الكتب
الحوار كيف؟ ولماذا؟
قابلني بعد العظة وكان واضحا عليه الضيق والضجر وفاجأني بقوله لي : " زهقنا من السماع عايزين حد يسمعنا " ومن دهشتي لم أستطع الرد عليه لدقيقه . ولما أفرغ ما بداخله من الغضب لم أجد ردا مناسبا لأرد عليه به سوى قولي له : " عندك حق يا أبني .. عندك حق .. ثق أنى في المرة الجاية حا أتكلم نصف الوقت وسأسمعك نصف الوقت " ومن هنا أدركت أن الناس بدأت تضيق زرعا من السمع .. لا يقبلو ن ولاسيما الشباب والفتيان _ أن يجلسوا على المقاعد صامتين بينما نحن نصب الكلام في رؤوسهم ثم نتركهم ونمضى . ومن هنا أيضا قررت أن أدرس موضوع الحوار ليس لكي أزيد معرفتي بالأشياء ولكن ليصير الحوار أسلوبي في التعليم .
مـا هـو الحـوار ؟
الحوار هو الوسيلة التي بمقتضاها تنتقل المعلومة ( اوالمعنی ) بین شخصين أو أكثر مما يدفع على استمرار الاتصال بينهم . فالحوار هنا وسيلة اتصال و هو أيضا وسيلة تعلم .
مهارات القيادة
القائد من هو ؟ قبل أن نتكلم عن مهارات القائد دعونا نعرف من هو القائد ؟ وهل نصلح نحن – بحسب تعريف القائد – أن نكون قادة ؟ - " القائد هو الشخص الذي يساعد الجماعة على أن تتعلم كيف تقرر وتعمل بنفسها بكفاية أفضل " ( 1 ) هل كنا نتصور من قبل أن القائد ليس عمله أن يقرر لتابعيه ما يجب عليهم أن يعملوه بل أن يعلمهم كيف يقررون بأنفسهم لأنفسهم !؟ كنا نتصور إن القائد هو ذلك الشخص الذي يقرر ويعمل كل شيء بنفسه وقد يدفع التابعين لبعض الأعمال ، ما كنا نتوقع أن القائد دوره فقط مساعدة تابعيه لكي يتعلموا أن يقرروا وان يعملوا بكفاية وكفاءة أعلى . هناك أيضا تعريف آخر للقائد : " هو المحرك لنشاط والجماعة في السعي لتحقيق هدف مشترك " ( 2 ) وبناء على ما سبق نستطيع أن نتصور عملية القيادة ككل كما يلي : ( 3 )
كيف تتعامل مع ملحد؟
طلب مني احد الاصدقاء أن اكتب عن الإلحاد والملحدين فلما سألته عن السبب اخبرني بأن عدد الملحدين في ازدياد مطرد كما أن فكر الإلحاد ينتشر بين الشباب انتشار النار في الهشيم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي ، ومن خلال المناقشة والدردشة عبر شبكات التواصل يسهل للملحد إقناع آخرين بفكره . تصورت أن صديقي قد يكون مبالغا فيما يقول أو لعله أساء فهم أو أساء تقدير المشكلة ولربما أان الامور ليس بالخطورة التي يتصورها والتي صورها لي . أخذت أتساءل : ترى ما الحجم الحقيقي للمشكلة ؟ بحثت فوجدت – على سبيل المثال – أن الدكتور ماهر صموئيل يقول : " إن موجة إلحاد عاتية ستجتاح مصر الفترة القادمة ، ناتجة عن تغيرات ما بعد الثورة والحداثة في المجتمع
منتصف العمر
كثيرون الذين كتبوا عن الطفولة والشباب وعن الزواج والأسرة ، غير أنه قليلون جدا من كتبوا عن " مرحلة منتصف العمر " أو ما تسمى " أزمة منتصف العمر " . لهذا فقد رأيت أن أكتب عن تلك المرحلة من العمر لكي أزودك عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة بالمعلومات الهامة والمتعلقة بالمرحلة . " ولم أكتفى بالحديث عن خصائص وسمات المرحلة وإنما أيضا قصدت أن أوجه النظر إلى جمال المرحلة ودفئها وإلي كيفية اجتيازها بسلام وهدوء ، والأهم هو الوصول إلى إجابة السؤال : كيف أشعر بالرضا والإنجاز في تلك المرحلة ؟ أرجو أن يساعدك كتابي هذا في فهمك لنفسك خلال مرحلة منتصف العمر .
قبل الرحيل ( دراسة في الهجرة )
جلسوا كعادتهم يحتسون الشاي بعد إنتهائهم من أعمالهم .. يتسامرون في أمور شتى ، ولكن هذه المرة أتجه حديثهم – الذي كاد أن ينقلب إلى - مشاجرة – لموضوع الهجرة للخارج ، فمنهم من يؤيد فكرة الهجرة ويجد أنها تمثل حتمية في مواجهة الأحداث الراهنة والتي تمر بها مصرنا الغالية ، ومنهم من يرفض الفكرة تماما ومنهم من تطرف في رأيه حتى اعتبر أن الهجرة تعد لونا من خيانة الوطن . جلست أتابع الحديث ونبرة الكلام التي امتزجت فيها مشاعر القلق بالخوف من المستقبل ، الوجوه جادة غاضبة والملامح متوترة والعصبية سادت الموقف ... وفي النهاية خرج أحدهم ممن يتمتعون بروح الدعابة وكأنه قصد تهدئة الجو فصاح وهو يضحك : " يا جماعة إرسو على بر نهاجر ولا نقعد عشان لو كان كده ألحق طيارة الساعة عشرة اللي رايحه موزمبيق " وهنا ضج الجميع بالضحك ولكن احد لم يحسم القضية التي شغلت بالهم وتشغل بال الكثيرون من الشباب ولم يجب أحدهم علي السؤال : هل الهجرة هي الحل أم البقاء بالوطن ؟
الشهادة في نصوص العهد الجديد وحياة الكنيسة الأولى
لم تكن معاناة الشهداء صرخات وأنات مجردة من العون الإلهي ، فلقد انفتحت بصائر الشهداء وهم في غمرة آلامهم ليعاينوا مجد الله ( أع 7 : 55 ) في لحظة مختطفة من خزائن الملكوت الذي يحوي أكاليل من نور لمن قبلوا موت الجسد من أجل حياة الروح في الثالوث . كان رجاء قلوبهم الذي لم يفتر ولم يهتز وسط نيران الاضطهاد المتأججة والمستعرة هو السكنى مع الثالوث في موضع المجد ومعاينة قدس الأقداس السمائي غير المصنوع بأيد بشرية . لقد قبلوا الآلام التي كانت تنهال عليهم بطريقة وحشية من مضطهديهم ، وكأنهم " خارج أجسادهم “ ( استشهاد بوليكاربوس ٢/٢ ) ، كانوا منجذبين بقوى عليا ولقوى عليا ، كانوا بالروح في حالة تتساقى عن حاجات الجسد وكأنه لم يعد بعد رابطا لهم وذلك لأن الرب كان حاضرا يخاطبهم " ( استشهد بوليكاربوس 2/2 ) ويطمأنهم أن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن ( انظر رو 8 : 18 ) . لم يكن تحملهم للألم قدرة إنسانية غير اعتيادية ، ولكنه كان نعمة إلهية ملأتهم بالروح القدس فصاروا أرواحًا تتحرر أكثر من كونهم أجسادا تتألم . كانوا في حالة إصغاء للنعمة الإلهية ( استشهاد بوليكاربوس 3/3 ) متعلّمين أسرار الحياة الجديدة في تلك اللحظات .
الأيقونة فلسفة الروح
وقفت امرأة أمام أيقونة والدة الإله . كانت سيدة مسنة تقية تذهب للكنيسة كل يوم بعد الغروب لملاقاة العذراء . كانت تتلو تسبحة العذراء وهي حاملة في يدها شمعة ، قائلة : السلام لك نسألك أيتها القديسة الممتلئة مجدا ، العذراء كل حين ، والدة الإله ، أم المسيح ، اصعدي صلواتنا إلى ابنك الحبيب ليغفر لنا خطايانا وبعد انتهاءها من تسبحة العذراء ، كانت تبث آلامها وأتعابها للعذراء كأم حنون وشفيعة قادرة ، فتشعر بسلام عميق يملأ جوانحها .. لم تعاين معجزات ولكنها كانت تمتلئ بسلام الله وتقبل حمل الصليب ، في خضوع ، إذ الصليب مطعم بحلاوة النعمة الإلهية . وإذ تخرج تسبح الله على لمسات الفرح الدافئ الذي ينطق به الذي جلبته العذراء لها من عند ابنها الحبيب الرب يسوع . “ ما ... مصدر الدفء الذي نستشعره في كنائسنا الأرثوذكسية ؟ سؤال قد يتبادر للذهن ، ولكي نجيب عليه علينا أن نخطو داخل الكنيسة بأعين فاحصة لتحليل مصادر الجمال الكنسي الذي هو عينه من مصادر الجمال الأرثوذكسي الأصيل . ومن بين جمالات الكنيسة التي تشع علينا من إطاراتها الخشبية ؛ الأيقونات .
النعمة بذار الحياة
إن المثل موضوع حديثنا في هذا الكتاب ؛ " مثل البذار النامية ، والوارد في إنجيل القديس مرقص في الإصحاح الرابع ، يرسم لنا في جملته ، صورة picture معبرة عن واقع أبدي ، وهذا الواقع يبدأ من الآن ‘ ‘ . ولكن سرعان ما تتحول تلك الصورة إلى مرآة mirror يرى من خلالها كل إنسان نفسه ويقيس مقدار اقترابه أو ابتعاده عن هذا الملكوت ، حتى يصل المثل بالشخص إلى المرحلة الأخيرة ، بعد أن يكون الشخص قد استوعب الصورة ورأى نقصه في مرآة المثل ، وقتها يتحول المثل إلى نافذة window يرى من خلالها الله ، ويستعلن له الحق وتنكشف له مكنونات المثل ، فتُضيء له ، تلك النافذة ، مسيرته ، بضياء الحق حتى لا ينخدع ويتخبط في تيه يبتعد به عن أرض الأحياء إلى الأبد .
نحو التوبة
الحياة اليوم أصبحت وادي من القلق . وإنسان اليوم أصبح قلقا أكثر من أي وقت مضى ، فالتمدن والتحول الذي طرأ على الحياة محولاً إياها إلى مجتمع استهلاكي قد غيّر من خصائص السلوك البشري بل وأثر بشكل مباشر على تفكيره وقراراته وقناعاته وأولوياته ، مما جعل الإنسان ممزقا بين ما يراه وما يريده . حتى إرادة الإنسان نفسها قد طالتها ثقافة المدنية والاستهلاك فأصبحت إرادة هشة مشوشة مغيبة متلقية ، وكل هذا قد آل في نهاية الأمر إلى التغرب الكياني الذي استوطن خرائب قلب الإنسان . حتى النهضة التي كانت تهدف إلى سعادة وراحة ورفاهية الإنسان أصبحت شوكة في كيانه لا يستطيع أن ينتزعها ، وذلك لأن النهضة أعادت توزيع الأدوار الكونية ، فجعلت من الإنسان مركزا للوجود ، عليه أن يحقق بنفسه الاستقرار للكون وللطبيعة ولذاته ، وهو ما يفوق قدراته ويتعدى اختصاصاته في هذه الحياة . فتنامى القلق الوجداني وتسلّل إلى الكيان وتحول إلى قلق كياني لا يهدأ ولا يتوقف ، يحاصر الإنسان ليل نهار ، يبعده عن هويته الذاتية ، ويعمي بصيرته عن معرفة دوره في الحياة والوجود . والقلق بحسب تعريف كيركجارد ( الفيلسوف الدانماركي ) هو [ التحديد الدقيق للخطيئة ] . فالقلق هو نتيجة تجذر للخطيئة في كياننا الإنساني وما يتبعه من تغرب الإنسان عن الله . فالخطيئة هي توثر إنساني ينشأ حينما ننحرف عن مسارنا ، ونشوه خلقتنا بالتحالف مع العالم والرضى بمدار الحياة الزمني والتمتع الوقتي بلذات الحواس المادية . وهذا التوتر يستمر طالما الإنسان قانع بمركزيته في الحياة رافضا تسليم دفة القيادة الله مرة أخرى . وهذا عينه ما وصفه القديس مكاريوس الكبير بأنه السقوط في [ فقر الخطيئة المرعب ] .