الكتب

دواء الخلود الافخارستيا في فكر القديس اغناطيوس الانطاكي

لقد كانت حياة الآباء إفخارستية المنحى كما كان تعليمهم إفخاريستي الطـابع . الإفخارستيا كانت بمثابـة الغـذاء الملـهب لأرواحهـم ، والــذي كـان يـجـدد الـوعي الاسـخاطولوجي ( الأخـروي ) في قلـوبهم بشـكل دائـم . فالإفخارستيا عنـد الآبـاء كـانـت شـهادة اسـخاطولوجية بالدرجة الأولى ، تضرم شوقهم للأبدية وللقيا المخلص بعيدا عن عالم الموت والفناء ، وتدفعهم للكرازة والتعليم والشهادة ي ترقب للعناق الأبدي الذي في الثالوث . ولقـد كـان القديس اغناطيوس علـى وجـه الخصـوص يحمل قلبا موقدا من جذوة الأبدية الحاضرة في الإفخارستيا . ومـن يطـالع رسـائلة القليلة تمسئـه روح ناريـة تـسـمـو بـه فـوق الزمن والأرض والخليقة الأسيرة بين جدران المادة ، إلى عالم منقوش بفرح وسلام الروح . ولكن الإفخارستيا عند القديس اغناطيوس لم تكـن فقـط كشـفا اسخاطولوجيا ولكنها كـانـت سيـر الوحـدة الـتي تجتذب شعب الله ، في المسيح ، للترائي أمام الآب .

من مذكرات ملاك رواية

الأربعاء والجو شتاء . الهواء البارد يلفح البيوت كان يوم المتراصة جنبا إلى جنب وكأنها تستدفئ . دخل الملاك إلى الكنيسة باكرا جدا في صحبة آخرين . سجد أمام الهيكل وهو شارع جناحيه في هيئة المصلوب . أنشد التقديسات بنغمة عذبة خفيضة ، بعدها جلس في مؤخرة الكنيسة ليستطلع قلوب البشر أثناء القداس . القداس ، ما أروعها لحظات لا يدرك البشر أعماقها ، ولو انفتحت بصائرهم لبرهة ، على ذلك الحضور الإلهي الآسر المحاط بجوقات الملائكة ، لما احتملوا وهج المجد السمائي . بدأ توافد المصلين إلى الكنيسة ، كانوا يدخلون فرادى في هدوء يتماشى مع سكون الطبيعة النائمة على نغمات الليل ، ولم يكن الصباح قد ألقى بعد ، إشارته للضوء ، بالحركة فوق تلك البقعة من المسكونة .

قراءة في حياة الرب يسوع الجزء الاول

الحاجة إلى واحد إن كلمات المسيح هي لؤلؤة تلك السلسلة ؛ “ قراءة في حياة الرب يسوع ” ، والتي تبحث عن جمال ، قد يكون مختبئا عن أعين البعض ، في كلمات المخلص . كلماته روح وحياة .. دفقات من الدماء في عروق ، الإنسان الجديد .. ودفقات من النور في ضمائر ونفوس وأرواح من تركوا العتيق البالي بحثا عن التجدد في المعرفة والخبرة الروحية ، كل يوم ، على صورة الله الظاهر في الجسد ؛ الرب يسوع . کلمات تشكل مقياس الحياة الجديدة وتعيد بعث ذكرى البراءة الأولى لإنسان ما قبل السقوط . كلمات تميت وتحيي .. تجرح وتعصب .. ثقيد لتحرر .. كلماته نيران تشتعل في القلوب لتدفعهم للسير وإن كانت المسيرة على جمر نار الاضطهاد والضيقة . إن الكلمات هي نطق الحياة ؛ فكلمات المخلص هي منطوق حياته التي لم تقترب منها شهوة ولا خطيئة ولم تعبث بها غرائز الإنسان العتيق . إلى تلك الحالة كانت دعوة الرب . لم يلقها عبثا على أناس يحيون في العالم ، والعالم شبكة عنكبوتية كبيرة متداخلة .. متاهة من الطرق المتشابكة ، لا نهاية لها . كلماته تحمل من الأسرار الكثير والكثير .. حجاب يرق أو يتكثف بحسب العلاقة معه .. يرق حجاب الأسرار فيظهر الله للبصيرة في فيض نور الحضرة الإلهية .. نور ؛ نغماته فرح وسلام في الروح .. وحينما يستعلن الله تتحول مبهمات الكلمات إلى حقائق أبدية محققة لا يلمسها إلا الإنسان الجديد القائم في المسيح ، من موت الخطيئة . كلمات كان يلقيها على جموع على مختلف مشاربهم ؛ مختلفو الأعمار والمدارك ، ولكن كلمات الرب أشبه بقطعة من الصلصال يشكلها الروح لتناسب الأذهان على مختلف قدراتها .. كلماته كانت قوى الحرية الجديدة لمن تكبلت أذهانهم بقناعات حجرية مغلولة في أصفاد حديدية صدئة هي منطق العالم والحواس والحرف .. كلمات الرب يسوع تنزع النقاب عن وجوهنا الملثمة لنرى الحقيقة ، نرى ما يختبئ خلفه من ملامح إنساننا الداخلي . إنها افتضاح رقيق لزيفنا وازدواجيتنا حتى نبدأ في إماتة إنساننا العتيق بنصل الكلمة نفسها . لا تفتضحنا كلماته أمام الجموع ولكن فقط أمام نفوسنا ..

عهد الصحراء

لطالما كانت البراري المصرية ذات جاذبية خاصة ؛ فسحر الصحراء الخلاب الممتزج بقوة السكون جعلت منها محط أنظار الكثيرين على مدى العصور . ولعل ظهور الحركة الرهبانية المدفوعة بقوة روح الله ، كانت بمثابة المغناطيس الذي جذب أنظار العالم إلى الصحراء ، لا كمكان للخلوة ولكن كمكان للحياة ومعاينة الله . والحديث عن البرية لا يمكن أن يستقيم دون تذكر كوكب البرية اللامع ، أنطونيوس ، الذي دشئن من البرية مذبحاً كبيرا لتقديم ذبائح حية مرضية أمام الله . وإن مجرد ذكريات أنطونيوس هي عون كبيرا ، هكذا أعلن القديس أثناسيوس في السيرة التي خطها بيده عن أنطونيوس الذي صار مثلاً يترجى مجاراته الكثيرون ، في سعيهم نحو المخلص . فحينما بدأت الحركة الرهبانية ، بدأت في قلب أنطونيوس ذلك الشاب الذي قرر أن يتبع المخلص ويحقق الوصية في ملئها مهما كلفه الثمن ، مستندا على وعد الرب بأن الذي يصبر إلى المنتهى ، فذاك يخلص . وببزوغ نجم أنطونيوس الروحي ، الذي رفعه الروح على المنارة ليستضئ بضيائه الجميع ، بدأ التساؤل وبدأ التفكير ف مدى صدق تلك الحياة ومدى إنجيلية تلك الحركة الوليدة

نحو التوبة

الحياة اليوم أصبحت وادي من القلق . وإنسان اليوم أصبح قلقا أكثر من أي وقت مضى ، فالتمدن والتحول الذي طرأ على الحياة محولاً إياها إلى مجتمع استهلاكي قد غيّر من خصائص السلوك البشري بل وأثر بشكل مباشر على تفكيره وقراراته وقناعاته وأولوياته ، مما جعل الإنسان ممزقا بين ما يراه وما يريده . حتى إرادة الإنسان نفسها قد طالتها ثقافة المدنية والاستهلاك فأصبحت إرادة هشة مشوشة مغيبة متلقية ، وكل هذا قد آل في نهاية الأمر إلى التغرب الكياني الذي استوطن خرائب قلب الإنسان . حتى النهضة التي كانت تهدف إلى سعادة وراحة ورفاهية الإنسان أصبحت شوكة في كيانه لا يستطيع أن ينتزعها ، وذلك لأن النهضة أعادت توزيع الأدوار الكونية ، فجعلت من الإنسان مركزا للوجود ، عليه أن يحقق بنفسه الاستقرار للكون وللطبيعة ولذاته ، وهو ما يفوق قدراته ويتعدى اختصاصاته في هذه الحياة . فتنامى القلق الوجداني وتسلّل إلى الكيان وتحول إلى قلق كياني لا يهدأ ولا يتوقف ، يحاصر الإنسان ليل نهار ، يبعده عن هويته الذاتية ، ويعمي بصيرته عن معرفة دوره في الحياة والوجود . والقلق بحسب تعريف كيركجارد ( الفيلسوف الدانماركي ) هو [ التحديد الدقيق للخطيئة ] . فالقلق هو نتيجة تجذر للخطيئة في كياننا الإنساني وما يتبعه من تغرب الإنسان عن الله . فالخطيئة هي توثر إنساني ينشأ حينما ننحرف عن مسارنا ، ونشوه خلقتنا بالتحالف مع العالم والرضى بمدار الحياة الزمني والتمتع الوقتي بلذات الحواس المادية . وهذا التوتر يستمر طالما الإنسان قانع بمركزيته في الحياة رافضا تسليم دفة القيادة الله مرة أخرى . وهذا عينه ما وصفه القديس مكاريوس الكبير بأنه السقوط في [ فقر الخطيئة المرعب ] .

رسالة القديس يعقوب

إن تلك السلسلة التي بين يديك " سلسلة الكرمة الحقيقية للدراسات الكتابية هي محاولة متواضعة للدخول إلى نصوص العهد الجديد وشرحها بشكل مبسط . ليست تفسيرا أكاديميا ولكنها إضاءات على النص وخلفياته . في محاولتنا هذه راعينا أن نضع أمام القارئ أدوات يمكنه من خلالها أن يدخل إلى أعماق جديدة في استيعاب النص الكتابي . سيجد القارئ الكلمات اليونانية المستخدمة مع معنى لكل كلمة ، كما أنه سيطالع شرحا مبسطا للمعنى الروحي للنص فضلاً عن بعض الخلفيات التي يمكن أن تكون عاملاً مساعدا في استيعاب الأجواء العامة أثناء كتابة النص . كما راعينا ألا يكون النص الكتابي بعيدًا أجواء الصلاة ؛ فالكلمة روح وحياة كما أعلن لنا الرب يسوع ، لذا كان من الضروري أن نضع بعض النصوص من الصلوات الليتورجية التي تستمد أصلها من النص أو تلقي بالضوء على ممارسة النص في إطار ليثورجي كنسي . كذلك أضفنا الخبرات الحية لآباء الكنيسة سواء الآباء المعلمين أو الآباء النساك حتى نرصد النص متحركا في حياة من ساروا وراء الربّ يسوع ومعرفة كيف طبقوه ومن ثم تغيرت حياتهم إذ صارت إنجيلاً حيا متأنسًا . وفي كل هذا لم نغفل الدراسات الحديثة في الشروحات ، فسيجد القارئ العديد من المقالات المترجمة لعلماء ودارسين لكلمة الله حتى يمكننا أن نكون على دراية بالمعنى من زوايا متعددة . نضع هذا العمل بين يدي الله متلمسين نعمته لتعمل في كل من يطالع السلسلة من أجل فهم أعمق للكلمة ولكن يبقى الأهم هو أن يكون هذا العمل من أجل حياة أكثر تعبيرا عن غنى الكلمة وقتها .

مدخل إلى فهم كلمة الله

هذا الكتاب كان منبته حوارا مع بعض الشباب تطرقنا فيه لكلمة الله وكيف نفهمها اليوم ، ومن ثم كيفية تقديمها في شكل ملائم لمن حولنا سواء كان هذا التقديم خدمي أو كرازي . ولكن ما لفت نظري هو أن كلمة الله بدا غائما للغاية فقد كان الوعي بمفهوم الكلمة وطبيعتها وفعلها ومكانتها لا يزال مخلخلاً . لمست شكلاً من أشكال التنزيل ! ( أن النص تم تمليته كما هو على شخص ما ) في فهم كلمة الله ما يمكن تفسيره بوضوح نتيجة معايشتنا الثقافية لمعتقدات تؤمن بهذا الأمر . مفهوم وهو كما لاحظت أن هناك اتجاهان في التعامل مع الكلمة ؛ أحدهما يرتكز في النص الكتابي ولا يريد أن يخرج منه إلى أي شكل آخر من أشكال العلاقة مع الله ، وخاصة العلاقة المؤسسة على نص من النصوص القديمة ، تبلور هذا الاتجاه في استدلال البعض بالنصوص الكتابية بشكل آلي وسريع وإن كان في سياق مختلف عن سياق النص المقتبس عنه . لدى هذا الاتجاه نجد أن الممارسة الليتورجية ليست على قدم المساواة مع النص الكتابي ؛ فالنص الليتورجي بالنسبة له يمكن استبداله بالعديد من النصوص دون تأثير يذكر ! وحينما حدثته حول أقدمية بعض النصوص الليتورجية عن النص الكتابي ، بدا حائرا !!

من هم اباء الكنيسة

إن العصر الحديث بقيمه الإنتاجية الاستهلاكية وبسرعته اللاهثة وراء كل ما هو جديد ، حينما يتوقف أمام آباء الكنيسة نجده يرمقهم بنظرة تمتزج فيها الحيرة مع التعالي تحت مظلة ضبابية من عدم الفهم والشعور بالغموض . ولعل الأمر المحزن أن الكثير من الشباب المسيحي المعاصر في العالم أجمع متغرب عن الآباء بدعوى المعاصرة والحداثة ، فمؤلفات الآباء مازالت متغربة ـ في معظمها ـ عن مكتبات الشباب . والآباء في فكر البعض تم اختزالهم إلى لقب أو مقولة عامة شمولية تلقي بالضوء على منحى أحادي من حيواتهم الثرية . فإغناطيوس الأنطاكي هو الثيوفوروس ( حامل الله ) وبنتينوس هو النحلة الصقلية الذي يجمع رحيق الأزهار من مروج الرسل والأنبياء ، ليحولها في نفوس سامعيه إلى مبادئ المعرفة الخالدة ، كما كتب كليمندس السكندري . وإيريناؤس هو الذي قيل عنه إنته قضى على الغنوسية وأقام علم اللاهوت . وأثناسيوس هو المدافع عن الإيمان وهو الذي قيل عنه إنه “ ضد العالم ، كما دعاه ، ثيودوريت | الأسقف ؛ “ المنبر الأعظم ” . ويوحنا هو الذهبي الفم ، الواعظ الذي لا يدانيه أحد في القدرة على الوصول إلى مستمعيه وتحريك قلوبهم بكلماته المؤثرة والممسوحة بالصبغة البلاغية . وكيرلس هو “ عمود الدين ” أو “ ختم الآباء ’ ’ كما لقبه أناستاسيوس السينائي ، ومارأفرام هو قيثارة الروح ... إلخ . هنا ونجد أن تلك الرؤية الأحادية النقلية من فم لأذن ، تُمثل خريطة ذهنية ذات أوحد ، لا تلج في تفاصيل شرح هذا اللقب أو تلك المقولة . عنصر لست بصدد الغوص في وريقات المخطوطات لاستخرج منها نصوصا آبائية تائهة عن قارئ العربية ، كما إنني لست بصدد إعادة بعث لنصوص صارت نسيا منسيًا . فهذا عمل مؤسسي يحتاج إلى تكاتف العديد من الأفراد والجهات . ولكنني سأحاول جاهدا أن أغوص مع قارئي في بحار فكر الآباء المتسع بحثا عن لآلئ الروح ، زادا للمسير وسط لجج العالم المضطربة بشتى أنواع المعارف والثقافات . ولن أستطيع هنا مهما حاولت جاهدا توخي الدقة والاستبصار والتحليل الموضوعي ، أن أقف على جملة الفكر الآبائي . فقط أسعى لإعادة تأهيل ذاكرتنا ووجداننا لتراث الآباء ، وقراءته من منظور المعاصرة والاحتياج الآني لإنسان القرن الحادي والعشرين . ولعل الذاكرة المتطهرة بلهب ذكرى الآباء ، تصير معملاً لتصدير الفكر والحياة للعالم .

الأيقونة فلسفة الروح

وقفت امرأة أمام أيقونة والدة الإله . كانت سيدة مسنة تقية تذهب للكنيسة كل يوم بعد الغروب لملاقاة العذراء . كانت تتلو تسبحة العذراء وهي حاملة في يدها شمعة ، قائلة : السلام لك نسألك أيتها القديسة الممتلئة مجدا ، العذراء كل حين ، والدة الإله ، أم المسيح ، اصعدي صلواتنا إلى ابنك الحبيب ليغفر لنا خطايانا وبعد انتهاءها من تسبحة العذراء ، كانت تبث آلامها وأتعابها للعذراء كأم حنون وشفيعة قادرة ، فتشعر بسلام عميق يملأ جوانحها .. لم تعاين معجزات ولكنها كانت تمتلئ بسلام الله وتقبل حمل الصليب ، في خضوع ، إذ الصليب مطعم بحلاوة النعمة الإلهية . وإذ تخرج تسبح الله على لمسات الفرح الدافئ الذي ينطق به الذي جلبته العذراء لها من عند ابنها الحبيب الرب يسوع . “ ما ... مصدر الدفء الذي نستشعره في كنائسنا الأرثوذكسية ؟ سؤال قد يتبادر للذهن ، ولكي نجيب عليه علينا أن نخطو داخل الكنيسة بأعين فاحصة لتحليل مصادر الجمال الكنسي الذي هو عينه من مصادر الجمال الأرثوذكسي الأصيل . ومن بين جمالات الكنيسة التي تشع علينا من إطاراتها الخشبية ؛ الأيقونات .

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل