المقالات
10 أغسطس 2024
إنجيل عشية الأحد الأول من شهر مسرى ( مر ٦ : ٤٥ - ٥٦ )
"وللوقت ألزم تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوا إلى العبر، إلَى بَيْتِ صَيدا، حتى يكون قد صَرَفَ الجمع. وبَعدَما وَدَّعَهُمْ مَضَى إِلَى الجَبَلِ لِيُصَلِّي. " وَلَمَّا صَارَ المساء كانت السفينة في وسط البحر، وهو على البر وحده. ورَاهُمْ مُعَذِّبِينَ في الجَذفِ ، لأنَّ الرِّيحَ كانتْ ضِدَّهُمْ. ونحوَ الهَزِيعِ الرّابع مِنَ اللَّيْلِ أَتاهُمْ ماشيًا على البحر، وأراد أن يتجاوَزَهُمْ. فَلَمَّا رَأَوْهُ ماشيًا على البحر ظَنّوهُ خيالاً، فصرخوا . لأنَّ الجميع رأَوْهُ واصْطَرَبوا . فللوقتِ كَلَّمَهُمْ وقال لهم : ثقوا ! أنا هو. لا تخافوا. فَصَعِدَ إِلَيْهِمْ إِلَى السَّفِينَةِ فسكنت الريح، فبهتوا وتعجبوا في أَنفُسِهِمْ جِدًّا إِلَى الغَايَةِ، ٥٢ لأَنَّهُمْ لم يفهموا بالأرغِفَةِ إذ كانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً. فَلَمَّا عبروا جاءوا إلى أرض جَنِّيسارَت وأرسوا ولما خرجوا مِنَ السَّفِينَةِ للوقت عرفوه. فطافوا جميع تلك الكورةِ المُحيطة، وابتدأوا يَحْمِلُونَ المَرْضَى علَى أَسِرَّةٍ إِلَى حَيثُ سمِعوا أَنَّهُ هناك. وحيثما دَخَلَ إِلَى قُرى أو مُدْنٍ أو ضياع، وضعوا المرضى في الأسواق، وطلبوا إليهِ أَنْ يَلمسوا ولو هدبَ ثَوْبِهِ. وَكُلُّ مَنْ لَمَسَهُ شُفِيَ "
مضى إلى الجبل ليُصلّي:
أدخل المسيح طبيعتنا إلى مجد الوجود مع الله وهي الصلاة كما لم تعرفها طبيعتنا البشرية منذ أيام سقطتنا من رتبتنا الأولى ونحن بعد في صلب أبينا الأول، لأنه مكتوب: "كما في آدم يموت الجميع كذلك في المسيح سيحيا الجميع".
متنا في آدم وقمنا وحيينا في المسيح.
ولكن ما هي الحياة في المسيح؟.
هي حياة الله فينا ،وحياتنا في الله لأنكم قد متم وحياتكم مستترة مع المسيح في الله هذه هي الحياة الجديدة وعلامتها الظاهرة هي الصلاة المسيح له المجد صالحنا مع الآب وصار لنا به جرأة ودالة وقدوم لدى الآب "الأب نفسه يحبكم" هذه هي صلاة المسيح بنا وتقديمنا إلى الآب في شخصه "هاأنذا والأولاد الذين أعطانيهم الرب". أما كون الصلاة كما سلمها لنا المسيح عمليا في ذاته كانت وهو منفرد فهذا سر الحب الأعظم!!
ادخل مخدعك - كأنه مخدع زيجة روحية في الاتحاد بالله والالتصاق به بعيدًا عن كل عين وكل ما يشغل البال هناك نتنعم بحب الذي أحبنا حتى الموت وأحبنا فضلاً وليس لأحد حب أعظم من هذا لذلك لزم أن تكون الصلاة التي فيها المناجاة والعشرة الحلوة على جبل الانفراد مكان خلاء أخرج بها إلى البرية وهناك أتملقها كقول الرب بفم هوشع النبي" ذكرت لك غيرة صباك، محبة خطبتك، ذهابك ورائي في البرية"
كقول إرميا النبي.
الجبل ارتفاع واتساع، علو واتساع رؤيا بالنسبة لنا : الصلاة ترفع عقولنا وقلوبنا وأفكارنا إلى فوق الصلاة الحقيقية هي طلب ما فوق حيث المسيح جالس فوق كل مغريات كاذبة، فوق كل محبة الجسد وأهوائه، فوق كل صيت وغنى فوق كل رتبة ومركز ، فوق كل شهوة ورغبة، فوق كل جمال ورونق فوق فوق هذه هي صلاة هذا هو جبل الصلاة الذي نشتهي أن نحيا فيه مع المسيح وفي المسيح حيث النصرة على كل التجارب وكل حيل المجرب جيد يارب أن نكون ههنا.
لا حساب للزمن
هناك على جبل الصلاة لا تطاردنا المشغوليات ونطرح عن كاهلنا حمل المسئوليات ولا حساب للزمن، من يصعد على جبل الصلاة في المسيح يكون كمن وطأت قدماه أعتاب السماء، إنها عربون الأبدية، حيث لا زمن. المسيح غير الزمني غير المحدود يربطني بشخصه ومع الآب في الروح القدس يتوقف الزمن بالنسبة لي لا أشعر كم من الزمن عبر !! لا أدري هل هو اليوم أو الغد؟ لست أدري، كل ما أدري على الجبل هو يسوع وهو أمسي ويومي وغدي.
الصلاة هي قاعدة الخدمة وأساسها.
قبل أن يختار تلاميذه قضى الليل كله في الصلاة. وبعد أن أشبع الجموع صعد إلى الجبل وحده ليصلي. وبعد أن فرغ من الصلاة ذهب يخلص تلاميذه من لطمات الأمواج في النهار كان يعلم وفي الليل يمضي إلى الجبل وبعد خدمة السنين خدم خلاصنا بالصلاة في البستان وهل توجد خدمة بدون صلاة؟
ما هو سبب الضعف الشديد في الإيمان؟ إنه قلة الصلاة.
ما هو سبب ضعف الخدام وعدم قدرتهم على إنقاذ النفوس من الهلاك؟ إنه ضعف الصلاة أو قُل عدم الصلاة.
"علمنا أن نصلي":
كانت هذه هى طلبة الرسل الأطهار حينما رأوا الرب يسوع يُصلي إن ما رأوه في المسيح هو ما يجب أن تكون عليه الصلاة لأن يسوع هو المثال، مثال كمال طبيعتنا الجديدة المخلوقة فيه مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها" وقمة الأعمال الصالحة هي عمل الصلاة موسى لما دام في الصلاة وكان في حضرة القدير أربعين يوما، استضاء وجهه وصار منيرًا حتى لم يستطيع بنو إسرائيل النظر إلى وجهه، هذا هو مجد الصلاة الذي نضح على الجسد البالي، فكم تكون أرواحنا إذا اتحدت بالمسيح و دامت في الوجود في الله، كم يكون مجدها؟.
قال الرب للتلاميذ صلوا أنتم هكذا : "أبانا الذي في السموات" هكذا لا تعني الكلام فقط بل حالة الصلاة، ودالة البنين في صلاة أبانا بذات الدالة التي نلناها في المسيح نتقدم إلى الآب متى نجد مكانًا منفردًا ومتى نتعلم أن نغلق بابنا خلفنا ولا يتسرب العالم إلى مخدع الصلاة ويفسدها ومتى نكتفي وجودنا في المسيح عن كل ما دونه ومتى ندوم في الصلاة بلا حسابات وبلا قلق وبلا ملل؟ يارب علمنا أن نُصلي وعملنا أن نسهر في الصلاة أنت قابل الصلاة ومجيب الصلاة.
المتنيح القمص لوقا سيداروس
عن كتاب تأملات في أناجيل عشية الآحاد
المزيد
09 أغسطس 2024
نشكرك لأنك نعمة العضد
من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي "نشكرك" وحسب تقلید كنيستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي تفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات بعد أن تتلو الصلاة الربانية.
"يا الله إلهي أنت. إليك أبكر عطشت إليك نفسي يشتاق إليك جسدي في ارض ناشفة ويابسة بلا ماء، لكي أبصر فوتك ومجدك كما قد رأيتك في قدسك. لأن رحمتك أفضل من الحياة شفتاي تسبحانك هكذا أباركك في حياتي باسمك ارفع يدى كما من شحم ودسم تشبع نفسي وبشفتي الابتهاج يسبحك فمي إذا ذكرتك على فراشي، في السهد الهج بك، لأنك كنت عونا لي، وبظل جناحيك ابتهج التصقت نفسي بك. يمينك تعضدني أما الذين هم للتهلكة يطلبون نفسي، فيدخلون في أسافل الأرض يدفعون إلى يدى السيف. يكونون نصيباً لبنات أوى أما الملك فيفرح بالله يفتخر كل من يحلف به، لأن افواه المتكلمين بالكذب تسده" (مز ٦٣)
العضد هو الساعد وهي تعنى Support us، فالسيد المسيح صلب على الصليب وهو فاتح ذراعيه، لكي ما يذكرنا دائما انه يعضدنا، ومعلمنا داود النبي يرنم قائلاً "التصقت نفسي بك. يمينك تعضدني" (مز ٨:٦٣)، وكلمة التصقت هنا تمثل كل أوجه العبادة التي تتعلمها في كنيستنا مثل الصلاة في الأجبية أو حضور القداسات أو ممارسة الأسرار أو إلخ وكل هذا يمثل أشكالاً من الالتصاق بالله.
فئات من البشر يعضدها الله إن الله عندما يعضد البشر يعضدهم بأشكالاً كثيرة، وسنتأمل هنا في أربع فئات من البشر الله يعضدها وهم: الفئات الضعيفة جسدياً، والفئات الضعيفة اجتماعياً، والفئات الضعيفة روحيا، والابرار والصديقون أولاً: الفئات الضعيفة جسدياً.
هناك بعض البشر لهم ضعف جسدي معين سواء كان هذا الضعف مرضاً جسدياً أو نفسياً أو مرضاً صعباً أو سهلاً أو مرضاً عابراً.. أو مرضاً مزمنا .. الخ.ويقول الكتاب "طوبي للذي ينظر إلى المسكين في يوم الشر ينجيه الرب. الرب يحفظه ويحيبه يغتبط في الأرض. ولا يسلمه إلى مرام أعدائه الرب يعضده وهو على فراش الضعف. مهدت مضجعه كله في مرضه" (مز١:٤١-٣)وكلمة يعضده، تعنى يسنده، فقد يحتار الأطباء في علاج شخص ما. وفجاة ينال هذا المريض الشفاء بطريقة معجزية أو قد يتوقع الأطباء استمرار المرض لمدة طويلة، ولكن الله يتمجد وينال المريض الشفاء سريعاً بخلاف كل توقعات العلم! فمثلاً في العهد القديم، نقرأ عن حزقيا النبي الذي كان ملكاً على يهوذا، فيقول عنه الكتاب "التصق بالرب ولم يحد عنه، بل حفظ وصاياه التي أمر بها الرب موسى" (۲مل ٦:۱۸)، ولكنه في أحد الأيام تعرض لمرض شديد جداً، كاد أن يودى بحياته ولأن حزقيا كان ملكاً صالحاً، وصاحب أعمال جيدة في مملكته، وأيضاً كان لديه رغبة ملحة في أن يخدم الله أكثر وأكثر، لهذا وقف وصلى أمام الله قائلاً "اه يارب اذكر كيف سرت أمامك بالأمانة وبقلب فعلت الحسن في عينيك، وبكي حزقيا بكلء عظيما، (۲ مل ٣:٢٠).وهنا عضده الله، ولم يخرج إشعياء النبي من المدينة حتى أمره الرب بالعودة إلى حزقيا ليعلمه انه سيشفيه ويزيد على عمره ١٥ عاماً !! "قال الرب.. قد سمعت صلاتك. قد رأيت دموعك هانذا أشفيك في اليوم الثالث تصعد إلى بيت الرب وأزيد على أيامك خمس عشرة سنة (٢ مل ٥:٣٠-٦)، لقد أعطى الله حزقيا الملك الفرصة لكي ما يخدمه أكثر، كما اشتاق
في معجزة مريض بيت حسدا، الذي كان مطروحا على البركة ٣٨ عاماً، في حالة ميئوس منها حيث إن عضلات جسده كانت قد يبست وأصبحت عاجزة عن الحركة !! إلا أن السيد المسيح عندما رأه على هذا الحال قال له "أتريد أن تبرأ " (يو٦:٥)، وهذه هي الإرادة فقال له المريض" ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء بل بينما أنا ات ينزل قدامى آخر"( يوه : ٧)، وهنا عضده الرب فقال له: "قم. احمل سريرك وامش" (يو٨:٥)!!
وهنا لم يأمره الرب بالقيام فقط، لكنه أيضا أمره بحمل سريره وهذا يعنى أنه قام بصحة كاملة وجيدة، حيث إنه تمكن من حمل فراشه والسير به!! وهناك معجزات كثيرة صنعها السيد المسيح مع فئات المرضى، حيث كان عضدًا لهم وأحيانا يكون التعضيد في احتمال صليب المرض، فقد يصاب إنسان ما بمرض يستمر معه لمدة طويلة، وهنا يحتاج إلى يد الله التي تعضده وتعزيه، لذلك عند زيارة مثل هذا المريض تشعر بيد الله التي تعضده وتملأه بالرجاء، حتى إننا نتعجب من إيمان بعض المرضى !! فالله يعضد الضعفاء جسديا ونفسيا وأتذكر أنني في إحدى المرات ذهبت لزيارة فتاة مريضة بمرض صعب الشفاء، حيث كان عمرها قد قارب على الانتهاء، وكان عمر هذه الفتاة ٢٦ عامًا، وكانت تعمل في التمريض بالجيش بدرجة نقيب !! ودار بيننا حوار لطيف، وفى النهاية سألتها عما تقرأ ؟!! فأجابت بالتأكيد أقرأ في سفر الرؤيا، لكي ما أستعد للأبدية، وبالفعل بعد ١١ يوما سافرت هذه الفتاة إلى السماء وأنا لا أنسى ابتسامتها ورجاءها، حتى في قراءتها لسفر الرؤيا كانت تقرأه باستمتاع فقد قامت برسم كروكي لكل أحداث ورؤى هذا السفر، وكانت جميع هذه الرسومات مليئة بالفرح والرجاء، وتبين مدى تعضيد الله لها في مرضها .
ثانيا: الفئات الضعيفة اجتماعيا
في كل مجتمع يوجد طائفة من المستضعفين والمهمشين والذين لا صوت لهم والذين يعيشون على هامش الحياة ولكن أخطر الفئات المستضعفة اجتماعيا، هي فئات اليتامى والأرامل، ولذلك قال الله عن نفسه أبو اليتامى وقاضي الأرامل، كما يعلمنا الكتاب "الرب يحفظ الغرباء. يعضد اليتيم والأرملة (مز ٩:١٤٦) قديماً، لم يكن هناك قوانين التأمينات والمعاشات والوحدات الصحية وبيوت ضيافة الأطفال، لكن كان يوجد الله الذي يعمل وما زال يعمل حتى الآن، وبالرغم من الانتشار الواسع للعمل الاجتماعي في خدمة اليتامى والأرامل، إلا أنهم مازالوا من الفئات المستضعفة على مستوى أي مجتمع ويحتاجون دائما إلى الأمانة في الرعاية ونذكر هنا مثالاً من العهد القديم، وهو أرملة صرفة صيدا وكيف عضدها الله في المجاعة، وأعطاها أيضا بركة خدمة إيليا النبي !! فهذه الأرملة لم يكن لديها سوى كمية قليلة من الزيت والدقيق !! ولكنها بالأمانة وبالقليل الذي لديها، عضدها الله وحفظها في أيام المجاعة هي وابنها، إلى جانب بركة خدمة نبي الله إيليا !! وكما قال الكتاب: "لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل: إن كوار الدقيق لا يفرغ، وكوز الزيت لا ينقص إلى اليوم الذي فيه يعطى الرب مطرًا على وجه الأرض" (۱مل ١٤:١٧)، وهذه القصة تعطى لنا مثالاً بسيطاً عن كيف أن هذه الأرملة أو هذا اليتيم، من الممكن أن يكون له علاقة قوية بالله، وأن الله من خلال أمانتهم يستطيع أن يخدم أشخاصاً كثيرين. أما في العهد الجديد فنذكر على سبيل المثال: قصة أرملة نايين، فهي أرملة وحيدة ليس لها سند أو دخل، ولديها ابن وحيد وضعت فيه كل رجائها ومستقبلها وحاضرها، وكأن هذه الأرملة وابنها يعيشان بقلب واحد !! ولكن الله سمح بتجربة قاسية لهذه الأرملة، وهي أن وحيدها يموت!! وهنا تحنن الله عليها ولم يتركها لحزنها فيقول الكتاب" فلما رآها الرب تحنن عليها وقال لها : لا تبكى. ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون. فقال: أيها الشاب، لك أقول: قم. فجلس الميت وابتدأ يتكلم، فدفعه إلى أمه" (لو ۷: ۱۳-١٥). فاعلم أيها الحبيب، أنه لا تستطيع الكلمات البشرية، أن تعضد إنسانا حزيناً أو متألماً أو مجروحاً أو في تجربة ما إلخ لكن الله وحده هو من يستطيع تعضيد الإنسان، وذلك من خلال آيات وعبارات الكتاب المقدس، ولذلك نوصى دائما أي إنسان يتعرض لتجربة، أن يستلهم تعزيته من كلمات الكتاب وقصصه وأحداثه، وكلمات سفر المزامير تساعد كثيرا في هذه التعزية.
ثالثاً : الفئات الضعيفة روحيا :
المقصود بهذه الفئة هو الإنسان الساقط في الخطية، سواء كانت هذه الخطية صغيرة أو كبيرة، وكنيستنا تعلمنا دائما أن يكون لنا علاقة قوية بالله، وذلك من خلال الوسائط الروحية المختلفة، لكي ما نكتسب قوة روحية تحمينا من السقوط وإن سقطنا نقوم سريعا، وإن قمنا فعلينا تقديم التوبة. لكن هناك من يسقط بسبب ضعف إرادته!! وحتى في هذا الله يعضده كما يعلمنا الكتاب: "الرب عاضد كل الساقطين، ومقوم كل المنحنين"( مز ١٤:١٤٥ ) ، وعبارة «مقوم كل المنحنين» تعنى من لم يسقط بعد، لكنه في الطريق إلى السقوط، وهذا أيضا الله يسرع لنجدته، فالله لا ينتظر من الإنسان أكثر من طلب المساعدة!!
ويقول أيضا "الرب رحيم ورؤوف طويل الروح، وكثير الرحمة. لا يحاكم إلى الأبد .. لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب أثامنا .. كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه. لأنه يعرف جبلتنا . يذكر أننا تراب نحن"(مز ٨:١٠٣-١٤) والساقطون عبر التاريخ كثيرون جدا،لكن يمكننا أن نقف قليلاً عند سقطة داود النبي، وكيف أن هذه القامة الروحية وهذا النبي العظيم سقط؟!! يقول الكتاب :فقال داود لناثان قد أخطأت إلى الرب.فقال ناثان لداود الرب أيضا قد نقل عنك خطيتك. لا تموت» (۲ صم ۱۳:۱۲) وهذا هو أسلوب الله فهو دائما ما يعضد الخطاة، وقد نتساءل كيف إنسان كان في عمق الشر، يصبح في عمق النقاوة، مثل القديس موسى الأسود والقديسة مريم المصرية. والقديسة بائيسة وغيرهم كثيرين؟!!
إن ما يحدث لهؤلاء القديسين، لهو شيء لا يرى بالعين المجردة، لكنه ذراع الله الممدودة على الصليب، نحو كل هذه النفوس الساقطة لكى ما تقوم، وتجد نفسها في حياة جديدة وهي حياة التوبة ويقول الكتاب: :إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (١ يو٩:١).
ومن أمثلة الكتاب المقدس على ذلك:
قصة الابن الضال الذي عاش في بيت أبيه متذمرا ، فتعامل مع أبيه بكل جفاء حتى إنه أخذ نصيبه من الميراث ورحل مع أصدقائه!! ثم بعد أن نفدت أمواله بدأ فى الانحدار حتى وصل إلى القاع عند الخنازير !! وهنا جلس إلى نفسه، واكتشف أنه يموت جوعًا ، بينما أقل عبد في بيت أبيه يعيش أفضل منه !! وعلى هذا، فكر في الرجوع إلى بيت أبيه، وبدأ في وضع سيناريو لمقابلة أبيه، فقال أقول لأبي: "يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك، ولست متسحقاً بعد أن أدعى لك ابنا بل أجعلني كأحد أجراك" (لو ۱۸:۱۵-۱۹). وكان من الممكن أن يكتفى بهذا السيناريو، ولا يرجع لبيت أبيه، ولكنه كان له الإرادة القوية التي جعلته ينفذ ما فكر فيه، ولأنه كان صادقا وأمينا في توبته ورغبته ورجائه، مد له الله يمينه وعضده، وبالفعل قام وذهب إلى أبيه يقول الكتاب: "فقام وجاء إلى أبيه" فهذا الابن الشاطر لم يعط نفسه وقتًا للتراجع، فقام في الحال بدون أي تأجيل أو كسل، وبالتأكيد هذا تصرف إنسان سلم إرادته لله.. والله وهو الذي أكمل المشوار. وقد وجد هذا الابن الضال أحضان أبيه مفتوحة له مع كل الفرح... والعجل المسمن.. والخاتم والحذاء... والحلة الأولى .. كما قال الكتاب: "كان ينبغى أن نفرح ونسر، لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش، وكان ضالاً فوجد "(لو ٣٢:١٥).
وينطبق هذا أيضا على المرأة السامرية وكيف أنها كانت ساقطة روحياً، والله نهض بها إلى أن صارت قديسة.
رابعاً: الصديقون والأبرار
الله يعضد الصديقين والأبرار لأنهم فئات ضعيفة، أو بمعنى أدق لأنهم فئات متضعة مثل أمنا العذراء التي قالت في تسبحتها : "أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين" (لو ٥٢:١)، فالله يعضد هذه الفئات ويقويها، ونجد هذا كثيراً في سير القديسين، فالله يشدد هؤلاء القديسين في حياتهم وخدمتهم. وقد نجد أحياناً قديساً بلا إمكانيات مثل مار مرقس الرسول عند مجيئه إلى أرض مصر !! كان بلا أية إمكانيات.. لم يكن لديه مال.. أو معارف.. أو أي شيء!! لكن الله عضده وكان هو البذرة الأولى لتقديم الإيمان المسيحي في كل أرض مصر!!
أمثلة لتعضيد الله من الكتاب المقدس
عضد الله موسى النبي طوال مسيرة حياته على الأرض، وعلى سبيل المثال: عندما طلب الله من موسى قيادة شعب بني إسرائيل في الخروج من مصر، اعتذر وقال إنه ثقيل الفم واللسان!!
"فقال موسى للرب استمع أيها السيد لست أنا صاحب كلام منذ أمس ولا أول من أمس، ولا من حين كلمت عبدك، بل أنا ثقيل الفم واللسان" (خر١٠:٤) وهنا طمأنه الرب وقال له: «من صنع للإنسان فماً؟ أو من يصنع أخرس أو أصم أو بصيراً أو أعمى؟ أما هو أنا الرب؟ فالآن اذهب وأنا أكون مع فمك وأعلمك ما تتكلم به» (خر٤: ۱۱-۱۲). وبالفعل بدأ موسى يطيع ويدخل إلى فرعون، ويطلب منه إطلاق شعب إسرائيل وفرعون يرفض.. فيعضد الله موسى.. ثم يعود فرعون للعناد .. وهكذا كما ورد في قصة الخروج (خر ٤-١٥). فالله عضد موسى صاحب اللسان الضعيف، لأنه اعترف بضعفه، وعندما يعترف الإنسان بضعفه أمام الله في مسيرة حياته الروحية الله يعضده، فالله مستعد دائماً لمساعدة كل من يطلبه لذلك اجعل أمامك دائماً صورة ذراع المسيح الممدودة على الصليب، وتأكد أنه مازال فاتحاً ذراعيه لكل أحد .
عضد الآباء الرسل، بالرغم من أهم كانوا ذوى إمكانيات ضعيفة جداً !! ما بين صيادين للسمك وعشارين!! ولكن بتعضيد الله لهم فتنوا المسكونة كلها بكرازتهم!! ومن خلال ۱۲ تلميذاً و ٧٠ رسولاً والقديس بولس الرسول، وصل الإيمان المسيحى لكل إنسان في العالم...
عضد بطرس الصياد البسيط، فأمن على يديه في عظة واحدة ثلاثة آلاف نفس، كما ذكر الكتاب: "فوقف بطرس. ورفع صوته وقال لهم.. فقبلوا كلامه بفرح، واعتمدوا ، وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس"(أع ٤١:٢).
عضد الآباء الرسل بصنع المعجزات، وأعطاهم سلطاناً على الأرواح النجسة، كما قال الكتاب "ها أنا أعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو، ولا يضركم شيء"(لو ۱۹:۱۰)، والله الذي صنع في القديم هذا، يستطيع أن يصنع نفس الأمر في كل زمان.. وفي كل جيل...
عضد بولس الرسول وهو في السلاسل ويحاكم وأعطاه فما وحكمة حتى أن أغربياس الملك يقول له" بقليل تقنعنى أن أصير مسيحياً" (أع ٢٨:٢٦) وهنا أجابه بولس: «كنت أصلى إلى الله أنه بقليل وبكثير، ليس أنت فقط، بل أيضاً جميع الذين يسمعونني اليوم يصيرون هكذا كما أنا ما خلا هذه
القيود» (أع ٢٩:٢٦).
الخلاصة:
"التصقت نفسي بك. يمينك تعضدني"(مز ٨:٦٣) انظر إلى يدى المسيح الممدودة عى عود الصليب، وممدودة نحوك لتعرف أن المسيح يشاركك ويعضدك وعندما تقف للصلاة، صل قائلاً: «نشكرك يارب لأنك عضدتنا ».
قداسة البابا تواضروس الثاني
عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد
08 أغسطس 2024
بدعة أفلوطين
الأفلاطونية الجديدة
ماخوذه من الفلسفات اليونانية القديمة مثل الأفلاطونية (Platonism). واعتبار أن اللوغوس إله، ولكنه إله مخلوق وليس من جوهر الآب. وإنه كائن وسيط بين الله الإله الحقيقى (الآب) وبين العالم المخلوق لأنه لا يليق أن يتصل الله بالخليقة ووجد بعض الناس في طيماوس لأفلاطون قوتاً قامت به أنفسهم فانتعشت. فأكدوا قوله بالواحد الأوحد. وقالوا بالثنائية الأفلاطونية ففرقوا بين النفس والجسد. وجعلوا من أسطورة أفلاطون في الحياة بعد الموت عقيدة وتقبلوا نظريته في الوسطاء بين الله والبشر. وأكدوا أن رائد الإنسان إنما هو أن يصير مشابهاً لله. فظهرت في مصر وسورية أفلاطونية جديدة كان لها شأن كبير في عالم الفكر حتى أواخر القرن الخامس.
أفلوطين: أشهر المؤسسين في هذا الحقل. ولد في مصر في ليقوبولس في سنة 204. وبدأ دروسه الفلسفية في سن الثامنة والعشرين في مدينة الإسكندرية. ولكن ما لقيه في هذه الدروس خيّب أمله. واعترف بذلك إلى أحد أصدقائه فقدمه هذا فوراً إلى أمونيوس سكاس. فعادت رغبته إليه. وبعد أن قضى إحدى عشر سنة في معية هذا المعلم علم أن الأمبراطور غورديانوس فتح أبواب هيكل يانوس في رومة ليعلن الحرب على ساسان. فصمم الفيلسوف الطالب على الالتحاق بهذه الحملة العسكرية ليسمع عن حكمة الفرس والهنود. والتحق بجيش غورديانوس ووصل معه إلى الفرات. ثم تمرد الجند واغتالوا الأمبراطور عند الصالحية فعاد أفلوطين إلى أنطاكية (244) وزار أبامية ليطلع عن كثب على فلسفة نوميانوس. ثم توجه من أنطاكية إلى رومة وبدأ يعلم فيها. وتميز بسمو أخلاقه ونفاذ بصيرته فصادف نجاحاً وأقبل على الأخذ عنه عدد من أفراد الأسر العالية وكثر عدد طلابه وتنوعوا. وعارضه بعضهم واتهموه بانتحال نومانيوس فردّ أميليوس برسالة يبين فيه الفرق بين الاثنين. وجرؤ آخرون من طلابه الغنوسيين المسيحيين على أفلاطون نفسه فقالوا أنه لم يستبطن كنه الماهية المعقولة. فثارت ثائرة أستاذهم ورد عليهم في سنة 264 برسالة سجل فيها موقفه من هؤلاء المسيحيين وانتقدهم في رأيهم في العالم والإنسان والخلاص. واتهمهم باستنباط أشياء لا تمت بصلة للثقافة اليونانية القديمة.
فقد جاء في الفصل الثامن من الرسالة: "بأن التساؤل عن سبب وجود العالم يعني التساؤل عن سبب وجود النفس وعن سبب إنتاج الإله الخالق الذميورغوس. وهذا التساؤل يعني بدوره الاعتراف ببداية الذي كان موجوداً دائماً. وهذا الاعتراف يعني بالتالي أن هذا الذي كان دائماً موجوداً قد أصبح سبب وجود نتاجه بعد أن تغير هو نفسه وتطور أي أنه قد لحقه التغير والتحول، وهو ممتنع" ومما قاله أفلوطين في رسالته هذه أن هؤلاء يعتبرون أنفسهم موضوع عناية خاصة وينسون أن هذه العناية كلية جامعة تشمل جميع الكائنات وتسهر على الكل لا البعض فقط والدليل على ذلك هو الوجود نفسه المرفق بالحكمة وأخذ أفلوطين على هؤلاء -المسيحيين الغنوسيين- أيضاً أنه لم يكن لديهم رأي واضح في الفضيلة وأنهم تجاهلوا آراء القدماء في هذا الموضوع فأهملوا النظر في كيفية اكتساب الفضيلة وكيفية ابراء النفوس وتطهيرها.
المزيد
07 أغسطس 2024
لقاءات القديسين
بمناسبة صوم العذراء ،أود أن نتأمل معاً في درس روحي نتعلمه من حياتها من الأحداث الهامة فى حياة العذراء زيارتها لاليصابات نريد أن نأخذ من هذا اللقاء الروحي العجيب بين القديسة العذراء والقديسة اليصابات درساً عن لقاءات القديسين .
لقاءات القديسين
دروس من مقابلة العذراء الأليصابات :
1- اول ما يتميز به هذا اللقاء ، ما ظهر فيه من روح الخدمة:
حالما سمعت العذراء بأن اليصابات حبلى في شيخوختها ، أسرعت لتخدمها ، لأنها شعرت أن هذه العجوز القديسة في حاجة إلى من يقف إلى جوارها وهكذا ظلت معها حتى ولدت وبذلت العذراء ما تستطيعه لتخدمها ، وبقيت إلى جوارها ثلاثة أشهر .
٢- نرى في هذا اللقاء أيضاً روح الاتضاع ، من الجانبين :
اتضاع من أم المخلص ، التي لم يرتفع قلبها بظهور الملاك لها ، و ببشرى ميلاد المسيح منها ، وما وصلت اليه من مركز أكبر من أن تحتمله امرأة ، ومع كل ذلك ذهبت لتخدم دون أن يكبر قلبها . لهذا قالت اليصابات أيضاً في اتضاع ، من أين لى هذا ، أن تأتى أم ربي إلى ، ؟!
٣- كان هذا اللقاء أيضاً مملوءاً من عمل الروح القدس .
يقول الكتاب : فلما سمعت اليصابات سلام مريم ، ارتكض الجنين في بطنها ، وامتلات اليصابات من الروح القدس . ( لو ٤١:١ ) مجرد كلمة السلام ، سمعتها اليصابات من مريم ، جعلتها تمتلىء من الروح القدس ما أعجب هذا التأثير الروحي في لقاءات القديسين . كثيراً ما نسمع عنه في الكتاب : بطرس يدخل بيت كرنيليوس ويتكلم ، فيمتلىء الجميع من الروح القدس وهنا لم تمتلىء أليصابات فقط من الروح ، بل أيضاً جنينها كان هناك لقاءان : أحدهما بين مريم واليصابات ، والثاني بين
يوحنا الجنين ، وبين المسيح الجنين وكما امتلات اليصابات من الروح . كذلك قيل عن جنينها "ومن بطن أمه يمتلىء من الروح القدس ، ( لو ١ : ١٥ )وهكذا بالروح عرف الرب ، وارتكض بابتهاج في بطن أمه للقاء ربه ، الذي من أجله سيولد ، ليعد الطريق قدامه لقاء مريم بأليصابات : كان فيه روح الخدمة ، وروح الإتضاع ،وعمل الروح القدس وماذا كان فيه أيضاً ؟
٤- انه لقاء كان يتسم بكلام البركة والتطويب :
صرخت اليصابات بصوت عظيم ، وقالت لمريم و مباركة أنت في النساء ، ومباركة هي ثمرة بطنك فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب .
ه - وكان لقاءا فيه أيضاً روح النبوة والكشف والاعلان الالهى.من أين علمت اليصابات بأن العذراء قد صارت أم الرب ، حتى تقول لها و من أين لى هذا ، أن تأتى أم ربي إلى ؟! كذلك كيف عرفت أنه قيل لها شيء من قبل الرب وأنها آمنت بما قيل لها ؟ لا شك أنه نوع من الكشف الإلهى، ومعرفة الخفيات إنه روح النبوة تمتعت به هذه التي امتلات من الروح القدس .
٦ - وفي هذا اللقاء أيضاً ترى روح التسبيح وروح الصلاة : وقفت مريم تسبح الرب بتسبحتها الشهيرة ، وتصلى صلاة طويلة ،وتقول : تعظم نفسى الرب ، وتبتهج روحي بالله مخلصي ، لأن القدير صنع بي عجائب ، واسمه قدوس.
٧- انه لقاء روحی بین امراتين قديستين ، يعطينا فكرة عما يجب ان تكون عليه اجتماعات النساء وأحاديثهن .
امرأة تقابل أخرى ، فى امتلاء من الروح القدس، بلقاء فيه روح الخدمة ، وروح الاتضاع ، وروح النبوة، وفيه البركة والتطويب وفيه الصلاة والتسبيح هكذا يكون لقاء القديسين.
لقاءات القديسين وصفاتها :
قد يجتمع اثنان خاطئان . فكل منهما يجذب الآخر إلى اسفل ويملا سمعه وفكره وقلبه بما لا يفيد على رأى قديس قال : إذا سرت مع إنسان قديس من قلايتك إلى الكنيسة ، يقدمك في الحياة الروحية عشر سنوات ، وإن سرت مع إنسان منحل ، يؤخرك خمسين سنة لهذا ينبغى أن تحسن اختيار الأشخاص الذين تلتقى بهم نتخير نوع الشخص ، ونوع الجلسة، ونوع الحديث، حتى لا نخسر أرواحنا من مشورة الأشرار ومن مجالس المستهزئين ( مز١) نقرأ في بستان الرهبان أن كثيرين كانوا يتكبدون الاسفار ، ويعبرون البحار ، والبرارى والقفار ، لمجرد سماع كلمة منفعة من راهب فلقاءات القديسين فيها كلام المنفعة ، وفيها أيضا المنظر الروحي قابل البعض القديس الأنبا أنطونيوس ، وسألوه في أمور . وشخص آخر لم يسأل، وإنما قال للقديس و يكفيني مجرد النظر إلى وجهك يا أبى مجرد نظر وجه القديسين كانت فيه منفعة روحية لذلك كان قديسون يتقابلون ، ويجلسون صامتين ،ويستفيدون روحيا مثال ذلك اللقاء بين البابا ثاوفيلس والأنبا بفتوتيوس قال الأنبا بفنوتيوس، إن لم يستفد من سكوتى ، فمن كلامي أيضاً سوف لا يستفيد. لان الذي يريد أن يستفيد ، ممكن أن يستفيد من السكوت لقاءات القديسين مملوءة من النفع الروحي فيها كلمة المنفعة وفيها القدوة الصالحة ، والروح الطيبة التي يمتصها الشخص من الآخر. وفيها أيضا البركة . يكفى أن تقابل قديسا لمجرد اخذ بركة.
لقاءات القديسين في الكتاب
من هذه اللقاءات التاريخية : مقابلة ابراهيم أبي الآباء لمشيصادق( تك ٤ ) ملشيصادق ملك ساليم ، وملك البر ، وكاهن الله العلى .لقاء قدم ابراهيم فى هذا اللقاء العشور، وقدم خبزاً وخمراً . ومن العجيب أنه لقاء كان يحمل أيضاً رموزاً روحية ، ونبوءات.
كذلك من المقابلات التاريخية ، لقاء ابراهيم بضيوفه الثلاثة ( تك ۱۸ ) لقاء ظهرت فيه روح البساطة ، إذ ركض ابرام لاستقبالهم وهو شيخ ، وروح الاتضاع ، إذ سجد لهم إلى الأرض وقال : يا سيد.
إن وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك . وروح الخدمة والكرم إذ غسل أرجلهم وذبح لهم وأحضر طعاماً كثيراً . كما ظهرت في هذا اللقاء مواعيد الله ، وظهرت محبة ابراهيم وتشفعه في أهل سادوم لاشك أنه ما كان يعلم أن ضيوفه هم الرب وملا كان معه ، وإلا ما كان يذبح لهم ويقدم زبداً ولبناً وخبزاً.
ومن لقاءات المحبة المشهورة في الكتاب : لقاء داود ويوناثان إنه لقاء الحب، والإخلاص، والعهود . وقف فيه يوناثان ضد أبيه من أجل محبته لداود مسيح الرب . وقف ضد الملك وتعرض
لايذائه ، وضحى بنفسه لينقذ صديقه . وبكى الاثنان ، وظل داود زماناً طويلا يذكر محبة يوناثان . وقال بعد وفاته و قد تضايقت عليك يا أخي يوناثان كنت حلواً لى جداً . محبتك لي أعجب من محبة للنساء ( ٢ صم ١ : ٢٦ ) . ولما صار ملكاً ، ظل يبحث : هل بقى هناك أحد من بيت شاول ، لأقدم له معروفاً ، لأجل يوناثان.
هناك أيضا لقاءات للقديسين خاصة بالخدمة كلقاء بولس بتيموثاوس ، كاجتماع الرسل في مجمع اورشليم قال له : بادر ان تجيء إلى قبل الشتاء خذ مرقس وأحضره معك، لأنه نافع لى للخدمة" ( ٢ تى ٤ : ۹ - ۱۱ ) وتقابل الثلاثة لأجل الخدمة.
هناك لقاءات أخرى للتصافى ، كلقاء يوسف الصديق بأخوته بكى وبكوا ، وغفر لهم ، وتصافوا ، وأعطاهم من حبه ، وأعطاهم أرضاً ورزقاً وصفحاً ، وأراح قلوبهم ، وكفكف دموعهم.
ولعل من أعظم اللقاءت في التاريخ لقاء السيد المسيح بالمعمدان منذ زمان كان يوحنا يشتاق إلى هذا اللقاء وهو لقاء ظهر فيه تواضع الرب العجيب ، وظهر فيه الروح القدس كحمامة ، وسمع فيه صوت الآب إنه يوم الظهور الإلهي.
من اللقاءات الجميلة أيضاً لقاء موسى وايليا على جبل التجلى ، مع الرب في وسطهم كذلك لقاء فيلبس بالخصى الحبشى ، حيث شرح له سفر أشعياء ،وقاده إلى الإيمان وإلى العماد أيضاً. حدثه عن الأمور المختصه بالملكوت كما حدث المسيح تلاميذه ، وكما شرح لتلميذى عمواس جميل في لقاءات القديسين ، التقاؤهم حول كلمة الله .
لقاءات للقديسين ، في التاريخ :
من أشهر هذه اللقاءات ، لقاء الأنبا انطونيوس بالأنبا بولا بهذا اللقاء عرفنا سيرة الأنبا بولا ، وعرفنا السياحة ، وجلس القديسان يتحدثان عن عظائم الله ، وعن عمله في الكنيسة شعر به الأنبا أنطونيوس العظيم بضآلة شأنه ، وأن هناك من هو أعظم منه في حياة الرهبنة.
وكما أخذ القديس انطونيوس درساً في الاتضاع من لقائة بالأنبا بولا ، كذلك اتضع القديس مقاريوس عندما التقى بالسائحين رجع مكاريوس العظيم الأب الروحي لبرية شيهيت وقال لتلاميذه . و إني لست راهباً ، ولكني رأيت رهباناً . من اللقاءات المشهورة أيضاً لقاء الأنبا أنطونيوس بالقديس مقاريوس ، وقوله عنه : إن قوة عجيبة تخرج من هاتين اليدين .
لقاءات القديسين لقاءات عجيبة ، حياة في جو روحي ، لقاء للناس مع الله ، لقاء يجذب الى فوق ، فيه بركة ، وقدوة ، ومنفعة وعمق - لقاء حول كلمة الله ، أو حول الصلاة ومن لقاءات الصلاة هذه ، لقاء الانبا غاليون السائح بالسواح الثلاثة الذين ترهبوا في دير القديس الانبا شنوده راهم من بعيد ،وهم يرتلون المزامير ، فأخذ يصليها معهم بلحنها واقتربوا وهم يصلون ،وهو يصلى معهم ووقفوا معه يكملون ترتيل المزامير ووهو يصلى معهم وهكذا التقوا في الرب .
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن مجلة الكرازة العدد الثانى والثلاثون عام 1976
المزيد
06 أغسطس 2024
حياة القداسة
فِى الأيَّام الجمِيلة بِتاعت أُمِنا السِت العدرا نحِب إنْ إحنا نقف عند أمور تهمِنا إحنا ،كُلِّنا بِنعترِف بِقداسِة وَكرامة وَفضايِل أُمِنا السِت العدرا لكِنْ لابُد أنْ تكون هذِهِ الأمور هِى لنا ، عشان كده إحنا بنقُول عَنْ أُمِنا السِت العدرا " القديسة الطاهرة مريم " ، فأحِب أنْ أكلِّم معاكم شوية عَنْ حياة القداسةمُعلِّمنا بولس فِى رِسالته لِتسالونِيكِى يقول لنا كده [ لأِنَّ هذِهِ هِي إِرادة الله قداستُكُمْ ]( 1تس 4 : 3 ) ، يعنِى ربِّنا عايزكم تبقوا قديسِين ، إِرادة الله لِنا أنْ نكُون قديسِين ، يارب إنت عايزنا إيه ؟ عايزكم قديسِين ، نقوله بس يارب دى كلِمة كبيرة علينا قوى ، إحنا لاَ نحتملها ، ما نقدرش أبداً نستوعِب إنْ إحنا نُبقى قديسِين ، عشان كده عايز أكلِّم معاكم شوية النهارده عَنْ مفهوم القداسة وَعَنْ مُعوِقات القداسة وَعَنْ طريق القداسة0
1- مفهوم القداسة :-
إوعى تفتِكر إِنْ القداسة دى لِفئة مُعيَّنة مِنْ النَّاس وَناس لأ ، إوعى تفتِكر إِنْ القداسة دى لِناس وصلوا لِجِهاد كبير جِدّاً مِنْ الجِهاد الرُّوحِى لِدرجِة إِنْ هُمَّ وصلوا إِنهم ما بيعملوش خطيَّة أبداًإحنا فكرِنا عَنْ القداسة كده ، إِنْ القداسة يعنِى واحِد ما بيغلطش ، القداسة يعنِى واحِد كامِل فِى كُلَّ شئ ، أقولك00لأ00ده مفهوم خاطئ للقداسة ، تقولِى القداسة هِى إيه ؟ أقولك إنه ربِّنا بيقولك كده[ لأِنَّ الله لَمْ يدعُنا للنجاسة بَلْ فِي القداسةِ ] ( 1تس 4 : 7 ) ، كُلِّنا مدعوِين للقداسة ، لِدرجِة إِنْ مُعلِّمنا بولس كَانَ مُمكِنْ يخاطِب أهل كنيسة كُلَّها يقولك [ إِلَى القديسين الَّذِينَ فِي رومية ] ،فِكرك هُوَ بينكم فِئة مُعيَّنة وَالاَّ كُلَّ مسيحِى رومية ؟!! مسيحِى رومية يقولوا عليهم قديسِين ، يعنِى أقدر أقول دلوقتِى بِدون مُجاملة لكم " إِلَى قديسِى كنيسة مارِمينا بالمندره " ، أقول لكم صدَّقونِى بِدون مُجاملة أنا أقدر أقول لكم إِنْ إِنتم دلوقتِى قاعدِين فِى بيت ربِّنا أقدر أخاطِبكم أقول لكم " يا قديسِى كنيسة مارِمينا بالمندره " ، تقولِى بس كده تنفُخنا يا أبونا وَالحِكاية يعنِى مِش كده خالِص ، ده يمكِنْ قُدسك بتقول كده عشان شايفنا دلوقتِى فِى الكنيسة وَالاَّ شكلِنا كويس لكِنْ إحنا أفعالنا صعبة جِدّاً أقول أفعالكم صعبة وَلكِنْ سالكِين فِى طريق القداسة وَإِنْ عملتم خطايا فالخطايا فِى حياتكم شئ عارِض تقاوموه وَترفضوه وَتحاولوا أنْ تخرجوا مِنْ سُلطانه إِلَى أنْ تنالوا القداسة ، فليس معنى القداسة إنه إِنسان لاَ يُخطئ وَلكِنْ معنى القداسة إنه إِنسان يرفض الخطأ وَإِنْ أخطأ ، فليس معنى القداسة إنه لاَ يُخطِئ وَلكِنْ يرفض الخطأ إِنْ أخطأ ، ليس معنى القداسة إِنْ إِنسان وصل للكمال لكِنْ معنى القداسة إنه إِنسان سائِر فِى طريق الكمال عارِف إنت أقولك تشبيه ، إيه رأيك إنت كده فِى لو واحِد فِيكم كده إبنه وَلاَّ بِنته ربِّنا سمح لَه يجِيب مجموع كويس وَيدخل مثلاً كلية الطب ، لِسه إحنا مقدمِين له فِى التنسِيق وَجات لَه الكارتة تقول إِنْ جات له كلية الطب ، تلاقِى الواحِد فرحان بابنه وَإبتدى يقوله يا إيه ؟ يا دكتور ، دكتور عَلَى إيه ؟ هُوَ لِسه حَتَّى خد كلمتين ، مخدش وَلاَ حاجة باعتبار ما سيكون ، باعتبار إِنْ هُوَ سالِك فِى طريق كلية الطب ، طب دخل أوِل سنة ، أوِل سنة دى ما بيخدوش وَلاَ كلمة لها عِلاَقة بِالطب وَمَعْ كده نقوله إيه00يا دكتور ، إحنا سالكِين فِى طريق القداسة وَإِنْ كُنَّا لَمْ نبلُغ نِهايِتها وَلكِنْ سالكِين فنحنُ قديسِين ليسَ لأِننا بلغنا طريق كمال القداسة وَلكِنْ لأِننا سالكِين فِى طريق القداسة إذاً إحنا نحزن عَلَى أنفُسنا إِنْ تركنا هذا الطريق وَنطمئِن عَلَى نِفُوسنا مادُمنا سالكِين فِى هذا الطريق ، إِنت إحزن عَلَى نَفْسك بقى – بعد الشَّر – لَوْ الولد إبنِنا ده دخل كلية الطب ، سقط فِى سنة أولى راحوا عادوا له السنة سقط فِيها تانِى مرَّة راحوا عادوا السنة ثالِث مرَّة وَأعطوا لَهُ إِنذار قالوا لَه لو سقطت حا نطلَّعك ، يسموهاExterner يعنِى أخِر حاجة فِى أخِر حاجة فيعطوا لَه سنة أخِيرة لَوْ الولد ده سقط 3 سنِين فِى أوِل سنة يقولوا لَه إِنت واضِح إختيارك كَانَ غلط ، واضِح إِنْ إِنت ميولك وَذِهنك وَاستعدادتك ما تناسِبش الطريق ده ، بعد إِذنك يُمكِنْ أنْ تختار كلية أخرى ؟!! يكروشوه إِحنا سالكِين فِى طريق القداسة وَبنجاهِد فِيه أوْ مُمكِنْ فِينا ناس بتجِيب تقدِيرات عالية لكِنْ إِحنا برضه قديسِين ، [ نجماً يمتازُ عَنْ نجمٍ فِي المجدِ ] ( 1كو 15 : 41 ) ، لكِنْ برضه إِحنا قديسِين ، عشان كده أحبائِى إِحنا سالكِين فِى طريق العالم ده لازِم نسلُك فِيه بمفهُوم حياة القداسة ، لمَّا الإِنسان يُدرِك أنَّهُ مدعو قديس مِنْ الله يفرح جِدّاً فِى حياته ، كُلِّنا سكن فِينا رُوح القداسة ، كُلِّنا سكِن فِينا الرُّوح القدس ، عشان كده لازِم تفهم إنه ليسَ معنى القداسة أنَّك معصُوم مِنْ الخطيَّة وَلكِنْ معنى القداسة أنَّهُ ترفُض الخطيَّة عارِف إِنت كده الشئ الطبيعِى بِتاع أى إِنسان فِينا إنه بيمشِى عَلَى رجليه ، لَوْ حصل يعنِى وَاكعبِل وقع يعمِل إيه ؟ عَلَى طول يحصل إيه ؟ يقوم وَيكمِّل عَلَى رجليه ، الشئ الَّلِى مِش طبيعِى فِينا إِنْ إِحنا نِسحف عَلَى بطنِنا أوْ نمشِى عَلَى ايدِينا وَرجلِينا ده مِش طبيعِى لكِنْ الطبيعِى إِنْ أنا أمشِى عَلَى رجلىَّ0
مِنْ يوم ما ربِّنا يسُوع المسِيح سمح لِنا أنْ نولد مِنْ الماء وَالرُّوح سمح لِنا أنْ نكُون قديسِين فأعطاك إِمكانية تمشِى عَلَى رجليك لكِنْ إِنْ وقعت تِعمِل إيه ؟ قوم بسرعة عشان تكمِّل برضه عَلَى رِجليك ، عشان كده مُعلِّمنا بُولُس الرَّسُول يقولك [ لكِن اِغتسلتُمْ بَلْ تقدَّستُمْ بَلْ تبرَّرتُمْ ] ( 1كو 6 : 11) ، إِغتسلتُمْ يعنِى إيه ؟ معمودية ، مِنْ يوم ما اتعمِدنا إِحنا بقينا قديسِين ، فإحنا مولودِين قديسِين مِنْ الماء وَالرُّوح مِنْ بطن أُمِنا الكنيسة ، إِحنا ثمرِة زواج مُقدَّس بين المسِيح وَعروسه الكنيسة ، فنحنُ ثمرِة هذا الزواج فكيف نكون نحنُ ثمرة غير مُقدَّسة لِزواج مُقدَّس ؟ إِحنا مولودِين مِنْ الكنيسة ، يقولوا عَلَى بطن المعمودية هِى دى الأم بِتاعِتنا الَّلِى إِحنا مولودِين مِنَّها أنا فاكِر مرَّة كُنت بكلِّم ولاد فِى سِن إعدادِى بقولهم هُوَ يسُوع تزوَّج وَلاَّ لأ ؟ قالوا لِى ما تجوزش ، قُلت لهم00لأ00يسُوع تزوَّج ، قالوا لِى تزوَّج منين ؟ قُلت لهم ها أقول لكم عَلَى الشرُوط بِتاعِت يسُوع عشان نشوف لَه عروسة زيه :-
يسُوع بِلاَ عيب هاتوا لِى عروسة بِلاَ عيب0
يسُوع أزلِى أبدِى هاتوا لِى عروسة تكون أزلية وَأبدية0
يسُوع قدُّوس هاتوا لِى عروسة تكون0000قعدنا نجِيب صِفات لقينا مافِيش عروسة تِنفع ، قُلت لهم لأ فِى عروسة تِنفع هِى مِين بقى ؟ الكنيسة ، فالمسِيح إِقترن بِالكنيسة وَكَانَ ثمرِة هذا الإِقتران هُوَ إِنتم عشان كده كُلَّ واحِد فِيكم يتعمِد يسَّبِب للكنيسة فرحة00لِيه ؟ رُزِقت بِمولود جدِيد ،عشان كده تاخد بالك مثلاً لمَّا حد يجِيب طِفل يعمِّده مِش مِنْ حقه ياخده وَيمشِى00لأ00نقوله00لأ00الولد ده مِش إِبنك بس ده إِبنِنا كُلِّنا ، ده إِحنا لازِم نِعمِل لَه إيه ؟ زفَّة وَكُلِّنا نِحضر الزَّفة دى وَنُبقى فرحانِين جِدّاً بِالعضو الجدِيد الَّلِى أُضِيف إِلينا ، صَارَ إِنتساب هذا الولد ليسَ لأبوه وَأمه لكِنْ لِلمسِيح وَالكنيسة ، صَارتَ الكنيسة أمه وَالمسيِح أبوه ، طب أبوه وَأمه دول إيه ؟ أقولك دول صاروا مؤتمنِين عَلَى تربيته وُكلاء عليه ، فا تُعتبر الكنيسة مِثل يُوكابِد كمُرضعة لِمُوسى00مُجرَّد إيه00وَترَّجعه تانِى ، فالكنيسة بِتأتمِنكمْ عَلَى أولادكم لإِنْ فِى الحقيقة الولاد دول أساساً ولاد مِين ؟ ولاد المسِيح ، ولاد المسِيح وَالكنيسة إِزاى ما يكونوش قديسِين وَإِزاى يستغربوا عَلَى دعوِتهم إِنْ هُمَّ قديسِين إِذا كانوا هُمَّ ولاد المسِيح00ولاد الكنيسة ، المسِيح وَالكنيسة يجِيبُوا إيه ؟ يجِيبُوا قديسِين ، عشان كده أقدر أقولك إِنْ مِش معنى القداسة إِنْ إِنت مِش بِتغلط وَلكِنْ إِنْ إِنت بِترفُض الخطيَّة واحِد جسمه مُمكِنْ يِعرق بس باستمرار بيستحمى ، باستمرار بِيُبقى نظِيف ، مِش معنى إنه باستمرار نظِيف مِش معنى إِنْ الجو الَّلِى حواليه كُلّه يُبقى جو مُعقم ، وَمِش معنى إِنْ باستمرار نظِيف إِنْ جسمه بقى مِش قابِل لإِفرازات عرق00أبداً00ده هُوَ جِسمه نظِيف وَإِنْ كَانَ عايِش فِى وسط مُلُّوث أوْ جِسم قابِل للتلُّوث ، أدى مفهوم القداسة مفهوم القداسة أنْ يكون الخطيَّة بِالنِسبة لِنا شئ عارِض ، مفهوم القداسة بِالنِسبة لِنا أنْ نُقاوِم حَتَّى الدم ضِد خطايانا ، لإِنْ إِحنا ما نِقدرش نقول إِنْ إِحنا قديسِين معناها إِنْ إِحنا بِلاَ خطيَّة00لأ ما نِقدرش ، مِين ده يِقدر يقول عَلَى نَفْسَه كده ، ده يقولك كده [ إِن قُلنا إِنَّنا لَمْ نُخطِئ نجعلهُ كاذِباً وَكلِمتُهُ ليست فِينا ]( 1يو 1 : 10) ، يعنِى نخلِّى ربِّنا نَفْسَه كدَّاب ، لو قُلنا إِنْ إِحنا إيه ؟ بِلاَ خطيَّة ، مِين ده الَّلِى يقول كده ؟!! يقولك [ لَوْ قُلنا أنَّنا بِلاَ خطيَّة ] ، إِحنا خُطاة ، إزاى نِجمع بين التعارُض ده إِنْ إِحنا خُطاه وَفِى نَفْسَ الوقت قديسِين ؟!! إِنْ إِحنا مدعوِين للقداسة وَلمَّا تِيجِى لنا الخطيَّة بنرفُضها وَبِنبغُضها وَبِنطرُدها وَلاَ نقبلها وَلاَ نتصالح معاها وَلاَ نتوائم معها وَلاَ نقبل أنْ نحيا فِيها ، لاَ نقبل أنْ نحيا قابعِين فِى آثامنا ما أجمل الكنيسة الَّلِى هُوَ إنتم شعب الله إِنْ أى واحِد يِعمِل خطيَّة يلاقِى كده ضميره تعبان ،رُوح ربِّنا بيوبخه ، إلحقنِى يا بونا حاللنِى يا بونا أنا امبارِح غضبت وَشتمت وَحاسِس باضطراب جوايا ، حاسِس فاقِد سلامِى ، حاللنِى يا بونا وَينكسِر قُدَّام أبونا وَأبونا يحالَّه بعد كده يتناول وَالمناولة هِى أعظم مُكافأة للقديسِين ، فا بناخُد المُكافأة دى ، الكنيسة خلِّت الجسد وَالدم بِتاع ربِّنا يسُوع المسِيح ده هِى المُكافأة بِتاعِت الجِهاد بِتاعنا ، الضامِن لِقداسِتنا الَّلِى هُوَ إيه ؟ جسد المسِيح عَلَى المذبح ، عشان كده يقولك [ القدسات للقديسِين ] ، مِش معنى إِنْ إِحنا وصلنا إِنْ إِحنا بقِينا قديسِين ، إِنْ إِحنا بقينا مِش بِنغلط00لأ00ده إِحنا كُلِّنا بِنغلط وَبنجاهِد وَرافضِين خطايانا عشان كده إِحنا بنتناوِل فِى بعض الكنائِس – كنايس إِخوانا الرُوم الأرثوذُكس – المؤمنِين يخافوا جِدّاً مِنْ التناوُل ، تروح تلاقِى القُدَّاس يتصلَّى تلاقِى أبونا إِتناوِل وَكام طِفل بس وَكُلَّ المؤمنِين محدش إِتناوِل ، أقول لك ده معناها إِنْ إِحنا فضَّلنا أنْ نحيا فِى الشَّر عَنْ أنْ نحيا فِى القداسة وَنأخذ جسد المسِيح ، عكس فكرِنا إِحنا ،إِحنا وَإِنْ كُنَّا فِى خطايا فنحنُ نرفُضها وَنتقدَّس لِكى ما نأخُذ ما يُقدِّسنا الَّلِى هُوَ إيه ؟ الجسد وَالدم ، فجعلت الكنيسة الجسد الموضُوع وسِيلة مُكافأة ، وسِيلة تقدِيس ، نجعل أنفُسنا قديسِين لِكى ما نأخذه وَهُوَ يُثَّبِت هذِهِ القداسة ، أدى عمل الله فِى كنيسته إِنْ إِحنا نُبقى قديسِين عشان كده أقدر أقولك إِنْ ده مفهوم القداسة ، مفهوم القداسة إِنْ الإِنسان يُبقى مُخصَّص لله ،مُفرز لله ، مُعيَّن لله ، عارِف إنت فِى العهد القدِيم لمَّا كان يقولك إيه [ قدِّس لِي كُلّ بِكرٍ ]( خر 13 : 2 ) ، ده بتاع مين ده ؟ ده بتاع ربِّنا ، كان لمَّا ييجوا يعشَّروا الحاجات بتاعِتهم واحِد عنده غنم يعمِل إيه ؟ يجِيب الغنم بتاعه يقولك 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8 ، 9 ، وَعند 10 يروح جايبه عَلَى جنب ، يروح جاى تانِى1 ، 2 ، 3 0000وَالعاشِر يروح جايبه عَلَى جنب ، الشوية الَّلِى عَلَى جنب دول بتوع مين00بتوع ربِّنا ، دول خلاص بتوعِى وَدول بتوع ربِّنا ، دول مِش مِنْ حقِى دول خلاص بقوا بتوع ربِّنا مفهوم القداسة كده بالظبط00إيه ؟ إِحنا ربِّنا جعل العالم كُلَّه وراح أخد جماعة أفرزها قال دول بتوعِى أنا ، بقى يعد مِنْ كُلّ تسعة واحِد ، وَإِنتم محظوظِين لإِنْ إِنتم مِنْ الواحِد المُختار مِنْ كُلّ تسعة عشان تبقوا مفروزِين ، يقولك دول بتوعِى ، فِى وسط العالم كُلّه إِنتم بتوعِى ، عشان كده مُعلِّمنا بُولُس يقولك كده [ كما اختارنا فِيهِ قبل تأسِيس العالم لِنكُونَ قدِّيسِينَ وَبِلاَ لومٍ قُدَّامهُ فِي المحبَّةِ ] ( أف 1 : 4 ) ، ربِّنا مختارنا مِنْ زمان ، مِنْ زمان قوِى ، مِش قبل ما تتولد00لأ00ده مِنْ قبل ما يِعمِل العالم مختارنا وَمختارنا لِيه ؟ لِنكُون قديسِين معندوش بدِيل ، أنا مِش معقول أختاركوا عشان تبقوا أشرار00لأ00ربِّنا مختارنا عشان نكُون قديسِين ، [ كما اختارنا فِيهِ قبل تأسِيس العالم لِنكُونَ قدِّيسِينَ وَبِلاَ لومٍ قُدَّامهُ فِي المحبَّةِ ] ، عشان كده مفهوم القداسة إِنْ الإِنسان يشعر أنَّهُ مُفرز لله ، طب التسعة التانِين ؟ أنا ماليش دعوة بِيهم بقى ، ده وضع وَده وضع ، عشان كده إِنت لاَ تقِيس نَفْسك بِأهل العالم إِنت حاجة تانية ، إِنت مُفرز ، إِنت مُختلِف ، إِنت مُخصَّص ، مُخصَّص لِربِّنا ، إِنت ما يصحِش تُستخدم أى إِستخدام00لأ00إِنت مُفرز لله ، عارِف إِنت كده مثلاً زى مثلاً إيه الكهنة ، تلاقِى الكهنة ربِّنا أفرزهم فتلاقِى الكاهِن ده ما بيشتغلش شُغلانة تانية ، إيه شُغلته ؟ هُوَ كاهِن ، لو لقيت كاهِن كده يعنِى فاتِح مكتب مُحاسبة وَقاعِد يقابِل زبايِن تلاقِى الحكاية دى غرِيبة قوِى ، لو لقيت كاهِن سوَّاق تاكس وَالاَّ فاتِح محل بتاع سوبر ماركِت حاجة بايخة قوِى00لِيه ؟ لإِنْ خلاص هُوَ مُفرز لله ، بقى لا يعمل عملاً آخر ، أنت مُفرز لله ، طب إِحنا بقى يابونا بنشتغل ، أقولك حَتَّى لو إِنت بِتشتغل فأنت مُفرز لله ، أنت إِناء مُختار لَهُ أفرزك مِنْ وسط العالم لِتكون لَهُ وَلَهُ وحده ، ده مفهوم القداسة عشان كده ما تستغربش إِنْ تلاقِى نَفْسك إِنت مِنْ يوم المعموديَّة – تنزِل فِى المعموديَّة – وَتروح إيه تاخد خِتم الميرُون ، خِتم الميرُون 36 دهنه ، ألـ 36 دهنه دول علامِة إيه ؟ الملكِيَّة وَالتخصِيص وَالعزم ، إِنت مُختلِف عَنْ الَّلِى حوالِيك00لِيه ؟ إِنت فِيك الخِتم ، تخيَّل إِنت كده ورقة مختومة بِخِتم النسر ، ورقة تانية فِيها نَفْسَ الكلام مِش مختومة بِخِتم النسر ، تفرِق إيه ؟ تفرِق كتير00تفرِق كتير ،هُوَ خِتم لكِنْ الخِتم ده أقر حاجات كتير جِدّاً ، إِنت بقى فِيك الخِتم ده ،عشان كده يقولك [ وَأمَّا أنتُمْ فلكُمْ مسحة مِنَ القُدُّوس ]( 1يو 2 : 20 ) ، إِنتُمْ الَّلِى لِيكُمْ سِمة عَلَى جباهكم ، إِنتُمْ الَّلِى ربِّنا حب يختِمكُمْ فِى كُلّ حِتّة مِنْ جسمكم ، تخيَّل إِنت كده لمَّا يكُون الكِتاب المُقدَّس ده بتاع الكنيسة فعشان خاطر يعنِى نخليه وقف عَلَى الكنيسة نقعد نختِم عليه كذا خِتم بِخِتم الكنيسة عشان لو شُفنا الكِتاب ده فِى أى مكان تانِى نقول إيه00إيه الَّلِى جاب الكِتاب ده هِنا ، الكِتاب ده بتاع إيه00الكِتاب ده بتاع الكنيسة إِنت ربِّنا أرسلك للعالم عشان تعِيش فِى وسط النَّاس بس إِنت مختوم ، لو عملت أى حاجة مُخالفة الإنجيل ، مُخالفة للكنيسة تقولك خُد تعال إيه ده ؟!! ده إِنت مختُوم إيه الَّلِى جابك هِنا ، إيه الَّلِى خلاَّك تِعمِل كده ، ده إِنت فِيك الخِتم ، إِنت واخِد الخِتم ، إِنت فِيك علامِة الملكيَّة ، علامِة التقدِيس ، علامِة التخصِيص ، علامِة العزم ، إِنت مُفرز لله ، ربِّنا أفرزنا لِنكُون لَهُ وَلَهُ وحدهُ ، ده مفهوم القداسة يا أحبائِى إِنت إتخصصت لِربِّنا ، إتخصصت كإرادة ، كحواس ، كفِكر ، يا سلام كده لو تتابِع معايا كده تلاقِى أبونا لمَّا يجِى يرشِم00يرشِم إِزاى ؟ يرشِم هِنا الفِكر بعد كده العِينِين وَالودان وَالمناخِير وَالشفايِف00دول الحواس ، خَتَم فِكرك وَختم حواسك بقى عليها الخِتم ، فِكر وَحواس ، بعد كده بقى يختِم لك المفاصِل بِتاعِت دِراعك ، خَتَم إيه00خَتَم أعمالك ، بقى يختِم لك كده مفاصِل الرجلين خَتَم طريقك ، بقى يِختِم لك فِى ضهرك00خَتَم إِرادتك00إيه ده ؟ يِختِم لك عند قلبك خَتَم مشاعرك ، إِنت مختُوم فين ؟ فِى فِكرك وَفِى حواسك وَفِى أعمالك وَفِى طريقك وَفِى إِرادتك وَفِى مشاعرك ، كُلّ حاجة فِيهُمْ واخده إيه ؟ واخده الخِتم ، لِيك مشاعِر غرِيبة خُد تعال هِنا المشاعِر دى جِبتها منين ؟ إِنت مشاعرك مختومة ، لاَ يلِيق أنْ تتصرَّف هكذا ، إِنت إِبن لله ، أنت قديس00لاَ دى مشاعِر ملوثة اُطرُدها وَارفُضها ، أنت مختوم ، إيه العمل الَّلِى بِتعمِله ده ؟ تقولِى ما النَّاس كُلَّها بِتِعمل كده ، أقولك آه بس إِنت مختُوم ، إِنت ما يصحِش تِعمِل كده00لأ00مِش إِنت لو النَّاس عملِت كده هُمَّ معذُورِين لكِنْ إِنت00أنتَ بِلاَ عُذر00لِيه ؟ لإِنك إِنت إيه00مُفرز لله ، فربما ينظُر العالم إِلَى أمور أنَّها طبيعيَّة أو أنَّهُ حق طبيعِى وَلكِنْ أولاد الله يتعاملوا مَعْ مِثل هذِهِ الأمور بِموقِف مُختلِف لإِنْ لهم إِرادة مُختلِفة وَلهم فِكر مُختلِف0
2- مُعوِقات القداسة :-
يوجد 3 حاجات بِتعوقنا عَنْ طريق القداسة :0
1- الجسد :-
يابونا قُدسك كلِّمتِنا كلام حلو إنه إِحنا مختومِين وَإِحنا بتوع ربِّنا بس ده فِينا تيار شر ، ده فِينا حواس مُلوثة ، ده إِحنا فِينا حركات فِى الجسد فِى شهوات وَرغبات وَأمور000أقولك أيوه الجسد محتاج أنْ يُضبط ، محتاج أنْ يُرُّوض ، نحنُ لاَ نكره الجسد بل بِالعكس ده الكِتاب يأمرنا بأنْ نقوته وَنُربيه ، إِحنا لاَ نكره الجسد لأِنَّهُ صُنع الله لكِنْ نكره تيار الشَّر العامِل فِى الجسد ، عشان كده أقدر أقولك إِنْ الجسد ده مِش مُجرَّد شوية اللحم وَالدم00لأ00اللحم وَالدم ده شئ مُبارك ، ده لو إِنسان أهمل فِى وزنِة جسده الكنيسة تلومه وَلكِنْ إِحنا بِنُقاوِم الخطيَّة الساكِنة فِى الجسد ، عشان كده عند بعض إِخوانا التانِين يقولك لو واحِد سرق نِقطع له إيده ، أقولك طب تفِيد إيه إِنْ أنا أقطع له إيده وَالخطيَّة لِسَّه جوَّاه ، الَّلِى تِقطع له إيده يسرق بِإيده التانية ، هُوَ لو واحِد إيده الأتنين مقطوعة وَحب يسرق مِش حا يعرِف يسرق ؟!! ده فِى ناس دلوقتِى تسرق عَنْ طريق ألـ visa card وَعَنْ طريق الإنترنِت ، سطو كده بِالإلكترونِى ، طب واحِد خلاص قطعنا له إيده الإتنين لإِنه حرامِى لكِنْ إبتدى يسرق بإيه ؟ بأسالِيب تانية ، المُشكِلة مِش فِى الإيد وَلاَ فِى الرِجل وَلاَ فِى اللسان ، المُشكِلة فِى تيار الخطيَّة الداخِلِى فِى الإِنسان كلِمة جمِيلة أبونا يصليها فِى القُدَّاس مِنْ أجل شعبه ، يقول لِربِّنا [ إِبطِل سائِر حركاته المغرُوسة فِينا ] ، يعنِى فِينا حركات شر مغرُوسة00ده الجسد00الجسد ده مُحتاج أنْ يُضبط ، أنْ يُروَّض ،ما أجمل كنيسِتنا الَّلِى كُلّ شوية تنادِى لِنا بِأصوام ، عايزه تنمِى الإِرادة الرُّوحِيَّة عند الإِنسان ،عايزه تُقوِّم الجسد ، عايزه تعرَّف الجسد إِنْ مِش كُلّ الَّلِى حا تطلبه حا تاخده ، الإِرادة الرُّوحِيَّة تقود إِرادِة الجسد ، وَشهوِة الرُّوح تقود شهوِة الجسد ، أعرف أقول لجسدِى00لأ00 ، عايز00أقوله00لأ00، كذا أقوله لأ00لِيه ؟ ده غلط ، أخدت منين الكلام ده ؟ أخدت مِنْ رُوح ربِّنا الساكِن فِىَّ ، عشان كده الجسد يُضبط ، يُروَّض ، يُقدَّس ، صَارَ هذا الجسد جسد مُقدَّس عشان كده يا أحبائِى إِحنا وَإِنْ كان الجسد بيوعقنا فِى حياتنا مَعْ الله لاَ يلِيق لنا أنْ نكره الجسد ، لكِنْ إِحنا بِنُقاوِم الخطيَّة الساكِنة فِينا ، بِالعكس ده نَفْسَ الجسد الَّلِى إِنت فِكرك إِنْ ده يمنعك جِدّاً عَنْ ربِّنا هُوَ هُوَ الجسد الَّلِى حا يصوم ، هُوَ هُوَ الجسد الَّلِى حا يسجُد ، هُوَ هُوَ الجسد الَّلِى حا يرفع يديه ، هُوَ هُوَ الجسد الَّلِى حا تخرج مِنه رائِحة العرق المُقدَّس مِثل رائِحة البخُور الذكِى أمام الله ، عرق خارِج مِنْ جسد بيصلِى أذكى مِنْ بخور أمام الله ، أدى عرق خارِج مِنْ جسد ، عشان كده الآباء القديسِين يقولك [ لاَ تنام إِلاَّ وَفِراشك قَدْ ابتلَّ بِعرق صلاتك ]00إيه ده ؟ جسد بس ابتدى يُبقى فِيه تيار رُوح بِيعمل فِيه ، الجسد لابُد أنْ يُضبط ، حركات الجسد ، عشان كده أقدر أقولك إِنْ الجسد ده مؤشِر مُهِمْ جِدّاً فِى حياة القداسة ، يقولك كده [ الَّذِينَ هُمْ حسب الجسد فبما للجسد يهتمُّونَ وَلكِنَّ الَّذِينَ حسب الرُّوح فبِما للرُّوح ] ( رو 8 : 5 ) ، عشان كده أقدر أقولك مُعلِّمنا بُولُس الرَّسُول يحُط لِنا خِطة للجسد يقولك [ لاَ تصنعُوا تدبِيراً للجسد لأِجلِ الشَّهواتِ ] ( رو 13 : 14) ،يعنِى ما تقعدش ترتِب كتير حاجات للجسد ، بلاش إعتناءك بِالجسد مِنْ ناحية الجسد يُبقى زِيادة00 يعنِى إيه ؟ تقعد تفكَّر كتير قوِى قوِى فِى الأكل00لاَ00بلاش تفكَّر كتير ، كُل ما يقوتك وَما يُغذِيك وَما يُشبِعك بس ما تقعدش تفكَّر كتير ، ما تشغِلش نَفْسك كتير قوِى قوِى بِشهوِة الأكل ، ما تشغلش نَفْسك كتير قوِى قوِى حا تلبِس إيه ؟ هات حاجة تستر جسدك وَخلاص ، [ لاَ تصنعُوا تدبِيراً للجسد لأِجلِ الشَّهواتِ ] ، وَحاجة تانية يقولك إيه [ فَلاَ تُكمِّلوا شهوِة الجسد ] ( غل 5 : 16) ، يعنِى إِنْ تحرَّكت فِيك الشهوة – أى شهوة00أى نوع – اضبُطها ما تكملهاش ، ربِّنا عايز يقولك أنا عارِف إِنْ إِنت ساكِن فِى جسد ضعِيف حا تتحرَّك فِيه شهوات ، لاَ تُكمِّل شهوِة الجسد ، لِدرجِة إِنْ يوصل يقولك [ فَأميتُوا أعضاءكُمُ ] ( كو 3 : 5 ) ، توصل مرَّة تانية يقولك [ لاَ تملِكنَّ الخطيَّةُ فِي جسدِكُمُ المائِتِ لِكي تُطِيعُوها فِي شهواتِهِ ] ( رو 6 : 12) ، ما تخليش الخطيَّة تُبقى مالكة فِيك0
2- العالم :-
العالم الَّلِى قِيل عنه إنه موضُوع فِى الشِّرِّير ، إِحنا عايشِين فِى العالم يابونا إِزاى نُبقى قديسِين وَإِحنا عايشِين فِى العالم ؟!! العالم ملوَّث ، العالم مليان تيارات صعبة جِدّاً ، العالم مليان مبادِئ ، مليان شر ، مليان غِش ، مليان خِداع00نِعمِل إيه ؟ إزاى نُبقى قديسِين فِى عالم زى ده ؟!! أقولك خلِّى بالك إِنت لازِم تِعرف إِنْ إِنت بتعِيش فِى العالم وَلكِنْ لاَ تحيا بِحسب العالم ، عشان كده يقولك " نعِيش فِى العالم لكِنْ ما نخلِيش العالم يعِيش فِينا " ، المركِب عشان تمشِى لازِم لها مية ، فالمية لازمة للمركِب لكِنْ لو المية دخلِت جوه المركِب ها تغرَّق المركِب ، فالعالم لازِم لِخلاصنا ، إِحنا لاَ نخلُص إِلاَّ لو عِشنا فِى العالم لإِنْ هُوَ الإِمتحان الَّذِى سيُزَّكِى إِيمانا وَالَّذِى سيُظهِر قداسِتنا فنحنُ نُختبر بِالعالم فصار العالم بِالنِسبة لنا وسِيلة بركة وَخلاص لإِنَّهُ لولا العالم ما خلُصنا ، وَلولا الشَّر الَّذِى فِى العالم ما ظهر برَّنا لإِنَّ النور يفضح الظُلمة ، مِنْ هِنا تيار الشَّر الَّلِى فِى العالم كُلّ ما يزِيد كُلّ ما زاد إِحتياجنا للقداسة أكتر عكس الفِكرة الَّلِى تِيجِى واحِد يقولَّك إيه لاَ أصل خَلاَص بقى دِى حاجات بقِت موضة قدِيمة مقدرش أعِيش بِالمبادِئ دِى عشان الجو الَّلِى حَوَلَىَّ صعب ، أقولَّك تخيَّل إِنتَ كِده لَوْ معانا واحِد دلوقتِى فِى وسطنا معاه كشَّاف وَلقِيناه مَثَلاً منُّور الكشَّاف ، فَواحِد يقوله الدُنيا نُور مفِيش داعِى تنُّور الكشَّاف ، يقوله أصل أنا أحِب الكشَّاف بِتاعِى يُبقى منُّور ، يقوله خَلاَص بِراحتك ، فجأة النُور إتقطع وَالدُنيا كُلَّها بقِت ضلمة ، صاحِبنا ده راح عمل إيه راح طفَّى الكشَّاف ، يقولَّك أصل كُلَّها ضلمة أبقى أنا بس الَّلِى منُّور ، أقولَّك ده لأِنْ كُلَّها بقِت ضلمة فَإِحتياجنا للنُور بِتاعك زاد ، إوعى تقولِى لإِنْ تيار الشَّر فِى العالم زاد فَأنا مفِيش داعِى أعِيش كَقدِيس أقولَّك ده لإِنْ تيار العالم الشَّر فِيه زاد إِحتياجنا للقداسة زاد مِش قل ، ده زاد ، ده تمسُكك بِطرِيق القداسة وَحِرصك عليه المفرُوض يزِيد جوَّاك وَجوه قلبك عشان تِحفظ نَفْسَك وَتِحفظ مصباحك مُضاء ملآن ، ده زاد0
عارِف إِنت كده يقولك لمَّا فِى ناس تِيجِى لها هِجرة أمريكا يقولك إبتدوا يروحوا الكنيسة أكتر00يقولك لِيه ؟ يقولك أصل أخاف عَلَى ولادِى هِناك ليضِيعوا فابتديت أروح الكنيسة ،عشان كده يقولك [ محبَّة العالم عداوة لله ] ( يع 4 : 4 ) ، للدرجة دى ؟!! يقولك آه ، خلِّى بالكم يا أحبائِى وسائِل الإِعلان ، الأجهِزة الحدِيثة وَالتطور الَّلِى فِى المُجتمع وَالمُجتمع الإِستهلاكِى الَّلِى إِحنا عايشِين فِيه بيخلِّى الإِنسان يُبقى علمانِى جِدّاً ، كُلّ شوية عايِز00عايِز00عايِز ، وَلاَ يشبع وَلاَ يكتفِى وَلاَ000يقولك00لأ00 إِنت لازِم تِعرف إِنْ إِنت مدعو للقداسة ، لازِم تِعرف إِنْ إِنت لو كُنت عايش فِى عالم موضُوع فِى الشِّرِّير إِلاَّ إِنْ إِنت عايش فِى كرامة أولاد الله عارِف زمان المسيحيين كانوا ياخدوا لِنفسهم رمز جمِيل جِدّاً الَّلِى هُوَ " السمكة " ،عارِف السمكة دى لِيه إِختارها المسيحيين ؟ أقولك عشان كذا حاجة :-
أولاً : السمكة ما تِعرفش تعِيش برَّه المية ، إِنْ طِلعِت برَّه المية تموت ، أولاد الله كده لو خرجوا برَّه ينابِيع الرُّوح بِتاعِتهم وَبرَّه كنيستهم وَبرَّه فِكر الخلاص وَبرَّه فِكر القداسة يموتوا0
ثانياً : السمكة فِيها حاجتين مُهمِين قوِى ، تلاقِى السمكة كده فِيها القشُور الَّلِى عَلَى الجسد بتاعها ، القشُور دى سمِيكة جِدّاً ، دى أساساً لِيه ؟ لِحفظ جسدها ، وَتلاقِى فِيها زعانِف ، القشُور دى عشان تِحفظ الجسد مِنْ أى حاجات تدخُل فِى الجسم ، وَالزعانِف دى عشان تساعِدها تسبح عكس التيار ، المسِيحِى كده00المسِيحِى مُحصَّن بِالقشُور الخارِجيَّة دى عشان تيارات العالم لاَ تدخل جواه ،وجواه زعانِف تُعطيه قوة يسلُك فِيها ضِد مبادِئ العالم أدى دى السمكة ، عشان كده لو لقيت سمكة ماشية مَعْ التيار إعرف إِنْ السمكة دى ماتِت ، إوعى تكون مشيت مَعْ التيار يُبقى إِنت كده مُت ، أقولك00لأ00إِنت لم تمُت لكِنَّك لَمْ تستخدِم الزعانِف بِتاعتك ، طلَّع الزعانِف عشان تسبح ضد التيار ، عشان كده ولاد ربِّنا لاَ يسلكوا بِحسب العالم ، إوعى لو حسِيت إِنْ مملكِة العالم بتقوى إوعى تفتِكر إِنْ مملكِة الله بِتضعُف00لاَ أبداً لازِم تِعرف إِنْ إِنت مُستهدف جِدّاً مِنْ مملكِة العالم00لِيه ؟ لإِنْ إِنت الوحِيد الَّلِى مِش ماشِى تبعها فإنت ضدها0
3- الشيطان :0
الشيطان بقى الَّلِى عمَّال عاوِز يوَّقع فِى ولاد ربِّنا ، الشيطان الَّلِى عمَّال عايِز يوَّقع فِى ولاد ربِّنا ، أكتر واحِد يتغاظ إِنْ إِنتُمْ تبقوا قديسِين هُوَ الشيطان ، عارفين لِيه ؟ لإِنْ أكتر واحِد داق الوجود فِى حضرِة الله هُوَ الشيطان ، فلما إِنت تيجِى تاخد مكانه لاَ يهدأ ، كُلّ واحِد فِيكُمْ بيقرَّب لِربِّنا ياخد المكان الَّلِى كان بتاع الشيطان فيهِيج ، يقولك ده واخِد مكانِى أنا كُنت هِنا وَاطردت أنا كمان ها اطرده زى ما أنا اطردت ، أنا مِش ها سيبه ، عشان كده كُلّ ما تقرَّب لِربِّنا الشيطان يهيج ، إِعرف إِنْ ده أمر طبيعِى ، الشيطان خِصم لازِم تِعرف ده عدو ، لازِم تِعرف إِنْ له حِيل وَله أسالِيب بِتختلِف وَتتلوَّن وَتتشكَّل ، إِثبت فِى ربِّنا عشان إِنت تِقدر تثبت ضِد مكايِد العدو ، 3 حاجات عايزه تُعِيق قداستك :-
1- الجسد 2- العالم 3- الشيطان
طب أخيراً بقى يابونا إِزاى نُبقى قديسِين ؟ أقولك طريق القداسة ، عاوِز أحُط لِك شوية مبادِئ0
1- القداسة بِالمسِيح يسُوع ، صعب جِدّاً إِنْ إِحنا نحاوِل نقعد نفكَّر إزاى نُبقى قديسِين وَإزاى نسلُك فِى طريق القداسة بِفِكرِنا البشرِى أوْ بِمُجرَّد مشاعِرنا أو إِرادِتنا الذاتِيَّة ، بِالمسِيح يسُوع ،إِحنا قديسِين فِى المسِيح يسُوع ، صدقونِى يا أحبائِى أقول لكم عِبارة مُمكِنْ تستغربوا لها" المسِيح يسُوع أرادَ أنْ نكُون قديسِين لِدرجِة قداسته هُوَ الشخصِيَّة بِهِ وَفِيهِ " ، ربِّنا يسُوع المسِيح إِستودع فِى كنيسته كُلّ ما لَهُ وَكُلّ بِرَّه وَكُلّ قداسته لِنتمتَّع نحنُ بِهِ عايِز أقولك كده إِنْ المسِيح عايِز ولاده دول يِبقوا قديسِين ، فعمل إيه جاب مِنْ قداسته وَحطَّها فِى الكنيسة وَاستودع قداسته دى فِى الكنيسة ، كُلّ واحِد يُبقى قديس يجِى يِسحب ، الَّلِى عاوِز مِنْ الرصِيد بتاعِى تاخُد زى ما انت عايِز ، لِدرجِة إيه ؟ لِدرجِة يقولك [ إِلَى قِياس قامة مِلء المسِيح ] ( أف 4 : 13 ) – عَلَى فِكره مِش مِلء قامة المسِيح00لأ00قامة مِلء – لإِنَّ الملء يُنسب إِلَى المسِيح وَليسَ العكس ، إِنْ إِحنا نِوصل لِملء المسِيح00إيه ده ؟ يقولك هُوَ ده الغِنى بقى ،القداسة بِالمسِيح يسُوع0
الله ينَّيح نَفْسَه أبونا بيشُوى كامِل كان لمَّا يروح حد يقوله إيه يابونا بس إِحنا ضُعفا ، إزاى تطلب مِنِّى أسامِح الشخص ده وَهُوَ غاظنِى ، إزاى تطلب مِنِّى أحافِظ عَلَى عنيا ، إِنت مِش بتمشِى يابونا فِى الشَّارع ، مِش بتشوف المناظِر ، مِش بتشوف التليفزيُون إزاى ؟ يقولك كانِت مِنْ الحاجات الَّلِى تخلِّى أبونا بيشُوى يِغضب00يثور ، يقوله هُوَ أنا بقولك تِعمِل الكلام ده لوحدك ، أنا مِش بقولك مَعْ المسِيح وَانت مِش عايش فِى المسِيح ، أنا عارِف لو لوحدك حا تقع وَتُبقى وحِش وَتُبقى وَتُبقى ، يِغضب00يثور00لِيه ؟ يقولك ما هُوْ إِنت ضعِيف لكِنْ فِى المسِيح يسُوع تُبقى قوِى ،[ إِنْ كَانَ أحد فِي المسِيح فَهُوْ خلِيقة جدِيدة ]( 2كو 5 : 17) ، خلِيقة جدِيدة ، واحِد تانِى ، ما تكلمنِيش عَنْ نَفْسك الَّلِى مغموس فِى الخطيَّة وَحالك حال وَتعبان وَمِش قادِر وَمِش عارِف لسنِين ، أقولك لإِنْ إِنت جواك سِلاح لاَ تستخدِمه إِسمه يسُوع المسِيح ، قوِّة يسُوع المسِيح ، أنْ تحيا محرُوس بِهِ ، أنْ تحيا محفُوظ فِيهِ ، أنْ تحيا حافِظ لِكلِمته ، هُوْ ده طريق القداسة0
القداسة مشرُوع مُشترك بينك وَبينَ الله ، " أنتَ لاَ تستطيع أنْ تفعل شيئاً بِدونه " ، خايف أقول الكلِمة العكس تتخضُّوا مِنها " وَهُوْ لاَ يستطيع أنْ يفعل شيئاً بِدونك " ، القديس أوغسطِينُوس يقُول لنا كده [ إِنْ الله الَّذِى خلقك بِدونك لاَ يستطيع أنْ يُخلِّصك بِدونك ] ، فَهُوْ مشرُوع مُشترك ، أنا باطلُب النِّعمة وَالمعونة وَهُوْ يقولِى كُلَّ نِعمِى وَمعونتِى عشانك ، خُد يا حبيبِى ، خُد يا ابنِى ، ياربَّ الخطيَّة دى غلبانِى ساعِدنِى قوينِى00حاضِر ، عشان كده أُطلبوا إِسعوا إجتهِدوا ، عشان كده أقدر أقولك إِنْ لابُد إِنْ إِنت تِعرف إِنْ إِنت عليك دور ، الراجل الَّلِى بِيزرع ده عليه إِنْ هُوْ يجِيب البِذر وَعليه إِنْ هُوْ يحرُث الأرض وَعليه إِنْ ينضَّفها ، يشِيل الأحجار الَّلِى فِيها وَيحرُث كويس وَيحُط البِذرة وَيسقِيها ، بس يجِى يقوله خلِّى بالك بقى إِنت لازِم تنتظِر حاجتين ، المطر وَالنمو ، المطر وَالنمو حا يشتغلوا فِى أرض مِش محروثة !! مِش محطوط فِيها بِذر ، مِش حا يشتغلوا ، مِش حا يعمِلوا حاجة عشان كده لو تاخُد بالك إِنْ عمل الله كامِل تماماً بس بيتوقف عَلَى عملك ، بس العجِيب بقى إِنْ عمل ربِّنا دائِم وَمُستمِر بس عملِى أنا هُوْ الَّلِى مِش دائِم وَمِش مُستمِر ، مُمكِنْ أنا معمِلش دورِى بس ربِّنا يِعمِل دوره حَتَّى لو أنا معملتِش دورِى ، فلو كُلّ الأراضِى مِش مزروعة إِلاَّ إِنْ ربِّنا بيمَّطر عَلَى كُلّ الأراضِى ، لو كُلّ الأراضِى مفهاش بِذار إِلاَّ إِنْ ربِّنا بيحُط المطر بِتاعه وَأى أرض أحُط فِيها بِذر لو خدمتها شوية ربِّنا قادِر إِنْ هُوْ إيه000يخرَّج ، إِذاً عمل الله كامِل المُشكِلة فين00عملِى أنا0
عشان كده عاوِز القداسة إيد ربِّنا ممدودة لِك بس بيقولك إيه تَعَالَ ، [ لأِنَّ هذِهِ هِي إِرادة الله قداستُكُمْ ] ( 1تس 4 : 3 ) ، إِنَّ الله يُرِيد أنْ تفعلوا وَلكِنْ عشان يخلِيك تِفعل لازِم إِنت تِفعل فيخلِيك إِنت تُرِيد ، شوف ربِّنا مِنْ كُتر حُبه لِك عايزك تُبقى قديس بس لقاك كسلان يقولك طب أنا ها اخلِيك تُبقى قديس ، بس أنا شايفك ميولك ضعِيفة تُبقى قديس ها أخلِيك تُرِيد أنْ تكُون قديس ، الله يفعل فِيكُمْ أنْ تُرِيدوا ، للدرجة دى يارب عايِزنا ؟ يقولك عايزكم أصل أنا مالِيش حل إِلاَّ إِنْ أنا أخلِيكُمْ قديسِين أصعب حاجة يا أحبائِى إِنْ ولاد ربِّنا يهلكوا ، أصعب حاجة ، واحِد مِنْ القديسِين يقُول لِربِّنا كده [ أنتَ يا الله ليسَ عِندك خُسارة إِلاَّ هلاكنا ] ، صحِيح ، هُوْ مُمكِنْ تقُول عَلَى ربِّنا إِنْ عنده كلِمة " خُسارة " !! ربِّنا ما يخسرش لكِنْ لو فرضنا إِنْ فِى كلِمة " خُسارة " عند ربِّنا فهى هلاك الإِنسان ، دى الخُسارة ، عشان كده أقدر أقولك القداسة هِى مِنْ عمل الله0
2- الطريق ليسَ سهلاً ، مِش أتوماتيك كده00لأ00ها تلاقِى مُعوِقات كتِيرة وَها تلاقِى حرُوب كتِير مِنْ داخِل وَمِنْ خارِج ، ده مُمكِنْ تلاقِى ناس مِنْ أهل بيتك ، مُمكِنْ تلاقِى حاجات فِى جسدك ، مُمكِنْ تلاقِى حاجات فِى العالم ، مُمكِنْ تستمِر فِترة وَتِرجع تانِى ، أقولك00لأ00عليك إِنْ إِنت تثَّبِت وجهك وَتستمِرعشان كده يا أحبائِى كنيسِتنا القبطيَّة الأرثوذُكسِيَّة لاَ تسترِيح للمنهج الإنفعالِى وَالعاطِفِى ،واحِد يقولك خلاص أنا ها اتوب دلوقتِى مِش ها اعمِل كده أبداً تانِى ، أقولك حبيبِى ده الطريق لِسَّه طويل وَبلاش كُلّ شوية تقعد تِعمِل كده المفرُوض إِنْ إِنت تنمو فِى هدوء وَفِى تدرُّج وَتِعرف إِنْ إِنت حا تبلُغ الكمال فِى النهاية مِش فِى لحظة ، مِش فِى يوم ، لاَ تُعطِى وعُود كتِير إعرف إِنْ الطريق طويل وَشاق وَالباب ضيَّق عشان كده أقدر أقولك عشان تسلُك فِى طريق القداسة لازِم تِعرف إِنْ الطريق ها ياخُد مِنك عُمرك كُلّه وَمِش ها تطَّمِنْ وَلاَ ترتاح وَلاَ تهنأ إِلاَّ حِين لِقاء إِلهك ، طول ما انت عايش فِى الجسد وَطول ما انت عايش فِى العالم أنت لاَ تسترِيح0
عشان كده عَلَى كُلّ مَنْ يُرِيد أنْ يسلُك فِى طريق القداسة أنْ يكُون يقِظ وَساهِر وَأَلاَّ يشعُر أنَّهُ قَدْ وصل أوْ نال وَلاَ يشعُر أبداً أنَّهُ فِى مأمن مِنْ عدو الخير أوْ مِنْ جسده أوْ مِنْ العالم ، عارِف إِنه مُمكِنْ فِى أى وقت يقع ، عشان كده يا أحبائِى لازِم تِعرف إِنْ الطريق مِش سهل – لازِم تِعرف كده – عشان كده قايلك إِنْ القداسة هِى مِنْ الله ، القداسة طريق مِش سهل0
3- وَالأخِيرة إحذر مِنْ ثلاث حاجات :-
1- اليأس 2- الإستهتار 3- التهاوُن
التهاوُن أوْ الإستهتار وَاليأس ، إحذر جِدّاً إِنْ طريق القداسة بِتاعك يُفقد مِنك بِسهولة00إِحذر00إِحذر إِنْ تِقطع رجاءك فِى إِلهك ، تقول خلاص بقى مفِيش فايدة ، أنا حاوِلت كتِير وَمِش قادِر وَمِش عارِف ، إِحذر00إِحذر مِنْ اليأس ، اليأس أسقط ناس كتِير جِدّاً ، إِحذر مِنْ الإِستهتار00الإِستهتار يعنِى أيه ؟ مِش مُهم ، دى حاجة بسِيطة ، عدو الخير عايِز يبتدِى معاك بِطريقة تدرِيجِيَّة ، كتِير دلوقتِى ناس يقولك أبونا تحمَّست كده إِنْ أنا أجِيب فِى البيت بِتاعنا الدِش وَفِى الحقيقة أنا جايبه عشان أتفرَّج عَلَى القنوات الدينية00كويس00بعد كده إبتدى يقلَّب فِى القنوات الغير دينية فابتدى يقلَّب فِى القنوات الكويسة بس غير دينية فابتدى يشوف شوية أفلام وَشوية أغانِى ، فابتدى يقلِّب فِى قنوات دينية غير دينية ردِيئة00 إيه ده ؟ إِستهتار ، واحدة00 بواحدة00بواحدة ، ما عدو الخير عُمره ما يجِى يقولك إيه تَعَالَ إعمِل الخطيَّة دى00لأ00ده يعرِض عليك يقولك إيه " الثمرة دى حلوة ، دى بهجة للعيُون ، دى شهية للأكل ، أحقاً قَالَ لَكُمْ ( تك 3 : 1) " إِحذر الإِستهتار00إِحذر اليأس00إِحذر التأجِيل ، " التأجِيل " إِنْ كُلّ شوية تقول إيه00بعدين00لِسَّه ، مُمكِن واحِد يقعد يأجِل يقولك طول ما انا فِى الشُغل بتاعِى مِش حا اعرف أعِيش كويس مَعْ ربِّنا ، أصلِى بَشتِم00بَكدِب ، طيب تعِيش مَعْ ربِّنا إمتى ؟ يقولك لمَّا أطلع معاش ،ياه عايِز تأجِل مصِيرك الأبدِى لِغاية لمَّا تِطلع معاش !! إِنت ضامِن00إِنت ضامِن دلوقتِى ، ضامِن بُكره ، لاَ تؤجِل ، ده [ اليوم إِنْ سمِعتُمْ صوتهُ فَلاَ تُقسُّوا قُلُوبكُمْ ] ( عب 4 : 7 ) أختِم كلامِى بِكلِمة يا أحبائِى ، إِحنا فِى جيل محظُوظ جِدّاً ، تخيلوا لمَّا تقعدوا 15 يوم تسمعوا عِظات ، بس مِنْ المؤسِف جِدّاً إنها تعجِبنا عَلَى مُستوى العقل وَلاَ تفعل فِينا شئ – أدى بقى المُشكِلة – المُشكِلة إِنْ إِحنا تعوَّدنا السماع وَلاَ نفعل وَكترة الكلام خلِتنا نتلذذ أكتر بِالكلام وَكإننا بتوع كلام ، إِحنا مِش بتوع كلام ، [ الكلام الَّذِي أُكلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوح وَحيوة ] ( يو 6 : 63 ) قدِيماً ربِّنا لمَّا أرسل حزقيال النَّبِى قاله لمَّا ها تكلِّمهم ها ينبسطوا قوِى مِنْ كلامك بس مِش ها يعمِلوا به فتكون لهم [ كشِعرِ أشواقٍ لِجمِيلِ الصَّوتِ يُحسِنُ العزف فيسمعُونَ كَلاَمَكَ وَلاَ يعملُونَ بِهِ ]( حز 33 : 32 ) ، عارِف إِنت لمَّا واحِد يسمع شِعر حِلو بِصوت حِلو ، الواحِد يقوله " الله "00" يا سلام " ، تخيَّلوا إِنْ إِحنا دلوقتِى وصلنا للدرجة إِنْ إِحنا عَلَى المنابِر نعِظ وَالنَّاس تقُول " يا سلام " ، " يا جمال الكلام "00وَبعدين ؟ إيه بعد كده يعنِى ؟ الكلام يا أحبائِى لابُد أنْ يدخل إِلَى القلب وَأنْ نُخَبِئ الكلِمة وَأنْ نحرُسها وَأنْ نطلُب مِنْ الله أنْ يختِم عليها وَأنْ نطلُب مِنْ نعمِته أنْ تقودنا لِنحياها وَ نُنفِذها وَنحيا بِمُقتضاها ، أنْ يكون لنا سلوك بِحسب الكلام ربِّنا يُعطِينا رُوح القداسة لأِنَّهُ لَمْ يدعُنا للنجاسة بَلْ للقداسة لأِنَّ هذِهِ هِى إِرادة الله قداستكم ربِّنا يكمِّل نقائِصنا ، يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنِعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً أمِين0
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
05 أغسطس 2024
يمين الرب
"يمين الرب صنعت قوة . يمين الرب رفعتني . يمين الرب صنعت قوة فلن أموت بعد بل أحيا وأحدث بأعمال الرب " مز ۱۱۸
يعتبر داود النبي أحد الشخصيات الروحية التي تعاملت في عمق مع يمين الرب المعتزة بالقدرة - له معها اختبارات عميقة ورائعة ، سجل بعضها في مزاميره الرائعة ، كما ظهرت آثارها في سيرته وحياته .
فهو منذ أن كان صبياً راعي غنم كانت له اختبارات مع الله فقد هجم على قطيعه دب وأسد ، وكان بعد حدثاً صغيراً ،ولكنه اعتمد على يد الله العجيبة ،وتقدم إليهما ومزقهما كما يمزق الصبي قصاصة ورق أو خرقة بالية وعندما كبر قليلا إختبر أيضاً يمين الله الجبارة ، عندما رأى عملاقاً . عاتياً يعير صفوف جيش الرب ، ولم يجرؤ أحد على التقدم منه ، لأنه كان مرعباً مهولا كان شعبه اسطورة فمن يقدر أن ينازله ويساجله ؟!
ولكن الصبى داود الذي خبأ في قلبه إختبارات قوية سابقة إستطاع أن يتقدم إلى الملك شاول الذى هزأ به في بادىء الأمر ، وقال له إنك غلام وهو رجل حرب منذ صباه أجابه داود صاحب الاختبارات : عبدك كان يرعى لأبيه غنما فجاء أسد مع دب ، وأخذ شاة من القطيع ، فخرجت وراءه وأنقذتها من فيه . ولما قام على أمسكت به وقتلته . فقتل عبدك الأسد والدب وهذا الأغلف يكون كواحد منهما ، لأنه عير صفوف الله الحى واستطاع داود أن يصرع جليات إذ قال له أنت تأتى إلى بسيف ورمح وترس وأنا أتي إليك باسم رب الجنود وبالفعل قطع رأسه مستخدماً مقلاعاً وخمسة أحجار ملس من الوادى .ويمين الرب التي سندت مرنم اسرائيل الحلو ، هي هي أمس واليوم والى الأبد ، لا تزال تسند كل الذين يستندون على ذراع الرب ، وليس على زراع البشر ففي كل حروب أولاد الله الروحية يتذكرون قول داود "على رجز الأعداء مددت يدك ، وخلصتي يمينك" ولعل أول اختبار نلمسه في معاملات يمين الرب معنا هي أن :
يمينه تدعوني ..
لقد اختبر داود حياة الدعوة عندما أرسل الرب صموئيل لبيت يسى البيت لحمى ليمسح الملك المختار من الله ورفض الرب جميع أولاد يسى ، لأن يمين الرب أشارت إلى الصبي داود المختار من الله ولا يزال الرب يدعونا بيمينة الطاهرة ، إنه يريد الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون وضرب الرب مثلا عن ملكوت الله بإنسان دعا عبيده إلى العرس ولكنهم اعتذروا وبين شروط الدعوة في الإيمان بشخصه المبارك ، وإنكار الذات ، وجمل الصليب، والسير وراءه مفضلا إياه عن كل محبة بشرية .
وعندما نتأمل معاملات يمين الله في دعوته تجده يدعو واحداً في الجليل ، وآخر عند مكان الجباية ، وثالثاً من فوق الجميزة ، ورابعاً وهو في طريقه إلى دمشق ولكن الأمر الذي لا شك فيه ، إنه بدون قبول الدعوة لا بداية صحيحة للطريق فالشاب الغنى مضى حزينة ( مت ۱۹ : ۲۲ ) لأنه رفض الدعوة ، اذ كان ذا أموال كثيرة وصاحب الحقل، والمتزوج حديثاً ، والذي عنده بقرات ، إعتذروا عن دعوة العرس . ولا يزال ألوف من الناس يرفضون الدعوة لأجل هموم الحياة وغرور الغني والإتكال على الذات ان القلب المستعد هو القلب الذي يشعر بيمين الرب تدعوه "مستعد قلبی یا الله مستعد »وهذا الإستعداد ليس مجرد مشاعر أو عواطف، وإنما هو إستعداد كياني يلتزم بالمواقف والإستجابة الفرحة الباذلة حتى الموت إنها دعوة موجهة الآن إلى كل منا ، تشير علينا أن نأخذ منه ذهباً مصفى بالنار كي تجدد عهد معموديتنا بالتوبة الصادقة ، وننهض من تكاسلنا لنقوم ونبنى أسوار أورشليم ولا نعود بعد عاراً .
يمينه تقودني :
لقد إختبر داود قيادة الرب ورعايته فنطق مسبحاً و الرب يرعاني فلا يعوزني شيء " إن سرت في وسط ظلال الموت ، فلا أخاف شراً لانك معى " وفى مسيرة شعب الله في القديم ، كانت يد الله تقود الشعب في شكل سحابة نهارا ، وعموداً من النار ليلا نجد قيادة الله واضحة من خلال الأنبياء الذين أعلنوا قول الرب، والملوك الذين أطاعوا وصاياه وفي كل عصر وجيل يحيا المؤمن في سلام وراحة عندما يسلم قيادة نفسه للرب ، مرنماً مع داود " عندما يقترب من الأشرار ليأكلوا لحمى مضايقي وأعدائى عثروا وسقطوا وإن يحاربي جيش فلن يخاف قلبي" لقد احتفظ الرب يسوع بآثار المسامير في يديه ، لكي يبقى فيها . ينبوع حب دائم لا ينضب . إذ فيما هو قد تألم مجرباً ، يقدر أن يعين المجربين . وإذ لنا رئيس كهنة رحيم يقدر أن يرثى لضعفاتنا لقد اختبرت يمينه كل تجارب الحياة فيما عدا الخطية وحدها إن يده يد حكيمة مختبرة ، ماهرة قادرة على قيادة الجميع مهما كانت ظروفهم وأحوالهم .
ان يد الرب ليست قاصرة عن أن تخلص ...
وفي منهج قيادة الرب بيمينه لشعبه ، نلحظ أنه يستخدم أسلوب التعزية والتشجيع ، كما يستعمل أيضاً منهج التأديب والتوبيخ .. وفي هذا يقول داود النبي. عصاك وعكازك هما يعزياني.. وقد تشير العصا إلى التأديب ، بينما يشير العكاز إلى المساندة والتشجيع وعلى النفس المستسلمة أن تبذل ذاتها ، وتخضع بالتمام للمشيئة الالهية وسط كل الأحداث، وتذعن لمشورته ومقاصده الأبوية السماوية وتفرح لكل التدابير التي ترتضيها العناية الإلهية حتى لو كانت ضد مشيئة الذات.
يمينه ترسلنی :
الإرسالية هي نتاج الدعوة الصادقة ، والتبعية المخلصة لقيادة الرب الأمينة . والإرسالية والامتلاء لا يأخذ شكلا واحداً ، ولكنه يتعدد في صورة حسب الأشخاص والمواهب . فقد يأخذ طابع الخدمة والكرازة والتبشير والافتقاد ، وقد يتخذ طابع رعاية اليتامى والأرامل والحزاني والمرضى ، وقد يتخذ طابع الهدوء والتأمل والانسكاب الكامل في حياة الخلوة والعبادة لكن الذي يجمع هذه الأنماط جميعها ، هو الحياة المكرسة بالتمام لمجد الله كى يكون المسيح هو الكل في الكل إن يمين الرب تعمل بقوة ، ليس فى أفراد متناثرين ، ولكنها تفيض بالمواهب من خلال الكنيسة وحياة الشركة ليت الله يدعونا جميعاً ، ونستمع ونستجيب تاركين أماكن الجياية ليته يقودنا كلنا كجيش ذى الوية ، ناسين ذواتنا ، جاحدين مشيئتنا، خاضعين دوماً لمقاصده السماوية الأزلية وياليته يملأنا ويرسل الوف الوف وربوات ربوات . فالحقول أبيضت والحصاد كثير والفعلة قليلون قم يارب إصنع الخلاص علانيه .
المتنيح نيافة الحبر الجليل الأنبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والأشمونين
عن مجلة الكرازة العدد الثانى والثلاثون عام 1976
المزيد
04 أغسطس 2024
الحاجة الى واحد
إِنجيل هذا الصباح المُبارك ياأحبائىِ يتكلّم عن البيت المحبوب جداً لدى شخص ربنا يسوع المسيح وهو بيت لِعازر ومريم ومرثا معروف أنّ هذا البيت هو موضع راحة ربنا يسوع ، لأنّ ربنا يسوع لا يستريح إِلاّ عِند الناس التى قلوبها تُحبّه والنفوس التى تُرحّب بِقدومهِ ، فهو يُحب أن يستريح عِندهُم مِن كُلّ عناء فوجدنا أنّ ربنا يسوع قبل أن يُصلّىِ كان يستريح فىِ بيت عِنيا ،واليوم نُحب أن نقترب مِن صِفات هذا البيت لكى يستريح فينا شخص ربنا يسوع المُبارك ، فوجدنا فىِ هذا البيت :-
1- لِعازرالذى ربنا يسوع يُحبّهُ 0
2- مرثا التى تهتم بِخدمة البيت 0
3- مريم التى تُحب أن تجلس عِند قدميهِ لِتتعلّم 0
وجدنا كُلّ نِفَس تُحب أن تقترب منهُ لكى يستريح فيها ، ما أجمل العِبارة التى قالها ربنا يسوع لِمرثا عِندما قال " مرثا مرثا أنتِ تهتمين وتضطربين لأجل أمورٍ كثيرة ولكن الحاجة إِلى واحد "،يُريد أن يقول لها أنا أُريدك أن تكونىِ مِثل مريم ولِعازر ، فلا تنصرفىِ كثيراً عن الجلوس تحت أقدامىِ ، فإِنّ الجلوس تحت أقدامىِ أمر محبوب جداً ربنا يسوع يُحب النفوس التى تجلس عِند قدميهِ لكى تسمع وتعمل ، تسمع بقلب مُنسحق وكُلّها إِنصات ، بل كُلّها شغف وحُب وإِتساع لتسمع الكلمة التى تعبُر أعماقها وتؤثرّ فيها ، ولِذلك ربنا يسوع قال لمرثا " الحاجة إِلى واحد " لِنعتبر أنّ ربنا يسوع دخل بيتنا الشخصىِ ووجّه لنا هذا النِداء بل هذهِ الصرخة وقال" ولكن الحاجة إِلى واحد " ،ولِذلك لو ترك الإِنسان نفسهُ لِمشغوليات العالم فإِنّهُ سيرتبك بأمورٍ كثيرة ، وهذهِ قاعدة الذى يهتم بأمور خارج ربنا يسوع ،فلو بعدنا عن ربّ المجد يسوع وعمله وملكوته والتسليم لهُ فإِنّ ذلك يُنشأ إِرتباك لكن إِرتباكنا هذا يجعلنا ننزعج فنهرب إِليهِ أنت مُحتاج للواحد ، ومِن هو الواحد ؟ هو شخص ربنا يسوع ، فلو ربنا دخل إِلى كُلّ واحد وإِلى بيتهِ فإِنّهُ سيقول لهُ " الحاجة إِلى واحد " فهذهِ الآية نحنُ مُحتاجين أن نعيشها ، فتوجد إِحتياجات كثيرة جداً يرتبك بِها الإِنسان ويخدمها وينسى الحاجة إِلى واحد فعُلماء النِفَس لكى يُحدّدوا إِحتياجات الإِنسان وجدوها كثيرة جداً لا تنتهىِ ، ولكن أكثر إِحتياج عِند الإِنسان ومُلح جداً هو أن يُحب ويشعُر أنّهُ محبوب ، وأيضاً الحاجة إِلى التقدير بأنّ الّذين حولهُ يُكرموه ويرفعوه فأكثر شىء يُتعب الإِنسان هو أن يشعُر بأنّ الّذين حولهُ يحتقروه ويُقلّلوا مِن شأنهِ ولا يُقدّروه ،وأيضاً الإِنسان بِيحتاج إِلى الشعور بالأمان والسلام والطُمأنينة والإِستقرار وعدم الخوف وعدم الإِضطراب وأيضاً توجد إِحتياجات بيولوجيّة مِثل الإِحتياج للأكل والشُرب والملبس ، كُلّ هذهِ الإِحتياجات كيف نقيسها على الحاجة إِلى الواحد ، فأنا يارب مُحتاج إِلى إِحتياجات كثيرة0
1- الحاجة إِلى الحُب :-
ما لم يشعُر الإِنسان بِمحبة ربّ المجد يسوع لهُ شخصياً ، ويشعُر بِحُبهِ الباذل الفادىِ فإِنّ الإِنسان سيظل فقير مِن معنى الحُب ، فمهما أحبّوه الناس فإِن محبة البشر محبة زائفة مُتغيّرة مُتقلّبة غير ثابتة ، بل أحياناً تكون محبة أنانيّة تميل إِلى الأخذ ولكن عِندما نرى محبة المسيح فإِنّها محبة ثابتة غير مُتغيّرة حتى وإِن كُنّا خُطاه ، مات لإِجلنا الفُجّار ، والفاجر هو الإِنسان الذى إِستباح الخطايا ، وعِندما يفعل الخطيّة لا يخجل بل بالعكس يكون مُصرّ ومُصمّم ومُتلذّذ بالخطيّة ، ولكن هذا الإِنسان عِندما يشعُر بِمحبة الله فإِنّ هذهِ المحبة تُغطّىِ إِحتياجاته لأى محبة أُخرى ، لأنّها محبة ظاهرة بِشدّة ، الذى أحبّنىِ أنا وأسلم ذاته لأجلىِ أنا فالإِنسان مُحتاج أن يأمِن لِهذا الحُب ، الذى لا يوجد أحد يُعطيه لهُ إِلاّ شخص ربنا يسوع ، تأملّ فىِ غُفرانه لك وكم أنّهُ يكمُن فيهِ محبّة ومِن الأمور التى يحتاج إِليّها الإِنسان الحاجة إِلى الغُفران وذلك حتى لا يشعُر الإِنسان أنّ خطاياهُ بِتتراكم وبتزيد عليه لا تبحث عن حُب خارج المسيح ، لا تجد نِفَسك جوعان وغير شبعان ، محبّة الناس لن تكفيك ، أنت مُحتاج لِحُب لا نهائىِ ، " هكذا أحبّ الله العالم " أى بِدون سبب ، بِدون أن يكون لىّ إِستحقاقات لِحُبّةِ ، أحبّنا فِضلاً ، أحبّنا أولاً لأنّهُ أراد أن يُحبّنا ، أحبّنا لأننّا عمله وصنعه يديهِ 0
2- الحاجة للتقدير :-
الإِنسان مُحتاج لِمن يقول لهُ كلِمة ترفعهُ ، ولِمن يُحسّسهُ بقيمتهُ وبأنّهُ غالٍ ومُهم ،لا يوجد عِند ربنا يسوع أغلى منّىِ ومنك ، لا يوجد أقيّم عِند ربنا يسوع مِن الإِنسان ،فهو يقول لك أنت صورتىِ ، جعلت إِسمىِ عليك ، نحنُ صرنا شُركاء للطبيعة الإِلهيّة فهل يوجد إِحتياج عِند الإِنسان بأن يشعُر بِقيمتهُ وهو شريك للطبيعة الإِلهيّة ،وهو إِبن للّه ،وهو إِناء للكرامة ،وهيكل للروح القُدس ، فعندما نشعُر بِذلك نشعُر بقيمة أنفُسنا ، وأشعُر أننّىِ غالىِ عِندهُ ، ربنا يسوع قال " لذّتىِ فىِ بنىِ آدم "الإِنسان محبوب جداً ، صورتىِ فيهِ لن تجد تقدير مِثل الذى يُعطيه لك ربنا يسوع ، فإِن كُنت مُحتاج لتشجيع فإِنّك ستجد الإِنجيل يُكلّمك ويقول لك " قصبة مرضوضة لا يقصِف وفتيِلة مُدّخنّة لا يُطفأ " ، ويقول " الصدّيق يسقُط سبع مرّات ويقوم " فهل يوجد أكثر مِن ذلك ! فالكِتاب المُقدّس تشجيع وسند ، فهل يوجد أكثر مِن أنّهُ يُعطينىِ جسده ودمه ! فمِن سيُقّدرنىِ هكذا ؟!!
فعِندما تكون مُحتاج للتقدير ويقول لك شخص كلِمة مديح فإِنّها ستكون مملوءة بالنِفاق والرياء ، ولكن عِندما يُشجّعك الذى خلقك وجبلك فهذا هو التقدير الحقيقىِ ، كرامة الإِنسان عِند ربنا كرامة عظيمة سُليمان الحكيم يقول " إِنسان فىِ كرامة لا يفهم يُشبه البهائم التى تُباد " ، فأنت غال أنت محبوب أنت مُكرّم عِند ربنا ، لا يوجد تقدير يُعطيه لى أحد مِثل ما يُعطينىِ ربنا يسوع ، فهو الذى يجعلنىِ أشترك معهُ فىِ الذبيحة الغير دمويّة فأشعُر أنّ قلبىِ مسكن لهُ وجسدىِ هيكل لِربنا 0
3- الإِحتياج للأمان :-
يظل الإِنسان طوال حياته يبحث عن الأمان ،فمثلاً يقول أنا أأمنّ على حياتىِ ويدّخر مِن الأموال وتجدهُ مُضطرب ومهموم ومهما فعل فإِنّهُ لا يشبع ولا يكتفىِ الإِنسان فىِ داخلهُ إِحساس عميق للأمن ، خارج عن ربنا يسوع لا يوجد إِطمئنان ، اليد الإِلهيّة هى التى تحمل كُلّ نِفَس ، مُستحيل أن أطمئن بعيداً عن ربنا يسوع والإِنسان مُحتاج أن يستقرّ ويأمن ولكنّهُ لا يستريح إِلاّ فىِ الله ، فإِن كان يظُن أنّهُ عِندما يدّخر أموال أنّهُ سيستريح ، ولكن كلاّ ، وكان يظُن أنّهُ عِندما يتمسّك بالدنيا أكثر أنّهُ سيستريح ، ولكن الأمر عكس ذلك ، الإِحتياج للأمن لن تجدهُ إِلاّ فيهِ هو بولس الرسول يقول " لأنّهُ هو سلامُنا " ، لا يوجد سلام خارج عنّه ، لا يوجد أمن ولا إِستقرار ولا سكينة ولا إِطمئنان خارج عنّه ، الإِنسان بيأخُذ منهُ سلام ويشبع بهِ ، إِطمئنانىِ هو فىِ يد ربنا ، فالإِنسان عِندما يأخُذ وعد مِن ربنا عِندما يقول لهُ " لا تخف أنت لىِ " ، وعِندما يقول لىِ " أنّ حافظ الأطفال هو الرّبّ " ، ونحنُ نُصلّىِ ونقول " مواعيدك الحقيقيّة الغير كاذبة " ، فبِذلك أثق بهِ وأطمئن فحينما أضطرب أهرب إِليّهِ فأستريح ، وعِندما أجثو أمامهُ أشعُر بالأمن والسلام ، يعتقد الإِنسان أنّهُ سيستريح عِندما يأخُذ بيت وأنّهُ سيجد فيهِ الأمن والسلام ، ولكن كلاّ فلن يجد أنّ البيت هو مصدر سلامه ، فالمتنيح البابا شنوده الثالث يقول " لن يرتاح للأسوار فِكرىِ " ، فأى بيت أيا أن كان أنا سعيد فيهِ مادُمت فيهِ مع يسوع القديس يوحنا ذهبىِّ الفم عِندما أتوا لِيفنوه قالوا لهُ إِننّا لن نجعلك تشعُر بالأمن فمِن حين لآخر سنُرسلك إِلى بلدٍ جديدة ،فقال القديس " للرّب الأرض وملؤها " ، فهو كان يشعُر أنّ أمنه لم يكُن بالمكان الذى سيعيش فيهِ بل فىِ أى مكان يعيش فىِ أمن مع الله كثيراً ما ينخدع الإِنسان مِن نفسه ومِن شهواته ومِن عدو الخير ومِن إِحتياجاته ويُعلن أنّ لهُ راحة خارج ربنا يسوع ، ولكن أبداً فسنظل حيارى وفىِ شدّة وفىِ ضيق إِلى أن نشعُر أنّ راحتنا هى فيهِ القديس أوغسطينوس كان يقول للّه " أعطنىِ أن أستريح فيك دون جميع رغباتىِ " ، أتُريد أن تأمنّ المُستقبل أمنّ الأبديّة ، والإِبن بيرث أبوه والله لم يترُك لى أموال ولا عمارة ولكنّهُ أعطانىِ الميراث الذى لا يفنى ولا يضمحلّ ، ترك لىِ شرِكة الحياة الأبديّة وتجد أنّ الإِحتياجات البيولوجيّة مِن أكل وشُرب وملبس مهما أخذ منها الإِنسان فإِنّهُ لن يكتفىِ بها ولا يشبع منها إِن لم يأكُل بِشكُر ، وإِن لم يكُن لبسه فىِ المسيح يسوع ويكون لبِس بسيط ومُجرّد ليستُر الجسد ،وإِن لم يشعُر الإِنسان أنّ جماله هو مِن الداخل فإِنّهُ لن يعرف أن يختار ملابسهُ ،وسيجد أنّ اللبس يذلّه والأكل يذلّه ولو حاولنا أن نُشبع كُلّ إِحتياجاتنا فإِننّا سنشعُر أننّا مُحتاجين للمسيح وللمسيح فقط ، ولِذلك ربنا يسوع عِندما خاطب الآب قال لهُ " أن يعرفوك أنت الإِله الحقيقىِ وحدك "،كما نقول نحنُ لهُ " لأننّا لا نعرِف آخر سِواك " فالإِنسان لو ترك نفسهُ فىِ إِشباع إِحتياجاته فإِنّهُ سيُذل ،ولو بحث عن إِحتياجه للحُب خارج عن المسيح فإِنّهُ سيتعب ،ولو بحث عن التقدير خارج المسيح سيُذل ، ولو بحث عن الأمان خارج المسيح فلن يشعُر بالأمان ،الحاجة الأصليّة التى تُشبع الإِنسان هى الحاجة إِلى واحد فعُلماء النِفَس قد وجدوا أنّ هذهِ الإِحتياجات لن تُغطّىِ أو تُشبع أبداً ، لأنّ الإِنسان هو بئر مِن الرغبات ، فلو إِمتلك مُمتلكات مِثلاً فإِنّهُ لن يشبع ولكن لا يُشبعهُ إِلاّ الله خالقهُ " فلن يُشبع القلب المُثلّث إِلاّ الله المُثلّث الأقانيم " ، فلو أعطينا لِهذا القلب المُثلّث الكُرة الأرضيّة فإِنّهُ سيظل فيهِ جوانب فارغة قال المسيح لمرثا " أنتِ تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة ولكن الحاجة إِلى واحد " ، يا ليتنىِ أكتشف هذهِ الحاجة ، ولو بحثت عن هذهِ الإِحتياجات خارج المسيح فإِننّىِ بِذلك سأُصبح فقير ولن أشبع ، ولِذلك لابُد أن أرجع إِليهِ ، فوقفة الصلاة ستُشبعنىِ وستُغنينىِ ، ففىِ الكِتاب المُقدّس الله يُكلّمنىِ ويُهدّأنىِ ويُطمأننىِ ،إِشبع بجسده ودمه فهو يعلم بِكُل إِحتياجاتك القديس أوغسطينوس يقول " إِنّ مِن يقتفىِ أثارك لن يضلّ قط ، إِنّ مَن إِمتلكك شبِعت كُلّ رغباته " ، فشخص مِثل موسى النبىِ عِندما تختبره وتقول لهُ : تُحب أن تعيش مُعزّز ومُكرّم فىِ قصر فرعون أم تكون مذلول مع شعب الله ؟ فنجد الردّ يقوله الكِتاب " بالإِيمان موسى لمّا كبِر أبى أن يُدعى إِبن إِبنة فرعون مُفضّلاً بالأحرى أن يُذلّ مع شعب الله على أن يكون لهُ تمتُّع وقتىِ بالخطيّة حاسباً عار المسيح غِنى أعظم مِن خزائن مِصرِ " ، فطوباك يا موسى ، فهذا هو الإِنسان الذى عرِف أن يُشبع إِحتياجاته صح والإِنسان مُحتاج أن يُشبع إِحتياجاته ، ولِذلك وجدنا فِئات كثيرة تتبع ربنا يسوع لأنّهُم إِكتشفوا حُبّه فىِ قلوبهُم ، فتبِعوه مِن كُلّ قلوبهُم وقدّموا حياتهُم حتى الموت الإِنسان مُحتاج أن يُراجع نفسه هل يُشبع كُلّ إِحتياجاته مِن ربنا يسوع ويشعُر بِغِنى أم أنّهُ يعيش مذلول ، ولِذلك عليهِ أن يرجع إِلى الله ولا يلجأ إِلى غيّرهُ ليشبع مِن فيض وغِنى ربنا يسوع المسيح ربنا يسند كُلّ ضعف فينا بنعمتهُ لهُ المجد دائماً أبدياً آمين 0
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
03 أغسطس 2024
إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر أبيب ( لو ۷ : ۱ - ۱۰)
" ولما أكمل أقواله كُلَّها فِي مَسَامِعِ الشَّعَبِ دَخَلَ كفرناحوم وكانَ عَبد لقائدِ مِئَةٍ مَرِيضًا مُشْرِفًا عَلَى الموت وكانَ عَزِيزًا عِندَهُ فَلَمّا سَمِعَ عن يسوع أرسَلَ إليه شيوخ اليهود يسألُهُ أنْ يأتي ويشفي عَبْدَهُ فَلَمَّا جاءوا إلى يسوع طلبوا إليه باجتهاد قائلين إِنَّهُ مُسْتَحِقُّ أَنْ يُفعَلَ لهُ هذا، لأنَّهُ يُحِبُّ أمَّتَنا، وهو بَنَى لنا المجمع فَذَهَبَ يَسوعُ معهم وإذ كانَ غَيْرَ بَعيد عن البيت، أرسل إليه قائد المِئَةِ أصدقاء يقول له يا سيد، لا تتعب لأني لستُ مُستَحِقًا أن تدخل تحت سقفي لذلك لم أحسب نفسي أهلاً أن آتي إليك لكن قُلْ كَلِمَةً فيبرأ غُلامي لأني أنا أيضًا إنسانٌ مُرَتَّبُ تحت سلطان، لي جند تحت يدي وأقولُ لهذا اذهَبْ فَيَذهَبُ، ولآخر ائتِ فيأتي، ولعبدي افعل هذا ! فَيَفْعَلُ" ولَمَّا سَمِعَ يَسوعُ هذا تَعَجَّبَ منه، والتفت إلى الجمع الذي يتبعه وقال أقولُ لكُم لم أجد ولا في إسرائيل إيمانا بمقدار هذا ورَجَعَ المرسلونَ إِلَى البَيتِ، فَوَجَدوا العبد المريض قد صح ".
إنجيل القداس : إقامة لعازر .
إنجيل العشية شفاء عبد قائد المئة. إيمان قائد المئة وهو رجل وثني شيء يتعجب منه بالحقيقة "لما سمع يسوع هذا تعجب منه والتفت إلى الجمع الذي يتبعه وقال: أقول لكم لم أجد ولا في إسرائيل إيمانًا بمقدار هذا" فالرجل متضع وجد نفسه غير مستحق أن يأتي إلى السيد واكتفى بشفاعة شيوخ اليهود الذين أرسلهم إلى الرب ليتكلموا عنه إذ حسبهم أقرب إلى الرب وأكثر دالة لديه. وإذ كان الرب قد قبل شفاعة شيوخ اليهود وذهب معهم في طريقه إلى بيت قائد المئة، عاد الرجل وراجع نفسه كيف أن المسيح سيدخل بيته فوجد نفسه غير مستحق لهذه الكرامة فأرسل أصدقاء يقول للرب بفمهم: "يا سيد لا تتعب لأني لست مستحقا أن تدخل تحت سقفي" وعزز الرجل كلامه بإيمانه في سلطان المسيح بمجرد أن يرسل كلمته القادرة الفاعلة، إذ كان الرجل يعرف من حياته الخاصة كقائد مئة ما معنى السلطان والاقتدار على مستوى الأمور العالمية فكم وكم يكون سلطان المسيح الروحي والخيط الواصل بين إنجيل العشية وإنجيل القداس هو عامل الإيمان المقتدر الذي به ننال من المسيح ليس شفاء أمراض فقط بل قيامة من الأموات "ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الله" "سيقوم أخوك" "أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات
فسيحيا والتقابل بين الفصلين بديع. فالأختان أرسلتا للرب وهو بعيد بحسب مقياس البشر بالرؤية السطحية مع أنه حاضر معهما وليس بعيدًا أرسلتا تقولان يا سيد هوذا الذي تحبه مريض، فالمريض محبوب لدى الرب ولدى الأختين وهكذا فعل قائد المئة أرسل شيوخ اليهود ليُعلموا يسوع عن عبد قائد المئة وهو أيضًا محبوب وعزيز عند سيده كقول الإنجيل ويسوع يجئ ملبيًا طلب الشفاعة والسؤال ويقول عن لعازر "أنا أذهب لأوقظه". وهكذا ذهب أيضًا مع شيوخ اليهود إلى بيت قائد المئة، فيسوع يسعى إلينا حيثما نكون إن في مرض أو حتى في قبر، هو يأتي إلينا محمولاً بشفاعة الذين يطلبون عنا ونحن في حال ضعفنا وعدم قدرتنا على الحركة وإن كانت شفاعة رؤساء اليهود وشيوخهم مقبولة لدى المسيح وبمقتضاها يقوم ويذهب ويشفي فكم تكون شفاعة القديسين أحبائه والشهداء أصفيائه والرسل والكارزين وعلى رأسهم العذراء الأم القديسة فهل يرد طلبتهم؟ وإذ كان يسوع غير بعيد عن المنزل أرسل إليه أصدقاء " فلما سمعت مرثا أن يسوع آت، لاقته ولم يكن يسوع قد جاء إلى القرية بل كان في المكان الذي لاقته فيه مرثا"النفوس الممتلئة إيمانًا يحركها الإيمان لملاقاة يسوع لا تلبث في مكانها متكاملة فإن خبر مجيء يسوع إليها يحرك فيها حسيات روحية قوية تدفعها لطلب يسوع بأكثر اشتياق. فمرثا لاقته،ودعت أختها سرًا قائلة المعلم حضر فتلك لما سمعت طارت من الفرح الذي فاق حزنها على موت أخيها وقامت مسرعة ولاقته في ذات المكان بقدر ما يسعى يسوع نحوي بقدر ما تشتاق نفسي لملاقاة يسوع هناك أبث لديه ضيقي وهناك أسجد عند قدميه.
كلمة الحياة :
قال قائد المئة : "قل كلمة " فقالها ففعلت فعلها العجيب وقال الرب كلمة للعازر : "لعازر هلم خارجا" ففعلت الكلمة فعلها العجيب هذا هو إيماننا بكلمة المسيح مدح المسيح إيمان قائد المئة بينما طلب من مرثا إقرارًا بإيمانها قائلاً: "أتؤمنين بهذا" فاعترفت بإيمانها بكل صدق ومن عمق قلبها قائلة: "نعم يا سيد أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن إله الآتي إلى العالم" والفاحص القلوب وعارف الخفايا عرف صدق إيمانها فيه ولكن في وقت التجربة يمتحن الإيمان فوّد المسيح لو يذكرها بالتمسك بمن آمنت ويبرهن لها صدق مواعيده إن هي تقوت في الإيمان "إن آمنت ترین مجد الله" ما أمجد إيماننا بالمسيح وما أحوجنا أن نتقوى في الإيمان ونثبت فيه ونتمسك به كمرساة ثابتة للنفس لئلا نهتز في أوقات المحن والتجارب يارب اسند إيماننا كلمة المسيح هى الإنجيل، انظر كم هي حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته" والمسيح يقولها بسلطانه الإلهي ويرسلها تُحيي وتقيم الموتى وتشفي كل مرض وكل سقم هلم يا إخوة نأخذ كلمة المسيح بإيمان، آية واحدة تقدر أن تعمل عمل الله فينا ، ولكن لابد أن نأخذها بإيمان وثقة في الذي يقولها ويرسلها المرض فينا ليس مرض الجسد،والموت ليس موت الجسد أمراض الجسد وموت الجسد محدودة بحدود ومعروفة نهايتها، أما مرض الخطايا وموت الخطايا ونتن الخطايا فشيء كريه لا يطاق نحتاج أن يقول المسيح كلمته لنا فتتغلغل إلى أعماقنا بصدق وتطرد أمراضنا في الحال وتخرج موتانا من القبور لماذا ندوم في الأمراض ونبقى في القبور وكأن ليس لنا مسيح قويت علينا الخطايا كأمراض مستعصية وكأننا في يأس ليس شيء مستحيل على المسيح لا مرض ولا موت المسيح هو رب الحياة ورب القيامة وكاسر شوكة الموت.
المتنيح القمص لوقا سيداروس
عن كتاب تأملات في أناجيل عشية الآحاد
المزيد
02 أغسطس 2024
نشكرك لأنك نعمة الشفقة
من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي "نشكرك" وحسب تقليد كنيستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي تفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
"وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل، وكانت أم يسوع هناك ودعى أيضا يسوع وتلاميذه إلى العرس ولما فرغت الخمر، قالت أم يسوع له ليس لهم خمر قال لها يسوع ما لي ولك يا امرأة لم تأت ساعتی بعد، قالت امه للخدام مهما قال لكم فافعلوه، وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك. حسب تطهير اليهود يسع كل واحد مطرين أو ثلاثة قال لهم يسوع املاوا الأجران ماء، فملأوها إلى فوق ثم قال لهم استقوا الآن وقدموا إلى رئيس المتكاء فقدموا فلما ذاق رئيس المتكأ الماء المتحول خمرا، ولم يكن يعلم من أين هي لكن الخدام الذين كانوا قد استقوا الماء علموا، دعا رئيس المتكأ العريس وقال له كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولاً، متى سكروا فحينئذ الدون. أما انت فقد أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن. هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل، وأظهر مجده، فامن به تلاميذه"(يو۲: ۱-11)
إن كلمة الشفقة لها مترادفات كثيرة جدا، فهى تعنى الرحمة، الرأفة التعزية، والأحشاء، وتعنى أيضا الإحساس بالآخرين مثلما حدث مع أمنا العذراء في عرس قانا الجليل فعندما شعرت بالمازق الذي يتعرض له أهل العرس، ذهبت إلى السيد المسيح وقالت له: ليس لهم خمر (يو ٣:٢). وكلمة "خمر" في مدلولتها في معاني الكتاب المقدس تعنى الفرح وكانها تقول للسيد المسيح أن هؤلاء المدعوين يعيشون في حالة من الحزن وذلك لأن العهد القديم باكمله، لم يكن فيه فرح الخلاص، وقد استدل على هذا المعنى من مضمون كلمات السيد المسيح "ما لي ولك يا امرأة لم تات ساعتي بعد".(يو ٤:٢). فقد كانت إجابة السيد المسيح هنا إجابة خلاصية، وكلمة ساعتي، تشير إلى ساعة الصليب التي هي قمة الرحمة والشفقة لبني البشر، وكأن العذراء مريم تقدم لنا نموذجا مصغرا للإحساس بالآخرين والسيد المسيح في إجابته يوضح لنا أن ساعة الرحمة الشاملة والكاملة في ساعة الصليب وكانت هذه هي أول اية يقوم بها السيد المسيح، ثم بعد ثلاث سنوات من هذا الحدث، صلب السيد المسيح على الصليب، وقدم الفداء والرحمة لكل البشرية، ولذلك فإن أكثر كلمة تستخدمها في صلواتنا في ارحمنا يا الله، فعبارة "ارحمنا يا الله" نكررها باشكال كثيرة وفي أوقات مختلفة وأيضا نصلى في مزمور التوبة قائلين "ارحمني يا الله كعظيم رحمتك "مز ٥٠ قبطي)، وعبارة "عظيم رحمتك" تعنى عظيم الشفقة، أي شفقة الله التي لا تنتهى على البشر وإن توقفنا قليلاً عند أعمال السيد المسيح، نجد أن جميعها لا تخلو من أفعال الرحمة إن كان ذلك من خلال المعجزات أو الامثال أو المقابلات لمعجزات المسيح كانت تتنوع ما بين شفاء المرضى أو إقامة الموتى أو عرس قانا الجليل، وكل هذا يحمل روح الشفقة والرحمة. فمثلاً في معجزة شفاء مريض بيت حسدا مر السيد المسيح على هذا الإنسان الضعيف المطروح عند البركة وقال له اتريد أن تبرا، واعتقد أنه عبر الـ ٣٨ عاما التي قضاها هذا المريض عند البركة، لم يسأله أحد هذا السؤال فقال له المخلع "يا سيد ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء بل بينما أنا أت ينزل قدامی اخر "(یو٧:٥)، ولكن المسيح كلى الرأفة قال له "قم أحمل سريرك وامش "(يو ٥ :۸)، واعطاء الرحمة والشفقة اللتين كان في احتياج إليهما.
وأيضاً أمثال السيد المسيح، تشتمل جميعها على الرحمة والشفقة، فمثلاً في مثل الابن الضال عندما عاد إلى أبيه، لم يجد منه غير الشفقة والرحمة فيقول الكتاب "وإذ كان لم يزل بعيداً رأه أبوه، فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله" (لو ۲۰:۱۵). وهكذا مقابلات السيد المسيح اشتملت جميعها أيضاً على الرحمة مثال لذلك مقابلته مع نيقوديموس "كان إنسان من الفريسيين اسمه نيقوديموس، رئيس لليهود. هذا جاء إلى يسوع ليلاً" (يو ۳: ۱-۲)،ومقابلته مع المرأة السامرية "فجاءت امرأة من السامرة لتستقى ماء فقال لها يسوع أعطيني لأشرب" (يو ٧:٤). ومقابلته مع نازفة الدم "وإذا امرأة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة قد جاءت من ورائه" (مت ۲۰:۹)، ولقائه مع المرأة الكنعانية وتحننه عليها "وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه ارحمني يا سید یا ابن داود. ابنتي مجنونة جداً" (مت ٢٢:١٥) ومقابلته مع زكا العشار "فلما جاء يسوع إلى المكان نظر إلى فوق فراه وقال له: يا زكا أسرع وانزل، لأنه ينبغى أن أمكث اليوم في بيتك"(لو ٥:١٩). وهنا اسأل نفسك ماذا ستقول للسيد المسيح إن تقابلت معه يوماً ؟!! أعتقد لن تستطيع أن تنطق إلا بعبارة واحدة وهي: «ارحمني يا الله» فالطلب الأول والأخير الذي نطلبه من شخص السيد المسيح هو الرحمة.
جولة في الكتاب المقدس المشاهدة رحمة الله:
والآن سنتجول معاً في الكتاب المقدس، لنرى رحمة الله وشفقته على جنس البشر.
أولاً: في العهد القديم
شفقة الله على آدم، لقد ظهرت شفقة الله منذ بداية الخليقة عندما أوجد الإنسان الأول آدم، ووجده وحيداً فقال: "ليس جيداً أن يكون آدم وحده، فأصنع له معيناً نظيره" تك ۲ : ۱۸)، فخلق له أمنا حواء التي كانت الإنسانة الأولى على الأرض فخلقة حواء بطريقة خاصة من آدم كانت نوعاً من شفقة الله على الإنسان. وحتى بعد سقوط آدم وحواء في الخطية، وكسرهما وصية الله أشفق أيضاً عليهما !! فيقول الكتاب "وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما "(تك ۲۱:۳)، وكان هذا نوعاً من الشفقة والرحمة حتى وهما خطاة!!
شفقة الله على لوط، فقد كان الملاكان يعجلان لوطاً وعائلته بالخروج من المدينة، لأنها ستحرق بالنار والكبريت ولما توانى يقول الكتاب" أمسك الرجلان بيده وبيد امرأته وبيد ابنتيه لشفقة الرب عليه، وأخرجاه ووضعاه خارج المدينة" (تك ١٦:١٩).
شفقة الرب على ليئة، لقد تزوج أبونا يعقوب من ليئة ابنة لابان، ثم تزوج من راحيل أختها، ويقول الكتاب "وأحب أيضاً راحيل أكثر من ليئة" (تك ۳۰:۲۹)، إلى جانب أن راحيل كانت أكثر جمالاً من ليئة لذلك أشفق الله على ليئة، وأعطاها نسلاً قبل راحيل أختها، فيقول الكتاب: "ورأى الرب أن ليئة مكروهة ففتح رحمها، وأما راحيل فكانت عاقراً" (تك ۳۱:۲۹).
أولاً: في العهد القديم
شفقة الله على المساكين والفقراء ونجدها كثيراً في الكتاب المقدس، فهو يشفق على المسكين والبائس كما يقول الكتاب "لانه ينجى الفقير المستغيث، والمسكين إذ لا معين له يشفق على المسكين والبائس ويخلص أنفس الفقراء" (مر ۱۲:۷۲-١٣) ويشفق أيضا على الغريب واليتيم والضيف كما يعلمنا الكتاب قائلاً" الصانع حق اليتيم والأرملة، والمحب الغريب ليعطيه طعاماً ولباساً فأحبوا الغريب لأنكم كنتم غرباء . "(تث ۱۸:۱-۱۹)، فشفقة الله لا تستطيع أن تتكلم عليها، أو نصفها بتمام الوصف شفقة الله على حزقيا الملك، فقد كان حزقيا ملكاً صالحاً، وفي أحد الأيام قال له اشعياء النبي "الرب يقول إنك تموت ولا تعيش" هكذا يقول الرب أوص بينك لأنك تموت ولا تعيش" (اش ۱:۳۸)، فبكي حزقيا وصلى إلى الرب قائلاً: "اه يارب اذكر كيف سرت أمامك بالأمانة وبقلب سليم، وفعلت الحسن في عينيك" (۲مل ۳:۲۰) فاستجاب الله لصلاته، ولم يخرج إشعياء من المدينة حتى أمره الرب أن يعود الملك حزقيا مرة أخرى، ويقول له :هكذا قال الرب إله داود ابيك قد سمعت صلاتك قد رأيت دموعك هانذا أشفيك في اليوم الثالث تصعد إلى بيت الرب وأزيد على ايامك خمس عشرة سنة" (۲ مل٥:٢٠-٦)
ثانيا: في العهد الجديد
شفقة الله على الأعميين، لقد تقابل السيد المسيح معهما، وهو في الطريق خارجا من أريحا، فصرخا قائلين "ارحمنا یا سید یا این داود" فأشفق الرب عليهما. كما يقول الكتاب "فتحنن يسوع ولمس اعينهما فللوقت أبصرت اعينهما فتبعاه"(مت ٣٤:٢٠) شفقة الله على المرأة الكنعانية، التي كانت تصرح قائلة "ارحمنی با سید، يا ابن داود ابنتي مجنونة جدا"(مت ٢٢:١٥)، وهنا أدخلها السيد المسيح في امتحان صعب جداً، فقال لها "ليس حسناً أن يؤخذ خبر البنين ويلقى للكلاب ولكن هذه المرأة الكنعانية في إيمان ثابت اجابته قاتلة نعم يا سيد والكلاب ايضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها (مت٢٧:١٥) فنظر إليها السيد المسيح وقال لها: "يا امرأة عظيم إيمانك ليكن لك كما تريدين. فشفيت ابنتها من تلك الساعة (مت ۲۸:۱۵)
لقد تحين الله عليها وشفى ابنتها.
شفقة الله على الأبرص، يقول الكتاب "وإذا أبرص قد جاء وسجد له قائلاً يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني فمد يسوع يده ولمسه قائلاً: اريد، فاظهر (مت ۲:۸-٣) لقد تحنن الله على هذا الأبرص وطهره من برصه
شفقة الله على أرملة نايين، فقد اقام لهذه الأرملة ابنها الوحيد، كما يقول الكتاب "فلما رأها الرب تحنن عليها، وقال لها لا تبكي، ثم تقدم ولمس النعش، فوقف الحاملون فقال أيها الشباب لك أقول قم فجلس الميت وابتدأ يتكلم، فدفعه إلى امه (لو ١٣:٧-١٥)
شفقة الله على الجموع أن سبب هذه المعجزة هو شفقة الله على جموع الشعب المجتمعة لسماع تعاليمه، فيقول الكتاب "واما يسوع فدعا تلاميذه وقال: إني اشفق على الجمع، لأن الآن لهم ثلاثة أيام يمكثون معى وليس لهم ما يأكلون ولست اريد أن أصرفهم صائمين لثلا يخوروا في الطريق (مت ٢٢:١٥).
شفقة الله على الحيوان والجميل هنا أن شفقة الله وحنانه ليست على البشر فقط ولكنها على الحيوان أيضا، فيقول الكتاب "لا تحرث على ثور وحمار معا" (تث١٠:٢٢) لأن الثور أقوى من الحماروهذا يسبب تعبا وألما للحمار" وأيضاً يقول "لا تطبخ جدياً بلبن امه"(تث٢١:١٤)، وهناك مواقف أخرى كثيرة، فمن خلال الكتاب المقدس خرجت ما يسمى بجمعية الرفق بالحيوان وايضا جمعيات حقوق الإنسان في شكل من اشكال الرحمة. شفقة الله على الطيور فيقول الكتاب "المعطى للبهائم طعامها، لفراخ الغربان التي تصرخ (مز ٩:١٤٧) فراخ الغربان أي الأولاد الصغار للغربان، وهي تتميز باللون الأبيض في أيامها الأول، وهذا يجعل الغراب الأب يخاف من أولاده ويهرب ويتركهم ويقال أن هذه الغربان الصغيرة عندما تترك وحيدة ترفع افواهها إلى السماء وتصرخ وكانها تطلب من الله إطعامها وبالفعل يرسل لها الله بعض الحشرات الصغيرة التي تشبعها، ومع الوقت يبدا لونها الأبيض في التحول إلى اللون الرمادي الغامق، وهنا يعود الغراب الآب إلى أولاده ويكمل رعايته لهم !
شفقة الله على الأرض فيقول الكتاب "وست سنين تزرع أرضك وتجمع غلتها ، وأما في السابعة فتريحها وتتركها لياكل فقراء شعبك وفضلتهم تأكلها وحوش البرية كذلك تفعل بكرمك وزيتونك "(خر ۱۰:۲۲ -11)
لأنه إن زرعت الأرض بصفة دائمة، فإن ثمرتها وإنتاجها وقوتها سوف تضعف وأيضاً لأنه في هذا العام سيخرج من الأرض بعض الأعشاب التي يقتات منها الإنسان الفقير ووحوش البرية إن الرحمة والشفقة من الصفات العالية جدا التي يتميز بها الإنسان ولكن للأسف الشديد قد يصاب قلب الإنسان بالقسوة سواء كان ذلك في إطار الأسرة الصغيرة أو المجتمع أو الأوطان فنجد الحروب في كل مكان وهنا يتخلى الإنسان عن الرحمة التي في قلبه، بينما يعلمنا الكتاب قائلاً" كونوا رحماء كما أن أباكم ايضاً رحيم، (لو ٣٦:٦).
كيف ينال الإنسان شفقة الله ورحمته!!
هناك ثلاث قنوات تساعد الإنسان، لكيما ينال رحمة الله وشفقته وهي التوية، والقدرة على التسامح، وعمل الرحمة.
أولا التوبة
فالتوبة تجعل الله يسكب على الإنسان كل البركات، وأيضاً تفرح السماء فيقول الكتاب "اقول لكم إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة (لو ٧:١٥) فالتوبة هي التي تسكب رحمة الله على الإنسان، ففى توبة الابن الضال، كان كل ما يتمناه في رجوعه، هو أن يكون أجيراً في بيت أبيه، ولكن ما حدث كان خلاف هذا، فقد قبله أبوه وتحنن عليه، كما قال الكتاب "فقال الأب لعبيده أخرجوا الحلة الأولى والبسوء واجعلوا خاتما في يده، وحذاء في رجليه وقدموا العجل المسمن واذبحوه فناكل ونفرح "(لو ٢٢:١٥-٢٣)إن توبة الابن الصادقة هي التي جلبت كل هذه النعم والعطايا عليه، فيقول الكتاب "كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه لأنه يعرف جبلتنا يذكر أننا تراب نحن" (مر ۱۳:۱۰۲ -١٤)، فتوبة الإنسان هي التي تجعل الله يتحنن عليه
ثانيا : القدرة على التسامح
فهناك مشكلات قد تستمر لسنوات عديدة بينما إن كان لأحد الطرفين القدرة على التسامح، لكان هذا الصراع قد انتهى سريعاً، لذلك نصلي في الصلاة الربانية ونقول "وأغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمدنيين إلينا" (مت ٦ :١٢) ويقول الكتاب "وإن لم تغفروا انتم لا يغفر أبوكم الذي في السماوات أيضاً زلاتكم "(مر ٢٦:١١)، فعلم نفسك أيها الحبيب كيف تستطيع أن تسامح، وقد تبدو هذه الكلمة سهلة، ولكنها في الحقيقة هي غاية في الصعوبة فكثير من الأشخاص ليس لديهم القدرة على المسامحة ولكن إن تخيل أي إنسان أن الله من الممكن أن يفعل معه ذلك، ولا ينسى له أخطاء، ماذا ستكون مشاعره !!! بالتأكيد سيكون شيئاً مؤلماً للغاية، لذلك حاول أن تسامح وتصفح، لتنسكب عليك رحمة الله وشفقته
ثالثاً عمل الرحمة
علم نفسك أيها الحبيب، أن تعمل دائماً. أعمال الرحمة وذلك بكل أشكالها، وضع امامك هذه الآية التي تقول "كونوا رحماء كما أن أباكم ايضاً رحيم،:(لو٣٦:٦).فمثلاً اجعل لك شفقة على الإنسان الضعيف فهناك من يتلذذ بإذلال الآخر وتعذيبه ولكن هذا يطيح بالإنسان بعيداً عن السماء فكيف تطلب من الله أن يشفق عليك وأنت لا تشفق على أخيك الإنسان مهما كانت قرابته لك علم نفسك كيف تكون رحيما بالآخرين، سواء كان هذا الآخر زوجاً أو زوجة أو ابناً أو جاراً أو صديقاً أو إلخ لكي ما تتمتع برحمة الله فحاول أيها الحبيب أن تبحث عن آية قساوة داخل قلبك، واعمل على إزالتها. وصل دائماً قائلاً "اشكرك يارب لأنك اشفقت على وأعطيتني النعمة التي استطيع بها أن أشفق على الآخرين".
قداسة البابا تواضروس الثاني
عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد