المقالات

23 أغسطس 2021

ضد المسيح في الكتاب المقدس

من هو ضد المسيح وما هي أوصافه: ويجيبنا الوحي الإلهي على هذا السؤال في كل من العهدين القديم الجديد ؛ 1 - يقول الوحي الإلهي في رسالتي القديس يوحنا الأولي والثانية " أيها الأولاد إنها الساعة الأخيرة. وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي قد صار ألان أضداد للمسيح كثيرون. من هنا نعلم إنها الساعة الأخيرة. منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منا لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا 000 من هو الكذاب إلا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح. هذا هو ضد المسيح الذي ينكر الأب والابن " (1يو18: 2،22)." وكل روح لا يعترف بيسوع (المسيح انه جاء في الجسد) فليس من الله. وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم انه يأتي والآني هو في العالم " (1يو4: 3)." لأنه قد دخل إلى العالم مضلون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح آتيا في الجسد. هذا المضل والضد للمسيح " (2يو7: 1).ويقول السيد المسيح وهو يشرح لتلاميذه علامات مجيئه " فأن كثيرين سيأتون باسمي قائلين أنا هو المسيح ويضلون كثيرين " (مت5: 24؛مر6: 13؛ لو8: 21)، " لأنه سيقوم مسحاء كذبه وأنبياء كذبه ويعطون آيات كثيرة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضا " (مت24: 24؛مر 22: 13).وقال للكهنة والكتبة والفريسيين " أنا قد أتيت باسم أبى ولستم تقبلونني أن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه " (يو5: 43). إذا " ضد المسيح هو: " كذاب ومضل ومخادع " وينكر أن يسوع هو المسيح، وهذا ما فعله اليهود.وهو الآخر أو البديل أو الضد والكذاب الذي سيأتي باسم نفسه ويزعم أنه المسيح الحقيقي ومع ذلك سيقبله اليهود على الرغم من رفضهم للمسيح الحقيقي الذي أتى باسم الاب وسلطانه!! كما أنه ينكر التجسد وان المسيح قد جاء في الجسد أو هو الله وقد ظهر في الجسد، وهذا ينطبق علي الفكر اليهودي الذي رفض التجسد وأعتبر أقوال المسيح الدالة على لاهوته وبنوته للآب ومساواته له ووحدته في الذات الإلهية من قبيل التجديف!! بل وقد أدت به عدة مرات للرجم ثم للموت (أنظر يو 5؛ 33: 10 ؛ مر62: 14-64). كما ينطبق على كل فكر رافض لعقيدة التجسد ولاهوت المسيح علي مر العصور. كما يشير السيد المسيح إلي شخصيات معينه، أفراد، غالبا من اليهود، سيدّعي كل واحد منهم انه المسيح. وهذا حدث فعلا في تاريخ اليهود وسيتكرر حتى يأتي الشخص الذي سيصدقه اليهود فعلا ويتصوروا انه المسيح. كما يتكلم القديس يوحنا عن أضداد كثيرين للسيد المسيح مرتبطين بالساعة الأخيرة ومع ذلك فقد خرج بعضهم في أيامه وكانوا مرتدين على المسيحية وخارجين عليها " منا خرجوا "، مما يعنى أن هناك أضداد كثيرين سيظهرون على مر التاريخ حتى يأتي الضد الرئيسي، الكذاب والدجال، الذي سيزعم أنه المسيح والذي يصفه السيد المسيح بالآخر. 2 - وفي حديث القديس بولس بالروح القدس يتكلم عن هذا الشخص المحدد والمعين والذي يسميه بإنسان الخطية الأثيم والمخادع وابن الهلاك والمقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إله والذي تتجسم فيه كل أوصاف المسحاء الكذبة والأنبياء الكذبة الذين تحدث عنهم السيد المسيح، وضد المسيح في رسالتي القديس يوحنا الثانية والثالثة، والذي تظهر صورته بوضوح أكثر في وحش سفر الرؤيا. هذا الأثيم، ضد المسيح، المسيح الكذاب والدجال، إنسان الخطية وابن الهلاك الذي سيسبق مجيئه وظهوره المجيء الثاني للسيد المسيح مباشرة ويتخذ لنفسه الكثير من صفات المسيح وألقابه فيصف نفسه بصفات الله ويزعم أنه إله، بل ويرفع نفسه على الله!! ويعمل آيات كاذبة وعجائب كاذبة وذلك بمساعدة القوي الشيطانية، وسيخدع الهالكين لإتباعه، وستكون نهايته بعمل المسيح مباشرة في مجيئه الثاني، يقول الوحي الإلهي: " ثم نسألكم أيها الاخوة من جهة مجيء ربنا يسوع المسيح واجتماعنا إليه، أن لا تتزعزعوا سريعا عن ذهنكم ولا ترتاعوا لا بروح ولا بكلمة ولا برسالة كأنها منا أي أن يوم المسيح قد حضر. لا يخدعنكم أحد على طريقة ما لأنه لا يأتي أن لم يأت الارتداد أولا ويستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلها أو معبودا حتى انه يجلس في هيكل الله كإله مظهرا نفسه انه اله. أما تذكرون أنى وأنا بعد عندكم كنت أقول لكم هذا. والآن تعلمون ما يحجز حتى يستعلن في وقته، لان سر الإثم الآن يعمل فقط إلي أن يرفع من الوسط الذي يحجز الآن وحينئذ سيستعلن الأثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه، الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم في الهالكين لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا " (2تس1: 2-10). 3 - أما في سفر الرؤيا فقد اخذ الوحش، الذي هو أداة الشيطان وعميله وضد المسيح، أسوأ ما في صفات الإمبراطوريات السابقة للإمبراطورية الرومانية ؛ شراسة النمر ولونه وافتراسه، وفم الدب وشراهته وميله لسفك الدماء، وقوة وتصلب الأسد وتكبره. ومع ذلك فله كل ضعف الإنسان حيث أن رقمه هو " 666 " والذي يعنى النقص المركب " يقول القديس يوحنا وهو في الروح: " ثم وقفت على رمل البحر فرأيت وحشا طالعا من البحر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى قرونه عشرة تيجان وعلى رؤوسه اسم تجديف. والوحش الذي رايته كان شبه نمر وقوائمه كقوائم دب وفمه كفم أسد وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطانا عظيما. ورأيت واحدا من رؤوسه كأنه مذبوح للموت وجرحه المميت قد شفي وتعجبت كل الأرض وراء الوحش. وسجدوا للتنين الذي أعطى السلطان للوحش وسجدوا للوحش قائلين من هو مثل الوحش من يستطيع أن يحاربه، وأعطى فما يتكلم بعظائم وتجاديف وأعطى سلطانا أن يفعل اثنين وأربعين شهرا، ففتح فمه بالتجديف على الله ليجدف على اسمه وعلى مسكنه وعلى الساكنين في السماء. وأعطي أن يصنع حربا مع القديسين ويغلبهم وأعطى سلطانا على كل قبيلة ولسان وأمة، فسيسجد له جميع الساكنين على الأرض الذين ليست أسماؤهم مكتوبة منذ تأسيس العالم في سفر حياة الخروف الذي ذبح 000 ويجعل الجميع الصغار والكبار والأغنياء والفقراء والأحرار والعبيد تصنع لهم سمة على يدهم اليمنى أو على جبهتهم وأن لا يقدر أحد أن يشتري أو يبيع ألا من له السمة أو اسم الوحش أو عدد اسمه. هنا الحكمة من له فهم فليحسب عدد الوحش فانه عدد إنسان وعدده ست مئة وستة وستون"(رؤ1: 13-18).وقد درس العلماء رقم " 666 "، عدد الوحش الذي يقول الروح القدس أنه " عدد إنسان " على أساسين ؛ الأول: هو حساب القيمة العددية لكل حرف في أي اسم، لأن اللغات العبرية واليونانية والرومانية ليس بها أرقام وإنما تستخدم حروف تمثل هذه الأرقام حيث يمثل حرف A في اليونانية والرومانية رقم (1) وحرف В رقم (2) وهكذا وعلى سبيل تكوّن حروف كلمة لاتينوس Lateinos سواء في اللاتينية أو اليونانية رقم (666)، كما نرى في الشكل المجاور، وهكذا كلمة Neroفي اللاتينية واليونانية، ومن ثم فقد قيل أن المقصود بالوحش هو الإمبراطور الروماني " نيرون "، خاصة أن كلمة Neron Caesar في العبرية هي Qsrnron نيرون قيصر ويكوّن أجمالي عدد حروفها (100+60+200+50+200+6+50=666). ولكن هذا العدد ينطبق على أسماء كثيرة مثل نابليون وكرومويل ومارتن لوثر وبعض باباوات الفاتيكان!! والأساس الثاني: هو دراسة العدد (666) من جهة المعنى الرمزي لكل رقم حيث يمثل رقم (6) الإنسان في نقصه، كما يقول الروح " فانه عدد إنسان "، كما يمثل الديانة الزائفة بالمقابلة مع رقم (7) الذي يمثل الكمال، وتكرار رقم (6) ؛ (666)، يعنى النقص الإنساني المركب للوحش، المسيح الكذاب، ضد المسيح، وضعفه وعجزه بالمقابلة مع كمال المسيح المطلق الذي كان مجرباً " في كل شيء مثلنا بلا خطية " (عب4: 15)، وسلطانه المطلق على الكون وقدرته على كل شئ. 4 - أما سفر دانيال (ص 7) فيصف ضد المسيح الخارج من فروع الإمبراطورية الرومانية العشرة بقوله " بعد هذا كنت أرى في رؤى الليل وإذا بحيوان رابع هائل وقوي وشديد جدا وله أسنان من حديد كبيرة أكل وسحق وداس الباقي برجليه وكان مخالفا لكل الحيوانات الذين قبله وله عشرة قرون. كنت متأملا بالقرون وإذا بقرن آخر صغير طلع بينها وقلعت ثلاثة من القرون الأولى من قدامه وإذا بعيون كعيون الإنسان في هذا القرن وفم متكلم بعظائم 000 كنت انظر حينئذ من اجل صوت الكلمات العظيمة التي تكلم بها القرن كنت أرى إلي أن قتل الحيوان وهلك جسمه ودفع لوقيد النار 000 هذا القرن له عيون وفم متكلم بعظائم ومنظره اشد من رفقائه. وكنت انظر وإذا هذا القرن يحارب القديسين فغلبهم، حتى جاء القديم الأيام وأعطى الدين لقديسي العلي وبلغ الوقت فامتلك القديسون المملكة 000 ويتكلم بكلام ضد العلي ويبلي قديسي العلي ويظن انه يغير الأوقات والسنة ويسلمون ليده إلي زمان وأزمنة ونصف زمان. فيجلس الدين وينزعون عنه سلطانه ليفنوا ويبيدوا إلي المنتهى " (دا8: 7-11،21-25). 5 - ويصف سفر دانيال (ص 8) ما فعلة الملك السوري أنتيوخس ابيفانس (175 - 164 ق م) القرن الصغير (حرفيا قرن من الصغر) الخارج من أحد أفرع الإمبراطورية اليونانية الأربعة والذي دنس الهيكل ووضع فيه رجسة الخراب وأبطل المحرقة الدائمة مدة ثلاث سنين ونصف، وأقام العبادة الوثنية ووضع تمثال للوثن جوبيتر في قدس الأقداس ومنعهم من حفظ السبت والاحتفال بأعيادهم مدة ثلاث سنين ونصف وقتل منهم الآلاف وسبى الآلاف وصار نموذجا مصغرا لضد المسيح، ووصفه علماء الكتاب المقدس بضد المسيح العهد القديم: " وتعظم حتى إلي جند السماوات وطرح بعضا من الجند والنجوم إلي الأرض وداسهم. وحتى إلي رئيس الجند تعظم وبه أبطلت المحرقة الدائمة وهدم مسكن مقدسه، وجعل جند على المحرقة الدائمة بالمعصية فطرح الحق على الأرض وفعل ونجح 000 وفي أخر مملكتهم عند تمام المعاصي يقوم ملك جافي الوجه وفاهم الحيل، وتعظم قوته ولكن ليس بقوته يهلك عجبا وينجح ويفعل ويبيد العظماء وشعب القديسين. وبحذاقته ينجح أيضا المكر في يده ويتعظم بقلبه وفي الاطمئنان يهلك كثيرين ويقوم على رئيس الرؤساء وبلا يد ينكسر " (دا10: 8-12،23-25). 6 - ويعود دانيال النبي للحديث ثانية عن ضد المسيح الآتي في آخر الأيام ويذكر نفس الصفات التي ذكرها عنه القديس بولس فيقول: " ويفعل الملك كإرادته ويرتفع ويتعظم على كل اله ويتكلم بأمور عجيبة على اله الآلهة وينجح إلي إتمام الغضب لان المقضي به يجرى. ولا يبالي بآلهة آبائه ولا بشهوة النساء وبكل اله لا يبالي لأنه يتعظم على الكل " (دا36: 11،37).وتتفق جميع هذه النبوات في وصف هذا الشخص، المسيح الكذاب والدجال، ضد المسيح، الأثيم أبن الهلاك، إنسان الخطية، المجدف على الله ومدعى الألوهية، الوحش الخارج من البحر والمعطى لنفسه لقب المسيح وصفات الله. ويتضح لنا ذلك بوضوح في مقارنة نبوات دانيال مع إعلانات العهد الجديد: القرن الصغير في دانيال ص 7 والوحش في رؤيا ص 13 (1) يخرج القرن من أحد ممالك الإمبراطورية الرومانية العشرة، ويمثل الوحش الإمبراطورية الرومانية ذاتها (د 71: 8،24 ؛ رؤ 13: 2). (2) سيحكم كل منهم مده رمزيه عبارة عن ثلاث سنوات ونصف، مذكورة في سفر دانيال ﺑ " زمان وزمانين ونصف "، وفي رؤيا ﺑ " اثنين والأربعين شهرا "، (دا7: 25 ؛ رؤ 13: 5). (3) كل منهم سيغلب القديسين ويذلهم لفترة (دا 7: 21؛ رؤ 13: 10). (4)كل منهم سيبلي قديسي العلي (د 71: 15؛ رؤ 12: 13؛ 13: 12). (5) كل منهم سيجدف علي الله العلي ويتكلم بكلام ضده (د71: 25 ؛ رؤ 13: 5،6)0 (6) وكل منهم سيهزم ويباد في المجيء الثاني للسيد المسيح (د71: 11؛ رؤ19: 20). القرن الصغير في سفر دانيال ص8 وإنسان الخطية في 2 تسالونيكي والوحش في سفر الرؤيا ؛ كان ضد المسيح الذي جاء في القرن الثاني ق. م صوره مصغرة كما سنري لما سيفعله ضد المسيح السابق للمجيء الثاني والدينونة في المستقبل، فهو دائما وفي كل عصر ضد أولاد الله وعدوهم الروحي وسيفعل في مجيئه النهائي قبل الدينونة ما سبق إن فعله كل ضد للمسيح علي مدي العصور، خاصة في القرن الثاني ق. م. واكثر بكثير، فقد كان القديم صوره مجسمه ومصغرة للثاني ورمزا له. وهذا ما تبينه المقارنة التالية: (1) كل منهما غزا كثيرا (د 8: 9 ؛ رؤ 13: 4). (2) كل منهم سوف يمجد ذاته (د 81: 11 ؛ 2 تس 2: 4 رؤ 13: 5). (3) كل منهما سيكون سيدا للخديعة (د71: 25 ؛ 2 تس 2: 10). (4) كل منهما سيدنس الهيكل (د81: 11 ؛ متي 24: 15). (5) كل منهما سيقدم برنامج سلام كاذب (د81: 25 ؛ 1تس 5: 2،3). (6) كل منهما سيأخذ قوته من الشيطان (دا 8: 24 ؛ رؤ 13: 2). (7) كل منهما سيحارب القديسين حوالي ثلاث سنوات ونصف(د81: 14 ؛ رؤ 13: 5). (8) كل منهم سيجدف ضد الله (د81: 25؛ 2 تس 2ك 4؛ رؤ 13: 5). (9) كل منهم سيدمره الله تماما (د 81: 25 ؛ 2تس 2: 7 ؛ رؤ: 19: 19، 20). (10) كل منهما سيكره أولاد الله (د1 8: 25 ؛ رؤ 12: 13). كما تتجمع في ملك الشمال في دانيال ص 11 معظم صفات ضد المسيح سواء التي جاءت في نبوتي دانيال ص 7و8 وما جاء عن ضد المسيح في العهد الجيد أيضا. فهو سيدنس هيكل الله ويغوي أولاد الله ويحاول أن يضلهم بالتملقات والغواية، ويعثر بعضهم إلي الميعاد، ويرتفع علي كل إله ويجدف ضد الله. ثم يبلغ نهايته علي يد الله ولن يوجد من يعينه. القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطر عن كتاب المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟
المزيد
22 أغسطس 2021

ميمر إصعاد جسد العذراء مريم للقديس كيرلس السكندري 16 مسرى

أيها الأخوة الأحباء أعيروني أذاناً صاغية وقلوباً واعية كي أقص عليكم أنا الحقير كيرلس بطريرك الاسكندرية ما وجدته مكتوباً بأيدي سادتنا الآباء الرسل الأطهار معززاً بشهادة القديس يوحنا البتول حبيب ربنا يسوع المسيح بخصوص صعود جسد السيدة العذراء فى مثل هذا اليوم الذى هو السادس من شهر مسرى ووجوده تحت شجرة الحياة التى بسطت أغصانها عليه بأمر الثالوث الأقدس الإله الواحد الذى ينبغي له السجود والعظمة إلى دهر الداهرين وتفصيل ذلك أنه لما كان بعد نياح السيدة العذراء فى اليوم الحادي والعشرين من شهر طوبة حيث أنتشرت رائحة زكية لم يشتم مثلها من قبل وصوت من السماء يقول طوباك أيتها الممتلئة نعمة الرب معك وبعد أن دفنت داخل جثسيماني بحقل يهوشافاط بإرشاد الروح القدس، وبواسطة الرسل الأطهار الذين إستمروا يقدمون الصلوات من حين لآخر أمام قبرها الطاهر حتى السادس عشر من شهر مسرى فأشرق عليهم نور سمائي فى الوقت الذى كانوا فيه يسبحون ويرتلون أمام باب المغارة الموضوع فيها جسدها الطاهر وسمعوا أصوات تهليل وتسابيح روحانية ونغمات ملائكية ولم يعلموا سر ذلك؛ فإن الإله له المجد أراد أن يرفع جسد والدته على أجنحة ملائكته النورانية فأرسل طغمة منهم لإتمام ذلك حسب مشيئته، وكان توما أحد الرسل ببلاد الهند ولم يحضر اليوم الذى تنيحت فيه السيدة العذراء لسر لا يعلمه أحد ما ولما كان هذا التلميذ لا يؤمن ما لم يره؛ أراد الله أن يظهر له هذا السر العظيم فأرسل سحابة نورانية وأمره بواسطه الروح القدس أن يعلوها قاصداً موضع جثسيماني بحقل يهوشافاط حيث هناك أخوته الرسل وبينما هو على السحابة إذ رآى طغمة الملائكة تحمل جسد السيدة العذراء؛ فإستفسر عن حقيقة الحال فقيل له أن هذا هو جسد السيدة العذراء مرتمريم التى تنيحت وأمرنا السيد أن نحمله ونصعد به إلى فردوس النعيم ففرح كثيراً وسجد لها وقبل جسدها وطوبها، ثم أنزلته السحابة عند الرسل فسلم على أخوته وقالوا له ما الذى أخرك عن الحضور يوم نياحة العذراء لترى العجائب التى ظهرت على يديها، حقاً لقد فاتك أمر عظيم جداً فأجابهم : إن الروح القدس أعلمني بكل شيء فى حينه وأني كنت مشتغلاً وقتها فى عماد أكلوديا ابنه ملك الهند وها قد أتيت الآن وليَّ رغبة شديدة فى أن أنظر جسد سيدتي(يقصد بذلك ألا يخبرهم بحقيقة ما رآه مباشرة بل أراد تمهيد الطريق أولاً حتى لا يزعج أخوته) فأجابوه قائلين : أنه داخل المغارة ويصعب علينا رفع الحجر عن باب القبر لجسامته، فقال : أنا لا أصدق جميع ما تقولونه إن لم آره بعيني، فأجابوه : ألم تزل فى شكوك حتى الآن، ونسيت ما فعلته يوم قيامة المخلص، فقال : أنا هو توما الذى لا يصدق إلا إذا رآى، فقاموا معه ودحرجوا الحجر عن باب القبر بعد عناء شديد، ثم دخلوا إلى داخل فلم يجدوا جسد العذراء فوقفوا باهتين متحيرين وهم يقولون ما الذي حدث؟! فوقف توما بينهم وهم حيارى وقال لهم لا تحزنوا يا أخوتي لأني رآيت اليوم جسد سيدتي العذراء محمولاً على أجنحة الملائكة وقت أن كنت آتياً على السحابة فطلبت إليهم أن يخبروني فأجابوني أن هذا جسد السيدة العذراء نحمله إلى الفردوس بأمر السيد المسيح فقبلته وتباركت منه وطوبته فتعجبوا جداً لأجل ذلك ومجدوا الله ..... أيتها الخدر الملوكي إن الروح القدس حل عليك وقوة العليَّ ظللتط لأن المولود منك حقاً هو كلمة الله وابن الآب الذى لا إبتداء له ولا نهاية، قد أتى وخلصنا من خطايانا، أنت أصل ذرية داود التى ولدت لنا مخلصنا يسوع المسيح وحيد الأب قبل كل الدهور، أنت القبة المدعوة قدس الأقداس والتابوت المصفح بالذهب من كل جانب، وألواح العهد المكتوبة بأصبع الله، والقسط الذهب والمن مخفى فيه مثال ابن الله الذى أتى وحل فيه وتجسد بوحدانية غير مفترقة؛ دعيتي أم الله الملك الحقيقي ومن بعد الميلاد بقيتي عذراء كما قال حزقيال النبي يا مريم ممجد هو عمانوئيل الذى ولدتيه من أجل هذا حفظك بغير فساد، تشبهتي بالسلم الذى رآه يعقوب مرتفعاً إلى علو السماء، السلام لك أيتها المنارة النقية التى حملت مصباح اللاهوت، إفرحي يا رجاء خلاص المسكونة كلها لأنه من أجل طهارتك صرنا أحراراً من لعنة حواء ومن أجلك صرناً مسكناً للروح القدس هذا الذى حل عليك وطهرك، من أجل هذا نحن نعيد عيداً روحانياً صارخين مع الملك داود المرتل قائلين قم يارب إلى راحتك أنت وتابوت موضع قدسك الذى إخترته الذى هو أنت يا مريم العذراء، السلام لك أيتها المائدة الروحانية التى منها أخذ خبز الحياة لكل أحد، السلام لك يا فخرنا ورجاءنا وثباتنا بظهور إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح منك، نعظمك بإستحقاق مع أليصابات نسيبتك قائلين : "مباركة أنت فى النساء ومباركة هى ثمرة بطنك" السلام لفخر جنسنا التى ولدت لنا عمانوئيل نسألك أذكرينا أيتها الشفيعة الأمينة عند ابنك الحبيب ربنا يسوع المسيح ليغفر لنا خطايانا ويسامحنا على هفواتنا ويثبتنا على الإيمان المستقيم إلى النفس الآخير الذى له المجد الدائم إلى الأبد أمين.
المزيد
21 أغسطس 2021

القديسة مريم مثال العذارى

يمثل آباء الإسكندرية اتجاهين مريميين: اتجاه لاهوتي وآخر نسكي. ففي كل فترة يهدأ فيها الاضطهاد يلعب الجانب النسكي دورا مرموقا في حياة المصريين، فيفضل الرجال الحياة في الصحراء بينما تكن الفتيات في بيوت خاصة بالمدن. وكان من الطبيعي أن تقدم القديسة مريم لهؤلاء الفتيات كمثال عظيم يقتدين به. وكانت العذارى يصورن إياها كعذراء العذارى ومثالا لهن. وفي القرن الثاني نجد العلامة أوريجين يقول "يبدو أنه من غير اللائق أن نحسب إنسانا آخر غير العذراء كبكر للبتولية المسيحية". وفي خطاب البابا الكسندروس بابا الإسكندرية الذي أورده القديس أثانسيوس يخاطب العذارى قائلا: "سلوك مريم كمثال هو نموذج للحياة اللائقة بالمساء (أي البتولية) وصورة لها"وفي خطاب وجهه القديس أثانسيوس للعذارى، لا يزال محفوظا بالقبطية يتحدث عن القديسة مريم كنموذج العذارى، مقدما وصفا لحياتها لا كما أظهرها الكتاب المقدس بل أقرب إلى مثال لحياة العذراء، إذ يقول"كانت مريم عذراء نقية تحمل تفكيرا منسجما لقد أحبت الأعمال الصالحة لم تكن تريد أن يراها الرجال، بل سألت الله أن يخبرها كانت تلازم بيتها على الدوام، تعيش حياة العزلة مقتدية بالنحلة وزعت على الفقراء بسخاء كل ما تبقى لها من عمل يديها كانت تصلي لله في وحدة لامرين: لكي لا يوجد فكر رديء له أصلا في قلبها، ولكي لا يكون قلبها متجاسرا أو قاسيا حديثها هادئ وصوتها خافت تشتاق أن تتقدم من يوم إلى يوم، وهكذا كان يحدث إذ تستيقظ كل صباح تسعي أن تقدم عملا جديدا عما سبق لم تكن تخاف الموت بالحري كانت تتنهد حزينة كل يوم أنها لم تعبر بعد ألى مواضع السماء" والقديس أمبروسيوس إذ أشار إلى رسالة القديس أثناسيوس للعذارى قدم صورة جميلة للعذراء مريم كمثال للعذارى، في كتابة "de virginibus" فمدح فيها أتضاعها وصمتها واعتدالها في الكلام، خلوتها، غيرتها العذراوية لحفظ سمعتها، وداعتها، مثابرتها في قراءة الكتاب المقدس، احترامها للآخرين، عملها، وبصورة أخص إيمانها ووعها لقد ختم مقاله قائلا: "هوذا أمام أعينكم صورة لحياة مريم البتولية التي تضئ ببهاء العفة وشكل الفضيلة كما من مرآه"ويروي القديس غريغوريوس النزينزي في مقال ألقاه عام 379م بالقسطنطينية كيف أن القديسة الشهيدة والعذراء يوستينة إذ واجهت الموت مع الساحر كبريانوس الذي أعتنق المسيحية على يديها التجأت إلى السيد المسيح عريسها كحامي بتوليتها وتوسلت إلى القديسة مريم "كعذراء في خطر" تتطلع إلى شفيعة العذارى. القمص تادرس يعقوب ملطى عن كتاب القديسة مريم فى المفهوم الأرثوذكسى
المزيد
20 أغسطس 2021

شخصية مريم العذراء والدة الإله ج3

مريم العذراء والدة الإله مريم ويوسف يجدان يسوع في الهيكل:- لقد انقضت اثنتا عشرة سنة، ولم يذكر طيلة هذه الفترة غير شيئين أولهما: "وكان الصبي وينمو ويتقوى بالروح ممتلئاً حكمة وكانت نعمة الله عليه". والأمر الثاني: "وكان أبواه يذهبان كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح". وهذا شهادة أخرى لتقوى مريم وزوجها لعل هذا الأمر مذكور هنا للتأكيد على هذه الحقيقة. ولا يرد هنا عن مريم أنها كانت تأخذ معها الصبي يسوع في هذه المناسبات السنوية. كما لا نجد هنا كلمة تضاف لإشباع الرغبة البشرية لحب الاستطلاع، ولكن ما يتناسب فقط مع غرض روح الله هنا. فالكل في كمال إلهي – لأن كل كلمة في الكتاب كانت تعبيراً لحكمة إلهية. والحقيقة تتقرر في عدد 41 وهي مقدمة للحادثة التي تتبعها والتي ترتبط بمريم.إن العددين الأولين يمهدان طريقنا للموضوع، "ولما كانت له اثنتا عشر سنة صعدوا إلى أورشليم كعادة العيد. وبعدما أكملوا الأيام بقي عند رجوعهما الصبي يسوع في أورشليم، ويوسف وأمه لم يعلما". ومن السجلات اليهودية نعلم أن عمر الثانية عشر بين الشباب اليهودي يعتبر السن الكافي للنضوج وتحمل المسئولية الفردية أمام الله. والصبي الذي يبلغ هذا العمر يعتبر ابناً بحسب الشريعة ويطالب أيضاً بمتطلبات الناموس.والحقيقة التي يسجلها الوحي هنا بأن يوسف ومريم صعدا بيسوع إلى أورشليم عندما كان عمره اثنتا عشرة، لا يمكن أن تكون هذه الملاحظة دون معنى خاص لنا. أما ما حدثا في العيد فلم يتسجل هنا، إنما يلفت انتباهنا مباشرة بالحري إلى هذا الظرف بالذات، وهو عند رجوع مريم مع القافلة العائدة فإن يسوع بقي في أورشليم. وكان من الطبيعي أن يظنان بين الرفقة وذهبا مسيرة يوم يطلبانه بدون قلق. ولكنهما إذ لم يجداه بين الأقرباء والمعارف رجعا إلى أورشليم يبحثان عنه. ولمدة ثلاثة أيام في قلق ومخاوف وهما يطلبانه. فمما لاشك فيه بأن كل هذا بترتيب إلهي، فبينما كان "الصبي يسوع" يتمم إرادة أبيه فقد كان يجب ألا يتعطل عن عمله. وفي نهاية المدة "وجداه في الهيكل جالساً في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم". ليت القارئ يدرك هنا كيف أن الروح القدس قبل أن يسجل كلمات مريم فإنه يلفت انتباهنا إلى الحكمة التي يعلمها هذا الصبي القدوس- وهي حكمة مستعلنة بشكل واضح. "وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته". وكم هو حقيق بأن الله يسر بأن يشغلنا بكلمات ابنه المحبوب! أما مريم ويوسف – وهما من أذل الغنم على الرغم من أن يوسف كان ابناً لداود (متى 1: 21) – فقد اندهشا من هذا لمنظر ومريم بقلب أم متأثرة قالت "يا بني لماذا فعلت بنا هكذا؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين".وقبل أن نأتي إلى جواب يسوع فلنتأمل قليلاً في كلمات مريم. لقد انقضى أكثر من اثني عشر سنة على تلك الإعلانات العجيبة التي أتى بها جبرائيل، وكذلك نفس المدة تقريباً على الأقوال النبوية لسمعان الشيخ، والتي لم تعترضها إلا أوقات عيد الفصح السنوية التي كانا يصعدان فيها إلى أورشليم. بخلاف ذلك مرت هذه السنوات هادئة في الناصرة تتخللها الحياة العائلية بالتزاماتها العادية. وليس أمر غير مصدق، بالرغم من كمالات ابنها الظاهرة في نموه عبر تلك السنوات، أن يصيب مريم العمى الجزئي تجاه طبيعة حياة يسوع اليومية أو على الأقل كانت تنسى النصيب الذي ينتظر ابنها. ولن نذهب بعيداً في تصوراتنا بل نلتزم بالمكتوب فقد كان هناك أمران في خطابها إلى يسوع تؤكد لنا هذا الافتراض السابق، فأولا اللوم الذي تتضمنه كلماتها "يا ابني لماذا فعلت بنا هكذا؟" وثانياً استخدمها لعبارة تتضمن يوسف معها "هوذا أبوك". ولسنا بحاجة إلى إبراز هذين الأمرين باعتبارهما فشلاً، وإن كنا لا نشك أنهما نبعاً من مشاعر طبيعية صافية وعلاقات نقية. ولكن من جهة أخرى يتبرهن لنا أن أسلوب حديثها هو نتاج عواطف شديدة لابنها الكامل.أما إجابة يسوع لأمه فكانت إعلاناً عن إدراكه لتلك العلاقة الإلهية بالإضافة إلى إعلانه أنه قد جاء ليفعل إرادة أبيه. قالت مريم ليسوع عن يوسف أنه "أبوك"، وكانت إجابته أنه بقي في أورشليم، كقوله، "ينبغي أن أكون فيما لأبي" كانت إرادة أبيه هي الشريعة العظمى في حياته، وفرحه في أن يعترف بها. وعب اعترافه بها مكان جواباً شافياً لسؤال مريم الذي أزاح به لومها الظاهر. ولا يدهشنا أنهما "لم يفهما الكلام الذي قاله لهما".وعلى ذلك نقرأ: "ثم نزل معهما وجاء إلى الناصرة وكان خاضعاً لهما". كانت إجابته لمريم في الهيكل قد ألقت الضوء الكافي على هذه السنين كلها ما بين أول فصح يصعد إليه وبين يوم معموديته إذ كان يعرف مركزه بدقة، لقد كان هنا فيما لأبيه أو لخدمة أبيه، وبالتالي في خضوعه ليوسف ومريم كان يفعل إرادة أبيه بنفس الكيفية كما بقي في أورشليم. فلم يكن هناك ولا يمكن أن يكون شيئاً من عدم الاتساق بين حياته اليومية وما يسمونه الناس الواجبات المقدسة. وكان كل نفس وكل شعور وكل فكر وكل كلمة وكل عمل إنما هي ثمار لحياة تقوية وتكريسية تامة لإرادة أبيه إذ كان يفعل كل حين ما يرضيه (يوحنا 8: 29). ويا له من مشهد يجرى يومياً أمام عيني مريم ويوسف في هذا المسكن المتواضع بالناصرة.وفي الختام يقال لنا عن "أمه" التي كانت "تحفظ جميع هذه الأمور متفكرة به في قلبها". هناك الأقوال في أورشليم وكذلك الأقوال في الناصرة. وهي في حالة من اليقظة وتتفكر متأملة في هذه الكلمات. ويمكننا أن نتأكد أن روح الله أعطاها بعض الإدراك لمعاني هذه الأقوال. لتؤازرها وتقودها وتعزيها في سنوات آتية. وأقول أنه ليست واحدة من بين جميع النساء أعطي لها الامتياز المبارك مثل مريم، فهي حقاً "المنعم عليها". ومرة أخرى نسترجع إجابة الرب للمرأة التي رفعت صوتها من الجميع قائلة له "طوبى للبطن الذي حملك والثديين الذين رضعتهما" أما هو فأجاب "بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه". هذه البركة ممنوحة لكل واحد من شعب الله. في قانا الجليل:- (يوحنا 2: 1 - 11) تمضي السنون قبلما نجد مريم مرة أخرى في سجل الوحي. رأيناها آخر مرة في أورشليم عندما كان يسوع عمره اثنتا عشرة سنة وقد صعدت مع رجلها إلى هناك لتحفظ عيد الفصح ثم رجعت إلى الناصرة. ولا يرد شيئاً عن يسوع أو عن أمه لمدة لا تقل عن ثمانية عشر عاماً. وطوال هذه الفترة التي كان فيها يسوع مختفياً كانت هي كذلك مختفية وهكذا يكون الأمر مع المسيحي فإن حياتنا الآن مستترة مع المسيح في الله، ولكن عندما يظهر المسيح حياتنا ستظهرون معه في المجد (انظر أيضاً 1 يوحنا 3: 2) كذلك في الإنجيل ففي اللحظة التي بدأ فيها يسوع ظهوره لإسرائيل (ص 1: 31) نجد مريم مرة أخرى تأتي في المشهد. ولكن لكي نفهم الأمر فهماً صحيحاً وما تبع ذلك فتجب ملاحظة أن سيرتها الشخصية تتوقف. وعندما نراها بعد ذلك أو يرد ذكرها فإما بغرض رمزي أو لتعلم درساً ثميناً في ارتباطها مع ربنا. وتجد ملاحظة أن مريم هذه المنعم عليها لا ينبغي أن تكون محط أنظار شعب الله عندما يأتي ابنها يسوع في المشهد، فما يشغل القارئ هو كمالاته وحكمته وخضوعه الكامل لإرادة إلهه ومجده، وفي نفس لوقت لا ننسى هذه الوحدة في العلاقة بين مريم وطفلها.ويقال لنا أنه "في اليوم الثالث" "كان عرس في قانا الجليل. وكانت أم يسوع هناك". "ودعي أيضاً يسوع وتلاميذه إلى العرس". إن البعض يشكون إذ تناولنا هذا المشهد بشكل رمزي عندما نطرح الصورة النبوية لرجوع إسرائيل المستقبلي. والجملة التي تتكلم عن العرس أنه كان "في اليوم الثالث" إنما تشير بوضوح إلى ذلك المعنى النبوي، فاليوم الثالث يتكلم عن زمان البركة (وكذلك الدينونة إذا أضفنا إليها حادثة تطهير الهيكل) والتي جاءت بعد اليومين للشهادة وهما ليوحنا المعمدان وليسوع نفسه – والمسجلة في ص 1، والتي تعني غالباً القيامة – وهي ظلال مستقبلية لحقيقة بركة الشعب الأرضي وكذلك بركة الشعب السماوي والتي تتأسس على القيامة وحدها. ولكي نفهم الخاصية الرمزية لهذا العرس – فقد اتخذ العرس مجراه ولكنه اختير خاصة لإظهار هذا الغرض وهو مفتاح هذه الحادثة ولا بد لنا أن نقول ذلك لأن كثيرين حتى من المسيحيين أنفسهم لم يفهموا بحسب أفكارهم البشرية المناقشة التي دارت بين الرب نفسه في تعاملاته مع مريم في هذه المناسبة، وقد نسوا مجد ذاك الذي استعلن هنا كما في أماكن أخرى وكذلك كماله المستعلن في تلك العلاقة. ونقرأ "ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر. قال لها يسوع مالي ولك يا امرأة؟ لم تأت ساعتي بعد. قالت أمه للخدام مهما قال لكم فافعلوه" (ع 3 - 5). ونسجل هنا ملاحظات كتبها واحد تشرح معنى هذا الجزء: [إنه في العيد (أو العرس) لا يعرف أمه، وهذه هي علاقته الطبيعية مع إسرائيل، والمنظور لها أنه قد ولد منها تحت الناموس، فإسرائيل أمه، إنه يفصل نفسه عنها ليتمم البركة]. وهذا يساعدنا في شرح طبيعة هذا المشهد الرمزي المشار إليه. وهذا صحيح فإذا كان يسوع قد ولد من امرأة وولد تحت الناموس، فقد كان عليه أن يموت عن هذه العلائق جميعها لكي يمجد الله تمجيداً كاملاً ويفتدي الذين هم تحت الناموس بأن يصير لعنة لأجلهم قبلما يأتي بالبركة لإسرائيل. وحبة الحنطة كان ينبغي أن تقع في الأرض وتموت لكي تأتي بثمر كثير.ولكن هناك شيئاً آخر يجب أن نتذكره أن يسوع قد أخبر أمه – كما رأينا كذلك من قبل – أنه ينبغي أن يكون فيما لأبيه أي لصوالح أبيه، وأنه قد أتى ليفعل إرادة أبيه وهو قد فعل ذلك ففي كل خطوة كان في شركة مع أبيه سواء من جهة التوقيت أو الأسلوب الذي يتبعه، كما قال عن نفسه "لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل. لأن مهما عمل ذلك فهذا يعمله الابن كذلك" (يوحنا 5: 19 - 20). ولذلك كان من المستحيل عليه أن يقبل اقتراحاً من مريم عما ينبغي أن يعله وهذا معناه أن مريم تتدخل في منطقة مقتصرة ومحددة للآب وللابن. كان ما قالته تعبيراً عن حثها للرحمة وهو في ذات الوقت يعبر عن إيمانها بقوة يسوع التي لا يمكن أن تنكر. وعندما نأتي إلى دائرة كمال المسيح وتكريسه فإننا لا نسمع غير صوته الذي يقول أنه جاء ليفعل إرادة أبيه. إن هذا يفسر لنا قوله "مالي ولك يا امرأة؟؟ لم تأت ساعتي بعد".كانت كلمة يسوع لأمه التأثير المقصود، ويتضح هذا من حقيقة أنها لم تحاول أن تجيب،وأنها كانت تعتمد على تدخل يسوع وإظهار قوته، فقالت للخدام: "مهما قال لكم فافعلوه". وهذا جميل ورائع في حد ذاته، فمع أن مريم بسبب عواطفها الزائدة جربت في أن تأخذ مكاناً لا يخصها، وربما رغبة منها أن ترى ابنها يظهر علانية،ولكن سرعان ما تكلم الرب حتى عادت إلى مكانها الصحيح وانسحبت إلى الخلف. حتى وهي تتطلع إلى مجده الذي يفوق المجد البشري (ع 11) موصية الخدام بطاعة له لا تقبل الجدال. إن التوفيق بين عواطف الأمومة مع إيمانها بيسوع باعتباره يدعى ابن العلى وابن الله، وهي تراه في طريقة حياته اليومية يأكل ويشرب وينام، إنما يصبح هذا التوفيق أمراً صعباً ولكن الله نفسه كان يلاحظها ويفتح قلبها كل يوم لما كانت تحتاج أن تتعلمه وكذلك في هذه المناسبة عرس قانا الجليل. لم تعد تنشغل بتاتاً بنقص الخمر، وبقيت شاهدة بصمتها عن ما سيحدث، ولذلك استمتعت بهذا الامتياز الذي لا ينطق به كشاهدة لبداية هذه الآيات التي صنعها يسوع عندما أظهر مجده وآمن به تلاميذه. إن ما يصدر عما هو إلهي هو جزء من مجد الله وإظهار لحقيقة شخصه، وبالتالي فإن تحويل الماء إلى خمر كان بقوة كلي القدرة ونتيجة ذلك أن تلاميذه آمنوا به.كانوا قد قبلوه من قبل مع ضعف إيمانهم أما الآن فقد تثبت إيمانهم وذلك مريم أيضاً.وإذ أكمل يسوع إرساليته في قانا الجليل انحدر إلى كفرناحوم هو وأمه وإخوته وتلاميذه وأقاموا هناك أياماً ليست كثيرة. وللحديث بقية
المزيد
19 أغسطس 2021

التجلى للقديس مارإفرام السرياني

" إن من القيامِ ههُنا قوما لا يذوقون الموت " ) مت 28:16 . )هكذا أشار المسيح إلى الذين سيرُفعون إلى السماء ، لقد دعا المسيح إيلياالذي سبق ان رُفِعَ إلى السماء ) 2 مل 2 : 10 - 12 ( ، وموسى الذي أُقيمَ منالأموات ) مت 3:17 ( وثلاثة شهود من الرسل ؛ ثلاثة أعمدة جديرين بأن يشهدواعن الملكوت ، وكما تعرَّف المعمدان سابقًا على المسيح بالروح القدس حينما جاءإليه وقد شهد " وانا لمْ أكُنْ اعرف هُ " ) يو 31:1 ( ، هكذا أيضا تكلم بطرس – رغم أميته بحكمة عظيمة ، لأنه تعرف على موسى وإيليا ، لقد نطق الروح –معبراً عن نفسه على فم بطرس بأمر كان هو نفسه يجهله سابقا ، ففي هذه الحادثة الخاصة بموسى وإيليا وبالثلاث مظال تضافر نور الروح القدس مع الرغبة البشرية في العمل معا .أظهر لهم الرب إمكانية ان يتغيرَّ حينما " صارت هيئةُ وجهه مُتغيرةً "( لو 29:9 ) ، فتغير وجهه على الجبل قبل أن يموت حتى لا يشكوا في تغير وجهه بعد موته ، وحتى ما يعلموا أن ذاك الذي تغيرت هيئته قدامهم ، سوف يُقيم الجسد الذي لبسه بالمثل ، فالذي أعطى لجسده الخاص مجداً ، يستطيع ان يُقيمه من الموت الذي يجوزه .فإن كان هذا بهاء ملكوته بعد القيامة ، فلماذا لم يضفيه على الجميع منذ ذلك الحين ؟ لأَّنهم لم يكونوا بعد جديرين بمعاينته ، وبالرغم من ذلك أراد أن يعرفوا أنهم هم أيضا سوف يتغيرون بالمثل ، إذ استحضر هذين الاثنين ، موسى وإيليا ،حتى ما نؤمن بالقيامة العتيدة ، فأولئك الذين ماتوا مثل موسى سوف يقومون ، وأولئك الذين سيكونون أحياء حينئذٍ سوف يُختطفون كمثال إيليا ، لأن للرب العلو والعمق .لقد سُرَّ بطرس أن يرى الجبل وقد خلا من منازعات الكتبة ، وطاب له عبير الملكوت وقد عَبَّق أنفه ، فرأى مجد الرب عوضا عن عاره ، وفرِحَ بوجوده مع موسى وإيليا وتهلل لأنه تخلص من قيافا وهيرودس . وكما أشفق على الرب مرة بقوله : " حاشاكَ يارب " ( مت 22:16 ، ) هكذا يقول الآن : " فلنصنع ثلاثَ مظالَّ " ويضيف الإنجيلي : " لأنه لم يكُن يعلمُ ما يتكلَّمُ بهِ إذ كانوا مُرتعبِيِنَ " ( مر 6:9 ) ، لأن الرب كان ينبغي أن يتألم ويُصلب ويموت ثم يقوم . كان بطرس يظن أنه لو سَمَحَ له الرب بالبقاء على الجبل وعمل ثلاث مظال فإنه لن يفكر بعد في العودة إلى المدينة حيث كان ينبغي أن يموت هناك كما كان قد أخبر تلاميذه .فيا له من حب وإشفاق من بطرس نحو سيده . ولكن ماذا تقول أيها الرسول القديس ؟ لقد ميزت للتو في اعترافك بين الرب وبين عبيده ، أتعود الان وتخلطهم معا ؟ هكذا كان الرسل غير كاملين قبل موت المُخلَّص وغاب عن بطرس ما اُستعلن له من الآب عن الابن أثناء هذه الرؤية ، حتَّى عبَّر القديس مرقس بقوله " لأنه لم يكن يعلمُ ما يتكلمُ به " ( مر 6:9 ( . ولكي ما يبين بالأكثر ذهولهم عبرعنه القديس لوقا أيضا بقوله : " أنهم كانوا قد تثقلوا بالنومِ " ( لو 32:9 ) . وكما تخشى العين الجسدية عادة من النور الشديد هكذا صار التلاميذ كعميان من مجد نور المسيح ولم يقوى ضعف عيونهم على احتماله .يجب أن نفهم أن هذه المظال ليست من عالمنا الأرضي ، بل من العالم الآتي : " اصنعوا لكم أصدقاء بمالِ الظُلم ، حتى إذا فنيتُم يقبلُونكم في المظال الأبدية " ( لو 9:16 ) . ومرة أخرى إذ أنه لم يكن يعلم ما يتكلم به لأنه قد حسب المسيح في عدِ اد أصحاب المظال مع موسى وإيليا غير مُميز بين الرب وبين عبيده . لهذا أنار عقله صوت إلهي من السموات قائلاً : " هذا هو ابني الحبيبُ الذي به سرِرِتُ " ) مت 5:17 . ) في تواضعه ، لبِسَ المسيح جسدنا حتى ما نستطيع أن ننظره ونسمع كلامه ، ولا نُعاني مما عاناه تلاميذه الثلاثة على الجبل ، الذين قد تثقلوا بالنوم ، بسبب عظمة مجد الجسد الذي هبط عليهم ، وهم قد تعجبوا وذُهلوا من مجده .حينما كان ينبغي أن يسهروا أكثر من أي وقت مضئ ، ناموا ؛ بالرغم من أنهم لم يروا مجده كاملاً ، بل فقط بعضا من مجده في الجسد الذي نزل إليهم ولم يعلموا شيئا عمَّا كانوا يرونه ولا ما كانوا يقولونه حتى نتعلم لماذا ظهر بدون مجد وجاء في جسد . وإذا كان بطرس قد قال كلماته هذه فماذا عساه أن يحدث معنا؟ ! لماذا ظهر موسى وإيليا معه ؟ لأنه حينما سألهم : " مَنْ يقولُ الناس إني أنا ابن الإنسان . قالوا : قوم يوحنا المعمدان . وآخرون إيليا . وآخرون إرميا أو واحد من الأنبياء ( مت 16 : 13- 14 ) .إذاً ، فموسى وإيليا ظهرا معه حتى ما يُعلن أنه لم يكن لا إيليا ولا موسى ولا إرميا ولا واحداً من الأنبياء ، بل هو رب الأنبياء .إذ لم يكن المسيح إلها ، فكيف أقام موسى واستحضر إيليا ؟! إذا لم يكن المسيح إلها ، لما سمعنا ذاك الصوت قائلاً : " هذا هو ابني الحبيبُ . له اسمعوا " ؟ "وفيما همْ نازلُون من الجبلِ أوصاهم يسوعُ قائلاً : لا تُعلمُوا أحداً بما رأيتم حتى يقوم ابنُ الإنسان من الأمواتِ " ( مت 9:17 ) . أوصاهم المسيح بذلك ؛ لأنه كان يعلم أن الآخرين سوف لا يصدقونهم ؛ بل سيعتبرونهم مجانين ويقولون لهم من أين أتي إيليا ؟ وأيضا لقد مات موسى ودُفن " ولم يعَرف إنسان قبرهُ إلى هذا اليومِ " ( تث 6:34 ) ؟! وهكذا يكونون قد أثاروا تجديفا وعثرة ، لهذا أوصاهم الرب قائلاً لا تبرحوا من أورُشليم ... حتى تنالوا قوة ( أع 1 : 4 - 8 ) . انتظروا حتى تتفتح القبور ويخرج الأبرار أن الذي أقامهم أقام موسى أيضا .وحتى لا يقول اليهود إن الرب قد ضلل تلاميذه ، فها هم يُعلنون ان موسى وإيليا تكلما معه . في القديم ، تسلم موسى الناموس على الجبل ، وجاء إيليا بغيرة كي يُحقق النقمة المُ علنة في هذا الناموس الذي يقول : " إن لم تتأدبوا مني بذلك ، بل سلكتم معي بالخلاِفِ " ( لا 23:26 . ) لماذا لم يصطحب جميع التلاميذ ؟ لأن يهوذا كان بينهم ، متغربًا عن الملكوت ، وغير جدير بان يُصطَحَب إلى مثل هذا المكان ، وما كان لائقا بأن يُترك وحده ، إذ كان محسوبا في نظر الناس على أنه كامل من أجل اختيار من اختاره . فلو كان الرب قد تركه وحده : لقيل إنه قد أقصاه عن جماعة التلاميذ . فماذا اختاره أولاً ثم رفضه ، ولماذا جعله بصفة خاصة مُدبَّراً للصندوق ؟ هذا لكي ما يُظهر محبته الكاملة ورحمته . ولكي يُعلم كنيسته ، إنه رغم وجود مُعلمون كذبه في وسطها ، فهي جسده الحقيقي .لقد أعطى الخبز لتلك اليد التي امتدت وقَبِلَت أجرتها وباعت المسيح للموت ، وق بَّل فم ذاك الذي أعطى علامة الموت لمغتصبيه .
المزيد
18 أغسطس 2021

اَلقدّيسَة العَذراء وفضيلة الاحتمَال

إن للقديسة العذراء فضائل عديدة جدًا. لعل في مقدمتها الاتضاع، والاحتمال، والتعب سواء في خدمة الآخرين مثل تعبها في رحلة لزيارة أليصابات وخدمتها، مع أنها شابة في حوالي السادسة عشرة من عمرها. وتعبها أيضًا في رحلتها إلى مصر ذهابًا وإيابًا، واحتمالها مشقة الطريق. وتعبها داخل مصر حينما كانوا يطردون العائلة المقدسة من بلد إلى بلد بسبب سقوط الأصنام التي يعبدها المصريون وقتذاك. إلى جوار احتمالها التعب النفساني حينما كانت ترى اضطهادات القيادات الدينية اليهودية لابنها، وأيضًا احتمالها لصلبه.ولما كان من أهم تكريمنا للسيدة العذراء، أن نقتدي بها، فإنني أود هنا أن أذكر كيف نقتدي بها في الاحتمال. ومنها مقدار الاحتمال، التعب في الخدمة. وقد شرح لنا القديس بولس الرسول كيف تعب في الخدمة أكثر من جميع الرسل، وقال إن كل إنسان سيأخذ أجرته بحسب تعبه.وهنا أحب أن أنبه الآباء الكهنة إلى أهمية التعب في افتقاد الناس وفي حل مشاكلهم. وكذلك أنبه جميع الخدام إلى الاهتمام بالتعب في الخدمة. وأذكر قصة ذلك الراهب الذي كان يتعب في خدمة الشيوخ وإحضار الماء لهم من مكان بعيد. فلما ثقل عليه التعب رأى وراءه ملاكًا يكتب شيئًا. فقال له الملاك: "إنني أكتب كل خطوة تخطوها في خدمة أولئك الشيوخ، لكي يمنحك الله أجرًا عليها". حينئذ تعزّى ذلك الراهب وازداد بذلاً في تعبه.ومن أنواع الاحتمال أيضًا، احتمال الظلم. ونذكر مثالًا لذلك يوسف الصديق: الذي احتمل الظلم من أخوته وقد باعوه عبدًا، واحتمل الظلم من امرأة فوطيفار التي اشتكته وادّعت عليه على الرغم من أنها كانت المخطئة. واحتمل الظلم من فوطيفار أيضًا الذي أخذه وألقاه في السجن، على الرغم من أنه كان مخلصًا له جدًا. وبسبب احتمال يوسف الصديق كافأه الله كثيرًا وجعله الثاني في مملكة مصر.وهنا أيضًا احتمال العوز والفقر والجوع. ولعلنا نضرب مثلاً لذلك باحتمال لعازر المسكين، وفي الواقع لست أجد في سيرة هذا البار أي سبب جعله يستحق أن يتنعم في أحضان أبينا إبراهيم سوى فضيلة الاحتمال هذه، الذي كان يتعذب فيحتمل، صار يتعزى أخيرًا.ومن نواحي الاحتمال أيضًا احتمال المرض. ونذكر مثالاً لذلك أيوب الصديق الذي احتمل مرضًا مؤلمًا من قمة رأسه إلى أخمص قدميه. وقال لزوجته «أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟».وفي الاحتمال أيضًا نذكر احتمال موت الأحباء وبخاصة الذين ماتوا فجأة. ولا شك أن الله قد سمح بذلك لخيرهم. فموتهم هكذا أسهل بكثير جدًا من الموت على فراش المرض لمدة طويلة يتحمل فيها المريض عذابات شديدة.ومن أسمى أنواع الاحتمال، احتمال المجد والكرامة. ونذكر هنا أن القديسة العذراء قد احتملت مجد التجسد الإلهي في ظهور رئيس الملائكة جبرائيل لها وتبشيرها بعمل الروح القدس فيها، وبأن القدوس المولود منها يُدعى ابن الله. واحتملت الظهورات المقدسة، ومجيء المجوس إليها، وسجودهم لابنها، وتقديمهم الهدايا ذهبًا ولبانًا ومرًا. واحتملت أمجادًا كثيرة تُحيط بابنها.. كل ذلك دون أن تفتخر أو تتعالى، بل كانت «تحفظ كل هذه الأمور متأملة بها في قلبها». حقًا كما قال القديس أنطونيوس الكبير: "هناك من يستطيعون احتمال الإساءة، ولا يستطيعون احتمال الكرامة. لأن احتمال الكرامة أصعب من احتمال الإهانة". ذلك لأن شخصًا قد ينال كرامة أو رفعة في منصب كبير، أو مال وفير. وحينئذ يرتفع قلبه، ويتعالى على الآخرين، وتهز الكرامة روحياته فينتفخ ويتعجرف! ويتغير قلبه وفكره. لأنه لم يستطع أن يحتمل الكرامة.هناك نوع آخر من الاحتمال قد اختبرته القديسة العذراء مريم. وهو احتمال ترك المشيئة. فما كانت تظن يومًا أنها ستحبل وتلد ولكن لما أخبرها الملاك أن هذه إرادة الله، أجابت في ترك لمشيئتها «لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ».يذكّرنا هذا بالراهب الذي كان يحب أن يحيا حياة الوحدة والهدوء والسكون والتأمل. ولكن مشيئة الله دعته إلى الخدمة. وكان عليه أن يتنازل عن مشيئته، ويقول لله لتكن مشيئتك.من أنواع الاحتمال أيضًا احتمال أخطاء الآخرين. وفي هذا ما أكثر ما يعجز الناس عن احتمال اساءات الغير. ويحاولون أن ينتقموا لأنفسهم، ولا يحوِّلون الخد الآخر. وأتذكر أنني قلت يومًا في اجتماع لجنة البر: "ليس واجبنا فقط أن نعطي الناس احتياجاتهم، إنما واجبنا أيضًا أن نحتمل ضعف هؤلاء في ادّعاءاتهم. فالفقر هو الذي ألجأهم إلى ذلك".من أنواع الاحتمال: احتمال انتظار الرب. فقد يصلي إنسان ويطلب طلبة معينة وتمر فترة طويلة ولا يشعر أنه قد نال مراده. وربما يتذمر على الرب ويعاتبه! إن أبانا إبراهيم وعده الرب أن يمنحه نسلًا، ومرت سنوات طويلة جدًا ولم ينل هذا النسل. فلجأ إلى الزواج من هاجر برغبة ونصيحة من زوجته سارة. في عدم الانتظار نقرأ في المزمور «اَلَّلهُمَّ، إِلَى تَنْجِيَتِي. يَا رَبُّ، إِلَى مَعُونَتِي أَسْرِعْ»، عبارة «أسرع» تدل على أن المصلي لم يحتمل الانتظار.ومن أنواع الاحتمال أيضًا: احتمال التجارب، احتمال التأديب، لأنه «إن تزكى ينال إكليل الحياة».إن الله تبارك اسمه يقدم لنا أكبر مثال للاحتمال، وهو ذاته احتمل الأمم سنوات طويلة وهم يعبدون غيره من أنواع عبادات متعددة، وهكذا احتمل الوثنية حتى عادت وآمنت به. وقد احتمل الشيوعية في روسيا لمدة سبعين عامًا، وهم يشيعون أن لا إله! وأيضًا احتمل الخطاة حتى يتوبوا. احتمل أوغسطينوس، وموسى الأسود، ومريم القبطية. وغيرهم... إلى أن تحول هؤلاء إلى قديسين. ولم يتوبوا فقط، بل نموا في حياة الفضيلة إلى درجات عالية.واحتمل اللص اليمين طول حياته، إلى أن ذكره هذا اللص على الصليب.ونرى أمثلة أخرى للاحتمال في موسى النبي الذي احتمل شعبًا متذمرًا لسنوات عديدة، بل أنه أكثر من هذا كان يدافع عنهم أمام الله ويمنعه من إفنائهم.ونرى مثلًا آخر للاحتمال: داود النبي والملك الذي احتمل أبشالوم ابنه الذي نافسه في المُلك، وأقام جيشًا يحاربه، ودخل على جواريه. ولما قُتِل أبشالوم في الحرب، بكى عليه داود وقال: «يَا ابْنِي أَبْشَالُومُ! يَا لَيْتَنِي مُتُّ عِوَضًا عَنْكَ!».ومن أوضح الأمثلة في الاحتمال احتمال الأم لابنها في صياحه وبكائه وفي عناده وتمسكه برأيه. تحتمله في بطنها، وفي حجرها، وفي حملها على كتفها، وفي تعليمه الحياة.والاحتمال هو وصية إلهية. فيقول الكتاب «مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا» (أف4: 2). وأيضًا «فَيَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ الأَقْوِيَاءَ أَنْ نَحْتَمِلَ أَضْعَافَ الضُّعَفَاءِ» (رو15: 1).وأيضًا «المحبة تحتمل كل شيء لأنها لا تطلب ما لنفسها»، ويقول القديس بولس الرسول: «نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ».أما لماذا نحتمل؟ فإننا نحتمل أخطاء الآخرين، كما احتملنا الله أيضًا، وكما يحتملنا. والاحتمال يدل على الوداعة، وطول البال، وسعة القلب. ونحن نحتمل الغير أيضًا لكي نكسبهم. وكما قال القديس يوحنا ذهبي الفم: "هناك طريقة تستطيع بها أن تقضي على عدوك، وهو أن تحول العدو إلى صديق". ونحن لا نستطيع أن نحول العدو إلى صديق إلا باحتمالنا له، بل وإحساننا إليه حسب وصية الرب.وأنت إن لم تحتمل فسوف تتعب أعصابك. وقد تُصاب بمرض من ضغط الدم، والسكر، وأيضًا تخسر الناس. وفي عدم احتمالك تكون قدوة سيئة لغيرك. وكما ورد في سفر الأمثال «لاَ تُجَاوِبِ الْجَاهِلَ حَسَبَ حَمَاقَتِهِ لِئَلاَّ تَعْدِلَهُ أَنْتَ»، أي تصير مثله في أسلوب الهجوم والصياح، فتعثر الناس الذين يشاهدونك.وفي عدم الاحتمال قد يلجأ الناس إلى طرق خاطئة، بزعم الدفاع عن حقوقهم، أو استرجاع كرامتهم.وأهم سبب للاحتمال هو محبة المخطئين والعطف عليهم وتقدير ضعفهم وظروفهم. وهكذا قيل عن الرب في المزمور «لَمْ يَصْنَعْ مَعَنَا حَسَبَ خَطَايَانَا، وَلَمْ يُجَازِنَا حَسَبَ آثامِنَا.لأَنَّهُ يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ».والرب في احتماله لأخطائنا، أحيانًا يلتمس العذر لنا كما قال الرب على الصليب طالبًا المغفرة لصالبيه «لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ».ومما يساعد على الاحتمال: القلب الواسع، وقوة الأعصاب. قداسة مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد
17 أغسطس 2021

السيدة العذراء فى فكر القديس كيرلس الكبير

مقدمة :- أن كنيستنا القبطية الأرثوذكسية تكرم سيدتنا كلنا والدة الإله العذراء مريم وتعطيها لقب (الممتلئة نعمة) – (وليس المنعم عليها كما يكتبها البروتستانت فى طبعتهم للكتاب المقدس الذى بين أيدينا الآن) وهذا اللقب نلقبها به ليس من عندنا ولكن حسب ما لقبها به رئيس الملائكة الجليل جبرائيل وأيضاً نلقبها بالسماء الثانية وخيمة الأجتماع أو قبة موسى لأن أبن الله الكلمة قد حل فى أحشائها الطاهرة وأيضاً هى أم النور وأم القدوس ووالدة الإله ونلقبها بكثير من الألقاب التى نراها واضحة جداً فى ثيؤطوكية يوم الأحد (يرجى الرجوع إليها) ونجد رئيس الملائكة جبرائيل قد كرمها وذلك فى حديثه معها أثناء البشارة لها بحبلها وذلك عندما قال لها (السلام لكِ أيتها الممتلئة نعمة الرب معك مباركة أنت فى النساء) (لو28:1) وأيضاً نجد القديسة أليصابات قد قابلتها بإكرام شديد قائلة لها (من أين لى هذا أن تأتى أم ربى إلى. هوذا حين صار صوت سلامك فى آذنى أرتكض الجنين بإبتهاج فى بطنى) (لو44:1). 2- العذراء والدة الإله :- فى أوائل القرن الخامس الميلادى قامت هرطقة كبيرة كان قائدها شخص يدعى نسطور (وهذا كان بطريرك لمدينة القسطنطينية) هذا المهرطق رفض الأتحاد الأقنومى بين لاهوت السيد المسيح وناسوته وقال أن الطبيعتين لم تتحدا نهائياً بل الذى ولد من العذراء هو الأنسان يسوع المسيح وليس الإله المتجسد وقال أن العلاقة بينهما هى مجرد أتصال خارجى وليست أتحاداً بينهما وقال مانصه (أن العذراء مريم ولدت الأنسان يسوع فقط، الذى أتصل به اللاهوت فقط) وعلى هذا فقد رفض تسمية العذراء بوالدة الإله وقال أنها والدة المسيح فقط ونزع عنها لقب الثيؤطوكوس وقال بما أنها لم تلد إلهاً بل المسيح فقط سماها خرستوطوكوس أى والدة المسيح بدلاً من والدة الإله وقد تصدى لهذه البدعة البابا كيرلس الكبير (377 – 444م) عن طريق الوعظ والرسائل والتعاليم التى نادى بها وأيضاً ما يتضح من ثيؤطوكيات التسبحة كما سوف نوضح ذلك فيما بعد وأخيراً نوقشت بدعته فى مجمع أفسس (431م) بالتفصيل وقدمت الردود الكافية والحجج الرادعة بما يثبت كفره وحكم المجمع عليه بحرمانه هو وكل أتباعه ومن ينادى بقوله ووضع المجمع مقدمة قانون الإيمان (نعظمك يا أم النور الحقيقى ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله)وهذة العقيدة لم ننادى نحن بها المسيحيين فى العصور الحديثة أو القديمة من عندنا ولكن لها المرجعية الكتابية التى تؤيد ما نقول من أهمها:- نبوة أشعياء النبى (هوذا العذراء تحبل وتلد أبناً ويدعون أسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا)(أش14:7). قول أليصابات للسيدة العذراء (من أين لى هذا أن تأتى أم ربى إلى)(لو43:1). قول الملاك للرعاه (ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب)(لو12:2). مقدمة قانون الإيمان التى وضعها أباء مجمع أفسس كما ذكرنا تنص على (نعظمك يا أم النور الحقيقى ونمجدك أيتها العذراء القديسة والدة الإله). 3- السيدة العذراء عند القديس كيرلس :- يقول القديس كيرلس الكبير فى كتابه (شرح تجسد الأبن الوحيد)ولد الكلمة من الآب بطريقة لا ندركها بل هى فوق مستوى الإدراك لكنه فى الزمان الأخير تجسد وولد من إمرأة حسب الجسد والذى حدث أنه أخذ من العذراء القديسة جسداً وأتحد به أتحاداً حقيقياً ولذلك نعتقد أن العذراء القديسة هى والدة الإله لأنها ولدته حسب الجسد لكنه مولود ذات الوقت من الآب قبل كل الدهور ويقول أيضاً إذا كان هناك أحداً ما يتجرأ أو يعلم أن العذراء مريم ولدت الطبيعة الإلهية غير الجسدانية فإن هذا هو الجنون بعينه لأن الطبيعة الإلهية ليست من تراب الأرض حتى تولد منه ولا تلك الخاضعة للفساد (أى العذراء) تصبح أماً لعدم الموت ولا تلك الخاضعة للموت تلد الذى هو حياة الكل ولا غير المادى يصبح ثمرة للجسد الذى بطبيعته خاضع للميلاد وله أبتداء فى الزمان الجسد لا يمكنه أن يلد الذى لا بداية له لكننا نؤكد أن الكلمة صار كما نحن وأخذ جسداً وأتحد به أتحاداً حقيقياً بطريقة فوق الإدراك أو التعبير وأنه تأنس وولد حسب الجسد ألا تولد النفس البشرية وهى طبيعة مختلفة عن الجسد لأنها متحدة به، ولا أظن أن أحداً سيفترض أن النفس لها طبيعة الجسد أو أنها تتكون معه، وأنما الله بطريقة غير معروفة يغرسها فى الجسد وتولد معه لذلك نحن نحدد أن الكائن الحى الواحد المولود هو من أثنين هكذا الكلمة هو الله لكنه تجسد، وأيضاً ولد حسب الجسد وبطريقة بشرية لذلك تدعى التى ولدته والدة الإله[عن كتاب شرح تجسد الأبن الوحيد ص43 – ص45] 4- السيدة العذراء فى رسائل القديس كيرلس :- حيث أن العذراء القديسة ولدت جسدياً الله متحداً بالجسد الإقنوم فنحن نقول أنها والدة الإله ليس من طبيعة الكلمة تأخذ بداية وجودها من الجسد لأنه (أى الكلمة) كان فى البدء والكلمة كان الله (وكان الكلمة الله)(يو1:1) و هو نفسه خالق الدهور وهو أزلى مع الآب وخالق كل الأشياء لأنه كما قلنا سابقاً أنه إذ وحد الأنسان بنفسه أقنومياً فأنه أحتمل الولادة الجسدية من بطنها (من بطن السيدة العذراء) وإذا قد ولدته إمرأة موحداً نفسه بالجسد فسوف ترفع اللعنة إذن عن كل الجنس البشرى[عن الرسالة السابعة عشر، الجزء الأول ص34] من لا يعترف أن عمانوئيل هو الله بالحقيقة وبسبب هذا فالعذراء هى والدة الإله (لأنها ولدت جسدياً الكلمة الذى من الله، الذى تجسد) فليكن محروماً. [عن الرسالة السابعة عشر، الجزء الأول ص35] نعترف أن ربنا يسوع المسيح أبن الله الوحيد هو إله كامل وأنسان كامل ذو نفس عاقلة وجسم، وهو مولود من الآب قبل كل الدهور بحسب لاهوته وأنه هو نفسه فى الأيام الأخيرة من أجلنا ومن أجل خلاصنا ولد من مريم العذراء بحسب ناسوته وهو نفسه من الجوهر نفسه الذى للآب (أو مع الآب) حسب لاهوته ومن نفس الجوهر الذى لنا (أو معناه) بحسب ناسوته لأنه قد حدث أتحاد بين الطبيعتين لأجل هذا نعترف بمسيح واحد، وأبن واحد، ورب واحد، وبحسب هذا الفهم للإتحاد وبدون أختلاط نعترف بأن العذراء القديسة هى والدة الإله لأن الله الكلمة قد تجسد وتأنس، ومنذ ذات لحظة الحمل به وحد هيكل الذى أخذه منها مع ذاته. [عن رسالة 39 ص43] ربما يقول أحد أن أسم (المسيح) لا يطلق فقط على عمانوئيل وحده بل سوف نجده يطلق على آخرين أيضاً لأن الله قال فى موضع ما عن أولئك الذين أختيروا وتقدسوا بالروح (لا تمسوا مسحائى ولا تسيئوا إلى أنبيائى)(مز15:105) وعلى ذلك فأن أسم المسيح يجب أن يطلق ليس فقط وبوجه خاص على عمانوئيل بل أيضاً على كل الباقين الذين يمسحون بنعمة الروح القدس ولكن توجد هوة كبيرة وأختلافات لا تقارن تفصل بين حالتنا وبين مجد تفوق مخلصنا. فأن كان جميع الآخرين هم مسحاء وهذا معقول جداً بسبب أنهم مسحوا. أما المسيح وحده فهو الإله الحقيقى (عمانوئيل) وبالحقيقة فإن احداً لايخطىء في هذا إن اختار ان يقول ان امهات آخرين هم (والدات المسيح) ولكن ليسو بإى حال (والدات إله) ايضاً إن العذراء القديسة وحدها بالمقابلة مع اولئك النساء هى كما ندركها و ندعوها والدة المسيح ووالدة الإله معاً لانها لم تلد مجرد إنسان بسيط مثلنا بل بالحرى الكلمة الذى من الله الآب الذى تجسد وتأنس لاننا نحن ايضاً ندعى آلهه بحسب النعمة أما الابن فليس إلهاً على هذا النحو ، بل بالحرى هو إله بالطبيعة وبالحق حتى وان قد صار جسداً ولكن ربما تقولون هذا (قل لى إذن ، هل العذراء صارت والدة لاهوته) ؟ ورداً على هذا نقول ان كلمه الله نفسه الحى ، الكائن بإقنومه ، ولد من جوهر الآب ذاته وان الذى كان بلا بداية صار له بداية فى الزمن وكان دائماً موجوداً مع الذى ولده ،و كائناً فيه و موجوداً معه ويشاركة فى التفكير فى أزمنة الدهر الآخيرة حينما صار جسداً اى حينما إتحد بجسد ذى نفس عاقلة قبل ان ولد ايضاً جسدياً من امرأة ان سر تجسده هو بكيفية ما مماثل لولادتنا لان امهات إولئك الذين على الارض الخاضعات لقوانين الطبيعة فيما يخص الولادة لهم يثبت فى الرحم وهو الذى ينمو قليلاً بحسب افعال الله غير المدركة ويصل الى النضوج الله لم يرسل الروح فى الكائن الحى بكيفية معروفة له . وهذا بحسب قول زكريا النبى (وحى كلام الرب على اسرائيل . يقول الرب باسط السموات و مؤسس الارض و جابل روح الانسان فى داخله) (زك1:12) ان لوغوس (كيان) الجسد واحد وكذلك فإن لوغوس (كيان) النفس آخر ومع ذلك فحتى لو كانت هؤلاء النساء هن فقط امهات للآجساد التى من الارض وإلا انهن يلدن الكائن الحى كله ،و انا اعنى كائناً مكون من جسد و نفس ولا يقال عنهن انهن يلدن جزءاً من الكائن ولن يقول أحد أن اليصابات مثلاً اماً فقط للجسد وليست اماً ولدت نفساً فى العالم الى جانب الجسد لانها ولدت المعمدان انساناً ذا نفس و كائناً حياً مكوناً من الاثنين وانا اعنى انساناً له نفس وجسد معاً اننا نقبل ان شيئاً مثل هذا قد حدث فى ولادة عمانوئيل ايضاً لان كلمة الله الوحيدة قد ولد من جوهر الله الآب ولكن حيث ان الكلمة اتخذ له جسداً وجعله خاصاً به فإنه ايضاً يحمل اسم ابن الانسان وصار مثلنا وان رغب احد ان يقول ان أم فلان هى أم بجسده فقط وليست أماً لنفسه فإنه بذلك يفكر بغباء شديد لان الكائن الحى يولد مكوناً من عنصرين غير متماثلين إلا إنه لإنسان واحد وكل عنصر منهما يظل كما هو و الإثنان هما معاً كما فى وحدة طبيعية واحدة ، كما لو كانا يفحصان احدهما الآخر ،و كل منهما ينقل إلى الآخر ماهو خاص به .. [ عن الرسالة الاولى ص10 ، ص14 ] ونحن نقول انه على الرغم من ان الطبيعتين اللتين اجتمعتا معاً فى وحدة حقيقية مختلفتان فإنه يوجد مسيح واحد و ابن واحد من الاثنين إن اختلاف الطبائع لم يبطل بسبب الاتحاد بل بالآحرى فان هذا الاتحاد الذى يفوق الفهم و الوصف كون لنا من اللاهوت و الناسوت رباً واحداً يسوع المسيح و ابناً واحداً [ عن الرسالة الرابعة فقرة 3 ص13 ] وهكذا فنحن نعترف بمسيح واحد ورب واحد ،و لكن إذا رفضنا الاتحاد الاقنومى سواء بسبب تعذر إدراكه أو بسبب عدم قبوله نسقط فى التعليم بإثنين [عن الرسالة الرابعة فقرة 3 ص13 ] هو كلمة الله الوحيد المولود من ذات الجوهر الذى للآب اخذ جسداً من العذراء القديسة وجعله خاصاً به من الرحم واحتمل الولادة مثلنا وجاء كإنسان من امرأة دون ان يفقد ما كان عليه ولكن رغم انه ولد متخذاً لحماً و دماً فإنه ظل كما كان إى من الواضح انه الله بالحقيقة و الحق [ عن الرسالة الثالثة الى نسطور ص23 ] وإذا نعترف بكل تأكيد ان الكلمة إتحد بالجسد اقنومياً فإننا نسجد لابن واحد الرب يسوع المسيح .[عن الرسالة الثالثة الى نسطور ص24 ] وايضاً نحن لاننسب اقوال مخلصنا فى الاناجيل الى اقنومين او الى شخصين منفصلين لأن المسيح الواحد الوحيد لايكون اثنين حتى لو أدرك انه من اثنين ومن كيانين مختلفين اجتمعا الى وحدة غير منقسمة .[ عن الرسالة الثالثة الى نسطور فقرة13 ص29 ، 30 ] وحيث ان العذراء القديسة ولدت جسدياً الله متحداً بالجسد حسب الأقنوم فنحن نقول انها والدة الإله [عن الرسالة الثالثة الى نسطور ص24 ] لان حينما يتأكد هكذا ان المولود من العذراء القديسة هو الله حسب الطبيعة فإنى إظن بالضرورة انه لن يخشى احد مطلقاً ان يفكر وان يجاهر ايضاً انها ينبغى ان تدعى والدة الإله وهذا لائق جداً . [عن الرسالة الثالثة الى نسطور ص7 ] نحن نؤمن ان ربنا الواحد يسوع المسيح هو بالتأكيد ابن الله الوحيد وهو كلمته المتأنس و المتجسد ولا يقسم الى إثنين بل هو مولود من الله قبل كل الدهور بطريقة لايعبر عنها وانه ولد بحسب الجسد من امرأة فى الازمنة الآخيرة وهكذا فشخصة هو واحد ايضاً وبهذة الطريقة نحن نعرف ان العذراء القديسة هى والدة الإله لانه هو إله و انسان معاً وان الذى بغير تغيير وبغير اختلاط هو الابن الوحيد الذى تجسد وصار انساناً [عن الرسالة الثالثة الى نسطور ص54 ، 55 ] نحن لم نعتمد لإله و انسان كما لابنين مختلفين بل اعتمدنا لمسيح واحد اى كلمة الله الوحيد الجنس المتأنس و المتجسد حتى انه هو إله و انسان معاً مولود حقاً من الله الآب غير المولود بالمثل من العذراء القديسة بحسب الجسد ... وربنا يسوع المسيح هو واحد و شخصة واحد متأنس و الذى هو بالطبيعة و بالحق الابن ،و حيث انه يعطى الحياة لجسده الخاص به فنحن ايضاً نصير فيه اقوى من الموت و الفساد [عن الرسالة الثالثة الى نسطور ص57 ] 5- دوام بتولية السيدة العذراء عند القديس كيرلس :- يتحدث القديس كيرلس عامود الدين عن عقيدة دوام بتولية السيدة العذراء موضحاً اهميتها من خلال كتاباته التفسيرية فيقول ولكن اولئك الذين يجادلون و يقولون ان كان هو قد جاء فى الجسد فتكون العذراء قد فسدت وان لم تكن قد فسدت فإنه يكون قد جاء بطريقة خيالية فقط ، هؤلاء نقول لهم ان النبى يعلن (ان الرب إله إسرائيل قد دخل و خرج و الباب يظل مغلقاً ) ( حز2:44) وايضاً ان كان الكلمة قد صار جسداً بدون تزاوج جسدى اذ انه حبل به بدون زرع بشر فإنه إذن ولد بدون ان تمس عذراويتها [ عن كتاب تفسير انجيل لوقا للقديس كيرلس الاسكندرى ص28 ] يتكلم القديس كيرلس الكبير عن [ والدة الإله سر فرح العالم ] قائلاً اننى ارى اجتماع كل القديسين الغيورين اجتمعوا معاً مدعوين من أم الله القديسة الدائمة البتولية مريم كنت اشعر بالحزن الشديد ولكن حضور الأباء القديسين حول هذا الحزن الى فرح و إبتهاج الآن كلمات التسبيح الحلوة التى لداود قد تحققت فى حضورنا (هوذا ما احسن وما احلى ان يسكن الأخوة معاً ) (مز1:133) نقول اعظمك يامريم والدة الإله بك تنبأ الانبياء و تغنى الرعاة بتماجيد إلهية الملائكة ترقص ورؤساء الملائكة يسبحون بألحان عظيمة وينحنى المجوس ساجدين فى عبادة و خشوع تهلل يوحنا فى بطن امه وسجد المصباح للنور السرمدى اشرقت النعمة التى لاينطق بها والنور الحقيقى اتى الى العالم ربنا يسوع نوراً اشرق على الجالسين فى الظلمة و ظلال الموت لأجلك و بسببك اعلن الانجيل (مبارك الآتى باسم الرب) (لو38:19 ) بك تأسست الكنائس الارثوذكسية فى كل مكان . اشرق منك قاهر الموت و محطم الجحيم منك خرج صانع الخليقة الاولى و اصلح فساد الانسان الاول ، ذاك الذى فى يده ملكوت السموات بك أزهر جمال القيامة و زاد تألقة ، لقد اشرقت معمودية القداسة العظيمة من الاردن ، تقدس يوحنا و تقدست مياة نهر الاردن وطرد الشيطان ، بك حصلت كل نفس مؤمنة على الخلاص .لتمجد مريم دائمة البتولية بتسبحة الفرح .السلام لك يا من حملت غير المحوى فى احشائك البتولية المقدسة السلام لمريم الثيؤطوكوس الكنز الثمين الذى وجده العالم ، المصباح غير المنطفىء قط ، تاج البتولية ، قضيب الارثوذكسية ، الهيكل غير المفهوم.الموضع الذى احتوى غير المحوى ، الأم الباقية عذراء . 6- دوام بتولية السيدة العذراء من خلال ثيؤطوكيات التسبحة :- ثيؤطوكية يوم الأحد واحد من اثنين لاهوت قدوس بغير فساد مساو للآب و ناسوت طاهر بغير مباضعة مساو لنا كالتدبير . (القطعة الثانية) يا من ولدت المسيح إلهنا بالحقيقة بغير زرع بشر وأنت عذراء . (القطعة السابعة) حبلت وولدت بغير مباضعة ابن العلى الكلمة الذاتى . (القطعة الثامنة) لأنك ولدت الكلمة بغير زرع بشر و بتوليتك بغير فساد . (القطعة التاسعة) ثيؤطوكية يوم الإثنين أشرق جسدياً من العذراء بغير زرع بشر حتى خلصنا ( المرد) ثيؤطوكية يوم الثلاثاء أنتِ هى الحقل الذى لم يُزرع و أخرجت ثمرة حياة (القطعة الثانية) غير المنظور غير المحدود ولدته مريم وهى عذراء . لأن هذا هو الحجر الذى رآه دانيال قد قُطع من جبل ولم تلمسه يد انسان البتة هو الكلمة الذى من الآب أتى وتجسد من العذراء بغير زرع بشر حتى خلصنا (القطعة الخامسة) وبعد ما ولدتِه بقيتِ عذراء بتسابيح و بركات نعظمكِ (القطعة السابعة) ثيؤطوكية يوم الأربعاء تعالوا يا جميع الشعوب لنغبطها لأنها صارت أما و عذراء معاً (القطعة الخامسة) حزقيال النبى يشهد قائلاً إننى رأيت باباً ناحية المشرق مختوماً بخاتم عجيب ولم يدخل فيه أحد إلا رب القوات . دخل و خرج و بقى مختوماً على حاله . الباب هو العذراء التى ولدَت مخلصنا وقد بقيَت عذراء بعد ولادته (اللبش) ثيؤطوكية يوم الخميس ونار لاهوته لم تحرق بطن العذراء وايضاً بعدما ولدَته بقيَت عذراء (القطعة الأولى) وأيضاً بعد أن ولدَته لم يحل بتوليتها وبهذا أظهرها بأنها والدة الإله . يالعمق غنى و حكمة الله لأن البطن الواقع تحت الحكم وولد الأولاد بوجع القلب . صار ينبوعاً لعدم الموت ولدت عمانوئيل بغير زرع بشر و نقض فساد جنسنا (القطعة الثالثة) يالكرامة الحبل الذى للبطن البتولى و الوالد الإله بغير زرع (إذ) شهد الملاك (القطعة الرابعة) ياللطلقات الإلهية العجيبة التى لوالدة الإله مريم العذراء كل حين . هذة التى منها اجتمع معاً بتولية بلا دنس و ميلاد حقيقى . لأنه لم يسبق الميلاد زواج ولم يحل الميلاد أيضاً بتوليتها (القطعة الخامسة) فلهذا يا جميع الشعوب نمجد العذراء لأنها ولدَت لنا الله وبتوليتها مختومة (القطعة التاسعة) ثيؤطوكية يوم السبت ولدتِه كالنبوة بغير زرع بشر ولا فساد وهو الخالق وكلمة الآب (القطعة الخامسة) دعيتِ أم الله الملك الحقيقى وبعدما ولدتِه بقيتِ عذراء بأمر عجيب . عمانوئيل الذى ولدتهِ هو حفظكِ بغير فساد و بتوليتك مختومة (القطعة السابعة) سلامنا إلى من قبلَت غير المُحوى فى بطنها و بتوليتها مختومة من كل ناحية (القطعة الثامنة) ربنا يجعلنا ان نفهم ونعى و نتمسك الى النفس الاخير بعقيدة كنيستنا القبطية الارثوذكسية ذات الايمان المستقيم ولا ننجرف مع اى تيار أو فكر غريب عن ايماننا الاصيل الذى نؤمن فية بأن السيد المسيح تجسد من السيدة العذراء وظهر لنا إلهاً متجسداً مع بقاء والدته (والدة الإله) بتول دائما حتى بعد ولادته بقيت عذراء ربنا يبارك حياتكم ولإلهنا كل المجد و الإكرام من الأن والى الابد امين . الراهب القس بطرس البراموسى
المزيد
16 أغسطس 2021

علاقة العذراء مريم بآباء وأنبياء العهد القديم ج2

السلام لك يا مريم تهليل يعقوب : + بينما كان يعقوب هاربا خائفا من أخيه عيسو أدركه الليل فنام فرأى سلما منصوبا على الأرض ورأسها يمس السماء ، وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها وهوذا الرب واقف عليها . فقال : " أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله اسحق ، الأرض التى أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك " ( تك 28 : 12 – 15 ) . فاطمأن يعقوب بسبب مواعيد الله الغنية وسار فى طريقه متهللا . السلم الذى رآه يعقوب يرمز إلى العذراء مريم التى حل الرب فى بطنها فوصلت بين السماء والأرض بعد قطيعة طويلة ، فقد كان التجسد بداية الصلح والأتصال بين الله والإنسان . كانت الملائكة تسبح الرب وهو طفل مولود فى حجر العذراء مريم كما يشهد بذلك لبش الثلاثاء قائلا : " أفرحى يا مريم العبدة والأم لأن الذى فى حجرك تسبحه الملائكة ، والشاروبيم تسجد له باستحقاق والسيرافيم بغير فتور ، يرفرفون بأجنحتهم قائلين هذا هو ملك المجد رافع خطية العالم كعظيم رحمته . أما تشبيه العذراء مريم بالسلم فيأتى فى القطعة الثامنة من ثيئوتوكية السبت هكذا : " شبهت بالسلم الذى رآه يعقوب مرتفعا إلى السماء والرب المخوف عليه " . + تهلل يعقوب أيضا عندما رأى من بعيد بعين النبوة مجىء " شيلون ( أى ابن الله الحى ) من نسل إبنه المحبوب يهوذا قائلا " لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتى شيلون وله يكون خضوع شعوب ( تك 49 : 10 ) " ومعروف أن العذراء مريم والدة ( شيلون ) هى من نسل يهوذا بن يعقوب ، والحكيم يقول " تاج الشيوخ بنو البنين ( أم 27 : 6 ) " . + كان ليعقوب زوجتان : ليئة وراحيل ، كانت ليئة هى الكبرى وكانت عيناها ضعيفتين ، وهى تمثل العهد القديم بشرائعه وطقوسه الضعيفة التى لا تقدر على رفع الخطايا ، أما راحيل وهى الصغرى فكانت جميلة ومحبوبة ، وهى تمثل العهد الجديد – عهد النعمة والمحبة – الذى جاء مكملا لكل نقائص العهد القديم . هكذا المسيح – الأسد الخارج من سبط يهوذا بن يعقوب – هو رب العهدين ، أوحى بالعهد القديم للأنبياء . ثم جاء بنفسه ليعطينا العهد الجديد بدمه لغفران الخطايا . وقال بنفسه " لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل" ( مت 5 : 17 ) وقال الرسول : " الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة بإبنه" ( عب 1 : 1 ) . السلام لك يا مريم فخر يهوذا : السيد المسيح له المجد هو الأسد الخارج من سبط يهوذا ، والعذراء هى بنت يهوذا أى من نسله . ولما حصلت العذراء مريم على كل هذا الفخر والتكريم والتمجيد فى جميع الأجيال وفى جميع الأقطار بسبب أمومتها الطاهرة للمسيح الإله المتجسد لخلاص العالم ، انعكس كل هذا التكريم على يهوذا أبيها ونال هو قسطا من هذا الفخر والكرامة بسبب أبوته للقديسة مريم والدة الإله ، ويقول الرسول " فإنه واضح أن ربنا قد طلع من سبط يهوذا " ( عب 7 : 14 ) ويخبرنا الكتاب أن " يهوذا اعتز على أخوته ومنه الرئيس " ( 1 أى 5 : 2 ) . السلام لك يا مريم كرازة موسى : كان موسى وديعا وحليما جدا ، لقد قال عنه الكتاب " وأما الرجل موسى فكان حليما جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض " ( عد 12 : 3 ) ولذلك رفعه الله ليكون قائدا للشعب ونبيا عظيما جدا . وكان فى ذلك مثالا للعذراء مريم الحمامة الحسنة الوديعة الهادئة ، التى كانت بحق فى زمانها وديعة جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض ، ولعل من أجل هذا السبب بالذات أحتارها الله لتكون أما لمخلص العالم مانحا إياها هذا الشرف العظيم مكافأة لأتضاعها ووداعتها حسب وعد الله المبارك القائل" كل من يضع نفسه يرفع " ( مت 23 : 12 ) بينما كان موسى يرعى غنم يثرون حميه فى برية سيناء جاء إلى جبل الله حوريب ( خر 3 : 1 ) فظهر له الله فى وسط عليقة ( شجرة صغيرة ) فنظر موسى " وإذ العليقة تتوقد بالنار والعليقة لم تكن تحترق" ( خر 3 : 2 ) ومن هناك كلفه الرب بمهمة اخراج بنى اسرائيل من مصر . العليقة ترمز إلى العذراء القديسة مريم التى حملت فى داخلها جمر اللاهوت ولم تحترق ، وقد اسهبت كتب الكنيسة فى عقد هذه المقارنة الرائعة بين عليقة موسى والعذراء مريم . فتقول ثيئوطوكية الخميس" العليقة التى رآها موسى النبى فى البرية والنار مشتعلة فيها ولم تحترق أغصانها هى مثال مريم العذراء غير الدنسة التى أتى وتجسد منها كلمة الآب ، ونار لاهوته لم تحرق بطن العذراء وأيضا بعد ما ولدته بقيت عذراء " ( القطعة الأولى ) ، وإبصالية العليقة المشهورة التى تقال فى أيام الخميس من شهر كيهك المبارك نقول فى مطلعها : " العليقة التى رآها موسى النبى فى البرية والنيران تشعل جواها ولم تمسها بأذية " . " مثال أم النور طوباها حملت جمر اللاهوتية تسعة أشهر فى أحشاها وهى عذراء ببكورية " . + صنع موسى خيمة الأجتماع أو قبة الشهادة كما يسميها حسب المثالات التى أراها الله له فى الجبل ، وكانت تلك الخيمة مشحونة بالرموز عن السيد المسيح له المجد ، وعن أمه العذراء القديسة مريم ، وكان ذلك بمثابة كرازة مسبقة من موسى رئيس الأنبياء عن مجىء المسيح وولادته من العذراء الطاهرة ميلادا عذراويا طاهرا فمثلا : + كان أهم جزء فى خيمة الإجتماع هو قدس الأقداس حيث وضع فيه موسى لوحى العهد المكتوب فيهما الوصايا العشر التى قالها له الله . قدس الأقداس يرمز إلى العذراء القديسة مريم التى حملت المسيح كلمة الله المتجسد . + صنع موسى التابوت المصفح بالذهب من كل ناحية ، وهو يرمز إلى العذراء الطاهرة داخلا وخارجا . + صنع موسى قسطا ذهبيا ووضع فيه كمية من المن الذى كان يأكله الشعب فى برية سيناء كشهادة أبدية على عناية الله بشعه . كان القسط الذهبى يرمز إلى العذراء والمن الذى بداخله يرمز إلى المسيح خبز الحياة النازلمن السماء الذى كل من يأكل منه لا يموت إلى الأبد بل تكون له حياة أبدية .صنع موسى منارة من الذهب النقى ليوضع عليها السراج الذى لا ينطفىء أبدا داخل خيمة الأجتماع . المنارة الذهبية ترمز للعذراء مريم والسراج الذى عليها يرمز للسيد المسيح نور العالم الساكن فى نور لا يدنى منه ، والذى جاء إلى العالم لينير الطريق للسالكين فى الظلمة وظلال الموت وكل من يتبعه يسير فى النور ولا يدركه الظلام . تقول ثيئوتوكية الأحد : أنت هى المنارة الذهب النقى الحاملة المصباح المتقد كل حين الذى هو نور العالم غير المقترب إليه الذى من النور غير المدنى منه ( قطعة 5 ) صنع موسى مجمرة من ذهب يوقد فيها الكاهن الجمر ويضع عليه البخور بها على مذبح البخور . المجمرة الذهب ترمز للعذراء مريم وجمر النار يرمز إلى لاهوت المسيح الذى سكن فى بطنها تسعة شهور ولم تحترق أحشاءها كما أن جمر النار لا يحرق المجمرة وتقول ثيئوتوكية الأحد " أنت هى المجمرة الذهب النقى الحاملة جمر النار المباركة الذى يؤخذ من على المذبح يطهر الخطايا ويمحو الأثام . أى الله الكلمة الذى تجسد منك ورفع ذاته بخورا إلى الله أبيه ( قطعة 6 ) ثم تضيف نفس القطعة " حينئذ لا أخطىء فى شىء إذا ما دعوتك المجمرة الذهب " جمع موسى عصى رؤساء الأسباط ووضعها فى خيمة الإجتماع أمام الشهادة بناء على أمر الرب ( عدد 17 ) " وفى الغد دخل موسى إلى خيمة الشهادة وإذا عصا هارون لبيت لاوى قد أفرخت ، أخرجت فروخا وأزهرت زهرا وأنضجت لوزا ( عدد 17 : 8 ) ، وكان ذلك بدون أن يغرسها موسى فى الأرض أو يسقيها بالماء عصا هارون ترمز إلى العذراء القديسة مريم التى ولدت المسيح ثمرة الحياة بدون غرس ولا سقى أى بدون زرع بشر أو زواج طبيعى وتقول ثيئوتوكية الأحد " عصا هارون التى أزهرت بغير غرس ولا سقى هى مثال لك يا من ولدت المسيح إلهنا . بالحقيقة بغير زرع بشر وأنت عذراء ( قطعة 7 ) . رموز كثيرة جدا صنعها موسى تكرز وتبشر لكل من يتأملها ويسبر غورها ، تكرز بميلاد المسيح من العذراء الطاهرة بطيقة إلهية إعجازية وتقول ثيئوتوكية الأحد فى مطلع القطعة " 15 " ( من يقدر أن يصف كرامة القبة التى زينها النبى لما رآها المعلمون المختارون للكتب المقدسة تعجبوا جدا ) . وبجانب هذه الرموز التى صنعها موسى تنبأ نبوة صريحة عن مجىء المسيح وأوصى شعه أن يسمعوا له قائلا " يقيم لك الرب إلهك نبيا فى وسطك من إخوتك مثلى له تسمعون " تث 18 : 15 . وبناء على كل هذه الرموز والنبوات قال السيد المسيح مرة موبخا اليهود " لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقوننى لأنه هو كتب عنى " ( يو 5 : 46 ) . السلام لك يا مريم كرامة صموئيل ولادة صموئيل النبى وولادة القديسة مريم من والديها يواقيم وحنة متشابهين ، كانت حنة أم صموئيل عاقرا وصلت إلى الرب أن يعطيها نسلا فتجعله نذيرا للرب ليخدمه فى هيكل قدسه فسمع الرب صوتها وأعطاها صموئيل ، ولما كبر قليلا أحضرته إلى هيكل الرب وسلمته إلى عالى الكاهن ليخدم الرب ويخدم الكهنة . نفس الأمر يتكرر بخصوص القديسة مريم فقد كانت أمها حنة وهو نفس اسم أم صموئيل النبى كانت حنة عاقرا فصلت إلى الرب ونذرت نسلها للرب فأستجاب الرب طلبتها وأعطاها إبنة دعتها مريم ولما كبرت قليلا سلمتها إلى زكريا الكاهن لتعيش فى الهيكل وتخدم الرب وتعبده ، وتخدم الكهنة . أمر آخر يتشابه فيه صموئيل النبى والعذراء مريم فقد اختار الرب كلا منهما منذ صغره ليقوم بمهمة إلهية خطيرة .بينما صموئيل صبى صغير وكان نائما فى مخدعه فى الهيكل ناداه الرب صموئيل صموئيل ، ولما تحقق أنه صوت الرب قال كما لقنه عالى الكاهن معلمه :" تكلم يارب فإن عبدك سامع " ( 1 صم 3 ) فكلفه الرب بأن يحل محل عالى الكاهن فى قيادة الشعب وتعليمه وأن يقوم بعمل القضاء للشعب لحل مشاكله .مريم الصبية الصغيرة سلمها الكهنة لقريبها البار يوسف الطاهر ليحفظها فى بيته فجاء إليها الملاك وبشرها بأمر التكليف الصادر من قبل الرب بأن الروح القدس يحل عليها وقوة العلى تظللها فتحبل وتلد يسوع المسيح مخلص العالم كله فقبلت المهمة بإتضاع وتسليم وقالت " هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك فمضى من عندها الملاك " ( لو 1 : 38 ) . لذلك نال كل منهما كرامة عالية وتشرف بخدمة الرب منذ صباه ، وقام كل منهما بمهمة خطيرة بتكليف من الرب نفسه ونجحا فى ذلك أعظم نجاح . السلام لك يا مريم فخر إسرائيل : القديسة مريم بأمومتها العذراوية الطاهرة للمسيح ابن الله المتجسد أصبحت أشرف نساء العالمين هى فخر الجنس البشرى عامة ، وفخر إسرائيل خاصة ولو أنه بعد أن حل عليها الروح القدس وطهرها فحملت المسيح وولدته ثم حل عليها الروح القدس مع التلاميذ فى العلية فى يوم الخمسين لم تصبح يهودية بل مسيحية وأم جميع المسيحيين ، هى فخر العذارى والمتبتلين ، هى فخر الطهارة والبتولية والعفة . ينسج على منوالها ويقتدى بسيرتها كل من يريد أن يعيش بتولا وكل فتاة تريد أن تحيا عذراء تأخذ سيرة حياة العذراء قدوة صالحة ونبراسا منيرا ، ينير لها الطريق ويخفف عنها معاناة الجهاد . السلام لك يا مريم ثبات أيوب البار : أيوب الصديق رمز الصبر والثبات فى التجارب حتى أن الرسول يوجه أنظارنا إليه لنتعلم منه فضيلة الصبر والثبات والأحتمال أمام التجارب المحرقة فيقول : " خذوا يا إخوتى مثالا لأحتمال المشقات والأناة ، الأنبياء الذين تكلموا باسم الرب . ها نحن نطوب الصابرين ، قدسمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب معه ، لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف " ( يع 5 : 10 – 11 ) ولما احتمل أيوب التجربة واجتازها بثبات ونجاح " رد الرب سبى أيوب . وزاد الرب على ما كان لأيوب ضعفا . وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من أولاه " ( أى 42 : 10 – 12 ) كان أيوب فى تجربته يرى الرب بعين الإيمان والنبوة آتيا من بعيد كمخلص ومنقذ ولذلك تعزى فى ضيقته . يقول أيوب بروح النبوة " أما أنا فقد علمت أن وليى حى ويظهر على الأرض فى آخر الزمان ، وبعد أن يفنى جلدى هذا وبدون جسدى أرى الرب "( أى 19 : 25 – 27 ) حسب النص القبطى – القديسة مريم شابهت أيوب فى الصبر والأحتمال. [ منقول من كتاب روحانية التسبحة – ج 7 – للقمص بقنتيوس السريانى ]
المزيد
15 أغسطس 2021

الإحتمال فى حياة أمنا العذراء

من سمات جيلنا أنه ليس لنا احتمال لأي شئ أو حتى لبعضنا لكننا نجد أن في حياة أُمنا العذراء أنواع احتمال كثيرة :- 1- احتمال اليُتم :- تنيح أبوها وهي في عُمر ستة سنوات وتنيحت أمها وهي في عُمر ثمانية سنوات أي حُرِمت من مشاعر الأبوة والأمومة منذ طفولتها واحتملت دائماً يحتاج الإنسان إلى تدليل وتلبية احتياجاته أُمنا العذراء حُرِمت من حقها في الإعتناء بها ولا يوجد لها أقارب يُشبعون لها احتياجاتها النفسية والعاطفية أيضاً لم تجد من يوجهها في حياتها وسلوكها لكن هذا الإحتمال كان سبب بركة في حياتها ولم يُسبب هذا الحرمان تعب لها بل إحلال الله يريد أن يملأ عواطفنا لكن نحن لا نعطيه الفرصة ونملأها بمعرفتنا داخل كل واحد منا مستودع عاطفي نملأه بطريقتنا ويأتي الله ليدخل فلا يجد له مكان لا أُمنا العذراء حدث لها تفريغ لعاطفتها فملأها الله كما يقول الكتاب ” إن أبي وأُمي قد تركاني وأما الرب فقبلني “ ( مز 27 : 10 ) ويقول أحد الآباء ” إخلِ المكان ليسوع “ملأ الله مستودع عاطفتها بمشاعر مقدسة قد يرى الإنسان أن الله قاسي وهذه نظرة إنسانية بحتة لكن لا الله له إرادة أن كل جزء يُفرغ داخلك يملأه هو الذي يحيا الرهبنة يترك أهله ليصنع إخلاء للمشاعر ليُشبعه الله ويصير هو الكل بالنسبة لهذه النفس . 2- احتمال الفقر :- كانت فقيرة كانت في الهيكل ليس لها أي دخل مادي وليس لها أي طلبات تُلبَّى قد لا يتحكم الإنسان في طلباته لكن أُمنا العذراء ليس لها أي طلبات حتى عندما جاء ميعاد ولادتها لرب المجد يسوع لم تجد مكان تلد فيه والذي وجدته كان كريه الرائحة مجرد مذود للحيوان وصعب لو لم تكن فقيرة مكتفية ما كانت تحتمل ذلك قديماً لم يكن لديهم أثاث فاخر في منازلهم مجرد أساسيات الحياة البسيطة سرير كرسي منضدة وكان هذا عمل يوسف النجار مجرد تصليح هذه الأمور البسيطة فكان دخله بسيط وعندما هربت العائلة المقدسة إلى مصر معروف أن الشخص الحِرَفي يكون معروف في مكانه فقط لكن إذا انتقل لمكان آخر يصير غير معروف وبالتالي لا يعمل فيقول التقليد أن العائلة المقدسة في مصر كانت تبيع من الذهب الذي أهداه لهم المجوس ليُنفقوا منه وعندما عادوا إلى الناصرة طُردوا منها بعد أُسبوع فذهبوا إلى الجليل ولم يكن لهم مسكن في الجليل بدليل أن المسيح على الصليب سلَّم أُمنا العذراء ليوحنا الحبيب لو كان لها بيت ما عَهَد بها ليوحنا فتاة هذا الجيل عندما يتقدم لها شخص للإرتباط لو كان غني تغفر له كل أخطاؤه مقابل غناه أُمنا العذراء عاشت الفقر في أقصى درجاته أُم لها طفل رضيع لا تجد ما تأكله فكانت تأكل عند آخرين والبعض يقبل أن يُطعمها والبعض لا نحن في عصر مادي استهلاكي يجعل الإنسان لا يقنع بما له العذراء قبلت الفقر وشكرت لم تتمرد ولم تغضب من يوسف إنه فقير لا يُلبي احتياجاتها لا يعطي الإنسان قيمة سوى الإنسان نفسه البابا كيرلس السادس كان يرتدي ثياب قديمة إن أردنا بيعها في مزاد ستُباع بمليون بينما لو إنسان ردئ السمعة ارتدى ملابس بملايين لا تساوي شئ لأنه إنسان ردئ أرجوك لا تؤله الشئ ولا تُشيئ الإنسان . 3- احتمال الشك :- لم تُعلن أُمنا العذراء ليوسف النجار وللناس كيف صارت حُبلى لم تقل إن الملاك بشَّرها بالحَبَل الإلهي نسألها لماذا لم تدافِع عن نفسها ؟ تقول بماذا أدافع ؟ هل أقول لهم لقد حل عليَّ الروح القدس ؟ هل أقول إن الملاك بشرني ؟ لن يصدق أحد ذلك والشك يا أُمنا يا عذراء ؟ ونظرات الناس ؟ إحتملت كل ذلك سيف قاسي جداً عندما يعيش إنسان في شر وخطية والناس تنظر له نظرات رديئة لا يهمه لكن عندما يُقال إن أُمنا العذراء أُم القدوس يُنظر لها نظرات رديئة ويُشك في قداستها وعفتها هذا أمر صعب جداً لكنها صمتت واحتملت وفضَّلِت إنه كما بشَّرها الملاك هكذا هو الذي يدافع عنها هناك عند اليهود شريعة تُسمى " شريعة المياه المرة " تتم مع المرأة التي يشك زوجها في عفتها فيأتون بكوب ماء وتُذاب فيها ورقة مكتوب فيها الوصية ثم تشرب المرأة من هذا الماء إن كانت زانية تسقط بطنها وتتورم رجليها وإن كانت غير زانية لا تتأثر بشئ أُمنا العذراء تمت معها هذه الشريعة واحتملت أن تكون مُستهترة . 4- احتمال التعب :- أُمنا العذراء كانت في الهيكل لم تكن مستريحة لأن الهيكل في العهد القديم كله ذبائح ونار وحيوانات صيد لم تُذبح بعد ونفايات حيوانات وروائح كريهة وكان عمل العذراء نظافة الهيكل واحتملت التعب منذ طفولتها ثم خُطِبت ليوسف وكان رجل مُسن واحتملت خدمته ثم احتملت تربية وحمل الطفل يسوع ثم الهروب لمصر دون أن تعرِف أحد فيها ولم يستضِفها أحد هناك وعادت لليهودية تعب ليس لها مكان تستقر فيه وبعد رجوعها كانت تنتقل مع يسوع من مكان لمكان لأنه ليس لها أين تسند رأسها فكانت يوم عند مريم ومرثا ويوم عند بطرس واحتملت التعب كثيراً ما نطلب الراحة بشكل كبير ونطلب خدمة أنفسنا وأجسادنا معروف إن الإنسان الذي ليس له مكان يكون متوتر أُمنا العذراء تعبت في عدم استقرارها رغم إنها السماء الثانية وموضع سُكنى الله . 5- احتمال الإهانات :- أكثر الإهانات التي احتملتها أُمنا العذراء هي الشك وما قبلته عن ابنها يسوع عندما كان يُقال له أنه سامري وبه شيطان أو إنه مُختل صعب على الأم أن تحتمل إهانة ابنها وأيضاً على الصليب نال تعييرات كثيرة وإهانات وضرب ولطم وجلد وبعد صلبه وقيامته وصعوده لم تنتهي الإهانات بل حاول اليهود محاصرة المسيحية وظهر ذلك في استشهاد إستفانوس وكيف كانوا متضايقين من المسيحية لكن الرومان أهملوا المسيحية وسمحوا لليهود أن يرجموا إستفانوس رغم أن الرومان كانوا قد حرَّموا على اليهود تنفيذ أحكام الإعدام يحاكموا كما يشاءون لكن ليس من حقهم أن يحكموا بإعدام شخص إلا في حالة إعدام إستفانوس سمحوا لهم أن يرجموه أربعة عشر سنة عاشتها أُمنا العذراء بعد ربنا يسوع احتملت فيها آلام شديدة من قطع رؤوس الرسل وآلامهم وسجنهم وهذه آلام صعبة حتى أن اليهود اضطهدوا أُمنا العذراء نفسها لأنها أُمه وعندما عرفوا بخبر نياحتها أرادوا منع موكب الجناز حتى لا يحدث تجمهر لئلا يثبُت أن للحركة المسيحية أتباع كثيرين ولم يستطيعوا حتى أن أحد اليهود المتعصبين مد يده لنعش العذراء ليمنع سير الموكب فشُّلت يده ويقول التقليد أنه هو نفسه المُقعد الذي شفاه رب المجد يسوع وقال له ” ها أنت قد برِئت فلا تُخطئ أيضاً لئلا يكون لك أشر “ ( يو 5 : 14) وشفاه التلاميذ ليسير موكب الجناز وعندما صعد جسدها وفتح التلاميذ قبرها ولم يجدوا الجسد تخيلوا أن اليهود سرقوه لكن توما عرَّفهم أن جسدها صعد فصاموا خمسة عشر يوماً ليروا منظر صعود الجسد وكان مع توما دليل صعود جسدها الزنار الذي كان على جسدها في القبر . 6- احتمال المجد :- سهل احتمال الإهانة لكن صعب احتمال المجد والكرامة وكما قال أحد الآباء أن احتمال الكرامة أصعب من احتمال الإهانة لأنه يؤدي إلى كبرياء أُمنا العذراء احتملت المجد في صمت كل هذا المجد ولم تشعر إنها مُميزة عن غيرها خدمت أليصابات لو شعرت بمجدها كأم لله ما ذهبت لأليصابات لأنها هي أيضاً حُبلى مثلها يقول المديح” أقدامِك عجلات نار في بيت أليصابات “ أي خدمت بحماس ..لم تشعر أنه يجب على الآخرين أن يمجدوها كون إنها تحتمل الإهانة فهذا أمر سهل لكن أن تحتمل المجد هذا صعب تقول الأم سارة” يليق أن يعطي الراهب فضة لشاتميه “ في أحد الأيام بعد ما أنهى المتنيح أبونا بيشوي كامل العظة صعد له شخص إلى الهيكل وقال له إنها كانت عظة جميلة جداً أفضل ما سمع في حياته وسأله هل قال لك أحد ذلك ؟ أردت أن أكون أول من أبدى إعجابه بالعظة لكن أبونا بيشوي قال له نعم هناك آخر قال لي ذلك قبلك الشيطان أُمنا العذراء احتملت المجد إنها أُم الله وقالت ” لأنه نظر إلى اتضاع أمته “ ( لو 1 : 48 )إن كانت أُم الطبيب أو الضابط أولا يسعها أحد دائماً الأم تستمد سلطانها من ابنها بالفطرة يقول مارإسحق ” لا تتضايق من الذين يُشاركونك في صُنع إكليلك “أيضاُ يقول ذهبي الفم ” قيلَ عن الرعاة أن الإهانة مكسب لهم والكرامة ثِقَل عليهم “لذلك يقول للخدام ” لا تشتهي دائماً أن تكون رأساً لأن الرأس كثيرة الأوجاع “ لأن في الطب آلام للرأس مُحيرة جداً أُمنا العذراء احتملت المجد وكانت صامتة أسرار كثيرة في حياتها لم تكشفها ولم نعرفها لكننا عرفنا بعضها بالصدفة ولوقا الطبيب كان أكثر شخص تكلم عن التجسد لأنه كان صديق شخصي لها أسرار رحلة هروب العائلة المقدسة لمصر قالتها للبابا ثاؤفيلس الذي كان يحب العذراء جداً وظلَّ يسألها فحكت له تفاصيل أسرار الهروب لمصر وهو الذي دوَّنها لم تقُل شئ من قبل تعلَّم من أُمنا العذراء الإحتمال مشكلة جيلنا التذمر وعدم الرضا لا نفكر إلا في مشاكلنا فنرى حياتنا أصعب حياة عندما يكتشف الإنسان أن حياته في يد الله يشعر بسرور ورضى ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين. القمص انطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل