المقالات

07 أبريل 2025

البشارة بالتجسد الإلهي ( لوقا 1 : 26 – 35)

“وفي الشهر السادس أٌرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة، إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف واسم العذراء مريم…”[26-27]. أولاً: منذ خمسة أشهر سبق فبشَّر الملاك زكريَّا الكاهن، والآن مع بداية الشهر السادس جاء يبشِّر القدّيسة مريم، لكن شتَّان بين البشارتين. حقًا إن البشارة الأولى تمَّت داخل الهيكل أثناء العبادة الجماعيّة، رافقها زكريَّا أمام الجميع وتحدَّث عنها الكهنة، إذ تمَّت مع زميلهم الكاهن، لكن كانت بشارة بميلاد أعظم مواليد النساء يوحنا السابق خادم الكلمة؛ أما البشارة الثانية فتمَّت في بيت مجهول في قريّة فقيرة بطريقة سريّة لم يلمسها حتى صاحب البيت نفسه “يوسف النجار”، وقد كانت بشارة بتجسّد الكلمة ذاته! لقد أخلى الابن ذاته، حتى في البشارة به لم تتم به بين كهنة، ولا في داخل الهيكل، ولا على مستوى الجماعة، إنما تمَّت مع فتاة فقيرة في مكان بسيط. ثانيًا: أٌرسل الملاك إلى “عذراء مخطوبة لرجل“، لماذا لم يُرسل إلى عذراء غير مخطوبة؟ أ. يجيب العلامة أوريجينوس بأن وجود الخاطب أو رجل مريم ينزع كل شكٍ من جهتها عندما تظهر علامات الحمل عليها، ويقول القدّيس أمبروسيوس:[ربَّما لكي لا يُظن أنها زانية. ولقد وصفها الكتاب بصفتين في آن واحد، أنها زوجة وعذراء. فهي عذراءلأنها لم تعرف رجلاً، وزوجة حتى تُحفظ ممَّا قد يشوب سمعتها، فانتفاخ بطنها يشير إلى فقدان البتوليّة (في نظر الناس)هذا وقد اِختار الرب أن يشك البعض في نسبه الحقيقي عن أن يشكُّوا في طهارة والدته لم يجد داعيًا للكشف عن شخصه على حساب سمعة والدته] سبق لنا دراسة الخطبة والزواج حسب التقليد اليهودي، وكيف كانت الخطبة تعادل الزواج حاليًا في كل شيء ماخلا العلاقات الجسديّة، لهذا دعيت القدّيسة مريم “امرأة يوسف”. ب. يرى العلامة أوريجينوس نقلاً عن القدّيس أغناطيوس أن وجود يوسف يشكِّك الشيطان في أمر المولود ويُربكه من جهة التجسّد الإلهي وقد قدَّم لنا القدّيس أمبروسيوس ذات الفكر حين قال: [هناك سبب آخر لا يمكن إغفاله وهو أن رئيس هذا العالم لم يكتشف بتوليّة العذراء، فهو إذ رآها مع رجلها لم يشك في المولود منها، وقد شاء الرب أن ينزع عن رئيس هذا العالم معرفته. هذا ظهر عندما أوصى السيِّد تلاميذه ألا يقولوا لأحد أنه المسيح (مت16: 22)، كما منع الذين شفاهم من إظهاراسمه (مت5: 4) وأمر الشيَّاطين ألا تتكلَّم عن ابن الله (لو 4: 35). يؤيِّد ما ذكره الرسول أيضًا “بل نتكلَّم بحكمة الله في سّر، الحكمة المكتومة التي سبق الله فعيَّنها قبل الدهور لمجدنا، التي لم يعملها أحد من عظماء هذا الدهر، لأن لو عرفوالما صلبوا رب المجد”(1 كو 2: 7-8)… إذن لقد توارى الرب عن إبليس لأجل خلاصنا. توارى لكي ينتصر عليه، توارى عنه في التجربة، وحين كان يصرخ إليه ويلقبِّه “ابن الله” لم يؤكِّد له حقيقة لاهوته. توارى الرب أيضًا عن رؤساء البشر. وبالرغم من تردّد إبليس حين قال: “إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل”(مت 4: 6) إلا أن الأمر قد انتهى بمعرفته إيَّاه، فقد عرفتْهُ الشيَّاطين حين صرخت: “ما لنا ولك يا يسوع ابن الله أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذِّبنا؟!” (مت 8: 29).لقد عرفتْه الشيَّاطين إذ كانت تترقَّب مجيئه، أما رؤساء العالم فلم يعرفوه… استطاع الشيطان بمكر أن يكشف الأمور المكتوبة أما الذين اقتنصتهم كرامات هذا العالم فلم يستطيعوا أن يعرفوا أعمال الله.] ثالثًا: كرَّر الإنجيلي كلمة “عذراء” وكأنه أراد تأكيد عذراويَّتها ليعلن أن السيِّد المسيح ليس من زرع بشر. هذا ما أعلنه حزقيال النبي بقوله عن الباب الشرقي: “هذا الباب يكون مغلقًا لايُفتح، ولا يدخل من هإنسان، لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقًا، الرئيس، الرئيس هو يجلس فيه”(حز 44:2-3). ولذلك جاء في الطقس البيزنطي عن السيِّدة العذراء: [السلام لكَ، أيها الباب الفريد الذي عبر منه الكلمة وحده]. إنها عذراء وزوجة (عروس) في نفس الوقت، إذ تمثِّل العضو الأول في الكنيسة العذراء عروس المسيح، وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [كانت مريم الزوجة العذراء تمثِّل في آن واحد الكنيسة العروس التي بلا عيب. فالكنيسة عروس المسيح البتول، حبلت بنا بالروح القدس وولدتنا بغير ألم، ومريم حبلت بالروح لا بالزواج، وهكذا صارت تمثِّل كل الكنائس التي تثمر بالروح والنعمة، وإن كانت تتَّحد ظاهريًا تحت لواء راعٍ بشري.] يقول القدّيس أغسطينوس: [كما ولدت مريم ذاك الذي هو رأسكم، هكذا ولدتكم الكنيسة، لأن الكنيسة هي أيضًا أم وعذارء، أم في أحشاء حبنا، وعذراء في إيمانها غير المزعزع. هي أم لأمم كثيرة الذين يمثِّلون جسدًا واحدًا، وذلك على مثال العذراء أُم الكثيرين وفي نفس الوقت هي أُم للواحد]. يقول القدّيس كيرلس الكبير: [لنُطوِّب مريم دائمة البتوليّة بتسابيح الفرح، التي هي نفسها الكنيسة المقدَّسة]. رابعًا: يحدّد الإنجيل اسم المدينة التي جاء إليها الملاك ليلتقي بالقدّيسة العذراء مريم، وهى”ناصرة“. مدينة في الجليل بشمال فلسطين، تبعد 88 ميلاً شمال أورشليم، و15 ميلاً جنوب غربي طبريّة. عاش فيها القدّيس يوسف والقدّيسة العذراءمريم، وقد قضى السيِّد المسيح القسط الأوفر من الثلاثين عامًا الأولى في حياته فيها (لو 3: 23؛ مر1: 9)، فدُعيَ بالناصري (مت12: 11؛ مر 1: 24). إذ بَدَأ رسالته رفضَهُ أهلها مرّتيْن (لو 4: 28-31؛ مت 4: 13؛ 13: 54-58؛ مر 6: 1-6). تقع على تل (لو4: 29)، ولم يكن لها أهميّة تُذكر، فلم ترد في العهد القديم، ولا في وثائق الدول العظمى قبل مجيء المسيح، ولا في كتابات المؤرِّخ اليهودي يوسيفوس. لعلَّ كلمة “ناصرة” تعني “قضيب” أو”غصن”… ولهذا السبب كثيرًا ما دُعي السيِّد المسيح بالغُصن. خامسًا: جاءت تحيّة الملاك: “سلامٌ لكِ أيَّتها الممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنت في النساء”[28]. لم تكن بالتحيّة العاديّة وإنما جاءت تحيَّة فريدة، حملت كل معنى الفرح، فالكلمة اليُّونانيّة “شيريه” التي تُرجمت هنا “سلام” ورد فعلها حوالي 80 مرة في الترجمة السبعينيّة للعهد القديم، تُرجم نصفها “يفرح” والنصف الآخر استخدم للتعبير عن فرح شعب الله بعمل مثير يمس خلاصهم.وكأن القدّيسة مريم قد نالت باسم الكنيسة كلها التي هي عضو فيها فرحًا فائقًا خلال تجسّد الله الكلمة وحلوله فيها. فيما يلي بعض التعليقات للآباء على هذه التحيّة الفريدة: – انفردت بدعوتها “الممتلئة نعمة”، إذ وحدها نالت النعمة التي لم يقتنيها أحد آخر غيرها، إذ امتلأت بمواهبالنعمة. القدّيس أمبروسيوس – هذا الميلاد مطلقًا هو نعمة، فيه تمَّ الاتِّحاد، اتِّحاد الإنسان بالله، والجسد بالكلمة… لم تكن الأعمال الصالحة هي الاستحقاق لتحقيقه القدّيس أغسطينوس – التحفت بالنعمة الإلهيّة كثوب، امتلأت نفسها بالحكمة الإلهيّة، في القلب تنعَّمت بالزيجة مع الله، وتسلَّمت الله في أحشائها! الأب ثيؤدسيوس أسقف أنقرة سمعت القدّيسة مريم الملاك يقول لها: “الرب معكِ”، وكانلهذا التعبير مفهومه الخاص بالنسبة لها، فقد ذاقت معيّة الله على مستوى فريد، إذ حملت كلمة الله في أحشائها، وقدَّمت له من جسدها ودمها! “مباركة أنت في النساء”… وكما يقول العلامة أوريجينوس: [الفرح الذي بوَّق به جبرائيل لمريم نزع حكم الحزن الصادر من الله ضد حواء، [كما بدأت الخطيّة بالمرأة وبعد ذلك عبرت إلى الرجل، هكذا بدأت البشارة بالنسوة (مريم واليصابات ]. سادسًا: “فلما رأتهُ اضطربت من كلامه وفكَّرت ما عسى أن تكون هذه التحيّة. فقال لها الملاك: لاتخافي يامريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله”[29-30]. يقول القدّيس جيروم: [لقد اضطربت ولم تستطع أن تجاوبه، إذ لم يسبق لها أن قدَمت تحيّة لرجلٍ من قبل، لكنها إذ عرفته من هو أجابته، هذه هي التي كانت تخاف الحديث مع رجل، صارت تتحدَّث مع ملاك بلا خوف]. هكذا يرى كثير من الآباء أن السيِّدة العذراء كنموذج حيّ للعذارى اللواتي تكرَّسن للعبادة يسلُكن بحياءٍ شديدٍ، ولا يلتقين برجالٍ، بل يقضين حياتهنَّ في بيوتهنَّ أو في بيوت العذارى، لا يتعاملْن مع الرجال. لكننا لا نستطيع أن ننكر أن مع ما اتَّسَمت به العذراء من حياء شديد وتكريس كامل لحساب الرب، وعدم رغبتها في الزواج، كما يظهر من قولها للملاك: “كيف يكون لي هذا وأنا لست أعرف رجلاً” لكنها كانت الإنسانة الفعّالة في الجماعة المقدَّسة. فعّالة بصلواتها وتقواها، وفعّالة أيضًا بقبولها عطيّة الله الفائقة (تجسّد الكلمة في أحشائها)، وفعّالة في الخدمة، ففي أول معجزةللسيِّد المسيح طلبت منه “ليس لهم خمر”(يو 2: 3)، ورافقت السيِّد حتى الصليب، وبعد الصعود كانت مع التلاميذ تسندهم.فالبتوليّة لا تعني السلبيّة، إنما إيجابيّة الحّب الباذل المُعلن خلال العبادة والعمل، في حدود مواهب الإنسان التي يتسلّمها من الرب نفسه. لذلك يقول القدّيس أغسطينوس: [لا تكرم البتوليّة من أجل ذاتها، وإنما لانتسابها لله]. سابعًا: جاء الوعد الإلهي للقدّيسة مريم على لسان الملاك: “وها أنت ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمِّينه يسوع. هذا يكون عظيمًا وابن العلي يُدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه، ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولايكون لمُلكه نهاية”[31-33]. تمتَّعت القدّيسة مريم بهذا الحبل الإلهي، إذ تجسّد ابن العلي فيها، هذا الذي ترقبه رجال العهد القديم كملكٍ يجلس على كرسي داود ويملكأبديًا، وكمخلِّصٍ لذا يدعى “يسوع” الذي يعني “يهوه خلاصي”. – ليس من يشبه والدة الإله، فإنَّك وأنت تسكنين الأرض صرِت أُمًا للخالق. (بارالكس) لحن البركة – إن كان ابن الله قد صار ابنًا لداود، فلا تشك ياابن آدم أنك تصير ابنًا لله. إن كان الله قد نزل أعماقًا كهذه، فإنَّه لم يفعل هذا باطلاً، إنماليرفعنا للأعالي! وُلد بالجسد، لكي تولد أنت ثانية حسب الروح. وُلد من امرأة، لكي تصير أنت ابنًا لله. القدّيس يوحنا ذهبي الفم ثامنًا: إذ سمعت القدّيسة مريم الوعد الإلهي بروح التواضع وفي إيمان، دُهشت إذ كان الوعد فريدًا لم يُسمع في الكتب المقدَّسة إنسانًا ناله، لهذا تساءلت: “كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟!. فأجاب الملاك، وقال لها: الروح القدس يحلُّ عليكِ، وقوّة العليّ تظلِّلك، فلذلك أيضًا القدِّوس المولود منك يُدعى ابن الله”[34-35]. أ. يظهر من حديث العذراء أنها قد نذرت البتوليّة، فلو أنهاكانت تود الزواج لما قالت هكذا، بل تقول: “متى يكون هذا؟!” منتظرة تحقيق الوعد خلال الزواج. لقد وضعت في قلبها أن تكون بتولاً للرب، فحلّ البتول فيها، ليُقدِّس فيها بتوليّة الكنيسة الروحيّة. وكما يقول القدّيس أغسطينوس: [اليوم تحتفل الكنيسة البتول بالميلاد البتولي… فقد أكّد السيِّد المسيح بتوليّة القلب التي يريدها للكنيسة أولاً خلال بتوليّة جسد مريم. فالكنيسة وحدها هي التي تستطيع أن تكون بتولاً فقط حين ترتبط بعريس، ألا وهو ابن البتول، إذ تقدِّم له ذاتها تمامًا]. ب. يقول القدّيس أمبروسيوس: [لم ترفض مريم الإيمان بكلام الملاك، ولا اعتذرت عن قبوله، بل أبدت استعدادها له، أما عبارة: “كيف يكون هذا؟”فلن تنم عن الشك في الأمر قط، إنما هو تساؤل عن كيفيّة إتمام الأمر… إنها تحاول أن تجد حلاً للقضيّة… فمن حقِّها أن تعرف كيف تتم الولادة الإعجازيّة العجيبة.] لذلك جاءت إجابة الملاك لها تكشف عن سرّ عمل الله فيها لتحقيق هذه الولادة: “الروح القدس يحلُّ عليك، وقوّة العليِّ تظلِّلك ،فلذلك أيضًا القدِّوس المولود منك يُدعى ابن الله“. الروح القدس يحلُّ عليها لتقديسها، روحًا وجسدًا، فتتهيَّأ لعمل الآب الذي يُرسل ابنه في أحشائها يتجسّد منها. حقًا يا له من سرّ إلهي فائق فيه يًعلن الله حبُّه العجيب للإنسان وتكريمه له! أما هذا الإعلان أحنت رأسها بالطاعة لتقول: “هوذا أنا أَمَة الرب ليكن لي كقولك”[38]. شك زكريَّا الكاهن في إنجاب زوجته، والبتول آمنت، وفي طاعتها قبِلت عمل الله، وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [لقد سَمت بإيمانها على الكاهن؛ فالكاهن أخطأ وتوارى، والعذراء قامت بإصلاح الخطأ.] هكذا صمت زكريَّا بسبب شكِّه وحملت العذراء بالكلمة المتجسّد أو النطق الإلهي الذي لن يصمت. يرى القدّيس إيريناؤس أن طاعة القدّيسة مريم قد حلَّت موضع عِصيان أُمِّها حواء؛ الأخيرة بعِصيانها عقَّدت الأمر، وجاءت ابنتها تحِل العقدة بالطاعة. ويرى اللاهوتيون أنه في هذه اللحظات التي قدَّمت الطاعة لله والخضوع قبلت التجسُّد، إذ لم يكن ممكنًا أن يتم التجسّد بغير إرادتها وقبولها للعمل، إذ يقدِّس الله الحريّة الإنسانيّة. يقول القدّيس أمبروسيوس: [إنها تصف نفسها أَمَة للرب مع أنها اُختيرت أُمًا له، فإنَّ الوعد الذي تحقّق لم يُسقطها في الكبرياء.] ويقول القدّيس أغسطينوس أن السيِّد المسيح المتواضع لا يُعلِّم أُمة في الحبل به- الكبرياء بل التواضع! القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن كنيسة مارجرجس اسبوىتج
المزيد
27 يناير 2025

نظرة إنجيلية الحركات البتولية والرهبنة

التعرف على طريق خلاصنا كثيرًا ما يتساءل البعض: ما هو طريق خلاصي؟ هل أسلك في التكريس وأنا في العالم وأعمل للإنفاق على معيشتي؟ أم ألتحق ببيت للتكريس لأبذل كل طاقاتي ومواهبي لحساب ملكوت الله، ولا أرتبك بالتزامات مادية؟ أم أخدم في سلك الكهنوت أو سلك الرهبنة؟ أم أسلك في البتولية وأنا متزوج؟ أم أشهد لإنجيل المسيح وأنا متزوج ولي أسرة؟ لا يستطيع أب الاعتراف أن يختار للمعترف طريقًا مُعينًا، ولا يجوز له ذلك، ففي كل هذه الفئات يوجد قديسون، بل صاروا أشبه بملائكة الله، وأيضًا وجد من بين هذه الفئات من انحرفوا وهلكوا. ما يهم الشخص وأب الاعتراف هو أن يكون "إنسان الله" يليق بالمؤمن كما بأب اعترافه السعي نحو الجوانب الإيجابية وأيضًا التحذير من الجوانب السلبية وما يجب تأكيده أن المسيح نفسه هو الطريق الحقيقي المؤدي إلى الحياة (يوحنا ١٤: ٦)، فما يشغل المكرس ليس شكل الطريق فحسب، إنما هل يسير في رفقة المسيح؟ هل يراه في كل خطوة يخطوها أينما ذهب؟ ليس المهم الطريق المادي إنما الصراخ إلى الله أين أنت؟ عرفني الطريق إلى صدرك؟ أريد أن أتكئ عليه كيوحنا الحبيب حيثما تسير أذهب معك إن ذهبت إلى جبل التجلي أرى مجدك هناك وإن ذهبت إلى جثسيماني فاسمح لي أن أقترب إليك وأصلي معك هناك الصلاة الحارة وإن ذهبت إلى الإقرانيون فخذني معك لأحمل الصليب معك عند القبر الفارغ أختبر معك قوة القيامة أختبر سلطانك ونصرتك على الطبيعة يا ضابط الكل" ما يشغلني ليس أين أذهب إنما أن أكون في حضن مسيحي، الطريق الحقيقي المشبع لاحتياجاتي. الجوانب الإيجابية ١. أن يدرك المؤمن أنه مدعو أن يحمل أيقونة المسيح في أعماقه وأن يتشبه بالسمائيين، سواء كان كاهنا أو راهبًا أو بتولاً أو متزوجا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم [يجب أن تتوقوا إلى السماء، والأمور التي في السماء، بل حتى قبل الدخول في السماء فقد أمرنا أن نجعل الأرض سماءً، وأن نتصرف ونتحدث في كل الأمور كما لو كُنا نتحدث هناك، بينما نحن على الأرض هذا أيضًا يجب أن يكون غاية صلاتنا التي نقدمها للرب فلا شيء يُعيق وصولنا إلى كمال القوى العلوية لأننا نقطن على الأرض إنما من الممكن حتى ونحن نسكن هنا أن نفعل كل شيء كما لو كنا قاطنين سلفا في الأعالي ] لم يكن هذا الحديث موجها للكهنة والرهبان والبتوليين فحسب بل لكل المؤمنين.ما جذب البشرية للإيمان المسيحي، أنهم رأوا الكنيسة اشبه بالسماء على الأرض. لقد تطلع القديس يوحنا الذهبي الفم إلى حركات الرهبنة في مصر فقال[ السماء بكل خوارس كواكبها ليست في بهاء برية مصر الممتلئة من قلالي النساك ] وبهر القديس يوحنا كاسيان وغيره من رجال الغرب الذين جاءوا إلى مصر ورأوا البراري قد تحولت إلى فراديس مملوءة فرحًا عبر عن ذلك بقوله إنه إذ عبر من الإسكندرية حتى أقصى جنوب مصر، كان يسمع صوت التهليل يصدر عن الأديرة والقلالي والمغاير حتى تساءل: تُرى هل هؤلاء ملائكة نزلوا على الأرض أم أناس ارتفعوا إلى السماء؟! ٢. يدعونا القديس باسيليوس الكبير في القانون الثمانين من كتاب الأخلاقيات، أن ندرك سمات المسيحي ومركزه الحقيقي فنسلك بما يليق بنا خلال نعمة الله، أيا كان وضعنا في هذا العالم. فإننا تلاميذ المسيح، وقطيعه، وأغصان في الكرمة، وأعضاء المسيح، وعروس المسيح، وهيكل الله، وذبيحة الله، أبناء الله، نور العالم، ملح الأرض، ثابتون في الرجاء في الحياة الحقيقية، مؤتمنون على الشهادة للإنجيل، معلنون عن ملكوت السماوات نموذج وقانون للتقوى، كعين بالنسبة للجسد. فلا يستخف المؤمن بدوره، لأن نعمة الله تعمل به ما يبدو مستحيلاً. ٣. أن يسلك بروح الرجاء والفرح. يقول القديس أنطونيوس الكبير : [النفس دائما تتربى بهذا الفرح وتسعد به، وبه تصعد إلى السماء، فهي كالجسد لها غذاؤها الروحي.] ٤. السؤال المستمر لله ما دمنا في الجسد : لماذا خلقتني؟ وما هي خطتك من نحوي؟ وكيف أُحَقِّقها؟ ٥- تكريس فترات صوم وصلاة ومطانيات لكي يقودنا روح الله القدوس إلى التمتع بشركة أعمق مع مسيحنا القدوس فنكتشف خطة الله لخلاص نفوسنا وخلاص العالم كله. الجوانب السلبية ١. أخطر ما في حياة المؤمن التذبذب بين طريق وآخر مع الشعور بالفشل كلما دخل طريقا وحسب أنه ليس من الله، مما يُسَبِّب له حالة من الإحباط. ٢- يلزم عدم الإنشغال بالمظهر والرسميات، متذكرين قول الرب لإيليا النبي: وقد أبقيتُ في إسرائيل سبعة آلاف، كُلُّ الرُّكَبِ الَّتِي لَمْ تَجِتُ للبَعْلِ وَكُلُّ فَمٍ لَمْ يُقَبِّلُهُ» (ملوك الأول ۱۹: ۱۸). هم خورس الأبرار المجهولين من الناس والمعروفين من الله. حتى اليوم يوجد كثيرون يعيشون البتولية الناجحة، والعالم لا يعرفهم. ٣- يلزم عدم تصيد الأخطاء للآخرين، والنظر إليهم أنهم أساءوا اختيار الطريق. الراهب هو ذلك الإنسان الذي لا يدع ضميره يلومه في أمر من الأمور (الأنبا أغاثون) القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن كنيسة مارجرجس اسبورتنج
المزيد
11 يناير 2025

قتل أطفال بيت لحم والهروب إلى مصر

بسبب ميلادك يا واهب الحياة للكل ذبُح الأطفال! فلأنك أيها الملك ربنا رب الملوك ستذبح،من أجلك في غباوة ذبح الطاغية رهائن! الحمام في هديره صار يتأوه،لأن الحية (هيرودس) أهلكت صغارها! الصقر طار إلى مصر لينزل فيها،وتتحقق المواعيد! فرحت مصر به أنه جاء، فترد له دينها الذي سقطت فيه مع أبناء يوسف لقد عاد لعمل ويسٌد الدين لأبناء يوسف مبارك هذا الذي من مصر دُعي! كان الكتبة يقرأون يوميًا أن كوكبًا يشرق من يعقوب،فكان لهذا الشعب الصوت والقراءة،أما الأمم فكان لهم ظهور النجم وتفسير النبوة! كانت لهم الأسفار أما نحن فصارت لنا الوقائع! كانت لهم الأغصان، أما نحن فلنا الثمار! كان الكتبة يقرأون فيما هو مكتوب،والمجوس رأوا ما قد حدث استضاءة النجم المقروء عنه! مبارك هذا الذي سلمنا كتبهم! حملق الطاغية في المجوس عندما سألوا عن ابن الملك،وبينما كان قلبه متكدرًا تظاهر بالفرح! أرسل مع الحملان ذئابًا حتى يقتلوا "حمل الله" أجابه المجوس "عندما ترسل معنا خدامك، يخفي النجم عنا لمعانه، وتختفي عنا طرقه"،دون أن يعلم المباركون أن الملك يريد إرسال أعداء ألداء قتلة،لهم صورة المتعبدين،حتى يفسدوا الثمرة الحلوة التي يأكل منها المر فيصير حلوًا! عندما تسلم المجوس وصية منه أن يذهبوا ويبحثوا عن الطفل،كُتب عنهم أنهم رأوا النجم اللامع وابتهجوا! وهكذا عُرف أنه كان قد اختفي عنهم، لذلك ابتهجوا برؤيته لقد اختفى النجم ومنع القتلة،ثم ظهر ودعا العابدين لقد ألقى بجماعة (المجرمين) وجاء بأخرى! مبارك هذا الذي أنتصر في كلى الجماعتين! كيف أفلت "الطفل" من الرجل الفظ الذي قتل كل الأطفال؟! لقد عاقته العدالة عن تنفيذ أفكاره بأن يعود المجوس إليه وبينما بقى منتظرًا أن يلقي القبض على المعبود وعابديه،أفلت الكل من يديه! هرب العابدون بتقدماتهم من الطاغية إلى ابن الملك المجد لذلك الذي يعرف كل المشورات! إذ نام المجوس الذين بلا لوم، تأملوا في فراشهم،وصار النوم لهم كمرآة، وظهر لهم حلمًا كنورٍ؛رأوا فيه القاتل فارتعبوا، إذ لمع أمامهم غدره وسيفه لقد علم الناس الغدر، وسن سيفه للقطع، أما "الساهر" فعلم نائميه مبارك ذاك الذي يهب حكمة للبسطاء! البسطاء الذين يؤمنون يعرفون مجيئين للسيد المسيح،أما الكتبة الأغبياء فلم يدركوا حتى مجيئًا واحدًا الأمم ينالون حياة من مجيئه الأول، ويقومون في المجيء الثاني! الشعب الذي أعمى ذهنه، تشتتوا بمجيئه الأول، وينزع بالمجيء الثاني! مبارك الملك الذي جاء وسيجيء! أعلن الأنبياء عن ميلاده، لكنهم لم يوضحوا تمامًا وقت مجيئه! لقد أرسل المجوس، الذين وأظهروا وقته لكن المجوس الذين عرفوا الوقت لم يكونوا يعرفوا من هو هذا الطفل فإذا بنجم عظيم في نوره يظهر بمسيره، من هو هذا الطفل؟! وكم كان نسبه جليلًا؟! مبارك هذا الذي عُرف بواسطتهم جميعًا! لقد احتقر (اليهود الأشرار) بوق إشعياء الذي تغنى بكهنوته! لقد أسكتوا قيثارة الروح التي تغنت بملكوته! وفي صمت عميق أغلقوا على الميلاد العظيم،فإذا بالأصوات العلوية تصرخ مع الأصوات التي من أسفل مبارك هو هذا الذي ظهر في وسط صمت عميق! الكتبة صمتوا في حسدٍ،والفريسيون سكتوا في غيرة،ومتحجرو القلب (المجوس) صرخوا مقدمين تسبيحًا! أنشدوا في حضرة "حجر الزاوية"، الذي احتقره (اليهود)،وقد صار رأسًا (للزاوية) صارت القلوب الحجرية لحمية بواسطة "حجر الزاوية"وصارت لها أفواه تسبح،إذ جاءت الحجارة تنطق أمام "حجر الزاوية"مبارك هو ميلادك الذي جعل الحجارة تنطق! القمص تادرس يعقوب ملطي عن كتاب من تسابيح الميلاد للقديس مار أفرام السرياني
المزيد
28 سبتمبر 2024

عيد الصليب المجيد طريق العريس السماوي

رأينا في عيد النيروز دعوة تقدمها الكنيسة لكل المؤمنين، بل ولكل البشرية بكل فئاتها كي ينضم الكل إلى موكب العرس السماوي. الآن إذ تلتهب قلوبنا شوقاً أن نكون أعضاء في العروس السماوية الممجدة، نتساءل: ما هو الطريق الذي نسلكه ونحن في صحبة العريس السماوي؟ تأتي الإجابة السريعة والفعالة: أن نحتفل بعيد الصليب، فنكون في صحبة المصلوب، نسلك فيه (كولوسي (٢: ٦) ونترنم عمليا : " مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في" (غلاطية ٢٠:٢). كيف تحتفل بعيد الصليب قيل عن السيد المسيح "من أجل السرور الموضوع أمامه، احتمل الصليب مستهينا بالخزي" (عبرانيين (۱۲ :۲). يبدأ الاحتفال بأن تدرك غاية صلبنا مع المسيح، فتتهلل نفوسنا به وفيه ومعه، نصلب ونتألم لا لأنه حلت بنا ضيقة مصادفة كما يظن البعض، أو بسبب عنف الآخرين ضدنا، إنما ندرك أنه لا يحل بنا إلا ما يسمح به الرب وبسلطان منه فتلمس رعايته وحكمته وقدرته نشكره كصانع الخيرات ونسبحه ونصلي من أجل خلاص العالم، خاصة المضايقين لنا. يدعو القديس مار يعقوب السروجي جبل الجلجثة «جبل العرس» فقد علق العريس على الصليب ليقدم دمه مهرا لعروسه. لقد ركب مركبة الصليب وانطلق إلى الجحيم ليحرر مؤمنيه،وينطلق بهم إلى الفردوس هكذا يليق بنا ألا نركز أبصارنا على آلام الصليب، بل على أمجاده حيث تنعم بالمصلوب واهب الحياة المقامة كعربون للأبدية. عار الصليب وجاذبيته صليب ربنا يسوع في الظاهر عار، أما من يدرك جوهره فيجده جذابا للغاية تطلع إليه إشعياء النبي منذ حوالي ۷۳۰ ق .م فقال: «لا صورة له ولا جمال فتنظر إليه، ولا منظر فتشتهيه» (إشعياء ٢:٥٣). ويقول الرسول: ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة، واليونانيين جهالة (كورنثوس الأولى (۱ :۲۳) فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله (كورنثوس الأولى١ : ۱۸). الصليب ضعف وقوة يظهر المصلوب كمن في ضعف شديد قيل له في سخرية: «خلص نفسك وانزل عن الصليب » (مرقس ١٥: ۳۰) بينما وهبنا الصليب نصرة على الشيطان وقواته، إذ قيل «شهر بالرئاسات والقوات، ووهبنا الغلبة عليهم به »( كولوسي ۲ :١٥). بالصليب سخروا به، بينما بالصليب قدم ديماس اللص تسبحة مبهجة. بالصليب مات السيد المسيح بينما وهب المصلوب الحرية للأموات. بالصليب بكى تابعوه، وفي نفس الوقت خلص الذين في الجحيم. بالصليب حدث شعور بالعزلة، بينما تحققت مصالحة بين الآب والبشر وبين البشر وبعضهم البعض. بالصليب تعرى المصلوب، بينما جعل منا ثياب البر. بالصليب ابطال الكهنوت اللاوى واقامة كهنوت سماوي. القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن كنيسة مار جرجس سبورتنج
المزيد
14 مايو 2024

فترة الخماسين وفرح الأفراح

كثيرًا ما نربط الفترة ما بين الصوم الكبير وعيد الصعود، فنشعر أنها فترة انتعاش روحي أشبه بدينمو يولد فينا شوقا إلى رؤية الرب الذي يرافقنا رحلة حياتنا بآلامها وأفراحها ليرفع قلبنا وفكرنا إلى السماء . للأسف ويشعر البعض أن فترة الخماسين تتسم بالخمول. كم سررت حين قال لي أحد الأحباء: «أشعر بفرح شديد في فترة الخماسين، ولست أبالغ إن قلت إن حياتي فيها أكثر التهاباً بحب السماوي من فترة الصوم المقدس».المؤمن الذي في صحبة رب المجد يجد في كل مرحلة من مراحل هذه الفترة المتناغمة أنها فترة فريدة ، لها عذوبتها الروحية، ودورها في اتحادنا مع الرب، وتذوقنا لخبرة الحياة السماوية. وإني أود أن أبرز الارتباط بين فترة الصوم وفترة الخماسين المقدسة. . في فترة الصوم الأربعيني نشتهي أن نتشبه بموسى وإيليا النبيين اللذين مارسا الصوم الأربعيني فتأهلا للتمتع بالتجلي على جبل تابور (متى ١:١٧-١٣) . في فترة أسبوع البصخة، تهلل قلوبنا بمرافقتها للمسيح المتألم المصلوب الراقد بين الأموات والقائم ليقيم المؤمنين من موت الخطية مع سحق رأس التنين، الآن في فترة الخماسين تتهلل نفس المؤمن بصعود أعماقه كما إلى السماء. مع كل صباح نتذوق مراحمه الجديدة مراثي (۳ :۲۲) ونتغنى مع إرميا النبي «نصيبي هو الرب قالت نفسي (مراثي ٣:٢٤). نحسب كل يوم بداية جديدة لرؤية السماوي في أعماقنا ! خلال تداريب الصوم والمطانيات نقدم ذبيحة حب ومحرقة روحية للرب، فنشتهي أن نكون كإبراهيم الذي قدم ابنه الحبيب المطيع بسرور محرقة للرب. وفي فترة الخماسين نتذوق خبرة عمل روح الله القدوس الذي يصعد أعماقنا يوميًا فتنعم بالشركة مع الثالوث القدوس، ويصير العالم كله نفاية لنربح مسيحنا (فيلبي (۳ :۸) مع أبيه الصالح والروح القدس . فترة الخماسين ترمومتر روحي يكشف أن حبنا للرب يرفعنا فوق كل الشهوات الزمنية. الصوم يسندنا في البذل بسرور، وفترة الخماسين تهبنا خبرة فرح الرب، ننعم به، بل ونشتهي أن ينعم العالم كله بفرح الروح . تدعونا فترة الخماسين للتمتع بخبرة الرجاء المفرح. فإن كان الصوم يدعونا أن ترتبط بالإيمان لنسلك في الطريق، ففترة الخماسين تدعونا للارتباط بالرجاء، فنسر بالمتاعب من أجل الأبدية التي تعلن عمليا في داخلنا، حتى تبلغ إلى أورشليم العليا، مدينة الله الكلي الحب! تدريب عملي قبل كل صلاة يرفع المؤمن قلبه، قائلاً: «هب لي أن ينطلق قلبي وفكري وعواطفي إلى سماواتك». القمص تادرس يعقوب ملطى كاهن كنيسة مار جرجس سبورتنج
المزيد
22 فبراير 2024

أبا كراجون الشهيد

كان من أهل البنوان وكان أولاً لصًا فاتفق معه شابان في اللصوصية، ومضوا إلى قلاية راهب فوجدوه ساهرًا في الصلاة. انتظروا إلى أن ينتهي من الصلاة ويرقد، ولكنه ظل واقفًا يصلى حتى انحلّت قلوبهم وجزعوا. وفى الصباح خرج إليهم الشيخ فخرّوا ساجدين أمامه وألقوا سيوفهم فوعظهم وعلّمهم ثم ترهَّبوا عنده.أما القديس أبا كراجون فقد أجهد نفسه في عبادات كثيرة وتنبأ له الشيخ أنه سينال إكليل الشهادة على اسم المسيح، وقد تم قوله إذ أنه بعد ست سنوات أثار الشيطان الاضطهاد على الكنيسة فودع القديس أبيه وأخذ بركته ومضى إلى نقيوس واعترف باسم السيد المسيح أمام الوالي المعين من قِبَل مكسيميانوس قيصر، فعذبه كثيرًا ثم أخذه معه إلى الإسكندرية وهناك عذّبوه إذ علّقوه في صاري مركب خمس دفعات والحبال تتقطع. فوضعوه في زِق من جلد وطرحوه في البحر فأخرجه ملاك الرب من الماء وأمره أن يمضى إلى سمنود، فمرّ في طريقه على بلدة البنوان فعرفه أهلها وكان كل من به مرض يحضر إليه فيُشفى بصلاته. ولما وصل إلى سمنود أجرى الله على يديه جملة عجائب منها أنه أقام بصلاته ابنة الوزير يسطس من الموت، فآمن الوزير وزوجته وكل جنوده ونالوا إكليل الشهادة وكان عددهم تسعمائة خمسة وثلاثين رجلاً. أما القديس فقد أرسلوه إلى الإسكندرية وبعد أن ساموه العذاب بمختلف الأنواع قطعوا رأسه ونال إكليل الشهادة، فظهر ملاك الرب لقسٍ من منوف في رؤيا وعرفه عن مكان جسد القديس فأتى وأخذه، وبعد انقضاء زمن الاضطهاد بنوا له كنيسة على اسمه في البنوان ووضعوا جسده بها. القمص تادرس يعقوب كاهن كنيسة مارجرجس سبورتنج عن كتاب قاموس أباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية
المزيد
15 فبراير 2024

أبا آري الشطانوفي الشهيد

كان أبا آري Ariكاهنًا بقرية شطانوف التابعة لبشاتيPchati، بشاتي بالقبطية هي "نيقيوس" مكانها حاليًا زاوية رزين مركز منوف، كانت أسقفية قديمة جدًا اتسم هذا الأب بحياة تقوية مقدسة، وحب شديد لرعية المسيح الذي وهبه عطية شفاء المرضى وإخراج الشياطين، بل وكان يرى ملاك الرب عن يمين المذبح أثناء ممارسته سر الأفخارستيا (القداس الإلهي). مواجهته الأضطهاد في عهد دقلديانوس أرسل حاكم بشاتي إلى أبا آري جماعة من الجند يأتون به إليه، وإذ عاد وجد الحاكم جالسًا في منصة القضاء يحاور المسيحيين دهش الوالي عند رؤيته للكاهن إذ شعر بمهابته، فسأله أن يذبح للآلهة فيهبه كرامات كثيرة وعظيمة. أما القديس فأخذ يستخف بهذه الوعود معلنًا إيمانه بالسيد المسيح تعرض القديس للجلد بعنف وقسوة، فظهر له المخلص يعزيه قائلاً له: "تشجع يا مختاري أبا آري، تشجع في الجهاد الحسن، فإن ميراثًا عظيمًا محفوظ لك في السماوات مع كل القديسين من أجل أتعاب شهادتك والآلام التي سوف تتحملها من أجل اسمي"، ثم لمس السيد المسيح جسمه فشفاه رأى الكثيرون هذا المنظر وسمعوا الحديث الإلهي فهتفوا معلنين إيمانهم، فاغتاظ الحاكم وأمر بسجنه. وفي اليوم التالي إذ اُستدعي وُجد في السجن يرتل ويسبح الله. أمر الحكم بطرحه في مرجل به زيت وأشعلوا النار تحته، لكن الله أرسل رئيس الملائكة ميخائيل وخلصه. في الإسكندرية بعثه الحاكم إلى أرمانيوس والي الإسكندرية حتى يبعده عن شعبه ولا يستميل الكثير من أهل المنطقة للإيمان، وقد تعرض هناك لعذابات كثيرة.إذ رأى السجان نعمة الله عاملة في هذا الكاهن جاء إليه بابنه الأعمى وسأله أن يصلي من أجله ويضع يديه على رأسه، وبالفعل انفتحت عينا الابن.سمع أرمانيوس بما حدث، وكيف جذب كثير من الوثنيين إلى الإيمان وهو في السجن، فاستدعاه وصار يعذبه حتى ألقاه في أتون نار متقد والرب أنقذه.صغر الوالي في عيني نفسه جدًا، وأمر بقطع رأس القديس آري. عندئذ رفع الأب القديس ذراعيه وصلى وسجد ثلاث مرات وسلم عنقه للسياف، وكان ذلك في منطقة تتيادورون Tatiadoron جنوب المدينة.بعد استشهاده حمله يوليوس في أكفان جديدة إلى شطانوف كطلب الشهيد نفسه حيث استقبله شعبه بالتسابيح. تعيد له الكنيسة في التاسع من شهر مسرى. القمص تادرس يعقوب كاهن كنيسة مارجرجس سبورتنج عن كتاب قاموس أباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية
المزيد
08 فبراير 2024

أبا أبيللين

نسكه يحدثنا القديس جيروم عن راهب التقى به يدعى أبيللين Abba Apellen عُرف بنسكه الشديد، وأيضًا وُهب عمل المعجزات بطريقة خارقة من أجل بساطة قلبه.قال عنه أنه في مرات كثيرة إذ كان يتحدث مع الإخوة في بساطة عن صنع المعجزات بكونها أمرًا سهلاً بالنسبة لهم، كثيرًا ما كان يضع النار في حضنه ولا يحترق. وكان يقول لهم: "إن كنتم بالحق خدام الله اظهروا ذلك بالمعجزات العجيبة".عُرف بنسكه الشديد منذ صباه، أحيانًا متى كان في البرية وحده، تثور فيه شهوة أكل العسل فيجد عسل النحل على صخرة، لكنه كان يمتنع، قائلاً في نفسه: "ابتعدي عني أيتها الشهوة الشريرة، فقد كُتب: اسلكوا في الروح ولا تكملوا شهوة الجسد" (غلا 5: 16)، ويترك عسل النحل على الصخرة ويرحل.حدث مرة أن صام ثلاثة أسابيع في البرية، فوجد الفاكهة تحته، عندئذ قال: "لن أذقها ولا ألمسها لئلا أسيء إلى أخي أي إلى نفسي (أي يعثر جسده)، إذ هو مكتوب: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" (مت 4: 4)، وصام أسبوعًا آخر، ونام قليلاً ليرى في حلم ملاكًا يقول له: "قم وكلّ ما استطعت". عندئذ قام فوجد ينبوع ماء وخضراوات حوله أكثر مما كان يطلب، عندئذ شرب ماء وأكل أعشابًا خضر، وهو يقول: "لا أجد ما هو أحلى وأبهج من ذلك في أي مكان!". عندئذ وجد في ذلك الموضع كهفًا صغيرًا سكن فيه أيامًا قليلة بلا طعام، وإذ بدأ يشعر بالجوع ركع وصلى فوجد طعامه بجانبه: خبزًا ساخنًا وزيتونًا وفاكهة متنوعة. استخدامه لتيس قال أيضًا القديس جيروم أنه كان يفتقد الإخوة الذين كانوا يعيشون بالقرب منه في البرية من حين إلى آخر. في إحدى المرات كان مشتاقًا أن ينطلق إلى بريته، وأن يحمل بعض البركات الضرورية التي قدمها له الإخوة، وإذ كان سائرًا في الطريق وجد بعض التيوس تأكل فقال لهم: "باسم يسوع المسيح ليأتِ أحدكم ويحمل هذا الحمل"، وللحال جاءه تيس منهم، فوضع يديه على ظهره وجلس عليه، وسار به إلى مغارته في يوم واحد.في دفعة أخرى نشر الطوباوي خبزه في الشمس، وإذ جاءت الحيوانات المفترسة كالعادة تشرب من ينبوع الماء، فإن كل حيوان اقترب من الخبز مات. عبوره النيل على ظهر تمساح في مناسبة أخرى ذهب إلى جماعة رهبان في أول الأسبوع فوجدهم لا يتممون الأسرار المقدسة، فانتهرهم قائلاً: "لماذا لا تتممون الخدمة؟" أجابوا: "لأنه لم يأت إلينا كاهن من عبر النهر"، عندئذ قال لهم: "إني أذهب واستدعيه" أجابوه: "يستحيل أن يعبر شخص النهر من أجل عمقه ومن أجل التماسيح التي تقتل البشر". أما هو فذهب قليلاً إلى حيث المكان الذي منه يتم العبور عادة، وقد جلس على ظهر تمساح وعبر. وإذ وجد الكاهن أن أبيللين يرتدي ثيابًا قديمة ومهلهلة تعجب لاتضاعه وفقر مظهره، ثم تبعه. جاء إلى النهر ولم يجد الكاهن قاربًا يعبر به، وإذ بأبيللين ينادي التمساح بصوته فأطاع وجاء إليه، وكان مستعدًا ليحمل على ظهره الرجل القديس. توسل الطوباوي لدى الكاهن أن يأتي ويجلس معه على ظهر التمساح لكنه خاف وتراجع. أما الإخوة الساكنون في الجانب الآخر فإنهم إذ رأوا الطوباوي يجلس على ظهر التمساح في الماء، وقد عبر به إلى البر وخرج خافوا.قال الطوباوي للتمساح: "إنك قتلت كثيرين لذلك فالموت هو أفضل شيء لك"، وللحال مات الحيوان (دون أن يمسه أحد). معرفته الأسرار الداخلية يذكر القديس جيروم أن هذا الأب جلس مع الإخوة ثلاثة أيام، وكان يحدثهم عن الوصايا، وقد كشف لكل إنسان خطيته الداخلية في صراحة مملوءة محبة، فدهش الكل من أجل صدق معرفته لأسرارهم الداخلية.كما روى لنا بعض قصص لنبوات نطق بها تحققت. ثقته العجيبة في أبوة الله في قامته الروحية العالية عاش بلا همّ، يثق في أبوة الله ورعايته له. ففي إحدى المناسبات إذ كان الإخوة في المغارة لم يكن يوجد طعام، وإذ بملاك الرب يظهر في شكل أخ يحضر طعامًا في الحال... وقد تكرر ذلك بصورة مختلفة. القمص تادرس يعقوب كاهن كنيسة مارجرجس سبورتنج عن كتاب قاموس أباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية
المزيد
01 فبراير 2024

تعبيرات كنسية

1. أبا Abbot, Abbé يُعطى هذا اللقب لبعض الشخصيات الرهبانية كرؤساء الأديرة أو من له تلاميذ في الحياة الرهبانية. الكلمة مأخوذة عن الآرامية "أبا Abba" تعني "أب Father"، أُستخدمت في العهد الجديد 3 مرات: (مر 14: 36؛ رو 8: 15؛ غلا 4: 6) تستخدم أحيانًا كلمة "أنبا" لتحمل ذات المعنى مثل الأنبا انطونيوس*، والأنبا باخوميوس* حاليًا صارت قاصرة على المتمتعين بدرجة الأسقفية وحدهم. 2- أبوليناري: من كان تابعًا لبدعة أبوليناريوس Apollinarius الصغير (حوالي عام 310- 390 م) بن أبوليناريوس الكبير رجل البلاغة البيروتي كان أبوليناريوس غيورًا في دفاعه ضد الأريوسية التي أنكرت لاهوت السيد المسيح، وقد سيم أسقفًا على لاودكية حوالي عام 360 م، وكان صديقًا حميمًا للقديس أثناسيوس الرسولي*، لكنه في دفاعه عن لاهوت السيد المسيح انحرف مدعيًا أن لاهوت السيد المسيح قام بدور روحه الإنسانية أيضًا، بمعنى أخر أن السيد المسيح كامل في لاهوته لكنه ناقص من جهة ناسوتيته أو له الجسد الإنساني دون الروح الإنسانية هذا الفكر لم يكن واضحًا فيه قبل عام 371، وإن كان قد أدانه مجمع بالإسكندرية عام 362. وفي الفترة ما بين 374، 380 عقدت عدة مجامع محلية بروما أدانت أبوليناريوس، حتى إذ انعقد المجمع المسكوني الثاني بالقسطنطينية عام 381 قام بإدانته. 3. آريوسي: أي من سقط في بدعة آريوس (حوالي عام 250 – 336م). كان آريوس ليبيي المولد، تلميذ لوكيان (لوسيان) الأنطاكي*، ويرى البعض أنه درس أيضا في مدرسة الإسكندرية. سيم شماسًا بالإسكندرية في عهد البابا بطرس خاتم الشهداء* وقد أظهر منذ بدء حياته ميولاً متطرفة متمردة، فقد أنضم إلى ميليتوس أسقف أسيوط المنشق على البابا والذي أراد أن يغتصب عمله، وقام بسيامة كهنة بالإسكندرية دون استشارته، وقد استفحل الأمر حتى عندما سجن ميليتوس مع البابا كون له حزبًا من الأساقفة منشقًا على الرئاسة الكنسية على أي الأحوال حذر البابا بطرس تلميذيه اخيلاس (ارشلاوس) والكسندروس* من أريوس لا لانضمامه لحزب ميليتوس وإنما لإنكاره لاهوت السيد المسيح. وبعد استشهاد البابا استطاع آريوس بثوبه المخادع أن ينال رضا البابا الجديد اخيلاس حتى رسمه قسًا على الكنيسة الرئيسية ببوكاليا بالإسكندرية، وإذ سيم الكسندروس بعد أخيلاس أدرك خطورة آريوس لا على الإسكندرية وحدها بل على الفكر المسيحي كله، خاصة إنه صاحب مواهب في الوعظ ونَظَمَ أغاني شعبية صارت بعض الجماهير تطرب لها في الأسواق وقد امتلأت بالسموم القاتلة للإيمان. اضطر البابا أن يعقد مجمعًا محليًا بالإسكندرية ليحرمه، وبسببه انعقد المجمع المسكوني الأول في نيقية سنة 325 حيث حرمت بدعته، وكان للقديس أثناسيوس الرسولي* دوره الرئيسي في هذا المجمع.كان آريوس مخادعًا، استطاع أن يضم حتى بعض الأساقفة إلى صفه بكونه الرجل الغيور والخادم المضطهد، فكان يتهم البابا الكسندروس بالسابيلية أي بالتابع لبدعة سابليوس التي تدعي أن الثالوث القدوس أقنوم واحد يظهر تارة إنه الأب وأخرى الابن وثالثة الروح القدس، ومن جهة أخرى كان يخفي بدعته تحت ألفاظ مضخمة كالقول بان الابن ولد قبل كل الدهور لكنه يحجب أحيانا كلماته بأنه كان قبل ولادته غير موجود، فالأب لم يكن دومًا أبًا استطاع أن يكسب أوسابيوس النيقوميدي في صفه ليقف بجانبه، يسنده ما استطاع ضد البابا الإسكندري "أثناسيوس" لدى الإمبراطورعندما أراد الإمبراطور أن يلزم البطريرك الكسندروس بالقسطنطينية أن يقبله في الشركة سمح الله بموت آريوس في مرحاض عام على أثر آلام في بطنه! 4-.إسكيم: هو شبه حزام من الجلد يلبسه الراهب عندما يتقدم روحيًا ويدخل في حياة أشبه بالوحدة ولو في داخل الدير. لبس الاسكيم له طقسه الخاص، وهو يساعد الراهب في صنع المطانيات (السجود) الراهب الذي يلبس الاسكيم يلتزم بقوانين خاصة كعمل عدد معين من المطانيات والأصوام، الأمر الذي يصعب الالتزام به لغير المتوحدين، لهذا ألغي قداسة البابا شنودة الثالث طقس لبس الاسكيم عند سيامة الأساقفة الجدد، حتى لا يتثقل ضمير الأسقف إذ لا يستطيع ممارسة قوانين الإسكيم أثناء جهاده في الرعاية وسط شعب الله. 5-. الأم Abbess، وهو لقب خاص برئيسة دير، أما الراهبات فكن يدعون أخوات. 6. أيقونة وهي من أصل يوناني تعني صورة، وهي تمثل شخص السيد المسيح أو أحد السمائيين أو القديس أو مجموعة منهم أو أحد أحداث العهدين القديم أو الجديد، مُدشنه بزيت مسحة الميرون. 7. بيزنطه: الاسم القديم لمدينة القسطنطينية، عاصمة الدولة الرومانية الشرقية، دعاها قسطنطين على اسمه عام 330، حاليًا مدينة أنقرة عاصمة تركيا صارت كلمة "بيزنطي" تعني ما هو منسوب لمدينة بيزنطة، وبالأكثر منتسب لكنيسة القسطنطينية وطقوسها. 8. بطريرك: المعنى الحرفي يعني "أب" أو "رأس العائلة"، وكان اللقب خاصًا بالآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب، وفي المفهوم الكنسي كان خاصًا بأساقفة الايبارشيات الرئيسية الخمس: "روما، إسكندرية، القسطنطينية، إنطاكية، أورشليم" يكون البطريرك من الجانب الإداري والكنسي يرأس أساقفة كل الايبارشيات الصغرى الخاضعة له. حاليًا صار هناك بطاركة كثيرون هم أشبه برؤساء أساقفة محليين. 9. بيلاجي: التابع لبيلاجيوس Pelagius، راهب بريطاني أو ايرلندي في نهاية القرن الرابع وبدء القرن الخامس، نادى بأن الإنسان يخلص بجهاده الذاتي، منكرًا فاعلية النعمة الإلهية، وقد قام كثير من الآباء يقاومون الفكر البيلاجي خاصة القديس أغسطينوس*. هذا والبيلاجية تتجاهل الخطية الأصلية، أو انتقال خطية آدم إلينا. أدانه مجمع بقرطاجنة عام 411، ومجمعان بقرطاجنة وميلفس Milevis عام 416، وطلبا من أنوسنت الأول أسقف روما (410- 417) أن يحرمه. 10. راهب: عُرفت الرهبنة بصورتها المنتظمة منذ ظهور حركة الرهبنة على يدي القديس أنبا أنطونيوس الكبير*، لذا دُعي "أب الأسرة الرهبانية"؛ تقوم حركة الرهبنة على الأسس التالية: البتولية، الطاعة، الفقر الاختياري، التفرع للعبادة. وقد ظهرت ثلاثة أنواع رئيسية للرهبنة: أ. نظام الوحدة (المتوحدون)، حيث يعيش الراهب في قلايته (حجرته) كما في عزلة داخل الدير أو في مغارة خارج الدير، يمارس حياة التأمل مع العبادة والعمل اليدوي. ب. نظام الشركة، أقامه القديس باخوميوس. أب الشركة، حيث يعيش جماعة الرهبان معًا داخل سور واحد، يشتركون في صلوات يومية وأيضا في الطعام، كل يمارس عملاً يناسب إمكانياته أو مواهبه في الدير حسبما يشير رئيس الدير. ج. نظام الجماعات، أقامه القديس آمون* وأيضا القديس مقاريوس الكبير*، حيث يعيش الرهبان في قلالي أو مغاير متقاربة، يجتمعون معًا في السبت والأحد، وهو نظام متوسط بين الوحدة والشركة. 11-. السائح: إن كان نظام الشركة يُمثل النظام العام الذي يحتمله الكثيرون، فإن نظام الوحدة يحتاج إلى جهاد أعظم أما السياحة فتعني أن المتوحد يترك قلايته أو مغارته لينطلق في البرية (الصحراء) الداخلية ليعيش سنوات لا يرى وجه إنسان، يقتات على بلح من نخلة أو بعض الأعشاب مع ماء ينبوع، والبعض كانت الغربان تطعمهم يوميا الأنبا بولا أول السواح*. 12- شهيد: كل من سلم حياته للموت من أجل الإيمان بالسيد المسيح، سواء كان كاهنًا أو من الشعب، أيا كان جنسه أو سنه وللإيضاح مرّ بالكنيسة في العصر الروماني عشر مراحل للاضطهاد في أيام الأباطرة: أ. نيرون (عام 64 م الخ). ب. دومتيان 81- 96 م. ج. تراجان 9- 117 م. د. مرقس أورليوس 161- 180 م. ه.. سبتميوس ساويرس 193- 211 م. و. مكسيموس التراثي 235- 238 م. ز. داكيوس "ديسيوس" 249- 251 م. ح. فالريان 253- 260 م. ط. أورليان 270- 275 م. ى. دقلديانوس وشريكه مكسيمانوس 284- 312 م. ويلاحظ أن الإمبراطور الواحد قد يثير اضطهادًا إلى حين ثم يتوقف، لكن الولاة في البلاد المختلفة يمارسون الاضطهاد حسب أمزجتهم الشخصية، ولعل أمرّ ضيق هو ما حّل في أيام دقلديانوس، وقد اشتهر في أيامه ثلاثة ولاة بمصر كانوا يتفننون في التعذيب، حتى كان الولاة خارج مصر متى أرادوا التنكيل بأحد ببشاعة يرسلونه إلى واحد منهم خاصة أريانا والي أنصنا. هؤلاء الولاة هم: أ. أريانا* أو أريانوس والي انصنا (بجوار ملوي)، وكان يجول الصعيد كله ليمارس هوايته.... انتهت حياته بقبول الإيمان المسيحي واستشهاده. ب. أرمانيوس والي الإسكندرية. ج. بومبيوس والي الفرما على حدود شمال شرقي القطر المصري. 13. قلاية: يقصد بها حجرة الراهب أو مغارته، داخل الدير أو خارجه. 14. المانية: هرطقة ابتدعها معلم فارسي يدعى ماني Manes (حوالي 216- 276 م)، ولد ببلدة Seleucia - Ctsiphon عاصمة فارس. احتضن الفكر الغنوسي القائم على مبدأ خطير هو "الثنائية dualism "، إذ يوجد إله الخير خالق الروح، وإله الشر خالق المادة خاصة الجسد. الأول موجد النور والثاني موجد الظلمة. في رأيه أن الشيطان الأسود سرق النور وجعله حبيسًا في ذهن الإنسان يحتاج إلى من يحرره، وإن يسوع قد جاء وأيضا الأنبياء وماني نفسه بهذا القصد، تحرير النور المحبوس. ولما كان الإنسان مخلوقًا من عنصرين: الروح والجسد، يحمل النور والظلمة، فإن رسالته هي تحرير هذا النور بمقاومته للجسد ومعاداته له وتحطيمه، لهذا فالزواج في نظره نجاسة وأكل اللحم دنس. 15. معترف: الشخص الذي يسقط تحت اضطهاد فيحتمل السجن من أجل المسيح أو عذابات لكنه لم يستشهد. 16. موعوظ: الشخص الذي قبل الإيمان وصار تحت التعليم الكنسي الإنجيلي حتى ينال سّر ويدخل في العضوية الكنسية. 17. ناسك: كان تعبير "ناسك" يستخدم قبل ظهور كلمة "راهب"، يخص جماعات النساك الذين ينفردون في أكواخ في القرى للعبادة، أو ينطلقون إلى البراري أفرادًا أو جماعات يستخدم هذا التعبير حاليًا عن الإنسان الذي يمارس "الرهبنة" في أي شكل من أشكالها مع تقشف شديد، خاصة في نظام الوحدة. 18. نسطورى: من اعتنق هرطقه نسطور أسقف القسطنطينية (مات عام 451 م) الذي نادى بأن السيد المسيح يحمل شخصيتين أو هو أقنومان وله إرادتان منفصلتان: فهو الإله الابن والإنسان يسوع، وأن القديسة مريم ولدت يسوع الإنسان ونال اللاهوت في المعمودية فالمولود منها ليس ابن الله، بل إنسان مجرد، وإن اللاهوت فارق الناسوت عند الصلب لم يبق من النساطرة سوى قلة من الأشوريين في العراق حاليًا. 19. الهنبازين: أحد أدوات التعذيب التي كان يستخدمها الرومان، وكان أريانا والى أنصنا* يجد لذته في رؤية المسيحيين يُعذّبون بها. هي أشبه بدولاب مكون من عجلتين مثبت فيها سكاكين حديدية يوضع الشخص بينهما فيتعرض لجراحات نافذة من الأمام والظهر. ملاحظة: إلى وقت قريب، بل وحتى الآن يظن البعض أن الأقباط والسريان والأرمن والهنود والأثيوبيين أصحاب الطبيعة الواحدة monophysism بمعنى أن اللاهوت ابتلع الناسوت تمامًا، وأننا أوطاخيون لكننا نحن نؤمن بغير ذلك، أن السيد يحمل طبيعة واحدة هي اتحاد من طبيعتين بلا امتزاج ولا انفصال ولا تغير، فاللاهوت لم يبتلع الناسوت ولا تغير عن طبعه إنما اتحد مع الناسوت أبديًا. القمص تادرس يعقوب كاهن كنيسة مارجرجس سبورتنج
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل