المقالات
14 ديسمبر 2022
ملئ الزمان
إن إنتظاره " ملء الزمان " هو درس روحي عميق نستفيده في حياتنا ، عندما نتأمل قصة التجسد وكيف حدد الله ميعادها وعندما أخطأ آدم وحواء وعدهما الله بالخلاص ، قائلاً لهما إن نسل المرأة سيسحق رأس الحية وإنجبت المرأة قايين وهابيل وشيث ولم يحدث أن أحداً منهم سحق رأس الحية . بل ظلت الحية رافعة رأسها في خطر ، حتى كادت تهلك العالم كله في أيام نوح فإلى متي يارب ننتظر ؟ متى تحقق وعدك بالخلاص ؟ " ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه ( أع1 : 7 ) فاصبروا وإنتظروا خلاص الرب . وكل شئ سيتم في حينه ، في ملء الزمان إن الله يعمل في الوقت المناسب ، حين يري العمل والظروف كلها تساعد على هذا العمل الله طويل الأناة في تدبيره ومعالجته للمشاكل ربما تأخذ وقتاً ولكنها تكون قوية ونافعة متى نفذ الرب وعده بالخلاص ؟ نفذه بعد آلاف السنين والحكمة في ذلك سنوضحها فيما بعد . ولكننا نقول آلان يوماً عند الرب كألف سنة ، وألف سنة عنده كيم واحد " ( 2بط3 : 8 ) كل تلك الآلاف عند الله كأنها لحظة أو طرفة عين أما البشرية فإنها شغوفة بأن تنهي كل شئ بسرعة حمي الإسراع هي حمي تنتاب البشر جميعاً تريد التعجل في كل شئ ، ولا تستطيع صبراً على شئ الناس يجرون وراء حاجاتهم جرياً بدون تفكير في غالبية الأوقات .
محبه العجلة والإسراع :-
وعد الرب أبانا إبراهيم بأن يكون له نسل ، مثل نجوم السماء ورمل البحر وأنتظر إبراهيم طويلاً ولم يعط نسلاً كنجوم السماء ولا حتي إبناً واحداً ماذا يارب ، هل نسيت مواعيدك ؟ كلا ، إنني لم أنس ، ولكنك أنت الذي تريد أن تتعجل الأمور قبل مواعيدها " تقو وليتشدد قلبك ، وأنتظر الرب " وعاد إبراهيم ، فإنتظر مدة أطول ، ولكن النسل لم يعط له فبدأ اليأس يتطرق إلى قلبه ، ودفعه إليأس إلى أن يدخل على جاريته هاجر ، وينجب منها إبناً ولكن مشئيته الله ظلت كما هي " بسارة يدعي لك نسل " ( تك17 : 9 ) وعاد إبراهيم فإنتظر سنوات أخري وحتى بعد ولادة إسحق ، مرت عليه عشرات السنوات ، ومازال الوعد الخاص بنجوم السماء ورمل البحر ينتظر التحقيق وعاد إبراهيم فاتخذ قطورة زوجة له فولدت له زمران ويقشان ومديان ويشباق وشوحا ( تك25 : 1 ، 2 ) لم تكن مشيئته الرب في كل هؤلاء ، فأعطاهم إبراهيم عطايا وصرفهم عن إسحق إبنه وإنتظر حتي يحقق الرب وعده ، في ملء الزمان بطريقته الهادئة ، التي لا تعجل فيها إن اليأس من وعود اله ومواعيده يدعو إلى التعجل والعجلة تدعو إلى إستخدام الطريق البشرية والطريق البشرية تتنافي مع طرق الله الصالحة وسنأخذ مثلاً لذلك رفقة زوجة إسحق قال الرب لرفقة وهي بعد حبلي " في بطنك أمتان ، ومن أحشائك يفترق شعبان شعب يقوي على شعب ، وكبير يستعبد لصغير " ( تك25 : 23 ) . والكبير هو عيسو ، يستعيد للصغير الذي هو يعقوب كيف هذا يارب ؟ كيف يستعبد الكبير للصغير ؟ طالما هو البكر فهو السيد فهل سيفقد البكورية ؟ كيف يكون ذلك ؟ يجيب الرب اتركوا هذه الأمور لي ، سأعلجها بطريقتي الخاصة ، الهادئة الصالحة ومرت الأيام والسنون أين يارب وعدك ؟ يجيب إنتظروا ، سيتم كل شئ في حينه ، في ملء الزمان ثم أتي اليوم الذي طلب فيه إسحق صيداً من إبنه عيسو ، لكي يباركه وهنا لم تستطع رفقة أن تحتمل ، فقدمت حيلة بشرية لأبنها يعقوب ليأخذ بها البركة عن طريق خداعة لأبيه لماذا أسرعت رفقة ؟ ولماذا لم تنتظري الرب ؟ ولماذا لجأت إلى الطرق البشرية الخاطئة التى لا تتفق مع مشيئته الله الصالحة ؟ إنها حمى الإسراع وعدم إنتظار ملء الزمان وماذا كانت النتيجة ؟ كانت سنوات طويلة من المتاعب والآلام ، قضاها يعقوب شريداً هارباً وخائفاً من أخيه ومتعباً من معاملة لابان السيئة وخداعة له . وقد سجل يعقوب ملخص حياته هذه بقولة : " ايام سني غربتي قليلة وردية " ( تك 47 : 9 ) حنة أيضاً كانت تطلب إبناً من الرب ، وكانت ضرتها تغيظها غيظاً وبدا كما لو أن الرب كان يسمع ويظل ساكتاً ! ومرت الأيام ، وحنة ما تزال عاقراً " وهكذا صار سنة بعد سنة ، كلما صعدت إلى بيت الرب أن ( ضرتها فننه ) كانت تغيظها . فبكت ولم تأكل " ( 1صم1 : 7 ) والرب يسمع ويري ، ومع ذلك يبدو ساكتاً لا يعمل شيئاً ! إلى متى يارب لا تستجيب ؟ إلى متى تحتمل بكاء حنة من إغاظة ضرتها ؟ يجيب الرب إنتظروا ملء الزمان إن الذي يتعبكم ليس هو طول أناتي ، بل الذي يتعبكم هو حمي الإسراع إنتظرونا ، فالانتظار له فائدة وكان من فائدة الانتظار أن حنة نذرت نذراً أن تعطي إبنها للرب كل أيام حياته وقد كان ، وولد لها صموئيل ولد صموئيل في ملء الزمان ، متأخراً جداً ولكنه كان أفضل من جميع أولاد فننة ، ضرة أمه التي كانت تغيظها من هم أولاد فننة ؟ إننا لا نعرف شيئاً عنهم ولا حتى عن أسمائهم ، أما صموئيل فيعرفه الجميع ليتنا إذن في معاملاتنا للرب ، نصبر ، وننتظر ملء الزمان إن الضيقات تحتاج إلى طول أناة ، حتى يرفعها الرب عنا في الحين الحسن ، في ملء الزمان ، بعد أن نكون قد أخذناه بركتها ولكننا أحياناً لا نفعل هكذا بل نضيق بسرعة ، ونصرخ " لماذا يارب تركتنا ؟ لماذا لم تسمع الصلاة ؟ " قد يكون لك مريض تطلب شفاءه ، وتلح في ذلك وقد يبطئ الرب في الإستجابة حتي يأتي ملء الزمان الذي يحدده للمريض حسب حكمته في إختيار الأوقات أما أنت فتضجر وتصيح في ضجر " ليه يارب ما بتسمعش ؟ أمال إيه لازمة الصلاة ؟ أمال إيه فايدة سر مسحة المرضي !! " وتعمل خناقة مع ربنا ليس لأن الله قد أخطأ في حقك ، وإنما بسبب محبتك للإسراع وعدم إنتظارك ملء الزمان .
ملئ الزمان هو الوقت المناسب :-
بنفس حكمة ملء الزمان ، إنتظر الرب حتى يعد كل شئ لتجسده ، ثم بعد ذلك نزل إلينا في الوقت المناسب لم يكن هناك وقت مناسب أكثر من موعد مجيئه بالذات . كان كل شئ مهداً وكل شئ معداً لذلك كان عمل مجيئه قوياً ، وكان تقبل الناس له سريعاً كانت النبوءات قد إكتملت ، وكذلك الرموز وأعد الرب فهم الناس لها خلال مدي طويل ، حتى يستطيعوا أن يستوعبوها عندما يتم المكتوب ويتحقق الرمز خذوا لذلك مثالاً هو فكرة الذبيحة والفداء :
كيف تدرج الله بهم من الذبيحة التي غطي آدم وحواء وعريهما بجلدهم إلى ذبيحة هابيل التي " من أبكار غنمة ومن سمانها " ، إلى فكرة ذبيحة الإبن الوحيد التي تمثلت في إسحق ، إلى شروط الذبيحة الت بلا عيب ، التي تحمل خطية غيرها وتموت عنه وتركهم آلافاً من السنين حتى احتضنوا الفكرة واستوعبوها وصارت من بديهيا تهم إن الله طريقته هادئة وطويلة المدي ، ولكنها منتجة ونافعة صدقوني ، لو أن الله صبر كل تلك الآلاف من السنين حتى يجد العذراء الطاهرة التي تستحق أن يولد منها الرب ، والتى تحتمل أن يولد منها الرب ، لكان هذه واحده سبباً كافياً وكان ينبغي أن ينتظر حتى يوجد الرجل البار الذي تعيش تلك العذراء في كفنه ، ويحفظها في عفتها ، ويحتمل أن تحبل من الروح القدس ، ويقبل الفكرة ، يحمى الفتاة ، ويعيش كأنه أب لإبنها في نظر المجتمع وكان ينبغي الانتظار حتى يولد الملاك الذي يعد الطريق قدام ملك الملوك ، أعني يوحنا المعمدان ذا الشخصية الجبارة والتأثير العميق . الذي يستطيع أن يقول : " في وسطكم قائم الذي تعرفونه ، هو الذي يأتي بعدي ، الذي صار قدامي ، الذي لست بستحق أن أحل سيور حذائه " ( يو1 : 27 ) " وينبغي أن ذاك يزيد ، وأني أنا أنقص . الذي يأتي من فوق ، هو فوق الجميع الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع ( يو3 : 30 ، 31 ) لعل أحداً يسأل : ولماذا لم يوجد الله كل هؤلاء منذ زمن ؟ نجيب بأن الله لا يرغم البشر على البر والقداسة إنه ينتظر حتى توجد الآنية المستعدة بكامل أرادتها هناك أسباب عديدة جداً توضح شيئاً من حكمة الرب في الانتظار حتى يأتي ملء الزمان وأوضحها هو إعداد العالم كله وتهيئته لقبول فكرة التجسد وفكرة الفداء
وأخيراً ، عندما كمل كل شئ " لما جاء ملء الزمان ، أرسل الله إبنه مولوداً من إمرأة تحت الناموس ، ليفتدي الذين تحت الناموس ، لننال التبني " ( غل4 : 4 : 5 ) .
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
13 ديسمبر 2022
السهر الروحي
ونحن نقترب من شهر كيهك حيث السهر والصلاة والتسبيح حتى الصباح، لذلك يحلو لنا أن نتكلم عن السهر راجين من الرب أن يعيننا على السهر الروحي لكي ما نحيا حياة السماء ونحن على الأرض.
السهر الروحي:-
هو اليقظة ضد الخمول والإهمال للوصول إلى الاستعداد الدائم لإرضاء الرب، منتظرين مجيئه والمثول بين يديه. السهر هو يقظة القلب والعقل وكل طاقات الإنسان، فلا يسقط الإنسان في أي شيء عابر (نظرة - فكرة - تصرف)، وهو حالة تحوّل مستمر من حياة حسب الجسد الى حياة حسب الروح «فَإِنَّ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَبِمَا لِلْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ، وَلكِنَّ الَّذِينَ حَسَبَ الرُّوحِ فَبِمَا لِلرُّوحِ لأَنَّ اهْتِمَامَ الْجَسَدِ هُوَ مَوْتٌ، وَلكِنَّ اهْتِمَامَ الرُّوحِ هُوَ حَيَاةٌ وَسَلاَمٌ» (رو8: 5-6). وكرر القديس بولس لفظ السهر قائلا «فَلاَ نَنَمْ إِذًا كَالْبَاقِينَ، بَلْ لِنَسْهَرْ وَنَصْحُ» (1تس5: 6). وقد أوصانا الرب قائلًا «اُنْظُرُوا! اِسْهَرُوا وَصَلُّوا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَكُونُ الْوَقْتُ... اِسْهَرُوا إِذًا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَأْتِي رَبُّ الْبَيْتِ، أَمَسَاءً، أَمْ نِصْفَ اللَّيْلِ، أَمْ صِيَاحَ الدِّيكِ، أَمْ صَبَاحًا. لِئَلاَّ يَأْتِيَ بَغْتَةً فَيَجِدَكُمْ نِيَامًا! وَمَا أَقُولُهُ لَكُمْ أَقُولُهُ لِلْجَمِيعِ: اسْهَرُوا» (مر13: 33-37)
معوقات السهر:-
1- محبة العالم «تَرَكُونِي أَنَا يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ، لِيَنْقُرُوا لأَنْفُسِهِمْ أَبْآرًا، أَبْآرًا مُشَقَّقَةً لاَ تَضْبُطُ مَاءً» (إر2: 13)، لذا لنستيقظ ونسهر خوفًا من أن يجرفنا تيار العالم فنصير أعداء لله «فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا للهِ» (يع4:4).
2- محبة المال «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ» (مت6: 24)، لذلك يخدع نفسه من يظن أنه يستطيع أن يجمع بين محبة الله والسهر على أرضائه وبين محبته لجمع المال واكتنازه «لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا» (مت6: 21).
3- الكسل والتهاون لذا حذرنا القديس بولس الرسول «هذَا وَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ الْوَقْتَ، أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ، فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا. قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ» (رو13: 11-12).
4- الاهتمامات الدنيوية«فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ، فَيُصَادِفَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً» (لو21: 34)، إن الإنشغال بمتطلبات الحياة اليومية وسبي العقل لها يجعل الأنسان يسقط في الهموم... لذلك قال لنا رب المجد «مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُ» (1بط5: 7).
5- الغفلة هي أصل كل خطية وشهوة، فمن يرضى عن نفسه ويستحسن حالها ويكتفي بما وصل إليه، تستولي عليه الغفلة وتحاربه الأفكار ويسقط في الشهوات «أنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا!. هكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي. لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ» (رؤ3: 15-17)، ليتنا نقول مع القديس بولس الرسول «أَنَا لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِي أَنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ. وَلكِنِّي أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ، أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (في3: 13 -14).
نيافة الحبر الجليل الأنبا تكلا اسقف دشنا
المزيد
12 ديسمبر 2022
القراءات الكنسية لأيام الآحاد من شهر كيهك
أولا المزامير :-
( ۱ ) الأحد الأول :
ا ـ انتظار الانسان الطويل للتجسد :
ا ـ إلى متى يارب تنساني إلى الانقضاء . حتى متى تصرف وجهك عنى ، انظر واستجب لى ياربي والهى . أنر عينى . الليلويا + . ( مزمور عشية ١٢ : ١ ـ 4 ).
ب- الرب نظر من السماء على الأرض ليسمع تنهد المغلولين ليخبروا في صهيون باسم الرب وبتسبحته في أورشليم . هلليلويا ( مزمور باکر 101 : 16 ، ۱۷ ).
ح ـ أنت يارب ترجع وتتراءف على صهيون لأنه وقت التراءف عليها لأن الرب يبني صهيون ويظهر بمجده . هلليلويا . ( مزمور القداس11:101-14). فمزامير الأسبوع الأول كلها تدور حول ضيق الانسان وحاجته للتجسد الإلهى وإن الله وضع في قلبه وقتاً ليعلن فيه قلبه المملوء رأفة نحو الانسان.
( ۲ ) الأحد الثاني :-
تتحدث مزامير الأسبوع الثاني عن كيفية التجسد بنبوات من مزامير العهد القديم .
أ- طاطيء السموات وانزل - والمس الجبال فتدخن . أرسل يدك من العلو انقذنى ونجنى هلليلويا »( مزمور عشية 143 : 2 ، ۷ )
ب- « ينزل مثل المطر على الجزة ومثل قطرات على الأرض يشرق في أيامه العدل وكثرة السلامة » . العذراء تحبل حبل عذراوی . ( مزمور باکر ٧١ : 5 ، 6 )
ج- « أسمعى يا ابنتى وانظرى وأميلى سمعك . وانسى شعبك وبيت أبيك فإن الملك قد اشتهى حسنك لأنه هو ربك . هلليلويا السيدة العذراء هي المختارة للتجسد . ( مزمور القداس 44 : 13 )
الأحد الثالث والرابع :
۳ ـ تتحدث المزامير عن سكن الله في وسطنا : الأحد الثالث : - لأن الرب اختار صهيون ورضيها مسكنا له . ههنا أسكن لأنى أردته . لصيدها أبارك تبريكاً . هلليلويا ( مز عشية 131 : ۱۰ ز ١٦ ) . الأحد الرابع الأم صهيون تقول إن إنسانا وإنسان صار فيها وهو العلي الذي أسسها إلى الأبد « هلليلويا - ( مزمور عشية 86 : 5 ).
4- تتحدث المزامير عن التجسد كمصدر للفرح والخلاص : الأحد الثالث : - أرنا يارب رحمتك وخلاصك أعطنا . سأسمع ما يتكلم به الرب الإله لأنه يتكلم بالسلام لشعبه ولقديسيه . هلليلويا .. ( مزمور باکر 84 : 6 ، 7 ) .
الأحد الثالث « الرحمة والحق التقيا والعدل والسلام تلائما . الحق من الأرض أشرق والعدل من السماء تطلع هلليلويا » ( مزمور القداس 84 : ۹ ، ۱۰ ).
الأحد الرابع : « و فلتفرح السموات وتبتهج الأرض وليتحرك البحر وجميع ملئه . يبتهج كل شجر الغاب من قدام وجه الرب لأنه يأتى ليدين المسكونة بالعدل والشعوب بحقه . هلليلويا » ( مزمور باكر 95 :10-12).
الأحد الرابع : ياجالس على الشاروبيم اظهر قدام أفرايم وبنيامين ومنسى هلم لخلاصنا يا الله . أرددنا ولينر وجهك علينا فنخلص .. ( مزمور القداس ۷۹ : ۲-3).
ثانيا : أناجيل عشية وباكر : تتحدث الاناجيل عن مفاهيم عميقة للخلاص بمجرد تجسد السيد المسيح على الأرض . نبرزها فيما يأتى .
الأحد الأول : ( ۱ ) التجسد حب لانهائي ويعبر عن ذلك انجيل عشية الأحد الأول بالمرأة التي سكبت الطيب قبل الفصح بيومين مر 14 : 3 – 9 . هذا أول انجيل يقرأ في شهر كيهك ، إن الخلاص كالطيب ينتشر فى كل مكان ، إنه لغة حب الآب لنا حتى بذل ابنه الوحيد لكي لايهلك .
( ۲ ) التجسد هو أقصى درجات عطاء الآب : وتعبر الكنيسة عن عطاء الله لنا في انجيل باكر بالمرأة التي أعطت الفلسين من أعوازها ، فشكل العطية بسيط أما قيمته فكبيرة جداً لأنه كل ما عندها . التجسد منظره بسيط أمام العالم ولكنه بالنسبة للكنيسة هو أكبر عطية لأنه هو أقصى عطاء من الآب لنا.
الأحد الثاني ( ۳ ) الخلاص غفران الخطايا: انجيل المرأة الخاطئة هو انجيل عشية الأحد الثاني لو 7 : 36- 50 إن المسيح جاء ليمحو الخطايا - إنه صديق العشارين والخطاة ـ هذا هو مفهوم ( الثالث ) للخلاص.
( 4 ) فزع الشياطين من التجسد : إنجيل باكر يتحدث عن صراخ الشياطين من مجيء المسيح إن تجسد المسيح هو اعلان نهاية مملكة الشيطان لو 11 : ۲0 – ۲8 . وهكذا يا أخى تنقلنا الكنيسة في هذا الأسبوع الثاني إلى مفاهيم خطيرة للتجسد ـ فالمسيح جاء ليغفر خطايانا ، وجاء ليهزم عدونا ويعطينا النصرة عليه .
الأحد الثالث : يؤكد على فزع الشياطين في انجيل عشية الأحد الثالث مر23:1-31
( 5 ) شفاء أمراضنا : هذا انجیل باكر يتحدث عن شفاء ابنه الكنعانية ( مت 15-21 ) فالمسيح بجراحاته شفينا ، هو أخذ جسدنا الذي أتعبته الخطية والأمراض والشقاء وأعطانا جسداً ليقيم إلى الأبد عن يمين الآب هو شفانا من أمراض الخطية وأمراض الشيطان الذي أتعب ابنة الكنعانية .
( 6 ) خلاص الأمم كلها: فشفاء ابنة الكنعانية معناه أن السيد المسيح جاء للعالم كله ولخلاصه ـ إنه خلاص لاحدود له.
الأحد الرابع ( ۷ ) خدمة السيد المسيح : الذين شفاهم من أمراضهم وخلصهم بالتجسد صرن يخدمنه من أموالهن هذا هو نصيب حياتنا الجديدة في المسيح أن نخدم كل أيام حياتنا . لأننا مديونون له بحياتنا التي شفاها وطهرها من أدناسها . هذا هو انجيل عشية . الأحد الرابع ( لو ۸ : ۱ – ۳ ) .
( ۸ ) التجسد هو اتحاد بطبيعتنا :سألوه هوذا أمك وإخوتك خارجا . فرد وقال إن الذي يصنع مشيئة أبى هو أمي وأخى وأختى هذا هو نهاية المطاف وأعظم مفاهيم التجسد هو الدخول في العائلة المقدسة الإلهية لنا آب سماوى ، ولنا إبن الله أخونا بالجسد ، ولنا شركة مع الآب الابن . ١ يو 1 : 3 . هذا هو انجيل باكر ( مر 3 : ۲۸ – 35).
ثالثا : أناجيل القداس: يقرأ في شهر كيهك كله الاصحاح الأول من انجيل معلمنا لوقا . ويقسم على أربعة أقسام
( ۱ ) البشارة بميلاد يوحنا المعمدان ( لو ۱ : ۱ – ٢٥ ) .
( ۲ ) البشارة بميلاد السيد المسيح ( لو 1 : ٢٦ – ٣٨ ) .
( ۳ ) زيارة العذراء لأليصابات وتسبحتها ( لو 1 : ٣٩ – 56 ) .
( 4 ) ميلاد يوحنا المعمدان ( لوا : ٥٧ – ٨٠ ) .
وللكنيسة مفاهيم عميقة في هذه الأناجيل :
( 1 ) إن السيد المسيح هو الكاهن الأعظم الذي قدم جسده ذبيحة بدلاً عن الذبائح التي كان يقدمها رئيس الكهنة في العهد القديم ... وهنا تظهر شخصية زكريا الكاهن ويوحنا _ ابن الكاهن كمقدمين أمام الكاهن الأعظم . ويظهر الملاك عن يمين المذبح ويصبح للمذبح دور مهم في رسالة التجسد ويظهر قيمة رفع البخور لأن الملاك ظهر بالبشارة المفرحة وقت رفع البخور لم تأت البشارة من فراغ .. بل من عند المذبح . وستظل - الكنيسة بمذبحها وكاهنها وبخورها مصدر كل فرح روحي في شخص المسيح .
( ۲ ) أما زمن البشارة فهو ملء الزمان ، وأولاد الله عليهم الانتظار وعدم القلق ، فزكريا واليصابات عاقرين ، ليس بلا سبب بل لسبب خطير أنهما سيلدان أعظم مواليد النساء ، وحامل أخطر رسالة بعد العذراء مريم عبر التاريخ ... ماأجمل أن توضع حياة الكنيسة وحياتي في يدي الله ليتمجد فيها سواء بالعقم أو بالولادة أو بالحياة أو بالموت ( كيوحنا ) .. ماقيمة أن يعيش الانسان عمره خارج دائرة عمل الله الخلاصي ، ولكن القيمة الحقيقية هي أن يصبح الانسان داخل برنامج عمل الله في الحياة المقدسة لأجل خلاص البشرية .
( ۳ ) بشارة العذراء في الخفاء : لم ير أحد ولم يسمع أحد قول الملاك للعذراء .. لماذا ؟ ألم يكن من الأفضل وجود شهود عيان للبشارة ؟ ! والجواب : لا . لأنه لايوجد انسان غير العذراء يستطيع أن يقبل هذا الخبر المستحيل ويقول " هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك" العذراء قال عنها داود أنها « الجبل العالي » . إنها جبل في إيمانها وفى حفظها الأسرار . وقال عنها أنها " مدينة الله" . وهي مدينة العذراء يصعب علينا إدراك عمقها ، العذراء تعجب ودرس فيها كل الأنبياء ولم يصلوا إلا إلى مجرد رموز عنها . العذراء ستظل حاملة الأسرار.
( 4 ) شهود العيان : في الوقت الذي اختفى فيه كل شهود العيان كما سبق ، استطاع الجنين أن يحس بالخبر ويعلنه لأمه أليصابات . نعم .نعم سر التجسد أخفى عن الفهماء والكبار وأعلن للاطفال بل للجنين .
ربى يسوع أنت قلت إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال أنا علمت أن سر أسرارك يعلن للأطفال وأقل من الأطفال الجنين ... يا للعجب أن يكون أول شاهد هو الجنين يوحنا . لك المجد يارب . !!!
بركة شهر كيهك وشفاعات والدة الإله العذراء مريم والملاك جبرائيل تكون معنا آمين
المتنيح القمص بيشوى كامل كاهن كنيسة مارجرجس أسبورتنج
تأملات فى القراءات الكنسية لأيام الآحاد من شهر كيهك
المزيد
11 ديسمبر 2022
فى جيلة من يخبر به الاحد الأول من كيهك
فِي إِنْجِيل قُدَّاس الأحَد الأوَّل مِنْ شَهْر كِيَهْك يَقُول المَزْمُور ﴿ أنْتَ يَارَبُّ تَرْجِع وَتَتَرَأف عَلَى صِهْيُون لأِنَّهُ وَقْت التَّحَنُّن عَلَيْهَا لأِنَّ الرَّبَّ يَبْنِي صِهْيُون وَيُظْهِر مَجْدُه ﴾ ( مز 102 : 13 ، 16) إِبْتَدأ زَمَان إِفْتِقَاد الله لِلبَشَرِيَّة يَقْتَرِب وَابْتَدأ وَقْت مَجِئ إِبْن الله إِلَى العَالَمْ يَدْنُو جِدّاً فَكَانَ لاَبُدْ مِنْ تَهْيِئَة وَكَانَتْ التَّهْيِئَة هِيَ وُجُود يُوحَنَّا المَعْمَدَان الَّذِي قِيلَ عَنْهُ أنَّهُ ﴿ يُهَيِّئ لِلرَّبِّ شَعْباً مُسْتَعِدّاً ﴾ ( لو 1 : 17) كَانَتْ مُهِمِة يُوحَنَّا المَعْمَدَان غَايَة فِي الصُعُوبَة لِكَيْ يُهَيِّئ الأذْهَان لِحَقِيقِة إِسْتِقْبَال إِبْن الله كَإِنْسَان يَأتِي لِيَعِيش فِي وَسَطِهِمْ وَيُكَلِّمَهُمْ وَيَأكُل مَعَهُمْ وَيَشْرَب مَعَهُمْ وَيَرُوه بِعُيُونِهِمْ – كَانَتْ مُهِمَّة صَعْبَة جِدّاً – وَيَقُول أشْعِيَاء النَّبِي ﴿ فِي جِيلُه مَنْ يُخْبِرُ بِهِ ﴾ أي مَنْ لَهُ اسْتِعْدَاد أنْ يَقُول هذَا هُوَ إِبْن الله مَنْ يَسْتَطِيع ؟!! قَدْ يَكُون لِلأنْبِيَاء فِي العَهْد القَدِيم عِنْدَمَا تَنَبَّأُوا عَنْهُ الأمر أبْسَط فَعِنْدَمَا يَقُول أشْعِيَاء النَّبِي مَثَلاً ﴿ هَا العَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ عَمَّانُوئِيل ﴾( أش 7 : 14) قَالَ هذَا قَبْل مَجِئ الْمَسِيح بِـ 700 سَنَة فَالَّذِي يَقْرأ هذَا قَدْ يَسْتَطِيع أنْ يَسْتَوْعِبُه وَقَدْ لاَ يَسْتَطِيع وَهذَا لاَ يَهِمْ إِذْ أنَّهُ أمر مُؤجَلْ وَلكِنْ فِي لَحْظِتْهَا – وَقْت حُدُوثْهَا – هذَا الأمر صَعْب الإِسْتِيعَاب جِدّاً فِي جِيلُه مَنْ يُخْبِرُ بِهِ ؟!! مَنْ الَّذِي يَسْتَطِيع أنْ يُشِير إِلَيْهِ قَائِلاً ﴿ هُوذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّة العَالَم ﴾ ( يو 1 : 29 ) ؟ مَنْ يَسْتَطِيع قَوْل هذَا ؟ فِي الحَقِيقَة تَدْبِير الله رَأى أنَّهُ لاَ يُوْجَد أنْسَب مِنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان الَّذِي قِيلَ عَنْهُ أنَّهُ السَّابِق الَّذِي يُعِد لِلرَّبَّ الطَّرِيق ( لو 3 : 4 ) الَّذِي يُهَيِّئ لِلرَّبِّ شَعْباً مُسْتَعِدّاً ( لو 1 : 17) أيْضاً مَوْضُوع نُبُوَات الكِتَاب المُقَدَّس كُلُّه وَمَوْضُوع رُمُوز الكِتَاب المُقَدَّس كُلُّه وَكُل الشَّخْصِيَات فِي الكِتَاب المُقَدَّس كَانَتْ تُهَيِّئ لِمَجِئ إِبْن الله وَجَاءَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان لِكَيْ يُتَمِّمْ هذَا الكَلاَم فَرَأيْنَاه فِي الكِتَاب المُقَدَّس وَهُوَ يَرْسِم لَنَا صُورَة لِرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح حَتَّى عِنْدَمَا يَجِئ يَجِدْنَا مُهَيَّئِينْ فَفِي البِدَايَة نَرَى آدَم وَأرَادَ الله أنْ يَقُول لَنَا أنَّهُ يُوْجَد هُنَاك مَنْ هُوَ إِسْمُه بِكْر لِلخَلِيقَة وَيُوْجَد مَنْ هُوَ إِسْمُه إِبْن لله لكِنْ كَانَ آدَم إِبْن لله بِالتَّبَنِّي أمَّا رَبِّنَا يَسُوع فَهُوَ إِبْن لله بِالطَّبِيعَة وَرَأيْنَا آدَم عِنْدَمَا جَلَبْ الخَطِيَّة عَلَى العَالَمْ وَكَأنَّ الله يَقُول لَنَا أنْتُمْ فِي حَاجَة إِلَى شَخْص آخَر يَجْلِب البِّر عَلَى العَالَمْ فَكَمَا قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ كَأنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَت الخَطِيَّة إِلَى العَالَم هكَذَا أيْضاً بِإِطَاعِة الوَاحِد سَيُجْعَلُ الكَثِيرُونَ أبْرَاراً ﴾ ( رو 5 : 12 ؛ 19) وَهكَذَا إِبْتَدأَ الكِتَاب المُقَدَّس يُهَيِّئ لَنَا قَبُول فِكْرِة مَجِئ الْمَسِيح فَيَأتِي بِشَخْصِيَّة مِثْل هَابِيل الَّذِي قُتِلَ مِنْ أخِيهِ ظُلْماً فِي الحَقْل بِسَبَبْ الغِيرَة لأِنَّهُ قَدَّم ذَبِيحَة مَقْبُولَة ( تك 4 : 8 ) وَكَأنَّ الكِتَاب المُقَدَّس يُشِير إِلَى الْمَسِيح بِإِنْسَان سَوْفَ يُقْتَل ظُلْماً لِمُجَرَّد غِيرَة لأِنَّهُ مَقْبُول أمَام الله وَقَدَّم ذَبِيحَة مَقْبُولَة لَدَى الله وَأيْضاً أنَّهُ قُتِلَ فِي حَقْل كَمِثْل رَبِّنَا يَسُوع الَّذِي تَمَتْ المُشَاوَرَة عَلَيْهِ فِي حَقْل وَدُفِنَ فِي حَقْل( يو 19 : 41 ) وَكَأنَّهُ يُرِيدْ أنْ يُذَكِّرَك بَيْنَ الحِين وَالآخَر بِرَبِّنَا يَسُوع عَنْ طَرِيق شَخْصِيَات يَرْسِم لَك مِنْهَا شَخْص الْمَسِيح الآتِي وَكَانَ عَلَى يُوحَنَّا المَعْمَدَان شَرْح هذَا الكَلاَم لِلنَّاس فَيَقُول لَهُمْ هذَا هُوَ آدَم وَلكِنْ آدَم الثَّانِي وَهذَا هُوَ هَابِيل الَّذِي سَيُقْتَل ظُلْماً – وَكُل هذَا رُمُوز إِلِيه – وَهُوَ أيْضاً نُوح أب البَشَرِيَّة الجَدِيد وَأعْطَاه الخَلاَص فَالْمَسِيح كَانَ كَذلِك أيْضاً فَعِنْدَمَا دَخَلَ نُوح السَّفِينَة هُوَ وَعَائِلَتُه هكَذَا أيْضاً الْمَسِيح عِنْدَمَا جَاءَ لَمْ يَأتِي لِيَخْلُص وَحْدَهُ بَلْ لِتَخْلِيص عَائِلَتُه أيْضاً الَّتِي هِيَ كِنِيسْتُه رَعِيَّة أهْل بَيْت الله ( أف 2 : 19) كذَلِك نَجِدُه فِي أبُونَا إِبْرَاهِيم وَفِي إِسْحَق وَفِي يَعْقُوب وَفِي مُوسَى مَا مِنْ شَخْصِيَّة فِي الكِتَاب المُقَدَّس إِلاَّ وَكَانَتْ تُشِير إِلَى شَخْصِيِة يَسُوع الْمَسِيح المُبَارَك لأِنَّهُ أكْبَر مِنْ أنْ يُرْمَز إِلَيْهِ بِشَخْص فَتَجِد شَخْصِيَات الكِتَاب المُقَدَّس كُلَّهَا مُجْتَمِعَة لِتُعْطِينَا صُورَة عَنْ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح فَنَجِدُه فِي أُبُّوِة أبُونَا إِبْرَاهِيم وَفِي بِر هَابِيل وَفِي آدَم رَأس الخَلِيقَة وَفِي بِر أخْنُوخ وَصُعُودُه إِلَى السَّمَاء كُلٍّ مِنْهُمْ تَجِدُه يَرْسِم جُزْء حَتَّى تُكْتَمَل الصُورَة كُلَّهَا وَكَانَ عَلَى يُوحَنَّا المَعْمَدَان أنْ يُقَدِّم لَنَا هذَا التَّطْبِيق فَيَقُول * كُل الَّذِي أنْتُمْ سَمَعْتُمُوه وَكُل الَّذِي قَرَأتُمُوه فِي النُّبُوَات هُوَ شَخْص الْمَسِيح * جَاءَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان لِيُعِد لِلرَّبَّ شَعْباً مُسْتَعِداً جَاءَ لِيُخْبِر عَنْهُ وَكَمَا أنَّ كُل شَخْصِيَات الكِتَاب المُقَدَّس كَانَتْ تُشِير إِلِيه كذَلِك كُل رُمُوز الكِتَاب المُقَدَّس كَانَتْ تَرْمُز إِلِيه أيْضاً فَمِنْ البِدَايَة تَجِد مَا يُسَمَّى بِشَجَرِة الحَيَاة فَمَنْ هذَا الَّذِي كُل مَنْ يَأكُل مِنْ هذِهِ الشَّجَرَة يَحْيَا إِلَى الأبَد ؟ هذَا هُوَ الْمَسِيح هذَا هُوَ شَجَرِة الحَيَاة الحَقِيقِيَّة هذَا هُوَ رَئِيسُ الحَيَاة ثُمَّ يَتَكَلَّمْ الكِتَاب عَنْ الذَّبِيحَة الَّتِي سَتَرَ بِهَا الله عُرْي آدَم مَنْ هذَا ؟هذَا هُوَ الْمَسِيح الَّذِي يَسْتُر بِهَا الله عُرْيِنَا وَيَسْتُر بِهَا خَطَايَانَا مِنْ خِلاَل ذَبِيحِة نَفْسِهِ الَّذِي ألْبَس أبِينَا آدَم بِيَدَيْهِ كذَلِك الْمَسِيح أيْضاً لَمْ يُرِد أنَّ آخَر يُتَمِّمْ ذَبِيحَتُه بَلْ هُوَ بِنَفْسُه تَمَّمَهَا فَتَجِد فِي كُل رُمُوز الكِتَاب المُقَدَّس صُورَة وَاضِحَة عَنْ شَخْص رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح المُبَارَك فَتَجِد فِي الفُلْك صُورَة وَاضِحَة وَفِي ذَبِيحِة هَابِيل صُورَة أُخْرَى وَكَمَا قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس عَلَى دَم هَابِيل الَّذِي كَانَ يَصْرُخ إِنْتِقَاماً مِنْ أخِيهِ وَدَم يَسُوع الْمَسِيح سَوْفَ يَصْرُخ أيْضاً وَلكِنْ ﴿ دَم رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أفْضَلَ مِنْ هَابِيل ﴾ ( عب 12 : 24 ) وَذَلِك لأِنَّ دَم هَابِيل كَانَ يَصْرُخ بِانْتِقَام فَيَقُول الكِتَاب ﴿ صَوْتُ دَم أخِيكَ صَارِخ إِلَيَّ مِنَ الأرْضِ ﴾ ( تك 4 : 10) وَلكِنْ دَم يَسُوع يَصْرُخ لِلمَغْفِرَة قَائِلاً عِيشُوا بِنِعْمِة المَغْفِرَة وَكَمَا أقُول لَكُمْ إِغْفِرُوا أغْفِر لَكُمْ أنَا أيْضاً وَيَكُون دَمَّي سَبَبْ غُفْرَان لَكُمْ وَمِمَّا يُشِير لِلرَّبَّ يَسُوع أيْضاً ذَبِيحِة أبِينَا إِبْرَاهِيم وَتَقْدِمَتُه لإِبْنُه إِسْحَق وَأيْضاً فِي خَرُوف الفِصْح .. وَفِي المَنَّ وَفِي سُلَّم يَعْقُوب وَفِي نُبُّوِة أشْعِيَاء رُمُوز كَثِيرَة جَاءَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان يَقُول كُل الَّذِي سَمَعْتُمُوه هذَا هُوَ الَّذِي جَاءَ لِيُكَمِّلُه فَمَثَلاً سَمَعْتُمْ عَنْ عُلِّيِقَة مُوسَى النَّبِي هذَا هُوَ النَّار الَّتِي إِشْتَعَلَتْ فِي العُلِّيقَة وَلَمْ تَحْرِقْهَا أوْ تَمِسَّهَا بِأذِيَّة هذَا هُوَ الإِله الَّذِي جَاءَ يَفْتَقِد العَالَمْ لِكَيْ يُعْطِيه الخَلاَص وَفِي نَفْس الوَقْت العَالَمْ لَنْ يُحْتَرَق بَلْ سَيُعْطِي النَّجَاة فَجَاءَ يُوحَنَّا لِكَيْ يُعَلِّمْنَا وَيُمَهِد لَنَا الطَّرِيق صَارِخاً أنَّ رَبِّنَا يَسُوع هُوَ المَسِيَّا المُنْتَظَر وَهُوَ الآتِي مِنْ أجْل خَلاَص كُل العَالَمْ رُوح الله هُوَ العَامِل فِي القِدِيس يُوحَنَّا أرْسَلُه لِكَيْ يُخَبِّر وَيُعَلِّمْ وَيُمَهِد وَيُعَمِد فَكَانَ لاَبُدْ مِنْ شَخْص قَوِي مِثْل يُوحَنَّا المَعْمَدَان شَخْص يَصْرُخ شَخْص يَشْهَد لِلحَقَّ شَخْص حَيَاتُه تَشْهَد لِكَلاَمُه شَخْص يَتَكَلَّمْ بِشَجَاعَة لاَ يَخَاف أحَد لاَ مِنْ اليَهُود وَلاَ مِنْ الرُّومَان وَكَانَ يَعْلَمْ أنَّهُ سَيَسْتَشْهِد وَكَانَ يَعْلَمْ أنَّهُ سَيُسْجَن لكِنُّه كَانَ أقْوَى مِنْ كُل ذلِك فَلاَ يُمْكِنْ لِلرَّبَّ يَسُوع أنْ يُرْسِل شَخْصاً لِيُمَهِد لَهُ الطَّرِيق وَيَشْهَد عَنْهُ وَيَكُون شَخْص خَائِف أوْ مُرْتَاب أوْ جَبَان أوْ يُرِيدْ أنْ يُخَاطِب النَّاس سِرَّاً أبَداً لكِنُّه كَانَ يُجَاهِر كَانَ يَتَكَلَّمْ أمَام رُؤسَاء الكَتَبَة وَرُؤسَاء الكَهَنَة وَالشُّيُوخ وَجُنُود الرُّومَان وَكُل مَنْ يَسْألُه كَانَ يُجِيبُه فَكَانَتْ حَيَاتُه بِهَا قُوَّة الشِّهَادَة لِرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح فِي جِيلُه مَنْ يُخْبِرُ بِهِ ؟﴿ صَوْتُ صَارِخٍ فِي البَرِّيَّةِ أعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ إِصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً ﴾( مر 1 : 3 )الكِنِيسَة أرَادَت أنْ تَضَعْ لَنَا هذَا الإِنْجِيل – المُتَحَدِّث عَنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان – فِي أوِّل أُسْبُوع مِنْ شَهْر كِيَهْك لِكَيْ تَقُول لَك كَمَا كَانَ جِيل يُوحَنَّا المَعْمَدَان مُحْتَاج إِلِيه حَتَّى يَعْرِف المَسِيَّا الآتِي وَلِكَيْ يُوقِظَهُمْ مِنْ ظُلْمَتِهِمْ وَيُشِير لَهُمْ بِشَخْص الْمَسِيح كذَلِك الكِنِيسَة أيْضاً تَحْتَاج اليُوْم إِلَى يُوحَنَّا المَعْمَدَان لِتَأخُذ الدَرْس مِنْهُ فَأنَا مُحْتَاج لأِنْ أسْمَع لِلصُوْت القَائِل ﴿ أعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ إِصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً ﴾﴿ إِصْنَعُوا أثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَة ﴾ ( لو 3 : 8 ) مُحْتَاج إِلَى أنْ أتَمَهَد لِحَقِيقَة مَجِيئُه مُحْتَاج إِلَى أنْ أسْتَيْقِظ وَأعْلَمْ مَنْ ذَاكَ الَّذِي أنَا قَادِم لاسْتِقْبَالُه مُحْتَاج إِلَى التَوْبِيخ مِنْ شَخْص مِثْل يُوحَنَّا المَعْمَدَان لِذلِك صَوْتُه هذَا قَدْ وَضَعَتُه لَنَا الكِنِيسَة فِي أوِّل أُسْبُوع مِنْ شَهْر كِيَهْك وَنَحْنُ نَتَنَفَس ألْحَان هذَا الشَّهْر وَنَسْتَقْبِل بِهَا المَوْلُود الإِلهِي نَحْتَاج لأِنْ نَسْمَع وَنَرَى وَنَشْهَد وَنُنْصِت لِيُوحَنَّا المَعْمَدَان وَهُوَ يَصْرُخ فِي كُل وَاحِدٍ مِنَّا لِكَيْ يُهَيِّئ لِلرَّبَّ شَعْباً مُسْتَعِداً فَلَقَدْ إِقْتَرَبَ مَجِئ الرَّبَّ جِدّاً جِدّاً وَبَقِيَتْ شُهُور وَأيَّام وَلَحَظَات ثُمَّ يَأتِي نَحْتَاج تَمْهِيد وَلِلأسَفْ الشَّعْب فِي سُبَات عَمِيق وَفِي ظُلْمَة ﴿ الشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أبْصَرَ نُوراً عَظِيماً ﴾ ( أش 9 : 2 )وَالعَرِيس قَرُبَ مَجِيئُه جِدّاً فَنِصْف اللِّيل إِقْتَرَب وَالهَزِيع الرَّابِع إِقْتَرَب جِدّاً وَالنُّفُوس جَمِيعَهَا نَائِمَة وَفِي غَفْلَة – خَطِيَّة شَدِيدَة – فَجَاءَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان لِكَيْ يُوقِظْ قَائِلاً يَكْفِي هذَا قُمْ إِسْتَيْقِظ فَالْمَسِيح آتٍ وَأنْتَ كَيْفَ سَتَسْتَقْبِلُه وَأنْتَ فِي نُعَاس وَغَارِق فِي الخَطَايَا ؟ لاَبُدْ أنْ تَسْتَيْقِظْ وَتَنْهَض لِذلِك الكِنِيسَة خَصَّصِت لَنَا هذَا الشَّهْر لِكَيْ نَسْتَقْبِل الْمَسِيح بِالتَّسَابِيح وَالتَّمَاجِيد وَالصَّلَوَات فَلاَ يُمْكِنْ مُطْلَقاً إِنْسَان يُسَبِّح وَيُمَجِّد وَيُصَلِّي وَهُوَ غِير تَائِب لأِنَّهُ ﴿ لَيْسَ الأمْوَاتُ يُسَبِّحُونَ الرَّبَّ ﴾( مز 115 : 17) وَلاَ يُمْكِنْ لِقَلْب يَحْتَضِنْ الخَطِيَّة وَيَعْرِف كَيْفَ يُسَبِّح وَلاَ لِشَفَتَيْن يَنْطِقُون بِالغِش وَيَعْرِفُوا كَيْفَ يَنْطِقُوا بِالحَقَّ لِذلِك هذَا نِدَاء يُوحَنَّا لَنَا صُوْت صَارِخ يُوَبِخ وَيُوقِظْ وَيَأتِي لِلرَّبَّ وَيُعِد لَهُ النُّفُوس حَتَّى عِنْدَمَا يَجِئ يَجِدَهُمْ مُهَيَّئِينْ وَيَسْتَطِيعُوا أنْ يَسْتَوْعِبُوا هذَا القُدُوم فَلِهذَا جَاءَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان جَاءَ لِيَرَى الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمْ الْمَسِيح ﴿ خِرَافٍ لاَ رَاعِي لَهَا ﴾ ( مر 6 : 34 ) الرَّاعِي لَكُمْ قَادِم الرَّاعِي لَكُمْ أُسْقُف نُفُوسْكُمْ الرَّاعِي الصَّالِح الّذِي يَسْتَطِيع أنْ يُطْعِمَكُمْ وَيَقُودَكُمْ إِلَى مَرَاعٍ خُضْرٍ الَّذِي يُهَيِّئ لَكُمْ مَائِدَة الَّذِي يُرِيدْ أنْ يَأخُذَكُمْ إِلَى يَنَابِيع مِيَاة الحَيَاة آتِي إِلَيْكُمْ لاَ إِلَى الغَفَلَة مِنْكُمْ لِذَا جَاءَ الرَّاعِي الصَّالِح لِكَيْ يَجْمَع إِلَيْهِ الشَّعْب التَائِه جَاءَ لِيَطْلُب الضَّال وَيَسْتَرِد المَطْرُود وَيُجَبِّر الكَسِير وَيَعْصِب الجَرِيح ( حز 34 : 16) جَاءَ لِيَطْلُب مَا لَهُ جَاءَ لِيَضُمْ خِرَافُه وَيُضَمِّد جِرَاحَات النُّفُوس الَّتِي تَمَلَّك عَلَيْهَا عَدُو الخِير وَاسْتَطَاعَ أن يَجْرَحْهَا بِجِرَاحَات عَمِيقَة جَاءَ كَطَبِيب لِيَشْفِيهَا كَانَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان هذَا عَمَلُه أنْ يُشِير إِلَى ذلِك الطَّبِيب لِذلِك جَاءَ يَصْرُخ بِصَوْتٍ عَظِيم وَكَانَ لاَ يَسْكُتْ نَحْتَاج لِصُوْت يُوحَنَّا فِي دَاخِلْنَا يَصْرُخ وَلاَ يَسْكُتْ وَنَحْنُ مِنْ جِهِة أُخْرَى عَلَيْنَا أنْ نَسْمَع وَنَسْتَجِيب وَنَأخُذ هذَا الشَّهْر فُرْصِة تُوبَة عَمِيقَة لِكَيْ عِنْدَمَا يُقَال لَك أنَّ الْمَسِيح وُلِد يَكُون قَلْبَك هُوَ المَكَان الَّذِي وُلِد فِيهِ وَنَفْسَك هِيَ المَكَان المُرِيح لَدَيْهِ وَتَقْدُمَاتَك هِيَ الَّتِي تُعَوِّضُه وَتَكُون أنْتَ مُهَيَّأ لاسْتِقْبَالُه فَهُوَ قَدْ وُلِد فَلاَ تَكُنْ أنْتَ مِنْ الفِئَات الَّتِي تُدَبِر لِقَتْلُه أوْ مَعَ الفِئَات النَّائِمَة أوْ المُتَغَافِلَة أوْ مَعَ الفِئَات الرَّافِضَة أوْ المُحْتَقِرَة بَلْ كُنْ مَعَ السَّهَارَى وَمَعَ المُسْتَعِدِين لِذلِك الكِنِيسَة تُخَاطِبَك قَائِلَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ إِسْتِعْدَاد لإِسْتِقْبَال العَرِيس فَتُبْ لأِنَّهُ قَدْ إِقْتَرَبَ مَلَكُوت السَّموَات ( مت 3 : 2 ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَك مَا تُقَدِّمُه مِنْ كُنُوز ذَهَبْ أوْ مُر فِي حَيَاتَك أوْ لُبَان عِبَادَة فَجَهِّز مِنْ نَفْسَك لِئَلاَّ تُفَاجَأ أنَّهُ قَدْ وُلِد وَأنْتَ وَاقِفْ فَارِغ اليَدَيْن نَحْنُ نَحْتَاج لأِنْ نَسْتَجِيب لِصُوْت يُوحَنَّا المَعْمَدَان الَّذِي كَانَ يَصْرُخ لِلكَتَبَة وَالفِرِّيسِيِّين قَائِلاً﴿ كَيْفَ تَقْدِرُونَ أنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأنْتُمْ أشْرَار ﴾ ( مت 12 : 34 ) أنَا مُحْتَاج لأِنْ أسْمَع هذَا الصُوْت بِعِينُه نَحْنُ نُرِيدُه أنْ يُوقِظْنَا مِنْ رُوح الكِذْب وَرُوح الرِّيَاء وَرُوح النِّفَاق فَعِنْدَمَا تُشَاهِد سِيرْتُه وَحَيَاتُه تَجِدُه رَجُل مُحِب لِلحَقَّ يَقُول لِكُل مَنْ يَرَاه مَاذَا تَفْعَل إِخْلَع ثُوب الرِّيَاء إِخْلَع كُل مَا فِيك مِنْ إِنْسَان عَتِيق نَحْنُ فِي حَاجَة لِكَيْ نُنَقِّي أنْفُسْنَا لاسْتِقْبَالُه بِخَلْع هذَا الثُّوْب – ثُوب الرِّيَاء – الَّذِي نَحْنُ صَنَعْنَاه لإِنْفُسْنَا لِكَيْ مَا تَبْدُو ظَوَاهِرْنَا مِثْل الصِّدِّيقِين إِخْلَع هذَا الثُّوْب لِكَيْ مَا تَظْهَر عَلَى حَقِيقَة دَوَافِعَك لِذَا قَدْ قِيلَ عَنْهُ أنَّهُ سَيَتَقَدَّم بِرُوح إِيلِيَّا ( لو 1 : 17) مُحْتَاجِين لِصُوْت إِيلِيَّا الصُوْت النَّارِي القَوِي المُوَبِخ الَّذِي يُوقِظْ الإِنْسَان الَّذِي قَالَ لَهُمْ ﴿ حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الفِرْقَتَيْنِ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ الله فَاتَّبِعُوهُ وَإِنْ كَانَ البَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ ﴾ ( 1مل 18 : 21 ) وَأنَا أيْضاً عَلَيَّ أنْ أسْمَع هذَا الصُوْت وَأنْتَبِه وَأسْتَيْقِظ وَأقُول لِنَفْسِي إِلَى مَتَى أعْرُج بَيْنَ الفِرقَتَيْنِ ؟ إِلَى مَتَى أعِيش بِقَلْبٍ مُنْقَسِم حَتَّى مَتَى ؟هَلْ سَتَظِل حَيَاتِي بِهذِهِ الرُّوح المُتَرَدِّدَة ؟ أنْتَ تُرِيدْ مَاذَا بِالضَبْط ؟ إِنْ كُنْت تُرِيدْ أنْ تَسْتَقْبِل الْمَسِيح إِسْمَع لِصُوْت يُوحَنَّا المَعْمَدَان الَّذِي جَاءَ يَصْرُخ بِقُوَّة الحَقَّ جَاءَ لِكَيْ يَصْرُخ وَيَقُول ﴿ لاَ يَحِلُّ أنْ تَكُونَ لَكَ امْرَأةُ أخِيكَ ﴾ ( مر 6 : 18) فَفِي دَاخِل كُل وَاحِد مِنَّا خَطَايَا لاَ يَتُوب عَنْهَا وَيُبَرِّر لِنَفْسُه أسْبَابْهَا فَمَثَلاً تَجِد شَخْص يَقُول أنَا مُرْهَق وَآخَر يَقُول مَاذَا أفْعَل ؟ وَآخَر هذِهِ ضُغُوط وَآخَر لاَ أسْتَطِيع وَآخَر هكَذَا كُل النَّاس وَلكِنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان جَاءَ يَقُول لَك لاَ يَحِلُّ لَك إِسْمَع لِصُوتُه الَّذِي قَدْ بَعَثَهُ الرَّبَّ لَك لِكَيْ تَسْتَطِيع أنْ تَتَمَهَد لِحُضُور الْمَسِيح عِنْدَك .. تَجَاوَب مَعَهُ وَافْطُمْ نَفْسَك عَنْ مَحَبِّة العَالَمْ لِتَسْتَطِيع أنْ تَسْتَقْبِل الْمَسِيح المُخَلِّص فَالْمَسِيح قَدْ جَاءَ لِيَفْطُمَك وَيَفْطُمْ النُّفُوس الَّتِي أحَبَّتْ العَالَمْ وَأرَادَت كَسْر الوَصَايَا النُّفُوس المُرْتَبِكَة بِنِير عُبُودِيِة العَالَمْ تَحْتَاج لِصُوْت صَارِخ مِثْل صُوْت يُوحَنَّا المَعْمَدَان هكَذَا يَا أحِبَّائِي أهَمْ حَدَث عَرَفَتُه الأرْض كُلَّهَا وَأهَمْ حَدَث فِي التَّارِيخ بِأكْمَلُه هُوَ مَجِئ إِبْن الله وَلِذلِك إِنْقَسَمْ التَّارِيخ إِلَى قَبْل المِيلاَد وَبَعْد المِيلاَد هذَا الحَدَث الَّذِي قَسَمْ التَّارِيخ كُلُّه هذَا الحَدَث الَّذِي أنَا أُهَيِّئ نَفْسِي لُه لِذلِك لاَ يُمْكِنْ أنْ أسْتَقْبِلُه وَأنَا فِي غَفْلَة وَأنَا لاَ أدْرِي مَاذَا يَحْدُث حَوْلِي فَأرْجُوك لاَ تُفَوِّت هذِهِ الأيَّام وَلاَ تَمْضِي فِتْرِة الصُوْم كَرُوتِين مُجَرَّد تَغْيِير نِظَام الأكْل فَقَطْ بَلْ إِسْتَقْبِل بِرُوح تُوبَة نَظَّفْ قَلْبَك لِكَيْ يَجِئ الْمَسِيح وَيَدْخُل وَيَسْكُنْ إِسْمَع لِنِدَاء يُوحَنَّا المَعْمَدَان وَحَاوِل وَاجْتَهِد أنْ تَسْتَجِيب وَقُلْ لَهُ " أنَا أوِّل وَاحِد أكُون فِي إِسْتِقْبَالُه أنْتَ جِئْت لِتُعِد شَعْب مُسْتَعِد هَا أنَا أُكْتُبْ إِسْمِي عِنْدَك إِعْتَبِرْنِي أنَا أوِّل الصَفْ أنَا جَالِس الآنْ فِي المِزْوَد مِنْتِظْرُه سَوْفَ أنْتَظِرُه بِالصَّلاَة بِالتَّسْبِيح بِالسَهَر " وَالكِنِيسَة تَجْعَل هذَا الشَّهْر كُلُّه سَهَر لأِنَّنَا نَعْلَمْ أنَّهُ سَيَأتِي بَغْتَةً نَعْلَمْ أنَّهُ سَيَأتِي فِي نِصْف اللِّيل فِي بَرْد فِي ظُلْمَة لِذلِك نَحْنُ فِي بَرْد وَظُلْمَة وَاللِّيل كُلُّه سَوْفَ نَنْتَظِر فَلاَ يُمْكِنْ أنَّ الْمَسِيح يَأتِي وَنَحْنُ نِيَام أوْ يَأتِي وَنَحْنُ غِير مُهَيَّئِينْ وَعَلَى اسْتِعْدَاد كَامِل نَحْنُ أوِّل نَاس سَوْفَ تَسْمَع لِصُوْت يُوحَنَّا وَسَوْفَ نَكُون فِي إِسْتِعْدَاد وَلَيْسَ بِالشَكْل فَقَطْ بَلْ مِنْ الدَّاخِل فَقَدْ تَكَلَّمْ يُوحَنَّا عَنْ الرِّيَاء وَالنِّفَاق وَتَكَلَّمْ مَعَ العَشَّارِين أنْ لاَ يَظْلِمُوا أحَد وَمَعَ الجُنُود مَعَ وُجُوب إِسْتِعْمَال الرَّحْمَة وَمَعَ كُل إِنْسَان بِألاَّ يَظْلِم وَلاَ يُرَائِي وَأنْ يَعْبُد الرَّبَّ بِالحَقَّ وَأنْ يُعْطِي ﴿ مَنْ لَهُ ثَوْبَان فَلْيُعْطِ مَنْ لَيْسَ لَهُ ﴾ ( لو 3 : 11) فَقَدْ وَصَّى بِكُل الوَصَايَا وَنَبِّه عَلَى أنَّ مَنْ يُرِيدْ إِسْتِقْبَال الْمَسِيح عَلَيْهِ بِتَغْيِير كَيَانُه كُلُّه نَحْنُ أيْضاً نُرِيدْ أنْ نُخَاطِبْ الرَّبَّ قَائِلِين * كَيَانَنَا كُلُّه يَحْتَاج إِلَى تَغْيِير إِعْطِينَا إِسْتِجَابَة لِنِدَاء يُوحَنَّا المَعْمَدَان مِنْ أعْمَاقْنَا حَتَّى عِنْدَمَا يَصْرُخ يَجِد أُنَاس تَقُول لَهُ " نَحْنُ أيْضاً نَسْمَع وَنَعْمَل وَسَوْفَ نَكُون مَعَك " فَصُوْت الحَقَّ وَرُوح الحَقَّ الَّذِي فِي يُوحَنَّا وَرُوح المُجَاهْرَة لاَبُدْ أنْ تَنْتَقِل مِنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان إِلَى كُل الكِنِيسَة حَتَّى تَصِير كُل الكِنِيسَة يُوحَنَّا مَعْمَدَان جَدِيد وَبَدَلاً مِنْ أنْ يُهَيِّئ شَعْب مُسْتَعِد فَرْد وَاحِد تُصْبِح الكِنِيسَة كُلَّهَا .. كِنِيسَة تَنْطِق بِمَجْدُه كِنِيسَة تَنْطِق بِحُبُّه كِنِيسَة تَائِبَة نِفُوس مُلْتَهِبَة بِالحُبْ فَيَأتِي الْمَسِيح وَيُولَد فِي وَسَطْهَا وَيَقُول ﴿ هَهُنَا أسْكُن لأِنِّي أرَدْتَهُ ﴾( مز 131 – مِنْ مَزَامِير النُوْم ) رَبِّنَا يُعْطِينَا يَا أحِبَّائِي فِي هذِهِ الأيَّام المُقَدَّسَة أنْ نَسْتَعِد بِالتُوبَةوَأنْ نَتَجَاوَب مَعَ صُوْت يُوحَنَّا المَعْمَدَان الصَّارِخ فِينَا لِكَيْ مَا يُهَيِّئ لِلرَّبَّ شَعْباً مُسْتَعِداً قَائِلاً﴿ إِصْنَعُوا أثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَة ﴾ فَفِي كُل يُوم أُضِيف إِلَى تُوبْتِي تُوبَة وَإِلَى إِسْتِعْدَادِي إِسْتِعْدَاد وَإِلَى سَهَرِي سَهَر وَإِلَى صَلاَتِي صَلاَة لِكَيْ مَا يَأتِي إِبْن الله فَيَجِد نَفْسِي مُهَيَّئَة فَيَسْكُنْ وَيَسْتَرِيح وَيَبِيت رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا كُل مَجْد وَكَرَامَة مِنْ الآنْ وَإِلَى الأبَدْ آمِين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
10 ديسمبر 2022
إنجيل عشية الأحد الاول من شهر كيهك
إنجيل العشية - ( مر 14 : ٣-٩ ) المرأة التي دهنت يسوع بالطيب
تمهيد
بينما كان السيد المسيح في طريقه إلى أورشليم للمرة الأخيرة عرج على أريحا حيث زار زكا العشار في بيته وأنعم عليه بالخلاص ، ثم ألقى على سامعيه مثل عشرة الأمناء على نحو ما جاء في ( لو ۱۹ : ۱۲ – ۲۷ ) . وبعد ذلك تقدم صاعدا إلى أورشليم ومر بقرية بيت عنيا وهي على بعد ميلين من أورشليم ودخل سمعان الأبرص حيث أكرمته مريم بمسحه بالطيب ( ٢ ) . وفصل الأنجيل الذي يتناول مسألة تكريم مريم ليسوع يتكلم عن تقدمتها التي كان مبعثها الوفاء له وعن تذمر التلاميذ من هذا الصنيع " بدافع الغيرة الكاذبة على الفقراء ، ثم يشير إلى امتداح المخلص لعمل مريم ، ويقرر دوام ذكرها على الأيام
تقدمة الوفاء :
3 - وفيما هو في بيت عنيا في بيت سمعان الأبرص وهو متكىء جاءت امرأة معها قارورة طيب ناردين خالص كثير الثمن . فكسرت القارورة وسكبته على رأسه . 3 - إن إقامة المخلص في قرية بيت عنيا على قربها من أورشليم تدل على أنه أسلم ذاته بأيثاره حينما دنت ساعته . وكان قصده من الإقامة هناك أن يعتزل أورشليم حينا من الزمن ، وهناك في بيت سمعان الأبرص صنعوا له عشاء ، كما ذكر يوحنا ، إكراما له وابتهاجا بزيارته . وسمعان الأبر ص هذا ربما كان والد مريم ومرئا ولعازر الذي أقيم من الموت ، أو أنه يمت إليهم بصلة القرابة ولو أن نوع هذه القرابة غير معلوم تماما ، ولا بد أن السيد كان قد شفاه برصه وإلا لما جاز له شرعا أن يخالط الناس . وكان من عادة القوم في تلك الأيام أن يتكثوا على الأسرة عند تناول الطعام ، وهذا ما سهل لمريم مهمة سكب الطيب على رأس المخلص وقدميه . وقد حفزها إلى ذلك عجائبه التي شاهدت ، وشفاؤه لسمعان الأبر ، ولعلها فعلت ما فعلت بوازع من إيمانها ومحبتها وثقتها بأنه يطهرها من خطاياها ويقول يوحنا إنها أخذت « منا من طيب ناردين ، والمنا وزن یونانی وروماني يعادل نحو مائة درهم ، وناردين معناه السنبل وهو النبات الذي كان يستخرج . ذلك الطيب ، وهو أثمن ما عرف يومئذ من الأطياب ، وكان يرد من بلاد الهند بعد استخراجه ، وهو سيال كالزيت ، ورائحته زكية . وكسرت مريم عنق الزجاجة التي كان بها الطيب أي كسرت ختمها ثم دهنت أولا رأس المخلص على نحو ما كان يحصل غالبا ، فامتلأ البيت من أريج الطيب لكثرته وجودته ، ثم زادت بأن . دهنت قدميه بعد أن مسحتهما بشعر رأسها من أثر التراب ، إذ كان يسير بالنعل فقط كعادة اليهود . ويجب أن يلاحظ أن مريم مسحت أولا ثم دهنت ، إذ لو كان المسح بعد الدهن كما قد يفهم من عبارة يوحنا ، فكأنها مسحت شعرها بالطيب لاقدميه . وقد أظهرت بمسح القدمين بالطيب الشين غناها وسخاءها ووفرة شكرها ومحبتها . أما اختيارها الدهن دون سواه فلأن العادة جرت في منه ذلك الزمان أن يمسح به أفاضل الناس وعليهم كالكهنة والملوك إكراما لهم وقد تقبل المخلص صنيعها لما لمسه فيها من تواضع وحسن نية وإخلاص . .
الغيرة الكاذبة : وكان قوم مغتاظين في أنفسهم فقالوا لماذا كان تلف الطيب..هذا . ـ لأنه كان يمكن أن يباع هذا بأكثر ثلاثمائة دينار ويعطى للفقراء . وكانوا يؤنبونها . تمييز التلاميذ غيظا من إتلاف الطيب ، واجترأ يهوذا الأسخريوطي على الأعراب عن تذمرهم منوها بأحقية الفقراء لثمنه ، ولكن يوحنا الإنجيلي فضح رياءه بقوله إنه قال ما قال « ليس لأنه كان يبالى بالفقراء بل لأنه كان سارقا وكان الصندوق عنده وكان يحمل ما يلقى فيه » ( يو ٦:١٢ ) . 5 – وزاد -هوذا على تذمره قوله عن الطيب إنه كان يمكن أن يباع بثلاثمائة دينار ويعطى للفقراء ، وهو قول ظاهره الغيرة ولو أنها غيرة صورية مردها أن يده لم تصل إلى ثمن الطيب فتختلس منه ( 1 ) ، وبمثل هذا الأسلوب يعمد الأشرار إلى إخفاء مقاصدهم السيئة ستار من التقوى . على أن التلاميذ لم يكتفوا بأظهار استيائهم من تصرف أخذوا يعنفونها . ومع أنه لا شيء مما نقدمه للمسيح يعتبر إتلافا مهما كان ثمينا كصرف الحياة في خدمته وبذلها من أجله كما يقول بولس الرسول . . ه من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح » ( في ۸ : ۳ ) إلا أن عدم حاجة السيد لهذا الطيب ، وما قاله عن الرحمة في مثل العذاري العشر وفي كلامه على يوم الدينونة وفى قوله للفريسيين « ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون لأنكم تعشرون التعنع والشيث والكمون وتركتم أثقل الناموس الحق والرحمة والإيمان » ( مت ۲۳ : ۳ ) ، كل هذا قد يبرر تساؤل الباحث عما إذا كان من الأفضل أن يعطى ثمن الطيب لالفقراء ما دامت الصدقة أوجب . وقد حل المخلص له المجد هذا الإشكال بأجابته التالية لتلاميذه
امتداح الوفى :
6 – أما يسوع فقال اتركوها . لماذا تزعجونها . قد عملت في عملا حسنا . 7 ـ لأن الفقراء معكم في كل حين ومنى أردتم تقدرون أن تعملوا بهم خيرا . وأما أنا فلست معكم في كل حين . ۸ – عملت ما عندها . قد سبقت و دهنت بالطيب جسدي للتكفين 6 – طلب يسوع من تلاميذه أن يكفوا عن إزعاج المرأة ، ثم أشاد بصنيعها قائلا « عملت بی عملا حسنا » ، وكان يرمى من وراء ذلك إلى غرضين أولها تعليم التلاميذ أنه ما كان يليق بهم أن يكسروا حمية إيمانها ومحبتها بالتوبيخ ، إذ أن نقل الناس إلى الفضيلة الكاملة يجب أن يتم بالتدريج لادفعة واحدة ، وأنه كان من الواجب شكرها أولا على ما عملت ثم حثها بعد ذلك على الصدقة على الفقراء . وبناء على ذلك إذا قدم إنسان للكنيسة ستورا زائدة مثلا أو أوانى فضية أو ذهبية فوق ما تحتاجه فلا يجب أن نكسر حمية إيمانه بل نشكره ، ثم ننهه في رفق إلى خطأه ونحثه بعد ذلك على الفضيلة الكاملة التي هي مساعدة المساكين ، وإذا استشارنا قبل التقدمة أشرنا عليه مما يجب * أما غرض يسوع الثاني فهو إقامة الحجة على تلاميذه بأن ما فعلته المرأة هو ما قضى به الناموس إذ أن الوصية الأولى تقول « تحب الرب إلهك من كل قلبك . والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك » ( مت ۲۲ : ۳۷-۳۹ ) ، وهذا القول شدد علينا ألا نقدم على محبته شيئا من سائر الفضائل . وتطبيقا لذلك إذا وقفنا بالكنيسة وقت القداس الذي هو تقديس جسد الرب ودمه وجب أن يكون ذلك بخوف : ووقار وتمجيد وتسبيح وتقديس من كل قلوبنا ، وألا نلتفت إلى سواه حتى إذا قال الكاهن « أين عقولكم ، أجبناه بصدق قائلين « هي عند الرب » . ۷ – ولکی يبرر المخلص رضاه عن سكب الطيب وشكره لمريم على إيمانها قال لتلاميذه « إن الفقراء معكم كل حين . » أي لا يخلو منهم زمان ولا مكان ، ومن واجب الكنيسة العناية بأمرهم دائما ، سيما وقد أوصى الله عليهم في سفر هی التثنية حين قال « أعطه ولا يسوء قلبك عندما تعطيه لأنه بسبب هذا الأمر يباركك الرب إلهك في كل أعمالك وجميع ما تمتد إليه يدك . لأنه لا تفقد الفقراء من الأرض . لذلك أنا أوصيك قائلا إفتح يدك لأخيك المسكين والفقير في أرضك » ( تث 15 : ۱۰-۱۱ ) . ثم مضى المخلص يقول « وأما أنا فلست معكم كل حين » ( 1 ) أي سوف لا أكون عندكم بحضوري المنظور طويلا إذ أنى على وشك الموت والصعود إلى السماء ، ولذلك فلا يمكنكم إكرامى جسديا إلا في هذه الفرص . وتطبيقا لما تقدم فجسد المسيح ودمه ليسا موجودين طول النهار في الكنيسة بل القداس فحسب ، فالذي يقف في خلاله بمخافة ووقار وتكريم لا محالة ممدوح السيد كما مدحت من مریم قال وإيضاحا لحكمة امتداحه لعمل المرأة وخطأ التلاميذ في تذ مرهم إنها « فعلت ذلك لأجل تكفينى » ( ۲ ) أي أن ذلك كان منها إنذارا عموتى ودفى وقيامتي ، أو بمعنى آخر أنكم أنتم أصحابى تهربون عند صلبي فلا تحنطونى ولا تدفنوني وأما هذه فقد تقدمت لذلك بلا وجل .. وقد قصد بأشارته إلى موته ألا يتوهم التلاميذ إذا رأوا آلامه أنه غير عارف بما سيحل به.
استدامة ذكره : . الحق أقول لكم حينما يكرز بهذا الأنجيل في كل العالم بخير أيضا ما فعلته هذه تذكارا لها ۹ – وختم رب المجد الحديث بقوله عن المرأة أن ذكرها سيشيع في أرجاء المسكونة بانتشار إنجيله في أنحاء العالم وترجمته إلى كل اللغات ، وهي نبوة من نبواته التي تمت وتبين صدقها منذ ألفي سنة . وتنفيذا لأمره الكريم رتبت الكنيسة الاحتفال بأعياد القديسين تخليدا لذكرهم
( 3 ) إنه تعالى حسب إكرامهم إكراما له واحتقارهم احتقارا له إذ قال السيد لتلاميذه « الذي يسمع منكم يسمع منى . والذي يرذلكم يرذلني . والذي ير ذلى يردل الذي أرسلي » ( لو 10 : 16 ) . وقال الرسول « إذا من ير ذل لا ير ذل إنسانا بل الله الذي أعطانا روحه القدوس » ( ۲ تس ٤ : ٨ ) ، ولاشكا أن إهانة السفير هي إهانة للملك الذي أرسله . . = ( 4 ) وهو جل شأنه أكرمهم في أعين شعبه ، والأمثلة على ذلك متوفرة فقد قال لأبيالك الذي أخذ زوجة إبرهيم « والآن رد امرأة الرجل فأنه نبي فيصل لأجلك فتحيا . وإن كنت لست تردها فاعلم أنك موتا تموت أنت وكل من لك ( تك ٢٠ : ٧ ) . وقال لهرون ومريم اللذين تكلما على موسى . الكوشية « أما عبدى موسى فليس هكذا بل هو أمين في كل شيء . فما إلى في وعيانا أتكلم معه ..... فلماذا لا تخشيان أن تتكلا على عبدى موسى » ( عد ۸:۱۲ ) ولما أخذ اليشع رداء إيليا الذي سقط عنه حين ارتفاعه في المركبة النارية وضرب به الماء انفلق إلى هنا وهناك ( ٢ مل 1 : 14 ) . وكذلك الميت الذي خاف أهله من الغزاة ، فطرحوه في قبر اليشع لما مس عظام اليشع عاش وقام على رجليه ( ۲ مل ۲۱:۱۳ ) . ولما حمى غضب الله على أصحاب أيوب الثلاثة قال لهم « والآن فخذوا لأنفسكم سبعة ثيران وسبعة كباش واذهبوا إلى عبدى أيوب واصعدوا محرقة لأجل أنفسكم وعبدى أيوب يصلى من أجلكم لئلا أصنع كذلك قال مخلصنا للجموع عن يوحنا المعمدان « لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان » ( مت ۱۱:۱۱ ) . . معكم حسب حاقتكم لأنكم لم تقولوا في الصوان ٨:٤٢ ) عنهم أن ( 5 ) وقد حذر الله من إهانتهم ، فقد أتى إلى لابان الأرامى في حلم الليل وقال له « احترز من أن تكلم يعقوب بخير أو شر » ( تك ٢٤:٣١ ) ، وقال من يمسهم عس حدقة عينه ( زك ٢ : ٨ ) ، والذين يضايقونهم يجازيهم ضيقا ( ۲ تس ٦ : ١ ) ( 6 ) إنه عاقب للذين أهانوهم في حياتهم أو بعد وفاتهم فقد قال لقايين الذي قتل أخاه هابيل « متى عملت الأرض لا تعود تعطيك قوتها . تائها وهاريا تكون في الأرض ، ( تك ١٢ : ٤ ) ( عد ۱۲ : ۱۰ ) . ريم بالبرص لأنها تكلمت على موسى ثانيا : أن هذه الأعياد ليست مرتبة من الله ، ويرد على ذلك بأن الكتاب أثبتها والرسل مارسوها وشهد بصحتها أشهر مؤرخي البروتستنت . ) .
( ۱ ) قال بولس الرسول « ينبغي على كل حال أن أعمل العيد القادم في أورشليم » ( أع ۲۱:۱۸ ) ، ولا يمكن أن يكون هذا العيد عيدا يهوديا بعد ما حرم الرسول على المسيحيين الخضوع للطقوس اليهودية بقوله « فلا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت » ( كو ٧ : ٢ ) فهو إذن عيد مسیحی .. قال موسهيم المؤرخ البروتستنتى بعد أن تكلم على الأعياد في الكنيسة الجامعة « أضف إلى هذه الأعياد أعيادا أخرى اعتنق فيها الموت رجال قديسون لأجل المسيح التي بالأكثر احتمالا كانت أياما مقدسة وعظيمة منذ ابتداء الديانة المسيحية .. وجاء في كتاب تاريخ الانجليز المطبوع سنة 1839 « وكانوا يكرمون الشهداء ويعبرون عن ذكر يوم وفاتهم بمولدهم ويعيدون الأعياد عند قبورهم بغاية . السرور والمحبة والأحسان ».
رأى الكنيسة : إن الكنيسة مدينة لهؤلاء الشهداء والقديسين الذين أناروها بتعالمهم وثبتوها . بدمائهم ، ولذلك رتبت منذ القدم أياما خاصة تحتفل فيها بذكراهم إقرارا بجميلهم وإطاعة لأمر المخلص القائل « حيثما يكرز بهذا الأنجيل في كل العالم بخبر أيضا بما فعلته هذه تذكارا لها » ( مر 9:14 ) ، وقول بولس الرسول « أذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله . أنظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بأيمانهم » ( - ۷:۱۳ ) ، وقول المزمور « ذكر الصديق يدوم إلى الأبد » ( مز ٦ : ١١٢ ) . وإذا كانت الشرائع المدنية قد أجمعت على إكرام من أتى عملا جليلا أفاد أمته ، فقام أهل العالم يحتفلون بذكرى أبطالهم ونوابغهم في كل علم وفن وأقاموا التماثيل لهم ، أفلا يجدر بالكنيسة أن تقوم ببعض ما يجب عليها نحو رجالها الذين بذلوا نفوسهم رخيصة من أجل المسيح ، والذين جعل فيهم مسرته ، وأهلهم لشركة ميراث القديسين في النور ( كو ۱ : ۱۲ ) ، وحفظ لهم إكليل المجد ( 1 بط 5 : 4 ) ، وجعل لهم أسمى مقام في دياره ( يو ١٤ : ١٧،٣ : ٢٤ ) ، بل جعل لهم حظ الجلوس معه في عرشه ( رو 15 : ۷،۲۱ : ۳ ) ، وأشركهم معه في مداينة الناس والملائكة ( مت ۲۸:۱۹ ، ۱ کو ٢ : ٦-٣ ) ولما كان دوام ذكر هؤلاء الصديقين لا يتم على الوجه المرغوب فيه إلا بالطرق الاحتفالية ، لذلك رتبت الكنيسة إقامة التذكارات لهم وعمل الرحمة على اسمهم ( مت ٤٢:١٠ ) ، وحفظ صورهم وتعاليمهم . وليس أدل على ذلك من أن القديسين الذين لم يحتفل بأعيادهم يكاد يكون ذكرهم مجهولا لدى الجميع ومع ما في إقامة الأعياد من مزايا أدبية وسياسية واجتماعية كتقوية الرابطة.
الأرشيذياكون المتنيح بانوب عبده
عن كتاب كنوز النعمة لمعونة خدام الكلمة الجزء الثانى
المزيد
09 ديسمبر 2022
الصمت المقدس والحديث السري مع الرب
إذ يبدأ شهر كيهك ، ما يشغل المؤمنين هو السهر في تسابيح " سبعة وأربعة " ؛ حيث يشتم الكل روائح اللقاء مع مخلص البشرية خلال تسبيح القلب والفكر . يتسم هذا الشهر بالسهر في الأديرة كما في كثير من الكنائس ، خاصة عشية السبت واستمرار التسبيح حتى قداس الأحد . تحسب قراءات الآحاد في هذا الشهر رحلة المؤمن في صحبة أناس الله نحو اللقاء مع طفل المزود .
صمت طفلة الهيكل
خلال الأسبوع الأول من شهر كيهك تحتفل الكنيسة بتذكار تقديم القديسة العذراء مريم إلى الهيكل بأورشليم وهي ابنة ثلاث سنوات ، لأنها كانت نذيرة الرب . وذلك أنه لما كانت أمها حنة عاقرا كانت حزينة جدا هي وزوجها القديس يواقيم ، فنذرت ، وقالت : " یا إلهي إذا أعطيتني ثمرة ، فإني أقدمها نذرا لهيكلك المقدس " . فاستجاب الرب ورزقها هذه القديسة ، فأسمتها مريم . وبعد أن ربتها ثلاث سنوات مضت بها إلى هيكل الرب وقدمتها لتقيم مع العذاري ، وهي تنمو في الفضيلة والنسك والعبادة . فأقامت نحو عشرة سنوات حتى جاء ملء الزمان الذي فيه يأتي الرب إلى العالم متجسدا من هذه العذراء الطاهرة التي اختارها لعل من أهم الفضائل التي اقتنتها منذ طفولتها الصمت المقدس ، حيث كانت تصمت بلسانها عن أحاديث العالم وما يجري فيه ، لينشغل قلبها بمعاملات الله معها . هذه الفضيلة التي لازمتها حتى يوم رحيلها من هذا العالم . إذ يكرر الإنجيلي قوله عنها : " كانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها " ( لو ۲ : ١٩ ، ٥١ ) . ما كان يمكن للقديسة مريم أن تحتمل ما نالته من نعم إلهية فائقة حتى بالنسبة للسمائيين لو لم تهبها نعمة الله أن تتأمل في أعماقها أسرار الله وعطاياه لها ولكل البشرية . تبقى هذه القديسة الفريدة قائدة لموكب الصامتين في الرب منذ طفولتها ، حيث لا تقدر مباهج الحياة الزمنية ولا تجاربها أن تسحب فكر المؤمن عن التصاقه بالرب وتمجيده على تدبيره العجيب لأجل تمتعنا بشركة أمجاده . بالصمت المقدس تهيأت البتول أن تصير والدة الإله ، وبالصمت المقدس يتهيأ المؤمن ليكون هيكل الله وروح الله يسكن فيه ( ١كو ٣: ١٦) . إن كان العالم يستقبل عيد ميلاد السيد المسيح ( الكريسماس ) بالزينات والأنوار والهدايا المتبادلة والحفلات . فما قدمته القديسة مريم بصمتها المقدس منذ طفولتها يفوق كل زينة وكل هدية وكل احتفال .
يليق بنا في هذا الشهر المبارك أن نقيم حياتنا : هل نستقبل مخلص العالم في قلوبنا خلال الحديث السري الصريح معه ، دون أن يعوقه أو تقاطعه الأحاديث الباطلة ، لم تتوقف القديسة منذ طفولتها عن الجدية في إتمام رسالتها ، وقد تجلى ذلك بوضوح عندما سمعت عن اليصابات نسيبتها أنها حبلى بابن في شيخوختها . " فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا ، ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات " ( لو ١ : ٣٩ ) . بصمتها المقدس ارتكض الجنين بابتهاج في بطن أمه ( لو 1 : ٤١-٤٤ ) ، وتحول بيت الكاهن كما إلى بيت تسبيح يشترك فيه حتى الجنين ! لنصمت مع القديسة مريم ، ونحمل مسيحنا في قلوبنا ، فيعمل روح الرب بنا ، حيث تصير لنا الأرض سماء متهللة . هذه هي هدية الكريسماس التي يسر بها طفل المزود العجيب !
صمت الكاهن الشيخ
في الأحد الأول من شهر كيهك يلتهب قلبنا شوقا لممارسة ما تمتعت به نذيرة الرب القديسة مريم منذ طفولتها ، كما نتمتع بالصمت الذي اختبره الكاهن الشيخ زكريا وهو يتقبل البشارة بالحبل بيوحنا السابق ، الذي يعد الطريق للرب . حقا كان صمت زكريا بسبب عدم تصديقه للبشارة التي قدمها له الرب خلال جبرائيل الواقف قدام الله ( لو ١ : ٢٠ ) . غير أن الله الصانع الخيرات حول هذا التأديب لبنيان زكريا الكاهن ولنشر خبر هذه العطية التي وهبت له .... حتى كل من سمع عن ميلاد يوحنا تساءل : " أترى ماذا يكون هذا الصبي ؟! " ( لو ١ : ٦٦ ) ، وشعروا أن يد الرب كانت معه ! كان زكريا الكاهن في حاجة إلى هذا الصمت ، فلم يجد فرصة للحديث حتى مع زوجته اليصابات ومع أقربائه . ترى كيف قضى زكريا هذه الشهور التسع ؟! لم يكن أمامه سوى التسبيح الصامت ، وقراءة الأسفار المقدسة والطلب الدائم كي ينير الرب فكره ، ويكشف له خطته وأسراره ونبواته مع ممارسة مطانياته وعبادته الظاهرة والخفية ! هكذا يليق بنا مع بداية شهر كيهك أن نطلب بلغة القلب قبل اللسان قائلين : " بنورك يا رب نعاين النور " ( مز ٣٦ : ٩ ) . نمارس أصوامنا ومطانياتنا وصلواتنا وتسابيحنا كي يشرق علينا طفل المزود ، شمس البر ، فندرك كلمات النبي : " ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر ، والشفاء في أجنحتها " ( ملا ٤ : ٢ ) .
موكب الصامتين
تجسد كلمة الله والحبل به وميلاده في مزود ليس في بيت أحد الكهنة أو القيادات الكنسية أو الزمنية ، يدفعنا للانضمام إلى موكب الصامتين العجيب لم يحتفل الهيكل بميلاده ، ولم يذهب الكهنة والقيادات الكنسية ليسجدوا له ويسبحوه ، وساد السكون العالم . حتما وقفت الطغمات السماوية التي تعجز عن أن تتفرس في لاهوته وأمجاده في صمت لاستقبال المخلص ترى من هم أعضاء موكب الصامتين ؟ لقد ظهر ملاك الرب ووقف بالرعاة البسطاء ومجد الرب أضاء حولهم ، وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله ، وقائلين : " المجد الله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة " ( لو ۲ : ٩، ١٣-١٤ ) .لم يظهروا لجمهور الكهنة أو الشعب ، إنما للبسطاء الساهرين في عملهم بأمانة ، وغالبا ما كانوا مشتاقين للقاء مع المسيا المخلص . لذا ما أن رأوا وسمعوا السمائيين حتى انطلقوا إلى بيت لحم وهم يقولون : " لنذهب الآن ... وننظر الأمر الواقع الذي أعلمنا به الرب " ( لو ٢ : ١٥ ) ، وجاءوا مسرورين . وكأن هؤلاء الرعاة قد انضموا إلى موكب الملائكة في هدوء دون دعاية ! وانضم أيضا إلى الموكب جماعة من المجوس يقودهم كوكب عظيم ، وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم ، إنه ملاك جاء على شكل كوكب ، فتحدث مع المجوس بلغتهم ، لغة الفلك والكواكب ! لم يذكر لنا الإنجيليون شيئا عن أحاديثهم في الطريق سواء مع بعضهم البعض أو مع الشعوب التي خرجت تنظرهم في دهشة ؟! وكأن الإنجيليين يدعوننا للانضمام إلى هذا الموكب الصامت . لسنا نتحدث بألسنتنا بل بقلوبنا وأفكارنا وعواطفنا المقدسة وسلوكنا من جهة الملك مخلص العالم ! إذ بلغوا أورشليم لم يرافقهم أحد من القصر الملكي ولا من رجال الهيكل ، إنما ما كان يشغل هيرودس هو قتله ، وما يشغل قيادات الهيكل هو ارتباكهم خوفا على فقدانهم سلطانهم وإيراداتهم ! هلم تنضم إلى موكب الصامتين ! هب لي يا رب أن أنضم بنعمتك إلى موكب الصامتين ، لأنضم إلى نذيرتك القديسة مریم الطفلة فأجد راحتي في هيكل قدسك مع العذارى ! لأسلك ببساطة الطفولة ، فلا تشغلني ملذات العالم ، ولا تقلقني تجاربه ! إذ أصمت في هيكلك ، يتكلم قلبي معك ، وتتكلم أنت أيها القدوس مع ضعفي . لأحفظ . مع أمك كل الأمور متفكرا بها في قلبي . بالصمت أنشغل بالثبوت فيك . أراك ساكنا في عميقا أعمق من عمقي ، وعاليا في داخلي أعلى من علوي ! لأنضم إلى زكريا الكاهن الصامت . فما يشغلني هو كلمتك وإعلاناتك الإلهية . لن تأسرني الحرفية القاتلة ، بل أجد في كتابك فردوس الحرية ، أقطف منه ثمر روحك القدوس : الحب والسلام والوداعة والعفة أرتوي من ينابيع حبك الدائمة الفيض ! لأرافق الرعاة البسطاء الساهرين بأمانة . فأرى السماء ليست ببعيدة - عني وأسمع الطغمات السماوية تتهلل لخلاصي . أنضم إلى خورس الملائكة وأتمتع بالترنيمة الجديدة . اسمح لي أن أرافق المجوس الأمميين ، التهبت قلوبهم شوقا إليك ، وساروا في الطريق يشهدون لك وقدموا لك ما لم يقدمه الكهنة واللاويون . تقودني نعمتك فلا أتعثر من مقاومة الشرير حتى إن كان ملكا . ولا أنتقد أحدا حتى إن كان كاهنًا غير مبال بخلاصك ! ليصمت لساني ، فيتكلم قلبي ، وليصمت قلبي ، فتتكلم يا أيها القدوس في !
القمص تادرس يعقوب ملطي كاهن كنيسة مارجرجس اسبورتنج
المزيد
08 ديسمبر 2022
شخصيات الكتاب المقدس يشوع بن يوصاداق
يشوع بن يوصاداق (عزرا 5: 2)
اسم عبري معناه "يهوه خلاص"، وهو كاهن عظيم ابن يهوصاداق أو يوصاداق (عز 3: 2)، الذي سبي إلى بابل (1 أخبار 6: 15). وعاد يشوع مع زربابل (عز 4: 3 و2: 2). وكان يعينه على بناء الهيكل وإصلاح الأمور الدينية، وعلى الرغم من ذلك فقد تزوج بعض أولاده نساء غريبة (عز 10: 18). ويدعى أيضًا "يهوشع" (زك 3: 1 و3 و8 و9 حج 1: 1 و12 و14 و2: 2 و4).
تعالوا نتعرف أكتر على يشوع بن يوصاداق ونشوف هنتعلم ايه؟
1- يشوع المصلح
كلنا عارفين لما شعب يتعرض للسبي هنلاقي الشعب يبعد عن عاداته واطفال يولدوا في أرض غريبة بعادات غريبة فكان دور يشوع هو اصلاح الامور الدينية وتثبيت الشعب وتعليمه الشريعة
2- يشوع والأولوية
في أول فوج من الرجوع للسبي أول حاجة فكر فيها هو بناء بيت الرب أولا قبل بناء السور أو بناء المدينة لأن الاحتياج لقوة الله للعمل
3- يشوع وعدم التدقيق
زي ما عمل عالي الكاهن كان مهتم جدا بخدمته فأهمل أولاده كذلك يشوع أهمل في التدقيق مع أولاده ونلاحظ في عزرا 10: 18 أن أولاده على خلاف الشريعة تزوجوا نساء غريبة
تعالوا نطبق اللي اتعلمناه
1- اصلح من نفسك حتى يأتمنك الله لكي تكون ملجأ لمن يريد المشورة الصالحة فالكوب الفارغ لا يروي عطشان
2- اجعل دائما اولولية حياتك هي اللجوء لله اجعل باكورة يومك لله أول ما تفتح عينك تكون الصلاة وآخر ما تعمله هو الصلاة
3- أسرتك هي وزنتك التي يحاسبك عليها الله وتذكر أن الذي لا يعتني بخاصته ولا سيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان وهو أشر من غير المؤمن
المزيد
07 ديسمبر 2022
الله معنا
" هوذا العذراء تحبل وتلد إبناً ويدعون إسمه عمانؤئيل الذي تفسيره الله معنا " ( مت1 : 23 )
" ها العذراء تحبل وتلد إبناً وتدعو إسمه عمانؤئيل " ( إش7 : 14 )
جميل هذا الإسم الذي دعي به السيد المسيح في مولده ، عمانؤئيل ، الله معنا إسم فيه الكثير من التعزية ، إذ فيه لكثير من حب الله لنا إن بركة عيد الميلاد هي هذه أن نشعر أن المسيح هو الله معنا ، الله في وسطنا ، ساكن معنا ، وساكن فينا الله في الحقيقية يحب البشر جداً ، مسرته في بني البشر . يحب أن يهب الإنسان لذة الوجود معه ، ويحب قلب الإنسان كمكان لسكناه منذ أن خلق الإنسان ، خلقه على صورته ومثاله . وأراد أن يجعله موضعاً لسكناه ، أراد أن يسكن في قلب الإنسان ويحل فيه .
ومرت آلاف السنوات ، وإلهنا الصالح يحاول أن يجد له موضعاً في الإنسان ، ولكن الجميع كانوا قد زاغوا وفسدوا ، ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد لم يجد الرب في قلوبهم موضعاً يسند فيه رأسه فماذا عنك أنت أيها المبارك ؟ إن الله ينظر إلى قلبك ويقول " هذا هو موضع راحتي إلى أبد الأبد . ههنا أسكن لأني إشتهيته " ( مز132 : 14 ) .
مسكن الله مع الناس :
إن سكني الله مع الناس وفي وسطهم ، هي قصة قديمة . إنها قصة خيمة الإجتماع وتابوت العهد ، التي فيها نري الله يسكن وسط شعبه وكما أن سكني الله مع الناس دلالة خيمة الإجتماع ، هي أيضاً دلالة أورشليم السمائية في الأبدية ، التي قيل عنها " هوذا مسكن الله مع الناس . وهو سيسكن معهم . وهم يكونون له شعباً . الله نفسه يكون معهم " ( رؤ21 : 3 ) .
وقد وضح هذا المعني بتشبيه أقوي في حبه :
قال إنه الرأس ونحن الأعضاء ، وقال الرسول عنا ككنيسة إبناً " جسد المسيح " . ولعل مثل هذا التشبيه هو ما قصده الرب بقوله : " أنا الكرمة وأنتم الأغصان " ( يو15 : 5 ) ، وطلب منا أن نثبت فيه كما تثبت الأغصان في الكرمة ولعل هذا أيضاً هو جزء من الصلاة الطويلة التي صلاها في بستان جثسماني ، حيث قال عن تلاميذه : " أنا فيهم ، وأنت في ، ليكونوا مكملين إلى واحد " ( يو17 : 23 ) الله الذي حل في بطن العذراء لكي يأخذ منها جسداً ، يريد أن يحل في أحشائك لكي يملأك حباً ... إن أفضل مسكن لله هو فيك . الله لا يسر بالسماء مسكناً له ، بل هو واقف على بابك يقرع لكي تفتح له ( رؤ3 : 2 ) . وهو يعتبر جسدك هيكلاً لروحه القدوس ويسكن روح الله فيه ( 1كو3 : 16 ) .
الله الذي بصر في الحاح أن يسكن فيك ، يخاطب نفسك الحبيبة إليه بتلك العبارات المؤثرة : " افتحي لي يا أختي يا حمامتي يا كاملتي ن فإن رأسي قد إمتلأ من الطل ، وقصصي من ندي الليل " ( نش5 : 2 ) . وتصور أن الله واقف طول هذه المدة يقرع على باباك محتملاً من أجلك الطل وندي الليل .
سماؤه الحقيقية هي قلبك ، لذلك يطلب إليك على الدوام قائلاً " يا إبنى أعطني قلبك ... " ( أم23 : 26 ) وهكذا يقول الرب ها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر " ( مت28 : 20 ) . ويقول أيضاً " إن إجتمع إثنان أو ثلاثة بإسمي ، فهناك أكون في وسطهم " ( مت18 : 20 ) . ويظل الرب معنا في الأبدية التي لا تنتهي . وعن هذا الأمر قال للآب " أيها الآب ، أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي ، حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً " ( يو14 : 3 ) . وهكذا قال يوحنا الرائي عن أورشليم السمائية إنها " مسكن الله مع الناس " ( رؤ21 : 3 ) . هل إلى هذا الحد يارب ؟ نعم أنا أريد أن أسكن معكم ، وأحل فيكم . هل إلى هذا الحد يارب ؟ نعم أنا أريد أن أسكن معكم ، وأحل فيكم . أجد لذة في عشرتكم . أحب أن أكون في وسطكم أنا عمانؤئيل ، الله معكم إن بركة عيد الميلاد تتركز في عبارة (عمانؤئيل ) الله معنا فإن كنت يا أخي تحسن أنك مع الله ، والله معك ، تكون قد تمتعت فعلاً ببركة عيد الميلاد لا تظن أن عيد الميلاد هو اليوم الذي إنتهينا فيه من الصوم وبدأنا نفطر !! أو أن عيد الميلاد هو اليوم الذي عملنا فيه قداس العيد بطقوسه وألحانه الفرايحى عيد الميلاد من الناحية الروحية هو عشرة عمانؤئيل ، الذي هو الله معنا إن الله لا يريد منك شيئاً غير قلبك ليسكن فيه كل عبادتك وصلواتك هي مجرد عبادة خارجية ، إن لم يكن لله سكن داخل قلبك .
الله يريد أن يقيم صداقة معك يقول الكتاب " وسار أخنوخ مع الله ، ولم يوجد لأن الله أخذه " ( تك5 : 24 ) . منظر جميل أن نتخيل أخنوخ وهو سائر مع الله . وشعور عميق كيف أن الله لم يكنه أن الله لم يمكنه الاستغناء عن أخنوخ ، فأخذه إليه إن بولس الرسول يشرح مجئ الرب الثاني على السحاب ، واختطافنا إليه ، فيختم هذا المشهد الجميل بقوله " وهكذا نكون كل حين مع الرب . لذلك عزوا بعضكم بعضاً بهذا الكلام " ( 1تس4 : 17 ، 17 ) . وهنا على الأرض نلمح ملاحظة قوية في حياة القديسين وهي أن القديسين كانوا يشعرون دائماً بوجودهم في حضرة الله . كانوا يرونه معهم على الدوام ، أمامهم وعن يمينهم إنها عبارة متكررة على فم إيليا النبي إذ يقول " حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه " ( 1مل18 : 15 ) . من فينا شعر باستمرار أنه واقف أمام عمانؤئيل الذي هو الله معنا ؟ داود أيضاً كان يحس على الدوام بوجود الله معه إذ يقول " رأيت الرب أمامي في كل حين ، لأنه عن يميني فلا أتزعزع " ( مز16 : 8 ) . ما هذا يا داود ؟ هل الرب أمامك أم عن يمينك ؟ هو معي في كل حين وفي كل موضع ، وفي كل إتجاه أشعر بوجود الله إن الشخص الذي يشعر بأن الله أمامه ، لا يمكن أن يخطئ ، سيخجل حتماً من الله . ويقول " هوذا الله يراني وأنا أعمل ، هوذا الله يسمعني وأنا أتكلم ط . الله له عينان كلهيب نار تخترقان الظلام . فلو أننا شعرنا أن الله كائن معنا ، لكان من المستحيل علينا أن نخطئ . إن خطايانا دليل على أننا غير شاعرين بوجوده معنا هناك حادثة حدثت مع القديس مارأفرام السرياني تثبت هذا الأمر في إحدي المرات هددته إمرأة ساقطة أن تشهر به إن لم يطاوعها ويفعل الشر معها . فتظاهر بالموافقة على شرط أن يحدث ذلك في سوق المدينة . فاندهشت المرأة وقالت له[ كيف نفعل هذا في السوق ؟! ألا تستحي من الناس وهم حولنا ؟! ] فأجابها القديس [ إن كنت تستحين من الناس ، أفما تستحين من الله الذي عيناه تخترقان أستار الظلام ؟! ] . وكان لكلام القديس تأثيره العميق في المرأة فتابت على يديه هل تظن يا أخي أن الملحدين فقط هم الذين ينكرون وجود الله ؟! أؤكد لك أنك في كل ترتكبها تكون قد نسيت وجود الله أو أنكرته عملياً . لو كنت مؤمناً فعلاً بوجوده أمامك ، لخجلت وخشي لا شك أن إحساسنا بعمانؤئيل ـ الله معنا ـ يعطينا الطهارة والنقاوة والقداسة ، على الدوام
وإحساسنا بوجود عمانؤئيل ، الله معنا ، يعطينا الشجاعة وعدم الخوف .
لما بدأ يشوع خدمته ، قال له الرب " لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك . كما كنت مع موسى أكون معك ، لا أهملك ولا أتركك تشدد وتشجع ، لا ترهب ولا ترتعب ، لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب " ( يش1 : 5 ، 9 ) الإنسان الذي يشعر بوجود الله ، يشعر بقوة عظيمة معه ، تزيل منه كل خوف وكل اضطراب ، وتهبه الثقة والاطمئنان ... واحد يسألك محرجاً ، فتخاف ، وتكذب ! لماذا تخاف ؟ إن الله معك لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك خطية الخوف هي خطية عدم إيمان ، عدم إيمان بعمانؤئيل ورعايته . كان داود شجاعاً . وكان يقول : " الرب نوري وخلاصي ممن أخاف " " وإن نزل على جيش فلن يخاف قلبي ، وإن قام على قتال ففي هذا أنا مطمئن " ( مز27 : 1 ، 3 ) " الرب عوني فلا أخشى ، ماذا يصنع بي الإنسان ؟ " ( مز11 : 6 ) . وفي هذه العبارات نلمح الفرق بين شجاعة القديسين وشجاعة أهل العالم . شجاعة أهل العالم سببها ثقتهم بقوتهم ، وشجاعة القديسين سببها ثقتهم بوجود عمانوئيل ، الله معهم ظهر الله لبولس الرسول في رؤيا بالليل وقال له " لا تخف ، بل تكلم ولا تسكت ، لأني أنا معك . ولا يقع بك أحد ليؤذيك " ( أع18: 10 ) القديس بولس أخذ هذه العبارة ، وعاش بها ، ممتلئاً من الإيمان قوة . وقف قدام ليساس الأمير ، وفيلكس الوالي ، وأمام العزيز فستوس وأغريبا الملك . ولم يستطع أحد منهم أن يؤذيه . بل على العكس خافوا منه لماذا خفتم أيها الملوك والأمراء من هذا الأسير المقيد بالسلاسل ؟ يجيبون لم نخف منه ، وإنما من الإله الذي معه ، من الرب الساكن فيه ... بولس هذا في شخصه نستطيع أن نقدر عليه . ولكن لا نقدر عليه عندما يقول " أحيا لا أنا ، بل المسيح الذي يحيا في " ( غل2 : 20 ) قبض ليساس الأمير على القديس بولس ، فماذا فعل به ؟ هل آذاه في شئ ؟ كلا . بل أعد قوة مسلحة تتكون من 200 عسكري ، و70 فارساً بقيصرية ( أع23 : 23 : 24 ) صحيح يارب ، أنت معنا . وقف القديس بولس أمام فيلكس " وينما كان يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة أن تكون ، أرتعب فيلكس " ( أع24 : 25 ) إرتعب الوالي من أسيره المقيد ، من القوة العجيبة التي تخرج منه ، من الله الذي معه ، من عمانوئيل وقف القديس بولس الملك أغريباس ، فكانت النتيجة أن قال له الملك " بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً " ( أع26 : 28 ) . وشهد عنه قائلاً : " إن هذا الإنسان ليس يفعل شيئاً يستحق الموت أو القيود " . هذه فكرة عن عمل عمانؤئيل إلهنا ، عندما يكون معنا ، ويحطم كل قوة أمام عبيده ، فلا يقع بهم أحد ليؤذيهم هذا هو عمانؤئيل الذي كان مع الثلاثة فتية في أتون النار " فلم تكن للنار قوة على أجسامهم ، وشعره من رؤوسهم ل تحترق ، وسروايلهم لم تتغير ، ورائحة النار لم تأت عليهم " ( دا3 : 27 ) ، حتى إنذهل نبوخذ نصر قائلاً : " ليس إله آخر يستطيع أن ينجي هكذا " ...
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
06 ديسمبر 2022
غاية التجسد
أما عن غاية التجسد فيحدثنا القديس كيرلس الكبير فى تفسيره لأنجيل القديس يوحنا (4: 26) "قال لها يسوع أنا الذى أكلمك هو" فيقول لقد صار جسداً جاعلاً نفسه مشابهاً لنا لكى يوحد بالله بواسطة نفسه ما كان بحسب الطبيعة منفصلاً جدا عنه وفى تفسره لـ (يو17: 20) "ولست اسأل من أجل هؤلاء فقط بل أيضاً من أجل الذين يؤمنون بى بكلامهم" يقول "لقد صار الإبن الوحيد الذى من جوهر الآب جسداً لكى يوحد ويؤلف بطريقة ما فى نفسه بين الأشياء المتخالفة بحسب طبعها الخاص، والتى لم يكن ممكاً أن تتجمع (اللاهوت والناسوت) "إذاً فالسر الحاصل فى المسيح قد صار بداية ووسيلة لأشتراكنا فى الروح وإتحادنا بالله وفى تفسيره لـ (يو1: 14) "والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً"يقول القديس كيرلس "لكى نرى فى وقت واحد، الجرح والدواء، المريض والطبيب، ذاك الذى سقط تحت قبضة الموت والذى يقيمه للحياة ذاك الذى ساد عليه الفساد والذى طرد الفساد ذاك الذى أمسك به الموت والذى هو أسمى من الموت، ذاك الذى له عدم الحياة وذاك الذى هو واهب الحياة" ويقول القديس كيرلس " إن تجسد الكلمة لم يحدث لغاية أخرى إلا لكى نغتنى نحن أيضاً بشركة الكلمة بواسطة الروح القدس فنستمد منه غنى التبنى" ففى فكر القديس كيرلس إن التجسد الذى هو إتحاد اللاهوت بطبيعتنا البشرية لا يمكن أن يكون بعده إفتراق فيقول "لقد ولد بحسب الجسد من امرآة آخذاً منها جسده الخاص لكى يغرس نفسه فينا بإتحاد لا يقبل الأفتراق"وفى تفسيره لـ (يو20: 17) "قال لها يسوع لا تلمسينى لأنى لم أصعد بعد إلى أبى ولكن أذهب إلى أخوتى وقولى لهم أنى أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم"يقول فى تعليقه على قول المخلص (ها أنا صاعد إلى أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم)"يا من تقرأ هذه الكلمات حاول أن تقبل هذا السر العجيب والعظيم ولا تدع قلبك يبتعد عن الحق الكامن فى التعاليم الإلهية تأمل كيف جاء الإبن الوحيد كلمة الله وسكن بيننا لكى نكون نحن مثله على قدر ما نحتمل طبيعتنا أن تأخذ منه فى نعمة الخلق الجديد. لقد أتضع هو لكى يرفع ما هو أصلاً وضيع إلى مقامة العالى. وليس شكل العبد رغم إنه بالطبيعة الرب وإبن الله لكى يرفع من الطبيعة مستعبد إلى كرامة البنوة وسموها جاعلاً إياها على صورته ومثاله..."ونختم موضوعنا هنا بعد أن تمتعنا بفكر وإيمان القديس كيرلس وشرحه الوافى عن عقيدة التجسد بنقطة ختامية وهى
4- لماذا التجسد
لم يكن تجسد إبن الله هدفاً فى ذاته بل كان وسيلة لتحقيق أهداف عظمى وهى:-
1- فداء الإنسان:-
إذ بذل إقنوم الإبن جسده فداء عن الإنسان الساقط
2- تجديد خلقه الإنسان:-
إذا جاء إبن الله الكلمة المتجسد ليتحد بطبيعتنا الساقطة ويقيمها من ضعفها ويجددها بل ويعيد خلقتها لتصير طبيعة مقدسة
3- تعليم الإنسان الفضيلة والكمال وتقديم المثل الأعلى:-
إذ أتى أقنوم الإبن وعلم الإنسان الفضيلة والكمال ليس بكلامه فقط بل بشخصه أيضاً فعاش كاملاً مقدماً مثلاً وقدوة يسير عليها المؤمنون لأن الله غير قابل للموت بلاهوته أخذ جسداً قابلاً للموت فبه ذاق الموت من أجل الجميع "يامن ذاق الموت بالجسد فى وقت الساعة التاسعة من أجلنا نحن الخطاة. " (قطع الساعة التاسعة)
إذاً عندما نقول السؤال.فلماذا التجسد؟ لابد من التجسد لكى يتم الخلاص وفداء الإنسان
القمص بطرس البرموسى
المزيد