العظات
الآحد الخامس من الخماسين المقدسة – أنا هو الطريق
أنا هو الطريق
اليُوْم الأحَد الخَامِس مِنْ الخَمَاسِين المُقَدَّسَة تِقُول عَلِيه الكِنِيسَة " أحَد الطَّرِيق " وَأُرِيد أنْ أرْسِم أمَامَكُمْ صُورَة لأِسَابِيع الخَمَاسِين وَهُمَّ 7 أسَابِيع ( 7 7 ) وَاليُوْم الخَمْسِين هُوَ يُوْم حُلُول الرُّوح القُدُس .
الأُسْبُوع الأوَّل الإِيمَان
الأُسْبُوع الثَّانِي
الأُسْبُوع الثَّالِث
الأُسْبُوع الرَّابِع
الأُسْبُوع الخَامِس الطَّرِيق
الأُسْبُوع السَّادِس
الأُسْبُوع السَّابِع عَطِيِة الرُّوح القُدُس
أحَد الطَّرِيق يَتَكَلَّم عَنْهُ الإِنْجِيل فِي بِشَارِة مُعَلِّمنَا يُوحَنَّا الإِنْجِيلِي الأصْحَاح 14 وَفِيهِ رَبِّنَا يَسُوع يُهَيِّئ أذْهَانِهِمْ لِفِكْرِة الصُعُود الَّذِي يَسْبِق أرْبِعِينَ يَوْم عَلَى القِيَامَة وَصُعُود رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح ..الكِنِيسَة وَضَعِت هَذَا الأمر لِتُمَهِّدْنَا لِفِكْرِة الصُعُود .. لاَ تَخَافُوا لأِنِّي مَاضِي وَسَوْفَ أتْرُكَكُمْ .. هَذِهِ الكَلِمَات أحْدَثِت إِضْطِرَاب بَيْنَ التَلاَمِيذ لأِنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُوا أنْ يَعِيشُوا بِدُونه ..فَقَالَ لَهُمْ " آمِنُوا بِالله وَبِي أنَا أيْضاً " ( يو 14 : 1 ) .. { أنَا وَالآبُ وَاحِدٌ } ( يو 10 : 30 { لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ . أنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي . فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ . وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ . أنَا أمْضِي لأُِعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً . وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَاناً آتِي أيْضاً وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أنَا تَكُونُونَ أنْتُمْ أيْضاً . وَتَعْلَمُونَ حَيْثُ أنَا أَذْهَبُ وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ } ( يو 14 : 1 – 4 ) .
فُوْق فِي أمَاكِن كَثِيرَة وَلَسْتُ أتْرُكَكُمْ لأِنِّي مَلَلْت مِنْكُمْ وَلاَ لأِجْل عَدَم المَحَبَّة وَلَكِنْ أنَا ذَاهِب لأُِعِد لَكُمْ مَكَاناً وَعِنْدَ أبِي مَوَاضِع كَثِيرَة .. وَفِي التَرْجَمَة اليُونَانِيَّة التَعْبِير أدَق مِنْ هَذَا لأِنَّ المَنْزِل يُفِيد الإِقَامَة المُؤقَتَة وَلَكِنْ كَلِمَة " مَوْضِع " أدَق لأِنَّ المَوْضِع هُوَ مَكَان لِلسُكْنَى الدَائِمَة مِثْل المَكَان التَمْلِيك يَكُون خَاص بِكَ وَأنْتَ حُر فِيهِ .. فِي بَيْت أبِي مَوَاضِع كَثِيرَة لِلسُكْنَى الدَائِمَة المُسْتَقِرَة .. لَوْ كُنْت سَوْفَ أتْرُكَكُمْ هَذَا خَيْر لَكُمْ لأُِرَتِب لَكُمْ أمَاكِن جَاهِزَة .. { أنَا أمْضِي لأُِعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً } .. هَذَا صَنَعَهُ يَسُوع لِيَرْسِم لَنَا الطَّرِيق وَنَطْمَأِن عَلَى مَكَانَنَا .. وَيَقُول إِحْذَر هَذَا مُفْتَاح شَقَّة سَوْفَ أُعْطِيهَا لَك وَلَكِنْ لاَ تَذْهَب إِلَى هَذَا المَكَان قَبْل أنْ أُعْطِيك اليُوْم وَالمَوْضِع الَّذِي سَأُعْطِيه لَك .
رَبِّنَا يَسُوع لَمَّا جَاءَ عَلَى الأرْض تَرَكَ حِضْن أبِيهِ وَتَرَكَ مَكَان وُجُوده كَإِبن مَحْبُوب لأِبِيهِ مِنْ السَّمَاء وَلَمَّا نَزَل مِنْ السَّمَاء تَمْ تَدْبِير الفِدَاء وَقَالَ سَوْفَ أصْعَد لَيْسَ مِنْ أجل التَوَاجُد الفَوْقِي وَلَكِنْ هُوَ ذَاهِب لِيَأخُذنَا مَعَهُ .. لأِنِّي أنَا فِي الأسَاس ( فِي البَدْء ) كُنْت فُوْق فَهذَا الصُعُود مِنْ أجْلِكُمْ أنْتُمْ وَلَيْسَ مِنْ أجلِي أنَا وَالمَكَان مِنْ البِدَايَة هُوَ لَكُمْ وَلَكِنْ لاَبُد وَأنْ يَكُون لَنَا دَالَّة نَدْخُل بِهَا .. يَكُون لَنَا شِئ يُعْطِينَا إِسْتِحْقَاق الوُجُود .. لأِنَّ الإِنْسَان كَانَ عَايِش مَعَ الله وَطُرِدَ بِسَبَب الخَطِيَّة وَوَضَعَ كَرُوب بِسَيْفٍ مِنْ نَار لِيَحْرُس طَرِيق شَجَرِة الحَيَاة ( تك 3 : 24 ) .. وَلَكِنْ رَبِّنَا يَسُوع لَمَّا صَعَد أمَام الآب بِجِرَاحَاته وَدَم صَلِيبه مُمَثِّل لِلإِنْسَان كُلَّه فَتَح لِلإِنْسَان طَرِيق الحَيَاة وَالعَوْدَة .
أعْطَى الإِنْسَان حَقٌّ فِي دَم وَفِدَاء الإِبن .. حَقٌّ فِي دَم رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح .صَارَ لِلإِنْسَان دَالَّة وَأعْظَم حَقٌّ فِي الوُجُود الدَّائِم وَلاَ أحَد يُسْقِطه أوْ يُغْوِيه وَلاَ يُعَرَّض لِلطَرد مَرَّة أُخْرَى .. هَذَا هُوَ الطَّرِيق المُعَد .. طَرِيق الأقْدَاس .. مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول يَقُول{ طَرِيقاً كَرَّسَهُ لَنَا حَدِيثاً حَيّاً بِالْحِجَابِ أيْ جَسَدِهِ } ( عب 10 : 20 ) .. هَذَا الطَّرِيق كَانِت لَهُ شَرِيعَة .. كُلَّ آلاَم رَبِّنَا كَانِت لِلفِدَاء وَلِتُعْطِينَا إِتِسَاع فِي السَّمَاء لِنَنَال بِهَا نَصِيب أكِيد فِي مَلَكُوت السَّموَات .. ذَاهِب لأُِعِد وَأضْمَن لَكُمْ مَكَان وَدَالَّة بِجِرَاح رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح .
وَلَمَّا وَجَدْ التَّلاَمِيذ مُضْطَرِبِين قَالَ لَهُمْ لاَ تَدَعُوا لِلحُزْن مَكَان بَلْ لِلفَرَح لأِنَّنِي أتْرُكَكُمْ لأِخُذَكُمْ لِمَكَانٍ أفْضَل .. مِثْلَمَا يَذْهَب رَبَّ الأُسْرَة في الهِجْرَة يَذْهَب هُوَ أوَّلاً لِيُرَتِّب كُلَّ شِئ قَبْل وُصُولَهُمْ حَتَّى حِينَمَا يَأتُوا يَجِدُوا المَكَان مُعَد وَكُلَّ شِئ مُرَتَّب .. وَيَكُون هُنَاك ضَمَان بِوُجُود الإِبن أوَّلاً – هُوَ يَسْبِقَنَا – أنَا ذَاهِب لاَ تَخَافُوا فِي بَيْت أبِي مَنَازِل كَثِيرَة .. رَبِّنَا يَسُوع فِي تَدْبِير الفِدَاء لَمْ يُهْمِل شِئ وَلَمْ يُسْقِط شِئ لأِنَّ الإِنْسَان المَطْرُود مِنْ حَضْرِة الله وَلاَ يَسْتَحِق سُكْنَى الأرْض صَارَ لَهُ مَسْكَن فِي حِضْن الله وَالسَّمَاء فِي دَالِّة الإِبن .. مِثْل إِبن يَقُوم بِعَمَل حَفْلَة وَيَدْعِي أصْدِقَاؤه وَالأب لاَ يَعْرِفَهُمْ وَلَكِنْ هُوَ يَحْتَفِل بِهُمْ لأِنَّهُمْ أصْحَاب إِبنه .. وَنَحْنُ أيْضاً أصْحَاب وَأصْدِقَاء لِلإِبن وَكُلَّ مَجْد السَّمَاء لَكُمْ وَكُلَّ حَقٌّ الإِبن هُوَ لَكُمْ .. نَحْنُ وَرَثَة لَهُ .
وَلَكِنْ العَطِيَّة وَالبَرَكَات المَأخُوذَة تَحْتَاج إِلَى إِدْرَاك وَكُلَّ مَا لِلإِبن هُوَ لِي وَهُوَ لاَ يَشْعُر ..رَبَّ المَجْد يَسُوع لَمْ يَفْعَل شِئ لِنَفْسه وَلَكِنْ مَاتَ لَنَا وَقَامَ لَنَا وَصَعَدَ لَنَا .. مِثْل أي أب يَقُول أنَا أصْنَع كُلَّ هَذَا مِنْ أجل أوْلاَدِي .. فِكْرَك هَذَا التَعْبِير خَارِج عَنْ تَدْبِير الإِبن ؟!! بَلْ بِدَاخِله .. كُلَّ مَا صَنَعَ كَانَ لَنَا وَلَيْسَ لَهُ .. { وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَاناً آتِي أيْضاً وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أنَا تَكُونُونَ أنْتُمْ أيْضاً } .. سَوْفَ أخُذَكُمْ مَرَّة أُخْرَى لأِنَّ كُلَّ نَفْس مِنْكُمْ غَاليَة عَنْدِي وَأُرِيدَكُمْ مَعِي ..وَكَلِمَة " آخُذُكُمْ " فِي التَرْجَمَة اليُونَانِيَّة بِمَعْنَى " أرْفَعَكُمْ لِيَّ بِاسْتِمرَار " .. مِثْل المَغْنَاطِيس سَأظِل أجْذِب فِيكُمْ حَيْثُ أكُون أنَا فِي السَّمَاء .. سَأظِل رَافِعْكُمْ إِلَى السَّمَاء بِاسْتِمرَار .. رَاحْتِي هِيَ أنْ تَكُونُوا أنْتُمْ مَعِي .
لاَ يُمْكِنْ أصْنَع كُلَّ هَذَا وَتَكُونُوا أنْتُمْ فِي مَكَان وَأنَا فِي مَكَان آخَر .. وَأنَا فِي مَكَانِي وَمَجْدِي وَرَاحْتِي لاَ أكُون مِرْتَاح وَإِنْتَ تَعْبَان ( وِحْدَة ) .. نَحْنُ جَسَد الْمَسِيح وَجِسْمه كُلَّه فِي مَكَان وَاحِد حَيْثُ الْمَسِيح جَالِس عَنْ يَمِين أبِيهِ .. وَنَحْنُ أيْضاً جَالِسِين عَنْ يَمِين الآب وَكَإِنَّنَا فِي الْمَسِيح كُلَّ تَصَرُّف أعْمِله بِالْمَسِيح وَمَعَهُ وَفِيهِ .. كُلَّ أمر أصْنَعه فِي حَيَاتِي أفْعَله لَيْسَ بِمُفْرَدِي وَلَكِنْ مَعَهُ .. أجْمَل أمر وُرِّثَ لَنَا رُوح القَدَاسَة .. إِصْنَع أُمُور دَاخِل الْمَسِيح الَّذِي يَجْعَلَك تَغْفِر لِلإِنْسَان ظُلْم تَصْنَع ذَلِك لَيْسَ بِنَفْسَك وَلَكِنْ بِيَسُوع هُوَ بِدَاخِلَك الَّذِي يَجْعَلَك تِغْلِب شَيْطَان الشَّهَوَة .. الْمَسِيح سِر الغَلْبَة .. { بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ } ( أع 17 : 28 ) .
هَذَا الجَمَال الَّذِي لِرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح فِي حَيَاتنَا .. مَا أجْمَل الإِنْسَان النَّازِل مِنْ مَنْزِله وَهُوَ مَعَهُ فِي العَمَل وَهَوَ يَتَكَلَّم وَهُوَ نَائِم .. الْمَسِيح حَافِظ نُومه .. تَدْرِيب رَائِع هُوَ إِخْتِبَار مَعِيِة الْمَسِيح مَعَنَا يُعْطِي الإِنْسَان هُدُوء وَسَلاَم وَاطْمِئنَان .. إِقْرأ فِي رَسَائِل مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول أُنْظُر كَمْ مَرَّة يَقُول " فِي الْمَسِيح & وَبِالْمَسِيح & وَمَعَ الْمَسِيح " .. كُلَّ حَاجَة عِنْده فِي الْمَسِيح .. لِمَاذَا أخْتَبِر هَذَا الأمر ؟ إِخْتَبِره حِينَمَا تُقْبِل عَلَى فِعْل أمرٍ مَا وَتُرِيد أنْ تَعْرِف إِنْ كَانَ خَطَأ أم صَحِيح وَأنَا شَاكِك فِي هَذَا الأمر إِسْأل الْمَسِيح الَّذِي بِدَاخِلَك سَتَجِد الإِجَابَة وَاحِدَة .
الآبَاء يَقُولُوا { لاَ تَعْمَل عَمَل إِلاَّ وَيَكُون عَلِيه شَاهِد مِنْ الكِتَاب المُقَدَّس } وَحْدَة وَإِتِفَاق كَامِل .. رَأي وَمَشِيئَة وَحُب وَوُجُود .. هَذَا هَدَف الحَيَاة مَعَ الله حَيْثُ يَكُون هُوَ أكُون أنَا .. فِكْرِي وَقَلْبِي وَاشْتِيَاقَاتِي .. آخُذَكُمْ إِلَيَّ .. تِعْرِفُون الطَّرِيق .. هَذَا هُوَ الهَدَف وَيَسُوع طَمْإِنَهُمْ فِيهِ وَأنَّهُ سَيُعَرِّفَهُمْ الطَّرِيق لِيَأتُوا حَيْثُ هُوَ ذَاهِب .. وَتُومَا يَسْأل أنَّهُ لاَ يَعْرِف الطَرِيق ( يو 14 : 5 ) .. حَيْثُ أنَا ذَاهِب عَلَى الصَّلِيب وَبَعْد الصَّلِيب الطَّرِيق إِلَى السَّمَاء .. أنَا ذَاهِب بَعْد قَلِيل وَسَتَجِد بَعْد ذَلِك فِي يُوحَنَّا ( 15 ، 16 ، 17 ) يَشْرَح فِيهَا يَسُوع أسْرَار مَلَكُوت الله وَتَدْبِير الفِدَاء ..وَبَدأ يَسُوع يَرُد عَلَى تُومَا قَائِلاً { أنَا هُوَ الطَّرِيق وَالحَقُّ وَالْحَيوةُ } ( يو 14 : 6 ) .. حَيْثُ يَبْدأ الإِنْسَان يَتْبَع الْمَسِيح فِي طَرِيق الصَّلِيب " 1 " ( أنَا مَاشِي فِي هَذَا الطَّرِيق ) وَطَرِيق السَّمَاء " 2 " ( أنْتَ تَسِير فِي الْمَسِيح يَسُوع ) .. وَإِنْ ضَلَلْت هَذِهِ العَلاَمَات تَكُون أخْطَأت الطَّرِيق حَيْثُ الكَرَامَة وَحُب المَال وَالزِينَة وَالبَاب الوَاسِع وَبِعِدْت عَنْ الطَّرِيق الضَيَّق .. لَنْ تَأخُذ رَقَمْ (2) وَهُوَ السَّمَاء لأِنَّ رَقَمْ (1) هُوَ طَرِيق الصَّلِيب .. لأِنِّي ذَاهِب إِلَى البَاب الضَيَّق أنَا ذَاهِب لأِؤَهِلَك .. لأُِتَمِم تَدْبِير الخَلاَص وَاحْذَر أنْ تَخْتَار طَرِيق آخَر .. كُلَّ إِنْسَان إِسْتَعْفَى أنْ يَحْمِل الصَّلِيب يِجِد حَيَاة صَعْبَة وَيَظِل تَائِه مَهْمَا وَاجِه مُشْكِلَة أوْ تَقَدَّم وَأشْبَع رَغَبَاته تَجِدَهُمْ غِير مَرْضِيِين لأِنَّ الإِنْسَان لاَ يَفْرَح بَعِيد عَنْ الْمَسِيح .. بَعِيد عَنْ طَرِيق السَّمَاء وَالحَيَاة الأبَدِيَّة .. إِسْأل نَفْسَك عَنْ الطَّرِيق .
فِي أعْمَال الرُّسُل يَتَكَلَّم عَنْ الطَّرِيق وَعَنْ الحَيَاة المَسِيحِيَّة رَسَمْ لَنَا الطَّرِيق وَوَصَفَهُ لَنَا بِالصَّلِيب طَرِيق الألَمْ .. وَالبَاب الضَيَّق .. لِذلِك كُلَّ إِنْسَان عَاش الصَّلِيب غَلَبْ العَالم ..{ وَأمَّا مِنْ جِهَتِي فَحَاشَا لِي أنْ أَفْتَخِر إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ } ( غل 6 : 14 ) .. بِالصَّلِيب صُلِبَ العَالم لَنَا وَصَارَ بِلاَ سُلْطَان عَلِينَا .. لَمْ يَعُد جَذَّاب .. وَأنَا لِلعَالم سُمِّرْت .. بِالنِسْبَة لِلعَالم صَارَ لَيْسَ لِي دَافِع أنْ أذْهَب إِلَى العَالم .. حِينَمَا تَصْلُب العَالم وَيُصْلَب هُوَ لَك هَذَا هُوَ الطَّرِيق .. الطَّرِيق الَّذِي يفْتَح لَك .. وَإِنْ كُنْت سَائِر فِي الطَّرِيق إِتبَعْنِي وَانْظُر شَخْص رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح .. إِحْذَر أنْ تَسِير فِي طَرِيق آخَر .. إِحْذَر أنْ لاَ تَأخُذ الطَّرِيق الَّذِي حَدِّدته أنَا أوْ تِمْشِي فِي طَرِيق آخَر .. لاَ تَخْتَار لِنَفْسَك طَرِيق وَتَرْفُض البَاب الضَيَّق .. وَإِنْ كُنْت تُرِيد أنْ تَسْهَر أمَام التِلِيفِزيُون وَالغِنَاء وَالكَلاَم مَعَ النَّاس إِرْجَع لِلطَّرِيق لأِنَّ الطَّرِيق مَعَ الْمَسِيح فِي البَاب الضَيَّق لأِنَّهُ تَعَب فِيه وَكَلِّفه آلاَم إِبنه وَأعْطَاه كُلَّ بَذْل وَتَعَب وَحُب .. { طَرِيقاً كَرَّسَهُ لَنَا حَدِيثاً حَيّاً بِالْحِجَابِ أيْ جَسَدِهِ } .
لاَ تَجْعَل تَعَبه يَذْهَب بَاطِلاً .. سَيَعْجِبَك الطَّرِيق لأِنَّهُ مِنْ أجْلَك لِيوَصَلَك إِلَى السَّمَاء .. مَا أجْمَل الإِنْسَان الَّذِي يَجْعَل السَّمَاء هَدَف شَاغِل قَلْبه وَذِهْنه .. لأِنَّ الفَاقِد الطَّرِيق فَقَد كُلَّ شِئ .. فَقَد الهَدَف .. .. مِثْل إِنْسَان تِسْأله إِلَى أيْنَ أنْتَ ذَاهِب ؟ وَيُجِيبَك أنَّهُ لاَ يَعْرِف لأِنَّهُ فَقَد الهَدَف ..وَلَكِنْ السَيِّد الْمَسِيح كَانَ عَارِف الهَدَف وَأنْتَ أيْضاً سِير فِي الطَّرِيق الضَيَّق المَملُوء صَلِيب وَحِرْمَان لأِنَّ هَذَا الطَّرِيق آخْره السَّمَاء .
وَإِنْتَ فِي رِحْلِة الخَمَاسِين تَحْتَاج إِلَى مُتَطَلِبَات هِيَ .. الإِيمَان .. خُبْز لِلرِحْلَة .. المَاء ..نُوْر لِلطَرِيق .. الطَّرِيق .. سِلاَح الغَلْبَة عَلَى الحُرُوب .. عَطِيِة الرُّوح القُدُس .. قَالَ يَسُوع { أنَا هُوَ الطَّرِيق وَالحَقُّ وَالْحَيوةُ } .. لاَ يَعْرِف أحَد الطَّرِيق إِلاَّ مِنْ خِلاَلِي أنَا وَبِيَّ وَطَرِيقِي هُوَ الصَّلِيب وَبَذْل الذَّات .. إِمْسِك فِيه بِكُلَّ قُوِّتَك وَلاَ تُرْخِيه .. رَبِّنَا يِثَبِّتنَا فِي الطَّرِيق وَيُعْطِي لَنَا إِيمَان وَتَعْزِيَات الطَّرِيق مَهْمَا كَانْ ضَيَّق يِفَرَّحْنَا بِه وَنَقُول لاَ نُرِيد طَرِيق غِيرَك لأِنَّنَا لاَ نَعْرِف آخَر سِوَاك .
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المَجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
القيامة والحرية الأحد الثالث من الخماسين
القيامة والحرية
تَقْرأ عَلِينَا اليُوْم يَا أحِبَّائِي الكِنِيسَة فِي الأحَد الثَّالِث مِنْ الخَمَاسِين المُقَدَّسَة إِنْجِيل السَّامِرِيَّة وَهُوَ يُقْرأ فِي السَنَة ثَلاَث مَرَّات :
(1)خِلاَل الصُوم الكِبِير .
(2)فِي الخَمَاسِين المُقَدَّسَة .
(3)فِي يُوْم حُلُول الرُّوح القُدُس .
فِي الصُوم الكِبير يِكُون مَقْصَدْهَا تِرَكِز عَلَى تُوبِتنَا .
وَفِي الخَمَاسِين يِكُون مَقْصَدْهَا تِرَكِز عَلَى حُرِيِتنَا .
وَفِي يُوْم حُلُول الرُّوح القُدُس
وَاليُوْم الكِنِيسَة تُقْصُد أنْ تِرَكِز عَلَى حُرِيَّة مِنْ كُلَّ عُبُودِيَّة لأِنْ السَّامِرِيَّة كَانِت إِنْسَانَة مَرْبُوطَة وَمُقَيَدَة وَمَاضِيهَا هُوَ خَمْسَة أزْوَاج وَالَّذِي مَعَهَا الآن لَيْسَ زَوْجَهَا ( يو 4 : 18) .. فَهيَ عُبُودِيَّة قَاسِيَة كُلَّمَا تَتَخَلَّص مِنْ رَبَاط تَجِد رَبَاط آخَر وَرُبَّمَا تِكُون مَرْبُوطَة بِعِدِّة أرْبِطَة فِي آنٍ وَاحِد وَهَذَا يُمَثِّل حَال النَّفْس البَشَرِيَّة .. لِذلِك الكِنِيسَة وَضَعِته فِي هَذَا الوَقْت مِنْ السَنَة لِتُنَبِهْنَا أنَّهُ لاَبُد أنْ نَنْعَمْ بِالحُرِّيَّة لِنَتَنَعَمْ بِالقِيَامَة .
وَإِنْتَ تِقُول هِيَّ كَانْ لَهَا خَمْسَة أزْوَاج وَأنَا لَيْسَ لِي فَمَا عِلاَقَتِي أنَا بِهَا ؟ .. أقُول لَك أنَّ كُلَّ إِنْسَان مَرْبُوط فِي حَيَاته بِأُمور تُعِيقه عَنْ مَعْرِفَة الله وَهَذِهِ الرَبَاطَات تُمَثِّل الخَمْسَة أزْوَاج ..كُلَّ وَاحِد مِنَّا عِنْده أُمور تُعِيقه عَنْ الفَرَح بِالقِيَامَة ..كَمْ مِنْ إِنْسَان مِنَّا لَيْسَ عِنْده رُوح الإِتِصَال مَعَ الله وَالحُرِّيَّة لأِنَّهُ أقَامَنَا مَعَهُ لِنَتَمَتَع بِكُلَّ بَهْجِة القِيَامَة .
وَالكِنِيسَة اليُوْم تُنَاشِدَك أنْ تَنْحَل مِنْ رَبَاطَاتَك وَتَقُول لَك نُول الخَلاَص مِنْهُ لأِنَّ هُنَاك بَرَكَات وَقُوَّة كَبِيرَة مُعَطِّلَة مِنْتِظْرَاك .. وَكُلَّ وَاحِد عَنْده رَبَاطَات عَمِيقَة أفْقَدَته مَشَاعِر وَاتِصَال وَحُضُور إِلهه وَأفْقَدِته مَعْنَى حَيَاته فَهُوَ عَايِش وَكَأنَّهُ مَيِّت وَتَجِد بِدَاخِلَك إِنْسَان غِير سَعِيد وَاليُوْم مِثْل بَاقِي الأيَّام الَّتِي مَضَت وَبِذلِك يَكُون الْمَسِيح لَمْ يَقُمْ بِالنِسْبَة لَهُ وَالخَطِيَّة مِقَيِدَاه .. إِذَن الْمَسِيح لَمْ يَقُمْ لأِنَّ الْمَسِيح لَمَّا قَام نَقَلَ لَنَا بَرَكَات القِيَامَة .. القِدِيس يُوحَنَّا فَمْ الذَّهَب يَقُول { العُبُودِيَّة لِلخَطِيَّة أشْرَس مِنْ العُبُودِيَّة لِسَيِّد ظَالِم قَاسِي } .. لأِنَّ الخَطِيَّة لَمَّا تِسْتَعْبِد إِنْسَان تِذِلَّه وَتُهِينه وَتُفْقِده مَعْنَى حَيَاته .. مَا أجْمَل كَلِمَة دَاوُد النَّبِي لَمَّا نَادَى رَبِّنَا بِقَلْب يَإِن وَتَائِب { اقْتَرِبْ إِلَى نَفْسِي . فُكَّهَا } ( مز 69 : 18) .. إِقْتَرِب مِنْهَا لأِنَّ حُب الكَرَامَة وَحُب المَال ألَيْسَ هَذَا رِبَاط ؟!! لأِنَّهُ طَالَمَا الإِنْسَان مُتَمَسِّك بِالكَرَامَة لاَ يَعْرِف أنْ يَتَمَتَع بِبَرَكَات يَسُوع .
لأِنَّ الإِنْسَان فِي ذَاته يُرِيد أنْ يَكُون هُوَ مِحوَر العَالم كُلَّه .. لاَ يُفَكِّر إِلاَّ فِي نَفْسه وَحُقُوقه وَوَاجِبَاته وَلَكِنْ إِذَا إِنْحَل مِنْ هَذَا الرِبَاط نَجِد العَالم مِنْ حَوْله يَزِيد مِنْ مُغْرِيَاته وَيَتَفَنَّن كَيْفَ يَسْتَعِبِد النَّاس .. هَذَا حُب العَالم .. هَذَا رَبَاط حُب المَظَاهِر .. كُلَّهَا أُمور مِسْتَعْبِدَه النَّاس كَمْ مِنْ إِنْسَان يِهْتَمْ بِأُمور خَارِجِيَّة وَآخَر مِسْتَعْبِد لأِمُور مِنْ أجل النَّاس وَالمَظْهَر .. وَهَذَا يَعْنِي أنَّكَ فِي عُبُودِيَة وَتَحْتَاج إِلَى حُرِّيَّة لِتَنْحَل مِنْ هَذِهِ الرَبَاطَات .
إِحْذَر أنْ يَكُون الْمَسِيح قَام وَأنْتَ مَازِلْت فِي القَبْر وَعَلَى بَابه خِتم .. إِحْذَر أنَّهُ قَدْ قَامَ وَأنْتَ مَازِلْتَ مَرْبُوط .. لأِنَّ الإِنْسَان دَائِماً فِي صِرَاع دَاخِله تَتَحَدَّث مَعَهُ عَنْ شِئ وَهُوَ عَايِش فِي حَيَاة أُخْرَى .. لأِنَّ وَاحِد فِي قَبر وَأنْتَ تُحَدِّثه عَنْ جَمَال الحَيَاة الخَارِجِيَّة .. مِثْل المَسْجُون الَّذِي تَتَحَدَّث مَعَهُ عَنْ أُمور النَّاس الخَارِجِيَّة وَلَكِنْ فَكَّر مَعَهُ كَيْفَ يَنْحَل مِنْ هَذَا الرِبَاط .. لأِنَّ الإِنْسَان فِي حَيَاته مَعَ رِبَاطَاته بِاسْتِهْتَار وَأكْبَر دَرَجَة هِيَ أنَّ الإِنْسَان يَتَعَالَى فِي عِلاَقته مَعَ الله وَيَتْرُك العَالم وَالخَطِيَّة يِسْتَعْبِده وَيَظِل صَامِت وَيَنْظُر إِلَى وَاقِعه عَلَى أنَّهُ لَيْسَ هُنَاك أفْضَل مِنْ هَذَا .. وَهَذَا هُوَ رَفْضه لِلحُرِّيَّة .
رَبَاطَات حُب العَالم وَالشَهَوَات كُلَّهَا أُمور تُحْصُد مَذَلَّة وَتَعُوق الإِنْسَان جِدّاً .. لِذلِك أحِبَّائِي إِنْسَان يُرِيد أنْ يَنْحَل مِنْ هَذِهِ الرَغَبَات يَنْحَل أوَّلاً مِنْ الرِبَاطَات الَّتِي بِالدَّاخِل وَلاَ يَنْظُر إِلَى أُمور خَلِيعَة وَيَظَل صَامِت لأِنَّ هَذِهِ هِيَ العُبُودِيَّة .. وَإِنْ نَظَرْت وَلَوْ لِلَحْظَة إِلَى شِئ بِهِ شَر وَتُحَاوِل الإِبتِعَاد عَنْهُ تَجِد جَسَدَك قَدْ إِمْتَلأَ شَهوَة مِنْ المَنْظَر الَّذِي مَرَّ بِهِ وَذَلِك لأِنَّكَ تَرَكْت نَفْسَك لِلعُبُودِيَّة .. لاَ تَتْرُك نَفْسَك وَلَوْ لِلَحْظَة وَلَوْ لِشِئ شِبه خَلِيع .. هَذَا إِنْسَان يَسْعَى أنْ يَفُك نَفْسه .. وَالمَذْلُول هُوَ مَرْبُوط وَمُسْتَعْبَد وَمُحْتَاج صُرَاخ وَآنِين لأِنَّهُ مَسْجُون دَاخِل رِبَاطَات المَال وَرِبَاط حَيَاته .. نَجِد إِنْسَان يَتَكِل عَلَى الكِذب وَالخِدَاع وَعَلَى المَال وَعَلَى .. وَكُلَّمَا زَاد المَال يَفْتَقِد لَهُ أكْثَر وَتَزْدَاد العُبُودِيَّة .
هَذَا حَال السَّامِرِيَّة الَّتِي تَقَابَلَت مَعَ يَسُوع مُقَيَّدَة وَمَشْلُولَة وَلَمْ تَرْفُض وَاقِعْهَا وَهيَ عَارْفَة أنَّهَا عَلَى خَطَأ .. وَنَحْنُ مَا هُوَ وَضْعِنَا وَنَحْنُ لاَ نَعْرِف أنَّنَا فِي الخَطِيَّة رَغْم أنَّ الكِنِيسَة وَالإِنْجِيل يُحَذِرْنَا مِنْهَا ؟ لَيْسَ الرِبَاطَات طَرِيق الحُرِّيَّة الَّذِي كَانَ لِلسَّامِرِيَّة .. بَلْ المُقَابَلَة مَعَ الْمَسِيح لأِنَّ المُقَابَلَة مَعَهُ تَحِل الأوْجَاع .. وَأنَا كَيْفَ أتَقَابَل مَعَهُ عَلَى المُسْتَوَى الشَّخْصِي وَالحَيَاتِي وَالدَّاخِلِي ؟ .. أنَا أتَقَابَل مَعَهُ وَأشْعُر بِهِ وَأتَقَابَل مَعَهُ فِي قَلْبِي .. فِي مَشَاعِرِي .. وَأكُون شَاعِر بِهِ جِدّاً .. وَيَقُول الكِتَاب أنَّهَا لَمَّا تَقَابَلَت مَعَهُ تَرَكَت جَرِّتهَا ( يو 4 : 28 ) وَ" الجَرَّة " هِيَ إِنَاء مَصْنُوع مِنْ الطِين .. نَجِد إِنْسَان يَأخُذ مِشْوَار مَخْصُوص فِي عِز الحَر لأِنَّ هُنَاك أمر أعْلَى يِشْغِلْهَا وَحِينَمَا تَقَابَلَت مَعَ الْمَسِيح تَرَكِت الجَرَّة الَّتِي مِنْ أجل أنْ تِمْلأَهَا جَاءَت فِي ذَلِك الوَقْت مِنْ النَّهَار الشَدِيد الحَرَارَة وَالجَرَّة المَصْنُوعَة مِنْ الطِين هِيَّ الشَهَوَات العَالَمِيَّة الَّتِي تَجُر الإِنْسَان لأِبعَد دَرَجَة فِي الأرْض وَالشَهَوَات تَسْتَعْبِدْنَا إِلَى أسْفَل وَتَزْدَاد سُلْطَان .. كَمْ مِنْ أنْفُس تَقَابَلَت مَعَ الْمَسِيح وَانْحَلِّت مِنْ رِبَاطَتْهَا مِثْل :
الأُمُور الَّتِي شَغَلِته تَرَكْهَا وَتُشْعُر إِنَّك فِي حُرِّيَّة مَعَ الْمَسِيح .. مِنْ المُؤسِف أنْ نَكُون مَسِيحِيِين وَلَمْ نَتَقَابَل مَعَ الْمَسِيح .. لَوْ سَألنَا كَمْ وَاحِد مِنَّا يَشْعُر بِمَذَاقِة الْمَسِيح فِي حَيَاته وَمَعْرِفَته الحَقِيقِيَّة ؟نَجِد نِسْبَة ضَئِيلَة جِدّاً مَرَّة مِنْ المَرَّات قَامَ كَاهِن فِي كِنِيسَة أُرثُوذُكْسِيَّة وَلَكِنْ خَارِج مَصْر بِعَمَل إِحْصَائِيَّة عَنْ الَّذِينَ لَهُمْ عِشْرَة حَقِيقِيَّة مَعَ يَسُوع وَشَاعِر بِه وَأحْضَر 150 شَاب وَشَابَّة مِنْ المُنْتَظِمِين فِي حَيَاتهُمْ وَالكِنِيسَة وَكَمْ مَرَّة تِحْضَر الإِجْتِمَاع .. وَكَمْ مَرَّة تِتنَاوِل مَعَ أصْدِقَائَك .. ثُمَّ سَأل السُؤال الَّذِي مِنْ أجله هَذِهِ الإِحْصَائِيَّة هَلْ تَشْعُر بِالْمَسِيح وَاقِعِيّاً فِي حَيَاتَك ؟ فَوَجَد نِسْبَة ضَئِيلَة جِدّاً .. إِنْسَان لاَ يَشْعُر بِيَقِين أنَّهُ يَعْرِفه .. لأِنَّ كَلِمَة " عَرَف أوْ مَعْرِفَة " فِي الكِتَاب المُقَدَّس تَعْنِي" زَوْجَيْن إِتَحَدُوا بِبَعْض " .. مَعْرِفَة لِلْمَسِيح بِمَعْنَى إِتِحَاد كَيَانِي وَجَسَدِي وَعَاطِفِي وَقَلْبِي .. إِنْدِمَاج .
وَلَوْ أرَدْت أنْ تَقُول أنَّكَ عَارِف الْمَسِيح إِسْأل نَفْسَك تِعْرَفه عَلَى أي مُسْتَوَى .. احْذَر مِنْ أنْ تَكُون المَعْرِفَة الشَكْلِيَّة أوْ النَظَرِيَّة .. مِثْل إِنْسَان يِسْألَك تِعْرَف رَئِيس البَلَد ؟ يُرُد قَائِلاً نَعَمْ أرَاه فِي التِلِيفِزْيُون .. أسْمَع لَهُ حَدِيث .. أقْرأ عَنْهُ فِي الصُحُف وَلَكِنْ تَقَابَلْت مَعَهُ .. لاَ ..وَالخُوف أنْ تَكُون مَعْرِفَتَك عَنْ يَسُوع مِثْل ذَلِك الإِنْسَان .. تِسْمَع عَنْهُ وَتِعْرَف عَنَّه مَعْلُومَات وَتَكْتَفِي بِهذِهِ المَعْلُومَات وَهَذَا خَطَأ كَبِير لأِنَّ هَذِهِ لَيْسَت مَعْرِفَة .. لاَ تَكْتَفِي بِمَعْلُومَة عَنْ الْمَسِيح وَحَيَاته .. المَفْرُوض إِنَّك تَقَابَلْت مَعَهُ فِي خَفَاءَك .. وَاحِد مِنْ الآبَاء القِدِّيسِين قَالَ { إِنْ وُلِدَ يَسُوع ألف مَرَّة فِي مِزْوَد وَلَمْ يُوْلَد فِي قَلْبَك هُوَ بِالنِسْبَة لَك لَمْ يَتَجَسَّد بَعْد } .
لاَبُد أنْ أشْعُر بِهِ فِي حَيَاتِي بِنَبَضَات قَلْبِي لأِنَّ فِكْر الكِنِيسَة لَمَّا تِصَلِّي تِقُول عَنْ الشَّهَوَات الثَقِيلَة كَيْفَ أتَحَرَّر مِنْهَا ؟ بِقُوَة أعْلَى مِنْهَا وَهيَ قُوَّة مَعْرِفَة الْمَسِيح وَخِبْرِة مَعْرِفِة الْمَسِيح وَهُنَاك إِتِجَاه يَجْعَل الإِنْسَان يَكْتَفِي بِالعِبَادَة فِي الكِنِيسَة وَلَكِنْ هَذَا لاَ يَكْفِي هِيَ تُنَمِّيك لِتَرْفَعَك .. وَاحِد مِنْ الآبَاء القِدِّيسِين يَقُول { الصَّلاَة فِي المَخْدَع خَيْر مِنْ ألف صَلاَة بَيْنَ النَّاس } ..الصَّلاَة الجَمَاعِيَّة هَامَّة وَلَكِنَّهَا لاَ تَلْغِي الصَّلاَة وَالعِشْرَة الفَرْدِيَّة لأِنَّنَا نَأخُذ فِكْر وَقَلْب وَعِبَادَة وَطِلْبَة وَاحِدَة وَقُلُوب مَرْفُوعَة .. إِخْتِبَار شَخْصِي جِدّاً إِنَّك تِعْرَفه .. إِحْذَر أنْ يَكُون الْمَسِيح بَعِيد عَنْكَ لأِنَّهُ دُفِن وَصُلِب وَقَامَ وَصَعَدَ مِنْ أجْلَك .. كُلَّ هَذِهِ العَطَايَا لاَبُد أنْ تَخْتَبِرْهَا .
أُنْظُر لِفِكْر الإِتِحَاد بِالْمَسِيح يَسُوع عِنْدَ مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول وَصَل لِدَرَجَة فِي الْمَسِيح .. بِالْمَسِيح وَمَعَ الْمَسِيح .. بَيْنَ كُلَّ آيَة وَأُخْرَى يَقُول وَاحِدَة مِنْ الثَّلاَثَة – إِنْسَان كُلَّ حَيَاته فِي الْمَسِيح وَبِهِ وَمَعَهُ – مَعَ الْمَسِيح صُلِبت ( غل 2 : 20 ) .. أقَامَنَا مَعَهُ ( أف 2 : 6 ) .وَدُفِنّا مَعَهُ ( رو 6 : 4 ) .. إِنْدِمَاج كَامِل بِينَك وَبِينه هَذَا هُوَ الكَلاَم .. أُنْظُر إِنْتَ عَايِش أم لاَ ؟ فِي حَيَاتَك اليَوْمِيَّة تَصْرُخ لَهُ وَتَشْعُر أنَّهُ مَعَك سَتُجَاهِد بِالْمَسِيح وَفِيهِ وَمَعَهُ لِدَرَجِة أنْ تَصِل إِلَى حَالِة{ فَأَحْيَا لاَ أنَا بَلْ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ } ( غل 2 : 20 ) .
هَذَا مَا حَدَث مَعَ السَّامِرِيَّة وَالقُوَّة الَّتِي أخَذِتهَا لأِنَّهُ كَانَ مُمْكِنْ أنْ تَتَقَابَل مَعَهُ وَلاَ تَشْعُر بِهِ مِثْلَمَا حَدَث فِي البِدَايَة كَانَت تَقُول لَهُ " أنْتَ رَجُل يَهُودِي وَأنَا إِمْرَأة سَامِرِيَة ( يو 4 : 9 ) " لأِنَّهُ مِنْ المُمْكِنْ أنْ أتَقَابَل مَعَ يَسُوع وَلاَ أعْرِفه لأِنَّ قَلْبِي مُغْلَق .. إِحْذَر مِنْ أنْ تَصْنَع حَوَاجِز مَعَ يَسُوع .. أُطْلُب مِنَّه إِنْتَ مَاء عَادِي يُعْطِيك مَاء حَيَاة .. إِعْطِي غُفْرَان وَاعْطِي قَلْب مَفْتُوح مَرْفُوع وَهُوَ يُعْطِيك .. لاَ يُمْكِنْ أنْ تَنَال حُرِّيَة دُونَ أنْ تَنَال حَيَاة مَعَهُ .. وَلاَ يُمْكِنْ أنْ نَدْخُل فِي حَيَاة مَعَهُ دُونَ أنْ نَنَال حَيَاة فِي أعْمَاق قَلْبه .. مَعْرِفَة الْمَسِيح تُصَحِّح كُلَّ حَاجَة وَالآلاَمَات تِترَفَع وَالأفْرَاح وَالطَّعَام وَالشُرْب تِكُون مَعَ الْمَسِيح وَتَشْكُره .
حَتَّى وَإِنْ حَصَلْت عَلَى المَال كُلَّ شِئ نَظْرِته تِخْتِلِف لإِنَّك نَظَرْت لَهُ فِي الْمَسِيح يَسُوع ..اليُوْم الكِنِيسَة تُرِيد أنْ تِرَكِّز عَلَى نَفْس مَرْبُوطَة بِالقِيَامَة تَنَال الحُرِّيَّة .. هَذِهِ بَهْجِة القِيَامَة إِنَّك إِنْسَان حُر تَتَقَابَل مَعَ الْمَسِيح وَتَقُوم فِي القِيَامَة .. نَحْنُ الآن تَرَكْنَا أُمور كُنَّا نَصْنَعْهَا فِي المِيطَانيَات وَالصُوم الإِنْقِطَاعِي وَلَكِنْ أقُول لَك الحُرِّيَّة وَهيَ جِهَاد أجْمَل كَثِيراً مِنْ جِهَاد الصُوم لأِنَّ جِهَاد الصُوم الكِبِير نَقُوم بِهِ لِنَنَال عَطِيِة وَلَكِنْ فِي الخَمَاسِين نُجَاهِد لأِنَّنَا نِلْنَا عَطِيَة بِالفِعْل لِنُحَافِظ عَلَيْهَا .. مِثْل إِنْسَان أرَادَ أنْ يَحْصُل عَلَى وَظِيفَة وَدَخَل إِمْتِحَان وَاجْتَهَد حَتَّى حَصَل عَلِيهَا هَلْ يَكْتَفِي بِذَلِك أم يُثْبِت جَدَارَة فِي هَذَا المَكَان ؟ وَنَحْنُ حِينَمَا نِلْنَا عَطِيِة الكَرَامَة نُجَاهِد لِنَتَمَتَّع بِالعَطَايَا حَتَّى نَصِل إِلَى خَمْسَة عَطَايَا وَهيَ عَطَايَا الرُّوح القُدُس .
وَالمَفْرُوض أنَّنَا اليُوْم لاَ نَهْدأ حَتَّى نَصِل إِلَى عَطِيِةالرُّوح القُدُس وَبَعْد مَا تَأخُذ العَطِيَّة العُظْمَى إِنْطَلِق جُول بَشِّر بِالخَلاَص حَتَّى تَسْتَشْهِد .. حَتَّى تَمُوت فِي الْمَسِيح يَسُوع .. حَيَاة مَلِيئَة بِالحَرَكَة الدَّائِمَة فِي الْمَسِيح لأِنَّنَا أحْبَبنَا حَقّاً وَتَرَكْنَا كُلَّ شِئ مِنْ أجْله .
رَبِّنَا يِفَرَّحْنَا بِه وَبِمَعْرِفَته فِي دَاخِل قُلُوبنَا
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته
وَلإِلهنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
الصوم والشفاء من الخطايا
الصوم والشفاء من الخطايا
اليَوْم هُوَ الأحَد السَّادِس مِنْ الصُوْم المُقَدَّس وَالكِنِيسَة تُسَمِيه أحَدٌ المِخَلَّع .. لِذلِك نُحِب أنْ نَأخُذ فِكْرَة سَرِيعَة عَنْ آحَاد الصُوْم وَارْتِبَاطْهَا بِبَعْضَهَا البَعْض .. هُمْ مِنْ البِدَايَة إِلَى النِهَايَة تِسْعَة آحَاد وَيُمْكِنْ تَقْسِيمَهُمْ إِلَى ثَلاَث مَجْمُوعَات كُلَّ مَجْمُوعَة تَضُمْ ثَلاَث آحَاد :
تَبْدَأ الرِّحْلَة بِهذَا التَّسَلْسُل .. فِي أُسْبُوع الإِسْتِعْدَاد الكِنِيسَة تَقُول لاَبُد وَأنْ يَكُون لَكَ أسْلِحَة تُحَارِب بِهَا وَتُظْهِر الكِنِيسَة هذِهِ الأسْلِحَة فِي الوَصِيَّة " الصَدَقَة .. الصُوْم .. الصَّلاَة " .. وَنَجِد أنَّ الصَدَقَة تَتَقَدَّم عَنْ الصُوْم وَالصَّلاَة وَهُمْ يُمَثِّلُوا مُثَلَّث أهَمْ ثَلاَث عِلاَقَات لَنَا مَعَ الله :
لأِنَّ الصَدَقَة هِيَ عِلاَقَتِي بِالآخَر وَأنَّ عِنْدِي حَنَان وَأشْعُر بِمَدَى إِحْتِيَاجَاتُه وَأنَّهَا جُزء مِنِّي .
وَالصُوْم يُمَثِّل عِلاَقَتِي مَعَ الله .
وَالصُوْم تُمَثِّل عِلاَقَتِي مَعَ نَفْسِي .
هَؤُلاَء الثَّلاَثَة مُرْتَبِطِين فِي البُّنَاء الرُّوحِي لأِنَّهُ حِينَمَا تَنْمُو عِلاَقَتِي مَعَ الله يَزْدَاد قَبُولِي لِلآخَر وَقَبُولِي لِنَفْسِي .
لِذلِك نَتَعَجَّب أنَّ الوَصِيَّة تَبْدَأ بِالصَدَقَة لأِنَّهَا نَتِيجَة لِلعِشْرَة مَعَ الله لأِنَّهَا كُلَّمَا زَادِت زَادَ حُنُوَك نَحْوَ الآخَرِين .. مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول يَقُول { لِكَيْ تَكُونَ فِي هذَا الْوَقْتِ فُضَالَتُكُمْ لإِعْوَازِهِمْ كَيْ تَصِيرَ فُضَالَتُهُمْ لإِعْوَازِكُمْ حَتَّى تَحْصُلَ الْمُسَاوَاةُ } ( 2كو 8 : 14) .. بِمَعْنَى أنْ تَتَسَاوَى الفَضَلاَت مَعَ الإِعْوَاز وَالصَّلاَة هِيَ عِشْرَة خَفِيَّة مَعَ الله دَاخِلِيَّة لِذلِك لاَبُد وَأنْ يَكُون لَكَ جِهَاد بِينَك وَبَيْنَ الله .. وَالصُوْم عِلاَقِة ضَبْط لِلنَّفْس أسْلُك بِالرُّوح وَلاَ أُكَمِّل شَهْوِة الجَسَد وَلاَ أكُون مُنْصَاع وَرَاء شَهَوَاتِي .. وَحِينَمَا تَصِل فِي هذَا الأُسْبُوع إِلَى هذِهِ المَرْحَلَة تَتَصَدَّق وَتَصُوم وَتُصَلِّي .. فَالكِنِيسَة هُنَا تُحَذِّرَك لأِنَّكَ بِهذَا تَضَعْ كِنْز فِي السَّمَاء لَك .. { اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرِّهِ وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ } ( مت 6 : 33 ) .. تَدَرَّب .. فِيك عُيُون مُشْتَاقَة لِلسَّمَائِيَات وَقُلُوب مَرْفُوعَة لله وَغِير نَاظِرِين لِلأرْضِيَات .. { وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأشْيَاءِ الَّتِي تُرَى بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى } ( 2كو 4 : 18) وَيَكُون قَلْبِي وَفِكْرِي فِي السَّمَاء .
ثُمَّ يَأتِي الأحَد الثَّالِث وَطَالَمَا أصُوم وَأتَصَدَّق وَأُصَلِّي وَقَلْبِي مُكَرَّس وَمَشَاعِرِي مُكَرَّسَة أسْتَعِد لِلتَّجْرُبَة وَاحْذَر لأِنَّ العَدُو لَنْ يَتْرُكَك فَسَيُحَارِبَك بِالطَّعَام وَمَبَاهِج العَالَم وَحُرُوب تَشْكِيك .. لاَبُد أنْ تَعْرِف أنَّ رِحْلِة الصُوْم بِهَا تَسَلْسُل مُعَيَّن وَاعْلَم أنَّكَ بَدَأت مِنْ الدَّاخِل حِينَمَا يُحَارِبَك العَدُو .. وَحَتَّى إِنْ كَانَ جِهَادْنَا الدَّاخِلِي غِير مُنْضَبِط وَلكِنْ العَدُو يُحَارِبْنَا لأِنَّ الَّذِي يَعِيش مَعَ رَبِّنَا بِأمَانَة وَصِدْق وَيَسِير فِي الرِّحْلَة بِانْتِظَام يَهِيج عَلِيه العَدُو جِدّاً .. الصُوْم المُقَدَّس بِالذَّات مَا الَّذِي فِيهِ ؟ لأِنَّكُمْ أُنَاس أوْلاَد الله أعْلَنْتُمْ حَرْب عَلَى رَئِيس هذَا العَالَم وَجَهِّزْتُمْ أسْلِحَة وَالعَدُو يِهِيج جِدّاً وَلكِنْ إِحْذَر مِنْ الغَلْبَة مِنْ الخَطَايَا الذَّاتِيَّة وَالَّتِي فِيهَا تَكُون مَغْلُوب مِنْ نَفْسَك .
وَاحِد مِنْ أوْلاَد القِدِيس مَقَارْيُوس الكِبِير جَاءَ لِيَشْكُو حَالُه لأَبُو مَقَّار وَالعَدُو يُقَاتِلُه بِاسْتِمْرَار فَصَلَّى أبُو مَقَّار لأِجْلُه كَثِيراً وَأخِيراً ظَهَرَ عَدُو الخِير لأَبُو مَقَّار وَقَالُّه إِنْ صَلاَتَك هذِهِ تِحْرَقْنِي وَلكِنْ لَسْتُ أنَا المُخْطِئ بَلْ هُوَ لأِنَّهُ يَنَام كَثِيراً وَيَأكُل كَثِيراً .. لِذلِك إِنْسَان قَلْبُه فِي السَّمَاء وَيُحَارِب مَعَ العَدُو وَغَلَب وَلكِنْ سَتَظَل الحُرُوب مَوْجُودَة .. أنْتَ مُعَرَّض لِحُرُوب شَرِسَة .. مُعَرَّض لِلتَعَبْ وَسَطْ الطَّرِيق فَهُنَا تَبْدَأ الكِنِيسَة تِسْنِدَك .
لأِنَّهُ فِي أحَدٌ الإِبْن الضَّال هُوَ يُمَثِّل مَدَى شَنَاعِة الخَطِيَّة وَتَأثِيرْهَا عَلَى الإِنْسَان وَالَّتِي تَجْعَلُه لاَ يَسْتَحْسِن البَقَاء فِي بَيْت الله .. لأِنَّكَ مُمْكِنْ تِكُون مَوْجُود مَعَ الله وَتَتْرُك البِيت وَتَنْسَى العَزِيمَة الأُولَى وَلكِنْ الإِبْن الشَّاطِر رِجِعْ بِسُرْعَة .. وَلكِنْ هُنَاك أُنَاس تُقَعْ ( تَسْقُط ) وَتَتَكَرَّر الخَطِيَّة وَهيَ الَّتِي تُمَثِّل السَّامِرِيَّة وَلكِنْ هُوَ يَقُول أنَا رَجَاءَك حَتَّى وَلَوْ تَرَكْت بِيت أبُوك وَصَارَ لِلخَطِيَّة سُلْطَان عَلِيك وَلكِنْ أنْتَ لَكَ رَجَاء .
ثُمَّ نُدْخُل عَلَى أحَدٌ المِخَلَّع وَهُوَ لَيْسَ مُجَرَّد تِكْرَار لِلخَطِيَّة بَلْ حَالَة مِنْ الإِسْتِسْلاَم الكَّامِل وَالشَلَل لِلأعْضَاء فِي الذِّهْن وَالجَسَد وَالنَّفْس وَعَدَم القُدْرَة عَلَى أخَذْ القَرَار وَعَدَم القُدْرَة عَلَى إِعْلاَن الرُجُوع إِلَى الله .. ثُمَّ نُدْخُل إِلَى الهَدَف مِنْ الصُوْم وَهُوَ " الإِسْتِنَارَة " وَنَوَال فَوَائِد المَسِيرَة الرُّوحِيَّة وَلكِنْ لاَ خَلاَص خَارِج بَيْت الآب المَمْلُوء بِالعِجْل المُسَّمَن وَالحُلَّة الأُولَى .. لأِنَّ أُسْبُوع السَّامِرِيَّة يُمَثِّل الإِرْتِوَاء مِنْ ثِمَار الرُّوح القُدُس .. وَأُسْبُوع المِخَلَّع لَيْسَ أنْ تَقُوم فَقَط بَلْ وَخَطَايَاك مَغْفُورَة وَتَحْمِل سَرِيرَك .. وَفِي الإِسْتِنَارَة تَقُول { كُنْتُ أَعْمَى وَالآنَ أُبْصِرُ } ( يو 9 : 25 ) .. هُنَاك أُمُور كُنْتُ أُقَيِّمْهَا بِشَكْل خَاطِئ وَلِي مُعَامَلاَت خَاطِئَة مَعَ مَنْ حَوْلِي فَأبْدَأ فِي تَغْيِير كُلَّ هذَا وَذلِك يَتِم بِالمَعْمُودِيَّة فِي أحَدٌ الإِسْتِنَارَة وَبِالسَعَفْ فِي دُخُول الْمَسِيح لأُِورُشَلِيم لأِنَّ أُورْشَلِيم هِيَّ نَفْسَك وَقَلْبَك وَدُخُولُه فِيهَا هُوَ إِعْلاَن إِنْتِصَار عَمَل نِعْمِة الله رَغم كُلَّ مَكَائِد الأعْدَاء .. رَغم الحُرُوب لأِنَّ الله أحَبَّ أُورُشَلِيم .. { الرَّبُّ أَحَبَّ أَبْوَابَ صِهْيَوْنَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَسَاكِنِ يَعْقُوبَ } ( مز 87 : 2 ) .. { هَهُنَا أسْكُنُ لأِنِّي أرَدْتَهُ } ( مز 132 : 14 ) .. ثُمَّ نُكَلَّل بَعْد كُلُّ هذَا بِالقِيَامَة وَانْتِصَارْهَا .
وَاليُوْم نَتَكَلَّم عَنْ المِخَلَّع وَآخِر شِئ وَصَلِت إِلِيه الخَطِيَّة هُوَ إِنْسَان مَشْلُول جَالِس عِنْدَ بَيْت حَسْدَا وَهيَ تَعْنِي " بَيْت الرَّحْمَة " وَالَّذِي يَحْدُث هُنَاك أنَّ هذِهِ البِرْكَة يَأتِي إِليْهَا مَلاَك أحْيَاناً وَيُحَرِّك المَاء وَالَّذِي يَنْزِل أوَّلاً يُشْفَى وَلكِنْ كُلَّ وَاحِد مِنْ الَّذِينَ حَوْلَ البِرْكَة مَعَهُ مَجْمُوعَة مِنْ الأصْدِقَاء لِيُسَاعِدُوه حِينَمَا يَأتِي المَلاَك وَيُلْقُوه فِي البِرْكَة لِيُشْفَى وَلكِنْ حِينَمَا يَتْرُكَهُ الكُلَّ يَكْتَئِب لأِنَّهُ مُمْكِنْ لأِعْمَى وَلكِنْ يَسْتَطِيع الحَرَكَة فَحِينَمَا يَسْمَع أنَّ المَلاَك جَاءَ وَحَرَّك المَاء يُلْقِي بِنَفْسُه وَآخَر مَرِيض بَرَص وَأيْضاً يَسْتَطِيع أنْ يُلْقِي بِنَفْسُه وَلكِنْ لِهذَا المِخَلَّع يَا لَهَا مِنْ حَسْرَة لأِنَّهُ كَثِيراً مَا رَأى المَلاَك وَأُنَاس تُشْفَى وَهُوَ لَمْ يَنْزِل وَرَغم كُلَّ هذَا نَجِد فِي هذَا الرَّجُل مِيزَة عَظِيمَة جِدّاً وَهيَ أنَّهُ لَمْ يَخْرُج مِنْ البِرْكَة .. ظَلَّ بِجَانِبْهَا رَغم كُلَّ هذَا الزَّمَان وَلَمْ يَفْقِد رَجَاءُه وَلَمْ يَتْرُك مَكَانُه .
لأِنَّهُ قَالَ فِي نَفْسُه يُمْكِنْ أنْ يُشْفِق عَلَيَّ أحَدٌ حِينَمَا يُحَرِّك المَلاَك المَاء فَهُوَ بِذلِك يُعْطِينَا نَمُوذَج لِعَدَم فَقْد الرَّجَاء لأِنَّ عَدُو الخِير لاَ يُهِمُّه إِنْ كُنَّا نُخْطِئ كَثِيراً أوْ قَلِيلاً وَلكِنْ الَّذِي يَهِمُّه هُوَ أنْ نِبْعِد عَنْ الله وَأنْ يَقْطَع رَجَاءَنَا بِهِ وَيَكُون سُور بَيْنَك وَبَيْنَ الله لأِنَّ الإِنْسَان نَرَاه يِحْزَن عَلَى الخَطِيَّة وَلاَ يَحْزَن أنَّهُ بَعِيد عَنْ الله .. لأِنَّهُ كَيْفَ أخْطَأت ؟ لاَ يَهِمْ .. وَلكِنْ المُهِمْ أنَّكَ إِبْتَعَدْت عَنْ الله ..لأِنَّهُ مِنْ المَفْرُوض أنْ تَكُون نَتِيجِة الخَطِيَّة هُوَ أنْ تَقْتَرِب مِنْ الله وَلَيْسَ العَكْس .. كَلِمَة جَمِيلَة جِدّاً يَقُولَهَا أبُونَا فِي تَحْلِيل صَلاَة نِصْف الَّلِيل { لاَ تَقْطَع رَجَاءَنَا يَا سَيِّدِي مِنْ رَحْمِتَك } .
لِذلِك مَهْمَا الشَّيْطَان أصَابَنَا بِشَلَل فِي الفِكْر وَالجَسَد إِلاَّ أنَّهُ لَنَا رَجَاء فِي الْمَسِيح يَسُوع .. الجَمَال فِي عَمَل نِعْمِة رَبِّنَا أنَّهَا مُتَافَضِلَة أي أنَّهَا تَزِيد زِيَادَة غِير مُتَوَقِعَة لأِنَّ هذَا مِنْ طَبْع الله كَثِير التَّحَنُّن وَالإِحْسَان لِكَي أتَمَجَّد فِيهِ وَأعْطَى الإِنْسَان أنْ لاَ يَفْقِد رَجَاءُه أبَداً مَهْمَا مَضَى مِنْ الزَّمَان ..وَكُلَّمَا صَعَبِت حَالِة الإِنْسَان كُلَّمَا زَادَ عَمَل الله فِيهِ .. لَكَ رَجَاء فِي الْمَسِيح يَسُوع مَهْمَا كُنْت عَايِش فِي الخَطِيَّة وَلكِنْ اليُوْم أنْتَ لَسْتَ جَالِس عِنْدَ البِرْكَة الَّتِي كَانَ لَهَا خَمْسَة أرْوِقَة وَهيَ الَّتِى تمَثِّل التَوْرَاة .
وَلَكَ أنْتَ أنْ تَعْرِف الفَرْق بَيْنَ الضَّأن وَهُوَ الَّذِي كَانَتْ تُقَدَّم عِنْدُه الذَّبَائِح قَدِيماً وَبَيْنَ مَسِيح العَهد الجَدِيد :
يَا لِعِظَم مَجْدَك يَارَبَّ الَّذِي وَضَعْتَهُ فِي كِنِيسْتَك اليُوْم .. كُلَّ وَاحِد مِنَّا عَنْدُه ضَعْف " مَرَض " لِذلِك لاَ تَدِين الآخَر لأِنَّكَ أعْرَج وَآخَر أعْمَى وَيُوجَدٌ مَنْ هُوَ أبْرَص .. لِكُلَّ وَاحِد مِنَّا الدَاء الَّذِي لَهُ .. يُوجَدٌ مَنْ هُوَ شَهْوَانِي .. مُحِب المَال .. مُحِب السُّلْطَة .. أنَانِي .. كُلَّ وَاحِد مِنَّا لَهُ مَرَضُه العَايِش بِهِ وَكُلِّنَا جَالْسِين عِنْدَ البِرْكَة لِلشِفَاء وَالبِرْكَة هَيَّ المَذْبَح وَالمَذْبَح الَّذِي سَيُعْطِينَا الشِفَاء وَنَحْنُ مُنْتَظِرِين رُوح الله لَيْسَ لِكَي يُحَرِّك المَاء وَلكِنْ لِيُحَرِّك عَصِير الكَرْمَة وَالخُبْز وَيُحَوِّلْهُمَا إِلَى جَسَد وَدَم رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح إِبْن إِلهْنَا وَيَصِير هُوَ الحَمَل الَّذِي بِلاَ عِيب .. وَبِالتَأكِيد هذَا سَيَحْدُث وَلَيْسَ كَمَا كَانَ قَدِيماً " أحْيَاناً " وَلكِنْ كُلِّنَا سَنَخْرُج مُبَرَّرِين لِذلِك سَألَهُ يَسُوع سُؤال لَمْ يَكُنْ مُتَوَقَّع { أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ } ( يو 5 : 6 ) .
إِنْسَان لَهُ 38 سَنَة جَالِس عِنْدَ البِرْكَة مَاذَا يَنْتَظِر ؟ يَرُد يَسُوع أخْشَى أنْ تَكُون تَصَالَحْت مَعَ الخَطِيَّة وَمَعَ المَرَض وَصَارَ جُزء مِنْكَ لاَ تَرْفُضه .. أُرْفُضه وَارْفُض المَرَض الَّذِي بِدَاخِلَك وَاجْعَل الخَطِيَّة شِئ عَارِض .. إِجْعَلْهَا مَوْضِع طِلْبَه وَتَنَهُّد أمَام الله .
لِكَي نَخْرُج اليُوْم وَنَكْرِز بِعَمَل الله لاَ نَخْرُج فَقَطْ مَغْفُورِي الخَطَايَا بَلْ وَحَامِلِين الأسِرَّة وَهذَا يُعْلِنْ أنَّهُ قَدْ صَارَ لَنَا سُلْطَان عَلَى الخَطِيَّة الَّتِي حَمَلِتْنَا اليُوْم حَمَلْنَاهُ نَحْنُ .. وَنَحْنُ نَشْهَد لِعِظَم عَمَل الله فِي حَيَاتْنَا .. الآن هُوَ أبْرَئَنِي وَأعْطَانِي خَلاَص ..أُنْظُر الغِنَى وَاحْذَر أنْ تَتْرُك آحَاد الصُوْم .. لأِنَّكَ سَتَجِد قِرَاءَات الكِنِيسَة طَوَال الأُسْبُوع حَوْلَ مَوْضُوع يُوْم الأحَد .. أنْتَ أيْضاً لَكَ رَجَاء مَعَ هذَا الرَّجُل الَّذِي لَمْ يَفْقِد رَجَاؤه { لِكُلِّ الأحْيَاءِ يُوجَدُ رَجَاءٌ } ( جا 9 : 4 ) .
رَبِّنَا يِسَاعِدْنَا أنْ نَنَال الخَلاَص وَنُنَادِي بِهِ لأِنَّهُ بِمَوْتِكَ يَارَبَّ نُبَشِّر ( مَا يَقُولُه الشَّعْب بَعْد رُشُومَات الكَأس )
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه
وَلإِلهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
أبوة الله الحانية
أبوة الله الحانية
تَحْتَفِل الكِنِيسَة بِفَصْل مِنْ أرْوَع فِصُولْهَا لِكَي يَكُون فِي فِتْرِة الصُوْم الكِبِير المُقَدَّس لِتَحِث وَتُشَجِّع أوْلاَدْهَا عَلَى التَوْبَة وَالرِجُوع إِلَى الله .. لاَ يُوْجَد أسْهَل وَلاَ أجْمَل وَلاَ أوْضَح مِنْ هذَا الفَصْل ( لو 15 ) لِذلِك تُسَمِّيه الكِنِيسَة الإِبْن الشَّاطِر وَلَيْسَ الضَّال لِكَوْنِهِ ضَلَّ لأِنَّ هذَا لاَ يَهِمْ وَإِنَّمَا المُهِمْ أنَّهُ شَاطِر وَرِجِعْ وَالكِنِيسَة تُرِيد أنْ تُعَلِّمنَا رُجُوعه .. لِذلِك أحِب أنْ أرَكِّز عَلَى نُقْطَة مُعَيَنَة وَهيَ " أُبُّوِة الله " .
مِنْ أكْثَر الأُمُور الَّتِي تُسَاعِد الإِنْسَان عَلَى تُوْبته شُعُوره أنَّ الله أبُوه وَحِينَمَا يَفْقِد هذَا الإِحْسَاس تَصِير التُوْبَة صَعْبَة .. وَالتُوْبَة يِيجِي مَعَاهَا أحَاسِيس كِتِيرَة .. إِحْسَاس زَي إِحْسَاس عَدَم القَبُول .. إِحْسَاس إِنِّي أزَّعَل رَبِّنَا مَا تِفْرِقش مَعَايَا كِتِير .. هُوَ بِالنِسْبَة لِيَّ وَاحِدٌ غَرِيب .. لكِنْ لَوْ وُجِدَ إِحْسَاس الأُبُّوَة وَأكُون شَبْعَان بِه ( مِنْ رَبِّنَا ) هُنَا سَأخُذْ قَرَار الرُجُوع وَأنَا فَرْحَان ..يِقُول الكِتَاب { وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ ..... } ( لو 15 : 20 ) .. بِمُجَرَّد إِنَّه سِمِع مِنَّه كِلْمَة مُشْتَاق أنْ يَسْمَعَهَا وَهيَ { يَا أبَتَاه } ( مَا يُقَال فِي القِطْعَة الثَّانِيَة مِنْ صَلاَة الغُرُوب ) ..إِذَنْ مَشَاعِر الأُبُّوَة مَوْجُودَة وَالمَحَبَّة وَالقَبُول مَوْجُود وَكُلَّ شِئ مَوْجُود طَالَمَا المَشَاعِر مَازَالِت مَوْجُودَة فِي القَلْب .
الإِنْسَان لَوْ عَايِز يِتُوب مَفِيش حَاجَة تِسَاعده عَلَى التُوْبَة غِير كِلْمِة " يَا أبَانَا " .. غِير كِلْمِة أنَّ الله أب لِيَّ .. فَالتُوْبَة بِإِحْسَاس البُنُّوَة تِغْفِر جَمِيع الخَطَايَا مَهْمَا تَعَاظَمَت .. مَهْمَا كَثُرَت .. مَهْمَا تَفَاقَمَت جِدّاً إِلَى أقْصَى حُدُودْهَا .. إِحْسَاس البُنُّوَة يِغْفِر .. تَخَيَّل لَوْ الوَلَد دَه مَعَنْدُوش إِحْسَاس البُنُّوَة أوْ تَخَيَّل إِنْ دَه عَبْد غِلِطْ فِي سَيِّده وَقَالُّه " عَاوِز حِسَابِي عَشَان مِش عَاوِز أقْعُد وَحَصَل مَعَاه نَفْس الَّلِي حَصَل مَعَ الوَلَد دَه .. تِخْتِلِف .. إِحْسَاسه إِنَّه عَاوِز يِرْجَع عَنْ إِنْ هُوَ إِبْن وَتِخْتِلِف أيْضاً فِي إِسْتِقْبَال السَيِّد لَهُ .. مُمْكِنْ يِقُول دَه عَبْد بَدَل عَمَل كِدَه مَا يِلْزَمْنِيش .. لكِنْ لَمَّا يِكُون إِبْنه يِكُون نِفْسه يِيجِي .. إِحْسَاس البُنُّوَة هُوَ أسَاس التُوْبَة يِقُولَّك { وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ } ( لو 15 : 20 ) .
كَلاَم مَلِئ بِالمَشَاعِر أعْلَى مِنْ أي عِلاَقَة مُمْكِنْ تُرْبُط بَيْنَ إِثْنَيْن .. وَنَحْنُ أيْضاً حِينَمَا نَشْعُر بِالأُبُّوَة وَالبُنُّوَة الَّتِي لله نَشْعُر بَكَمْ العَطَايَا الَّتِي يُرِيد الله أنْ يُعْطِيهَا لَنَا .. رَبِّنَا يِحِب عِلاَقِتنَا بِه تِكُون مَبْنِيَّة عَلَى البُنُّوَة .. القُدَّاس الإِلهِي رِحْلِة عِبَادَة طَوِيلَة تُهَيِّأك قَبْل التَنَاوُل تُعَمِّق فِيك شُعُور الأُبُّوَة حَتَّى صَلاَة القِسْمَة الَّتِي تَنْتَهِي بِالصَّلاَة الرَّبَانِيَّة { يَا أبَانَا الَّذِي فِي السَّموَات ..... } لأِنَّ هذَا هُوَ الإِحْسَاس الَّذِي يُؤَهِلَك لِلتَنَاوُل لأِنَّهُ بِدُون إِحْسَاس البُنُّوَة لاَ تَسْتَطِيع أنْ تَتَقَدَّم لِلتَنَاوُل لِشُعُورَك أنَّكَ خَاطِئ لأِنَّ هذِهِ النُقْطَة وَهيَ إِحْسَاس البُنُّوَة تُرْجِع لَك كُلَّ الحُقُوق المَسْلُوبَة مِنْكَ .
وَإِذا حَبِّينَا نِعْمِل مُقَارْنَة بَيْنَ حَال الوَلَد فِي الكُورَة البَعِيدَة وَحَالُه فِي بَيْت أبِيهِ سَنَجِد الآتِي :
لأِنَّ الخَاتِم كَانَ يَلْبِسَهُ أبْنَاء المُلُوك لأِنَّ الَّذِي يَلْبِسَهُ دَلِيل أنَّهُ سَيَلِي الحَاكِم وَعَلاَمِة إِرْتِبَاط وَسُلْطَان فِي العُصُور الأُولَى .. وَالخَاتِم يَكُون بِهِ خِتم يُوَقَّع بِهِ الحَاكِم عَلَى كُلَّ القَرَارَات الَّتِي يَتَخِذْهَا .. وَحِينَمَا أعْطَاهُ الأب لإِبْنه هذِهِ إِشَارَة مِنْهُ أنَّ هذَا الإِبْن قَدْ صَارَ سَيِّد هذَا المَكَان .. نَحْنُ كُنَّا نَتَوَقَّع أنَّ الأب سَوْفَ يُقَابِلَهُ وَهُوَ غَاضِب وَمِتغَصَّب لِيُؤدِبُه وَيَطْلُب أنْ يَأكُل وَلكِنْ فِي مَكَانٍ بَعِيد عَنْ أبِيهِ وَلاَ يُعْطِيه أي كَرَامَة حَتَّى يُشْعِره بِحَجم خَطَئُه .
وَلكِنْ العَجِيب أنَّنَا لَمْ نَسْمَع كَلِمَة عِتَاب وَاحِدَة .. صَدَّقُونِي إِنْ تَمَلَّك عَلَيْنَا هذَا الإِحْسَاس وَقَوَى عَلَى نِفُوسْنَا مَا بَقَى فِينَا حُب لِلخَطِيَّة .. لَوْ تَأكَّدْنَا مِنْ هذَا الشُعُور القَوِي أنَّ الله يَمْلُك عَلَى قُلُوبْنَا .. أنَّ الله أب يَغْفِر لِيَّ .. أنَّ الله لَهُ أُبُّوَة حَانِيَة .. أنَّ الله يَهْتَمْ بِيَّ .. أنَّ الله يَنْتَظِر عَوْدَتِي .. أنَّ الله مُتَأنِّي عَلَيَّ .. أنَّ الله يُشْفِق عَلَيَّ .. مَا تَأخَرْت عَنْ التُوْبَة أبَداً وَلاَ تَلَذَذْت بِأي خَطِيَّة وَلاَ تَمَتَعْت بِأي خَطِيَّة بَلْ عَرَفْت إِنَّهَا عُبُودِيَّة وَأنَّهَا سَلْب وَأنَّهَا مَذَلَّة وَمَهَانَة .. الكِنِيسَة تُرِيد تَحْوِيل الأحْزَان إِلَى مَسَرَّات وَالعُبُودِيَّة إِلَى مَجْد وَالأب طَالِب مِنْ إِبْنه أمر وَاحِد وَهُوَ أنْ يَرَاه رَاجِع نَدْمَان وَيَقُول { لَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً . اِجْعَلْنِي كَأحَدِ أَجْرَاكَ } ( لو 15 : 19) .. يُرِيد أنْ يَرَاك وَأنْتَ عَارِف قِيمِة الحَيَاة مَعَهُ .
لأِنَّنِي قَدْ أكُون كُنْت مُشْتَاق إِلَى الخَنَازِير قَبْلَمَا أذْهَب إِلَيْهَا .. لأِنَّهُ أحْيَاناً عَدُو الخِير يُزَيِّن لَنَا الخَطِيَّة وَأنَّ فِيهَا السُرُور وَاللذَّة وَيُظْهِر العَالَم أمَام عَيْنِيَّ وَهُوَ مُتَلألِئ وَلكِنْ حِينَمَا تُجَرِّبه بِنَفْسَك تَجِد الذُّل .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّك فَقَدْت كَرَامَتَك وَصُورَتَك الإِلَهِيَّة وَقَصْد الله مِنْ خِلْقِتَك لأِنَّهُ لاَ يُرِيد أنْ تَعِيش لِغِيره .. هُوَ غَيُور عَلَى مَجْده وَعَلَى وِلاَده .
وَأنْتَ هذِهِ الأيَّام صَائِم وَهيَ أيَّام مَلِيئَة بِالبَرَكَة لاَ تُبْقِي لِلخَطِيَّة بَقِيَّة فِي دَاخِلَك .. لاَ تَسْمَح أنْ تَكُون بَعِيد لأِنَّهُ لاَ تُوْجَدٌ لَذَّة بَعِيدَة عَنْ الله .. إِجْعَل لَذِّتَك فِيهِ وَاعْلَم أنَّ الخَطِيَّة لاَ تُشْبِع وَأنَّ الله يَنْتَظِر رُجُوعْنَا وَيَشْتَاق لَنَا .. { وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ } .. مِش تَحَنَّن وَأدَارَ وَجْهَهُ .. أعَرَّفه قِيمْتِي شِوَيَّة .. هذَا هُوَ كَلاَم البَشَر .. وَجَرَى عَلِيه وَلَمْ يَنْتَظِر حَتَّى يَصِل إِبْنه إِلِيه .. وَأيْضاً الله هُوَ مُنْتَظِر أنْ يَرَاك وَأنْتَ خَجْلاَن وَوَاقِف بِعِيد وَهُوَ يِسْتَقْبِلَك بِالأحْضَان ( الأُبُّوَة الدَّافِئَة ) .. كُلَّ إِنْسَان يَقْتَرِب مِنْ رَبِّنَا نَجِده فِي قِمِّة مَجْده .. القِدِيس أُوغُسْطِينُوس يِقُول { نَحْنُ كُنَّا قَبْلاً فِي ظُلْمَة وَالآن فِي نُور .. كُنَّا غِير مَرْحُومِين وَلكِنْ الآن صِرْنَا مَرْحُومِين } .. حَنَان الله غِير مَحْدُود .. غِير بَشَرِي لأِنَّ حَنَان البَشَر لَهُ مَقَايِيس مُعَيَنَة .. وَلكِنْ حَنَان الله لاَ يُوصَف وَلاَ يَتَأمَّل الآثَام .. لأِنَّهُ لَوْ تَأمَّلْنَا مَوْقِف هذَا الإِبْن بِفِكْرِنَا البَشَرِي لاَ يَكُون لِهذَا الإِبْن حَقٌّ .
وَلكِنْ جَمِيل أنْ نَتَمَتَّع بِأحْشَاء إِلهنَا لأِنَّهُ هُوَ يُرِيد أنْ يِمَتَّعْنَا بِهِ .. لاَ تَجْعَل خَجَل الخَطِيَّة يَمْنَعَك مِنْ الرِجُوع .. مَهْمَا إِفْتَقَرْت وَمَهْمَا كَانِت رَائِحَة ثِيَابَك كَرِيهَة وَمَهْمَا بِعِدْت .. الحَل لَيْسَ البَقَاء فِي البُعْد وَلكِنْ الحَل هُوَ الإِقْتِرَاب مِنْ الله .. التُوْبَة هِيَ الَّتِي تُعْطِي طَعْم لِلحَيَاة .. كُلَّ يُوْم نِتُوب وَنِرْجَع نُدْخُل فِي الحُضْن الدَّافِئ .. كُلَّ يُوْم نُعْلِنْ لَهُ { أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ } ( لو 15 : 18 ) .. مِثْلَمَا تُعَلِّمنَا الكِنِيسَة أنَّنَا كُلَّ يُوْم نَقُول { إِرْحَمْنِي يَا الله كَعَظِيم رَحْمِتَك } ( مز 50 ) .. الله أمِين فِي مَحَبِّته .. صَادِق فِي مَوَاعِيده .
هُنَاك دَائِماً فِي الكِتَاب المُقَدَّس أحْدَاث تُظْهِر مَشَاعِر الأُبُّوَة الَّتِي هِيَ مَأخُوذَة مِنْ يَنْبُوع أكْبَر هُوَ أُبُّوِة الله لَنَا :
(1) مَشَاعِر أُبُّوِة أبُونَا يَعْقُوب لإِبْنه يُوسِف :
لَمَّا جَاءَ إِخْوَة يُوسِف إِلَى أبِيهِمْ بِمَكْرٍ وَمَكِيدَة لِيَرَى أبِيهِمْ قَمِيص يُوسِف مُلَطَخ بِالدِمَاء وَكَأنَّهُمْ غِير مُتَأكِدِين وَهُوَ لَمَّا رَأى الثُوْب إِنْهَار وَيَقُول الكِتَاب { فَمَزَّقَ يَعْقُوبُ ثِيَابَهُ وَوَضَعَ مِسْحاً عَلَى حَقْوَيْهِ وَنَاحَ عَلَى ابْنِهِ أيَّاماً كَثِيرَةً . فَقَامَ جَمِيعُ بَنِيهِ وَجَمِيعُ بَنَاتِهِ لِيُعَزُّوهُ . فَأَبَى أَنْ يَتَعَزَّى وَقَالَ إِنِّي أَنْزِلُ إِلَى ابْنِي نَائِحاً إِلَى الْهَاوِيَةِ . وَبَكَى عَلَيْهِ أَبُوهُ } ( تك 37 : 34 – 35 ) .. وَهذِهِ كُلُّهَا عَلاَمَات عَلَى الحُزْن الشَدِيد وَأنَّهُ غِير مَسْمُوح بِأي تَعْزِيَة .. وَتَمَنَّى أنْ تَنْتَهِي حَيَاته لِيَتَقَابَل مَعَ إِبْنُه فِي الهَاوِيَة .. أُنْظُرُوا مَشَاعِر الأُبُّوَة .. صَدِّقُونِي مَشَاعِر لاَ تَقِل عَنْ مَشَاعِر الله لَنَا لأِنَّ الله يَفْقِدْنَا نَحْنُ بِالخَطِيَّة وَحِينَمَا نَرْجِع إِلَيْهِ سَنَرَى أعْظَم مِنْ هذَا لأِنَّ أُبُّوِة يَعْقُوب هِيَ مِنْ يَنْبُوع مَشَاعِر الله .. { الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّموَاتِ وَعَلَى الأرْضِ } ( أف 3 : 15 ) .. تَخَيَّل لَوْ تَسَبَّبْت أنْتَ فِي حُزْن رَبِّنَا يَسُوع .. وَتَخَيَّل أيْضاً حِينَمَا جَاءَ إِخْوَة يُوسِف إِلَى أبِيهِمْ وَقَالُوا لَهُ أنَّ يُوسِف حَيٌّ وَكَانَ رَجُل شِيخ يَقُول الكِتَاب { فَعَاشَتْ رُوحُ يَعْقُوبَ أَبِيهِمْ . فَقَالَ إِسْرَائِيلُ كَفَى . يُوسُفُ ابْنِي حَيٌّ بَعْدُ . أَذْهَبُ وَأَرَاهُ قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ } ( تك 45 : 27 – 28 ) .
يَعْقُوب يُرِيد أنْ يَذْهَب وَيَرَاه لَيْسَ مِنْ أجْل الطَّعَام هذَا الأمر إِهْتَمُّوا بِه أنْتُمْ وَلكِنْ مِنْ أجْل أنْ أرَاه .. مَعَ أنَّهُ مِنْ الوَاجِب يَأتِي يُوسِف إِلَى أبِيهِ وَلَيْسَ العَكْس لأِنَّهُ أيْضاً بِالتَأكِيد يُوسِف مُشْتَاق أنْ يَرَى أبِيهِ .. هذِهِ هِيَ الأُبُّوَة .. ثُمَّ يَقُول الكِتَاب { وَلَمَّا ظَهَرَ لَهُ وَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَبَكَى عَلَى عُنُقِهِ زَمَاناً .فَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ أَمُوتُ الآنَ بَعْدَمَا رَأَيْتُ وَجْهَكَ أَنَّكَ حَيٌّ بَعْدُ } ( تك 46 : 29 – 30 ) .. أُنْظُرُوا إِلَى أُبُّوِة يَعْقُوب لِيُوسِف .. أُرِيد أنْ أُذَكِّرَك بِهَا وَأُعَمِّق الإِحْسَاس بَيْنَك وَبَيْنَ رَبِّنَا .
قِدِيس مِنْ القِدِّيسِين رَبَطْ بَيْنَ الأمْرِين بَيْنَ أُبُّوِة وَبُنُّوِة يَعْقُوب وَيُوسِف وَأُبُّوِة وَبُنُّوِة الله لِيَّ وَقَالَ { لِيُقَبِلَك ضَمِيرِي كَمَا قَبَّل يَعْقُوب حَبِيبه يُوسِف } .. وَكَأنَّنِي فِيمَا أبْتَعِد عَنْكَ أشْعُر بِابْتِعَاد يُوسِف عَنْ يَعْقُوب وَحِينَمَا أقْتَرِب مِنْكَ أشْعُر بِقُرْب يُوسِف مِنْ أبِيهِ يَعْقُوب .. إِشْتِيَاق مَا بَعْده إِشْتِيَاق .. الله يُرِيد هذِهِ المَشَاعِر .. أنْتَ إِبْنِي مَهْمَا نَجَح العَدُو فِي إِبْعَادَك لكِنْ لاَ يُفْقِدَك كَرَامَتَك وَرُتْبَتَك ..كُلَّ مَا سُلِبَ مِنْكَ يُمْكِنْ أنْ يُسْتِرَد بَلْ وَأكْثَر .. المَجْد الَّذِي أخَذَهُ الإِبْن حِينَمَا رَجَعْ لَمْ يَأخُذه مِنْ قَبْل .. فَرَح شِدِيد بِسَبَب رُجُوعه .. { فَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ أَمُوتُ الآنَ بَعْدَمَا رَأَيْتُ وَجْهَكَ أنَّكَ حَيٌّ بَعْدُ } ( تك 46 : 30 ) .. وَكَأنَّ الله يُرِيد أنْ يَقُول أنَّ غَايَتِي هِيَ إِنْتَ .. إِنْتَ فَرَحِي وَمَوْضِع سُرُورِي .. أتُرِيد أنْ تُفَرِّحَنِي تَعَالَ لاَ تَجْلِس مَعَ نَفْسَك تَحْسِب حِسَابَات كَثِيرَة مِنْ أجْل القُبُول وَكَثْرِة الخَطَايَا .. هذِهِ مَشَاعِر مُعَطِّلَة وَبَاطِلَة تَأخُذ مِنْ القَلْب أغْلَى وَأجْمَل مَشَاعِر إِنْتَ مِحْتَاجْهَا وَهيَ أنَّ الله بِيَقْبَلَك وَإِنْ رَبِّنَا بِيْحِبَّك .. إِذَا كَانْ يَعْقُوب إِسْتَقْبِل يُوسِف هكَذَا فَكَمْ بِالحَرِي سَيَكُون إِسْتِقْبَال الله لَنَا بَعْد زَيَغَانَنَا وَنَحْنُ نَقُول لَهُ أنَّ رَأفَتَك كَثِيرَة لاَ تُوصَف .. وَإِذَا كَانَ البَشَر يُحِبُّوا هكَذَا فَمَا بَالَك الله ؟!!!
(2) مَحَبِّة دَاوُد لإِبْنه أبْشَالُوم :
دَاوُد كَانَ لَهُ إِبْن إِسْمه أبْشَالُوم مِنْ يُوْم مِيلاَدُه عَاصِي .. دَمَوِي .. عَنِيف .. صَنَع حِيَل شَيْطَانِيَّة لِيَأخُذ المُلْك مِنْ أبِيهِ .. وبَدَأ يَسْمَع مِنْ الشَّعْب وَيَحِل مُشْكِلاَتِهِمْ وَكَوَّن جَبْهَة وَمُؤَامَرَة ضِد أبِيهِ .. وَأحَس دَاوُد أنَّ وُجُوده فِي المَمْلَكَة عِبْئَاً وَاضْطَّرَ أنْ يَهْرَب فَأرْسَل أبْشَالُوم لِيَقْتُل أبِيهِ .. وَمَشُورِة أخِيتُوفَل الَّتِي بَدَّدَهَا الله بِمَشُورِة حُوشَايَ الأرْكِيَّ وَلَوْ نُفِّذَت هذِهِ المَشُورَة لَكَانَ قُتِلَ دَاوُد .. وَلَمَّا هَرَب دَاوُد كَانِت مِنْ ضِمْن أخْطَاء أبْشَالُوم الجَسِيمَة أنَّهُ إِضْطَجَع مَعَ سَرَارِي أبِيه الَّلَوَاتِي هُنَّ فِي مَقَام أُمَهَات لأبْشَالُوم .
وَحِينَمَا قَدَرَ رَجَال دَاوُد أنْ يَدْخُلُوا فِي حَرْب ضِدْ أبْشَالُوم وَهُمْ خَارِجِين قَالَ لَهُمْ دَاوُد بِدَافِع مِنْ أُبُّوِته وَلَيْسَ كَمَلِك فِي حَرْب { تَرَفَّقُوا لِي بِالفَتَى أَبْشَالُومَ } ( 2صم 18 : 5 ) .. لاَ تَقْسُوا عَلِيه رَغْم شُرُوره .. لأِنَّهُ أب أُرِيد أنْ أُوَدِّبه وَلَيْسَ أنْ أقْتِله { تَأدِيباً أدَّبَنِي الرَّبُّ ، وَإِلَى الْمَوْتِ لَمْ يُسَلِمَنِي } ( مز 117 – مِنْ مَزَامِير الغُرُوب ) .. وَأثْنَاء مُطَارَدِتهُمْ لأَبْشَالُوم تَعَلَّق شَعْره فِي شَجَرَة فَمَات فَاعْتَقَدْ رِجَال دَاوُد أنَّهُمْ جَاءُوا بِخَبَرٍ مُفْرِح لِدَاوُد لأِنَّهُ سَيَعُود لِمَمْلَكَته مَرَّة أُخْرَى .. وَلَمَّا عَادَ كُوشِي لِيُخْبِر المَلِك فَسَأل المَلِك عَنْ إِبْنه مَرَّتَان { أَسَلاَمٌ لِلْفَتَى أَبْشَالُومَ } ( 2صم 18 : 29 ، 32 ) .. وَلكِنْ لَمَّا عَرَف مَا أصَاب أبْشَالُوم إِنْزَعَج { فَانْزَعَجَ الْمَلِكُ وَصَعِدَ إِلَى عِلِّيَّةِ الْبَابِ وَكَانَ يَبْكِي وَيَقُولُ هكَذَا وَهُوَ يَتَمَشَّى يَا ابْنِي أَبْشَالُومُ يَا ابْنِي أَبْشَالُومُ يَا لَيْتَنِي مُتُّ عِوَضاً عَنْكَ يَا أَبْشَالُومُ ابْنِي يَا ابْنِي } ( 2صم 18 : 33 ) .. هَلْ كَانَ يَسْتَحِق كُلَّ هذَا ؟ وَهُوَ إِنْسَان دَمَوِي وَعَنِيف وَقَاتِل لأِخِيهِ وَحَاوَل يَقْتِل أبِيهِ وَأبُوه رَغْم كُلَّ هذَا يُرِيد أنْ يَمُوت عِوَضاً عَنْهُ .
وَذلِك لأِنَّ الله يَنْظُر إِلَى خَطَايَانَا عَلَى أنَّهَا جَهْل .. لاَ تَجْعَل خَطَايَاك تَعُوقَك عَنْ الرُجُوع إِلَى الله لأِنَّهُ يَعْرِف أنَّهَا حَمَاقَة لأِنَّنَا فِي نَظَر الله أطْفَال وَالله يَغْفِر الجَهْل .. تَخَيَّل لَوْ أنَّ هذَا قَلْب دَاوُد نَحْو أبْشَالُوم فَمَا بَالَك قَلْب الله نَحْوِنَا ؟!!! مَهْمَا تَفَاقَمَت وَتَعَاظَمَت خَطَايَانَا جِدّاً فَهُوَ يَغْفِر .. دَاوُد كَانَ يَتَمَنَّى لَوْ أنَّهُ مَاتَ عِوَضاً عَنْ إِبْنه وَلكِنْ الله مَاتَ بِالفِعْل عَنَّا رَغْم أنَّ تَعَدِّيَاتنَا لاَ تَقِل عَنْ تَعَدِّيَات أبْشَالُوم .. وَمِنْ جِهَة أنَّ الله وَإِبْنه يَسُوع الْمَسِيح يَبْقَى أمِيناً مَعَنَا حَتَّى وَإِنْ كُنَّا تَعَدَّيْنَا عَلَيْهِ كَأبْشَالُوم عَلَى أبِيهِ دَاوُد إِلاَّ أنَّ الله يَبْقَى أمِين لَنَا .. وَلَوْ شَفْنَا فِي حُزْن أوْ ضِيق يَبْكِي عَلَيْنَا .. وَلَوْ شَفْنَا فِي مَرَارَة أوْ جُوع يَهُمْ لِكَي مَا يَنْتَشِلْنَا مِنْ هذِهِ الحِرْمَانَات .
مُعَلِّمنَا بُطْرُس يَقُول { ..... الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأثَمَةِ } ( 1بط 3 : 18) .. { .... الَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ } ( رو 4 : 5 ) .. أُنْظُر كَمْ أنَّ هذِهِ الكَلِمَة كَبِيرَة وَتُعَبِّر عَنْ كَمْ هَائِل مِنْ الخَطَايَا .. لَكِنْ الله رَاجِع لِيُعَوِض كُلَّ هذَا لأِنَّ قُوَّة الله غَنِيَّة جِدّاً .. حِينَمَا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيل فِي عُبُودِيِّة فَرْعُون قَالَ الله { يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ أَطْلِقْ شَعْبِي لِيُعَيِّدُوا لِي فِي الْبَرِّيَّةِ } ( خر 5 : 1 ) .. نَعَمْ هُمَّ أوْلاَدِي .. الله يَتَعَامَل مَعَنَا كَأوْلاَد حَتَّى وَإِنْ كُنَّا فِي سُلْطَان فِرْعُون ( الشَّيْطَان ) ..{ فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ } ( أش 63 : 9 ) .. لِذلِك صُلِبَ لِيَفُكَك مِنْ السُّلْطَان .. لِمَاذَا تَقِف بَعِيد تَعَالَ إِتْمَتَّع بِهذِهِ الأُبُّوَة .. { إِقْتَرِب مِنِّي لِكَي تَتَبَرَّر مِنْ خَطَايَاك } ( قِسْمَة " أيُّهَا الكَائِن الَّذِي كَانَ " ) .. أنَا أُرِيد أنْ أقْبَلَك وَآخُذَك فِي حُضْنِي .. مَا أبْشَع الخَطِيَّة الَّتِي تَحْرِم الإِنْسَان مِنْ مَشَاعِر الأُبُّوَة وَتَجْعَلَهُ يُحِب نِير العُبُودِيَّة وَيَسْتَغْنَى عَنْ قُبُلاَت الأب .. الله يُرِيد أنْ يُجَدِّد قُوَى نَفْسَك الَّتِي إِنْهَارَت بِالخَطِيَّة .. يُرْجِع لَكَ الكَرَامَة وَيَشْفِي كُلَّ أثَرْ لِلخَطِيَّة وَيُعْطِيك الحُلَّة الأُولَى .
فِي البُيُوت قَدِيماً خَاصَّةً بُيُوت الأغْنِيَاء كَانَ لِصَاحِب البَيْت حُلَّة وَاحِدَة وَإِنْ كَانَ لَهُ أوْلاَد شَبَاب يِسْتِعِرُوهَا مِنَّه فِي حَالِة حُضُور أحَدٌ مِنْهُمْ لِمُنَاسَبَةٍ مَا .. وَحِينَمَا يَلْبِس أحَدَهُمْ الحُلَّة الأُولَى الَّتِي لأِبِيهِمْ يَصِير لاَبِسْهَا هُوَ صَاحِب البَيْت .. إِذنْ هُوَ آخِذ الخَاتِم وَالحُلَّة .. مَا أجْمَل التُوْبَة الَّتِي تَرُد لِلإِنْسَان أكْثَر مِمَّا كَانَ عِنْدُه .. مَا أجْمَل التُوْبَة الَّتِي تَجْعَلْنَا نَذُوق كَرَامِة التُوْبَة وَمَجْدَهَا .
وَالَّذِينَ ألْبَسُوا الإِبْن الشَّاطِر الحُلَّة الأُولَى هُمْ الخُدَّام ( الكَهَنَة ) وَإِنْ كَانَ فِي هذَا البَيْت حُلَّة وَاحِدَة وَلكِنْ فِي الكِنِيسَة هِيَ بَيْت الحُلَل الجَدِيدَة .. كُلَّ وَاحِد مِنَّا دَاخِل لِلصَّلاَة فِي الكِنِيسَة اليَوْم نُلْبِسه الحُلَّة الأُولَى .. إِنْسَى الخَطِيَّة وَالخَنَازِير وَالثِيَاب ذَاتَ الرَّائِحَة الكَرِيهَة وَالْبِس بَدَل مِنْهَا المَعْمُودِيَّة وَيُذْبَح لَكَ العِجْل المُسَمَّنَ ( التَنَاوُل ) .. لأِنَّ الحُلَّة الأُولَى هِيَ ثِيَاب العُرْس .. هِيَ نَفْسَهَا المَعْمُودِيَّة وَبِالتُوْبَة المُسْتَمِرَّة تَلْبِسْهَا مَرَّة أُخْرَى .
وَأخِيراً جَاءَ الإِبْن الأكْبَر وَلَمَّا عَرَف أنَّ أخِيهِ قَدْ رَجَعْ كَانَ عَلَيْهِ أنْ يَفْرَح وَلكِنْ حَدَث العَكْس .. وَلَمَّا عَرَف الأب خَرَج لَهُ هُوَ الآخَر ( أُبُّوَة ) .. لَمْ يَكْتَفِي بِالصَغِير وَظَلَّ يُقْنِع الكَبِير أنَّ كُلَّ مَا هُوَ لِي هُوَ لَكَ .. لِمَاذَا تَسْتَقِل بِنَفْسَك ؟ لِمَاذَا هذِهِ الحِسَابَات ؟ وَيُذَكِّرُه بِالمَشَاعِر وَأنَّهُ كَانَ مَيِّت فَعَاش وَأنَّنَا وَجَدْنَاهُ مِنْ عَدَم .
هذَا الأخ الأكْبَر يُمَثِّل ( كَنِيسَة اليَهُود ) وَالصَّغِير هُوَ ( كَنِيسَة الأُمَم ) .. أوِّل لَمَّا كِنِيسِة اليَهُود ( الأخ الكِبِير ) الَّلِي مُتَمَتِّع بِحُضْن رَبِّنَا مِنْ يُوْمه أوِّل لَمَّا لِقِي كَنِيسَة الأُمَم إِبْتَدِيت تُدْخُل إِبْتَدَى يِغِير .. قَالَّك .. لأ .. يَا انَا يَا هُوَ .. دَه الَّلِي عَمْلاَه لِغَايِة النَّهَارْدَه كَنِيسَة اليَهُود رَفْضَه كَنِيسَة الأُمَم .. أخُوك كَانْ مَيِّت وَعَاش .. إِحْنَا فَرْحَانِين بِه .. دِي نَاس قِبْلِت الإِيمَان لاَزِم نِفْرَح بِهَا .. وَإِنْتَ كَمَان لاَزِم تُدْخُل وَتِفْرَح مَعَانَا .. هُوَ دَه الَّلِي هَا يِعْمِلُه رَبِّنَا فِي نِهَايِة الأزْمِنَة هَا يخَلِّيهُمْ يُدْخُلُوا عَشَان كُلِّنَا نِكُون فِي وَلِيمَة وَاحِدَة . { لأِنَّ بِهِ لَنَا كِلَيْنَا قُدُوماً فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الآبِ } ( أف 2 : 18 ) .
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته
وَلإِلهنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
الكنزالسمائى
الكنزالسمائى
إِنْجِيل هذَا الصَبَاح المُبَارَك الأحَد الأوَّل فِي الصُوْم المُقَدَّس عَلِّمُونَا آبَاء الكِنِيسَة أنْ يُطْلِقُوا عَلَِيه أحَد الكُنُوز عَلَشَان فِي بِدَايِة الصُوْم الوَاحِد يَضَع يَدُه عَلَى الكِنْز الحَقِيقِي ..عَلَشَان كِدَه جُزء ذَهَبِي مِنْ إِنْجِيل مُعَلِّمنَا مَتَّى 5 ، 6 ، 7 يُكَلِّمنَا عَنْ أنْ لاَ نَكْنِز عَلَى الأرض .. الكِنِيسَة عَايْزَانَا نِصُوْم بِالرُّوح وَبِالتَّالِي نُقَاوِم كُلَّ مَا هُوَ لِلجَسَد لَيْسَ الطَّعَام فَقَطْ .. عَايْزَه تِخَلِّينَا نَقْتَنِي كِنْز الحَيَاة الأبَدِيَّة وَحَيَاة إِنْتِصَار الرُّوح .. فَعَنْ طَرِيقٌ الأكْل أُضْبُط جَسَدَك بَسْ مِش كِفَايَة كِدَه بَسْ لكِنْ فِي حَاجَة مُهِمْ إِنْ عِينَك وَكِنْزَك وَغِنَاك وَمَرْكَزَك يِكُون فُوْق فِي السَّمَاء .
فَيِقُولَّك لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً عَلَى الأرْض .. خَلِّي بَالْكُمْ الوَسَطْ الَّلِي كَانْ بِيْكَلِّمه يَسُوع كَانْ يَهُود وَهُمَّ مَعْرُوفُون بِحُب المَال جِدّاً فَهُمْ مِنْ أصْعَب النَوْعِيَات .. مِنْ أكْثَر النَّاس الَّلِي يَهْتَمُون بِالمَال وَالجَسَد وَالأرْض وَالمِلْكِيَّة وَالصِرَاع .. لِذلِك يِقُولَّك أكْبَر المَشَارِيع الَّلِي فِي العَالَم رُؤوس أمْوَالْهَا يَهُودِيَّة .. رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح عَايِز يِعْلِنْ إِنْتِصَار عَمَل نِعْمِته عَلَشَان يُعْلِنْ أنَّ مَعَ أصْعَب النَوْعِيَات مِنْ النَّاس النِّعْمَة إِنْتَصَرِت .. يِقُولَّك إِيه أصْعَب المُعْجِزَات الَّلِي حَصَلِت يِقُولَّك إِنْ مِنْ أصْعَب المُعْجِزَات إِنْ اليَهُود كَانُوا يَبِيعُون مُمْتَلِكَاتِهِمْ وَيَضَعُوا ثَمَنَهَا تَحْت أقْدَام الرُّسُل .. هُنَا رَبِّنَا يَسُوع يِقُول { لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً عَلَى الأرْضِ } ( مت 6 : 19) – كَلاَم صَعْب – صَعْب الإِنْسَان الَّلِي عَايِز يِأمِّن الحَيَاة الزَمَنِيَّة يِسْتَوْعِبُه .
السَيِّد الْمَسِيح تَدَرَّج مَعَهُمْ .. الأوِّل يِكَلِّمْهُمْ طُوبَى لِلرُّحَمَاء لأِنَّهُمْ يُرْحَمُون ( مت 5 : 7 ) .. فَيِكَلِّمْهُمْ عَنْ الرَّحْمَة .. تَدَرَّج إِلَى { وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أيْضاً } ( مت 5 : 40 ) .. ثُمَّ قَالَ { لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً عَلَى الأرْضِ }الإِتنِين الأوَّلِين كَانْ وَاحِد قُصَاد وَاحِد لَوْ وَاحِد قُدَّامَك إِرْحَمه وَلَوْ وَاحِد طَلَبْ ثُوْبَك أعْطِهِ .. طَيِّب حَتَّى لَوْ كَانْ مَفِيش حَدْ قُدَّامَك لاَ تَكْنِز لَك كُنُوز عَلَى الأرْض .. فِي الأوِّل هُنَاك مُقَابِل لِلِّي أنَا بَعْمِلُه عَمَل الرَّحْمَة .. رَبِّنَا مَوْجُود وَشَايِف الَّلِي بِيِدِّي وَالَّلِي بِيَأخُد .. وَبَعْد كِدَه يَتَدَرَّج مَعَهُمْ لِدَرَجَة أكْبَر يِقُول لُهُمْ { لاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ } ( مت 6 : 34 ) .. ثُمَّ لاَ تَهْتَمْ بِالطَّعَام وَلاَ بِاللُّبَاس .. عَلَشَان كِدَه أقْدَر أقُول رَبِّنَا يَسُوع فِي تَعَالِيمه خَبِير بِالنَّفْس البَشَرِيَّة يِعْرَف إِزَاي يِقْنِعْهَا يِقُولُّه إِنْتَ بِتِكْنِز لِيه عَلَشَان خَايِف الحَاجَة دِي تُفْقَد ..طَيِّب مَا هِي مُمْكِنْ تِفْسَد وَإِنْتَ خَايِف مِنْ الضَيَاع وَهِيَّ مُعَرَّضَة لِلضَيَاع .. يِقُولُّه أنَا عَايْزَك تِكْنِز بَسْ كِنْز لاَ يَضِيع وَلاَ يَفْسَد .. أنَا عَايِز ثَرْوِتَك تِكُون مَوْجُودَة فِي مَكَان لاَ يَضِيع وَالمَكَان دَه مِش مَوْجُود عَلَى الأرْض .
رَبِّنَا يَسُوع يَتَكَلَّم بِإِقْنَاع عَارِف النَّفْس البَشَرِيَّة وَخِدَاعَاتْهَا .. وَأيْضاً الطَّبِيعَة الخَاصَّة بِالأُمَّة اليَهُودِيَّة كَانْ فِيهَا كَثِير مِنْ حِكَايِة السِرْقَة لِدَرَجِة إِنْ فِي طُرُق مَعْرُوف جِدّاً إِنْ فِيهَا نَهْب وَسَطو وَلاَ يِمْشُوا فِيهَا بِالَّلِيل .. فَيقُولُّه إِنْتَ خَايِف عَلَى ثَرْوِتَك وَتَضَعْهَا فِي مَكَان تِعْتِبْرُه مَكَان أمِين طَيِّب مَا مُمْكِنْ يِتعَرَّض لِلتَلَف .. حَطِّيت فُلُوسَك فِي الأرْض شِوَيِة مِيَاه جَوْفِيَّة دَوِبِتهُمْ وَضَاعُوا فَفِي نَفْس الوَقْت يِنْصَحْهُمْ وَيِهَدِدْهُمْ إِنْ مُمْكِنْ المَال دَه يَفْنَى لِذلِك يِقُولُّهُمْ { بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً فِي السَّمَاءِ حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ } ( مت 6 : 20 ) .. ثُمَّ يِرْجَع يَضَعْ أسَاس المَرَض { لأِنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضاً } ( مت 6 : 21 ) .. طُول مَا عَمَّال تِكْنِز شِئ طَبِيعِي تِلاَقِي قَلْبَك فِي هذَا المَكَان يِكُون مَرْكَز إِهْتِمَامَك .. لكِنْ مُمْكِنْ فِلُوسَك دِي تِفْسَد وَتِسَوِس وَتَصْدَأ .
بَلْ مُمْكِنْ تِشْغِلَك جِدّاً الَّلِي إِنْتَ شَايْفُه وَسِيلَة تِأمِّن بِهَا حَيَاتَك قَلْبَك فِيه فَمَشَاعْرَك تَرْتَبِط بِه فَحَالْتَك النَّفْسِيَّة وَالجَسَدِيَّة وَالرُّوحِيَّة تِكُون مُرْتَبِطَة بِه .. لِيه ؟ عُبُودِيَّة .. لِيه بَقَى وَاخْدَه كِنْزِك ؟أنَا بَانْصَحَك تَضَع كِنْزَك فِي السَّمَاء لاَ هَيِفْسَد وَلاَ هَيِسَوِس .. إِجْعَل صَلَوَاتَك فِي السَّمَاء .. هُوَ دَه الطَّرِيقٌ تَضَع كِنْزَك فِي السَّمَاء .. حِب العَطَاء .. طُول أيَّام الصُوْم تِقُول الكِنِيسَة { طُوبَى لِلرُّحَمَاء عَلَى المَسَاكِين } لأِنَّهَا عَايْزَه تِعَلِّمَك إِزَاي تِصْنَع الرَّحْمَة .. ثُمَّ يِتْكَلِّم بَعْد كِدَه عَنْ العِين .. لِيه ؟ إِيه عِلاَقْتُه بِالِّلِي فَات ؟ رَبِّنَا عَايِز يِقُول لَمَّا وَاحِد يِفْقِد عِينه تِكُون حَيَاته ظُلْمَة .. أنَا عَايْزَك تِعْتِبِرْهَا هِيَّ العَقْل .. طُول مَا إِنْتَ بِتْفَكَّر صَح يِكُون عَقْلَك مِنَوَر وَالعَكْس ..إِنْتَ إِقْتَنَعْت بِالفِكْرَة الَّلِي قُلْتَهَا دِي خَلاَص حَيَاتَك هَتنَوَر .. زَي مَا العِين تَقُود الجَسَد العَقْل سِرَاج الجَسَد وَالرُّوح .. أوِّل لَمَّا عَقْلَك يِسْتَوْعِب الكَلاَم دَه جَسَدَك هَيِنَوَر .. إِذَا كَانْ عَقْلَك مُظْلِم وَالجَسَد الَّلِي هُوَ طَبِيعِي مُظْلِم يِحْصَل فِيك إِيه ؟ لَوْ مَصْدَر النُّور ظُلْمَة ..لَوْ العَقْل نَفْسه مُظْلِم النَّفْس كُلَّهَا تِكُون مُظْلِمَة .. يِكَلِّمهُمْ بِإِقْنَاع إِنْ { لأِنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضاً} .. لَمَّا الذِهْن يِكُون مُضِئ يِكُون فِيه نِعْمَة .
{ فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَماً فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ } ( مت 6 : 23 ) .. إِنْسَان لَمَّا حَيَاته كُلَّهَا لَيْسَ فِيهَا قِيَادَة فَكَيْفَ يَمْشِي فِي الطَّرِيقٌ ؟ لِذلِك رَبِّنَا يَسُوع عَايِز يِقْنِعْهُمْ وَالكِنِيسَة فِي بِدَايِة الصُوْم فِي الأحَد الأوَّل تَضَع لَنَا هذَا الفَصْل مِنْ الإِنْجِيل عَلَشَان نَضَع أقْدَامْنَا عَلَى الطَّرِيقٌ الصَّحِيح .. لاَبُد أنْ تَنَال إِسْتِنَارَة فِي العَقْل فَيَسْتَنِير جَسَدَك ..أصْل جَسَدَك دَه مَلْيَان شَهَوَات لَمَّا العَقْل يَسْتَضِئ فَينَوَر .. رَبِّنَا يَسُوع كُلَّ حَاجَة يِقُولُّهُمْ إِعْمِلُوهَا يِقُولُّهُمْ لِيه .. { طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ لأِنَّهُمْ يُرْحَمُون } .. لَمَّا يِقُولُّهُمْ { لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً عَلَى الأرْضِ} .. لِيه ؟ دِي نِمْرَة (3) لَمَّا تِرْفَع كِنْزَك فُوْق قَلْبَك يِتْرِفِع فُوْق ثُمَّ يِرْجَع يِقُولُّهُمْ { لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ ..... لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ } ( مت 6 : 24 ) أصْل المَال يِجِيب عُبُودِيَّة وَهُوَ سَيِّد تِخْضَع لُه وَتُأسَر بِعُبُودِيِتُه .. إِنْتَ عَايِز تِخْضَع لِرَبِّنَا لكِنْ السَيِّد الثَّانِي بِتَاع المَال يِقُولَّك إِعْمِل كَذَا وَرَبِّنَا يِقُول إِعْمِل كَذَا .. الإِتنِين عَكْس بَعْض .. تَخَيَّل إِنْتَ المَال يِقُولَّك إِيه يِقُولَّك خُد حَاجَة مِش بِتَاعْتَك وَالوَصِيَّة تِقُول { بِيعُوا مَا لَكُمْ وَأَعْطُوا صَدَقَةً } ( لو 12 : 33 ) ..سَيِّدِين عَكْس بَعْض تَماماً .. وَاحِد يِقُول هَات كِتِير عَلَشَان النَّاس تِحْتِرْمَك وَيِكُون لَك مَكَانَة .الثَّانِي يِقُول لاَ تُفَكِّر فِي الغِنَى وَلاَ تَتَكِل عَلَى المَال وَاعْطِي وَلاَ تَهْتَمْ بِالمَظْهَر .. مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول فِي رِسَالْتُه لِتِلْمِيذُه تِيمُوثَاوُسَ يِقُول { أَوْصِ الأغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ لاَ يَسْتَكْبِرُوا وَلاَ يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ الْغِنَى بَلْ عَلَى اللهِ الْحَيِّ } ( 1تي 6 : 17) .. سَيِّدِين عَكْس بَعْض .
وَاحِد يِهْتَمْ بِسُلْطَان الذَّات وَالثَّانِي يَهْتَمْ بِإِمَاتِة الذَّات .. وَاحِد يِهْتَمْ بِالأخذ وَالثَّانِي يَهْتَمْ بِالعَطَاء .. وَاحِد يِهْتَمْ بِالقُوَّة وَالثَّانِي يَهْتَمْ بِالرَّحْمَة .. سَيِّدِين عَكْس بَعْض فَإِزَاي تُعْبُد السَيِّدِين دُول ؟ عَلَشَان كِدَه رَبِّنَا يَسُوع يُعْطِي لِلحَدِيث عَنْ المَال أهَمِيَّة .. يِكَلِّم نَاس بِيحِبُّوا المَال فَيَتَدَرَّج مَعَاهُمْ فِي الحَدِيث .. لاَزِم يِقَدِّم لَهُمْ كُلَّ دَوَاء يِشْفِي هذَا المَرَض .. وَالكِنِيسَة قَصَدِت فِي أوِّل أحَاد الصُوْم المُقَدَّس وَفِي بِدَايْتُه أنْ تَضَع لَنَا هذَا الفَصْل مِنْ الإِنْجِيل لِكَي تَقُول لَنَا أنَّ الصُوْم تَغْيِير فِكْر وَتَغْيِير سُلُوك وَعَادَات .. إِنْتَ صَايِمْ بِالرُّوح وَاهتِمَامَك بِالمَال فَلاَزِم تَاخُد مِنُّه مَوْقِف وَلاَ تَتَكِل عَلِيه وَلاَ يَكُون لَك سَيِّد .
مِنْ أكْتَر الحَاجَات الَّلِي تِغَذِّي الذَّات المَال .. يَجْعَل الإِنْسَان يِحِب المَجْد البَّاطِل وَالكَرَامَة .. مَحَبِّة المَال تِبْعِدْنَا عَنْ الوَصِيَّة وَعَنْ رَبِّنَا .. لَيْسَ هذَا فَقَطْ أيْضاً بِتُؤذِيكُمْ لأِنَّهَا تُوَقَعْكُمْ فِي عُبُودِيَّة ..يِدْفَع الجِزْيَة لِسَيِّد مُسْتَبِد قَاسِي .. أدِي مَحَبِّة المَال .. إِنْتَ لَوْ حَطِّيت نَفْسَك فِي المِيزَان دَه تِلاَقِي نَفْسَك بِتحِب مَحَبِّة الذَّهَب وَالفِضَّة عَنْ مَحَبِّة الله .. أدِي مَحَبِّة المَال خَلِّيتَك تِهْتَمْ بِالأُمُور الزَمَنِيَّة عَنْ الرُّوحِيَّة .. لَمَّا يِكَلِّمَك عَنْ العَطَاء تِقُول دَه إِيه دَه ؟ دَه هَذَيَان .
لِذلِك صَعْب جِدّاً الإِنْسَان يِخْدِم سَيِّدِين عَلَشَان كِدَه لَوْ وَاحِد غَنِي وَلاَ يَتَكِل عَلَى مَالُه وَهُوَ سَيِّد لِهذَا المَال وَيِحِب رَبِّنَا دَه يِكُون قَامَة رُوحِيَّة عَالْيَة جِدّاً .. أبُونَا إِبْرَاهِيم كَانْ غَنِي لكِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْبُد المَال .. دَه تِيجِي مُشْكِلَة مَعَ لَوطٌ يِقُول .. لاَ .. المَحَبَّة أهَمْ .. { لاَ تَكُنْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ رُعَاتِي وَرُعَاتِكَ } ( تك 13 : 8 ) .. إِنْتَ خُد الَّلِي تَاخْدُه وَأنَا هَاتصَرَّف .
جَمِيل الإِنْسَان الَّلِي عَنْده مَال وَلكِنْ يِكُون لَهُ سَيِّداً وَلَيْسَ عَبْداً .. صِرَاع صَعْب أنْ تَدْخُل الكِنِيسَة وَتِسْمَع كِلْمِتِين نِفْسَك تِطَبَقْهُمْ .. لكِنْ وَإِنْتَ قَاعِد كِدَه الشَّيْطَان يِقُولَّك إِيه الكَلاَم الَّلِي إِنْتَ عَايِز تِنَفِذُه دَه .. دَه كَلاَم نَظَرِي .. رَبِّنَا يِقُولَّك أنَا بَكَلِمَك كِدَه عَلَشَان تِحِب مِنْ قَلْبَك .. فِي مَثَل فِِرِنْسِي يِقُول { المَال عَبْد جَيِّد وَلكِنْ سَيِّد رَدِئ } .. عَلَشَان أخَلِّي السَيِّد عَبْد حَاجَة صَعْبَة .. زَي مَلِك وَعَايِز تِشَغَلُّه عَنْدَك خَادِم .. حَاجَة صَعْبَة .. المَال هُوَ سَيِّد عَلَشَان تِعْرَف إِنْتَ تِرَوَضه وَتِسْتَأنِسه عَايْزَه مِنَّك نِعْمَة كِبِيرَة جِدّاً مِنْ رَبِّنَا .. لاَ تَجْعَل إِتِكَالَك عَلِيه وَثِقَتَك فِيه .. جَمِيل جِدّاً لَمَّا يِتحَط الإِنْسَان وَيُوضَع بَيْنَ السَيِّدِين يِعْرَف يِخْتَار .. يِقُول هُوَ دَه السَيِّد الَّلِي نَاظِر لأبَدِيِتِي وَعَايِز يِعْطِينِي .. التَانِي سَيِّد عَايِز يُخْنُقْنِي مِش يِدِّينِي .. تَخَيَّل لَوْ وَاحِد إِخْتَار أنْ يَكُون عَبْد عَنْد هذَا السَيِّد القَاسِي !! الأنْبَا أنْطُونْيُوس يِقُول { مِنْ الجُنُون أنْ يُعْطِي الإِنْسَان ثَرْوِته } ..وَاحِد عَايِز يِهْتَمْ بِالآخَر وَالتَانِي عَايِز يِهْتَمْ بِنَفْسه .
يِرْجَع رَبِّنَا يِقُولُّهُمْ { لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ } ( مت 6 : 25 ) .. كُلَّ الِّلِي فَات دَه الَّلِي شَرَحْتُه وَفَهِّمْتُه لِيكُمْ وَأعْطَيْتُكُمْ أمْثِلَة عَلِيه ..{ وَلاَ لأِجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ } .. وَاحِد يِقُول يَعْنِي يَارَبَّ حَتَّى الأكل !! يَعْنِي جَرَّدِتنَا مِنْ فِلُوسْنَا كَمَان مِش عَايِزْنَا نِهْتَمْ بِالأكل .. رَبِّنَا يِقُول أنَا مِش عَايْزَك تِهْتَمْ بِالأُمُور الصُّغَيَّرَة .. رَبِّنَا يِفُك الإِنْسَان مِنْ قُيُود عَنِيفَة مُمْكِنْ يِقْضِي عُمْرُه كُلُّه فِي عُبُودِيَّة لَهَا فَيَقُول لَهُمْ { وَلاَ لأِجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ .أَلَيْسَتِ الْحَيوةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ } ( مت 6 : 25 ) ..شُوفُوا الأسْبَاب الَّلِي يِقُولْهَا لهُمْ جَعَلِتهُمْ يُبْهَتُوا مِنْ تَعَالِيمه .
الفَلاَسِفَة شَهَدُوا لِلسَيِّد الْمَسِيح أنَّهُ لاَ يُوْجَد أرْوَع مِنْ أُسْلُوبه .. النَّفْس الَّلِي هِيَّ إِيه ؟ حَيَاة الإِنْسَان .. فَيَقُول ألَيْسَت النَّفْس أفْضَل .. إِذَا كَانْ رَبِّنَا عَاطِيك الحَيَاة نَفْسَهَا الَّلِي عَاطِيك الغَالِي مِش هَيِقدَر يِعْطِيك الرِخِيص ؟!! الَّلِي أعْطَاك الحَيَاة مش هَيِعْطِيك القُوْت بِتَاع الحَيَاة ؟!!الَّلِي أعْطَاك الجَسَد مِش هَيِعْطِيك القُوْت بِتَاعُه ؟!! القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ يَقُول { فَالَّذِي يَمْنَح مَا هُوَ أعْظَم كَيْفَ لاَ يَمْنَح مَا هُوَ أقَل ؟!! } .
{ اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ . إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ } ( مت 6 : 26 ) .. مَعْرُوف إِنْ العَصَافِير تُحِب المَرَح وَلَيْسَ لَهَا شُغْلَه .. فِي حَيَوَانَات مَثَلاً تِعْتِمِد إِنَّهَا تِجِيب لِنَفْسَهَا أكْل لكِنْ طُيُور السَّمَاء لاَ تَهْتَمْ أبَداً بِنَفْسَهَا .. لاَ تَحْصُد وَلاَ تَجْمَع .. لَوْ جِيبت كُوْمِة قَمْح وَعَصْفُورَة عَايْزَه حَبَيْتِين أوْ ثَلاَثَة تَأخُذَهُمْ وَخَلاَص .. لاَ تِجْمَع وَلاَ تِحَوِش ..{ وَأَبُوكُمْ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا } .. أتعَلِّم إِزَاي يَارَبَّ هَلْ أنَا أقَلْ إِيمَان مِنْ العَصْفُورَة ؟ إِزَاي ؟!!يِكُون عَلَشَان إِنْتَ أعْطِتنِي عَقْل فَإِسْتَخْدِمته غَلَطْ ! يِكُون عَلَشَان عَطِتنِي قُوِّة إِبْتِكَار إِزَاي أعْمِل مَخَازِن !! عَجِيب الإِنْسَان الَّلِي يِسْمَع الكَلاَم دَه وَلاَ يَسْتَوْعِب .. أحْيَاناً الإِنْسَان شَرُّه وَطَمَعُه يِعْمِيه وَمَحَبِّته لِلأرْض تِخَلِّيه لاَ يَتَفَاعَل مَعَ أي أمر رُوحِي .. إِقبَل هذَا الكَلاَم فِي بِدَايِة الصُوْم عَلَشَان تِتفَك مِنْ قِيد جُوَّاك .. " يَنْزَع عَنْ الإِنْسَان سَنَدُه وَرُكْنُه " .
ثُمَّ يَقُول لَهُمْ { وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعاً وَاحِدَةً } ( مت 6 : 27 ) .. مِين فِيكُمْ يِقْدَر يِكَبَّر جَسَدُه وَيَعُولُه ؟!! ثُمَّ يَتَكَلَّم عَنْ اللِبْس .. مَا تخَلِّينَا نِلْبِس فِيهَا إِيه ؟{ وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ . تَأمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو . لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ . وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا } ( مت 6 : 28 – 29 ) .. نَبَاتَات الحَقْل مُمْكِنْ تِكُون نَبَاتَات طَبِيعِيَّة لاَ يُوْجَد حَد يَسْقِيهَا وَلاَ يَعُولْهَا هِيَّ تِطْلَع كِدَه بِتَاعِت رَبِّنَا .. يِقُولُّهُمْ شُوفُوا سُلَيْمَان وَعِنَايتُه بِنَفْسه وَمَا عِنْدُه مِنْ فَرَادِيس وَمُقْتَنَيَات وَفِضَّة وَذَهَبْ وَمَا مِنْ شِئ إِشْتَهِتُه عَيْنَيْهِ وَمَنَعْهُمَا عَنْهُ .. أكْتَر وَاحِد كَانْ مِدَلِّل ذَاته كَانْ سُلَيْمَان .. رَبِّنَا يِقُول { وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا} .. " وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ " يَعْنِي مَثَلاً يُوْم إِفْتِتَاح الهِيكَل تَخَيَّل كَانْ شَكْلُه إِيه ؟ لزَّنَابِق بَقَى دِي أفْضَل مِنُّه .
{ فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الْحَقْلِ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَداً فِي التَّنُّورِ يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا أَفَلَيْسَ بِالْحَرِيِّ جِدّاً يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ } ( مت 6 : 30 ) .. دَه مُمْكِنْ يِسْتَخْدِمُوا شِوَيِة الزَّنَابِق دِي وَيِوَلَعُوا بِهَا نَار .. يَعْنِي رَبِّنَا أد إِيه لَبِّسْهَا المَجْد دَه كُلُّه .. طَيِّب إِذَا كَانِت هَتِطَرَح فِي النَّار لِيه يَارَبَّ تِعِبْت فِيهَا كِدَه ؟!! يِقُول .. لاَ .. أنَا عَايِز أعَلِّمَك { أَفَلَيْسَ بِالْحَرِيِّ جِدّاً يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ } إِبْتَدَى يِحُط إِيدُه وَيُدْخُل فِي الأعْمَاق .. رَبِّنَا عَايِز يِقُولَّك إِتعَلِّم .. { فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ } ( مت 6 : 32 ) .. هُوَ إِنْتَ عَايِز تِسَاوِي نَفْسَك الَّلِي بِتِعْرَف الإِيمَان بِالَّلِي بِيِعْبُدُوا الأصْنَام .. لاَ .. مَفْرُوض تِكُون أكْبَر مِنْ كِدَه .. { لأِنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا . لكِن اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ } ( مت 6 : 33 ) .
تَخَيَّل إِنْتَ بَقَى كِدَه إِنَّك لَمَّا تِعِيش بِالوَصَايَا دِي وَتَتَمَتَّع بِهذِهِ العَطَايَا رَبِّنَا يِكْسِيك بِأغْلَى الثِيَاب .. تَخَيَّل لَمَّا لاَ تَتَكِل عَلَى غِنَاك الأرْضِي .. تَخَيَّل لَوْ إِنْتَ إِقْتَنَعْت بِذلِك وَلاَ تَهْتَمْ بِأي شِئ وَلاَ تِحِبَّهَا لِلدَرَجَة الَّلِي تَضَع نَفْسَك جُوَّاهَا .. هَتِلاَقِي غَمَامَة كِبِيرَة جِدّاً تِتشَال مِنْ عَلَى القَلْب وَالعِين .. الكِنِيسَة تِقُولَّك الصُوْم هَدَفُه إِنْتِصَار الرُّوح .. إِمشِي بِالطَّرِيقَة الَّلِي الكِنِيسَة تِقُولَّك عَلِيهَا ..عَلَشَان كِدَه تِقُولَّك الأُسْبُوع الجَاي إِنْ الطَّرِيق مِش سَاهِل لكِنْ مُبَارَك رَبِّنَا الَّلِي سَمَح بِالحَرْب لكِنْ يُعْطِينَا فِي الحَرْب إِنْتِصَار .
رَبِّنَا يِكَمِل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه
وَلِرَبِّنَا المَجْد الدَّائِم مِنْ الآن وَإِلَى الأبَد آمِين
ماذا نطلب من المسيح
ماذا نطلب من المسيح
{ وَفِي الْغَدِ لَمَّا رَأَى الْجَمْعُ الَّذِينَ كَانُوا وَاقِفِينَ فِي عَبْرِ الْبَحْرِ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ سَفِينَةٌ أُخْرَى سِوَى وَاحِدَةٍ وَهِيَ تِلْكَ الَّتِي دَخَلَهَا تَلاَمِيذُهُ وَأنَّ يَسُوعَ لَمْ يَدْخُلِ السَّفِينَةَ مَعَْ تَلاَمِيذِهِ بَلْ مَضَى تَلاَمِيذُهُ وَحْدَهُمْ . غَيْرَ أنَّهُ جَاءَتْ سُفُنٌ مِنْ طَبَرِيَّةَ إِلَى قُرْبِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَكَلُوا فِيهِ الْخُبْزَ إِذْ شَكَرَ الرَّبُّ . فَلَمَّا رَأَى الْجَمْعُ أنَّ يَسُوعَ لَيْسَ هُوَ هُنَاكَ وَلاَ تَلاَمِيذُهُ دَخَلُوا هُمْ أيْضاً السُّفُنَ وَجَاءُوا إِلَى كَفْرَنَاحُومَ يَطْلُبُونَ يَسُوعَ . وَلَمَّا وَجَدُوهُ فِي عَبْرِ الْبَحْرِ قَالُوا لَهُ يَا مُعَلِّمُ مَتَى صِرْتَ هُنَا . أَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ أَنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي لَيْسَ لأِنَّكُمْ رَأَيْتُمْ آيَاتٍ بَلْ لأِنَّكُمْ أَكَلْتُمْ مِنَ الْخُبْزِ فَشَبِعْتُمْ . اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلحَيوةِ الأبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمْ ابْنُ الإِنْسَانِ لأِنَّ هذَا اللهُ الآبُ قَدْ خَتَمَهُ }( يو 6 : 22 – 27 )
الصَّلاَة تَدُل عَلَى أعْمَق جُزء دَاخِلِي فِيك .. قِف أمَام رَبِّنَا وَقُولَّه " يَارْبَّ أنَا مِش قَادِر أقَاوِم الخَطِيَّة دِي .. إِنْتَ يَارْبَّ تِقْدَر تِقَوِّينِي " .. دَه الَّلِي رَبِّنَا يِحِب يِشُوفه .. بَلْ الشَخْص أيْضاً الَّلِي عَنْده طُمُوح رُوحِي يَعْنِي وَاحِد يِقُول " أنَا عَايِز أبقَى كَارِز .. عَايِز أفْهَمْ أسْرَار الكِتَاب المُقَدَّس .. يَامَا حَاجَات غَامْضَة عَلَيَّ " .. مِين فِينَا طَلَب طِلْبَة مِنْ أجل فَهْم الكِتَاب المُقَدَّس وَخَلاَص الآخَرِين .. أدِي الحَاجَات الَّلِي يِحِب يِسْمَعْهَا .
رَبِّنَا عَايِز يِرْفَعْنَا لِفُوق وَإِحْنَا عَايْزِين نِنْزِل لِتَحْت .. يَامَا وَاحِد تُبْقَى مِش قَادِر تِحِبَّه – مِش قَادِر – فِي مَوْقِف مِش قَادِر تِنْسَاه له .. دَه بِالذَّات تُطْلُب مِنْ أجله وَتقُولّه " سَاعِدْنِي يَارْبَّ إِنِّي أقبَله لأِنَّك مُت مِنْ أجله .. أنَا مِش قَادِر دَه ضَعْفِي وَدِي إِمْكَانِيَاتِي وَقَلْبِي مَقْفُول " .. أهُو دَه طَلَب يِحِب رَبِّنَا يِسْمَعه .. جَمِيل الإِنْسَان الَّلِي يُقَف يَرْجُو الله بِطُمُوح رُوحِي عَالِي يِقُولَّه " أنَا عَايِز أدَّيلَك كُلَّ مَالِي .. سَاعِدْنِي أتفَك وَلَوْ جُزْئِيّاً .. سَاعِدْنِي أدُوق البَرَكَات وَلَوْ جُزْئِيّاً .. هُوَ أنَا عُمْرِي مَا هَا أشْعُر بِفَضِيلَة تِنْغِرِس جُوَّايَا ؟!!! " .. وَلَوْ مَتِعْرَفش تِصَلِّي الأُمُور دِي تِعَلِّمَك الصَّلاَة .. رَبِّنَا سَمَح إِنِّنَا نِكُون مِحْتَاجِين نِرُوح له لَكِنْ فِي نَفْس الوَقْت يِحِب يِشُوف إِنْتَ هَتُطْلُب إِيه .
يِحْكِي الكِتَاب عَنْ المَرأة الشُونَمِيَّة أيَّام إِلِيشَع .. شَايفَه إِلِيشَع رَايِح جَاي رَاحِت قَالِت له قُعُد عَنْدِنَا فَقَعَد .. قَالِت له طَيِّب رَيَّح عَنْدِنَا فِي أُوده صِغَيَّرَة فُوْق السَّطْح .. قَالَّهَا نِرَيَح .. وَكُلَّ يُوْم تُحُطْ له أكل فَإِلِيشَع – زَي إِتْحَرَج مِنْهَا – فَقَالَّهَا مَيِلْزَمْكِيش أي طَلَب دِي النَّاس كُلَّهَا بِتُطْلُب مِنِّي ..وَبَعْدِين بَصِّينَا لَقِينَا حَاجَة كِدَه لَوْ كَمَان عَايْزَه حَاجَة مِنْ المَلِك أوْ مِنْ رَئِيس الجِيش لأِنْ إِلِيشَع لَهُ كَرَامَة عَظِيمَة عَنْدُهُمْ يَامَا إِسْتَشَاروه .. تِتعَجِب بَقَى لَمَّا تُقُولَّه .. لاَ .. عَبْدِتَك سَاكْنَة فِي وَسَطْ شَعْبِي فَرِحَة .. بَص لَقَى جِيحْزِي بِيقُول السِت دِي مَعَنْدِهَاش أوْلاَد .. فَقَالَّهَا رَبِّنَا هَيِدِّيكِي السَنَة الجَايَة هَيُبْقَى مَعَاكِ طِفْل .. طَيِّب لِيه مَا طَلَبِتش ؟ قَالِت .. لاَ .. أنَا يِكْفِينِي إِنِّي سَاكْنَة فِي وَسَطْ شَعْبِي وَإنْ الرَّاجِل دَه سَاكِنْ مَعَايَا .. إِيه يَعْنِي يِكُون عَنْدِي أوْلاَد وَلاَّ .. لأ .. يِكْفِينِي إِنِّي سَاكْنَة وَسَطْ شَعْبِي . يِكْفِينِي إِنِّي آجِي بِيتَك وَتُعْطِينِي هَذِهِ العَطِيَّة .. تُعْطِينِي نَفْسَك .. تَخَيَّلُوا لَوْ رَبِّنَا عَاطِينَا كُلَّ العَطَايَا دِي وَإِحْنَا عَمَّالِين رَايحِين نُطْلُب يِمِين وَشِمَال .
فِي الكِتَاب المُقَدَّس تِعْرَف مِنْ أوِّل وَصْف الشَّخْصِيَّة الَّلِي قُدَّامَك .. يَصِف مَثَلاً جَبَّار بَأس .. عَظِيمَة .. فَلَمَّا قَالَّك عَنْ هَذِهِ المَرأة " عَظِيمَة " فَهيَ عَظِيمَة .. قَالِت كَانْ مُمْكِنْ أكُون مَسْبِيَة أوْ عَبْدَه أنَا يَكْفِينِي إِنِّي سَاكْنَة فِي وَسَطْ شَعْبِي .. يِكْفِينِي إِنِّي أتمَتَّع بِنِعْمَة البُنُّوَة لِيك .. يِكْفِينِي إِنِّي عَنْدِي الإِنْجِيل فِي بِيتِي كَلِمَة الحَيَاة .. { فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكُِسْوَةٌ فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا } ( 1تي 6 : 8 ) ..{ لِكَي نَحْنُ أيْضاً إِذْ يَكُون لَنَا الكَفَاف فِي كُلَّ شِيءٍ كُلَّ حِينٍ نَزْدَادَ فِي كُلَّ عَمَلٍ صَالِح }( جُزء أصْعِدْهَا كَمِقدَارِهَا ) .. مِنْ هِنَا أعْرَف إِزَاي أعْمِل لِلطَّعَام البَّاقِي مِش البَائِد ( يو 6 : 27 ) .. أُطْلُب مِنْ رَبِّنَا الأُمُور الَّلِي مَحَدِّش يِعْرَف يُعْطِيهَا لَك إِلاَّ هُوَ .. أُطْلُب مِنْ رَبِّنَا إِنَّه يُفُكَك مِنْ كُلَّ سَبي فِكْر وَهُنَا تِلاَقِي فَيَضَانَات مِنْ الغِنَى الرُّوحِي تِنْهِمِر عَلِيك .. عَارِف لَوْ مُدَرِّس سَأل سُؤال وَالتَّلاَمِيذ هَمْهِمُوا وَوَاحِد نَطَق بِالإِجَابَة الصَحِيحَة تُبُص تِلاَقِي المُدَرِّس يِقُول أيوه هُوَ دَه ..تَخَيَّل كُلِّنَا وَاقفِين نِهَمْهِمْ قُدَّام رَبِّنَا أنْهِي وَاحِد هَيَاخُد إِهْتِمَامه ؟ الَّلِي قَال الإِجَابَة الصَّح .. الَّلِي يِعْرَف يُطْلُب مِنْ رَبِّنَا .
أحِبَّائِي يَجِب أنْ نُفَرِّق بَيْنَ الهَدَف وَالوَسِيلَة .. هَدَفِي أنْ أُرْضِيه كُلَّ أيَّام حَيَاتِي .. الوَسِيلَة الزَوَاج .. وَسِيلِة .. المَكْسَب المَادِّي .. وَسِيلَة .. كُلَّ دِي وَسَائِل كُلِّنَا عَايْزِين نِرُوح السَّمَا .. عَايْزِين نِشُوف الوَسِيلَة لَكِنْ دَه الهَدَف .. إِوْعَى هَدَفَك يِنْصِرِف عَنْ السَّمَا حَتَّى لَوْ كُنْت عَايِز تِرْتِبِط يُبْقَى عَلَشَان السَّمَا .. عَايِز تِشْتَغَل عَلَشَان السَّمَا .
أصْعَب شِئ الآن إِنْ الوَسَائِل صَارَت أهْدَاف .. تَخَيَّل لَوْ وَاحِد رَاكِب قَطر عَلَشَان يِرُوح القَاهِرَة بَعْد مَا يِوْصَل يِقُول .. لاَ .. القَطر عَجِبْنِي خَلِّينِي رَايِح جَاي فِيه .. لاَ .. يَا حَبِيبِي دَه وَسِيلَة .. يِقُول مَتخَلِّينِي أشْتِرِي القَطر دَه .. دَه وَسِيلَة .. إِضْمَن حَيَاتَك فِي الْمَسِيح يَسُوع .. رَبِّنَا يِعْلَم إِشْتِيَاق القُلُوب .. رَبِّنَا عَارِف وَشَايِف النَّاس الَّلِى جَايَة له .. جَايَة لِيه .
فِي إِنْجِيل النَّهَاردَة سَمَح السَيِّد الْمَسِيح بَعْد مُعْجِزِة إِشْبَاع الجُمُوع إِنَّه يِبعِد عَنْهُمْ عَلَشَان يِعْرَف هُمَّ هَيدَّوَرُوا عَلِيه لِيه ؟ عَلَشَان التَّعْلِيم الَّلِي سِمْعوه وَلاَ عَلَشَان الأكل الَّلِي أكَلوه ؟ وَلِلأسَف هُمَّ دَوَّرُوا عَلِيه عَلَشَان الأكل .. أنَا عَايْزَك تِتبَعْنِي عَلَشَان لَقِيت عَنْدِي حَاجَة جِدِيدَة .. يَارِيتَك كُنْت جَاي عَلَشَان التَّعْلِيم الَّلِى تَعَلَّمته مِش الأكل الَّلِي أكَلْته .. حَتَّى لَوْ طَلَبْت شِئ أرْضِي أُطْلُب مِنْ أجل مَحَبِّته إِنْ كَان السَفَر أوْ الأموَال هَيِبْعِدْنِي عَنَّك أنَا مِش عَايزه أنَا عَايْزَك إِنْتَ .{ إِرْحَمْنِي وَاسْتَجِب لِي فَإِنَّهُ لَكَ قَال قَلْبِي : طَلَبْت وَجْهَك ، وَوَجْهَك يَارْبَّ ألْتَمِس } ( مز 26 مِنْ مَزَامِير صَلاَة بَاكِر ) .
مَا أجْمَل الإِنْسَان الَّلِي يِقُول " أنَا يِكْفِينِي أنْ أجْلِس تَحْت أقدَامَك أسْمَع وَأتَعَلَّم " .. سَقَطِت كُلَّ الأفْكَار وَكُلَّ الرَغَبَات الأرْضِيَّة لأِنِّي رَأيْتَك وَجَلَسْت مَعَك .. يَامَا التَّلاَمِيذ كَانُوا يِنْسُوا يَأكُلُوا لأِنَّهُمْ مَشْغُولِين بِأُمور أهَمْ مِنْ الأُمور الزَمَنِيَّة .
صَلِّي صَلَوَات مِنْ أعْمَاق قَلْبَك وَإِنَّك تِنْفَك مِنْ أُمور لاَ تَقْوَى عَلِيهَا .. أُطْلُب مِنَّه طَعَام بَاقِي وَلَيْسَ بَائِد .
رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح الَّلِي مَيْهُونش عَلِيه إِنِّنَا نِكُون سَاكِنِين فِي وَسَطْ شَعْبه
وَمِش حَاسِّين بِالنِّعَمْ بِتَاعته يِبَارِكنَا
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته
وَلإِلهنَا المَجْد الدَّائِم إِلَى الأبَد آمِين
المسيح هو المن النازل من السماء
المسيح هو المن النازل من السماء
إِنْجِيل هذَا الصَبَاح المُبَارَك يَتَكَلَّم عَنْ نُقْطَة صَعْبَة الإِسْتِيعَاب .. وَلأِوَل مَرَّة رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح يُعْلِنْ عَنْ نَفْسه كَخُبْز الله النَّازِل مِنْ السَّمَاء المُعْطِي حَيَاة لِلعَالَم وَيَسْألُونَهُ اليَهُود مَنْ هُوَ الَّذِي تَقُول عَنْهُ ؟ يَقُول أنَا هُوَ خُبْز الله .. تَخَيَّل لَوْ جَاءَ إِنْسَان يَتَكَلَّم مَعَك حَوْلَ هذَا الأمر سَتَقُول مَا هُوَ أسَاس هذَا الأمر ؟ لأِنَّ رَبَّنَا يَسُوع كَانَ قَدْ أشْبَعَ الجُمُوع .. أكَلُوا وَشَبَعُوا ثُمَّ رَفَعُوا عَنْهُمْ 12 قُفَّة مَمْلُوءة وَيَقُول الإِنْجِيل كُلَّ وَاحِد بِحَسْبَمَا أخَذْ ( 1بط 4 : 10 ) .. وَآخَر يَقُول مِثْلَمَا أرَادُوا .. فَبَدَأوا يَتْبَعُوا يَسُوع لِيَأكُلُوا بِاسْتِمْرَار .
وَأشَارَ لَهُمْ يَسُوع أنَّهُ هُوَ خُبْز الله فِي ( يو 6 ) وَذلِك لأِنَّهُ يُرِيد مِنْهُمْ أنْ يَأكُلُوا حَتَّى لاَ يَجُوعوا .. لأِنَّ رَبَّنَا يَسُوع أرَادَ قَبْلَمَا يُؤَسِس سِر الشُكْر يُوْم خَمِيس العَهْد كَانَ يُمَهِد النَّاس وَلأَِوَل مَرَّة يُعْلِنْ عَنْ هذِهِ الحَقِيقَة .. حَاوِل يِمَهِد أذْهَانَنَا مِثْلَمَا وَضَّح فِي بِدَايِة سِفْر التَّكْوِين عَنْ شَجَرِة مَعْرِفِة الخِير وَالشَّر وَأنَّهَا كَانَتْ سَبَب السُقُوط وَالمُوْت وَحِينَمَا أكَلُوا مِنْهَا طُرِدُوا حَتَّى لاَ يَأكُلُوا مِنْ شَجَرِة الحَيَاة .. لأِنَّ الَّذِي يَأكُل مِنْهَا يَحْيَا إِلَى الأبَدْ وَالإِنْسَان قَدْ وَقَعَتْ عَلِيه عُقُوبَة المَوْت لأِنَّهُمْ لَوْ أكَلُوا مِنْهَا لَنْ يَمُوتوا فَطَرَدَهُمْ وَأوْقَف كَرُوب عَلَى شَجَرِة الحَيَاة بِالقُوَّة ( تك 3 : 24 ) .
وَالسؤَال هُنَا مَنْ هُوَ شَجَرِة الحَيَاة ؟ هذَا طَعَام مِنْ نُوع مُخْتَلِف .. أيْضاً قِصَّة أبُونَا إِبْرَاهِيم وَهُوَ قَادِم مِنْ مَعْرَكِة كَدر لعُومَر تَقَابَل مَعَهُ مَلْكِي صَادِق فَسَجَدَ إِبْرَاهِيم لَهُ وَقَدَّم لَهُ عُشُور رَغم أنَّ أبُونَا إِبْرَاهِيم هُوَ أوِّل مُخْتَارِي الله .. هُوَ أب الآبَاء وَهُوَ أعْظَم شَخْصِيَّة فِي هذَا الزَمَان .. فَمَنْ هذَا الَّذِي ظَهَرَ فَجْأة ؟ لأِنَّ مَلْكِي صَادِق قَدَّمَ لَهُ خُبْز وَخَمْر وَلأَِوَل مَرَّة يُذْكَر فِي الإِنْجِيل فِي سِفْر التَّكْوِين .. وَلكِنْ رَبِّنَا كَانَ يُمَهِدَنَا لِحَدِيث هذَا اليُوْم حَتَّى نَسْتَوْعِب مَعَهُ .. لأِنَّ مَلْكِي صَادِق يَعْتَبِرَهُ الكِتَاب المُقَدَّس أعْلَى مِنْ أبُونَا إِبْرَاهِيم وَهُوَ مُؤَسِس كَهَنُوت العَهْد الجَدِيد .. وَحِينَمَا يُوْجَد أبُونَا البَطْرَك فِي الكِنِيسَة وَتَقْرأ الكِنِيسَة المَزْمُور الخَاص بِهِ تَقُول { أنْتَ هُوَ الكَاهِنْ إِلَى الأبَدْ عَلَى طَقْس مَلْكِي صَادِق } وَلَيْسَ عَلَى كَهَنُوت هَارُون .ثُمَّ يَقُول هَلُمُّوا نَتَذَكَّر قِصَّة آبَائْنَا لَمَّا أكَلُوا الْمَنَّ زَمَان النَّازِل مِنْ السَّمَاء فَإِنْ كُنْت أنْتَ الْمَنَّ فَهُمْ أكَلُوا هذَا الخُبْز وَمَاتُوا .. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوع { الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ لَيْسَ مُوسَى أَعْطَاكُمُ الْخُبْزَ مِنَ السَّمَاءِ بَلْ أَبِي يُعْطِيكُمُ الْخُبْزَ الْحَقِيقِي مِنَ السَّمَاءِ } ( يو 6 : 32 ) .. فَهَلْ هُنَاك خُبْز أعْلَى مِنْ الله { لأِنَّ خُبْزَ اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ ..... } ( يو 6 : 33 ) .
مَا هذَا الْمَنَّ ؟ الْمَنَّ هُوَ مَا أكَلَهُ الشَّعْب 40 سَنَة فِي البَرِّيَّة .. وَفِي السُطُور الآتِيَة نَتَحَدَّث عَنْ صِفَات هذَا الْمَنَّ الَّذِي لاَ يُمِيت .. هُوَ عِبَارَة عَنْ رَقَائِق بِعَسَل يَسْتَيْقِظُوا بَاكِر وَيَجِدُوهَا وَيَجْمَعُوا مِنْهَا لِيَأكُلُوا طُول النَّهَار وَلاَ يَأخُذُوا بِزِيَادَة لأِنَّهُ يَفْسَد لِذلِك كَانُوا يَأخُذُوا اليُوْم بِيُومه يَأكُلُوا وَيَشْبَعُوا ..{ ... لَمْ يُفْضِلِ الْمُكَثِّرُ وَالْمُقَلِّلُ لَمْ يُنْقِصْ } ( خر 16 : 18) .. فَمَا هِيَ هذِهِ الرُمُوز ؟
(1) رَقَائِق بِعَسَل مُسْتَدِيرَة :
وَهيَ إِشَارَة أنَّ لَيْسَ لَهُ بِدَايَة وَلاَ نِهَايَة .. إِشَارَة أنَّ الْمَسِيح أزَلِي أبَدِي .. { مَخَارِجهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ الأزَلِ } ( مي 5 : 2 ) .. { وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ } ( مت 28 : 20 ) .. هُوَ أزَلِي أبَدِي .
(2) عَسَلْ :
لَهُ طَعْم حُلْو لأِنَّ رَبَّنَا يَسُوع { حَلْقَهُ حَلاَوَةٌ وَكُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ } ( نش 5 : 16 ) . { ذُوقُوا وَانْظُرُوا مَا أَطْيَبَ الرَّبَّ . طُوبَى لِلرَّجُلِ الْمُتَوَكِّلِ عَلَيْهِ } ( مز 34 : 8 ) .. وَكُلَّ مَنْ يَقْتَرِب مِنْهُ يَجِدَهُ حُلْواً .. فِي التَّسْبِحَة يَقُول { هُوَ يَكُون لَهُمْ طَعَام حَيَاة } .. وَالتَّقْلِيد اليَهُودِي يَقُول حِينَمَا كَانَ الشَّعْب يَتَذَمَّر مِنْ طَعْم الْمَنَّ يَجْعَل الله طَعْم الْمَنَّ فِي فَمْ كُلَّ وَاحِد كَمَا يَشْتَهِي وَكَمَا يَشْتَاق . أي أنَّهُ كُلَّ وَاحِد مِنَّا يَأخُذْ الْمَسِيح مِثْلَمَا يُرِيد هُوَ .. لأِنَّهُ مَنْ يَحْتَاج إِلَى الْمَسِيح المُوَبِخ .. المُعَزِّي .. المُؤَدِب .. الشَّافِي .. الصِدِيق .. الآب .. كُلَّ مَا تُرِيد تَجِده فِيهِ .. مَا مِنْ شِئ يِعْوِزَك إِلاَّ وَتَجِد فِي الْمَسِيح كَمَا يَقُول الكِتَاب { الأشْبَالُ احْتَاجَتْ وَجَاعَتْ وَأَمَّا طَالِبُو الرَّبِّ فَلاَ يُعْوِزُهُمْ شَيْئٌ مِنَ الْخَيْرِ } ( مز 34 : 10 ) .
(3) مَنَّ :
مِنْ ضِمْن الأُمُور العَجِيبَة فِي ( خر 16 ) .. لَمَّا رَأوا الْمَنَّ قَالُوا مَنْ هُوَ ؟ لأِنَّ الَّذِي يَرَى مِثْل هذَا يَقُول " مَا " أم " مَنْ " ؟!!! بِالتَأكِيد المَفْرُوض " مَا " لأِنَّهَا تُقَال عَنْ الغِير عَاقِل .. إِذاً هُمْ إِعْتَبَرُوا أنَّ هذَا الْمَنَّ شَخْص وَلَيْسَ شِئ لأِنَّ هُنَاكَ فَرْق بَيْنَ " مَا " وَ " مَنْ " .. إِذَنْ هُمْ شَعَرُوا أنَّهُمْ أمَام شِئ حَيَّ وَلَيْسَ مَيِّت لِذلِك أسْمَاه الله " مَنَّ " بِمَعْنَى أنَّهُ شَخْص سَوْفَ نَتَعَرَّف عَلِيه وَالمَقْصُود بِهِ هُوَ السَيِّد الْمَسِيح .. كَانَ يُؤخَذْ كُلَّ صَبَاح وَالَّذِي يَخْرُج مُتَأخِراً لاَ يَجِدْ ( عِنْدَمَا تَظْهَر الشَّمْس ) .. لِذلِك يَقُول رَبَّ الْمَجْد يَسُوع { الَّذِينَ يُبَكِّرُونَ إِلَيَّ يَجِدُونَنِي } ( أم 8 : 17 ) .. كُلَّمَا بَكَّرْتَ كُلَّمَا كَانَ نَصِيبَك مَوْجُود أكْثَر لِتَجِد الطَّعَام جَاهِز وَأنْتَ إِنْ أرَدْتَ أنْ تَأخُذْ قُوِة الْيُوْم كُلَّه تَأخُذْهَا فِي الصَبَاح البَاكِر .
(4) مُشْبِع :
وَحِينَمَا يَقُول عَنْ الْمَنَّ { ... لَمْ يُفْضِلِ الْمُكَثِّرُ وَالْمُقَلِّلُ لَمْ يُنْقِصْ } فَهيَ إِشَارَة إِلَى الْمَسِيح المُشْبِع وَأنَّ هذَا لاَ يَتَوَقَفْ عَلَى كِمِيَّة لأِنَّ الَّذِي أخَذْ قَلِيل يَشْبَع بِنَفْس قَدْر الَّذِي أخَذْ كَثِيراً .. إِذَنْ مَا هِيَ صِفَات هذَا الطَّعَام العَجِيب الَّذِي يُشْبِع دُونَ أنْ يَرْتَبِط بِالكِمِيَّة ؟ مَنْ هذَا الَّذِي يُعْطِي هذَا الطَّعَام ؟ لأِنَّ كَلِمَة مِنْهُ تَمْلأ حَيَاتَك كُلَّهَا .. لِقَاء وَاحِد مَعَهُ يُغَيِّر حَيَاتَك كُلَّهَا .. مُشْبِع لأِنَّهُ طَعَام سَمَاوِي طَبِيعَتَهُ مُخْتَلِفَة عَنْ طَبِيعِة الطَّعَام العَادِي وَيَكُون فِي الصَّبَاح فَقَطْ وَأي كِمِيَّة تُشْبِع .. لأِنَّ لَهُ قَاعِدَة مُخْتَلِفَة هُوَ شَخْص رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح المَخْفِي فِي هذَا الْمَنَّ .. هُوَ طَعَام مَجَّانِي نَأخُذَهُ دُونَ مُقَابِل .. المُقَابِل الوَحِيد أنْ تَقُوم بَاكِر وَتَجْمَع مِنْهُ لكِنْ لِكَيْ تَأخُذَهُ وَتَدْفَع فِيهِ .. لاَ .. هذَا لاَ يَحْدُث .. هذَا هُوَ السَيِّد الْمَسِيح الَّذِي جَاءَ مِنْ أجل العَالَم لِيُعْطِي خَلاَص مَجَّانِي .. وَلكِنْ المَطْلُوب أنْ تَكُون مُشْتَاق .. أنْتَ مُحْتَاج لِذلِك خَرَجْت وَطَلَبْت لِتَجْمَع مِنْهُ وَالْمَسِيح يَقُول أنَا سَأُعْطِيك مَجَّاناً بِرَّ .. نِعْمَة .. عِفَّة .. خَلاَص .. تَخَيَّل لَوْ أنَّ الكِنِيسَة وَضَعَت التَّنَاوُل بِمُقَابِل وَلكِنْ مَا هُوَ مُقَابِل التَّنَاوُل إِلاَّ التَوْبَة .. التَبْكِير .. أُسَبِّح فِي القُدَّاس .. أسْتَقْبِلُه بِتَقْوَى وَبِرْ وَعَفَاف .. هذَا هُوَ المُقَابِل بِالنسْبَة لَهُ وَلَيْسَ كَمَا يَفْعَل أهل العَالَم وَيَكُون المُقَابِل مَادِّي .. لاَبُد مِنْ أخذ الْمَنَّ وَلِكَيْ يَكُون هذَا أنْ تَكُون مُشْتَاق وَمُحْتَاج وَمُسْتَيْقِظ مُبَكِراً .
(5) نَازِل مِنْ السَّمَاء :
كَانَ النَّاس يَرُوا الْمَنَّ وَهُوَ يَتَطَايَرْ مِنْ السَّمَاء وَحَتَّى يَنْزِل إِلَى الأرْض .. مَنْ الَّذِي صَنَعَهُ ؟ لَيْسَ أحَدْ وَلكِنْ هُوَ آتِي مِنْ عِنْدَ رَبِّنَا يَسُوع .. { خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ الآبِ } ( يو 16 : 28 ) .. { وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ .... } ( يو 3 : 13 ) .. لِكَيْ يُشْبِعْنَا جَاءَ إِليْنَا " نَزَلْ " .. { هذَا الَّذِي مِنْ أجْلِنَا نَحْنُ البَشَرْ ، وَمِنْ أجْلِ خَلاَصِنَا ، نَزَلَ مِنْ السَّمَاء وَتَجَسَّدَ مِنْ الرُّوح القُدُس ، وَمِنْ مَرْيَمْ العَذْرَاء تَأنَّس ..... } ( مِنْ قَانُون الإِيمَان ) .. لِيُعْطِي لَنَا شَبَعْ مِنْ بَعْد جُوع .. لِتَتَحَوَل حَيَاتْنَا إِلَى تَسْبِحَة شُكْر كُلَّ يُوْم لِذلِك الَّذِي يُطْعِمْنَا وَنَحْنُ الآن فِي غُرْبَة مَاذَا نَفْعَل ؟ لاَبُد أنْ نَعْمَل وَإِنْ لَمْ نَعْمَل سَنَمُوت لأِنَّهُ مِثْلَمَا كَانَ الطَّعَام هُوَ سَبَبْ طَرْد الإِنْسَان مِنْ الفِرْدُوس .. أنَا سَأُعْطِي لَكُمْ طَعَام حَيَاة بَدَل مِنْ طَعَام المَوْت الأوَّل .. الآن أنْتُمْ مَدِينُون لِلمَذْبَح وَلَيْسَ لِمَائِدَة أرْضِيَّة لأِنَّهُ هُوَ خُبْز نَازِل مِنْ السَّمَاء .. خُبْز لاَ تَنْطَبِق عَلِيه صِفَات الأرْض ..وَمِنْ الصَعْب أنْ يَسْتَوْعِب عَقْلَك هذَا الخُبْز إِذَا قَارَنْتَهُ بِالأرْضِيَات لأِنَّ مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول يَقُول{ قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ } ( 1كو 2 : 13 ) .
رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح فِي أذْهَانَنَا وَإِيمَانَنَا لاَ نَقِيسه وَإِذَا أرَدْنَا قِيَاسه يَكُون ذلِك بِمَقَايِيس سَمَاوِيَّة وَبِالطَبْع لَنْ نَصِل إِلَى هذِهِ الدَرَجَة .. إِذَنْ إِدْرِكه بِإِيمَانَك وَإِذَا سَهَرْت طُوْل الَّلِيل لِتَجِد وَتَرَى مَنْ الَّذِي يُرْسِل هذَا الخُبْز لَنْ تَرَى وَتَحْتَار وَأخِيراً تَسْجُد وَتَقُول آمَنْت بِعَمَلَك .. لِذلِك قَالَ لَهُمْ أُرِيد أنْ تَحْتَفِظُوا بِهذَا الْمَنَّ فَقَالَ إِحْضِرُوا تَابُوت العَهْد وَضَعُوا فِيهِ :0
1/ عَصَا هَارُون الَّتِي أفْرَخِت .
2/ لَوْحَي العَهْد .
3/ قِسْط الْمَنَّ .
ضَعُوا الْمَنَّ فِي وَعَاء مَنَّ مِنْ الَّذِي أكَلْتُوه وَالْمَنَّ يَفْسَد وَلكِنْ هذَا الْمَنَّ لَنْ يَفْسَد لأِنِّي أنَا القَادِر عَلَى كُلَّ شِئ فَسَيَظِل فِي تَابُوت العَهْد عَهْد أبَدِي .. أيْنَ التَّابُوت ؟ وَهذَا الْمَنَّ مِنْ أيَام مُوسَى النَّبِي فَهَلْ هذَا الْمَنْ مِنْ نَفْس الْمَنَّ الأوَّل ؟ وَبِالتَّالِي عِنْدَ التَّنَاوُل يَكُون هذَا هُوَ جَسَدْ رَبَّ الْمَجْد يَسُوع أم مُجَرَّد ذِكْرَى ؟!! هَلْ هذَا هُوَ خُبْز خَمِيس العَهْد أم مُجَرَّد رَمْز ؟ .. هُوَ هُوَ .. نَفْس الْمَنَّ الَّذِي كَانَ فِي القِسْط الَّذِى فِي تَابُوت العَهْد هُوَ نَفْسه الجَسَد اليَوْم وَلَيْسَ تِذْكَار أوْ صُورَة أوْ رَمْز أوْ أي شِئ يِفَكَرْنِي بِالْمَنَّ ..لَيْسَ تِذْكَار .. { جَسَدْ وَدَم حَقِيقِي لِيَسُوع الْمَسِيح إِبْن إِلهْنَا } ( مَا يَقُوله الكَاهِنْ أثْنَاء رَشم الجَسَدْ ثَانِيَةً } .. { أخَذَهُ إِبْنَك الوَحِيد رَبِّنَا وَإلهْنَا وَمُخَلِّصْنَا يَسُوع الْمَسِيح مِنْ سَيِّدْتنَا وَمَلِكَتْنَا كُلِّنَا وَالِدَة الإِله القِدِيسَة الطَّاهِرَة مَرْيَم } ( الإِعْتِرَاف الأخِير ) .. ثُمَّ يَقُول { أعْتَرِف إِلَى النَّفَسْ الأخِير } .
أي أنَّهُمْ إِذَا أجْبَرُونِي أنَّ هذَا هُوَ الجَسَدْ الحَقِيقِي أم أموت أقُول هُوَ .. أنَا أسْتَشْهِد وَلاَ أُنْكِر أنَّ هذَا هُوَ الجَسَدْ .. هُوَ الْمَنَّ المُخْفَى فِي قِسْط الْمَنَّ .. لِذلِك سَألَهُ اليَهُود هذَا هُوَ الْمَنَّ الآتِي ؟! يَرُد عَلِيهُمْ بَلْ هُوَ أعْظَم مِنْ الْمَنَّ الَّذِي جَاءَ مِنْ السَّمَاء .. وَكُلَّ مَا سَمِعْتَهُ عَنْ الْمَنَّ جَمَعَهُ فِي يَسُوع الْمَسِيح .. إِذَنْ الْمَسِيح المُعَزِّي وَالمُشْبِع مَعَنَا .. وَالأبَدِي وَالأزَلِي مَعَنَا .. ذُو الطَّعْم الحُلْو مَعَنَا .. لِذلِك هذَا الأمر كَانَ بَعْد مُعْجِزِة إِشْبَاع الجُمُوع وَجَاءَ بَعْدُه مُعْجِزَة أُخْرَى وَهيَ هِيَاج البَحْر .. حِينَمَا إِقْتَرَبَ مِنْهُمْ يَسُوع وَقَالَ { أَنَا هُوَ لاَ تَخَافُوا } ( يو 6 : 20 ) .. فَنَجِدُه صَنَعْ مُعْجِزَتِين فِي غَايِة العَظَمَة أشْبَعَهُمْ ثُمَّ نَجَّاهُمْ مِنْ البَحْر وَالعَجِيب أنَّهُمْ حِينَمَا مَشُوا وَرَائه كَانُوا لاَ يَزَالُوا يَأكُلُون مِنْ القُفَفْ المُتَبَقِيَة .. وَلَمَّا يِنْتِهِي المَوْجُود فِي القُفَفْ مَاذَا يَفْعَلُوا ؟ يُطْلُبُوا مُعْجِزَة أُخْرَى تَحْدُث عَلَى البَاقِي لأِنَّ رَبِّنَا يَسُوع قَالَ أنَا أُرِيد أنْ أُعْطِيكُمْ طَعَام جَدِيد وَهيَ المَرْحَلَة الَّتِي تُمَهِدْنَا إِلَى مَرْحَلِة { أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاة } ( يو 6 : 48 ) .
الكِنِيسَة تَقُول فِي البِدَايَة تِتْمَتَعُوا بِالخَمَسْ خُبْزَات وَالسَمَكْتِين .. وَالكِنِيسَة تُشِير إِلَى هذِهِ السَّبْعَة الَّتِي تَسْبِق التَّنَاوُل وَهيَ :0
1/ البُولِس . 2/ الكَاثُولِيكُون . 3/ الإِبْرَكْسِيس . 4/ السِنِكْسَار .
5/ المَزْمُور . 6/ الإِنْجِيل . 7/ العِظَة .
بَعْدَمَا أكَلْت وَتَمَهَدْت إِنْتَقَلْت إِلَى مَرْحَلِة تَصْدِيق أعْلَى لِتَسْتَوْعِب الخُبْز النَّازِل مِنْ السَّمَاء لِذلِك المُتَقَدِم لِلتَّنَاوُل دُونَ حُضُور هذِهِ السَّبْعَة لاَ يَسْتَوْعِب المُعْجِزَة الثَّانِيَة لأِنَّهُ لَمْ يَسْتَوْعِب الأُولَى الَّتِي تُمَهِدُه لإِسْتِيعَاب الخُبْز الآتِي مِنْ السَّمَاء .
كُلَّ قِرَاءَة تَسْمَعْهَا خُذْ مِنْهَا نَصِيبَك .. وَحِينَمَا تَقُول أنَّ الوَصِيَّة صَعْبَة – صَعْب المَوْضُوع عَلِيك – لكِنْ خُذْ نَصِيبَك .. يَقُول الرَّبَّ { أَنَا قِسْمُكَ وَنَصِيبُكَ } ( عد 18 : 20 ) النَّازِل مِنْ السَّمَاء .. لِذلِك الَّذِي لاَ يَسْتَوْعِب قُدَّاس المَوْعُوظِين لاَ يَسْتَوْعِب قُدَّاس المُؤمِنِين .. لأِنَّهُ مَنْ لاَ يَتَجَاوَب مَعَ الكَلِمَة المَكْتُوبَة لاَ يَسْتَوْعِب الكَلِمَة المُحيِيَة .
فِي قُدَّاس المَوْعُوظِين تَجِدُون البِشَارَة مِنْ العَشِيَّة حَتَّى دَوْرِة بُخُور بَاكِر ..وَتَظِل حَتَّى قِرَاءِة الإِنْجِيل وَبَعْد صَلاَة الصُلْح تَخْتَفِي البِشَارَة حِينَمَا يُنَادِي الشَّمَّا {قَبِّلُوا بَعْضَكُمْ بَعْضاً بِقُبْلَة مُقَدَّسَة ..... تَقَدَّمُوا تَقَدَّمُوا عَلَى هذَا الرَسْم ، قِفُوا بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ ، وَإِلَى الشَرْق أُنْظُرُوا ، نُنْصِت } .. يُرْفَع الإِبْرُوسْفَارِين وَيُوْضَع وَرَاء كُرْسِي المَذْبَح وَيُوْضَع فَوْقَهُ البِشَارَة وَكَأنَّنَا نَشْكُرْهَا أنَّهَا وَصَّلِتْنَا لِلهَدَف وَهُوَ الخُبْز الَّذِي عَلَى المَذْبَح .. عَرَّفِتْنَا الْمَسِيح نَفْسه لأِنَّهُ مِنْ قَبْل كَانَ مُغَطَّى فَفَتَّحِت أعْيُنَنَا لِلأهَمْ وَالخَمَسْ خُبْزَات وَالسَمَكْتِين فَتَّحُوا أعْيُنَنَا إِلَى الْمَنَّ السَّمَاوِي .. لِذلِك نَسْمَع فِي سِفْر الرُؤيَا عَنْ الْمَنَّ المَخْفِي وَالَّذِي يَغْلِب سَيَأكُل مِنْهُ وَهُوَ المِيرَاث العَجِيب ( رؤ 2 : 17 ) .. كَمْ هِيَ عَظِيمَة الْمَسِيحِيَّة وَالكِنِيسَة غَنِيَّة تَنْتَظِر الإِشْتِيَاق وَالتَّفَاعُل حَتَّى لاَ نَجُوع أبَداً .
رَبِّنَا يِكَمِل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته
وَلإِلهْنَا الْمَجْد الدَّائِم أبَدِيّاً آمِين
فى جيلة من يخبر به الاحد الأول من كيهك
فى جيلة من يخبر به الاحد الأول من كيهك
بِسْم الآب وَالإِبْن وَالرُّوح القُدُس إِله وَاحِد آمِين
فَلْتَحِل عَلِينَا نِعْمِتُه وَبَرَكْتُه الآنْ وَكُل أوَان وَإِلَى دَهْر الدُّهُور كُلَّهَا آمِين
فِي إِنْجِيل قُدَّاس الأحَد الأوَّل مِنْ شَهْر كِيَهْك يَقُول المَزْمُور ﴿ أنْتَ يَارَبُّ تَرْجِع وَتَتَرَأف عَلَى صِهْيُون لأِنَّهُ وَقْت التَّحَنُّن عَلَيْهَا .. لأِنَّ الرَّبَّ يَبْنِي صِهْيُون وَيُظْهِر مَجْدُه ﴾ ( مز 102 : 13 ، 16) .. إِبْتَدأ زَمَان إِفْتِقَاد الله لِلبَشَرِيَّة يَقْتَرِب .. وَابْتَدأ وَقْت مَجِئ إِبْن الله إِلَى العَالَمْ يَدْنُو جِدّاً فَكَانَ لاَبُدْ مِنْ تَهْيِئَة .. وَكَانَتْ التَّهْيِئَة هِيَ وُجُود يُوحَنَّا المَعْمَدَان الَّذِي قِيلَ عَنْهُ أنَّهُ ﴿ يُهَيِّئ لِلرَّبِّ شَعْباً مُسْتَعِدّاً ﴾ ( لو 1 : 17) .. كَانَتْ مُهِمِة يُوحَنَّا المَعْمَدَان غَايَة فِي الصُعُوبَة لِكَيْ يُهَيِّئ الأذْهَان لِحَقِيقِة إِسْتِقْبَال إِبْن الله كَإِنْسَان يَأتِي لِيَعِيش فِي وَسَطِهِمْ وَيُكَلِّمَهُمْ وَيَأكُل مَعَهُمْ وَيَشْرَب مَعَهُمْ وَيَرُوه بِعُيُونِهِمْ – كَانَتْ مُهِمَّة صَعْبَة جِدّاً – .
وَيَقُول أشْعِيَاء النَّبِي ﴿ فِي جِيلُه مَنْ يُخْبِرُ بِهِ ﴾ .. أي مَنْ لَهُ اسْتِعْدَاد أنْ يَقُول هذَا هُوَ إِبْن الله .. مَنْ يَسْتَطِيع ؟!! .. قَدْ يَكُون لِلأنْبِيَاء فِي العَهْد القَدِيم عِنْدَمَا تَنَبَّأُوا عَنْهُ الأمر أبْسَط .. فَعِنْدَمَا يَقُول أشْعِيَاء النَّبِي مَثَلاً ﴿ هَا العَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ عَمَّانُوئِيل ﴾ ( أش 7 : 14) قَالَ هذَا قَبْل مَجِئ الْمَسِيح بِـ 700 سَنَة .. فَالَّذِي يَقْرأ هذَا قَدْ يَسْتَطِيع أنْ يَسْتَوْعِبُه وَقَدْ لاَ يَسْتَطِيع وَهذَا لاَ يَهِمْ .. إِذْ أنَّهُ أمر مُؤجَلْ وَلكِنْ فِي لَحْظِتْهَا – وَقْت حُدُوثْهَا – هذَا الأمر صَعْب الإِسْتِيعَاب جِدّاً . فِي جِيلُه مَنْ يُخْبِرُ بِهِ ؟!! مَنْ الَّذِي يَسْتَطِيع أنْ يُشِير إِلَيْهِ قَائِلاً ﴿ هُوذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّة العَالَم ﴾ ( يو 1 : 29 ) ؟ .. مَنْ يَسْتَطِيع قَوْل هذَا ؟ فِي الحَقِيقَة تَدْبِير الله رَأى أنَّهُ لاَ يُوْجَد أنْسَب مِنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان الَّذِي قِيلَ عَنْهُ أنَّهُ السَّابِق .. الَّذِي يُعِد لِلرَّبَّ الطَّرِيق ( لو 3 : 4 ) .. الَّذِي يُهَيِّئ لِلرَّبِّ شَعْباً مُسْتَعِدّاً ( لو 1 : 17) .. أيْضاً مَوْضُوع نُبُوَات الكِتَاب المُقَدَّس كُلُّه .. وَمَوْضُوع رُمُوز الكِتَاب المُقَدَّس كُلُّه .. وَكُل الشَّخْصِيَات فِي الكِتَاب المُقَدَّس كَانَتْ تُهَيِّئ لِمَجِئ إِبْن الله .. وَجَاءَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان لِكَيْ يُتَمِّمْ هذَا الكَلاَم .. فَرَأيْنَاه فِي الكِتَاب المُقَدَّس وَهُوَ يَرْسِم لَنَا صُورَة لِرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح حَتَّى عِنْدَمَا يَجِئ يَجِدْنَا مُهَيَّئِينْ .
فَفِي البِدَايَة نَرَى آدَم .. وَأرَادَ الله أنْ يَقُول لَنَا أنَّهُ يُوْجَد هُنَاك مَنْ هُوَ إِسْمُه بِكْر لِلخَلِيقَة وَيُوْجَد مَنْ هُوَ إِسْمُه إِبْن لله .. لكِنْ كَانَ آدَم إِبْن لله بِالتَّبَنِّي أمَّا رَبِّنَا يَسُوع فَهُوَ إِبْن لله بِالطَّبِيعَة .. وَرَأيْنَا آدَم عِنْدَمَا جَلَبْ الخَطِيَّة عَلَى العَالَمْ وَكَأنَّ الله يَقُول لَنَا أنْتُمْ فِي حَاجَة إِلَى شَخْص آخَر يَجْلِب البِّر عَلَى العَالَمْ .. فَكَمَا قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ كَأنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَت الخَطِيَّة إِلَى العَالَم ........ هكَذَا أيْضاً بِإِطَاعِة الوَاحِد سَيُجْعَلُ الكَثِيرُونَ أبْرَاراً ﴾ ( رو 5 : 12 ؛ 19) .
وَهكَذَا إِبْتَدأَ الكِتَاب المُقَدَّس يُهَيِّئ لَنَا قَبُول فِكْرِة مَجِئ الْمَسِيح .. فَيَأتِي بِشَخْصِيَّة مِثْل هَابِيل الَّذِي قُتِلَ مِنْ أخِيهِ ظُلْماً فِي الحَقْل بِسَبَبْ الغِيرَة لأِنَّهُ قَدَّم ذَبِيحَة مَقْبُولَة ( تك 4 : 8 ) .. وَكَأنَّ الكِتَاب المُقَدَّس يُشِير إِلَى الْمَسِيح بِإِنْسَان سَوْفَ يُقْتَل ظُلْماً لِمُجَرَّد غِيرَة لأِنَّهُ مَقْبُول أمَام الله وَقَدَّم ذَبِيحَة مَقْبُولَة لَدَى الله .. وَأيْضاً أنَّهُ قُتِلَ فِي حَقْل كَمِثْل رَبِّنَا يَسُوع الَّذِي تَمَتْ المُشَاوَرَة عَلَيْهِ فِي حَقْل وَدُفِنَ فِي حَقْل( يو 19 : 41 ) .. وَكَأنَّهُ يُرِيدْ أنْ يُذَكِّرَك بَيْنَ الحِين وَالآخَر بِرَبِّنَا يَسُوع عَنْ طَرِيق شَخْصِيَات يَرْسِم لَك مِنْهَا شَخْص الْمَسِيح الآتِي .. وَكَانَ عَلَى يُوحَنَّا المَعْمَدَان شَرْح هذَا الكَلاَم لِلنَّاس .. فَيَقُول لَهُمْ هذَا هُوَ آدَم وَلكِنْ آدَم الثَّانِي .. وَهذَا هُوَ هَابِيل الَّذِي سَيُقْتَل ظُلْماً – وَكُل هذَا رُمُوز إِلِيه – وَهُوَ أيْضاً نُوح أب البَشَرِيَّة الجَدِيد وَأعْطَاه الخَلاَص .. فَالْمَسِيح كَانَ كَذلِك أيْضاً .. فَعِنْدَمَا دَخَلَ نُوح السَّفِينَة هُوَ وَعَائِلَتُه هكَذَا أيْضاً الْمَسِيح عِنْدَمَا جَاءَ لَمْ يَأتِي لِيَخْلُص وَحْدَهُ بَلْ لِتَخْلِيص عَائِلَتُه أيْضاً الَّتِي هِيَ كِنِيسْتُه .. رَعِيَّة أهْل بَيْت الله ( أف 2 : 19) .
كذَلِك نَجِدُه فِي أبُونَا إِبْرَاهِيم .. وَفِي إِسْحَق .. وَفِي يَعْقُوب .. وَفِي مُوسَى .. مَا مِنْ شَخْصِيَّة فِي الكِتَاب المُقَدَّس إِلاَّ وَكَانَتْ تُشِير إِلَى شَخْصِيِة يَسُوع الْمَسِيح المُبَارَك لأِنَّهُ أكْبَر مِنْ أنْ يُرْمَز إِلَيْهِ بِشَخْص .. فَتَجِد شَخْصِيَات الكِتَاب المُقَدَّس كُلَّهَا مُجْتَمِعَة لِتُعْطِينَا صُورَة عَنْ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح .. فَنَجِدُه فِي أُبُّوِة أبُونَا إِبْرَاهِيم .. وَفِي بِر هَابِيل .. وَفِي آدَم رَأس الخَلِيقَة .. وَفِي بِر أخْنُوخ وَصُعُودُه إِلَى السَّمَاء .. كُلٍّ مِنْهُمْ تَجِدُه يَرْسِم جُزْء حَتَّى تُكْتَمَل الصُورَة كُلَّهَا .. وَكَانَ عَلَى يُوحَنَّا المَعْمَدَان أنْ يُقَدِّم لَنَا هذَا التَّطْبِيق فَيَقُول * كُل الَّذِي أنْتُمْ سَمَعْتُمُوه .. وَكُل الَّذِي قَرَأتُمُوه فِي النُّبُوَات هُوَ شَخْص الْمَسِيح * .. جَاءَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان لِيُعِد لِلرَّبَّ شَعْباً مُسْتَعِداً .. جَاءَ لِيُخْبِر عَنْهُ .
وَكَمَا أنَّ كُل شَخْصِيَات الكِتَاب المُقَدَّس كَانَتْ تُشِير إِلِيه كذَلِك كُل رُمُوز الكِتَاب المُقَدَّس كَانَتْ تَرْمُز إِلِيه أيْضاً .. فَمِنْ البِدَايَة تَجِد مَا يُسَمَّى بِشَجَرِة الحَيَاة .. فَمَنْ هذَا الَّذِي كُل مَنْ يَأكُل مِنْ هذِهِ الشَّجَرَة يَحْيَا إِلَى الأبَد ؟ .. هذَا هُوَ الْمَسِيح .. هذَا هُوَ شَجَرِة الحَيَاة الحَقِيقِيَّة .. هذَا هُوَ رَئِيسُ الحَيَاة .. ثُمَّ يَتَكَلَّمْ الكِتَاب عَنْ الذَّبِيحَة الَّتِي سَتَرَ بِهَا الله عُرْي آدَم .. مَنْ هذَا ؟ هذَا هُوَ الْمَسِيح الَّذِي يَسْتُر بِهَا الله عُرْيِنَا وَيَسْتُر بِهَا خَطَايَانَا مِنْ خِلاَل ذَبِيحِة نَفْسِهِ .. الَّذِي ألْبَس أبِينَا آدَم بِيَدَيْهِ كذَلِك الْمَسِيح أيْضاً لَمْ يُرِد أنَّ آخَر يُتَمِّمْ ذَبِيحَتُه بَلْ هُوَ بِنَفْسُه تَمَّمَهَا .
فَتَجِد فِي كُل رُمُوز الكِتَاب المُقَدَّس صُورَة وَاضِحَة عَنْ شَخْص رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح المُبَارَك .. فَتَجِد فِي الفُلْك صُورَة وَاضِحَة .. وَفِي ذَبِيحِة هَابِيل صُورَة أُخْرَى .. وَكَمَا قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس عَلَى دَم هَابِيل الَّذِي كَانَ يَصْرُخ إِنْتِقَاماً مِنْ أخِيهِ .. وَدَم يَسُوع الْمَسِيح سَوْفَ يَصْرُخ أيْضاً وَلكِنْ ﴿ دَم رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أفْضَلَ مِنْ هَابِيل ﴾ ( عب 12 : 24 ) .. وَذَلِك لأِنَّ دَم هَابِيل كَانَ يَصْرُخ بِانْتِقَام فَيَقُول الكِتَاب ﴿ صَوْتُ دَم أخِيكَ صَارِخ إِلَيَّ مِنَ الأرْضِ ﴾ ( تك 4 : 10) .. وَلكِنْ دَم يَسُوع يَصْرُخ لِلمَغْفِرَة قَائِلاً عِيشُوا بِنِعْمِة المَغْفِرَة .. وَكَمَا أقُول لَكُمْ إِغْفِرُوا .. أغْفِر لَكُمْ أنَا أيْضاً وَيَكُون دَمَّي سَبَبْ غُفْرَان لَكُمْ .
وَمِمَّا يُشِير لِلرَّبَّ يَسُوع أيْضاً ذَبِيحِة أبِينَا إِبْرَاهِيم وَتَقْدِمَتُه لإِبْنُه إِسْحَق .. وَأيْضاً فِي خَرُوف الفِصْح .. وَفِي المَنَّ .. وَفِي سُلَّم يَعْقُوب .. وَفِي نُبُّوِة أشْعِيَاء .. رُمُوز كَثِيرَة جَاءَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان يَقُول كُل الَّذِي سَمَعْتُمُوه هذَا هُوَ الَّذِي جَاءَ لِيُكَمِّلُه .. فَمَثَلاً سَمَعْتُمْ عَنْ عُلِّيِقَة مُوسَى النَّبِي .. هذَا هُوَ النَّار الَّتِي إِشْتَعَلَتْ فِي العُلِّيقَة وَلَمْ تَحْرِقْهَا أوْ تَمِسَّهَا بِأذِيَّة .. هذَا هُوَ الإِله الَّذِي جَاءَ يَفْتَقِد العَالَمْ لِكَيْ يُعْطِيه الخَلاَص وَفِي نَفْس الوَقْت العَالَمْ لَنْ يُحْتَرَق بَلْ سَيُعْطِي النَّجَاة .. فَجَاءَ يُوحَنَّا لِكَيْ يُعَلِّمْنَا وَيُمَهِد لَنَا الطَّرِيق صَارِخاً أنَّ رَبِّنَا يَسُوع هُوَ المَسِيَّا المُنْتَظَر .. وَهُوَ الآتِي مِنْ أجْل خَلاَص كُل العَالَمْ .
رُوح الله هُوَ العَامِل فِي القِدِيس يُوحَنَّا أرْسَلُه لِكَيْ يُخَبِّر وَيُعَلِّمْ وَيُمَهِد وَيُعَمِد .. فَكَانَ لاَبُدْ مِنْ شَخْص قَوِي مِثْل يُوحَنَّا المَعْمَدَان .. شَخْص يَصْرُخ .. شَخْص يَشْهَد لِلحَقَّ .. شَخْص حَيَاتُه تَشْهَد لِكَلاَمُه .. شَخْص يَتَكَلَّمْ بِشَجَاعَة .. لاَ يَخَاف أحَد لاَ مِنْ اليَهُود وَلاَ مِنْ الرُّومَان .. وَكَانَ يَعْلَمْ أنَّهُ سَيَسْتَشْهِد .. وَكَانَ يَعْلَمْ أنَّهُ سَيُسْجَن لكِنُّه كَانَ أقْوَى مِنْ كُل ذلِك .. فَلاَ يُمْكِنْ لِلرَّبَّ يَسُوع أنْ يُرْسِل شَخْصاً لِيُمَهِد لَهُ الطَّرِيق وَيَشْهَد عَنْهُ وَيَكُون شَخْص خَائِف أوْ مُرْتَاب أوْ جَبَان أوْ يُرِيدْ أنْ يُخَاطِب النَّاس سِرَّاً ..
أبَداً لكِنُّه كَانَ يُجَاهِر .. كَانَ يَتَكَلَّمْ أمَام رُؤسَاء الكَتَبَة وَرُؤسَاء الكَهَنَة وَالشُّيُوخ وَجُنُود الرُّومَان ..وَكُل مَنْ يَسْألُه كَانَ يُجِيبُه .. فَكَانَتْ حَيَاتُه بِهَا قُوَّة الشِّهَادَة لِرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح .
فِي جِيلُه مَنْ يُخْبِرُ بِهِ ؟ .. ﴿ صَوْتُ صَارِخٍ فِي البَرِّيَّةِ أعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ إِصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً ﴾ ( مر 1 : 3 ) .. الكِنِيسَة أرَادَت أنْ تَضَعْ لَنَا هذَا الإِنْجِيل – المُتَحَدِّث عَنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان – فِي أوِّل أُسْبُوع مِنْ شَهْر كِيَهْك لِكَيْ تَقُول لَك كَمَا كَانَ جِيل يُوحَنَّا المَعْمَدَان مُحْتَاج إِلِيه حَتَّى يَعْرِف المَسِيَّا الآتِي وَلِكَيْ يُوقِظَهُمْ مِنْ ظُلْمَتِهِمْ وَيُشِير لَهُمْ بِشَخْص الْمَسِيح .. كذَلِك الكِنِيسَة أيْضاً تَحْتَاج اليُوْم إِلَى يُوحَنَّا المَعْمَدَان لِتَأخُذ الدَرْس مِنْهُ . فَأنَا مُحْتَاج لأِنْ أسْمَع لِلصُوْت القَائِل ﴿ أعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ إِصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً ﴾ .. ﴿ إِصْنَعُوا أثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَة ﴾ ( لو 3 : 8 ) .. مُحْتَاج إِلَى أنْ أتَمَهَد لِحَقِيقَة مَجِيئُه .. مُحْتَاج إِلَى أنْ أسْتَيْقِظ وَأعْلَمْ مَنْ ذَاكَ الَّذِي أنَا قَادِم لاسْتِقْبَالُه .. مُحْتَاج إِلَى التَوْبِيخ مِنْ شَخْص مِثْل يُوحَنَّا المَعْمَدَان .. لِذلِك صَوْتُه هذَا قَدْ وَضَعَتُه لَنَا الكِنِيسَة فِي أوِّل أُسْبُوع مِنْ شَهْر كِيَهْك وَنَحْنُ نَتَنَفَس ألْحَان هذَا الشَّهْر وَنَسْتَقْبِل بِهَا المَوْلُود الإِلهِي .. نَحْتَاج لأِنْ نَسْمَع وَنَرَى وَنَشْهَد وَنُنْصِت لِيُوحَنَّا المَعْمَدَان وَهُوَ يَصْرُخ فِي كُل وَاحِدٍ مِنَّا لِكَيْ يُهَيِّئ لِلرَّبَّ شَعْباً مُسْتَعِداً .
فَلَقَدْ إِقْتَرَبَ مَجِئ الرَّبَّ جِدّاً جِدّاً وَبَقِيَتْ شُهُور وَأيَّام وَلَحَظَات ثُمَّ يَأتِي .. نَحْتَاج تَمْهِيد وَلِلأسَفْ الشَّعْب فِي سُبَات عَمِيق وَفِي ظُلْمَة .. ﴿ الشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أبْصَرَ نُوراً عَظِيماً ﴾ ( أش 9 : 2 ).. وَالعَرِيس قَرُبَ مَجِيئُه جِدّاً .. فَنِصْف اللِّيل إِقْتَرَب وَالهَزِيع الرَّابِع إِقْتَرَب جِدّاً وَالنُّفُوس جَمِيعَهَا نَائِمَة وَفِي غَفْلَة – خَطِيَّة شَدِيدَة – فَجَاءَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان لِكَيْ يُوقِظْ قَائِلاً * يَكْفِي هذَا .. قُمْ إِسْتَيْقِظ فَالْمَسِيح آتٍ .. وَأنْتَ كَيْفَ سَتَسْتَقْبِلُه وَأنْتَ فِي نُعَاس وَغَارِق فِي الخَطَايَا ؟ * .. لاَبُدْ أنْ تَسْتَيْقِظْ وَتَنْهَض . لِذلِك الكِنِيسَة خَصَّصِت لَنَا هذَا الشَّهْر لِكَيْ نَسْتَقْبِل الْمَسِيح بِالتَّسَابِيح وَالتَّمَاجِيد وَالصَّلَوَات .. فَلاَ يُمْكِنْ مُطْلَقاً إِنْسَان يُسَبِّح وَيُمَجِّد وَيُصَلِّي وَهُوَ غِير تَائِب لأِنَّهُ ﴿ لَيْسَ الأمْوَاتُ يُسَبِّحُونَ الرَّبَّ ﴾ ( مز 115 : 17) .. وَلاَ يُمْكِنْ لِقَلْب يَحْتَضِنْ الخَطِيَّة وَيَعْرِف كَيْفَ يُسَبِّح .. وَلاَ لِشَفَتَيْن يَنْطِقُون بِالغِش وَيَعْرِفُوا كَيْفَ يَنْطِقُوا بِالحَقَّ .
لِذلِك هذَا نِدَاء يُوحَنَّا لَنَا .. صُوْت صَارِخ يُوَبِخ وَيُوقِظْ وَيَأتِي لِلرَّبَّ وَيُعِد لَهُ النُّفُوس حَتَّى عِنْدَمَا يَجِئ يَجِدَهُمْ مُهَيَّئِينْ وَيَسْتَطِيعُوا أنْ يَسْتَوْعِبُوا هذَا القُدُوم .. فَلِهذَا جَاءَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان .. جَاءَ لِيَرَى الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمْ الْمَسِيح ﴿ خِرَافٍ لاَ رَاعِي لَهَا ﴾ ( مر 6 : 34 ) .. الرَّاعِي لَكُمْ قَادِم .. الرَّاعِي لَكُمْ أُسْقُف نُفُوسْكُمْ .. الرَّاعِي الصَّالِح الّذِي يَسْتَطِيع أنْ يُطْعِمَكُمْ وَيَقُودَكُمْ إِلَى مَرَاعٍ خُضْرٍ .. الَّذِي يُهَيِّئ لَكُمْ مَائِدَة .. الَّذِي يُرِيدْ أنْ يَأخُذَكُمْ إِلَى يَنَابِيع مِيَاة الحَيَاة .. آتِي إِلَيْكُمْ .. لاَ إِلَى الغَفَلَة مِنْكُمْ .. لِذَا جَاءَ الرَّاعِي الصَّالِح لِكَيْ يَجْمَع إِلَيْهِ الشَّعْب التَائِه .. جَاءَ لِيَطْلُب الضَّال وَيَسْتَرِد المَطْرُود وَيُجَبِّر الكَسِير وَيَعْصِب الجَرِيح ( حز 34 : 16) .. جَاءَ لِيَطْلُب مَا لَهُ .. جَاءَ لِيَضُمْ خِرَافُه وَيُضَمِّد جِرَاحَات النُّفُوس الَّتِي تَمَلَّك عَلَيْهَا عَدُو الخِير وَاسْتَطَاعَ أن يَجْرَحْهَا بِجِرَاحَات عَمِيقَة .. جَاءَ كَطَبِيب لِيَشْفِيهَا .
كَانَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان هذَا عَمَلُه أنْ يُشِير إِلَى ذلِك الطَّبِيب .. لِذلِك جَاءَ يَصْرُخ بِصَوْتٍ عَظِيم وَكَانَ لاَ يَسْكُتْ .. نَحْتَاج لِصُوْت يُوحَنَّا فِي دَاخِلْنَا يَصْرُخ وَلاَ يَسْكُتْ .. وَنَحْنُ مِنْ جِهِة أُخْرَى عَلَيْنَا أنْ نَسْمَع وَنَسْتَجِيب وَنَأخُذ هذَا الشَّهْر فُرْصِة تُوبَة عَمِيقَة لِكَيْ عِنْدَمَا يُقَال لَك أنَّ الْمَسِيح وُلِد يَكُون قَلْبَك هُوَ المَكَان الَّذِي وُلِد فِيهِ وَنَفْسَك هِيَ المَكَان المُرِيح لَدَيْهِ .. وَتَقْدُمَاتَك هِيَ الَّتِي تُعَوِّضُه وَتَكُون أنْتَ مُهَيَّأ لاسْتِقْبَالُه .
فَهُوَ قَدْ وُلِد .. فَلاَ تَكُنْ أنْتَ مِنْ الفِئَات الَّتِي تُدَبِر لِقَتْلُه .. أوْ مَعَ الفِئَات النَّائِمَة أوْ المُتَغَافِلَة . أوْ مَعَ الفِئَات الرَّافِضَة أوْ المُحْتَقِرَة .. بَلْ كُنْ مَعَ السَّهَارَى وَمَعَ المُسْتَعِدِين .. لِذلِك الكِنِيسَة تُخَاطِبَك قَائِلَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ إِسْتِعْدَاد لإِسْتِقْبَال العَرِيس فَتُبْ لأِنَّهُ قَدْ إِقْتَرَبَ مَلَكُوت السَّموَات ( مت 3 : 2 ) .. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَك مَا تُقَدِّمُه مِنْ كُنُوز ذَهَبْ أوْ مُر فِي حَيَاتَك أوْ لُبَان عِبَادَة فَجَهِّز مِنْ نَفْسَك لِئَلاَّ تُفَاجَأ أنَّهُ قَدْ وُلِد وَأنْتَ وَاقِفْ فَارِغ اليَدَيْن .
نَحْنُ نَحْتَاج لأِنْ نَسْتَجِيب لِصُوْت يُوحَنَّا المَعْمَدَان الَّذِي كَانَ يَصْرُخ لِلكَتَبَة وَالفِرِّيسِيِّين قَائِلاً﴿ كَيْفَ تَقْدِرُونَ أنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأنْتُمْ أشْرَار ﴾ ( مت 12 : 34 ) .. أنَا مُحْتَاج لأِنْ أسْمَع هذَا الصُوْت بِعِينُه .. نَحْنُ نُرِيدُه أنْ يُوقِظْنَا مِنْ رُوح الكِذْب وَرُوح الرِّيَاء وَرُوح النِّفَاق .. فَعِنْدَمَا تُشَاهِد سِيرْتُه وَحَيَاتُه تَجِدُه رَجُل مُحِب لِلحَقَّ .. يَقُول لِكُل مَنْ يَرَاه مَاذَا تَفْعَل .. إِخْلَع ثُوب الرِّيَاء .. إِخْلَع كُل مَا فِيك مِنْ إِنْسَان عَتِيق .. نَحْنُ فِي حَاجَة لِكَيْ نُنَقِّي أنْفُسْنَا لاسْتِقْبَالُه بِخَلْع هذَا الثُّوْب – ثُوب الرِّيَاء – الَّذِي نَحْنُ صَنَعْنَاه لإِنْفُسْنَا لِكَيْ مَا تَبْدُو ظَوَاهِرْنَا مِثْل الصِّدِّيقِين .. إِخْلَع هذَا الثُّوْب لِكَيْ مَا تَظْهَر عَلَى حَقِيقَة دَوَافِعَ لِذَا قَدْ قِيلَ عَنْهُ أنَّهُ سَيَتَقَدَّم بِرُوح إِيلِيَّا ( لو 1 : 17) .. مُحْتَاجِين لِصُوْت إِيلِيَّا .. الصُوْت النَّارِي القَوِي المُوَبِخ الَّذِي يُوقِظْ الإِنْسَان الَّذِي قَالَ لَهُمْ ﴿ حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الفِرْقَتَيْنِ .. إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ الله فَاتَّبِعُوهُ وَإِنْ كَانَ البَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ ﴾ ( 1مل 18 : 21 ) .. وَأنَا أيْضاً عَلَيَّ أنْ أسْمَع هذَا الصُوْت وَأنْتَبِه وَأسْتَيْقِظ وَأقُول لِنَفْسِي إِلَى مَتَى أعْرُج بَيْنَ الفِرقَتَيْنِ ؟ إِلَى مَتَى أعِيش بِقَلْبٍ مُنْقَسِم .. حَتَّى مَتَى ؟ هَلْ سَتَظِل حَيَاتِي بِهذِهِ الرُّوح المُتَرَدِّدَة ؟ أنْتَ تُرِيدْ مَاذَا بِالضَبْط ؟ إِنْ كُنْت تُرِيدْ أنْ تَسْتَقْبِل الْمَسِيح إِسْمَع لِصُوْت يُوحَنَّا المَعْمَدَان الَّذِي جَاءَ يَصْرُخ بِقُوَّة الحَقَّ .. جَاءَ لِكَيْ يَصْرُخ وَيَقُول ﴿ لاَ يَحِلُّ أنْ تَكُونَ لَكَ امْرَأةُ أخِيكَ ﴾ ( مر 6 : 18) .. فَفِي دَاخِل كُل وَاحِد مِنَّا خَطَايَا لاَ يَتُوب عَنْهَا وَيُبَرِّر لِنَفْسُه أسْبَابْهَا .. فَمَثَلاً تَجِد شَخْص يَقُول * أنَا مُرْهَق * .. وَآخَر يَقُول * مَاذَا أفْعَل ؟ * .. وَآخَر * هذِهِ ضُغُوط * .. وَآخَر * لاَ أسْتَطِيع * .. وَآخَر * هكَذَا كُل النَّاس * .. وَلكِنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان جَاءَ يَقُول لَك لاَ يَحِلُّ لَك .
إِسْمَع لِصُوتُه الَّذِي قَدْ بَعَثَهُ الرَّبَّ لَك لِكَيْ تَسْتَطِيع أنْ تَتَمَهَد لِحُضُور الْمَسِيح عِنْدَك .. تَجَاوَب مَعَهُ وَافْطُمْ نَفْسَك عَنْ مَحَبِّة العَالَمْ لِتَسْتَطِيع أنْ تَسْتَقْبِل الْمَسِيح المُخَلِّص .. فَالْمَسِيح قَدْ جَاءَ لِيَفْطُمَك وَيَفْطُمْ النُّفُوس الَّتِي أحَبَّتْ العَالَمْ وَأرَادَت كَسْر الوَصَايَا .. النُّفُوس المُرْتَبِكَة بِنِير عُبُودِيِة العَالَمْ تَحْتَاج لِصُوْت صَارِخ مِثْل صُوْت يُوحَنَّا المَعْمَدَان .
هكَذَا يَا أحِبَّائِي أهَمْ حَدَث عَرَفَتُه الأرْض كُلَّهَا .. وَأهَمْ حَدَث فِي التَّارِيخ بِأكْمَلُه هُوَ مَجِئ إِبْن الله .. وَلِذلِك إِنْقَسَمْ التَّارِيخ إِلَى قَبْل المِيلاَد وَبَعْد المِيلاَد .. هذَا الحَدَث الَّذِي قَسَمْ التَّارِيخ كُلُّه .. هذَا الحَدَث الَّذِي أنَا أُهَيِّئ نَفْسِي لُه .. لِذلِك لاَ يُمْكِنْ أنْ أسْتَقْبِلُه وَأنَا فِي غَفْلَة .. وَأنَا لاَ أدْرِي مَاذَا يَحْدُث حَوْلِي .. فَأرْجُوك لاَ تُفَوِّت هذِهِ الأيَّام وَلاَ تَمْضِي فِتْرِة الصُوْم كَرُوتِين .. مُجَرَّد تَغْيِير نِظَام الأكْل فَقَطْ بَلْ إِسْتَقْبِل بِرُوح تُوبَة .. نَظَّفْ قَلْبَك لِكَيْ يَجِئ الْمَسِيح وَيَدْخُل وَيَسْكُنْ .
إِسْمَع لِنِدَاء يُوحَنَّا المَعْمَدَان وَحَاوِل وَاجْتَهِد أنْ تَسْتَجِيب وَقُلْ لَهُ * أنَا أوِّل وَاحِد أكُون فِي إِسْتِقْبَالُه .. أنْتَ جِئْت لِتُعِد شَعْب مُسْتَعِد هَا أنَا .. أُكْتُبْ إِسْمِي عِنْدَك .. إِعْتَبِرْنِي أنَا أوِّل الصَفْ .. أنَا جَالِس الآنْ فِي المِزْوَد مِنْتِظْرُه .. سَوْفَ أنْتَظِرُه بِالصَّلاَة .. بِالتَّسْبِيح .. بِالسَهَر * ..وَالكِنِيسَة تَجْعَل هذَا الشَّهْر كُلُّه سَهَر .. لأِنَّنَا نَعْلَمْ أنَّهُ سَيَأتِي بَغْتَةً .. نَعْلَمْ أنَّهُ سَيَأتِي فِي نِصْف اللِّيل .. فِي بَرْد .. فِي ظُلْمَة .. لِذلِك نَحْنُ فِي بَرْد وَظُلْمَة وَاللِّيل كُلُّه سَوْفَ نَنْتَظِر .. فَلاَ يُمْكِنْ أنَّ الْمَسِيح يَأتِي وَنَحْنُ نِيَام .. أوْ يَأتِي وَنَحْنُ غِير مُهَيَّئِينْ وَعَلَى اسْتِعْدَاد كَامِل .. نَحْنُ أوِّل نَاس سَوْفَ تَسْمَع لِصُوْت يُوحَنَّا وَسَوْفَ نَكُون فِي إِسْتِعْدَاد وَلَيْسَ بِالشَكْل فَقَطْ بَلْ مِنْ الدَّاخِل .
فَقَدْ تَكَلَّمْ يُوحَنَّا عَنْ الرِّيَاء وَالنِّفَاق وَتَكَلَّمْ مَعَ العَشَّارِين أنْ لاَ يَظْلِمُوا أحَد .. وَمَعَ الجُنُود مَعَ وُجُوب إِسْتِعْمَال الرَّحْمَة .. وَمَعَ كُل إِنْسَان بِألاَّ يَظْلِم وَلاَ يُرَائِي وَأنْ يَعْبُد الرَّبَّ بِالحَقَّ وَأنْ يُعْطِي .. ﴿ مَنْ لَهُ ثَوْبَان فَلْيُعْطِ مَنْ لَيْسَ لَهُ ﴾ ( لو 3 : 11) .. فَقَدْ وَصَّى بِكُل الوَصَايَا .. وَنَبِّه عَلَى أنَّ مَنْ يُرِيدْ إِسْتِقْبَال الْمَسِيح عَلَيْهِ بِتَغْيِير كَيَانُه كُلُّه .. نَحْنُ أيْضاً نُرِيدْ أنْ نُخَاطِبْ الرَّبَّ قَائِلِين * كَيَانَنَا كُلُّه يَحْتَاج إِلَى تَغْيِير .. إِعْطِينَا إِسْتِجَابَة لِنِدَاء يُوحَنَّا المَعْمَدَان مِنْ أعْمَاقْنَا حَتَّى عِنْدَمَا يَصْرُخ يَجِد أُنَاس تَقُول لَهُ * نَحْنُ أيْضاً نَسْمَع وَنَعْمَل وَسَوْفَ نَكُون مَعَك * .
فَصُوْت الحَقَّ وَرُوح الحَقَّ الَّذِي فِي يُوحَنَّا وَرُوح المُجَاهْرَة لاَبُدْ أنْ تَنْتَقِل مِنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان إِلَى كُل الكِنِيسَة حَتَّى تَصِير كُل الكِنِيسَة يُوحَنَّا مَعْمَدَان جَدِيد .. وَبَدَلاً مِنْ أنْ يُهَيِّئ شَعْب مُسْتَعِد فَرْد وَاحِد تُصْبِح الكِنِيسَة كُلَّهَا .. كِنِيسَة تَنْطِق بِمَجْدُه .. كِنِيسَة تَنْطِق بِحُبُّه .. كِنِيسَة تَائِبَة .. نِفُوس مُلْتَهِبَة بِالحُبْ .. فَيَأتِي الْمَسِيح وَيُولَد فِي وَسَطْهَا وَيَقُول ﴿ هَهُنَا أسْكُن لأِنِّي أرَدْتَهُ ﴾ ( مز 131 – مِنْ مَزَامِير النُوْم ) .
رَبِّنَا يُعْطِينَا يَا أحِبَّائِي فِي هذِهِ الأيَّام المُقَدَّسَة أنْ نَسْتَعِد بِالتُوبَة
وَأنْ نَتَجَاوَب مَعَ صُوْت يُوحَنَّا المَعْمَدَان الصَّارِخ فِينَا لِكَيْ مَا يُهَيِّئ لِلرَّبَّ شَعْباً مُسْتَعِداً قَائِلاً
﴿ إِصْنَعُوا أثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَة ﴾
فَفِي كُل يُوم أُضِيف إِلَى تُوبْتِي تُوبَة .. وَإِلَى إِسْتِعْدَادِي إِسْتِعْدَاد .. وَإِلَى سَهَرِي سَهَر ..وَإِلَى صَلاَتِي صَلاَة
لِكَيْ مَا يَأتِي إِبْن الله فَيَجِد نَفْسِي مُهَيَّئَة فَيَسْكُنْ وَيَسْتَرِيح وَيَبِيت
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه
وَلإِلهْنَا كُل مَجْد وَكَرَامَة مِنْ الآنْ وَإِلَى الأبَدْ آمِين
معنى يبغض أباه وأمه – الأحد الثالث من هاتور
معنى يبغض أباه وأمه
كَانَتْ هُنَاك جُمُوع كَثِيرَة تَسِير مَعَ رَبِّنَا يَسُوع .. رَبِّنَا يَسُوع مِنْ بِدَايِة خِدمِتُه وَكَانَتْ الأعْدَاد تَتَضَاعَفْ وَأي مَكَان كَانَ مَوْجُودٌ فِيهِ كَانَ هُنَاك فِيه أنْوَاع كَثِيرَة مِنْ النَّاس .. فَقَدْ كَانَ هُنَاك مَنْ يَرْغَبْ فِي الشِّفَاء .. وَهُنَاك مَنْ يَرْغَبْ فِي سَمَاع تَعْلِيم .. وَهُنَاك مَنْ يَرْغَبْ فِي التَّبَعِيَّة .. وَرُبَّمَا أيْضاً يَكُون هُنَاك مَنْ يَرْغَبْ فِي طَعَام مِثْل مُعْجِزِة الإِشْبَاع عَلَى الجَبَل .. فَكَانَ مُحَاطٌ بِالآلاَف وَالأمَاكِنْ ضَيَّقَة وَلكِنْ هذَا يِفَرَّحَك يَارَبَّ ؟ يِفَرَّحْنِي وَلكِنْ لاَزِم أنْ يَتْبَعُونِي .. لاَزِم أنْ يَظَلُّوا خَلْفِي وَلكِنْ هُمْ لاَ يَعْرِفُوا أهْدَافَهُمْ الحَقِيقِيَّة .
إِلْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ عَنْ شُرُوط صَعْبَة .. بَدَأَ أوِّل شَرْط ﴿ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً ﴾ ( لو 14 : 26 ) .. الَّذِي سَمَعَ مِنْ الجُمُوع قَالُوا لاَ يَنْفَعْ أنْ أُبْغِض أعَز مَا لِيَّ أبُويَا وَأُمِّي وَإِخْوَتِي وَأوْلاَدِي .. وَلكِنْ بَعْد هذِهِ الصَدْمَة لَمْ يَسْكُتْ فَقَالَ لَهُمْ الشَّرْط الثَّانِي ﴿ مَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً ﴾ ( لو 14 : 27 ) .. فَقَالَ لَهُمْ مِثَال عِنْدَمَا يُرِيدْ أنْ يَبْنِي النَّاس البُرْج فَيَجِبْ أنْ يَحْسِبُوا النَّفَقَة أوَّلاً اللاَزِمَة لِبُنَاء هذَا البُرْج .. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ عَنْ الشَّرْط الثَّالِث وَهُوَ ﴿ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لاَ يَتْرُكُ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً ..... مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ ﴾ ( لو 14 : 33 – 35 ) .. هذِهِ هِيَ الشُّرُوط الَّتِي وَضَعَهَا رَبِّنَا يَسُوع لِلتَّبَعِيَّة :
A.يَبْغُض أبُوه وَأُمُّه .
B.يَحْمِل صَلِيبُه .
C.يَتْرُك جَمِيعْ أمْوَالُه .
رَبِّنَا يَسُوع أرَادَ أنْ يَتْرُك الإِنْسَان كُلَّ شِئ .. أرَادَ أنْ يَتْرُك أُمور كَثِيرَة وَيَكُون رَافِعْ قَلْبُه طُول الوَقْت .. وَيَكُون رَافِعْ قَلْب نَقِي أمَامُه مِتِكِل عَلِيه دَائِماً .. لَيْسَ لَهُ مُعِينْ فِي غِيرُه وَلاَ سَنَد فِي غِيرُه وَإِنْ الإِنْسَان يِتْبَعُه لِكَيْمَا يَسْتَرِيح هُوَ وَلكِنْ هُوَ يِتْعَبْ مِنْ أجْلُه .. أي يَتَأكَّدْ أنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَصْلَحَة شَخْصِيَّة وَلكِنْ إِنِّنَا نِتْعَبْ مِنْ أجْلُه وَنِبْذِل مِنْ أجْلُه وَتَرَكْنَا كُلَّ شِئ لِنَتْبَعُه هُوَ .. لِذلِك كَلِّمْنَا عَنْ بُغْضِة الأب وَالأُم .. حَمْل الصَّلِيبْ .. تَرْك جَمِيعْ الأمْوَال وَذلِك لأِنَّهُ يَأتِي لِلَّذِي يَرَاه وَيُبْصِرُه .. القِدِيس أُوغُسْطِينُوس يَقُول ﴿ مَنْ إِمْتَلَكَك شَبَعَتْ كُلَّ رَغَبَاتُه ﴾ .
يُبْغِض أهْلُه .. ﴿ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً ﴾ .. إِنَّ العِلاَقَات الأُسَرِيَّة شِئ رَاقِي جِدّاً .. العِلاَقَات الأُسَرِيَّة شِئ سَامِي جِدّاً فَهْيَ دَاخِل الإِنْسَان .. فَالأب يَبْذِل مِنْ أجْل أبْنَائُه .. الإِبْن يُكْرِم أبَاه .. الأخ يُحِب أخَاه .. فَإِنَّهَا مَعَانِي جَمِيلَةٌ فِي الحَيَاة وَإِنَّهَا هِيَ الَّتِي تَعْنِي عَدَم الإِتِّكَال عَلِيه أوْ يَسِير عَلِيه سَنَدٌ .. أي لاَ يَكُون مَرْكَز إِهْتِمَامُه .. فَرَبِّنَا يَسُوع هُوَ الَّذِي أوْجَد العِلاَقَات الأُسَرِيَّة وَلكِنَّهَا لَيْسَتْ أسَاس الحَيَاة فَإِنَّهُ أوْجَدْهَا لِكَي نُحِبْ بَعْض مِنْ خِلاَلُه هُوَ .. فَهُوَ يُرِيدْ أنْ يَجْعَل الإِبْن يُحِبْ أبُوه وَيَشْكُر إِنُّه أعْطَاه هذَا الأب فَالعَطِيَّة هِيَ مِنْ الآب رَبِّنَا .. وَكَذلِك الإِبْن يَشْكُر رَبِّنَا عَلَى أبُوه .. أي يَتَعَلَّقٌ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَصْدَر العَطِيَّة رَبِّنَا يَسُوع .
فَنَظْرِة الأُسْرَة هِيَ نَظْرَة تَقُودْنَا لله وَلاَ تَأخُذْنَا مِنْ الله .. فَهُنَاك تَبَادُل فِي المَحَبَّة فِي الْمَسِيح يَسُوع وَأسَاس هذِهِ العِلاَقَة أنَّهُمْ يُقَدِّمُوا بَعْض فِي المَحَبَّة .. أسَاس هذِهِ العِلاَقَة أنْ يَعِيشُوا الوَصِيَّة الحَقِيقِيَّة .. أسَاس هذِهِ العِلاَقَة هِيَ أنْ يِخَلَّصُوا بَعْض أي أنَّ هذِهِ العِلاَقَات مُفِيدَة .. وَلكِنْ لَوْ تَحَوَلَتْ الأُمور بِحِيثْ إِنْ الأب بِالنِّسْبَة لِلإِبْن هُوَ المُتَكَل .. هُوَ السَنَد .. هُوَ مَصْدَر العَطِيَّة فَنَجِد أنَّ هذَا الأب أخَذَ دُور رَبِّنَا فِي حَيَاة الإِبْن .. لَمَّا يُصْبِح الزُوج وَزُوجْتُه يُشْعُرُوا إِنُّهُمْ لِبَعْض وَإِنْ مَشَاعِرْهُمْ لِبَعْض وَحَيَاتْهُمْ لِبَعْض وَرَبِّنَا خَارِج هذِهِ الدَّائِرَة .. وَلكِنْ كِلاَهُمَا مُعَيَّنْ عَلَى خَلاَص أنْفُسَهُمْ فَهُمْ عَطِيَّة مِنْ الله لِكَيْ يُمَجِّدُوا الله .. فَهذَا هُوَ الهَدَفْ الأسَاسِي مِنْ الأُسْرَة .. مِنْ هُنَا قَالَ لَهُمْ مِنْ أجْل أنْ تَتْبَعُونِي يَجِبْ أنْ تَتَخَلُّوا عَنْ العِلاَقَات الجَسَدِيَّة وَتَعْرِفُوا أنَّ مَصْدَر الوُجُودٌ هُوَ أنَا .. مَصْدَر العَطِيَّة هُوَ أنَا .. مَصْدَر وَمُعْطِي الأوْلاَدٌ هُوَ أنَا .. جَمِيلٌ أنْ يَنْظُر الإِنْسَان لِلعِلاَقَات الأُسَرِيَّة مِنْ خِلاَل الْمَسِيح فَهْيَ مَجَالاَت تُثْرِي مَحَبِّة الله فِي القَلْب وَهُوَ لاَ يَتَعَامَل مَعَ عَطَايَا جَسَدِيَّة .
فَالكِنِيسَة تُبَارِك الزَّوَاج وَتَجْعَل الإِنْسَان يَتَعَامَل مَعَ زَوْجَتُه عَلَى إِنَّهَا مِنْ يَدْ الله وَالأوْلاَدٌ هُمْ ثَمَرِة القَدَاسَة .. الكِنِيسَة تَتَعَامَل مَعَ الأُسْرَة وَالزُوج وَالزُوجَة عَلَى إِنَّهَا أوْكَلَتْ لَهَا الأبْنَاء لِكَيْ تَأتِي لَهَا ** لِلكِنِيسَة ** نَفْسَهَا بِبَنِينْ .. أي أنَّ هُنَاك مُهِمَّة جَسَدِيَّة تِعْمِلُوهَا عَلَشَان تِعْمِلُوا المُهِمَّة الرُّوحِيَّة الَّتِي هِيَ مِلْكِي ..فَالمُهِمَّة الجَسَدِيَّة هِيَ أنْ تَأتُوا بِالأوْلاَدٌ وَالمُهِمَّة الرُّوحِيَّة مِنْ أجْل الكِنِيسَة .. فِي صَلاَة الإِكْلِيل يَقُول الكَاهِن ﴿ إِجْعَلْهُمَا مُبَارَكِينْ .. مُثْمِرِينْ ... وَآتِي بِهُمْ نَافِعِينْ فِي كِنِيسْتَك المُقَدَّسَة ثَابِتِينْ فِي الإِيمَان الأُرْثُوذُكْسِي ﴾ .. فَنُصَلِّي لَهُمْ أعْطِيهُمْ أوْلاَدٌ وَفَرِحِينْ .. إِنَّ عَمَلِيِة الإِنْجَاب لِتَكُون أوْلاَدٌ لَهَا وَلَيْسَ لَهُمْ أي أنَّهُ طَلَبَ تَرْك التَّعَلُّقٌ حَتَّى بِالأوْلاَدٌ فَهُمْ أوْلاَدٌ الْمَسِيح .
تَخَيَّل أنَّكَ تَتَعَامَل مَعَ إِبْنَك عَلَى أنَّهُ عَطِيَّة مِنْ الله .. عَلَى أنَّهُ وِكَالَة مِنْ الله .. أنَّ الله مُوَكِلَك عَلِيه فَقَطْ .. لَيْسَ هُنَاك أحَنْ مِنْ الأُم عَلَى إِبْنَهَا وَلكِنْ الكِنِيسَة أحَنْ فَهْيَ تُوصِي الأُم عَلَى إِبْنَهَا فَهْيَ كَإِنَّهَا تُوَصِّي غَرِيبْ عَلَى طِفْل .. الكِنِيسَة تِقُول إِزْرَعُوا فِيهُمْ البِّر وَالصَدَقَة وَالعَدْل وَالتَّقْوَى .. فَهْيَ تُوصِي عَلَى الأُم .. فَالكِنِيسَة هِيَ أُم .. فَالكِنِيسَة تُقَدِّس وَتُبَارِك العِلاَقَات الجَسَدِيَّة .. يَقُول القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيِّ الفَمْ ﴿ نِفْسِي أتْأمَّل مَشَاعِر يُوكَابِد أُم مُوسَى النَّبِي ﴾ .. فَهْيَ أُمُّه وَهُوَ فِي حُضْنَهَا لكِنَّهَا تِعْرَفْ إِنُّه سَيُؤخَذْ مِنْهَا وَبَعْد ذلِك يَأتِي وَاحِدٌ وَيَأخُذُه مِنْهَا وَيِرْجَع إِلَى قَصْر فِرْعُون .. فَهْيَ أُمُّه وَلكِنْ هِيَ مُؤتَمَنَة عَلِيه .
فَالأُم لَهَا دُور مَعَ إِبْنَهَا فِي الكِنِيسَة وَدُورْهَا الرَّئِيسِي هُوَ كَيْفَ تَرْبُطُه بِالكِنِيسَة كَأُم حَقِيقِيَّة عَلِيه .. فَالأُم هِيَ مَصْدَر العَاطِفَة البَشَرِيَّة وَكَانَتْ تُمَثِّلْهَا الكِنِيسَة فَكَانَتْ هِيَ الإِحْتِيَاج النَّفْسِي .. فَالأُم كَانَتْ تَحْزَن لأِنَّ لَيْسَ لَهَا إِبْناً لِيَصِير رَاهِباً نَذِيراً .. شَهِيداً .. يَعْبُد الرَّبَّ فَكَانَتْ الأُمَهَات مَثَلاً فِي عَصْر الإِسْتِشْهَادٌ يُرِيدُون أنْ يَكُونُوا عِنْدَهُمْ أبْنَاء لِكَيْ يُقَدِّمُوهُمْ شُهَدَاء عَلَى إِسْم رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح .. مِثْل أُم بُطْرُس خَاتِمْ الشُّهَدَاء تَتَذَلَّلْ لِصُورِة العَذْرَاء لأِنَّ لَيْسَ لَهَا شَهِيدٌ تُقَدِّمُه لِلْمَسِيح مِثْل الآخَرِينْ فَكَانَتْ تَقُول أنَا نِفْسِي إِبْنِي يِكُون شَهِيدٌ .. فَلَمَّا رَبِّنَا أعْطَاهَا بُطْرُس فَمُنْذُ طُفُولَتُه تَرَبَّى عَلَى أنْ يَكُون شَهِيدٌ فَهُوَ صَار خَاتِمْ الشُّهَدَاء .
فَمَعْنَى * يُبْغِض * أي * يَتَخَلَّى * .. أمر جَمِيلٌ جِدّاً أنْ يَجْعَل الأُم تُقَدِّم خَمْسَة أطْفَال يِتْقِتْلُوا قُدَّامْهَا فَهُوَ أمر فَائِقٌ لِلطَّبِيعَة .. فَهْيَ أُم فِهْمِتْ مَعْنَى الإِنْجِيل .. فِهْمِتْ إِنُّهُمْ مِنْ الْمَسِيح وَلِلْمَسِيح فَإِنَّهَا فِهْمِتْ إِنُّهُمْ عَطِيَّة مِنْ رَبِّنَا .. القِدِيسَة صُوفِيَّة كَانْ عَنْدَهَا ثَلاَث بَنَات تِسْعَة .. عَشْرَة .. إِحْدَى عَشَرَة سَنَة .. ** أغَابِي .. هِلْبِيس .. بِيسْتِيس ** .. فَكَانْ مِنْ الصَغِيرَة إِلَى الكِبِيرَة يِقْتِلُوهَا قُدَّامْهَا وَلَيْسَ رَأفَة مِنْهُمْ بَلْ لِزِيَادِة القَسْوَة لَمْ يَذْبَحُوا الأُم مِنْ أجْل أنْ تَعِيش فِي مَرَارِة فُرَاقْهُمْ وَلكِنْ فِي النِّهَايَة طَلَبِتْ الأُم أنْ تُؤخَذْ رُوحْهَا فِي الحَال .. فَأجَابَ لَهَا الله طَلَبْهَا .. الإِنْسَان الَّذِي يَعِيش فِي الْمَسِيح يَسُوع يَتَحَدَّى طَبِيعْتُه .. يَتَحَدَّى جُذُورُه البَشَرِيَّة .
شِئ غَرِيبْ الرَّبَّ أعْطَى إِبْرَاهِيم إِبْنُه إِسْحَق فَصَنَعَ وَلِيمَة عَظِيمَة هِيَ وَلِيمِة فِطَام إِسْحَق ( تك 21 : 8 ) .. حَتَّى فِطَام إِسْحَق تَكَلَّمْ عَنْهَا الكِتَاب المُقَدَّس .. هَلْ لَيْسَ هُنَاك شِئ أهَمْ مِنْ فِطَام إِسْحَق لِيَتَكَلَّمْ عَنُّه الكِتَاب المُقَدَّس ؟ .. فَنَرَى أنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَنْ مُجَرَّدٌ وَلِيمِة فِطَام عَنْ الأكْل فَقَطْ وَلكِنُّه يَتَكَلَّمْ عَنْ الفِطَام الرُّوحِي .. وَكَأنَّ الكِتَاب يَقُول لَنَا أنَّهُ عَلَى كُلَّ إِنْسَان أنْ يَصْنَع وَلِيمِة فِطَام حَتَّى لَوْ كَانَ الإِنْسَان عِنْدُه خَمْسِينْ أوْ سِتِينْ سَنَة وَلَيْسَ مَفْطُوم فَلْيُفْطَمْ هذَا الإِنْسَان فَيَحِس الإِبْن أنَّ الأب هُوَ مَصْدَر أمَانُه وَسَلاَمُه .. إِجْعَل السَّلاَم عَلَى الله وَالإِتِكَال عَلَى الله فَإِنَّهُ حَتَّى عَلَى إِسْحَق لَمْ يَكُنْ الأمر صَعْباً .. إِسْحَق لَمْ يَرْضَى أنْ يِتْعِبْ أبُوه بَلْ صَعَدَ هُوَ عَلَى المَذْبَح .. صَعَدَ بِنَفْسُه وَهْيَ إِشَارَة لِتَسْلِيمْ الْمَسِيح لِلمُوت بِإِرَادَتِهِ وَبِسُلْطَانُه ( تك 22 : 1 – 14) .
فَالعِلاَقَات البَشَرِيَّة مُقَدَّسَة .. عِلاَقَات بَشَرِيَّة تَخْدِم الخَلاَص وَلاَ تُعِيقٌ الخَلاَص .. فَالإِنْسَان نَذِير لِرَبِّنَا .. يِتْرَهْبِنْ فَيِنْسَى شَعْبُه وَبَيْت أبِيه .. يِمْتِنِعْ عَنْ الأب وَالأخَوَات وَلاَزِم لاَ يَكُون لُه زُوجَة فَتِنْقِطِعْ مِنُّه الرِبَاطَات البَشَرِيَّة فَيَكُون كُلُّه ذَبِيحَة .. فَهذَا الشَّخْص فِي البَتُولِيَّة لاَ يَكُون لُه مُعِينْ أوْ أوْلاَدٌ فَيَصِير الله هُوَ مُعِينُه .. هُوَ سَنَدُه .. فَحَالِة الجَسَد بِالنِّسْبَة لَك وَلِلكِنِيسَة لاَ تَشْغِلْهَا كَثِير فَلاَ يُوْجَدٌ فَرْق بَيْنَ البَتُول وَالمُتَزَوِج فِي الجَسَد .. فَنَجِد أنَّ المُتَزَوِج حَافِظْ عَلَى عِفِتُه وَضَبَطْ نَفْسُه عَنْ كُلَّ نِسَاء المَدِينَة مَاعَدَا وَاحِدَة .. أمَّا البَتُول فَقَدْ ضَبَطَ عِفِتُه عَنْ كُلَّ نِسَاء المَدِينَة .. فِكِلاَهُمَا عَاشَ فِي ضَبْط .. كِلاَهُمَا عَاشَ فِي عِفَّة .. كِلاَهُمَا يَضْبُط عِينُه وَمَشَاعْرُه وَقَلْبُه .. أمَّا المُتَزَوِج فَعَنْ وَاحِدَة فَقَطْ أمَّا البَتُول فَضَبَطْ نَفْسُه عَنْ كُلَّ شِئ حَتَّى عَنْ هذِهِ الوَاحِدَة .. البَتُول لاَ يَتَزَوَج حَتَّى لاَ يَكُون لَهُ إِمْتِدَادٌ طَبِيعِي أسَاسِي عَلَى الأرْض فَهُوَ إِخْتَار السَّمَاء وَلَيْسَ الأرْض .. فَالعِلاَقَات الأُسَرِيَّة لَمَّا نُنْظُر إِلَيْهَا نَظْرِة الرُّوح .. العِلاَقَات الأُسَرِيَّة لَمَّا نُنْظُر إِلَيْهَا نَظْرِة الإِنْجِيل .. العِلاَقَات الأُسَرِيَّة لَمَّا نُنْظُر إِلَيْهَا نَظْرِة رَبِّنَا يَسُوع .. عَايِزْ تِعْرَف أبُوك .. أُمَّك .. إِخْوَتَك .. إِمْرَأتَك .. أوْلاَدَك نُنْظُر إِلَيْهِمْ عَلَى أنَّهُمْ عَطَايَا مِنْ الله لِكَيْ يِوَصَلُوك إِلِيه وَلاَ يِبْعِدُوك عَنُّه .
رَبِّنَا يَسُوع لَمَّا أتَتْ إِلِيه السِتْ العَذْرَاء قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُه هُوذَا أُمَّك وَإِخْوَتَك خَارِجاً يَطْلُبُونَك .. فَقَالَ يَسُوع مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي لأِنَّ مَنْ يَصْنَعْ مَشِيئَة الله هُوَ أخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي ( مر 3 : 32 – 35 ) .. أنَا لَسْتُ أُرِيدْ عِيلَة ضَيَّقَة .. أُسْرَة صَغِيرَة فَالإِنْسَان الَّذِي يَعِيش بِالرُّوح كُلَّ شِيخ هُوَ أبُوه ..كُلَّ إِمْرَأة هِيَ أُمُّه وَيَتَخَلَّى عَنْ مَشَاعِرُه الطَّبِيعِيَّة .. وَيَتَخَلَّى عَنْ كُلَّ الإِرْتِبَاطَات الَّتِي تَذِلُّه وَتُضْعِفُه .. إِنَّ العَوَاطِفْ فِي يَسُوع تِشْغِلُه سِر الخَلاَص أكْثَر مِنْ الأرْض وَكُلَّ الأرْضِيَات .
لَمَّا قِلْقِتْ السِتْ العَذْرَاء عَلَى يَسُوع فِي الهِيكَل قَالَتْ لَهُ لِمَاذَا فَعَلْت بِنَا هكَذَا هُوذَا أبُوك وَأنَا كُنَّا نَطْلُبَك مُعَذَّبِينْ .. فَقَالَ لَهُمَا يَسُوع لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانَنِي ألَمْ تَعْلَمَا أنَّهُ يَنْبَغِي أنْ أكُونَ فِي مَا لأِبِي ( لو 2 : 48 – 49 ) .. كُلَّ ذلِك لِيُعَلِّمْهَا أنْ تَنْشَغِل بِأُمور أُخْرَى .. كُلَّ ذلِك لِيُعَلِّمْهَا أنْ تَحْتَمِل أنْ تَرَاه مُهَاناً وَمَضْرُوباً .. كُلَّ ذلِك لِيُعَلِّمْهَا أنْ تَحْتَمِل أنْ تَرَاه مَصْلُوباً .. إِنْ لَمْ تَفْهَمْ هذِهِ العِلاَقَة بَيْنُه وَبَيْنَهَا الآنْ فَهْيَ سَتَنْهَار بَعْد ذلِك فَهْيَ قَالَتْ عِنْدَ الصَّلِيبْ فِي صَلاَة السَّاعَة التَّاسِعَة ﴿ أمَّا أحْشَائِي فَتَلْتَهِبْ عِنْدَ نَظَرِي إِلَى صَلَبُوتَك الَّذِي أنْتَ صَابِرٌ عَلِيه مِنْ أجْل الكُلَّ يَا إِبْنِي وَإِلهِي ﴾ .. فَهْيَ فَهَمِتْ المَعْنَى وَالدَّرْس المَقْصُودٌ مِنْ هذِهِ العِلاَقَة .
رَبِّنَا يُقَدِّس مَشَاعِرْنَا وَيُعْطِينَا أنْ نَرْتَبِطْ بَعْضِنَا بِبَعْض بِطَرِيقَة رُوحِيَّة
وَيِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه
وَلإِلهْنَا كُلَّ المَجْد مِنْ الآنْ وَإِلَى الأبَدْ آمِين