المقالات

02 مارس 2019

العبادة الكاملة

العبادة المقبولة في كنيستنا الأرثوذكسية لها أركان ثلاثة هامة ورئيسية وهى حسب الترتيب الذي رتبه مخلصنا الصالح في موعظته على الجبل الإصحاح السادس من إنجيل معلمنا متى الرسول - الصدقة، والصلاة والصوم ووَضْع الصلاة بينالصدقة والصوم يُشبِّهه بعض المفسرين بطائر لأنَّ الصلاة كما يقول يوحنا الدرجي هي طيران عقولنا إلى الله وهذا الطائر الذي هو الصلاة له جناحان كبيران هما الصدقة والصوم، بواسطتهما يُحلِّق في الأجواء العليا بلا مانع ولا عائق وكما أنَّ الطائر العادي إذا كان جناحاه قوييْن سليميْن يطير بهما بسهولة أمَّا إنْ ضعف أو انكسر أحدهما أو كلاهما فإنَّه يضعف ولا يستطيع الطيران وإنْ حاول الطيران يسقط ثانية ويظل هكذا يتخبط حتى يموت. هكذا الصلاة إنْ فقدت أحد جناحيْها اللذيْن هما الصدقة والصوم تضعف وتفتر. أمَّا إنْ ظلَّ جناحاها قوييْن تصبح صلواتنا قوية متكاملة تستطيع بنعمة الله أنْ تدخل إلى ما داخل الحجاب وتصل إلى عرش النعمة وبذلك نصلى ونعبد الله بأرواحنا وبالصدقة نعبد الله بأموالنا نقدمها له ذبيحة مقبولة على مذبح الرحمة والعطاء متذكرين نصيحة الرسول القائل "لاَ تَنْسُوا فِعْلَ الْخَيْرِ وَالتَّوْزِيعَ، لأَنَّهُ بِذَبَائِحَ مِثْلِ هَذِهِ يُسَرُّ اللهُ" (عب 16:13) ونصيحته القائلة "مُشْتَرِكِينَ فِي احْتِيَاجَاتِالْقِدِّيسِينَ عَاكِفِينَ عَلَى إِضَافَةِ الْغُرَبَاءِ" (رو 13:12) وبالصوم نعبد الله بأجسادنا فنقدم أجسادنا ذبائح حية كاملة مرضية أمام الله على مذبح الصوم والتذلل وبذلك تكون عبادتنا كاملة لأنَّها عبادة مثلثة بالصدقة والصلاة والصوم وكما هو معروف أنَّ الثلاثة عدد كامل ومقدس، وكل شيء بالثالوث يكمُل وبهذه العبادة المثلثة المقبولة ننال رضى الله وننعم ببركاته فيكون لنا: فى الصدقة تركة وفى الصلاة شركة وفى الصوم بركة من أجل هذا الارتباط العضوي بين هذه الأركان الثلاثة للعبادة المسيحية تُعلمنا الكنيسة أنَّ الإنسان المؤمن حينما يذهب إلى الكنيسة للصلاة والعبادة يجب أنْ يكون صائماً لا يتناول أيّ شيء قبل ذهابه إلى القداس، كما ذكرنا أيضاً هنا فيموقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. حتى لو كان في أيام الإفطار وحتى لو كان ليس في نيته التقدُّم للتناول من الأسرار المقدسة، يجب أنْ يحضر القداس وهو صائم في كافة الأحوال كذلك تُعلمنا الكنيسة أنْ لا نذهب إلى بيت الرب فارغين حسب قول الرب: لا تظهروا أمامي فارغين (خر 15:23) بل يجب أنْ نضع العطاء في صناديق الكنيسة المخصصة لذلك كما نحمل إلى الكنيسة بعض العطايا العينية مثل البخور والستور والأباركة aparxh والزيت والشموع وخلافه وبذلك نكون في القداس الواحد قد عبدنا الله العبادة المثلثة الكاملة. نصلى ونحن صائمين ثم نضع تقدماتنا ونذورنا النقدية أو العينية في الأماكن المخصصة لها بالكنيسة الرب يعطينا أنْ نعبده عبادة كاملة مرْضية بقداسة وبر قدامه جميع أيام حياتنا (لو 75:1) فيشْتَم الرب من عبادتنا رائحة الرضا والسرور ويكون نصيب عبادتنا الاستماع والقبول. نيافة الحبر الجليل الأنبا متاؤس أسقف دير السريان العامر
المزيد
07 فبراير 2019

الصوم المقبول ومعناه

الصوم المقبول الصوم هو الركن الثالث من أركان العبادة المسيحية المقبولة ونحاول الآن أن نتعرف على بعض نواحي ومعاني الصوم. معنى الصوم: للصوم معنيان: معنى نسكي ومعنى روحي:- 1 - المعنى النسكي: الصوم هو الانقطاع عن الطعام فترة معينة من النهار ثم تناول أطعمة صيامية خالية من الدسم. وهذا هو المعنى المعروف والمشهور بين المؤمنين، لأن فترة الانقطاع في الصوم هي العمود الفقري للصوم ويمكن تحديد هذه الفترة بالاتفاق مع أب الاعتراف الذي يحدد لكل واحد فترة انقطاع مناسبة لسنة ولعمله ولظروفه ولحالته الصحية وقامته الروحية: الخ. 2 - المعنى الروحي الصوم هو الفرصة الذهبية لانتعاش النفس وانطلاق الروح من رباطات وسلطان الجسد، لكي تتحد بالله وتتلامس معه لأن الله روح ولا يستطيع شيء أن يتلامس معه إلا الروح والعلاقة الروحية بين الإنسان والله. إذا شبهناها بأسلاك التليفون فيكون عمل الصوم في هذه العلاقة هو جلي الأسلاك حتى تصبح جيدة التوصيل للصوت. نيافة الحبر الجليل الانبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان
المزيد
01 أغسطس 2020

العذراء مريم.... السماء الثانية

لما بشّر الملاك العذراء مريم بنزول ابن الله إلى بطنها، قبلت البشارة قائلة: «هوذا أنا أمَةُ الرَّبِّ. ليَكُنْ لي كقَوْلِكَ» (لو1: 38). للوقت نزل ابن الله من سماء السماوات إلى بطن العذراء، ليأخذ منها جسدًا يتمّم به الخلاص للبشرية، وأصبحت هي السماء الثانية حيث يسكن الله. والكنيسة تلقبها بالسماء الثانية، نقول في إحدى تسابيح العشية في شهر كيهك. + سماء ثانية جسدانية... دُعيتِ يا قبة الأنوار... شمس البر العقلية...ضياؤك أشرق في الأقطار....على الأرض وفي السماوات... طوباكِ يا زينة الأبكار... حملت الإله رب القوات.... مجدك يعلو على الأفكار. + ونقول في ذكصولوجية باكر: السلام للسماء الجديدة التي صنعها الآب، وجعلها موضع راحة لابنه الحبيب. السلام للكرسي الملوكي، الذي للمحمول على الشاروبيم. + إنه سر عظيم حقًا أن الله الذي يملأ السماء، والأرض كلها لا تسعه، يستطيع أن يحل ويسكن في بطن العذراء الصغير الضيّق، ويأخذ منها جسدًا يتمشّى به بيننا على الأرض، ويصير اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا، حتى قال معلمنا بولس الرسول «وبالإجماعِ عظيمٌ هو سِرُّ التَّقوَى: اللهُ ظَهَرَ في الجَسَدِ» (1تي3: 16). + كلمة سماء من سمو أو علو، والعذراء مريم سامية وعالية في سيرتها وفضائلها، العذراء مريم قدوة ومثال في كل الفضائل، وهي أمنا التي نتعلم منها كل الفضائل، والشاعر يقول: "الأم مدرسة إذا أعددتها...أعددت شعبًا طيب الأعراق". بركة شفاعتها وصواتها فلتكن معنا آمين. نيافة الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان العامر
المزيد
28 نوفمبر 2022

باب الطقوس

س1 : هل يلبس الشماس ملابس الخدمة ( التونية ) أثناء صلاة العشية؟ ج1: نعم يجب أن يلبس الشماس التونية أثناء صلاة عشية ، توقيراً للخدمة كما يلبس الكاهن الصدرة أثناء صلاة العشية ، الشماس يلبس التونية لأنه يدخل الهيكل ليشترك مع الكاهن فى دورة البخور حول المذبح ولأنه يقرا الإنجيل ويحمل الأيقونة أثناء الدورة فى أعياد القديسين ، فلا يليق أن يعمل كل هذا بملابسه العادية مثل بنطلون وقميص وخلافه . س2 : هل يصح إستخدام كشافات بطارية بدلاً من إستخدام الشموع .؟ ج2: مهم جداً إستخدام الشموع أثناء الصلوات الطقسية حتى فى وجود الكهرباء لأنها طقسية أكثر ، فهى قديمة الإستعمال إلى جانب المعانى الروحى التى فيها ، فهى تذوب وتنصهر لتضىء للآخرين هكذا يجب أن يكون المؤمن ، تنزل منها نقاط كإنها دموع تذكرنا بدموع التوبة التى يجب أن نذرفها على خطايانا. الشموع نورها هادىء وخافت يساعد على التركيز فى الصلاة ، كذلك يمكن إضاءتها فى الوقت المناسب فمثلاً عند قراءة الإنجيل حسب قول المرنم « سراج لرجلى كلامك ونور لسبلى « كذلك عند لحظات تقديس الأسرار لأهمية هذه اللحظات. س3: هل يجوز تناول الشماس من الجسد بعد تناوله من الدم ؟ ج2: أعتقد أن هذا ليس صحيحاً ، علينا أن نتبع خطوات السيد المسيح صاحب السر ومؤسسه الذى أخذ خبزاً وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدى. وأخذ الكأس وشكر واعطاهم قائلاً اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمى الذى للعهد الجديد الذى يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا (مت 26 : 26، 27). ولم يرد فى الإنجيل إنه أعطاهم من الجسد مرة أخرى بعد تناولهم الدم. س4: ما هى القراءات التى تقرأ يوم 29 من الشهر القبطى . لأن كل تقويم له رؤية مختلفة ؟ ج4: تحتفل الكنيسة يوم 29 من كل شهر قبطى بثلاثة أعياد سيدية كبرى هى البشارة والميلاد والقيامة ، لأن عيد البشارة يأتى دائماً يوم 29 برمهات وعيد الميلاد فى 29 كيهك أما عيد القيامة فقد حدث فعلاً فى سنة صلب السيد المسيح وقيامته فى 29 برمهات كما هو موضح من السنكسار، وحتى الآن يأتى فى بعض السنين فى 29 برمهات ، كما حدث فى سنة 1991م. لذلك جعلت الكنيسة يوم 29 من كل شهر قبطى عيداً للتذكار الشهرى لهذه الأعياد الثلاثة ، ما عدا شهرى طوبة وأمشير لأنهما يقعان خارج المدة من اليشارة إلى الميلاد ( برمهات – كيهك ) ولم تكن فيهما العذراء مريم حاملاً بالسيد المسيح ويقول رأى آخر إنهما يرمزان بالناموس والأنبياء . طقس الصلوات فى هذا اليوم فرايحى وتصلى المزامير فى بداية القداس حتى الساعة السادسة فقط ، وليس فيه صوم إنقطاعى أو ميطانيات. أما قراءات هذا اليوم فتظل كما هى مدونة بالقطمارس وكما رتبها الآباء منذ القديم وبدون تغيير ولا تقرأ قراءات 29 برمهات فلو كان الصحيح هو قراءات 29 برمهات فلماذ لم يسجل الآباء هذا الطقس فى القطمارس ويكتبوا تحت يوم 29 من كل شهر تقرأ فصول 29 برمهات وهكذا لم نقرأ لا فى القطمارس المخطوط أو المطبوع ولا فى أى كتاي طقسى آخر أن فى كل يوم 29 من الشهر القبطى تقرأ قراءات 29 برمهات بل الأصح أن تظل القراءات كما هى لأنها مرتبة على سنكسار اليوم ويكتفى فى الإحتفال بذكرى الأعياد الثلاثة بالطقس الفرايحى فقط دون تغيير القراءات . والحالة الوحيدة التى يمكن فيها تغيير القراءات هى إذا جاء يوم 29 يوم أحد لأنه يكون الأحد الخامس من الشهر وقراءاته تتكرر كثيراً وفى هذه الحالة فقط تقرأقراءات 29 برمهات ( أنظر كتاب منارة الأقداس ج4 ص 10). نيافة الحبر الجليل الأنبا متاؤس أسقف دير السريان العامر
المزيد
14 نوفمبر 2022

«إِذَا أَرْضَتِ الرَّبَّ طُرُقُ إِنْسَانٍ، جَعَلَ أَعْدَاءَهُ أَيْضًا يُسَالِمُونَهُ» (أم16: 7)

تنطبق هذه المقولة تمامًا على الآباء الرسل الذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة، وجالوا يكرزون بكلمة الإنجيل في كل العالم حسب أمر الرب: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا» (مر16:15)، مضحّين بحياتهم من أجل المسيح. تعرّضوا لاضطهادات كثيرة من اليهود ومن الأمم، وكان الرب يسندهم وينقذهم، ويدبّر لهم مَن يدافع عنهم ويحميهم من المؤامرات والمخاطر، رغم أن هؤلاء المدافعين ليسوا مسيحيين وليسوا أصدقاء للرسل، وإنما بعضهم يهود وبعضهم وثنيين من أعداء المسيحية، لكي تكمل عليهم آية الحكيم سليمان «إِذَا أَرْضَتِ الرَّبَّ طُرُقُ إِنْسَانٍ، جَعَلَ أَعْدَاءَهُ أَيْضًا يُسَالِمُونَهُ» (أم16:7).وإليك بعض الأمثلة: 1- لما جرت على أيدي الرسل آيات وعجائب كثيرة في الشعب، وكان ينضم كل يوم إلى الكنيسة جماهير كثيرة من رجال ونساء (أع5:12-14)، امتلأ رئيس الكهنة اليهودي وحزبه من الصدوقيين بالغيرة وقبضوا على الرسل وألقوهم في السجن، ولما قدموهم للمحاكمة وجعلوا يتشاورون أن يقتلوهم ويقضوا على الكنيسة في مهدها، قام -بتدبير إلهي- عضو كبير في مجمع السنهدريم اسمه غمالائيل ودافع عن الرسل وقال للمجمع: «أيها الرجال الإسرائيليون احترزوا لأنفسكم من جهة هؤلاء الناس فيما أنتم مزمعون أن تفعلوا... فانقادوا إليه ودعوا الرسل وجلدوهم (بدل القتل) وأوصوهم أن لا يتكلموا باسم يسوع ثم أطلقوهم» (أع5:33-40)، وهكذا نجا الرسل ومعهم الكنيسة كلها وازدادت نموًا وانتشارًا. 2- ذهــــــــــــب بولـــــــــــــس إلى كورنثوس وكان يخدم ويبشر اليهـــــــــــود واليونانييــــــــن ويشهد للمسيــــــــــــــــح، وكثيـــــــــــــرون من الكورنثيين لما سمعـــــوا آمنوا واعتمدوا (أع18:8)، فقـــــــــــام اليهود بنفس واحدة وقبضوا على بولــــــس وأتوا به إلــــــــــى كرسي الولايـــــــــــة أمام غاليون الوالي العادل، وقدموا ضده شكاوى كثيرة، ولكن غاليون الوالي الوثني دافع عنه ضد اليهود وطردهم من الكرسي (أع18:16)، وهكذا نجا بولس من مؤامرة اليهود بفضل غاليون والي كورنثوس الوثني. 3- جاء بولس الرسول إلى أورشاليم ومعه صدقات كنائس الأمم لفقراء أورشاليم، ودخل إلى الهيكل ليصلي ويوفي ما عليه من نذور، فقبض عليه اليهود وهم يصرخون «يا أيها الرجال الإسرائيليون أعينوا، هذا هو الرجل الذي يعلّم الجميع في كل مكان ضد الشعب والناموس وهذا الموضع (الهيكل)». فهاجوا عليه كلهم ونزلوا عليه ضربًا طالبين أن يقتلوه، فسمع الخبر الضابط الروماني كلوديوس ليسياس أمير الكتيبة المكلفة بحراسة الهيكـــــــــل وأورشاليم، فللوقت أخـــــــــذ العسكر وقواد مئات وركـــــــض إليهم، فلما رأوا الأمير والعسكر كفّوا عن ضرب بولس (أع 21)، وهكذا خلصه من أيديهم وأخذه معه إلى المعسكر لحمايته منهم. نيافة الحبر الجليل الأنبا متاؤس أسقف دير السريان العامر
المزيد
24 أكتوبر 2022

مبدأ عظيم «من ليس علينا فهو معنا» (لو 9: 50)

رأى يوحنا الرسول واحدًا من غير تلاميذ المسيح يصلي للناس ويخرج شياطين فمنعه، وجاء لمعلمه الرب يسوع يخبره بالواقفة ويقول: «يَا مُعَلِّمُ، رَأَيْنَا وَاحِدًا يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِكَ فَمَنَعْنَاهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ يَتْبَعُكَ مَعَنَا".‏فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:"لاَ تَمْنَعُوهُ، لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا» (لو9: 49، 50).نعلم أن أي إنسان وبالأخص لو كان رئيسًا أو مسئولًا ينقسم الناس تجاهه إلى ثلاثة أقسام:1) قسم يحبه ويؤيده.2) قسم يكرهه ويقاومه.3) قسم على الحياد، لا يؤيد ولا يقاوم.الإنسان العادي بمشاعره الإنسانية يحب الذين يحبونه ويكره الذين يكرهونه، وبالتالي يكره الذين على الحياد ويعتبرهم أعداءه لأنهم لا يؤيدونه جهارًا ولا يظهرون له محبة ظاهرة.الإنسان العادي يحب محبيه ويحب أصدقاء محبيه ويعتبرهم أحباءه، بينما يكره أعداءه وقد يكره أصدقاء أعدائه ويعتبرهم أعداءه.أمّا السيد المسيح له المجد فيعتبر الذين على الحياد أحباءه بقوله: مَن ليس علينا (يعني على الحياد) فهو معنا لأنه لا يقاومنا ولا يؤذينا. وبذلك يكون قد كسب فريقين من الثلاثة فرق (الأحباء والمحايدين).أمّا الفريق الثالث المُعادي فيحاول جاهدًا كسبهم بتقديم المحبة لهم وخدمتهم بما تسمح به الظروف، فيحوّلهم إلى أحباء، أو على الأقل يطفئ نار عداوتهم.هذا من الناحية الاجتماعية والإنسانية.أمّا من ناحية الخدمة فيقول: «‏مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ» (لو11).ذلك أن حقل الخدمة متسع ويحتاج إلى جهود الجميع، وهو يريد أن كل واحد يخدم في المجال الذي يناسبه، فيقول أيضًا: «إِنَّ الْحَصَادَ كَثِيرٌ، وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ (اخدموا أنتم). فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً (آخرين) إِلَى حَصَادِهِ» (لو10: 2).ذكر كاتب سفر الأعمال أن «الَّذِينَ تَشَتَّتُوا (بعد استشهاد إسطفانوس) جَالُوا مُبَشِّرِينَ بِالْكَلِمَةِ» (أع8: 4). فكانوا يخدمون وهم مُطارَدون، فكم بالحري المؤمن المستقر يجب عليه أن يخدم وإلّا ينطبق عليه قول الرب «مَنْ لَيْسَ مَعِي (في الخدمة) فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ» (لو11: 23)، «لأَنَّ فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ» (يع4: 17). نيافة الحبر الجليل الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان العامر
المزيد
21 نوفمبر 2022

«إِذَا أَرْضَتِ الرَّبَّ طُرُقُ إِنْسَانٍ، جَعَلَ أَعْدَاءَهُ أَيْضًا يُسَالِمُونَهُ» (أم16: 7) (2)

4- طلب رؤساء الكهنة من أمير الكتيبة أن يُنزل إليهم بولس لمحاكمته في الهيكل، فأنزله تحت حراسة مشدّدة، وبينما بولس يدافع عن نفسه أمام المجمع صار صياح عظيم ومنازعة شديدة... فخاف الأمير أن يقتلوا بولس فأمر العسكر أن ينزلوا ويختطفوه من وسطهم ويأتوا به إلى المعسكر وهكذا أنقذه للمرة الثانية من أيديهم. 5- اتفق أربعون رجلًا من اليهود المتعصبين لقتل بولس، وصاموا قائلين إنهم لا يأكلون ولا يشربون حتى يقتلوا بولس، واتفقوا مع رؤساء الكهنة على هذه المؤامرة الدنيئة، وطلبوا من رؤساء الكهنة أن يستسمحوا أمير الكتيبة بإنزال بولس إليهم كأنهم مزمعون أن يحاكموه وفي الطريق يقتلونه.سمع ابن أخت بولس بهذه المؤامرة فذهب إلى خاله في المعسكر وأخبره، فاستدعى بولس أحد الضباط وكلفه أن يوصل الشاب للأمير ليخبره بالأمر، ولما سمع الأمير بالمؤامرة قام بترحيل بولس من أورشاليم إلى قيصرية تحت حراسة مشددة. وهكذا أنقذه من أيدي اليهود للمرة الثالثة، وهو رجل وثني لا يعرف بولس، ولكن الله الذي يدبر لأولاده من يحميهم حتى لو كان من أعدائهم. 6- لما تولّى فستوس الولاية نزل إلى أورشاليم فعرض عليه اليهود أن يستحضر بولس إلى أورشاليم للمحاكمة وهم صانعون كمينًا ليقتلوه في الطريق، ولكنه رفض هذا العرض وأمرهم أن يذهبوا إلى قيصرية العاصمة حيث بولس ويحاكموه هناك. وهكذا أنقذ بولس من مؤامراتهم للمرة الرابعة. 7- لما رفع بولس دعواه إلى قيصر، رتّبوا له السفر إلى روما مع أسرى آخرين، وسلموهم إلى قائد مائة من كتيبة أوغسطس قيصر (وهي كتيبة الحرس الإمبراطوري)، واسم القائد يوليوس وهو رجل روماني وثني ولكنه طيب ومحب، فعامل يوليوس بولس بالرفق طول الرحلة الشاقة، وأذن له أن يذهب إلى أصدقائه ليحصل منهم على عناية (أع27: 3).تعرضت السفينة إلى رياح وزوابع شديدة، وتعرضت للغرق عدة مرات، والله ينقذ الركاب من أجل صلوات بولس. ولما قربوا من جزيرة مالطة تكسرت السفينة في الخليج المُسمّى حتى الآن خليج مار بولس. رأى العسكر أن يقتلوا الأسرى لئلا يسبح أحد منهم فيهرب (أع27: 42)، فيُقتل العسكري حارسه بدلًا عنه، ولكن قائد المائة إذ كان يريد أن يخلّص بولس منعهم من هذا الرأي (أع27: 43). وهكذا أنقذ بولس من القتل للمرة الخامسة. نيافة الحبر الجليل الأنبا متاؤس أسقف دير السريان العامر
المزيد
07 نوفمبر 2022

شعار جميل

"أَنَّنَا نَثِقُ أَنَّ لَنَا ضَمِيرًا صَالِحًا، رَاغِبِينَ أَنْ نَتَصَرَّفَ حَسَنًا فِي كُلِّ شَيْءٍ" (عب13: 18)إنه شعار جميل ورائع الذي وضعه معلمنا العظيم لسان العطر بولس الرسول، وضعه لنفسه وللمؤمنين جميعًا.ما أحسن وما أجمل أن يقتني الإنسان ضميرًا صالحًا نقيًا معتدلًا غير منحرف، وما أحسن وما أجمل أن تكون عند كل واحد رغبة قوية روحانية أن يتصرف حسنًا في كل شيء، في معاملاته، في علاقاته، في عمله، في بيته.صاحب الضمير الصالح النقي يسلك بأمانة وإخلاص في كل شيء، يحترم وصايا الله ويقدسها يعمل بها.يظهر الضمير الصالح عند معلمنا بولس في أمانته والتزامه فيقول: «إِنِّي عِشْتُ للهِ بِكُلِّ ضَمِيرٍ صَالِحٍ» (أع23: 1)، كما يقول: «أُدَرِّبُ نَفْسِي لِيَكُونَ لِي دَائِمًا ضَمِيرٌ بِلاَ عَثْرَةٍ مِنْ نَحْوِ اللهِ وَالنَّاسِ» (أع24: 16).الإنسان الأمين صاحب الضمير الصالح والسالك باستقامة ينال بركات كثيرة من الله كما يقول الحكيم: «اَلرَّجُلُ الأَمِينُ كَثِيرُ الْبَرَكَاتِ» (أم28: 20)، ومنها النجاح والنمو والتقدم.الضمير الصالح يكون كالميزان الحساس (ميزان الذهب) وليس كالميزان القبّاني (ميزان الخشب). لذلك ينصحنا معلمنا بطرس الرسول ويقول: «وَلَكُمْ ضَمِيرٌ صَالِحٌ، لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ يَشْتِمُونَ سِيرَتَكُمُ الصَّالِحَةَ فِي الْمَسِيحِ (يهزأون بكم)، يُخْزَوْنَ فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ» (1بط3: 16).المؤمن التقي صاحب الضمير النقي يرغب في أن يتصرف حسنًا في علاقته مع الله وفي علاقته مع الناس:في علاقته مع الله يكون أمينًا في عبادته، صومه، صلواته، اعترافاته، وخدمته، واحتماله. يقول معلمنا بولس الرسول: «أَشْكُرُ اللهَ الَّذِي أَعْبُدُهُ مِنْ أَجْدَادِي بِضَمِيرٍ طَاهِرٍ» (2تي1: 3). ويقول معلمنا بطرس: «هذَا فَضْلٌ، إِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَجْلِ ضَمِيرٍ نَحْوَ اللهِ، يَحْتَمِلُ أَحْزَانًا مُتَأَلِّمًا بِالظُّلْمِ» (1بط2: 19). معلمنا بولس يطلب من أجل تطهير ضمائرنا ويقول: «دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَال مَيِّتَةٍ (من الأعمال التي تؤدي إلى الموت الأبدي أي الهلاك) لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ» (عب9: 14).صاحب الضمير الصالح الصاحي يمارس كل وسائط النعمة بأمانة من أجل خلاص نفسه وحياته الأبدية.الإنسان صاحب الضمير الصالح الذي يرغب أن يتصرف حسنًا في علاقته مع الناس عليه أن يحب الكل ويصنع الخير مع الجميع على قدر طاقته، والوحي الإلهي يقول: «فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ» (يع4: 17).الله يعطينا الضمير الصالح والرغبة القوية أن نتصرف حسنًا في كل شيء وفي كل مجال حرصًا على أبديتنا وخلاص نفوسنا. آمين نيافة الحبر الجليل الأنبا متاؤس أسقف دير السريان العامر
المزيد
31 أكتوبر 2022

المسيحي وذكر الموت

قال القديس يوحنا الدرجي: "كما أن الحاجة إلى الخبز تفوق الحاجة إلى سائر الأطعمة الأخرى، كذلك الحاجة إلى ذكر الموت تفوق الحاجة إلى سائر الأعمال الروحية". إن ذكر الموت هو ضرورة روحية هامة إذا أغفلها الإنسان يُصاب ببرودة الحس والمشاعر، إذا انتقل أحد أحبائه يتأثر قليلًا ويحضر الجنازة دون أن يحدث عنده تغيير يُذكر، بعد ذلك يمضي إلى حال سبيله كسابق عهده لاهتماماته الدنيوية الباطلة.ذكر الموت في داخلنا هو منبّه بيولوجي يوقظنا لممارسة التوبة، لنسمع صوت الرب «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ» (أف5: 14). ذكر الموت يكسر حدّة شهواتنا ومحبتنا للعالم.طوبى لمَن يصل إلى هذه الفضيلة، فإن أحكمتها فاحذر ألّا تفلت منك، لأنه قد يسهل فقدانها بسبب الانشغالات والاهتمامات الكثيرة.نعلم أن لكل إنسان انشغالاته واهتماماته، لكن ينبغي ألّا تلهيه عن خلاص نفسه وحياته الأبدية اللا نهائية.إذا توانيت وقتًا عن ذكر الموت والحياة الأخرى، فذكّر نفسك بلُجّة النار الأبدية والعطش الشديد في لهيب النار (لو16: 24)، والظلام الدامس والندم الشديد والبكاء وصرير الأسنان في جهنم النار، فتفوق لنفسك وتهتم بأبديتك.تحاول الكنيسة أن تذكّرنا كل يوم بيوم الدينونة الرهيب والحياة الأخرى بقطع صلاة النوم فنقول "هوذا أنا عتيد أن أقف أمام الديان العادل مرعوبًا ومرتعبًا من كثرة ذنوبي. لأن العمر المنقضي في الملاهي يستوجب الدينونة، لكن توبي يا نفسي ما دمتِ في الأرض ساكنة، وانهضي من رقاد الكسل، وتضرعي إلى المخلص بالتوبة قائلة: اللهم ارحمني وخلصني".دوام ذكر الموت والتنهُّد هنا يجعل الإنسان يداوم السعادة والتعييد هناك.كانت الراهبة الأم سارة تداوم ذكر الموت فقالت: "حينما أضع رجلي على السلم لأصعد أتصور الموت قدامي قبل أن أنقل الرجل الثانية". نيافة الحبر الجليل الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان العامر
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل