المقالات
03 مارس 2025
في الصوم: "لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً"
ونحن على أبواب الصوم الكبير، لابد أن نستعد للعمل الروحي الجاد وبداية هذا الاستعداد أن نتمنطق بمنطقة روحية لقد كان إيليا النبيّ متمنطقًا بمنطقة (2مل1: 8) وكان يوحنا المعمدان يلبس «مِنْطَقَةً مِنْ جِلْدٍ عَلَى حَقَوَيْهِ» (مر1: 6). وقد أوصي السيد المسيح الرسل قائلًا «لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً» (لو12: 35) كما كانت المنطقة أحد أجزء ملابس الكاهن في العهد القديم (خر28: 4) ومن ملابس الأب الأسقف في العهد الجديد "الحياصة"، وهى حزام عريض من الكتان أو الحرير يتمنطق بها رئيس الكهنة فوق صدره وتُسمى باليونانية ζωναρίο ، ويُضم طرفاها بواسطة قفل من الأمام ترمز المنطقة إلى:
1- حياة الجهاد والاستعداد: يلبس العبد منطقة تساعده على سرعة الحركة في خدمته لسيده وضيوفه (لو17: 8) كما كان الجندي الرومانيّ يشد وسطه بمنطقة جلدية على حقويه، مُثبتًا عليها صفائح فولاذية أو حديدية هذه المنطقة يشدها الجندي كأول استعداد له للدخول في المعركة، فهي من جهة تعطي شيئًا من الصلابة لظهره، كما تساعده على سرعة الحركة فلا تعوقه ملابسه، وأيضًا تحمي بعض أجزاء جسمه وهنا إشارة لاستعدادنا للجهاد الروحي «إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللَّهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ» (2كو10: 4) لقد أوصى الرب بني إسرائيل عند أكل خروف الفصح «هَكَذَا تَأْكُلُونَهُ: أحْقَاؤُكُمْ مَشْدُودَةٌ» (خر12: 11)، أي يكونوا مستعدِّين للمسيرة الَّتي تقودهم إلى أرض الميعاد؛ كذلك نحن أيضًا نأكل الفصح الَّذي هو المسيح متمنطقين روحيًا، حتَّى نكون على استعداد دائم.
2 - القوة: «اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ لَبِسَ الْجَلاَلَ لَبِسَ الرَّبُّ الْقُدْرَةَ اتَّزَرَ بِهَا» (مز93: 1)، قد لبس رب المجد منطقة: ملكًا روحيًا يتمنطق بالبر والأمانة علامة غناه وجماله، وجاء كخادم يتمنطق لكي يغسل أقدام البشر فقد «خَلَعَ ثِيَابَهُ وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا» (يو13: 4)؛ حتى يُطهّر كل من يقبل إليه كما أن المنطقة غير المشدودة علامة الضعف والهوان «يُلْقِي هَوَانًا عَلَى الشُّرَفَاءِ وَيُرْخِي مِنْطَقَةَ الأَشِدَّاءِ» (أي12: 21)، أي يُضعف الأقوياء المتكلين على ذواتهم والصوم فرصة لتقوية الروح والإرادة.
3 - ضبط الشهوة: يتمنطق الراهب بمنطقة عبارة عن حزام جلدي مضفور بالصلبان، على الأحقاء، يشير إلى ضبط الشهوة أو إلى العفة وصناعة المنطقة من جلد ميت يشير إلى أن الإنسان يمارس إماتة هذه الأعضاء التي تضم بذار الشهوة، مطبِّقًا بذلك وصية بولس الرسول: «فأميتوا أعضاءكم التي علي الأرض الزنا النجاسة الهوى الشهوة الرديَّة» (كو3: 5).
4 - المنطقة تشير لالتصاقنا بالمسيح: يقول معلمنا بولس الرسول: «مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ». السيد المسيح هو الحق (يو14: 6)، يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: "إن حصنّا أنفسنا بذلك، إن منطقنا أحقاءنا بالحق، لا يقدر أحد أن يغلبنا من يطلب تعليم الحق لن يسقط على الأرض" (عظة 92 على إنجيل لوقا) والإنسان المتحد بالمسيح متمنطق بالبر والحق «وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَةَ مَتْنَيْهِ وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقَوَيْهِ» (إش11: 5) في الصوم دعوة للالتصاق بالرب كما تلتصق المنطقة بحقوي الإنسان، لأنه لو لم تلتصق المنطقة بقوة على الحقويين لا فائدة منها «لأَنَّهُ كَمَا تَلْتَصِقُ الْمِنْطَقَةُ بِحَقَوَيِ الإِنْسَانِ هَكَذَا أَلْصَقْتُ بِنَفْسِي كُلَّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَكُلَّ بَيْتِ يَهُوذَا» (إر13: 11). أحبائي كوصية الرب: «اذْهَبْ وَاشْتَرِ لِنَفْسِكَ مِنْطَقَةً مِنْ كَتَّانٍ وَضَعْهَا عَلَى حَقَوَيْكَ» (إر13: 1)، تنمنطق بقوة الروح، بالبر، بالحق محاربين ضد شهوات الجسد.
القمص بنيامين المحرقي
المزيد
02 مارس 2025
انجيل قداس يوم الأحد الأول من الصوم الكبير
تتضمن الحث على إخفاء الفضائل وسترها مرتبة على قوله تعالى بفصل الانجيل " لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون. ولا لأجسادكم بما تلبسون "( مت ٦ : ١٩-٣٣ ) إذا كنا قد علمنا أن ربنا هو الخالق لذواتنا. والمهتم بقوام حياتنا، فما بالنا لا نرفع حاجاتنا اليه ونتكل عليه في تحصيل ضرورياتنا ونجتهد في اقتناء الفضائل واجتناب الرذائل ؟
وإذا كان الله تعالى يهتم بالمخلوقات لأجلنا هكذا،ويضرب لنا الامثال بفراخ الغربان وزهر النبات وأمثال ذلك من المخلوقات الحقيرة، فكيف يكون اهتمامه بنا ويا للعجب من كونه يحثنا دائما على تحصيل سعادة الأبد ويعد لنا ذخائر الملكوت ويوضح لنا المطالب السامية ويظهر لنا الكنوز الدائمة ونحن هكذا لا نزال متكاسلين متهاونين واذا كان الذين يقصدون استخراج الذهب من المعادن إذا ظهر لهم عرق دقيق من التبر أو من الفضة يحفرون عليه بإجتهاد ويطلبونه حيثما كان غائصا وأينما ذهب ويبحثون عنه حتى الأعماق ليحصلوا على الثروة بواسطته ويتنعموا بذلك ويترفهوا والنعم التي لا نهاية لها أن نبحث عن كنوزنا ونسارع إلى طلب خلاصنا ونجتهد في الوصول إلى جواهر الفضيلة ؟
وإذا كان الذين غناهم زمنى زائل وأحيانا كثيرة يجلب عليهم الأخطار والإضرار كخطف اللصوص وقطع الطرق وهم مع ذلك يجتهدون في طلبه هكذا فكيف لا تتشبهون بهم فى تحصيل الفضيلة بل وتزيدون عليهم ؟
ويا للعجب من كون أولئك إذا ظفروا بمطلوباتهم وحصلوا كنوزهم يجتهدون في حفظها ويبالغون فى صيانتها ولاسيما إذا شعروا بالذين يريدون انتزاعها ويحاولون خطفها منهم فإنهم يبادرون إلى حفظها وضبطها وإخفائها عن أعين السارقين فبعضهم يضعها في الخزائن الحريزة. وبعضهم يجعلها في مخابئ الأرض ويحتالون على حراستها وسترها على نظر اللصوص بوسائل مختلفة فما بالنا نحن لا نعتنى كذلك بكنوزنا ولا نحذر أغتيال أعدائنا فإذا جمعنا ثروة الفضيلة يجب أن لا ندعها ظاهرة لأعين الناظرين بل نودعها في خزائن الفكر ونغلق عليها أبواب الضمير ونوكل العقل بحراستها ونتيقظ لحفظها ساهرين عليها وكما أن التجار الذين في البلاد الغريبة إذا عزموا على العودة لبلادهم يجتهدون في تحصيل زاد السفر والهدايا الحسنة إلى اهلهم ويشحون على أنفسهم في النفقات لتوفير أموالهم لكى يقبلوا إلى أهلهم بالأموال والهدايا وبعد ذلك يستريحون ويستقرون في منازلهم كذلك يجب علينا أن نصنع في غربتنا في هذه الدنيا فنجتهد في حفظ ذخائرنا ونتجهز بزاد السفر ومهماته. لكى نصل إلى وطننا الحقيقي سالمين رابحين ونفرح بنوال ملكوت ربنا الذى له المجد إلى الأبد آمين
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
01 مارس 2025
التعفف
بِنِعمِة رَبِّنَا أحِب أنْ أتكَلَّم معكُمْ اليوم عَنْ ثمرة مِنْ أهم ثِمار الرُّوح القُدُس لَنَا وَبِخَاصة الشَباب ألاَ وَهيَ التَّعفُّف كيف يعِيش الإِنسان فِي عِفَّة ؟ مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول يُجِيب فِي رِسالته لأِهل تَسَالُونِيكِي بِـ [ أنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أنْ يقتنِي إِنَاءَهُ بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ ] ( 1تس 4 : 4 ) " إِنَاءه أي جَسَده " العِفَّة تجعل الإِنسان وَهُوَ يحيا فِي الجسد وَنِير الجسد يِغلِب الجسد يَقُول الآباء القِدِيسِين[ مَنْ غَلَبَ جَسَده غَلَبَ طبعه ، وَمَنْ غَلَبَ طبعه صَارَ كَالمَلاَئِكة ][ العِفَّة تجعل الإِنسان يقترِب إِلَى الخلائِق الغِير جَسَدِيَّة ] العِفَّة صِفة مَلاَئِكِيَّة عَطِيَّة سَمَاوِيَّة نِعمة مِنْ الله مذاقة لِحَياة الإِنتِصار سمو لِلرُّوح غلبة عَلَى الجسد وَمِنْ هُنَا نستطِيع أنْ نقُول أنَّهُ لَيْسَ هُناك مَا يُوَازِيها أحببت أنْ أُحَدِّثكُمْ عَنْ العِفَّة لأِنَّها مُحَصِّلة لِفَضَائِل كَثِيرة جِدّاً جِدّاً بَلْ هِيَ تاج لِهذِهِ الفضائِل لِدَرَجِة أنَّ القِدِيس غِرِيغُوريُوس أُسقُف نِيصُص يَقُول [ أنَّ العِفَّة تسمو عَلَى جَمِيع الفضائِل ] فهي ليست أمراً يخُص شيئاً وَاحِداً بَلْ هِيَ مُحَصِّلة لِلعَدِيد مِنْ الأُمور مِثْل المجموع الأخِير لِدَرَجات المواد الدِراسِيَّة الَّذِي يشمل درجات الرِيَاضِيات وَالعلُوم وَكُلَّ المواد لِذلِك فَالطَالِب الَّذِي يرسب فِي المجموع الأخِير بِفَارِق أربع أوْ خمس دَرَجات وَيَقُول لَكِنِّي لَمْ أرسب فِي أي مادة مِنْ المواد !! نقُول لَهُ أنتَ مُقَصِّر فِي جَمِيع المواد فَعِندما تنجح بِالكاد فِي كُلَّ مادة وَلاَ تحصُل حَتَّى عَلَى نِصف دَرَجاتها سَتَجِد نَفْسك فِي النِهاية قَدْ رسبت فِي شِئ وَاحِد ألاَ وَهُوَ المجموع النِهائِي هكَذَا العِفَّة تشمل أموراً عَدِيدة جِدّاً تشمل فِكر الإِنسان وَحَوَاسه وَعينيهِ تشمل الذَّات وَحُب الذَّات وَتَعَلُّق الإِنسان بِالأرضِيات وَنظرِته لِلآخر وَمدى تقدِيسه لِلغَرِيزة وَنظرِته لَجَسَده وَنظرِته لِلجِنس الآخر تشمل إِرَادته وَمدى سُلطانها وَمدى مَحَبِّته لِلقَدَاسة وَمَحَبِّته لِلصَلاَة وَمدى تَمَسُّكه بِإِنتِظامه فِي قانُونه الرُّوحِي لِذلِك لَمَنْ يشكو مِنْ حرُوب الجسد وَحرُوب الشَّهوة أوْ أنَّ لَهُ خَطَايا شَبَابِيَّة أوْ أنَّهُ يشعُر بِالإِنهِيار الكَامِل أمام الشَّهوة أوْ أنَّهُ يفقِد طَهَارته وَأنَّ هذِهِ الخَطِيَّة الوَحِيدة الَّتِي تُقلِقه وَيَتَمَنىَ أنْ يكُف عَنْهَا هِيَّ بِالذَّات نَقُول أنَّهَا ليست خَطِيَّة وَاحِدة إِنَّهَا مُحَصِلة لأِشياء كَثِيرة جِدّاً أكِيد عيناك غِير مُقَدَسة وَلاَ تُحَافِظ عَلَى أفكارك وَإِرادتك إِرادة غِير مُقَدَسة وَأصحابك لَيْسُوا عَلَى قدر مِنْ الخُلُق وَأكِيد مُهمِل فِي صَلَوَاتك وَلاَ تقرأ فِي الكِتاب المُقدَّس وَلَيْست لَكَ قِرَاءات رُوحِيَّة وَأكِيد وَأكِيد أشياء كَثِيرة جِدّاً لَكِنَّهَا فِي النِهاية تبدو كَأنَّهَا خَطِيَّة وَاحِدة فَاحذر أنْ تَتَعامل مَعْ موضُوع العِفَّة – الَّذِي قَدْ يَكُون مُتعِباً لَكَ بَلْ أكثر خَطِيَّة تِتعِبك فِي حياتك بِاستخفاف وَلاَ تنظُر إِليهِ نظرة سطحِيَّة تحتاج إِلَى تقدِيس الكيان كُلَّه كُلَّ فِكرة بِدَاخِلك يجِب أنْ تَتَقَدَّس كُلَّ نظرة كُلَّ كَلِمة لأِنَّكَ إِنْ إِستهترت فِي وَاحِدة ستجلِب معها بَاقِي الإِستهتار وَسَاعِتها يُقال [ وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيماً ] ( مت 7 : 27 ) فَالعِفَّة هِيَ الإِمساك عَنْ كُلَّ شهوة هِيَ عدم تَبَعِيَّة لِلشَّهوات فَالإِنسان العَفِيف تَجِده عَفِيفاً فِي أشياء كَثِيرة جِدّاً عَفِيفاً فِي أكلُه عَفِيفاً فِي المُقتنيات حَتَّى يُقال عَنْهُ ( لاَ لاَ لاَ ده نِفْسه عَفِيفة جِدّاً ) كَذلِك عَفِيفاً فِي أفكاره نظراته كَلاَمه مشاعره مُعَاملاته مَعْ الآخرِين مُلاَمَسَاته يبتِعِد عَنْ كُلَّ شِئ لاَ يلِيق لِذلِك حافِظ الكِتاب المُقَدَّس بِشِدَّة عَلَى هَذَا الأمر لِدَرَجِة أنَّ مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول تحدَّث فِي رِسالته لأِهل كُورنثُوس عَنْ إِنسان فَعَلَ الخَطِيَّة قَائِلاً [ وَزِنًى هَكَذَا لاَ يُسَمَّى بَيْنَ الأُمَمِ ]( 1كو 5 : 1 ) " لاَ يُسَمَّى ( مَا يِتسمَّاش ) أي لاَ نذكُر سِيرته " كَأنْ نقُول ( لَوْ سمحت مَا تجِبش / لاَ تذكُر سِيرة هَذَا الموضُوع هِنَا ) شِئ غرِيب عَنَّا وَعَنْ كِنِيسِتنا وَعَنْ طَبِيعة أجسادنا إِسم ثقِيل عَلَى القلب وَالفِكر خصُوصاً لِلإِنسان المُحِب لِطَرِيق رَبِّنَا وَالقداسة لاَ يُحِب حَتَّى أنْ ينطقها وَقَدْ أوضح مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول كيفَ أنَّ هذِهِ الخَطِيَّة مُهِينة لِرَبِّنَا إِذْ أنَّ [ كُلُّ خَطِيَّةٍ يفعلُهَا الإِنسانُ هِيَ خَارِجَة عَنِ الجَسَدِ ] ( 1كو 6 : 18 )لَكِنْ هذِهِ الخَطِيَّة بِالذَّات لها وضع خاص لأِنَّها تُدَنِس هيكل الرَّبَّ لِذلِك عِندما تبدأ تفسد عِفِتك تجِد كُلَّ شِئ يفسد ذلِك لأِنَّكَ لاَ تستطِيع أنْ تقِف مَعَ رَبِّنَا لاَ تستطِيع أنْ ترفع عينيكَ وَيديكَ لاَ تستطِيع أنْ تُصَلِّي خجلان مكسُوف وَماذا أيضاً ؟!! قلبك بِرِد بدأت حَسَاسِيِتك لِلشَّر تزِيد وَبدأت حَسَاسِيِتك لِلبِّر تِقِل وَبدأت تضعُف رؤيِتك لِلأُمور المُقَدَسة وَحَسَاسِية أُذُنك لِصوت رَبِّنَا فِي الإِنجِيل فَأُذُنك قَدْ أصبحت مُستحِكة ( أي غِير مُقَدَسة ) فَأصبحت المُستقبِلات الَّتِي بِهَا بَطِيئة فَتأتِي تقُول أقرأ الإِنجِيل وَلاَ أفهم أحضر القُدَّاس وَأسرح أصَلِّي الأجبِية وَلَكِنْ دُونَ أنْ أفهم أي كَلِمة !!!!
أقُول لَكَ أنَّ الأُمور كُلَّها قَدْ دخلَ إِليها موجات رَدِيئة تَسَلَّطت وَأمسكت بِالإِنسان لِذلِك يقُول القِدِيس يُوحَنَّا ذهبِي الفم عِبَارة جَمِيلة جِدّاً [ العُبُودِيَّة لِلخَطِيَّة أشرس مِنْ العُبُودِيَّة لِسَيِّدٍ قَاسٍ ] صَحِيح صَحِيح بِمعنى أنَّ حال عبد لِسَيِّد قاسٍ أهون مِنْ حال الإِنسان الَّذِي يَكُون عبداً لِلخَطِيَّة وَلأِنَّ العِفَّة تشمل أموراً عَدِيدة فَسوفَ أتكَلِّم معكُمْ فِي أربعة مجالات لِلعِفَّة :-
1- عِفَّة الفِكر ( فِكرِي ) :-
مُهِمْ جِدّاً أنْ يَكُون فِكر الشَّاب فِكراً نَقِياً مُقَدَّساً لاَ يقبل أي فِكر رَدِىء لاَ يَتَفَاوض أوْ يَتَنَاقش مَعْهُ وَالفِكر باب خَطِير جِدّاً فَأي أمر يبدأ بِفِكرة كَذلِك أي خَطِيَّة بِدَايِتها فِكرة فَسقُوط أبِينا آدم وَأُمِنَا حواء نشأ أساساً بِالفِكر وَهَكَذَا الإِنسان قبل أنْ يسقُط فِعلِياً يسقُط أوَّلاً بِالفِكر لِذلِك يُمكِنْ أنْ نِعَرَّف الخَطِيَّة – كَمَا يُعَلِّمنا قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثَّالِث – فِي ثلاث كَلِمات :-
إِتِصال تَتَصِل بِالخَطِيَّة أوَّلاً بِفِكرك إِنَّها المرحلة الأولى وَمَازَالَ الأمر سهلاً .
إِنفِعال بَدأت تأخُذ وَتُعطِي مَعَ الفِكر وَأخذ الفِكر يِكبر وَيِكبر وَيِكبر إِنفعلت بِالفِكر بعد ذلِك أصبح الأمر فِي غاية الصعُوبة.
إِشتِعال فَاحترِس وَنُشكر الرَّبَّ أنَّهُ لَمْ يسمح أنْ نسقُط فِي أي خَطِيَّة فِي حياتنا بِدُون إِرادِتنا وَلَمْ يسمح أنْ توجد خَطِيَّة إِلاَّ وَيَكُون لَهَا مَرَاحِل فِي الإِنسان لِذلِك لَوْ سقط إِنسان فِي خَطِيَّة سَيَكُون هُوَ المُدان لَنْ يُمكِنه أنْ يقُول " ده غصب عَنِّي "لاَ يوجد شِئ غصب عَنَّك إِنَّ الأمر قَدْ بدأ معك بِفِكرة وَتفاوضت معها وَقبلتها لِذلِك كُنْ عَفِيفاً فِي فِكرك وَاعلم أنَّ الحرب لاَ تبدأ فِي ساعة الإِتِصال بِالخَطِيَّة فقط إِنَّمَا تبدأ مِنْ قبل ذلِك بِكَثِير فماذا كانت أفكارك قبل ذلِك ؟ بِمعنى لَوْ أنَّكَ فَتحت الراديو وَضبطه عَلَى رقم مُعَيَّن عَلَى موجِة ألـ FM وَسمعت عِظة أوْ قُدَّاس إِنَّ باقِي الموجات موجودة لَكِنْ الموجة الَّتِي ضبطت عليها جِهازك هِيَّ فقط الَّتِي إِستقبلتها كذلِك أنتَ جِهازك مُستقبِلاَتك الَّتِي بِدَاخِل فِكرك أي مِنْ الموجات تستقبِل ؟ كُلَّ الموجات موجودة حولك لَكِنْ الَّذِي تُرِيد أنْ تستقبِله سَتُقَوِيه وَهَكَذَا عَلَى حسب الموجة الَّتِي تضبُط عليها فِكرك ستستقبِل تَرَّدُد مَعَ تَرَّدُد سيُحدِث رَنِين موجة حِلوة مَعَ أفكار حِلوة سيحدُث رَنِين لِذلِك تجِد القِدِيسِين يُمكِنْ لأِي شر يرونهُ أنْ يَكُون بِالنِسبة لَهُمْ شيئاً مُقَدَساً فِي حِين أنَّ نَفْس الشِئ يُمكِنْ أنْ يراه شخص آخر وَتَكُون أفكاره سيِئة فيذهب بِفِكره إِلَى بعِيد وَمِثْل هذَا إِنْ قُلت لَهُ أي كِلمة فِي أي موضُوع تجِده يُقَوِّلها تقوِيلاً سيِئاً إِنَّ فِكرك يُشبِه الخلاَّط الَّذِي تضعه فِيهِ ستشربه إِنْ وضعت بُرتُقالاً ستشرب عصِير بُرتُقال إِنْ وضعت موزاً ستشرب عصِير موز إِنْ وضعت جوافة ستشرب عصِير جوافة وَهَكَذَا وَلَكِنْ إِنْ وضعت فِيهِ شيئاً مُرَّاً بِالتالِي ستشربه هَكَذَا العِين هِيَّ مِثْل فتحِة الخلاَّط كُلَّ الَّلِي حَا تحُطَّه هِنَا هَا تِشربه مِنْ هِنَا وَهَا تِشربه مِنْ الأفعال لِذلِك جَمِيل جِدّاً مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول عِندما يتحدَّث فِي رِسالته إِلَى أهل فِيلِبِّي قَائِلاً [ أخِيراً أيُّهَا الإِخوة كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ كُلُّ مَا هُوَ جَلِيل كُلُّ مَا هُوَ عَادِل كُلُّ مَا هُوَ طَاهِر كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ إِنْ كانت فَضِيلة وَإِنْ كَانَ مدح فَفِي هذِهِ افتَكِرُوا ] ( في 4 : 8 ) لِذلِك يجِب أنْ تضع فِي فِكرك كُلَّ مَا هُوَ حقٌّ كُلَّ مَا هُوَ جلِيل كُلَّ مَا هُوَ طَاهِر وَتفتكِر فِيهِ يَجِب أنْ يُحاوِل فِكرك أنْ يحافِظ عَلَى نقاوته بِاستمرار إِجعل بِاستمرار آية تِشغِل فِكرك سِيرة قِدِيس أوْ قِدِيسة إِجعل أموراً مُقَدَسة هِيَ الَّتِي تِشغِل فِكرك فيبدأ يعمل جَيِّداً وَبِالتالِي يبدأ يجعل الإِتِصال سَلِيماً وَهَكَذَا الإِنفِعال سَلِيماً وَالإِشتِعال سَلِيماً وَهذَا هُوَ سِر الإِشتِعال فِي الصَلاَة وَالعِبادة سِر حرارِة الرُّوح ناس فِكرها ينمو بِاستمرار فِي أمور مُقَدَسة لِذلِك مِنْ أجمل الطُرق وَأسهل الطُرق وَأقصر الطُرق لاقتِناء العِفَّة هُوَ تقدِيس الفِكر فَمتى قدَّست فِكرك تقدَّست معهُ مشاعرك وَتقدَّست إِرادتك ستكُون عَفِيفاً فِي أفعالك بَلْ بِالأكثر فِي أحلامك حَتَّى خيالاتك أثناء اللِيل الَّتِي هِيَّ مُحَصِّلة مَا تُفَكِر فِيهِ أثناء النَّهار الفِكر يحتاج عِفَّة يجِب أنْ يكُون فِكرك عَفِيفاً لاَ يَمِس فِكرة رَدِيئة – لاَ يَمِس – تشعُر أنَّ الفِكر الرَدِئ شِئ غرِيب عنكَ تماماً مِثْل شعُورك إِنْ فرَّغ أحد كِيس قِمامة فِي وسط " حُجرِة الصَالُون " فِي بِيتك !!لَكِنْ الَّذِي أفكاره مُلَوَثة دَنِسة لَنْ تجِد عِنده أي تحفُّظ يَتَقَبل بِاستمرار الأفكار الرَدِيئة وَيُضِيف كُلَّ يوم إِلَى الدنس دَنَساً تماماً مِثلما أنَّهُ لاَ يوجد أي إِعتراض عَلَى وضع كِيس قِمامة فِي صندُوق قِمامة وَهَكَذَا سيأخُذ مِثْل هذَا فِي النِهاية دَنَساً فَالأمر كُلَّه قَدْ أصبح هَكَذَا فَالأفكار الخَاطِئة تُوَّلِد مشاعِر خَاطِئة متى حافظت عَلَى فِكرك نَقِياً ستضمن أنْ يَكُون فِكرك باباً مُنضَبِطاً عليهِ حُرَّاس تضمن ألاَّ يدخُل مدِينتك غِير المسمُوح لَهُمْ بِالدُخُول وَعليهِمْ رِقابة وَضَوَابِط فَتَكُون قَدْ ضبطت السيطرة عَلَى كُلَّ الأمور مِنْ المدخل الَّذِي هُوَ الفِكر .
2- عِفَّة الحواس :-
الحواس هِيَّ أبواب الإِتِصال بِالحياة العِين وَالأُذُن وَالأنف وَحاسة التَذُّوق وَحاسة اللمس مَا أجمل الإِنسان النقِي الَّذِي يَكُون إِتِصاله بِالحياة إِتِصالاً نَقِياً أمَّا الإِنسان الَّذِي أفكاره مُلَوَثة دَنِسة يَكُون إِتِصاله بِالحياة إِتِصالاً مُلَوَثاً دَنِساً وَسَأرَكِز فِي الحواس عَلَى العِين .
أ- عِفَّة العِين :-
[ سِرَاجُ الجَسَدِ هُوَ العِينُ فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّراً وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظلِماً ] ( مت 6 : 22 – 23 ) وَلأِنَّ العِين بالِغة الخطورة فقد أمَّنها الرَّبَّ بِإِمكانات كَثِيرة جِدّاً طَبِيعِيَّة وَضَعَ لَهَا صِمام أمان فَيُمكِنك إِنْ رأيت منظراً سَيئِاً أنْ تُحَوِّل نظرك إِلَى الجِهة الأُخرى .. وجهك مَازَالَ كَمَا هُوَ لَمْ تُدِر رأسك وَلاَ أي شِئ فقط حرَّكت عينيكَ فِي الإِتِجاه المُضاد إِذاً فقد أعطاك الرَّبَّ الإِمكانِية فِي عينيك أنْ تَتَحَكَّم فِي إِتِجاه الرؤية كذلِك أعطاك إِمكانِية أنْ تِغَيَّر إِتِجاه وجهك كُلِيةً كَمَا يُمكِنك أنْ تُغمِضها وَهَكَذَا تُغلِقها بِحركة سهلة جِدّاً كَمَا أعطاك إِمكانِية رَابِعة أنْ تنظُر وَلاَ تَتَأمل كُلَّ هذِهِ الإِمكانات قَدْ لاَ تجِدهَا فِي الحواس الأُخرى كَالسمع مَثَلاً فهل تستطِيع أنْ تِغَيَّر إِتِجاه وجهك لِلدَرَجة الَّتِي تجعلك لاَ تسمع ؟!! مُستحِيل فَأنتَ مُجبر وَلَيْسَ لَكَ خِيار لأِنَّ الصوت ينتشِر كذلِك هل تستطِيع أنْ تُغلِق أُذُنيك ؟!! يحتاج مِنْكَ ذلِك أنْ تضع يدك عليها أوْ تضع شيئاً بِدَاخِلها لَكِنَّك بِسِهولة شدِيدة تُغلِق عينيكَ لِذلِك عِندما تقُول " المنظر هُوَ الَّذِي كَانَ أمامِي " أقُول لك كَانَ يُمكِنك أنْ تبتعِد كَانَ يُمكنك أنْ تُغمِض عينيكَ كَانَ يُمكِنك أنْ تنظُر وَلاَ تَتَأمل وَكَانَ يُمكِن أنْ يَكُون لَكَ نظرة عَلَى إِستِحياء كَمَا كَانَ لآِبائنا القِدِيسِين كَانَ يُمكِن وَكَانَ يُمكِنْ عِفَّة العِين يَجِب أنْ تَكُون لَكَ عِين بِهَا عِفَّة عِين مصلُوبة عِين مختومة مُقَدَسة نَقِيَّة الإِنسان الَّذِي فِكره نقِي ستكُون عِينه عيناً نَقِيَّة يرى كُلَّ الأُمور بِعِين فِيهَا نَقَاوة لاَ أنسى فِي مرَّة كُنت رَاكِباً ميكرُوباص مَعَ إِنسان حِلو مُبارك وَفِي الزحام هُناك عادة عِندَ بعض الشُّبان أنْ يُشِيرُوا لِلمِيكرُوباص إِشارة تعنِي ( أي حاجة ) أي لَنْ أجلِس عَلَى كُرسِي فقط خذُونِي حركة عادِية جِدّاً تتكرر أمام الجمِيع بِاستمرار وَلَكِنْ هذَا الإِنسان لأِنَّ فِكره نقِي عِندما أشارَ وَاحِد بِهذِهِ الإِشارة قَالَ " يارِيت إِحنا كمان نرُوح السَّما يارِيت الوَاحِد يِركب بس وَيِوصل السَّما حَتَّى لَوْ ركب أي حاجة مِش مُهِمْ بس نُدخُل " كَقُول الآباء القِدِيسِين [ إِنشا الله حَتَّى الباب يِتقِفل عَلَى طرف الجَلاَبِيَّة ] يعنِي حَتَّى لَوْ كُنت آخِر وَاحِد وَلَوْ إِنحشرت وَبعد ذلِك يُغلق الباب فليكُنْ المُهِمْ أدخُل هَكَذَا الإِنسان الَّذِي فِكره نقِي تَكُون حواسه حواساً نَقِيَّة لِتَكُنْ لَكَ عِين نَقِيَّة وَانتبِه لأِنَّ أوِل حلقة لِلسُقُوط كانت عِندما [ رَأت المرأةُ أنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَة لِلأكلِ وَأنَّهَا بَهِجة لِلعُيُونِ وَأنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ ] ( تك 3 : 6 ) العِين خَدَعِت خَدَّاعة العِين مُعَلِّمنا دَاوُد النَّبِي عِندما صعد إِلَى سطح بِيته وَرفع عينيهِ رأى منظراً أرجو أنْ تقرأ فِي الكِتاب المُقَدَّس عَنْ عاقِبة هذِهِ النظرة فِي سِفر صَمُوئِيل الثَّانِي .. لقد وصل الأمر لِلدَرَجة الَّتِي وَبَخهُ فِيها الرَّبَّ قَائِلاً [ إِنَّكَ احتقرتنِي ] ( 2صم 12 : 10 )[ وَالآنَ لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بيتَكَ إِلَى الأبَدِ هَأنَذَا أُقِيمُ عليكَ الشَّرَّ مِنْ بيتِكَ وَآخُذُ نِسَاءَكَ أمَامَ عينيكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبكَ فَيَضْطَجِعُ مَعْ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هذِهِ الشَّمْسِ ] ( 2صم 12 : 10 – 11 ) وَقَدْ كَانَ إِبنه أبشالُوم يزنِي مَعَ سَرَارِي أبِيهِ اللاَتِي بِمَثَابِة أُمهاته وَأولاده أمنُون وَثَامار يزنِيان معاً إِنَّهَا الخَطِيَّة كُلَّ ذلِك كَانَ مِنْ نظرة لِذلِك إِحترِس حَافِظ عَلَى عينيك بِمُنتهى الحذر ( خلِّي بالك عَلَى عِينك كِوَيِس جِدّاً ) وَلتكُنْ لَكَ عِين مُنكَسِرة إِحذر أنْ تظُن أنَّكَ أقوى مِنْ الخَطِيَّة أوْ أنَّكَ تقدِر أنْ تَتَحَكَّم فِي نَفْسك لاَ تقُل يُمكِنَنِي أنْ أدخُل عَلَى ألـ INTER NET أوْ كَذَا وَأنَا أعرِف كيفَ أتَحَكَّم أقُول لَكَ إِحترِس القِدِيسُون يُحَذِرُونَنَا [ أنتَ لَسْتَ أبر مِنْ دَاوُد وَلاَ أحكم مِنْ سُليمان ] أسَتَكُون أنتَ أشطر مِنْهُمَا إِذا كَانَ دَاوُد قَدْ سقط وَكَذلِك سُليمان فهل أنتَ أبر مِنْ دَاوُد أوْ أكثر حِكمة مِنْ سُليمان !! ماذا أنتَ ؟!!!
إِحذر لأِنَّ العِين كَامِيرا حسَّاسة جِدّاً لاَ تُمَاثِلها أي كَامِيرا فِي العالم بَلْ وَلَهَا إِتِصال قوِي جِدّاً جِدّاً بِمَرَاكِز المُخ ألـ COMPUTER وَمَرَاكِز الذَاكِرة فَتَجِد أنَّ المنظر الَّذِي يخدِم الغرِيزة يَتِم إِلتِقاطه بِإِحكام وَهَكَذَا يُصبِح لَهُ NEGATIVE يُمكِنْ أنْ يُصنع مِنْ خِلاَله مِئات بَلْ وَآلاف النُسخ فَحِينما يُعطِي المُخ أمراً ORDER لِلطِباعة الرَّبَانِيَّة المُتَعَلِقة بِهِ ألـ PRINTER يَتِم طبع هذِهِ الصور الرَدِيئة وَاحِدة فَوَاحِدة فِي حِينِهَا فِي أوقات تَكُون أنتَ فِيهَا ضعِيف فتسقُط لِذلِك جَاهِد أنْ تَكُون لَكَ عِفَّة فِي عينيكَ لاَ تستهتر إِحذر أنْ تقُول فِي نَفْسك أرى هذَا الفِيلم مِنْ باب العِلم بِالشِئ أوْ إِنَّهَا مسألة ستأخُذ وقتها لاَ يُمكِنْ لِلخَطِيَّة أنْ تأخُذ مِنْكَ جِهاد سِنِين تَذَكَّر دَائِماً أنَّ عاقِبتها مُرَّة تَذَكَّر دَاوُد النَّبِي تَحَفَّظ يَا حَبِيبِي دَقَّق جَيِداً فِيمَا تختار وَفِيمَا تُشَاهِد لأِنَّ هذِهِ الحرب فتَّاكة لاَ تنظُر أبداً لِلَحظة تخسَّرك العُمر كُلَّه بَلْ جَاهِد كُلَّ لحظة فِي حياتك كي تكسب عُمرك كُلَّه بِالأبَدِيَّة الإِنسان إِبن رَبِّنَا الَّذِي فِكره مُقَدَّس وَقلبه مُقَدَّس تجِد لَهُ نظرة عَلَى استحياء فَيُروى عَنْ القِدِيسِين أنَّ الوَاحِد مِنْهُمْ كَانَ لَهُ مِنْ الحياء وَالخجل مَا يجعل وجههُ يِحمرَّ عِندما يرى وَاحِداً أوْ منظراً مَا وَيضع وجههُ فِي الأرض إِنَّهُ خجل مُقَدَّس فَالرَّبّ قَدْ خلقَ لِكُلَّ شِئ فِينَا هدفاً فَوَضَعَ فِينَا الخجل كي نخجل مِنْ الشَّر [ الذَّكِيُّ يُبْصِرُ الشَّرَّ فَيَتَوَارَى ] ( أم 22 : 3 ) تَجِد وَاحِداً مِنْ القِدِيسِين يُدعىَ القِدِيس آمون عِندما أرَادَ أنْ يعبُر نهراً كَانَ يلزم عليهِ أنْ يخلع مَلاَبِسه لَكِنَّهُ إِستحىَ أنْ يخلعها وَقَالَ فِي نَفْسه كيفَ أنظُر إِلَى جِسمِي وَكيفَ يُبصِرَهُ مَنْ حولِي ؟!!! وَفَضَّل أنْ يعبُر النَّهر بِمَلاَبِسه حَتَّى وَإِنْ كانت ستبتل فليكُنْ فليُجَفِفهَا الهواء فِيما بعد .. إِنَّهَا العِفَّة .. عِفَّة حواس وَجسد وَمُلاَمَسَات جَمِيلة جِدّاً قِصَّة القِدِيس يحنِس القَصِير عِندما إِستدعاه البابا البطريرك لِمُقابلته فَنَزَلَ إِلَى المدِينة وَسَارَ فِيهَا إِلَى الكَنِيسة حيثُ تقابل مَعَ البطريرك ثُمَّ رجع ثانِيةً فِي طرِيقه وَعِندما عَادَ سألهُ الرُهبان عَنْ رأيه فِي المدِينة وَسُكَّان المدِينة وَأحوال المدِينة سألوه " ماذا رأيت فِي المدِينة ؟ " فَأجَابَ " لَمْ أرى إِلاَّ وجه أبِي البطريرك " هذَا فقط هُوَ مَا رأيتهُ ؟!!! لقد نزل إِلَى المدِينة لَكِنَّهُ كَانَ وَاضِعاً وجههُ فِي الأرض يتعامل مَعَ الأُمور بِتَحَفُّظ وَخجل يَجِب أنْ تَكُون عِينك عَفِيفة بِهَا خجل وَتَحَفُّظ إِحذر أنْ تَكُون لَكَ العِين السَائِبة الَّتِي تجعلك تلهو بِمَنَاظِر عَبِيده جَمِيلة جِدّاً عِبارِة أيُوب الصِّدِّيق [ عهداً قطعتُ لِعَيْنَيَّ فَكَيْفَ أتَطَلَّعُ فِي عذراء ] ( أي 31 : 1 ) مَا رأيك أنْ تأخُذ هذَا العهد مَعَ أيُوب ؟ ألَيْسَ جَمِيلاً !! ألنْ يفِيدك فِي حياتك ؟!! أُكتُب هذِهِ الآية عِندك فِي حُجرِتك أُكتُبها عَلَى فِكرك وَعِش بِهَا وَأنتَ نَازِل مِنْ بِيتك قُل " عهداً قطعتُ لِعَيْنَيَّ فَكَيْفَ أتَطَلَّعُ فِي عذراء "هل سأظِل هَكَذَا أنظُر لِلرَايِح وَالجاي وَنَظَرَاتِي تَتَحَوَّل إِلَى شهوات ؟!!! فِي حِين أنَّ الوَصِيَّة تقُول [ إِنَّ كُلَّ مَنْ ينظُرُ إِلَى امرأةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ ]( مت 5 : 28 ) الَّذِي حَوَّل النظرة إِلَى فِكرة وَتَفَاوض معها يُعتبر قَدْ زَنَى تَذَكَّر قِدِيساً مِثْل القِدِيس سمعان الخرَّاز الَّذِي عِندما خانته عِينه نوعاً مَا وجدناه بِمُنتهى الجُرأة يِفَضَّل أنْ يَكُون أعمى وَيِطَبَّق الوَصِيَّة بِمُنتهى الجبرُوت وَيقلع عينه بِالمخراز ذلِك لأِنَّها أعثرته كَثِيراً مَا تُعثرنِي عينِي ماذا أفعل ؟ أقلعها ؟!! أقُول لَكَ لاَ أنَا وَأنتَ ضُعاف لاَ نقدِر عَلَى عمل سمعان الخرَّاز فَماذا أفعل إِذاً ؟ إِقطع الشَّر مِنْ دَاخِلها أحضِر مخراز النِّعمة وَأقُول لَهُ ياربَّ أنتَ بِنِعمِتك إِقلع الشَّر مِنْهَا وَاعطِنِي عيناً نَقِيَّة جَدِيدة بدلاً مِنْ عينيَّ الَّتِي كُلَّهَا دنس وَتَذَكَّر دَائِماً قول القِدِيس يحنِس القصِير" لَمْ أرى إِلاَّ وجه أبِي البطريرك " .
ب- عِفَّة السمع :-
أقُول لَكَ حَتَّى الَّذِي تسمعه يَجِب أنْ تَكُون عَفِيفاً فِيهِ يَجِب أنْ تَكُون أُذُنك نَقِيَّة وَلأِنَّ الأُذُن لَيْسَ لَهَا إِمكانات تحمِيها بِقدر تِلكَ الَّتِي لِلعِين وَلأِنَّ كَثِيراً مَا ينتشِر الصوت فَتَكُون مُجبراً عَلَى السمع لِذلِك إِختر أصحابك وَإِنْ لَمْ تعرِف إِبتعِد حَاوِل أنْ تِحَافِظ عَلَى عِفَّة أُذُنيك لاَ تستمِع لِكَلاَم الإِدانة وَالمذَمَّة لاَ تستمِع لِلخَطَايا إِبتعِد عَنْ الكَلاَم المُعثِر وَالأحَادِيث البطَّالة إِبتعِد عَنْ مجالِس المُستهزِئِين إِبعِد عَنْ سمع أي أمر رَدِئ لأِنَّهُ مؤذِي جِدّاً جِدّاً لِلعِفَّة المفرُوض أنْ تُدخِل أُذُنيك أموراً نَقِيَّة هُناك مَنْ لاَ يعرِف أنْ يَتَكَلَّم فِي أي شِئ فِي حياته إِلاَّ كَلاَماً مُعثِراً إِبعِد عَنَّه يقُول مُعَلِّمنا بُولِس الرَّسُول عَنْ هؤلاء عِبارة غرِيبة جِدّاً أنَّهُمْ [ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ ] ( 2تي 4 : 3 ) مَا أروع مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول – إِنَّهُ بِحقٌّ فيلسُوف ، بَلْ لَوْ قُيِّمَ أُسلُوبه بِإِنصاف لَعُدَّ مِنْ أروع الأُدَباء فِي العالم – " فَمُستَحِكَّة " جاءت مِنْ " حَكَّ يَحُك " أي أُناس آذانهُمْ مُلَوَثة فَلَّمَا تَلَوثت إِلتَهَبِت وَعِندما إِلتَهَبِت أصبحُوا يَحكُونها ( يهرشونها ) أي أُناس قبلُوا أنْ تنفُذ إِلَى آذانِهِمْ أمور رَدِيئة فَلَوَثت آذَانِهِمْ لِلدَرَجة الَّتِي إِلتهبت بِهَا وَأصبحت مُستحِكة .. فَاحترِس لِئَلاَّ تَكُون أُذُنك مُستحِكَّة وَكَمَا قُلت لَكَ قِصَّة عَنْ القِدِيس يحنِس القَصِير عَنْ عِفِتَّه فِي النظر أقُول لَكَ قِصَّة أُخرى عَنْ عِفَتَّه فِي السمع يُروى عَنْه أنَّهُ فِي إِحدى المرَّات كَانَ نازِلاً إِلَى المدِينة لِيَبِيع عمل يديهِ مِنْ القُفف وَتَصَادف نزُول جماعة مِنْ البدو غِير مَسِيحِيين – وَالَّذِينَ كَانُوا يُقَدِّسُون الرُهبان جِدّاً وَيخافُونَهُمْ كَرِجال الله وَلِسُلطانِهِمْ فِي إِخراج الشياطِين وَشِفاء الأمراض فَكَانُوا يُفَضِلُون تَجَنُّب الرُهبان أوْ الإِبتِعاد عَنْهُمْ وَإِنْ إِحتاجُوا مِنْهُمْ أية خِدمة يُقَدِمونها لَهُمْ – فَعِندما رأى هؤلاء القِدِيس يحنِس القَصِير مَاشِياً حَامِلاً القُفف دعوه لِلرُكُوب معهُمْ فَهُمْ أيضاً ذَاهِبُون لِلمَدِينة لِيَبِيعُوا مَا لديهِمْ فركب معهُمْ القِدِيس يحنِس وَوَضَعَ القُفف عَلَى الجمل وَلَكِنْ أحادِيثهُمْ أثناء الطرِيق كانت أحادِيثاً مُعثِرة فَقَفَزَ القِدِيس مِنْ عَلَى ظهر الجمل وَرَجَعَ جَارِياً فَلَمَّا رأه الرُهبان قَدْ عَادَ هَكَذَا بِسُرعة سألوه مَا هذَا يَا أبَانَا ؟ هل إِستطعت أنْ تبِيع القُفف بِهَذِهِ السُرعة ؟!! فَتَذَكَّر القِدِيس أنَّهُ قَدْ نسيها !! الحدِيث الردِئ جعلهُ ينسى القُفف وَيترُكها عَلَى ظهر الجمل وَيجرِي إِلَى دِيره لَمْ يشأ أنْ تَتَدَنَّس أُذُنه لَمْ يشأ أنْ تَكُون " مُستحِكَّة " جَمِيل جِدّاً قول رَبَّنَا يَسُوع المَسِيح [ مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَليسمعْ ] ( مت 13 : 9 )[ يسمعُ الوُدَعَاءُ فَيَفْرَحُونَ ] ( مز 34 : 2 )إِسمع السمع جَمِيل جِدّاً إِنَّهَا حاسة رَائِعة يُمكِنك بِهَا أنْ تَتَذَوَّق أصواتاً مِنْ الطَبِيعة الَّتِي جبلها الرَّبَّ بِهَا تَتَذَوَّق سماع الألحان وَأصوات العِبادة تَتَذَوَّق جمال العِشرة مَعَ رَبِّنَا فَتَجِد سمعك قَدْ أصبح سمعاً مُقَدَّساً وَهُنَا نَجِد سؤالاً ماذا لَوْ تَدَنَّست حواسِي وَعقلِي فَكُلَّمَا أحَاوِل أنْ أهرب مِنْ الخَطِيَّة تحاصِرنِي الأفكار وَمخزُون مَا رأيت لاَ أستطِيع أنْ أنسى ؟
أتَعرِف مَا الَّذِي يُنسِي ؟!! الصلوات الكَثِيرة إِنْ رَبِّنَا يمحِي مِنْ ذِهنك يِغسِل يِغسِل الدنس الَّذِي نفذ إِلَى دَاخِل فِكرك صلوات كَثِيرة جِدّاً جِدّاً أنَا لاَ أنسى فِي مرَّة أحد الشُّبان كَانَ قَدْ عرَّفه أصحابة بِإِنسانة شِرِّيرة وَأصبح معهُ رقم تِلِيفُونهَا وَهَكَذَا أصبحت الخَطِيَّة سهلة وَمُتاحة فَقُلت لَهُ يَا ابنِي أوِل شِئ تِفعله إِمسح هذَا الرقم مِنْ أجِندِتك أوْ مِنْ عَلَى ألـ MOBILE قَالَ لِي " يَا أبُونَا أنَا حافظه " فَما العمل مِنْ أينَ سَنمسحه الآن ؟!! قُلت لَهُ نِخَصَّص صَلاَة مِنْ أجل أنْ تنسى هذَا الأمر وَمَثَلاً اليوم الخمِيس سَنَتَقَابل الخمِيس القادِم صَلِّي صَلِّي وَضع طِلبة إِنْ رَبِّنَا يُنسِيك هذَا الأمر صدَّقنِي يَا حبِيبِي لَمْ يمضِي لِلخَمِيس بَلْ جاءنِي يوم الأحد قَالَ لِي " يَا أبُونَا صدَّقنِي جرَّبت أنْ أتَذَكَّر الرقم لاَ لاَ أتَذَكَّره وَلَكِنْ فقط لأِتأكد إِذا مَا كُنت نسيتهُ وجدت نَفْسِي قَدْ نسيتهُ قُلت لَهُ نُشكُر رَبِّنَا يَا حبِيبِي " لِذلِك أُرِيد أنْ أقُول لَكَ عِندما تَكُون عندِي رغبة وَأُقَدِم أمام رَبِّنَا طِلبة ثِق إِنْ رَبِّنَا قَادِر مِثلما قَالَ أحد الآباء القِدِيسِين [ التوبة تجعل الزُناة بتولِيين ] رَبِّنَا قادِر عمل نِعمِة رَبِّنَا لَيْسَ قلِيلاً لَكِنْ نَحْنُ الَّذِينَ لاَ نُعطِي رَبِّنَا فُرصة كي يعمل وَذلِك لأِنِّي إِنجذبت بِإِرَادتِي خَدَعتنِي أنَا سَايِب نَفْسِي وَبِالتالِي أنَا جلبت عَلَى نَفْسِي حُكم الموت إِذاً فَالأمر يأتِي مِنِّي أنَا فَالمناظِر السَيِئة يُمكِنك أنْ تستدعِيها أنتَ بِنَفْسك بَلْ يُمكِنك أنْ تعمل لَهَا ZOOM تكبِير وَتصغِير أنتَ بِنَفْسك يُمكِنك أنْ تنسى وَيُمكِنك أنْ تُثَبِّت فَإِنْ أردت أنْ تنسى خَصِّص صلوات .
3- عِفَّة الجسد :-
الجسد نَفْسه يَجِب أنْ يَكُون عَفِيفاً الجسد تُحَرِّكه غَرَائِز وَشهوات وَطِلبات فَيَجِب التعامُل معهُ بِضبط وَيُمكِنْ أنْ أقُول لَكَ أنَّ عِفَّة الجسد هِيَ أوِل درجة مِنْ درجات العِفَّة فَيُمكِنْ أنْ يكُون هُناكَ أفكاراً تُحارِبك وَلَكِنْ جسدك عفِيف أنتَ ضابِط الجسد أمَّا العِفَّة الكامِلة هِيَ عِفَّة الفِكر الكَامِلة عِفَّة العِين الكَامِلة عِفَّة السمع الكَامِلة وَعِفَّة الجسد الكَامِلة وَتَجِد القِدِيسِين يربُطُون بينَ العِفَّة وَبينَ أشياء كَثِيرة قَدْ تظُن أنَّهُ لَيْسَ لَهَا أي إِرتِباط بِالأمر فهل تشعُر أنَّهُ يوجد إِرتِباط وَثِيق جِدّاً بينَ الأكل وَالشَّهوة أم تعتقِد أنَّهُ لَيْسَ لِهذِهِ الدرجة ؟هل عِندك ثِقة أنَّهُ يوجد إِرتِباط بينَ الإِهتمام الزائِد بِالمظهر وَالزِينة وَاستخدام العطُور وَالشَّهوة ؟ مُعاملتك لِجسدك وَضبطك لِجسدك بِالطبع أنَّ هُناك عِلاَقة بينَ كُلَّ هذِهِ الأُمور وَالشَّهوة تَمَلِّي هُناكَ عِلاَقة بينَ الإِستهتار وَالمِزاح وَالكَلام السخِيف وَإِثارِة الشَّهوة كَذلِك دَائِماً الإِنسان الأكول شهوانِي وَتَمَلِّي الإِنسان العنِيف القاسِي الغضُوب غِير طاهِر وَتَمَلِّي الإِنسان الودِيع عَفِيف مِنْ المعرُوف عَنْ الرُومان أنَّهُمْ كَانُوا شهوانِيين جِدّاً وَفِي نَفْس الوقت إِشتهروا بِأنَّهُمْ كَانُوا يتفنَنُون فِي الأكل وَالشُرب .. فَكَانَ الرُومانِي يأكُل إِلَى أنْ تمتلِئ معدِته تماماً بِالطعام فَلاَ يقدِر عَلَى الإِستمرار فِي الأكل فَلِكي يستطِيع أنْ يأكُل المزِيد كَانَ يستعمِل مشروباً يُسَبِّب التقيوء وَبِالتالِي يِفرَّغ معدِته وَيُمكِنه الإِستمرار فِي الأكل كَذلِك بنو إِسْرَائِيل أرادوا الرُجُوع إِلَى مِصْر [ عِنْدَ قُدُورِ اللَّحْمِ ] ( خر 16 : 3 ) ناس هَمُهُمْ الأكل وَالشُرب هَكَذَا يُمكِنْ لإِنسان مِثْل عِيسُو أنْ يبِيع البكورِيَّة بِأكله إِنَّهُ الطعام [ فَقَالَ عِيسُو لِيعقُوب أطعِمنِي مِنْ هذَا الأحمر فَقَالَ يعقُوب بِعنِي اليومَ بكورِيَّتَكَ فَقَالَ عِيسُو هَا أنَا مَاضٍ إِلَى الموتِ ] ( تك 25 : 30 – 32 ) خُذ البكُورِيَّة مَا المُشكِلة ؟!!!
لِذلِك لاَ تَتَعَجب عِندما تجِد الآباء القِدِيسِين إِهتمامهُمْ بِمظهرهُمْ قلِيل جِدّاً وَبَسِيط جِدّاً وَإِهتمامهُمْ بِالأكل بَسِيط جِدّاً بِالكاد يأكُل مَا يقُوته فَتَجِد مِنْهُمْ مَنْ يأكُل قَلِيلاً مَنْ البقُول وَمَنْ لاَ يأكُل طعاماً مطهِياً وَمَنْ يأكُل مرَّة كُلَّ يومِين هَكَذَا أنتَ أيضاً يَجِب أنْ تَتَعَامل مَعَ الأكل بِتَعَفُّف لاَ يَكُون عِندك شراهة وَلاَ يَكُون الأكل بِالنِسبة لَكَ لذَّة أوْ غاية أوْ هدفاً أنتَ تأكُل لِكي تعِيش وَلستَ تعِيش كي تأكُل تقُول حسناً لَكِنِّي شاب وَأعِيش وسط بِيت أقُول لَكَ كُل وَلَكِنْ كُل بِتَعَقُّل كُل بِعِفَّة حَاوِل أنْ يَكُون لَكَ تدرِيب أنْ تأخُذ فترات إِنقِطاع أوْ أنْ تُقَلِّل مِنْ كِميات أكلك ، أوْ أنْ يَكُون عَشاؤك بَسِيطاً لاَ يحتوِي عَلَى الكَثِير مِنْ الأطعِمة أوْ المُشتهيات أحد الآباء القِدِيسِين يَقُول[ عَوِّد نَفْسك أنْ تأكُل مَا تحتاجه وَلَيْسَ مَا تشتهِيه ] جرَّب أنْ ترتفِع عَنْ الأكل سَتَجِد جسدك بدأ يهدأ وَبدأ ينضَبِط مَعَ ضبط عِين وَضبط أُذُن سَتَجِد نَفْسك قَدْ بدأت تكتسِب طَبِيعة لِجسدك طَبِيعة مَلاَئِكِيَّة لأِنَّكَ عِندما تضبُط جسدك فِي الأكل ستعرِف أنْ تضبُط جِسمك فِي الشَّهوة لِذلِك عَوِّد نَفْسك أنْ يَكُون جسدك وَاهتِمامك بِهِ لَيْسَ زِيادة وَلاَ أقل مِنْ المفرُوض لِيكُنْ إِهتِماماً عَادِياً عَوِّد نَفْسك أنْ يَكُون ملبسك وَمظهرك وَشكلك وقُوراً وَمُحترماً زِينة النَّفْس الدَاخِلِيَّة يَجِب أنْ يَكُون لَكَ إِعتِدال وَعِفَّة فِي كُلَّ أمورك وَاعلم أنَّ إِنساناً مِثْلَ دَانِيال النَّبِي أخذ مراحِم مِنْ رَبِّنَا لأِنَّهُ كَانَ عَفِيفاً فِي أكله وَإِنْ كَانَ فِي قصر مَلِك .
4- حُب المُقتنيات :-
هل ترى أنَّهُ كُلَّمَا كَانَ الإِنسان مُحِباً لِلمُقتنيات ذاتِياً أنَانِياً كُلَّمَا كَانَ لِذلِك إِرتِباط بِالشَّهوة أم أنَّهُمَا شيئان مُنفَصِلان ؟
إِنسان مِثْل يهُوذا مَا الَّذِي جعلهُ يُسَلِّم المَسِيح ؟ الثَلاَثُون مِنْ الفِضَّة حُب المُقتنيات جعلهُ يبِيع المَسِيح ؟!! ياه لِماذا ؟ ذلِك لأِنَّهُ حاول أنْ يَكُون أفضل الإِنسان الَّذِي يُرِيد النَصِيب الأكبر الَّذِي يُرِيد لِنَفْسه أنْ تشتهِي الدُنيا وَتشتهِي أنْ تملُك ذلِك الشخص الَّذِي يُحِب نَفْسه تَجِده لاَ يستطِيع أنْ يضبُط نَفْسه فِي الشَّهوة تَجِده يَتَعَامل مَعَ الأُمور الَّتِي حوله كُلَّهَا بِحُب إِقتِناء وَحُب تَمَلُّك وَحُب ذات كُلَّ شِئ يَتَمَنىَ أنْ يقتنِيه أي شِئ يراه يُرِيده أي شِئ يراه يُرِيده حَتَّى لَوْ كَانَ هذَا الشِئ مكاناً أوْ كانت بِنتاً أوْ سَيِّدة ؟!!! فَهُوَ يعتبِر أنَّ هذَا جُزء مِنْ حُبَّه لِلتَمَلُّك وَحُبَّه لأمور العالم إِنَّهُ يُغَذِّي ذاته يُغَذِّي حُبَّه لِلعالم لِذلِك هُناكَ إِرتِباط وثِيق بينَ " شهوِة الجسد وَشهوِة العيُون وَتَعَظُّم المَعِيشة " ( 1يو 2 : 16 ) يوجد إِرتِباط وثِيق جِدّاً بينَ الإِنسان الَّذِي لاَ يعرِف أبداً أبداً أنْ يضبُط شهوِة نَفْسه فِي المُقتنيات وَبينَ الشَّهوة لَكِنْ الإِنسان المُتَعَفِّف الإِنسان العَفِيف فِي المِلكِيَّة الإِنسان الَّذِي يُعطِي الَّذِي يبِيع مِنْ أجل المَسِيح هذَا يَكُون عِنده ضبط لِغَرِيزته لأِنَّهُ دَاسَ عَلَى أمور كَانَ مِنْ المُمكِنْ أنْ تَكُون لديهِ الرغبة فِي إِقتنائِهَا لِذلِك كُلَّمَا كَانَ عِندك قناعة وَتَقُول مَعَ مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول [ قَدْ تَعَلَّمْتُ أنْ أكُونَ مُكْتَفِياً بِمَا أنَا فِيهِ ] ( في 4 : 11 ) تَجِد أنَّ العِفَّة بِالنِسبة لَكَ قَدْ أصبحت أسهل تقُول " يعنِي أبُونَا عايِز يِزَنَّق عَلِينا مِنْ كُلَّ حاجة يعنِي لاَ فِكر وَلاَ نظر وَلاَ سمع وَلاَ قِنية !!! " أقُول لَكَ الحياة مَعَ رَبِّنَا باب ضَيَّق أنَا لاَ أكَلِّمك عَنْ باب وَاسِع إِنَّهُ باب ضَيَّق [ وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ ] ( مت 7 : 14 ) لَكِنْ [ لاَ تخف أيُّهَا القَطِيعُ الصَّغِيرُ لأِنَّ أبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أنْ يُعطِيكُمُ المَلَكُوتَ ] ( لو 12 : 32 ) لِذلِك مهما بدت الخَطِيَّة لَذِيذة أوْ جَمِيلة تَذَكَّر دَائِماً أنَّهُ لَيْسَ موضُوع لحظة إِنَّ عَاقِبتها مُرَّة [ قَدَمَاهَا تنحَدِران إِلَى الموتِ خَطَوَاتُهَا تَتَمَسَّكُ بِالهَاوِيَةِ ] ( أم 5 : 5 )[ أبْعِدْ طَرِيقكَ عَنْهَا ]( أم 5 : 8 )إِنَّ عدو الخِير هُوَ الَّذِي يُحَاوِل دَائِماً أنْ يزرع فِينَا أنَّ الخَطِيَّة شِئ طبِيعِي وَلَذِيذ وَمحبُوب قُل لَهُ لاَ إِنِّي أجتهِد أنْ أضبُط نَفْسِي وَجسدِي وَأضبُط نظراتي وَانفِعَالاَتِي الخَطِيَّة مُرَّة الخَطِيَّة مَذلَّة مُهِينة وَقَبِيحة تقرأ فِي بُستان الرُهبان عَنْ رَاهِب كَانَ مُحارباً بِخَطِيَّة الشَّهوة وَالزِنا فَسألَ مُعَلِّمه ماذا أفعل خَلاص لَمْ أعُد أقدِر أُرِيد أنْ أذهب لِلعالم ؟ فَقَالَ لَهُ مُعَلِّمه " خُذ قَلِيلاً مِنْ الخُبز وَقَلِيلاً مِنْ الماء وَامضي إِلَى البَرِّيَّة لِمُدة أربعِين يوماً "فَأطَاعَ مُعَلِّمه وَبعد عشرِين يوماً مِنْ الجِهاد رَبِّنَا سمح أنْ يُرِيه منظر إِمرأة رَدِيئة جِدّاً شكلها مُخِيف سَيئ جِدّاً رَائِحتها كَرِيهة جِدّاً جِدّاً جِدّاً فَقَالَ لَهَا مَنْ أنتِ ؟ فَقَالت لَهُ أنَا شيطان الزِنا الَّذِي يُغوِي النَّاس وَأتَزَيَّن بِشكل حلو وَرَائِحة حلوة أتَزَيَّن بِمَا لَيْسَ فِيَّ لَكِنْ الرَّبَّ هُوَ الَّذِي أمرنِي أنْ أظهر لَكَ عَلَى حَقِيقتِي لِذلِك حَاوِل أنْ تجتهِد أنْ تعرِف أنَّ عَاقِبتها مُرَّة وَكُنَّا قَدْ تحدَّثنا فِي مرَّة سَابِقة عَنْ تقدِيس الغرِيزة وَكيفَ أنَّ الله أعطانا إِيَّاهَا لاستخدام مُقَدَّس لاَ لِلَذة بَلْ لِلإِحتِياج فَالله قَدْ وَضَعَ هدفاً لِكُلَّ غرِيزة فِينَا فَمِثلما أعطاك غرِيزة الأكل لاَ لِتَظِل تأكُل وَتشرب بَلْ لأِنَّكَ تحتاج الأكل كي تحيا وَتعمل " يِمَشِّيك " هَكَذَا أعطاك الغرِيزة كي تَكُون لديكَ وَسِيلة لِحِفظ النُوع وَالتناسُل كي يُبقِي عَلَى الإِنسان مِنْ صَلاَح رَبِّنَا لِذلِك يَجِب أنْ تُدرِك أنَّ الزواج مُقَدَّس وَأنَّ العِفَّة ليست لِلشُّبان فقط بَلْ هِيَ أيضاً لِلمُتَزَوِجِين لأِنَّ حَتَّى المُتَزَوِج يَجِب أنْ يحيا فِي عِفَّة عِفَّة فِي حياته الدَاخِلِيَّة لاَ تظُنْ أبداً أنَّهُ عليكَ أنْ تكبِت فِي رُوحك وَنَفْسك إِلَى أنْ تَتَزَوج !! أقُول لَكَ لاَ الزواج لَيْسَ حِلاً أوْ رُخصة لِمُمارسة الشَّهوة أبداً الزواج مُقَدَّس وَالإِنسان الَّذِي لاَ يعرِف أنْ يضبِط نَفْسه فِي شبابه لَنْ يعرِف أنْ يضبِط نَفْسه فِي زواجه وَهذَا هُوَ السبب فِي أنَّكَ قَدْ تَجِد إِنساناً مُتَزَوِجاً لَكِنْ عِينه غِير مُنضَبِطه وَأنتَ كَشاب تقُول فِي نَفْسك " إِنْ كَانَ هذَا الرجُل مُتَزَوِج فَلِماذا يفعل هذَا ؟ !! " ذلِك لأِنَّهُ أساساً مُستهتِر غِير عَفِيف فِكره سَائِب عِينه سَائِبه أُذُنه مُستحِكة لِذلِك لاَ يستطِيع أنْ يضبِط نَفْسه أبداً لأِنَّ الأمر مُتَعَلِّق بفِكره وَعِينه وَمظهره وَجسده لِذلِك تَعَوَّد أنْ تَتَعَامل مَعَ الكُلَّ بِمَحَبَّة وَبَساطة وَإِنِّي أفَضَّل أنْ يَكُون صَدِيقك المُقترِب إِليكَ الَّذِي تقِف معهُ كَثِيراً وَتَتَكَلَّم معهُ وَتحكِي معهُ فتى مثلك لأِنَّ الصداقة مَعَ الجِنس الآخر تحتاج إِلَى نُضج وَوَعي رُوحِي وَهُوَ شِئ نفتقِده نوعاً وَكَذلِك هُناكَ فرق بينَ الصَدَاقة وَالعِلاَقة الغِير مضبُوطة لأِنَّ كَثِيراً مَا تَجِد شاباً يقُول " يَا أبُونَا أنَا كُلَّ أصحابِي الوِلاد مَا برتاح لهُمش لَكِنْ فِيه واحدة أنَا برتاح لَهَا !! " – معقُول – كُلَّ الأولاد لاَ ترتاح لَهُمْ وَالَّتِي ترتاح لَهَا هِيَّ بِنت فقط !!!! ألاَّ يُعطِيكَ هذَا مؤشِراً أنَّ بِدَاخِلك شِئ غِير صَحِيح فَانتَبِه لأِنَّ هذَا الشُعُور لَيْسَ سَلِيماً لاَ تترُك نَفْسك لِهذَا الأمر أُضبُط نَفْسك صَحِيح الولد فِيه مِيل لِلبِنت لاَ نِنكِره لَكِنْ هذَا المِيل يَجِب أنْ يَكُون مِيلاً مُنضَبِطاً مُقَدَّساً العِفَّة مُحَصِّلة لأمور كَثِيرة جِدّاً جِدّاً كُلَّما تِجَاهِد فِيها كُلَّما تذُوق عربُونها لأِنَّها عربُون الحياة الأبَدِيَّة الحياة السَّمَاوِيَّة المَلاَئِكِيَّة الإِنسان الَّذِي يجتهِد أنْ يُقَدِّس فِكره وَسمعه وَمُقتنياته الَّذِي يبتَعِد عَنْ العثرات الَّذِي لَهُ نظرة عَلَى استحياء تَجِد لَهُ عُمقاً فِي حياته كُلَّمَا سنبدأ نذُوق جُزءاً مِنْ عمل نِعمة رَبِّنَا فِي العِفَّة كُلَّمَا سَنُحِبَّهَا أكثر كُلَّمَا تفتح لَنَا كنُوزها أكثر كُلَّمَا نفرح بِهَا لأِنَّهَا تُعطِي الإِنسان عذوبة وَتجعل الإِنسان يرفُض الدنس أكثر وَيعرِف كيفَ يقتنِي إِناءه بِقَدَاسة وَكَرَامة كَقُول مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول ( 1تس 4 : 4 ) هذَا هُوَ جمال العِفَّة رَبِّنَا يُعطِينا عِفَّة تشمل كُلَّ أمور حياتنا حَتَّى نحصُل فِي النِهاية عَلَى العِفَّة الَّتِي بدأنَا بِالحدِيث عَنْهَا كَأسمى جَمِيع الفضائِل رَبِّنَا يُعطِينَا نِعمة وَيِكَمِّل نقائِصنا وَيِسنِد كُلَّ ضعف فِينا بِنِعمِته وَلإِلهنَا المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
28 فبراير 2025
مائة درس وعظة (٦٥)
علاقتي بالكتاب
"لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته "(عب ١٢:٤).
إن علاقة الإنسان بالكتاب المقدس. تأخذ تدرجاً لطيفاً، ويمكن أن نلخصها في سبع مراحل
أولا: اقتناء الكتاب:
يجب أن يكون لكل إنسان الكتاب القدس الخاص به، مما يجعله يتألف عليه وتكون حروف سهلة أمام عينيه واتذكر اننى كنت في أحد المؤتمرات وعند الاستعداد للعودة، لاحظت أن إحدى الخادمات في حالة تعب شديد، وعندما سالت عن السبب قالت: إن كتابها المقدس قد فقد منها ولاحظت شده حزنها وتأثرها وقد تعجبت من هذا وعندما سألتها: لماذا كل هذا الحزن، سأحضر لك كتاباً مقدساً آخر، قالت كيف ها" إن هذا الكتاب معي منذ حوالي ثلاثين عاماً، إنه عشرة عمر
ثانياً: محبة الكتاب
يجب على كل إنسان أن يحب كتابه المقدس، ويحب المعرفة فيه، والبحث فيه "وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلا" (مز٢:١)، وكلمة "يلهج" تعبر عن أن الكتاب يعيش بداخله.
ثالثاً: قراءة الكتاب:
يجب أن نقرأ وندرس في الكتاب المقدس ونتعمق فيه
"إن جهلنا بالكتاب المقدس هو جهلنا بالمسيح" (القديس جيروم).
"الكتاب المقدس هو فم المسيح" (القديس أغسطينوس)
"عدم معرفتنا بالكتب المقدسة هو علة كل الشرور" (القديس يوحنا الذهبي الفم)
رابعاً: فهم الكتاب
يجب أن يكون لك فهم حقيقي بالكتاب تفهم معانية وأبعاده، فلكي تعرف وتفهم وتعيش داخل الكتاب لابد أن تفهم الكلمة اولا.
خامساً: حفظ الكتاب:
يجب أن تحفظ عبارات ومقاطع وأصحاحات من الكتاب، حتى يمكن أن يقال لك "إن لغتك تظهرك" (مت ٧٣:٢٦)، وبذلك يكون كلامك مملحاً بملح.وداود النبي يقول: "محبوب هو اسمك يارب فهو طول النهار تلاوتی" (مز ۱۱۹) ونقول في التسبحة "اسمك حلو ومبارك في افواه قديسيك" (إبصالية السبت)، فحفظ الكلمة المقدسة من الأمور المهمة جداً لكل إنسان وهناك عبارة جميلة تقول" من يحفظ المزامير تحفظه المزامير، ومن يحفظ الإنجيل يحفظه الإنجيل" فالحفظ هو أحسن دواء لتطهير الفكر، ولا تنسوا يا احبائى أننا نعاني جميعاً من الأفكار المتعبة التي تحاربنا، فاقوى سلاح يطرد هذه الأفكار المتعبة والمقلقة هو الكلمة المقدسة فإن كانت توجد أفكار ردينة، فالعلاج هو حفظ الكلمة المقدسة، كما أن حفظها يعطى مادة الصلاة ليس الحفظ هو للحفظ، ولكن الحفظ هو صلاة.
سادساً: التكلم بالكتاب
وكما قال داود النبي "أخبر باسمك إخوتي" (مز ۲۲ :۲۲) فتخيلوا معی یا إخوتي إن كان حديثنا مطعما دائما بايات الكتاب، فكم يكون تأثيره؟
المرحلة السابعة والأخيرة، بها يصير الكتاب هو حياة الإنسان، فيصير إنجيلاً مقروءاً من جميع الناس، وهناك آية واحدة فقط في الكتاب المقدس، بدأت بكلمة فقط "فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح "(فی ۱ :۲۷) وقد سألوا شخصاً أجنبياً، ما هي افضل ترجمة للكتاب المقدس
فاجاب إن أفضل ترجمة للكتاب، هى ترجمة أمى بمعنى أن أمه، كانت لها ترجمة حية الكتاب في حياتها، وهكذا يجب أن يكون.
قداسة البابا تواضروس الثانى
عن كتاب صفحات كتابية
المزيد
27 فبراير 2025
بدعة سابيليوس
هو صاحبة البدعة السابيلية المعروفة بأسمه، والسابيلية تعلم بأن الآب والابن والروح القدس هم شخص واحد وليس ثلاثة أقانيم. فنقول "أن الآب أعطى الناموس فى العهد القديم، ثم ظهر هو نفسه بأسم الابن فى التجسد، وبعد أن أختفى المسيح بالصعود ظهر هو نفسه باسم الروح القدس. أى أن الثالوث هو ثلاث ظهورات متوالية فى التاريخ لشخص واحد، وليس ثلاثة أقانيم لهم جوهر واحدوقد وُلد سابيليوس في نهاية القرن الثاني ومات عام 261 م تلميذ نوئيتوس الهرطوقي أحد أساقفة بطلومايس بالخمس مدن الغربية. كان قد تربى في مدينة رومية، وتتلمذ لنوئيتوس الهرطوقي وأصبح كاهنا وهو ليبي الجنسية تعلّم في روما واستقر بها.. وأخذ عنه تعاليمه التي تنحصر في أن الإله أقنوم واحد أعطى الناموس لبني إسرائيل بصفته الآب، وصار إنسانًا في العهد الجديد بصفته الابن، وحلّ على الرسل في علّية صهيون بصفته الروح القدس وأصبح سابيليوس كاهنا وهو ليبي الجنسية تعلّم في روما ومن ثم أتى مصر وأضل كثيرين ببدعة مؤداها أن الله نفسه هو الذي كفر عن خطايا البشر وأنكر الأقانيم الثلاثة هذه البدعة التي جددها فيما بعد رجل يدعى أوسابيوس مجدد بدعة سابيليوس قال فيها أن الأقانيم وجوه ثلاثة وليست طبيعة في جوهر الله فسمى الله قبل التجسد (آب) وفى تجسده يسمى (ابن) وفى عطاياه يسمى (الروح القدس) وعقد ديونيسيوس الاسكندرى مجمعا في الإسكندرية سنه 261م حرم فيه سابيلوس ولكن أتباعه لجأوا إلى أسقف رومية وكان يدعى ديونيسيوس أيضا واتهموا بطريركهم الاسكندرى بالهرطقة. وفى تسرع حرم الأسقف الروماني البطريرك الاسكندرى وأرسل له رسالة إلى الأسقف ديونيسيوس الروماني أفهمه فيها بالأمر فشعر أسقف رومية بخطأه وانتهى النزاع الذي يسمونه تاريخيا (نزاع الدينيسيون).
وتتلخص تعاليم هذه البدعة فيما يلي:
الله الأزلي الذي خلق العالم وكل ما فيه خرج عن صمته وعن راحته بخلق هذا العالم، وعندما خلقه أصبح الله الآب
عند التجسد، فالله نفسه، نفس الشخص والجوهر هو الذي تجسّد في الإنسان يسوع الناصري أي أن الإله الذي تجسّد في يسوع الناصري ليس الابن أو اللوغوس بل هو الله نفسه، أي أن الآب أصبح ابناً وهو الذي صُلب وتألم ومات.
بعد الصعود، فالروح الذي حلّ على التلاميذ يوم الخمسين هو نفس الشخص الذي كان يعمل في العهد القديم، وهو نفسه الذي صار ابناً أي أن الآب والابن والروح القدس هم طرق أعلن بها الأقنوم الواحد عن ذاته. فكان الآب قبل التجسد، وأظهر نفسه -الآب-كابن منذ التجسد إلى الصعود، فالروح القدس فيما بعد الصعود وقال القديس أبيفانيوس عن أصحاب هرطقة سابيليوس: كل خطأهم وقوته هو أنهم يأخذون (يستخرجون) عقائدهم من بعض الأبوكريفا، خاصة المسمّى "إنجيل المصريين"، كما يسميه البعض، لأنه مكتوب فيه مثل هذه الأشياء الناقصة كأنها جاءت سراً من المخلص، كالتي كشفها للتلاميذ أن الأب والابن والروح القدس واحد ونفس الشخص والأقنوم.
أولاً: محتوى تعاليم نوئيتوس
بدأت هذه الهرطقة بتعاليم من نوئيتوسNoetus حيث أعتقد تابعوه "مؤلّمي الآب"(*) وكانت هرطقتة بسيطة حيث ظن فى أن الإله أقنوم واحد أعطى الناموس لبنى أسرائيل بصفته الآب وصار أنساناً فى العهد الجديد بصفته الأبن وحل على الرسل فى علية صهيون بصفته الروح القدس ولهذا أعتبر أن ما حّل بالابن من آلام قد حّل على الآب، لهذا دعيت هذه الفئة بأسم " مؤلمى ألآب "
ثانياً: محتوى تعاليم سابليوس:
وقد قام سابيليوس شرح ما تُعلِّمه الكتب المقدسة عن الآب والابن والروح القدس بنوع يختلف عن نوئيتوس، فاعتقد أن جزءً من الطبيعة الإلهية أُفرز من الله الآب وكوّن الابن بالاتحاد مع الإنسان يسوع المسيح، وأن جزءً آخر انفصل عنه فكوّن الروح القدس، وفى هذا هرطقة لسبب بسيط أنه جزء الإله، وأعتقد سابليوس أن عقيدة الثالوث فى المسيحية في الله الواحد عقيدة صعبة وغير مقبولة ومرفوضة من اليهود والوثنيين رفضاً تاماً لذا فكر سابليوس فى تبسيط وشرح هذه العقيدة فى بدعة مكونة من مراحل ثلاث كما يلى: -
المرحلة الأولى الله الأزلي الذي خلق العالم وكل ما فيه خرج عن صمته وعن راحته بخلق هذا العالم، وعندما خلقه أصبح الله الآب الخالق جوهراً واحداً وشخصاً واحداً، ووحدة واحدة وهو نفس الشخص من الخلق إلى التجسد.
المرحلة الثانية: عند التجسد، فالله نفسه، نفس الشخص والجوهر هو الذي تجسّد في الإنسان يسوع الناصري أي أن الإله الذي تجسّد في يسوع الناصري ليس الابن أو اللوغوس بل هو الله نفسه، أي أن الآب أصبح ابناً وهو الذي صُلب وتألم ومات.
المرحلة الثالثة: بعد الصعود، فالروح الذي حلّ على التلاميذ يوم الخمسين هو نفس الشخص الذي كان يعمل في العهد القديم، وهو نفسه الذي صار ابناً أي أن الله أخذ شكل الآب في بداية الخلق، وفي التجسّد انتحل شكل الابن وبعد ذلك انتحل شكل الروح القدس مما سبق يمكن تلخيص نعتقده أنه يؤمن بوجود إلاه قام بأدوار ثلاثة في ثلاث حقبات مختلفة من الزمن. لاقى تفسير سابليوس رواجاً عظيماً حتى أطلق كثيرون عليه الانتحالية السابلينية، وقد اقتنع بفكره الكثير من معلمي الكنيسة لسهولتها وعدم تعقيدها.
لماذا ترك سابيليوس روما وذهب إلى مصر؟
نشر بدعة سابيليوس في روما ومصر أول من اعتنق بدعة نوئيتوس وسابيليوس زفيرينوس أسقف رومية وكاليستوس خليفته، وساعدا المبتدعين على نشر بدعتهما حتى انتشرت تلك الهرطقة وعمَّت أنحاء الغرب. غير أن كاليستوس سام أساقفة وقسوسًا وشمامسة من الذين تزوّجوا ثانية وثالثة، ثم أباح العماد لمغفرة الخطايا وادّعى بأن الأسقف لا يُقطَع من الكهنوت مهما ارتكب من الآثام. ولما لم يوافقه سابيليوس على ذلك حرمه، فجاء إلى مصر سنة 257م،
موقف الكنيسة من سابليوس:
قام البابا كاليستوس بإصدار حرماناً ضد سابليوس وأتباعه عام 220م، ويقول بعض المؤرخين أن سابليوس قد ظل في روما بعد حرمانه ولكن البعض الآخر يرى أنه حضر إلى مصر ونشر تعاليمه بها. وبرغم دفاع الكنيسة ضد هذا المذهب إلا أنه انتشر بسرعة كبيرة في أماكن كثيرة جداً من المسكونة وأخذ ينشر فيها بدعة مؤلّمي الآب فجذب إليه كثيرين، ولما اعرف بالبابا ديونيسيوس أمره قاومه بشدة، وانتهى الأمر أخيرًا بحرم سابيليوس في مجمع عقد سنة 261م. السابيلية السابيلية Sabellianism أو Modelist أو المونارخية (الوحدانية المطلقة) Monarchiaism، وفي الغرب تدعى مؤلمي الآب Patripassianism. ترجع هذه الحركة إلى عصر الشهيد يوستين الذي أدان القائلين بأن "الابن هو الآب" (حوار مع تريفو 128). جاءت هذه الحركة أولاً كرد فعل خاطئ لمقاومة الفكر الغنوصي في القرن الثاني، حيث كان الغنوصيون يتطلعون إلى الابن والروح القدس أنهما أيونان صادران عن الله الأسمى، وانهما أقل منه، فأراد البعض تأكيد الوحدانية بين الثالوث فسقطوا في نوعٍ من السابيلية. وجاءت أيضًا كرد فعل ضد الأريوسية في القرن الرابع (استخدمها مارسيلليوس أسقف أنقرة Marcellus of Ancra لنزع فكرة التدرج عند الثالوث القدوس. لقد أوضح ترتليان في مقدمة مقاله ضد براكسيس Praxeas، بأن هذه الهرطقة إنما ظهرت خلال الرغبة في تأكيد الإيمان الأرثوذكسي.
هرطقة / بدعة سابيليوس
وفى نفس الرسالة يشير أيضا إلى تعاليم سابيليوس الهرطوقية التى إزدادت إنتشاراً فى وقته ويقول: " أما عن التعليم الذى أثير الآن فى بيولمايس التى فى بنتابوليس، المملوء كفراً وتجديفاً على الرب القدير الآب، وربنا يسوع المسيح، والمتضمن شكوكاً كثيرة بخصوص أبنه الوحيد بكر كل خليقة، الكلمة المتأنس، وقصوراً شديداً فى معرفة الروح القدس، فنظراً لأنه قد وصلتنى رسائل من كلا الطرفين ومن الأخوة لمناقشة الأمر، فقد كتبت بضع رسائل لمعالجة الموضوع وضعت فيها بمساعدة الرب كثيراً من التعاليم على قدر أستطاعتى، وها أنا أرسل إليك نسخاً منها الجزء التالى نقل عن المؤرخ القس منسى يوحنا
إنتشار بدعة نوئيتوس
وكان سابيليوس أول من أعتنق بدعة نوئيتوس وسابيليوس زفيرينوس أسقف روما وكاليسطوس خليفته وساعد المبتدعين على نشر بدعتهما حتى أنتشرت هذه البدعة فى الغرب، ومما زاد الطين بله أن كاليسطوس سام اساقفة وفسوساً وشمامسة من الذين تزوجوا ثانية وثالثة - ثم اباح العماد لمغفرة الخطايا - وأدعى أن الأسقف لا يقطع من الكهنوت مهما جنى من آثام - سابسليوس فى مصر وبدعته مؤلمى الآب ولكن سابيليوس لم يوافقة على الأعمال الأخيرة فحرمه فترك روما وذهب إلى مصر سنة 257 م وأخذ ينشر فيها بدعته التى أساساها بدعة نوئيتوس وهرطقة " مؤلمى الاب "
ما هو محتوى عقيدة مؤلمى الآب؟
وهم يعتقدون أن الذات نفسه لا أحد أقانيمه هو الذى كفر عن خطايا البشر .
مجمع محلى
وقد أضل سابيليوس ببدعته هذه كثيرين من المؤمنين وبعض الأساقفة، فوقف البابا ديونيسييوس وقفة البطل الباسل وقاوم ضلالهم فى منشور أرسله إلى الأسقفين أمونيوس وأفراندر، ولما لم يتمكن من أرجاع سابيليوس حرمه فى مجمع عقده بالأسكندرية سنة 261 م بعد أن فند فى رسالة كل تعاليمه الفاسدة .
الأسقف الرومانى يحرم الأسقف المصرى
فرأى أنصار سابيليوس أنهم فى حاجة إلى من يشد أزرهم فأغراهم بعض الدخلاء من الرومانيين على الشر والشقاق فكتبوا إلى ديونيسيوس أسقف روما كتاباً فيه يرمون بطريركهم بالهرطقة والبدعة، وكان السقف الرومانى شاباً قليل الخبرة والمعرفة بالنسبة إلى البطريرك السكندرى الذى كان واسع الأطلاع كثير الخبرة فى التعامل مع الكل، فسار ديونيسيوس الرومانى سير الأعتساف وأرتكب متن الشطط وعقد مجمعا حرم فيه ديونيسيوس البطريرك المصرى، بل وأرسل يعلمه بالحكم ويسأله عما إذا كان عنده شئ يدافع به عن نفسه، الأمر الذى عده البطريرك المصرى جسارة من أسقف روما وأهانة له، غير أنه لعظم تقواة وتمسكه بأوامر الديانة المسيحية، لم يرض أن يقابل الشر بالشر بل عمد إلى قلمه وأرسل إليه رساله يوضح له فيها العبارات التى أشكل عليه فهمها، فكانت تلك الرسالة حداً فاصلاً فى النزاع الذى يسميه المؤرخون " نزاع الديونيسيين " وأقتنع الأسقف الرومانى بأنه تسرع وأخطأ فى عمله وأحترم البابا الأسكندرى ووقف بجانبة فى دحض بدعة بولس السيماساطى أسقف أنطاكية
البدع و الهرطقات في القرون المسيحية الأولى
أ- تعريفها: عندما نتتبع تاريخ الفكر المسيحي، وخاصة التعاليم المختصة بشخص الرب يسوع، نلاحظ ظهور عدداً كبيراً جداً من المذاهب والمعلمين الذين يحاولون الإجابة على سؤال السيد »من يقول الناس إنى أنا«. وكما سبق ورأينا كيف حاد الكثيرون عن الطريق الصحيح عند محاولتهم الإجابة على هذا السؤال. وأثناء هذا نادى بعض اليهود المسيحيين بوحدانية الله وبأن الله واحد سامٍ عظيم لا يمكن تقسيمه واشترك بعض المعلمين في هذه الطريقة ولكنهم بعد فترة خرجوا بتعليم جديد يُسمى موداليسم وظهر العديد حوالي عام180م، منهم نوتوس المسميرني، وانتشر هذا المذهب في روما في أيام البابا زفيرنوس (202-217).
(*) هذه الفقرة من حاشية المؤرخ القس منسى يوحنا ص 117: " أن اول من نشر بدعة "مؤلمى ألاب" هو أبراكسياس الذى وفد على رومية من أسيا الصغرى وفتح مدرسة بث فيها ضلالة وأستطاع أن يجذب إلى هرطقته زنيرينوس أسقف روما وكاليسطوس خليفته وقام بعد أبرااكسياس تلميذة نوثيتوس بنشر بدعته، فلما علم البابا ديونيسيوس أن هذه البدعة أخذت تتسلط على عقول الرومانيين كتب لثوثيتوس رسالة طويلة شرح فيها التعليم الصحيح وفند بدعته، التاريخ لا يقر الباباوين فى صحة أعتقادهم لأنهم الذين ينادون بصحة (عصمة) باباواتهم، ولولا باباوات الأسكندرية لأصبحت الكنيسة الرومانية مجموعة من الهرطقات (تعليق من الموقع: الروح القدس هو الذى يحرك قادة الكنيسة فى الدفاع عن الأيمان والرب يسوع هو الذى يفرحنا بخدمة كلمته، ولكن الرب يستخدمنا هو الذى ينمى، ولا يوجد واحد معصوم من الخطأ ألا الرب يسوع الذى قال من منكم يبكتنى على خطية، والكتاب قال الجميع زاغوا وفسدوا ... ليس من يعمل صلاحاً ولا واحد)
بدعة سبليوس البدعة " السابيلية " أو " الشكلانية" أو "الحالانية" (modalisme)
أو بدعة المبدأ الواحد (Monarchianisme)
محتوى بدعة سبليوس:
أعتقد أن الإله هو أقنوماً واحداً ظهر فى ثلاثة أشكال للأب والأبن والروح القدس وليس ثلاثة أقانيم أو أحوال: حال الآب، وحال الابن، وحال الروح القدس، وكان يبحث عن وحدانية الإله ورأى أن هذه الوحدانية لا تتفق مع وجود ثلاث أقانيم فالتمييز في الإله ليس بين أقانيم بل بين أحوال وأشكال ثلاثة اتخذها الإله الواحد في الزمن. لذلك نستطيع أن نخلع عليه ثلاثة أسماء، فندعوه تارة الآب لأنه مبدأ الكون وخالقه، وتارة الابن لأنه تجسّد وصار إنساناً، وتارة الروح القدس لأنه يملأنا بحضوره,
الرد:
وعلى هذا أصبح هناك أنفصالاً وتغييراً إلهياً متميز غير ثابت وهذا فى حد ذاته ضد الفكر عن ثبوتية الإله وليس عن قدرته, ولم يستطع هذا الفكر تفسير ظهور الأقانيم الثلاثة فى وقت واحد وقت عماد السيد المسيح، ويتعارض هذا الفكر أيضاً فى أن هذه الأقانيم الثلاثة موجودة فى التوراة فى آيات كثيرة وقبل والمسيحية نفسها، وينتج من فكر هذه البدعة أن الآب نفسه هو الذي تجسّد في الزمن في أحشاء مريم العذراء ووُلد منها طفلاً وتألّم وصُلب ومات وقام، ممّا يناقض مناقضة صريحة كل تعاليم العهد الجديد حول المسيح والآب، انه الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس. وهذا الأقنوم هو الذي أخذ من مريم العذراء طبيعة بشرية وصار إنساناً خاضعاً مثلنا للألم والموت إلاّ أن المسيحية تعود فتؤكّد، في شخص المسيح أيضاً، سموّ الله، فتقول ان المسيح لم يخضع للألم والموت إلا في طبيعته البشرية. وهذا ما ستوضحه الكنيسة في المجامع اللاحقة التي سنأتي على ذكرها في القسم الثالث من هذا البحث ويذكر المؤرّخ يوسابيوس أسقف قيصرية في كتابه "تاريخ الكنيسة" (ك 7: ف 6) أن ديونيسيوس أسقف الاسكندرية (190- 264) كان ينعت أصحاب تلك البدعة بالتجديف والكفر وعدم الاحترام للآب والابن والروح القدس
زمن ومكان ‘إنتشار هذه البدعة:
في أواخر القرن الثاني وفي النصف الأول من القرن الثالثبدأت هذه البدعة في الإنتشار فى آسيا الصغرى وروما وشمالي أفريقية . ومن أهم دعاتها نوئيطوس الذي بشّر في أزمير بين سنة 180 وسنة 200، وبراكسياس الذي نشر تعاليمه في قرطاجة ورومة، وسابيليوس أسقف بطوليمَائيس في الخمس المدن، وقد كان له تلامذة كثيرون في رومة، ودُعيت البدعة نفسها أيضاً باسمه: السابيلية وتجد دحضاً لتعاليم نوئيطوس في كتاب "دحض جميع الهرطقات" المنسوب إلى القديس ايبوليتوس الروماني (170- 235)، ودحضاً لتعاليم براكسياس في كتاب لترتوليانوس عنوانه "ضد براكسياس"
المجمع المسكوني الثاني المنعقد في القسطنطينية سنة 381 م
في القانون الأول من قوانين المجمع المسكوني الثاني المنعقد في القسطنطينية سنة 381 م نجد أنهم ذكروا السابيلية بين البدع التي يجب نبذها، ومنذ ذلك الوقت فقدت عندئذٍ قوّتها كتنظيم خاص، إلاّ أنّ آراءها ظلت شائعة عند بعض الناس لبعض الوقت ثم تلاشت وقد اشار إلى هذه البدعة البابا القبطى خريستودولو ال 66 فى الرسالة التى أرسلها إلى البطريرك يوحنا 11 الأنطاكى ال 64 فقال عن سبليوس: فنرزل هذا الهوس ومعه هوس سبليوس الذى جمع الثالوث الأقدس فى أقنوم واحد قائلاً أن هذا الأقنوم دعى العهد القديم أباً وفى زمان التأنس إبناً وفى حلول الروح وبعده روحا قدساً، فلم يعط الثالوث الأقدس ما يجب له من الكرامه بحسب كونه أقانيم حقيقية ذات طبيعة واحده إلهيه معبودة
بعض أقوال الآباء ورسائلهم والقوانين التى أقروها
أولا: الرسالة التى أرسلها البابا القبطى خريستودولو ال 66 إلى البطريرك يوحنا 11 الأنطاكى ال 64
ثانيا: نسخة من قوانين الأنبا كيرلس الثانى البابا رقم 67
الرسالة المدونة فى كتاب إعتراف الآبآء الخريده النفيسه فى تاريخ الكنيسه للأسقف الأنبا إيسوزورس طبع القاهره 1923 الجزء الثانى ص 341- 345
الإعترافات: هى رسائل مدونة كانت ترسل إلى كنائس أخرى دليل لأستمراراًوحدة الإيمان وللتأكيد على الصلة الأخوية وهذه الرسائل مرسلة غلى الكنيسة الأنطاكية
أولا: الرسالة التى أرسلها البابا القبطى خريستودولو ال 66 إلى البطريرك يوحنا 11 الأنطاكى ال 64
نؤمن معترفين بالآب والإبن والروح القدس الطبيعه الواحده اللاهوتية ذات الكرامة والعظمة والمجد ذات الثلاثة أقانيم المتساوية فى الجوهر ثلاثة مفترقة بالأقانيم غير منفصله فى الجوهر ذات لاهوت واحد وربوبية ومشيئة وقوة واحده وسلطان وملك واحد، توحيد بتثليث وتثليث بتوحيد إجتماع منقسم وإنقسام مجتمع وهى إله واحد خالق مالا يرى وما يرى ينفصل بالتثليث ويعبد بالتوحيد وهذا تفصيل ما أجملناه إن الآب علة العلل والد منذ الأزل غير مولود وهو ينفرد بهذه الخاصية خاصة الأبوه والولاده والأبن مولود من الآب قديماً قبل كل الدهور وهو أزلى مع أبيه ولأقنومه خاصة البنوة لأنه مولود من الآب فلا يدعى أباً ولا ولداً والروح القدس منبثق من الآب لا يدعى أباً ولا إبناً ولأقنومه خاصة الإنبثاق من الآب، ونفهم أن كل واحد من هذه الأقانيم هو إله ورب لأن الجوهر فى الثلاثة واحد لا يتباعد ولا ينقسم، وإذا قلنا مطلق القول إله واحد فلا يبطل قولنا تسمية القانيم وتمييزها لأن خاصة كل واحد من ألقانيم ثابته دائمة أبداً، وتمييز الأقانيم لا يجعل قسمه فى لاهوت الواحد، لأن هذا الواحد ثابت دائماً لأن الثالوث الأقدس متحد بغير إنفصال ومنفصل بإتحاد هذا السر العظيم يجل عن التعريف والتكييف والتحديد لا تقدر الخلائق العلوية أو السفلية أن تصل إلى كنهه: وما شرحناه لرئآستك ايها الأخ السعيد هو نتيجه ما تعلمناه من الآباء المتآلهى القلوب خزانة سرآئر بيعة الرب المقدسة فنحن متبعون خطواتهم متمسكون بآرائهم ولذلك فإننا نحرم ونرزل إعتقاداً بوليناريوس الإسكندرى أسقف اللاذقية الذى جعل فى الطبيعة الإلهية مراتب ومقادير إن واحداً عظيم وآخر أعظم منه وثالث أكثر عظمة من كليهما وأردف رأيه الفاسد بأن الآب وحده غير محدود بالقوة والجوهر وأما الأبن فمحدود بالقوة فقط دون الجوهر واما الروح القدس فمحدود فى كليهما فنرزل هذا الهوس ومعه هوس سبليوس الذى جمع الثالوث الأقدس فى أقنوم واحد قائلاً أن هذا الأقنوم دعى العهد القديم أباً وفى زمان التأنس إبناً وفى حلول الروح وبعده روحا قدساً، فلم يعط الثالوث الأقدس ما يجب له من الكرامه بحسب كونه أقانيم حقيقية ذات طبيعة واحده إلهيه معبودة – نحرم مع هذين أريوس الكافر بلاهوت الإبن وتجديف مقدونيوس على الروح القدس ومعهم نذل كل ضال منافق مبتدع حائد عن الإيمان المستقيم .
ونؤمن معترفين أن إبن الإله الأزلى الواحد من الثالوث الأقدس المولود من طبيعة الآب بلا إبتداء النور الأزلى الذى به كان كل شئ وبه قيام كل شئ عندما شاء فى آخر الزمان أن يخلص جنس البشر الذى إنحط فى هوة الفساد والهلاك ويرده إلى حسن صورته الأولى أحنى ذاته من علو سمائه بحيث لم يبتعد عن كرسى مجده ونزل على الأرض نزول قطرات المطر على الصوف والناء على الرض القاحلة وحل فى بطن العذراء الطاهرة البتول دائماً بواسطة بشرى جبرائيل رئيس الملائكة وقوله لها: " السلام لك يا ممتلئة نعمة الرب معك " ثم قوله: " الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك لذلك المولود منك قدوس وإبن العلى يدعى " وتجسد من الروح القدس ومن جسدها الطاهرة وتأنس من غير إنتقال ولا إختلاط بل بإتحاد طبيعى أقنومى ذلك الإبن الأزلى المولود من الآب أزلياً ميلاداً يفوق الإدراك حفظ ختوم عذره والدته بحبلها به وولادتها له لأنه الإله صار إنساناً كما قال الإنجيل: " والكلمة صار لحماً وحل فينا " وبعد أن ولد جعل يتصرف مع البشر لصلاح حياتهم متمماً سياسة الخلاص للعالم باسره .
واحد هو الإله المتجسد واحد من إثنين من لاهوت وناسوت مسيح وأقنوم ورب ووجه واحد وطبيعة واحدة لإله الكلمة المتجسد وبهذا التجسد لم يزد عدد رابع على الثالوث الأقدس ولا طبيعة ثتنية على طبيعة الإله الواحدة، ولما تألم بجسده كان تألمه حقيقياً لا وهماً ولا خيالً وكان ذلك لنجاة ذرية آدم وكان يشعر بالألم بالجسد دون اللاهوت المنزه عن الآلم وقد تألم بإرادته منه دون قسر ولا إلزام ومات كذلك على خشبة الصليب، وأظهر قدرته قدوة لاهوته بقيامته المجيدة وبعد ختام هذا التدبير أصبح جسده الذى لم يدن منه التلف ويعبث به فساد غير قابل للألم إلى ما شاء تعالى .
هذا الإله الكلمة المتجسد المتألم المصلوب المائت لما صار إنساناً إستمر إلهاً بلا إستحاله ولا تغيير فى طبعه الإلهى وكذلك الناسوت الذى تأله بهذا الجسد وهذا الإتحاد لم يفقد طبعه الحسى ويتغير ويكتسب عكس المادة وهذا لا يمنع أن يكون معه واحداً بلا إفتراق لأن الإتحاد كان ولا يزال طبيعياً أقنومياً إلى ما شاء الكريم المنان، وبناء على ذلك ننفر من الذى يقول أن المسيح طبيعتان من بعد الإتحاد العجيب كما ننفر من الوحش المفترس .
فهذا هو إعتقادنا أيها السيد شقيقنا وأخونا فى الخدمة هذا الإعتقاد الذى يردد صدى تعليم الرسل الذى تلهج به كنيسة الكرسيين الجليلين أعنى كرسى بطرس العظيم ومرقس البشير المؤسسين الراسخين على صخرة الأمانة الأرثوذكسية وقاعدة الإيمان ومينا الخلاص المؤدى غلى الحياة الأبدية والحصن الحصين الذى يضمنا ويحمينا جميعاً من الكوارث والآفات والسر العظيم فى كمال العبادة والسفينة الواقية من الغرق البلغة إلى المينا مينا الفرح والنعيم، والجوهرة الثمينة والنظام الذهبى الذى حرزناه جميعاً ووجدنا معرفته الإلهية التى لا تبيد .
بهذا نتمسك وعليه نتكل هذا هو الإعتقاد والإعتماد الموفق والأمانة الأمينة الغير المخوفه فى هذه الدنيا الفانية التى بها نرجو الحياة فى الآخرة الدائمة عند الظهور الأخير المخوف ظهور ربنا ومخلصنا لما يجئ بمجده الإلهى مع ملائكته المقربين ليدين الأحياء والأموات، هذا هو الميراث الأفضل والغنى العظيم الذى ورثناه من الآباء القديسين الإجلاء وتسلمناه من السادة منيرى العالم بتعاليمهم .
ولهذا البابا خمسة فصول من رسائله الدورية السنوية مدونه فى كتاب إعترافات الآباء ويذكر فى آخر فصل منها: أنه من رسالته الثالثة والعشرين – وكل فصل يحتوى نفس التعبير عن كيفية الإعتقاد بسر التجسد حسب المعنى الوارد فى الرسالة السابقة .
ثانيا: نسخة من قوانين الأنبا كيرلس الثانى البابا رقم 67
• إنتهى إلى مسكنتى ان قوماً بلتمسوا رشوة على عمل الكهنة فمن تعدا واخذ رشوه أو وعد برشوه حتى يصير فى ذلك بالمكر والخديعة فلا يقبل رياسته ويكون عندكم كالوثنى والعشار وهو مقطوع ومحروم من كنيسة الله هو ومن عمله لا يترك فى الرياسة من كان متعلماً فى نفسه ومحتقر على الناس ويرى نفسه أنه أعظم الناس وهو محقور عند الله مغرور من كهنوته أى أسقف أو قس لم يقبل توبة خاطئ إذا تاب ويرجع عن خطاياه فليقطع من كنيسة الله لأنه خالف قول المسيح الذى فرح بالخاطئ يجب على كل أسقف أن يفتقد كنيسة المسيح والأديره والذى يجمعه (نقود) يصرفه فى عمل القرابين ووقود الكنائس وإقامة المبانى وإقامه الصلوات فى أوقاتها ومن خالف هذه ا القانون فهو مطلوب من الرب يجب أن يتعهد كل أسقف حال كهنته وأديرته ونواحيه وأن لا يبطلوا من الخمس كتب شيئاً فى كل يوم قداس وهو: البولس والقتاليقون (الكاثيليكون) والأبركسيس والمزمور والإنجيل ويقروا لكل واحد من هذه الكتب أوشيه، ولا يؤخروا منهم شيئاً فمن ألغى فى قداسه شيئاً من قراءات هذه الكتب الهمسة فغنه محروم من الرب ما عدا خميس العهد ويفتقد الرئيس إلى الشعب والكهنة ألا يشهدوا بشئ إلا بعد معرفته وصحته فمن خالف ذلك حكم عليه بما يوجب مخالفته يجب على كل أسقف أن يتعاهد جميع كهنتة وشعبه بالتعاليم الإلهية التى تخلصه من الرب وتخلصهم من خطاياهم فكل نفس تهلك فراعيها مطالب بها لا يجوز لأسقف ولا لقس ولا لشماس ولا لعلمانى أن يساكن إمرأة إلا أن تكون أمه أو أخته أو عمه أو خاله تحرم عليه فمن خالف ذلك فقد وجب عليه الحكم يجب على الأسقف ان يتقدم فى كرسيه إلى الكهنة والضهعا والأيتام والأرامل وسدد حاجاتهم ويقوم بما لا بد منه وإلا كان مثل قاتل اخيه
يجب على الأسقف ألا يستصحب الا من تحمد طريقته ويعرف خبره من من الشيوخ والرهبان أو من الشيوخ العلمانيين أهل الثقة وأن يفتقد قيمة الكنائس فمن وجده موافق ولا يصلح لخدمة تلك الكنيسة صرفه وإستخدم من يقوم بالخدمة من هو الصالح .
يجب على الأسقف أن لا يمكن أحد من الرهبان الذى فى كرسيه أن يقيم فى الريف إلا أن يكون يدبر الأمور تدبيراً حسناً .
أى أسقف أو قس أو شماس تعدى حكم الكنيسة لمساعيه أو لشئ من أمور العالم فى يوم الأحد لا فى بيع ولا فى شراء ولا فى شغل يستغلوا فيه بل يلازموا الكنيسة والصلوات وسماع الكتب والوصايا والقرآئات والقرابين ولا يتكلم أحد منهم فى أوقات القداسات حتى ينالوا من السراير المقدسة
يجب على جماعة الكهنة والعلمانيين أن يحترزوا إذ جرى بينهم خلاف أو أمر من أمور الدنيا أن يمضى أى أحد منهم إلى غير حاكم الكنيسة بل يمضوا إلى أسقفهم ليفصل بينهم
لا يجب أن يخبز القربان إلا فى فرن الكنيسة ولا تعجنه إمرأة فمن تعدى ذلك فهو محروم وكل كاهن يعلم به ولا يخبر أمره إلى الأسقف فهو شريكه فى الخطية
يجب على جماعة النصارى أن يصوموا صوم الأربعين يوما صوم الميلاد وصوم التلاميذ والأربع والجمعة السنة كاملة ما عدا الخمسين يوماً فقط إلا إذا كان طفل أو مريض
يجب على الأساقفه أن يحترزوا فى الزواج ولا يكللوا لأحد إلا بعد التقصى عن الرجل والمرأه يمعرفة حقيقتهم وأن ليس لأحدهم خداع أو غش (والأسباب الأخرى التى تمنع الزواج كالجنون والمرض ..ألخ)
لا يتزوج إمرأه بنت إلا بعد بلوغها فمن خالف ذلك فهو ممنوع وكذلك كهنه كل ناحية يعتمدوا ذلك
يجب على جماعة الكهنة والعلمانيين إكرام الأسقف فمن ذكره بشئ قبيح أو شتيمة فقد خالف أمر ربه لأنه قال: لا تشتم رئيس شعبك فى السفر الخامس من التوراه
يجب أن يحترزوا الكهنة والعلمانيين فى أيام الصوم المقدس وأن يأكلوا شئ من الأطعمه التى يأكلونها فى أيام الفطار ولا يأكل أحد سمك ولا يشرب خمراً ليقدم صوماً نقياً خالصاً
المزيد
26 فبراير 2025
الأحلام
1- هناك أحلام من الله:
مثل الأحلام التي ظهرت ليوسف النجار، وللمجوس، قيل له في حلم أن يأخذ الطفل وأمه ويمضى إلى مصر وقيل لهم في حلم أن يرجعوا من طريق آخر وكذلك الأحلام التي رآها والتي فسرها يوسف الصديق ودانيال النبي وكلها أحلام موجهة، ومنبئة بشيء يحدث في المستقبل.
2- وهناك أحلام من الشياطين:
يخدعون بها الإنسان ويضللونه، ليسير في طريق خاطئ ويزعجونه بأحلام معينة وقد ورد فصل طويل في بستان الرهبان عن أمثال هذه الأحلام.
3- وهناك أحلام من ترسيبات العقل الباطن:
فكل ما تراه، وما تسمعه، وما تقرؤه، وما تجمعه الحواس من كافة المصادر، وما يجمعه الفكر كل ذلك يترسب في عقلك الباطن، ويختزن هناك ويخرج ولو بعد سنوات، في هيئة أفكار وظنون وأحلام وهذا وضع طبيعي جدًا وقد يخرج هذا الرصيد من عقلك الباطن، صور متغيرة قد تختلف الأسماء، والأزمنة، والأماكن، وبعض التفاصيل، ولكنها تقدم معنى راسخًا في داخلك، كان يكمن كشريط تسجيل.
4- وهناك أحلام هي انعكاس لوضع جسدي كإنسان نام وهو مرهق، يدق إلى جواره جرس منبه ليوقظه، وهو لا يريد الاستيقاظ، فيحلم بأنه جالس إلى جوار تليفون، جرسه يدق والإنسان الحكيم لا يسمح للأحلام بأن تقوده ولا يصدق كل حلم، ولا يعتبر كل حلم صادرًا من الله لأنه لو عرفت الشياطين بأنه يصدق الأحلام، تظهر له في أحلام كاذبة، لكي تضلله والأحلام الشريرة لها أسباب كثيرة بعضها جسدي، وبعضها نفسي، وبعضها حروب من الشياطين ومن الأفضل أن الإنسان لا يعاود التفكير فيها حينما يستيقظ، لئلا يكون تفكيره هذا سببًا في تثبيتها، وفي أحلام أخرى
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب كلمة منفعة الجزء الثانى
المزيد
25 فبراير 2025
يوم الثلاثاء من الأسبوع الأول (لو ١٢: ٤١ - ٥٠)
[فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ : يَا رَبُّ، أَلَنَا تَقُولُ هَذَا الْمَثَلَ أَمْ لِلْجَمِيعِ أَيْضاً؟ فَقَالَ الرَّبُّ: فَمَنْ هُوَ الْوَكِيلُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الْعُلُوفَةَ فِي حينها؟ طُوبَى لذلك الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هَكَذَا بِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ . وَلَكِنْ إِنْ قَالَ ذَلِكَ الْعَبْدُ فِي قَلْبِهِ: سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ الْغِلْمَانَ وَالْجَوَارِيَ، وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْكَرُ. يَأْتِي سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لَا يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لَا يَعْرِفُهَا، فَيَقْطَعُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ الْخَائِنِينَ. وَأَمَّا ذَلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي يَعْلَمُ إِرَادَةَ سَيِّدِهِ وَلَا يَسْتَعِدُّ وَلَا يَفْعَلُ بِحَسَبِ إِرَادَتِه، فَيُضْرَبُ كَثِيراً. ولكنَّ الَّذِي لاَ يَعْلَمُ، وَيَفْعَلُ مَا يَسْتَحِقُّ ضَرَبَاتِ، يُضْرَبُ قَلِيلاً. فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيراً يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ، وَمَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيرًا يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ. جئْتُ لأُلْقِيَ نَارًا عَلَى الْأَرْضِ، فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِعُهَا، وَكَيْفَ أَلْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ؟]
الأمانات وحساب الربح
الرب في هذا الإنجيل يضع قانون المحاكمات، وما أخطره قانون. يبتدئ الكلام، قبل إنجيل هذا اليوم، بقول الرب وأنتم مثل أناس ينتظرون سيدهم متى يرجع من العرس حتى إذا جاء وقرع يفتحون له للوقت». بعدها سأله بطرس « ألنا قلت هذا المثل أم تقوله للجميع أيضاً؟» فرد عليه المسيح قائلاً: من هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يقيمه سيده على خدمه؟»المسيح أعطى أمانات واستأمن أصحاب الأمانات على عطاياه وعلى بيته الذي هو كنيسته أي أولاده الخصوصيين وذهب في مهمة سعيدة سيقضي فيها زماناً طويلاً يقول عنها القديس لوقا في سفر الأعمال: «أيها الرجال الجليليون، ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء، إنَّ يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء» أما الأمانات التي سلمها الرب لعبيده فهي أولاً الإنجيل، ثم الإيمان الثمين وسر الخلاص والفداء والجسد والدم، ثم المواهب الروحية، ثم الكنيسة باعتبارها جسده بمعنى أولاده هذه كلها بعد أن تسلمناها صارت أمانات وصرنا وكلاء عليها وكل وكيل يُسأل عن أمانته. ليكن لكل واحد بحسب ما أخذ موهبة يخدم بها بعضكم بعضاً كوكلاء صالحين على نعمة الله المتنوعة» ونحن نعلم من مثل الخمس وزنات والثلاث وزنات والوزنة الواحدة، أن المسيح سلمها على أساس الأمانة والمتاجرة والربح، والله يطالب بالربح، لأنه بعد عودته واجه كل صاحب أمانة طالباً من كل وكيل أن يقدم كشف حسابه فصاحب الخمسة قدم خمساً أخر، وصاحب الثلاثة ربح ثلاثاً. الاثنان قدما، فسمع كل منهما منطوق الحكم الطوباوي: «نعما أيها العبد الصالحوالأمين، كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير أدخل إلى فرح سيدك» أما الذي أخذ الوزنة ودفنها في التراب، فكان استجواب القضاء واضحاً: لماذا لم تتاجر وتربح أو تضعها عند الصيارفة (بمعنى الالتصاق بمن هم قادرين على تعليمه وبناء حياته وإيمانه وكان الحكم عليه عنيفاً: اطرحوه في الظلمة الخارجية هذا المثل ضروري لنا حتى نفهم جيداً مثل اليوم، وهو يضع قانون ونظام المحاكمات لدى قضاء الله. الوكلاء هنا على أربعة أنواع:
أولاً الوكلاء الأمناء: «فمن هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يقيمه سيده»، إنه ذلك العبد الذي ينتظر قدوم سيده بفارغ الصبر، إنه العبد الذي يسهر والكل نيام، إنه العبد الذي يتاجر بوزنات سيده، أو على الأقل يضعها عند أناس أمناء.
ثانيا الوكلاء غير الأمناء، الذين أخذوا نصيب الخائنين:هم الذين قالوا في أنفسهم: «سيدي يبطئ فى قدومه»(تسويف العمر باطلاً)» هم الذين أخذوا في الأكل والشرب والسكر،هم الذين لم يرضوا بالسهر لم يحترموا أوامر سيدهم، أخذوا يسوفون قائلين إنه سيتأخر ولن يأتي الآن.
ثالثاً الوكلاء الذين ضربوا كثيراً:هم أولئك العبيد الذين يعلمون إرادة سيدهم، والضرب هنا في المثل يقابله في السماء حرمان مؤلم أكثر منه آلاف الأضعاف،إنهم العبيد الذين أخذوا الكثير من عطايا سيدهم سواء من الإنجيل والمعرفة والخلاص والأسرار، ثم بعد هذا يقفون أمامها سلبيين، ولا يريدون أن يُشركوا معهم الآخرين فيما أخذوه.
رابعاً الوكلاء المضروبون قليلاً:هم العبيد الذين لا يعلمون إرادة سيدهم، يجهلون الإنجيل والوصايا، لم تصلهم البشارة.. ولكن في الحقيقة هذا الصنف هو الآن يكاد يكون غير موجود. مع العلم أن عدم المعرفة لا يعفي من العقاب، وهذا قانون أخذت به كل المحاكم الدنيوية الآن. أما حكمه عندما يفعل ما يستحق الضرب فهو العقاب وإن كان بصورة أقل. وهو بهذا مواز للعبد صاحب الوزنة الذي أسماه المسيح العبد الشرير الكسلان.
ونخرج من إنجيل اليوم بهذه الحقائق:
المسيحية عطايا ومواهب ونعم وأسرار، تُعطى للإنسان كأمانة، ويلزم على الشخص أن يردها مع ربح.
أننا وكلاء على هذه الأمانات وسنحاكم على مقدار الربح أو التبديد.
إن العدو يحاول أن ينتزع هذه الأمانات والنعم أو يطمسها في قلوبنا والمسيح يوعي بضرورة السهر : السهر على الأمانة ليزداد نموها، والسهر عليها من الأعداء لئلا يسرقوها منا «طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يمشي عرياناً فيروا عورته» كن ساهراً وشدد ما بقي الذي هو عتيد أن يموت، لأني لم أجد أعمالك كاملة أمام الله فاذكر كيف أخذت وسمعت، واحفظ وتب. فإني إن لم تسهر أقدم عليك كلص، ولا تعلم أي ساعة أقدم عليك».
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
24 فبراير 2025
الضيقات.. واختبار الله (2)
ثانيًا: في اختبارات الضيقة
في الضيقات يتعلم الإنسان اختبارات كثيرة في الحياة الروحية، وهذه أمثلة من حياة رجال الكتاب المقدس:
1- موسى النبي:- اجتاز موسى مع شعب الله ضيقات كثيرة إلى أن وجدوا أنفسهم أمام بحر سوف ويتبعهم خيل فرعون ومركباته وفرسانه في وقت الضيق فقط تعلم موسي النبي أن العصا التي في يده ليست هي عصاته الخاصة، إنما هي عصا الرب التي شقّت البحر وصار كالسور وعبر الشعب هذا الاختبار اختبره موسى فقط عندما تعرّض للضيق لذلك في كل ضيقة لا تسلم قلبك للضيق، ولكن تذكّر عصا الرب في حياتك.
2- جيحزي:- في الضيقة عندما التف الجند لمهاجمة أليشع وخاف جحزي، صلى من أجله أليشع، وهنا رأى جيحزي وآمن أن الذين معنا أكثر من الذين علينا ففي الضيق يتعامل الله معنا وينقذنا، ونعرف أننا ينبغي ألّا نسلّم نفوسنا لليأس.
3- إيليا النبي:- اختبر إيليا الضيقات مرات كثيرة كان إيليا نبيًا ناريًا قويًا في الحق، وربما شعر بذاته أنه جبار وصانع معجزات، وربما كبرت ذاته في عينيه، فسمح الرب له بضيقة، وهَرَب من وجه إيزابل الملكة وفي الضيقة اختبر إيليا كيف تعولة امرأة فقيرة أممية، وفي الضيقة أرسل له الرب ملاكه ليطعمه، وفي الضيقة دعاه الرب لرسالة جديدة فاعلم يا ابني أنه في الضيقات يتحنّن الرب علينا ويرسل لنا معونة سماوية ويهبنا معونة جديدة.
4- نقل جبل المقطم:- عانت الكنيسة من أحداث مؤلمة ومُرة في عصر البابا أبرآم بن زرعة، وأصرّ الوالي أن ينقل المسيحيون جبل المقطم ولكن في هذه الضيقة أعلن الرب مجده وأنقذ الكنيسة وكسب الوالي للإيمان.
ثالثًا: اختبارات من خلال طاعة الوصية
في إيماننا المسيحي الكثير من الوصايا التي يراها البشر وصايا قاسية وصعبة (من ضربك على خدك الأيمن فحوِّل له الآخر أيضًا لا تقاوموا الشر بالشر الخ)، والكثيرون يستصعبون الوصايا، ولكن من يختبر الوصية يستطيع أن يدرك أن هناك قوة خاصة ينالها الإنسان لتنفيذ الوصية وهذه بعض الأمثلة الكتابية.
1- إبراهيم أبو الآباء:- اهتم أبونا إبراهيم أن يكمل الوصية في حياته وأطاع الرب مهما طلب منه فخرج من بيته وعشيرته وسار وراء الله، وبتكميله لوصية الله استطاع أبونا إبراهيم أن ينال اختبار الإيمان وعندما طلب الرب منه أن يقدم ابنه الوحيد إسحق ذبيحة بالإيمان، قَبِل إبراهيم وتعلم من تنفيذ الوصية اختبار الطاعة، وكيف أن الله يستطيع أن يرد له ابنه حيًّا فمن خلال تنفيذ الوصية اختبر أبونا إبراهيم أعمق الاختبارات الروحية.
2- دانيال النبي:- تعرض دانيال النبي لمكيدة وهو في أرض السبي، ولأنه أصرّ أن ينفّذ الوصية، وأن يدعو إلهه مُوجِّهًا وجهه جهة أورشليم مدينة آبائه أصدر الملك حُكمه بإلقاء دانيال للأسود الجائعة لتفترسه وأظن أن الليلة التي قضاها في الجب، كانت من أسعد ليالي حياة دانيال، لأنه عندما أطاع الوصية ونفّذها اختبر كيف يسدّ الله أفواه الأسود الجائعة فلا تمسّه، اختبر كيف يعتني الله بأولاده ويحافظ عليهم لأنهم أحبوا وصاياه وجعلوها دستورًا لحياتهم وهكذا يستطيع أولاد الله أن يختبروا كيف تسندهم يد الرب وسط الضيق، وكيف يحوِّل الله الألم إلى فرح لذلك في كل الضيقات نحن لا ننظر للمستقبل بعين مظلمة ونعيش في عمق الضيقة، لكننا نختبر يد الرب، ونعلم أنه وسط الضيقات الكثيرة لابد أن ينقذنا ويجعل كل الأشياء تعمل معًا للخير لأننا نحب الرب، فنستطيع أن نحتفظ برجائنا وسط الضيق ونصرخ نحو الرب "نحن مِلك لك"، ونعيش في حياة التسليم، ونتمسك بإيماننا أنه لا يتركنا ولا يهملنا.
نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
23 فبراير 2025
انجيل قداس أحد الرفاع الكبير
تتضمن الحث على الصوم واثباته من أقوال الله مرتبة على قوله تعلى بفصل الإنجيل"متى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين. فانهم يغيرون وجوههم لكى يظهروا للناس صائمين ( مت ٦ : ١-١٨ )
نتعلم من فصل إنجيل اليوم أيها الأحباء أربع فضائل الأولى الصدقة. وقال فيها السيد له المجد " أحترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكى ينظروكم. وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم "الثانية الصلاة وقال فيها: " متـــــى صـليـــت كالمرائين فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس" الثالثة عدم الحقد وقال فيها: " إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضاً ابوكم السموى وإن لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم أبوكم أيضاً زلاتكم والرابعة فضيلة الصوم وقال السيد له المجد فيها " متى صمتم فلا تكونوا كالمرائين فإنهم يغيرون وجوههم لكى يظهروا لللناس صائمين الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم وأما انت فمتى صمت فادهن رأسك واغسل وجهك لكي لا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذى يرى في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية هذه هي الأربع فضائل التي ورد ذكرها بفصل انجيل هذا اليوم. وبما اننا غداً نبتدئ صوم الأربعين المقدسة فوجب علينا أن نجعل فضيلة الصوم موضوعاً لعظتنا إن الله جل وعز خلق آدم وحواء ووضعهما في جنة عدن وأوصاهما أن يأكلا من جميع شجر الجنة ماعدا شجرة " معرفة الخير والشر " فلا يأكلان منها لأن يوم يأكلان منها موتا يموتان ولكن الشيطان دخل في الحية وخدع حــواء بقوله لها " أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة فقالت المرأة للحية من ثمر شجر الجنة نأكل وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا فقالت الحية للمرأة لن تموتا بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر فأخذت المرأة من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل هكذا تمكن الشيطان بواسطة الحية فأسقط الجدين الأولين آدم وحواء في الفساد وها هو ينصب شراكه للجنس البشرى كل يوم ليلبسه الخلاص الذي ناله بتجسد ابن الله وموته حتى يهوى به إلى مقر التعب والشقاء وها هو يغرى صدور الناس تارة بأن الصوم ليس وصية من الله وتارة أن يضر الصحة وتارة غير ذلك حتى قام البعض في هذه الأيام ينكر ويحتقر الصوم ويقول إنه لم يذكر ضمن الوصايا العشر ولا أوصى به السيد المسيح ولا الرسل القديسون وما هو إلا ترتيب بعض النساك والزهاد من الرهبان المقيمين فى الجبال والبراري وان من صام حسنا يفعل ومن لم يصم لا يخطئ فهم إذن لا يعترفون بأن الصوم لازم للخلاص ويجب علينا حتما أن نثبت لهم خطأهم فنقول:
أولا - من الطبيعة كما أن العود الطيب الرائحة لا تفوح رائحته إلا بالنار هكذا الإنسان لا تفوح منه روائح الفضائل إلا بكبحه بالصوم والبكاء والنوح وكما أن العود الرطب لا تؤثر فيه النار حتى تنزع منه الرطوبة هكذا الانسان الشبعان لا تؤثر فيه نار محبة الله حتى يجف بالصوم.
ثانيا من كتاب العهد القديم : إن الله أمر موسى النبي ان يقدس نفسه بالصوم ويقدس الشعب معه ايضا قبل ان يدنو جبل سينا لأخذ الوصايا ونقــــرأ فيه أن الصوم كان معمولا به فى اورشليم وغيرها في عهد إرميا النبي وإيليا النبي صام اربعين يوما واربعين ليلة ويهوديت كانت تصوم كل ايام حياتها ماعدا السبوت ورؤوس الشهور والأعياد وأهل نينوى صاموا وصام ايضا بنو اسرائیل وقت دفن شاول الملك وبنيه وقد أمر الله بالصوم على لسان يوئيل النبي بقوله: " قدسوا الصوم. نادوا بالاعتكاف ".
ثالثا - يثبت الصوم من العهد الجديد: إذ انه يخبرنا بصوم المسيح نفسه اربعين يوما واربعين ليلة ويقول: " ومتى صمتم فلا تكونوا كالمرائين ويقول إيضا: " إن هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلوة والصوم " والقديس بولس الرسول يحرض المؤمنين على الصوم بقوله: فلنظهر انفسنا كخدام الله بالصبر والصوم
رابعا - يثبت الصوم من اعتباره سنة لازمة عند جميع طوائف البشر على اختلاف مذاهبهم ماخلا الذين قد جعلوا آلهتهم بطونهم أما وقد ثبت أن الصوم قديم جدا يتصل الامر به ببدء تكوين العالم و معمول به بموجب وصية الله جل وعز للأنسان الأول فى جميع أنحاء المعمورة رغم اختلاف طقوس وعوائد الناس ولكن مما يوجب الأسف والاستغراب معا أنك إذا سألت ذلك الذي يحتقر الصوم وينكر الوصية الالهية الصادرة به قائلا ما هي الوصية الأولى الالهية لآدم ؟ لأجابك حالا وبدون تردد بأنها وصية " الامساك عن الاكل " التي هي الصوم ولكنه يعود حالا فينكر ما قرره محتجا بعدم ذكر الصوم ضمن الوصايا العشر ولذا فهو لا يصوم ويجعل نفسه قدوة لغيره من البسطاء مهلا مهلا أيها المسيحي المعتمد بالماء والمتقدس بالروح القدس قل لي لماذا تنكر الصوم وتزدرى به وأنت عارف بأن مخالفة آدم وحواء لوصية الصوم إنما هي التي جرت على الجنس البشرى هذا الشقاء الذى يعقبه الموت لعلك تنكر وصية الختان أيضا المعمول بها لدى جميع البشر بموجب الوصية الإلهية القديمة الصادرة لإبراهيم أب الآباء وهى " هذا هو عهدى الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك يختن منكم كل ذكر ولعلك تحتج قائلا إنما لم تذكـــر ضمن الوصايا العشر أو لعلك تقول إنها وصية وقتية وانتهى أمرها بانتهاء زمانها فنقول لك أرجع بنا إلى قوله تعالى" فيكون عهدي في لحمكم عهدا أبديا " نعم أنه بختان المسيح قد بطل رسم الختان الحقيقي الذي كان الختان القديم رسما له ولكن هذا لا يدعو إلى القول بابطال الوصية كما أنه لا يصح أن يكون حجة للذين يعبدون بطونهم لان الانسان بجحده للشيطان وكل أعماله وقت العماد يختتن في غرلة الجسد أى تقطع عنه جميع الشهوات الجسدية وكل أباطيل العالم وبإعتماده بتغطيسه في الماء يدفن مع المسيح انسان الخطية القديم فيخرج المعتمد من جرن المعمودية مختتنا ختانا غير مصنوع بيد بشرية ومطهرا من كل خطية بنعمة المسيح إلهنا هذا هو الختان الحقيقى الذى كان الختان اليهودى رمزا له وهو ليس وقتيا كما يزعمون بل ثابتا إلى أخر الدهور كلها ها قد علمتم أن وصية الصوم كوصية الختان أما إذا كنت تريد معرفة السبب في عدم ذكر هاتين الوصيتين ضمن الوصايا العشر فإنما ذلك لأن هاتين الوصيتين كانتا قد تسلمتا قبل اعطاء الوصايا العشر أى أن الوصية الأولى الخاصة بالصوم أعطيت لآدم والثانية الخاصة بالختان أعطيت لإبراهيم وقــــد عمل بهاتين الوصيتين عند جميع طوائف الامم حتى الوثنين أيضا وليس اليهود وحدهم هم الذين كانوا يختتنون ويصومون كما يشهد بذلك صوم أهل نينوى وصوم كرنيليوس القائد الوثنى ولهذا السبب لم تذكر ضمن الوصايا العشر وجميع الانبياء تقريبا تكلموا على فضيلة الصوم وبالاخص زكريا النبي الذي أثبت أن الصوم كان في اوقات معينة ولم يكن موقتا كما يزعم البعض وهذا هو قول النبي " هكذا قال رب الجنود إن صوم الشهر الرابع وصوم الخامس وصوم السابع وصوم العاشر يكون لبيت يهوذا ابتهاجا وفرحا وأعيادا طيبة " إن الصوم قديم جدا ومعمول به قبل المسيح بأجيال عديدة فإننا نرى في الكتاب المقدس أن موسى النبي صام اربعين يوما وأربعين ليلة والسيد المسيح لم ينقض الصوم بل ثبته بصومه هو نفسه أربعين يوما واربعين ليلة ثم وضع ترتيب الصوم موبخا المرائين اولئك الذين يتظاهرون أمام الناس بكثرة الصلوات والصوم كذبا والرسل ايضا كانوا يصومون كثيرا وفي أوقات محددة إذ يقول عنهم الكتاب: " لما مضى زمان طويل وصار السفر في البحر خطرا إذ كان الصوم أيضا قد مضى جعل بولس ينذرهم " وبولس نفسه يقول " أهـــــم خــــدام المسيح. اقول كمختلى العقل فأنا أفضل في الاتعاب أكثر في الضربات أوفر في السجون أكثر في جوع وعطش في أصوام مررا كثيرة " فلا عذر أذن للذين لا يصومون بل ويزدرون بالصوم قائلين إنه من اختراعات البشر لانه قد ثبت مما تقدم أن الأمر به يتصل عهده بيدء تكوين الأنسان وأما انت ايها الحبيب يامن تهرب من الصوم خوفا على صحتك فأرجوك ان لا تنظر إلى ما هو تحت بل إلى ما هو فوق لان الله خلقك مستقيما فأمن فقط إيمانا وثيقا بذلك الذى قوى موسى بعد أن صام اربعين يوما واربعين ليلة على النزول من أعلى الجبل وعلى سحقه العجل الذهبي وتذريته في الماء وكن واثقا بذلك القادر على كل شئ الذى جعل إيليا النبى يمشى اربعين يوما واربعين ليلة ولم يأكل في تلك المدة سوى أكلة واحدة بسيطة جدا لانها مركبة من خبز وماء فقط فإذا وثقت تمام الوثوق بقدرة الله على منحك الصحة والعافية وكل ما تريده فلا شك أنه يعطيك جميع ذلك ويساعدك في كل عمل صالح فآمن يا أخى وسلم الامر لله على الصوم طائعا مختارا فإن قوة الغذاء وكل قوات الطبيعة هي تحت سلطان الله ونواميسها في يده يفعل بها كيفما شاء إن الصوم يفيد الجسد والنفس يفيد الجسد لأن الصوم الاربعيني يأتينا دائما في الوقت الذي تكثر فيه الحميات والامراض الصعبة بسبب غليان الدم مع بقية الاخلاط التي يؤثر الصوم عليها أكثر من سواه فيخمدها. أما فائدة النفس من الصوم فهي مصالحتها مع الله وتقربها اليه وهاك الدليل أن موسى بعد صومه طلب من الله ان يريه وجهه بقوله " إن كنت وجدت نعمة فأرني مجدك " وأما آدم فلمـــــا خالف واكل اختفى ولم يقدر أن يرى الله فسبيلنا ايها الاحباء أن يكون صومنا نقيا لا ان نصوم عن أكل لحم الحيوان ونأكل لحم اخينا الإنسان ولا ان ننقطع عن بعض المأكولات ونضبط أوراق الظلم على القريب ولا أن تمون معدتنا فارغة من الطعام وقلبنا مملوءا من كل حقد وبغضة وخصام ولا أن نصوم عن الخمر والزيت ونهضم حق الأجير ونشرب دم الفقير بل ليكن صومنا نقيا مقبولا لدى الله حتى لا يوجه الينا قوله تعالى بلسان أشعياء النبي " لا اختار مثل هذا الصوم " وإننا نتوسل إليه تعالى أن يجعل هذا الصوم مباركا عليكم وعلى جميع المسيحيين الارثوذكسيين وان يتقبل اتعابكم واصوامكم وصلواتكم وصدقاتكم وقرابينكم ويبلغكم إلى يوم الفصح المجيد والقيامة المقدسة ويغفر لكم خطاياكم برحمته ورأفته ويحفظكم لمثل هذا العام وإلى أعوام عديدة بالسلام والعافية في اجسادكم وأرواحكم وينجيكم من فخاخ العدو المناسب ويبارك زراعاتكم ومتاجركم وكل تصرفاتكم وان ينيح نفوس أمواتنا جميعا الذين رقدوا على الايمان القويم وان يؤهلنا جميعا لسماع صوته الفرح القائل " تعالوا يا مباركى ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم. بشفاعة سيدتنا كلنا البتول الطاهرة مريم وجميــع مصاف الملائكة والشهداء والقديسين آمين.
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد