المقالات

19 سبتمبر 2019

الصليب

صليب ربنا يسوع المسيح، قوة حقيقية للخلاص والنصرة في الجهاد ومعلمنا بولس الرسول يسلمنا هذا الإيمان الحيّ بقوله: "إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلَّصين فهي قوة الله" (1كو1: 18) والصليب وإن كانت له أعياد زمنية ومكانية، فهو فوق كل شيء وقبل كل شيء حقيقة إلهية سماوية لذلك نستطيع أن نقول في جرأة الإيمان أن الأعياد التاريخية في كنيستنا تستمد مجدها وبهاءها من واقع حياتنا وإيماننا أكثر من أنها تعطى لحياتنا شيئًا من الواقع أو شيئًا من الإيمان وصليب ربنا في مضمونه الكلى يلزم أن لا يكون في بالنا حقيقة من حقائق الماضي بأي حال من الأحوال، لا لشيء إلا لأن تأثيره الفعال ممتد بالحقيقة في الحاضر والمستقبل، طالما يوجد إنسان يعيش على الأرض. لأن الصليب مرتبط أساسًا بالمصلوب، والمصلوب حي في السماء يحمل سمات صليبه ويسكبها علينا كل يوم بل كل لحظة غفرانًا وتطهيرًا، بل قداسة وبرًا وفداء. فنحن نختبر بأنفسنا بل ونمارس بأجسادنا وأرواحنا صليب ربنا كل يوم.وحينما نقول الصليب " المحيى " فإنما نقول ذلك ونظرنا على الدم الإلهي الذي انفجر لنا من الجنب المطعون وجرى على خشبة الصليب نهر حياة!!ولا يمكن أن نذكر الصليب ذكرًا حسنًا أو ننشد نشيده بالروح إلا والإحساس بالدم يملأ أعماق كياننا الإنساني، فالدم هو الصلة الحية المحيية بين الصليب وقلوبنا، بين المصلوب وبين ضمائرنا، بين المسيح في السماء والكنيسة على الأرض!ولا يغيب عن بالنا قط أن شركة الدم أو شركة الألم أو شركة المجد، هذه الأنواع المتعددة التي للشركة الواحدة -أي شركة الصليب- إنما تأخذ قوتها من المسيح "الحي" أي من القيامة.فالصليب قوة حياة أو قوة محيية، لأن المسيح الذي صُلب هو الآن حي! فبدون المسيح الحي يصبح الصليب عثرة وجهالة.ولكن إيماننا بالمسيح الحي القائم من بين الأموات أو بالحرى شركتنا الآن في المسيح الحي تجعل لنا من الصليب قوة حياة. فقيامة المسيح المصلوب جعلت خشبة العار سبب مجد وافتخار ظاهر لكل العالم.وإن كان التحول الذي تم على الصليب من عار إلى افتخار يظهر أمامنا هائلًا وغير معقول، فإنما ذلك من أجلنا نحن، وقد استدعى عملًا من الله الآب فائقًا أيضًا وهائلًا أكثر مما يتصوره العقل، يقول عنه بولس الرسول: "وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته. الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه في السمويات" (أف1: 19،20).فهذه القدرة المتعاظمة والفائقة عن حدود العقل والتصور التي أجراها الله الآب في المسيح من أجلنا، هذه العظمة وهذه القدرة الفائقة وهذه الشدة المتناهية التي استخدمها الآب ليحول لنا عار الصليب إلى افتخار في المجد الأسنى بقيامة المسيح، هذا كله وبكامله مذخر في الصليب!!فبقدر ما احتوى الصليب كل العار البشرى، كذلك وبمقدار أعظم احتوى شدة قوة الله للمجد الأبدي!! مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الأنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق عن كتاب رؤية كنسيّة آبائية الصليب في المسيحية
المزيد
18 سبتمبر 2019

مقالة عن الصليب و أعياد الصليب

صليب ربنا يسوع المسيح، قوة حقيقية للخلاص والنصرة في الجهاد ومعلمنا بولس الرسول يسلمنا هذا الإيمان الحيّ بقوله: "إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلَّصين فهي قوة الله" (1كو1: 18) والصليب وإن كانت له أعياد زمنية ومكانية، فهو فوق كل شيء وقبل كل شيء حقيقة إلهية سماوية لذلك نستطيع أن نقول في جرأة الإيمان أن الأعياد التاريخية في كنيستنا تستمد مجدها وبهاءها من واقع حياتنا وإيماننا أكثر من أنها تعطى لحياتنا شيئًا من الواقع أو شيئًا من الإيمان وصليب ربنا في مضمونه الكلى يلزم أن لا يكون في بالنا حقيقة من حقائق الماضي بأي حال من الأحوال، لا لشيء إلا لأن تأثيره الفعال ممتد بالحقيقة في الحاضر والمستقبل، طالما يوجد إنسان يعيش على الأرض. لأن الصليب مرتبط أساسًا بالمصلوب، والمصلوب حي في السماء يحمل سمات صليبه ويسكبها علينا كل يوم بل كل لحظة غفرانًا وتطهيرًا، بل قداسة وبرًا وفداء. فنحن نختبر بأنفسنا بل ونمارس بأجسادنا وأرواحنا صليب ربنا كل يوم.وحينما نقول الصليب " المحيى " فإنما نقول ذلك ونظرنا على الدم الإلهي الذي انفجر لنا من الجنب المطعون وجرى على خشبة الصليب نهر حياة!!ولا يمكن أن نذكر الصليب ذكرًا حسنًا أو ننشد نشيده بالروح إلا والإحساس بالدم يملأ أعماق كياننا الإنساني، فالدم هو الصلة الحية المحيية بين الصليب وقلوبنا، بين المصلوب وبين ضمائرنا، بين المسيح في السماء والكنيسة على الأرض!ولا يغيب عن بالنا قط أن شركة الدم أو شركة الألم أو شركة المجد، هذه الأنواع المتعددة التي للشركة الواحدة -أي شركة الصليب- إنما تأخذ قوتها من المسيح "الحي" أي من القيامة.فالصليب قوة حياة أو قوة محيية، لأن المسيح الذي صُلب هو الآن حي! فبدون المسيح الحي يصبح الصليب عثرة وجهالة.ولكن إيماننا بالمسيح الحي القائم من بين الأموات أو بالحرى شركتنا الآن في المسيح الحي تجعل لنا من الصليب قوة حياة. فقيامة المسيح المصلوب جعلت خشبة العار سبب مجد وافتخار ظاهر لكل العالم.وإن كان التحول الذي تم على الصليب من عار إلى افتخار يظهر أمامنا هائلًا وغير معقول، فإنما ذلك من أجلنا نحن، وقد استدعى عملًا من الله الآب فائقًا أيضًا وهائلًا أكثر مما يتصوره العقل، يقول عنه بولس الرسول: "وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته. الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه في السمويات" (أف1: 19،20).فهذه القدرة المتعاظمة والفائقة عن حدود العقل والتصور التي أجراها الله الآب في المسيح من أجلنا، هذه العظمة وهذه القدرة الفائقة وهذه الشدة المتناهية التي استخدمها الآب ليحول لنا عار الصليب إلى افتخار في المجد الأسنى بقيامة المسيح، هذا كله وبكامله مذخر في الصليب!!فبقدر ما احتوى الصليب كل العار البشرى، كذلك وبمقدار أعظم احتوى شدة قوة الله للمجد الأبدي!! مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الأنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق عن كتاب رؤية كنسيّة آبائية الصليب في المسيحية
المزيد
17 سبتمبر 2019

الصليب معنى ومفهوم - بمناسبة عيد الصليب

صليب ترد كلمة صليب 28 مرة في العهد الجديد بينما ترد الفعل منها 46 مرة. ولم يكن الصليب وسيلة للإعدام في العهد القديم (وكلمة "يصلب" ومشتقاتها في سفر أستير 5: 14، 7: 9و 10 معناها "يشنق" أو "يعلق") إذكانت وسيلة الإعدام هي الرجم. ولكن كان يمكن أن تعلق الجثث (بعد الإعدام رجماً) على خشبة لتكون عبرة (تث 21: 22و 23، يش 10: 26). وكانت من تُعلق جثته يعتبر ملعوناً من الله، ومن هنا يقول الرسول بولس أن المسيح" صار لعنة لأجلنا" لأنه علق على خشبة الصليب (غل 3: 13) كما كان يجب إلي تبيت جثة المعلق على الخشبة بل كان يجب أن تُدفن في نفس إليوم (تث 21: 23، انظر يو 19: 31). ومن هنا جاء التعبير عن صليب المسيح بأنه "خشبة" (أع 5: 30، 10: 39، 13: 29، 1 بط 2: 24) رمزا للإذلال والعار.وكان الصليب في البداية عبارة عن "خازوق" يعدم عليه المجرم، أو مجرد عمود يعلق عليه المجرم حتى يموت من الجوع والإجهاد ثم تطور على مراحل حتى أصبح في عهد الرومان عموداً تثبت في طرفه الاعلى خشبة مستعرضة فيصبح على شكل حرف “T” أو قبل النهاية العليا بقليل، وهو الشكل المألوف للصليب والذي يعرف باسم الصليب اللاتينى. وقد تكون الخشبتان المتقاطعتأن متساويتين، وهو الصليب إليونأني، أو أن يكون الصليب على شكل حرف “X” ويعرف باسم صليب القديس أندراوس، وقد استخدم هذا الشكل للصليب في العصور الرومانية المتأخرة.وقد بدأ استخدام الصليب وسيلة للإعدام في الشرق، فقد استخدمه الإسكندر الأكبر نقلا عن الفرس، الذين يغلب أنهم أخذوه عن الخازوق الذي كان يستخدمه الإشوريون. واستعار الرومان الفكرة من قرطاجنة التي أخذته عن الفينيقيين وقد قصر الرومان الإعدام بالصلب على العبيد عقاباً لإشنع الجرائم، وعلى الثوار من أهل الولايات. وقلما كان يستخدم الصليب لإعدام مواطن روماني (كما يذكر شيشرون). وفي هذا تفسير لما يرويه التاريخ من أن بولس الرسول (كمواطن روماني) أُعدم بقطع رأسه. أما بطرس (غير روماني) فأُعدم مصلوباً.وبعد صدور الحكم على المجرم بالصلب، كأنت العادة أن يُجلد عارياً بسوط من الجلد من جملة فروع يُثبت فيها قطع من المعدن أو العظام لتزيد من فعاليتها في التغذيب، ثم يُجبر المحكوم عليه على حمل صليبه إلى الموقع الذي سينفذ فيه الإعدام. وكان يجري ذلك عادة خارج المدينة. وكان يسير أمامه شخص يحمل لوحة عليها التهمة التي حُكم عليه من أجلها أو قد تُعلَّق هذه اللوحة في رقبة المجرم بينما هو يحمل صليبه على كتفيه وكان المحكوم عليه يطرح أرضاً فوق الصليب، وتربط يداه أو ذراعاه، أو تسمران إلى الصليب. كما كانت تربط قدماه أو تُسمران. ثم كان الصليب يرفع بمن عليه لكي يثبت رأسياً في حفرة في الأرض بحيث لا تلامس القدمان الأرض، ولكن ليس بالارتفاع الكبير الذي يبدو عادة في الصور . وكان ثقل الجسم يرتكز -بالقدمين أو بالعجز- على قطعة بارزة مثبَّة بالقائم الرأسى للصليب حتى لا يتعلق الجسم بثقله كله على الذراعين المسمرين، مما يجعل عضلات الصدر مشدودة، فيمتنع التنفس ويموت المحكوم عليه مختنقاً بعد لحظات قليلة من تعليقه وعندما كان الحراس يرون أن المجرم قد تحمل من العذاب ما يكفي كانوا يكسرون ساقيه حتى لا يرتكز بقدميه على الخشبة البارزة ويصبح الجسم كله معلقاً على الذراعين فيتعذر التنفس فيختنق المحكوم عليه ويموت كما حدث مع اللصين اللذين صلبا مع الرب يسوع. أما عندما جاء العسكر إلى يسوع لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات ولكن واحداً من العسكر طعن جنبيه بحربة وللوقت خرج دم وماء (يو 19: 33 و34) للتأكد من موته حتى يمكن أنزال الجسد، كما طلب اليهود من بيلاطس (يو 19: 31( ويبدو أن طريقة الصلب كانت تختلف من منطقة إلى أخرى في الامبراطورية الرومانية الواسعة. ويبدو أن العملية كانت من القسوة والفظاعة حتى استنكف كُتَّاب ذلك العصر من إعطاء وصف تفصيلى لها، فكانت تعتبر من أقصى وأبشع وسائل العقاب. ولكن الرب وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب ( في 2: 8).وقد كشف فريق من الأثريين – في صيف 1968 عن أربعة قبور يهودية في "رأس المصارف" بالقرب من أورشليم، وكان أحدها يحتوي على صندوق به هيكل عظمى لشاب مات مصلوبا ويرجع تاريخه إلى ما بين 7 ، 66م. كما تدل عليه الأوانى الفخارية – من عصر الهيرودسيين- التي وجدت في القبر ومنقوش على الصندوق اسم "يوحانان". وقد أُجريت أبحاث دقيقة عن اسباب وطبيعة موته، مما قد يلقي بعض الضوء على كيفية صلب ربنا يسوع المسيح. كان ذراع الرجل (وليس يداه) مسمرتين الى خشبة الصليب ولعل كلمة "يديه" في لو 24: 39 ، يو 20: 20 و25 و27، ويقصد بها ذراعاه. والأرجح أن ثقل الجسم كان يرتكز عند العجز على قطعة من الخشب بارزة مثبتة إلى قائم الصليب. وكان الساقان منحنيين عند الركبتين الى الخلف، والكاحلان مثبتين بمسمار واحد الى قائم الصليب. وقد ثبت من شظية وجدت من بقايا الصليب، أنه كأن مصنوعاً من خشب الزيتون. وكان الساقان مكسورين كما يبدو أن بضربة عنيفة مثلما حدث مع اللصين اللذين صلبا مع يسوع (يو 19: 32.(ويذكر المؤرخون المعاصرون أن الصلب كان أقسى اشكال الإعدام. ولا يصف البشيرون آلام المسيح الجسدية بالتفصيل، بل يكتفون بالقول "صلبوه". وقد رفض المسيح أن يأخذ أي مسكن لآلامه (مت 27: 34) ولم يكن اهتمام كتبة العهد الجديد، بصليب المسيح ينصب – أساساً- على الناحية التاريخية، بل على الناحية المعنوية الكفارية الأبدية لموت الرب يسوع المسيح ابن الله. وتستخدم كلمة "الصليب" تعبيراً موجزاً عن أنجيل الخلاص عن أن يسوع المسيح قد "مات لأجل خطايانا"، فكانت الكرازة بالأنجيل تتركز في كلمة "الصليب" أو "بالمسيح يسوع وإياه مصلوباً" (1 كو 1: 17 و18، 2 : 2)، ولذلك يفتخر الرسول بولس "بصليب ربنا يسوع المسيح" (غل 6: 14)، فكلمة الصليب هنا تعني كل عمل الفداء الذي أكمله الرب يسوع المسيح بموته الكفارى كما أن كلمة "الصليب" هي كلمة "المصالحة" (2 كو 5: 19)، فقد صالح الله إليهود والامم في جسد واحد بالصليب قاتلاً العداوة به " (أف 2: 14 –16)، بل صالح "الكل لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه" (كو 1: 20 ) ، "إذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضداً لنا وقد رفعه من الوسط مسمراً إياه بالصليب إذ جرد الرياسات والسلاطين إشهرهم جهاراً ظافراً بهم فيه" (كو 2: 14 و15).والصليب في العهد الجديد – يرمز إلى العار والاتضاع، ولكن فيه تتجلى "قوة الله وحكمة الله " (1 كو 1: 24). لقد استخدمته روما ليس كآلة للتعذيب والإعدام فحسب، ولكن كرمز للخزى والعار إذكان يُعدم عليه أحط المجرمين، فكان الصليب لليهود عثرة لأنه رمز اللعنة (تث 21: 23، غل 3: 13) وهذا هو الموت الذي ماته المسيح، فقد "احتمل الصليب مستهيناً بالخزى" (عب 12 : 2) وكانت آخر درجة في سلم اتضاع المسيح أنه "أطاع حتى الموت ، موت الصليب" ( في 2: 8) لهذا كان الصليب "حجر عثرة " لليهود (1 كو 1 : 23 انظر أيضاً غل 5 :11.( وكان مشهد حمل المحكوم عليه للصليب أمراً مالوفاً عند من خاطبهم المسيح ثلاث مرات بأن طريق التلمذة له هي "حمل الصليب" (مت 10: 38، مرقس 8 : 34، لو 14 : 27) أي حمل الخزي والإهانة من أجل اسمه ثم أن الصليب هو رمز اتحادنا مع المسيح، ليس فقط في اقتدائنا به، بل فيما لأجلنا وما يفعله فينا. ففي موته النيابي عنا على الصليب متنا نحن "فيه" (2 كو 5: 14) و"أنساننا العتيق قد صُلب معه" (رو 6: 4 و5)، لكى نستطيع بروحه الساكن فينا أن "نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة" (رو 6: 4 و 5 ، غل 2 : 20، 5: 24، 6: 14) ونحن ثابتون "فيه" (يو 15: 4، 11، روحية 14: 4، 2 كو 1: 21 في 4: 1، 1 تس 3: 3 و8الخ). دائرة المعارف الكتابية
المزيد
16 سبتمبر 2019

النيـروز ... عيد الشــــهداء

النيروز كلمة مشتقة من اللغة الفارسية وتعني "اليوم الجديد" وكان المصريون في أيام الفراعنة يحتفلون بعيد النيروز، وكان الأحتفال به يستمر لمدة سبعة أيام متواصلة... ويوافق عيد النيروز الأول من شهر توت (11 سبتمبر) كل عام والمعروف أن المصريين منذ عصر الفراعنة أول من قاس الزمن وأرخ السنوات وكانوا أيضًا أول من قسم السنة إلى شهور، وقد استخدموا التقويم الشمسي في حساباتهم ونظموا تقويمهم بدقة فكانت السنة اثني عشر شهرًا والشهر ثلاثين يومًا، وكان ذلك منذ عام 4241 ق.م. ويؤكد المؤرخ الإغريقي هيرودوت، أن المصريين قد توصلوا إلى ذلك نتيجة ملاحظتهم للنجوم، بل كانوا متفوقين عن الإغريق، إذ عدلوا السنة الشمسية عندهم بإضافة شهر صغير من خمسة أيام إلى إجمالي الاثنى عشر شهرًا، بحيث تبدأ السنة بدقة وفقًا لحساباتهم والجدير بالذكر فإن التقويم الشمسي لدى قدماء المصريين القائم على أساس الحسابات الفلكية، هو التقويم الذي تتبعه جميع الشعوب حتى الآن وعلى أساس التقويم المصري القديم جاء التقويم القبطي، الذي يتوافق تمامًا مع ظهور نجم أو "كوكب الشعري اليمانية" وهو ألمع نجوم السماء، خاصة قبيل شروق الشمس ومن هنا تعتبر السنة المصرية أو السنة القبطية، سنة نجمية ويرى علماء الفلك في العصر الحديث أن اليوم النجمي أكثر دقة من اليوم الشمسي... وكانت السنة عند قدماء المصريين تنقسم إلى ثلاثة فصول: فصل الفيضان: الذي تغمر فيه مياه النيل الأرض. فصل الإنبات: وهو موسم الزراعة. فصل الحرارة: وهو موسم الحصاد. وقد احتفظ المصريون حتى يومنا هذا بتقسيم فصول العام على هذا النحو، أما أشهر السنة القبطية فهي كالآتي: توت "من 11 سبتمبر حتى 10 أكتوبر" ويحمل اسم الإله المصري "تحوت" رب القمر، وهو شهر فيضان النيل، ومن هنا جاء المثل: "في توت لا تدع الفرصة تفوت". بابه "من 11 أكتوبر حتى 9 نوفمبر" وإسمه بالقبطية "باأوني" وهو مشتق من رب النضار "تروت" أو إله النيل "حابي". هاتور "من 10 نوفمبر حتى 9 ديسمبر" واسمه بالقبطية "أتهور" وهو مشتق من اسم إلهة الحب والجمال "حتحور" وفي هذا الشهر يبذر القمح، ومن هنا يأتي المثل: "هاتور أبو الذهب المنثور". كيهك "من 10 ديسمبر حتى 8 يناير" ويرجع إلى إله الخير أو الثور المقدس "أبيس" رمز الخصوبة ويقول المثل "كيهك صباحك في مساك". طوبة "من يناير حتى 7 فبراير" واسمه بالقبطية "طوبى" التي تعني النظافة والنقاوة وتشير إلى المطر في مصر الفرعونية يدعى "طوبيا" وهو شهر البرد والمطر في مصر، ومن هنا جاء المثل "طوبة تخلي الصبية كركوبة". * أمشير "من 8 فبراير حتى 13 أو 14 مارس" وهو شهر البرد الشديد والرياح الشديدة، ويقول المثل: "أمشير يأخذ الهدوم ويطير". * برمهات "من 14 أو 15 مارس حتى 8 أو 9 أبريل" وفيه يعتدل الجو ويبدأ الحصاد، ويقول المثل: "في برمهات روح الغيط وهات". * برمودة "من 9 إلى 10 مايو حتى 8 أو 9 مايو" وهو شهر الحر, ويقول المثل: "في برمودة دق العمودة أي وتد المظلة". * بشنس "من 9 أو 10 مايو حتى 7 أو 8 يونيه" وهو مشتق من اسم إله القمر ابن آمون، ويقول المثل: "في بشنس خلي بالك من الشمس". * بؤونة "من 8 أو 9 يونيه حتى 7 أو 8 يوليو" ويسمى بالقبطية "باأوني" وتعني الحجر والمعادن، وهو شهر القيظ الشديد ويقول المثل: "حر بؤونة يفلق الحجر". * أبيب "من 8 إلى 9 يوليو إلى 6 أو 7 أغسطس" وفيه تبدأ مياه النيل في الأرتفاع، ومن هنا جاء المثل: "في أبيب تفور مياه النيل وتزيد". * مسرى "من 7 أو 8 أغسطس حتى 5 أو 6 سبتمبر" وهو مشتق من الفعل القبطي "ميس" الذي يعني الوضع أو الخلق، وهو شهر فيضان النيل، ويقول المثل: "في مسري تفيض المياه وعلى الأرض تسري". * النسيء "من 6 أو 7 سبتمبر حتى 10 سبتمبر" وهو الشهر الصغير المتمم لأيام السنة، ويتكون من خمسة إلى ستة أيام، ويقول المثل: "في النسيء لا تكن أنت المسيء"ولا يزال هذا التقويم "القبطي" مستخدمًا عند الفلاحين حتى الآن، ويحفظونه عن ظهر قلب... رأس السنة القبطية: يعتبر عام 284 م فاتحة التقويم القبطي، حيث ارتقى الإمبراطور الروماني ديوكليتان "دقلديانوس" العرش، وكانت الأضطهادات التي أثارها من العنف حتى أن الأقباط هزتهم قسوتها وأثرت فيهم تأثيرًا عميقًا، ورغبوا في أن يبدأوا تقويمهم ابتداء من السنة الأولى التي ارتقى فيها ديوكليتان السلطة.. لقد بلغ عدد من استشهدوا في عصره في تقدير بعض المؤرخين بما يقارب المليون... وعلى هذا فإنه يمكن أن نؤكد أن الكنيسة القبطية تحوز امتيازًا بأنها قدمت أكبر عدد من المضطهدين في المسيحية بأسرها، ومع ذلك فإن لها أن تبتهج وتفخر بأنها استطاعت أن تقاوم كل القوى التي حاولت محوها... وفي هذا الصدد يقول المنسنيور جرين في كتابه قاموس القواميس:"إن وضع شهداء مصر وحدهم في كفة من الميزان وشهداء العالم كله في الكفة الأخرى، لرجحت كفة مصر". تعتز مصر بتاريخها ويعتز كل مصري بوطنيته وعقيدته وأصالته التاريخية فمصر تاريخ وتراث، يحيا فينا كمصريين قبل أن نكون مسيحيين أو مسلمين، ومن تراث مصر الموروث عيد النيروز الذي كان عيد مباركة نهر النيل وروافده عند المصريين القدماء، فالمصري القديم كان أول من قسم السنة إلى فصول وجعل رأس السنة هو أول السنة الزراعية التي تبدأ بشهر توت (أول شهور السنة القبطية سنة الشهداء). فكان يقام أحتفال كبير عند نهر النيل له طقوس خاصة فرحًا بزيادة مياه نهر النيل الذي يدعى باللغة القبطية (نياروؤو) هذه الكلمة التي أضاف اليونان إلى نهايتها حرف (s)، كما يضيفون للأسماء فأصبح (ني ياروس) ويظن البعض أنها كلمة فارسية ولكن في الحقيقة هي مصرية قديمة ومعدلة حسب قاعدة الأسماء اليونانية، أما كلمة نيروز الفارسية فقد أطلقها الفرس على الأعتدال الربيعي أو عيد الربيع عندهم إذ يقع في يوم 21 مارس من كل سنة الذي جعله (جمشيدجم) الملك يوم عطلة لأنه رأس السنة الإيرانية، وهو منقول عن المصريين القدماء عرفه الفرس أثناء غزوتهم المعروفة لمصر القديمة وليس من الصواب أن ننسب ما لنا إلى غيرنا. يقول العلامة المتنيح نيافة الأنبا لوكاس أسقف منفلوط:"إن كلمة نيروز ليست هي فارسية بل كلمة مصرية قديمة أصلها "نياروز" وهي اختصار لجملة مكررة في الصلاة "نيارو أزمو أروؤو" وهو قرار شعري ابتهالي إلى الخالق لمباركة الأنهار وتبعًا لقواعد الاختزال في اللغة القبطية فعوضًا عن تكرار القرار الشعري كاملاً بنصه واقتصادًا في الكتابة يكتفي بكلمة واحدة أو كلمة وجزء من الكلمة الثانية ويوضع فوقها خط أفقي يعني الإشارة التي توحي إلى القارئ بتكميل الجملة المختزلة وبتكرار القرار بوضعه "نياروس أو نياروز" في يوم أول السنة المصرية ومعناه عيد بركة الأنهار والمقصود بها النيل وروافده. وطنية عيد النيروز: احتفل المصري القديم بهذا العيد رسميًا أيام حكم الملك مينا الأول حوالي سنة 4000 ق.م. ومن المعروف أن توت المنعوت به أول الشهور المصرية والذي يحتفل في اليوم الأول منه بعيد النيروز هو الذي قالت عنه المعالم الأثرية إنه ولد قبل عهد الملك مينا الأول في مدينة خمنو (الأشمونيتن) التي تتبع مركز ملوي حاليًا محافظة المنيا وكانت مركز عبادة تحوتي إله الحكمة، وعاش توت إله العلم والمعرفة في مكان قرية منتوت حاليًا التابعة لمركز أبو قرقاص محافظة المنيا وله الفضل في إحياء روح الانتماء إلى نهر النيل لأنه جعل المصريين يحبون هذا النهر ويقدسوه فهو مصدر البركة والخير. وساهم البطالمة في عهدهم من 323 ق.م إلى 30 ق.م في الأحتفال بعيد النيروز بإقامة الهياكل التي من أهمها هيكل دندرة بجوار مدينة قنا بالوجه القبلي، ويشهد هذا الهيكل حتى الآن أن عيد النيروز كان عيدًا وطنيًا يحتفل به به كل الملوك على مر العصور وكان يصل عدد الحضور في ذاك الزمان إلى المليون يقدمون الذبائح والقرابين وكانوا يستحمون في النيل في صباح عيد النيروز ويرتدون الملابس الجديدة ويكرمون من يستحق التكريم ويأكلون خبز الزلابية الخالي من الخمير ويزورون "حقل النيروز" من منتوت إلى الأشمونيين حاملين أغصان النخيل وثماره التي أرتبطت كرمز بعيد النيروز بعد ذلك. ارتباط عيد النيروز بسنة الشهداء (عقيدة): احتل الرومان مصر سنة 30 ق.م، وفي القرن الأول الميلادي انتشرت المسيحية في مصر بكرازة القديس مرقس الرسول وتحولت العبادة الوثنية إلى عبادة الإله الواحد وانتشر الإيمان المسيحي في كل ربوع مصروتعرضت مصر المسيحية بعد ذلك إلى حلقات الأضطهاد العشر التي كان آخرها اضطهاد دقلديانوس وأعوانه سنة 284 - 305 م فإتخذت الكنيسة القبطية من بداية حكم ذاك الطاغية بداية لتقويمها الذي أطلق عليه تقويم الشهداء ففي عهده ارتوت أرض مصر بدماء الشهداء من أجل الإيمان بالله ووحدانيته وبدل أن يفرحوا بثمار الأرض فرحت الكنيسة بثمار الإيمان ومن هنا جاء رمز البلحة الحمراء وعيد النيروز، فاللون الأحمر يشير إلى دم الشهداء وقلب البلحة الأبيض يشير إلى قلب المؤمن والشهيد النقي والنواة الثابتة تشير إلى ثبات الإيمان وقوته، ومن العجيب أن النخل لا يأتي بالبلح الأحمر إلا في أيام النيروز وكأن الطبيعة تتحد مع التاريخ في صنع الأعياد ومعانيها، ولا غرابة أن يكون عيد النيروز عيدًا لشهداء مصر المسيحية فتاريخ مصر تاريخًا وطنيًا ملكلكل المصريين بصرف النظر عن معتقداتهم لذلك كان النيروز عيدًا يهتم به كل الحكام حتى عهد المماليك، فكانت الحكومة تدفع مبالغ كبيرة من المال وتوزع هدايا من الملابس الحريرية والفاكهة لكبار رجال الدولة وتعطي معونات على يد متخصصين كان يطلق عليهم لقب (أمير النيروز) فكان يوم النيروز من أبهج الأيام والمواسم في مصر بأستثناء عهد الظاهر برقوق الذي أمر بعم الأحتفال به في القاهرة نظرًا لبعض السلوكيات، ولن الفاطميين اهتموا به وجعلوه عيدًا وطنيًا لكل المصريين ويقول المقريزي:"وكان النيروز القبطي في أيامهم من جملة المواسم فتتعطل فيه الأسواق ويقل فيه سعي الناس في الطرقات وتفرق فيه الكسوة لرجال أهل الدولة وأةلادهم ونسائهم والرسوم من المال وحوائج النيروز كما يذكر لنا التاريخ الحديث أنه في عهد محمد علي الكبير كان الأحتفال بعيد النيروز احتفالاً وطنيًا تدق فيه الطبول وتقام فيه التقاليد والعادات القديمة وتعطل فيه جميع الأعمال وعندما جاء سعيد باشا واليًا على مصر عام 1854 م أصدر في يوم السبت 7 يوليو عام 1855 م أمرًا بأن التاريخ القبطي هو التاريخ الرسمي في دواوين الحكومة وظل معمولاً به لمدة عشرين عامًا حتى جاء إسماعيل باشا ونقض هذا الأمر وتحول إلى التقويم الأفرنجي، ولكن إلى الآن يحتفظ الفلاح المصري بالتقويم القبطي (المصري القديم) تقويم الشهداء وبقيت معه الكنيسة القبطية محتفظة بتاريخ مصر محتفلة بعيد النيروز من 1 توت وحتى يوم 16 توت مؤكدة وطنيتها ومصريتها فعيد النيروز تاريخ وتراث لكل مصر ولنا أمل أن يعاد الأحتفال الوطني به على أساس أنه عيد مقترن باحترام نهر النيل الخالد وبعيدًا عن أي تعصب، أتمنى أن تقوم الدولة بخطوة وطنية ويتم تعديل القرار رقم 14 لسنة 1962 بإضافة يوم عيد النيروز إلى الأعياد الوطنية ويعامل معاملتها ويعتبر إجازة لكل المصريين، ولو تم هذا فسوف تمحو الدولة سيئة من السيئات التي صوبت نحو وطنية الإنسان المصري..
المزيد
15 سبتمبر 2019

تعرف على رموز وأصل النيروز رأس السنة القبطية وموسم فيضان النيل

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعيد الشهداء "النيروز"، رأس السنة القبطية، حيث يتناول الأقباط البلح الأحمر والجوافة، حيث يرمز البلح إلى دم الشهداء بينما الجوافة إلى الأبيض رمز الطهر والنقاء. الأصل التاريخي لعيد النيروز النيروز وعيد رأس السنة المصرية هو أول يوم في السنة الزراعية الجديدة، وقد أتت لفظة نيروز من الكلمة القبطية nii`arwou (ني - يارؤو) = الأنهار، وذلك لأن ذاك الوقت من العام هو ميعاد اكتمال موسم فيضان النيل سبب الحياة في مصر. ولما دخل اليونانيين مصر أضافوا حرف السي للأعراب كعادتهم (مثل أنطوني وأنطونيوس) فأصبحت نيروس فظنها العرب نيروز الفارسية. علاقة عيد النيروز بفيضان النيل رمز الخير والبركة لأرض مصر نظرًا لارتباط النيروز بالنيل أبدلوا الراء بالأم فصارت نيلوس ومنها أشتق العرب لفظة النيل العربية. أما عن النيروز الفارسية فتعني اليوم الجديد (ني = جديد ، روز= يوم) وهو عيد الربيع عند الفُرس ومنه جاء الخلط من العرب، وأصبحت نياروس ومعناه الكامل "عيد مباركة الأنهار". أول شهور السنة القبطية توت هو أول شهور السنة القبطية، مشتق من الإله تحوت إله المعرفة وهو حكيم مصري عاش أيام الفرعون مينا الأول وهو مخترع الكتابة ومقسم الزمن، وقد أختار بداية السنة المصرية مع موسم الفيضان لأنه وجد نجمة الشعري اليمينية تبرق في السماء بوضوح في هذا الوقت من العام مما يعني أن السنة القبطية، سنة نجمية وليس شمسية مما يجعلها أكثر دقة من الشمسية التي احتاجت للتعديل الغريغوري وبالتالي لم تتأثر بهذا التعديل وذلك لأن الشمس تكبر الأرض بمليون وثلث مليون مرة والشعري اليمينية تكبر الشمس بـ200 مرة، مما يعني أنها أكبر من الأرض بـ260 مليون مرة مما يجعل السنة النجمية أدق عند المقارنة بالشمسية. دقلديانوس عصر الشهداء وإعلان التقويم القبطي بدأ الأقباط تقويم الاستشهاد وجعلوا هذا التقويم (المصري) يبدأ بالسنة التي صار فيها دقلديانوس إمبراطورًا (عام 284 ميلادية) لأنه عذب وقتل نحو مليون ونصف مليون من الأقباط، وسمى هذا التقويم بعد ذلك بتقويم الشهداء وهو الآن سنة 1733 للشهداء الأطهار. مع عصر دقلديانوس أحتفظ المصريين بمواقيت وشهور سنينهم التي يعتمد الفلاح عليها في الزراعة مع تغيير عداد السنين وتصفيره لجعله السنة الأولي لحكم دقلديانوس =282 ميلادية = 1 قبطية = 4525 توتية (فرعونية)، ومن هنا أرتبط النيروز بعيد الشهداء، حيث كان في تلك الأيام البعيدة يخرج المسيحيين في هذا التوقيت إلي الأماكن التي دفنوا فيها أجساد الشهداء مخبئة ليذكروهم، وقد أحتفظ الأقباط بهذه العادة حتى أيامنا فيما يسمونه بالطلعة. ماذا قال هيرودت عن التقويم القبطي؟ قال هيرودت المؤرخ الإغريقي (قبل الميلاد بحوالي ثلاثة قرون) عن التقويم القبطي (المصري): [وقد كان قدماء المصريين هم أول من أبتدع حساب السنة وقد قسموها إلى 12 قسمًا بحسب ما كان لهم من المعلومات عن النجوم، ويتضح لي أنهم أحذق من الأغارقة (اليونانيين)، فقد كان المصريون يحسبون الشهر ثلاثين يومًا ويضيفون خمسة أيام إلى السنة لكي يدور الفصل ويرجع إلى نقطة البداية]. ولقد قسم المصريين (منذ أربعة آلف ومائتي سنة قبل الميلاد) السنة إلى 12 برجًا في ثلاثة فصول (الفيضان - الزراعة - الحصاد) طول كل فصل أربعة شهور، وقسموا السنة إلى أسابيع وأيام، وقسموا اليوم إلى 24 ساعة والساعة إلى 60 دقيقة والدقيقة إلى 60 ثانية وقسموا الثانية أيضًا إلى 60 قسمًا والسنة في التقويم القبطي هي سنة نجمية شعرية أي مرتبطة بدورة نجم الشعري اليمانية (Sirius) وهو ألمع نجم في مجموعة نجوم كلب الجبار الذي كانوا يراقبون ظهوره الاحتراقي قبل شروق الشمس قبالة أنف أبو الهول التي كانت تحدد موقع ظهور هذا النجم في يوم عيد الإله العظيم عندهم، وهو يوم وصول ماء الفيضان إلى منف (ممفيس) قرب الجيزة. وحسبوا طول السنة (حسب دورة هذا النجم) 365 يومًا، ولكنهم لاحظوا أن الأعياد الثابتة الهامة عندهم لا تأتى في موقعها الفلكي إلا مرة كل 1460 سنة، فقسموا طول السنة 365 على 1460 فوجدوا أن الحاصل هو 4/1 يوم فأضافوا 4/1 يوم إلى طول السنة ليصبح 365 يومًا وربع. أي أضافوا يومًا كاملا لكل رابع سنة (كبيسة). وهكذا بدأت الأعياد تقع في موقعها الفلكي من حيث طول النهار والليل. شهور السنة القبطية: شهور السنة القبطية هي بالترتيب: توت، بابه، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس، بؤونة، أبيب، مسرى ثم الشهر الصغير (النسئ) وهو خمسة أيام فقط. (أو ستة أيام في السنة الكبيسة). ومازالت هذه الشهور مستخدمة في مصر ليس فقط على المستوى الكنسي بل على المستوى الشعبي أيضًا وخاصة في الزراعة
المزيد
14 سبتمبر 2019

ما هو عيد النيروز (رأس السنة القبطية)‏

بمناسبة رأس السنة القبطية معروف إنها سنه الشهداء –تقويم الشهداء – ولذلك نقول بارك إكليل السنة بصلاحك. سنتكلم عن إكليل الشهادة أو روح الاستشهاد. روح موجودة في الكتاب المقدس. موجودة في حياة المسيحيين بصفة عامه سواء استشهد هذا الإنسان أو لم يستشهد تبقى هذه الروح متأصلة فيه ويسلك بها مهما كانت الظروف.. ولو جاء وقت وعرض عليه الاستشهاد يتقدم للاستشهاد عن طيب قلب بفرح وشوق للأبدية يقول معلمنا بولس الرسول: "من سيفصلنا عن محبة المسيح أشده أم ضيق أم اضطهاد؟!".. عاوز يقول أنه لا شئ يفصلنا عن محبة المسيح فإني متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا.. تقدر أن تفصلنا عن محبة الله فهذه هي روح الاستشهاد مهما حدث لا يمكن أن تتزحزح محبته لربنا "لا موت ولا حياة".. يعني حتى لو وصلت إلي درجة الموت الذي هو الاستشهاد لا تفصله عن محبته التي في المسيح يسوع هذه هي روح آباؤنا..يقول "خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا ثقل مجد أبدي "وربنا قال "من وجد نفسه يضيعها ومن أضاع نفسه من أجلي يجدها الجسد يضمحل ويفني فسواء فني بالجهاد.. بالاستشهاد أو بالأمراض.. فالأفضل أن الإنسان يقدمه ذبيحة حيه لله بالجهاد والتفاني في خدمة الله ومحبته حتى الاستشهاد.. مثل معلمنا بولس الرسول يوصف الجهاد الكثير الذي قدمه من أجل الله" في الأتعاب أكثر في السجون أو في.. فموضوع الاستشهاد أو روح الاستشهاد بيكون يعيشها الإنسان المسيحي.. يعيشها الشهيد طوال حياته لكن لحظة الاستشهاد هي قمة الفرح والشهوة التي يتم فيها اشتياقات قلبه وهذا هو الوقت الذي يفرح فيه. إن طلبته إستجيبت مثلما ظهرت العذراء للقديس بستفروس وقالت له "طلبتك إستجيبت.. والملاك ميخائيل سيكون في حراستك حتى تنال إكليل الشهادة".. يبقى الإنسان مشتاق أن يخلع هذا الإنسان العتيق "لى اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذلك أفضل جداً "فيعيش الإنسان المسيحي في حياة جهاد روحي وضبط للنفس إلى أبعد الحدود وهذه توصله لحياة الاستشهاد وليس لحظة الاستشهاد. يبقى عايش حياة استشهاد تتكلل بيوم الاستشهاد أو لحظة الاستشهاد متكل في جهاده طبعاً على نعمة ربنا وعايش حياة تسليم لمشيئة ربنا. من الحاجات الجميلة التي كان يعيشها آباؤنا أنهم كانوا عايشين حياة شكر..حياة الشكر ممكن تكون حياة استشهاد أيضاً لأن الإنسان لما يشكر وهو في الضيق يحسب له إكليل شهادة. يعنى ترى واحد مثل يوسف الصديق وهو ذاهب يخدم إخوته ويحمل لهم الطعام مبتهج وفرحان إنه سيقابل إخوته ويقدم لهم الأكل فيجد صدمة قوية.. هذا هو صاحب الأحلام يرموه في البئر ثم يبيعوه للإسماعيليين.. قاسيه. قاسيه جداً ويتحملها وجُرح في بيت أحبائه.. جُرح من اخوته ويوسف كان شاكر ربنا ثم دخل فى مرحله أصعب دخل في اتهام صعب جدا.. ورغم هذا لم يحصل على براءة وقتها بل دخل السجن واحد يقول ده جزاؤه واحد يمشى مع ربنا ويبقى أمين.. ولم يعمل خطيه.. ويترمى فى السجن! تلاقى ربنا يحّوش له المجد بتاعه.. تقول دى روح استشهاد ولا حاجه تانى.. يتحمّل وبشكر. تعرف مقدار الشكر الذي عاشه يوسف تراه لما قابل إخوته فى المرة الأولى والثانية وبعد نياحة أبوه هذا أقوى كثيراً.. إخوته خايفين ولكن لأن يوسف كان عايش حياة شكر وحياة استشهاد يقول أنتم قصدتم بى شراً ولكنّ الله قصد بى خيراً.. وبهذه الروح.. بروح الاستشهاد عال اخوته وكل الذين خرجوا من إسرائيل وكل من ولدوا أيضا في مصر واحد مثل أيوب كان عايش حياة شكر.. والشيطان لم يعجبه حياة الشكر التي يعيشها أيوب.. فبدأ يحتال على أيوب لكي يخرجه من حياة التسليم والسلام والهدوء كان دائم الشكر لربنا ويقول "الرب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركاً"، "الخير من الرب نقبل والشر لا نقبل" لو دخلنا في تاريخ الكنيسة نجد نماذج كثيرة جداً من حياة الاستشهاد حتى ولو بدون سفك دم يعنى آباء البريه بدون استثناء نجدهم عاشوا حياة استشهاد قويه واحد مثل الأنبا أنطونيوس أو الأنبا بولا فرحوا وتركوا كل شئ هذه كانت روح استشهاد مكسيموس ودوماديوس كان الأنبا مقاريوس يسميهما الشهيدان الصغيران والشهيدان الغريبان الأنبا بيشوي الذي هرب من الاستشهاد لأنه خايف أن الرجل الذي سيقتله يذهب إلى جهنم بسببه ولكن من الداخل يعيش حياة استشهاد؛ يعنى كونه يربط شعره في سقف القلايه وكلّما ينعس يتشد الشعر فيصحى تانى دى تسميها إيه؟ روح استشهاد قوية. ومع بداية سنة جديدة نقول له يارب هذا تقويم الشهداء وهذه سنة الشهداء اجعلنا نسلك بنفس روح آبائنا الشهداء وتكون هذه السنة سنة مقبولة. اتركها هذه السنة أيضاً لكيما نجاهد جهاداً قانونيا مثل جهاد آباؤنا الشهداء فنستحق أكاليل مقدسة مثلهم ربنا يعطينا يا أحبائي أن نجاهد لكي نستحق أن نُكلل مثلهم.1 لإلهنا كل مجد وكرامة إلى الأبد آمين. الأنبا ديميتريوس أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين
المزيد
13 سبتمبر 2019

دوافع الاستشهاد في المسيحية

لا يوجد في كل تاريخ البشرية شهداء مثل شهداء المسيحية، في حماسهم وشجاعتهم وإيمانهم ووداعتهم وصبرهم واحتمالهم فرحهم بالاستشهاد، فقد كانوا يقبلون الموت في فرح وهدوء ووداعة تذهل مضطهديهم.، ولقد قبل المؤمنون بالمسيح مبادئ روحية أساسية غيرت حياتهم الشخصية ومفاهيمهم ونظرتهم للحياة كلها وجعلتهم يقبلون الاستشهاد، فما هي؟ 1. أن هذا العالم وقتي بالقياس إلي الحياة الأبدية " لأن (الأشياء) التي تري وقتية وأما التي لا تري فأبدية ". 2. وأننا غرباء فيه.. "أطلب إليكم كغرباء ونزلاء..". 3. وأن العالم قد وضع في الشرير والحياة في حزن وألم وضيق " ستبكون وتنوحون والعالم يفرح". 4. وأن ضيقات وأحزان هذه الحياة تتحول إلي مجد عظيم في السماء " آلام هذا الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يعلن فينا". من أجل هذا زهدوا في العالم واشتهوا الانطلاق من الجسد لكي يكونوا مع المسيح، وقد فعلوا هذا عن محبة كاملة للرب مفضلين الرب عما سواه، وكانت حياتهم في الجسد حياة في العالم وليست للعالم. ونستطيع أن نميز ثلاث فئات من شهداء المسيحية من حيث دافع الاستشهاد: 1. شهداء من أجل ثباتهم علي الإيمان: وغالبية الشهداء تنتمي إلي هذه الفئة. 2. شهداء من أجل المحافظة علي العفة والطهارة 3. شهداء تمسكوا بالعقيدة حتى الموت. أنواع العذابات: في أيام الاضطهاد كان الوثني يوجه عبارة إلي المسيحي هي "لا حق لك في أن توجد" وهي تعبير عن مشاعر البغض والعداوة التي في نفوس الوثنيين من نحو المسيحيين والتي أفضت إلي أنواع من العذاب والأهوال لا نقدر أن نحصي عددها أو نصف أنواعها، وقد يكون مجرد ذكرها يسبب رعبا للإنسان. نفسية الشهيد وقت التعذيب كان غرض الحكام والولاة من تعذيب المسيحيين هو تحطيم شجاعتهم وإضعاف روحهم المعنوية، ولكن كان دائما يحدث العكس إذ كان التعذيب أداة لتحريكها وتقويتها وهذا أمر خارج حدود المنطق ويفوق الطبيعة ولكنه عمل النعمة داخل قلب الإنسان المؤمن التي تحول الحزن إلي فرح والضيق إلي تعزية، أما السبب في ذلك هو: المعونة الإلهية التي وعد بها الرب كل الذين يتألمون من أجله. تعاطف الكنيسة كلها مع المتقدمين للشهادة وتدعيمهم معنويًا وروحيًا. الإحساس بشرف التألم من أجل الإيمان. التطلع إلي المجد العظيم الذي ينتظر كل من يتألم من أجل الله. تشجيع الله لهم عن طريق الرؤى والظهورات. بطولة الشهداء أثناء محاكماتهم تتعجب إذ تري في المحاكم الرومانية منظر المسيحيين الأبرياء الضعفاء المسالمين وهم يقفون أمام أباطرة وحكام وقضاة وثنيين بما لهم من الجبروت والغطرسة والظلم وحولهم خصومًا من الدهماء يصيحون بعنف وكيف أن هؤلاء المسيحيون أقوياء معاندين أذلوا قضاتهم بعد أن فشلوا في إخضاعهم، كل هذا وهم في صبر مذهل واحتمال عجيب وإيمان لا يلين.. صورة إنجيلية فيها الكلمات وقد تحولت إلي أعمال حية وشهادة ناطقة وكان أول سؤال في المحاكمة هو "هل أنت مسيحي؟" وكان مجرد اسم "مسيحي" -في نظر الدولة الرومانية- في حد ذاته يحمل أبشع جريمة تلصق بصاحبها الشبهة بالعصيان وتدنيس المقدسات، وأما المسيحيون كان لهم ردا واحدا لا يتغير "أنا مسيحي" فيصيح الدهماء "الموت للمسيحي". فئات الشهداء عندما بدأت الاضطهادات تقدم المؤمنون من كل الفئات للشهادة، الأمراء والنبلاء والولاة والضباط والجنود في الجيش الروماني وأساقفة وقسوس وشمامسة ورهبان وراهبات وأطفال وصبيان وفتيات وأمهات وشباب وأراخنة وفلاحين وعبيد وإماء وفلاسفة وعلماء وسحرة وكهنة أوثان أفراد وجماعات. حقيقة الاستشهاد في المسيحية ما هي حقيقة الاستشهاد في المسيحية؟ هل كان نوعًا من الجنون والجهل والحماقة؟ أم كان نوعا من الهروب من الحياة أو الانتحار تحت ظروف قاسية؟ بالطبع لم يكن هذا كله بل كان ثقل مجد لأولئك الشهداء وللمسيحية. فماذا كان الاستشهاد في المسيحية؟ كان شهوة: حتى أن البعض عندما أتيحت لهم فرصة الهروب من الموت رفضوا وثبتوا. كان شجاعة: شجاعة الفضيلة، لم يكن رعونة بل شجاعة لم يألفها العالم القديم بدكتاتورية حكامه وإجاباتهم نغمة جديدة علي سمع العالم وقتذاك. كان كرازة: فقد انتشر الإيمان بالاستشهاد أكثر من التعليم، ودماء الشهداء روت بذار الإيمان . كان دليلا علي صدق الإيمان بالمسيح: فقد أنتصر الإيمان بالمسيح علي أعدائه بالقوة الأدبية الروحية وحدها وليس بقوة مادية كان برهانا علي الفضائل المسيحية: في أشخاص شهداء المسيحية تجلت الفضائل المسيحية ولم تنجح الشدائد أن تجعلهم يتخلون عنها ومنها: الثبات والاحتمال والوداعة ومحبة الأعداء والعفة والطهارة والزهد في العالم والحنين إلي السماويات. مكانة الشهداء في الكنيسة الكنيسة تتشفع بالشهداء وهذه عقيدة إيمانية إنجيلية تمارسها الكنيسة الجامعة من البداية، وفي طقس الكنيسة تذكرهم الكنيسة في التسبحة و السنكسار cuna[arion و الدفنار وفي تحليل الكهنة في صلاة نصف الليل وفي صلاة رفع بخور عشية وباكر وفي القداس، وتحتفظ الكنيسة برفات الشهداء وتضع أيقوناتهم وتحتفل بتذكار استشهادهم سنويًا. نيافة المتنيح الحبر الجليل الأنبا يوأنس أسقف الغربية
المزيد
12 سبتمبر 2019

النيروز ( رأس السنة القبطية للشهداء )

في هذا اليوم تعيد الكنيسة برأس السنة القبطية للشهداء ويسمى النيروز وهي كلمة فارسية معناها اليوم الجديد . وفيه تقام الاحتفالات تكريما لشهداء المسيحية وتخليدا لذكراهم وتبركا بحياتهم . إيمانا من الكنيسة والمؤمنين بفاعلية صلواتهم وطلباتهم . وقد بدأ تقويم الشهداء في بداية حكم الإمبراطور دقلديانوس سنة 284م والكنيسة تقدم لأبنائها تاريخ المسيحية المبكرة في أبهي صورة . حينما قدم المسيحيون ذواتهم في عهد ذلك الإمبراطور . نماذج للحب والبذل والأيمان والاحتمال ومحبة الأعداء بل ان الكنيسة تقدم قصة الكرازة بالإنجيل للعالم أجمع وللخليقة كلها وهي بذلك تعلم ان الإيمان المسيحي في طوره المبكر حفظ وانتشر بسفك دماء الشهداء والقدوة أكثر من انتشاره بالوعظ والتعليم . فلنحفظه يومًا مقدسا بكل طهر ونقاوة ، ولنبتعد عن الأعمال المرذولة ، ولنبدأ سيرة جديدة مرضية . كما يقول الرسول بولس ان كل شئ قد تجدد بالمسيح . الأشياء القديمة قد مضت . هوذا أشياء جديدة قد صارت . وكل شئ هو من قبل الله . هذا الذي رضي عنا بالمسيح . وأعطانا خدمة المصالحة (2كوه : 17 - 18 ) وقال إشعياء النبي "روح السيد الرب على لان الرب مسحني لأبشر المساكين ، أرسلني لأعصب منكسري القلب لأنادي للمسبيين بالعتق و للمأسورين بالإطلاق (اش 61 : 1) ، وقال داود النبي "بارك رأس السنة بصلاحك . تمتلئ بقاعكم دسما (مز65 : 11) . فلنطلب من الرب ان يحفظنا بغير خطية ويساعدنا على العمل بمرضاته . بشفاعة القديسة مريم العذراء وجميع الشهداء والقديسين . آمين .
المزيد
11 سبتمبر 2019

فلنضيء الشموع أمام صور الشهداء

من بركة الله علي البشر أنه منحهم أعيادًا.. فقد ورد في سفر اللاويين قائمة بأعياد كثيرة (لا 23). وجعل هذه الأعياد أيام فرح ومحافل مقدسة.. عملًا من الأعمال لا يعملون فيها. إنها أيام تفرغ للرب واعتكاف (لا 23: 36)، يقدمون فيها وقودًا للرب، وقرابين، وذبائح ومحرقات.. ويقدمون عطاياهم ونذورهم.. إن الله يريد لأولاده أن يفرحوا، ولكن فرحًا مقدسًا. لذلك عندما خلق الله الإنسان، خلقه في جنة، لكي يحيا في فرح.. وكذلك في الأبدية، سيجعله أيضًا في فرح، في النعيم الأبدي.. وعلي الأرض أيضًا، يقول الكتاب "أفرحوا في الرب كل حين وأقول أيضًا أفرحوا" (رسالة فيلبي 4:4). وجعله أولى ثمار الروح "محبة وفرح وسلام" (رسالة غلاطية 5: 22).. ووضع للمؤمنين أعيادًا للفرح، تكون محافل مقدسة.. وجعل الرب هذه الأعياد أيام راحة، وأيام تلاقٍ. يتفرغون فيها من تعب العالم ومشاغله ومشاقه، ويلتقون معًا في محافل، في شعور بالمودة والارتباط. وكانت الراحة أول ما وهبه الله للناس بعد الخليقة.. فيقدسون يومًا للرب، أي يخصصونه له، ويصبح يومًا للراحة والعبادة (لاويين 23: 1-3). وجعل الرب الأعياد مصحوبة بذكريات هامة ومقدسة. وفي العهد الجديد منحنا الرب أيضًا أعيادًا لكل منها ذكرياته. ومن الصالح للإنسان أن يتذكر تلك المناسبات. فنذكر ميلاد السيد الذي كان بداية لقصة الخلاص، ونذكر ما فيه من حب، ومن تواضع وإخلاء للذات.. وأعطتنا الكنيسة أن نعيد في عيد الغطاس. فنذكر المعمودية وأهميتها، ونذكر معمودية التوبة. كما نذكر الظهور الإلهي وعقيدة التثليث، ونذكر أيضًا يوحنا المعمدان. وتشبع نفوسنا بالذكريات المقدسة، ونأخذ ما فيها من معانٍ روحية ومن عظات، ومن قدوة صالحة لنفوسنا. ولو نسينا كل هذه الذكريات، لخسرنا الكثير. فهي ليست أيامًا للفرح العالمي، وللهو، ولمجرد الإفطار وتغيير الطعام، والفرح مع أصحابنا بمستوى علماني!! كلا، إنما نتذكر باستمرار أن الأعياد أيام مقدسة. و اليوم هو عيد النيروز (رأس السنة القبطية) ذكري شهداء الأيمان. وفي هذه الذكري العطرة تضاء الشموع بصفه خاصة أمام أيقونات الشهداء والقديسين. حقا تضاء كل يوم. ولكننا اليوم نتأمل في ذكراهم. حين نوقد الشموع أمام صورة العذراء والشهداء والقديسين نأخذ من الشمعة ما يذكرنا بهم؛ إذ أن الشمعة تحترق لكي تنير للآخرين وتذوب وقد تنصهر لكي يظهر ضوءها في غسق الدُجى. والعذراء والشهداء والقديسون احترقوا وأحرقوا ذواتهم لكي ينيروا لنا الطريق، فهذا الطقس هو لتكريم سيرة هؤلاء الشهداء والقديسين. ويذكر تاريخ الباباوات عن البابا سرجيوس الأول انه في يوم 2 فبراير سنة 687 م. رتب عيدا للقديس سمعان الشيخ وكانت تقدم فيه الشموع بكثرة حتى سمي بعد ذلك بعيد الشموع. ومما يلفت نظر العابد في عبادته أن الشموع تضاء ليس في الليل بل في النهار وتستخدم في وسط الأنوار الكثيرة الكهربائية وكان معروفا في الطقس الكنسي قديما أنه أثناء أيقاد الشموع والقناديل كانت تقال صلوات خاصة مثل "اجعل أيها الرب ظلمتي نورًا"، و"الرب نوري وخلاصي ممن أخاف".. و"أنر عيني لئلا أنام نوم الموت" إن الشمعة الموقدة أمام أيقونة السيد المسيح تعلن أنه نور العالم، والشمعة الموقدة أمام أيقونة العذراء تعلن أن هذه هي أم النور، والشمعة الموقدة أمام أيقونة القديس والشهيد تعلن أن هذا هو السراج المنير الموضوع على المنارة في أعلي البيت لكي يضئ لكل من فيه. فنحن نوقد الشموع كعلامة رمزية لإشعالنا بغيرة قداستهم وحبهم وتقديم أية ملموسة من آيات التكريم والوفاء والتسبيح الصامت والشكر على ما يقدمونه نحونا أمام المنبر السماوي حسن أن نوقد الشموع أمام الأيقونات لكن يجب أن يكون ذلك مقترنا بغيرة القلب واشتعاله بالقداسة كالشمعة التي تلتهب لتضئ فتقدم الشموع أمام الأيقونات توسلا أن تكون حياتنا منيرة متشبهين بالعذارى الحكيمات ذوات المصابيح المضيئة ومتممين وصية الرب أن تكون سرجنا موقدة لتحفزنا على الصلاة والسهر. وحينما أثبت الشمعة في موضعها فستظل تشتعل وتضئ. أود من كل نفسي أن أدوم هكذا منيرًا لمن حولي. هذا هو شعوري حينما أقدم شمعة واثقًا حتما أنني سأنال نعمة ومعونة بشفاعة هؤلاء القديسين. وهناك العديد من القيم الروحية في الشمعة فهي تعطينا فكرة عن نور المعرفة والمواهب الإلهية التي تأتينا من فوق "لتكن أحقاءوكم ممنطقة وسرجكم موقدة". وكما أن الشمعة مادة كثيفة ليست من طبيعتها إعطاء نور لكنها عندما تتلامس مع النار تضئ وتستمر مضيئة كذلك القديسون فهم نور العالم، يستمدون نورهم من شمس البر فكلما اقترب الإنسان من فاديه الذي هو شمس البر أضاء كموسى. وكلما كان الوسط ظلاما ظهر فيه نور الشمعة بقوة أكثر مهما كانت الشمعة صغيرة وينتفع بنورها الكثيرون، وهكذا القديسون في وسط ظلام هذا العالم يضيئون كالكواكب في ملكوت أبيهم. وكما أن الحرارة تذيب الشمعة إلا أنها تقسي الطين.. هكذا يكون تلين قلب الإنسان الروحي وتصلب قلب الشرير. كما أن الشمعة مضيئة ومحرقة فكما تضئ قد تحرق.. والقديسون أيضًا يقدمون القدوة الصالحة لنا ولكنهم سيشهدون على دينونتنا. وتعطينا الشمعة مثلا في الجهاد حتى النهاية و في الشمعة معني التضحية بالنفس لأجل الآخرين فالقديسون يضحون بالنفس والنفيس فهم نور العالم وهم ملح الأرض والملح يذوب ليعطى طعما وملوحة للآخرين. والكنيسة إذ تضع الشموع أمام الأيقونات المقدسة وذخائر القديسين لأنهم بمثابة أنوار تضئ الطريق للكنيسة المجاهدة ونجوم تتألق في سماء المجد. المتنيح القمص مرقس عزيزكاهن كنيسة المعلقة، مصر القديمة
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل