المقالات
15 مايو 2025
بدعة مرقيون - مركيون
كانت الغنوسية قد أصبحت أكثر الحركات الفلسفية الدينية انتشاراً وأوسعها ميداناً. وكانت تعاليم مدرستها السامرية قد تسرّبت إلى مصر وعشَّشت فيها. يذكر كلسوس أن هذا النوع من الغنوسية شاع في مصر في بعض ما كتب فيه. واوريجنس نفسه درس هذه الفلسفة في الاسكندرية على أحد رجالها السوريين بولس الأنطاكي وأثر الغنوسية ما يزال ملموساً إلى اليوم عن طريق ما وصلنا من صفحات الأدب القبطي وفي بعض أوراق البردي والأناجيل الأبوكريفية. على أعظم ما جاءت به قرائح رجال هذه المدرسة مربوط بأسماء اسكندريين ثلاثة صنفوا فيما يظهر في القرن الثاني في عصر أدريانوس الامبراطور وبعده بقليل. وهؤلاء الثلاثة هم: فالنتينوس وفاسيليذس وكربوكراتس. وقد فصّل ايريناوس القديس مذهب فالنتينوس من باب الرد عليه كما تكلم عن فاسيليذس وآرائه وعن كربوكراتس وملائكته. ومما نقله عن كربوكراتس وعن رأيه في المسيح المخلص أنه قال: أن يسوع كان ابن يوسف من صلبه وأنه تمكن بواسطة التقمص وبما اختبره في "دوره" الأول وبما أوتي من مقدرة من فوق أن يسيطر على حكام هذا العالم وأن يعود إلى الله الآب. وأضاف أنه بمقدور جميع الناس أن يفعلوا ما فعله المسيح إن هم سلكوا سلوكه وتذرعوا بأساليبه ولم يقتصر نشاط هذه القوة الدينية الفلسفية على سورية ومصر ولكنه انساب نحو الشمال حتى شاطئ البحر الأسود. فقام في سينوب ابن اسقف يعظ ويبشر بمسيحية غنوسية ويعمل لها بكل ما أوتي من مقدرة ونشاط. وهذا الشخص هو مركيون الذي نزع إلى الدين والفلسفة بعد أن أثرى في التجارة البحرية. وقال مركيون بعنوسية مسيحية فغضب عليه والده وقطعه من شركة الكنيسة. فخرج من سينوب وطاف آسية الصغرى مبشراً باستحالة التوفيق بين التوراة والإنجيل موجباً التخير بين محبة المسيح التي لا نهاية لها وصلاحه السامي وبين عدالة إله اسرائيل القاسية. مبيناً ان إله اليهود إله الخليقة والناموس لا يمكن أن يكون هو نفسه غله الرحمة بل دونه مرتبة. "والمخلص" في نظره كان مظهراً من مظاهر الإله الحقيقي الصالح وقد خلّص البشر بإظهاره حقيقة الإله الصالح الذي جاء من عنده وبالصليب. ولما لم يكن له أي صلة بإله الخليقة فإنه لم يكن بشراً ولم يولد ولم ينم ولكن شبه لهم في كنيس كفرناحوم أولاً في السنة الخامسة عشرة لحكم طيباريوس قيصر، ثم في سائر الجليل واليهودية والسامرة وقال مركيون بخلاص البعض لا الكل وأوجب الزهد الشديد في المأكل والمشرب ونهى عن الزواج وسمح بمعمودية المتزوجين بعد موافقتهم على الافتراق ولم يلجأ مركيون إلى النبوءات ليؤيد صحة مذهبة ولم يحاول أن يربط عقيدته بنصوص التوراة ولم يعتمد سوى عشر رسائل لبولس الرسول وإنجيل لوقا بعد أن اقتطع منه ما لا يوافق عقيدته. وقال بأن الرسل الأطهار لم يفموا الإنجيل فهماً تاماً لأنهم اعتبروا المسيح رسول الإله الخالق فاصطفى يسوع بولس ليصحح التعاليم. وقال عما جاء في رسائل بولس من إشارات إلى الإله الخالق أنها دست دساً. ومن هنا قول ترتيليانوس أن مركيون قرض الأناجيل فاستحق اللقب "جرذ البونط". وأضاف أتباعه فيما بعد إلى إنجيل لوقا ورسائل بولس رسالة مركيون في التناقض بين التوراة والإنجيل Antitheses فكان لهم كتاب مقدس خاص شاع استعماله في جميع كنائسهم واحتدم الجدل بين مركيون والقديس بوليكاريوس فاعتبره هذا "أول خلق الشيطان". وذهب مركيون إلى رومة حوالي سنة 140 وكتم غنوسيته ونفح كنيسة رومة بهبة جليلة وعكف على "قرض" إنجيل لوقا ورسائل بولس وعلى تصنيف كتابه في التوراة والإنجيل. ولما تم له ذلك كشف عن وجهه الحقيقي ودعا إلى آرائه فالتف حوله عدد من المسيحيين فطردته الكنيسة واطرحت هبته. واغتنم القديس بوليكاريوس فرصة وجوده في ورمة سنة 154 فأنقذ من الضلال عدداً من الذين اتبعوا مركيون ويقال أن مركيون ندم وارتضى بما اشترطته الكنيسة عليه ولكنه توفي قبل أن يفعل. ومن المرجح أن يكون قد مات قبل سنة 160 كما يرى العلامة الألماني هرنك إن تحدي مركيون أجبر الكنيسة، وفقاً لرأي بعض البحاثة، على وضع لائحة بالكتب المقدسة المقبولة لديها والتي يمكن اعتبارها مرجعاً لحياتها وتعاليمها. و السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل كان وضع قانون العهد الجديد لولا الضغط الخارجي؟ سؤال مثيل يمكن أيضاً طرحه حول عقيدة الثالوث التي جاءت كرد على الأريوسيين. من المؤكد أنه لم يكن هناك دور للتأثير الخارجي في تحديد قانونية سفر من الأسفار. والتزمت الكنيسة بكتبها التي كانت قد قبلتها دائماً. وبعملها هذا حددت الكنيسة الأساس الذي بموجبه تحدد قانونية أسفار الكتاب المقدس. وكما أجابت الكنيسة عن السؤال حول هوية يسوع، كذلك عبرت عن إيمانها في عقيدة الثالوث. وأنها لم تبتدع إيماناً جديداً بل أعطت صيغة وتعبيراً ذاتياً عما كانت تعتقد به نتيجة الإعلان الإلهي.
إن السلطة الرسولية المنوطة بالأناجيل سبقت قانونيته، إذ أن الكنيسة لم تعط الأناجيل سلطة بل اعترفت فقط بسلطتها الذاتية. عوامل عدة ساهمت في تكوين العهد الجديد، ولكن العامل الأكثر أهمية هو إلهام الروح القدس. والروح الذي ألهم الإنجيليين في كتابة أناجيلهم هو نفسه الذي ألهم الكنيسة في قبول هذه الأسفار. لم يستطع مركيون، وهو يعارض تقليد الكنيسة، أن يميز بين الأسفار الملهمة والأسفار غير الملهمة. والملهم (theopneustos) هو "الموصى به من الله" (2تيمو3: 16) الذي لا يرتكز على إدراك بشري بل على عمل الله. فسلطة الأناجيل وأي جزء من العهد الجديد، ليست في الكتب نفسه، ولا ترتكز على سلطة الكنيسة التي فيها وجدت، بل تأتي من المسيح الذي تشهد له الأناجيل الملهمة من الروح وتعلنه في حياة الكنيسة.
لم تقبل الكنيسة قانون مركيون ليس فقط لأنه ناقص بل لأن جامعه هو غنوسي سعى إلى تحوير النص لكي يعكس الصورة التي يرغبها هو عن يسوع. واعتمدت الكنيسة في حربها ضد مركيون الأناجيل الأربعة كي تظل صورة يسوع غير مشوهة.
مرقيون
من فلاسفة الغنوسية الفليسوف مرقيون
مرقيون
كان مرقيون السينوبي 140 – 160م، هو ابن أسقف سينوب في إقليم البنطس (على شاطئ البحر الأسود) تأثر بالأفكار الغنوصية بعد أن أصبح غنياً فحرمه والده من الكنيسة، فخرج من سينوب وطاف آسيا الصغرى حتى روما التي منح كنيستها هدية مادية قيمة، ونشر تعاليمه وتجمع حوله الكثير من الأتباع فكانت كنيسته الغنوصية أكثر عدداً من جميع الكنائس الغنوصية السورية، وكان معاصرًا لباسيليدس. وبحسب طرطليانوس فقد بدأ مرقيون مسيرته كمسيحي أرثوذكسي – أيًّا ما كان معنى ذلك في تلك المرحلة الأولى من بَسْط العقيدة المسيحية – لكنه سرعان ما صاغ مذهبًا مميزًا وجذريًّا أدَّى إلى إلقاء الحرمان عليه من قبل كنيسة روما في تموز 144 م، وهو التاريخ التقليدي لتأسيس الكنيسة المرقيونية (طرطليانوس، ضد مرقيون، 1.1؛ راجع: كورت رودلف، الغنوص، 1984، ص 314) جاء إلى رومة حوالي السنة 140 معلّم غنوصي أصلة من البنطس واسمه مرقيون. فعلّم نظامًا ثنائيًّا يعارض فيه العهدان الواحدُ الآخر. رذل مرقيون كلَّ أسفار العهد القديم واعتبرها من عمل العقل الخلاّق الشرّير ولم يحتفظ من العهد الجديد إلاّ بإنجيل لوقا بعد أن شوّهه، وبقسم من رسائل القدّيس بولس. حُرم سنة 144 وناقضه يوستينوس، ولكنّه ربح تبّاعًا كثيرين سيحاربهم ترتليانس بعد نصف قرن في كتابه "ضد مرقيون" (دوِّن في نسخة أولى سنة 200، وثانية سنة 207، وثالثة سنة 211). هذا الكتاب هو المرجع الأساسيّ للتعرّف إلى "النقائض" التي نشرها المعلّم الهرطوقي . أمّا ردّة الفعل على هذه المحاولة فكانت إجبار الأساقفة والمعلّمين المسيحيّين على وضع لائحة كاملة بكتبهم المقدّسة وإبعاد الأسفار المنحولة والمشبوهة وتعليم مرقيون أنيق البساطة: "الإله الذي تعلنه الشريعة والأنبياء ليس أبا سيدنا يسوع المسيح. فإله [العهد القديم] معروف، ولكن الثاني [أبا يسوع المسيح] مجهول. الأول عَدْل، بينما الثاني خيِّر." (إيريناوس، 1.27.1) لقد اعتقد مرقيون بأن هذا الكوسموس الذي نعيش فيه يشهد على وجود إله قاسٍ ومشرِّع، بل وحاقد ومنتقم أحيانًا. إن هذا الرأي ناتج عن قراءة محض حرفية للعهد القديم، الذي يحوي فعلاً العديد من المقاطع التي تصف الإله بعبارات لا تفضي إلى الألوهية – أو على الأقل لا تفضي إلى فكرة الإله التي كانت شائعة في العصر الهلينستي. بناءً عليه، فقد أعلن مرقيون، على غرار بولس (في الرسالة إلى الرومانيين 1: 20)، أن الإله يُعرَف عِبْرَ خلقه. غير أن مرقيون، على خلاف بولس، لم يعتبر أن هذا "الوحي الطبيعي" دليل على فرادة الله وخيره، بل على العكس تمامًا، اعتقد أنه عَرَفَ إله هذا العالم حقَّ معرفته، وأن هذا الإله ليس جديرًا بما يطلبه من إخلاص وطاعة. ولذا فقد رفض مرقيون تعاليم الكنيسة المسيحية الأرثوذكسية في عصره القائلة بأن يهوه هو أبو الكنيسة؛ ومن خلال استئصال جريء لما سمَّاه "المدسوسات اليهودية" في إنجيل لوقا وعَشر رسائل بولسية، طرح مفهومه عن "الإله الغريب" وفعله الخلاصي، ورسَّخ أول دستور للأسفار المعتمَدة في الكنيسة "المسيحية" (جوناس، ص 145-146) لم يكن مرقيون فيلسوفًا بالمعنى الذي قُيِّضَ لهذا المصطلح أن يؤدِّيه فيما بعد. فهو لم يبسط قط، على حدِّ ما نستطيع أن نستخلص من الآثار الباقية، نظرية منهجية ميتافيزيقية أو كوسمولوجية أو أنثروبولوجية، على غرار ما ذهب إليه باسيليدس أو فالنتينوس (الذي سنناقشه لاحقًا)، ولم يُبرِزه التاريخُ كشاهد على معتقداته (وهذه هي النقطة الأهم). فعلى خلاف غالبية الغنوصيين، الذين صاغوا نوعًا من السلالة الإلهية (أسطورة صوفيا، على سبيل المثال) لتعليل وجود الفساد والنزاع في العالم، طرح مرقيون في بساطة وجود إلهين متناقضين لا يقبلان الاختزال: الإله التوراتي، والإله المجهول أو "الغريب"، الذي هو أبو المسيح. وبحسب مرقيون، فإن الإله الذي يحكم هذا العالم هو كائن حريص على الحفاظ على استقلاليته وقدرته، حتى على حساب الكائنات (البشرية) التي خلقها. الإله "الغريب"، الذي هو الخير الأسمى، هو "إله الانبثاث": إذ إنه ينبث في هذا العالم من الخارج لكي يتبنَّى مجَّانًا أولئك البشر المرثيَّ لحالهم، الباقين تحت نفوذ الإله الأدنى بوصفهم أبناءه. وهذا الفعل هو، بحسب مرقيون، أصل تجسُّد المسيح وعلَّته وعلى الرغم من غياب قاعدة فلسفية أو ثيولوجية لهذه الصياغة البسيطة نوعًا ما، فإن فكرة مرقيون تعبِّر، على كلِّ حال، في شكل خام ومباشر نوعًا ما، عن حقيقة أساسية للوجود الإنساني: أنَّ رغبات العقل لا مقايسة بينها وبين طبيعة الوجود المادي (راجع: إيريناوس، 27.1: 2-3). مع ذلك، إذا تابعنا حجَّة مرقيون حتى نتيجتها المنطقية (وربما "ضد المنطقية")، لاكتشفنا تعبيرًا وجوديًّا (وليس فلسفة) عن الشعور الأوليِّ ب"الهَجْر" Geworfenheit. وهذا التعبير يقوم على التعارض الحاذق – لكن الممض – بين "محبة الحكمة" philosophia وبين "الحكمة التامَّة" pl?rosophia. نحن وحدنا في عالم لا يُسلِس ذاتَه لبحثِنا عن حقيقة لا تتبدَّل، ولذلك فإننا نُصادِق الحكمة، باعتبار أن ذلك الطريق أو الأسلوب هو الذي يمكِّننا من بلوغ هذه الحقيقة المحدوسة. وبحسب مرقيون، لن يتمَّ العثورُ على هذه الحقيقة في هذا العالم: فكل ما يمكن العثور عليه هو الرغبة في تلك الحقيقة، التي تنشأ بين البشر. غير أن هذه الرغبة، بما أنها، من جانب البشر، لا تنتج سوى فلسفات متنوعة ما من واحدة منها قادرة على ادِّعاء الحقيقة المطلقة، خَلُصَ مرقيون إلى أن الكائنات (البشرية) العارفة في هذا العالم لا تطيق أكثر من ظلٍّ من ظلال الحكمة. إذ إنه عن طريق إرشاد إله غريب ومحض خيِّر ونعمته يمكن للإنسانية أن ترتقي إلى مستوى الحكمة التامة pl?rosophia (راجع: الرسالة إلى القولوسيين 2: 2 وما بعدها). وعلاوة على ذلك، فقد قام مرقيون، عوضًا عن محاولة اكتشاف الارتباط التاريخي بين وحي المسيح وتعاليم العهد القديم، بمجرَّد رفض الثاني لصالح الأول، اعتقادًا منه بأن الإنجيل وحده (وقد تدبَّر مرقيون تحريره بنفسه) يدلنا على الحكمة التامة (إيريناوس، 27.1: 2-3؛ طرطليانوس، ضد مرقيون، 3.4).
وفي حين أن مفكرين مسيحيين آخرين من ذلك العصر قد اشتغلوا على التفسير المجازي للعهد القديم بغية التوفيق بينه وبين تعاليم العهد الجديد، أجاز مرقيون للعهد الجديد – وإنْ في نسخته الشخصية منه – مخاطبتَه كصوت مرجعيٍّ فريد، فصاغ مذهبه وفقًا لذلك. وهذا المذهب لم يشدد على غربة البشر الجذرية عن هذا العالم الذي اتَّفق لهم أن يولدوا فيه وحسب، بل كذلك على افتقارهم إلى أية علاقة نَسَبية مع الإله الذي ضحَّى بابنه لافتدائهم – بعبارة أخرى، صوَّر مرقيون البشريةَ كسلالة مُشرَّدة، من دون أيِّ وطن حقيقي أصلاً (راجع: جيوفاني فيلورامو، تاريخ الغنوصية، 1992، ص 164). والأمل في البحث عن وطن مفقود، أو أمل العودة إلى وطن طُرِدْنا منه، كان غائبًا عن مذهب مرقيون. فمثله كمثل بيكو ديلاميراندولا، أعلن مرقيون أن طبيعة البشرية هي طبيعة وسيط أبدًا، واقف وقوفًا غير مستقر بين السماء والأرض (قارن: بيكو ديلاميراندولا، خطبة في كرامة الإنسان، 3). غير أن مرقيون، خلافًا لبيكو، دعا إلى عَزْل جذري للبشرية – "قطيعة" – تصحو فيها الإنسانيةُ على ممكناتها التامة (إن لم نقل الفطرية) استمر وجود أتباع مرقيون حتى القرن الرابع وهناك من يقول حتى القرن السادس.
بدعة مرقس (مرقيون)
4 - ويذكر أيضاً أنه علاوة على هؤلاء الأشخاص الهراطقة فى ذلك العصر كان يوجد شخص آخر أسمه مرقس برع فى السحر، وقد وصف يوسابيوس تصرفاتهم الدنسة وأسرارهم الكريهه فى الكلمات التالية:
5 - " والبعض منهم يعدون أريكة للزواج، ويمارسون بعض الطقوس الرمزية، ويستعملون بعش التعبيرات الموجهة إلى المبتدأين فى ممارستهم، ويقولون ان الزواج الذى يجرونه روحى على مثال الزيجات العلوية، والبعض يأخذونهم إلى المياة، ويرددون الكلمات التالية عند تعميدهم: إلى أسم أب المجهول إلى الحق أم كل الأشياء، إلى من أستقر على يسوع.. ويكرر غيرهم أسماء عبرانية لكى يزيدوا فى بلبلة المبتدئين "
6 - وحدث أن مات هيجينوس فى نهاية السنة الرابعة من أسقفيته خلفه بيوس فى إدارة كنيسة روما، وفى السكندرية عين مرقس راعياً بعد أن ظل أومانيوس فى مركزه 13 سنة، ومات مرقس بعد أن ظل على كرسى ألسكندرية 10 سنوات، خلفه كالاوتيانوس فى كنيسة الإسكندرية.
7 - وفى روما مات بيوس فى السنة الخامسة عشرة من أسقفيته ، فتولى أنيسيتوس قيادة المسيحين هناك، ويقرر هيجيسبوس أنه هو نفسه كان فى روما فى ذلك الوقت، وانه ظل هناك حتى أسقفية اليوثيروس.
8 - وفى تلك الأيام أشتهر يوستينوس بصفة خاصة، وإذ أنه أتخذ صورة فيلسوف بشر بالكلمة الإلهية وناضل عن الإيمان بكتاباته، وكتب أيضاً كتاباً مؤلفاً ضد مركيون ذكر فيه أن هذا الأخير كان حياً وقت أن كتب مؤلفة.
9 - وفيه قال الاتى:
" وهناك شخص يدعى مركيون البنطى لا يزال إلى الان يعلم أتباعه أن هنالك إلهاً آخر أعظم من الخالق، وبمساعة الشياطين أقنع الكثيرين من كل جنس البشر لينطقوا بالتجاديف، وينكروا أن الخالق هذا الكون هو أب المسيح ويعترفوا أن هنالك آخر أعظم منه وهو الخالق، وكل اللذين تبعوهم يطلقون على أنفسهم مسيحيين كما قلنا، كما يدعى أسم الفلسفة على الفلاسفة ولو لم تكن لديهم تعاليم مشتركة "
10 - ويضيف إلى ما سبق ما يأتى: " وقد كتبنا أيضاً مؤلفاً ضد كل الهرطقات التى وجدت، ونحن مستعدين أن نقدمه إليك إن أردت الإطلاع عليه "
11 - وقد نجح جداً يوستينوس هذا فى نضالة ضد اليونانيين، ووجه أحاديث متضمنة إحتجاجاً ودفاعاً عن إيماننا إلى الإمبراطور أنطونيوس الملقب بيوس، وإلى مجلس الأعيان الرومانى، لأنه كان يعيش فى روما، وفى دفاعة بين فى الكلمات التالية شخصيته ومن أين كان:
الكتاب الخامس ليوسابيوس القيصرى الفصل الثالث عشر
رودو يصف بدعة مركيون
1 - فى ذلك الوقت كتب رودو، وهو من أهل آسيا، وتعلم كما يقول على يد تاتيان الذى سبق أن ذكرناه عدة كتب أحدهما ضد هرطقة مركيون . ويقول أن هذه البدعة كانت تنقسم فى عصره إلى أربعة آراء مختلفة، ولدى التحدث عمن سببوا الإنقسام وفند بكل دقة الأباطيل التى أخترعها كل منهم.
2 - وأسمع ما يقول:
ولذلك أيضاً أختلفوا فيما بين أنفسهم، معتنقين آراء متناقضة، لأن أبلس، وهو واحد من الشيعة (طائفة مركيون) إفتخر بنفسه بسبب طريقة حياته وسنة، ونادى بمبدأ واحد ولكنه قال أن النبوات هى من روح مضاد، وقد دفعه إلى هذا الإعتقاد فتاة تدعى فيلومينا كان بها روح نجس.
3 - " ولكن غيره، ومن بينهم بوتينوس وباسيليكوس، أعتقدوا بمبدأين كما أعتقد مركيون نفسه ربان السفينة.
4 - وهؤلاء تبعوا ذئب بنطس، وسلكوا مثله بطياشة غير قادرين على تفهم حقيقة الأمور، ونادوا بمبدأين بدون تقديم أىة دليل، وإنحدر غيرهم إلى هوة ضلالة أشر، فلم يكتفوا بطبيعتين بل نادوا بثلاث، من بين هؤلاء سينيروس، وهو قائدهم ورئيسهم، كما يقول المدافعون عن تعليمه "
5 - ويقول نفس المؤلف أنه دخل فى مناقشة مع أبلس و ويروى ما يأتى:
" لأنه لما دخل ابلس، الطاعن فى السن، فى مناقشة معنا دحر فى أمور كبيرة تحدث عنها باطلاً، ومن ثم قال أيضاً أنه ليس ضرورياً على الإطلاق مناقضة المرء فى عقيدته، بل لكل واحد أن يتمسك بما يعتقده، وأكد بأن الذين يثقون فى المصلوب ينالون الخلاص إن عملوا أعمالاً صالحة، ولكنه كما قدمنا كانت عقيدته نحو الإله غامضة جداً، لأنه تحدث عن مبدأ واحد حسب تعليمنا "
6 - وبعد أن تحدث بالتفصيل عن رأيه هو أضاف قائلاً: " لما قلت له: أخبرنى كيف تعرف هذا؟ أو كيف تؤكد أنه يوجد مبدأ واحد؟ أجاب النبوات ناقضت نفسها بنفسها لأنها لم تذكر الحق، فهى غير متفقة وكاذبة، وتناقض نفسها، ولكنه قال أنه لا يعرف كيف يوجد مبدأ واحد، وإنما هو مقتنع بهذا.
7 - ولما ناشدته بأن يقول الحق حلف بأن هذا ما هو فعله لما قال: بأنه لا يعرف كيف يوجد إله واحد غير مولود، وإنما هذا هو ما يعتقده، عندئذ ضحكت ووبخته، لأنه بالرغم من إدعائه أنه معلم لم يعرف كيف يثبت ما يعلمه!!! "
8 - وفى نفس الكتاب يعترف الكاتب، موجهاً حديثه إلى كالستيو، أنه تعلم فى روما على يد تلتيان ويقول أن تاتيان أعد كتاباً عن " المعضلات " ووعد أن يفسر فيها الأجزاء الغامضة فى الأسفار الإلهية، وقد وعد رودو نفسه بأن يقدم هو فى كتاب حلوله لمعضلات تاتيان، ولا يزال يوجد له أيضاً تفسير عن أيام الخلقة الستة.
9 - على أن أبلس هذا كتب أشياء كثيرة، بطريقة سافلة، عن ناموس موسى، مجدفاً على الأقوال الإلهية فى كثير من مؤلفاته، ويبدو أنه كان غيور جداً على هدمها ودحضها. هذا ما يتعلق بهؤلاء
المزيد
14 مايو 2025
البَركَــة
كلنا نطلب البركة في حياتنا ونفرح بها. فما هي البركة؟ وما هي فاعليتها؟ وما تاريخها؟ وما أنواعها؟ هذا ما سوف نتحدث عنه.تبدأ البركة منذ خلق الإنسان الأول، آدم وحواء.خلقهما الله على صورته ومثاله. «وباركهم الله. وقال لهم: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها، وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض» (تك1: 28). ونفس البركة كانت لنوح وبنيه. إذ يقول الكتاب «وبارك الله نوحًا وبنيه، وقال لهم: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض. ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات الأرض، وكل طيور السماء، مع كل ما يدب على الأرض، وكل أسماك البحر قد دفعت إلى أيديكم» (تك9: 1، 2).وهكذا كانت البركة الأولى هي الكثرة والسلطة. وبها أصبح الإنسان وكيلاً لله على الأرض وتطور الأمر إلى أن الله جعل البعض بركة.وظهر هذا الأمر في مباركته لأبينا أبرآم أبي الآباء، إذ قال له «أجعلك أمة عظيمة، وأباركك، وأعظّم أسمك، وتكون بركة. وأبارك مُبارِكَك، ولاعنك ألعنة. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض» (تك12: 2، 3).حقًا ما أجمل هذا الأمر وما أسماه، أن يصبح الإنسان بركة. بنفس الوضع كان إيليا النبي بركة في بيت أرملة صرفة صيدا في وقت المجاعة: كوار الدقيق لم يفرغ، وكوز الزيت لم ينقص (1مل17: 16). ومن بركته أيضًا أنه أقام ابنها من الموت (1مل17: 22).وبنفس الوضع كان يوسف الصديق بركة في بيت فوطيفار «فبارك الرب هذا البيت بسبب يوسف. وكانت بركة الرب على كل ما كان له في البيت وفي الحقل» (تك39: 5، 6).إن كان الرب قد جعل أبانا أبرآم بركة، فقد منحه أيضًا الكثرة. فقال له «لا يُدعى اسمك بعد أبرآم، بل يكون اسمك إبراهيم، لأني أجعلك أبًا لجمهور من الأمم، وأثمرك كثيرًا جدًا، وأجعلك أممًا، وملوك منك يخرجون» (تك17: 5، 6)، وهكذا وعد الله أن نسل إبراهيم يكونون في الكثرة مثل نجوم السماء ورمل البحر، لا يُحصى لهم عدد.وهناك أنواع كثيرة من البركة وردت في (تث28: 1-11).وكلها تتوقف على طاعة الرب والعمل بوصاياه.هكذا ورد في سفر التثنية: «إن سمعت سمعًا لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه.. يجعلك الرب مستعليًا على جميع قبائل الأرض، وتأتي عليك جميع هذه البركات وتدركك.مباركًا تكون في المدينة، ومباركًا تكون في الحقل.مباركة تكون ثمرة بطنك، وثمرة أرضك، وثمرة بهائمك،.. نتاج بقرك وإناث غنمك. مباركة تكون سلَتك ومعجنك.مباركًا تكون في دخولك، ومباركًا تكون في خروجك.يجعل الرب أعداءك القائمين عليك منهزمين أمامك. في طريق واحدة يخرجون عليك، وفي سبع طرق يهربون أمامك.يأمر لك الرب بالبركة في خزائنك، وفي كل ما تمتد إليه يدك.. يقيمك الرب لنفسه شعبًا مقدسًا.. ويزيدك الرب خيرًا» من أجل هذا، يسعى الكل للبركة ويطلبونها يعقوب أبو الآباء سعى إلى نوال بركة أبيه ولو بحيلة خاطئة وصارع مع الرب قائلاً له «لا أطلقك إن لم تباركني» (تك32: 26).وعيسو أخوه صرخ وبكى طالبًا البركة من أبيه (تك27).نلاحظ أيضًا بركة يعقوب لأولاده (تك48)، وكما قال، هكذا كان. ومباركته لأفرايم ومنسى ابنى يوسف. وكيف في مباركتهما وضع يديه عليهما بحكمة وترتيب.وبركة الوالدين تظهر أيضًا في الوصايا العشر (خر20، تث6) إذ يقول «أكرم أباك وأمك، لكي تطول أيامك على الأرض». فوراء إكرامهما بركة. وهكذا قال بولس الرسول إنها أول وصية بوعد (أف6: 2).مصادر البركة إذًا كثيرة: منها حفظ الوصايا، ومنها إكرام الوالدين. ومنها دفع العشور. وفي هذا ورد في الأصحاح الثالث من سفر ملاخي «هاتوا العشور وجرّبوني – يقول الرب – إن كنت لا أفتح لكم كوى السماء، وأفيض لكم..». إنك بالعطاء تأخذ بركة الذين يتلقون عطاءك، فيدعون لك. ويكون لك – بعطائك – كنز في السماء، ويكون لك أيضًا "بركة في ذريتك" (إش44: 3). وأيضًا تحل البركة على بيتك (حز44: 3). وأيضًا إن تعرض إنسان للهلاك وأنقذته، تنال بركة. وفي ذلك قال أيوب الصديق «بركة الهالك حلَت عليّ» (أي29: 13). أي الشخص الذي كاد يهلك، وأنقذته، بركته حلّت عليّ.إن كل عمل طيب تقوم به، تنال بركته إن هناك بركات مادية يهبها الله، وبركات روحية.وعن البركات الروحية، قال القديس بولس الرسول «باركنا بكل بركة روحية» (أف1: 3). وكل خيرات الأرض بركات مادية. ويقول الكتاب إن العنقود الذي تتبقّى فيه حبة واحدة، فيه بركة.هناك بركة الكهنوت. فالكاهن يبارك الشعب أو الأفراد بالرشم، أو بوضع يده، أو بكلمة بركة. وكان الله في العهد القديم يأمر الكهنة بمباركة الشعب. وقال لهم هكذا «تباركون بني إسرائيل» (عد6: 3). نلاحظ أن سليمان – كمسيح للرب – بارك الشعب في يوم تدشين الهيكل (1مل8).والكنيسة المقدسة تبارك الشعب بقول الكاهن "محبة الله الآب، ونعمة الابن الوحيد، وشركة وموهبة الروح القدس، تكون مع جميعكم. امضوا بسلام، سلام الله يكون معكم". مع ذكر بركات القديسين قبل ذلك.توجد أيضًا مباركة البيوت الجديدة، ولها طقس خاص.أيضًا الكاهن حينما يزور أي بيت، يباركه بصلاة معينة. وأنا حينما كنت أزور أي بيت في المهجر، كنت حالما أدخله أقول: "قال الرب يسوع: أي بيت دخلتموه، قولوا سلام لأهل هذا البيت"، ثم أصلي صلاة على كوب من الماء، وأرش الماء على الجدران (لكي لا يقع الماء المُصلّى عليه على الأرض)، وأقول: "بيوت صلاة، بيوت طهارة، بيوت بركة، أنعم بها يا رب علينا وعلى عبيدك الآتين بعدنا إلى الأبد".وكما يبارك الكهنة البيوت، يقومون بمباركة المائدة قبل تناول الطعام. بل كل شخص – قبل أن يأكل – عليه أن يبارك الطعام. وأنا شخصيًا أرشم الطعام أولاً، وأقول: "بارك يا ربنا يسوع طعامًا لأرواحنا كما أعطيتنا لأجسادنا". ثم بعد ذلك الصلاة الربية نذكر في البركة أيضًا بركة الهيكل والمذبح، وبركة التناول، إذ ننال فيه بركة عظيمة، لأنه "طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا" كما نقول في القداس الإلهي.كذلك هناك بركة نأخذها من المواضع المقدسة، مثل الأديرة والمغارات، وبعض الكنائس. وبركة أخرى نأخذها من رفات القديسين ومن أيقوناتهم. فلتكن بركتهم معنا من الآن وإلى الأبد، آمين.
مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث
المزيد
13 مايو 2025
كان لابد أن يقوم (1)
1- كان لابد أن يقوم المسيح لأنه ليس إنسانًا عاديًا:جميع الناس يموتون، وحتى الذين أقامهم غيرهم عادوا وماتوا مرة أخرى، والكل منتظر القيامة العامة لكي يقوموا. أمّا السيد المسيح، فكان لابد أن يقوم مباشرة وإلّا حُسِب إنسانًا عاديًا، إن قيامته أثبتت لاهوته... وبخاصة أنه قام بذاته ولم يقمه أحد.
2- لأن فيه كانت الحياة:كما قال القديس يوحنا الحبيب: «فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ» (يو1: 4). والذي فيه الحياة لا يمكن أن يبقى ميتًا، فهو الذي قال لمرثا: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا» (يو11: 25). مادام هو الحياة فكيف إذًا لا يقوم؟ مادام هو القيامة فكيف لا يقوم؟ لهذا وبّخ الملاك النسوة الحاملات الطيب: «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟» (لو24: 5).
3- الذي استطاع أن يقيم غيره، ألا يستطيع أن يقيم نفسه؟ الذي أمر الموتى أن يقوموا، ألا يستطيع أن يقيم نفسه؟ فقد وهب الحياة بمجرد كلمة: ففي إقامة ابنه يايرس أمسك بيدها وقال لها «طَلِيثَا، قُومِي» (مر5: 41، 42)، وفي إقامة ابن أرملة نايين تقدم ولمس النعش... فقال «أَيُّهَا الشَّابُّ، لَكَ أَقُولُ: قُمْ« (لو7: 14، 15)، وفي إقامة لعازر «صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجًا» (يو11: 43، 44). هذا الذي أمر الموتى فقاموا.. أكان صعبًا أن يُقيم نفسه؟.. كان لابد أن يقوم لأنه قال «كَمَا أَنَّ الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ وَيُحْيِي، كَذلِكَ الابْنُ أَيْضًا يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ» (يو5: 21). فهل الذي يحيي من يشاء، ألا يحي نفسه؟
4- لأن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين: حينما مات المسيح على الصليب انفصلت روحه عن جسده مثل موت البشر، ولكن لاهوته لم ينفصل قط لا عن روحه ولا عن جسده. روحه المتحدة باللاهوت نزلت إلى أقسام الأرض السفلى وكرزت للأرواح التي في السجن وأصعدتها إلى الفردوس، أمّا جسده فبقي في القبر متحدًا بلاهوته. كان لابد أن يقوم هذا الجسد المتحد باللاهوت، وما كان ممكنًا أن يستمر في الموت.
5- لكي ينتصر على الموت: إن الموت لم ينتصر عليه مطلقًا، وما كان ممكنًا أن ينتصر عليه، بل بموته داس الموت، الموت الذي انتصر علة كافة البشر، فنجّاهم السيد من هذا الموت بموته عنهم، ودفع ثمن خطاياهم، وهكذا قضى على سلطان الموت. وكان لابد أن يقوم ليعلن انتصاره على الموت بقيامته، وليعلن للناس جميعًا أنه لا شوكة للموت ولا غلبة للهاوية (1كو15: 55).
6- كان لابد أن يقوم لأن قيامته في سلطانه هو: لقد مات بإرادته. هو قدم نفسه للموت. وقد قال موضحًا الأمر: «لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضًا. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا» (يو10: 17، 18)، أي أنه له سلطان أن يسترجع هذه الحياة التي وضعها من ذاته.. ولم يكن لأحد سلطان أن يأخذها منه. إذًا كان لابد أن يقوم، ويقوم بإرادته.
نيافة الحبر الجليل الأنبا تكلا مطران دشنا وتوابعها
المزيد
12 مايو 2025
قيامتنا مع المسيح
قام المسيح وانتصر علي الموت ووهب الحياة للمؤمنين باسمه إيماننا بمحبة الله والمعلنة لنا بموت ابنه الوحيد يسوع المسيح ربنا علي الصليب وقيامته من بين الأموات ليقيمنا و يخلصنا من الهلاك و يهبنا الحياة الأبدية { لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية (يو 3 : 16) فلا يخاف الموت من فيه سر وبذرة الحياة { لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ.} (في ١: ٢١) يسوع المسيح حياتنا وقيامتنا حتى أن سرنا في وادي ظلال الموت لا نخاف شئ , ولا ينزع أحد سلامنا أو فرحنا منا إيماننا المسيح القائم يجعل لحياتنا قيمة وهدف ورسالة ولنهاية حياتنا علي الأرض امتداد أبدي و انتقال لحياة أفضل الموت الجسدى صار بقيامة المسيح دخول الي حياة أفضل في النوع والديمومة والمقدار { الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ. }(١ كو ١٥: ٢٠-٢٢) إيماننا بقيامة المسيح يجعلنا نحيا فرحين في الرجاء، صابرين في الضيق، مواظبين علي الصلاة وملتصقين بالمسيح القائم سر حياتنا ودخولنا الي الحياة الأبدية ان أنسكاب محبة الله في قلوبنا بالروح القدس يدفعنا لنقوم بكل أعمالنا محبة للمسيح وبهذه المحبة نثبت في المسيح الحي ويثبت فينا وبحياته يكون لنا حياة أبديه إيماننا بقيامة المسيح هى مركز حياتنا ورجائنا الحي كخليقة جديدة في المسيح والتصاقنا بالرب القائم من بين الأموات يجعلنا نحيا ونقوم معه وتتحول كل أعمال المحبة التي نقوم بها إلي ميراث لا يفني محفوظ لنا في السماء { مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ، أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ.} (١ بط ١: ٣-٥) إيماننا بالمسيح القائم يجعلنا نطلب ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الآب { فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ}(كو ٣: ١، ٢) بما أننا قد قمنا مع المسيح فلنطلب ونهتم بما فوق حيث المسيح ونوجه أهتمامنا للأمور التى تؤهلنا للميراث السماوى فنطلب اولاً ملكوت السماوات وبره ونحيا علي الأرض كسفراء للمسيح وكلمنا تحررنا من ربط العالم والخطية كلما أنطلقت أرواحنا لتشبع بالمسيح وبعشرة القديسين كأهل بيت الله بالمعمودية دفننا مع المسيح لنموت عن الخطية ونقوم مع المسيح و نسلك بالروح حسب وصاياه و إنجيله لتكون حياتنا مستترة فيه فيعمل المسيح فينا وعلينا أن نسأل أنفسنا في كل مواقف الحياة ماذا كان يفعل المسيح لو كان مكاني ؟ ونتصرف بقلب المسيح المحب وعيونه الرحيمة ويديه المعطاءة واقدامه التى تجول تصنع خير { لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ مَتَى أُظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ. }(كو٣: ٣، ٤). نحيا حسب ايماننا الاقدس فعندما يأتي المسيح في مجده نظهر ونقوم معه في المجد بأجساد روحانية نورانية ممجدة ونفرح مع الملائكة والقديسين اليك يا لله الآب القدوس نقدم الشكر والتسبيح لأنك أحببتنا وخلصتنا من الموت الأبدي بموت وقيامة ابنك الوحيد، لنقوم معه ونحيا بالروح حياة روحية مقدسة تليق بأبناء القيامة نسمو عن الخطية ونرتفع عن الصغائر ونعيش شهود أمناء لمحبتك الإلهية ورحمتك الأبدية ونعمتك الغنية نسأل ونطلب من صلاحك يا محب البشر الصالح أن تعمل فينا وترشدنا لنعمل ما يرضيك وننقاد بروحك القدوس كل حين، آمين.
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
11 مايو 2025
يسوع هو ماء الحياة
"قال لها يسوع: أعطني لأشرب"
القول ينضح بالمفارقة الصارخة. ينبوع ماء الحياة يطلب أن يشرب من ماء معطش ومن يد امرأة جف منها ماء الحياء! ولكن دائماً أبداً تقـــف مفارقات الله مع الإنسان لحساب الإنسان فالرب دائماً يحتاج إلينا ليعطينا أجاب يسوع وقال لها " لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب، لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حياً" المسيح هنا يفتح أمامها الباب لكي تنكشف بصيرتها وتستعلن الشخص الجالس أمامها، ويوحي إليها أن تطلب منه عطية، وهذا هو مفتاح الصلة الحقيقية التي بها تنشأ العلاقة القوية بين الله والإنسان. وفعلاً نجح المسيح في هذا الإيحاء العجيب، وفعلاً طلبت المرأة، أما إن كان هذا الطلب غير صحيح؛ فقد عدله لها. كذلك فإن المسيح يُنبهها أنها محتاجة أن تعلم من هو ولا تعثر في منظره المتعب المجهد والعطشان! وكأنه يقول لها: التفتي إلي، لأني افتقرت وأنا غني، ولكني افتقرت لأغنيكم، فلا تتعثري في منظر بشريتي هكذا، بل ارفعي بصرك لتري حقيقتي. وقد تم كل هذا بالحرف الواحد، وفي أقل ما يمكن من الزمن وفي الحقيقة، إن المسيح هنا بقوله: «لو كنت تعلمين عطية الله» إنما يقدم نفسه للبشرية الخاطئة كما قصد أبوه الصالح تماماً: "هكذا أحب الله العالم حتى أعطى ابنه الوحيد...". ثم يعود ويربط هذه العطية، وهي نفسه، بالماء ثم الحياة،ولكن في صورة الماء الحي، أي الجاري،ومن هنا التبس الأمر على السامرية وهذا هو أسلوب ق يوحنا في استخدام اللفظ الذي يرمي إلى معنيين: الأول عادي ومادي؛ والثاني روحي وإلهي!
والماء الحي في عُرف العهد الجديد هو مجرد ماء جار من نهر أو خلافه، ولكن في العهد الجديد فهو الماء المحيى، كعطية الله للإنسان على مستوى الشرب الذي يُحيي الجسد بالأساس، وبدونه يموت الإنسان. فالماء الحي عند المسيح هو : الحياة الأبدية نفسه. ولكن منظوره ومفهومه على أساس الحياة الجسدية التي يستمدها الجسد من الماء. أما الماء الطبيعي، إذا نال قوة روحية بالصلاة؛ فإنه يُعتبر ماءً للتقديس، وهو قادر أن يعطي الحياة الأبدية بالمعمودية بسبب قوة الحياة التي حلت بالصلاة ونلاحظ هنا أن المسيح يستخدم الماء موضوع الحوار من واقع حال الإنسان فيما يخص جسده وفيما يخص روحه؛ فيما يخص حياته على الأرض، وفيما يخص حياته الأبدية فالجسد يعطش ويعطش ويعود إلى الماء في كل مرة، فهو لا يرتوي أبداً أبداً؛ ولكن الروح تعطش، فإذا ارتوت فلن تعطش أبداً لأنها ترتوي من ماء الحياة الأبدية؛ أو الماء الحي، أو الماء الحقيقي، الذي هو الحياة الأبدية نفسها: «وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته» المسيح يضع إصبعه إلى نفسه ويشير إلى ذاته عندما يقول: الماء الذي أعطيه، فهو عطية الاستعلان التي إذا سكبها على قلب الإنسان ووعيه فإنه يتعرف على حقيقة المسيح فيدخل مجال الحق الإلهي وينتمي بروحه إلى السموات؛ ومن كل ما هو سام يشبع ويمتلئ ويرتوي، فلا تعود الأشياء التي في الدنيا موضع عطش أو تلهف أو متعة روح المسيح يضرب على الوتر الحساس ليرن صوته في أعماق النفس المتعبة التي نهبتها الشهوات والملذات والجري وراء سراب الغرور والمتعة، التي كلما شربت منها النفس ازدادت عطشاً إليها دون أن يدري الإنسان أنها تمتص رحيق حياته ونضارته وإرادته وكرامته، وأخيراً تتركه صريعاً للندم واليأس وخيبة الأمل.
«لن يعطش أبداً».
إنها مقولة تتجلى في حياة كل من يُقبل ويشرب كل يوم، ولكنها سوف تبلغ أوج تجليها في المجد الأعلى: «لا يجوعون بعد ولا يعطشون ولا يضرهم حر ولا شمس، لأن الذي يرحمهم يهديهم، وإلى ينابيع المياه يوردهم» كل من أدمن على شرب المياه المعطشة هنا ؛ يتمنى في يوم من الأيام لو لم يولد حينما يبلغ به العمر أرذله؛ أما الذي ذاق الحياة في المسيح يسوع، فهو كل يوم يولد جديداً كل من ضيع العمر في ملذات هذا الدهر، يتمنى لو يموت؛ أما الذي استعلن المسيح، واستنشق الحياة الأبدية فيه، فهو يحيا كل يوم حياة جديدة ولن يموت أبداً.
"الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية".
ماء العالم كل الذي يشرب منه يعود ويعطش أيضاً، لأنه ماء نابع من الأرض. ولكن جاء المسيح ومعه ماء حي، أي فيه روح الله. كل من يشرب منه يصير هو نفسه ينبوع ماء حي، يخرج من بطنه، أي من قلبه، أنهار من هذا الماء الحي، أي الذي فيه روح الله ومن عجائب هذا الماء الحي الذي جاء به المسيح من فوق، أن كل من شرب منه لا يموت حتى ولو داهمه موت الجسد، فهو يقوم من الموت إلى الحياة الأبدية والمسيح هنا يقصد بالماء الحي أنه تعاليمه التي فيها سر الحياة فكلام المسيح هو الحق وهو الحياة، ويؤدي بمن يستمع إليه إلى حياة أبدية، ولن يعبر على الدينونة، بل ينتقل من الموت إلى الحياة مباشرة وكلام المسيح حلو ويروي النفس العطشانة إلى الحق والله. لذلك كان تشبيه المسيح لكلامه أنه الماء الحي حقيقة سرية للغاية، لا تروي إلا لمن يعطش ويجوع إليها. فكلمة المسيح غذاء للنفس وارتواء أيضاً والعجيب حقاً أن كل من ارتوى بكلام المسيح، يصير هو نفسه ينبوع ماء حي، لا إلى ساعة أو يوم، بل إلى الأبد. كل من يسمعه كمن سمع المسيح نفسه، فكما ارتوى يروي أيضاً. وهكذا يعيش المسيح في كل مـــن آمن به وأحبه. كما يقول بولس الرسول: فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في». وهكذا يصبح من يؤمن حقاً بالمسيح ينبوع ماء حي. وكأنما يعيش المسيحفي كل الناس، كل من آمن وأحب فكما أن الماء الطبيعي يُحيي الإنسان كل أيام حياته، هكذا كلمـة المسيح تحيي كل من يسمعها، وتدخل إلى قلبه وتصيره ينبوع ماء حي وكما أن الماء للعطشان حلو ولذيذ يظل يشرب منه إلى أن يمتلئ، هكذا كلام المسيح لمن يستمع إليه حلو ولذيذ، يظل يشرب منه ليعود ويشرب أيضاً حتى آخر حياته. وكما أن الماء الطبيعي مركب من أوكسجين وهيدروجين، كذلك كلام المسيح مركب من حق ونور، الحق يكشف والنور يقود. فالماء الطبيعي يشربه الإنسان وهو في مكانه، أما الماء الحي فيشربه الإنسان ويرتقي إلى السماء يا لسعد البشرية بمجيء ابن الله، حاملاً سرّ الماء الحي ليحيي به الإنسان إلى الحياة الأبدية المرأة السامرية أرادت أن تشرب من ماء الحياة الأبدية، فاستحال عليها ذلك لأن ليس لها زوج. فسر الحياة الأبدية لا يقتنيه إلا الأبرار المولودين من فوق.
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
10 مايو 2025
القيامة والإستشهاد
شهر مايو مملوء بإحتفالات إستشهاد قديسين بدأنا :-
1 مايوعيد إستشهاد مارجرجس .
5 مايوعيد إستشهاد القديس بقطر بن رومانوس .
8 مايوعيد إستشهاد القديس مارمرقس .
20 مايوعيد إستشهاد القديسة دميانة .
أعياد إستشهاد كثيرة جداً خلال شهر مايو وكأن الكنيسة أرادت أن تربط بين القيامة والإستشهاد القيامة والإستشهاد هما وجهان لعملة واحدة عندما يتشبع القديس بحياة ربنا يسوع وتشبع بالقيامة يصير مهيأ للموت ولا يخشاه فنرى القديس بقطر بن رومانوس كان والي وولده أيضاً والي أي من أكابر الدولة فكيف لإنسان رفيع المركز مثل القديس بقطر يقف أمام معذبيه بدون تراجع ؟ حتى أنه عندما علم معذبه أنه والي تأسف له وخجل جداً منه لكنه كان يرفض النجاة كيف يكون لإنسان طريق نجاة ولا يتمسك به ؟ لأن القيامة دخلت حياته وبالتالي صار الموت غير مرعب صار الموت ليس هو النهاية بل هو خطوة للسماء صاروا يستعذبون الألم صار الألم لذة الشهيد العظيم مارجرجس تعذب سبعة سنوات ولم يهتز حتى أنه قال لهم ﴿ ستملون من تعذيبي أما أنا فلن أمل بنعمة الله ﴾ وبالفعل مل معذبيه من تعذيبه ما من وسيلة تعذيب لم يستخدموها معه مارجرجس جعل السيف ضعيف والموت شئ مهزوم لأنه لم يعش هذه الحياة لأن الأيام والشهور والسنين لا تفرق معه وبالتالي لم يخف من شئ لأنه لم يخف الزمن فصار الموت لا يؤذيه ( رؤ 2 : 11) لذلك عندما دخلت القيامة حياة القديسين صار الموت بالنسبة لهم عدو مهزوم لأن المسيح له المجد عندما إجتاز الموت صار الموت عدو ضعيف في أيام يشوع بن نون قديماً كان الشعب تائه 40 سنة في البرية وخلال هذه الأربعين سنة كانوا يمنون أنفسهم بأرض الموعد ويحلمون بها وعندما وصل الشعب لأرض الموعد وجدوا نهر الأردن يعوقهم للوصول لكنعان فحزن الشعب جداً هل بعد تعب أربعين سنة نرى الأرض ولا ندخلها خاصةً وأنهم كانوا يسيرون ومعهم نسائهم وأولادهم ومواشيهم فكيف الآن يدخلونها ؟ فقال الله ليشوع إجعل الكهنة يحملون تابوت العهد ويدخلون نهر الأردن وسترى عمل الله بالفعل حمل الكهنة تابوت العهد ودخلوا النهر فإنفتح النهر وقال الله إجعل بين الكهنة والشعب مسافة ألف ذراع لماذا ؟ لأنه عندما يدخل الكهنة النهر وينفتح النهر ويسير داخله ألف ذراع سيطمئن الشعب فيعبر خلفهم النهر وبالفعل عبر الشعب نهر الأردن ووصل لأرض الموعد الآباء يقولون أن الأردن هو أرض الموت لن تدخل كنعان دون أن تعبره ولكن إن دخلت الموت سيبتلعك لذلك ربنا يسوع قال سأدخل الموت وأفتحه لكم وأنتم سيروا خلفي بدون خوف لذلك الشهداء لم يخافوا الموت لأن القيامة هي إنتصار على الموت الشهيد يرى الموت لكنه أيضاً يرى المسيح القائم قبله غالب للموت لذلك يستهين بالموت مارمرقس كان يعلم أنه سيستشهد وكان يصلي بالشعب كان المفروض أنه يكون مهزوز خائف محتاج لمن يعزيه لكننا نجده يعزي الشعب لماذا ؟ لأنه يرى ربنا يسوع قد دخل الموت لذلك هو سار خلفه فعاش القيامة ولذلك أيضاً صار الإستشهاد أمر محبوب في الكنيسة حتى أن جميع الرسل إستشهدوا ما عدا القديس يوحنا الحبيب لأن القيامة عملت عمل عجيب في حياتهم فجعلتهم أبناء نور وبالتالي لم يستطع الموت أن يؤثر عليهم لذلك كان التهديد بالموت غير مؤثر فيهم والسيف والموت ضعيف لأن الموت صار مهزوم حتى أنهم تمنوا الموت فتجده يقف أمامه في صبر فصار الشهيد أقوى من سيف الجندي هذا أمر نابع من فعل القيامة في قلبه يا لفرحة القيامة في الإنسان التي تجعله يفقد معنى الخوف والقلق والألم وبعده الموت الذي يجعل الإنسان مسلوب الإرادة يعيش في خوف وقلق وألم من الموت هو أنه لم يعش القيامة لكن ربنا يسوع غلب الألم والقلق والموت وبالتالي صار الموت عدو غير مخيف عدو مهزوم لنرى القديسة الشهيدة دميانة ولنرى أطفال تحدوا الموت مثل الشهيد أبانوب الشهيدات بيستيس وهلبيس وأغابي اللاتي كانت أعمارهن 9 ، 11 ، 12 سنة أطفال لكن لم يجذبهم العالم لأنه مات داخلهم وبالتالي لم ينتظروه لذلك غلبوا شهواتهم والخطية وبالتالي غلبوا الموت الإنسان الغالب نفسه يغلب الموت لذلك عندما مَلَكَ الملك قسطنطين وأعلن أن المسيحية هي ديانة الدولة الرسمية وأخرج المسيحيين من السجون لأن قبله كان في عصر دقلديانوس المنشور الذي كتبه دقلديانوس وكان هذا المنشور يحوي أمور صعبة جداً منها هدم جميع الكنائس وحرقها حرق الكتب المسيحية طرد جميع المسيحيين العاملين بالدولة جعل المسيحيين عبيد جاء الملك قسطنطين ولغى هذا المنشور وجعل المسيحية هي الديانة الرسمية للدولة وأعاد الذين في السجون للحرية لكنهم كانوا قد أحبوا الإستشهاد وانتظروا الملك الذي بعد قسطنطين لعل فرصة الإستشهاد تعود لكن تولى المُلك أولاده وبالتالي لم تأتي فرصة الإستشهاد لذلك بدأت الرهبنة كنوع من الإستشهاد بدون دم يقدم حياة مصلوبة يقدم شهوة مصلوبة يقدم محبة كل يوم يقدم حياته ذبيحة لله وبذلك صار الإستشهاد هل رفضك لإغراءات العالم وشهواته لا يعتبر إستشهاد أليس رفضك ومحاربتك لحب المقتنيات ولشهوات العالم هو لون من الإستشهاد ؟ عندما تعيش لترضي إلهك في هذا العصر أليس هو لون من ألوان الإستشهاد ؟ لذلك ليتك تعيش بقلب شهيد ليتك تقدم حياتك ذبيحة حب لله لذلك كل فترة الكنيسة تبرز شهيد ليعلمك أن القيامة عندما تعمل في حياتك تغير جوهر إهتماماتك فلا تخاف الموت بل تنظر إلى فوق هذا هو جوهر الإستشهاد والذي أخذوه من القيامة العاملة في حياتهم ولترى بولس الرسول بطرس الرسول إستفانوس تجد من يعيش ليكرز ويفرح بالله ويهددوه بالموت إن لم يصمت لكنه لا يتراجع عن الشهادة للمسيح الذي أحبه وكما يقول الكتاب ﴿ عذبوا ولم يقبلوا النجاة ﴾( عب 11 : 35 ) النجاة أمامه والهرب أمامه ولم يقبل الشهيد البابا بطرس خاتم الشهداء عندما جاء ميعاد إستشهاده تجمع المسيحيون أمام باب السجن إحتجاج على إستشهاده فطلب من الجنود نقب حائط السجن الخلفي ليخرج منه لمكان إستشهاده دون أن يمنعه شعبه ما هذا ؟ إنسان عملت القيامة في حياته وقلبه فلم يرهب الموت نحن نعيش متمسكين بالحياة ونحبها هذا أمر جيد ومقبول لكن لابد أن تعلم أن حياتك هي من المسيح وللمسيح ولتقل ﴿ إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن ﴾ ( رو 14 : 8 ) لذلك لا تخف الموت هذه هي حياة الإستشهاد التي إمتدت في الكنيسة حتى الآن شهداء يقدمون أنفسهم على مذبح الشهادة للمسيح لأن القيامة عملت فيهم تجد أطفال يتحدون الموت رغم أن الطفولة قد يكون بها خوف أو كذب أو لكن ربنا يسوع غيَّر الكيان وكما يقول الكتاب ﴿ جزنا في النار والماء ﴾ ( مز 66 : 12) عذابات مخيفة ومختلفة والموت أمامهم لكنهم يرون بعد الموت قيامة يرون سيف مفزع مخيف وإكليل فيختارون الإكليل ويُهزم السيف هذا هو جوهر الإستشهاد أنه ينظر إلى ما بعد الموت وكما يقول الكتاب ﴿ لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ﴾ ( لو 12 : 4 ) وبالفعل لم يخافوا لأن القيامة زرعت فيهم قلب جديد وغلبة على أنفسهم وسلطان على الموت والخوف لذلك لم يخافوا الموت القديس مارمرقس دخل دولة بمفرده وغيَّرها هذا هو جبروت خلاص يمين الله غيَّر عبادة دولة نحن نرى أنه لو ألف شخص وسط مجتمع يقولون عن أنفسهم أنهم أقلية لكن مارمرقس جاء بقوة القيامة في داخله وبشر مجتمع وثني أناس بهم خرافات غريبة ويسيطر عليهم أرواح شياطين بإسلوب مفزع ورغم ذلك كرز بقوة دون خوف ويقول لأني أنتظر الإستشهاد ومادمت أعلم إني سأموت شهيد فلن أخاف ونرى أسلوبه ومنهجه في حياته منهج شهيد ولم يخاف الموت لذلك كان الإستشهاد ثمرة طبيعية لهذا المنهج في الحياة يُهدد ويُعذب ولا يتأثر وباركت دمائه الأرض والمدينة مدينة الأسكندرية تقدست بدماء مارمرقس وارتوت أرضها وعندما نسير في شوارعها نتذكر دمائه المقدسة التي حفظت نفوس مؤمني مصر كلها أناس عاشوا التاريخ وغلبوه عاشوا الزمن وغلبوه عاشوا الألم وارتفعوا فوقه وكما يقول معلمنا ماربولس الرسول ﴿ لأننا نحن الأحياء نسلم دائماً للموت من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت ﴾ ( 2كو 4 : 11) في النهاية أعلنوا عجائب في أجسادهم ومعجزات صارت أجسادهم أجساد كارزة لم تكن أجساد ممزقة بل أجساد تحمل قوة القيامة لأنهم غلبوا الخوف والموت الله يعطينا أن نغلب الخطية لنحيا قيامة الجسد ونعيش بقلب شهيد غالب للموت ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
09 مايو 2025
“عين إيجابية للحياة”
المسيح قام بالحقيقة قام ، نحتفل كل عام بقيامة السيد المسيح وننظر الى أحداث القيامة لنتعلم منها لحياتنا على الارض،وعندما ننظر الى الاحداث فان كل منا له نظره مختلفة عن الاخر أنها العين التى تنظر العين ذلك العضو الصغير الذى خلقة الله فى وجه الأنسان ، خلق عينان لكى تكون نظرة الانسان متكاملة بلا نقص ، خلقها فى الوجه وليس فى الخلف لكى ينظر الى الأمام والمستقبل وليس الخلف أو الماضى ، خلقها متحركة لكى يكون للانسان منظور واسع فى الرؤية، ويتوقف أستخدام الانسان لهذا العضو الحى على قدرته و نظرته القيامة تمنح الانسان عين أيجابية للحياة فى ثلاثة أبعاد:
1- نظرة واقعية :-
منذ وجدت الإنسانية وجدت الكثير من العقبات والتحديات ، فهذة هى قوانين الحياة ، فليس غريبا أن نفقد أحد الاحباء ، أو أن ننتقل من مكان لمكان طلبا لرزق، أو أن نمرض، أو أن نحزن، وليس غريب أن يصادفنا عقبات خلال مسيرتنا في الحياة، وهنا يأتى دورنا فى أختيار النظر بأيجابية ، هذة النظرة التى تحض على التركيز فى نصف الكوب الممتلئ ، التى تلون يومك بألوان مبهجة والتى تلقى المزيد من الضوء البناء فى كافة المواقف الصعبة ، نجد معلمنا بولس الرسول فى رسالته الى أهل كولوسي (كولُوسِّي 2:8 )يقول “اُنْظُرُوا أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِٱلْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِلٍ، حَسَبَ تَقْلِيدِ ٱلنَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ ٱلْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ ٱلْمَسِيحِ” وهو يوجه النظر إلى أن مقياسنا هومقياس المسيح ، فى الفرح فى المحبة فى التسامح، فى النظر للامور المختلفة فى الحياة الكتاب المقدس يقول فرح التلاميذ أذ روا الرب (يوحنا20:20) وكان هذا بعد القيامة ، وقد فرحوا لا لانه قد طمأنهم على مستقبلهم أو حياتهم العمليه ، أو لانه سوف يعود فيعيش معهم على الأرض ، هو لم يكلم أندراوس على الرجوع للصيد والمكسب منه، ولم يكلم بطرس عن السعادة الزوجيه ومستقبل أولاده ولم يكلم التلاميذ عن مستقبل مادى لكنهم راؤه ففرحوا ، أنها الايجابية فى الحياة ورؤية الامور بأيجابية فى الحياة.
2- نظرة متكاملة :-
قد يعيش الانسان يومه وينظر الى عمله، دخله ، مستواه المعيشى، ويشعر بالقلق على أبناؤه ، و يفتقد اللحظة الحالية بجمالها، ويتمسك بالسلبية التي تجعله يبحر أكثر بالهموم والخوف ، وتبعده عن إيجاد الحلول ، فتجذب كل سلبي لحياته دون الشعور بخطورة ذلك، ولكن ان وضعت الله فى حياتك وبدأت بالامل، بالاجتهاد ، بالطموح من أجل الغد ، تجد الصعب يتحول الى نجاح ، فى وسط الضيق الشديد يظهر الله فى الوسط فتتغير الطرق ، مثلما ظهر للثلاثة فتية فى أتون النور فتغيرت حسابات الكل نجد النظرة المتكاملة فى الصليب ، فمن يرى الصلب والموت والالم يحزن، يشعر بكم من الضيق والالم ويعتبرها نهاية القصة ولكنها نهاية مؤلمة ، ولكن انتظر ثلاثة أيام وسيقوم المسيح من الاموات نحتاج فى حياتنا الى هذة النظرة ، فى الدراسة، فى العمل، فى مجمل الحياة ، حتى نقتنى نظرة متكامله مستقبلية . ومثال عملى لذلك : قد ينظر الناس الى العاصمة الادارية قائلين” كيف يتم صرف كل هذة الاموال على مجرد مبانى؟ كيف نحشد جهودنا فى صحراء ورمال ، مع أن الرؤية الواقعية و المتكامله هى أن العاصمة الادارية هى مستقبل مصر المشرق .
3- نظرة انسانية :-
خلال طريق الالام قابل السيد المسيح وهو فى طريقه يحمل صليبة فيرونيكا وهى فتاة كانت تبكى من شدة الحزن عليه واعطته منديل ليمسح الدم المتساقط من أكليل الشوك ، لوكنت واقفا فى هذا المشهد قد تستصغر عطيتها أو تستحقرها أمام هذا الالم المروع ، أما المسيح فقد طبع وجهه على المنديل، ليصير منديلها هو الوحيد فى العالم المطبوع عليه وجهه ، وبذلك رد لها رحمتها الكتاب المقدس يقول “لأَنِّي قُلْتُ: إِنَّ الرَّحْمَةَ إِلَى الدَّهْرِ تُبْنَى. السَّمَاوَاتُ تُثْبِتُ فِيهَا حَقَّكَ” (مز89:2) أن عالمنا اليوم يحتاج العين الانسانية ، بعد أن تقست قلوب البشر ، وضاعت الرحمة وسط عالم مملؤء بالكذب ، نحتاج أن نشعر بمن حولنا ونقدم يد المساعدة مهما كانت بسيطة وعلى مر العصور تتكرر نظرة ورؤية الانسان لنفسه ، فبنى الانسان برج بابل ظنا منه أنه بهذا البرج لن يستطيع الله محوه من الارض ، فلا يهلك مرتين ، وهى نظرة سلبيه غير حقيقية ، ثم يبنى أسوار حول مدينته ليحصن نفسه مثلما فعل شعب أريحا ، فتنهدم الأسوار بمجرد الالتفاف حولها سبع مرات ، ثم يذبح هيرودس اطفال بيت لحم لكى يحافظ على كرسية ولا ينجح ، … هكذا فكر الانسان وهكذا رأى حياته ونرى هذا جلياً من خلال شخصيات وأحداث الصليب والقيامة ، فنجد أمثلة لأفراد نظروا نظرات ايجابية وسلبية لنفس الحدث منها :
يهوذا الاسخريوطى ويوحنا الحبيب: هما تلميذان للسيد المسيح قضوا معه ثلاث سنوات فكانوا شهودا على أحداث حياته ومعجزاته وتعاليمه ، كانوا ملاصقين له ولكن كانت لديهم عيون مختلفة ، اذ رأه يوحنا الحبيب كسيد ومعلم ورب ، ترك كل شئ وتبعه ، علم أنه هو المسيا المنتظر وكانت متعته هى ان يسند رأسه على صدر معلمه ، أما يهوذا فنظر إلى معلمه كأنه كنز من المال ، كان مسؤول الصندوق ويقيم كل أنسان بحسب كم سيعطيه ، لذا كانت له نظره مادية للامور ، وفى يوم تسليم السيد المسيح لليهود ، قيم يهوذا سيده بثلاثين من الفضة أما يوحنا فذهب معه حتى داخل المحاكمات ولم يتركه والنتيجة ظهرت على الصليب اذ أَمن المسيح أمه عند يوحنا الحبيب، أما يهوذا فذهب وشنق نفسه .
اللصين الشمال واليمين : انهم لصوص أستحقوا ان يحكم عليهم بالموت على خشبه بحسب الشريعة اليهودية وصلب واحد عن يمين المسيح وأخر عن شماله .. لم يقابلوه من قبل ، لم يعيشوا معه أو يعرفوه ، أما عن نظراتهم فكانت مختلفه تماما ، اللص الشمال كان يسخر منه ويجدف عليه ووصل حتى انه لعنه و قال “وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلًا: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!»” (لو23: 39) أما اللص اليمين كانت له نظره أخرى ” فَأجَابَ الآخَرُ وَانْتَهَرَهُ قَائِلًا: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ، إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ».(لوقا 23: 40) نفس الموقف ونفس الاشخاص ونفس الاحداث ولكن لكل منهم نظرة خاصة ، وبحسب نظرته تأتى أفعله ، أحدهم تهكم لعن جدف ، أستصغر المسيح، أما الاخر فرأى نفسه مذنبا ، مصلوب عن أستحقاق، لكن بجانب رب وسيد الكون، لذا فتح فمه قائلا للمسيح : «اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ» أما النتيجه فكانت فى أجابة السيد المسيح على اللص اليمين اذ اجابه قائلا “ «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».(لوقا 23: 43) فكسب الدخول الى الفردوس لانه نظر وراى الحق أما الاخر فحوكم عن أستحقاق ونال العذاب الارضى والابدى .
بيلاطس الوالي وزوجته : توجه رؤساء الكهنه والكتبه بالمسيح الى بيلاطس ليشتكوا عليه وكانوا يحاولون الصاق كمية من التهم عليه “فوقف يسوع أمام الوالي فساله الوالي قائلا اانت ملك اليهود فقال له يسوع أنت تقول و بينما كان رؤساء الكهنة و الشيوخ يشتكون عليه لم يجب بشيء”( مت 27 :12) وسمع بيلاطس الشكوى وسمع كلام المسيح وكان يجب ان يتخذ القرار انه برئ او مذنب ، وهنا تدخلت زوجته مت 27 :19 “و إذ كان جالسا على كرسي الولاية ارسلت إليه امراته قائلة اياك و ذلك البار لأني تالمت اليوم كثيرا في حلم من اجله” هى تراه بار وبرئ ، واليهود يرونه مذنب ومجدف ،أما بيلاطس فلم يرى سوى كرسيه ، ولكى يستمر على كرسيه ولكى يكسب اليهود كان قراره “مت 27 :26 حينئذ اطلق لهم باراباس (اللص) و اما يسوع فجلده و اسلمه ليصلب”
توما الرسول ومريم المجدلية : بعد الصلب كان سبت وكانت عاده اليهود أن يستريحوا فيه ، وفى فجر الاحد أنطلقت النسوة حاملات الطيب ليكفن الجسد ولكنهم وجدوا القبر فارغا وظهر لهن ملاكان وقالا “لماذا تطلبن الحى بين الاموات؟” وحزنت مريم المجدلية “فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفًا، وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ.قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُهُ». كان موقف عظيم ، لم تكن تتوقع أنه قام وأن حزنها سيتحول الى فرح ، حينئذ ” قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي!» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ.” ومن مجرد ندائه لها أمنت أن معلمها ومسيحها قد قام ، أما توما فقد سمع من المريمات أن المسيح قد قام ثم عند عودة تلميذى عمواس سمع كيف ظهر لهم المسيح مفسرا وشارحا كيف ينبغى له أن يتألم ويصلب وفى اليوم الثالث يقوم ولكنه لم يؤمن اذ قال : «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ».( يوحنا 20: 25) “وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ (من القيامة )كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا دَاخِلًا وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!».ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا».28 أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وَإِلهِي!».(يوحنا 20: 26) نفس النداء على لسان مريم المجدليه وتوما الرسول لكن مريم أمنت من مجرد سماع أسمها أما توما فلم يؤمن الا بعد أن وضع يده فى أثر الحربة والمسمار جميعنا لنا هذة النظرة منا من ينظر بأيجابية أو بسلبية ، ومنا من ينظر نظرة متكاملة أو ناقصة ، ومنا من يحول كل السلبيات الى ايجابيات أما السيد المسيح بالقيامة أشرق علينا بنوره وحول ظلمتنا الى نور وحول عيوننا من الارض إلى السماء ، وحول قلوبنا من أشتهاء الارضيات إلى أشتهاء السماويات ، وأصبح لنا النظرة الايجابية المتكاملة ، وليست نظرة الخوف أو القلق أو السلبية اننا نعيش أفراح القيامة ونطلب من الله أن يعطينا عين أيجابية للحياة.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
08 مايو 2025
بدعة مرقس إبن قنبر والإعتراض على البخور
بدأت أحداث مرقس ابن قنبر مع البابا يوحنا البطريرك 72 حينما أعترض البعض على إستعمال البخور فى الكنائس بإحراق اللبان فى المبخرة، وقالوا أن البخور لم يكن يستعمل فى الكنيسة فى الثلاثة أجيال الأولى فى العصر المسيحى إنما كان عادة وثنية وأستعمله المسيحيين فى القرن الرابع لأنه يطرد الأرواح الكريهه نتيجه لضبق الكنائس وإزدحامها، كما أن هناك آية من العهد القديم قالها داود النبى هى: فلتصعد صلاتى كالبخور قدامك يارب.. إذا الصلاة وليست البخور ولم تكن الأجيال الأولى تعلق اهمية كبيرة على البخور ولكن بدءاً من الجيل السادس صار الأقباط يقدسونه ويباركونه، وبتكرار طواف الكاهن أعتقد الناس ان البخور ملازم للصلاة وأنه يحمل إعترافهم إلى عرش الرب، وزاد الإعتقاد فى البخور فى القرن الثانى عشر ووصل الأمر أن العامة كانوا يستغنون عن الإعتراف أمام الكاهن ويحرقون اللبان (البخور) فى منازلهم ويجثون أمام المبخرة ويتوسل توسلات شديدة معترفاً بخطاياه بخشوع وتقوى وهو يعتقد أن البخور سيحمل توبته إلى السماء ويستنزل رحمه الرب إليه، وجرت العادة أن البخور أعتبره الناس حاملاً للأعتراف ووسيلة لجلب الغفران
كتب أبى صالح الأرمنى ألأحداث التى حدثت مع مرقص بن قنبر بإسهاب شيق ص 30 – 43
وهذا ملخص لتاريخه
كان مرقص أبن قنبر كاهنا بالصعيد رسمه أسقف دمياط وكان خطيباً فصيحاً مؤثراً فيخلب الألباب بقوة بيان حجته وكان يحث الشعب على وجوب الإعتراف السرى ونوال الحل من الكاهن ولكنه جاهر بأنه لا مقدرة للبخور على العتق من الخطايا، وتقول بتشر ا. ل. بتشر كتاب تاريخ الامه القبطيه وكنيستها تاليف ا0ل0بتشر تعريب اسكندر تادرس طبعة 1900 ج3 ص 99: " ولما كان الإعتراف لدى المبخرة جائز بأمر بطريركى كان جهاد بن قنبر عبثاً، فضلاً عن كونه أثار سخط الأساقفة والعلماء فإتحدوا عليه وطلبوا إلى البطريرك أن يحرمه.. فتمهل البابا يوحنا الخامس فى حرمه لأنه لم يراه مخطئاً وإنما أوقع عليه تأديباً بصفته سئ الأخلاق " وذلك لأنه بلغ البطريرك أن مرقص أبن قنبر ترك زوجته وهجرها وأنتظم فى سلك الرهبنة ربما لكونه طمع فى الحصول على درجة الأسقفية نتيجه لخطبه ومكانته بين الناس وشهرته، وفكر فى أن زوجته ستكون حجر عثرة فلما علم البابا أيقن بصحة الشكاوى المقدمة ضده فحرمه وقطعه من شركة الكنيسة ولكن بن قنبر لم يكترس بهذا الحرم وواصل التعليم والوعظ والتبشير بمعتقده فإلتف حوله جمع كثير لدرجه أنهم خافوا من وقوع إنشقاق فى الكنيسة ولم تكن عاده الإعتراف أمام المباخر هى التى كان يقومها ابن قنبر ولكنه قاوم عادة الختان التى كانت جارية بين القباط بدعوى أنها من بقايا تقاليد اليهود، وأنتهت هذه المرحلة من حباته أن ابن قنبر صار له وقار كبير لدى اهل الصعيد وتناقلت الألسنه أسمه فأصبح مشهوراً ومات البابا يوحنا فى هذه الظروف الحرجة وجلس مكانه البابا مرقص أبن زرعة فكتب إليه اساقفة الصعيد بشأن مرقص بن قنبر بأنه ما زال عاكفاً على عقد الإجتماعات وتحريض الشعب على وجوب التيقظ الدينى ورفض الخرافات التى دخلته، فإستدعاه البابا ولامه ووبخه على ذلك السلوك وبين له خطئه فتأثر من نصائحه وسجد له ووعده بالكف عن ذلك، فحله البابا من حرم البابا السابق، وأعاده إلى وظيفه الكهنوت ولكنه لما رجع إلى مكانه ووظيفته الكهنوتية إزداد إقبال الناس فلم يكن المعارضين فقط ولكن من داخل الكنيسة وأبتهجوا برجوعه وأظهروا ولائهم له وتعضيدهم، فوقع ابن قنبر بين نارين إما أن ينقاد لمشورة البابا ويخسر تهليل الناس له ومكانته بينهم أو يبشر بإعتقاده ويخالف طاعته وعهده مع البابا بعدم إثارة الناس فيخسر مكانته ووظيفته فى الكنيسة، فرجحت كفة ذاته عن طاعته فإستمر كالعادة فاقبلت إليه الجماهير تحمل الهدايا والمحاصيل والنقود، وكفوا عن تقديم العشور والتقدمات لخدمات للكنائس ومعيشة الخدام فلما رأى البابا ما كان خاف من إستفحال الأمر فعقد مجمعاً مؤلفاً من 60 اسقفاً وأقر الجميع حرمه، فحرم وجرد من رتبه الكهنوت ولجأ مرقص ابن قنبر إلى الحكومة الإسلامية كما كان يفعله كل خارج عن النظام الكنسى وقال انه لم يعظ بشئ ضد القوانين الكنسية وطلب النظر فى دعواه بحضور الحكام المسلمين، فكانت فرصة من الحكام المسلمين للتدخل وإشباع فضولهم بسماع الخلافات المسيحية، ولكن البابا مرقس ابن زرعه والأساقفة رفضوا تدخل الحكومة الإسلامية رفضاً باتاً بدعوى أن تلك المسألة دينية محضة ولكن رضى البابا مرقص بن زرعه بتحكيم ميخائيل بطريرك انطاكية فقام البطريرك الأنطاكى بفحص الخلاف وأصدر رايه بأن يقلل البطريرك من أهميه افعتراف السمعى، وأن لا يلجأ مرقص أبن قنبر إلى التهويل والمبالغه فى خطبه فكانت هذه القرارات مؤشراً بفتور العلاقة قليلاً بين بطريركية مصر وانطاكية أما مرقص بن قنبر لما رأى أن بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية لم ينصفه لم ينتظر أن يأتيه الحكم بالقطع والحرم من الكنيسة ولكنه أتخذ خطوه اخرى ضد الكنيسة وهى أنه ذهب مع عدد غفير من أتباعه وأنضم إلى الكنيسة الملكية اليونانية التى لم تكن لها قوة نافذه فى مصر كما كانوا قله عددية، وكان بطاركة الكنيسة الملكية يقضون معظم عمرهم فى القسطنطينية ورجع ابن قنبر إلى نفسه وندم على فعلته وعاد يتوسل إلى البابا مرقس ابن زرعه فقبله فى حضن الكنيسة مرة أخرى وحله من الحرم الذى أوقعه عليه ولكنه عندما رجع أنفض من حوله الكثيرين بعضهم كانوا مع الكنيسة اليونانية وحتى الذى رجع منهم إلى الكنيسة القبطية لم يعد يبجله لتردده وعرف الجميع ان عدم إخلاصه لكنيسته فى حد ذاته ليس من الإيمان، فسقطت صورة البطوله فى عين الأقباط، ورغم أنه مصلح إلا أنه لم يتمسك بمعتقده ولم يصبر مرقص أبن قنبر على هذه النكسة الأدبية فرجع مرة اخرى إلى الكنيسة الملكية اليونانية وعاد ليرفع راية العصيان ولكنه لم يلبث طويلاً حتى تاب ورجع وذهب نادماً مرة اخرى إلى البطريرك مرقس ابن زرعه فلم يقبله فى هذه المره لأنه ترك الكنيسة ثلاث مرات فوقع المسكين فى ظلمة دامسة ويأس عظيم
المزيد
07 مايو 2025
حَيـــَـــاة السَّـــلام الدَائــِــم
أولاد الله يعيشون دائمًا في سلام، مطمئنين إلى عمل الله معهم، مهما كانت الظروف المحيطة بهم.بل يقول الكتاب إنه «سلام يفوق كل عقل». ليس هو سلامًا عالميًا أو نفسيًا، أو سلامًا مخادعًا، ولا هو تخدير للأعصاب، إنما هو سلام من الروح القدس.هذا السلام هو ثمر من ثمار الروح القدس (غل5: 22).الذي يسكن الروح القدس في قلبه، يعيش في سلام..ليس هو سلامًا ناتجًا من اعتداد بالذات، أو بالنفس، أو بقوة الشخصية، إنما هو سلام داخلي من الروح القدس.لما تجسد رب المجد غنّت الملائكة «.. وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة»، مُبشِّرة بالسلام والفرح. وقبل صعود الرب قال لتلاميذه: «سلامي أترك لكم، سلامي أنا أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا، لا تضطرب قلوبكم ولا تجزع».ما كان أولاد الله يضطربون إطلاقـــًـا، بل كان أعداؤهم يضطربون حينما يرونهم في سلام، على الرغم من كل متاعبهم.وأكثر عبارة يكررها الكاهن في الكنيسة هي "السلام لجميعكم" لأن الكنيسة تريد أن تزود أولادها بالسلام في كل وقت.ولما أرسل المسيح تلاميذه السبعين، قال لهم: «وأي بيت دخلتموه فقولوا سلام لهذا البيت. فإن كان ابنًا للسلام، يحل سلامكم عليه». من هنا حينما يتقابل الناس، يبدأون بعبارة السلام.هذا السلام، إذا فقده الناس، يتعبون روحيًا ونفسيًا وجسديًا.. ويقعون في الخوف والاضطراب والانزعاج والقلق والشك، وفي أمراض عصبية وجسدية كثيرة.ولهذا تريدنا الكنيسة أن نمتلئ بالسلام الداخلي، ونعيش في فرح تملك علينا البشاشة «افرحوا في الرب كل حين».الشهداء في السجون، كانوا يرتلون ويغنون. بولس الرسول كان يسبّح الله، ورجلاه في المقطرة، في السجن الداخلي. بطرس وهو مسجون، كان نائمًا إلى أعماقه، في سلام كامل.. السلام الذي لم يفارق الشهداء، حتى وهم ذاهبون إلى الموت، وحتى في أماكن آلات التعذيب الرهيبة.كذلك في البرية، وسط الوحوش والدبيب وحروب الشياطين، كان القديسون يعيشون في سلام وفرح. قال القديس أثناسيوس الرسولي عن الأنبا أنطونيوس "مَن كان مضطربًا أو مُرّ النفس، ويرى وجه الأنبا أنطونيوس، إلا ويمتلئ بالسلام"!الممتلئون بالسلام تجدهم دائمًا أشخاصًا مريحين، يريحون الآخرين. إن جاءهم شخص متعب، يخرج وهو مبتهج القلب، وقد ملأ السلام قلبه، دون أن يتملقوه أو يخدعوه، قد يتبكت على على خطيته، ومع ذلك يمتلئ بالسلام.سلام لأنه عرف نفسه، وسلام في الله المحب الذي يغفر.ما أجمل أن يعيش الإنسان في سلام، وسط المتاعب..كان داود يطارده شاول الملك، ومع ذلك كان سعيدًا بمزماره، يغني للرب أغنية جديدة، في وسط متاعبه وآلامه.شاول الملك يحاول قتله، وهو يغني للرب، دون أن يفقد سلامه، إنه يقول عن أعدائه «أحاطوا بي مثل النحل حول الشهد والتهبوا كنار في شوك». فهل فقدت بذلك سلامك؟ يجيب داود: كلّا! «دُفِعت لأسقط، والرب عضدني... قوتي وتسبحتي هو الرب، وقد صار لي خلاصًا»، إنها خبرة السلام التي جعلته يقول: «يسقط عن يسارك ألوف، وعن يمينك ربوات. وأما أنت فلا يقتربون إليك، بل يعينك تتأمل، ومجازاة الخطاة تبصر». إن داود لا ينظر إلى الأخطار، إنما إلى الله. وفي سلسلة اختباراته يقول «نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ انكسر ونحن نجونا»، «لولا أن الرب كان معنا، حيث قام الناس علينا، لابتلعونا ونحن أحياء».إن ذكر اسم الرب في وسط الضيق، يمنح سلامًا «اسم الرب برج حصين، يركض إليه الصديق، ويتمنّع» (أم18: 10). لا جليات الجبار يفقده سلامه، ولا شاول الذي يطارده بالموت.أولاد الله في حياة السلام، لا يعرفون خوفـــًـا على الإطلاق. «إن سرت في وادي ظل الموت، لا أخاف».. لماذا؟ لأن «الساكن في ستر العلي، في ظل القدير يبيت»، ينجيه الرب من سهم الصياد، ومن أمر يسلك في الظلمة. لا تضربه الشمس بالنهار، ولا القمر بالليل.. يحيا في الحفظ الإلهي.القلب المملوء سلامًا، يقول في كل ضيقة، "كله للخير".أما الفاقد السلام فيتخيل متاعب، حيث لا توجد متاعب..هناك قوة تحيط به، ومشكلته الكبرى أنه لا يراها.جيحزي رأى جيوش الأعداء فقط، تحيط بالمدينة، ففقد سلامه. أمّا أليشع فكان يرى القوة الإلهية تدافع عن المدينة، فقال عبارته الخالدة: «إن الذين معنا، أكثر من الذين علينا». وهكذا امتلأ سلامًا. وطلب من الرب أن يفتح عينى الغلام جيحزي، ليرى فيطمئن.إن كنت ترى فقط الذين عليك، دون أن ترى الذين معك وجند الرب المدافعة عنك، حينئذ تفقد سلامك. آمن أن الله معك، وأنه لا يتركك، فتمتلئ سلامًا.إن الذي يفقد إيمانه، يفقد سلامه، والمؤمن يعيش في سلام بإيمانه أن الله موجود: وأنه يعمل، وأنه "يحكم للمظلومين" وأن الرب يحفظ الأطفال، وأنه ضابط للكل، يرى كل شيء، ويدبر كل شيء.آمن أن حياتك في يد الله، تمتلئ سلامًا، أما إن شعرت أن حياتك في أيدى الناس، فحينئذ ستفقد سلامك.إن الله وحده هو الذي يملك حياتنا ومصائرنا، هو الذي بيده مفاتيح الموت والحياة. هو الذي يفتح ولا أحد يغلق، ويغلق ولا أحد يفتح. أما الناس فلا يملكون شيئـــًـا.نحن إن عشنا، فللرب نعيش، وإن متنا فللرب نموت، إن عشنا أو متنا، فللرب نحن. لا سلطان للناس علينا.إبراهيم أبو الآباء، لم يفقد سلامه حينما أمره الرب بتقديم ابنه وحيده إسحق محرقة للرب، ولا إسحق فقد سلامه. إن أولاد الله لا يفقدون سلامهم. حتى إن وُضِع إسحق فوق الحطب، وارتفعت فوق رأسه السكين، مادام الله يمسك باليد التي تمسك السكين. حينئذ نطمئن ولا نفقد سلامنا.. لابد أن الله سيقول «لا تمس الغلام، ولا تصنع به شرًا».أهل العالم عندما يرون سلام أولاد الله، يقولون: هؤلاء الناس فيهم سر. يُعجبون من سلامهم، ولا يدركون أن مصدره هو الروح المعزي، مصدر كل عزاء.المهم، لكى نحتفظ بسلامنا، أن تكون قلوبنا بلا لوم أمام الله. لأنه «لا سلام، قال الرب للأشرار».إن اهتزت علاقتك بالله، تفقد سلامك. إن سيطرت عليك الرغبات والشهوات، تفقد سلامك أيضًا، وتظل عبدًا للرغبة، متى تتحقق؟ وكيف؟ وتتعب بالرغبة والانتظار، وتحتك بالناس بسبب اصطدام مصلحتك بمصالحهم، وقد صدق القديس الذي قال: "ازهد في ما في أيدي الناس، يحبك الناس".لكي تعيش في السلام. لا تحمل هموم الغد.. لا تقل ماذا يحدث في الغد؟ إن الغد له إله، هو يهتم به «لا تهتموا بما للغد. فالغد يهتم بما لنفسه». إن أردت أن تعيش في سلام، لا تحمل همومك، إنما ألقها على الله الذي قال «تعالوا إلىّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم».حياتك إن وضعتها في يدك ستتعب، وإن وضعتها في أيدي الناس ستتعب. وإن وضعتها في يد الله فإنك تستريح.لا تقف وحدك، بعيدًا عن الله. لا تحاول أن تحل مشاكلك بنفسك، ناسيًا أن الله هو الذي يحل المشاكل.. قل له أنا يا رب تعبت الليل كله ولم أصطد شيئـــًـا. أو قل له كما قال القديس أوغسطينوس: "ستظل قلوبنا مضطربة إلى أن تجد راحتها فيك".إنك لا يمكن أن تجد سلامك، إلا إذا عرفت الله، ومشيت معه، وألقيت عليه كل همومك، ولم تفكر في الغد، ولا في المتاعب، وإنما حصرت فكرك في الله.إن أولاد الله لا يقلقون أبدًا. القلق كلمة لا توجد مطلقــًـا في قاموسهم الروحي. لا يعرفونه، ولم يختبروه.. ولا في أحلك اللحظات، ولا في أتعب الأمور.. إنهم يعيشون حياة الفرح الدائم، وحياة السلام الدائم، اليوم وغدًا، وبعد غد، وإلى أبد الآبدين آمين.
مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث
المزيد