك"؟ ويكسروا وصية الرب بإكرام الآب والأم، هل كان سيقبل هؤلاء الرجال الأربعة وبناتها هذا العار فى نظر الآخرين؟ بتركهم أمهم تسكن فى بيت رجل آخر!!: 8- كان يوسف خطيب مريم نجار يعمل فى مهنة النجارة: أَلَيْسَ هَذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ (متى 13: 55)، وجاء عن السيد المسيح أيضاً أنه كان نجار: أَلَيْسَ هَذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ (مرقس 6: 3)، ويذكر التقليد أن يوسف مات وكان عمر السيد المسيح يتراوح ما بين (16-19) سنة، ولا شك أن يوسف النجار علم السيد المسيح تلك المهنة ليتكسب منها قوت يومة وينفق على العذراء أمة لتغطية إحتياجات الحياة بعد ذلك، وتنفيذاً للوصية الإلهية "بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَاكُلُ خُبْزا"، وبالتالى لاشك أيضاً أن يسوع وأمة كانا يسكنان فى منزل يوسف النجار وبة مكان العمل الذى يحتوى على أدوات النجارة، وهذا دليل ضمنى على أن العذراء لم تتزوج بشخص آخر بعد وفاة يوسف بل لم تفارق منزل يوسف النجار.
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل