المقالات

22 مارس 2023

الصوم وروحانيته

الصوم ليس مجرد فريضة جسدية انه ليس مجرد الامتناع عن الطعام فترة زمنية ثم الانقطاع عن الأطعمة ذات الدسم الحيواني، إنما هناك عنصر روحي فيه.. أول عنصر روحي هو السيطرة على الإرادة بنفس الإرادة التي تحكمت في الطعام يمكن أيضًا السيطرة على الكلام، بالامتناع عن كل لفظ غير لائق، وكذلك السيطرة على الفكر وعلى المشاعر. قال مار إسحق: "صوم اللسان خير من صوم الفم، وصوم القلب عن الشهوات خير من صوم الاثنين". العنصر الثاني في الصوم الروحي، هو التوبة: ونلاحظ في صوم أهل نينوى أنهم لم يصوموا فقط وانم أيضًا "رجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في أيديهم "وأن الرب نظر إلى هذه التوبة أكثر مما نظر إلى الصوم" فلما رأى الله أعمالهم، أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة، ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم فلم يصنعه" (يونان 3:8-10) وهكذا يصحب الصوم أيضًا بالتذلل والانسحاق أمام الله وهذا واضح في صوم نينوى، إذ لبسوا المسوح وجلسوا على الرماد. كما هو واضح في سفر يوئيل "قدسوا صوما، نادوا باعتكاف ليخرج العريس من مخدعه والعروس من حجلتها ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح ويقولوا: أشفق يا رب على شعبك" (يوئيل 2: 15 - 17) والصوم لا يقتصر على منع الجسد من غذائه وإنما يجب فيه من الناحية الايجابية تقديم غذاء للروح وهكذا يرتبط الصوم بالصلاة كما تذكر صلوات الكنيسة، وكما حدث في كل الأصوام المشهورة في الكتاب، كصوم نحميا وعزرا ودانيال وأهل نينوى وكما تدل عليه عبارة "نادوا باعتكاف" إنه فرصة روحية نذل فيه الجسد لتسمو الروح إذلال الجسد هو مجرد وسيلة أما الغرض فهو سمو الروح فتأخذ فرصتها في الصلاة والتأمل والقراءة وكل وسائط النعمة بعيدا عن معطلات الجسد ونلاحظ أن الصوم غير الروحي مرفوض من الله كما رفض صوم المرائين (مت 5)، وصوم الفريسي (لو 18: 9)، والصوم الخاطئ في سفر إشعياء (اش 58: 3-7). قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
15 مارس 2023

مشكلة الأعذار

كثيرون يقدمون أعذارًا يغطون بها خطاياهم حتى لا يلاموا، ويغطون بها تقصيراتهم في عمل الخير إنه خطأ قديم يرجع إلى أبوينا آدم وحواء! حواء اعتذرت بان الحية أغرتها وكان يمكن ألا تطيع الحية، فالعذر غير مقبول تماما مثل عذر آدم بأن المرآة أعطته وكان في إمكانه ألا يسمع لها حقًا ما أصدق عبارة إن طريق جهنم مغروس بالأعذار! حتى الذي دفن وزنته في التراب قدم لفعلته هذه عذرا هو أقبح من الذنب نفسه، فقال إن سيده ظالم يحصد من حيث لا يزرع!! وما أكثر الذين يعتذرون عن عدم الصلاة بأن ليس لديهم وقت! بينما يجدون وقتا للتسليات العديدة وللمقابلات، والحقيقة انه ليست لديهم رغبة..! وغالبية الذين لا يقدمون عشورهم للرب يقدمون بدلًا منها أعذارًا بأن ليس لهم، بينما الأرملة التي دفعت الفلسين من أعوازها لم تقدم عذر وكذلك أرملة صرفة صيدا التي قدمت زيتها ودقيقها لإيليا النبي في أيام المجاعة وهى في مسيس الحاجة إن داود الطفل الصغير كانت أمامه أعذارًا كثيرة يمكنه أن يقدمها لو أنه لم يشأ مقاتلة جليات..! انه لم يكن جنديا ولم يطالبه أحد بهذا الأمر، وكان صغير السن وقد سكت الكبار، وكان جليات جبارًا ليس من السهل مصارعته.. إلخ.، ولكن غيرة داود المتقدة لم تسمح بتقديم عذر واللص اليمين كانت أمامه أعذار ضد الإيمان لم يستخدمها! كيف يؤمن باله يراه مصلوبا؟ ويبدو عاجزًا عن تخليص نفسه، وترن في أذنيه تحقيرات الناس له وتحدياتهم.. ومع ذلك لم يسمح اللص لنفسه أن يعتذر عن الإيمان إن الخوف لم يكن عُذْرًا يقدمه دانيال أمام جب الأسود، ولا عذرًا يقدمه الثلاثة فتية أمام أتون النار ولا محبة الابن الوحيد أمكنها أن تقف عذرا أمام إبراهيم حينما أمره الله أن يقدم هذا الابن محرقة وقد كان ابن الموعد الذي ولد له بعد عشرات السنوات!! وأصحاب المفلوج كانت أمامهم أعذار لو أنهم أرادوا ولكنهم لم يعترفوا بالعقبات وصعدوا إلى السقف ونقبوه وانزلوا المفلوج بالحبال إن الذي ينتصر على العقبات فلا يعتذر بها، إنما يدل على صدق نيته في الداخل أما ضعيف الهزيمة أو ضعيف النية، فيذكرنا بقول الكتاب: "قال الكسلان: الأسد في الطريق"! قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
08 مارس 2023

فرح.. وفرح

هناك فرح تافه بأمور العالم الزائلة، ومتعها ومثلها فرح سليمان بكل تعبه الذي تعبه تحت الشمس (جا 3)، ومثلها فرح يونان باليقطينة بينما لم يفرح بخلاص نينوى ومن هذا النوع فرح الابن الكبير بقوله لأبيه "وقط لم تعطني جِديًا لأفرح مع أصدقائي" (لو 15: 29) ومن الفرح الزائف، فرح بعض الناس بالمواهب كما فرح التلاميذ بإخراج الشياطين، فقال لهم الرب "لا تفرحوا بهذا، أن الشياطين تخضع لكم، بل افرحوا بالحري أن أسمائكم قد كتبت في ملكوت الله " ولعل أسوأ أنواع الفرح، الفرح بالألم وعن هذا قال الرسول "المحبة لا تفرح بالإثم" (1 كو 13)، كمن يفرح بضياع الناس وخسارتهم وقد قال سليمان الحكيم "لا تفرح بسقوط عدوك" (أم 24: 17) وهذا الفرح الرديء يسمونه (الشماتة) أما الفرح المقدس، فهو من ثمار الروح (غل 5: 23) لقد فرح التلاميذ لما رأوا الرب، وفرح المجوس لما رأوا النجم، وفرح الصديقون بثمار تعبهم المقدس "الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج" وشرح لنا الكتاب الفرح بالخلاص، والفرح بالبشارة وهكذا قال الملاك للرعاة "ها أنا أبشركم بفرح عظيم، انه ولد لكم مخلص وعن فرح الخلاص قال المرتل "امنحني بهجة خلاصك" (مز 50) وقال الأب "كان ينبغي أن نفرح ونسر لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش" (لو 15: 32) والفرح بتوبة التائب يكون في السماء والأرض فحينما وجد الراعي الصالح خروفه الضال "حمله على منكبيه فرحًا"، وقال أيضًا "يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب " (لو 15: 6، 7) وقد فرحت الأرملة بوجود درهمها الضائع ودعت جميع جيرانها ليفرحوا معها ونحن نفرح أيضًا بجميع وسائط النعمة "فرحت بشهاداتك"، "فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب" (مز 22: 1)، " مجارى الأنهار تفرح مدينة الله" بل الصديقون يفرحون أيضًا بالتجارب (يع1) وبالتأديب "احسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة"، "لذلك اسر بالضيقات، بالضرورات" ولعل أعظم فرح، هو فرح الملكوت "ادخل إلى فرح سيدك، هذا هو الفرح الحقيقي فيه نفرح بالرب، وبِلُقياه وعشرته، وإن كنا لم نصل بعد إلى الملكوت، فإننا نفرح بانتظاره، بالرجاء" "فرحين في الرجاء" كما قال الرسول (رو 12). قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
01 مارس 2023

الأمانة في القليل

قال الكتاب "كنت أمينًا في القليل، فسأقيمك على الكثير" أي كنت أمينًا في الأرضيات، فسأقيمك على السمائيات. كنت أمينًا في هذا العالم الحاضر، فسأقيمك على الأبدية ويمكن تطبيق هذا المبدأ في مجالات شتى كثيرة إن كنت أمينًا في محبتك للقريب يمكن أن يقيمك الرب على محبة العدو، أي يعطيك النعمة التي تستطيع بها أن تحب عدوك إن كنت أمينًا من جهة خدمة الرب في وقت فراغك، يمكن أن يهبك الرب الحب الذي به تكرس حياتك كلها له إن كنت أمينًا من جهة عدم قبولك للخطايا الإرادية، يمكن أن ينقذك الرب من الخطايا غير الإرادية إن كنت أمينًا في حفظ عقلك الواعي من الفكر الشرير، يعطيك الرب حينئذ نقاوة العقل الباطن، ويعطيك الرب أيضًا نقاوة الأحلام إن كنت أمينًا في سن الطفولة يقيمك الرب على الأمانة في سن الشباب، وهى أكثر حروبًا إن كنت أمينًا من جهة عدم إدانة الآخرين بلسانك، حينئذ يعطيك الرب عدم الإدانة بالفكر وهى أصعب وبالمثل إن كنت أمينًا في ضبط نفسك من جهة الغضب الخارجي الظاهر، حينئذ يهبك الرب النقاوة من الغضب الداخلي أيضًا، النقاوة من الغيظ والحقد وأفكار الغضب إن كنت أمينًا في الروحيات العادية (ثمار الروح) يمكن أن يقيمك الرب على مواهب الروح وبدون الأمانة في الأولى لا تُعطَى الثانية إن الله يختبرك أولًا في الشيء القليل فان وجدك أمينًا فيه، حينئذ يأتمنك على ما هو أكثر أما إن أظهرت فشلك وعدم أمانتك في القليل، فمن الصعب أن يقيمك على الكثير وكما قال الكتاب "إن جريت مع المشاة فأتعبوك، فكيف تستطيع أن تُباري الخيل؟"، ونص الآية هو: "إِنْ جَرَيْتَ مَعَ الْمُشَاةِ فَأَتْعَبُوكَ، فَكَيْفَ تُبَارِي الْخَيْلَ؟" (سفر إرميا 12: 5) العجيب أن كثيرين يظنون في أنفسهم القدرة على القيام بمسئوليات كبيرة بينما هم عاجزون عن القيام بما هو أقل منه. النعمة التي معهم لا يستخدمونها، ومع ذلك يطالبون بنعمة أكبر، ناسين قول الرب "كنت أمينًا في القليل، فسأقيمك على الكثير" (مت 25: 21)، إنه شرط.. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
22 فبراير 2023

كيف تعامل الناس؟

هناك وسائل عديدة تستطيع إن تنجح بها في معاملة الناس وتكسب قلوبهم، وبهذا تقودهم بالحب في طريق روحي، وكما قال الكتاب "رابح النفوس حكيم". 1- حقق للناس في حياتك المثاليات التي يشتهونها. 2- ازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس لا تشعر الغير بأنك تتخذ منهم موقف المنافس، الذي يريد أن يستولى على ما في أيديهم، وما يريدون الحصول عليه. 3- احتمل غيرك في وقت ضعفه وفي وقت خطئه واكسبه بطول البال وبالصفح وبسعة الصدر: فلا شك انه سيندم على ما أساء به إليك حينما يخلو إلى نفسه. 4- امدح الناس وأشعرهم بتقديرك لهم، وبأن كل خير يعملونه هو موضع إعجابك، ولا يخفى عليك. 5- احترم غيرك وعامل الكل بأدب، ليس فقط الكبار منهم ومن أنت مجبر على احترامهم، بل حتى الصغار أيضًا ومن هم اقل منك سنا ودرجة. 6- اعمل على بناء الناس، وليس على تحطيمهم. 7- لا تكن كثير التوبيخ للناس، وان اضطررت لذلك ليكن ذلك دون أن تجرح أحدًا، ولا تسيء الظن بالناس ولا تحاول أن تصطادهم بتصرف وبكلمة، ولا تشعرهم بأنك تتخذ منهم موقف المنتقد وموقف العدو. 8- اعذر الناس ودافع عنهم بقدر ما تستطيع بأسلوب الحق لا بأسلوب النفاق وبقدر ما يحتمل الموقف بطريقة سليمة لا رياء فيها ولا مجاملة فيها على حساب الحق. 9- أعط باستمرار وابذل والذي لا تستطيع أن تعطيه معونة قدم له كلمة طيبة وابتسامة لطيفة ومجاملة حَقة وقم بواجبك نحو الكل دون تقصير. 10- عامل الناس باتضاع ووداعة، برقة ولطف، فاللطف من ثمر الروح القدس كما قال الرسول (غل5: 22). 11- افهم الناس واجعلهم يفهمونك بهدوء وروح طيبة، وهكذا عش معهم في التفاهم المتبادل، بالمحبة والهدوء. 12- ادخل في علاقات المشاركة الوجدانية المتبادلة "فرحًا مع الفرحين، وبكاء مع الباكين"، لا تترك مناسبة تطيب بها قلوب الناس دون أن تشترك فيها. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
15 فبراير 2023

الهدوء

الهدوء صفة جميلة يتصف بها الإنسان الروحي، ومنها هدوء القلب، وهدوء الأعصاب، وهدوء الفكر، وهدوء الحواس، وهدوء التصرف، وهدوء الجسد الإنسان الهادئ لا يضطرب قلبه لأي سبب، ولا يفقد هدوءه مهما ثارت المشاكِل. وكما قال داود النبي "إن يحاربني جيش فلن يخاف قلبي، وإن قام عليَّ قتال ففي هذا أنا مطمئن" لأنه هدوء مصدره الإيمان إن فقد الإنسان هدوءه من الداخل، يبدو أمامه كل شيء مضطربا، وكل شيء بسيط يبدو معقدًا إن التعقيد ليس في الخارج، وإنما في داخله وإن هدأ القلب يمكن أن تهدأ الأعصاب أيضًا، فلا يثور الشخص، وإنما يحل الإشكال في هدوء إن العقل إن عجز على حل أمر ما تتدخل الأعصاب لحله، وقد تعلن الأعصاب الثائرة عن قلة الحيلة وفقدان الوسيلة، وكلما تعبت الأعصاب تزداد ثورتها والشخص الهادئ قلبًا وأعصابًا، يمكنه أن يكتسب الهدوء في التفكير وفي التصرف، فيفكر تفكيرًا متزنًا مرتبًا بغير تشويش ويتصرف في اتزان وهدوء، ليس في صخب الانفعال ولا في اضطراب الأعصاب ومما يساعد على الهدوء الداخلي، الهدوء الخارجي: هدوء المكان، وهدوء البيئة، والبعد عن المؤثرات المثيرة لذلك فان الرهبان الذين يعيشون في هدوء البرية، بعيدًا عن الضوضاء، وعن صياح الناس، وعن إثارة الأخبار والأحداث هؤلاء يكون تفكيرهم أكثر هدوءًا وتكون قلوبهم وأعصابهم هادئة، ويكونون في الغالب قد اعتادوا الهدوء وحياة الوحدة والانفراد تجلب الهدوء عموما بسبب هدوء الحواس لأن الحواس هي أبواب للفكر كما يقول القديسون فما تراه وما تسمعه وما تلمسه يجلب لك فكرًا، فإن استراحت حواسك من جميع الأخبار، استراحت نفسك من الأفكار والمكان الهادئ يساعد على هدوء الحواس وبالتالي هدوء الفكر وهدوء القلب وهدوء الأعصاب لذلك فان كثيرين يبعدون عن الأماكن الصاخبة التماسًا للهدوء إن محبي الهدوء يبحثون عنه بكل قلوبهم، ولكن البعض -للأسف- يحبون الصخب ولا يعيشون إلا فيه ويسأمون من الهدوء! قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
01 فبراير 2023

النعمـة [ ٢ ] النعمة التي تعطى..علينا أن نختبرعطاءها.

وقيل عن السيد الرب وهو يتكلم في المجمع ويشرح ما ورد عنه في سفر إشعياء النبي كان الجميع يشهدون له ، ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه ، ( لو ٤ : ٢٢ ) وهكذا كان بولس الرسول يطلب أن يعطيه النعمة ما يتكلم به ، فقال في رسالته إلى أفسس مصلين بكل صلاة وطلبة لأجلى لكي يعطى لى كلام عند افتتاح فمي ، لأعلم جهارا بسر الإنجيل ، ( اف ٦ : ۱۸- ۱۹ ) النعمة أيضا تعطى قوة كما قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس فتقو انت يا ابني بالنعمة التي في المسيح يسوع ، ( ۲ تی ٢ : ١٠ ) وقال عن فاعلية النعمة في خدمته ، ولكن بنعمة الله انا ما انا ونعمته المعطاة لي لم تكن باطلة ، بل أنا تعبت أكثر من جميعهم ، ولكن لا أنا ، بل نعمة الله التي معی ( اکو ۱۰:۱۵ ) ، وقيل عن خدمة بولس في أخائية فلما جاء ساعد كثيرا بالنعمة الذين كانوا قد امنوا ( اع ٢٧:١٨ ) وقيل عن النعمة في ،تبشير الرسل بالقيامة وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ، ونعمة عظيمة كانت على جميعهم ( اع ٤ :٣٣ ) ، إن القوة العظيمة في شهادتهم ، كانت بسبب النعمة العظيمة التي عليه لا شك أن الوعظ يحدث تأثيره ، بسبب عمل النعمة في كلماته النعمة قوة خفية تعطى للإنسان تحرك فيه محبة الله ، وتحرك فيه الرغبة في التوبة تعطيه مشاعر مقدسة ، وتعطيه قوة على السير في طريق الله ، قوة على الصمود أمام حروب العدو واغراءاته. النعمة التي تعطي المواهب وتعطى للمتواضعين . فالمواهب هي هبة من الله هي عطية من نعمته ، لذلك يجب لا يجوز الا يفتخر الإنسان بمواهبه ، لأنها ليست منه بل موهوبة له الله أنعم عليه بها ، إذن هي من عمل النعمة. ولذلك فالمواهب وكل عمل النعمة ، إنما يتمتع بها المتواضعون ، كما يقول الكتاب « تسربلوا بالتواضع ، لأن الله يقاوم المستكبرين ، أما المتواضعين فيعطيهم نعمة ، ( ابط ٥:٥ ) . وتكرر نفس الكلام في رسالة معلمنا يعـقـوب الرسول ( يع ٦:٤ ) . فالمتكبر إذ يستخدم نعمة الله للافتخار وتمجيد ذاته تفارقه النعمة لأنه يستخدمها لضرورة روحية ، هكذا ورد ايضا في العهد القديم ، في سفر الأمثال ويعطى نعمة للمتواضعين ( أم ٣ : ٣٤ ) ۔ ليتنا . في حياتنا جميعا ، تختبر عمل النعمة . كثير من الناس ، لم يختبروا النعمة بعد! لقد جربوا قوتهم البـشـرية وجربوا المواهب والمهارات والحيل البشرية ، وجربوا المعونة التي تأتيهم من الناس ، ولكنهم للاسف لم يختبروا نعمة الله . وكلما يقع أحد منهم في إشكال ، يحاول أن يصل إلى الحل ، إما بعقله البشري ، أو عن طريق الناس ، دون أن يسكب نفسه أمام الله طالبا تدخل نعمته. هناك إذن من يعتمد على أصحابه أو على ذاته ، وهناك نوع من الناس يفتح السموات بصلاته وكل واحد من هذين له منهج في الحياة يختلف عن الآخر ولعل واحدا يتساءل : أنا لم أر هذه النعمة التي تعطى! أنت لم ترها ، لأنك لم تختبرها . ولم تختبرها لأنت لم تطلبها ، ولم تطلبها لأنك لا تشعر حتى الآن بقيمتها في حياتك من كل ناحية .. لذلك حاول أن تصر على الأخذ من الله وحده وقل له يارب انا لن أخذ إلا من أنت لن أطلب من العالم ، ولا من الناس ولا من مواهبي وذكائی : سأطلب منك أنت ، وسوف أخذ لانك انت القائل : « اسالوا تعطوا ، اطلبوا تجدوا إقـرعـوا يفتح لكم ، ( مت ٧:٧ ) لماذا تاهت عنى هذه الوعود الإلهية ولم أختبرها ؟! لماذا لم أجرب الصلاة التي أخذ بها من عطايا النعمة الإلهية ما أريده هوذا الرب يقول لنا ما سبق أن قاله لتلاميذه إلى الآن لم تطلبوا شیئا باسمی اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملا ، ( يو ٢٤:١٦ ) الصلاة إذن تفتح لنا أبواب النعمة . العيب إذن فينا ، لأننا نطرق بعـد أبواب النعمة فلنحاول أن نطرق بابها لنأخذ ... في بعض الأحيان تعمل النعمة لأجلنا دون أن نطلب ، ولكن عندما ياتينا الخير قد لا ننسبه إلى النعمة ، إنما لمصادر أخرى !! أما إذا كنا نطلب ، وتأتينا الاستجابة فحينئذ سنفرح بالرب ونشكره ، وتتعمق علاقتنا به كتب يعطينا ما نطلبه . وبعد ، لعلنا نحتاج إلى مقالات أخرى لكي نتابع أحاديثنا عن النعمة ، فإلى اللقاء في تلك المقالات إن أحبت نعمة الله وعشنا . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
25 يناير 2023

النعمـة النعمة التي تعطى..علينا أن نختبرعطاءها

كل الخيرات التي تحيط بالإنسان هي عطية من النعمة ، لذلك فإن الذي يحيا في رغد من العيش ، يقول عنه عامة الناس" فلان عايش فى النعمة" إنها النعمة التي تعطي البركة في كل ما يملكه الإنسان ، فيزيد جدا ويتسع ، كما قال الرب في وعوده لمن يطيع وصاياه .مباركة تكون سلتك ومعجنك ( تت ٨ : ٥ ) مباركة تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك وثمرة بهائمك نتاج بقرك وإناث غنمك ، ( تث ٤:٢٨ ) يأمر لك الرب بالبركة في خزائك وفي كل ما تمتد إليه يدك ويفتح لك الرب كنزه الصالح ليعطي مطر أرضك في حينه ... ( تث ٨:٢٨ -١٢) وليس في هذا فقط في الخيرات المادية ، بل يقول الكتاب كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار » ( بع ١ : ١٧ ) إن مباركة ما عندك ، هي من النعمة التي تعطی ، فلا يعوزك معها شی ، ( مز ۱:۲۳ ) النعمة التي تعطى بركة للخمس خبزات والسمكتين ، فتكفي لإطعام خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأطفال ، ويفضل عنهم الكثيره ( مت ١٤ : ۱۷۔۲۱ ) إنها النعمة المعطية التي تنزل المن والسلوى من السماء فتغطى الأرض ، ( خر ١٦ : ١٣) وقال موسى النبي عن ذلك المن هو الخبر الذي اعطاكم الرب لتأكلوا ( خر ١٥:١٦ ) . النعمة أيضا فجرت لهم ماء من الصخرة ( مز ٢٠:٧٨ ) ، إنها النعمة التي تفتح كـوى السموات فتفيض بركة حتي لا توسع ( ملا ٣ :١٠ ) نعمة الرب تعطى بسخاء وتبارك القليل فيصير كثيرا هي التي باركت كوز الدقيق وكوز الزيت في بيت أرملة صرفة صيدا في عهد إيليا النبي مالم يفرغ كوز الدقيق ، ولم ينقص كوز الزيت طول فترة المجاعة ، ( امل ١٤:١٧ -١٥ ). إنها النعمة التي عاش بها تلاميذ السيد المسيح ، فخرجوا إلى الخدمة بلا ذهب ولا فضة ولا نحاس في مناطقهم ولا مزود الطريق ( مت ٩:١٠-١٠ ) ، ولم يعوزهم شي ( لو ٣٥:٢٢ ) .. كانت نعمـة الله هي التي ترعاهم في طريق خـدمـتـهم ، وتسـد كل احتـياجـاتهم ولم تكتف النعـمـة بسـد احتياجاتهم ، بل أكثر من هذا يقول الرسول کفقراء ونحن نغنی کثيرين ! كان لا شيء لنا ونحن نملك كل شي .( ۲ کو ٦ : ١٠ ) .ولكن ما أجمل قول الرب للقديس بولس الرسول تكفيك ،نعمتی ... ( ۲ کو ۹:۱۲ ) إلى هذا الحد ، تكون النعمة كافية ، في المرض ، في الضعف ، وفي الفقر والعون لا يحتاج الإنسان إلى شيء آخر . ما دامت النعمة تعمل فيه ، وتعمل من أجله. النعمة خرج بها أبونا إبراهيم من أرضه فقيرا ، وعاش بعد ذلك كاغنى أغنياء الأرض وخرج بهـا مـوسى النبي هاربا من أرض مصر ، وهو لا يملك أي شيء ، ثم عاد ليعيد إلها للفرعون » ( خر ١:٧ ) وخرج بها يوسف الصديق ، وهو عبد للإسماعيليين ثم عبد لفوطيفار ، وتولته النعمة حتى صار أبا لفرعون ، وسيدا لكل بيته ، ومتسلطا على كل أرض مصر ( تك٨:٤٥ ) أعطت العناية الإلهية نعمة في أعين الكل أعطاه الرب نعمة في عيني فوطيفار ، فوكله على بيته ، ودفع إلى يده كل ما كان له ، ( تك ٤:٣٩ ) . ولما القي في السجن « بسط الله إليه لطفا ، وجعل له نعمة في عيني رئيس السجن » ( تك ۲۱:۳۹ ) فدفع إليه جميع الأسرى .. ( تك ٢٣:٣٩ ) ، ثم أعطاء الرب نعـمـة في عيني فرعون ، فجعله الثاني في المملكة ، وخلع خاتمه من يده وجعله في يد يوسف وقال له . بدونك لا يرفع إنســــــان يده ولا رجله في كل أرض مصر ( تك٤٤:٤٢:٤١ ) نعمة الرب عملت أيضا مع يعقوب أبي الآباء . فقال الرب ، عرفانا بنعمته ، « صغير أنا عن جميع ألطافك وجميع الامانة التي صنعت إلى عبدك ، فانی بعصای عبرت هذا الأردن ، والآن قد صرت جيشين ( خر١٠:٣٢ ) ، وأعطاه الرب نعمة في عيني أخيه عيسو ، وهو خائف منه ، فركض عيسو للقائه وعانقه ، ووقع على عنقه وقبله ، وبكيا ( تك ٤:٣٣ ). دائما في لغة الكتاب المقدس - يعبر عن رضي شخص عن اخر بكلمة ، وجد نعمة في عينيه كما قال الكتاب عن دانيال النبي ، وأعطى الله دانيال نعمة ورحمة عند رئيس الخصيان ( دا ٩:١ ) ، وكما قال أبونا يعقوب لعيسو أخيه إن وجدت نعمة في عينيك ، تأخذ هديتي من يدی ( تك ١٠:٣٣ ) كما قال لابنه يوسف « إن كنت وجدت نعمة في عينيك اصنع معى معروفا وأمانة لا تدفني في مصر ، بل اضطجع مع ابائي ( تك ٢٩:٤٧ - ٣٠) وكما قال جدعون لملاك الرب "إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك ، فاصنع لى علامة" ( قض ٦ : ١٧ ) ، وقيل عن الطلاق « إن أخذ رجل امرأة وتزوج بها ، فإن لم تجد نعمة في عينيه كتب لها كتاب طلاق ( تت ١:٣٤ ) النعمة ايضا تعطى كلمة للمبشرين والوعاظ كما قيل في المزمور « انسكبت النعمة على شفتيك » ( مز ٢:٤٥ ) [ البقية العدد المقبل ] قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
12 يناير 2023

جاء السيد المسيح يطلب ويخلص ما قد هلك [ ٢ ]

هذا العالم الذي يحب الظلمة جاء الرب لكي يخلصه من ظلمته إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله » ( يو ١ : ١١ ) ، وعدم قبولهم له معناه أنهم هلكوا والرب جاء يطلب ويخلص ما قد هلك رفضهم له ، أكان يعني أنه هو يرفضهم بل على العكس يسعى إليهم لكي يخلصهم من ذلك الرفض لأنه يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون » ( اتی ٢ : ٤ ) كذلك جاء يطلب الوثنيين الذين يعبدون آلهة أخرى غيره هم لا يعرفونه ، ولكنه يعرفهم ويعرف ضياعهم وقد جاء لكي يطلبهم « النور أضاء في الظلمة ، والظلمة لم تدركه ، ( يو ٥:١ ) ، ولكنه لم يتركهم بسبب عدم إدراكهم له ، إنما جاء ليعطيهم علم معرفته ، وقد قال عن كل هؤلاء ، ولی خراف آخر ، ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن أتي بتلك ايضا فتسمع صوتي ، وتكون رعية واحدة لراع واحد ( يو ١٦:١٠ ) . ما أكثر ما احتمل الرب لكي يخلص ما قد هلك لست أقصد فقط مـا احـتـمله على الصليب ، ولكني أقصد أيضا ما احتمله اثناء كرازته من الذين رفضوه حتى من خاصته التي لم تقبله حقا ما أعجب هذا أن يأتي شخص ليخلصك فترفضه وترفض خلاصها ومع ذلك يصر على تخليصه لك وحتى الذين اغلقوا أبوابهم في وجهه صبر عليهم حتى خلصهم . كان في محبته وفي طول اناته لا يياس من أحد ويفتح باب الخلاص أمام الكل فهو "يمنح الرجاء حتى للأيدي المسترخية وللركب المخلعة " ( عب ۱۳:۱۲ ) قصبة مرضوضة لا يقصف ، وفتيلة مدخنة لا يطفى ( مت ۲۰:۱۲ ) جاء ليخلص الكل والكل كانوا مرضى وضعفاء وخطاة ومحتاجين إليه وهو قد قال ولا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى ما جئت لأدعو ابرارا بل خطاة إلى التوبة ، ( مر ٢ : ١٧ ) . من أجل هذا لم يجد المسيح غضاضة أن يحضر ولائم الخطاة والعشارين ويجالسهم ويأكل معهم ويجتذبهم إليه بالحب ويقول للمرأة التي ضبطت في ذات الفعل ، وأنا أيضا لا أدينك ، ( يو ٨: ١١ ) فما جاء ليدينها بل ليخلصها وهكذا قيل عنه أنه محب للعشارين والخطاة ، ( متی ۱۹:۱۱ ) بل أنه جعل أحد هؤلاء العشارين رسولاً من الاثني عشر ( مت ۱۰ ) واجتذب زكا رئيس العشارين إلى التوبة ودخل بيته لكي يخلصه هو وأهل بيته وقال اليوم حدث خلاص لأهل هذا البيت إذ هو ايضا ابن لإبراهيم » ( لو ١٩ : ٩ ) فتذمروا عليه قائلين : إنه دخل ليبيت عند رجل خاطئ ، ولكنه كان يطلب ويخلص ما قد هلك إنه لم يحتقر الخطاة مطلقا ، فالاحتقار لا يخلصهما إنما يخلصهم الحب والاهتمام والرعاية والافتقاد والعلاج المناسب العالم كله ، كان في أيام المسيح قصبة مرضوضة وفتيلة مدخنة فهل لو فسد العالم وهلك يتخلى عنه الرب ؟! كلا بل يخلصه حتى لو فقد صوابه ، فالرب لا يحتقره بل يعيده إلى صوابه حتى الذين قالوا أصلبه أصلبه ، لم يمنع الخلاص عنهم بل قال للاب ، وهو على الصليب - يا أبتاه اغـفـر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون » ( لو ٣٤:٢٣ ) قال هذا لانه كان يطلب ويخلص ما قد هلك ولهذا فتح باب الفردوس للص المصلوب معه . لم يكن ينظر إلى خطايا الناس بل إلى محبته لهم لم ينظر إلى تعدياتنا وإنما إلى مغفرته التي لاتحد ، اما تعدياتنا فقد جاء ليمحوها بدمه وحينما كان ينظر إليها كان يرى فيها ضعفنا ، ولذلك قال له المرتل ، إن كنت للاثام راصدا يارب من يثبت ؟! لأن من عندك المغفرة ، ( مز ١٣ ) . لاحظ أن الرب في تخليصه لنا إنما يغفر من أساء إليه ، فالذي هلك هو إنسان خاطئ قد أساء إلى الله والرب جاء لكي يطلب خلاصه .. !! ما أكثر الملايين وآلاف الملايين الذين عاملهم الرب هكذا بكل صبر وطول أناة حتى تابوا وخلصوا إذ اقتادهم بلطفه إلى التوبة » ( رو ٢ : ٤ ) كثيرون سعى الرب إليهم دون أن يفكروا هم في خلاصهم وضرب مثالين لذلك الخروف الضـال والدرهم المفقود ( لو ١٥ ) . ومثال ذلك أيضا الذين يقف بابوابهم ويقرع لكي يفتحوا له ( رؤ ٣ : ٢٠ ) وكذلك الأمم الذين ما كانوا يسعون إلى الخلاص ، ولكن السيد المسيح جاء ليخلصهم ويفتح لهم باب الإيمان ويقول لعبده بولس ، اذهب فإني سأرسلك بعيدا إلى الأمم . ( اع٢١:٢٢ ) وكانت وسائل السيد المسيح لأجل خلاص الناس كثيرة منها التعليم فكان يعظ ويكرز ويشرح للناس الطريق السليم . كذلك استخدم أسلوب القدوة الصالحة وترك الناس مثالا ( ايو ٢ : ٦ ) واسـتـخـدم اسلوب الحب وطول الأناة ، والصبر على النفوس حتى تتضح كما استخدم الاتضاع والهدوء والوداعة . وأخيرا بذل ذاته ومات عن غيره حاملاً خطايا الكل. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل