المقالات

15 مارس 2025

الغيرة

هُناك أمراض تُصيب الجسد وَأُخرى تُصيب النَفْسَ ، فمثلاً الشهوة مرض جسدِى ، بينما الغيرة وَالكبرياء مِنْ أمراض النَفْسَ ، فكما أنّ الجسد لهُ ضعفات ، هكذا النَفْسَ أيضاً ، الغيرة مرض نَفْسِى يبدأ بعدم المحبّة ثُمّ الغيرة ثُمّ الحسد وَينتهِى بالإِنتقام ، وُهُناك فِى الكِتاب المُقدّس أمثِلة للغيرة المُرّة مِنها :- قصّة قايين وَهابيل:- هابيل قدّم للرّبّ مِنْ أبكار غنمِهِ وَسمانِها ، أمّا قايين فقدّم للرّبّ مِنْ أثمار الأرض ، فنظر الرّبّ لهابيل وَقُربانه وَأمّا لقايين وَقُربانه فَلَمْ ينظُر [ فإِغتاظ قايين جِداً وَسقط على وجهِهِ ] ( تك 4 : 5 ) ، بدأت بعدم محبّة ثُمّ غيرة ثُمّ غيظ وَإِنتهت بقتل قايين لهابيل 0 قصّة سارة وَهاجِر:- طلبت سارة مِنْ أبينا إِبراهيم أنْ يتزّوج مِنْ هاجِر جاريتها ليُقيم لها نسل بإِسمها ، وَعِندما أصبحت هاجِر حُبلى غارت مِنها سارة [ فدخل على هاجِر فحبلت وَلمّا رأت أنّها حُبلى صغُرت مولاتِها فِى عينيها ، فقالت ساراى لأِبرام ظُلمِى عليك أنا دفعت جاريتِى إِلَى حِضنك 0 فلّما رأت أنّها حبلت صغُرت فِى عينيها يقضِى الرّبّ بينِى وَبينك 0 فقال أبرام لساراى هوذا جاريتِك فِى يدكِ إِفعلِى بِها ما يحسُن فِى عينيكِ ، فأذلّتها ساراى فهربِت مِنْ وجهِها ] ( تك 16 : 4 – 6 ) 0 الغيرة مرض نَفْسِى يُصيب الإِنسان بعدم المحبّة ، وَيجعلهُ فِى مُقارنة مَعَ غيرِهِ ، وَكُلّ ما كان الإِنسان أنانِى وَمُحِب لذاته كُلّما يزداد بُغضة وَكُرهه لِمَنْ حوله ، لِذلِك الغيرة هى مِنْ حروب عدو الخير للإِنسان يجعلهُ يفقِد طاقِة المحبّة وَيُحوّلها لطاقِة هدم وَمُقارنة وَإِفساد ، الله أعطى الإِنسان طاقات حُب مُمكِن يحِب بِها مَنَ حوله ، وَمُمكِن يتعِب نَفْسَه بِها ، مُمكِن أحِب إِخوتِى وَأكون عُضو بنّاء وسطهُم ، أُختِى عندها صِفة تُميّزها وَأنا عِندِى أُخرى تُميّزنِى 0 أ‌- الغيرة المره الغيرة فِكر لابُد أنْ نُعالِجه ، أولاً لابُد أنْ نؤمِن أنّ الله مُعطِى الإِنسان كُلّ طاقاته[ مِنْ يدك أعطيناك ] ، فَلاَبُد أنْ تكون هذِهِ الطاقات بنّاءة لِكى يكون الكُلّ واحِد ، طاقِة المحبّة تجمعنا بعضُنا حول بعض وَقَدْ رأينا نماذِج للغيرة مِثل سارة وَهاجِر ، قايين وَهابيل ، أيضاً نموذج آخر وَهُو ليئة وَراحيل ، فقد تزوّج أبونا يعقوب بليئة ثُمّ راحيل ، وَكان يُحِب راحيل ، لكِن كان الله قَدْ أغلق رحمها ، بينّما ليئة تلِد لهُ البنين ، فغارت راحيل مَنْ أُختها وَجعلت يعقوب يتزّوج بجاريتها لِيُنجِب لها بنين ، فِى ذلِك الوقت كانت ليئة قَدْ توقّفت فِترة عَنِ الإِنجاب فغارت هى أيضاً وَأعطت أبونا يعقوب جاريتها لِتلِد لها بنين وَهكذا حتّى فتح الله رحِم راحيل فولدت يوسِف وَبنيامين كان مِنَ المفروض أنْ تفرح الأُخت لأُختها ، لكِن الغيرة جعلت راحيل تقول ليعقوب [ هَب لِى بنين وَإِلاّ فأنا أموت ] ( تك 30 : 1 ) فِى قصّة يوسِف العفيف [ أمّا إِسرائيل فأحبّ يوسِف أكثر مِنْ سائِر بنيه لأنّهُ إِبن شيخوختِهِ ، فصنع لهُ قميصاً مُلّوناً ، فلّما رأى إِخوتهُ أنّ أباهُم أحبّهُ أكثر مِنْ جميع إِخوتِهِ أبغضوه وَلَمْ يستطيعوا أنْ يُكلّموه بِسلام ] ، كان العشر إِخوه يذِلّوا يوسِف فِى تعامُلهُم معهُ ، وَلمّا ذهب يوسِف ليطمئِن على سلامِة إِخوتِهِ قالوا [ هذا هُو صاحِب الأحلام هلُمْ نقتُلهُ ] ، فألقوهُ فِى البِئر وَجلسوا يأكُلون وَهُم فرِحون أيضاً مِنْ نماذِج الغيرة المُرّة قِصّة شاول الملِك وَداوُد ، عِندما قتل داوُد جُليات الجبّار صارت بنات إِسرائيل يُغنّين قائِلات [ قتل شاول ألوف وَداوُد ربوات ] ، [ فإِحتمى شاوِل جِداً وَساء هذا الكلام فِى عينيهِ ، وَقال أعطين داوُد ربوات ، أمّا أنا فأعطيننِى الأُلوف وَبعد فقط تبقى لهُ المملكة ، فكان شاول يُعايِن داوُد مِنْ ذلِك اليوم فصاعِد ] ، أىّ وضع فِكره عليه ، غيرة مُرّة شاول كان يتعقّب داوُد وَعمل معهُ مُطاردات ، وَكم مرّة حاوِل قتله لأنّهُ يُغار مِنهُ ، الغيرة مرض صعب جِداً ، قال يعقوب الرسول [ حيثُ الغيرة وَالتحزُّب هُناك التشويش وَكُلّ أمرٍ ردىءٍ ] ، " تحزُّب " أىّ كُلّ إِنسان لهُ فِكرةُ الخاص يعمل حِزب ، لأنّ المحبّة عِندما تختفِى يختفِى الله وَتُصبِح حياة الإِنسان جحيم مُر ، لِذلِك تُسمّى غيرة مُرّة يُقال عَنِ بولس الرسول [ لمّا رأوا الجمع إِمتلأوا غيرة وَجعلوا يُقاوِمون بولس مُجدِّفين ] ، أيضاً حدثت غيرة عِند تلاميذ يوحنا المعمدان مَعَ يسوع ، حيثُ كان تلاميذ يوحنا المعمدان يُعمِّدون وَلمّا جاء يسوع بدأت الجموع تلتف حولهُ فغار تلاميذ يوحنا وَقالوا لِمُعلّمهُم [ يا مُعلِّم هوذا الّذى كان معك فِى نهر الأُردُن الّذى أنت شهدت لهُ يُعمِّد وَالجميع يأتون إِليهِ ] ، أما يوحنا المعمدان فأجابهُم قائِلاً [ ينبغِى أنّ هذا يزيد وَأنا أنقُص00مَنْ لهُ العروس فهو العريس ] ، أنا مُجرّد صديق للعريس وَليس العريس نَفْسَه أيضاً السيِّد المسيح نَفْسَه وجد غيرة شديدة مِنْ الكتبة وَالفريسيين ، وَكُلّما كان يصنع مُعجِزة خاصةً فِى اليهودية كان يجِد مُقاومة شديدة ، وَأكثر مُعجِزة وجدت غيرة شديدة مُعجِزة إِقامة لِعازر الّذى ظل أربعة أيامٍ فِى القبر وَأنتن ، وَقال السيِّد المسيح الّذى لاَ يُصدّقنِى يذهب وَيسأله وَيسأل إِخوتهُ أمّا الكتبة وَالفريسيين فإِجتمعوا وَقالوا [ ماذا نصنع فإِنّ هذا الإِنسان يعمل آيات كثيرة ، وَمِنْ هذا اليوم إِبتدأوا يتشاورون لِيقتِلوه ] ، وَالإِنجيل يقول [ أنّهُم أسلموه حسداً ] ، الحسد بعد الغيرة ثُمّ بُغضة وَقتل صعب أنْ يكون فِى قلب الإِنسان غيرة مِنْ ناحية أخيهِ فتسرِق مِنهُ أىّ بركة وَنعمة ، فِى حين أنّ الكِتاب المُقدّس يقول [ حسِنة هى الغيرة فِى الحُسنى ] ، صعب أنْ يغيِر إِنسان مِنْ أخيه مِنْ أجل عطيّة مُعيّنة سمح بِها الله لهُ ، مُمكِن يكون أخِى مُميّز عنّى فِى شىء مُعيّن يشجعنِى أنْ أتميّز مِثله ، أخِى لهُ عِشرة حِلوة مَعَ الله يشجّعنِى أنْ أدخُل فِى عِشرة مَعَ الله مِثلهُ ، غيرة حسِنة للبُنيان وَليس للهدم وَالمُقاومة ، غيرة للأفضل ، أنا فرحان أنّ أخِى أفضل منّى وَأتمثلّ بِهِ أحد الرُهبان أخذ تدريب مِنْ أبيهِ الروحِى وَهُو أنْ يسهر سهرة مُعيّنة ، وَ معروف أنّ سهر الرُهبان عِبارة عَنِ جُزء مِنْ الليل تسبيح وَجُزء قِراءة إِنجيل وَجُزء صلوات وَجُزء قِراءة سير آباء قديسين ، وَبعد التدريب ذهب الراهِب لأبيهِ وَسألهُ أبوه عمّا فعلهُ فِى خِلال سهره فأجابهُ أنّهُ لَمْ يسهر لِيُصلّى أوْ يقرأ فِى الإِنجيل وَسير الآباء وَلَمْ يُسبِّح ، فوبّخهُ أبوه وَسألهُ عمّ فعلهُ خِلال سهره ، فأجابهُ الراهِب أنّهُ ظلّ الليل كُلّه يُعدِّد فضائِل أخوه الّذى بجانبِهِ فوجدهُم 36 فضيلة ، فظلّ يُجاهِد طول الليل لِكى يقتنِى تلك الفضائِل ، عِندئِذٍ أجابهُ أبوه الروحِى قائِلاً " هذِهِ الطياشة صارت لك أحلى مِنْ أىّ زكاوة " ، غيرة فِى الحُسنى ، أعدِّد فضائِل إِخوتِى لِكى أتعلّم منهُم وَأجاهِد لأكتسِبها ، وَليس للبُغضة وَللمُقاومة وَ للمذلّة ، كما كانت سارة مَعَ هاجِر وَكما كان إِخوة يوسِف معهُ المحبّة قائِمة بينِى وَبين مَنْ حولِى وَأحاوِل أنْ أقتنِى فضائِلهُم ، لابُد أنْ يكون عِندنا غيرة مُقدّسة على الوصايا وَعلى العقيدة وَعلى الإِيمان وَعلى لقبِى أنِّى مسيحِى ، مُعلّمِنا بولس الرسول يقول [ أغار عليكُم فِى الرّبّ ] ، أىّ يغير عليهُم حتّى لاَ يذهبوا لآخر غير المسيح ، أيضا مُعلّمِنا يعقوب الرسول يقول [ الرّوح الّذى حلَّ فينا يشتاقُ إِلّى الحسدِ ] ، أىّ روح الله الّذى بِداخِلنا يغير علينا حتّى لاَ نكون مِلك لآخر غير الله ، [ خطبتكُم لِرجُلٍ واحِدٍ لأُقدِّم عذراء عفيفةً للمسيح ] ، إِذاً المسيح نَفْسَه يغير علينا غيرة حسِنة حتّى لاَ نكون لآخر غيره 0 ب‌- أضرار الغيرة الغيرة جعلت الإِخوة يُبغِضون بعضهُم بعض ،وَجعلت سارة تذِل هاجِر،وآخر مِثل شاول يُدبِر مكائِد لداوُد ، رأينا سارة تقول لإِبراهيم ظُلمِى عليك ، هذا دليل أنّ النَفْسَ مُرّة وَمريضة الغيرة تجعل المحبّة تتآكل بآفة صغيرة ، المحبّة التّى هى سِر التعاون وَالبُنيان تُصبِح طاقة هدم وَصِراع ، الغيرة تُلِّوث المشاعِر ، تخيّلوا أنّ راحيل وَليئة أُختين تحيان معاً فِى بيت واحِد وَتغيران مِنْ بعضهُما ، فكيف كانتا تتعاملان معاً الغيرة تجعل الإِخوة ينقسِموا ، تجعل الإِنسان ينظُر لغيره وَليس لِنَفْسَه ، الغيرة تُضيِّع هدف الإِنسان وَتُصبِح الغيرة نَفْسَها هى هدف الإِنسان ، بالغيرة عدو الخير يقطُف أجمل ثِمار فِى حياتنا ، الّذى قال [ صيّرنا أطهاراً بروحك القُدّوس ] ، هذا الرّوح نجعلهُ حزين بالغيرة لنرى صِراعات شاول وَداوُد كانت صِراعات مريرة حتّى أنّها أنست شاول بُناء المملكة رغم أنّهُ كان مِنْ المُمكِن أنْ تكون هدفه أوضح مِنْ هذِهِ الصراعات التّى أضاعت عُمره وَمملكته كُلّ ما فينا هُو صالِح وَكُلّ عطايا الله صالِحة وَمُقدّسة ، أعطانا الله طاقِة حياة وَوجود وَأصدِقاء وَمحبّة ، كُلّ هذا لِبُناء النَفْسَ وَليس لهدم الآخرين ، لو شجرة بِها عُصارة كميتها ثابِتة ، إِذا أعطت الشجرة كُلّ عُصارتها لفرع واحِد لاَ يُعطِى ثمر ، فلن تُعطِى ثمر على الإِطلاق ، لابُد أنْ نُثمِر بِطاقتنا إِنْ وُجِدت غيرة تكون بين عناصِر قريبة مِنْ بعضها ، أصدِقاء ، أُخوة ، وَأجمل المشاعِر تتلّوث رغم أنّ هذِهِ المجموعة هى التّى أتعايش معها وَهى تُعطِى قوّة فكيف تتلّوث مشاعِرنا بالغيرة الغيرة تُبدِّد مِنْ الإِنسان روح البذل وَالعطاء ، الغيرة تجعل الإِنسان لهُ طاقة ذاتيّة تُفيد المصلحة فقط ، مادامت توجد محبّة إِذا كان لدىّ شىء يُفيد مَنْ حولِى أُعطيه بدون تردُد ، وَإِخوتِى كذلِك يُعطونِى محبّة وَبذل وَعطاء ، الغيرة تجعل الأُخوة يتقاتلون ، أُخوة معاً فِى نَفْسَ البيت لكِن النِفوس ضعيفة 0 ج- عِلاج الغيرة 1- لابُد أنْ يكون الله هُو سِر غِناك وَشبعك وَكِفايتك ، أىّ لو الإِنسان كان مُقتنِع أنّ الله هُو شبعه وَسِر نُصرته وَإِتكاله وَسنده وَسروره يكون مُكتفِى مهما تقدّم عنّه مَنْ حوله لاَ يغار ، كما قال مُعلّمِنا بولس الرسول [ كِفايتنا مِنْ الله ] ، الله هُو سِر غِناى ، فَلاَ أنظُر لآخربل لِتكُن مشيئة الله ، أنا غِنى بِداخِلِى حيثُ الله ساكِن وَفائِض بخيّراته وَبركاته الكثيرة علىّ ، الّذى يشعُر بالله لاَ ينظُر لِمَنْ حوله ، وَإِنْ نظر إِليّهُم يُباركهُم وَ لاَ يلعنهُم 0 2- قبول النَفْسَ كُلّ ما بِداخِلِى جميل لأنّ الله مُعطنِى إِيّاه ، وَمهما كان بىّ عيوب لكِن بىّ أيضاً مُميّزات وَفضائِل ، عيوبِى أعالِجها وَفضائِلِى أنمّيها ، الله لاَ يترُك أحد بِدون فضائِل ، السامريّة كان بِها فضائِل وَإِشتياق للسجود ، وَالله إِكتشفها لها وَأعطاها ثِقة فِى نَفْسَها ، ليتنا لاَ ننظُر لأنَفُسَنَا بِضعفاتها فقط بل وَفضائِلها أيضاً أنا عمل الله وَبالتأكيد عوّضنِى عَنِ نقائِصِى بِفضائِل أُخرى ، فَلاَبُد أنْ أقبل نَفْسَى جُملةً ، الله يُبارِك لىّ فيما لدىّ وَيُبارِك لغيّرِى فيما عِنده ، لو كانت راحيل نظرت بِحكمة لوجدت أنّ الله عوّض ليئة عَنِ ضعف عينيها بالأولاد وَعوّضها هى عَنِ الأولاد بالجمال ، لكِنّها لَمْ تنظُر إِلَى ما لديها بل إلَى ما عِند غيرِها الله دائِماً يُعوِّض النقائِص ، فمثلاً الله مُعطِى قوّة فِى الخمس حواس ، إِذا فقد إِنسان أحد هذِهِ الحواس يُعوِّضه عنها الله فِى الأربعة الباقين ، وَكأنّ الأعمى يرى وَالأصّم يسمع ، لابُد أنْ أقبل نَفْسَى ، وَإِذا قبِلتها لن أغير مِنْ أحد لأنّ هذِهِ هى إِرادة الله 0 3- لابُد أنْ يكون لنا إِيمان بالتكامُل وَ التنّوُع إِذا أعطى الله أخِى موهِبة لَمْ يُعطيها لىّ أنا فَلاَ أغير مِنهُ لأنّ الله عوّضنِى عنها بِموهِبة أُخرى ، إِيمان بالتنّوُع وَالتكامُل ، لِماذا نكون نُسخ مُتشابهة مِنْ بعضِنا البعض ؟ كان تلاميذ يسوع لِكُلٍّ منهُم شخصيّة مُختلِفة عَنِ الآخر ، وَلكنّهُم مُتكاملين ، الوحدانيّة هى أنّ لِكُلّ واحِد موهِبتة وَإِسلوبه وَيخدِم نَفْسَ الغرض ، مُعلّمِنا بولس الرسول لاَ يستطيع أنْ يكون يوحنا الحبيب ،وَ لاَ يكون يوحنا بولس ، الله إِستخدِم بلاغة بولس وَرِقّة يوحنا وَغيرة بُطرُس لِنَفْسَ الغرض الواحِد ، إِذا كانت المدينة كُلّها أطباء فَمَنْ يُعلِّم وَمَنْ يبنِى وَمَن العمل البسيط وَ العمل القوِى يخدِم مصلحة واحدة 0 4- ينبغِى أنّ ذاك يزيد وَأنا أنقُص هذا أفضل دواء للغيرة ،إِذا فرحت أنّ غيّرِى أفضل منّى تنتهى الغيرة ،فكيف نقبل ذلِك ؟ لأنّ الله سِر غِنانا ، فمهما أنقُص عَنِ غيّرِى فِى شىءٍ ما لاَ أحزن لأنِّى مُكتفِى بالله ، وَمهما زاد غيّرِى عنّى فأنا كامِل بالله عِلاج مَنْ يغير منّى هُو المحبّة ، لاَ أُشعِره أنِّى فِى تسابُق معهُ ، المحبّة أقوى مَنْ الموت ، إِذا تأكّد مَنْ حولِى إِنِّى أُحِبُهُم لاَ يغيرون منّى لأنّنا نتكامل إِلَى واحِد يُحكى فِى تاريخ الكنيسة أنّ إِبنة محمد على كان بِها روح شرّير ، فأشاروا عليه أنْ يذهب بِها للبابا بُطرُس الجاولِى البطريرك لِكى يُصلّى لأجلِها ، وَلمّا ذهب بِها للبابا بُطرُس كان عِنده فِى تلك الساعة الأنبا صرابامون أبو طرحة الأُسقُف ، وَطلب البابا بُطرُس مِنْ الأنبا صرابامون أنْ يُصلّى هُو لإِبنة محمد على ، وَلكِنّه خجِل مِنْ البطريرك وَدعاه هُو للصلاة مِنْ أجلِها ، وَظلاّ هكذا فِترة حتّى إِضطر الأنبا صرابامون لِقبول دعوة البابا ، فأخذ صليب البابا بُطرُس وَصلّى بِهِ لإِبنة محمد على ، فخرج الرّوح الشرير ، فقال البابا بُطرُس أنّ الرّوح خرج بِصلاة الأنبا صرابامون ، بينّما قال الأنبا صرابامون أنّ الرّوح خرج بِصليب البابا بُطرُس 0 5- صلاة مِنْ أجل الّذين أغير منهُم نُصلّى مِنْ أجلهُم ،وَمِنْ أجل ضعفاتنا ،عِندئِذٍ طِلبتنا تدخُل فِى الحال لحضرة الله ، صلّى مِنْ أجل حِماية محبِتك ، وَمِنْ أجل الآخرين أنْ يُزيدهُم الله بِمواهِب ، إِذا تخلّصنا مِنْ الغيرة تصير حياتنا كُلّها فرح وَمحبّة لِمَنْ حولنا ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمِتة وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
08 مارس 2025

قوة التوبة

نحنُ جِهادنا سلبىِ لأنّنا لَمْ ندخُل فِى حُب الله ،فأجِد التوبة تُقيِّد راحتىِ ،هكذا النَفْسَ الّلى تتوب طالما ربِنا قبل إِنّىِ أقترب لهُ وَجعلنىِ إِبن لهُ رغم إِنّىِ لَمْ أستاهله ،وَأنقذنىِ مِنْ أعدائىِ ،هل يليق إِنّىِ أنا أهين سُمعِته ؟ خِيانة ،أعطانا العِتق مِنْ العبوديّة ،أجىِ أنا بعد كِده وَ أُهينه وَ أُدنِّس إِسمه ،لو كُلَّ نَفْسَ أدركت حُب الله ما هان عليها أنْ تخونه أوْ نترُكه أوْ أكسر وصيّة مِنْ وصاياه ،مش مُمكِن كُلَّ ما أُدرِك صلاحه وَتحنّنُه علىّ [ أُعظِّمك يارب لأنّك إِحتضنتنىِ ] ، لمّتنىِ ، إِحتوتنىِ ، أنا لَمْ أستاهِل ، كُلَّ ما النَفْسَ ما تُدرِك عمل الله معاها كُلَّ ما تنفعِل أكتر وَتُحِبّه أكتر وَأكتر فِى قصّة بِتحكىِ عَنْ أب كان دايماً بينصِح بنته عشان تمشىِ فِى الطريق مُستقيمة ،لاَ تمشىِ لوحدِك وَلاَ تتكلّمىِ مع أحد أو رِجال ، البنت مِنْ بنات اليوم وَعاوزه تعيش على راحِتها ، وَكانت وصيّة الأب تقيلة عليها ، فِى يوم البنت حبِّت تتحدّى والِدها وَنزلت مِنْ وراه بالليل مُتأخِرة ، فالأب نِزل وراها مِنْ حنانه عليها لأنّهُ كان خايف عليها وَبيحبّها خالِص ، وَأثناء سيرها قابلت شباب وَإِتعرّفِت عليهُم وَأخذوها فِى منطقة خلاء عشان يسرقوا مصاغها وَيعتدون عليها وَفِى الوقت الحاسِم ظهر أبوها فتركوها الشباب وَإِتجهوا إِلَى والِدها ورأت والِدها وَهو يموت أمامها فجرت وَتركتهُمْ ، وَأخيراً أصبحت تشعُر بِحُب أبوها بعد أنْ رأتهُ يُضّحىِ بِحياته مِنْ أجلها أبوها الأول كان قيد ، دلوقتىِ أصبح حُب وحنان ، دلوقتىِ إِكتشفت حُبّه الحقيقىِ لها ، تقعُد تتخيّل أبوها وَحُبّه وَحنانه ، تقول كمْ كُنت جاهلة ، كمْ أهنتهُ وَتعيش على كلامه ، النَفْسَ الّلى أدركت صلاح الله تحيا فِى حُب الله وَلاَ تنظُر إِلَى الوراء أبداً ، خلاص بقى لاَ تُفكّر فِى خطايا شبابِى وَ جهلِى ( جهل ) علشان كده فِى نَفْسَ كلِمة الله بالنسبة لها جامدة ، مافيهاش تفاعُل ، مافيهاش حُب ، الإِنجيل صخر وَلاَ أجِد آية ، ده فِى المرحلة الأولى ، المرحلة الّلى بعد كده كُلَّ كلِمة رائِعة ، توصل إِنّك كُلَّ كلِمة فِى الكِتاب المُقدّس عايزة تكبّرِيها وَ تضعيِها على الحائِط ، مين يقدر يفهم الكلام ده ! إيه الكلام الرائِع ده ! مُمكِن الواحِد بِكلِمة واحِدة يسجُد وَ يبكِى وَ ينفعِل ، لكِن لو أنا أدركت الحُب الّلى فدانِى بِهِ ، وَ إِحتوانِى بِهِ تُبقى كُلَّ كلِمة تُبقى حُب جديد ، وَمِنْ قِراءة الإِنجيل أكتشِف توبتِى التوبة هى صحوة ، إِتبررنا بِهِ وَبِعمله وَ فِداؤه وَ خلاصه ، فِى أشعياء يقول[ قومِى إِستنيِرى لأنّهُ قَدْ جاء نورك وَمجد الرّبّ أشرق عليكِ ] ، كفاية نوم ، كفاية غفوة ، كفاية إِنسان يعيش بعيد عَنَ نور ربِنا وَعَنَ الفضيلة ، كفاية الإِنسان يعيش عُمره بِحالُه لَمْ يذُق فيها حُب الله ، كُلَّ الّلى يعرفه خبرات شر ، وَ نحنُ لَمْ نُخلق للشر ، نحنُ نُخلق للبِر ، كُلَّ ما تفعل الخطيّة تشعُر بوخز ضمير التوبة هى باب الأفراح ، التوبة هى أُم الدموع وَ الإِنسحاق ، مش مُمكِن تيجىِ دموع بِدون التوبة ، التوبة تُحطِّم كبرياء النَفْسَ وَ غرورها ، ما فيش حاجة تخلّيِنى أنسحِق فعلاً غير التوبة ، تفتِت القلوب الصخريّة ، حتّى وَ لو كان قلبىِ صخر ، التوبة تجعل الزُناة بتوليين ، فِى قوّة كامِنة فِى التوبة ، تقدر التوبة على كده ، النعمة قادِرة أنّ تُحّول الإِنسان مِنْ رئيس جماعة لصوص إِلَى أب وَ مُدّبِر لِجماعة رُهبان ، قادِرة التوبة أنْ تُغيِّر وَ تُقدّس ، قادِرة أنْ تُغيّر الإِنسان إِلَى إِبن لِمحبّة الله ، التوبة هى أُم الغُفران ، كيف نأخُذ الغُفران بِدون توبة إِنّ الآب المملوء رحمة لاَ يُغصِبك أبداً إِنْ طلبتِ منهُ أى شىء يُعطيِكِ ، وَسلّم لكِ مفاتيح الملكوت ، لاُ يُعطِى الملكوت إِلاّ للتائبين ، علشان كده أكتر شىء يُحزِن عدو الخير مُجرّد بس نيّة التوبة ، وَ يقول إِنتِ مش ناقصة إِحباط ، إِنّى لسّة متجرّب تجارُب ، إِنتِ تقولِى أنا لازِم أرجع لِحضن أبويا ، أنا بنت أحرار وَلىّ أنْ ألبِس الحُلّة الأولى ، كُلَّ ما هو لله هُو لىّ أكتر واحِد يُحارِب التوبة هُو الشيطان بالطُرُق المشروعة وَ غير المشروعة ، لأنّ التوبة هى عذاب عظيم للشياطين ، لأنّها تعتِق المسبيين الذّين سباهُمْ فِى شرّه ، تعب السنين الّلى تعبه الشيطان مع الأنبا موسى عملِته التوبة فِى ساعة واحدة ، طبعاً مَنْ ذا الذّى لاَ يُحِبك أيّتُها التوبة ، لأنّ عَنَ طريقها الفضائِل ،التوبة هى التّى تفُكِنِى مِنْ كُلَّ القيود ،[ الذّى قطّع كُلَّ رِباطات الخطايا ] ، تجعل مِنْ الإِنسان ملاك على الأرض القديس يوحنا الدرجِى عِندما جاء لِمصر وجد دير التائبين أوْ سِجن التائبين ، شاف ناس عايشين فِى توبة وَ تذلُّل ، ناس رِموش عينيها وقعت مِنْ البُكاء ، الشخص يقِف فِى وضع المُجرِم أوْ المُذنِب ، يكتِّف إِيده وراه ووِشّه فِى الأرض وَ يقول مزامير التوبة ، ساعتين تلاتة أربعة وَ الدموع تتساقط ، وجدت ناس ساهيين عَنَ أكل خُبزهُمْ وَإِنْ أكلوا يمزِجون طعامهُمْ بِدموعهُمْ ، شاف فيهُمْ قوّة توبة جبّارة وَشِدّة جِهادهُمْ يقول القديس أوغسطينوس [ أيّهُا الطريق وَالحق وَالحياة ، يا مُبدِّد الظُلمة وَ الشرور وَ الضلال وَ الموت ، أيّهُا النور الذّى بِدونك يصير الكُلَّ فِى ليل دامِس ، أيّهُا الطريق الذّى بِدونك لاَ يوجد سوى الضلال ، أيّهُا الحق الذّى بِدونك يُخيّم الموت على الجميع] فِى رومية 13 : 11- 12 [ أَنّهَا الآْنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيقِظَ مِنَ النّوْمِ ،قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَ تَقَارَبَ النَّهَارُ ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ ] - ( التوبة ) - ، أعذب كلام يفرّح النَفْسَ عَنَ التوبة ، لأنّ مجىء المسيح للعالم وَرِسالتهُ الأولى هى [ توبوا لأنّهُ قَدْ إِقترب ملكوت السماوات ] ، [ تناهى الليل وَ تقارب النّهار ] ، خلاص بقى يعنى نسلُك كأنّنا فِى النور طبعاً نور المسيح الخطيّة هى إِهانة لله وَ إِنفصال عَنَ الله ، إِفساد للصورة ، الخطيّة حُزن وَ مرارة وَ ذُل ، - دى الخطيّة – لكِن التوبة هى رِجوع لله وَ لأحضان الله ، - الأحضان الأبويّة - ، الخطيّة هى موت أوْ نوم أوْ غفلة ، القديس بولس الرسول يقول [ قوموا ] ، واحِد يقوم يتنقِل مِنَ الموت للحياة ، مِنَ اللاوعى للوعى ، واحِد يبتدِى يتيقِّظ ، يقظِة النَفْسَ وَ الرّوح وَ الضمير وَ العقل فِى الصوم المُقدّس الأناجيل تُحرِّكنا ، إِنجيل الإِبن الضال لاَ يُقرأ إِلاّ فِى الصوم الكبير علشان يكون لهُ تأثير ، وَهكذا السامِرية وَ المخلّع ، أجمل ما فِى قِراءات الكنيسة وضعتهُ فِى الصوم علشان تحرّكنا ، يلاّ نرجع مع الإِبن الضال ، مع السامِرية ، يلاّ مع المخلّع ، التوبة إِنتقال فِى داخِل الفِكر وَ العقل مرحلة فِى داخِل النَفْسَ يجِب أنْ تحدُث فِى كُلَّ يوم ، وَيجِب أنْ يتيقِّظ الإِنسان للتوبة فِى كُلَّ لحظات العُمر ، نتحرّر مِنَ عبوديّة العدو مِنَ أجل محبّة الله الخطيّة فِعل الشر ، التوبة فِعل البِر مش بس البُعد عَنَ الشر ،[ حِد عَنَ الشر وَأفعل البِر ] ، مش بس أبطلّ الخطيّة ، لازِم التوبة تأخُذ الفِعل الإِيجابِى ، هى ترك الخطيّة مِنَ القلب بِلاَ رجعة ، عزم وَتصميم لِحياة التوبة ، وَ القيامة مِنَ السقطة وَ الذلّة بِلاَ نهاية ، الإِنسان الّلى يكره شىء لاَ يرجِع لهُ ، الإِنسان الّلى يُستعبد لِشىء لاَ يرجع لهُ ، المكان الّلى يتهان فيه لاَ يرجِع لهُ ، كويس قوى إِنْ أبويا قبلنِى ، خلاص أرجع تانِى ، لأ كويس قوى قبلنِى وَ رحمنِى وَ غفر لِى خطيّتِى ، كفاية بقى صعب قوى إِنّ الإِبن الضال يرجِع تانِى بنتكلّم عَنَ التوبة كتير وَلكِنْ جوّانا كأنّ التوبة دى مُستحيلة ،الأنبا موسى الأسود كانت الخطيّة مسيطرة عليه لِدرجة جبّارة ،[ مِنَ يضع يدهُ على المحراث لاَ يرجِع ينظُر إِلَى الوراء ] ، تخيّلوا إِن عزمه وَ إِشتياقه لِعدم الرِجوع إِنّه يُقعُد مع أبوه الروحِى فِى يوم واحِد 13 مرّة ، يعنِى وضع فِى قلبِهِ أنْ لاَ يرجِع أبداً ، وَ التوبة هى إِنسان وضع فِى قلبِهِ أنْ يموت وَلاَ يسقُط القديسة سارة الراهِبة فِى الدير قعدِت 13 سنة يُحارِبها عدو الخير حروب ، بِحروب الجسد ، وَهى ثابِتة ، الّلى تاب لاَ ينظُر إِلَى الوراء ، الأمر مش سهل ، ياما مطانيات ، وَياما سجدات وَتوّسُلات وَدِموع للقادِر أنْ يُخلّصِها ، لأنّه رحوم وَقادِر على خلاصِنا لأنّهُ تألّمْ لِكى يُنقِذنا ، وَبعد 13 سنة جاء لها بِحرب الكبرياء وَالغرور ، ده إِنتِ ناسِكة وَإِنتِ غلبتِى ، ترُد عليه إِنّى إِمرأة ضعيفة وَلاَ أغلِب إِلاّ بِسيّدى يسوع المسيح ، فإِبتعد عنها القديسة مريم المصريّة سُلطان الخطيّة عليّها سُلطان رهيب ، قعدِت 17 سنة تُقاوِم آلام ، إِحنا فِى حرب لاَ تنتهِى مع وُلاة هذا العالمْ وَالسلاطين ، الّلى ذاق محبّة ربِنا وَغُفرانه إِبتدأ يدخُل فِى دائرة حُبِّهِ ، لا لنْ أكون كما كُنت مِنَ قبل ، مش هكون زى ما كُنت الأول أبداً ، النَفْسَ مُنفعِلة وَمُصمِّمة خلاص مش هبقى زى الأول أبداً ، لابُد أنْ نوصل للأشمئزاز وَترك الخطيّة ، مش مُمكِن ، مِثل الكلب الذّى يرجِع إِلَى قيئُة ، بعدما نُنظِف الخنزير لاَ يقعُد فِى حِتة فيها نظافة ، تخيّلوا إِنّى أنا أوصل فِى الخطيّة للدرجة دى القديس أوغسطينوس عزم فِى قلبِهِ ألاّ يرجِع أبداً ، لِدرجِة كان فِى سُلطان للخطيّة جوّه جسده ، وَكان فِى سِت متعلّقة بِهِ قوى ، وَهو كان تاب وَحبِّت أنْ تتودّد إِليّهِ وَتخبّط عليه ، فكان يقول لها وَلكِن لستُ أنا ، أوغسطينوس الذّى تعرفيه قَدْ مات ، خلع أسلِحة الظُلمة وَلبس أسلِحة النور ، خلع إِنسان الخطيّة ، [ قلباً نقيّاً إِخلقهُ فىّ يا الله ] ، عايزين قلب جديد يتخلِق ، حُب الله هُو الذّى يطرُد الخطيّة بِسِهولة مِنَ القلب قال أنا طوّبت الذّين أخطأوا وَتابوا أكتر مِنَ الذّين لَمْ يُخطِئوا ، أصل التوبة تُعطِى فرحة وَإِنتصار فهى لاَ تقِف عِند الأفعال القهريّة ، وَإِنْ كان فِى حُزن هُو بِلاَ ندامة وَهُو حُزن مُضىء [ إِحزنِى يانَفْسَىِ على خطاياكِ ] ، الحُزن الّلى يعقُبه فرحة ، يعقُبه إِنتصار وَقيامة وَإِنْ أنا إِنفكيت مِنَ الأسر بِضيق ، الفرح بالغُفران لاَ يِجِى بِسِهولة ،[ مُبارك الرّبّ الذّى لَمْ يُسلّمِنا فريسة لأسنانهُم ] ، مش شويّة ، كُلَّ ما أنا إِبتدأت أنْ أُحقِق وصايا الله وَإِنّى أنا إِبتدأت الأبديّة على الأرض تُعطِى فرحة للنَفْسَ بِغير وصف ، التوبة نهايِتها الكمال وَالقداسة البِداية لابُد إِنْ إِحنا نُعلِن رغبِة التوبة ، إِنّ الإِشتياق للتوبة توبة ، رفضِى للخطيّة أول خطوة ، النعمة تسنِد ، علشان كده المسيح يسأل الأبرص [ أتُريد أنْ تبرأ ؟ أُريد ياسيّد ] ،أنا بسألك دى ، إِعلان بِرغبة أكيدة ، إِنت تقدر ، علشان كده التوبة مش بس ترك الخطيّة بالفِعل ، لازِم الأول أتركها بالقلب وَالفِكر وَكُرهها وَالإِشمئزاز منها ، وَأستمر فِى عملية التنقية وَالتطهير طول عُمره ، يقول القديس العظيم الأنبا أنطونيوس [ أُطلبوا التوبة فِى كُلَّ لحظة مدى الحياة ] رِحلة ، رِحلة ترك الخطيّة بالفِكر وَالقلب ، القديس باسيليوس يعمل مُعادلة مِنَ مراحِل جميلة :[ يقول أول مرحلة جيّد ألاّ تُخطىء وَإِنْ أخطأت جيّد ألاّ تؤخِّر التوبة ، وَإِنْ تُبت فجيّد ألاّ تعود إِلَى الخطيّة ، وَإِنْ لَمْ تعُد للخطيّة فجيّد أنْ تعرِف أنّ هذا هُو بِمعونة الله ، وَإِنْ عرِفت فجيّد أنْ تشكُره على ما أنت عليه ] علشان كده النَفْسَ الّلى داقِت فرحِة الإِنتصار بِربِنا تعرِف يعنِى إيه تسبيح[ يُرسِلون تسبحة الغلبة وَالخلاص ] ، نَفْسَ لاَ تستطيع أنْ تسكُتْ ، فرحانة بِربِنا ، وَتُحِب أنْ تعيش فِى تسبيح لإِن هى حاسّة إِنْ أى قوّة وَأى بهجة هى مِنَ الله فِى سِفر الرؤيا لِكُلَّ الكنائِس يقول [ وَتُب ] ، كلِمة مُهِمّة جِداً ، أصعب ما فِى الأمر أنْ يصِل الإِنسان إِلَى حالة مِنَ التكيُّف مع الخطيّة وَلاَ يشعُر أنّهُ يُخطىء ، فكأنّ ذلِك حاجة طبيعيّة جِداً ، أصعب ما فِى الأمر أنْ يُعطِى الإِنسان أعذار وَيشعُر أنّهُ ليس بالإِمكان إِنّهُ أفضل ممّا كان ، وَيترُك نَفْسَه لسنين وَلَمْ يُقدِّم توبة صادِقة ، وَالخطيّة تثبت وَترسخ كانِت إِنطلاقة توبة داوُد إِنطلاقة جبّارة ، وضع لنا مزامير توبة ، مزمور التوبة ، لابُد أنّ الإِنسان يفوق مِنَ خطيّتة لئلاّ يشعُر إِنّه كده كويس ، لابُد إِن إِنفعال التوبة يُترجم إِلَى صلوات ، وَضعفِى قصاد الخطيّة يُترجم إِلَى صلاة ، لَمْ تُرى توبة بِدون صلاة مش مُمكِن ، هى الّلى أفتح فيها قلبِى وَأشكِى فيها همومِى هى التوبة وَالصلاة ، إِنْ عرِفتُم تائِب فهو مُصلّىِ ، وَإِنْ عرِفتُم مُصلّىِ فهو تائِب علشان تتمسّكِى بالتوبة بِغير سقوط عليِكِى إِن إِنتِ تتمسِّكِى بالصلاة بِغير فِتور ، طلب الصفح والغُفران فِى القُدّاس " لأنّك كثير الرحمة وَبار فسامِح وَأغفِر " ، لابُد إِن الإِنسان يعرِض خطاياه أمام الله وَفِى ثِقة أنّهُ يُخلِّص ربِنا يُعطينا مع الصوم مشاعِر توبة صادِقة بِلاَ رِجوع نُقدِّم فيها إِشتياقات أمام الله وَهو رحوم وَقادِر على خلاصِنا ربِنا يسنِد كُلَّ ضعف فينا بنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
01 مارس 2025

التعفف

بِنِعمِة رَبِّنَا أحِب أنْ أتكَلَّم معكُمْ اليوم عَنْ ثمرة مِنْ أهم ثِمار الرُّوح القُدُس لَنَا وَبِخَاصة الشَباب ألاَ وَهيَ التَّعفُّف كيف يعِيش الإِنسان فِي عِفَّة ؟ مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول يُجِيب فِي رِسالته لأِهل تَسَالُونِيكِي بِـ [ أنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أنْ يقتنِي إِنَاءَهُ بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ ] ( 1تس 4 : 4 ) " إِنَاءه أي جَسَده " العِفَّة تجعل الإِنسان وَهُوَ يحيا فِي الجسد وَنِير الجسد يِغلِب الجسد يَقُول الآباء القِدِيسِين[ مَنْ غَلَبَ جَسَده غَلَبَ طبعه ، وَمَنْ غَلَبَ طبعه صَارَ كَالمَلاَئِكة ][ العِفَّة تجعل الإِنسان يقترِب إِلَى الخلائِق الغِير جَسَدِيَّة ] العِفَّة صِفة مَلاَئِكِيَّة عَطِيَّة سَمَاوِيَّة نِعمة مِنْ الله مذاقة لِحَياة الإِنتِصار سمو لِلرُّوح غلبة عَلَى الجسد وَمِنْ هُنَا نستطِيع أنْ نقُول أنَّهُ لَيْسَ هُناك مَا يُوَازِيها أحببت أنْ أُحَدِّثكُمْ عَنْ العِفَّة لأِنَّها مُحَصِّلة لِفَضَائِل كَثِيرة جِدّاً جِدّاً بَلْ هِيَ تاج لِهذِهِ الفضائِل لِدَرَجِة أنَّ القِدِيس غِرِيغُوريُوس أُسقُف نِيصُص يَقُول [ أنَّ العِفَّة تسمو عَلَى جَمِيع الفضائِل ] فهي ليست أمراً يخُص شيئاً وَاحِداً بَلْ هِيَ مُحَصِّلة لِلعَدِيد مِنْ الأُمور مِثْل المجموع الأخِير لِدَرَجات المواد الدِراسِيَّة الَّذِي يشمل درجات الرِيَاضِيات وَالعلُوم وَكُلَّ المواد لِذلِك فَالطَالِب الَّذِي يرسب فِي المجموع الأخِير بِفَارِق أربع أوْ خمس دَرَجات وَيَقُول لَكِنِّي لَمْ أرسب فِي أي مادة مِنْ المواد !! نقُول لَهُ أنتَ مُقَصِّر فِي جَمِيع المواد فَعِندما تنجح بِالكاد فِي كُلَّ مادة وَلاَ تحصُل حَتَّى عَلَى نِصف دَرَجاتها سَتَجِد نَفْسك فِي النِهاية قَدْ رسبت فِي شِئ وَاحِد ألاَ وَهُوَ المجموع النِهائِي هكَذَا العِفَّة تشمل أموراً عَدِيدة جِدّاً تشمل فِكر الإِنسان وَحَوَاسه وَعينيهِ تشمل الذَّات وَحُب الذَّات وَتَعَلُّق الإِنسان بِالأرضِيات وَنظرِته لِلآخر وَمدى تقدِيسه لِلغَرِيزة وَنظرِته لَجَسَده وَنظرِته لِلجِنس الآخر تشمل إِرَادته وَمدى سُلطانها وَمدى مَحَبِّته لِلقَدَاسة وَمَحَبِّته لِلصَلاَة وَمدى تَمَسُّكه بِإِنتِظامه فِي قانُونه الرُّوحِي لِذلِك لَمَنْ يشكو مِنْ حرُوب الجسد وَحرُوب الشَّهوة أوْ أنَّ لَهُ خَطَايا شَبَابِيَّة أوْ أنَّهُ يشعُر بِالإِنهِيار الكَامِل أمام الشَّهوة أوْ أنَّهُ يفقِد طَهَارته وَأنَّ هذِهِ الخَطِيَّة الوَحِيدة الَّتِي تُقلِقه وَيَتَمَنىَ أنْ يكُف عَنْهَا هِيَّ بِالذَّات نَقُول أنَّهَا ليست خَطِيَّة وَاحِدة إِنَّهَا مُحَصِلة لأِشياء كَثِيرة جِدّاً أكِيد عيناك غِير مُقَدَسة وَلاَ تُحَافِظ عَلَى أفكارك وَإِرادتك إِرادة غِير مُقَدَسة وَأصحابك لَيْسُوا عَلَى قدر مِنْ الخُلُق وَأكِيد مُهمِل فِي صَلَوَاتك وَلاَ تقرأ فِي الكِتاب المُقدَّس وَلَيْست لَكَ قِرَاءات رُوحِيَّة وَأكِيد وَأكِيد أشياء كَثِيرة جِدّاً لَكِنَّهَا فِي النِهاية تبدو كَأنَّهَا خَطِيَّة وَاحِدة فَاحذر أنْ تَتَعامل مَعْ موضُوع العِفَّة – الَّذِي قَدْ يَكُون مُتعِباً لَكَ بَلْ أكثر خَطِيَّة تِتعِبك فِي حياتك بِاستخفاف وَلاَ تنظُر إِليهِ نظرة سطحِيَّة تحتاج إِلَى تقدِيس الكيان كُلَّه كُلَّ فِكرة بِدَاخِلك يجِب أنْ تَتَقَدَّس كُلَّ نظرة كُلَّ كَلِمة لأِنَّكَ إِنْ إِستهترت فِي وَاحِدة ستجلِب معها بَاقِي الإِستهتار وَسَاعِتها يُقال [ وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيماً ] ( مت 7 : 27 ) فَالعِفَّة هِيَ الإِمساك عَنْ كُلَّ شهوة هِيَ عدم تَبَعِيَّة لِلشَّهوات فَالإِنسان العَفِيف تَجِده عَفِيفاً فِي أشياء كَثِيرة جِدّاً عَفِيفاً فِي أكلُه عَفِيفاً فِي المُقتنيات حَتَّى يُقال عَنْهُ ( لاَ لاَ لاَ ده نِفْسه عَفِيفة جِدّاً ) كَذلِك عَفِيفاً فِي أفكاره نظراته كَلاَمه مشاعره مُعَاملاته مَعْ الآخرِين مُلاَمَسَاته يبتِعِد عَنْ كُلَّ شِئ لاَ يلِيق لِذلِك حافِظ الكِتاب المُقَدَّس بِشِدَّة عَلَى هَذَا الأمر لِدَرَجِة أنَّ مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول تحدَّث فِي رِسالته لأِهل كُورنثُوس عَنْ إِنسان فَعَلَ الخَطِيَّة قَائِلاً [ وَزِنًى هَكَذَا لاَ يُسَمَّى بَيْنَ الأُمَمِ ]( 1كو 5 : 1 ) " لاَ يُسَمَّى ( مَا يِتسمَّاش ) أي لاَ نذكُر سِيرته " كَأنْ نقُول ( لَوْ سمحت مَا تجِبش / لاَ تذكُر سِيرة هَذَا الموضُوع هِنَا ) شِئ غرِيب عَنَّا وَعَنْ كِنِيسِتنا وَعَنْ طَبِيعة أجسادنا إِسم ثقِيل عَلَى القلب وَالفِكر خصُوصاً لِلإِنسان المُحِب لِطَرِيق رَبِّنَا وَالقداسة لاَ يُحِب حَتَّى أنْ ينطقها وَقَدْ أوضح مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول كيفَ أنَّ هذِهِ الخَطِيَّة مُهِينة لِرَبِّنَا إِذْ أنَّ [ كُلُّ خَطِيَّةٍ يفعلُهَا الإِنسانُ هِيَ خَارِجَة عَنِ الجَسَدِ ] ( 1كو 6 : 18 )لَكِنْ هذِهِ الخَطِيَّة بِالذَّات لها وضع خاص لأِنَّها تُدَنِس هيكل الرَّبَّ لِذلِك عِندما تبدأ تفسد عِفِتك تجِد كُلَّ شِئ يفسد ذلِك لأِنَّكَ لاَ تستطِيع أنْ تقِف مَعَ رَبِّنَا لاَ تستطِيع أنْ ترفع عينيكَ وَيديكَ لاَ تستطِيع أنْ تُصَلِّي خجلان مكسُوف وَماذا أيضاً ؟!! قلبك بِرِد بدأت حَسَاسِيِتك لِلشَّر تزِيد وَبدأت حَسَاسِيِتك لِلبِّر تِقِل وَبدأت تضعُف رؤيِتك لِلأُمور المُقَدَسة وَحَسَاسِية أُذُنك لِصوت رَبِّنَا فِي الإِنجِيل فَأُذُنك قَدْ أصبحت مُستحِكة ( أي غِير مُقَدَسة ) فَأصبحت المُستقبِلات الَّتِي بِهَا بَطِيئة فَتأتِي تقُول أقرأ الإِنجِيل وَلاَ أفهم أحضر القُدَّاس وَأسرح أصَلِّي الأجبِية وَلَكِنْ دُونَ أنْ أفهم أي كَلِمة !!!! أقُول لَكَ أنَّ الأُمور كُلَّها قَدْ دخلَ إِليها موجات رَدِيئة تَسَلَّطت وَأمسكت بِالإِنسان لِذلِك يقُول القِدِيس يُوحَنَّا ذهبِي الفم عِبَارة جَمِيلة جِدّاً [ العُبُودِيَّة لِلخَطِيَّة أشرس مِنْ العُبُودِيَّة لِسَيِّدٍ قَاسٍ ] صَحِيح صَحِيح بِمعنى أنَّ حال عبد لِسَيِّد قاسٍ أهون مِنْ حال الإِنسان الَّذِي يَكُون عبداً لِلخَطِيَّة وَلأِنَّ العِفَّة تشمل أموراً عَدِيدة فَسوفَ أتكَلِّم معكُمْ فِي أربعة مجالات لِلعِفَّة :- 1- عِفَّة الفِكر ( فِكرِي ) :- مُهِمْ جِدّاً أنْ يَكُون فِكر الشَّاب فِكراً نَقِياً مُقَدَّساً لاَ يقبل أي فِكر رَدِىء لاَ يَتَفَاوض أوْ يَتَنَاقش مَعْهُ وَالفِكر باب خَطِير جِدّاً فَأي أمر يبدأ بِفِكرة كَذلِك أي خَطِيَّة بِدَايِتها فِكرة فَسقُوط أبِينا آدم وَأُمِنَا حواء نشأ أساساً بِالفِكر وَهَكَذَا الإِنسان قبل أنْ يسقُط فِعلِياً يسقُط أوَّلاً بِالفِكر لِذلِك يُمكِنْ أنْ نِعَرَّف الخَطِيَّة – كَمَا يُعَلِّمنا قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثَّالِث – فِي ثلاث كَلِمات :- إِتِصال تَتَصِل بِالخَطِيَّة أوَّلاً بِفِكرك إِنَّها المرحلة الأولى وَمَازَالَ الأمر سهلاً . إِنفِعال بَدأت تأخُذ وَتُعطِي مَعَ الفِكر وَأخذ الفِكر يِكبر وَيِكبر وَيِكبر إِنفعلت بِالفِكر بعد ذلِك أصبح الأمر فِي غاية الصعُوبة. إِشتِعال فَاحترِس وَنُشكر الرَّبَّ أنَّهُ لَمْ يسمح أنْ نسقُط فِي أي خَطِيَّة فِي حياتنا بِدُون إِرادِتنا وَلَمْ يسمح أنْ توجد خَطِيَّة إِلاَّ وَيَكُون لَهَا مَرَاحِل فِي الإِنسان لِذلِك لَوْ سقط إِنسان فِي خَطِيَّة سَيَكُون هُوَ المُدان لَنْ يُمكِنه أنْ يقُول " ده غصب عَنِّي "لاَ يوجد شِئ غصب عَنَّك إِنَّ الأمر قَدْ بدأ معك بِفِكرة وَتفاوضت معها وَقبلتها لِذلِك كُنْ عَفِيفاً فِي فِكرك وَاعلم أنَّ الحرب لاَ تبدأ فِي ساعة الإِتِصال بِالخَطِيَّة فقط إِنَّمَا تبدأ مِنْ قبل ذلِك بِكَثِير فماذا كانت أفكارك قبل ذلِك ؟ بِمعنى لَوْ أنَّكَ فَتحت الراديو وَضبطه عَلَى رقم مُعَيَّن عَلَى موجِة ألـ FM وَسمعت عِظة أوْ قُدَّاس إِنَّ باقِي الموجات موجودة لَكِنْ الموجة الَّتِي ضبطت عليها جِهازك هِيَّ فقط الَّتِي إِستقبلتها كذلِك أنتَ جِهازك مُستقبِلاَتك الَّتِي بِدَاخِل فِكرك أي مِنْ الموجات تستقبِل ؟ كُلَّ الموجات موجودة حولك لَكِنْ الَّذِي تُرِيد أنْ تستقبِله سَتُقَوِيه وَهَكَذَا عَلَى حسب الموجة الَّتِي تضبُط عليها فِكرك ستستقبِل تَرَّدُد مَعَ تَرَّدُد سيُحدِث رَنِين موجة حِلوة مَعَ أفكار حِلوة سيحدُث رَنِين لِذلِك تجِد القِدِيسِين يُمكِنْ لأِي شر يرونهُ أنْ يَكُون بِالنِسبة لَهُمْ شيئاً مُقَدَساً فِي حِين أنَّ نَفْس الشِئ يُمكِنْ أنْ يراه شخص آخر وَتَكُون أفكاره سيِئة فيذهب بِفِكره إِلَى بعِيد وَمِثْل هذَا إِنْ قُلت لَهُ أي كِلمة فِي أي موضُوع تجِده يُقَوِّلها تقوِيلاً سيِئاً إِنَّ فِكرك يُشبِه الخلاَّط الَّذِي تضعه فِيهِ ستشربه إِنْ وضعت بُرتُقالاً ستشرب عصِير بُرتُقال إِنْ وضعت موزاً ستشرب عصِير موز إِنْ وضعت جوافة ستشرب عصِير جوافة وَهَكَذَا وَلَكِنْ إِنْ وضعت فِيهِ شيئاً مُرَّاً بِالتالِي ستشربه هَكَذَا العِين هِيَّ مِثْل فتحِة الخلاَّط كُلَّ الَّلِي حَا تحُطَّه هِنَا هَا تِشربه مِنْ هِنَا وَهَا تِشربه مِنْ الأفعال لِذلِك جَمِيل جِدّاً مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول عِندما يتحدَّث فِي رِسالته إِلَى أهل فِيلِبِّي قَائِلاً [ أخِيراً أيُّهَا الإِخوة كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ كُلُّ مَا هُوَ جَلِيل كُلُّ مَا هُوَ عَادِل كُلُّ مَا هُوَ طَاهِر كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ إِنْ كانت فَضِيلة وَإِنْ كَانَ مدح فَفِي هذِهِ افتَكِرُوا ] ( في 4 : 8 ) لِذلِك يجِب أنْ تضع فِي فِكرك كُلَّ مَا هُوَ حقٌّ كُلَّ مَا هُوَ جلِيل كُلَّ مَا هُوَ طَاهِر وَتفتكِر فِيهِ يَجِب أنْ يُحاوِل فِكرك أنْ يحافِظ عَلَى نقاوته بِاستمرار إِجعل بِاستمرار آية تِشغِل فِكرك سِيرة قِدِيس أوْ قِدِيسة إِجعل أموراً مُقَدَسة هِيَ الَّتِي تِشغِل فِكرك فيبدأ يعمل جَيِّداً وَبِالتالِي يبدأ يجعل الإِتِصال سَلِيماً وَهَكَذَا الإِنفِعال سَلِيماً وَالإِشتِعال سَلِيماً وَهذَا هُوَ سِر الإِشتِعال فِي الصَلاَة وَالعِبادة سِر حرارِة الرُّوح ناس فِكرها ينمو بِاستمرار فِي أمور مُقَدَسة لِذلِك مِنْ أجمل الطُرق وَأسهل الطُرق وَأقصر الطُرق لاقتِناء العِفَّة هُوَ تقدِيس الفِكر فَمتى قدَّست فِكرك تقدَّست معهُ مشاعرك وَتقدَّست إِرادتك ستكُون عَفِيفاً فِي أفعالك بَلْ بِالأكثر فِي أحلامك حَتَّى خيالاتك أثناء اللِيل الَّتِي هِيَّ مُحَصِّلة مَا تُفَكِر فِيهِ أثناء النَّهار الفِكر يحتاج عِفَّة يجِب أنْ يكُون فِكرك عَفِيفاً لاَ يَمِس فِكرة رَدِيئة – لاَ يَمِس – تشعُر أنَّ الفِكر الرَدِئ شِئ غرِيب عنكَ تماماً مِثْل شعُورك إِنْ فرَّغ أحد كِيس قِمامة فِي وسط " حُجرِة الصَالُون " فِي بِيتك !!لَكِنْ الَّذِي أفكاره مُلَوَثة دَنِسة لَنْ تجِد عِنده أي تحفُّظ يَتَقَبل بِاستمرار الأفكار الرَدِيئة وَيُضِيف كُلَّ يوم إِلَى الدنس دَنَساً تماماً مِثلما أنَّهُ لاَ يوجد أي إِعتراض عَلَى وضع كِيس قِمامة فِي صندُوق قِمامة وَهَكَذَا سيأخُذ مِثْل هذَا فِي النِهاية دَنَساً فَالأمر كُلَّه قَدْ أصبح هَكَذَا فَالأفكار الخَاطِئة تُوَّلِد مشاعِر خَاطِئة متى حافظت عَلَى فِكرك نَقِياً ستضمن أنْ يَكُون فِكرك باباً مُنضَبِطاً عليهِ حُرَّاس تضمن ألاَّ يدخُل مدِينتك غِير المسمُوح لَهُمْ بِالدُخُول وَعليهِمْ رِقابة وَضَوَابِط فَتَكُون قَدْ ضبطت السيطرة عَلَى كُلَّ الأمور مِنْ المدخل الَّذِي هُوَ الفِكر . 2- عِفَّة الحواس :- الحواس هِيَّ أبواب الإِتِصال بِالحياة العِين وَالأُذُن وَالأنف وَحاسة التَذُّوق وَحاسة اللمس مَا أجمل الإِنسان النقِي الَّذِي يَكُون إِتِصاله بِالحياة إِتِصالاً نَقِياً أمَّا الإِنسان الَّذِي أفكاره مُلَوَثة دَنِسة يَكُون إِتِصاله بِالحياة إِتِصالاً مُلَوَثاً دَنِساً وَسَأرَكِز فِي الحواس عَلَى العِين . أ- عِفَّة العِين :- [ سِرَاجُ الجَسَدِ هُوَ العِينُ فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّراً وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظلِماً ] ( مت 6 : 22 – 23 ) وَلأِنَّ العِين بالِغة الخطورة فقد أمَّنها الرَّبَّ بِإِمكانات كَثِيرة جِدّاً طَبِيعِيَّة وَضَعَ لَهَا صِمام أمان فَيُمكِنك إِنْ رأيت منظراً سَيئِاً أنْ تُحَوِّل نظرك إِلَى الجِهة الأُخرى .. وجهك مَازَالَ كَمَا هُوَ لَمْ تُدِر رأسك وَلاَ أي شِئ فقط حرَّكت عينيكَ فِي الإِتِجاه المُضاد إِذاً فقد أعطاك الرَّبَّ الإِمكانِية فِي عينيك أنْ تَتَحَكَّم فِي إِتِجاه الرؤية كذلِك أعطاك إِمكانِية أنْ تِغَيَّر إِتِجاه وجهك كُلِيةً كَمَا يُمكِنك أنْ تُغمِضها وَهَكَذَا تُغلِقها بِحركة سهلة جِدّاً كَمَا أعطاك إِمكانِية رَابِعة أنْ تنظُر وَلاَ تَتَأمل كُلَّ هذِهِ الإِمكانات قَدْ لاَ تجِدهَا فِي الحواس الأُخرى كَالسمع مَثَلاً فهل تستطِيع أنْ تِغَيَّر إِتِجاه وجهك لِلدَرَجة الَّتِي تجعلك لاَ تسمع ؟!! مُستحِيل فَأنتَ مُجبر وَلَيْسَ لَكَ خِيار لأِنَّ الصوت ينتشِر كذلِك هل تستطِيع أنْ تُغلِق أُذُنيك ؟!! يحتاج مِنْكَ ذلِك أنْ تضع يدك عليها أوْ تضع شيئاً بِدَاخِلها لَكِنَّك بِسِهولة شدِيدة تُغلِق عينيكَ لِذلِك عِندما تقُول " المنظر هُوَ الَّذِي كَانَ أمامِي " أقُول لك كَانَ يُمكِنك أنْ تبتعِد كَانَ يُمكنك أنْ تُغمِض عينيكَ كَانَ يُمكِنك أنْ تنظُر وَلاَ تَتَأمل وَكَانَ يُمكِن أنْ يَكُون لَكَ نظرة عَلَى إِستِحياء كَمَا كَانَ لآِبائنا القِدِيسِين كَانَ يُمكِن وَكَانَ يُمكِنْ عِفَّة العِين يَجِب أنْ تَكُون لَكَ عِين بِهَا عِفَّة عِين مصلُوبة عِين مختومة مُقَدَسة نَقِيَّة الإِنسان الَّذِي فِكره نقِي ستكُون عِينه عيناً نَقِيَّة يرى كُلَّ الأُمور بِعِين فِيهَا نَقَاوة لاَ أنسى فِي مرَّة كُنت رَاكِباً ميكرُوباص مَعَ إِنسان حِلو مُبارك وَفِي الزحام هُناك عادة عِندَ بعض الشُّبان أنْ يُشِيرُوا لِلمِيكرُوباص إِشارة تعنِي ( أي حاجة ) أي لَنْ أجلِس عَلَى كُرسِي فقط خذُونِي حركة عادِية جِدّاً تتكرر أمام الجمِيع بِاستمرار وَلَكِنْ هذَا الإِنسان لأِنَّ فِكره نقِي عِندما أشارَ وَاحِد بِهذِهِ الإِشارة قَالَ " يارِيت إِحنا كمان نرُوح السَّما يارِيت الوَاحِد يِركب بس وَيِوصل السَّما حَتَّى لَوْ ركب أي حاجة مِش مُهِمْ بس نُدخُل " كَقُول الآباء القِدِيسِين [ إِنشا الله حَتَّى الباب يِتقِفل عَلَى طرف الجَلاَبِيَّة ] يعنِي حَتَّى لَوْ كُنت آخِر وَاحِد وَلَوْ إِنحشرت وَبعد ذلِك يُغلق الباب فليكُنْ المُهِمْ أدخُل هَكَذَا الإِنسان الَّذِي فِكره نقِي تَكُون حواسه حواساً نَقِيَّة لِتَكُنْ لَكَ عِين نَقِيَّة وَانتبِه لأِنَّ أوِل حلقة لِلسُقُوط كانت عِندما [ رَأت المرأةُ أنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَة لِلأكلِ وَأنَّهَا بَهِجة لِلعُيُونِ وَأنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ ] ( تك 3 : 6 ) العِين خَدَعِت خَدَّاعة العِين مُعَلِّمنا دَاوُد النَّبِي عِندما صعد إِلَى سطح بِيته وَرفع عينيهِ رأى منظراً أرجو أنْ تقرأ فِي الكِتاب المُقَدَّس عَنْ عاقِبة هذِهِ النظرة فِي سِفر صَمُوئِيل الثَّانِي .. لقد وصل الأمر لِلدَرَجة الَّتِي وَبَخهُ فِيها الرَّبَّ قَائِلاً [ إِنَّكَ احتقرتنِي ] ( 2صم 12 : 10 )[ وَالآنَ لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بيتَكَ إِلَى الأبَدِ هَأنَذَا أُقِيمُ عليكَ الشَّرَّ مِنْ بيتِكَ وَآخُذُ نِسَاءَكَ أمَامَ عينيكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبكَ فَيَضْطَجِعُ مَعْ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هذِهِ الشَّمْسِ ] ( 2صم 12 : 10 – 11 ) وَقَدْ كَانَ إِبنه أبشالُوم يزنِي مَعَ سَرَارِي أبِيهِ اللاَتِي بِمَثَابِة أُمهاته وَأولاده أمنُون وَثَامار يزنِيان معاً إِنَّهَا الخَطِيَّة كُلَّ ذلِك كَانَ مِنْ نظرة لِذلِك إِحترِس حَافِظ عَلَى عينيك بِمُنتهى الحذر ( خلِّي بالك عَلَى عِينك كِوَيِس جِدّاً ) وَلتكُنْ لَكَ عِين مُنكَسِرة إِحذر أنْ تظُن أنَّكَ أقوى مِنْ الخَطِيَّة أوْ أنَّكَ تقدِر أنْ تَتَحَكَّم فِي نَفْسك لاَ تقُل يُمكِنَنِي أنْ أدخُل عَلَى ألـ INTER NET أوْ كَذَا وَأنَا أعرِف كيفَ أتَحَكَّم أقُول لَكَ إِحترِس القِدِيسُون يُحَذِرُونَنَا [ أنتَ لَسْتَ أبر مِنْ دَاوُد وَلاَ أحكم مِنْ سُليمان ] أسَتَكُون أنتَ أشطر مِنْهُمَا إِذا كَانَ دَاوُد قَدْ سقط وَكَذلِك سُليمان فهل أنتَ أبر مِنْ دَاوُد أوْ أكثر حِكمة مِنْ سُليمان !! ماذا أنتَ ؟!!! إِحذر لأِنَّ العِين كَامِيرا حسَّاسة جِدّاً لاَ تُمَاثِلها أي كَامِيرا فِي العالم بَلْ وَلَهَا إِتِصال قوِي جِدّاً جِدّاً بِمَرَاكِز المُخ ألـ COMPUTER وَمَرَاكِز الذَاكِرة فَتَجِد أنَّ المنظر الَّذِي يخدِم الغرِيزة يَتِم إِلتِقاطه بِإِحكام وَهَكَذَا يُصبِح لَهُ NEGATIVE يُمكِنْ أنْ يُصنع مِنْ خِلاَله مِئات بَلْ وَآلاف النُسخ فَحِينما يُعطِي المُخ أمراً ORDER لِلطِباعة الرَّبَانِيَّة المُتَعَلِقة بِهِ ألـ PRINTER يَتِم طبع هذِهِ الصور الرَدِيئة وَاحِدة فَوَاحِدة فِي حِينِهَا فِي أوقات تَكُون أنتَ فِيهَا ضعِيف فتسقُط لِذلِك جَاهِد أنْ تَكُون لَكَ عِفَّة فِي عينيكَ لاَ تستهتر إِحذر أنْ تقُول فِي نَفْسك أرى هذَا الفِيلم مِنْ باب العِلم بِالشِئ أوْ إِنَّهَا مسألة ستأخُذ وقتها لاَ يُمكِنْ لِلخَطِيَّة أنْ تأخُذ مِنْكَ جِهاد سِنِين تَذَكَّر دَائِماً أنَّ عاقِبتها مُرَّة تَذَكَّر دَاوُد النَّبِي تَحَفَّظ يَا حَبِيبِي دَقَّق جَيِداً فِيمَا تختار وَفِيمَا تُشَاهِد لأِنَّ هذِهِ الحرب فتَّاكة لاَ تنظُر أبداً لِلَحظة تخسَّرك العُمر كُلَّه بَلْ جَاهِد كُلَّ لحظة فِي حياتك كي تكسب عُمرك كُلَّه بِالأبَدِيَّة الإِنسان إِبن رَبِّنَا الَّذِي فِكره مُقَدَّس وَقلبه مُقَدَّس تجِد لَهُ نظرة عَلَى استحياء فَيُروى عَنْ القِدِيسِين أنَّ الوَاحِد مِنْهُمْ كَانَ لَهُ مِنْ الحياء وَالخجل مَا يجعل وجههُ يِحمرَّ عِندما يرى وَاحِداً أوْ منظراً مَا وَيضع وجههُ فِي الأرض إِنَّهُ خجل مُقَدَّس فَالرَّبّ قَدْ خلقَ لِكُلَّ شِئ فِينَا هدفاً فَوَضَعَ فِينَا الخجل كي نخجل مِنْ الشَّر [ الذَّكِيُّ يُبْصِرُ الشَّرَّ فَيَتَوَارَى ] ( أم 22 : 3 ) تَجِد وَاحِداً مِنْ القِدِيسِين يُدعىَ القِدِيس آمون عِندما أرَادَ أنْ يعبُر نهراً كَانَ يلزم عليهِ أنْ يخلع مَلاَبِسه لَكِنَّهُ إِستحىَ أنْ يخلعها وَقَالَ فِي نَفْسه كيفَ أنظُر إِلَى جِسمِي وَكيفَ يُبصِرَهُ مَنْ حولِي ؟!!! وَفَضَّل أنْ يعبُر النَّهر بِمَلاَبِسه حَتَّى وَإِنْ كانت ستبتل فليكُنْ فليُجَفِفهَا الهواء فِيما بعد .. إِنَّهَا العِفَّة .. عِفَّة حواس وَجسد وَمُلاَمَسَات جَمِيلة جِدّاً قِصَّة القِدِيس يحنِس القَصِير عِندما إِستدعاه البابا البطريرك لِمُقابلته فَنَزَلَ إِلَى المدِينة وَسَارَ فِيهَا إِلَى الكَنِيسة حيثُ تقابل مَعَ البطريرك ثُمَّ رجع ثانِيةً فِي طرِيقه وَعِندما عَادَ سألهُ الرُهبان عَنْ رأيه فِي المدِينة وَسُكَّان المدِينة وَأحوال المدِينة سألوه " ماذا رأيت فِي المدِينة ؟ " فَأجَابَ " لَمْ أرى إِلاَّ وجه أبِي البطريرك " هذَا فقط هُوَ مَا رأيتهُ ؟!!! لقد نزل إِلَى المدِينة لَكِنَّهُ كَانَ وَاضِعاً وجههُ فِي الأرض يتعامل مَعَ الأُمور بِتَحَفُّظ وَخجل يَجِب أنْ تَكُون عِينك عَفِيفة بِهَا خجل وَتَحَفُّظ إِحذر أنْ تَكُون لَكَ العِين السَائِبة الَّتِي تجعلك تلهو بِمَنَاظِر عَبِيده جَمِيلة جِدّاً عِبارِة أيُوب الصِّدِّيق [ عهداً قطعتُ لِعَيْنَيَّ فَكَيْفَ أتَطَلَّعُ فِي عذراء ] ( أي 31 : 1 ) مَا رأيك أنْ تأخُذ هذَا العهد مَعَ أيُوب ؟ ألَيْسَ جَمِيلاً !! ألنْ يفِيدك فِي حياتك ؟!! أُكتُب هذِهِ الآية عِندك فِي حُجرِتك أُكتُبها عَلَى فِكرك وَعِش بِهَا وَأنتَ نَازِل مِنْ بِيتك قُل " عهداً قطعتُ لِعَيْنَيَّ فَكَيْفَ أتَطَلَّعُ فِي عذراء "هل سأظِل هَكَذَا أنظُر لِلرَايِح وَالجاي وَنَظَرَاتِي تَتَحَوَّل إِلَى شهوات ؟!!! فِي حِين أنَّ الوَصِيَّة تقُول [ إِنَّ كُلَّ مَنْ ينظُرُ إِلَى امرأةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ ]( مت 5 : 28 ) الَّذِي حَوَّل النظرة إِلَى فِكرة وَتَفَاوض معها يُعتبر قَدْ زَنَى تَذَكَّر قِدِيساً مِثْل القِدِيس سمعان الخرَّاز الَّذِي عِندما خانته عِينه نوعاً مَا وجدناه بِمُنتهى الجُرأة يِفَضَّل أنْ يَكُون أعمى وَيِطَبَّق الوَصِيَّة بِمُنتهى الجبرُوت وَيقلع عينه بِالمخراز ذلِك لأِنَّها أعثرته كَثِيراً مَا تُعثرنِي عينِي ماذا أفعل ؟ أقلعها ؟!! أقُول لَكَ لاَ أنَا وَأنتَ ضُعاف لاَ نقدِر عَلَى عمل سمعان الخرَّاز فَماذا أفعل إِذاً ؟ إِقطع الشَّر مِنْ دَاخِلها أحضِر مخراز النِّعمة وَأقُول لَهُ ياربَّ أنتَ بِنِعمِتك إِقلع الشَّر مِنْهَا وَاعطِنِي عيناً نَقِيَّة جَدِيدة بدلاً مِنْ عينيَّ الَّتِي كُلَّهَا دنس وَتَذَكَّر دَائِماً قول القِدِيس يحنِس القصِير" لَمْ أرى إِلاَّ وجه أبِي البطريرك " . ب- عِفَّة السمع :- أقُول لَكَ حَتَّى الَّذِي تسمعه يَجِب أنْ تَكُون عَفِيفاً فِيهِ يَجِب أنْ تَكُون أُذُنك نَقِيَّة وَلأِنَّ الأُذُن لَيْسَ لَهَا إِمكانات تحمِيها بِقدر تِلكَ الَّتِي لِلعِين وَلأِنَّ كَثِيراً مَا ينتشِر الصوت فَتَكُون مُجبراً عَلَى السمع لِذلِك إِختر أصحابك وَإِنْ لَمْ تعرِف إِبتعِد حَاوِل أنْ تِحَافِظ عَلَى عِفَّة أُذُنيك لاَ تستمِع لِكَلاَم الإِدانة وَالمذَمَّة لاَ تستمِع لِلخَطَايا إِبتعِد عَنْ الكَلاَم المُعثِر وَالأحَادِيث البطَّالة إِبتعِد عَنْ مجالِس المُستهزِئِين إِبعِد عَنْ سمع أي أمر رَدِئ لأِنَّهُ مؤذِي جِدّاً جِدّاً لِلعِفَّة المفرُوض أنْ تُدخِل أُذُنيك أموراً نَقِيَّة هُناك مَنْ لاَ يعرِف أنْ يَتَكَلَّم فِي أي شِئ فِي حياته إِلاَّ كَلاَماً مُعثِراً إِبعِد عَنَّه يقُول مُعَلِّمنا بُولِس الرَّسُول عَنْ هؤلاء عِبارة غرِيبة جِدّاً أنَّهُمْ [ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ ] ( 2تي 4 : 3 ) مَا أروع مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول – إِنَّهُ بِحقٌّ فيلسُوف ، بَلْ لَوْ قُيِّمَ أُسلُوبه بِإِنصاف لَعُدَّ مِنْ أروع الأُدَباء فِي العالم – " فَمُستَحِكَّة " جاءت مِنْ " حَكَّ يَحُك " أي أُناس آذانهُمْ مُلَوَثة فَلَّمَا تَلَوثت إِلتَهَبِت وَعِندما إِلتَهَبِت أصبحُوا يَحكُونها ( يهرشونها ) أي أُناس قبلُوا أنْ تنفُذ إِلَى آذانِهِمْ أمور رَدِيئة فَلَوَثت آذَانِهِمْ لِلدَرَجة الَّتِي إِلتهبت بِهَا وَأصبحت مُستحِكة .. فَاحترِس لِئَلاَّ تَكُون أُذُنك مُستحِكَّة وَكَمَا قُلت لَكَ قِصَّة عَنْ القِدِيس يحنِس القَصِير عَنْ عِفِتَّه فِي النظر أقُول لَكَ قِصَّة أُخرى عَنْ عِفَتَّه فِي السمع يُروى عَنْه أنَّهُ فِي إِحدى المرَّات كَانَ نازِلاً إِلَى المدِينة لِيَبِيع عمل يديهِ مِنْ القُفف وَتَصَادف نزُول جماعة مِنْ البدو غِير مَسِيحِيين – وَالَّذِينَ كَانُوا يُقَدِّسُون الرُهبان جِدّاً وَيخافُونَهُمْ كَرِجال الله وَلِسُلطانِهِمْ فِي إِخراج الشياطِين وَشِفاء الأمراض فَكَانُوا يُفَضِلُون تَجَنُّب الرُهبان أوْ الإِبتِعاد عَنْهُمْ وَإِنْ إِحتاجُوا مِنْهُمْ أية خِدمة يُقَدِمونها لَهُمْ – فَعِندما رأى هؤلاء القِدِيس يحنِس القَصِير مَاشِياً حَامِلاً القُفف دعوه لِلرُكُوب معهُمْ فَهُمْ أيضاً ذَاهِبُون لِلمَدِينة لِيَبِيعُوا مَا لديهِمْ فركب معهُمْ القِدِيس يحنِس وَوَضَعَ القُفف عَلَى الجمل وَلَكِنْ أحادِيثهُمْ أثناء الطرِيق كانت أحادِيثاً مُعثِرة فَقَفَزَ القِدِيس مِنْ عَلَى ظهر الجمل وَرَجَعَ جَارِياً فَلَمَّا رأه الرُهبان قَدْ عَادَ هَكَذَا بِسُرعة سألوه مَا هذَا يَا أبَانَا ؟ هل إِستطعت أنْ تبِيع القُفف بِهَذِهِ السُرعة ؟!! فَتَذَكَّر القِدِيس أنَّهُ قَدْ نسيها !! الحدِيث الردِئ جعلهُ ينسى القُفف وَيترُكها عَلَى ظهر الجمل وَيجرِي إِلَى دِيره لَمْ يشأ أنْ تَتَدَنَّس أُذُنه لَمْ يشأ أنْ تَكُون " مُستحِكَّة " جَمِيل جِدّاً قول رَبَّنَا يَسُوع المَسِيح [ مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَليسمعْ ] ( مت 13 : 9 )[ يسمعُ الوُدَعَاءُ فَيَفْرَحُونَ ] ( مز 34 : 2 )إِسمع السمع جَمِيل جِدّاً إِنَّهَا حاسة رَائِعة يُمكِنك بِهَا أنْ تَتَذَوَّق أصواتاً مِنْ الطَبِيعة الَّتِي جبلها الرَّبَّ بِهَا تَتَذَوَّق سماع الألحان وَأصوات العِبادة تَتَذَوَّق جمال العِشرة مَعَ رَبِّنَا فَتَجِد سمعك قَدْ أصبح سمعاً مُقَدَّساً وَهُنَا نَجِد سؤالاً ماذا لَوْ تَدَنَّست حواسِي وَعقلِي فَكُلَّمَا أحَاوِل أنْ أهرب مِنْ الخَطِيَّة تحاصِرنِي الأفكار وَمخزُون مَا رأيت لاَ أستطِيع أنْ أنسى ؟ أتَعرِف مَا الَّذِي يُنسِي ؟!! الصلوات الكَثِيرة إِنْ رَبِّنَا يمحِي مِنْ ذِهنك يِغسِل يِغسِل الدنس الَّذِي نفذ إِلَى دَاخِل فِكرك صلوات كَثِيرة جِدّاً جِدّاً أنَا لاَ أنسى فِي مرَّة أحد الشُّبان كَانَ قَدْ عرَّفه أصحابة بِإِنسانة شِرِّيرة وَأصبح معهُ رقم تِلِيفُونهَا وَهَكَذَا أصبحت الخَطِيَّة سهلة وَمُتاحة فَقُلت لَهُ يَا ابنِي أوِل شِئ تِفعله إِمسح هذَا الرقم مِنْ أجِندِتك أوْ مِنْ عَلَى ألـ MOBILE قَالَ لِي " يَا أبُونَا أنَا حافظه " فَما العمل مِنْ أينَ سَنمسحه الآن ؟!! قُلت لَهُ نِخَصَّص صَلاَة مِنْ أجل أنْ تنسى هذَا الأمر وَمَثَلاً اليوم الخمِيس سَنَتَقَابل الخمِيس القادِم صَلِّي صَلِّي وَضع طِلبة إِنْ رَبِّنَا يُنسِيك هذَا الأمر صدَّقنِي يَا حبِيبِي لَمْ يمضِي لِلخَمِيس بَلْ جاءنِي يوم الأحد قَالَ لِي " يَا أبُونَا صدَّقنِي جرَّبت أنْ أتَذَكَّر الرقم لاَ لاَ أتَذَكَّره وَلَكِنْ فقط لأِتأكد إِذا مَا كُنت نسيتهُ وجدت نَفْسِي قَدْ نسيتهُ قُلت لَهُ نُشكُر رَبِّنَا يَا حبِيبِي " لِذلِك أُرِيد أنْ أقُول لَكَ عِندما تَكُون عندِي رغبة وَأُقَدِم أمام رَبِّنَا طِلبة ثِق إِنْ رَبِّنَا قَادِر مِثلما قَالَ أحد الآباء القِدِيسِين [ التوبة تجعل الزُناة بتولِيين ] رَبِّنَا قادِر عمل نِعمِة رَبِّنَا لَيْسَ قلِيلاً لَكِنْ نَحْنُ الَّذِينَ لاَ نُعطِي رَبِّنَا فُرصة كي يعمل وَذلِك لأِنِّي إِنجذبت بِإِرَادتِي خَدَعتنِي أنَا سَايِب نَفْسِي وَبِالتالِي أنَا جلبت عَلَى نَفْسِي حُكم الموت إِذاً فَالأمر يأتِي مِنِّي أنَا فَالمناظِر السَيِئة يُمكِنك أنْ تستدعِيها أنتَ بِنَفْسك بَلْ يُمكِنك أنْ تعمل لَهَا ZOOM تكبِير وَتصغِير أنتَ بِنَفْسك يُمكِنك أنْ تنسى وَيُمكِنك أنْ تُثَبِّت فَإِنْ أردت أنْ تنسى خَصِّص صلوات . 3- عِفَّة الجسد :- الجسد نَفْسه يَجِب أنْ يَكُون عَفِيفاً الجسد تُحَرِّكه غَرَائِز وَشهوات وَطِلبات فَيَجِب التعامُل معهُ بِضبط وَيُمكِنْ أنْ أقُول لَكَ أنَّ عِفَّة الجسد هِيَ أوِل درجة مِنْ درجات العِفَّة فَيُمكِنْ أنْ يكُون هُناكَ أفكاراً تُحارِبك وَلَكِنْ جسدك عفِيف أنتَ ضابِط الجسد أمَّا العِفَّة الكامِلة هِيَ عِفَّة الفِكر الكَامِلة عِفَّة العِين الكَامِلة عِفَّة السمع الكَامِلة وَعِفَّة الجسد الكَامِلة وَتَجِد القِدِيسِين يربُطُون بينَ العِفَّة وَبينَ أشياء كَثِيرة قَدْ تظُن أنَّهُ لَيْسَ لَهَا أي إِرتِباط بِالأمر فهل تشعُر أنَّهُ يوجد إِرتِباط وَثِيق جِدّاً بينَ الأكل وَالشَّهوة أم تعتقِد أنَّهُ لَيْسَ لِهذِهِ الدرجة ؟هل عِندك ثِقة أنَّهُ يوجد إِرتِباط بينَ الإِهتمام الزائِد بِالمظهر وَالزِينة وَاستخدام العطُور وَالشَّهوة ؟ مُعاملتك لِجسدك وَضبطك لِجسدك بِالطبع أنَّ هُناك عِلاَقة بينَ كُلَّ هذِهِ الأُمور وَالشَّهوة تَمَلِّي هُناكَ عِلاَقة بينَ الإِستهتار وَالمِزاح وَالكَلام السخِيف وَإِثارِة الشَّهوة كَذلِك دَائِماً الإِنسان الأكول شهوانِي وَتَمَلِّي الإِنسان العنِيف القاسِي الغضُوب غِير طاهِر وَتَمَلِّي الإِنسان الودِيع عَفِيف مِنْ المعرُوف عَنْ الرُومان أنَّهُمْ كَانُوا شهوانِيين جِدّاً وَفِي نَفْس الوقت إِشتهروا بِأنَّهُمْ كَانُوا يتفنَنُون فِي الأكل وَالشُرب .. فَكَانَ الرُومانِي يأكُل إِلَى أنْ تمتلِئ معدِته تماماً بِالطعام فَلاَ يقدِر عَلَى الإِستمرار فِي الأكل فَلِكي يستطِيع أنْ يأكُل المزِيد كَانَ يستعمِل مشروباً يُسَبِّب التقيوء وَبِالتالِي يِفرَّغ معدِته وَيُمكِنه الإِستمرار فِي الأكل كَذلِك بنو إِسْرَائِيل أرادوا الرُجُوع إِلَى مِصْر [ عِنْدَ قُدُورِ اللَّحْمِ ] ( خر 16 : 3 ) ناس هَمُهُمْ الأكل وَالشُرب هَكَذَا يُمكِنْ لإِنسان مِثْل عِيسُو أنْ يبِيع البكورِيَّة بِأكله إِنَّهُ الطعام [ فَقَالَ عِيسُو لِيعقُوب أطعِمنِي مِنْ هذَا الأحمر فَقَالَ يعقُوب بِعنِي اليومَ بكورِيَّتَكَ فَقَالَ عِيسُو هَا أنَا مَاضٍ إِلَى الموتِ ] ( تك 25 : 30 – 32 ) خُذ البكُورِيَّة مَا المُشكِلة ؟!!! لِذلِك لاَ تَتَعَجب عِندما تجِد الآباء القِدِيسِين إِهتمامهُمْ بِمظهرهُمْ قلِيل جِدّاً وَبَسِيط جِدّاً وَإِهتمامهُمْ بِالأكل بَسِيط جِدّاً بِالكاد يأكُل مَا يقُوته فَتَجِد مِنْهُمْ مَنْ يأكُل قَلِيلاً مَنْ البقُول وَمَنْ لاَ يأكُل طعاماً مطهِياً وَمَنْ يأكُل مرَّة كُلَّ يومِين هَكَذَا أنتَ أيضاً يَجِب أنْ تَتَعَامل مَعَ الأكل بِتَعَفُّف لاَ يَكُون عِندك شراهة وَلاَ يَكُون الأكل بِالنِسبة لَكَ لذَّة أوْ غاية أوْ هدفاً أنتَ تأكُل لِكي تعِيش وَلستَ تعِيش كي تأكُل تقُول حسناً لَكِنِّي شاب وَأعِيش وسط بِيت أقُول لَكَ كُل وَلَكِنْ كُل بِتَعَقُّل كُل بِعِفَّة حَاوِل أنْ يَكُون لَكَ تدرِيب أنْ تأخُذ فترات إِنقِطاع أوْ أنْ تُقَلِّل مِنْ كِميات أكلك ، أوْ أنْ يَكُون عَشاؤك بَسِيطاً لاَ يحتوِي عَلَى الكَثِير مِنْ الأطعِمة أوْ المُشتهيات أحد الآباء القِدِيسِين يَقُول[ عَوِّد نَفْسك أنْ تأكُل مَا تحتاجه وَلَيْسَ مَا تشتهِيه ] جرَّب أنْ ترتفِع عَنْ الأكل سَتَجِد جسدك بدأ يهدأ وَبدأ ينضَبِط مَعَ ضبط عِين وَضبط أُذُن سَتَجِد نَفْسك قَدْ بدأت تكتسِب طَبِيعة لِجسدك طَبِيعة مَلاَئِكِيَّة لأِنَّكَ عِندما تضبُط جسدك فِي الأكل ستعرِف أنْ تضبُط جِسمك فِي الشَّهوة لِذلِك عَوِّد نَفْسك أنْ يَكُون جسدك وَاهتِمامك بِهِ لَيْسَ زِيادة وَلاَ أقل مِنْ المفرُوض لِيكُنْ إِهتِماماً عَادِياً عَوِّد نَفْسك أنْ يَكُون ملبسك وَمظهرك وَشكلك وقُوراً وَمُحترماً زِينة النَّفْس الدَاخِلِيَّة يَجِب أنْ يَكُون لَكَ إِعتِدال وَعِفَّة فِي كُلَّ أمورك وَاعلم أنَّ إِنساناً مِثْلَ دَانِيال النَّبِي أخذ مراحِم مِنْ رَبِّنَا لأِنَّهُ كَانَ عَفِيفاً فِي أكله وَإِنْ كَانَ فِي قصر مَلِك . 4- حُب المُقتنيات :- هل ترى أنَّهُ كُلَّمَا كَانَ الإِنسان مُحِباً لِلمُقتنيات ذاتِياً أنَانِياً كُلَّمَا كَانَ لِذلِك إِرتِباط بِالشَّهوة أم أنَّهُمَا شيئان مُنفَصِلان ؟ إِنسان مِثْل يهُوذا مَا الَّذِي جعلهُ يُسَلِّم المَسِيح ؟ الثَلاَثُون مِنْ الفِضَّة حُب المُقتنيات جعلهُ يبِيع المَسِيح ؟!! ياه لِماذا ؟ ذلِك لأِنَّهُ حاول أنْ يَكُون أفضل الإِنسان الَّذِي يُرِيد النَصِيب الأكبر الَّذِي يُرِيد لِنَفْسه أنْ تشتهِي الدُنيا وَتشتهِي أنْ تملُك ذلِك الشخص الَّذِي يُحِب نَفْسه تَجِده لاَ يستطِيع أنْ يضبُط نَفْسه فِي الشَّهوة تَجِده يَتَعَامل مَعَ الأُمور الَّتِي حوله كُلَّهَا بِحُب إِقتِناء وَحُب تَمَلُّك وَحُب ذات كُلَّ شِئ يَتَمَنىَ أنْ يقتنِيه أي شِئ يراه يُرِيده أي شِئ يراه يُرِيده حَتَّى لَوْ كَانَ هذَا الشِئ مكاناً أوْ كانت بِنتاً أوْ سَيِّدة ؟!!! فَهُوَ يعتبِر أنَّ هذَا جُزء مِنْ حُبَّه لِلتَمَلُّك وَحُبَّه لأمور العالم إِنَّهُ يُغَذِّي ذاته يُغَذِّي حُبَّه لِلعالم لِذلِك هُناكَ إِرتِباط وثِيق بينَ " شهوِة الجسد وَشهوِة العيُون وَتَعَظُّم المَعِيشة " ( 1يو 2 : 16 ) يوجد إِرتِباط وثِيق جِدّاً بينَ الإِنسان الَّذِي لاَ يعرِف أبداً أبداً أنْ يضبُط شهوِة نَفْسه فِي المُقتنيات وَبينَ الشَّهوة لَكِنْ الإِنسان المُتَعَفِّف الإِنسان العَفِيف فِي المِلكِيَّة الإِنسان الَّذِي يُعطِي الَّذِي يبِيع مِنْ أجل المَسِيح هذَا يَكُون عِنده ضبط لِغَرِيزته لأِنَّهُ دَاسَ عَلَى أمور كَانَ مِنْ المُمكِنْ أنْ تَكُون لديهِ الرغبة فِي إِقتنائِهَا لِذلِك كُلَّمَا كَانَ عِندك قناعة وَتَقُول مَعَ مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول [ قَدْ تَعَلَّمْتُ أنْ أكُونَ مُكْتَفِياً بِمَا أنَا فِيهِ ] ( في 4 : 11 ) تَجِد أنَّ العِفَّة بِالنِسبة لَكَ قَدْ أصبحت أسهل تقُول " يعنِي أبُونَا عايِز يِزَنَّق عَلِينا مِنْ كُلَّ حاجة يعنِي لاَ فِكر وَلاَ نظر وَلاَ سمع وَلاَ قِنية !!! " أقُول لَكَ الحياة مَعَ رَبِّنَا باب ضَيَّق أنَا لاَ أكَلِّمك عَنْ باب وَاسِع إِنَّهُ باب ضَيَّق [ وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ ] ( مت 7 : 14 ) لَكِنْ [ لاَ تخف أيُّهَا القَطِيعُ الصَّغِيرُ لأِنَّ أبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أنْ يُعطِيكُمُ المَلَكُوتَ ] ( لو 12 : 32 ) لِذلِك مهما بدت الخَطِيَّة لَذِيذة أوْ جَمِيلة تَذَكَّر دَائِماً أنَّهُ لَيْسَ موضُوع لحظة إِنَّ عَاقِبتها مُرَّة [ قَدَمَاهَا تنحَدِران إِلَى الموتِ خَطَوَاتُهَا تَتَمَسَّكُ بِالهَاوِيَةِ ] ( أم 5 : 5 )[ أبْعِدْ طَرِيقكَ عَنْهَا ]( أم 5 : 8 )إِنَّ عدو الخِير هُوَ الَّذِي يُحَاوِل دَائِماً أنْ يزرع فِينَا أنَّ الخَطِيَّة شِئ طبِيعِي وَلَذِيذ وَمحبُوب قُل لَهُ لاَ إِنِّي أجتهِد أنْ أضبُط نَفْسِي وَجسدِي وَأضبُط نظراتي وَانفِعَالاَتِي الخَطِيَّة مُرَّة الخَطِيَّة مَذلَّة مُهِينة وَقَبِيحة تقرأ فِي بُستان الرُهبان عَنْ رَاهِب كَانَ مُحارباً بِخَطِيَّة الشَّهوة وَالزِنا فَسألَ مُعَلِّمه ماذا أفعل خَلاص لَمْ أعُد أقدِر أُرِيد أنْ أذهب لِلعالم ؟ فَقَالَ لَهُ مُعَلِّمه " خُذ قَلِيلاً مِنْ الخُبز وَقَلِيلاً مِنْ الماء وَامضي إِلَى البَرِّيَّة لِمُدة أربعِين يوماً "فَأطَاعَ مُعَلِّمه وَبعد عشرِين يوماً مِنْ الجِهاد رَبِّنَا سمح أنْ يُرِيه منظر إِمرأة رَدِيئة جِدّاً شكلها مُخِيف سَيئ جِدّاً رَائِحتها كَرِيهة جِدّاً جِدّاً جِدّاً فَقَالَ لَهَا مَنْ أنتِ ؟ فَقَالت لَهُ أنَا شيطان الزِنا الَّذِي يُغوِي النَّاس وَأتَزَيَّن بِشكل حلو وَرَائِحة حلوة أتَزَيَّن بِمَا لَيْسَ فِيَّ لَكِنْ الرَّبَّ هُوَ الَّذِي أمرنِي أنْ أظهر لَكَ عَلَى حَقِيقتِي لِذلِك حَاوِل أنْ تجتهِد أنْ تعرِف أنَّ عَاقِبتها مُرَّة وَكُنَّا قَدْ تحدَّثنا فِي مرَّة سَابِقة عَنْ تقدِيس الغرِيزة وَكيفَ أنَّ الله أعطانا إِيَّاهَا لاستخدام مُقَدَّس لاَ لِلَذة بَلْ لِلإِحتِياج فَالله قَدْ وَضَعَ هدفاً لِكُلَّ غرِيزة فِينَا فَمِثلما أعطاك غرِيزة الأكل لاَ لِتَظِل تأكُل وَتشرب بَلْ لأِنَّكَ تحتاج الأكل كي تحيا وَتعمل " يِمَشِّيك " هَكَذَا أعطاك الغرِيزة كي تَكُون لديكَ وَسِيلة لِحِفظ النُوع وَالتناسُل كي يُبقِي عَلَى الإِنسان مِنْ صَلاَح رَبِّنَا لِذلِك يَجِب أنْ تُدرِك أنَّ الزواج مُقَدَّس وَأنَّ العِفَّة ليست لِلشُّبان فقط بَلْ هِيَ أيضاً لِلمُتَزَوِجِين لأِنَّ حَتَّى المُتَزَوِج يَجِب أنْ يحيا فِي عِفَّة عِفَّة فِي حياته الدَاخِلِيَّة لاَ تظُنْ أبداً أنَّهُ عليكَ أنْ تكبِت فِي رُوحك وَنَفْسك إِلَى أنْ تَتَزَوج !! أقُول لَكَ لاَ الزواج لَيْسَ حِلاً أوْ رُخصة لِمُمارسة الشَّهوة أبداً الزواج مُقَدَّس وَالإِنسان الَّذِي لاَ يعرِف أنْ يضبِط نَفْسه فِي شبابه لَنْ يعرِف أنْ يضبِط نَفْسه فِي زواجه وَهذَا هُوَ السبب فِي أنَّكَ قَدْ تَجِد إِنساناً مُتَزَوِجاً لَكِنْ عِينه غِير مُنضَبِطه وَأنتَ كَشاب تقُول فِي نَفْسك " إِنْ كَانَ هذَا الرجُل مُتَزَوِج فَلِماذا يفعل هذَا ؟ !! " ذلِك لأِنَّهُ أساساً مُستهتِر غِير عَفِيف فِكره سَائِب عِينه سَائِبه أُذُنه مُستحِكة لِذلِك لاَ يستطِيع أنْ يضبِط نَفْسه أبداً لأِنَّ الأمر مُتَعَلِّق بفِكره وَعِينه وَمظهره وَجسده لِذلِك تَعَوَّد أنْ تَتَعَامل مَعَ الكُلَّ بِمَحَبَّة وَبَساطة وَإِنِّي أفَضَّل أنْ يَكُون صَدِيقك المُقترِب إِليكَ الَّذِي تقِف معهُ كَثِيراً وَتَتَكَلَّم معهُ وَتحكِي معهُ فتى مثلك لأِنَّ الصداقة مَعَ الجِنس الآخر تحتاج إِلَى نُضج وَوَعي رُوحِي وَهُوَ شِئ نفتقِده نوعاً وَكَذلِك هُناكَ فرق بينَ الصَدَاقة وَالعِلاَقة الغِير مضبُوطة لأِنَّ كَثِيراً مَا تَجِد شاباً يقُول " يَا أبُونَا أنَا كُلَّ أصحابِي الوِلاد مَا برتاح لهُمش لَكِنْ فِيه واحدة أنَا برتاح لَهَا !! " – معقُول – كُلَّ الأولاد لاَ ترتاح لَهُمْ وَالَّتِي ترتاح لَهَا هِيَّ بِنت فقط !!!! ألاَّ يُعطِيكَ هذَا مؤشِراً أنَّ بِدَاخِلك شِئ غِير صَحِيح فَانتَبِه لأِنَّ هذَا الشُعُور لَيْسَ سَلِيماً لاَ تترُك نَفْسك لِهذَا الأمر أُضبُط نَفْسك صَحِيح الولد فِيه مِيل لِلبِنت لاَ نِنكِره لَكِنْ هذَا المِيل يَجِب أنْ يَكُون مِيلاً مُنضَبِطاً مُقَدَّساً العِفَّة مُحَصِّلة لأمور كَثِيرة جِدّاً جِدّاً كُلَّما تِجَاهِد فِيها كُلَّما تذُوق عربُونها لأِنَّها عربُون الحياة الأبَدِيَّة الحياة السَّمَاوِيَّة المَلاَئِكِيَّة الإِنسان الَّذِي يجتهِد أنْ يُقَدِّس فِكره وَسمعه وَمُقتنياته الَّذِي يبتَعِد عَنْ العثرات الَّذِي لَهُ نظرة عَلَى استحياء تَجِد لَهُ عُمقاً فِي حياته كُلَّمَا سنبدأ نذُوق جُزءاً مِنْ عمل نِعمة رَبِّنَا فِي العِفَّة كُلَّمَا سَنُحِبَّهَا أكثر كُلَّمَا تفتح لَنَا كنُوزها أكثر كُلَّمَا نفرح بِهَا لأِنَّهَا تُعطِي الإِنسان عذوبة وَتجعل الإِنسان يرفُض الدنس أكثر وَيعرِف كيفَ يقتنِي إِناءه بِقَدَاسة وَكَرَامة كَقُول مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول ( 1تس 4 : 4 ) هذَا هُوَ جمال العِفَّة رَبِّنَا يُعطِينا عِفَّة تشمل كُلَّ أمور حياتنا حَتَّى نحصُل فِي النِهاية عَلَى العِفَّة الَّتِي بدأنَا بِالحدِيث عَنْهَا كَأسمى جَمِيع الفضائِل رَبِّنَا يُعطِينَا نِعمة وَيِكَمِّل نقائِصنا وَيِسنِد كُلَّ ضعف فِينا بِنِعمِته وَلإِلهنَا المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
22 فبراير 2025

الله لَمْ يُعطِنَا رُوح الفشل

مِنْ سِفر التَثْنِيَة 28 : 12 – 13[ يفتحُ لَكَ الرَّبُّ كنزهُ الصَّالِح السَّماء لِيُعطِيَ مطر أرضِكَ فِي حِينهِ وَلِيُبارِكَ كُلَّ عملِ يَدِكَ فَتُقرِضُ أُمماً كَثِيرةً وَأنتَ لاَ تقترِضُ . وَيجعلُك الرَّبُّ رأساً لاَ ذنباً وَتَكُونُ فِي الاِرتِفاعِ فقط وَلاَ تَكُونُ فِي الاِنحِطاطِ إِذا سَمِعْتَ لِوَصَايا الرَّبِّ إِلهك الَّتِي أنَا أُوصِيكَ بِهَا اليومَ لِتَحْفَظَ وَتَعْمَلَ ] مُمكِنْ يُعَرَّض الإِنسان لِفشل رُوحِي أوْ دِراسِي أوْ لِتجرُبة فشل فِي أي مجال فَيُسيطِر عليه رُوح الفشل وَتَتَراكمْ عَلَى النَّفْس رُوح الأحزان وَتأتِي رُوح الفشل الماضِي فَيُصبِح فِي الإِنحِطاط وَالنَّفْس دَائِماً تمِيل لإِحساس الذنب وَدَائِماً يُحِب الإِنسان أنْ يَكُون ضِد نَفْسه وَيُظهِر خطأها وَلَوْ إِستخدِم هذَا الإِحساس بِإِسلُوب خَاطِئ سَيَتَوَلَّد عَنَّه رُوح فشل . كَيْفَ نَتَخَلَّص مِنْ رُوح الفشل ؟ فِي سِفر التَثْنِيَة وجدَ الله الشَّعْب أثناء الرِحلة لِكنعان يدور حولَ نَفْسه وَيُضَيِّعُون وقت وَجهد فَقَالَ لَهُمْ [ كَفَاكُمْ دَوَرَانٌ بِهذَا الجبلِ تَحَوَّلُوا نَحْوَ الشِّمَالِ ] ( تث 2 : 3 ) كَفاك دوران حول نَفْسك بِنَفْس الدائِرة بِنَفْس الرُّوح دَائِماً الإِنسان يسِير فِي حياته مسار دَائِرِي مُغلق لَيْسَ بِهِ تَقَدُّم أي فِي نَفْس الأُمور وَنَفْس السقطات وَالضعفات وَالتجرُبة وَالتراخِي هذَا أُسلُوب دَائِرِي كَفاك دوران تَحَوَّل نحو الشمال كَفاك رُوتِين عَقِيم لاَ تعِيش مُستعبد لِحياة رُوتِينِيَّة وَإِنْ حاوِلت التغيير تقُول لاَ أستطِيع لاَ تَحَوَّل نحو الشمال سِر نحو كنعان وَالله قَادِر أنْ يقُودنا وَيُرشِدنا وَيُغَيِّر أُسلُوب حياتنا رَائِع سِفر دَانِيال الَّذِي يَقُول [ وَهُوَ يُغَيِّرُ الأوقاتَ وَالأزمِنَةَ ] ( دا 2 : 21 ) أي هُوَ قَادِر أنْ يُغَيِّر الأوقات وَالأزمِنة لِصالحك وَيجعله زمن نجاح وَمجد وَيجعلك رأس لاَ ذنب وَتَكُون فِي الإِرتِفاع وَلاَ تَكُون فِي الإِنحِطاط إِذا سمعت وصايا الله . بعض النصائِح كي لاَ تعِيش رُوح الفشل :- 1- لاَ تنشغِل بِالفشل الماضِي :- لاَ تضع الفشل أمامك وَتنشغِل بِهِ لِئلاَّ يدخُلك فشل فوقَ الفشل كَثِيراً مَا يُزعِج الإِنسان الفشل الماضِي لاَ تندم عَلَى فُرص ضَائِعة وَكَمَا يقُول المثل [ لاَ تبكِي عَلَى اللبن المسكُوب ]عدم التذكُّر فِي التجارُب السلبِيَّة السابِقة مُهِمْ جِدّاً صَمُوئِيل النَّبِي قَالَ لَهُ الله إِمسح لِي شَاوِل مَلِك وَبعد ذلِك عَاشَ شَاوِل فِي ضعف وَتَعَدَّي وَصَايا الله وَهذَا الأمر جعلَ المملكة فِي ضعف فَحَزَنَ صَمُوئِيل عَلَى مسح شَاوِل مَلِك لأِنَّهُ جعلَ أولاده فِي ضعف فَقَالَ لَهُ الله [ فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ حَتَّى مَتَى تَنُوحُ عَلَى شَاوُلَ وَأنَا قَدْ رَفَضْتُهُ عَنْ أنْ يَمْلِكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ اِمْلأ قَرْنَكَ دُهناً وَتَعَالَ أُرسِلْكَ إِلَى يَسَّى البيتلحمِيِّ لأِنِّي قَدْ رَأيتُ لِي فِي بَنِيهِ مَلِكاً ] ( 1صم 16 : 1) إِلَى متى العمل السلبِي إِلَى متى الحُزن ؟ إِعمل عمل إِيجابِي إِملأ قرنك دُهن عِندما جاءَ يَشُوع لِلأردُن تَحَيَّر وَحزن فَقَالَ لَهُ الله أُعبُر الأردُن تَخَطَّىَ الفشل وَاعمل عمل إِيجابِي أحياناً يُرسِل لَكَ الله رِسالة قَائِلاً حَتَّى متى تنُوح عَلَى تجرُبة سَابِقة فَاشِلة ؟!! وَلِنرىَ دَاوُد كَمْ جلب أفراح وَإنتِصارات أكثر مِنْ خسائِر شَاوِل لَكِنْ يوجد شِئ إِسمه تفكِير إِيجابِي البعض يَمِيل لِلسلبِيَّة وَالحُزن وَيقُول لَيْسَ بِالإِمكان أفضل مِمَّا كان إِحذر رُوح الإِحباط الله قَادِر أنْ يجعل الفشل كَمِياه عبرِت الله يُرِيد أنْ ينظُر النَّاس نظرِة فرح [ وَأُعَوِّضُ لَكُمْ عَنِ السِّنِينَ الَّتِي أكلهَا الجَرَادُ الغَوْغَاءُ وَالطَّيَّارُ وَالقَمَصُ ] ( يؤ 2 : 25 ) " الغوغاء " ( الجراد فِي أخطر مَرَاحله ) " الطَّيَّار "( الجراد فِي طُور الطيران ) " القَمَص "( الجراد أوِل مَا يخرُج مِنْ البِيضة )الله قَادِر أنْ يُعَوِّض لِذلِك قِيلَ فِي سِفر يُوئِيل أنَّ هُناك أربعة أشياء أكلوا الثِمار وَهُمْ القمص وَالطيار وَالغوغاء وَالجراد وَهؤلاء هُمْ أربعة مراحِل لِحياة الجراد وَهُمْ مُخَرِّبِين لِلمحصُول وَالله قَادِر أنْ يُعَوِّض الخسائِر بِكُلَّ أنواعها وَمراحِلهَا كَبِيرة كانت أوْ صَغِيرة هذَا لاَ يُعطِي رُوح يأس وَحُزن فَنُعَوَّض عَنْ خسائِر الماضِي وَالله يُثَّبِت ذلِك فِينَا عِندما نقرأ سِفر أيُوب نَجِد فِي آخر إِصحاح أنَّ الله عَوَّضه الضِعف عَنْ كُلَّ خِسارة نظرِة الخسائِر نظرة مؤلِمة لَكِنْ الله يرى [ أرُدُّ عَلَيْكِ ضِعْفِيْنِ ] ( زك 9 : 12) وَبُولِس الرَّسُول يَقُول[ أنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ ] ( في 3 : 13) التَّفَكُّر فِي خسائِر الماضِي يَجلِب مشاكِل وَتعب . 2- كَفىَ ضياع جهد وَوَقت :- كَفىَ ضياع جهد وَوَقت وَأعمال فَاشِلة أي إِنْ كُنت فِي دَائِرة أكرَّر نَفْس الفِعل فَكَفىَ ذلِك التَلاَمِيذ ظلُّوا اللِيل كُلَّه فِي الصِيد وَلَمْ يُثمِرُوا شِئ الله يُرِيدنِي أنْ أتعلَّم مِنْ فشلِي الإِتِكال عليه لِذلِك يسمح لِي بِالفشل يُرِيد أنْ يِعَلِّمنِي أنْ لاَ أثِق فِي قُدراتِي لِكي أقُول لَهُ " أنتَ يَا الله إِنْ لَمْ يَكُنْ الأمر مِنْكَ لاَ أفعل " كَفىَ أعمال فَاشِلة حَتَّى مُحاولات التوبة إِذا لَمْ تَكُنْ مسنوده عَلَى نِعمة الله وَليست مِنْ ذاتِي وَقُدراتِي فَلَنْ تَكُون ناجِحة الَّذِي يقُول أنَّهُ قَدْ أخذَ عهد عَلَى نَفْسه أنْ لاَ يفعل خَطِيَّةٍ مَا فَهُوَ مُخطِئ قُل إِحفظنِي يارب لأِنِّي عليك توكلت ( مز 15 – مِنْ مَزَامِير بَاكِر ) أنَا غِير قَادِر فَإِفعل أنتَ الله يُرِيد أنْ يِعَلِّمنِي مِنْ خِلاَل جِهادِي إِنِّي غِير قَادِر وَلاَبُد أنْ أخلِي نَفْسِي لِيَكُون هُوَ[ لِمَاذَا أنتِ حَزِينة يَا نَفْسِي وَلِمَاذَا تَئِنِّينَ فِيَّ تَرَجَّيِ الله لأِنِّي بعدُ أحمدُهُ خَلاَصَ وَجهِي وَإِلهِي ] ( مز 42 – مِنْ مَزَامِير الثَّالثة ) هُوَ يِسَهِّل كُلَّ الأُمور لاَبُد أنْ تكتشِف خِبرة الإِتِكال عَلَى الله وَأنْ تِفَرَّط فِي فِكرك[ وَأمَّا مُنْتَظِرُوا الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً . يرفعُونَ أجنِحةً كَالنُّسُورِ يركُضُونَ وَلاَ يتعبُونَ يمشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ ] ( أش 40 : 31 ) لاَ يتعبُونَ مِنْ الجِهاد لأِنَّهُمْ مُتَكِلِين عليه وَرجاءهُمْ فِيهِ هُوَ المُحَرِّك لَهُمْ وَالسند وَالمُعِين كَفىَ فشل إِتَكِل عليه وَاستشِيره مُوسى النَّبِي فِي رِحلة البَرِّيَّة مِنْ توهانه كَانَ يقِف وَلاَ يَتَحَرَّك وَيَقُول لَهُمْ إِذا لَمْ يَكُنْ وجه الله أمامِي لَنْ أتَحَرَّك المُعَرَّض لِلفشل لاَبُد أنْ يَتَكِل بِالأكثر عَلَى الله حَتَّى لاَ يفشل مرَّة أُخرى كَفىَ ضَياع فِي سِفر حَجَّي توجد مُعاتبة مِنْ الله لِلشَّعْب فَيَقُول لَهُمْ أنتُمْ رجعتُمْ بعد السبي فوجدتُمْ المدِينة خَرِبة وَكَانَ يَجِب عليكُمْ أنْ تبنُوا بيتِي أوَّلاً لَكِنَّكُمْ إِنشغلتُمْ بِبُناء بيوتَكُمْ وَجعلتمُوهَا مُزَيَنة وَنسيتُمْ بيتِي لِذلِك أنَا سأنزع البركة مِنْ حياتكُمْ تزرعُون وَلاَ تأكُلُون لديكُمْ مِياه وَتعطشُون[ تأكُلُونَ وَلَيْسَ إِلَى الشَّبَعِ تشرَبُونَ وَلاَ تَرْوُونَ تكتَسُونَ وَلاَ تَدْفَأُونَ وَالآخِذُ أُجرةً يأخُذُ أُجرةً لِكِيسٍ منقُوبٍ ]( حج 1 : 6 ) أحياناً نضع أنْفُسنَا فِي هذِهِ التجرُبة وَهيَ أنْ نهتم بِأنْفُسَنَا وَنترُك الله إِنْ تَبَقَّى لَهُ وقت مِنْ إِهتِمامنَا وَتَكُونَ النَتِيجة فشل وراء فشل حَتَّى نعُود إِليهِ الله لاَ يُرِيدنَا هَكَذَا هُوَ يُرِيد لَنَا البركة لَكِنَّنَا لَمْ نُرَتِب أولَوِياتنا بِطَرِيقة صَحِيحة لاَبُد أنْ نُعِيد أولَوِيات حياتنا [ لأِجلِ بيتِي الَّذِي هُوَ خراب وَأنتُمْ رَاكِضُونَ كُلُّ إِنسانٍ إِلَى بيتِهِ لِذلِكَ مَنَعَتِ السَّمواتُ مِنْ فوقِكُمُ النِّدى وَمَنَعَتِ الأرضُ غَلَّتَهَا وَدعوتُ بِالحَرِّ عَلَى الأرضِ وَعَلَى الجِبالِ وَعَلَى الحِنْطَةِ وَعَلَى المِسْطَارِ وَعَلَى الزَّيْتِ وَعَلَى مَا تُنْبِتُهُ الأرضُ وَعَلَى النَّاسِ وَعَلَى البهائِمِ وَعَلَى كُلِّ أتعابِ اليدينِ ] ( حج 1 : 9 – 11 )عِندما ينشغِل الإِنسان بِنَفْسه وَينسىَ الله يترُكه الله يِتعب لَكِنْ بِدُون ثمر وَيستمِر الفشل حَتَّى يجعل الله أوِل إِهتِمَامَاته إِنتَبِه لِماذا تأخُذ أُجرةً إِلَى كِيسٍ مثقُوب ؟ لِماذا تِتنَاوِل وَتعترِف وَتُوَاظِب عَلَى الكَنِيسة بِدُون تَقَدُّم ؟ لِماذا تُجَاهِد دُونَ تَقَدُّم ؟ إِسأل نَفْسك سَتَجِد خلل مُعَيَّن فِي حياتك وَالله قَادِر أنْ يكشِف ذلِك الخلل وَيُعَالِجه . 3- عدم الإِكتِفاء بِالعطايا الصَغِيرة :- لاَ تكتفِي بِعَطَايا صَغِيرة كَفىَ إِكتِفاء بِعَطَايا صَغِيرة نقُول ليتَ صومنا يَكُون صُوم مقبُول وَإِذا وضعنَا لإِنْفُسَنَا هدف أنْ نحضر عدد مِنْ القُدَّاسات وَكَفىَ لَنْ نُثمِر شِئ لِيَكُنْ لديكَ رجاء فِي أنْ يُعطِيك الله قداسة وَعِفَّة وَبِر وَنَقَاوة وَ طِلبات عالية قَدْ تَجِدهَا فِي صَلَوَات الأجبِية لأِنَّ الكَنِيسة تُرِيد أنْ ترفعك فوقَ خيالك لَكِنَّنَا أحياناً نَكتفِي بِالقَلِيل عِندما تأخَّر نسل أبُونَا إِبرَاهِيم تَعَجَّل هُوَ وَسارة زوجته فَزَوَّجته هَاجِر جَارِيتهَا وَأعطاهُ الله إِسماعِيل فَفَرَحَ بِهِ جِدّاً وَقَالَ لله [ لَيْتَ إِسمعِيلَ يَعْيشُ أمامكَ ] ( تك 17 : 18 ) إِبرَاهِيم إِكتفىَ بِعَطِيَّة إِسماعِيل – عَطِيَّة صَغِيرة – لَكِنْ قَالَ الله لَهُ سَأُعطِيك مِنْ نسلك لَمْ يُصَدِّق إِبرَاهِيم فَقَالَ لَهُ الله أنَا قَادِر أنْ أُعطِيك مِنْ مُمَاتِة سارة ( رو 4 : 19 ) فَآمن وَأعطاهُ الله إِسحق ثِق أنَّ الله قَادِر أنْ يفعل إِبرَاهِيم إِكتفىَ بِإِسماعِيل لَكِنْ الله يُرِيد أنْ يُعطِيه الأعظم إِسحق الفرق بينَ إِسماعِيل وَإِسحق 13 سنة أي فرق كَبِير لَكِنْ إِبرَاهِيم كَانَ لديهِ إِيمان تَقُول لإِنسان نُرِيدك أنْ تَكُون مُتَفَوِّق فَنَجِده يضحك وَيَقُول المُهِمْ النَّجاح أوْ يَكفِي النَّجاح هذَا الشخص لَنْ يَتَفَوَّق لأِنَّهُ مهزُوز وَالَّذِي يجعلنَا مُقَيدِين رُوحِياً أنَّنَا مُتَزَعزِعِين وَلَيْسَ لَنَا طُموح رُوحِي المفرُوض أنَّنَا نقُول لَهُ " قلب نقِي إِخلِق فِيَّ يَا الله وَرُوح مُستقِيم جَدِّدهُ فِي أحشائِي "( مز 50 )هذَا لَيْسَ ضِد الإِتِضاع بَلْ هُوَ طُموح رُوحِي يُوسِف الصِّدِّيق وَهُوَ فِي السِجن أقصى شِئ كَانَ فِي ذِهنه أنْ يخرُج مِنْ السِجن وَيَكُون حُر لِذلِك قَالَ لِرَئِيس السُقاه أرجُوك أُذكُرنِي أمام المَلِك ( تك 40 : 14) هل كَانَ يحلم أنْ يَكُون ثَانِي رَجُل فِي مصر ؟ لَمْ يَكُنْ يحلم أنَّ الله يُرِيد لَهُ ذلِك أحياناً نكتفِي بِالقَلِيل مُمكِنْ الله يُرِيد أنْ يُعطِينَا الكَثِير دَاوُد النَّبِي وَالمَلِك عِندما دعا مِفيبوشث إِبن يُونَاثان قَالَ لَهُ أُرِيد أنْ أرُد لَكَ مِيراثك وَأنْ تجلِس معِي عَلَى مَائِدَتِي كَلاَم كِبِير عَلَى إِبن يُونَاثان الَّذِي كَانَ كُلَّ هَمَّه وَطُموحه أنْ لاَ يقتُله دَاوُد وَلَيْسَ أنْ يرُد لَهُ مِيراثه وَيُعطِيه عطايا عَظِيمة لَمْ يَكُنْ يَتَخَيلهَا عِندما كَانَ بُطرُس الرَّسُول يصطاد قَالَ لَهُ يَسُوع أُدخُل إِلَى العُمق وَعِندما إِصطاد الكَثِير مِنْ السمك فرح لَكِنْ الله رفعهُ مِنْ الإِنشِغال بِالسمك وَقَالَ لَهُ سأجعلك صَيَّاد لِلنَّاس وَبِالفِعل أصبح رسُول وَالله يَضُم بِسَبَبه مؤمِنِين كَثِيرِين وَيِفرِد شَبكته فَيصطاد لله أُلُوف البشر فِي يوم الخمسِين إِصطاد 3000 نَفْس بِعِظة وَاحِدة فَرد الشبكة الرُّوحِيَّة وَأدخلهُمْ السَفِينة أي الكَنِيسة إِصطادهُمْ مِنْ بحر العالم أحياناً نَكتفِي بِعَطَايا قَلِيلة لَكِنْ لِنعلم أنَّ الغِير مُستطاع عِندَ النَّاس مُستطاع عِندَ الله( لو 18 : 27 ) لاَبُد أنْ نَثِق أنَّهُ قَادِر أنْ يفعل بُولِس الرَّسُول يحكِي عَنْ تجرُبة فَاشِلة لَهُ فِي كُورنثُوس وَعِندما نقرأهَا نقُول هذَا لاَ يُمكِنْ أنْ يحدُث لِبُولِس فَنَجِده يَقُول [ فَإِنَّنَا لاَ نُرِيدُ أنْ تجهلُوا أيُّهَا الإِخوةُ مِنْ جِهَةِ ضِيقتنَا الَّتِي أصَابتنَا فِي أسِيَّا أنَّنَا تَثَقَّلنَا جِدّاً فوقَ الطَّاقَةِ حَتَّى أيسنَا مِنَ الحيوةِ أيضاً لكِنْ كَانَ لَنَا فِي أنْفُسِنَا حُكْمُ الموتِ لِكي لاَ نَكُونَ مُتَّكِلِينَ عَلَى أنْفُسِنَا بَلْ عَلَى اللهِ الَّذِي يُقِيمُ الأمواتَ الَّذِي نَجَّانَا مِنْ موتٍ مِثْلِ هذَا وَهُوَ يُنَجِّي ] ( 2كو 1 : 8 – 10 ) مُمكِنْ يجعلك الله تدخُل تجرُبة فَاشِلة حَتَّى اليأس حَتَّى تِفرَّط فِي نَفْسك وَتقُول لاَ أنَا بَلْ أنتَ يَا الله . 4- تَعَلَّم مِنْ أخطاء الماضِي :- هل تُرِيد أنْ تَتَخَلَّص مِنْ الفشل ؟ تَعَلَّم مِنْ أخطاء الماضِي لاَ تُفَكِر فِي التجارُب السَابِقة بِإِسلُوب يُزِيد حُزنك بَلْ تَعَلَّمْ مِنْهَا بِطَرِيقة إِيجَابِيَّة قَالَ أحد الآباء لِتلمِيذه لِماذا أنتَ حزِين ؟ فَأجابَ التلمِيذ مِنْ كثرِة الفشل فَقَالَ الأب [ ثِق يَا ابنِي أنَّكَ إِنْ لَمْ تعرِف الرُّوح الَّذِي يقتُل فَلَنْ تعرِف الرُّوح الَّذِي يُحيِى ] أي أحياناً يحتاج الإِنسان أنْ يعرِف كَيْفَ يُغلب لِكي يعرِف كَيْفَ ينتصِريسمح لَنَا الله أحياناً بِتَجَارُب فَاشِلة لِنَتَعَلَّم كَيْفَ ننجح وَعِندما نجتاز التجرُبة نشعُر بِمعونة الله وَلِنَتَخَيَّل فِي مجال الدِراسة في كُلَّ فِترة دِرَاسِيَّة نِكَرَّر نَفْس سِيناريو الخطأ وَهُوَ ترك الإِستِذكار حَتَّى قُرب الإِمتِحَانات عِندَئِذٍ نبدأ فِي الإِستِذكار فَنَجِد كميات كَبِيرة مِنْ الأوراق وَالكُتُب لَمْ تُستذكر وَنشعُر بِضِيق الوقت وَتمُر الإِمتِحَانَات وَفِي الفِترة الدِرَاسِيَّة التَالِية نَجِد أنفُسَنَا لاَ نَتَعَلَّم مِنْ أخطائنَا بَلْ نِكَرَّر نَفْس الموقِف عِندما وُضِعت فِي معصرة وَتعبت فِي الإِمتِحان لَمْ تُرَاجِع نَفْسك أينَ خطأك ؟ أمَّا فِي مجال الحياة الرُّوحِيَّة فَنبدأ نستهتِر بِالصَلاة وَالكِتاب المُقَدَّس ثُمَ نترُك أنفُسَنَا لِبعض الأُمور الصَغِيرة مِثْل الأحَادِيث وَالأصِدقاء وَالتِلِيفِزيُون وَ ثُمَ السقُوط العظِيم وَنَعُود نتوب ثُمَ نِكرَّر نَفْس الأحداث نستهتر مرَّة أُخرى وَهَكَذَا يَتَكرَّر السقُوط بِالإِستهتار وَلاَ نَتَعَلَّم مِنْ الماضِي لاَ جَاهِد وَتَعَلَّم مِمَّا سبق وَاصلِح أخطاء الماضِي وَلاَ تُكَرِرهَا الله لَمْ يُعطِينَا رُوح الفشل يجعلك رأس لاَ ذنب فِي الإِرتِفاع لاَ الإِنحِطاط لِترى مَا هِيَ أخطاء الصَلاَة عِندك لاَ تقُل أنَّ فِكرك ينشغِل بِأُمور أُخرى أوْ حدِيث شخصٍ مَا يُؤثِر عَلَى صَلاَتك أوْ تِلِيفِزيُون وَتصمُت دُونَ أنْ تُصلِح مِنْ صَلاَتك لاَ عَالِج الأمر وَاجعل صَلاَتك بِتركِيز وَفِي وقت مُبَكِر وَلاَ تنشغِل بِأي أُمور أوْ أحَادِيث قبلهَا مُمكِنْ يَكُون عِندك خطأ فِي الإِعتِراف مِثْل أنَّهُ لَيْسَ بِهِ رُوح صَلاَة أوْ نَدَامة أوْ جلسِة مُحاسبِة نَفْس عَالِج أخطاءك وَلاَ تُكَرِرُهَا قَدْ تحضر القُدَّاس بِطَرِيقة رُوتِينِيَّة دُونَ أنْ تَتَقَدَّم عَالِج الأمر لاَبُد أنْ يَكُون الصُوم بِفِكر رُوحِي عَالِج أفكارك رَبِّنَا يِسنِد كُلَّ ضعف فِينَا بِنِعمِته لَهُ المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك
المزيد
08 فبراير 2025

الصراع بين الوصية كفكر وكتطبيق

مِنْ إِنجيِل مارِيُوحنا [ الكلامُ الّذِى أُكلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوح وَحيوة ] ( يو 6 : 63 ) ، الوصيَّة كفِكر جمِيلة وَمحبُوبة كُون إِنَّنا نسمع [ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلّ حِينٍ وَ لاَ يُمَلَّ ]( لو 18 : 1 ) كلِمة جمِيلة جِدّاً لكِنْ وقت تطبِيق الوصيَّة نجِد أنفُسنا 1/4 ساعة وَ لاَ نستطِيع أنْ نُزِيد عَنْ ذلِك جمِيلة وصيَّة [ فَإِنْ جاعَ عَدُوُّكَ فَإِطعمهُ وَإِنْ عطِشَ فإِسقِهِ ]( رو 12 : 20 ) ، وَلكِنْ عِندما نِنّفِذ الوصيَّة نتذكّر ما فعلهُ عدونا معنا صِراع الوصيَّة تقُول [ سِراجُ الجسدِ هُوَ العِينُ فَإِنْ كانت عينُك بسِيطةً فجسدُك كُلُّهُ يكُونُ نيِّراً ] ( مت 6 : 22 ) ،جمِيلة نظرياً لكِنْ عملياً صعبة جِدّاً00[ وَإِنْ أعثرتكَ عينُك فإِقلعها ] ( مت 18 : 9 ) ، كلِمات رائِعة لكِنّها صعبة التنفِيذ صِراع بين الوصيَّة كفِكر وَكتطبِيق 0 أولاً : الوصيَّة فِى العهد القدِيم :- بدأت الوصيَّة عِبارة عَنْ مجموعة وصايا شفويَّة أوامِر أعطاها الله لآدم وَإِستمرت مِنْ جيل إِلَى جيل قايين يوسِف نُوح إِبراهِيم إِسحق أجيال الوصيَّة بِالنسبة لهُمْ شفويَّة حتَّى جاء مُوسى النبِى فأعطاهُ الله الوصيَّة مكتوبة ، وصايا مكتوبة تقُول لاَ تقتِل لاَ تسرِق لاَ تحلِف لاَ تزنِ لاَ لاَ لاَ هى وصايا لكِنّها بدل ما تسنِد الإِنسان أصبحت عِبء عليه لأِنَّها كانت كالمرآه تُظهِر عيوبه أنا فِى الوصيَّة أصبحت خاطِىء جِدّاً وَصارت الوصيَّة أداة دينونة بدلاً مِنْ أنْ تكُون أداة بِر ، حتَّى أنّ مُعلّمِنا بولس الرسُول قال بِالوصيَّة صارت معرِفة الخطيَّة الناموس عرَّفنا على الخطيَّة وَأصبح أداة دينونة للإِنسان وَقال أيضاً مُعلّمِنا بولس الرسُول فِى رِسالة رومية [ حِينما أُرِيدُ أنْ أفعل الحُسْنَى أنَّ الشَّرَّ حاضِرٌ عِنْدِي ] ( رو 7 : 21 ) ، هذِهِ صُورة لِصراع الإِنسان فِى ظِل الناموس إِذن الناموس لاَ يُخلِّص وَ لاَ يفدِى حتَّى أنّ بولس الرسُول قالها بِصرخة [ ويحِي أنا الإِنسان الشقيُّ مَنْ يُنقِذُنِي مِنْ جسدِ هذا الموتِ ] ( رو 7 : 24 ) هذِهِ صرخِة الإِنسان قبل المسِيح ، لَنْ أكُون صالِح إِنْ لَمْ أتخلّص مِنْ هذا الجسد هذا الفِكر أوْ الحال فِى ظِل الناموس لكِنْ فِى العهد الجدِيد الأمر مُختلِف جِدّاً إِذاً الناموس فِى العهد القدِيم عاجِز عَنْ أنْ يُرضِى الله وَأنْ يُعطِى الإِنسان بِر لأِنّهُ كما قال مُعلّمِنا بولس الرسُول [ لأِنَّهُ إِنْ كان بِالناموس بِرٌّ فالمسِيحُ إِذاً مات بِلاَ سببٍ ] ( غل 2 : 21 ) ، الناموس يُظهِر عيوب الإِنسان وَتقصِيراته 0 ثانياً : الوصيَّة فِى العهد الجدِيد :- إِختلفت تماماً لأِنّهُ وجد أنّ المسِيح لمّا أتى أعطانا وصايا فِى الحقِيقة أصعب كثيراً مِنْ وصايا العهد القدِيم ، فمثلاً نجِده يقُول [ سمِعتُمْ أنّهُ قِيل عينٌ بِعينٍ وَسِنٌّ بِسنٍّ وَأمَّا أنا فأقُولُ لكُمْ أحِبُّوا أعداءكُمْ بارِكوا لاعِنيكُمْ ] ( مت 5 : 38 – 44 ) فِى العهد القدِيم شراسة فحدّها الله بِالتعادُل بين الطرفين ، لكِنْ فِى العهد الجدِيد يقُول قابِل الإِساءة بِالمحبَّة وصايا العهد الجدِيد فائِقة وَصعبة لِماذا ؟ لأِنّ الإِنسان أخذ إِمكانيات جدِيدة بِالمسِيح إِذن فِى العهد القدِيم الوصيَّة أسهل ، لكِنْ فِى العهد الجدِيد يقُول النظرة زِنى لِماذا ؟ لأنِّى أعطيتك إِمكانيات جدِيدة ، لِذلِك لابُد أنْ تقِيس نَفْسَكَ عليها كالطفل الصغِير نحنُ نُنهيه عَنْ أشياء كثيرة وَلكِنْ عِندما يكبر لاَ تُنهِيه عَنْ هذِهِ التوافِه لأنّهُ إِرتقى لإِمكانيات أكبر هكذا نحنُ فِى المسِيح إِرتقينا فأعطانا وصايا على مُستوى ملائِكِى مِنْ مُستوى أبناء آدم إِلَى مُستوى أبناء الله تُدعون إِذن الوصيَّة تُنّفذ فِى المسِيح وَبِالمسِيح وَ لاَ يُمكِنْ أنْ نُنّفِذها بِدونه لاَ نستطِيع أنْ نُصَلِّى إِلاّ بِهِ ، وَ لاَ نُحِب إِلاّ بِهِ ، وَ لاَ نُعطِى إِلاّ بِهِ وَلابُد أنْ أُعطِى وَأعمل بِالمسِيح لِذلِك يقُول مُعلّمِنا بولس الرسُول [ إِنْ كان أحدٌ فِى المسِيحِ فَهُوَ خلِيقةٌ جدِيدةٌ ] ( 2 كو 5 : 17 ) ، أىّ طبعِى يتغيّر إِذن أنا بِدُون المسِيح إِمكانياتِى ضعِيفة ، لكِنْ بِهِ خلِيقة جدِيدة وَإِمكانيات عالية ، وَمِنْ هُنا الوصيَّة تُصبِح سهلة رغم صعوبتها مُمكِنْ الفِكر البشرِى يصطدِم بِالوصيَّة كيف أُحِب عدوِى كيف أبِيع أمتعتِى وَأُعطِى صدقة ؟ هذا بِالإِمكانيات الشخصيَّة مُستحِيل لأِنَّها إِمكانيات ضعِيفة وَمحدودة ،فَنَحنُ بِالكاد نُحِب مَنَ يُحبُنا لكِنْ لِكى نُحِب أعدائنا وَنُبارِكهُمْ هذا بُعد جدِيد لاَ نناله إِلاّ بِالمسِيح المُشكِلة إِنَّنا دائِماً نفصِل أنفُسنا عَنْ المسِيح وَالقدِيسين فنعِيش على مُستوى الفِكر البشرِى فنصطدِم بِالوصيَّة وَقَدْ نعثُر فِيها وَكأنَّنا نرى أنّ المسِيح يُرِيدنا ضُعفاء فَمَثلاَ وصيَّة [ يَنْبَغِي أنْ يُصَلَّى كُلّ حِينٍ وَ لاَ يُمَلَّ ] ( لو 18 : 1 ) ، فنقُول عنها أنَّها دروشة لأنَّنا نقِيسها بِمُستوانا كبشر وَهذا مُستوى محدُود أخطر ما فِى الموضُوع أنّنا نعِيش الوصيَّة بِإِمكانياتنا البشريَّة الضعِيفة الله أعطانا هذِهِ الوصيَّة لأِنّهُ هُوَ العامِل فِينا [ لأِنّ الله هُوَ العامِلُ فِيكُمْ أنْ تُرِيدُوا وَأنْ تعملُوا ]( فى 2 : 13 ) ، أىّ أنّ الله هُوَ المُحرِّك الأساسِى ، هُوَ الّذى يُحرِّك إِرادتِى أنا نفِذت الوصيَّة لكِنْ مَنَ الّذى عملها بِالفِعل داخِلِى ؟ الله0الله يحرّكنا لِفِعل البِر لِكى نُكلّل وَيرجِع الفضل لنا وَنحنُ نقُول لهُ أنت الّذى دفعتنا لِهذا العمل ، لكِنّهُ بِكُلّ تواضُع يُكافِئنا عَنْ عمل هُوَ عمله فِينا ، وَهُوَ يُعطِى قديسيه كرامات وَيُمّجِدهُمْ وَهُمْ يُمّجِدوه وَيُرجِعُون الفضل إِليه هذا هُوَ مجد العهد الجدِيد الله جعل الوصايا محفُورة فِى قلوبنا لاَ على لوح حجرِى وَ لاَ شفويَّة بل[أجعلُ نَوَامِيسِي فِى أذهانِهمْ وَأَكْتُبُهاَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ] ( عب 8 : 10 ) ،كثيراً فِى العهد القدِيم كانت توجد نواهِى كثيرة لكِنّنا فِى العصر الحدِيث توجد مُتغيّرات كثيرة ، لكِنَّنا نتعامل مَعْ هذِهِ المُتغيّرات بِصُوت الله الموجُود داخِل قلوبنا وَيُرشِدُنا لِلطرِيق الصحِيح [ ناموس الله فِى قلبِى فَلاَ تتعرقل خطواتِى ] ، فتقُول هل نُشاهِد فيديو ، نقُول مُمكِنْ نُشاهِد أفلام قديسين ، وَقَدْ تأتِى هذِهِ الأفلام بِإِنسان لِطرِيق الله ، بينما لَوْ فيلم غير جيِّد قَدْ يُعثر إِذن لاَ يوجد ما يُنهِينِى عَنْ شيء خاطِىء سِوى صُوت الله فِى قلوبنا [ها ملكُوت اللهِ داخِلكُمْ ] ( لو 17 : 21 )إِذن كُلّ ما أصطدِم بِوصيَّة أعرف إِنِّى فِى صِراع بين نَفْسِى وَالمسِيح نحنُ فِى المسِيح لنا إِمكانيات عظِيمة [ أستطِيعُ كُلّ شيءٍ فِى المسِيحِ الّذي يُقوّينِي ] ( فى 4 : 13 )0 كُلّ وصيَّة فِى المسِيح لها صِفات :- 1- إِنَّها مُمكِنة :- إِحذر أنْ تنظُر لِلوصيَّة على إِنَّها نظريات لاَ هى مُمكِنة الفِعل وَالتنفِيذ بِالمسِيح ، لأنّهُ هُوَ قادِر أنْ يوسّع قلوبنا وَيُعطِينا إِمكانيات قويَّة جبَّارة قادِرة على كُلّ شيء 0 2- الوصيَّة بنّاءة :- لَوْ نظرنا لِمجموعة تعِيش مَعْبعضها بِالوصيَّة وَمجموعة تعِيش مَعْ بعضها بِالفِكر البشرِى نجِد أنّ المجموعة الثانية تحدُث بينهُمْ مشاكِل ، بينما المجموعة الأولى يبنُون بعضهُمْ بِبعض وَيعِيشُون فِى أُلفة وَمحبَّة وَسلام وَأمن كُلّ ما الإِنسان يحيا الوصيَّة كُلّ ما يشعُر بِوجوده وَأمنه وَسلامه ، بينما الّذى يعِيش بعِيد عَنْ الله تتضخّم الخطيَّة داخِلهُ وَتتوالد إِذن المسِيح لمّا أعطانا الوصيَّة أعطانا إِمكانيات فِعلها بِهِ هُوَ بِدونه نقِف أمام الوصيَّة عاثِرين مُحبطِين عاجِزين الوصيَّة تُحكِّمْ الإِنسان لِلخلاص وَتُفرِّح العينين وَتُضىء القلب وَتُعطِى سلام وَنِعمة 0 بعض النماذِج عاشوا الوصيَّة :- 1- سمعان الخرّاز:- شاب بسيِط أعثرته عينه فنجِد الوصيَّة فِى ذِهنه أتت على مُستوى [ فَإِنْ كانتْ عينُكَ الْيُمنَى تُعْثِرُكَ فإِقلعها وَألْقِها عَنْك ] ( مت 5 : 29 ) فقلع عينه مَنَ يستطِيع هذا ؟ مُستوى فائِق ، يقُول القدِيسُون رأفة بِحالنا إِقلعُوا عين الشر لكِن سمعان الخرّاز إِنفعل إِنفعال عالِى بِالوصيَّة فعملت فِيهِ بِقوّة لأِنَّها بِالمسِيح يسُوعَ لِذلِك نجِد السيِّد المسِيح يقُول [ لأِنَّ نيرِي هيّنٌ وَحِملِي خفِيفٌ ] ( مت 11 : 30 ) ، جرّب ذلِك القدِيسين كما يقُول الأنبا أنطونيُوس [ إِعلموا يا أولادِى أنّ كُلّ الوصايا ليست ثقيلة وَ لاَ صعبة وَ لاَ مُتعِبة بل نُور حقِيقِى وَسرور أبدِى لِكُلّ مَنْ أكمل طاعتِهِ ] ، لَوْ نظرنا لِلمُكافأة سنطلُب مزِيد مِنْ الوصايا 0 2 – مارِجرجِس:- شاب عِنده غرِيزة وَعِنده جسد وَظروفه وَحالته النَفْسيَّة مُتعبة ، لكِنّهُ عِندما تعرّض لِلخطيَّة رفضها بِقوّة وَسُلطان أولاد الله ، هذِهِ هى قوّة الوصيَّة بِالمسِيح ، وَغلب الخطيَّة فهى نُور لِلعالم مثلاً الصُوم لَوْ عِشنا بِإِمكانيات الله سنفرح بِالصُوم وَقَدْ نرفُض الطعام ،لكِنْ لَوْ عِشناه بِإِمكانيات بشريَّة نجِد أنفُسنا نعِد الساعات وَنحسِبها حتَّى تنتهِى فِترِة الصُوم فننفجِر فِى الطعام كان القدِيس جلاسيُوس موهُوب فِى الرسم وَالخط ، وَكان القدِيسُون يُحِبُّون العمل ، وَكان عمل القدِيس جلاسيُوس كِتابِة المخطوطات ، فكتب الكِتاب المُقدّس بِعهديهِ بِطريقة جمِيلة وَتركهُ فِى الكنِيسة لِلمنفعة ، وَفِى أحد الأيَّام دخل إِنسان لِلكنِيسة فوجد الكِتاب وَأغواه الشيَّطان فسرقهُ وَنزل لِلسُوق لِيبيِعهُ ، وَمرّ إِنسان وَفاصل معهُ وَإِشترى الكِتاب وَكان المُشترِى يُريه لأصدقائه لِيتأكِّد مِنْ سِعره ، فشكِّكوه فِى ثمنه ، فأراد أنْ يأخُذ رأى الرُهبان وَبِالأخص الراهِب جلاسيُوس لأِنّ لهُ دِراية بِالمخطُوطات ، فأخذ الكِتاب وَذهب لِلقدِيس جلاسيُوس وَسألهُ بِكَمْ يُساوِى هذا الكِتاب ؟ فسألهُ القدِيس بِكَمْ أخذتهُ ؟ أجابهُ المُشترِى بِعشرة دِينار ، فأجابهُ القدِيس جيِّد جِدّاً وَعاد المُشترِى وَتقابل مَعْ البائِع وَقال لهُ إِنّ الكِتاب عالِى الثمن وَقَدْ أريتهُ لِلقدِيس جلاسيُوس ، وَلمّا علم البائِع بِذلِك عاد وَإِشتراه مرّة أُخرى بِثمن أعلى ممَّا باعه بِهِ وَأراد أنْ يُعِيده لِلقدِيس لكِنّهُ رفض إِستعادته لولا إِلحاح الرُهبان00مُستوى فائِق لِتنفِيذ الوصيَّة0 أنا إِمكانياتِى محدودة لاَ أستطِيع أنْ أسامِح ، لكِنْ بِالمسِيح أستطِيع نِعمة العهد الجدِيد لابُد أنْ نعرِف أنَّنا ننتظِر نِعمة وَقوَّة مخفيَّة داخِل وصايا العهد الجدِيد متى تكُون الوصيَّة مُفرِحة وَلذِيذة ؟ متى تخرُج النَفْسَ فِى طلب الوصايا الجدِيدة وَتتمتّع بِها ؟ عِندما تتحِد بِالمسِيح [ وَبِإِلهِي تسَوَّرْتُ أسواراً ] ( مز 18 : 29 ) ، أكثر شيء يُسّبِب لنا فرح فِى حياتنا إِتحادنا وَثباتنا فِى المسِيح ، وَكُلّ ما نتراخى عَنْ المسِيح كُلّ ما تثقُل الوصايا أكثر حتَّى أنَّنا نراها كخُرافات لمّا تسمع عَنْ أبو مقَّار عِندما يُتهم بِإِرتكاب خطيَّة مَعْ فتاه وَ لاَ ينفِى التُهمة بل يعمل بِجديَّة كى يُنفِق على الفتاه وَطِفلها كيف تتحمّل النَفْسَ هذا التعيير وَالإِتهام الضخم فَهُوَ إِنسان يعِيش طهارِة الجسد وَالفِكر فكيف يقبل هذا الإِتهام ؟ بِالمسِيح يستطِيع كُلّ شيء وَبدل ما يرفُض الوصيَّة بِذاته يقبلها بِالمسِيح لَوْ ثبتنا فِى المسِيح يصِير الإِنجيِل بِالنسبة لنا سِراج وَدستُور لِماذا الإِنجيِل مُنفصِل اليوم عَنْ حياتنا العمليَّة وَيختفِى مِنْ حياتنا ؟ لأِنّنا فاصلِين أنفُسنا عَنْ المسِيح فِى حِين أنّنا يجِب أنّنا نكُون داخِل الإِنجيِل وَالإِنجيِل داخِلنا محفُور فِى قلوبنا وَأذهاننا ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمِين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك
المزيد
01 فبراير 2025

مسيح الهزيع الرابع

مِنَ إِنجيل مارِ يوحنا البشير 6 : 16 – 21[ وَلمّا كان المساءُ نزل تلاميذُهُ إِلَى البحرِ فدخلُوا السفينة وَكانوا يذهبُون إِلَى عبرِ البحر إِلَى كفرناحُوم وَكان الظَّلام قَدْ أقبل وَلَمْ يكُنْ يَسُوعُ قَدْ أتى إِليهُمْ وَهاج البحرُ مِنْ ريحٍ عظيمةٍ تهُبُّ فلمّا كانُوا قَدْ جذَّفُوا نحو خمسٍ وَعِشرين أوْ ثلاثين غلوةً نظرُوا يَسُوعَ ماشِياً على البحرِ مُقترِباً مِنَ السَّفينة فخافُوا فقال لهُم أنا هُوَ لاَ تخافُوا فرضُوا أنْ يقبلُوهُ فِى السَّفينةِ وَلِلوقتِ صارت السَّفينةُ إِلَى الأرضِ التّى كانُوا ذاهِبين إِليها ] يُكلّمِنا مارِيوحنا عَنَ مُعجِزة مِنَ مُعجِزات الرّبّ يسُوعَ وَهى أنّ التلاميذ ركبوا سفينة وَكانوا يعبُروُن بحر الجليل لِكى يذهبوا إِلَى كفر ناحُوم ، وَبعد ركوبهُم السفينة هاج البحر وَصارت السفينة مُعذّبة ، وَبدأت الرّياح تُلاطِم السَّفينة وَتُسيّرها حسب إِتجاهها وَليس حسب ما يُريد التلاميذ ، وَبعدوا عَنَ الشاطىء نحو 25 – 30 غلوة فخافوا خُوف عظيم إِبتعدوا 25 – 30 غلوة ، وَالغلوة كانت وحدة قياس فِى زمان الكِتاب وَتُساوِى 200متر ، وَهذا يعنِى أنّ ألـ 25 غلوة = 5000متر ، أىّ 5 كم ، أىّ أنّهم إِبتعدوا عَنَ الشاطىء مِنَ 5 – 6 كم وَهذِهِ مسافة ليست بِقليلة وَالبحر مُضطرِب ،وُكُلّها قلق وَخُوف ، وَليست فِى خط سيرهُم الّذى يُريدوه بعد كُلّ هذِهِ المسافة وَهذا الإِضطراب نظرُوا يسُوعَ ماشياً على البحر[ فلمّا كانُوا قَدْ جذّفُوا نحو خمسٍ وَعشرين أوْ ثلاثين غلوةً نظرُوا يَسُوعَ ماشِياً على البحرِ مُقترِباً مِنَ السفينة فخافُوا فقال لهُمْ أنا هُوَ لاَ تخافُوا فرضُوا أنْ يقبلُوهُ فِى السَّفينةِ وَلِلوقتِ صارت السَّفينة إِلَى الأرض التّى كانُوا ذاهِبين إِليها ] ( يو 6 : 19 – 21 ) ، أىّ عّوض تأخيرهُم ، هذِهِ المُعجِزة وردت فِى إِنجيل متى 24 ، إِنجيل مرقُس 6 مسافِة ألـ 25 – 30 غلوة عبّر عنها القديس مارِمرقُس بِقولِهِ[وَنحو الهزيع الرّابِع مِنَ اللَّيل ] ( مر 6 : 48 ) ، وَهذا صحيح لأنّ الهزيع الأول يبدأ تقريباً حوالِى الساعة 6 مساءاً ، وَالهزيع الثانِى يبدأ حوالِى 9 مساءاً إِلَى 12 مساءاً ، وَالهزيع الثالِث مِنْ 12 – 3 صباحاً ، وَالهزيع الرابِع مِنْ 3 – 6 صباحاً 0 المسيح أتى لِتلاميذه فِى الهزيع الرّابِع لأنّهُم إِذا كانُوا قَدْ جدّفوا حوالِى 5 – 6 كم فإِنّهُم يحتاجون وقت لِهذِهِ المسافة حوالِى 10 ساعات ، فإِذا كانُوا قَدْ ركبوا السفينة حوالِى 6 مساءاً فإِنّ المسيح جاءهُم بعد 10 ساعات أىّ حوالِى 4 صباحاً ، أىّ فِى الهزيع الرّابِع 0 لِماذا أتى المسيح فِى الهزيع الرّابِع ؟ لِماذا أتى بعد جِهاد ؟ لِماذا كُلّ هذا التأخير ؟ هذِهِ علامِة تعزية المسيح للصابِرين ، وَعلامِة معيّة المسيح للمُجاهِدين ،لأنّهُم ظلّوا يُجدِّفُون 10 ساعات ، هُوَ سيأتِى وَإِنْ كان يُبطِىء لِكنّهُ سيأتِى الكنيسة وضعت هذِهِ المُعجِزة فِى صلاة السِتار الخاصّة بالرُهبان ، على أساس أنّ الليل قَدْ أتى وَأنّهُم اليوم كُلّه يُجدِّفُون فإِستحقّوا رؤية ربّ المجد المسيح سيأتِى وَلابُد أنْ يأتِى ، فِى سِفر هُوشع النبِى يقول [خُروجهُ يقينٌ كالفجرِ ] ( هو 6 : 3 ) ، لكِن مِنْ علامات مجيئه التأخير ، فِى مُعجِزة إِقامِة لِعازر قالوا للمسيح [ يا سيِّدُ هُوذا الّذى تُحِبُّهُ مرِيضٌ ] ( يو 11 : 3 ) ، أىّ الآن أفضل مِنْ التأخير وَلكِنّه لَمْ يأتِى ، وَمات لِعازر وَلَمْ يأتِى ، وَمضى على موتِهِ يومين وَثلاث وَفِى اليوم الرابِع أتى لِيُقيمه ، إِشارة للهزيع الرّابِع الله يأتِى للمُجرّبين لكِنّهُ كثيراً ما يتأخّر ، لِماذا تُبطِىء مادُمت ستأتِى ؟ يقول هذِهِ الفِترة علامِة ثبات الإِنسان وَإِنتظاره ، لأنّ مُنتظِروا الرّبّ لاَ يخزُون ، وَ كُلّ ما ينتظِر الإِنسان بِسِكوتٍ خلاص الله كُلّ ما يُعلِن ثبات أكثر ، [ جيِّدٌ أنْ ينتظِر الإِنسانُ وَيتوقَّعَ بِسُكُوتٍ خلاص الرّبّ ] ( مرا 3 : 26 ) وَكأنّ الرّبّ يقصِد بِتأخيرُه أنْ يجعل المُتزعزعِين وَالمُتشككيِن يرجعُون للخلف ما الّذى جعل هُناك خمس عذارى حكيمات وَخمس عذارى جاهِلات ؟ الوقت لأنّ الوكيل قال أنّ سيِّدى يُبطِىء قُدومه فأعلن تراجُعه عَنَ طريقه ، وَهذا إِعلان عَنَ عدم إِستحقاقه لِقُدوم سيِّدهِ ، لِكن إِذا ثبت وَتشدّد وَجاء الوقت عليه يزداد ثبات وَفضيلة لأنّ الرّبّ جعل الوقت لِصالِح بُنياننا 0 لِذلِك تنّبأ فِى المزمور عَنَ هذِهِ المُعجِزة [ أبصرتك المياهُ يا الله أبصرتك المياهُ ففزِعت إِرتعدتْ أيضاً اللُّجُج ] ( مز 77 : 16 ) ، أنت الّذى تُهدّىء المياه ، إِذا كان الإِنسان عِنده إِيمان أنّ المياه تُبصِر الله فتفزع ، فإِنّهُ لاَ يخاف ، كثيراً ما نشعُر أنّ المسيح وَكأنّهُ غائِب عَنَ حياتنا كُلّ غُلوة وَكُلّ تجديف محسُوب لهُم إِكليل وَجِهاد ، عملهُم لَمْ يضع هباء ، فِى الكيمياء يُوضع محلول فِى السحّاحة وَآخر فِى إِناء وَيقُولُون للطلبة أنْ يضعُوا ما فِى السحّاحة على ما فِى الإِناء حتّى يتغيّر لُون محلول الإِناء ، فِى النُقطة التّى يتِم تغيير لُون المحلول تُسّمى end point أىّ نُقطة النهاية ، لكِن ليس معنى هذا أنّ كمية المحلول السابِقة لِنُقطة النهاية لَمْ تُؤثِّر وَ لَمْ تُحسب ، لاَ كُلّ كمية المحلول النازِلة مِنْ السحّاحة لها عمل وَإِنْ كان غير واضِح ، لكِن النُقطة الأساسيّة التّى يُحسب عِندها تغيير اللون هى نُقطة النهاية هكذا كُلّ إِنتظار وَكُلّ لحظِة جِهاد محسوبة كأمانة تشهد لنا ، وَهذِهِ خِطة الله أنْ يختبِر ثبات الإِنسان وَأمانتهُ وَجِهاده ، يختبِر ماذا يفعل الإِنسان وسط العواصِف ، هل يؤمِن أنّ خُروُجه يقين كالفجر ؟؟!! بعض أحداث الكِتاب تقول أنّ المسيح يأتِى فِى الهزيع الرّابِع بعدما يحسِب الإِنسان كُلّ حساباته وَيخلّص ، لمّا يعلِن الإِنسان كمال عجزه ، إِبحر كما تُريد وَجدِّف كما تُريد لكِن فِى الوقت المُناسِب وَالّذى يختاره الله سيُوصِل سفينتك للميناء ، إِعلان عَنَ قُدرِة الله فِى حادِثة ميلاد إِسحق مِنَ إِبراهيم وَساره ، كان إِبراهيم عُمره 100سنة وَسارة عُمرها 90سنة وَقَدْ إِنقطع لِسارة رجاء أنْ يكون لها أولاد ، وَعِندما تراءى الله لإِبراهيم فِى هيئِة ثلاث رِجال وَقال لهُ [ فقال إِنِى أرجِعُ إِليك نحو زمان الحيوة وَيكُونُ لِسارة إِمرأتك إِبنٌ ]( تك 18 : 10 ) ، تعجّبت سارة لكِن الله تمجّد حتّى أنّ سارة تقول [ وَقالت سارة قَدْ صنع إِلىَّ اللهُ ضِحكاً 0 كُلُّ مِنْ يسمعُ يضحكُ لِى ] ( تك 21 : 6 ) لأنّهُ مُمكِن النّاس تقول عِند سماعهُم بِخبر حبل سارة أنّهُ مرض شيخُوخة أنّها تشعُر أنّها حامِل ، لعلها تخيّلت ذلِك ، إِنّهُ ما لَمْ تفعلهُ فِى شبابِها عملتهُ فِى شيخُوختها ، إِذا كان الله قَدْ أعطاهُم إِسحق فِى شبابِهِم ما كان تمجّد فِى شيخُوختِهِم ، لِماذا يا الله جعلتهُم ينتظِروُن ؟ يقول هذا سر مِنْ أسرارِى فِى حادِثة ذبح إِسحق تدخّل الله فِى الهزيع الرابِع ، بل فِى أخِر ثوانِى مِنَ الهزيع الرّابِع لِكى يُنقِذهُ ، أىّ أنّهُ ذهب للموضِع وَرتّب إِبراهيم الحطب وَربط إِسحق ثُمّ أخذ السّكين لِيذبح إِبنهُ ، عِندئِذٍ ناداهُ الملاك مِنَ السّماء وَقال لهُ أنّهُ علِم أنّهُ خائِف الرّبّ وَأعطاهُ خروُف عِوضاً عَنَ إِسحق ، متى تدخّل ؟ فِى الهزيع الرّابِع ، بل فِى نهايِة الهزيع الرّابِع 0 هل عِندما ننتظِر الرّبّ لِوقتٍ ما يُعتبر هذا الوقت ضائِع ؟ إِحذر أنْ تتمرّد إِذا تأخّر الله عليك وَتكوُن ناقِم ، فإِنّ هذا الوقت لاَ يُحسب تذكية لك بل يحكُم عليك الله ، يحِب أنْ يتشدّد الإِنسان وَيتوقِّع بِسكُوتٍ خلاص الله [ جيِّد أنْ ينتظِر الإِنسانُ وَيتوقَّعَ بِسُكُوتٍ خلاص الرّبّ ] ( مرا 3 : 26 ) ، وَيقُول مُعلّمِنا بولس الرسُول [ وَلكِن إِنْ كُنَّا نرجُو ما لسنا ننظُرُهُ فإِنَّنا نتوقَّعُهُ بِالصبرِ ] ( رو 8 : 25 ) ، قَدْ نصِل إِلَى حالِة ضعف إِيمان أنْ نتخيّل كيف ننتظره فلنا أنْ نتوقَّعُهُ بالصبرِ عِندما صارع يعقُوب الرّبّ صارعهُ حتّى طُلُوع الفجر وَقال لهُ[ فقال لاَ أُطلِقُك إِنْ لَمْ تُبارِكنِى ] ( تك 32 : 26 ) ، فإِستحق أنْ يجعل إِسمه إِسرائيل لأنّهُ صارع وَغلب ، صارع حتّى الفجر أىّ حتّى الهزيع الرّابِع ، يقُول أنّ الله لَمْ يقوى عليه فكسر لهُ حُق فخذِهِ ، الله جعل نَفْسَه أضعف لِكى يكُون قدوُمه بِرجاءٍ أعظم ، لأنّ الإِنسان يؤمِن أنّ الله سيأتِى ، الّذى يثبُت هذا سيخلُص وَالّذى يتزعزع هذا لاَ يثبُت كثيراً ما نقُول أنّنا لاَ نجِد تعزية فِى الصلاة وَنشعُر بِفتور ،كما يقُول القديس مارِإِسحق [ أنّ الكلام يكُونُ كالرُصاص ] ، هذا يكُون نتيجة ضعف فِى حياة الإِنسان ، فهل سيثبُت الإِنسان خِلال هذا الضعف أم يتراجع ؟ كثير مِنّا ترك الصلاة نتيجة عدم التعزية ، فنقُول لهُم أنّكُم لَمْ تثبتوا ألـ 25 غلوة ، إِعلموا أنّ كُلّ لحظة تُجاهِدوا فِيها محسوبة لكُم وَليس عليكُم ، وَالنعمة تصنع للإِنسان ترقية إِذا ثبت فِى التجرُبة ، القديس يوحنا الدرجِى يقُول[ أنّ الحياة مَعَ الله كالسُلّم الّذى بِهِ جُزء أُفقِى وَجُزء رأسِى لو لَمْ أثبُت فِى الجُزء الأُفقِى أىّ التجرُبة لن أصِل للجُزء الرأسِى ] ، هكذا قال القديسين[ وراء كُلّ تجرُبة موهِبة ، وَوراء كُلّ تخلِّى إِفتقاد ، وَوراء كُلّ هياج للبحر ظُهُور للرّبّ يَسُوعَ ] متى أعلن الله عمله فى حياة يوسِف الصدّيق ؟ مِنْ المؤكد أنّ يوسٍف قال لله أين الرؤى التّى أعطيتنِى إِياها ؟ يوسِف مِنْ مرحلة لِمرحلة كان يزداد إِنحدار ، لكِن بِتدبير الله جاء لِفرعُون بِحُلم يفزعهُ فيعمل يوسِف بِنعمة ، حتّى أنّ فرعُون قال[ فقال فُرعونُ لِعبيدهِ هل نجِد مثل هذا رجُلاً فِيهِ رُوحُ الله ] ( تك 41 : 38 ) ، رغم أنّهُ جاء مِنَ السجن مُباشرةً ، ماذا حدث ؟ هذا هُوَ الهزيع الرّابِع لِيوسِف ،يقُول فُرعون [ ليس بصِيرٌ وَحكيمٌ مِثلك أنت تكُونُ على بيتِى ]( تك 41 : 39 – 40 ) ، كلام جميل لكِنّهُ جاء بعد الهزيع الرّابِع لِيوسِف ، أىّ بعد جِهاد وَثبات كان مُمكِن لله أنْ يُخرِج شعبه مِنْ مصر بِسُهولة ، ذُلّ الشعب كثيراً فخلّصهُم يا اللهُ بِسُرعة ، يقُول لاَ حتّى أنّ بنِى إِسرائيل تنّهدوا وَصرخُوا ، فنجِد الله يقُول لِمُوسى النبِى [ وَقال الرَّبُّ لِمُوسى لاَ يسمعُ لكُما فرعونُ لِكى تكثُر عجائِبِى فِى أرضِ مِصر ]( خر 11 : 9 ) ، أحياناً الله يُعلِن عمله للأبرار كما أعلن لِمُوسى عَنَ عمله مَعَ فرعُون ، حتّى أنّهُ بعدما ظهرت عجائِب الله فِى مِصر ألحّ المصريُون على بنِى إِسرائيل أنْ يخرُجوا بعدما كانُوا يذِلّوهُم ، ما الّذى حدث ؟ تدبير الله ،الله يُعلِن عجائِبهُ ، وَلكِن بعض النّاس ترى أنّ هذا الإِنتظار ضِدّهُم ،داوُد النبِى يقُول [ملجأً فِى أزمِنةِ الضِّيقِ ] ( مز 9 : 9 ) ، هذا ليس تخلِّى كما نقُول فِى القُدّاس [ لن تترُكنا عنك إِلَى الإِنقضاء وَفِى أخِر الأيّام ظهرت لنا ] ، لهُ وقت مُحدّد سيأتِى فيهِ ، لكِن كُلّ تأخير لإِختبار محبِتنا ، لِتذكية لنا ، تدابير الله بعدما خرج بنِى إِسرائيل مِنَ مِصر تعقّبهُم فرعُون وَلَمْ يشعُروُا بِهِ إِلاّ عِند وصولهُم للبحر الأحمر وَأصبح لاَ مفر أمامهُم ، البحر أمامهُم وَفرعُون خلفهُم ، الله يعمل عِندما يزداد الخطر ، حتّى أنّ إِسرائيل فزعوا وَصرخُوا لله وَقالُوا لهُ أنّهُ أفضل لهُم أنّهُم يخدِموا فرعون فِى مِصر وَيموتوا هُناك مِنْ أنْ يهلكوا فِى البرّيّة ، عِندئِذً تدّخل الله وَشقّ البحر لهُم وَصار الماء لهُم كالسور ثُمّ يدخُلُون البرّيّة المسيرة مِنْ مِصر لِفلسطين لاَ تتعدّى مِنْ 20 – 30 يوم سيراً على الأقدام ، مسافة ليست صعبة ، فلِماذا ظلّوا فِى التيه 40 سنة ؟ الله يُريد أنْ يصِل بِهُم للهزيع الرّابِع ، لِماذا يترُكهُم الله هذِهِ المسافات مادام سيُعطيهُم أرض الميراث [ وَكان لمّا أطلق فرعون الشَّعبَ أنَّ الله لَمْ يهدِهِمْ فِى طريق أرضِ الفلِسطينييّن مَعَ أنَّها قرِيبةٌ ] ( خر 13 : 17 ) ، لأنّ الله قال لِئلاّ يندم الشعب إِذا رأوا حرباً فيرجعوا لِمصر إِذا كانت المسافة قريبة مُمكِن يرجعوا عنهُ بِبساطة خاصّةً لو الطريق سهل ، لِذلِك أتاههُم وَلَمْ يهديهُم لِفلسطين بِسُرعة ، حتّى إِذا رأوا حرب لاَ يُفكِّروُن فِى الرجُوع لِمصر ، حتّى أنّهُ قال " أنّ الرّبّ قَدْ أغلق عليهُم " ، هذِهِ تدابيره ، مسيحنا مسيح الهزيع الرّابِع ، وَكُلّ هذا التأخير لِتذكية الإِنسان فِى مثل المرأة التّى تشتكِى خِصمها للقاضِى قائِلةً إِنصفنِى مِنْ خصمِى ، يقُول الكِتاب[ وَكان لاَ يشاءُ إِلَى زمانٍ] ( لو 18 : 4 ) ،هكذا الله فِى حياتنا أحياناً يقُول لَمْ أشاء إِلَى زمانٍ لِيرى هل سنثبُت أمام حرب برّيّة حياتنا أم نتخلّى عَنَ الله ؟ هذا قصد الله مِنَ الهزيع الرّابِع إِنْ كان الأنبا أنطونيوس قَدْ تمرّر مِنْ كثرِة التجارُب وَالآلام حتّى حاربهُ الشيّطان وَصرعهُ ، وَيقُول القديس الأنبا أثناسيوس أنّ عدو الخير فِى أحد المرّات تصارع مَعَ الأنبا أنطونيوس وَتركهُ مطرُوح على الأرض ، عِندئِذٍ رفع عينهُ للسّماء وَكلّمهُ الله قائِلاً [ إِلَى متى تترُكنِى فِى تجارُبِى ؟ وَإِلَى متى لاَ تضع حدّاً لآلامِى ؟ ] عِندئِذٍ تراءى لهُ الله بِنورٍ بهىّ وَقال لهُ [ أنا كُنت معك فِى حربك أُراقِب حربك ، وَلأنّك حاربت وَثابرت وَلَمْ تكِل فسأجعلك نور لِهذِهِ البرّيّة ] ، أىّ أنا معك مُتابِع جِهادك ، لِذلِك أُعطيك وعُود عظيمة ، وَلكِن فِى الهزيع الرّابِع الخلاص نَفْسَه جاء فِى مِلء الزمان أرسل الله إِبنهُ ، تأخّرت كثيراً يارب ، يقُول لا لِهذا الكنيسة تؤمِن أنّ المسيح فِى وسطها وَسيأتِى لِيُجازِى كُلّ واحِد كعملِهِ ، الله وسطنا وَإِنْ كُنّا لاَ نراه لكِنّنا نشعُر بِهِ بِعين الإِيمان ، حتّى أنّ أخِر آية فِى الإِنجيل تقُول [ وَالرُّوحُ وَالعرُوسُ يقُولان تعال وَمَنْ يسمع فليقُل تعال وَمَنْ يعطش فليأتِ وَمَنْ يُرِدْ فليأخُذْ ماءَ حيوةٍ مجّاناً يقُولُ الشاهِدُ بِهذا نعم أنا آتِى سرِيعاً آمين تعال أيُّها الرَّبُّ يَسُوعَ ] ( رؤ 22 : 17 ، 20 ) يمكِن عِندما يطُول الوقت وَتطُول التجرُبة نشتاق لهُ أكثر ، عِندما يحِل الظلام نقُول متى يظهر النّور ، وَبعد مرور ساعة نقُول أنّهُ تأخّر ، لكِن لو صبرنا سنراهُ وَنفرح الله يأتِى فِى حياتنا كومضات حتّى الهزيع الرّابِع لِيرى مَنَ جدّف وَمَنَ ندم وَمَنَ قذف بِنَفْسِهِ فِى البحر ، الّذى يجِدهُ ثابِت يقُول لهُ لاَ تخف لأنّهُ مُنذُ ثبت وَشدّدت يدك للجِهاد وَأنا أُراقِب جِهادك ياليت يقيننا بالله لاَ يتراجع لأنّهُ سيأتِى فِى كُلّ تجرُبة لهُ تدبير ، لكِنّهُ سيأتِى ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك
المزيد
18 يناير 2025

يوحنا المعمدان ليلة عيد الغطاس

هذا اليوم يا أحبائىِ يوم عيد الظهور الإِلهىِ الذى تُعطيه الكنيسة مقام عالىِ جدا وتجعلهُ أحد الأعياد السيّديّة الكُبرى وتجعل لهُ إحتفال وصلوات خاصة بهِ بِطقس فرايحىِ فهى مُناسبة كُلّها فرح وكُلّها سرور لأنّ الله صار كواحد منّا وبِكر بين الخليقة ومن خلال صلوات عيد الغُطاس نشعُر أنّ الكنيسة بتُشير بقّوة جداً لِشخصية يوحنا المعمدان والكنيسة بتضع يوحنا المعمدان فىِ رُتبة عالية جداً0 عظمة يوحنا المعمدان :- فنحنُ نجد أنّ كُل القديسين بنطُلب صلواتهُم أمّا الشفاعة فنطلُبها من الست العدرا ويوحنا المعمدان ، يكفىِ شِهادة الرب يسوع نفسهُ إنّهُ أعظم مواليد النساء وأعظم من نبىِ والكنيسة بِتضعهُ بعد أيقونة السيد المسيح والكنيسة تُلّقبهُ بالسابق فهو الذى مهدّ لربنا يسوع المسيح وكانوا يسألوهُ هل أنت إِيليّا مَن أنت فواضح من السؤال أنّهُ كان شاغلهُم " ماذا تقول عن نفسك " فكان شخصية مُحيّرة جداً لدرجة أنّهُ مَن بِداية ميلادهُ يقولوا أنّهُ " وقع خوف على كُل جيرانهُم " ومَن بطن أُمهِ إمتلأ بالروح القُدس " وكان ينمو ويتقّوى بالروح وكان فىِ البرارىِ إلى يوم ظُهورهِ لإسرائيل " ( لو 1 : 80 ) " ويتقدّم أمامهُ بروح إيليّا وقّوتهِ ليرُدّ قلوب الآباء إلى الأبناء والعُصاة إلى فِكر الأبرار لكى يُهيّىء للرّب شعباً مُستعداً "( لو 1 : 17 ) فهو أتى ليُهيّىء للرّب شعباً مُستعداً لِذلك نشعُر أنّ الكِتاب المُقدّس يُكرمهُ وحياتهُ تُكرمهُ لأنّهُ نبىِ وأعظم من نبىِ فكُلّما نقترب من يوحنا المعمدان نشعُر بِعظمتهُ ، عظمتهُ فىِ مولدهِ ، لدرجة أنّهُ يتكلّم مع هيرودس بجبروت ، لأنّ الحق الذى بِداخلهُ حق لابُد أن يُعلن لا يستطيع أن يكتمهُ ، فضلّ أن يكون بِلا رأس على أن يكون بِلا ضمير ، لم يُفضلّ السكينة والطُمأنينة ، وهو لم يكُن فقط وبخّ هيرودس لسبب هيروديّا إمرأة فيلُبّس أخيهِ ولكن " لسبب جميع الشرور التى كان هيرودس يفعلها " ( لو 3 : 9 ) فالكُل عارف وساكت لكن يوحنا لا يستطيع أن يكتم ، ولكن الحق تجدهُ بيعلنهُ وبِجبروت ، إنّهُ أعظم من كُل الأنبياء ، فإنّهُ يوجد أنبياء عُظماء جداً ولكن يوحنا جاء" ليُعدّ طريق الرب " فهو جاء ليفرش للملك ، جاء ليُهيّىء القلوب " أعدّوا طريق الرب إصنعوا سُبلهُ مُستقيمة " وأشعياء قال " صوت صارخ فىِ البريّة " ومَن هو الصوت ؟! هو يوحنا المعمدان ، وكان يعيش فىِ البرارى وإختفى فىِ البريّة إلى يوم ظهورهُ لإسرائيل وبالتأكيد إكتسب من البريّة أشياء كثيرة ، لِذلك فهى أعطتهُ عظمة ، أعطتةُ قوة " كُل وادٍ يمتلىء وكُل جبلٍ وأكمه ينخفض وتصير المُعّوجات مُستقيمة والُشعاب طُرقاً سهلة ويبُصر كُل بشرٍ خلاص الله " إبتدأ يُكلّمهُم بكُل قوة " والآن قد وُضعت الفأس على أصل الشجرة0 فكُلّ شجرةٍ لا تصنعُ ثمراً جيّداً تُقطع وتُلقى فىِ النار " ( لو 3 : 9 ) ، ما هذا الكلام القوى فهذا هو يوحنا المعمدان ، صوت مُوبّخ لكُلّ نفس تعيش فىِ كسل وفىِ عدم مخافة الله والكنيسة تُرّكز على حادثة يوحنا المعمدان ، لأنّ لو لم يكُن يوحنا صوت صارخ لغُفران الخطايا ما إستطعنا أن نستقبل ربنا يسوع المسيح ، فهو صوت صارخ فىِ كُل قلب ، صوت يوحنا لابُد أن يدوىِ فىِ بريّة نفسىِ الموحشة " تُب " 0 لابُد أنّ حياتىِ تكون مرضيّة لربنا وشجرتىِ يكون فيها ثمر ، فأشعياء قال " صوت صارخ فىِ البريّة " ، وهذا الكلام قالهُ رب المجد عن يوحنا المعمدان مُنذُ 850 سنة ، ففىِ سِفر ملاخىِ يقول " هأنذا أُرسل ملاكىِ فيُهيّىء الطريق أمامىِ "( ملا 3 : 1 ) ، فملاخىِ تنبّأ عن مجيئهُ مُنذُ مِئات السنين ، تنبّأ عن مجىء هذا العظيم الصوت الصارخ لِدرجة إن زكريّا الكاهن فىِ لوقا يقول عنهُ " وأنت أيُّها الصبىّ نبىِّ العلىّ تُدعى لأنّك تتقدّم أمام وجه الرّب لتُعدّ طُرُقهُ " ( لو 1 : 76 ) لهذهِ الدرجة ؟! " نبىِّ العلىّ تُدعى تتقدّم أمام وجه الرب لتُعدّ طُرُقهُ لتُعطىِ شعبهُ معرفة الخلاص بِمغفرة خطاياهُم " ، والقديسين كثيراً ما يربطوا بين يوحنا المعمدان وإيليّا النبىِ فىِ القوة فنجد إيليّا ظهر فجأة ووقف أمام أخآب الملك ( 1 مل 18 : 17 ، 18 ) ويوحنا نجدهُ كبر وظهر فجأة من البرّية إيليّا النبىِ كانت هُناك إمرأة إسمها إيزابل كانت بِتكمن لهُ شرور وهدّدتهُ بالقتل ( 1 مل 19 : 1 ، 2 ) ، كذلك يوحنا توجد إمرأة كانت تُكمن لهُ شرور وطلبت رأسهُ ( مت 14 : 6 – 11 ) يوحنا المعمدان يحمل روح قوية ، روح موبّخة ، روح مؤنّبة ، قال للعشارين " لا تستوفوا أكثر ممّا فُرض لكُم " ( لو 3 : 13 )، وكان يأتىِ إليهِ الجنود ويقولوا لهُ ماذا نفعل فكان يقول لهُم " لا تظلموا أحداً ولا تشوا بأحدٍ وأكتفوا بعلائفكُم " ،وكان يقول للناس " فأصنعوا أثماراً تليق بالتوبة " ( لو 3 : 8 ) إبتدأ يُعلّم كُل فئة كيف تقترب من الله من خلال حياتها العمليّة هيروديّا لم تستطع أن تحتمل صوت ربنا الذى يُوبّخها ، لِذلك النفس البعيدة عن ربنا تُريد أن تتجنّب صوت ربنا وتنساه وتكون ملهيّة عن ربنا الضمير بيفقد حساسيتهُ والنفس بتهرب من الفأس الموضوعة على أصل الشجرة لِذلك قُلّ لهُ يارب أعطينىِ زمان فأنت لست مُحتاج أن يحلّ الروح عليك ولا الحمامة تستقر عليك ،وأنت فىِ نهر الأردُن أنا كُنت فيك ، فالحمامة والروح إستقر علىّ فالقديس يوحنا المعمدان هو نبىِ بل أعظم من نبىِ ، عاش فىِ البريّة ، عاش فىِ حياة كُلّها بِر وكُلّها تقّوى 0 سر عظمة يوحنا المعمدان :- وهى نُقطتين فقط :- أول نُقطة مُهمة جداً عندما نأتىِ بِسيرة يوحنا المعمدان نتكلّم عن :- 1- بيت يوحنا المعمدان:- الذى صنع يوحنا المعمدان تقّوى أبوه وأُمه " زكريّا وأليصابات " الإنجيل يقول عنهُما " وكانا كلاهُما بارّين أمام الله سالكين فىِ جميع وصايا الرّبّ وأحكامِهِ بلا لومٍ "( لو 1 : 6 ) الأب والأُم فىِ البيت بارّين أمام ( الله ) وليس أمام ( الناس ) فالإنسان مُمكن يكون برّهُ أمام الناس بِر شكلىِ وبِر نسبىِ ، ولكن هُم بارّين أمام الله الذى يفحص القلوب لابُد أن نبحث عن بِرّنا الحقيقىِ ، فنحنُ مُمكن أن نكون فىِ الكنيسة شىء وفىِ البيت شىء آخر ، لماذا نحنُ نكون فىِ البيت شخصيّة غير الشخصيّة التى فىِ الكنيسة؟ لماذا يملُك علينا فىِ البيت الصوت العالىِ والعصبيّة والغضب وعدم الطاعة ؟ فالقديس يوحنا فم الذهب يقول " فالأولاد مهما أخذوا من دروس بالمدرسة يعودون ويستذكرونها باقىِ النهارفلنحرص على ما نسمعهُ حرصنا على نقودنا ومُقتنياتنا لأننّا أُعطينا كلِمات أثمن من الذهب والأحجار الكريمة وقبلنا الروح القُدس " فالأولاد لابُد أن يرجعوا البيت ويذاكروا الدروس ، فلماذا حياتنا بعيدة عن الوصيّة ولم نجد فىِ أولادنا الثمر الذى المفروض أن نجدهُ فأنسب شىء فىِ الحياة المسيحيّة أن لا نتكلّم عن الصلاة بدون أن نُصلّىِ ، علّمنىِ بِحياتك قبل كلامك لىّ ، فهل نحنُ نُصلّىِ بأنتظام ؟! هل نحنُ حريصين على الحضور فىِ بيت ربنا ؟ هل حريصين على زرع المحبة فىِ داخلهُم ؟ فعادةً نقول لهُم إيّاك أنّ فُلان يحصُل على درجات أعلى منّك ، فإن كان البيت بيزرع مخافة ربنا فلو نجد زكريّا وأليصابات سنجد يوحنا فلا تعتقدوا أنّ الحياة أيامهُم كانت مِثاليّة لا زكريّا كان بار فىِ جو ليس فيهِ بِر ، فإنّهُ صعب أنّ زكريّا أرضى الله فىِ جو رُبما كُل المُحيطين بهِ كان فاسد ولا تقولوا أنّهُ لم يكُن عِندهُم مُشكلة ، فعُقم اليصابات كان مُشكلة كبيرة عِندهُم ، لدرجة أنّهُ الملاك عندما ظهر لزكريّا قال لهُ " طِلبتك قد سُمعت " وهذا دليل على أنّها كانت طِلبتهُم بإستمرار ، وأيضاً زكريّا فضلّ أن لا يتزوج بإمرأة أُخرى بالرغم من أنّ الناموس يُشرّع لهُ الزواج ، فزكريّا بِتقواه إرتقى فوق الناموس ففىِ البيت نهتم جداً بأكل الأولاد وشُربهُم ، وكما يقول أحد الآباء " نحنُ لم نُقدّم مشروع تسمين فىِ البيت " فأكل طالع وأكل داخل ، والأكل الروحىِ هو الأهّم ، هو الأبقى ، فأحد الآباء يقول" إنّ البطن لا تستطيع أن تحتفظ بالأطعمة " ، تخيلّوا أننّا مُهتمين بالأكل وبالمظهر مَن مُهتم أن يحتفل بالقديسين فىِ بيتهُ ، مَن يحتفل بالست العدرا فىِ بيتهُ الإحتفال الأجمل هو الذى فىِ البيت مَن الذى يأخُذ أولادهُ مَن بِداية النهار للقُدّاس ؟ وأسألهُم ماذا كان يقول الأبركسيس ؟ فأنا لىّ رِسالة من جهتهُم ، ربنا بيُعطينا عجينة جميلة الزمن بيخرّبها ولكن ماذا نعمل نحنُ لهُم ؟ " الكنيسة التى فىِ بيتك الإيمان العديم الغِش " القديس بولس الرسول يقول لتلميذهُ تيموثاوس أنا مُطمئن عليك لأنّ عِندك الإيمان العديم الغش فيجب أن تهتم بروحياتهُم ، فهل عِندنا نفس الغيرة ونفس الإهتمام ؟ هل أحرص أن يكون فىِ البيت مكتبة تُناسب سِن الإبن ؟ هل أشُعر إن أنا لىّ دور أن أُدخل هذهِ النفس للملكوت ؟ فمُمكن أن يصير إبنىِ دكتور ويكون غير مُوفّق فىِ حياتهُ فأبونا بيشوى كامل ذهب لواحد ليفتقدهُ فأبوه قال لهُ إن إبنىِ فىِ هذهِ السنة لم يكُن عِندهُ وقت فهو فىِ ثانويّة عامّة وبيأخُذ دروس ، وكان بيطلُب منهُ الخادم أن يجلس معهُ ولو لوقت بسيط ، فكان يقول لهُ لا يوجد عِندهُ وقت لِذلك تمُرّ السنين ويُصبح الخادم كاهن ويأتىِ إِليهِ الأب ويقول لهُ أنا إبنىِ أصبح دكتور فىِ المُستشفى وإرتبط بِممُرّضة فىِ المُستشفى وأنا غير قادر أن أُقف مشاعرةُ فالسماء لا يوجد فيها شِهادات ، فلا نُهمل حياتهُم الداخليّة ، فهل ربنا سيسألنىِ هل هو مُدرّس أم دكتور ولكن ربنا سيسألنىِ عن الأمانة التى أعطتها لك ماذا فعلت بِها ؟! ، فالجو الذى نُرّبىِ فيهِ أولادنا صعب ، ولِذلك نجد أنّ القديس أوغسطينوس مديون لدموع مونيكا ، فدموع مونيكا هى التى صنعت أوغسطينوس ، فالقديس بولس الرسول يقول ثلاث سنين لم أفتُر ليلاً ونهاراً عن أن أُنذركُم بِدموعىِ ، فهو يُنذر بالدموع ، فأنا إبنىِ مُمكن أن أُنذرهُ بِدموعىِ وهى ستُنذرهُ أكثر من كلامىِ0 2- روح قويّة:- البرّيّة جعلتهُ أن يكون إنسان بسيط لا يُحب المظاهر لا ينقاد لِخداع العالم فهو خرج لابس وبر الأبل ، وكأنّهُ يقول أنا سألبس الذى يستُر جسدىِ فقط فنحنُ جيل المظاهر والمظهر عِندهُ أهم من الروحيّات بكثير ، وعُلماء النفس يقولوا أنّ الإنسان كُلّما يهتم أن يُحسّن بالمظهر الخارجىِ دلّ ذلك على أنّهُ فىِ داخلهُ يوجد شىء يُريد أن يُخبئّهُ تأمّلوا الأنبا بولا كان لابس ثوب من ليف النخيل أو من سعفهُ ، والأنبا أنطونيوس كان لابس جلاّبيّه ولكن من الداخل قّوة جبّارة ويوحنا المعمدان يقولوا أنّ هيرودس كان يهابهُ ، القديس العظيم الأنبا أنطونيوس عِندما كان سيُقابل الملك فقال لهُ تلاميذهُ أن يرتدىِ ملابس تليق بِمقابلة الملك فقال لهُم " أنا أنطونيوس ذهبت أو لم أذهب فماذا يكون الملك " ؟!! ، فجمال النفس فىِ الداخل كُنت عِند ناس وكان عِندهُم مُشكلة إن إبنهُم طالب موبايل لأنّهُ شعر أنّ قيمتىِ ستأتىِ من الأشياء التى معىِ ، وذلك يدُل على إن أنا فقير ومريض من داخلىِ ولكن أنا لا تفرق عِندىِ هذهِ الأشياء فأين ذهبت قّوة أولاد الله ؟ أين ذهبت قّوة الآباء ؟ ونحنُ بنسعى وراء شهوات باطلة وأمور تافهه لا تُقاس بِمجد السماء ، لِذلك القديس يوحنا المعمدان يُوبّخنا بِمظهرهُ ، ليتهُ يُوبّخنا بسيرتهُ لأنّ ربنا قال " إن سمعتُم صوتهُ فلا تُقسّوا قلوبكُم " ربنا يسند كُل ضعف فينا بنعمتهُ ولإِلهنا المجد دائماً أبدياً أمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
08 يناير 2025

تساؤلات فى التجسد

التجسد الإلهي هو جوهر الحياة المسيحية إن فهمناه فهمنا عقيدتنا المسيحية بعد ولادة ربنا يسوع المسيح اضطرب هيرودس الملك وأمر بقتل أطفال بيت لحم من سِن سنتين فما دون كان يجب أن يكون الطفل يسوع وسطهم لكن الملاك ظهر ليوسف البار وقال له قم وخُذ الصبي وأمه واهرب إلى أرض مصر .. لو كان ربنا يسوع أتى ليموت ويفدينا كان يمكنه أن يموت وسط أطفال بيت لحم وانتهى الأمر .. فهل كان يليق أن يموت وسط أطفال بيت لحم أم لا ؟ ولماذا ؟لا يليق أن يموت المسيح وسط أطفال بيت لحم .. لماذا ؟ أولاً لكي تتحقق فيه النبوات . ثانياً لكي يمر بمراحل حياة الإنسان المختلفة لأنه لما تجسد أخذ طبيعتنا وجسدنا فيمر بمراحل حياتنا ويُقدسها كلها . ثالثاً لابد أن يفدينا عن طريق الصليب وليس بسيف هيرودس أيضاً كان لابد أن يعيش ويكون له أصدقاء وأحباء وعائلة وأعداء ويُبارك حياتنا ويعيش حياتنا بحيث أنه يأكل ويشرب ويحزن ويتألم ويفرح ويتضايق ويجوع ويئِن ويتهلل ويتعامل مع كل الفئات ويُبارك الحياة بكل ظروفها ويُبارك الطبع البشري كله ويُعلِّمنا كيف نسلك ونُحارب عدو الخير ويُصلب ويغلب الموت لذلك صار إنسان كواحد منا . لماذا لم يمُت وسط أطفال بيت لحم وينتهي الأمر أليس هو موت ؟ لا لكن لكي يحمل خطايانا ويأخذ لعنتنا ﴿ ملعون كل من عُلِّقَ على خشبة ﴾ ( غل 3 : 13) لأن موت يسوع كان له شروط هي :- 1. أن يكون موت إرادي ﴿ أسلم ذاته بإرادته وحده ﴾ كان يمكنه أن يهرب من البستان لكن عندما سأله الجنود " نريد يسوع الناصري " أجابهم " أنا هو " . 2. لابد أن يموت موت به إشهار وإعلان أي فضيحة فإن مات وسط أطفال بيت لحم ألـ 144000طفل كيف سنعرف يسوع وسط كل هؤلاء ؟ لكن بالصليب كل الناس عرفت أن يسوع قد مات . 3. لكي يجتاز به عقوبات من مختلف الأنواع لكي يُبررنا من خطايانا الكثيرة التي فعلناها كل هذا تعبير عن طبيعة الفداء الذي فدانا به . يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته للعبرانيين ﴿ لأنه لاقَ بذاكَ الذي من أجلهِ الكل وبهِ الكل وهو آتٍ بأبناء كثيرين إلى المجد ﴾ ( عب 2 : 10) فهل يليق بالله أن يصير إنسان ؟ الله هو جوهر إلهي لا يليق أن يكون إنسان لكن " لاقَ بذاكَ " هو لا يليق لكن لكي يُنقِذنا لاق به نعم قد نتعجب من الأمر لكن لأجل محبتهِ لاق به لأنه لا يليق أن ينظر الله الإنسان يموت وينتظر فداء الله ولا يتدخل الله لكن لكي يُكمِّل خلاصنا لاق به واشترك معنا في اللحم والدم هل يليق يا الله أن تأخذ شكل المحدود وأنت غير محدود تأخذ شكل الزمني وأنت غير زمني ؟ نعم من أجل الصلاح وحده﴿ لأنه صالح ومُحب البشر ﴾ عندما نتعجب من تصرفات يسوع وأفعاله قُل أنه صالح ومُحب البشر سواء جاع أو عطش أو نام أو بكى لأنه صالح ومُحب للبشر . إذا ذهب طفل مع والده إلى الكنيسة وأثناء مسيرة سقط الطفل في بِركِة ماء غير نظيف وكان يرتدي ملابس جديدة هل يتركه الأب ويسير أم ينادي من يُنقِذه أم ؟ بالطبع ينتشله بسرعة ولا يهتم بمظهره وملابسه لأنه إن لم ينتشله بسرعة يكون مُخطِئ في حق ابنه نعم لا يليق أن الله يتجسد لكن أيضاً لا يليق أن لا يفدينا . يقول الكتاب ﴿ لأجلهم أُقدِّس أنا ذاتي ﴾ ( يو 17 : 19) هل يحتاج يسوع للتقديس ؟ توجد قاعدة مهمة وهي أن يسوع كنائب عنا أخذ جسد بشريتنا لكي يُقدسه الجسد الذي فسد وانحرف وجمحت تيارات الشر بمقاصده كان لابد أن يُصلَح ويُحوِّل تيارات الشر التي فيه إلى تيارات بر من يفعل ذلك ؟ أبونا إبراهيم ؟ نعم هو بار لكنه كِذِب وموسى النبي ؟ أخطأ داود الملك ؟ نعم قلبه حسب قلب الله لكنه زنا وأخطأ وإذاً الجميع زاغوا وفسدوا ليس من يفعل الصلاح ليس ولا واحد ( رو 3 : 12) كل الزرع البشري ورث الفساد كيف يُصلِح الأمر ؟ أن المسيح أصلح البذرة في نفسه يُقدس ذاته أي يُقدسنا نحن فيه نحن جسده أي يُقدسنا نحن أي طبعِنا يتجدد ويتغير الجسد الذي ازدادت فيه حدة الشهوة لابد أن تُحد بتقديس الجسد عندما يأخذ ربنا يسوع هذا الجسد يُقدسه لم يكن مُمكناً أن الشهوات الطبيعية تكُف عنا إلاَّ إذا صار جسد مذلتنا جسد خاص بالابن الكلمة ليُبيد الشر داخلي ويسحقه ويجعل جسدي البشري الخاضع للفساد لا يفسد ولن يُباد الموت إلاّ بالحياة فورثنا جسده بالمعمودية ميلاد الفداء والخلاص الميلاد الفوقاني فيتقدس بها جسدنا ﴿ أُقدِّس أنا ذاتي ﴾ أي يُقدسنا فيه ويضبُط الحركات المغروسة في جسدنا لأن الخطية صارت في جسده مائتة ﴿ ليكونوا هم أيضاً مُقدسين في الحق ﴾ ( يو 17 : 19) لذلك يقول له ﴿ باركت طبيعتي فيك ﴾ هو نائب عنا وأعماله كلها تؤول إلينا . لذلك كل إيجابيات المسيح لم يعملها لنفسه بل لنا هو قادر أن يغلب عدو الخير على الجبل لكنه فَعَل ذلك لنا يغلِب الموت على الصليب ويصعد لنا كل أعماله الخلاصية لأجلنا لتنتقل لنا لذلك صرنا قائمين في المسيح ومن سكان السماء في المسيح فإن قال لك شخص أن معه في العمل زملاء مُتعبين ومُنحرفين وكارهين لنا أقول له اُنظر المسيح عاش كل هذا لأن حياته من أجلنا لذلك جسده نحن ورثناه في أمور كثيرة جداً نحن داخل جسده أعضاؤه لحم من لحمه وعظم من عِظامه ( تك 2 : 23 ) كيف نفهم أن يسوع يصوم أو يصلي ؟ ولمن يصلي ؟ ﴿ الذي في أيام جسدهِ إذ قدم بصُراخٍ شديدٍ ودموعٍ طِلباتٍ وتضرعات ﴾ ( عب 5 : 7 ) كيف نفهم ذلك عن الله ؟ كيف يصرخ ويطلب ويتضرع ؟كان يصلي لنفسه كيف ؟ وكيف يصلي إلى درجة البُكاء ؟ هل هو محتاج لذلك ؟ هذه صفة ناسوتية لنتعلم منه نحن كنا فيه ومادُمنا داخله إذاً الذي يفعله يفعله لأجلنا إن صلى نُصلي معه وإن صام نصوم معه وكأنه يقول العلاقة التي فسدت بين آدم والله أنا أتيت لأُصلِحها وكأني الجسد بينكم وبين الله جعل جسد بشريتهِ وسيلة تصالُح مع الله ولأن صلاته مقبولة لدى الآب صارت صلاتنا مقبولة فيه لدى الآب كذلك الصوم ولذلك لما نصلي نصلي باسم يسوع المسيح ولما نصوم نصوم باسم يسوع المسيح الكنيسة وضعت الصلاة الربانية كما هي في الكتاب المقدس وأضافت لها " بالمسيح يسوع ربنا " كأننا نقول صلاتنا مقبولة في اسمه ونقول له أنت وقفت وصليت اجعل صلاتي الآن لا أظهر فيها أنا بل اظهر فيها أنت وقَّع على صلاتي لتُعطيها قوة لذلك لما صلى علَّمنا كيف تُقبل صلاتنا لدى الآب باسمه لأن صلواتنا ضعيفة ومملؤة طياشة لكنها محمولة في قوة صلاة يسوع لله عندما صلى جعل لنا صِلة بالآب التي كانت قد قُطِعت من قبل لأن الابن الوحيد هو القادر أن يُصلِحها لأنه لا يليق بشخص عادي أن يُعيد علاقتنا بالآب لأنه مُخطِئ مثلنا لكن الابن هو الوحيد الذي له هذا السلطان فصرنا مقبولين فيه لذلك صلى بلسان إنسان وبجسدنا من أجلنا بدليل أنه كان يِعرَق ويقضي الليل كله في الصلاة لذلك صلاة يسوع هي لتُقبل صلاتنا من خلالها وكأنها فتحت لنا الباب المُغلق وصارت صلاتنا مقبولة لدى الآب من خلاله لذلك يقول مُعلمنا بولس الرسول ﴿ الذي في أيام جسدهِ إذ قدم بصُراخٍ شديدٍ ودموعٍ طِلباتٍ وتضرعات ﴾ كأنه يقول عندما نقدم صلاة من خلال حياة يسوع يسمع لها من أجل تقوى يسوع نفسه لأن أي تقوى خارجة عنه تقوى مُزيفة لذلك هو الذي جدد طبعنا فصار طبعِنا مقبول في صلاته ويسمع لها من أجل تقواه هو لذلك قال في صلاته الوداعية ﴿ أنا علمت أنك في كل حينٍ تسمع لي ﴾ ( يو 11 : 42 ) نحن أيضاً نقول له أنا علمت أنك تسمع لي كل حين في شخص يسوع أيضاً صام لأننا داخله فصُمنا معه وكأنه يقدم للآب صوم عنا ويقول له هذا الجسد البشري الذي فسد عن طريق الأكل يقدم لك صوم من جديد وأصلحته قال أنتم أولادي ترثوني ﴿ إن كنا أولاداً فإننا ورثة أيضاً ﴾ ( رو 8 : 17) صومه كان لينزع عار البشر لأن آدم غُلِب بالأكل فقدم به علاج لذِلِّة آدم أفعال يسوع كانت هامة لأنها تمس خلاصنا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
28 ديسمبر 2024

ها أنا صانع معكم أمرا جديداُ

[ لاَ تذكُرُوا الأوَّلِيَّاتِ0 وَالقَدِيمَاتُ لاَ تَتَأمَّلُوا بِهَ هأنَذَا صَانِعٌ أمْراً جَدِيداً ]( أش 43 : 18 – 19 ) 0 مِنْ أجمل العطايا التَّى يُعطِينا إِيَّاها الله أنّهُ دائِماً مُتجّدِد معنا ، كُلّ يوم يُعطِينا بِداية جدِيدة ، يُعطِينا أسابيِع جدِيدة وَشهُور جدِيدة وَسنيِن جدِيدة عيد رأس السنة عيد كنسِى وَليس مُجرّد مُناسبة إِجتماعيَّة ،وَالنَّاس حوّلوه إِلَى مُناسبة إِجتماعيَّة يحتفِلُوا بِهِ بِطريقة عالميَّة ، بينما هُوَ مُناسبة مُباركة لأِنّهُ أتى بِنا لِهذِهِ الساعة ،وَسمح لِعُمرِنا أنْ يكُون لهُ إِضافة وَأنعم علينا بِأيَّامٍ جدِيدة ، لِذلِك هُوَ مُناسبة مُباركة نحتفِل بِهِ بِفِكرٍ رُوحانِى وَمشاعِر رُوحانيَّة وَنمثُل فِيهِ أمام الله فِى العهد القديم كان الله يُحِب المُناسبات وَالأعياد وَأعتبرها مُناسبات لِلإِلتقاء معهُ وَتكُون حضُور مُفرِح معهُ ، الله يُحِب العيد كمُناسبة لِلإِتحاد بِهِ وَالمثُول أمامهُ النَّاس عامةً مُعتادُون تبادُل الهدايا فِى الأعياد ، فما هى الهدايا التَّى نُقّدِمها لهُ فِى هذِهِ المُناسبة ؟ نُقّدِم لهُ قلوبنا وَأعمارنا وَحياتنا لأِنَّها كُلّها مِنْ يدِهِ وَمِنْ يدِهِ وَأعطيناه هذا جمال المُناسبة أنْ نحتفِل بِها فِى وجودنا مَعْ الله وَلِنبدأ بِداية جدِيدة ، بِالتأكيِد يوجد داخِل كُلّ واحِد فِينا أنيِن يُعّبِر عَنْ إِشتياق لِبِداية جدِيدة مَعْ الله وَحُزن على أُمور العام السابِق سيِّدنا مثلث الرحمات البابا شِنوده الثالِث لهُ مقولة فِى هذِهِ المُناسبة هى [ هل أُعزّيكُمْ عَنْ العام السابِق الّذى أغضبتُمْ فِيهِ الله أم أُهنّيئكُمْ بِعامٍ جدِيد ] فِى هذِهِ المُناسبة لدينا مشاعِر حُزن على ما فات وَأمل فِى الجدِيد ، نادِميِن على ما فعلناه وَمُشتاقيِن لِعامٍ جدِيدٍ معهُ ، وَمِنْ حنانه أنّهُ يُعطِينا صفحة جدِيدة بيضاء وَيُرِيد أنْ يرى ماذا سنفعل ؟ مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول [ لِي الحياة هى المسيِح وَالموتُ هُوَ رِبح ] ( فى 1 : 21 ) ، إِذن الحياة تُساوِى المسيِح ، أىّ الحياة هى المسيِح ، العُمر الّذى نحياه عطيَّة مِنْ الله ، لِذلِك لابُد أنْ يكُون بِالكمال مِلك لله ، يملُك الله على مشاعِرنا وَأفكارنا وَقلوبنا لِذلِك عيد رأس السنة مُناسبة لِتجدِيد العهد مَعْ الله وَالشعُور بِوجوده فِى حياتنا ، وَمُناسبة نفرح فِيها بِعمل الله معنا ، فَكَمْ سترنا وَكَمْ أعطانا عطايا كُلّها مُفرِحة لِذلِك هذِهِ المُناسبات عدو الخير يُرِيد فِيها أنْ يُضّيِعها مِنّا لأِنَّها مُناسبة تجدِيد عهد مَعْ الله ، لِذلِك يُلهِينا فِيها بِالعالميات لأِنّهُ يُرِيد أنْ يكُون الإِنسان فِى جهل عُمره كُلّه حتَّى لاَ يلتفِت لله وَيلتقِى معهُ ،لِذلِك نرى مظاهِر إِحتفال عالميَّة لِهذِهِ المُناسبة يُعلن عنها مِنْ قبلِها بِفتره ،حتَّى المُناسبات الرُّوحيَّة يُرِيد عدو الخير أنْ يُحّوِلها إِلَى شر !!!!!! نحنُ نُوّدِع سنة وَنبدأ سنة جدِيدة مَعْ الله بِرحمتِهِ وَحقِهِ وَكُلُّنا رجاء فِى رحمتِهِ وَحُبِّهِ وَحنانه ، وَمِنْ أكثر الأشياء التَّى يُقاتِلنا بِها عدو الخير فِى هذِهِ المُناسبات رُوح اليأس ، فلو جلسنا مَعْ أنَفُسِنا نئِن على مافات ، وَيقُول لنا عدو الخير أنَّنا لاَ نصلُح لِلحياة مَعْ الله ، فنحنُ لَمْ نحيا معهُ فِيما فات لكِنْ نُرِيد أنْ نحيا معهُ الآن ، هذا ليس مِنْ الله لِذلِك يقُول أشعياء النبِى [ لاَ تذكُرُوا الأوَّلِيَّاتِ0وَالقدِيمَاتُ لاَ تتأمَّلُوا بِهَا هأنذا صَانِعٌ أمراً جَدِيدا ] ،هذِهِ الكلِمات قالها الله لِناس عاشت فِى شرٍ لاَ يُوصف وَعِبادِة أوثان ،وَهُو اليوم يقُول لنا هذِهِ الكلِمات أيضاً لاَ تتكلّم فِيما فات وَعَنْ خِداع عدو الخير فِى حياتك بل تكلّم معِى عَنْ عملِى فِى حياتك ، نحنُ لاَ نثِق فِى مهارِة الطبِيب لكِنّنا نشعُر بِتعبنا فقط ، وَهذا عمل عدو الخير ، إِلهنا قوِى قادِر أنْ يجذِب الإِنسان مِنْ أعماق الدنس وَمِنْ الظُلمة إِلَى النَّور ، إِحذر أنْ يُشعِرك عدو الخير بِأنّ خطيتك أقوى مِنك ، حتَّى وَإِنْ كانت قويَّة ،الله أقوى مِنها وَقادِر أنْ يرفعها عنك [ يا حامِل خطيَّة العالمِ ] لمّا تثقُل خطيَّة الإِنسان عليه وَرُوح اليأس يدخُلهُ ،ينظُر إِلَى القديس مُوسى الأسود وَالقديس أُوغسطينُوس فيشعُر أنّ الله أقوى مِنْ كُلّ قوَّات الظُلمة ، عدو الخير بِاليأس يُثّبِت فِينا الخطيَّة لكِنْ [ لأِنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الفشَل بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالمحبَّةِ وَالنُّصْحِ ] ( 2 تى 1 : 7 ) ، أنا ضعيِف لاَ أستطيِع لكِنْ أنا ما أنا بل نعمة الله العامِلة فىَّ الله يُرِيد أنْ يُعطِينا الوعد مِنْ فمهِ المُبارك أنْ لاَ ننظُر لِخطايانا بِيأس لأِنّ هذا اليأس هُوَ يأس مِنْ خلاص الله وَهذا تجدِيف وَكأنّنا نقُول لهُ أنت لاَ تستطيِع خلاصنا كانت القديسة بيلاجية التَّى كانت تُسّمى راقِصة أنطاكية الأولى ، كانت تحيا فِى وحل الخطيَّة ، لكِنْ الله أنار عليها وَعاشت التوبة بِطريقة قويَّة وَكانت راهِبة باقِى حياتها فِى نُسك وَخِشُوع وَصلاة وَتوبة لمَّا الإِنسان يُقّدِم مشاعِر توبة وَيعلم الله دواخِله ، لمَّا الإِنسان يكُون نادِم على خطيته وَيُعلِن عدم راحته لها الله يُقيِمه ، أجمل شيء يفرّح الله اليوم أنَّنا نُقّدِم لهُ إِشتياقات وَأنيِن وَنشعُر أنّهُ حاضِر فِى وسطنا وَهُوَ يُقّدِس إِشتياقاتنا وَيُبارِكها ، هُوَ يُعطِينا عطايا لاَ نستحِقها مُشكِلتنا أنَّنا نقيِس الله بِمُستوانا ، لمَّا نحُزِن إِنسان وَيظِل فترة مُقاطِعنا حتَّى نعتذِر لهُ ، هكذا نقيِس عِلاقتنا بِالله بِمقياس بشرِى ، لكِنّهُ قال لهُمْ إِغفر لأخُوك سبعيِن مرّة سبع مرَّات أىّ 490 مرَّة ، الله ليس بِقصدِه 490 مرَّة بِالضبط ، بل السبعة هُوَ عدد الكمال وَالعشرة هُوَ عدد اللانِهاية ، أىّ إِغفر كمال اللانِهاية لأخُوك فإِذا كان الله يُطالِبنا بِكمال اللانِهاية فِى غُفران البشر لِبعضهُمْ فما هى مغفِرة الله لنا ؟ الشيطان لاَ يحتمِل هذا الكلام لأِنّهُ يُريد أنْ يُثّبِت فِينا أنَّنا مرفُوضُون مِنْ الله ، نحنُ بِالفِعل نافقنا وَأخطأنا لكِنّنا مقبُولُون مِنهُ وَبِهِ الله لاَ يجلدنا لكِنّهُ يبدأ معنا بِداية جدِيدة فَلاَ نستقبِل هذا اليوم بِروح الفشل بل نستقبِلهُ بِصلاح الله وَإِشتياق لِرِضاه وَلِحضوره فِى حياتنا وَنشتاق أنْ نحيا معهُ أيَّام وَأيَّام لِذلِك يُعطِينا رؤوس سنيِن لِهذا لمَّا نحضر اليوم بِمشاعِر توبة يكُون يوم مُفرِح ، وَلِنشعُر بِمراحِم الله المُتدّفِقه القادِره أنْ تُغّطِى كُلّ خطيَّة إِذا كان القديس أُوغسطينُوس وَالقديس مُوسى الأسود وَمريم المصريَّة وَبِيلاجية وَأخطى خُطاة العالم قبلهُمْ الله وَحوّلهُمْ إِلَى قديسين ، إِذن هُوَ قادِر أنْ يقبلنِى ،المُهِم أنْ أُقّدِم لهُ مشاعِر صادِقة وَهُوَ يُكّمِل ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل