المقالات

10 يناير 2023

جاء السيد المسيح يطلب ويخلص ما قد هلك

هذا ما أعلنه السيد الرب نفسه ، حينما قال في قبوله توبة زكا العشار الأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك » ( لو ١٩ : ١٠ ) يقصد أن يخلص الخطاء ولماذا جـاء ليخلصهم السبب أنه أحبهم على الرغم من خطاياهم ! وفي هذا يقول ايضا هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحـيـاة الأبدية ، ( يو 16 ) إذن هو حب أدى إلى البذل بالفداء. قصة تجسد المسيح إذن هي في جوهرها قصة حب لقـد أحب الله العالم ، العالم الخاطي المقهور من الشيطان ، والمغلوب من الخطية العـالم الضعيف العاجز عن إنقاذ نفسه ، أحب هذا العالم الذي لا يسعى إلى خلاص نفسه ، بل الذي انقلبت أمامه جميع المفاهيم والموازين ، وأصبح عالما ضائعا .. والعجيب أن الله لم يات ليـدين هذا العالم الخاطئ ، بل ليخلصه وهكذا قال ماجئت لادين العالم بل لأخلص العالم » ( يو ٤٧:١٢ ) لم يات ليوقع علينا الدينونة ، بل ليحمل عنا الدينونة من حـبـه لنا لما وجدنا واقعين تحت حكم الموت ، جاء ليموت عنا ومادامت أجرة الخطية موت ، ( رو٣:٦ ) لذلك حمل بنفسه خطايانا ، ودفع الثمن عنا بموته ولكي يمكن أن يموت أخلى ذاته ، وأخـذ شكل العبد ، وصار إنسانا مثلنا فكانت محبة الرب مملوءة اتضاعا في مولده وفي صلبه في هذا الاتضاع قبل أن يولد في مذود بقر ، وأن يهرب من هيرودس كما أنه في اتضاعه ، اطاع حتى الموت ، موت الصليب ( في ٢ : ٨ ) وقبل كل الآلام والإهانات لكي يخلص هذا الإنسان الذي هلك. رأى الرب كم حطمت الخطية الإنسان فتحنن عليه. كان الإنسان الذي خلق على صورة الله ومثاله ، قد انحدر في سقوطه إلى اسفل وعرف من الخطايا ما لا يحصى عدده ، حتى وصل إلى عبادة الأصنام وقال في قلبه ليس "إله" الجميع زاغوا وفسدوا معا ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد( مز ١٤ : ۱-۳ ) ، ووصلت الخطية إلى المواضع المقدسة. الإنسان وقف من الله موقف عداء ، ورد الله على العداوة بالحب فجاء في محبته يطلب ويخلص ما قد هلك ، وطبعا الذي هلك هو الإنسان ، الذي عصي الله وتحداه وكسر وصاياه ، وبعد عن محبته وحفر لنفسه ابارا مشققة لا تضبط ماء ( إر ٢ : ١٣ ) ولكن الله ـ كما اختبره داود النبي لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجـازنا حسب أثامنا وإنما كبعد المشرق عن المغرب وأبعد عنا معاصينا ( من ۱۰۳ : ١٠-١٢ ) ولماذا فعل هكذا يقول المرتل ولأنه يعرب جبلتنا يذكر أننا تراب نحن " ( مز ١٤:١٠٣) حقا إن الله نفذ ( محبة الأعداء ) على أعلى مستوى جاء الرب في ملء الزمان حينما أظلمت الدنيا كلها ، وصار الشيطان رئيسا لهذا العالم » ( يو ١٤ : ٣٠ ) ، وانتشرت الوثنية وكثرت الأديان وتعددت الآلهة .. ولم يعيد الرب سوى بقية قليلة قال عنها إشعياء النبي "لولا أن رب الجنود أبقى لنا بقية صغيرة لصرنا مثل سادوم وشابهنا عمورة ( إش ١: ٩ ) جاء الرب ليخلص هذا العالم من الموت ومن الخطية وقف العالم عاجزا يقول الشر الذي لست اريده ، إياه أفعل ، ليس ساكنا في شئ صالح ، ان افعل الحسنى لست اجـد » ( رو ١٧:٧-١٩ ) انا محكوم على بالموت والهـلاك وليس غيرك مخلص ( إش ١١:٤٢ ) ، هذا ما كانت تقوله أفضل العناصر في العالم ، فكم وكم الأشرار الذين يشربون الخطية كالماء ، ولا يفكرون في خلاصهم إن كان الذي يريده الخير لا يستطيعه ، فكم بالأولي الذي لا يريده !! إنه حقا قد هلك لم يقل الرب إنه جـاء يطلب من هو معرض للهلاك ، وإنما من قد هلك .. الخطية في أعنف صورها كانت قد دخلت إلى العالم ، وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جـمـيع الناس ، إن أخطأ الجـمـيع » .. وهكذا « ملك الموت من أدم » ( رو ٥ : ١٢ - ١٤ ) . والرب في سمائه ، استمع إلى أنات القلوب وهي تقول : قلبي قد تغير لم اعد اطلب الله وما عدت أريد الخير والتوبة لا ابحث عنها ، ولا أفكر فيها ، ولا أريدها ! لماذا ؟ لأن النور جاء إلى العـالم ولكن العالم أحب الظلمة أكثر من النور ، لأن أعـمـالـهم كـانت شريرة » ( يو ٣ : ١٩ ) ومادام قد أحب الظلمة أكثر من النور إذن فسوف لا يطلب النور ولا يسعى إليه . [ البقية العدد المقبل ] قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
09 يناير 2023

فاعلية العيد في حياتك [ ٢ ]

بميلاد المسيح عرفنا الحب الذي أحبنا الله به وحطم فينا مشاعر الخوف وهكذا قال لنا الكتاب لا خوف في المحبة بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج ، ( ۱ یو٤ : ۱۸ ) . وإذا فعلاقنا بالله اخذت تتغير واصبحت حبا لا أوامر ونواه ، فقال لا اعود اسمیكم عبيدا. ٤- لقد قدم لنا ميلاد المسيح مفاهيم جديده .... قبل ميلاده ، كان السائد هو الفهم الفريسي من حرفية الناموس كان البـر السـائد هو الفـروض والـواجـبـات ، وليس الروح ، وليس الحب وجاء المسيح ليصحح مفاهيم كثيرة ويقول عبارته المشهورة سمعتم أنه قيل .. أما أنا فأقول لكم . نعم قل لنا ، أيها المعلم الصالح ، الذي بهت الجموع من تعاليمه ، وكان يعلمهم سلطان وليس كالكتبة كان قمة حلاوة ، وكله مشتهيات وقد شرح لنا وصاياه في عبارة « الكلام الذي أقوله لكم ، هو روح وحياة .... وهكذا أعطانا الروح والحياة ... أعطانا الفهم ، وسعه النعمة النعمة التي تقود الإرادة ، كما أن الفهم السليم يقود العقل وكما كانت كلمته هي روح وحياة ، كانت كلمته هي روح وحياة ، كانت كلمته قوية وفعالة ، بالنعمة وهكذا شرح القديس يوحنا البشير فقال لأن الناموس بموسى أعطى ، أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا ( يو ١ : ١٧) إن ميلاد المسيح كان مولدا لهذه النعمة ، التي فاضت على محبيه ... وأصبحت كلمة النعمة ، تستخدم كثيرا بل أصبحت عماد الحياة الروحية وصار للنعمة في المسيح يسوع مفاعيل كثيرة عجيبة ، فهناك النعمة المخلصة والنعمة الحافظة ، والنعمة المرشدة .. كل ذلك مع الاحتفاظ بإرادة الإنسان حرة في قبول النعمة أو عدم قبولها وفي المسيح صارت قداسة الحياة ، هي حياة الشركة مع الروح القدس الروح الذي يعمل معنا ، وفينا وبنا الروح الذي أرسله المسيح لنا ليسكن فينا الى الأبد ، ولكي يأخذ من استحقاقات المسيح ويعطينا ... إن ميلاد المسيح صار فاصلا بين جيلين وعصرين وتاريخين وهكذا يتحدث العالم كله عن تاريخ ما قبل الميلاد لأن الميلاد فصل بين زمن وزمن ، وبين حال وحال البشرية التي أمنت بتعاليم المسيح صارت شيئا آخر غير البشرية فيما قبل الميلاد. البشرية التي منحها المسيح الإيمان ومعرفة الله ومحبة الله وعشرته غير البشرية التي كانت قبل الميلاد غارقة في الوثنية والجهل ، وحتى اليهود قبل الميلاد كانوا عارفين في الطقوس والفروض قال الله عنهم هذا الشعب يعبدنی بشفتيه ، أما قلبه فمبتعد عنى حقا ما أصدق الملاك الذي قال للرعاة في ميلاد المسيح ها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب . لولا ميلاد المسيح ، ما حصلنا على كل البركات ، وكل المواهب ، وكل الخـلاص الفداء ، وكل عمل الروح الذي ترتب على هذا الميلاد. إنه الباب الذهبي الذي فتح علينا كل هذه النعم الإلهية ... ونحن جميعا نركع أمام المذود ونحيي هذا الميلاد البتولي . ونطلب من الرب أن يعطينا بركة هذا الميلاد وفاعليته في حياتنا محاولين أن نتعمق في كل معني روحي تعلمناه من الميلاد ، لكي نمتصه في داخلنا ، ونطبقه في حياتنا العملية . ونقف إلى جوار المذود ، متذهلين من هذا الاتضاع العجيب من هذا الحب الإلهي الذي دفع إلى هذا الاتضاع وشـاعـرين بقيمة النفس البشرية عند الله ، وقيمة خلاصها ... نمتص هذا كله ونحياه ... نتعلم الحب ، ونتعلم التواضع ، ونتعلم البذل والفداء ، ونحيا هذا كله ، ونخلى ذواتنا ، كما أخلى الرب ذاته .. ونجول نصنع خيرا ، كما كان يجول يصنع خيرا . وننمو في القامة والنعمة ، كما قيل عنه واضعين أمامنا هذا المثال ، لكي نتغير الى هذه الصورة عينها . مبارك هذا الميلاد العجيب ، الذي لم يحدث مثله في التاريخ ، ولن يحدث ومباركة هي العذراء القديسة التي استحقت أن تكون الإناء المخـتـار لهذا الميلاد ، ولهذا الخلاص الذي منحه الله للبشرية ليت صورة العذراء تكون أيضا ذات فاعلية في حياتنا ، ننتفع بها ، مع ابنها الحبيب ، أمين . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
06 يناير 2023

فاعلية العيد في حياتك

لقـد بارك طبـيـعـتنا وقـدم لنا الصـورة الإلهـيـة .. وبميلاده عـلـمـنـا الـزهـد والاتـضــــاع والحـب. مـيـلاد المسـيـح فـــــــاصـل بين تاريخ وتاريخ. هل ميلاد المسيح قصة حدثت من حوالي عشرين قرنا ، ورواها التاريخ ، وكتبها الآباء الرسل في الإنجيل ، وانتهى الأمر ؟ ! أم أن ميلاد المسيح حدث حي ، لايزال يعمل في البشرية بفاعليته ، ويعمل فيك أنت أيضا ؟ ١- أول فاعلية أنه بارك طبيعتنا لقد قدس الطبيعة البشرية ، وأعطانا الدليل العملى على امكانية القداسة بهذه الطبيعة عينها ، فيما كان مجربا مثلنا في كل شيء ، بلا خطيئة ، ( عب ٤ : ١٥ ) . قدس هذا الجسد ، ولم يعد الجسد خطينة أو يقود إلى خطيئة ، كما يظن البعض ! بل أصـبـح جـسـدنا هو هيكل لله ، والروح القدس يحل فيه وفي ذلك يقول لنا الرسول « فمـجـدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله ( 1 کو ٦ : ١٩ ، ۲۰ ) هذه الفاعلية في مباركة طبيعتنا ، ننالها أولاً بالمعمودية ثم بالميرون . ويقول القديس بولس عن هذا : "لأنكم كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح ، قد لبستم المسيح » ( غل ٣ : ٢٧ ) ويقول القديس يوحنا "المسـحـة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم "( ١ يو ۲ : ۲۷ ) وبمباركة المسيح لطبيعتنا ، أعطانا أن نصير أولاد الله بالميلاد الثاني "وأمـا الذين قبلوه ، فـأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله" ( يو١ : ۱۲ ) . وكيف يصيرون ؟ بأن يولدوا من الماء والروح كما قال لنيقوديموس ( يو ٣ : ٥ ) لقد قدم لنا السيد المسيح في ميلاده الصورة الإلهية التي خلقنا على شبهها ومثالها ، لأنه « صورة الله غير المنظور ، ( کو ١ : ١٥ ) . ونحـن كلمـا اقـتـربنا الى المسيح ، يصـيـر لنا الرجـاء أن نتـغـيـر الى تلك الصورة عينها ، من مجد الى مجد » ( ۲ کو ۱۸ ) أتراك في صـورته ، وقد اتبعت المثـال العملي الذي تركه لنا ؟ هل أنت ابن لله باللقب ، أم ابنه بالنعـمـة وبالحياة التي تعمل فيك " كما قال القديس يوحنا الحـبـيب « بهذا أولاد الله ظاهرون » ( ١يو ۳ : ۱۰ ) . « إن علمتم أنه بار هو ، فأعلموا أن كل من يفعل البر مولود منه » ( ١یو ۲ : ۲۹ ) فأنت ابن لله ، مولود من الماء والروح ، ولك صورة الله وبحياة البر التي تحياها تظهر أنك ابن لله .. لأن أبناءه لهـم صـورته في البـر والقداسة. ٢- ومن فاعلية الميلاد فينا أنه يعلمنا الاتضاع . إن صورة الميلاد العجيبة ، في مذود البقر ، في قرية بيت لحم الصغيرة ، من أم فقيرة هي العذراء مريم ، في رعاية نجار فقير هو يوسف ، إنما تعطينا فكرة عن الزهد في الغني وبتعمقنا في هذه المعاني نتغير الى هذه الصورة عينها .. هذا المسـيح الزاهد ، الذي لم ينزل الى العالم على أجنحة الشاروبيم ، ولا في مركبة نورانية ، بل أخلى ذاته وأخذ شكل العبد انما يعلمنا الاتضاع . وفاعلية صورة ميلاده تنخس ضمائرنا كلما انتفخت نفوسنا وتكبرت ... ما أعظم هذا الحب الذي أحبنا به حـتى ارتضى أن يولد في مذود . إن قصة الميلاد في جوهرها هي قصة حب قصة تبدأ بعبارة « هكذا أحب الله العالم ... الحب ( يو ٣ : ١٦ ) . ٣- وأهم فاعلية في ميلاده هي الحب كم أحبنا صار بيننا ، وحتى دعى يسوع ، ای مخلص لنا وحتى دعى « عـمـانوئيل ، أي الله معنا وبهـذا الحـب وحـدنا به ، فـصـار هـو الرأس ونحـن الـجـسـد وصـار هو الكرمـة ونحن الأغصان ، ومعه في السماء ومعه في كل مكان نجتمع فيه كما قال « حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسـمي . فهناك أكـون في وسطهم » ، وكما قال أيضا « حينما أكون أناء تكونون أنتم أيضا( يو ١٤ : ٢ ). قصة الميلاد تعطينا فكرة عن محبة الآب للبشرية ، وعن محبة الابن لها . إن الابن قد قدم لنا محبة الآب . عرفنا كم هو يحبنا ، ورأينا في شخصه « من رآني فقد رأى الآب » ( يو ١٤ : ٩ ) . « الآب لم يره أحـد قط . الابن الـوحـيـد الكائن في حضن الآب هو خبر » ( یو١ : ۱۸ ) وعلمنا أيضا في هذا الحب أن ندعو الله أبانا . وقال لنا عن كل طلباتنا « أبوكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها" لقد جاء المسيح الى العالم ، فعلمنا المحبة ، وقال لنا إن المحبة هي الوصية العظمى ، وأن لها شطرين : الأول هو محبة الله ، والثاني محبة الناس . وقال" بهذا يعلم الجميع أنكم تلاميذي ، إن كان لكم حب بعضكم نحـو بعض" وعرفنا رسوله يوحنا أن الله مـحـبـة من يثبت في المحبة ، يثبت في الله ، والله فيه .... [ البقية العدد المقبل]. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
21 ديسمبر 2022

لماذا حل الرب بيننا؟

ونحن نحتفل بميلاد المسيح من العذراء، لعلنا نتساءل فيما بيننا: ما هي الأسباب التي دعت رب المجد أن يتخذ جسداً ويحل بيننا، ويصير في الهيئة كإنسان، ويولد من امرأة كبني البشر؟ لاشك أن الفداء هو السبب الأساسي للتجسد. جاء الرب إلى العالم ليخلص الخطاة، جاء ليفديهم، جاء ليموت وليبذل نفسه عن كثيرين. هذا هو السبب الرئيسي الذي لو اكتفى المسيح به ولم يعمل غيره، لكان كافياً لتبرير تجسده وجاء المسيح ليوفي العدل الإلهي، وليصالح السماء والأرض.ويمكننا أن نقول أيضاً - إلى جوار عمل الفداء والمصالحة- إن السيد المسيح قد جاء لينوب عن البشرية. وكما ناب عنها في الموت، ينوب عنها أيضاً في كل ما هو مطلوب منها أن تعمله. إن الإنسان قد قصّر في كل علاقاته مع الله فجاء، «ابن الإنسان" لينوب عن الإنسان كله في إرضاء الله.وفي فترة تجسده أمكن للرب أن يقدم للبشرية الصورة المثالية لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان كصورة لله ومثاله، قدم القدوة العملية. حتى أن القديس أثناسيوس الرسولي قال إنه لما فسدت الصورة التي خُلق بها الإنسان، نزل الله ليقدم لهم الصورة الإلهية الأصلية.وأيضاً لما أخطأ القادة في تفسير الشريعة الإلهية وقدموها للناس حسب مفهومهم الخاطئ، ومزجوا بها تعاليمهم الخاصة وتقاليدهم، جاء الرب ليقدم للبشرية الشريعة الإلهية كما أرادها الله، نقية من الأخطاء البشرية في الفهم والتفسير.. الفداء هو السبب الأساسي للتجسد: لقد أخطأ الإنسان الأول، وكانت خطيته ضد الله نفسه: فهو قد عصى الله وخالف وصيته، وهو أيضاً أراد أن يكبر وأن يصير مثل الله عارفاً الخير والشر (تك3: 5). وفى غمرة هذا الإغراء نرى أن الإنسان لم يصدق الله الذي قال له عن شجرة الخير والشر: «يوم تأكل منها موتاً تموت» (تك2: 17). وعلى العكس من هذا صدق الحية التي قالت: «لن تموتا». وبعد الأكل من الشجرة نرى أن الإنسان قد بدأ يفقد إيمانه في وجود الله في كل مكان وقدرته على رؤية كل مخفي، وظن أنه إن اختبأ، يستطيع أن يهرب من رؤية الله له. وفي محاسبة الله للإنسان بعد الخطية، نرى الإنسان يتكلم بأسلوب لا يليق إذ يحمّل الله جزءاً من مسئولية خطيته فيقول له: «المرأة التى جعلتها معي هي أعطتني» (تك3: 12).إنها مجموعة أخطاء موجهة ضد الله: عصيان الله، ومنافسة الله في معرفته، وعدم تصديق الله فى وعيده، وعدم الإيمان بقدرة الله، وعدم التأدب في الحديث مع الله أخطاء الإنسان ضد الله، والله غير المحدود، لذلك صارت خطيته غير محدودة، والخطية غير المحدودة، عقوبتها غير محدودة. وإن قُدِّمت عنها كفارة، ينبغى أن تكون كفارة غير محدودة. ولا يوجد غير محدود إلا الله. لذلك كان ينبغى أن يقوم الله نفسه بعمل الكفارة. هذا هو ملخص المشكلة كلها في إيجاز. لقد أخطأ الإنسان، وأجرة الخطية هي الموت (رو6: 23). فكان لابد أن يموت الإنسان، وبخاصة لأن الله كان قد أنذره بهذا الموت من قبل أن يتعدى الوصية، إذ قال له: «وأما شجرة معرفة الخير فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت». وهكذا استحق حكم الموت، وكان لابد أن يموت.كان موت الإنسان هو الوفاء الوحيد لعدل الله. وإن لم يمت الإنسان، لا يكون الله عادلاً، ولا يكون الله صادقاً في إنذاره السابق. هذه النظرية يشرحها القديس أثناسيوس الرسولي باستفاضة في كتابة "تجسد الكلمة". وإذ يشرح لزوم موت الإنسان، يشرح من الناحية المضادة المشاكل التي تقف ضد موت الإنسان. فماذا كانت تلك المشاكل؟ كان موت الإنسان ضد رحمة الله، وبخاصة لأن الإنسان قد سقط ضحية الشيطان الذي كان أكثر منه حيلة ومكراً!! وكانت موت الإنسان ضد كرامة الله، إذ أنه خُلق على صورة الله ومثاله، فكيف تتمزق صورة الله هكذا؟! وكان موت الإنسان ضد قوة الله، كأن الله قد خلق خليقة ولم يستطع أن يحميها من شر الشيطان! وهكذا يكون الشيطان قد انتصر في المعركة!! وكان موت الإنسان ضد حكمة الله في خلقه للبشر. وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي إنه كان خير للإنسان لو لم يُخلق، من أن يُخلق ليلقى هذا المصير!! وأخيراً كان موت الإنسان ضد ذكاء الله. إذ كيف توجد المشكلة ولا يستطيع عقل الله أن يوجد لها حلاً!! (للمقال بقية قداسة مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد
14 ديسمبر 2022

ملئ الزمان

إن إنتظاره " ملء الزمان " هو درس روحي عميق نستفيده في حياتنا ، عندما نتأمل قصة التجسد وكيف حدد الله ميعادها وعندما أخطأ آدم وحواء وعدهما الله بالخلاص ، قائلاً لهما إن نسل المرأة سيسحق رأس الحية وإنجبت المرأة قايين وهابيل وشيث ولم يحدث أن أحداً منهم سحق رأس الحية . بل ظلت الحية رافعة رأسها في خطر ، حتى كادت تهلك العالم كله في أيام نوح فإلى متي يارب ننتظر ؟ متى تحقق وعدك بالخلاص ؟ " ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه ( أع1 : 7 ) فاصبروا وإنتظروا خلاص الرب . وكل شئ سيتم في حينه ، في ملء الزمان إن الله يعمل في الوقت المناسب ، حين يري العمل والظروف كلها تساعد على هذا العمل الله طويل الأناة في تدبيره ومعالجته للمشاكل ربما تأخذ وقتاً ولكنها تكون قوية ونافعة متى نفذ الرب وعده بالخلاص ؟ نفذه بعد آلاف السنين والحكمة في ذلك سنوضحها فيما بعد . ولكننا نقول آلان يوماً عند الرب كألف سنة ، وألف سنة عنده كيم واحد " ( 2بط3 : 8 ) كل تلك الآلاف عند الله كأنها لحظة أو طرفة عين أما البشرية فإنها شغوفة بأن تنهي كل شئ بسرعة حمي الإسراع هي حمي تنتاب البشر جميعاً تريد التعجل في كل شئ ، ولا تستطيع صبراً على شئ الناس يجرون وراء حاجاتهم جرياً بدون تفكير في غالبية الأوقات . محبه العجلة والإسراع :- وعد الرب أبانا إبراهيم بأن يكون له نسل ، مثل نجوم السماء ورمل البحر وأنتظر إبراهيم طويلاً ولم يعط نسلاً كنجوم السماء ولا حتي إبناً واحداً ماذا يارب ، هل نسيت مواعيدك ؟ كلا ، إنني لم أنس ، ولكنك أنت الذي تريد أن تتعجل الأمور قبل مواعيدها " تقو وليتشدد قلبك ، وأنتظر الرب " وعاد إبراهيم ، فإنتظر مدة أطول ، ولكن النسل لم يعط له فبدأ اليأس يتطرق إلى قلبه ، ودفعه إليأس إلى أن يدخل على جاريته هاجر ، وينجب منها إبناً ولكن مشئيته الله ظلت كما هي " بسارة يدعي لك نسل " ( تك17 : 9 ) وعاد إبراهيم فإنتظر سنوات أخري وحتى بعد ولادة إسحق ، مرت عليه عشرات السنوات ، ومازال الوعد الخاص بنجوم السماء ورمل البحر ينتظر التحقيق وعاد إبراهيم فاتخذ قطورة زوجة له فولدت له زمران ويقشان ومديان ويشباق وشوحا ( تك25 : 1 ، 2 ) لم تكن مشيئته الرب في كل هؤلاء ، فأعطاهم إبراهيم عطايا وصرفهم عن إسحق إبنه وإنتظر حتي يحقق الرب وعده ، في ملء الزمان بطريقته الهادئة ، التي لا تعجل فيها إن اليأس من وعود اله ومواعيده يدعو إلى التعجل والعجلة تدعو إلى إستخدام الطريق البشرية والطريق البشرية تتنافي مع طرق الله الصالحة وسنأخذ مثلاً لذلك رفقة زوجة إسحق قال الرب لرفقة وهي بعد حبلي " في بطنك أمتان ، ومن أحشائك يفترق شعبان شعب يقوي على شعب ، وكبير يستعبد لصغير " ( تك25 : 23 ) . والكبير هو عيسو ، يستعيد للصغير الذي هو يعقوب كيف هذا يارب ؟ كيف يستعبد الكبير للصغير ؟ طالما هو البكر فهو السيد فهل سيفقد البكورية ؟ كيف يكون ذلك ؟ يجيب الرب اتركوا هذه الأمور لي ، سأعلجها بطريقتي الخاصة ، الهادئة الصالحة ومرت الأيام والسنون أين يارب وعدك ؟ يجيب إنتظروا ، سيتم كل شئ في حينه ، في ملء الزمان ثم أتي اليوم الذي طلب فيه إسحق صيداً من إبنه عيسو ، لكي يباركه وهنا لم تستطع رفقة أن تحتمل ، فقدمت حيلة بشرية لأبنها يعقوب ليأخذ بها البركة عن طريق خداعة لأبيه لماذا أسرعت رفقة ؟ ولماذا لم تنتظري الرب ؟ ولماذا لجأت إلى الطرق البشرية الخاطئة التى لا تتفق مع مشيئته الله الصالحة ؟ إنها حمى الإسراع وعدم إنتظار ملء الزمان وماذا كانت النتيجة ؟ كانت سنوات طويلة من المتاعب والآلام ، قضاها يعقوب شريداً هارباً وخائفاً من أخيه ومتعباً من معاملة لابان السيئة وخداعة له . وقد سجل يعقوب ملخص حياته هذه بقولة : " ايام سني غربتي قليلة وردية " ( تك 47 : 9 ) حنة أيضاً كانت تطلب إبناً من الرب ، وكانت ضرتها تغيظها غيظاً وبدا كما لو أن الرب كان يسمع ويظل ساكتاً ! ومرت الأيام ، وحنة ما تزال عاقراً " وهكذا صار سنة بعد سنة ، كلما صعدت إلى بيت الرب أن ( ضرتها فننه ) كانت تغيظها . فبكت ولم تأكل " ( 1صم1 : 7 ) والرب يسمع ويري ، ومع ذلك يبدو ساكتاً لا يعمل شيئاً ! إلى متى يارب لا تستجيب ؟ إلى متى تحتمل بكاء حنة من إغاظة ضرتها ؟ يجيب الرب إنتظروا ملء الزمان إن الذي يتعبكم ليس هو طول أناتي ، بل الذي يتعبكم هو حمي الإسراع إنتظرونا ، فالانتظار له فائدة وكان من فائدة الانتظار أن حنة نذرت نذراً أن تعطي إبنها للرب كل أيام حياته وقد كان ، وولد لها صموئيل ولد صموئيل في ملء الزمان ، متأخراً جداً ولكنه كان أفضل من جميع أولاد فننة ، ضرة أمه التي كانت تغيظها من هم أولاد فننة ؟ إننا لا نعرف شيئاً عنهم ولا حتى عن أسمائهم ، أما صموئيل فيعرفه الجميع ليتنا إذن في معاملاتنا للرب ، نصبر ، وننتظر ملء الزمان إن الضيقات تحتاج إلى طول أناة ، حتى يرفعها الرب عنا في الحين الحسن ، في ملء الزمان ، بعد أن نكون قد أخذناه بركتها ولكننا أحياناً لا نفعل هكذا بل نضيق بسرعة ، ونصرخ " لماذا يارب تركتنا ؟ لماذا لم تسمع الصلاة ؟ " قد يكون لك مريض تطلب شفاءه ، وتلح في ذلك وقد يبطئ الرب في الإستجابة حتي يأتي ملء الزمان الذي يحدده للمريض حسب حكمته في إختيار الأوقات أما أنت فتضجر وتصيح في ضجر " ليه يارب ما بتسمعش ؟ أمال إيه لازمة الصلاة ؟ أمال إيه فايدة سر مسحة المرضي !! " وتعمل خناقة مع ربنا ليس لأن الله قد أخطأ في حقك ، وإنما بسبب محبتك للإسراع وعدم إنتظارك ملء الزمان . ملئ الزمان هو الوقت المناسب :- بنفس حكمة ملء الزمان ، إنتظر الرب حتى يعد كل شئ لتجسده ، ثم بعد ذلك نزل إلينا في الوقت المناسب لم يكن هناك وقت مناسب أكثر من موعد مجيئه بالذات . كان كل شئ مهداً وكل شئ معداً لذلك كان عمل مجيئه قوياً ، وكان تقبل الناس له سريعاً كانت النبوءات قد إكتملت ، وكذلك الرموز وأعد الرب فهم الناس لها خلال مدي طويل ، حتى يستطيعوا أن يستوعبوها عندما يتم المكتوب ويتحقق الرمز خذوا لذلك مثالاً هو فكرة الذبيحة والفداء : كيف تدرج الله بهم من الذبيحة التي غطي آدم وحواء وعريهما بجلدهم إلى ذبيحة هابيل التي " من أبكار غنمة ومن سمانها " ، إلى فكرة ذبيحة الإبن الوحيد التي تمثلت في إسحق ، إلى شروط الذبيحة الت بلا عيب ، التي تحمل خطية غيرها وتموت عنه وتركهم آلافاً من السنين حتى احتضنوا الفكرة واستوعبوها وصارت من بديهيا تهم إن الله طريقته هادئة وطويلة المدي ، ولكنها منتجة ونافعة صدقوني ، لو أن الله صبر كل تلك الآلاف من السنين حتى يجد العذراء الطاهرة التي تستحق أن يولد منها الرب ، والتى تحتمل أن يولد منها الرب ، لكان هذه واحده سبباً كافياً وكان ينبغي أن ينتظر حتى يوجد الرجل البار الذي تعيش تلك العذراء في كفنه ، ويحفظها في عفتها ، ويحتمل أن تحبل من الروح القدس ، ويقبل الفكرة ، يحمى الفتاة ، ويعيش كأنه أب لإبنها في نظر المجتمع وكان ينبغي الانتظار حتى يولد الملاك الذي يعد الطريق قدام ملك الملوك ، أعني يوحنا المعمدان ذا الشخصية الجبارة والتأثير العميق . الذي يستطيع أن يقول : " في وسطكم قائم الذي تعرفونه ، هو الذي يأتي بعدي ، الذي صار قدامي ، الذي لست بستحق أن أحل سيور حذائه " ( يو1 : 27 ) " وينبغي أن ذاك يزيد ، وأني أنا أنقص . الذي يأتي من فوق ، هو فوق الجميع الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع ( يو3 : 30 ، 31 ) لعل أحداً يسأل : ولماذا لم يوجد الله كل هؤلاء منذ زمن ؟ نجيب بأن الله لا يرغم البشر على البر والقداسة إنه ينتظر حتى توجد الآنية المستعدة بكامل أرادتها هناك أسباب عديدة جداً توضح شيئاً من حكمة الرب في الانتظار حتى يأتي ملء الزمان وأوضحها هو إعداد العالم كله وتهيئته لقبول فكرة التجسد وفكرة الفداء وأخيراً ، عندما كمل كل شئ " لما جاء ملء الزمان ، أرسل الله إبنه مولوداً من إمرأة تحت الناموس ، ليفتدي الذين تحت الناموس ، لننال التبني " ( غل4 : 4 : 5 ) . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
07 ديسمبر 2022

الله معنا

" هوذا العذراء تحبل وتلد إبناً ويدعون إسمه عمانؤئيل الذي تفسيره الله معنا " ( مت1 : 23 ) " ها العذراء تحبل وتلد إبناً وتدعو إسمه عمانؤئيل " ( إش7 : 14 ) جميل هذا الإسم الذي دعي به السيد المسيح في مولده ، عمانؤئيل ، الله معنا إسم فيه الكثير من التعزية ، إذ فيه لكثير من حب الله لنا إن بركة عيد الميلاد هي هذه أن نشعر أن المسيح هو الله معنا ، الله في وسطنا ، ساكن معنا ، وساكن فينا الله في الحقيقية يحب البشر جداً ، مسرته في بني البشر . يحب أن يهب الإنسان لذة الوجود معه ، ويحب قلب الإنسان كمكان لسكناه منذ أن خلق الإنسان ، خلقه على صورته ومثاله . وأراد أن يجعله موضعاً لسكناه ، أراد أن يسكن في قلب الإنسان ويحل فيه . ومرت آلاف السنوات ، وإلهنا الصالح يحاول أن يجد له موضعاً في الإنسان ، ولكن الجميع كانوا قد زاغوا وفسدوا ، ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد لم يجد الرب في قلوبهم موضعاً يسند فيه رأسه فماذا عنك أنت أيها المبارك ؟ إن الله ينظر إلى قلبك ويقول " هذا هو موضع راحتي إلى أبد الأبد . ههنا أسكن لأني إشتهيته " ( مز132 : 14 ) . مسكن الله مع الناس : إن سكني الله مع الناس وفي وسطهم ، هي قصة قديمة . إنها قصة خيمة الإجتماع وتابوت العهد ، التي فيها نري الله يسكن وسط شعبه وكما أن سكني الله مع الناس دلالة خيمة الإجتماع ، هي أيضاً دلالة أورشليم السمائية في الأبدية ، التي قيل عنها " هوذا مسكن الله مع الناس . وهو سيسكن معهم . وهم يكونون له شعباً . الله نفسه يكون معهم " ( رؤ21 : 3 ) . وقد وضح هذا المعني بتشبيه أقوي في حبه : قال إنه الرأس ونحن الأعضاء ، وقال الرسول عنا ككنيسة إبناً " جسد المسيح " . ولعل مثل هذا التشبيه هو ما قصده الرب بقوله : " أنا الكرمة وأنتم الأغصان " ( يو15 : 5 ) ، وطلب منا أن نثبت فيه كما تثبت الأغصان في الكرمة ولعل هذا أيضاً هو جزء من الصلاة الطويلة التي صلاها في بستان جثسماني ، حيث قال عن تلاميذه : " أنا فيهم ، وأنت في ، ليكونوا مكملين إلى واحد " ( يو17 : 23 ) الله الذي حل في بطن العذراء لكي يأخذ منها جسداً ، يريد أن يحل في أحشائك لكي يملأك حباً ... إن أفضل مسكن لله هو فيك . الله لا يسر بالسماء مسكناً له ، بل هو واقف على بابك يقرع لكي تفتح له ( رؤ3 : 2 ) . وهو يعتبر جسدك هيكلاً لروحه القدوس ويسكن روح الله فيه ( 1كو3 : 16 ) . الله الذي بصر في الحاح أن يسكن فيك ، يخاطب نفسك الحبيبة إليه بتلك العبارات المؤثرة : " افتحي لي يا أختي يا حمامتي يا كاملتي ن فإن رأسي قد إمتلأ من الطل ، وقصصي من ندي الليل " ( نش5 : 2 ) . وتصور أن الله واقف طول هذه المدة يقرع على باباك محتملاً من أجلك الطل وندي الليل . سماؤه الحقيقية هي قلبك ، لذلك يطلب إليك على الدوام قائلاً " يا إبنى أعطني قلبك ... " ( أم23 : 26 ) وهكذا يقول الرب ها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر " ( مت28 : 20 ) . ويقول أيضاً " إن إجتمع إثنان أو ثلاثة بإسمي ، فهناك أكون في وسطهم " ( مت18 : 20 ) . ويظل الرب معنا في الأبدية التي لا تنتهي . وعن هذا الأمر قال للآب " أيها الآب ، أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي ، حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً " ( يو14 : 3 ) . وهكذا قال يوحنا الرائي عن أورشليم السمائية إنها " مسكن الله مع الناس " ( رؤ21 : 3 ) . هل إلى هذا الحد يارب ؟ نعم أنا أريد أن أسكن معكم ، وأحل فيكم . هل إلى هذا الحد يارب ؟ نعم أنا أريد أن أسكن معكم ، وأحل فيكم . أجد لذة في عشرتكم . أحب أن أكون في وسطكم أنا عمانؤئيل ، الله معكم إن بركة عيد الميلاد تتركز في عبارة (عمانؤئيل ) الله معنا فإن كنت يا أخي تحسن أنك مع الله ، والله معك ، تكون قد تمتعت فعلاً ببركة عيد الميلاد لا تظن أن عيد الميلاد هو اليوم الذي إنتهينا فيه من الصوم وبدأنا نفطر !! أو أن عيد الميلاد هو اليوم الذي عملنا فيه قداس العيد بطقوسه وألحانه الفرايحى عيد الميلاد من الناحية الروحية هو عشرة عمانؤئيل ، الذي هو الله معنا إن الله لا يريد منك شيئاً غير قلبك ليسكن فيه كل عبادتك وصلواتك هي مجرد عبادة خارجية ، إن لم يكن لله سكن داخل قلبك . الله يريد أن يقيم صداقة معك يقول الكتاب " وسار أخنوخ مع الله ، ولم يوجد لأن الله أخذه " ( تك5 : 24 ) . منظر جميل أن نتخيل أخنوخ وهو سائر مع الله . وشعور عميق كيف أن الله لم يكنه أن الله لم يمكنه الاستغناء عن أخنوخ ، فأخذه إليه إن بولس الرسول يشرح مجئ الرب الثاني على السحاب ، واختطافنا إليه ، فيختم هذا المشهد الجميل بقوله " وهكذا نكون كل حين مع الرب . لذلك عزوا بعضكم بعضاً بهذا الكلام " ( 1تس4 : 17 ، 17 ) . وهنا على الأرض نلمح ملاحظة قوية في حياة القديسين وهي أن القديسين كانوا يشعرون دائماً بوجودهم في حضرة الله . كانوا يرونه معهم على الدوام ، أمامهم وعن يمينهم إنها عبارة متكررة على فم إيليا النبي إذ يقول " حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه " ( 1مل18 : 15 ) . من فينا شعر باستمرار أنه واقف أمام عمانؤئيل الذي هو الله معنا ؟ داود أيضاً كان يحس على الدوام بوجود الله معه إذ يقول " رأيت الرب أمامي في كل حين ، لأنه عن يميني فلا أتزعزع " ( مز16 : 8 ) . ما هذا يا داود ؟ هل الرب أمامك أم عن يمينك ؟ هو معي في كل حين وفي كل موضع ، وفي كل إتجاه أشعر بوجود الله إن الشخص الذي يشعر بأن الله أمامه ، لا يمكن أن يخطئ ، سيخجل حتماً من الله . ويقول " هوذا الله يراني وأنا أعمل ، هوذا الله يسمعني وأنا أتكلم ط . الله له عينان كلهيب نار تخترقان الظلام . فلو أننا شعرنا أن الله كائن معنا ، لكان من المستحيل علينا أن نخطئ . إن خطايانا دليل على أننا غير شاعرين بوجوده معنا هناك حادثة حدثت مع القديس مارأفرام السرياني تثبت هذا الأمر في إحدي المرات هددته إمرأة ساقطة أن تشهر به إن لم يطاوعها ويفعل الشر معها . فتظاهر بالموافقة على شرط أن يحدث ذلك في سوق المدينة . فاندهشت المرأة وقالت له[ كيف نفعل هذا في السوق ؟! ألا تستحي من الناس وهم حولنا ؟! ] فأجابها القديس [ إن كنت تستحين من الناس ، أفما تستحين من الله الذي عيناه تخترقان أستار الظلام ؟! ] . وكان لكلام القديس تأثيره العميق في المرأة فتابت على يديه هل تظن يا أخي أن الملحدين فقط هم الذين ينكرون وجود الله ؟! أؤكد لك أنك في كل ترتكبها تكون قد نسيت وجود الله أو أنكرته عملياً . لو كنت مؤمناً فعلاً بوجوده أمامك ، لخجلت وخشي لا شك أن إحساسنا بعمانؤئيل ـ الله معنا ـ يعطينا الطهارة والنقاوة والقداسة ، على الدوام وإحساسنا بوجود عمانؤئيل ، الله معنا ، يعطينا الشجاعة وعدم الخوف . لما بدأ يشوع خدمته ، قال له الرب " لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك . كما كنت مع موسى أكون معك ، لا أهملك ولا أتركك تشدد وتشجع ، لا ترهب ولا ترتعب ، لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب " ( يش1 : 5 ، 9 ) الإنسان الذي يشعر بوجود الله ، يشعر بقوة عظيمة معه ، تزيل منه كل خوف وكل اضطراب ، وتهبه الثقة والاطمئنان ... واحد يسألك محرجاً ، فتخاف ، وتكذب ! لماذا تخاف ؟ إن الله معك لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك خطية الخوف هي خطية عدم إيمان ، عدم إيمان بعمانؤئيل ورعايته . كان داود شجاعاً . وكان يقول : " الرب نوري وخلاصي ممن أخاف " " وإن نزل على جيش فلن يخاف قلبي ، وإن قام على قتال ففي هذا أنا مطمئن " ( مز27 : 1 ، 3 ) " الرب عوني فلا أخشى ، ماذا يصنع بي الإنسان ؟ " ( مز11 : 6 ) . وفي هذه العبارات نلمح الفرق بين شجاعة القديسين وشجاعة أهل العالم . شجاعة أهل العالم سببها ثقتهم بقوتهم ، وشجاعة القديسين سببها ثقتهم بوجود عمانوئيل ، الله معهم ظهر الله لبولس الرسول في رؤيا بالليل وقال له " لا تخف ، بل تكلم ولا تسكت ، لأني أنا معك . ولا يقع بك أحد ليؤذيك " ( أع18: 10 ) القديس بولس أخذ هذه العبارة ، وعاش بها ، ممتلئاً من الإيمان قوة . وقف قدام ليساس الأمير ، وفيلكس الوالي ، وأمام العزيز فستوس وأغريبا الملك . ولم يستطع أحد منهم أن يؤذيه . بل على العكس خافوا منه لماذا خفتم أيها الملوك والأمراء من هذا الأسير المقيد بالسلاسل ؟ يجيبون لم نخف منه ، وإنما من الإله الذي معه ، من الرب الساكن فيه ... بولس هذا في شخصه نستطيع أن نقدر عليه . ولكن لا نقدر عليه عندما يقول " أحيا لا أنا ، بل المسيح الذي يحيا في " ( غل2 : 20 ) قبض ليساس الأمير على القديس بولس ، فماذا فعل به ؟ هل آذاه في شئ ؟ كلا . بل أعد قوة مسلحة تتكون من 200 عسكري ، و70 فارساً بقيصرية ( أع23 : 23 : 24 ) صحيح يارب ، أنت معنا . وقف القديس بولس أمام فيلكس " وينما كان يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة أن تكون ، أرتعب فيلكس " ( أع24 : 25 ) إرتعب الوالي من أسيره المقيد ، من القوة العجيبة التي تخرج منه ، من الله الذي معه ، من عمانوئيل وقف القديس بولس الملك أغريباس ، فكانت النتيجة أن قال له الملك " بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً " ( أع26 : 28 ) . وشهد عنه قائلاً : " إن هذا الإنسان ليس يفعل شيئاً يستحق الموت أو القيود " . هذه فكرة عن عمل عمانؤئيل إلهنا ، عندما يكون معنا ، ويحطم كل قوة أمام عبيده ، فلا يقع بهم أحد ليؤذيهم هذا هو عمانؤئيل الذي كان مع الثلاثة فتية في أتون النار " فلم تكن للنار قوة على أجسامهم ، وشعره من رؤوسهم ل تحترق ، وسروايلهم لم تتغير ، ورائحة النار لم تأت عليهم " ( دا3 : 27 ) ، حتى إنذهل نبوخذ نصر قائلاً : " ليس إله آخر يستطيع أن ينجي هكذا " ... قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
30 نوفمبر 2022

كيف تحب الناس ويحبك الناس؟

هناك قواعد هامة، عليك أن تتبعها لكي تكسب محبة الناس، ونحاول هنا أن نعرض لبعض منها. 1- ضع هدفًا واضحًا أمامك، أن تكسب محبة الناس، حتى لو أدى الأمر أن تضحى في سبيل ذلك هناك أشخاص يهمهم ذواتهم فقط، ولا يهتمون بالآخرين. لا يبالون إن غضب فلان أو رضى. أما أنت فاحرص على شعور كل أحد، وحاول أن تكسب كل أحد، لأن الكتاب يقول "رابح النفوس حكيم". وإن عرفت أن واحدًا من الناس متضايق منك، فلا يهدأ قلبك حتى ترضيه. اجعل كل أحد يحبك، وكما قال الكتاب"أن استطعتم فعلى قدر طاقتكم سالموا جميع الناس". لذلك قدم للناس محبتك، واكتسب محبتهم، واعتبر أن محبة الناس كنز ثمين يجب أن تحرص عليه. 2- وفي سبيل محبة الناس، احترم كل أحد، حتى من هو أصغر منك وأقل شأنًا كثير من الناس يحترمون من هم أكبر منهم أو من هم أعظم مركزًا، ولكنهم يتجاهلون من هم أقل منهم، وبهذا يخسرون الكثير. أما أنت فتدرب على احترام الكل وتوقير الكل. لا تقل كلمة فيها إقلال من شأن أحد، أو جرح لشعور إنسان. ولا تعامل أحدًا باستصغار أو باحتقار، ولا تتجاهل أحدًا مهما كان مجهولًا. درب نفسك على عبارات تقدير وتوقير بالنسبة إلى أولادك أو أخوتك الصغار أو مرؤوسيك أو خدمك واعلم أن أمثال هذه العبارات سوف لا تنسى، سيتذكرها أولئك الصغار طول العمر، وسترفع من روحهم المعنوية، وستجعلهم يحبونك. إن كثيرًا من الكبار ينسون احترامك لهم لأنه شيء عادى بالنسبة إليهم. أما الصغار فلا ينسون. احترامك لهم عمل باق لا يضيع. واعرف أن الله لا يحتقرنا على الرغم من الفارق اللانهائي بين عظمته وضآلتنا، والله مع ذلك يتنازل ويكلمنا، ويتضع مستمعًا إلينا ساعيًا لخلاص أنفسنا. 3- لذلك فإن تواضعك للناس هو عامل هام في كسب محبتهم لك لا تكلم أحدًا من فوق، ولا تتعال على أحد، بل عامل الكل باتضاع، فإن الناس يحبون المتضعين. إن كان لك مركز كبير، إنس مركزك، وعش مع الناس كواحد منهم. لا تشعرهم بفارق في إحدى المرات سألني أحد الآباء نصيحة، فقلت له: (كن ابنًا وسط أخوتك، وكن أخًا وسط أبنائك) ذلك لأن الاتضاع يستطيع أن يفتح حتى القلوب المغلقة والناس قد يخافون من هو عال وكبير بينهم، ولكنهم يحبون من ينسي مركزه في محبتهم. أكتسب أذن محبة الناس لك لا خوفهم منك. ولا يكن هدفك أن يهابك الناس وإنما أن يحبوك. لا تطلب أن تكون فوق رؤوسهم، وإنما أطلب أن تكون داخل قلوبهم ولا تظن أن تواضعك للناس، يقلل من شأنك، بل على العكس إنه يرفعك أكثر.. تذكر قول الشيخ الروحاني (في كل موضع حللت فيه، كن صغير أخوتك وخديمهم).. وقد قال السيد المسيح "من وضع نفسه يرتفع، ومن رفع نفسه يتضع".. وما أجمل تلك النصيحة التي وجهها الشيوخ الحكماء لرحبعام الملك ابن سليمان الحكيم حينما قالوا له "إن صرت اليوم عبدًا لهذا الشعب، وأحببتهم وخدمتهم، يكونوا لك عبيدًا كل الأيام".. 4- إن أردت أن يحبك الناس، اخدمهم، وساعدهم، وابذل نفسك عنهم.. أشعرهم بمحبتك بما تقدمه لهم من معونة ومن عطاء ومن بذل. أن الذين يحبون ذواتهم، يريدون باستمرار أن يأخذوا وأن ينالوا وأن يكسبوا. أما أنت فلا تكن كذلك. درب نفسك على البذل والعطاء. لتكن علاقتك بالناس تهدف إلى مصلحتهم هم لا إلى مصلحتك أنت. انظر كيف تريحهم، وكيف تجلب السرور إلى قلوبهم، وتدخل الفرح إلى حياتهم.. بهذا يحبونك إن أكثر إنسان مكروه هو الشخص الأناني، وأكثر إنسان محبوب هو الشخص الخدوم، الباذل المعطى لا تظن أن الطفل هو فقط الذي تعطيه فيحبك، بل حتى الكبير أيضًا.. الله نفسه علاقته مع الناس علاقة إعطاء وبذل، وكذلك الرسل.. الأم محبوبة جدًا لأنها باستمرار تعطى وتبذل وإن لم يكن لك شيء تعطيه للناس، أعطهم ابتسامة لطيفة وكلمة طيبة. أعطهم حبًا، أعطهم حنانًا أعطهم كلمة تشجيع.. أعطهم قلبك.. أظهر لهم أنك تريد، وأنك مستعد، لكل تضحية من أجلهم.. 5- و إن أردت أن يحبك الناس، قابلهم ببشاشة ولطف إن الشخص البشوش شخص محبوب.. الناس أيضًا يحبون الإنسان المرح والإنسان اللطيف، والإنسان الذي ينسيهم آلامهم ومتاعبهم بكلامه العذب وشخصيته المريحة.. لذلك حاول باستمرار أن تكون بشوشًا.. حتى في عمق متاعبك وضيقاتك إنس متاعبك لأجل الناس لا تكلم أحد وأنت مقطب الوجه صارم الملامح، إلا في الضرورة الحتمية لأجل الصالح. أما في غير ذلك فكن لطيفًا كلم الناس بكل أدب وذوق، لا تعبس وجهك.. 6- إن أردت أن تكسب محبة الناس، لا تكن كثير الانتهار، أو كثير التوبيخ.. إن الكلمة القاسية موجعة تتعب الناس. والكلمة الجارحة قد تضيع المحبة وتبددها، فلا تكن كثير الانتهار.. إن أردت أن توجه لومًا أو نصيحة، فليكن ذلك بهدوء ووداعة وفي غير غلظة. ولا تشعر الناس بكثرة توبيخك أنك تكرههم. وإن أردت أن تقول كلمة توبيخ، فلتسبقها عبارة تقدير أو عبارة مديح أو مقدمة لطيفة تمهد الجو لقبول التوبيخ. أو على الأقل تخير الألفاظ في توبيخك فلا يكن جارحًا مهينًا، ولا يكن أمام الناس حتى لا يشعر من توبخه بالذل والخزي.. كذلك لا توبخ على كل صغيرة وكبيرة وإنما على الأمور الهامة فقط، إذ لا يوجد إنسان يخلو من الزلل. ويمكنك أن توجه الناس دون أن تجرحهم. ولا توبخ كل أحد، لأن سليمان الحكيم يقول: "وبخ حكيمًا يحبك، وبخ مستهزئًا يبغضك" وإذا انتقدت فلا تكن قاسيًا في نقدك، إنما تكلم عن النقط الحسنة قبل أن تذكر السيئة. إذا انتقدت أحدًا لا تحطمه بل كن رفيقًا به. وليكن هدف النقد هو البناء وليس الهدم.. 7- وإن أردت أن يحبك الناس، دافع عنهم، وامدحهم حساس جدًا هو القلب المسكين الذي يجد الكل ضده، ووسط هؤلاء يعثر على إنسان يدافع عنه. إنه يهبه كل قلبه.. لذلك دافع عن الناس، وبخاصة من تجده في مأزق أو من تجد الضغط شديدًا عليه، أو من تراه مظلومًا أو في حاجة إلى من يدافع عنه وفى تعاملك مع الناس تذكر حسناتهم وانس سيئاتهم. وتأكد أن كل إنسان مهما كانت حياته مظلمة، لا بد ستجد فيه بعض نقط بيضاء تستوجب المديح.. ابحث عن هذه النقط البيضاء وامتدحها وأبرزها واظهر له أنك تعرفها وتقدرها. عندئذ سيحبك ويكون مستعدًا لقبول توجيهك أو توبيخك بعد أن أظهرت له حبك لتكن ألفاظك بيضاء، حاول أن تكثر من ألفاظ المديح لمن يستحقها.. لا تكن شتامًا، ولا هدامًا، ولا مستهزئًا، ولا متهكمًا على الآخرين.. اضحك مع الناس، ولكن لا تضحك على الناس. اشعر كل أحد بتقديرك له، وأعلن هذا التقدير أمام الكل.. استفد من الخير الذي في الناس قبل أن تنقد الشر الذي فيهم. اعتبر أن الشر الذي في الناس دخيل عليهم، وواجِبك أن تنقذهم منه لا أن تحطمهم بسببه. 8- وإن أردت أن يحبك الناس فلتكن إنسانًا فاضلًا فيه الصفات المحببة إلى الناس لا تظن أن الناس يحبون عبثًا أو بلا مقابل، بل يحبون الشخص الذي تتركز فيه الصفات التي يحبونها.. يحبون الإنسان القديس، والإنسان الشجاع والإنسان الناجح والإنسان الذكي.. فلتكن فيك صفات جميلة.. عندئذ سيحبك الناس بسببها.. لذلك إن أردت أن يحبك الناس قوم نفسك أولًا أصلح العيوب التي فيك التي يكرهها الناس، عندئذ يحبك الناس إن واجهك أحد بعيب فلا تغضب، بل اختبر نفسك جيدًا فربما يوجد هذا العيب فيك. حينئذ اشكر من وجهك إليه ولا تحزن منه.. 9- و إن أردت أن يحبك الناس، احتمل الناس لا تنتقم لنفسك، ولا تقابل السيئة بمثلها، ولا تغضب على مَنْ يسئ إليك.. كل إنسان له ضعفات فاحتمل الناس. لا تتضايق بسرعة، ولا تخسر الناس بسبب أخطائهم، بل اغفر لكل من يخطئ إليك.. وعندما يرجع لنفسه ويذكر احتمالك له ستزداد محبته لك.. وحتى الذين لا يرجعون لا تخسرهم أيضًا بل اذكر قول القديس يوحنا ذهبي الفم حينما قال: (مَنْ لا توفقك صداقته، فلا تتخذه لك عدوًا). 10- و إن أردت أن يحبك الناس كن مخلصًا لهم، وكن حكيمًا في إخلاصك عامل الناس بكل إخلاص، واحذر من أن تكون محبتك لهم ضارة بهم. بل لتكن محبتك في حكمة استخدم المديح ولكن لا تستخدم التملق ولا الرياء. واستخدم الحنو، ولكن ابعد عن التدليل الضار.. كن مخلصًا في حبك للناس، هدفك صالحهم وليس مجرد أن يحبوك والله المحب قادر أن يسكب المحبة في قلوبنا جميعًا لنحب بعضنا بعضًا كما أحبنا هو في قلبه الواسع الكبير. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية
المزيد
23 نوفمبر 2022

المحبة هي قمة الفضائل

المحبة هي الفضيلة الأولى بل هي جماع الفضائل كلها. وعندما سئل السيد المسيح عن الوصية العظمى في الناموس، قال إنها المحبة" تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل فكرك، ومن كل قدرتك وتحب قريبك كنفسك" " وبهذا يتعلق الناموس كله والأنبياء"وقد جاء السيد المسيح إلى العالم لكي ينشر المحبة، المحبة الباذلة المعطية، محبة الله للناس، ومحبة الناس لله، ومحبة الناس بعضهم لبعض. وهكذا قال لرسله القديسين "بهذا يعلم الجميع أنكم تلاميذي، إن كان فيكم حب بعضكم نحو بعض" وبهذا علمنا أن نحب الله، ونحب الخير.. ونطيع الله من أجل محبتنا له، ومحبتنا لوصاياه تربطنا بالله علاقة الحب، لا علاقة الخوف. إن الخوف يربى عبيدًا، أما الحب فيربى الأبناء، وقد نبدأ علاقتنا مع الله بالمخافة ولكنها يجب أن تسمو وتتطور حتى تصل إلى درجة الحب، وعندئذ يزول الخوف وفى إحدى المرات قال القديس العظيم الأنبا انطونيوس لتلاميذه (يا أولادي، أنا لا أخاف الله). فلما تعجبوا قائلين (هذا الكلام صعب يا أبانا)، حينئذ أجابهم القديس بقوله (ذلك لأنني أحبه، والحب يطرح الخوف إلى خارج) والإنسان الذي يصل إلى محبة الله، لا تقوى عليه الخطية. يحاربه الشياطين من الخارج، وتتحطم كل سهامهم على صخرة محبته وقد قال الكتاب "المحبة لا تسقط أبدًا" وقال سليمان الحكيم في سفر النشيد "المحبة قوية كالموت مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة" ولذلك قال القديس أوغسطينوس (أحبب، وأفعل بعد ذلك ما تشاء)وقد بلغ من أهمية المحبة أنها سارت اسمًا لله فقد قيل في الكتاب المقدس "الله محبه، من يثبت في الله، والله فيه"إن المحبة هي قمة الفضائل جميعًا. هي أفضل من العلم، وأفضل جميع المواهب الروحية، وأفضل من الإيمان ومن الرجاء ولهذا قال بولس الرسول إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة، ولكن ليس لي محبة، فقد صرت نحاسًا يطن أو صنجًا يرن، وإن كانت لي نبوءة، وأعلم جميع الأسرار وكل علم، وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال، وليست لي محبة، فلست شيئًا". "العلم ينفخ، والمحبة تبنى". إن الدين ليس ممارسات ولا شكليات ولا فروضًا، ولكنه حب وعلى قدر ما في قلب الإنسان من حب لله وحب للناس وحب للخير، هكذا يكون جزاؤه في اليوم الأخير إن الله لا تهمه أعمال الخير التي يفعلها الناس، إنما يهمه ما يوجد في تلك الأعمال من حب للخير ومن حب لله فهناك أشخاص يفعلون الخير ظاهرًا وليس من قلوبهم، وهناك أشخاص يفعلون الخير مجبرين من آخرين، أو بحكم القانون، أو خوفًا من الانتقام، أو خوفًا من العار، أو خجلًا من الناس وهناك أشخاص يفعلون الخير من أجل مجد ينالونه من الناس في صورة مديح أو إعجاب كل هؤلاء لا ينالون أجرًا إلا إن كان الحب هو دافعهم إلى الخير لذلك ينبغي أن نخطط بكل فضيلة بالحب، ونعالج كل أمر بالحب، يكون الحب دافعنا، ويكون الحب وسيلتنا، ويكون الحب غايتنا ونضع أمامنا قول الكتاب "لتصر كل أموركم في محبة". تدخل الحب في كل الفضائل: كما ينبغي أن يدخل الاتضاع في كل فضيلة لكي يحفظها من الزهو والخيلاء والمجد الباطل، كذلك ينبغي أن يدخل الحب في كل فضيلة لكي يعطيها عمقًا ومعنى وحرارة روحية ولنضرب لذلك بضعة أمثلة.. الصلاة مثلًا، هل هي مجرد حديث مع الله؟ إنها أكبر من ذلك، إنها اشتياق القلب لله، وهى تعبير عن الحب الداخلي لذلك قال داود النبي في مزاميره "يا الله أنت إلهي، عطشت نفسي إليك التحقت نفسي وراءك كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه، كذلك اشتاقت نفسي إليك يا الله محبوب هو اسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي""وجدت كلامك كالشهد فأكلته" والذهاب إلى بيت الله، أهو نوع من العبادة، أم هو أيضًا حب؟ نسأل في هذا داود النبي، فيقول في مزاميره "مساكنك محبوبة، أيها الرب إله القوات. تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى ديار الرب". "فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب" "واحدة طلبت من الرب، وإياها التمس، أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي..".ليست الصلاة فقط هي علاقة حب، ولا الذهاب إلى بيت الله فحسب، وإنما العبادة كلها.. إن العبادة ليست هي حركة الشفتين بل القلب، إنها حركة القلب نحو الله. إنها استبدال شهوة بشهوة: ترك لشهوة العالم، من أجل التعلق بشهوة الله كذلك خدمة الله، والسعي لخلاص أنفس الناس كلها أعمال حب الخادم هو الإنسان الذي يحب الناس، ويهتم بمصيرهم الأبدي، ويسعى إلى خلاص نفوسهم. إنه كالشمعة التي تذوب لكي تضئ للآخرين، يقول مع بولس الرسول "وددت لو أكون أنا نفسي مرفوضًا، من أجل أخوتي وأنسبائي حسب الجسد" "من يفتر وأنا لا ألتهب؟!" لذلك كل إنسان يخدم الله، عليه أن يتعلم الحب أولًا، قبل أن يخدم الناس فالناس يحتاجون إلى قلب واسع، يحس إحساسهم، ويشعر بهم ويتألم لآلامهم، ويفرح لأفراحهم، ويحتمل ضعفاتهم، ولا يحتقر سقطاتهم، بل أيضًا يحتاجون إلى قلب يحتمل جحودهم وصدودهم وعدم اكتراثهم. وبالحب نستطيع أن نربح الناس والإنسان الذي يعيش بالحب، عليه أن يحب الكل. إن القلب الضيق هو الذي يحب محبته فقط، أما القلب الواسع فيحب الجميع حتى أعداءه ولهذا قال السيد المسيح له المجد "أحبو أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم" وأعطانا مثلًا وقدوة من الله نفسه الذي "يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين" لذلك علينا أن نحب الكل، ولا نضيق بأحد ونأخذ درسًا حتى من الطبيعة نتعلم من النهر الذي يعطى ماءه للكل، يشرب منه القديس، كما يشرب منه الخاطئ انظروا إلى الوردة كيف تعطى عبيرها لكل من يعبر بها، يتمتع برائحتها البار والفاسق، حتى الذي يقطفها، ويفركها بين يديه، تظل تمنحه عطرها حتى آخر لحظة من حياتها ليتنا نعيش معًا بالحب، وأقصد به الحب العملي، كما قال الكتاب "لا نحب باللسان ولا بالكلام، بل بالعمل والحق" لأن كثيرين قد يتحدثون عن الحب، وأعمالهم تكذبهم، هؤلاء الذين وبخهم الله بقوله "هذا الشعب يعبدني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عنى بعيدًا" وأهم ما في الحب هو البذل، وأعظم ما في البذل هو بذل الذات لذلك قال السيد المسيح "ليس حب أعظم من هذا، أن يبذل أحد نفسه عن أحبائه" فلنحب الناس جميعًا، لأن القلب الخالي من الحب، هو خال من عمل الله فيه، هو قلب لا يسكنه الله وإن لم نستطع أن نحب إيجابيًا فعلى الأقل لا نكره أحدًا فالقلب الذي توجد فيه الكراهية والحقد هو مسكن للشيطان إن لم نستطع أن نحب الناس، فعلى الأقل لا نكرههم، وإن لم نستطع أن ننفع الناس، فعلى الأقل لا نؤذيهم فليعطنا الله محب البشر، الذي أحب الكل في عمق، أن نحب بعضنا بعضًا، بالمحبة التي يسكبها الله في قلوبنا، له المجد الدائم إلى الأبد آمين. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية
المزيد
16 نوفمبر 2022

يعيش خارج نفسه

إن نفسك أمانة في عنقك ستقدم عنها حسابًا في اليوم الأخير فاهتم بنفسك، واهتم بأبديتك، وحاذر من أن تعيش حياتك خارج نفسك فما أقسى أن يعيش الإنسان خارج نفسه هل فكرت أيها القارئ العزيز في أبديتك؟ أعنى في مصيرك الأبدي، في المكان الذي ستستقر فيه أخيرًا بعد رحلة هذا العمر؟ إنه سؤال خطير ينبغي أن تفكر فيه، وأن تعد حياتك كلها من أجله إن لك نفسًا واحدة إن ربحتها، ربحت كل شيء وإن خسرتها خسرت كل شيء ففكر في مصير هذه النفس، التي لا يوجد في هذا العالم كله ما هو أثمن منها. وفي ذلك قال السيد المسيح "ماذا يستفيد الإنسان، لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟‍! "إن الشيطان مستعد أن يعطيك كل شيء، في مقابل أن يربح نفسك له هو مستعد أن يعطيك الغنى والشهرة والمجد واللذة، في مقابل أن يأخذ منك نفسك وكثير من الناس تغريهم أمثال هذه الأمور، فينسون أنفسهم كثير من الناس تغريهم أمور العالم الحاضر، حتى يصبح التفكير في الأبدية أمرًا ثقيلًا عليهم! تراهم يهربون من هذا الموضوع، ولا يحبون التحدث فيه، لأنه يزعج بهجتهم، ويعطل تمتعهم بالحياة ومع ذلك فهذا الموضوع حقيقة قائمة، الهرب منها لا يمنع وجودها والشيطان مستعد أن يشغل الإنسان بأي شيء، على شرط ألا يفكر في أبديته، وألا ينشغل بخلاص نفسه والشيطان مستعد أن يشغل الإنسان بأي شيء، لكي لا يضع أمام عينيه ذلك اليوم الرهيب الذي يقف فيه أمام منبر الله العادل، ليعطى حسابًا عما فعله في هذه الحياة الدنيا نعم ذلك اليوم الرهيب، الذي تفتح فيه الأسفار، وتكشف الأعمال، وتعلن الأفكار والنيات ما أكثر المشغولين عن نفوسهم بأمور أخرى، لذلك هم يعيشون خارج نفوسهم قد جرفهم العالم بكل مشاغله ومشاكله، وبكل شهواته ونزواته، وبكل أخباره وأفكاره وإن فكروا في نفوسهم، فإنما يفكرون من حيث ارتباطها بأمور العالم، وليس من حيث ارتباطها بالأبدية..! آمالهم وأحلامهم مركزة هنا، في هذا التراب، في أمجاد هذا العالم الزائل الذي قال عنه الكتاب إن "العالم يبيد، وشهوته معه" ويندر أن يفكر أحد منهم في العالم الآخر، في أمجاد السماء، في ذلك النعيم الأبدي الذي قال عنه بولس الرسول "ما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر ما أعده الله لمحبي اسمه القدوس"إننا نعيش في عالم مشغول عن خلاص نفسه ليس لديه وقت للتفكير في مصيره عالم تجرفه دوامة عنيفة في أبعاد سحيقة، خارج نفسه لذلك حسن قال الكتاب عن الابن الضال الذي تاب أخيرًا، إنه " رجع إلى نفسه" لقد نجح الشيطان في أن يشغلنا جميعًا، حتى لا يبقى لنا وقت للتفكير في أبديتنا بل إن استطاع واحد منا أن يهرب من مشغوليات العالم، لكي ينشغل بالله وحده، بأن يهدأ في البرية عابدًا ناسكًا مصليًا، مهتمًا بخلاص نفسه، مناجيًا الله طوال ليله ونهاره، مرتفعًا عن تفاهات العالم وأباطيله، نرى الشيطان يتهكم عليه ويقول انظروا هذا الهارب من العالم!! هذا الخائف العاجز!! أية رسالة له؟ وأية منفعة؟! إن هدف الشيطان واضح: يريد أن يشغل هذا العابد أيضًا، أو هذا المصلى، حتى يرجع إلى مشاكل العالم ومشاغله..! إن الشيطان يعدل خططه وأساليبه طبقًا للظروف ومقتضيات الحال كان يقنع الناس في القديم بأن الله هو تلك الأصنام والأوثان.. فلما فشل في ذلك الأمر، قدم للبشر فلسفات مضلة.. فلما فشلت تلك أيضًا، قدم لهم الشهوات واللذة حتى يغريهم بعيدًا عن الله فإن تنبه الناس لإغراءاته، يقدم لهم شيئًا آخر هو المشغولية الدائمة إنه لا يهمه نوع السلاح الذي يحارب به إنما المهم عنده أن يربح على كل حال قومًا فقد يحارب بهذا السلاح أو ذاك، أو بكل تلك الأسلحة جميعها، لكي يصل إلى هدف واحد، وهو أن ينفرد بالإنسان، بعيدًا عن الله، في متاهة خارج نفسه و إن اتجه الإنسان نحو الصلاح والخير، وعجز الشيطان عن إبعاده، يحاول حينئذ أن يجعل سعى الإنسان للخير خارج نفسه! فيدعو الناس للخير، دون أن يهتم بالسلوك فيه يكون كما قال أحد الآباء، كمن يشبه أجراس الكنائس، التي تدعو الناس إلى دخول الهياكل دون أن تدخل هي إليها.. أو كما قال أحد الاقتصاديين يكون الخير عنده للتصدير الخارجي، وليس للاستهلاك المحلى..! هذا الإنسان يتصل بالخير عن طريق المعرفة، وليس عن طريق الممارسة.إنه يتحمس للخير لكي يسير فيه الناس، لا لكي يسير هو فيه. إنه يشبه ذلك الرجل الذي بكته الشاعر بقوله يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء لذي السقام وذوى الضعفى كيما يصح به وأنت سقيم ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم من أجل هذا الإنسان قال السيد المسيح له المجد "أخرج أولًا الخشبة من عينك، قبل أن تخرج القذى من عين أخيك"إن كثيرين يهتمون بأخطاء غيرهم، دون أن يهتموا بأخطاء أنفسهم يتحمسون في مناقشة أخطاء الغير، كأنهم بلا أخطاء! يتأثرون بأخطاء الغير ويثورون عليها، كأنهم هم الذين سيحاسبون عليها في اليوم الأخير..! وأما أخطاؤهم هم فلا يبصرونها.. هم أمام أنفسهم ولا يصلحون لذلك، لأنهم يعيشون خارج أنفسهم! بل أن أخطاءهم ينسبونها إلى غيرهم، كما قال الشاعر: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا أيها القارئ الكريم، اهتم بنفسك وقبل أن تفكر في أخطاء غيرك، جاهد لكي تصلح أخطاءك وقبل أن تطبق المثاليات على غيرك من الناس، طبقها على نفسك أولًا وبدلًا من أن تكون واعظًا لسواك، كن عظة، كن قدوة، كن درسًا عمليًا، كن نموذجًا ولكن حاذر من أن تفعل الخير لكي تكون قدوة، وإلا عشت خارج نفسك. وإنما افعل الخير من أجل نفسك، لكي تكون نقيًا ومقبولًا أمام الله ومحبًا له وإن كنت قد عشت هذا الزمان كله خارج نفسك، ادخل الآن إليها، واكتشف خباياها، وأصلحها ولا تنشغل بأخطاء الناس، أو ما تظنها أخطاء، فربما تكون ظالمًا في ظنك ضع أمامك ذلك المثل المشهور الذي يقول " من كان بيته من زجاج، لا يقذف الناس بالحجارة". قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل