العظات
تقوية الارادة
بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
فلتحل علينا نعمته وبركته من الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين
كلنا نشكو من ضعف الإرادة .. أشتاق أن تكون إرادتي قوية .. أشتاق أن أقول أريد أن أصلي وبالفعل أصلي .. أشتاق أن أمتنع عن الخطية .. أشتاق لفِعل الصواب وأجد نفسي أفعله متى تُطيعني إرادتي وتسندني .
من رسالة معلمنا بولس الرسول إلى أهل رومية .. ﴿ 18 فإني أعلم أنه ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح لأن الإرادة حاضرة عندي وأما أن أفعل الحُسنى فلستُ أجد .. 19 لأني لستُ أفعل الصالح الذي أُريده بل الشر الذي لستُ أُريده فإياهُ أفعل .. 20 فإن كنت ما لستُ أُريده إياه أفعل فلستُ بعد أفعلهُ أنا بل الخطية الساكنة فيَّ ﴾ ( رو 7 : 18 – 20 ) .. نعمة الله الآب تحل على أرواحنا آمين .
مفهوم الإرادة :
ما هو مفهوم الإرادة ؟ هي أن الله خلق الإنسان حر مُريد .. كان يمكن أن يخلقنا بدون حرية أو إرادة .. يقول افعل ذلك فتُطيع .. لا تفعل ذلك وتُطيع أيضاً .. لكن الله أعطاك أن تكون معرفة الله مصحوبة بالإرادة بحيث أن تأخذ أنت القرار بالحياة مع الله أو لا تحيا مع الله .. إذاً الإرادة هي طاقِة الفِعل في الإنسان .. طاقِة القرار وفِعْل القرار .. طاقِة الحركة في الإنسان .. هي طاقِة الفِعل .. طاقة فعَّالة في الإنسان .. هي قوة تحقيق الرغبة .. هي الطاقة التي تُحقق رغبات الإنسان .
هل أنا لي إرادة أن أفعل إرادة الله ؟ كثيراً لا .. ماذا يريد الله إذاً ؟ ﴿ هذه هي إرادة الله قداستكم ﴾ ( 1تس 4 : 3 ) .. ﴿ الذي يريد أن جميع الناس يخلُصون وإلى معرفة الحق يُقبِلون ﴾ ( 1تي 2 : 4 ) .. الله يريد .. الله يريدني .. يريدني مِلْك له وأكون مُطيع وقديس .. ماذا أفعل أنا ؟ لو كنت أفعل إرادته صارت إرادتي متفقة مع إرادته وكنت أسير في الطريق الصحيح ولكن إن لم تتفق إرادتي مع إرادته وسِرت بإرادتي منفصلة عنه كنت إذاً مُخطئ .
ما هي الخطية ؟ هي انفصال إرادتي عن الله .. الله قال لأبينا آدم لا تأكل .. لما تكون إرادتي مثل إرادته أن لا آكُل صارت إرادتنا نحن الإثنان واحدة لكن لو كانت إرادتي أن آكُل صارت إرادتي منفصلة عن إرادته .. هي انفصال الإرادة الشخصية عن الله .. هي أن طاقة الحركة والفِعْل فيَّ تكون ضد الله .. لذلك الإرادة مهمة .. لا يمكن أن تبدأ حياة صحيحة مع الله بدون إرادة .. ولا يمكن أن تستمر مع الله بدون إرادة .
الإرادة تتحكم في سلوكك ومصيرك وشخصيتك وتكوينك وميولك .. الإرادة هي محور التعرف عليك من أنت .. لذلك مهم أن تضبُط الإرادة .. الإرادة تتحكم في أمور كثيرة .
يتحكم في الإرادة أمران ( بين الإحتياج والمِيل ) :
1. الإحتياج .
2. المِيل .
فتجد أن الإرادة هي مُحصلة اتفاق الإحتياج والمِيل .. قد يكون شخص له احتياجات كثيرة لكن ليس له ميل إليها فلا يفعلها وقد يكون شخص له ميول كثيرة وليس له احتياج لها فلا يفعلها .. متى يفعل الشخص الشئ ؟ لما يتفق احتياجه مع ميوله معاً .. المِيل أي لديَّ رغبة والإحتياج أي أنا محتاج لهذا الشئ .. الإثنان معاً يُكوِّنان الإرادة لكن .. قد يكون لي احتياج لأمور ليس لي مِيل لها ومع ذلك أفعلها .. مثل لي احتياج أن أتناول علاج لكن ليس لي مِيل لتناوله .. ماذا أفعل ؟ أقول لابد أن أتناوله لأني مريض .. هنا الإحتياج غلب المِيل وجعل الإرادة أن أتناول العلاج .. أيضاً قد لا يكون لي ميل للتعليم لكن محتاجه .. هنا الإحتياج غلب المِيل .. هكذا العمل قد لا تحب عملك ولا تميل له لكن محتاجه لذلك تعمل .
هل تكون ميَّال لكن غير محتاج ؟ نعم .. مثل الخطية .. أنا لي ميل للثروة وإن كنت غير محتاج لها كثيراً .. لي مِيل لفِعْل شهواتي وأُشبِعها .. هل محتاج لذلك .. تقول أريد أن آكل وأشتهي و...... هل هذه احتياجاتك ؟ هذه فوق احتياجاتك .. تقول لكني أميل لها .. المِيل دون احتياج = خطية .. احتياج دون مِيل = ضرورة .
متى يتفق المِيل مع الإحتياج ؟ في الأمور المفيدة .. شخص أحب دراسته ولأنه أيضاً محتاج لها تفوَّق فيها .. شخص محتاج للعمل وأحبه فبدأ الإحتياج يتفق مع المِيل وكوَّنا إرادة مُستريحة .
الحياة مع الله لابد أن يتحكم فيها الإحتياج والمِيل .. أنا محتاج وأميل .. في الحقيقة المِيل لله ليس سهل .. نعم أنا محتاج لكني غير ميَّال فماذا أفعل ؟ أقول لك ابدأ حتى وإن لم يكن لك مِيل .
تقوية الإرادة ( خطوات عملية لتقوية الإرادة ) :
لكي تُقوِّي إرادتك هناك أربعة خطوات مهمة :
1. اقتنع .
2. امتنع .
3. اجتهد .
4. استمر .
1. اقتنع :
اقتنع أن العلاج مهم حتى وإن كنت لا تميل له .. أنت محتاج له حتى وإن كنت لا تميل إليه .. متى شخص يميل للعلاج أو الأشعة أو إجراء الجراحة ؟ عندما يكون محتاج ومقتنع أنه محتاج .. يقول لابد أن أتناول العلاج .. من يذهب لطبيب الأسنان ؟ عندما يكون مقتنع أنه محتاج ولا يستطيع أن يؤجل الأمر .. عندما كان ألم الضرس بسيط كان يؤجل .. هل أنا اقتنعت أن الحياة مع الله ضرورة أم لم تقتنع بعد ؟ كثيرون منا مازالوا غير مقتنعين بضرورة الحياة مع الله .. قد تقول لم يأتِ أوان معرفة الله بعد لما أكبر .. هل مقتنع بالإمتناع عن الخطية ؟ تقول ليس الآن لأن الخطية لذيذة .. الإقتناع .. هل مقتنع أن الخطية موت ؟ هل مقتنع أنها تُفقِدك سلامك ؟ هل مقتنع أن الخطية حزن وكآبة .. هي انفصال عن الله .. إنها دمار .. إنها مُرَّة ؟ أم مقتنع بالعكس أنها مُمتعة بها سلامي وأنا أريدها .
القديس أوغسطينوس قبل توبته كان يقول لله ﴿ أجد في الخطية لذة عنك ﴾ .. هناك من يشعر أن الخطية ألذ من الحياة مع الله .. هذا يؤخر التوبة ويُضعِف الإرادة .
أول خطوة لتقوية الإرادة الإقتناع .. اقتنع أن سلامك مع الله .. ستقضي عُمر مع الخطية هذا يهدم كيانك ويهدم إرادتك فتزداد قساوة وكلما تركت نفسك كلما زادت في تحطيمها لك .. اقتنع أن الخطية تفصلك عن الله وعن نفسك وعن الآخر .. اقتنع أن الخطية تُدمر علاقاتك حتى الإجتماعية وأنها تجلِب غضب وعنف وعِناد .. لأن الخطية تعطي الإنسان لون من ألوان اللذة المؤقتة التي يعقُبها ندم وحزن شديد .. هذا الندم والحزن يُحوِّلان الإنسان لشخص غضوب .
لذلك لما تدرس الكتاب المقدس تجد أن هناك علاقة بين العنف والشهوة .. العنف يُولِّد شهوة والشهوة تُولِّد عنف وحب العالم يُولِّد شهوة .. والذات والأنانية تُولِّدان شهوة .. هل أنا مقتنع أن الخطية تتلف الكيان كله .. هل مقتنع أن اليوم أفضل من غداً ؟ أرجوك اقتنع .. لما تقتنع تستطيع أن تمتنع .
2. امتنع :
لا يكفي الإقتناع .. كثيرون مُقتنعون أن التدخين ضار بالصحة .. لماذا لا تُوقِف التدخين ؟ مُقتنع لكن غير مُمتنع .. إذاً الإقتناع وحده لا يكفي لابد أن أمتنع .. أمتنع عن الصداقات الشريرة .. كلنا ضُعفاء محتاجين من يسند ويرفع .. صادِق ناس أفضل منك يرفعوك .. أنت تشكو من إرادتك الضعيفة أي محتاج ليد ترفعك ثم تأتي لشخص إرادته مُنهارة وأفكاره رديئة وكلامه ردئ وأفكاره في أمور في الخارج وتُصادِقه وأنت تشكو من إرادتك الضعيفة ؟ صادِق من هو أفضل منك يشجعك على حضور القداسات والقراءات الروحية .. صادِق شخص أفضل منك لأنك محتاج شخص يرفعك ويربطك بالمذبح .
كثيراً ما يسير شخص مع آخر يرفعه وآخر يُصادِق شخص يِتلِفه .. امتنع .. امتنع عن صداقة هدَّامة .. عن رؤية أمور قبيحة .. عن حديث ردئ فيما لا يفيد ولا ينفع .. لا يكفي أن أقتنع دون أن أمتنع .. لا يكفي أن أقتنع فقط .. يوجد نزيف لابد أن يتوقف .. لا يليق أن أبدأ حياة مع الله وأنا حواسي سائبة .. لا يستقيم أن أعيش مع الله وأنا في نفس الوقت مُتصالح مع خطايا .. لذلك نحن محتاجين أن نمتنع .. ﴿ كل أسباب الخطية انزعها من أنفسنا ﴾ ( إبصالية السبت ) .. مصادر إثارة وأمور قبيحة رديئة وأنا سائر وراءها .
قيل تشبيه .. يقول ما رأيك في شخص مقتنع بأمر أنه خاطئ لكنه يفعله مثل شخص يذهب للسوق ليشتري فاكهة غير طازجة أو خضروات تالفة .. هكذا ذلك الشخص مثل إنسان تذوق مرارة الخطية ويطلبها مرة أخرى .. يقول أحد الآباء ﴿ لا أذكر أن العدو قد أطغاني في خطية واحدة مرتين ﴾ .. مُنتبه للأسباب والمداخل والمخارج .
3. اجتهد :
لابد أن تكون إيجابي في حياتك .. شخص اقتنع وامتنع ووقف عند حاله .. لا .. لابد لكي تستمر أن تكون لك يدين مرفوعتين .. ثابِر في جهادك وعوِّد نفسك واغصِبها .. جيد لكي تقوِّي إرادتك لابد أن تكون لك مُثابرة وجهاد .. قل للخطية لا .. اِخضِع جسدك لروحك .. عوِّد جسدك على طاعة روحك وروحك على طاعة الله .. اِغصِب نفسك .. يقول الكتاب المقدس ﴿ كل من يُجاهد يضبط نفسه في كل شيءٍ ﴾ ( 1كو 9 : 25 ) .. المكافأة كبيرة .
المسيح منتظر جهدك وتعبك ليعطيك أمور لا يُعبَّر عنها .. إعطِ القليل تأخذ كثير .. ﴿ أعطِ دماً لكي ما تأخذ روحاً ﴾ .. إعطِ وقت تأخذ به أبدية .. إعطِ عقلك يستنير .. إعطِ مشاعرك تنال تقديس للكيان .. جاهد ولا تكن سلبي .. أُضبُط نفسك وصلِّ وارفع يدك ومشاعرك وقلبك لله .. والله يقويك ويسندك ويفرَّحك بشكل لا يُعبَّر عنه .. المسيح يريد أن يعطيك ما لا تتوقعه أنت بحسب غِناه .. غني ويريد أن يعطي خُذ منه .. إفتح فمك .. الجهاد قصة طويلة لذلك هناك ثلاثة كلمات تُسمَّى ( 3 ت ) :
• تغصَّب .
• تعوَّد .
• تمتَّع .
* تغصَّب :
أي أصلي أم لا ؟ أنا تعبان لن أصلي .. من أكثر الأمور التي تُضعِف الإرادة الروحية أن تسلِّم نفسك للكسل لأنه عدو يأكل الإرادة .. النوم .. الراحة .. الطعام .. إن أردت أن تقوِّي إرادتك قِف ضد الكسل .. قد تقول لي أنا أميل للكسل ولا أستطيع ولا أعرف .. أقول لك تغصَّب .. فتجيب بكلمة تريد أن تقتنع نفسك بها .. هل الله يقبل صلاة من شخص يقف أمامه بتغصُّب ؟ الله يقبل من يقف أمامه بمحبة .. أقول لك قف أمامه بتغصُّب والله يقول هذا الشاب واقف أمامي رغم تعبه ومتغصب رغم تعبه .
مثل شخص يقول أنا خرجت الساعة الرابعة صباحاً لعملي وأتيت من عملي إلى الإجتماع مباشرةً وآسِف لأني من التعب نمت في الاجتماع .. أُجيبه نحن نشكرك لأنه رغم تعبك مُلتزم بالاجتماع وقد أعطاك الله بركة .. يقول لكني لم أستمع للعظة .. أقول له لكن قدومك للكنيسة والتزامك واشتياقك له بركة .. مُتعب وتغصَّب وأتى للاجتماع وبالتالي نال بركة والله قَبَل عطيته وذبيحته .
الله ينظر للأعماق .. هو عالِم .. إنسان مُتعب وقدَّم لله لأنه تغصَّب .. هناك أمور لا تأتي إلاَّ بالتغصُّب .. لا أتناول علاج إلاَّ بالتغصُّب .. لن أعمل إلاَّ بالتغصُّب .. الحياة الروحية بدايتها تغصُّب .. ﴿ جهاد وتعب كثيرين ينتظران المُبتدئين في الحياة مع الله ﴾ .. تغصَّب .
تذكر عندما التحقت بدور الحضانة في طفولتك أول يوم ذهبت للحضانة كنت تبكي .. رافِض الذهاب والأم تتألم لكنها تقول لابد أن يتعلم ويعرف أنه ليس وحده لابد أن يتحاور ويعرف .. وتقضي اليوم كله تبكي .. في اليوم الثاني والثالث أيضاً بكاء وبالتدريج يتعوَّد على الحضانة .. التغصُّب يجلِب تعوُّد .
* التعوُّد :
تغصَّب على الأمور الروحية فتتعوَّد عليها .. تقول إرادتي ضعيفة .. لا .. تعوَّد على الأمور الروحية بالتغصُّب .. معروف أن جسدنا يميل للكسل .. لا تخضع لسلطان الجسد .. قم للصلاة تجد نفسك مجرد أن بدأت تريد الخِتام وإن وقفت تجد نفسك تريد الإستناد على شئ .. استندت تريد أن تجلس وإن جلست تريد أن تنام هكذا الجسد .
الجسد لكي تُقوِّي إرادته قُل له قِف جيداً وكلما تحكمت في جسدك أن يقف باعتدال كلما قويت إرادتك .. كلما طاوعت الجسد وكسله كلما ضعُفت إرادتك .. إن أردت أن تعرف إرادة شخص أُنظر له كيف يقف في القداس .. قل للجسد قِف جيداً سبِّح وصلي هذا يعرف كيف يُقوِّي إرادته .. آخر لا يعرف وينهار أمام إرادته الجسدية ويعطي لنفسه الأعذار .. قد يُقبل اعتذاره يوم يومين لكن دائماً هذا إرادته ضعيفة .
جيد أن يُقوِّي الإنسان إرادته الروحية .. التغصُّب يجلِب تعوُّد .. تعوَّد أن تُصلي .. تعوَّد أن تحضر القداس .. تعوَّد أن تقرأ الكتاب .. تقول هل التعوُّد في الحياة الروحية جيد ؟ هذا روتين .. أقول لك التغصُّب يجلب تعوُّد والتعوُّد يقودك للتمتُّع .
* التمتُّع :
تتمتع بالقداس وتحزن إن لم تحضر قداس .. تتمتع بالتسبحة والكتاب المقدس وتشعر بفقد شئ إن لم تقرأه .. هذا إنسان له مزاج روحي ويجد لذة .. تسأل لماذا لا يجعلنا الله نتمتع من البداية ؟ لأن كثيرون يدخلون الحياة الروحية بعدم صِدْق لذلك الله يريد أن يختار من هو صادِق لذلك يكون التمتُّع بعد التعوُّد والتغصُّب .. الله يريد أن يذكِّي .. الفترة الأولى تطرد الغير صادقين والدخلاء والمُرائين وأصحاب المظهرية ويتبقى لله من أرادوه بالفِعل .. هؤلاء ينالون التمتُّع .
تغصُّب يجلِب تعوُّد .. التعوُّد يجلب تمتُّع
4. استمر :
إن أردت أن تُقوِّي إرادتك استمر .. ميول الإنسان لا تُولد في يوم بل هي قصة .. تتولد عبر زمن .. فكيف تكون ميولك روحية في يوم ؟ هل تريد أن يتغير في يوم ما فعلته الخطية والزمن ؟ عدو الخير يحاربنا .. حرب عدم الإستمرار .. تبدأ مع الله بشحنة جيدة ولكن سريعاً ما تسقط وعندما تسقط تيأس .. وعندما تيأس تفرط في كل ما بدأت به وعندما تفرط يستطيع أن يُقنِعك أنك كلما حاولت تفشل فلا تحاول لكي لا تفشل مرة أخرى فلتكن هكذا .. تقول له لا .. سأستمر مهما كانت النتائج .
استمر لكي تُقوِّي إرادتك .. وهناك قاعدة مهمة وهي أنت غير مسئول عن النتائج أنت مسئول عن الجهاد فقط .. أنت مسئول عن أن تكون أمين أمام الله وغير مسئول عن الجهاد .. ثمرة الجهاد هي من الله .. تسأل كم سيكون تقديري في نهاية العام ؟ أقول لك عليك أن تجتهد وتستذكر وأنا سأرضى بالنتيجة مادُمت قد جاهدت وتعبت .. هكذا يقول لنا الله .. كن أمين واجتهد واستمر .
في أحد الأيام تقابلت مع شاب يعمل في شركة أجنبية تُنقب عن الذهب .. وقال أن الشركة لها عشرون عام تُنقب وأخيراً وجدت جبل في سيناء .. عشرون سنة تبحث وتُنقب وتعطي رواتب كبيرة وتتعب .
الإنسان المُثابِر المستمر لابد أن يكون له مكافأة من الله .. إن أردت أن تُقوِّي إرادتك استمر .. قف باعتدال بجسدك أمام الله هذا له علاقة بالإرادة .. أيضاً رفع اليدين يُقوِّي الإرادة .. لما تقف للصلاة لا تضع ميعاد لنهاية الصلاة هذا أيضاً يُقوِّي الإرادة .. استمر .
من أكثر الأمور التي تساعد على تقوية الإرادة الروحية الصوم وخاصة الإنقطاع .. أكثر كنيسة تضع لأولادها أصوام الكنيسة القبطية .. لماذا ؟ لأنه من الأمور التي تُدرب الإرادة .. لأن الجسد يستيقظ يريد أن يأكل ويشرب وأنا أقول له لا .. يوم فيوم تقوى إرادتي .. والذي يقول لجسده لا على قليل من الماء يعرف كيف يقول لا لنظرة شريرة أو فِعْل قبيح أو ..... الإرادة تتقوى .
إتخذ قرار الإرادة في الأمور الصغيرة تعرف أن تأخذ قرار في الأمور الكبيرة .. إبدأ بالصغير .. لذلك هذا أمر مهم .. أكثِر من فترات الإنقطاع .. قل لنفسك أنا أريد أن أصلُبِك .. قل لجسدك أريد أن أُقدِّمك ذبيحة .. قول لا للجسد يُقوِّي الإرادة الروحية .. نحن في جيل كسول يُدلل نفسه .. تجد الشخص يريد أن ينام كثيراً ويأكل ما يشاء ويخضع لكل المُشتهيات والمُغريات .
في النهاية هذا الجسد الذي تربى على التدليل هل يستطيع أن يطيع البِر ؟ تجد الشاب يحب النوم الكثير ويستيقظ بمشكلة لأن الجسد غير مُروض .. جسد مُسيطِر .. نقول له صوم بانقطاع ولو لفترة قليلة .. يرفض .. عوِّد نفسك أن لا تُطيع جسدك .. لا تشكو من الإرادة وأنت لا تعرف أن تُوقف جسدك للصلاة قليلاً .. هل تشكو من إرادتك وأنت لا تستطيع أن ترفع يديك .. كل هذا يصنع الإرادة .. قرار مع قرار مع ..... تُكوِّن الإرادة .
ذهب للقديس أبو مقار أحد تلاميذه يشكو له من الأفكار فسأله القديس كم لك في هذه الحرب ؟ أجابهُ سنوات قليلة .. أجابهُ القديس أبو مقار أنا لي أربعين سنة لم أطاوع جسدي في أكل أو شُرب أو نوم أو راحة يوم واحد .. ما هذا ؟ استمر في جهادك وقدِّم جسدك ذبيحة .. ﴿ كُفُّوا عن الإنسان ﴾ ( إش 2 : 22 ) .. أي لا تقول للجسد نعم دائماً .
في قصة شمشون يقول صعد عليَّ أسد فصارعته وشقِّيت فكه نصفين .. وفي طريق العودة .. وجد شمشون في فك الأسد خلية نحل فأخذ وأكل من الشهد .. يقول القديسون أن الجسد هو الأسد يريد أن يفترسك .. متمرد يريد أن يغلِبك ويخسَّرك الأبدية .. إن صارعته وغلبته يبدأ يقدم لك لتأكل منه .. جسدك هذا صار أسد يقدم لك طعام بدلاً من أن يُميتك .. فيصير ذبيحة لله لأنه هو الذي يصوم ويقدم ميطانية ويستيقظ مبكراً .. ميدان القتال بيننا وبين عدو الخير الفكر والجسد إن غلبته في فكرك غلبته في جسدك وإن غلبك في فكرك غلبك في جسدك ودائماً أرض المعركة ساخنة والجسد ساخن .. عدو الخير يضع في الجسد كل أسلحته وأنت أيضاً لابد أن تضع كل أسلحتك .. ﴿ هادمين ظنوناً وكل عُلوٍ يرتفع ضد معرفة الله ﴾ ( 2كو 10 : 5 ) .
استمر في جهادك .. لا تتوقف .. كثيراً ما نسمع شخص يقول كنت بعد الإعتراف سالِك بجدية ثم بعد فترة شعرت بالفتور .. لماذا ؟ استمر .. لا تلتمس معونات من الخارج ولا تنتظر نتائج ولا تتوتر للنتائج .. إلقي بجهادك عليه والنعمة مسئولة أن تُكمِّل وأن تسند .. المهم أن تجاهد .. كن أمين في ما عندك .. كن أمين في عطايا الله لك .. استمر واثبت .
استمر أن يكون لك تدريب روحي بسيط لفترة طويلة .. هناك قاعدة أن أي تدريب روحي ثَبَتْ فيه لفترة النعمة ترقِّيك للدرجة التالية .. الآباء يقولون أن الأمور الروحية لا تُحدد بزمن لكن قالوا استمر أربعين يوم .. من أين الأربعين يوم ؟ من حياة ربنا يسوع .. لما صام صام أربعين يوم .. والكنيسة تجعلنا نصوم أربعين يوم .. والفترة ما بين قيامة ربنا يسوع وصعوده أربعين يوم .. لأن رقم أربعين هو 4 10 .. رقم " 4 " رقم أرضي جهات الأرض الأربعة .. ورقم " 10 " رقم سماوي لأنه نهاية الأرقام .. أي حاصل الجهد الأرضي الذي أجاهده على الأرض يعطيني ثمر سماوي .. اثبت في جهادك أربعين يوم ترقِّيك النعمة للدرجة التالية .. أيضاً يقول القديسون يسوع عاش على الأرض أربعمائة شهر وخدم أربعين شهر ( 3 سنوات وثُلث ) .. إيليا سار بقوة الوجبة أربعين يوم .. وشعب إسرائيل تاه في البرية أربعين سنة .. وفترة تغرُّبهم في أرض مصر أربعمائة سنة .. اثبت في تدريب روحي أربعين يوم تدخل في الدرجة التالية .
أي لو وقفت للصلاة بدون أن تفهم شئ وبكسل وتثاؤب .. اثبت لتدخل في الدرجة التالية .. قد تأخذ أربعين يوم صلاة بالشفتين بعدها تدخل صلاة العقل .. بعدها صلاة القلب ثم صلاة الروح .. أجمل شئ أن أصلي بلساني وأفهم ما أقول بعقلي وأشعر به بقلبي ويقودني روحي حيث يتحد بالله .. هذا يحتاج تدريب .. استمر .
نشكو أن إرادتنا ضعيفة ونحن نبدأ الأمر ولا نُكمِّله فمتى نشبع .. لذلك الإرادة أمر جيد أن تُقوِّيه .. قف باعتدال في الصلاة بقصد تقوية الإرادة .. عندما تستيقظ للصلاة قم بسرعة .. أطِل فترة الصلاة قليلاً .. انقطع في الصوم وقل للجسد لا .. الذي يستطيع أن يفعل ذلك لن ينظر لمنظر شرير لأنه قال للجسد لا من قبل .. وتتقوى الإرادة يوم فيوم حتى تصل إلى أن تجد لذة في الله .. تبدأ تبتهج بوقفة الصلاة .. لذلك التغصُّب يؤدي إلى تعوُّد والتعوُّد يؤدي إلى تمتُّع .
الأمر يحتاج منا جدية واستمرار .. محتاج أن ميلك واحتياجك يتفقا معاً .. أميل أن أحيا مع الله .. أميل أن أمكُث تحت أقدامه .. أميل أن أسبِّحه .. أي بإرادتي لذلك نقول ﴿ لا بحاسة مرذولة رافضة لمخافتك .. ولا بفكر غاش مملوء من شر الخائن .. غير متفقة نياتنا في الخبث .. بل برغبة أنفسنا وتهليل قلوبنا ﴾ ( من صلاة الصلح " يا رئيس الحياة وملك الدهور " ) .. نحن أتينا لك بفرح برغبة أنفسنا وتهليل قلوبنا .. نحن نميل أن نمكث معك .. أنت تقول إن فتح لي أحد أدخل وأتعشى معه وهو معي ( رؤ 3 : 20 ) .. لماذا يتعشى وليس يفطر أو يتغذى ؟ لأنه معروف في العُرف اليهودي أنه لا توجد مواصلات ليلاً فالذي يأتي للعشاء يبيت أي يظل أطول فترة معاً .. " أتعشى معه " أي أظل معه فترة طويلة .
لما شخص يسلِّم نفسه للكسل ويطاوع كل رغباته ينام في الفجر ويستيقظ ظهراً ويلبي رغبات جسده كلها يأكل ويشرب وينام وينظر نظرات شريرة و..... هنا الإرادة منهارة .. الإرادة هي قوة الفِعْل في الإنسان .. متى إرادتي الروحية تنمو ؟ عندما آخُذ خطوة في الإرادة لذلك نحتاج أن :0
نقتنع .. نتمنَّع .. نجتهد .. نستمر
لذلك قال معلمنا بولس الرسول ﴿ فإني أعلم أنه ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح .. لأن الإرادة حاضرة عندي وأما أن أفعل الحُسنى فلستُ أجد ﴾ ( رو 7 : 18 ) .. أنا أريد لكن لا أعلم لماذا ؟ لأني مسلِّم نفسي لقُوى الشيطان .. لكن بولس الرسول يصف هنا حال الإنسان خارج المسيح والذي يريد أن يصل للمسيح بدون المسيح .. يقول له لن تستطيع ﴿ لأني لستُ أفعل الصالح الذي أُريده بل الشر الذي لستُ أُريده فإياهُ أفعل ﴾ ( رو 7 : 19) .. لذلك قال ﴿ من يُنقذني من جسد هذا الموت ﴾ ( رو 7 : 24 ) .. ثم قال ﴿ أشكر الله بيسوع المسيح ربنا .. إذاً أنا نفسي بذهني أخدم ناموس الله ولكن بالجسد ناموس الخطية ﴾ ( رو 7 : 25 ) .. ﴿ لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح ﴾ ( رو 8 : 1 ) .. في المسيح يسوع الناس عاشوا ليس بحسب الجسد بل بحسب الروح .
الله يعطينا أن تقوى إرادتنا فيه وبه وأن نجتهد ونستمر ولا نيأس ولا نفشل ولا نتراخى
واثقين أنه يوم فيوم يُثمِر الله فينا كما قال ﴿ في المستقبل يتأصَّل يعقوب ﴾ ( إش 27 : 6 )
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
لإلهنا كل المجد دائماً إلى الأبد آمين
رحلة من الأرض لى السماء
في فترة الصوم نبدأ بالجسد وننتهي بالروح .. نبدأ من إنسان مطرود من الفردوس وتنتهي بإنسان متمتع بالأبدية .. والكنيسة رتبت لنا الصوم المقدس بداية من إسبوع الإستعداد حتى الإسبوع الأخير الذي ينتهي بأحد القيامة .. تسعة آحاد لأننا نبدأ بأحد الرفاع الذي تعتبره الكنيسة من الصوم ثم أحد الكنوز ثم أحد التجربة .. أحد الابن الضال .. أحد السامرية .. أحد المخلع .. أحد المولود أعمى .. أحد الشعانين .. ثم أحد القيامة .
يُقسَّم الصوم المقدس إلى ثلاثة مراحل :0
1- مرحلة المبادئ ← الآحاد الثلاث الأولى .
2- مرحلة النماذج ← الآحاد الثلاث التالية .
3- مرحلة النتائج ← الآحاد الثلاث الأخيرة .
مرحلة المبادئ ← نحن نريد أن نصوم .. أول مبادئ الصوم نأخذها في أحد الرفاع يتكلم عن الصدقة والصوم والصلاة .. وتقول لك الكنيسة عندما تصوم صُم في الخفاء .. لأبيك الذي في الخفاء ( مت 6 : 18) .. ويتكلم عن الخفاء والعطاء والصلاة .
ثم أحد الكنوز .... وفيه تقول لك الكنيسة [ لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض ..... حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً ] ( مت 6 : 19 – 21 ) .. ليكن كنزك في السماء وليتعلق قلبك به .
ثم أحد التجربة .... والكنيسة فيه تقول لك عندما تعيش مع الله ستحدُث لك مُضايقات وإن ثبت في الله ستغلِب .
ثلاثة مبادئ أساسية .. قد تقول هذه مبادئ عالية .. أمور لا نستطيع أن نعيشها .. تقول لك الكنيسة لا تخف سترى نماذج تعطيك رجاء .
مرحلة النماذج ← قد تقول أنا خاطئ .. هل أنت خاطئ مثل السامرية ثق أن الله لن يتركك سيذهب إليك .. هل أنت خاطئ أكثر من السامرية ووصلت لدرجة اليأس والإحباط وبدون رجاء ؟ تقول لك الكنيسة لا تخف ربنا يسوع شفى المخلع .. إن كنت مُخطئ كن مثل الابن الشاطر وعُد لأبيك .. إن عشت بهذه النماذج ستستنير عينيك مثل المولود أعمى وربنا يسوع يوضح لك الأمور .
مرحلة النتائج ← إن عشت هذه النماذج سيُنير الله بصيرتك مثل المولود أعمى ثم تفرح بدخول المسيح أورشليم والفرحة الكبرى بالقيامة .
أي من هذه الآحاد إن مرت دون أن تتمتع بها ستفقد بركات كثيرة .. كيف تترك أحد وتبدأ صومك من الأحد الذي يليه ؟ الصوم سلسلة جميلة مملوءة بركات .. لا تتخيلوا كيف تكون الكنيسة متعطشة للصوم المقدس ولا نستطيع أن نتخيل نتائج عمل هذا الصوم في الكنيسة .. هذا الصوم أخرج قديسين وجعل الناس يحبون الصلاة والعطاء والبذل والكنيسة وثبتتهم في الطريق الروحي لذلك يُسمى هذا الصوم بموسم الكنيسة وربيع السنة الروحية .
أحد الشباب بعد التخرج أخذ قطعة أرض صحراوية ومشكلة الصحراء توافر الماء فما الفائدة من الأرض بدون ماء ؟! فكانوا يُقيمون مصارف مياه ويُحدد لكل قطعة أرض يومين أو ثلاثة أيام تُروى فيها الأرض خلال الشهر كله .. فكان هذا الشاب يعمل في أرضه في أيام ريها بكل قُوَّته حتى يضمن أنه سيجني منها ثمر فيما بعد .. أيام الري تُشبه أيام الصوم .. تخيل لو صاحب الأرض تكاسل في أيام ريها ماذا سيحدث للأرض وماذا سيجني ؟ بالطبع لا شئ .
الصوم المقدس فرصة غذاء روحي ونِعَم .. لماذا ؟ لأننا كلنا نعيش بقوة واحدة ونحن كلنا أعضاء في المسيح وأنا في جسمه صائم معه وبالتالي آخذ من قوة صوم المسيح ونُضيف إلى صومنا فيصير بذلك صومنا قوي بقوة صومه .. إذاً أنا أصوم لكي أشترك معه في صومه وآخذ بركات صومه .. وإن لم أصُم هل يليق أن جزء في الجسد يصوم وجزء آخر لا يصوم ؟ لذلك الذي لا يصوم لا يتناول لأنه غير مشترك مع الجسد في صومه وبذلك يكون فَصَل نفسه بنفسه .
أجمل أيام السنة نبدأ فيها طريق روحي مُفرح هي أيام الصوم المقدس لذلك الكنيسة تدخر أجمل ما عندها لنا في الصوم الكبير .. في الوليمة سيدة المنزل تصنع أطعمة فاخرة قد لا تصنعها في الأيام العادية .. لماذا ؟ لأن الوليمة لها مذاق خاص .. الكنيسة أم واعية تعطي لأولادها أجمل ما عندها في الصوم المقدس .. فهل يوجد فصل أجمل من فصل الابن الضال ؟ إذاً لماذا لا تقرأه الكنيسة إلا في الصوم المقدس فقط ؟ لتُشعِرك بمذاقه الحلو .. أنت صائم والكنيسة تقول لك أنت متعب سأعطيك ما هو أفضل من الطعام سأُشبِعك شَبَع روحي .. الكنيسة تريد أن تُعوِضك عن صوم الجسد بالشبع الروحي .. فتشبع أنت ولا تعد تهتم بالجسد .
مرحلة المبادئ :
===================
الكنيسة تضع أول ثلاثة أسابيع مبادئ
أ/ أحد الرفاع :
=================
تكلمك الكنيسة عن الصوم والصلاة والصدقة .. الصدقة تُمثل علاقتي بالناس .. والصلاة تُمثل علاقتي بالله .. والصوم يُمثل علاقتي بنفسي .. حلقة مرتبطة ببعضها وكلما كانت حياتي فيها صلاة كلما شعرت أن حياتي تحلو ويصير لها مذاق لذيذ وتحلو علاقتي بالله وعندئذٍ أقول لنفسي بفرح وقبول صومي بل وتشتهي نفسي الصوم والصلاة والعِشرة مع يسوع .. وعندما تقوى علاقتي مع الله بالصلاة تنضبط علاقتي بنفسي وعندئذٍ أستطيع أن أساعد الآخرين وأعطِ صدقة .
خذ تدريب في الصوم وهو أن توفر من مالك الخاص الذي تُنفقه على نفسك وضعه في صندوق الكنيسة ولا تُعلن ذلك لأحد بل ليكن عطاءك في خفاء .. وفَّر من إحتياجاتك ولن تستطيع أن تعطي صدقة بدون صلاة لذلك تقول الكنيسة [ طوبى للرحماء على المساكين ] لتُعلمنا الصدقة وليس الإدخار والبخل ومحبة المال .. إقطع من إحتياجاتك وشهواتك واعطِ الآخرين .. فترة الصوم المقدس في الكنيسة الأولى كانت أفضل فترة تفرَّح المساكين لأنها تسد احتياجاتهم .
ب/ أحد الكنوز :
==================
مادُمت قد بدأت الصوم والصلاة والصدقة .. إنتبه .. لا تشعر أنك قد خسرت بل أنت قد كسبت كنز في السماء ولا تشعر بالحرمان لأن الأمور التي تبدو أنك خسرتها هي أمور مُعرضة للضياع بينما لو وضعت كنزك في السماء ستبدأ ترتفع عن الأرضيات وتنظر للسماويات .
ج/ أحد التجربة :
====================
عدو الخير لن يتركك ترتفع وتهتم بكنزك في السماء بل يُعطِلك عن الصوم ويقول لك لا تصُم اليوم فأنت مُتعب وستجوع فلا داعي للتناول اليوم وليكن تناولك في يوم آخر .. ويحاربك بالكرامة ويضعك في اختيارات الله أم العالم .. الله يقول لك .. لا تخف من عدو الخير وتجارُبه فقد جربني أنا أيضاً وغلبته ومادمت أنت داخلي ستغلب معي وبقوة صومي .
مرحلة النماذج :
===================
أخذت شحنة روحية وبدأت الطريق لا تخف لأنك خاطئ ومادمت قريب من الله سترى خطاياك لكن لو كنت بعيد عن الله لن تعرف خطاياك .. لكن المشكلة أنك تعرف خطاياك فتتراجع وتيأس .. لا .. الكنيسة تقول لك أنت بالمبادئ الأولى وُلِد فيك إنسان روحي جميل لكن أنت في الأصل خاطئ وأنا سأعطيك ثلاثة نماذج :0
الخطية ← الابن الضال .
تكرار الخطية ← السامرية .
وعمق الخطية لدرجة اليأس ← المخلع .
أ/ أحد الابن الضال :
=======================
أخطأت وتجاسرت على أبيك وتركته وبعِدت عنه لا تخف هو مازال ينتظرك .. تعال إليه ولا تخف .. إرجع .. لذلك أطلق الآباء على الابن الضال إسم الابن الشاطر لأنه عاد ورجع لأبيه .. حتى وإن كنت بعِدت عُد إليه لأنه صالح يرحم ويغفر .
ب/ أحد السامرية :
======================
إن كانت الخطية تتكرر مثل السامرية التي تزوجت بخمسة والذي معها الأن ليس زوجها .. أي عاشت الخطية وكررتها ستة مرات ولفترات مختلفة وهي لا تترك الرجل الذي كانت تحيا معه لأنها تابت بل لأنها قد تتعرف على آخر غيره .. الخطية سلسلة مُحزنة .. ربنا يسوع يعلم قلبها رغم خطاياها .. ذهب إليها وكلمها بلطف كل ذلك وهي تصده في الكلام وأدخلته في حوار فرعي وتكلمت معه بكبرياء لكنه كلمها حسناً وبكل لطف وأعلمها ماضيها .. واليوم عرفت السابع .. يسوع .. الذي فيه كل الكمال .. لذلك إن كنت خاطئ بل وخاطئ جداً .. فَلَكَ يسوع .
ج/ أحد المفلوج :
====================
يأس .. 38 سنة لا يتحرك حتى أنه نسى السير على الأقدام ونسى معالم الحياة حوله .. الخطية مهينة مذلة تُسبب إحباط .. حتى وإن كنت وصلت لأشرس مراحل الخطية .. يسوع لك .. لن يحملك ويُلقيك في البِركة .. بل يقول لك كلمة .. كان المفلوج متوقع أن يسوع يحمله ليُلقيه في البِركة .. لا .. ربنا يسوع جعله يتخطى هذه المرحلة .
الصوم الكبير دعوة توبة وتقديس .. أعطاك مبادئ ونماذج .. أقوى نماذج تمسكت بالطريق وسلكت فيه بمبادئ وعاشت التوبة الأن تنال النتائج .
مرحلة النتائج :
==================
أ/ أحد المولود أعمى :
==========================
كنت أعمى والأن أُبصر ( يو 9 : 25 ) .. أخذت الإستنارة وتقابلت مع المسيح لأنني سرت بالمبادئ وتمثلت بالنماذج .. طبيعي أن أفرح بالمسيح .. تخيل لحظات وأنت مُغمض العينين كيف تكون الحياة ؟ ظلام وسواد .. الخطية ظلام وسواد والمسيح نور .. الخطية جهل وابتعاد ومعرفة المسيح نور وحق وحب وصلاح وانتصار وكنز .. لذلك الإستنارة هي نتيجة للجهاد والصوم بمبادئ ونماذج وتنال البصيرة .
ب/ أحد الشعانين :
======================
ربنا يسوع يدخل أورشليم .. ربنا يسوع يدخل القلب .. أوصنا يا ابن داود ( مت 21 : 9 ) .. تعال واملُك علينا .. أنت مَلِكي وإلهي ومخلصي أُدخل قلبي وطهَّره وقدِّسه ليكون مكان سكناك .. أنت صاحبه أُدخل واملُك .
ج/ أحد القيامة :
===================
الأن صار جسدنا ليس جسدنا ولا حياتنا هيَّ حياتنا ولا وجود للزمن أو الخطية أو الموت .. بل صار وجود للإنسان الجديد إنسان القيامة الغالب للعدو والموت والشقاء .
أي أحد من هذه الآحاد يمر دون أن تتمتع به ستفقد بركات وتُسبب خلخلة .. لا .. كونوا أمناء في فترة الصوم ولا تصُم وأنت كاره أو تصوم على مستوى الجسد لأن الصوم على مستوى الجسد ثقيل لأنه لن يكون سِوى مجموعة حرمانات أما الصوم على المستوى الروحي فهو مجموعة من البركات .. لذلك صُم بفرح وقبول وقناعة ورِضَى .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين
نحو شخصية متكاملة
أحياناً نركز على جانب واحد لحياتنا فقط ونترك سائر الجوانب الأخرى .. أحياناً يتخيل الشخص أن نجاحه في دراسته هو أهم شئ في حياته وآخر يتخيل أن المال أهم ما في حياته .. لا .. لابد أن تكون الشخصية متكاملة في كل شئ أي لو شخص ناجح في دراسته لكن في إستهتار روحي وغير منضبط نجد أن الصورة عنه غير جيدة .. الشخصية في ربنا يسوع تنضبط في كل إتجاهاتها فلا يكون فيها إفراط أو تفريط بل تكون متزنة في المشاعر والإتجاهات والأفكار .. لذلك الشخصية المتكاملة مهمة .
سمات الشخصية المتكاملة :
================================
(1) البعد الروحي :
======================
تكون شخصية روحية نامية .. لكي تكون شخصية متكاملة لابد أن يكون لنا عمق روحي أي عِشرة مع الله .. أي أشعر أن الله يعرفني وأنا أعرفه .. في أحد الأيام كتبت فتاة بسيطة إسمها جبريلا مذكراتها وكان ربنا يسوع يتكلم معها فقال لها عندما تحدثيني قولي لي يا يسوعي .. إذاً لابد أن أشعر أن يسوع هو مِلكي أنا .. الله أبي أنا أشعر أنه يعرفني وأعرفه وعندما أخطئ أعرف ماذا تعلن ملامحه وعندما أسجد أعرف ماذا أقول له وبماذا أحدثه وأنا في الطريق أعرف كيف أحدثه وكيف أراه في الآخرين وفي الكنيسة .. هذا أمر لابد أن نبدأ فيه من الآن إن كنا لم نبدأ فيه من قبل .
مشكلتنا أننا نقبل ما نريده فقط أما ما لا نريده فلا نقبله ونقول نحن صغار على هذا الأمر فمن منكم أقل من إثني عشر سنة ؟ بالطبع كلنا أعمارنا تعدت الإثني عشر سنة أي أكبر من عمر السيدة العذراء عندما بشرها الملاك .. إذاً نحن كبرنا ولابد أن تكون لنا عِشرة خاصة بالله .. يكون لي صلاتي وإنجيلي وقداساتي .. هذا ينشئ نمو روحي في حياتي فينضبط فكري ومشاعري واتجاهاتي .. الشخصية المتكاملة جذورها هي البعد الروحي والنمو الروحي أما سائر الأبعاد فهي ثمر لهذه الجذور .. فالبعد الروحي هو المنظم للحياة كلها ولكن لا نكتفي به فقط لأنه قد تكون حياتي الروحية غير سليمة أي قد يقول شخص أنا عايش مع الله لكن أكره كل الناس .. كيف يكون نامي روحياً والله يقول أحبوا ( مت 5 : 44 ) .. أي يدعو للمحبة والعطاء والتسامح و ..... ؟ أو شخص يقول أنا روحاني ولذلك سأترك دراستي لأنه قال إذهب وبع كل مالك وتعال إتبعني ( مت 19 : 21 ) .. أيضاً هذا خطأ لأن له وزنة الدراسة ولابد يتاجر بأمانة فيها ويربح .
ليتك تبدأ من الآن وتدخل في عِشرة مع الله ويكون لك إنجيلك الخاص تدون فيه تأملاتك .. يكون لك أب إعتراف تجلس معه بإنتظام تتكلم معه في خطاياك الفعلية .. عندما يستقيم البعد الروحي تستقيم الحياة كلها .. راجع نفسك دائماً ولتنمو في الروح مع نمو الجسد والعقل لأنه عندما يتوقف النمو الروحي فينا يُنشئ خلل في الكيان الإنساني .. لذلك لابد من نمو روحي مع النمو الجسدي .. إعرف كيف تشعر بالله أُشعر بالله الذي بداخلك أنت .. من أصعب الأمور التي فعلها فينا المجتمع أنه جعلنا نعيش خارج أنفسنا .. وأجمل شئ يكتشفه الإنسان أن يدخل داخل نفسه وأجمل شئ يراه داخل نفسه هو الله الذي ينتظره داخل نفسه .
(2) البعد العملي :
====================
لابد أن يكون لي شعور بالنجاح والرغبة في النجاح والطموح ولا تترك الأمر للظروف .. لابد أن يكون من مقومات شخصيتي أن يكون لي طموح عملي بتصميم .. لابد أن أنمو روحياً وعملياً أي أكون مسئول روحياً وعملياً .. تخيل لو أتى إنسان أمين خدمة في الكنيسة وتسأل عنه وتجد أن له سنوات في الثانوية العامة لم ينجح فيها .. هذا يفقده مصداقية أمامنا .. مهما يصلي جيداً تجد نفسك غير مستريح له لأن عنده ضعف لا يشعر بأمانة في وزنة الدراسة ولم يشعر أن الله أرسله ليشهد له عملياً .. الله أرسلنا في العالم لنمجد إسمه في العالم من خلال عمل وتميز ومواقف ومعاملات وكأنه يقول أنا صُلبت وصعدت وتركتك عوضاً عني لتكمل أنت حياتي على الأرض .. إذاً أنا إمتداد لعمل المسيح فهل فشل المسيح ؟ لا .. إذاً لابد أن ينجح عملياً .
ربنا يسوع أتى في أكثر عصر مثقف وكان فيه الشباب اليهودي يظهر عملياً عند عمر الثلاثين فكان يمر بإختبار في الناموس قبل سن الثلاثين سنة ربنا يسوع إجتاز هذا الإختبار في عمر الإثني عشر سنة .. كان موجود في الهيكل وكان يراقب هذا الإختبار ووجد ما هو خطأ فقام وناقش وصحح وبُهتوا من ثقافته .. لم يعرف ذلك باللاهوت بل درس وعرف وصار في ملء المعرفة .. إذاً كان ربنا يسوع ناجح عملياً .. ولنرى الرسل والقديسين والأنبياء أيضاً .. دانيال النبي كان عمله تقريباً رئيس وزراء في عصره .. بولس الرسول تعلم كل حكمة وموسى النبي تعلم حكمة المصريين .. يوسف العفيف كان مثقف جداً ويعرف أكثر من لغة وعرف كيف يتواصل مع المصريين وإخوته ومن في السجن .. وعندما قيل له أنت الرجل الأول في مصر أعطى الناس طعام .. عمل خطة قال لهم هاتوا الفضة لتأخذوا قمح أي أخذ مالهم .. وعندما فرغ مالهم قال إشتروا قمح بأراضيكم وأخذ الأراضي .. كيف ؟ قال يشتريها فرعون منكم .. ثم طلب بعد ذلك الشعب نفسه لأنهم كانوا قد إشتروا بمالهم وأراضيهم فلم يبق لديهم ما يشترون به فقال لهم بيعوا أنفسكم لفرعون عبيد .. وكان هذا التصرف عملي جداً لأنهم صاروا سبع سنوات المجاعة لا يعملون فهل بعد المجاعة سيعملون ؟ سيقولون لفرعون أنت الحكومة فلتطعمنا كما كنت تطعمنا في المجاعة ويظلوا في كسلهم لكن عندما يشتريهم فرعون عبيد ويشتري مالهم وأرضهم سيعملون بعد المجاعة ليستردوا أنفسهم أولاً ثم أرضهم ومالهم ومواشيهم و ....... ثق أن الله يريدك ناجح .. صورة منه .. وكما قال الكتاب ﴿ وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً ﴾ ( تك 39 : 2 ) .. إذاً الناجح روحياً ناجح عملياً .. النامي روحياً ناجح عملياً .
(3) البعد الإجتماعي :
=========================
ما هو الآخر بالنسبة لي ؟ هل أحب الناس والمجتمع ؟ هل أجامل الآخرين ؟ هل لي مشاعر إتجاه الناس ؟ أحياناً الشخص المتدين يشعر أن الإجتماعية لا تليق .. عيب .. كيف ؟ أجمل شئ أن تضع نفسك مكان الآخرين لو شخص حزين أو مريض أو سعيد أو ..... يريد أن يكون الناس كلهم حوله فكيف لا نكون نحن مع الناس هكذا ؟ نحن الآن في جيل مفكك أي قد لا يرى الشخص قريبه إلا في المناسبات .. نعم كان ربنا يسوع يحب الوحدة لكنه أيضاً يحب الإجتماعيات يذهب لعرس قانا الجليل ويجامل لم يقل مالي والمجاملات .. لديه إحساس بالآخر فشارك الآخر .. يجد مريض يقول له تعال إشفيني فيذهب إليه ليشفيه .. شخصيتنا تتكامل عندما تتكامل أبعادنا .. لابد أن يكون لنا حب للكل وإحساس بالكل .
أحياناً تكون علاقاتنا مع شخصيات محددة .. لا .. لابد أن يكون لنا علاقات ناجحة مع الكل .. هناك إرتباط قوي بين معرفة ربنا يسوع ومحبة الآخر .. إقبل الآخر بضعفه واسأل عليه وكن أمين معه .. لذلك لا ينجح الإنسان إجتماعياً وعملياً إلا إذا كان ناجح روحياً .. الشخص الناجح إجتماعياً يجعل الشخص الذي يكرهه يحبه .. تدرب كيف تحول عدوك إلى صديق لأنك بسوء تصرفك قد تحول حبيبك إلى عدو .
(4) البعد الشخصي :
========================
لكي يكون لشخصيتي نمو واكتمال لابد أن يكون لي بعد شخصي ناجح .. بعد شخصي يعني أن تعرف نفسك جيداً وتعرف قدراتك وإمكانياتك ومواهبك .. لذلك لن تكتمل شخصيتنا إلا إذا عرفنا أنفسنا جيداً فمنا من يحب القراءة ومنا من يحب الشِعر .. الموسيقى .. الرياضة .. إن لم تكتشف قدراتك لن تكون شخصية متكاملة ولا يمكن أن يكون هناك شخص بدون قدرات .. القدرات تجعلك تثق بنفسك لتعرف إمكانياتك وتمجد الله .. الأمر يحتاج مهارة تعبير عن النفس .
ذهب شاب ليتقدم لعمل فسأله الممتحن أسئلة غريبة قالوا له قل لي خمسة عيوب وخمسة مميزات فيك .. أصعب شئ في البنات والفتايات أنهن يشعرن بأنهن أقل ممن حولهن وبذلك يكن عرضه لأي مخاطر .. فكري في عقلِك وقلبِك وإمكانِياتِك واعرفي كيف تطوري شخصيتِك وعيوبِك لن تدمرِك مادمتِ تطورينها ومميزاتِك فيها .. كلٍ منا له مميزات .. هذا يحقق شخصية متكاملة .
(5) البعد الكنسي :
=====================
نشكر الله أن الكنيسة إستقطبت كل طاقاتنا وتعرفنا على أنفسنا لأن كل الأمور الشخصية والإجتماعية وجدناها في الكنيسة .. حتى الرياضة صارت أمور تُمارس تبع الكنيسة وبذلك أجد نفسي في الكنيسة .. لذلك من أكثر الأماكن التي تُظهر مدى تكامل شخصيتي هي الكنيسة .. تخيل إنسان ناجح رياضياً لكن دراسياً غير ناجح وأيضاً غير منضبط .. لا .. هذا إكتفاء بجزء فقط .. لا .. حاول أن تضبط كل أمورك .. من الأماكن التي تجعلني أعيد تشكيل نفسي هي الكنيسة .. داخلها أكتشف موهبتي وأنمو روحياً وأقيم علاقات إجتماعية وأعرف عيوبي وأعالجها لذلك هذا أمر مهم أن الكنيسة جزء من تكميل لشخصيتي صارت تساعدني بجانب البعد الروحي لأن بها مناخ روحي جميل تجعلني أنمو بسلام .
راجع نفسك ستجد أن بك عيوب ومميزات وأفكار قد جاءت لنا جديدة وأفكار لابد أن تمتحنها .. ربنا يسوع كان في كل ملء اللاهوت وناجح عملياً واجتماعياً – متكامل – يذهب إلى الفريسي ويحب تلاميذه ويشفق على الجموع و ...... ربنا يسوع كان ودود حتى مع الكتبة والفريسيين الذين كانوا يريدون أن يمسكوا عليه كلمة ورغم أنه كان يعلم ذلك إلا أنه تعامل معهم بمحبة .. رأينا فيه مهارة وحكمة ومعاملة ومواقف من الحزم والحب والتوجيه والتوبيخ لذلك هو ترك لنا مثال لنتبع خطواته أن ننمو في كل شئ .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين