المقالات
07 أكتوبر 2020
الذين يجرفهم التيار
يقول أحد الأمثال "من عاشَرَ قومًا أربعين يومًا، صار منهم". وسواء صحّ هذا المثل أو لم يصح، فإنه يدل على مدى تأثير التيار الخارجي على شخصية الإنسان. وفى نفس المعنى قال أحد الأدباء الكبار "قل لي من هم أصدقاؤك، أقول لك من أنت"... وهذا أيضًا يدل على تأثير الصداقة والعشرة في تشكيل طبيعة الشخص. وهذا ما نلاحظه في من يعيشون سنوات طويلة خارج بلادهم -في الغرب مثلًا- فإذا بهم قد تغيروا كثيرًا عما كانوا قبلًا، واستطاع التيار أن يجرفهم... سواء في طباعهم أو عاداتهم أو طريقة تفكيرهم وكثير من السيدات يتأثرون بما يسمونه (الموضة) المنتشرة، من جهة ملابسهن أو زينتهن، أو حتى في أسلوب الحفلات، أو في لكنة الألفاظ... كما أن بعض الشباب تصبح طباعهم بنفس نوعية أصدقائهم. وربما يتعلمون منهم التدرب على التدخين أو ما هو أكثر، وعلى ألوان من اللهو أو الطياشة، أو السهر خارج المنزل. وترى المجموعة كلها بنفس الأخلاق... كل أولئك قد جرفهم التيار ولم يقاوموه التيار المحيط له تأثيره. وقد يكون خاطئًا. وفي نفس الوقت يكون ضاغطًا ويدعو إلى الخضوع له، هامسًا في الأذن "الكل هكذا. فلماذا تشذ أنت، ويكون لك أسلوب خاص، كنشاز في لحن؟!ولا شك أن الشخص القوى يمكنه أن يرد على ذلك قائلًا "يجب علىّ أن أتبع الحق أيًا كان موقعه. حتى إن كانت أغلبية المحيطين بي على خطأ، فإنني لا أسير في تيارهم. فإنه في أيام أبينا نوح، كانت غالبية الناس أشرارً وبقى هو بارًا مع أسرته. وكأن شعاره قول الشاعر:
سأطيع الله حتى لو أطعتُ الله وحدي
على أن الشيطان قد يدفع البعض دفعًا وراء التيار الخاطئ بطرق شتى: أحيانًا يجعل الناس يجارون الخطأ من باب المجاملة، أو من باب الخجل، أو عن طريق التقليد، أو خوفًا من تهكم الناس ومن تعييرهم، أو نتيجة لضغط الظروف الخارجية وإلحاح الآخرين. أو يقول الفكر "هذه المرة فقط ولن تتكرر"! ثم تتكرر طبعًا... وربما شخص يجارى التيار خضوعًا لسلطة أقوى منه. وقد يندفع مع التيار جهلًا أو قد يقول له الشيطان "هل من المعقول أن يكون كل الناس مخطئين، وأنت الوحيد على صواب"؟! هل من المعقول أن كل هؤلاء لا يعرفون أين يوجد الخير والحق، وأنت الوحيد الذي تعرف؟! لذلك اتضع يا أخي.. (ويتضِع الأخ) وينجرف في التياروقد يسير في التيار نتيجة لصداقة أو صحبة خاطئة استطاعت أن تؤثر عليه وتجذبه إلى طريقهاوقد يخضع الإنسان للتيار نتيجة لضعف شخصيته، أو بسبب أن إرادته شبه معدومة أو لا إرادة له. وهكذا لا يقدر على المقاومة، أو يقاوم قليلًا ولا يثبت. بعكس الإنسان القوى الإرادة.. ألسنا نرى أن كتلة ضخمة من الخشب -إذا أُلقيت في البحر- يجذبها تيار الماء في أي اتجاه له. بينما سمكة صغيرة جدًا تستطيع أن تقاوم التيار وتسبح حيثما شاءت، لأن لها إرادة وحياة والعجيب أننا نشاهد خطاة عديدين يكونون أقوياء في دفاعهم عن طريقهم الخاطئ، وفى سخريتهم من الأبرار الذين يرفضون أسلوبهم. ويظلون ينعتون الأبرار بشتى النعوت حتى يضعف أولئك أمامهم ويخضعون! فالفتاة التي ترفض أن تلبس نفس الملابس الخليعة، يهزأون بها، ويصفونها بأنها (فلاحة)! والشاب الذي لا يسير في نفس التيار، يقولون عنه أنه (دَقّة قديمة) أي إنسان غير متمدن! بينما يجب أن يكون الأبرار أقوياء في شخصياتهم، لا يشتركون في الأعمال الخاطئة بل بالحري يوبخونها... فإن لم يستطيعوا توبيخ أولئك، فعلى الأقل لا ينجرفون في تيارهم إن موسى النبي عاش في مصر زمنًا وسط العبادات الفرعونية الكثيرة، ومع ذلك احتفظ بنقاوة إيمانه. ويوسف الصديق عاش فترة في بيت وضغطت عليه الخطيئة من الخارج، ولكنه قاوم ولم يستجب، لأن قوة العفة التي كانت في قلبه، كانت أقوى من الإغراءات التي من الخارج.. وبنفس الروح عاش مؤمنون في أجواء وثنية أو ملحدة -وكانت ضاغطة- ولكنهم احتفظوا بإيمانهم سليمًا لهذا كن شجاعًا وصاحب مبادئ قوية، ولك قيم تتمسك بها. وقاوم التيار المحيط بك إذا أخطأ. ولا تخضع للشيطان وكل نصائحه، بل وكل مخاوفه التي يلقيها في قلبك إن رفضته. وابعد عن الخطأ حتى إن رأيت كبارًا يقعون فيه، أو إن رأيت الشر يهددك... وذا ما وجدت الذين يسيرون في طريق الحق قليلين، فلا يضعف قلبك بهذا السبب. بل اعرف أن هذه هي القلة المختارة أو هي الصفوة ولو وقع غالبية المحيطين بك في خطأ، فإن هذا لا يجعل الخطأ صوابًا. فإن الخطأ هو الخطأ، ووقوع الكثيرين فيه لا يبرره. والمعروف أن الصواب طريقه صعب، وقد لا يستطيعه كل الناس. بل تسير فيه القلة المتميزة بمبادئها وقيمها إن وجدت الذين يعيشون في الفساد قد نموا وارتقوا وارتفع شأنهم، فاحذر أن تقتدي بهم. وإن جذبوك إليهم فابتعد. وإن رأيت غيرك قد استخدموا أسلوب التملق والرياء، واستطاعوا أن يصلوا به إلى ما يريدون، فلا تسايرهم أنت، ولا يقنعك أسلوبهم ولا نجاحهم الذي وصلوا إليه بطريق خاطئ. وإن بدا أن الناس قد تغيروا عن ذي قبل، وقيل لك إن هذه هي لغة العصر، فقل: أما أنا فلغتي التي أتمسك بها هي لغة الضمير الصالح، وهى لغة الحق.وإن ضعفت مقاومتك للتيار، فاطلب معونة من الله. وثق أنه سوف يقويك، ولا يتركك تجاهد وحدك.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
06 أكتوبر 2020
السُّلَّمُ إِلىَ الَّلهِ
كتب القديس يوحنا الدَّرَجى "السُّلَّمي" والمسمى "كليماكوس" كتابه السلم السمائي، أو السلم إلى الله، والموصوف بأنه "كتاب الألواح الروحية" لبنيان المسيحيين الجدد، وفقًا للدرجات وللنظرة الروحية التفاؤلية برجاء الارتقاء نحو المصاعد، بوعي وحس سليم فى روحانية فضائل متمركزة حول الله.
ويعتبر السلم الدَّرَجي تصويرًا لسُلَّم الترقِّي المكون من ثلاثين درجة والتي ترمز إلى سنوات حياة رب المجد على الأرض (٣٣ سنة)، وينتهي هذا السلم في أعلى درجاته بالمحبة الإلهية والرؤية السمائية الأُخروية (الاسخاطولوجيا) Εσχατολογία حيث الحق المطلقThe Absolute Truth ، والحقيقة الخالصة The Ultimate Reality بيد أن هذه الرحلة الكشفية تتخطى المدلولات العقلانية والحسية، لتدخل في التأمل النسكيAscetic Contemplation للإشعاعات المستيكية Mystical Rays لتنغمر النفس في جُرن النور الإلهي The soul in this case bathes in the basin .هذا السلم يحملنا حيث رؤية يعقوب ( تك ٢٨ : ١٢) ، كدرجات مسيرة الكمال في صعودنا الروحى نحو الله... بسُلَّم الصليب الصاعد بنا ليربط أرضنا بالسماء في (النعمة والاستجابة) و(الإيمان والأعمال) و ( الخبر بالخبرةالمعاشة حية) .بشوق سرﻱ يحملنا إلى الله وفيه وبه... صعودًا وارتقاءً نتسلق به قمم أعلى من قياس قمم الكرة الأرضية ولُججها المنظورة. كتبها القديس يوحنا السينائى أحد أنوار هذا العالم (٥٢٥ م) لتكون سُلَّمًا للفردوس الذﻱ نبدأه منذ الآن، بصدق وركض ملتهب فى الحرب اللامنظورة وحلاوة مناجاة عشرة الله ومحادثة الملائكة وخبرة الألواح الروحية للناموس الجديد، المقابلة للألواح التى تسلَّمها موسى النبي على نفس الجبل فى سيناء.إنها درجات الفضيلة الفردوسية التي نصعدها لنبلغ الاتحاد بالله، حيث العمل على منوال جمال فُسيفساء أيقونة التقوى بالامتداد الدائم نحو الله. بالتوبة ونَخْس القلب والوداعة والبذل وروح الصلاة وصمت ( اللسان والفكر والقلب ) ، مع رفض الشراهة والخبث والطمع وكل فئة شهوانية، كجنود مخلصين يعملون مشيئة من جنَّدهم بدون إهمال أو اعوجاج (جسد عفيف، فم طاهر، ذهن مستنير) مدحرجين عن قلوبهم حجر القساوة والزيف، حتى لا يكونوا كالكلب الذﻱ يرجع إلى قيئه، أو الشَّغوف بفضلات اللحم لدى أبواب الجزار (القصاب).يوصي يوحنا الدَّرَجي فى سُلَّمه بوضع أساس صالح لجهادنا، لأننا سنطالَب عما قدمنا من غير خداع أو تشامخ أو مَقْت، ولأن ساعة موتنا مجهولة؛ وكل من يلتفت إلى الوراء لن يصلح لملكوت السموات، ولا خير ينمو ما دام قد سقاه ماء الغرور النتن. فلنجْرِ إذن هاربين إلى الأمام في سير حثيث ودؤوب حسب تدابير المشيئة الصالحة، حتى نرجع إلى وطننا السماوﻱ.
إن درجات سُلَّم الفردوس ليست مراحل نجتازها ونتخطاها؛ بل نتدرب عليها في مسيرة العمر حتى النهاية، فنتمم خلاصنا بخوف ورعدة، ويحترس من يظن فينا أنه قائم لئلا يسقط، وليعي كل مسيحي أنه صاعد على المصاعد أينما كان وكيفما كان!! سالكًا درجات السُلَّم المنصوب على الأرض حتى أبواب السماء، يجتاز صاحيًا يقظًا عاملاً بالنعمة ضد الأرواح والأفكار الخباثة ورؤساء هذا الدهر المظلم وسلاطين الهواء، حتى نبلغ الميناء (قمة السُلَّم) بالعمل والحق فنتكلل. إذ لا يتكون أﻱ إكليل من جوهرة واحدة، بل من كل الفضائل. والطوبى لكاتب هذا السُلَّم الفردوسي الذﻱ وصف أساسه بالنعمة المعطاة له كمهندس حكيم وصل إلى سفحه؛ وصار لنا دليلاً ومرشدًا؛ يتقدمنا ويرشدنا فيما ارتقى لبلوغه... هَلُم نصعد إلى بيت إلهنا ونضع فى قلوبنا مصاعد؛ ونثبِّت أقدامنا كالأيائل؛ مقيمين على المشارف؛ مكملين لبلوغ السلم العقلية. ولله المجد على كل شيء.
القمص اثناسيوس جورج كاهن كنيسة الشهيد مارمينا فلمنج الاسكندرية
المزيد
05 أكتوبر 2020
القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (9) الصبر
مفهوم الصبر ومظاهره ..
الصبر هو التجلد والاحتمال وطول الأناة ، والتماسك في وجه الاستفزاز والظلم وهو ليس موقفاً سلبياً، بل هو موقف إرادي ايجابي . والدافع له هو محبة الله، ومن ثم محبة المسيحى للآخرين.وتوجد لكلمة الصبر في اللغة العربية مرادفات ومعاني عديدة منها ، المثابرة، طول الأناة، التأني، التسامح، ضبط النفس، تمالك النفس والأعصاب، كظم الغيظ ، سعة الصدر، التروي . والصبر ثمرة من ثمار الروح القدس التي تحتاج الي جهاد ومعرفة في أقتنائها ،كما انها لا تعني عدم العمل او الركون لتدخل الله في حل المشكلات دون البحث في حلها واتخاذ افضل الوسائل للوصول للحل او علاج وانهاء المشكلات التي نواجهها في حكمة وقوة وجهاد وعمل بتأنى .
الصبر يعني انه يجب أن نفكر قبل كلّ عمل نُقدم عليه. نفكر أولا ثمّ نعمل.من أجل ان يدرك الإنسان ما يدور حوله ويعرف ما الذي يساعده وما الذي يعيقه، ما الربح وما الخسارة من وراء كلّ عمل يقوم به. قد نجد البعض يستعجل في الردّ على كلّ كلمة أو نظرة أو حركة من الغير. وردّهم هذا يمكن أن يكون وبالاُ عليهم. وبالصبر ينبغي أن يترووا وأن يفكّروا قبل القيام بأي عمل وأن يتعوّدوا ضبط أعصابهم وكبح جماح أنفسهم حتى ان سمعوا ما لا يرضيهم فيكون تعاملهم بروح التسامح وسعة الصدر.
وما أكثر أضرار عدم الإحتمال الناتج من عدم فهم الطبيعة البشرية الضعيفة وعدم اللجوء إلى الوسائط الروحية الفعالة لتهدئة الأعصاب وعلينا ان نعرف جميعاً أن الصبر مُر. لكن نهايته راحة وفرح، بينما نفاذ الصبر، وعدم الإحتمال، مدعاة لغضب الله، ومجلبة لإمراض كثيرة نفسية وعصبية وبدنية، واسأل عديمي الصبر، وما أصابهم من عدم احتمالهم وتذمرهم وغضبهم . وتذكر قول الكتاب {ها نحن نطوب الصابرين، قد سمعتم بصبر أيوب، ورأيتم عاقبة الرب}(يع5: 11).فأصبر واشكر وانتظر فرج الرب، الذي سوف يأتي في الوقت المناسب.
الطبيعة والحياة تعلمنا الصبر فقد وضع الله للطبيعة قوانين ومنها نتعلم الصبر وطول البال اننا نلقى البذار فى بدء الربيع ونتعهدها بالري والتسميد حتي تثمر وتنضج الثمار وهناك اشجار معمرة تحتاج لبض سنوات حتى تثمر والطفل يولد ويتعلم مع الوقت كيف يجلس ويحبو ثم يمشى ويتكلم ويتعلم حتى ياتى الى فترة النضج .ان مشكلة البعض انه يريد ان يقول للشئ كن فيكون وما يمكن ان يجنيه بعد سنوات من الكفاح يريده الان ، لكننا نحتاج الى الصبر وطول البال حتى فى مجال العمل والعلاقات البشرية والتطور والنمو النجاح .
للصبر مجالات كثيرة فى حياتنا .فنحن نصبر حتي يستجيب الله لصلواتنا فقد يأتي الرد متأخراً لحكمة عند الله. نصبر ونتأني علي أنفسنا ونترجى مراحم الله ولا نيأس بل نجاهد لنتخلص من أخطائنا وخطايانا وننمو فى الفضائل الروحية والتقوى ونصبر على ابنائنا واخوتنا وأقاربنا فمع الوقت لابد ان تنصلح احوالهم ويعرفوا محبة الله ومحبتنا لهم . نصبر علي الخطاة حتي يرجعوا لأنهم لا يفهمون مقاصد الله والعدو يعمي بصائرهم، نتأني علي اخوتنا الضعاف فقد تتحول ضعفاتهم إلي قوة عن طريق صبرنا عليهم. نتأني علي المظالم التي في الأرض عالمين ان ربنا قادم سريعاً ليضع لها حداً {فتأنوا انتم ايها الاخوة وثبتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب} (يع 8:5). نتأني علي الضعفاء ونستميح لهم العذر لقلة بصيرتهم وضعف عقولهم او اختبارهم وقد نساعدهم بصبرنا علي تحسن احوالهم بقدر المستطاع.. نتأني علي خصومنا وافتراءاتهم فالحق لابد ان ينتصر، والصليب مع آلامه يتبعه القيامة مع امجادها.
الله فى صبره وطول انأته ..
ان الله يُطيل أناته على العالم كله ، الخطاة والجاحدين ، ومن أجل طول أناته لم يهلك البشر ولم يفنى العالم بكثرة شره بل أرتفع على الصليب ليحمل عقاب خطايانا وفتح ذراعية قائلاً { تعالوا إلى يا جميع المتعبين وثقيلى الأحمال وأنا أريحكم} لقد قاد الله بصبرة وطول أناته كثيرين إلى التوبة ومن أجل طول أناته يشرق شمسه على الأبرار والأشرار. فهو {إله الصبر}(رو 15: 5). كما أن الله {بطيء الغضب}(خر 34: 6)، {طويل الروح}(عد 14 :8 ، نح 9: 17) و {طويل الأناة}( إر 15: 15).وقد تجلى صبر الله في تعامله مع الأنسان الخاطيء الذي لا يستحق سوى غضبه ودينونته (إش 48: 9). وعندما قتل قايين أخاه {جعل الرب لقايين علامة لكى لا يقتله كل من وجده} (تك 4: 15)، كما أنه بعد الطوفان وضع قوسه في السحاب ليكون علامة ميثاق بينه وبين كل نفس حية على الأرض (تك 9: 11- 17). وكم من المرات صبر على تمرد وعصيان شعبه القديم (عد 14: 22، هو 11: 8، 9). كما تجلى صبره فى ارساله يونان النبي ليدعو اهل نينوى الخطاة للتوبة (يون: 10، 4: 9 –11). وكم من مرة تأنى على أورشليم (مت 23: 37، مرقس 12: 1- 11، لو 13: 1 – 9و 34). ويتأنى المسيح في مجيئه الثاني ليعطي للخطاة فرصة للتوبة (2 بط 3 : 9).
المسيح هو المثال الكامل للمؤمنين في الصبر (2 تس 3: 5، رؤ 1: 9)، فيجب علينا أن"نحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع، الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزى" (عب 12: 1و 2)، فقد احتمل إهانات رؤساء الكهنة والشيوخ وغيرهم، بل وتعييرات اللصين على الصليب (مت 27: 38- 44، مرقس 15: 28- 32) من اجل هذا يطالبنا بسماع وصاياه والتامل فيها والتحلى بالصبر حتى نأتي بالثمر الروحى {و الذي في الارض الجيدة هو الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح و يثمرون بالصبر (لو 8 : 15). ويقول لنا اننا نربح أنفسنا والملكوت والآخرين بالصبر{بصبركم اقتنوا انفسكم} (لو 21 : 19) و يمتدح الصبر في المؤمنين عامة والخدام خاصة، فيقول لملاك كنيسة أفسس وخادمها : "أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك" (رؤيا 2 : 2)... ويقول لملاك كنيسة فيلادلفيا : {لأنك حفظت كلمة صبري، أنا أيضاً سأحفظك من ساعة التجربة العتيدة أن تأتي علي العالم كله، لتجرب الساكنين علي الأرض} (رؤ3 : 10). وحينما أعلنت الرؤيا ليوحنا بينما كان منفياً في جزيرة بطمس كتب يقول {أنا يوحنا أخوكم وشريككم في الضيقة، وفي ملكوت يسوع المسيح وصبره}(رؤ1 : 9)من اجل هذا يكتب القديس بولس الرسول إلي تلميذه الأسقف تيموثاوس { صادقة هي الكلمة إنه إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضاً معه. إن كنا نصبر فسنملك أيضاً معــــه}(2تيمو 2 : 11 ، 12).
امتدح الإنجيل فضيلة الصبر لشعب كنيسة تسالونيكي وقال: {متذكرين عمل ايمانكم، وتعب محبتكم، وصبر رجائكم في ربنا يسوع المسيح} (1تس1: 3) وأكد الرسول على أن الإنسان المحب والمتضع يصبر على ضعفات الناس ملتمساً لهم العذر كبشر (1كو13).وتحدث سفر الرؤيا عن صبر القديسين والشهداء، على ظلم الأشرار، واضطهاداتهم الظالمة حتى نالوا أكاليلهم في النهاية (رو5: 3)، (يع1: 3) وينبغي علينا أن نصبر مثلهم (1بط2: 20) لنكون معهم، كما قال القديس بولس {بالإيمان والأناة يرثون المواعيد} (عب6: 12). { إنكم تحتاجون إلى الصبر، حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون المواعيد} (عب10: 36). فالله يسند الصابر الشاكر.وشدد الكتاب على أن يكون كل الخدام – على كافة درجاتهم – صبورون في التعامل مع مرضى الروح (الخطاة) (1تي6: 11). وأن يرتضوا باحتمال الآلام والضيقات بصبر وشكر حتى تعبر.
أعطى الله درساُ فى الصبر والاحتمال لاب الاباء ابراهيم كما جاء فى التقليد اليهودى .. أن ضيفاً قدم الي أبراهيم يوماً فرحب أبينا إبراهيم بالضيف وذبح له عجلاً وأعد الأطعمة.وقبل ان يأكلا ويبيتا طلب منه الصلاة معاً ، فالسفر في الغابات خطر ويعرض الضيف للحيونات المتوحشة .. وقبِل الشيخ ذو الستين ربيعاً وعندما طلب أبينا إبراهيم من الضيف أن يصليا أخرج الضيف وثناً من جيبه وأخذ يصلى إليه ويسجد له ! هنا قال له أبينا إبراهيم إن هذا خطأ لأن هناك الله خالق السماء والأرض له نسجد ونصلى هنا لم يقبل الضيف نصيحة رجل الإيمان وأستمر في صلاته وإذ بأبينا إبراهيم يحتد عليه ويطرد الشيخ من عنده لأنه عابد وثن وفي ذات الليلة كلم الله أبينا إبراهيم معاتباً قائلاً "يا إبراهيم ستون سنه وأنا صابر على هذا الرجل ومحتمله ، أما قدرت أن تصبر عليه ليلة واحدة". أن الحب والصبر يصنع المعجزات والاحتمال يقيم الأموات والغضب لا يصنع بر الله.ولو صبر أبينا إبراهيم على الرجل وقدم له حباً لربما تغير الرجل وعبد الرب اله إبراهيم من أجل محبة إبراهيم وكرم ضيافته وحسن استقباله.
ان صبر الله علينا يجب ان يكون فرصتنا للتوبه { ام تستهين بغنى لطفه و امهاله و طول اناته غير عالم ان لطف الله انما يقتادك الى التوبة} (رو 2 : 4) .إن الله يريد أن يظهر قدرته أمام تحديات ابليس وأتباعه ويريد أن يصب عليهم غضبه وانتقامه، لكن لطف الله يتدخل ليقتاد الشريد، والضال، والمخدوع، والتائه إلي طريق الحياة والخلود، والسعادة الأبدية.ولكن لصبر الله علينا حد هو فترة حياتنا القصيرة علي الارض فإذا انتقصت هذه السنون كلمح البصر، أنتهت فرصة التوبة، وتعذر الرجوع، وضاعت علي الإنسان فرصة الاستفادة من لطف الله وصبره.
ثمار الصبر فى حياتنا
الصبر أساس الصداقات الناجحة والدائمة والدرع الواقى لمنع الخصومات ولذلك قال سليمان الحكيم {الرجل الغضوب يهيج الحقد ، وبطء الغضب يسكن الخصام} (1م 5 : 19). فإن أردت أن تحيا سعيداً وتعمر مديداً لا تغضب وكن صبوراً لكى لا تحطم سعادتك بيديك فالإنسان الهادئ يجلب السعادة لنفسه ، ولمن حوله ،ولمن يتعاملوا معه ويكون قوياً يستطيع أن يتعلم ويعطى من نفسه قدوة تبنى الآخرين. وقد صبر داود على حروب شاول 39 سنة، حتى مات واستراح من رذائله وصار ملك بعده .وقال القديس يعقوب الرسول: { قد سمعتم بصبر ايوب ورأيتم عاقبة الرب} (يع 5: 11) لقد صبر أيوب على التجربة فاسترداد ماله وابنائه وصحته وسمعته وباركه الله .وقال بولس الرسول {أنا أصبر على كل شيء} (2تي2: 10). {إنكم تحتاجون إلى الصبر} (عب10: 36). وأيضاً {صابرين في الضيق} (رو12: 12) .بصبر على أخطاء أصدقائك تكسبهم ويحبوك وبصبرك على أعدائك يحترموك وربما يتحولوا الى اصدقاء لك وان لا فقد ربحت نفسك وتأخذ المكأفاة من الله وثق انه مع الصبر ستنتهى الضيقة بالانتصار والفرج .
الصبر فضيلة تهبنا حلم ووداعة .. نحتاج ان نكتسبها بالتعلم والجهاد الروحى تجعل الانسان حليم ووديع ومحبوب لا يثور ولا يغضب ويفكر قبل ان يتكلم ويتصرف ، عندما يُفتَقَد الصبر، يخمد صلاح النفس وتنمو الخطيئة. الصبر يزيّن النفس بماسات ليست من الأرض بل من أورشليم العلوية. الصبر يزيد من طاعة الكلمات الإلهية التي كُتِبَت في الماضي، وتُكتَب الآن، وسوف تكتَب في المستقبل. الصبر هو المحبة والطاعة. يزيد الصبر عندما يهتمّ الإنسان بالله . الصبر هو كلمة عذبة، سلاح لا يُغلَب، زينة لا تُقَدَّر للرجل، بركة من الله ، الإنسان الصابر، ينتظر بإيمان تدخل الرب في المشاكل وحلها في الوقت المناسب. فالإيمان يقود إلى الإنتظار، وتسليم الأمر لله إلى أن يشاء الله، ويقدم الشكر مقدماً، ويحصل المؤمن على الرجاء (رو15: 4) الذي يجعله لا يتذمر، بل يشكر باستمرار، فينال ثمر صبره (لو8: 15).
الصبر ضبط للنفس .. ان ضبط النفس فضيلة سامية { البطيءالغضب خير من الجبار و مالك روحه خير ممن ياخذ مدينة }(ام 16 : 32).عندما تواجه آخرين فيتصرفوا معك بدون لياقة وبعدم احترام فأضبط نفسك ولا تفقد رجاءك فيهم ، بل بطول أناتك أكسبهم وأعلم أن رابح النفوس حكيم ، والمثل يقول "أن قطرات من العسل تصطاد من الذباب أكثر مما يصطاده برميل من العلقم" فليكن لك الروح الوديع وسعه الصدر ولا تتبرم وتتذمر وأصبر . عندما كان داود النبى مطارداً من أمام أبنه أبشالوم أخذ أحد العامة يسبه وهو يلقى عليه بالأحجار فقال قائد جيش لداود : دعنى أقتله فرفض داود فى صبر وتواضع قائلاً : لا.. دعه لينظر الله إلى أتضاع عبده. ومن أجل تواضع داود رده الله إلى مملكته وأهلك أعدائه. وأنت أعلم أن الله يقاتل عنك وأنت صامت فلا تقابل الأخطاء بالأخطاء فالنار لا تطفأ بالنيران بل بالماء.أحتمل الافتراءات ولا تنتقم لنفسك والتمس الأعذار للناس كضعف بشرى يحتاج إلى العلاج والوقوف مع من يسئ إليك في خندق المحبة والتأنى والترفق به ولا تفقد الأمل في الإصلاح وسيأتى اليوم وستجنى ثمر الصلاح.
الصبر والتنقية والقداسة : الصبر مدرسة لتنقية المؤمن من الضعفات والشوائب ولتقوية الإيمان وبنيان حياة المؤمن لتحقيق القداسة التي هي إرادة الله من أجلنا ، فالرب يؤدب أولاده لكى يشتركوا في قداسته (عب 12: 4- 13). فهذا التأديب أنما هو لخير المؤمن ومنفعته. فهو أحد الإشياء التي تعمل للخير (رو 8: 28)، لذلك يجب على المؤمن أن يفرح في كل حين (في 4:4 )، بل وحينما يقع في تجارب متنوعة عالماً أن الضيق ينشيء صبراً (رو 5: 3) ، كما ينشيء امتحان الإيمان صبراً (يع 1: 2-3). لقد احتمل ابائنا القديسين حتى الاضطهاد والاستشهاد من اجل الثبات على إالايمان من اجل هذا كرمهم الله والكنيسة فى كل زمان { حتى اننا نحن انفسنا نفتخر بكم في كل كنائس الله من اجل صبركم وايمانكم في جميع اضطهاداتكم والضيقات التي تحتملونها }(2تس 1 : 4).والسيد المسيح يعلق اقتناء النفس بالصبر، فبعد أن يعرض الضيقات العتيدة أن تصادف المؤمنين فى العالم، يصف الدواء{بصبركم إقتنوا أنفسكم} (لوقا21: 19) . وعن ذلك يقول القديس يعقوب الرسول {عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبراً، وأما الصبر فليكن له عمل تام. لكى تكونوا تامين كاملين غير ناقصين فى شئ} (يعقوب1: 3 – 4).
الصبر والهدوء والصمت .. ان الصبر يثمر فينا حياة الهدوء والصمت { لانه هكذا قال السيد الربقدوس اسرائيل بالرجوع و السكون تخلصون بالهدوء و الطمانينة تكون قوتكم} (اش 30 : 1). الصبر يعطى للانسان هدوء الحواس واللسان {هدوء اللسان شجرة حياة واعوجاجه سحق في الروح } (ام 15 : 4) . لهذا يوصينا الانجيل على الاسراع فى الاستماع والابطاء فى التكلم او الغضب {اذا يا اخوتي الاحباء ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع مبطئا في التكلم مبطئا في الغضب }(يع 1 : 19) ولذلك نري معلمنا داود النبي في محنته القاسية المريرة يقول {صمت يارب لا أتكلم لأنك أنت أمرت}وسليمان الحكيم يعلمنا حكمة الصمت فيقول {لكل شيء زمان ولكل أمر تحت السموات وقت...للسكوت وقت وللتكلم وقت}.
الصبر يهبنا الخلاص والملكوت السماوى .. الصبر لازم لخلاصنا ، كما هو ايضاً ضرورة لدخول الملكوت فمن يصبر للمنتهي فهذا يخلص ولذلك نري يعقوب الرسول يوصي بشدة جماعة المؤمنين فيقول {فتأنوا ايها الاخوة إلي مجيء الرب، هوذا الفلاح ينتظر ثمر الأرض الثمين متأنياً عليه حتي ينال المطر المبكر والمتأخر، فتأنوا انتم وثبتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب... خذوا يا اخواتي مثالاً لإحتمال المشقات والأناه، الأنبياء الذين تكلموا بإسم الرب ها نحن نطوب الصابرين، قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب} (يع 5 : 7 ـ 11) ويمتدح الرسول بولس تلميذه تيموثاوس من اجل هذه النعمة ـ نعمة الصبر ـ اسمعوه يقول {وأما أنت فقد تبعت تعليمي وسيرتي وايماني واناتي ومحبتي وصبري واضطهاداتي وآلامي... اية اضطهادت احتملت ومن الجميع أنقذني الرب، وجميع الذين يريدون ان يعيشوا بالتقوي في المسيح يسوع يضطهدون} (2تيم 3 : 10 ـ 12). من اجل هذا قال القديس مكاريوس الكبير : طول الروح هو الصبر والصبر هو الغلبة، والغلبة هي الحياة، والحياة هي الملكوت، والملكوت هو اللّه، البئر عميقة لكن ماءها طيب عذب، الباب ضيق والطريق كربة، لكن المدينة مملوءة فرحاً وسروراً، والبرج حصين، لكن داخله كنوزاً جليلة، الصوم ثقيل صعب، لكنه يوصل الي ملكوت السموات، فعل الصلاح عسير شاق لكنه ينجي من النار برحمة ربنا الذي له المجد.لهذا فطوبي للصابرين لانهم ينالوا أكليل الحياة {طوبي للرجل الذي يحتمل التجربة لانه اذا تزكي ينال اكليل الحياة} (يع1 : 12).
علمنا يارب ان نصبر
ايها الرب الاله طويل الانأة كثير الرحمة ، اصبر وتأنى على خلقتك رغم بعدنا وجحودنا وخطايانا لكننا نترجى مراحمك وصبرك علينا كما يصبر الزارع على اشجاره وينقب حولها ويضع السماد لتثمر ، وانت اله الصبر والرجاء ، طويل البال ، تأني علينا وعلى عالمك المسخن بالجراح ، فابليس يعمل جاهدا ليبعدنا عنك وانت كآب صالح قادر على كل شئ ردنا اليك يالله كعظيم رحمتك .
اعطنا ان نتعلم منك وان نسرع الى التوبة والرجوع اليك لنستفيد من صبرك علينا ورحمتك بنا وعلمنا ان نصبر ونتسامح تجاه الآخرين محتملين اياهم بمحبة حقيقية وصبر كامل ورجاء ثابت ومحبة بلا رياء لنكون على صورتك ومثالك وصبرك علمنا ان نقابل السئية بالحسنة ، والكراهية بالمحبة ، والشر بالخير ، والتسرع والغضب بالصبر والهدوء ، علمنا ان نكون شفوقين محتملين بعضنا بعض بالمحبة ، مسرعين الى حفظ وحدانية الروح برباط الصلح الكامل ، صانعين ارادتك كل حين .
القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
04 أكتوبر 2020
القداس الإلهي: ما هو؟ وماهية التناول؟
- لماذا سمي قداس؟ وما معني كلمة قداس؟
نلتقي في القداس مع المسيح لقاء من نوع متميز فكلمة قداس تعني تقديس النفس بالقداسات الإلهية التي نتناولها (الجسد والدم) لذلك يقول الكاهن القداسات للقديسين.
- فعل القداس:
تقديس التائب بالقداسات الإلهية وهذا معني قول الكاهن القداسات للقديسين، وتعني أن الناس الذين تقدسوا بالتوبة والاعتراف ونقوا أنفسهم ينالوا القداسات الإلهية.إذًا التوبة لها فعل تقديس وبها ننال استحقاق المغفرة نتيجة البعد عن الخطية، وندخل القداس من مدخل التوبة وننال استحقاق النعمة (القداسات).
- التناول:
أعلي أعمال التقديس. تقديس من نوع رفيع يصل لقمة القداسة أي فعل القداسة في النفس البشرية التي تلتصق بالله لذلك كلمة "قدوس" تقال عن:
1- الله فهو القدوس وملك القديسين وهو القداسة الفائقة.
2- الإنسان القديس المفرز لله (المختار لله) والملتصق بالمسيح.
إذًا القداسة هي فعل الهي في الإنسان ونتيجة لالتصاق الإنسان بالله فهو فعل ونتيجة.
القداس هو:
حضور فائق لله من خلال الذبيحة المقدسة علي المذبح وحلول الروح القدس فائق عن حلوله في أي صورة لذلك يقال اسجدوا لله بخوف ورعده لأن الروح القدس يحول الخبز والخمر إلى جسد ودم. فالقداس الإلهي هو حضور فائق لله بصورة فائقة للطبيعة يقدس كل من يلتصق به من خلال التناول لذلك يعتبر التناول مكافأة لكل من يجاهد وليس لأي شخص.
-القداس عمليًا:
هو مجموعة من الكلمات و الألحان والحركات وضعها الروح القدس مع القديس الذي وضع القداس.
- القداسات المعترف بها في الكنيسة:
1- القداس الباسيلي:
وضعه القديس باسيليوس الكبير يصلي في الأيام العادية.
2- القداس الغريغوري:
وضعه القديس غريغوريوس (الناطق بالإلهيات) يصلي في الاحتفالية أي في الأعياد السيدية الكبرى.
3- القداس الكيرلسي:
وضعه القديس كيرلس عمود الدين يتميز بمسحة نسكية خشوعية يصلي في الأصوام.
ملحوظة: القداس الكيرلسي وضعه أساسًا مار مرقس وأدخل إليه القديس كيرلس بعض التعديلات البسيطة ونسب إليه.
نيافة الحبر الجليل الانبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
عن القداس الإلهي في اللاهوت الطقسي القبطي
المزيد
03 أكتوبر 2020
المقالة الحادية عشرة في التوبة والدينونة
الذي أنحضر من حضن الآب ؛ وصار لنا طريقاً للخلاص يعلمنا التوبة بصوته الإلهي قائلاً:” ما جئت لأدعو صديقين ؛ لكن خطاة إلى التوبة “.وأيضاً: ” الأصحاء لا يحتاجون طبيباً لكن المرضى “.فإن كنت أنا أقول هذه الأقوال ؛ فلا تسمعني أصلاً ؛ وإن كان الرب نفسه يقولها ؛ فلِمَ تتهاون بحياتك متوانياً عنها.إن عرفت أن لذاتك جراحات من الأفكار والأفعال غير مشفية ؛ فلماذا تتوانى في جراحاتك المكتومة ؟ ماذا تخاف ؟ أَمن الطبيب، ليس قاسياً ؛ ولا عادم التحنن ؛ ولا فاقد الرحمة. لا يستعمل بطراً ؛ ولا دواء مراً وكاوياً ؛ لأنه يداوي بالكلام فقط.إن شئت أن تتقدم إليه هو مملوء خيرية وموعوب تحنناً ؛ جاء من أجلك من حضن الآب، ومن أجلك تجسد لتتقدم إليه بلا خوف، من أجلك تأنس ليشفي جراحاتك الخفية.
وبمحبة جزيلة وخيرية غزيرة يدعوك قائلاً: أيها الخاطئ تقدم وأبرأ بسهولة ؛ أطرح عنك ثقل الخطايا ؛ قدم تضرعاً ؛ ضع على قيح جراحاتك دموعاً، لأن هذا الطبيب السماوي الصالح يشفي الجراحات بالدموع والتنهد.تقدم أيها الخاطئ إلى الطبيب الصالح ؛ وقدم العبرات وهو الدواء البليغ الجودة، فإن الطبيب السماوي يشاء أن يبرأ كل أحد بعبراته ؛ فليس مستصعباً أن تشفي جراحاتك بالدموع، لأن هذا الدواء لا يبطئ بالشفاء ولا يضمد به مكرراً ولا يشنج الجرح بل في الحال يبرأ بلا وجع.فالطبيب متوقع أن يبصر دموعك. تقدم ولا تجزع، أره الجرح وائتى بالدواء ؛ ائتى بالدموع والتنهد فإنه بِها فتح باب التوبة، تبادر أيها الخاطئ قبل أن يغلق الباب ؛ ولا تنتظر وقتاً يوافق ونيتك ؛ لئلا يبصرك البواب مضجعاً ؛ أتروم أن تدوم في تَهاونك.يا شقي لِمَ تبغض حياتك، أيها الإنسان ماذا يكون أسمى علواً من نفسك، وأنت أيها الخاطئ قد تَهاونت بِها، هل تعلم أيها الحبيب في أي ساعة يأمر الطبيب السماوي فيغلق باب مداواته، أطلب إليك أن تتقدم وتحرص أن تبرأ ؛ فإنه يشاء أن يفرح بتوبتك الموكب السماوي.الشمس قد بلغت إلى الساعة المسائية ؛ ووقفت من أجلك إلى أن تبلغ إلى المنزل، فإلى متى تحتمل العدو النجس مكملاً بلا خجل مشيئته ؛ لأنه يتمنى أن يزجك في النار، هذا هو حرصه ؛ وهذه هي موهبته التي يمنحها للذين يحبونه.
فهو يحارب دائماً بالشهوات الرديئة والنجسة الناس أجمعين، ويفضي بالذين يذعنون له إلى اليأس، يقسي القلب وينشف الدموع لئلا يتخشع الخاطئ.فأهرب منه أيها الإنسان ؛ أمقت وأرفض مأثوراته، أبغض الخبيث وفر من الغاش ؛ فإنه قتال للناس منذ الابتداء وإلى الانتهاء، أهرب منه أيها الإنسان لئلا يقتلك.أسمع أيها الحبيب الصوت القائل كل وقت: ” هلموا إليَّ يا جماعة المتعوبين والموقرين وأنا أريحكم، احملوا نيري وتعلموا مني فإنني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لأنفسكم “.يقول أنه يعطيك راحة وحياة فلِمَ تتوانى، ولِمَ تجوز يوماً فيوماً، تقدم ولا تجزع فإن السيد صالح ومتحنن غير محتاج وغني لا يطلب إحصاء كافة خطاياك، هو الملجأ الذي يلتجئ إليه سائر من به الآلام.يشفي الجراحات ويهب الحياة بلا حسد، لأنه صالح يقبل بسهولة كافة الذين يخرون ساجدين لأنه هو الإله الأعظم وسابق علمه، يعرف سائر رؤيتنا وأفكارنا ؛ يبرئ الإنسان إذا تقدم إليه، لأنه يعاين قلبه وكافة نشاطه إذا دنا إليه مؤمناً بفكر غير منتقل.فالإله الصالح بخيريته موجود للذين يبتغونه ؛ ومن قبل أن يرفع الإنسان نظره إليه يقول له: قد حضرت. وقبل أن يدنو منه يفتح له كنزه، وقبل أن يهمل دموعه يسكب كنوزه، وقبل أن يتضرع إليه يصالحه، وقبل أن يبتهل إليه ينال الرحمة لأن محبة اللـه بخلوص تشتاق هكذا.والذين يقبلون إليه لا يبطئ عن الاستماع لهم، لا يشكو من يقبل إليه قائلاً: لِمَ خدمت العدو مثل هذا الزمان وتَهاونت بي عمداً. لا يطلب كمية الزمان السالف، إنما يطلب السيد ممن يسكب أمامه تواضعاً ودموعاً وتنهداً.لأن إلهنا وجابلنا هو سابق العلم ؛ فيغفر في الحين كافة مآثمه ؛ وكل هفوات أفكاره وأفعاله ويأمر بإحضار الحلة الأولى، ويجعل خاتماً في يده اليمنى، ويأمر جماعة الملائكة أن يسروا معاً بوجود نفس الخاطئ فمغبوطون نحن الناس أجمع ؛ فإن لنا سيداً حلواً غير حقود صالحاً.رؤوفاً متحنناً طويل المهل، غافر كل حين نفاقنا عندما نشاء، فها هو يعزي ويتمهل، هوذا يمنحنا كل خيراته في هذا الدهر وهناك إن شئنا.هلموا فلنتضرع إليه ما دام لنا زمان ؛ فإننا ما دمنا في هذا العالم نستطيع كل وقت أن نستعطف السيد، ويسهل علينا أن نطلب غفراناً، ويتيسر لنا أن نقرع باب تحننه.فلنسكب العبرات مادام يوجد وقت تقبل فيه الدموع لئلا ننصرف إلى ذلك الدهر فنبكي بكاءً غير نافع ؛ لأنه هناك تحسب الدموع لا شئ، فبمقدار ما نشاء ؛ بقدر ذلك يغفر لنا الإله الصالح ؛ لأنه يستجيب لنا إذا استغثنا به ؛ ويغفر إذا تضرعنا إليه، يمحو آثامنا إذا أحسنا عزمنا لقريبنا.هنا التعزية وهناك المطالبة، هنا طول التمهل وهناك الصرامة، هنا الراحة وهناك الضيقة، هنا امتلاك السلطة على الذات وهناك مجلس القضاء، هنا التمتع وهناك العذاب، هنا التغطرس وهناك العقاب، هنا الضحك وهناك البكاء، هنا إهمال السيرة وهناك التعذيب.هنا التهاون وهناك النار الأبدية، هنا التزين وهناك الولولة، هنا التصلف وهناك التذلل، هنا الاختطاف وهناك قعقعة الأسنان، هنا الخدور المذهبة وهناك الظلمة المدلهمة، هنا التواني وهناك تبقى خطايا الكل غير مغفورة.فإذ قد عرفنا هذه يا إخوتي الأحباء فلِمَ نضجع في خلاصنا، لا يتسمر يا إخوتي عقلنا هنا، لا يحل لنا محبة الأشياء الأرضية لئلا يصير بكاؤنا هناك مراً.ولِمَ نتهاون غير مريدين أن نخلص ما دام الوقت موجوداً ؛ يغفر اللـه بالدموع وبالتوبة في هذا الوقت اليسير سائر الهفوات.
أبكِ هنا قليلاً لئلا تبكِ هناك الدهر في الظلمة البرانية، أحذر جيداً هنا لئلا تلقى هناك في النار التي لا تخمد، من لا ينوح علينا ومن لا يبكي، قد أبغضنا الحياة وأحببنا الموت، تأمل يا أخي الشقيق ؛ وأختر الأفضل والموافق لنفسك ؛ وأنظر أية صعوبة تلحقك دائماً.أتبكي هنا على خطاياك وتتضرع لتصير بالتوبة خالص الود ؛ أو تبكي هناك في النار ولا ينفعك شيء، لأنك إذا بكيت هنا تنال راحة مع كل تعزية، وهناك إذا بكيت تذهب إلى العذاب.أعطِ قليلاً لكي ما يسمح لك بديون نفسك، فإن لم تريد أن تقضى هنا من الكثير قليلاً فهناك ستجازي عما عليك من الديون بعذاب كثير.فهذه الأقوال يا إخوتي المحبين للـه خاطبت بِها مودتكم المأثورة ليس لكوني مستحقاً وطاهراً في سيرتي ؛ وعائشاً بالطهارة ؛ بل لوجع وحزن وضغطة قلب مخطراً بذهني ما هو معد لنا ونحن متوانون مضجعون.أنا يا إخوتي نجس أنا منافق في سيري بأفكاري وأفعالي غير عارف من ذاتي بالكلية شيئاً صالحاً، أنا متراخي وخاطئ في نيتي وعزمي ؛ وهذه الأقوال إنما أقولها لألفتكم لأن الحزن مطيف بقلبي من أجل دينونة اللـه العتيدة الرهيبة ؛ لأننا كلنا متهاونون ونظن أننا نعيش في هذا العالم الباطل إلى أبد الدهر، والدهر يعبر والأشياء التي فيه كلها.ونحن يا أحبائي سنطالب بجواب عن هذه الأمور كلها ؛ لأننا عارفون المناقب النفيسة ؛ وعاملون الأفعال الرديئة ؛ ونتهاون بمحبة المسيح الإله وملكه ؛ ونكرم الأرض وجميع الأشياء التي فيها.إن الفضة والذهب لا تنقذنا من النار الرهيبة ؛ والثياب والتنعم يوجد هنا لدينونتنا.فالأخ لن يفتدي أخاه، والأب لا يفتدى ابنه، لكن كل واحد يقف في مقام رتبته في الحياة أو في النار.لقد تجرد القديسون والصديقون والأبرار من هذا العالم وأموره باختيارهم، وبرجاء وصايا اللـه الصالحة أيقنوا أنَهم يتمتعون بخيراته في فردوس النعيم.لأنـهم تاقوا إلى المسيح وأكرموه إكراماً كثيراً، وتعروا من الأشياء البالية ؛ فلذلك هم مبتهجون كل حين باللـه، ومستضيئون بالمسيح ؛ ومسرورون بالروح القدس دائماً، والثالوث الأقدس يبتهج بِهم، وتستبشر بـهم الملائكة ورؤساء الملائكة، ويتباهى بِهم فردوس النعيم.بالحقيقة هؤلاء هم الممدوحون المشرفون المغبوطون، كل وقت يطوبِهم الملائكة والناس لأنَهم أكرموا محبة اللـه إكراماً فوق العالم أجمع ؛ فوهب لهم الإله القدوس المحق ملكوته ؛ وأعطاهم مجداً أعظم أن يبصروه بسرور مع الملائكة القديسين كل حين.
وكثيرون من الناس اشتاقوا إلى الأرض وإلى الأشياء البالية التي فيها، فتسمر عقلهم كل وقت فيها، وأغذوا أجسامهم بالأغذية كالبهائم كأن هذا العالم عندهم باقٍ لا يموت.
ماذا تصنع أيها الإنسان إذ تسير كبهيمة لا نطق لها. قد خلقك اللـه فهيماً مميزاً فلا تماثل بعدم التمييز البهائم الفاقدة الفهم.فق أيها الإنسان قليلاً ؛ وعُد إلى ذاتك ؛ وأعرف بما أنك فهيم أنه من أجلك أقبل الإله الأعلى من السماء ليرفعك من الأرض إلى السماء وقد دعيت إلى عرس الختن السمائي فلِمَ تتهاون ؟ لِمَ تستصعب الأمر ؟ قل لي كيف يمكنك أن تذهب إلى العرس وليست لك حلة عرس فاخرة ؟وإن لم تمسك مصباحاً ؛ فكيف يمكنك الدخول ؟ وإن دخلت متهاوناً فتسمع في الحال صوت الختن: يا صاحب كيف دخلت متهاوناً إلى العرس وليس عليك لباس عرس ملكي.تَهاونت ودخلت لتصنع بعريتك استخفافاً بملكوتي ؛ ثم يقول الملك لغلمانه: شدوا يدي هذا الشقي ورجليه معاً ؛ وزجوه في أتون النار ليتعذب هناك إلى أبد الدهر. لأنني أنا منذ مدة كبيرة جئت ودعيت الكافة إلى العرس ؛ فهذا أستحقر دعوتي ولم يعد له لباس العرس ؛ فلهذا أمركم أن تعذبوا هذا الشقي لأنه تَهاون بمملكتي.
أتراك أيها الإنسان لا ترهب هذه ؛ ولا ترتعد منها فزعاً ؛ من دنو إشراق الختن ؛ أما قد علمت أن كافة البرايا متوقعة للمثول أمامه ؛ والصور السماوي ينتظر صوته.
فماذا تصنع هناك في تلك الساعة إن لم تكن مستعداً قبلها ؟ هيئ ذاتك لتلك الساعة للغبطة الإلهية؛لأنه يطوب اللـه المستحقين والصور السماوي يبوق من السماء ويقول: أيها المحبون للمسيح انْهضوا فها قد ورد الملك السماوي ليعطيكم نياحة وسروراً في الحياة الخالدة عوض تعب نسككم.انْهضوا وأبصروا المسيح الملك الختن الذي لا يموت الذي تقتم إليه، لأنكم حين تقتم إليه صرتم من أجله سكاناً على الأرض، أنْهضوا فعاينوا نضارة بَهائه، قوموا فشاهدوا مملكته التي أعدها لكم.أنْهضوا وانظروا إلى المسيح شوقكم، قوموا فأبصروا الرب الذي لا يشبع منه الذي أحببتموه وتألمتم من أجله.تعالوا فأبصروا الذي اشتهيتموه بدالة جزيلة ؛ وأفرحوا معه فرحاً لا ينعت ؛ ولن ينتزع أحد منكم فرحكم.هلموا فتمتعوا بالخيرات التي لم تبصرها عين ولم تسمعها أذن ولم تخطر على قلب الناس التي يهبها لنا هذا المحبوب. فيخطف القديسين في السحب لاستقباله ؛ ويطير الصديقون والمستحقون للـه في علو الهواء بمجد لا يقدر ليعاينوا الملك السمائي الباقي.فمن هو ترى المستحق أن يخطف في تلك الساعة إلى التقاء المسيح بفرح عظيم ؟ يخطف المستحقون كلهم بمجد ؛ والمنافقون يبقون أسفل بخزي عظيم.فالطوبى والسرور للحريصين هنا ؛ والعذاب والخزي لجماعة الخطاة، مغبوط ذلك الذي قد حرص هنا أن يوجد مستحقاً لتلك الساعة ؛ وشقي ذاك الذي جعل ذاته غير مستحق لتلك الساعة.فالسحب تخطف القديسين من الأرض إلى السماء ؛ والملائكة يخطفون أيضاً المنافقين ليلقوهم في أتون النار التي لا تطفأ.من يعطي لرأسي مياهاً لا تقدر، ولعيني عيناً نابعة دموعاً دائماً ما دام يوجد وقت تنفع فيه العبرات، فأبكي على نفسي النهار والليل متضرعاً إلى اللـه ألا أوجد في ساعة وروده غير مستحق ؛ ولا أسمع قضية السيد الرهيبة عني: ” أنصرف يا عامل الإثم لست أعرفك من أنت “.
أيها الإله الأعلى الذي لا يموت وحده ؛ أعطيني أنا الخاطئ في تلك الساعة رأفاتك الجزيلة لكي لا يظهر نفاقي المكتوم أمام الناظرين الملائكة ورؤساء الملائكة، الأنبياء والرسل، الصديقون والقديسون. بل أحفظ المنافق بنعمتك ورأفاتك، وأدخله إلى فردوس النعيم مع الصديقين الكاملين، أقبل طلبة عبدك أيها السيد بشفاعة القديسين الذين أرضوك.
والسبح لك يا ربنا يسوع المسيح. آمين
مقالات مار إفرآم السريانى
المزيد
02 أكتوبر 2020
خبز كل يـــوم
تعودنا أن ندرس كلمة الله ونتغذى عليها كل يوم. وكمثل المن النازل من السماء الذي عال به الرب الشعب أربعين سنة، هي مدة غربتهم، حتى وصلوا إلى أرض الميعاد، هكذا تكون كلمة الله تُشبع وتُغني الساعين نحو الوطن الأفضل.وهى كما كان المن -جديدة متجددة كل صباح- ويلتقط الواحد منها ما يكفيه لسعي يوم بيوم. ولا يكفي ما التقطه بالأمس لمواجهة احتياجات اليوم. وأيضًا كما اختبر الآباء الأولون كيف يأكلون الكلمة.. إذ أعطاهم الرب هذه النعمة كما فعل حزقيال وإرميا وداود وغيرهم. اختبروا مذاقة الكلمة وحلاوتها، وأيضًا مُرَّها فى الباطن وتبكيتها الشديد. ثم طعمها الذى كالعسل حلاوة.وفي عهد النعمة قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس مُشجعًا إيّاه على اللهج في ناموس الرب أن يواظب على القراءة والدرس.. يأكل الكلمة ويُعلِّمها ويستأمن أُناس أكفاء يعطيهم مما تحصَّل عليه من النعمة بواسطة الإنجيل ليُعلِّموا آخرين أيضًا.لذلك وجدنا أن نشجع شعبنا على القراءة اليومية والدرس الروحي العميق لكلمة الله، بدون فلسفة أو جدل.. لكي تتحول الكلمة إلى طعام روحي وخبز كل يوم، الذى لا يستغني عنه السائر فى الطريق. ويَتبع التأمُّل الروحي العميق للكلمة تطبيقها فى الحياة اليومية إذ تكون النفس قد تشبّعت بروح الإنجيل وتأدبت بكلام الحياة الأبدية، فلم تعُد تصدر عنها أفعال إلا المضبوطة بفعل الكلمة. لأنّ الأعمال هي الترجمة الحقيقية للإيمان.. «لأَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ» (يع 2 : 20). لذلك نحن نقدم عينة تصلح أن تكون بداية لتدريب النفس على الانحياز لكلمة الله والتلمذة للإنجيل، بعيدًا عن فلسفة الكلام وحكمة العقل البشري، ومماحكات الكلام.. فنحن نؤمن أنّ الإنجيل هو الحياة.فالكلمة فعلاً «حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ» (عب 4 : 12). وليبارك المسيح إلهنا في كل كلمة لمنفعتنا وخلاص نفوسنا.
المتنيح القمص لوقا سيداروس
المزيد
01 أكتوبر 2020
التناقض المزعوم بين الأسفار وبين رِسَالَةُ يُوحَنَّا الرَّسُولِ الأُولَى
1- بين اصحاح 1 : 8 و10، اصحاح 3 : 6 و9 ففى الاول (ان قلنا انه ليس لنا خطيه نضل انفسنا وليس الحق فينا) وفى الثانى (كل من هو مولود من الله لا يفعل خطيه.. ولا يستطيع ان يخطىء). فنجيب : ان معنى القول الثانى ان من ولد من الله لا يعمل خطيه لان نعمه الله التى اوتيها وبها تبنى لله وكانت له كالزرع هى تصونه وتقويه فمن ثم لا يمكنه ان يخطىء بمقتضى هذه النعمه وانه اذا اخطا فخطيئته لا تكون بحسب كونه مولودا من الله ولا بمقتضى النعمه لان النعمه لا يمكن ان تكون منشا للخطيه ولا سببا فى ارتكابها ولكن الخطيئه تكون بحسب كونه مولودا من ادم بطبيعه فاسده مائله الى الشر. غير ان قول الرسول (لا يستطيع ان يخطىء) لا يقصد به انه لا يخطىء مطلقا بل انه لا يخطىء عمدا فان كل مولود من الله يجرح يوما من الخطيئه لكنه لا يطرح اسلحته ولا يسلم نفسه للعدو. وقوله ايضا لا (يخطىء) اى لا يستغرق فى الخطيئه بل يولع بالبر والقداسه ما استطاع، واذا سقط نهض حالا لان لا يلزم من قول يوحنا ان كل مؤمن كامل القداسه. فلم يكن لابراهيم ولا موسى ولا يعقوب ولا داود بلا خطيئه. ومعنى ان المؤمن لا يخطىء كما قلنا انه لا يستمر فى الخطيئه ولا يتعمدها ولا يرتكبها اختيارا، فلا يخطىء ما لم تغلبه التجربه ولا يخطىء الى النهايه فيهلك بخطيئته.
المتنيح القس منسى يوحنا
عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
30 سبتمبر 2020
لا تكتسب فضيلة بتحطيم فضيلة أخرى
إن الشيطان يتضايق من فضائلك الثابتة التي صارت وكأنها من طبيعتك، لذلك يحاول أن يحطمها بكافة الحيل. ومن بين هذه الحيل أن يقدم لك فضيلة أخرى جديدة عليك ليست لك بها خبرة، لكي تحل محل الفضيلة الأولى الثابتة. ومن أمثلة ذلك:
1- إن كنت تحيا في وداعة وهدوء ودماثة خلق وسلام قلبي. ويريد الشيطان أن يفقدك كل هذا. فماذا يفعل؟ أنه لا يستطيع أن يذم الرقة والوداعة، أو أن يقول لك "أترك طبعك هذا المحبوب من الكل"... ولكنه يصل إلى غرضه عن طريق الإحلال، ويقدم لك فضيلة بديله، دون أن يشعرك أنها بديلة.. وكيف ذلك؟
يدعوك باسم الحماس في نشر البر، أن تساهم في إصلاح المجتمع، وأن توبخ وتنهر، وتكشف أخطاء الآخرين لكي يخجلوا منها ويتركوها! وتظل تفعل هذا بغير حكمة. وأنت لا تعرف قدر من تتناوله بالنقد، ولا الأسلوب المناسب، ولا ما هي ردود الفعل، ولا بأي سلطان تفعل ذلك. وهكذا تسلك في طريق القسوة والتشهير بالآخرين، وفي أسلوب السب والقذف. وتسودّ صورة الغير في نظرك، وتتحول إلى قنبلة متفجرة تقذف شظاياها في كل اتجاه وهكذا تفقد وداعتك ورقتك. وتكره الناس ويكرهونك. ثم ما تلبث أن تتعب من هذا الأسلوب الذي لا يتفق مع طباعك، وتحاول أن تعود إلى حالتك الأولى، ولكنك لا تجد قلبك نفس القلب، ولا فكرك نفس الفكر. بل ترى أنك قد فقدت بساطتك ونقاوة فكرك، كما فقدت حسن علاقتك بالآخرين وفقدت أمثولتك الصالحة التي كان ينتفع بها غيرك.. وإذا بالشيطان قد أطمعك في فضيلة لا تعرف كيفية السلوك فيها، وأفقدك فضيلتك الأولى! فما احتفظت بالأولى، ولا ربحت الثانية. وصرت في بلبلة ينبغي أن تدرك تمامًا أن أعمال الخير لا يهدم بعضها بعضًا، وأن كل إنسان له شخصيته التي قد تختلف عن غيره، وقد لا يناسبه ما يناسب غيره. وليس كل أحد له سلطان أن يوبخ وينتقد. كما أنه ليس للكل معرفة كيف يستخدم حسنًا فضيلة جديدة عليه.
2- مثال آخر للفضيلة التي يحاول بها الشيطان أن يضيع فضيلة أخرى:
إنسان يعيش في نقاوة القلب، بعيدًا عن العثرات الجسدية. فهو محترس تمامًا، لا يقرأ قراءات ولا ينظر إلى أية مناظر تُعثِره. ولا يختلط بأية خلطة خاطئة، ولا يستمع إلى أية أحاديث طائشة. بل يحتفظ بأفكاره نقية لا تُدخل إلى قلبه شيئًا غير طاهر.. هذا الإنسان يريد الشيطان أن يحاربه، ولا يستطيع أن يقدم له شهوة مكشوفة، لأنه لابد أن يرفضها. فماذا يفعل؟
يفتح أمامه الباب ليكون مرشدًا روحيًا يقود الشباب إلى الطهارة. إذ كيف يعيش في حياة الطهارة وحده، ويترك أولئك المساكين يسقطون كل يوم دون أن يقدم لهم مشورة صالحة تنقذهم مما هم فيه! ويقنعه بأن مَنْ رَدَّ خَاطِئًا عَنْ ضَلاَلِ طَرِيقِهِ، يُخَلِّصُ نَفْسًا مِنَ الْمَوْتِ، وَيَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا (رسالة يعقوب 5: 20). ويظل يثير الحماس في نفسه لكي يقبل هذه الخدمة الروحية الحيوية، وأن يرشد الذين يأتون إليه ثم تأتى الخطوة التالية وهى أنه لكي يكون إرشاده عمليًا، لابد أن يستمع إلى مشاكلهم وأخطائهم. ويظل أولئك يصبّون في أذنيه أخبارهم وقصص سقوطهم. وقد يقولون كل شيء بالتفاصيل. وربما يكون في ما يحكونه ما يعثر.. ويستمع (المرشد) الطاهر إلى كل ما كان يبعد قبلًا عن سماعه، ويعرف ما كان يجب مطلقًا أن يعرفه. وكل واحد من أولئك يقدم صورة جديدة أو صورًا عديدة من الخطأوعن طريق الإرشاد يجد صاحبنا عقله وقد امتلأ بصور دنسة. وأصبح يعرف أشياء صارت تشوّه طهارة تفكيره، وتدنسه بأخبار وقصص مجرد ذكرها قبيح. وإن لم تعثره وتغرس فيه انفعالات خاطئة، فعلى الأقل تنجس فكره، وكأنه قد قطف أثمارًا غريبة من شجرة معرفة الخير والشر..!
فإن حاول أن يبتعد، يُقال له: وما ذنب هؤلاء الشبان؟!وقد يكونون قد تعلقوا به واستراحوا إلى إرشاده. وربما يتعبون ضميره بأنهم -إن تخلى عنهم- قد يرجعون إلى خطاياهم! ويلحّون عليه أن يظل يسندهم حتى يقفوا على أرجلهم.. ربما هو يكون قد رسبت في ذهنه -ولو بالسمع- صور لم ينظرها من قبل، وربما يسقط بالفكر، ويكون الشيطان قد نجح في إسقاطه وافقده نقاوته الأولى.
3- وقد تأتى حيلة الشيطان في عرض الإرشاد بصورة أخرى، يقدّم فيها -لا أخبارًا تدنس القلب- بل شكوكًا تتعب العقل إذ يكون القلب في بساطة الإيمان، وتكون قراءاته كلها روحية تعمّق صلته بالله. ثم يأتي من يطلبون معونته وإرشاده في شكوك عقيدية أو إيمانية تتعبهم. وتتوالى الشكوك من هنا وهناك لكي تجد لها حلًا، ويبدأ إيمان هذا (المرشد) أن يتحول شيئًا فشيئًا من القلب إلى الفكر والبحث العلمي. وقليلون من يتقنون الأمرين معًا ويجد أن الشكوك تتكاثر عليه، وليست له موهبة الرد عليها وينبغي أن نعرف أنه ليس كل أحد له القدرة على الإرشاد. فالذين لهم هذه الموهبة، لا يصيبهم ضرر سواء من المشاكل الروحية وسماع الخطايا الجسدية، أو من المشاكل العقائدية وسماع الشكوك.ولكن حيلة الشيطان الماكرة هي أنه يقدم الإرشاد للذين ليست لهم الموهبة، فيصيبهم منه ضرر. كما انه يقدم لهم ذلك بأسلوب ضاغط، يشعرهم به أنه ضرورة ملحة وأنه واجب مقدس وما أسهل على القلب المتضع أن يرد قائلًا "ولكنني لا أعرف. أنا الذي لم أستطع أن ارشد نفسي، كيف يمكنني إرشاد آخرين؟!
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
29 سبتمبر 2020
القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (8) الرجاء
الرجاء واهميته فى حياتنا ..
+ الرجاء قيمة روحية وفضيلة هامه فى حياة كل إنسان منا فهو قوة دافعة للأمل والعمل للوصول الى مستقبل أفضل فى هذه الحياة وهو دافع للتقوى والفضيلة من اجل الوصول الى الملكوت السماوى. الرجاء المسيحى يعتمد علي محبة الله الاب السماوى والقادر على كل شئ والذى يتوق لخيرنا { لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين} (عب 10 : 23). فالرجاء دافع للاتحاد بالله والصلاة اليه والعمل بوصاياه للتغلب على كل مصاعب رحلة الحياة بقوة الله وعمل نعمته ، فللخاطئ رجاء فى الله بالتوبة ، وللمريض رجاء فى مقدرة الله فى شفائه والمحزون له رجاء فى العزاء ، والمظلوم له رجاء فى الانصاف وللمحتاج ثقة فى قدرة الله على أشباع احتياجاته، ولمن يعانون من المشاكل النفسية أو العائلية او الاجتماعية رجاء فى الله ليحلها ويخلصهم . حتى للدول رجاء بالتخطيط والعمل والمتابعة مع الصلاة ،فى التغلب على مشكلاتها. فهناك أمور حتى مهما بلغنا الاتقان فى التخطيط والعمل تحتاج لمعونه وقوة الله وحفظه للتغلب عليها ، ان العالم يقف عاجزاً امام قوى الطبيعة من أعاصير وزلازل وبراكين ويتمسك بالرجاء فى الله ، رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين.
+ من أخطر الحروب الروحية وأقسى الاشياء التى تحارب الانسان انقطاع الرجاء او اليأس . ان اليأس يجعل الحياة ثقيلة بل مستحيلة ويتسبب فى عدم التكيف مع الوسط المحيط والفشل والاحباط والكأبة واخيرا قد يقود الى الانتحار فالرجاء حصن لمن يتمسك به وسبب فى هلاك من يفقده { ارجعوا الى الحصن يا اسرى الرجاء اليوم ايضا اصرح اني ارد عليك ضعفين} (زك 9 : 12). لقد راينا كيف اخطأ اثنين من الرسل . فالقديس بطرس الرسول ليلة الآم السيد المسيح انكر وجحد السيد المسيح ويهوذا تأمر مع اليهود وسلمه لهم ، لكن بطرس رجع الى نفسه وبكى بكاءاً مراً وتاب وقبل الله توبته ورده الى رسوليته اما يهوذا فندم ولكن فقد رجائه ومضى وشنق نفسه وهلك { اذ كان معدودا بيننا وصار له نصيب في هذه الخدمة. فان هذا اقتنى حقلا من اجرة الظلم واذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت احشاؤه كلها. وصار ذلك معلوما عند جميع سكان اورشليم حتى دعي ذلك الحقل في لغتهم حقل دما اي حقل دم.لانه مكتوب في سفر المزامير لتصر داره خرابا ولا يكن فيها ساكن ولياخذ وظيفته اخر} أع 17:1-20
+ اننا نضع رجائنا فى الله لانه قادر على كل شئ { من اله ابيك الذي يعينك ومن القادر على كل شيء الذي يباركك تاتي بركات السماء من فوق وبركات الغمر الرابض تحت} (تك 49 : 25).{ وهم يرتلون ترنيمة موسى عبد الله وترنيمة الخروف قائلين عظيمة وعجيبة هي اعمالك ايها الرب الاله القادر على كل شيء عادلة وحق هي طرقك يا ملك القديسين }(رؤ 15 : 3). من اجل ذلك نطلبه ونلتمس معونته { اطلبوا الرب و قدرته التمسوا وجهه دائما} (مز 105 : 4). واثقين ان غير المستطاع لدى الناس مستطاع لديه { فنظر اليهم يسوع وقال عند الناس غير مستطاع ولكن ليس عند الله لان كل شيء مستطاع عند الله }(مر 10 : 27). ان رجائنا فى الله لانه قادر على كل شئ وهو اله محب ومحبته لا تعتمد على صلاحنا بل على ابوته وصلاحه { اردد هذا في قلبي من اجل ذلك ارجو. انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول. هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك. نصيبي هو الرب قالت نفسي من اجل ذلك ارجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه} مر21:3-25. من أجل هذا نحن نتمسك بالرجاء لان الهنا امين وقادر ومحب { الذين اراد الله ان يعرفهم ما هو غنى مجد هذا السر في الامم الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد} (كو 1 : 27). ونحن نتمسك بوعوده الصادقة الامينة { لا تخف لاني معك لا تتلفت لاني الهك قد ايدتك و اعنتك و عضدتك بيمين بري} (اش 41 : 10). من اجل ذلك قال المرنم { الاتكال على الرب خير من الاتكال على البشر ، الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء} مز8:118-9. والله لكى يبث فينا روح الرجاء يعطينا الكثير من الوعود لنثق فيه ويقول لنا انه أحن من الام علي ابنائها { هل تنسى المراة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين و انا لا انساك. هوذا على كفي نقشتك اسوارك امامي دائما} اش 15:49-16.
السيد المسيح رجائنا ...
+ قبل ان ياتى السيد المسيح ويحل بيننا على الارض كانت انظار البشرية تتطلع الى مجيئه وخلاصه فهو المخلص الموعود به لسحق رأس الحية ، ابليس (تك15:3) قال افلاطون الفيسلوف المعتبر نبى للامم انه يتوق ويشتاق الى ان يأتى شخص المخلص الذى يعلمنا كل شئ. وتنبأ عنه بلعام { ثم نطق بمثله وقال وحي بلعام بن بعور وحي الرجل المفتوح العينين. وحي الذي يسمع اقوال الله ويعرف معرفة العلي الذي يرى رؤيا القدير ساقطا وهو مكشوف العينين. اراه ولكن ليس الان ابصره ولكن ليس قريبا يبرز كوكب من يعقوب ويقوم قضيب من اسرائيل فيحطم طرفي مواب ويهلك كل بني الوغى} عد15:24-17. ولهذا قال اشعياء النبي{ ليتك تشق السماوات وتنزل } (اش 64 : 1).قال هذا بعد ان تنبأ عن مولده من العذراء {ولكن يعطيكم السيد نفسه اية ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل} اش 14:7.وتنبأ عن طبيعته الالهية {لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية} اش 6:9-7. من اجل ذلك قال السيد المسيح {فاني الحق اقول لكم ان انبياء وابرارا كثيرين اشتهوا ان يروا ما انتم ترون و لم يروا و ان يسمعوا ما انتم تسمعون و لم يسمعوا} مت 17:13.
+ وعندما جاء السيد المسيح تهللت الملائكة واعلنت الملائكة بشري الخلاص للرعاة {واذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب اضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما. فقال لهم الملاك لا تخافوا فها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب} لو9:2-11. وبارك سمعان الشيخ الرب وقال ان الطفل المولود نوراً اعلن للأمم {و كان رجل في اورشليم اسمه سمعان وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر تعزية اسرائيل والروح القدس كان عليه. وكان قد اوحي اليه بالروح القدس انه لا يرى الموت قبل ان يرى مسيح الرب. فاتى بالروح الى الهيكل و عندما دخل بالصبي يسوع ابواه ليصنعا له حسب عادة الناموس.اخذه على ذراعيه و بارك الله و قال الان تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام.لان عيني قد ابصرتا خلاصك.الذي اعددته قدام وجه جميع الشعوب. نور اعلان للامم ومجدا لشعبك اسرائيل}لو25:2-32.
+ جال السيد المسيح يصنع خيرا ويعلم الشعب ويعلن اقتراب ملكوت الله { وكان يسوع يطوف المدن كلها والقرى يعلم في مجامعها ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب.ولما راى الجموع تحنن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها} مت 35:9-36.وعندما قالت له المرأة السامرية ان المسيح عندما يأتى سيخبرهم بكل شئ { قالت له المراة انا اعلم ان مسيا الذي يقال له المسيح ياتي فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء.قال لها يسوع انا الذي اكلمك هو} يو25:4-26. وبعدما أكمل السيد المسيح خدمته الجهارية فى العالم بسط ذراعيه على عود الصليب ليجذب اليه الكل ، الامم واليهود ، من شمال الارض الى مغاربها ومن الشمال الى الجنوب ليجذبنا الى الأحضان الابوية كما قال { وانا ان ارتفعت عن الارض اجذب اليٌ الجميع} يو 32:12. وتحققت به نبؤة اشعياء النبي {قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق الى النصرة.وعلى اسمه يكون رجاء الامم}.اش 3:42، مت 20:12-13.
+ ان السيد المسيح كان وسيبقى رجاءاً لكل أحد ومن يتكل عليه لا يخزى ابدا { فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح.الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله. وليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية والتزكية رجاء. والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} رو 1:5-5.
السيد المسيح رجاء الخطاة فى التوبة والقبول والغفران {هو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا }(1يو 2 : 2). فمن كان يتصور ان مريم المجدلية الخاطئة تتوب وتتحول الى مبشرة بالقيامة حتى للامبراطور واي قوة وشجاعة حصلت عليها بالإيمان لتشهد لبشرى الخلاص . كذلك المرأة السامرية تتوب وتذهب تعلن بشرى الخلاص لاهل السامرة . ومن كان يتصور ان انسانا محباٌ للمال كزكا العشار يتغير بمقابلة صادقة مع المخلص والمحرر {فوقف زكا وقال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف. فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم.لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك} لو 9:19-11. وهكذا راينا شاول الطرسوسى المضهد للكنيسة يتقابل فى الطريق بعد القيامة مع المخلص ويهتدى الى الإيمان ويتحول الى مبشر يقدم حياته حباً فى مخلصه .
السيد المسيح رجاء المتعبين فهو القائل { تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم.لان نيري هين وحملي خفيف} مت 28:11-30. لقد ذهب الى مريض بركة بيت حسدا الذى تباعد عنه الأهل والاصدقاء وقدم له الشفاء ، وكما قدم الشفاء للعميان قديما يستطيع اليوم وفى كل وقت ان يهب النظر والبصيرة الروحية لنا لنعاين مجد الله ونرى حكمته فى الاحداث من حولنا. وهو الذى اشفق على المرأة التى أمسكت فى ذات الفعل ودافع عنها ومنحها سلاما ومغفرة وهى منكسرة ، هو الذى نظر لدموع القديسة مونيكا من أجل ابنها أغسطينوس وعمل بنعمته فيه ليرجع الى الله ويصير قديساً .
السيد المسيح رجاء للمنبوذين والضعفاء والمحتاجين لقد ذهب للبرص وكان مرض يعتبر نجاسة ولمسهم بيده الشافية وشفاهم وهو الذي يبحث عن الخروف الضال ليرده وعن الابن الضال ليهبه البنوة والمجد ويبحث عن من ليس له أحد يذكره لان كل نفس لها قيمة غاليه لديه يفرح كآب صالح ان يجمع الى بيته الجميع ، من اجل هذا قال الرب فى حزقيال النبى قائلا : { انا ارعى غنمي و اربضها يقول السيد الرب.و اطلب الضال واسترد المطرود واجبر الكسير واعصب الجريح واحفظ السمين والقوي وارعاها بعدل} حز15:34-16. لقد نظر الى الجوعى فى البرية فاشبع الالاف بخمسة خبزات وسمكتين وفاض عنهم اثنتى عشر قفة مملؤة ، وانبع الماء قديما من صخرة فى سينا للشعب عندما عطش ولم يجد ماء والصخرة كانت تشير الي السيد المسيح المشبع ، حتى العاصفير يقوتها ويقول لنا ان واحداً منها ليس منسيا أمام الله { اليست خمسة عصافير تباع بفلسين و واحد منها ليس منسيا امام الله. بل شعور رؤوسكم ايضا جميعها محصاة فلا تخافوا انتم افضل من عصافير كثيرة} لو6:12،7.
ان السيد المسيح رجاء المحزونين .. هو الذى تحنن على الارملة بنايين وهى تودع ابنها المحمول على النعش {فلما اقترب الى باب المدينة اذا ميت محمول ابن وحيد لامه وهي ارملة ومعها جمع كثير من المدينة. فلما راها الرب تحنن عليها و قال لها لا تبكي. ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال ايها الشاب لك اقول قم.فجلس الميت وابتدا يتكلم فدفعه الى امه} لو 12:7-15.وهو الذى أقام لعازر من القبر بعد اربعة ايام مشفقا على اختيه مرثا ومريم وهو الذى يعزى كل نفس فى ارض غربتها واثقين انه هو {قال لها يسوع انا هو القيامة والحياة من امن بي ولو مات فسيحيا }(يو 11 : 25). { لا تتعجبوا من هذا فانه تاتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته.فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة والذين عملوا السيات الى قيامة الدينونة} يو 28:5-29.
السيد المسيح رجاء الامم الذى شفى ابنة المرأة الكنعانية ومدح ايمانها وشفى غلام قائد المئة اليونانى مادحا ثقة وايمانه به . هو رجاء المنكسرين والفقراء والمظلومين والمحتاجين { مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية. واكرز بسنة الرب المقبولة.ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه. فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم } لو 18:4-21.
السيد المسيح رجاء الخائفين والمضطهدين . فهو أمس واليوم والى الابد ، وعندما كانت الريح مضادة على التلاميذ والامواج تتقاذف السفينة وخافوا جاء اليهم { و اما السفينة فكانت قد صارت في وسط البحر معذبة من الامواج لان الريح كانت مضادة. وفي الهزيع الرابع من الليل مضى اليهم يسوع ماشيا على البحر. فلما ابصره التلاميذ ماشيا على البحر اضطربوا قائلين انه خيال ومن الخوف صرخوا. فللوقت كلمهم يسوع قائلا تشجعوا انا هو لا تخافوا . مت 24:14-27. وهو الذي يدافع عن المظلومين والمضطهدين من أجل اسمه فهو الذى ارسل ملائكه ليخرج الرسل من الحبس وبكت شاول على اضطهاده للمؤمنين فى دمشق وجعله يتوب ويبشر بالإيمان المسيحي{ اما شاول فكان لم يزل ينفث تهددا وقتلا على تلاميذ الرب فتقدم الى رئيس الكهنة. وطلب منه رسائل الى دمشق الى الجماعات حتى اذا وجد اناسا من الطريق رجالا او نساء يسوقهم موثقين الى اورشليم. وفي ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء. فسقط على الارض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. فقال من انت يا سيد فقال الرب انا يسوع الذي انت تضطهده صعب عليك ان ترفس مناخس} أع 1:9-5.
السيد المسيح رجائنا الابدي.. ان حياتنا الارضية ما هي الا بخار ماء يظهر قليلاُ ثم يضمحل اذا قيست بالابدية وسيأتى السيد المسيح كما انطلق الى السماء فى صعوده ليأخذ قديسيه معه للسماء { و قالا ايها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون الى السماء ان يسوع هذا الذي ارتفع عنكم الى السماء سياتي هكذا كما رايتموه منطلقا الى السماء} أع 11:1. { ايها الاحباء الان نحن اولاد الله و لم يظهر بعد ماذا سنكون و لكن نعلم انه اذا اظهر نكون مثله لاننا سنراه كما هو. وكل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر} 1يو 2:3-3. ونحن فى كل مرة نصلى قانون الإيمان نعلن انتظارنا ورجائنا بقيامة الاموات وحياة الدهر الأتي. ان هذا الرجاء تعزية المؤمنين وفرحهم كما يقول الرسول {فرحين في الرجاء صابرين في الضيق}(رو12:12)، وأيضاً {فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة لأنكم تحتاجون إلى الصبر حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد. لأنه بعد قليل جداً سيأتي الآتي ولا يبطئ} (عب35:10-37).وهذا هو العلاج الناجح الذي قدّمه الوحي في رسالة يعقوب للمؤمنين المتألمين والمظلومين، قائلاً لهم {فتأنوا أيها الأخوة إلى مجيء الرب... فتأنوا أنتم وثبّتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب}(يع7:5،12. إن مجيء المسيح الثاني هو الرجاء الموضوع أمامنا، بحسب وعد الرب لهم {وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذكم إليَّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً(يو3:14). ولقد فاه الرب بهذه الكلمات الثمينة لإزالة الاضطراب من قلوب تلاميذه المتألمين لغيابه عنهم. ويجب أن يكون نصب عيوننا المسيح ورجاء الحياة معه . إن الرجاء المسيحي ليس هو أن يأتي المسيح ويأخذ المؤمن إليه عند موته إنما رجاؤنا هو شخص الرب نفسه ليحل فى قلوبنا ويتمجد بنا وفينا سواء بحياة او انتقال .
الرجاء وتقويته ونتائجه فى حياتنا ..
+ الصلاة هى الباب المفتوح نحو السماء الذى يوصل طلباتنا وتضرعاتنا الى الله وبالأكثر عندما تكون مقرونة بالصوم والتواضع والصدقة ونقاوة القلب { الصدقة هي رجاء عظيم عند الله العلي لجميع صانعيها }(طو 4 : 12). الصلاة هى التي انقذت الشعب قديما من مؤامرة هامان لابادة لابادة شعب الله { الاله القدير على الجميع فاستجب لاصوات الذين ليس لهم رجاء غيرك و نجنا من ايدي الاثماء وانقذني من مخافتي} (اس 14 : 19). وهى التى خلصت القديس بولس الرسول من مخاطر كثيرة {فاننا لا نريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة ضيقتنا التي اصابتنا في اسيا اننا تثقلنا جدا فوق الطاقة حتى ايسنا من الحياة ايضا. لكن كان لنا في انفسنا حكم الموت لكي لا نكون متكلين على انفسنا بل على الله الذي يقيم الاموات. الذي نجانا من موت مثل هذا و هو ينجي الذي لنا رجاء فيه انه سينجي ايضا فيما بعد. و انتم ايضا مساعدون بالصلاة لاجلنا لكي يؤدى شكر لاجلنا من اشخاص كثيرين على ما وهب لنا بواسطة كثيرين}. 1كو 7:1-11. فلا تيأسوا ابداً من رحمة الله بل لنتوب عن خطايانا بتواضع وبر { فيكون للذليل رجاء و تسد الخطية فاها }(اي 5 : 16){ان لان للشجرة رجاء ان قطعت تخلف ايضا ولا تعدم خراعيبها }(اي 14 : 7).وثقوا فى الله الذي { و على اسمه يكون رجاء الامم }(مت 12 : 21). لان الله كاب صالح يريد لنا رجاء وحياة ابدية { لاني عرفت الافكار التي انا مفتكر بها عنكم يقول الرب افكار سلام لا شر لاعطيكم اخرة و رجاء }(ار 29 : 11).
+ القراءة فى الكتاب المقدس وسير القديسين اننا اذ نستنير بالكتاب المقدس نستمد قوة ورجاء من معرفتنا لصفات الله ووعودة الامينة ومعاملاته مع قديسية ونثق فى الله العامل فى الاحداث والتاريخ من أجل خلاصنا {لان كل ما سبق فكتب كتب لاجل تعليمنا حتى بالصبر و التعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء }(رو 15 : 4). القراءة فى سير رجال الله ترينا كيف قاد الله شعبه وقديسيه فى موكب نصرته عبر التاريخ ونعرف حكمة وقصد الله ونكون مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذي فينا { بل قدسوا الرب الاله في قلوبكم مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسالكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة و خوف} (1بط 3 : 15).
+ الصبر والثبات.. ان الاكاليل لا توضع الا على رؤوس المنتصرين ولكى ننتصر يجب ان ندخل الحروب الروحية ونتعلم ونتقوى { واما نحن الذين من نهار فلنصح لابسين درع الايمان و المحبة وخوذة هي رجاء الخلاص} (1تس 5 : 8). لقد دخل يوسف الصديق بوتقة التجارب من اخوتة ومن الغرباء وعاني الظلم والحبس ليتقوي ويشتد عوده وينتصر ويرتفع { الضيق ينشئ صبرا والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يخزي } رو 3:5-5 لذلك نستمر فى الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين الي رئيس الايمان ومكمله الرب يسوع { لاننا لهذا نتعب و نعير لاننا قد القينا رجاءنا على الله الحي الذي هو مخلص جميع الناس ولا سيما المؤمنين }(1تي 4 : 10).
+ القيامة والحياة الابدية حتى عندما يفتقدنا الله ويأخذ لديه عزيز لنا يجب ان لا نحزن {ثم لا اريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم }(1تس 4 : 13). بل نثق ان هذا هو تحقيق لرجائنا الابدى ان نستوطن عن الرب {و ربنا نفسه يسوع المسيح و الله ابونا الذي احبنا واعطانا عزاء ابديا و رجاء صالحا بالنعمة }(2تس 2 : 16) فكما قام السيد المسيح منتصرا هكذا احبائنا لديه قيام فالله الهنا ليس اله اموات بل اله احياء لان الجميع عنده أحياء{ مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات.لميراث لا يفنى و لا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم. انتم الذين بقوة الله محروسون بايمان لخلاص مستعد ان يعلن في الزمان الاخير. الذي به تبتهجون مع انكم الان ان كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة. لكي تكون تزكية ايمانكم وهي اثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار توجد للمدح و الكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح. ذلك وان لم تروه تحبونه ذلك وان كنتم لا ترونه الان لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد.نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس} 1بط 3:1-9.
نتائج وثمار الرجاء ...
الانسان المؤمن كلما زادت عنده قوة الرجاء كلما أنعكس هذا على حياته العملية وظهر فى تفكيره وسلوكه نتائج الرجاء المبارك وثماره الصالحة في حياتنا
الرجاء يعطينا قوة وغلبة نقول مع القديس بولس الرسول { استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني (في 4 : 13). فكما قال السيد { فقال له يسوع ان كنت تستطيع ان تؤمن كل شيء مستطاع للمؤمن} (مر 9 : 23). ان منظروا الرب لا يخزون ابدا { واما منتظروا الرب فيجددون قوة يرفعون اجنحة كالنسور يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون }(اش 40 : 31). الرجاء يجعلنا ايجابيين فى الحياة نثق ان بعد ظلمة الفجر الحالكة لابد من ان يشرق لنا شمس البر والشفاء والخلاص معه .
الرجاء يثمر فينا عدم خوف وطمأنينة .. فنحن نثق فى الله القادر على كل شئ ولن يفصلنا عنه شئ لقد قالوا قديما ليوحنا ذهبي الفم ان الملكة ستنفيه فقال لهم للرب الارض وما عليها ، المسكونة وجميع الساكنين فيها ، فان الله فى كل مكان وقادر ان يقودنا في أمان . يخاف الانسان الذى لا يثق فى الله ومحبته ورعايته اما المؤمن فواثق حتى لو كان فى بطن الحوت { ارجعوا الان ايها الخطاة واصنعوا امام الله برا واثقين بانه يصنع لكم رحمة }(طو 13 : 8). القداسة والجهاد .. من ثمار الرجاء الصالح ، نستعد بالقداسة والتقوى لملاقاة الله ونثق ان الله يعمل فى الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة لصالحنا ومستقبلنا {اذاً يا أخوتي الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين، مُكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب}1تس 3:1. ونعمل ان نكون سواء ونحن مستوطنين فى الجسد كنا او متغربين عنه ان نكون مرضيين عنده .ان حياتنا فترة غربة قصيرة واذ نحيا على رجاء الحياة الابدية فاننا نستهين بكل شئ من أجل الرجاء المبارك .الفرح فى كل الظروف .. اذ نضع المسيح امامنا ويحل بالإيمان فينا فان الضيقات تختفى والاتعاب تزول ويكون الله فرحنا ورجائنا {فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة } (رو 12 : 12) انْ من يتطلع إلى الله والسماء ، لابد أن يمتلئ قلبه بالتعزية والفرح وسط هموم الحياة، ويشتاق إلى ذلك العريس السمائى {لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل مجد ابديا} (2كو 4 : 17){الذين اراد الله ان يعرفهم ما هو غنى مجد هذا السر في الامم الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد } (كو 1 : 27). فلنتمسك اذا بالرجاء وليكن لنا إيمان ورجاء راسخ فى الله { لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين }(عب 10 : 23).
هبنا رجاءاً صالحاً..
+ ايها الرب الاله ،يا رجاء من ليس له رجاء ، معين من ليس له معين ، عزاء صغيري النفوس ومينا الذين فى العاصفة . هبنا رجاء صالح باللإيمان والثقة فيك . انت يا مصدر الرجاء وعون المساكين والصارخين اليك ليلاً ونهاراً ، لا تترك شعبك بل بالمراحم أجمعنا تحت ظل حمايتك ، رد الضالين واعصب المجروحين واجبر المنكسرين ولتكن انت رجائنا فى ضيقاتنا وشدائدنا لاننا لا نعرف أخر سواك أسمك القدوس هو الذي نقوله فلتحيا نفوسنا بروحك القدوس ولا يقوى علينا موت الخطية ولا على كل شعبك يالله ضابط الكل.
+يا صانع الخيرات الرحوم ، نسالك من أجل كل نفس منحنية لتقومها وكل محتاج لتغدق عليه من غناك ومن اجل المسجونين لتحررهم والحزانى لتعزيهم والبائسين لتهبهم رجاء فيك ، نسالك من أجل المرضي والمنطرحين لتشفيهم والذين ليس لهم أحد يذكرهم والمتغافلين عن أمر خلاصهم يا من ارسل يونان النبي قديما لشعب لا يعرف شماله من يمينه ليرجعوا من الظلمات الى النور ، افتقد الجميع بخلاصك يارب.
+ نصلى من أجل كنيستنا ورعاتها ورعيتها ومن أجل بلادنا واهلها ومستقبلها الامن المستقر ، لتقودنا حكاماً ومحكومين ، كباراً وصغاراً ، رجال ونساء وأطفال ، لنصل الى الحرية الحقيقة والتحرر من الخطية والظلم والجهل والمرض والفقر . ليحيا كل منا آمن على نفسه وماله وعرضه وارضه ومستقبله ، يارب استجب لصلواتنا ولا تخيب رجائنا فليس لنا في الضيق معين سواك .
القمص افرايم الاورشليمى
المزيد