المقالات
14 يونيو 2020
عندما تتحول الخدمة إلى كرامة شخصية
" لأن ابن الإنسان أيضا لم يأت لُيخدم بل ليَخدِم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين (مرقس 10 : 45) من المؤلم حقاً أن يشعر الخادم أنه مسئول وأنه صاحب امتياز ورتبة، يطلب احترام المخدومين ويعاتب من لا يقدم له الاحترام الواجب، ليس على أساس كرامة الكنيسة ولكن كرامته الشخصية، لقد تقدم للخدمة ليبذل ويتعب لأجل المخدومين حتى الموت، فهل سمعتم عن خادمة في منزل انتهرت سيدتها ووبختها مطالبة بحقوقها، بل أنها تخدم سيدها الكبير (رب البيت) وسيدها الصغير (الطفل) وتجتهد أن تجد نعمة فى أعين جميع أهل البيت. ولكن الخدام أحياناً يشعرون أن المسئوليات والوظائف الكنسية هى (كعكة) يحق له أن يقتطع قطعة منها، ولكن الوضع المثالى هو أن يعمل الخادم فى صمت وفرح بعيداً عن الكرامة الشخصية، بل ويفرح أن يزيد الآخرين وأن ينقص هو ويقول ابن سيراخ " ياأبنى إذا تقدمت لخدمة ربك فهىء نفسك للتجارب " هذا يعنى أن يهيّيء الخادم ذاته للألم وليس للكرامة. ويقول القديس بولس أنه يسر فى الضيقات وأنه يفتخر بألامه ما دامت لأجل الرب.. "لذلك اسر بالضعفات و الشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2كو 12 : 10) والخادم يخدم لكى تهييء له الخدمة مجالاً أنسب يخلص فيه.. ويقول السيد المسيح لتلاميذه عندما غسل أرجلهم كأساس للخدمة "فان كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض (يوحنا 13 : 14) إذ أن (الخدمة قائمة على الاتضاع) كما نبههم إلى أنهم سيسلمون إلى ولاة ويحاكمون أمام مجامع وأنهم سُيجلدون ويقتلون من أجل اسمه. بل أنه على الخادم أن يشكر الله لأنه شرفه بالعمل معه لأجل الملكوت.
نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
25 أبريل 2020
التدبير الروحي في الخمسين المقدسة
يشكو الكثيرين أنفسهم في مثل هذه الأيام بأنهم يتراجعون روحياً وتبرد حميتهم الروحية، فالصوم قد توقّف والميطانيات ممنوعة ومسحة النسك التي كانت تغطي السلوك التدبيري قد بهتت ولكن فترة الخمسين المقدسة إن كانت تشير إلى شيء فهي إنما تشير إلى الأبدية، لا خطايا ولا توبة بالتالي، لا دموع و قرع صدر لأنه الموضع الذي هرب منه الحزن والكآبة والتنهد، فالطعام روحي "لان ليس ملكوت الله أكلاً و شربًا بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس (رومية 17:14) والسجود بفرح، وفي سفر الرؤيا جاء ذكر السجود للجالس على العرش اثنتي عشر مرة " وكانت الحيوانات الاربعة تقول امين والشيوخ الاربعة والعشرون خروا وسجدوا للحي إلى أبد الآبدين (رؤيا 14:5 ) إذا فالسجود ليس في كل مرة هو سجود التذلل، وانما يمكن أن يتم بمشاعر البهجة الممزوجة بالفرح، مثلما ينحني إنسان أمام أب كاهن أو حتى جده ليقبل يده بودّ وفرح وليس بتذلل. هكذا يوجد السجود في السماء، ويمكن بالأحرى أن يتم على الأرض وفي فترة الخمسين إذا هذه الفترة ليست للتسيب وإلاّ فإن ذلك يعني أننا صمنا على مضض مكرهين ! وما أن انتهى الصوم حتى تنفس البعض الصعداء !. لذلك ربما لاحظت أن البعض يتعجّل نهاية القداس ليلة العيد، ومثله من يتعمّد أن يأكل دسماً بشراهة يومي الأربعاءوالجمعة خلال الخمسين !!.أعرف بعض الآباء في البرية والذين اعتادوا الصوم حتى الثالثة كل يوم، فإذا حلت الخمسين حلوا صومهم صباحاً بكسرة خبزبسيطة على أن تكون الوجبة الأساسية في موعدها عند الثالثة، بل منهم من كان له تدبير - بالاتفاق مع الأب الروحي – على صوم يوم في الاسبوع بمستوى ما خلال هذه الفترة بل وعمل عدد من الميطانيات أيضاً. فإذا لم يحدث شيئا من هذا خلال الخمسين فإننا سنجد صعوبة شديدة في استئناف الجهاد الروحي في صوم الآباء الرسل.إن الإنسان الروحي يتساوى عنده الصوم مع الطعام فيختار الصوم، والمسوح مع الأرجوان، والتنعم مع الزهد، ففرحه داخلي وتعزيته في المسيح وغايته الأبدية، والقانون هو السمو فوق كل القوانين.
نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
04 أبريل 2020
التدبير الروحي
كثير من الناس يسيرون بلا تدبير، وبالتالي بلا ترتيب، ولا خطة، فيتخبطون، يتقدمون خطوة ويتراجعون خطوات، وتتلاهى بهم الشياطين. وعندما نقول أن الذين بلا مرشد يسقطون كأوراق الشجر، نقصد أنه لا جذور لهم ولا غذاء منتظم لذلك تجف من أعلى قال أب " لست أجد سقطة للإنسان سوى أن يعمل برأي نفسه "
التدبير الروحي ونسميه في الأوساط النسكية بالقانون الروحي وكلمة قانون أصلاً تعنى مسطرة مدرجة للقياس بها والضبط ولكن يبدو أن الكلمة ارتبطت كثيراً بالعقوبة..!! في حين أنها تدبير شفائي. الله أولا هو المدبر الحقيقي، وهو يعطى موهبة التدبير للبعض ، يقول عنه سفر إستير " مدبر ومخلص الجميع " (أست 5:15) وفي سفر الحكمة " إذ أنت عادل تدبر الجميع بالعدل " (حك 15:12) إنه المدبر الذي يرعي شعب إسرائيل ( متى 6:2)عندما يكون مطلوباً من الأب الروحي إعطاء رأى أو قرار أو تدبير فإنه يصلى مع التلميذ ويطلب من الرب عنه ويطلب حكمة من الله لكي يرشد الابن هو بالأحرى يطلب من الرب طعاماً لابنه كان بعض الآباء يخرجون إلى البرية يصلون إلى بعض كتّاب الكتاب المقدس للحصول على تفسير أو شرح !!
بين قداسة الأب وصحة التدبير:-
المدبر الروحى قد لا يكون الأب في مستوى أولئك المدبرين المثاليين، ولكن من أجل أمانتك يعطيك الله احتياجك وقديماً لم يكن جميع الكهنة يمارسون سر الاعتراف، ولكن البعض الذين يكلفهم الأسقف أو رئيس الديركان يشترط في الأب سلوكه وهو (ما يسمى بسير القديسين) وحسن إرشاده وحكمته في الملاحظة وهو ما يسمى (كتابات الآباء) ولكن بعد الزيادة الكبيرة في عدد المسيحيين والنهضة الروحية التي شهدتها الكنيسة وإقبال الكثيرين على الاعتراف، لم يعد كاهن واحد يكفي في المدينة ولكن يلزم التفريق جيداً بين الاعتراف والارشاد: فالاعتراف سرّ يخص الخطية والحل عنها، أمّا الارشاد أو التدبير فهو طريقة الحياة والسلوك من حيث الممارسات ومن حيث تدبير الفكر وقد كان ذلك يتم بين الجماعات الرهبانية، وقد لا يوجد بها قسيس واحد (أي كاهن). ففي أديرة الأنبا باخوميوس لم يكن هناك كاهن. كما كان المتوحدون يتقابلون ليتحدثوا بعظائم الله (أي يتبادلون الخبرات .. " ثم نسألكم أيها الأخوة أن تعرفوا الذين بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم " ( 1 تس 12:5)واما الشيوخ المدبرون حسناً فليحسبوا أهلاً لك ا رمة مضاعفة ولا سيما الذين يتبعون في الكلمة والتعليم " ( ا تى 17:5) وكان الآباء يحذرون كثيراً من الوقوع في يد (مريض بدل طبيب) ويقولون ليس بالضرورة أن يكون المدبر (من طال عمرة وشاب شعره)
ولكن كيف تتلاهى به الشياطين: اولاً يحاولون تشكيكه في أبيه الروحي، وأن يعتمد على خبرته الشخصية. ولذلك فالطاعة للمدبرهامة جداً يقول القديس أنطونيوس: "الطاعة تخليك مسئولية الطريق" تحميك من حيل المضاد تنقذك من الهلاك. يدبر فكره كيف يرتبط بالمسيح كيف لا يدين شخصا كيف يتفاعل مع ما يرى وما يسمع.كيف يتأمل قد يفاجأ شخص بأنه فقد التدبير الروحى كله يتهاون قليلاً قليلاً حتى يفقده بالتمام ينتبه ذات يوم ليجد ذاته لا يصلى ولا يقرأ في الإنجيل صومه مكسور فكره دنس عاداته رديئة برنامجه يخلو من الله !! لا في الصباح ولا في المساء، واذا اهتز التدبير الروحى الداخلي،اهتز الشخص من الخارج، وظهر ذلك في سلوكه وقراراته التدبير مثل الرصيد الروحى الداخلي والدعائم القوية للإنسان لقد تمسك آباؤنا بالتدبير (القانون) الروحى الى الموت الامانة في حد ذاتها ذبيحة يكلل عليها الانسان.
نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
28 مارس 2020
الإنسان يخطئ عفوا أو جهلاً أو ضعفاً
أمّاً عفوا فإن هذا يعني أنه لم يكن منتبهاً ولذلك فقد ينزلق في الكثير من الخطايا، وحالما يسقط ينتبه فيندم ويتأسف في قلبه ويقدم توبة وأما جهلاً فلأنه قد يخطئ دون أن يعرف مسبقاً أنه قادم على خطية، مثل سلوك ما أو كلمة جارحة أو عادة رديئة، وأمّا أن يسقط ضعفاً فيعني أنه كان منتبهاً وواعياً ومدركاً أنه أمام خطية أو مخالفة، وقد حاول ولكنه ضعف فسقط أمّاالأصعب من ذلك فهو أن يسعى الإنسان إلى الخطية ويخطط لها ! ومع ذلك فالمشكلة ليست في السقوط ولكنها في عدم التوبة فإن " الله لن يديننا لأننا أخطأنا ولكنه سيديننا إن لم نتب بعدما أخطأنا" كما قال القديس أنطونيوس، ولندرك جيداً أن الشيطان الذي يسهّل لنا السقوط هو نفسه الذي يحول أن يسقطنا في اليأس عقب السقوط لذلك تسعى للخطية، فإذا واجهتك الخطية فجاهد كي لا تسقط، فإذا سقطت فجاهد ألاّ تيأس بل قم سريعاً وجاهد من جديد. (لا تشمتي ني يا غدوتي إذا سقطت أقوم إذا جلست في الظلمة فالرب نورلي (ميخا 8:7) ويقول الآباء أن ثلاثة تسبق كل خطية (الغفلة والنسيان والشهوة).
نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
21 مارس 2020
الأمومة الروحية
في عيد الأم تتجه مشاعر الجميع ناحية الأم، يعبرون لها عن حبهم وامتنانهم وُيؤكدون لها أنهم "يعرفون جميلها" وأن تعبها لم يضع وأنه كما هو محفوظ عندهم في قلوبهم ووجدانهم وذاكرتهم، فهو محفوظ أيضا عند الله "كما في زقّ" إن الأم معجزة والأمومة سرّ يصعب تفسيره، ولقد نسب الله هذه الصفة إلى نفسه مرارا، ففي العهد القديم يطمئن الشعب قائلاً: "هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك" (اشعياء 15:49)وفي العهد الجديد يقول الرب "كم مرة اردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها و لم تريدوا" (متى 37:23)هذارائع ولكننا في غمرة هذه الأفراح والاحتفالات، ننسى الأمهات الروحيات اللائي قمن بدور ريادي في الكنيسة سواء في الحياة الرهبانية أو التكريس والخدمة، فلقد كان لكثير منهن الأثر الكبير في الكنيسة، ففي الحياة الرهبانية كان لهن أثرا ملحوظاً على جماعات ضخمة من الرهبان والراهبات، نذكر منهن – على سبيل المثال لا الحصر – الأم سارة التي أقامت ديرا للعذارى في الإسقيط، والأم ثيئودورا (وهي ناسكة من الاسكندرية عاشت في الاسقيط) وكانت مرشدة لكثير من الرهبان والراهبات، وكذلك الأم الذي يطلق سفرنيكي، والأم سكلنتيكي، وغيرهن كثيرات كان يطلق عليهن لقب ( Ammas ) مقابل لقب (Abbas) أو (Abba) الذي يطلق على الآباء الروحيين (تجدر الاشارة هنا إلى أن لفظة Ammas هي التي جاءت منها الفظة العربية "أمّا" والتي ينادي بها الانسان. أمه في بعض المجتمعات.لدينا كذلك الكثيرات من الأمهات الروحيات داخل بيوت التكريس، والمنتشرة الآن في كثير من الإيبارشيات، حيث يقمن بتدريب وإرشاد الفتيات الراغبات في حياة التكريس، وُيؤهلوهن للقيام بأنواع متعددة من الخدمات سواء في التعليم أو الإرشاد أوالإدارة أو الأنشطة الكنسية بأنواعها وما يقال عن الأمهات داخل المجال الرهباني والتكريسي يقال أيضاً عن الأمومة داخل حقل الخدمة، فإليهن يرجع الفضل في مساعدة الكثير من الفتيات ليصبحن خادمات وفتيات صالحات، وذلك من خلال إرشادهن الحكيم المتعقل وأمومتهن الروحيةالناضجة. إلى مثل هؤلاء أشار القديس بولس " سلموا على روفس المختار في الرب وعلى امه أمي (رومية 13:16)أما عن الأمومة الروحية للخادمة نفسها، فنذكر بكثير من الخير والفخر معاً الخادمات اللائي أفنين حياتهن من أجل المخدومات في الكنائس، متحملات في ذلك العبء الكبير في سبيل راحتهن، فتمخضن بهن حتى ولدنهن من جديد كبنات (ولكن للمسيح في هذه المرة) من خلال جرن الإرشاد والتوبة، عن ذلك عبّر القديس بولس قائلاً عن أنسيموس " الذي ولدته في قيودي " (فليمون 10:1) كما تبنت أمهات كثيرات بعض القديسين وعلماء الكنيسة مثل أوريجانوس، كما نذكر بالخير أولئك اللائي اشتركن في "احتياجات القديسين (رو 12:16) مثل القديسة ميلانية (التي من أسبانيا وانفقت أموالها على الأديرة في شيهيت) والقديسة باولا (التي خدمت العلامة جيروم) وغيرهن قديسات تشبهن بمريم المجدلية ومريمات اُخر قال عنهم الكتاب "واخر كثيرات كن يخدمنه من أموالهن" (لوقا 3:8) كذلك يمكن أن يوهب لقب "الأم الروحية" للأم بالجسد، وذلك متى سلكت بالروح مع أولادها ولم تجعل كل اهتمامها أجساد أولادها وعلومهم ، بل روحياتهم وعلاقتهم بالمسيح، وكيف تؤهلهم للأبدية، مثلما سعت الكثيرات من الأمهات في جعل أولادها قادة روحيين، من خلال تلمذتهم وهم صغار على يديها داخل بيتها، وهكذا يمكن القول بأن القديسين والقادة الروحيين قد تم اعدادهم أولاً عند قدمي امهاتهم الروحيات. تحية كبيرة في هذا اليوم إلى كل أم روحية، وان كانت في غنى عن الشكر والذكر إلاً أننا نذكرها ونطوبها وبالأولى الله الذي يرى في الخفاء ويجازي علانية.
نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
14 مارس 2020
الاحتمال
+ من السهل أن تخطيء ولكن الذي يحتاج إلى جهاد وفضيلة هو الاحتمال.
+ ليست المشكلة لماذا أخطأ أو أساء هذا ولكن المشكلة هي إلى أي مدى تستطيع أن تستوعب الذي أخطأ.
+ يقول الآباء: حامل الأموات يأخذ الأجرة من الناس، وحامل الأحياء يأخذ الأجرة من لله !!
+ والاحتمال يحتاج إلى إتضاع لأن المتضع يأتي بالملامة على نفسه في كل شيء.
+ والاحتمال يعطي فرصة للمسيء لكي يراجع نفسه متأثراً بغفران المحتمل. إذ يجب أن يكون الاحتمال بدافع الحب لا بدافع الشعوربالتميز على الخاطئين واحتمال نقائصهم.
+ أضعف الإيمان أن تغفر لمن أخطأ ولكن الفضيلة أن تلتمس له العذر فيما صدر عنه.
+ ونحن إذ نحتمل الناس فإنما نفعل ذلك لكي يرحمنا لله
محتملين بعضكم بعضا ومسامحين بعضكم بعضا إن كان لأحد على أحد شكوى كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضا(كولوسي 13:3)
نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
07 مارس 2020
هل توبتي سليمة
يذهب ويعترف في مواعيد منتظمة، غير أنه يتشكك كثيرا إن كانت توبته سليمة أم لا، والدليل أنه يعود ويسقط من جديد ويتكرر نفس الاعتراف. لذلك فهو حزين .نقول له اسأل نفسك وأنت مقدم على الاعتراف هل إذا جاءتني الفرصة سأفعل نفس الخطية ؟ وستكون الإجابة
بالطبع واحدة من ثلاث :-
1- لا لن أكررها وفي هذه الحالة تكون التوبة كاملة، حتى لو سقطت في وقت لاحق، المهم مشاعرك الصادقة الآن .
2- ربما، فأنا غير متأكد وفي هذه الحالة تكون التوبة غير كاملة وتحتاج إلى مراجعة .
3- نعم، من المؤكد أنني سأفعلها . وفي هذه الحالة لا تكون هناك توبة أصلا .
والاعتراف يجب أن تسبقه عدة خطوات: محاسبة النفس، ملامة النفس، التوبة والاعتراف لله في المخدع، وأخيرًا إعلان هذه التوبة والاعتراف
في الكنيسة أمام الأب الكاهن وفي حضور الله المتلقي الحقيقي للاعتراف، والمانح الغفران من خلا ل الكاهن الذي وهبه هذا السلطان (يوحنا22:20)
نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
29 فبراير 2020
افتداء الوقت
روى القديس يوحنا الدمشقي القصة التالية فقال كان لمدينة من المدن عادة غريبة فيما يتعلق بالمُلك، فقد كان يُسمح لأي شخص بأن يكون ملكاً على البلاد، شريطة أن يكون ذلك لمدة سنة واحدة، يقومون في نهايتها بتقييده وضربه وإهانته وفي النهاية ينفونه إلى إحدى الجزر ومن ثم يمكن لأي شخص يرغب أن يتولى المُلك مكانه وكان الكثيرين يبهرهم بريق المُلك فيندفعون لإعتلاء عرش البلاد غير متحسّبين لما ينتظرهم في نهاية العام. حتى قبل أحدهم المُلك، وحيث كان له مطلق الحرية في خلال السنة التي يملك فيها، فقد سلك على نحو رائع ومغاير لمسلك الذين سبقوه . تُرى ماذا صنع ؟لقد جعل كل اهتمامه خلال ذلك العام أن يعمر تلك الجزيرة التي نُفي إليها جميع الملوك الذين سبقوه، فنقل إليها كنوز البلاد
وغرس فيها الحدائق وزرع الأرض وبنى القصور والمرافق والمنافع العامة، وجعلها مثل جنة الله ونقل إليها الكثير من الناس. حتى أنه قرب نهاية العام كان يتحرق شوقاً إلى ذلك اليوم الذي فيه يطردونه من المُلك الأرضي ليمضي إلى ذلك الفردوس الذي قضى وقته مهتماً به وكان القديس يوحنا يقصد بهذه القصة كيف ينسى الناس نهاية حياتهم هنا وما ينتظرهم بعد نهايتها وكيف لا يستثمرون الحياة الحاضرة من أجل الحياة الباقية.
نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
22 فبراير 2020
أعمى يقود أعمى !!
ترى من فيهم المخطيء، هل هو الذي في المقدمة أم الذي يتبعه؟، ومن هو المخدوع، هل الذي ظن في نفسه أنه قائد ومعلم ومرشد، أم الذي أطاع وتبع بغير افراز، ومن سيسقط أولاً هل القائد أم التابع (لاسيما إذا علمنا أنه في الكثير من الأحيان يدفع القائد الأعمى أمامه بمن يريد الاستعانة به) ولماذا يختار الأعمي أعمى نظيره ليقوده، هل لأن الطيور على أشكالها تقع !.كثيرون يحبون أن يكونوا مرشدين ومعلمين رغم أنهم دون المستوى! وهل هي شهوة لدى كثيرين أن يتقمصوا دور المرشد الملهم والمعلم المعصوم، رغم احتياجهم هم أنفسهم لمن يرشدهم! لقد قال القديس يعقوب "لا تكونوا معلمين كثيرين يااخوتي" (يع3:1) لقد كان قادة اليهود عميانا بينما كان الشعب كخراف لا راعي لها، لا يعرفون طريقهم وبالتالي يحتاجون إلى من يقودهم، ولكن أولئك القادة كانوا مخطئين لأنهم كادوا أن يوصلوا الخراف البسيطة الى هوة الهلا ك، ولذلك قال الرب عنهم "اتركوهم هم عميان " قادة عميان وان كان أعمى يقود أعمى يسقطان كلاهما في حفرة" (مت14:15) كما حذرهم لئلا يجعلوا تلاميذهم أبناء جهنم أكثرمنهم مضاعفاً(متى 15:23)
وقديما قال الرب "فيعثر المعين ويسقط المعان ويفنيان كلاهما معا" (اشعياء 3:31) والمقصود بالأعمى هنا بالطبع ليس كفيف البصر، وانما هو الفاقد الاستنارة فهناك فرق بين البصر والبصيرة، ولذلك يقول السيد المسيح للمعلمين المضلين "لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية ولكن الان تقولون اننا نبصر فخطيتكم باقية (يوحنا 41:9)لقد كان القديس ديديموس ضريراُ ومع ذلك فقد كان لاهوتيا بارعاً ومعلما ومرشدا لكثيرين ولذلك فقد نصح الكثير من الآباء والمرشدين بعض من تلاميذهم بالاسترشاد بآباء غيرهم أكثر خبرة منهم، ولم يريدوا أن يتحملوا مسئولية أولادهم. اذاً فليتضع القائد العمى ولا يرتئي فوق ما ينبغي، وليحذر لئلا يهلك مريديه وتلاميذه بسببه، كذلك فليحذر التابع لئلا يقع في يد مريض بدل طبيب،
نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد