المقالات

09 نوفمبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (15) الوداعة

مفهوم الوداعة وعلاماتها + الوداعة هي والهدوء والوقار واللطف والبعد عن العنف.. الوداعة هى دماثة فى الأخلاق والوقار والسكينة والحلم . الوداعة تعنى الاتزان فى التفكير والقول والعمل والالتزام بالهدوء فى مختلف الظروف العامة ومواجهة المشكلات بروح الحلم والبساطة والوقار والاخلاق . ان الوداعة هى اقتداء بالسيد المسيح الذى تميز بالوداعة والتواضع والوقار ودعانا ان نتعلم منه { احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم }(مت 11 : 29).الوداعة هي بعد عنالغضب او الكراهية تشبها بالمسيح الذي لا يخاصم ولا يصيح ولايسمع أحد في الشوارع صوته. +الوداعة ثمرة من ثمار الروح القدس .. الروح القدس هو روح الوداعة والحكمة والقداسة ومن ثمارة الوداعة بعكس السلوك حسب شهوات الجسد { واعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى عهارة نجاسة دعارة.عبادة الاوثان سحر عداوة خصام غيرة سخط تحزب شقاق بدعة. حسد قتل سكر بطر وامثال هذه التي اسبق فاقول لكم عنها كما سبقت فقلت ايضا ان الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله.واما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان.وداعة تعفف} غلا 19:5-23 . عندما نحيا فى مخافة الله ومحبته ونسعى باجتهاد وصلاة ليعمل فينا فاننا نقتنى هذه الثمرة الطيبة التى بها بها نسمو ونربح من حولنا بالمحبة واللطف والهدوء. ومن خلال الوداعة والمسامحة يستطيع كل من يتعامل مع الإنسان أن يكتشف انه مسيحي، ليس بالاسم بل بالواقع العملي، لان المسيحية ليست ديانة تكتب في هوية الأحوال المدنية بل هي حياة يعيشها المؤمن الحقيقي، متسربلا بثوب العفة والطهارة واحتمال الآخرين .الوداعة هي سلاح قوي قادر أن يدخل القلوب ويغيرها لتكون رقيقة وممتزوجة بالطيبة أن الوداعة قوة خارقة قادرة أن تجعل من المرء حليما وحكيما، مع رؤسائه ومرؤوسيه . لا يتذمر ولا يقاوح اويجادل ولا يتذمر ولا يصاب بالكأبة أويواجه حتى الاساءة بالاساءة بل بالاحسان { لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير} (رو 12 : 21). + القساوة والكبرياء ونتائجهم السلبية.. اننا عندما ننظر حولنا ونرى النتائج المرة لقساوة القلب والغضب والعجرفة والكبرياء ندرك أهمية الوداعة . العنف لا يولد الا العنف ونحن لا نستطيع ان نطفئ نيران الكراهية بالكراهية بل بالحكمة والوداعة واحتمال نقائص الآخرين .ان القساوة تصنع مرضي نفسيين حاقدين على من حولهم مما يقود الى العنف وتفشى الجريمة وتبعد المحبة والسلام عن بيوتنا ومجتمعاتنا، والغضب ينتج عنه الخصام وعدم التفاهم والكراهية والكبرياء تولد الخصومات والنزاعات والحروب. اننا قد صرنا نعانى من مجتمع تسود فيه ثقافة العنف الذى يفتقد فيه الانسان الى الأمن والامان وتسودة شريعة الغاب والبقاء للاقوي باللسان او الذراع او السلاح اننا ان لم نواجه كحكماء هذه الظواهر المرضية بقوة الأخلاق والقانون والرفض الاجتماعى للعنف والكراهية والبلطجة سنجد انفسنا قد اصبحنا مجتمع بدائي متخلف ينحدر من هوة الى أخرى دون توقف اوعلاج . + الوداعة وترويض النفس والمكأفاة فى الارض والسماء .. لقد طوب السيد المسيح الوداعة { طوبى للودعاء لانهم يرثون الارض} (مت 5 : 5) الكلمة اليونانيّة هنا المترجمة (ودعاء) إنّما تستخدم لوصف الحيوانات المستأنسة، وكأن السيّد يطوّب طبيعتنا التي كانت قبلاً شرسة، وقد خضعت لله مروّضها، فتحوّلت إلى ألفة وحسن عشرة فى علاقتها مع الذات والغير والله بعدما كانت عنيفة صارت مروضة ، قد رُوِّضت غرائزها ودوافعها. أمّا المكافأة فهي أن ترث الأرض فبعدما كان شرسًا ومقاومًا للروح صارحتى الجسد الترابى خادمًا للروح ملتهبًا بنار الروح القدس.ولئلا تُفهم الوداعة كحياة خنوع أو ضعف قدّم السيّد نفسه مثالاً للوداعة، بقوله: {تعلّموا منّي لأني وديع ومتواضع القلب}، ليس لأنه كان محتاجًا إلى ترويض، بل بوداعته الطبيعيّة غير المكتسبة يُروِّضنا. يهبنا حياته فينا فتحمل وداعته داخلنا. العالم يظن أن الشخص الوديع يفقد الكثير بسبب خبث الأشرار ومكائدهم، لهذا أكّد السيّد أن المكافأة هي (ميراث الأرض). وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: أن الأرض هنا تُفهم بالمعنى الحرفي، بينما يظن أن الوديع يفقد ماله، يعد المسيح عكس ذلك، إنه لا يحثّنا بالبركات العتيدة فحسب بل وبالبركات الحاضرة أيضًا. لكن ما يقوله لا يعني أنه يحدّد المكافأة في الأمور الحاضرة، وإنما يربطها بالعطايا الأخرى أيضًا. ففي حديثه عن الأمور الروحيّة لا يستبعد الأمور الخاصة بالحياة الزمنيّة. + الوداعة لا تعنى الخمول او عدم الشجاعة .. أن البعض قد يفهم الوداعة فهما خاطئاً وكأن الوديع يبقى بلا شخصية ولا فاعلية، وكأنه جثة هامدة خاملة لا تتحرك . ان هذا فهم خاطئ للوداعة يتنافى مع تعليم الكتاب ومع سير الانبياء والاباء وكما يقول قداسة البابا شنوده الثالث( الحقيقة ان الوداعة لا تتعارض مع الشهامة والشجاعة والنخوة والحزم. الوديع يعرف ان { لكل شيء زمان و لكل امر تحت السماوات وقت} جا1:3. المهم ان يعرف الوديع كيف يتصرف ومتى ؟). يجب ان نعرف اذاً متى نكون طيبين ولطفاء فى حكمة وعندما يدعو الموقف الى الشهامة والشجاعة والحزم والشهادة للحق لابد ان نكون شجعان فى شهامة وكرم . ان امتناعنا عن التحرك للدفاع عن المظلوم والايتام والضعفاء ليس وداعة بل ضعف فى الشخصية ورخاوة فى الطبع ولا مبالاة نحو من حولنا . الاخلاق الكريمة والروحانية الحقة لا تعني التمسك بفضيلة دون الاخري بل تعنى التكامل والحكمة بين الفضائل . ففضيلة الوداعة لا يجوز لها أن تعطل الفضائل الاخرى. ابراهيم ابو الاباء كمثال .. تميز بالوداعة وطيبة القلب ومعها الشجاعة والشهامة .. رايناه وديع، طيبا مع الجميع ومع لوط ابن اخاه وكان هو العم الاكبر الذى اتى بلوط معه من اور العراق وكان يدعوه اخاه وعندما تخاصم رعاة لوط مع رعاة ابراهيم تكلم فى وداعة مع لوط لحل المشكلة بل جعل لوط يختار الافضل من الارض لانه كان عف النفس طيب القلب {ولوط السائر مع ابرام كان له ايضا غنم وبقر وخيام. ولم تحتملهما الارض ان يسكنا معا اذ كانت املاكهما كثيرة فلم يقدرا ان يسكنا معا. فحدثت مخاصمة بين رعاة مواشي ابرام ورعاة مواشي لوط وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الارض.فقال ابرام للوط لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك لاننا نحن اخوان.اليست كل الارض امامك اعتزل عني ان ذهبت شمالا فانا يمينا وان يمينا فانا شمالا } تك5:13-9. ولكن عندما قام جيش من شمال البلاد بالاغارة على سدوم وسبوا لوط ابن اخاه واسرته وذهبوا رايناه شجاعا شهما { فاتى من نجا واخبر ابرام العبراني وكان ساكنا عند بلوطات ممرا الاموري اخي اشكول واخي عانر وكانوا اصحاب عهد مع ابرام. فلما سمع ابرام ان اخاه سبي جر غلمانه المتمرنين ولدان بيته ثلاث مئة وثمانية عشر وتبعهم الى دان. وانقسم عليهم ليلا هو وعبيده فكسرهم وتبعهم الى حوبة التي عن شمال دمشق.واسترجع كل الاملاك واسترجع لوطا اخاه ايضا واملاكه والنساء ايضا والشعب} تك 13:14-17. ان الرب عاقب عالى رئيس الكهنة قديماً لانه لم يكن حازما مع اولاده عندما سمع بخطاياهم البشعة ولم يردعهم {فقال صموئيل تكلم لان عبدك سامع. فقال الرب لصموئيل هوذا انا فاعل امرا في اسرائيل كل من سمع به تطن اذناه. في ذلك اليوم اقيم على عالي كل ما تكلمت به على بيته ابتدئ واكمل. وقد اخبرته باني اقضي على بيته الى الابد من اجل الشر الذي يعلم ان بنيه قد اوجبوا به اللعنة على انفسهم ولم يردعهم. ولذلك اقسمت لبيت عالي انه لا يكفر عن شر بيت عالي بذبيحة او بتقدمة الى الابد} 1صم 10:3-14. + الوداعة وفن التعامل مع الآخرين.. الوداعة تجعل الإنسان ناجحا فى علاقاته مع الآخرين ومحبوباً منهم فهو لا يميل الى العنف او الانتقاد بل يحترم الاخرين ويقدرهم ولا يقيم نفسه قاضيا على الغير او يتدخل فيما لا يعنيه وان طلبوا تدخله يُصلح الامور بهدوء ورقة دون ان يجرح مشاعر الغير. يجعل الاخرين يحترمون رأيه دون ان يفرضه عليهم ولا يغضب على الاخرين حتى لو صدرت منهم الفاظ جارحه بل يعالج الامور بحكمة . الشخص الوديع تراه باشا باسما، لا يعبس فى وجه الاخرين ويعلم ان وجهه ليس ملكه فهو لايراه الا فى المرآة لذلك تراه يرحب بابتسامة صادقة بالغير . واذ يعلم ان الكلام اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط ، فانه يقدم كلاما طيباً للخير من قلب محب للاخوة . الوديع يعرف ان القساوة والغضب ضعف وليس قوة فيعمل بالوداعة على ارضاء الغير {فيجب علينا نحن الاقوياء ان نحتمل اضعاف الضعفاء ولا نرضي انفسنا. فليرض كل واحد منا قريبه للخير لاجل البنيان. لان المسيح ايضا لم يرض نفسه بل كما هو مكتوب تعييرات معيريك وقعت علي. لان كل ما سبق فكتب كتب لاجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء. وليعطكم اله الصبر والتعزية ان تهتموا اهتماما واحدا فيما بينكم بحسب المسيح يسوع} رو 1:15-5. + صفات الشخص الوديع.. الشخص الوديع يتصف بالبشاشة والمحبة والهدوء فى الملامح والمشى والتصرفات والصمت الحكيم والتواضع امام الله والناس . يثق فى ثقة ببساطة فى وعود الله وانه صانع الخيرات الرحوم والقادر يخرجه من كل ضيقة وهو مسالم وهادئ متزن فى حله للمشكلات ومواجهته للتجارب والضيقات وفى تعامله مع الآخرين يتميز باللطف ودماثة الخلق ويتحمل ضعفات الضعفاء فى حكمة ودون ضجر اوتذمر ويتميز بسهولة التعامل معه بعكس الانسان القاسي او المتكبروالملتوي الخبيث .الوديع شخص قوى شجاع يضبط نفسه وانفعالته واقواله وتصرفاته حتى وسط الجو العاصف والخصام . الوداعة اذا فضيله حلوة نحتاج اليها فى حياتنا الشخصية والاسرية وفى مواجهة التحديات التى تواجهنا لنتجاوزها فى وداعة وحكمة وبساطه القديسين . وداعة السيد المسيح وتعاليمه المقدسة + تكلمت النبؤات فى العهد القديم عن المسيح الوديع.. ومجئيه الى العالم وديع وهادى لكنه لا يكل او ينكسر حتى يضع الحق فى الارض {وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم.لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ الى الامان يخرج الحق.لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته} اش 1:42-4. لقد راي زكريا النبى دخوله الى اورشليم فى وداعة وتواضع {ابتهجي جدا يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت اورشليم هوذا ملكك ياتي اليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن اتانْ} (زك 9 : 9). وبهذه الوداعة { روح السيد الرب علي لان الرب مسحني لابشر المساكين ارسلني لاعصب منكسري القلب لانادي للمسبيين بالعتق وللماسورين بالاطلاق.لانادي بسنة مقبولة للرب وبيوم انتقام لالهنا لاعزي كل النائحين.لاجعل لنائحي صهيون لاعطيهم جمالا عوضا عن الرماد ودهن فرح عوضا عن النوح ورداء تسبيح عوضا عن الروح اليائسة فيدعون اشجار البر غرس الرب للتمجيد} اش 1:61-3. لهذا راينا السيد المسيح في بدء خدمته دخل الى مجمع الناصرة وقال لهم اليوم تم هذا المكتوب على مسامعكم {وجاء الى الناصرة حيث كان قد تربى ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرا. فدفع اليه سفر اشعياء النبي ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبا فيه.روح الرب علي لانه مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية. واكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه.فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم. وكان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه} لو 16:4-22. + بالوداعة عمل وعلم .. كان يجول فى المدن والقرى وبين الحقول وفى الطرقات وفى المجامع والهيكل ، يعلم ويشفى كل مرض وضعف فى الشعب ويمحو الذنب بالتعليم ويشبع الجموع ويشفق على الجموع وعلى كل رجل وامراة وطفل {و لما راى الجموع تحنن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها }(مت 9 : 36). وعندما بدء العظة على الجبل رايناه يطوب الودعاء والمساكين والمضطهدين {ولما راى الجموع صعد الى الجبل فلما جلس تقدم اليه تلاميذه . ففتح فاه وعلمهم قائلا. طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات. طوبى للحزانى لانهم يتعزون. طوبى للودعاء لانهم يرثون الارض. طوبى للجياع والعطاش الى البر لانهم يشبعون. طوبى للرحماء لانهم يرحمون. طوبى للانقياء القلب لانهم يعاينون الله. طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون. طوبى للمطرودين من اجل البر لان لهم ملكوت السماوات. طوبى لكم اذا عيروكم و طردوكم و قالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين.افرحوا وتهللوا لان اجركم عظيم في السماوات فانهم هكذا طردوا الانبياء الذين قبلكم} مت 1:5-12. دعانا الى تعلم الوداعة والتواضع منه فنستريح {تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم.احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم.لان نيري هين وحملي خفيف} مت 28:11-30. + وداعته فى التعامل مع الاطفال.. كان وديعا مع الأطفال محباً لهم يريد ان يشجعهم وينميهم ويجعلهم مثالاً لنا فى التواضع والوداعة والبساطة {فقدموا اليه الاطفال ايضا ليلمسهم فلما راهم التلاميذ انتهروهم. اما يسوع فدعاهم و قال دعوا الاولاد ياتون الي ولا تمنعوهم لان لمثل هؤلاء ملكوت الله. الحق اقول لكم من لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله} لو 15:18-17. وعندما سالوه عن من هو الاعظم فى الملكوت قال لهم ان يتعلموا من الاطفال التواضع والوداعة والبساطة ومن وداعته قال لنا من يقبل الاطفال فكانه قبلني { في تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو اعظم في ملكوت السماوات.فدعا يسوع اليه ولدا و اقامه في وسطهم. وقال الحق اقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات. فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الاعظم في ملكوت السماوات .ومن قبل ولدا واحدا مثل هذا باسمي فقد قبلني. ومن اعثر احد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له ان يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر} مت 1:18-6. + كما رفع من شأن المرأة واحترمها .. ودافع عن الخطاة منهن محرراُ اياهم من قيود الخطية والظلم الإجتماعى فعندما امسك شيوخ اليهود بامرأة فى ذات الفعل تركوا الرجل وصبوا جام غضبهم على المرأة وارادوا ان يروا ما هو حكمه عليها، رايناه يدافع عنها ويحررها من ايديهم {وقدم اليه الكتبة والفريسيون امراة امسكت في زنا ولما اقاموها في الوسط. قالوا له يا معلم هذه المراة امسكت وهي تزني في ذات الفعل. وموسى في الناموس اوصانا ان مثل هذه ترجم فماذا تقول انت . قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه واما يسوع فانحنى الى اسفل وكان يكتب باصبعه على الارض.ولما استمروا يسالونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر. ثم انحنى ايضا الى اسفل وكان يكتب على الارض. واما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ الى الاخرين وبقي يسوع وحده والمراة واقفة في الوسط. فلما انتصب يسوع ولم ينظر احدا سوى المراة قال لها يا امراة اين هم اولئك المشتكون عليك اما دانك احد. فقالت لا احد يا سيد فقال لها يسوع ولا انا ادينك اذهبي ولا تخطئي ايضا} يو 3:8-11. ومع المرأة السامرية رايناه يرفع العداوة بين اليهود والسامريين وبين المراة والرجل ويخاطبها فى ود ويشجعها على التوبة ومعرفة وعبادة الله بالروح والحق. + وديعاً مع الخطاة والعشارين والمنبوذين .. كان فى حب يدافع عن الخطاة والعشارين ويقدم لهم المحبة والوداعة فاتحا لهم باب الرجاء والخلاص {لان ابن الانسان قد جاء لكي يخلص ما قد هلك. ماذا تظنون ان كان لانسان مئة خروف وضل واحد منها افلا يترك التسعة والتسعين على الجبال ويذهب يطلب الضال. وان اتفق ان يجده فالحق اقول لكم انه يفرح به اكثر من التسعة والتسعين التي لم تضل.هكذا ليست مشيئة امام ابيكم الذي في السماوات ان يهلك احد هؤلاء الصغار} مت 11:18-14. كما رايناه يشفق علي المرضى بالبرص الذى كان يعتبر رمزا للنجاسة والنبذ من المجتمع { اذا ابرص قد جاء وسجد له قائلا يا سيد ان اردت تقدر ان تطهرني.فمد يسوع يده و لمسه قائلا اريد فاطهر وللوقت طهر برصه. فقال له يسوع انظر ان لا تقول لاحد بل اذهب ار نفسك للكاهن وقدم القربان الذي امر به موسى شهادة لهم} مت 2:8-4. ومع أعمى اريحا الذى كان يتسول على الطريق، راينا الجموع تزجر الاعمي ان يسكت لكن السيد المسيح يذهب اليه فى محبة ووداعة ويشفيه {وجاءوا الى اريحا و فيما هو خارج من اريحا مع تلاميذه وجمع غفير كان بارتيماوس الاعمى ابن تيماوس جالسا على الطريق يستعطي.فلما سمع انه يسوع الناصري ابتدا يصرخ ويقول يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره كثيرون ليسكت فصرخ اكثر كثيرا يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وامر ان ينادى فنادوا الاعمى قائلين له ثق قم هوذا يناديك.فطرح رداءه و قام وجاء الى يسوع. فاجاب يسوع وقال له ماذا تريد ان افعل بك فقال له الاعمى يا سيدي ان ابصر .فقال له يسوع اذهب ايمانك قد شفاك فللوقت ابصر وتبع يسوع في الطريق} مر 46:10-52. + وداعته مع مقاوميه واعدائه.. راينا السيد المسيح فى وداعته يعمل علي أقناع المقاومين له بحجته ومنطقه الرزين فى حكمة { ثم انصرف من هناك و جاء الى مجمعهم. واذا انسان يده يابسة فسالوه قائلين هل يحل الابراء في السبوت لكي يشتكوا عليه. فقال لهم اي انسان منكم يكون له خروف واحد فان سقط هذا في السبت في حفرة افما يمسكه ويقيمه. فالانسان كم هو افضل من الخروف اذا يحل فعل الخير في السبوت. ثم قال للانسان مد يدك فمدها فعادت صحيحة كالاخرى} مت 9:12-13. رايناه يدافع عن تلاميذه عندما جاعوا فى السبت واخذوا يلتقطون السنابل ويفركوها بايديهم وياكلونها وكان هذا للفريسيين بمثابة كسراً لقدسية السبت {في ذلك الوقت ذهب يسوع في السبت بين الزروع فجاع تلاميذه و ابتداوا يقطفون سنابل وياكلون. فالفريسون لما نظروا قالوا له هوذا تلاميذك يفعلون ما لا يحل فعله في السبت. فقال لهم اما قراتم ما فعله داود حين جاع هو والذين معه. كيف دخل بيت الله واكل خبز التقدمة الذي لم يحل اكله له ولا للذين معه بل للكهنة فقط. او ما قراتم في التوراة ان الكهنة في السبت في الهيكل يدنسون السبت وهم ابرياء.و لكن اقول لكم ان ههنا اعظم من الهيكل.فلو علمتم ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لما حكمتم على الابرياء. فان ابن الانسان هو رب السبت ايضا} مت 1:12-8. وعندما اتهموه انه برئيس الشياطين يخرج الشياطين لم يغضب عليهم بل كان حزينا على غلاظة قلوبهم وناقشهم بالمنطق والحجة {ثم دخل ايضا الى المجمع و كان هناك رجل يده يابسة. فصاروا يراقبونه هل يشفيه في السبت لكي يشتكوا عليه.فقال للرجل الذي له اليد اليابسة قم في الوسط.ثم قال لهم هل يحل في السبت فعل الخير او فعل الشر تخليص نفس او قتل فسكتوا.فنظر حوله اليهم بغضب حزينا على غلاظة قلوبهم وقال للرجل مد يدك فمدها فعادت يده صحيحة كالاخرى. واما الكتبة الذين نزلوا من اورشليم فقالوا ان معه بعلزبول وانه برئيس الشياطين يخرج الشياطين.فدعاهم وقال لهم بامثال كيف يقدر شيطان ان يخرج شيطانا. وان انقسمت مملكة على ذاتها لا تقدر تلك المملكة ان تثبت. وان انقسم بيت على ذاته لا يقدر ذلك البيت ان يثبت. وان قام الشيطان على ذاته وانقسم لا يقدر ان يثبت بل يكون له انقضاء.لا يستطيع احد ان يدخل بيت قوي وينهب امتعته ان لم يربط القوي اولا وحينئذ ينهب بيته} مر1:3-5،22-27. + السيد المسيح يحذرنا من الغضب .. ان السيد المسيح يدعونا الى ان نتعلم منه التواضع والوداعة ويحذرنا من الغضب لخطورته { قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم.واما انا فاقول لكم ان كل من يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم ومن قال لاخيه رقا يكون مستوجب المجمع و من قال يا احمق يكون مستوجب نار جهنم} مت 21:5-22. ان الغضب يفقدنا حلمنا ووداعتنا ويقودنا الى فقد أعصابنا وقد يتطور ويقود الى الكراهية والحقد والجريمة { الرجل الغضوب يهيج الخصام و الرجل السخوط كثير المعاصي} (ام 29 : 22). ومع الغضب تكثر الاخطاء والخطايا لهذا قال القديس يعقوب الرسول { لان غضب الانسان لا يصنع بر الله} (يع 1 : 20). وينبهنا الكتاب قائلا{ لا تسرع بروحك الى الغضب لان الغضب يستقر في حضن الجهال} (جا 7 : 9). من اجل هذا قال القديس اسحق السريانى : ( ان الذى يصوٌم فمه عن الغذاء ولا يصٌوم قلبه عن الغضب والحقد ولسانه عن الأباطيل فصومه باطل فصلاة الحقود كبذار وقعت على الصخر، فالحقود يستثمر فى صلاته ما يستثمره الزارع فى البحر من الحصاد). + الوداعة والحزم والشجاعة .. لم تكن وداعة السيد المسيح ضعفا او افتقاراً للشجاعة بل شجاعة وقف أمام رؤساء الكهنة ومجمع السندريهم وامام هيرودس وبيلاطس معترفاً الاعتراف الحسن {في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له اخرج واذهب من ههنا لان هيرودس يريد ان يقتلك. فقال لهم امضوا وقولوا لهذا الثعلب ها انا اخرج شياطين واشفي اليوم وغدا وفي اليوم الثالث اكمل. بل ينبغي ان اسير اليوم وغدا وما يليه لانه لا يمكن ان يهلك نبي خارجا عن اورشليم. يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا.هوذا بيتكم يترك لكم خرابا والحق اقول لكم انكم لا ترونني حتى ياتي وقت تقولون فيه مبارك الاتي باسم الرب} لو 31:13-35. ورايناه قبل الصلب فى شجاعة وغيرة روحيه يطهر الهيكل من الباعة والصيارفة الذين حولوا بيت الصلاة الى مغارة لصوص {وجاءوا الى اورشليم ولما دخل يسوع الهيكل ابتدا يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام.ولم يدع احدا يجتاز الهيكل بمتاع.وكان يعلم قائلا لهم اليس مكتوبا بيتي بيت صلاة يدعى لجميع الامم وانتم جعلتموه مغارة لصوص.وسمع الكتبة ورؤساء الكهنة فطلبوا كيف يهلكونه لانهم خافوه اذ بهت الجمع كله من تعليمه} مر15:11-18. وعلى الصليب كان كحمل يرفع خطايا البشرية لم يكن ضعيفا بل راينا وديعا يطلب من الآب السماوى المغفرة لصالبيه {فقال يسوع يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون } (لو 23 : 34). + الرسل القديسين وحياتهم وتعليمهم بوداعة.. سار الاباء الرسل على نهج معلمهم الصالح بوداعة ودعوا اليها فها هوذا القديس بطرس يوصينا بالوداعة واللطف والكلام الحسن حتى مع مبغضينا {والنهاية كونوا جميعا متحدي الراي بحس واحد ذوي محبة اخوية مشفقين لطفاء.غير مجازين عن شر بشر او عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين عالمين انكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة. لان من اراد ان يحب الحياة ويرى اياما صالحة فليكفف لسانه عن الشر وشفتيه ان تتكلما بالمكر. ليعرض عن الشر ويصنع الخير ليطلب السلام ويجد في اثره.لان عيني الرب على الابرار واذنيه الى طلبتهم ولكن وجه الرب ضد فاعلي الشر.فمن يؤذيكم ان كنتم متمثلين بالخير. ولكن وان تالمتم من اجل البر فطوباكم واما خوفهم فلا تخافوه و لا تضطربوا.بل قدسوا الرب الاله في قلوبكم مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسالكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف.ولكم ضمير صالح لكي يكون الذين يشتمون سيرتكم الصالحة في المسيح يخزون في ما يفترون عليكم كفاعلي شر.لان تالمكم ان شاءت مشيئة الله وانتم صانعون خيرا افضل منه وانتم صانعون شرا} 1بط 8:3-17. وعلى ذات الدرب عمل وعلم القديس بولس الرسول { فاطلب اليكم انا الاسير في الرب ان تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم بها.بكل تواضع ووداعة وبطول اناة محتملين بعضكم بعضا في المحبة. مجتهدين ان تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام.جسد واحد وروح واحد كما دعيتم ايضا في رجاء دعوتكم الواحد.رب واحد ايمان واحد معمودية واحدة} اف 1:4-5. فكمختاري الله القديسين يكون لنا أحشاء رافات ووداعة. هكذا علينا ان نسير فى طريق الفضيلة والتقوى لنمسك بالحياة الابدية التى اليها دعينا {هذا واتبع البر والتقوى والايمان والمحبة والصبر والوداعة. جاهد جهاد الايمان الحسن وامسك بالحياة الابدية التي اليها دعيت ايضا واعترفت الاعتراف الحسن امام شهود كثيرين} 1تيم 11:6-12. كيف نقتنى الوداعة ... + السيد المسيح قدوتنا.. نحتاج ان نجعل السيد المسيح قدوة لنا فى وداعته وتواضعه واحتماله وصبره { لانكم لهذا دعيتم فان المسيح ايضا تالم لاجلنا تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته. الذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر.الذي اذ شتم لم يكن يشتم عوضا و اذ تالم لم يكن يهدد بل كان يسلم لمن يقضي بعدل.الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر الذي بجلدته شفيتم.لانكم كنتم كخراف ضالة لكنكم رجعتم الان الى راعي نفوسكم واسقفها} 1بط 21:2-25 . اننا يجب ان نفكر فى مختلف مواقف الحياة بماذا كان يرد او كيف كان يتصرف السيد المسيح لو كان مكاننا؟ { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي} (غل 2 : 20). بهذا نغلب العالم ونقتنى الوداعة والحكمة { لانه من عرف فكر الرب فيعلمه و اما نحن فلنا فكر المسيح }(1كو 2 : 16). + اللطف والبعد عن القسوة ... اننا نحتاج الى الوداعة والرقة والبشاشة والشفقة والترفق بالآخرين والبعد عن الخشونة والقسوة والتعامل الإنسانى الذى يتسم باحترام الأخر وقبوله والتعاون مع الغير فى حل المشكلات {كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين} (أف 2:4) . فهذه هى وصية الكتاب المقدس لنا { فالبسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين احشاء رافات ولطفا وتواضعا ووداعة وطول اناة} (كو 3 : 12). علينا ان نسعى لاكتشاف النقاط المشتركة والبيضاء فى كلام وتصرفات وسلوك الاخرين ونبنى علينا ونعمل على كسب قلوبهم ونشجعهم على السلوك الحسن فنحن حين نريد ان نجنى العسل لا يجب علينا ابداً ان نحطم خلية النحل بل يجب علينا ان نغذى النحل ونزرع له الورود حتى وان تعرضنا للسعاته فى بعض الاحيان . فاننا لا ننكر ان الوديع قد يعانى من الظواهر السلبية حوله ولكن يحتمل الآخرين كمرضى فى حاجة الى علاج وليس كعدوى نبتعد عنها بسلبية وبغضة تذيد من تفاقم المرض. + التواضع ولوم النفس.. الانسان المتواضع لا يغضب من أحد ولا يغضب أحد ، تراه يلقى بالملامة على نفسه . وان أخطأ اليه أحد يسامحه ويقول فى داخل نفسه انى استحق ذلك بسبب خطاياى فيجد نعمة فى عين الله والناس { كذلك ايها الاحداث اخضعوا للشيوخ وكونوا جميعا خاضعين بعضكم لبعض وتسربلوا بالتواضع لان الله يقاوم المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة. فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه.ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم. اصحوا واسهروا لان ابليس خصمكم كاسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الايمان عالمين ان نفس هذه الالام تجرى على اخوتكم الذين في العالم.واله كل نعمة الذي دعانا الى مجده الابدي في المسيح يسوع بعدما تالمتم يسيرا هو يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم} 1بط 5:5-10. اننا سنقف أمام الديان العادل لنعطى حسابا عن أفكارنا وأقوالنا وأعمالنا من اجل هذا نحرص ان لا نذيد أثقالنا بالكبرياء والغضب بل بالمحبة نستر كثرة من الخطايا ونستثمر ربح جزيل فى مسامحة المخطئين الينا{ فانه ان غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم ايضا ابوكم السماوي }(مت 6 : 14). + الجواب اللين فى حكمة .. يجب ان نحرص على هدوء أعصابنا وافكارنا واذا ما واجهنا انسان غاضب علينا او على من حولنا نعمل على تهدئته بالكلام اللين { الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط (ام 15 : 1) . وان لم نستطيع فلنبتعد عن مصادقة الغضوبين او نبعد عنهم وقت غضبهم ان أمكن {لا تستصحب غضوبا ومع رجل ساخط لا تجئ }(ام 22 : 24). قد نحتاج الى الحكمة فى الرد فمع البعض يكون الصمت علاج ومع الاخرين يكون شرح الأمور وتفسيرها العلاج الناجع ومع البعض يكون أخذ الامور بهدوء والرد بفكاهة او ابتسامة او اعتذار هو الذى يلطف الجو ويهدئ المشاعر . + تذكر نتائج عدم الوداعة والغضب... يجب علينا ان نتذكر فى ساعات الغضب ، النتائج السيئة التي تترتب عليه ونضبط ذواتنا. نحن فى غضبنا نقول كلاما صعباً نندم عليه وليس من السهل علاجه واصلاحه وقد يتطور الغضب الى ما هو اسوء من خصام وأيذاء واعتداء على الغير وعلينا وتحطيم وأفساد للعلاقات . كما ان الغضب هزيمة للانسان الروحى وأنتصار لشيطان الغضب ويجلب الامراض ويفقدنا أبديتنا . لكن ليس معنى هذا ان نهرب من التعامل فى انطواء بل نهدء ونعمل على نقاوة قلوبنا وفى اوقات الهدوء نعاتب الاخرين فى محبة ووداعة وأعتذار على الاخطاء سواء منا او من الغير فنحن نهدف الى نمو المحبة وحسن المعشر وتقوية الروابط الاخوية فى حكمة ونمو فى حياة الفضيلة والبر. الوداعة من أقوال مار افرام السرياني مغبوط بالحقيقة مغبوط الإنسان الحاوي الوداعة لأن الرب المخلص القدوس يضمن له الارض والسماء قائلاً : مغبوطون الودعاء فإنهم يرثون ملكوت السموات، ويرثون الأرض. فماذا يكون أعظم من هذا التطويب ؟ ماذا يكون أعلى من هذا الوعد ؟ ماذا يكون أبْهى من هذا السرور ؟ أن يرث إنسان أرض الفردوس. فلذلك يا أخوتي إذ قد سمعتم فضل سمو هذا الوعد وجسامة وقدر ثروته فبادرا أن تقتنوا الوداعة ، وسارعوا إلى بَهاء الفضيلة إذ قد سمعتم شرفها فتخشعوا واحرصوا بكافة قوتكم أن ترثوا هذه الأرض لئلا نبكي بكاءً مراً متندمين حيث لا ينفع الندم ، إذ قد سمعتم تطويب الوداعة فبادروا إليها، أسمعتم ما قال عنها إشعياء النبي الصادق بالروح القدس: إلى من أنظر قال الرب إلا إلى الوديع الهادئ المرتعد من أقوالي. أترى لا يجب أن نتعجب من هذا الوعد، لأنه ماذا يكون أشرف من هذه الكرامة ؟ فاحذروا يا أخوتي أن يسقط أحدكم من هذا التطويب ومن الفرح والابتهاج الذي لا يحصى، أتضرع إليكم أن تبادروا متسارعين لتقتنوا الوداعة . فإن الوديع تزين بكل عمل صالح. الوديع إن سُبَ فرح، إن حزن شكر، يُسَكن غيظ الساخطين بالمحبة، يلبث متأدباً هادئاً في الخصومة، يبتهج في الأسهار، يفرح بالتواضع، لا يستعلي ذهنه بتقويماته، لا يتحير، يستعمل السكوت لدى الكل، يتعبد في كل طاعة، مستعد لكل عمل نجيب، في كل شئ ممدوح من الجماعة، خالٍ من الرياء. القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
02 نوفمبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (14) حياة الطهارة

مفهوم الطهارة وأهميتها .. الطهارة تعني قداسة الفكر والمشاعر والسلوك.. بالبعد عن الخطية والشهوة والانحرافات الاخلاقية فيحيا الانسان نقياً وعفيفاً فى أفكاره وفى أقوال فمه ونظرات عينيه وأحاديثه وكل طرقه وحياته الداخلية والخارجية معاً . الطهارة ليست طهارةَ اليدين والرجلين والجسد، فتلك نظافة في نظر المسيحية ولا ترقى ابداً لمستوى الطهارة ، وعكس الطهارة هو النجاسة ، نجاسة القلب والفكر الذي تصدر عنه الافكار والاتجاهات والمشاعر والسلوك والقرارات الخاطئة . اننا نؤمن ان الرب قدس الطبيعة الإنسانية عندما اتحد بها وصار ملتزما بها وراعيا لها ومدبرا لخلاصها وعندما صعد الى السماء وجلس عن يمين الاب احتفظ بجسده الذي أخذه من القديسة مريم وهكذا دخلت الطبيعة الإنسانية الي أعماق السماء كما أصبح الله في أعماق الإنسان لقد أصبح الإنسان بالعماد ابناً لله وبالميرون المقدس اصبح مكرسا للرب وصار هيكلا للروح القدس ومسكنا للرب وعضوا فى الكنيسة التي هي جسده السري. وفى هذا يقول الإنجيل {ألستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وإنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفى أرواحكم التي هي من الله } (1كو 6: 19-20).كما ينبه علينا باهمية العفاف {ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء للمسيح، أفآخُذ أعضاء اعضاء واجعلها أعضاء زانية؟ حاشا} (1كو6:15) لقد خلق الله الانسان طاهراً على صورته ومثاله.. ووهبه كل الامكانيات اللازمة للطهارة والنقاوة الداخلية . ان الانسان يقع فى النجاسة والخطية لا لانها أقوى منه ولكن من أجل تراخيه وكسله عن الجهاد او سعيه وراء الشهوات المحرمة . العفاف والطهارة هم سر قوة الانسان ونجاحه فى الحياة . ان يوسف العفيف أنتصر فى كل مجالات الحياة رغم الضيقات والتجارب الخارجية لانه كان أمينا طاهراً عفيف القلب واللسان والفكر والسلوك فى بيت أبيه ، وعندما ذهب ليسأل عن سلامة أخوته الحاسدين له، وفي بيت فوطيفار عندما راودته امرأة سيده ثم فى السجن . لقد خلصه الله من جميع ضيقاته ورفعه من اجل طهارته . ولهذا وهبه حكمة من روحه القدوس وبحسن تدبيره انقذ مصر واهلها واهله من المجاعة الى حاقت بهم ، بعكس ذلك شمشون الجبار الذى ارتمى فى أحضان دليله وأستسلم لشهواته فخانته وسلمته لاعدائه فقعلوا عينيه وجعلوه يعمل كثور يدور على الطاحون . + الطهارة تظهر فى تعاملك مع الجنس الاخر.. فإنك تتعامل معهم كأخوة أحباء باحترام ونقاء دون إزالة للكلفة أو خدش للحياء وإنما بود وإعزاز كأعضاء معك في جسد المسيح أو في أسرة الإنسانية. ولكن إذا شعرت أن شخصاً منهم قد سرق اهتمامك وتفكيرك وخيالاتك حينئذ بنضج ووعي يكون لديك إمكانية لضبط لعواطفك واتخاذ ما تراه مناسبا بالحرص والجهاد او الابتعاد ، فنحن نحتفظ بعواطف الحب الزيجى لشريك حياتنا فى سر الزواج المقدس والذى تكون فيه العلاقات الزوجية مقدسة وتعبيراً راقيا عن المحبة دون ابتزال او شهوة امتلاك انانى للآخر. والطهارة هي النظرة المقدسة للجسد سواء جسدك أو جسد الآخر. فالطاهر هو الذي ينظر إلي كل أعضائه بالتكريم كمكان يسكن فيه روح الله. إن الانسان الطاهر لا يشتهي ولا يتطلع للجمال الجسدي للآخر لأنه يعرف أن الجمال باطل والحسن غش كما يقول الحكيم والجمال الحقيقي يحترم فيه الانسان ككل كهيكل لله . اننا فى تقديرنا للآخرين لا نشتهيهم ونقدرهم ولا نريد أن نمتلكهم ونستهلكهم بل إن نقييم الآخرين كشخصيات لا كمجرد أجساد. فالجسد هو الغلاف الخارجي ولكن الذي نحترمه بالأكثر هو ما يحويه هذا الغلاف من طباع ومفاهيم وقامة روحية وفكر وإرادة وشخصية. اننا كابناء وبنات الله لا نشترك مع أهل العالم فى كلامهم او افكارهم او أفعالهم الخاطئة بل بالاحرى نوبخها بقداسة سريرتنا وسيرتنا كما كان لوط يعذب نفسه البارة بافعالهم الاثمة { اذ كان البار بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم يعذب يوما فيوما نفسه البارة بالافعال الاثيمة (2بط 2 : 8) فالمؤمن الحقيقى يأخذ الامور بجدية وروحانية . انها ليست مزاح او تسلية او قضاء وقت بل هي قضية حياة أو موت، أبدية أو هلاك، إيمان أو انحلال، قداسة أو استهزاء؛ تمايز وشهادة أو انجراف في التيار. إاننا نقدس الحياة والجسد والجنس سواء ما يختص بالحياة الزوجية أو النظرة السليمة لأعضاء الجسد. فالشاب المسيحي الذي أدرك قيمة كرامة جسده يحرص على أن يلبس الرب يسوع ولا يشاكل هذا الدهر ولا يسلك في طريق الأشرار وفى مجلس المستهزئين لا يجلس لأن ذهنه قد استنار وحياته قد تجددت وأصبح حريصا على أن يرضى الرب في طرقه ويحفظ الوصية عن حب لذاك الذى صلب وقام لاجله ...فنحن لا نشابه أهل العالم في أهدافهم وطرقهم وألفاظهم وسلوكهم. { ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة} (رو 12 : 2) + اقتناء الطهارة يأتى من عمل نعمة وعطية الروح القدس في المؤمن ولكنها تحتاج إلي جهاد وسهر ويقظة قلب. نحن لا نستطيع بمفردنا أن نجعل أنفسنا أطهاراً ولكننا نستطيع أن نصلى ونجاهد ونطلب من الله ان يهبنا طهارة الفكر والعواطف والسلوك ويقوينا لكي نحتفظ بطهارتنا فى المسيح يسوع ربنا وعمل نعمته وفعل روحه القدوس. من أجل هذا نصلى كل يوم للروح القدس طهرنا من دنس الجسد والروح وانقلنا إلي سيرة روحانية لكي نسعى بالروح ولا نكمل شهوة الجسد ونطلب من الله ان يجدد فى أحشائنا نعمة روحه القدوس ، روحاً مستقيماً ومحيياً روح النبوة والعفة، روح القداسة والعدالة والسلطة لانها قادر علي كل شئ وهو ضياء نفوسنا . + الطهارة وتحقيق الذات .. الذي يحيا طاهراً لا يحقق ما تتطلبه الوصية فقط وإنما يحقق ذاته وينجح أولاً. ويصبح الإنسان كما يريده الرب. يحرص على أن تظهر االطهارة والقداسة في حياته ويرفض أن يطمسها بالحياة الشهوانية والتصرفات الجسدانية. ويقول رجال علم النفس أن الشاب الطاهر تحيا غرائزه وتنمو في انسجام واتفاق وتكامل بعكس الشاب الشهواني إذ يسيطر عليه الانهماك في الملذات الجنسية، الأمر الذي يجعل بقية الدوافع في خلل وارتباك. فالطهارة مطلب نفسي وروحى. لهذا نرى الشاب الطاهر حقيقة الذي لا يعاني كبتاً أو قهراً يحيا في سلام ونضارة وفرح وسعادة تخلو نفسيته من العقد النفسية والهموم والأحزان وتأنيب الضمير وأوجاع النفس المختلفة. النجاسة تقدم لذة وقته للخاطئ ولكن هل هذه اللذة تؤدي إلي الشبع الكامل والشعور بالاستقرار النفسي الحقيقي؟. يجب ان نتأكد أن الله لا يريد سوى سعادتنا وهو لم يخلق الجنس ليعذبنا به وإنما لنستخدمه في مجراه الإنساني السوي فنتمتع بكل طاقتنا فلا نحاول أن نستخدم أجهزتنا بطريقة غير تلك المخلوقة من أجلها، حقاً إن حياة الطهارة تؤدي إلي السعادة النفسية فهي مطلب نفسي وإنساني كما هي وصية إلهية وفضيلة روحية، والطهارة تحمي الإنسان من الأمراض الجنسية وتحفظ نضارة الشباب ، ولذلك تجد وجه الشاب الطاهر يختلف تماماً عن وجه الساقط في بالوعة الشهوات الجنسية. ورغم تقدم الطب في معالجة الأمراض لكن مازالت للنجاسة ضحايا كثيرة مثل أمراض الايدز والكبد الوبائى والزهري والسيلان علاوة على الامراض النفسية ومن قلق وكابة وانفصام الشخصية واليأس وغيرها . السيد المسيح والحياة الطاهرة المقدسة ... + ان الرب الهنا يتميز بالقداسة ويدعونا اليها { اني انا الرب الهكم فتتقدسون وتكونون قديسين لاني انا قدوس ولا تنجسوا انفسكم } (لا 11 : 44) بالتجسد الإلهى صار الكلمة جسداً وحل بيننا وشابهنا فى كل شئ ما عدا الخطية وحدها ، لم يفعل خطية ولا وجد فى فمه غش ومرة بكت السيد المسيح اليهود قائلاً {من منكم يبكتني على خطية فان كنت اقول الحق فلماذا لستم تؤمنون بي }(يو 8 : 46) من اجل هذا دعانا القديس بطرس ان نتبع خطواته { بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم ايضا قديسين في كل سيرة }(1بط 1 : 15). فان ارادة الله قداستنا وامتناعنا عن الشر { لان هذه هي ارادة الله قداستكم ان تمتنعوا عن الزنا} (1تس 4 : 3). لاننا مدعوين كابناء الله الى حياة الطهارة والقداسة وملكوت السموات {فاذ لنا هذه المواعيد ايها الاحباء لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد و الروح مكملين القداسة في خوف الله} (2كو 7 : 1). فاننا بدون القداسة والطهارة لن نعاين الملكوت او الله { اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى احد الرب} (عب 12 : 14). من اجل هذا دعانا لحياة التوبة المستمرة وان نصنع ثمارا تليق بحياة الطهارة والقداسة { فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة و لا تبتدئوا تقولون في انفسكم لنا ابراهيم ابا لاني اقول لكم ان الله قادر ان يقيم من هذه الحجارة اولادا لابراهيم} (لو 3 : 8). + اهتم السيد المسيح بطهارة الحواس لانها ابواب الفكر { ليس احد يوقد سراجا ويضعه في خفية ولا تحت المكيال بل على المنارة لكي ينظر الداخلون النور.سراج الجسد هو العين فمتى كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا ومتى كانت عينك شريرة فجسدك يكون مظلما.انظر اذا لئلا يكون النور الذي فيك ظلمة.فان كان جسدك كله نيرا ليس فيه جزء مظلم يكون نيرا كله كما حينما يضيء لك السراج بلمعانه } لو 33:11-36. كما علمنا ان نحترس من النظرات الخاطئة او اللمسات الخاطئة التى تنحرف بعاطفة الانسان وتجعله يزنى فى قلبه { قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تزن. واما انا فاقول لكم ان كل من ينظر الى امراة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه. فان كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها والقها عنك لانه خير لك ان يهلك احد اعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم. وان كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها والقها عنك لانه خير لك ان يهلك احد اعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم} مت 27:5-30. + طهارة القلب واللسان والسلوك . دعانا السيد المسيح الى الحرص نقاوة القلب وطهارته لانه من فضلة القلب يتكلم الفم { كيف تقدرون ان تتكلموا بالصالحات وانتم اشرار فانه من فضلة القلب يتكلم الفم. الانسان الصالح من الكنز الصالح في القلب يخرج الصالحات والانسان الشرير من الكنز الشرير يخرج الشرور.ولكن اقول لكم ان كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساب يوم الدين. لانك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان} مت34:12-37. وبين لنا اهمية الطهارة والنقاوة الداخلية التى تقود الى حياة مقدسة فى الرب { ثم دعا الجمع وقال لهم اسمعوا وافهموا. ليس ما يدخل الفم ينجس الانسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الانسان.حينئذ تقدم تلاميذه وقالوا له اتعلم ان الفريسيين لما سمعوا القول نفروا. فاجاب وقال كل غرس لم يغرسه ابي السماوي يقلع. اتركوهم هم عميان قادة عميان وان كان اعمى يقود اعمى يسقطان كلاهما في حفرة. فاجاب بطرس وقال له فسر لنا هذا المثل. فقال يسوع هل انتم ايضا حتى الان غير فاهمين. الا تفهمون بعد ان كل ما يدخل الفم يمضي الى الجوف ويندفع الى المخرج. واما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر وذاك ينجس الانسان.لان من القلب تخرج افكار شريرة قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف. هذه هي التي تنجس الانسان واما الاكل بايد غير مغسولة فلا ينجس الانسان} مت 10:15-20. هكذا وبخ السيد المسيح الفريسيين الذى اهتموا فقط بالنظافة الخارجية دون القلب ومحبة الله والحق والرحمة والإيمان {و فيما هو يتكلم ساله فريسي ان يتغدى عنده فدخل و اتكا. واما الفريسي فلما راى ذلك تعجب انه لم يغتسل اولا قبل الغداء. فقال له الرب انتم الان ايها الفريسيون تنقون خارج الكاس والقصعة واما باطنكم فمملوء اختطافا وخبثا. يا اغبياء اليس الذي صنع الخارج صنع الداخل ايضا . بل اعطوا ما عندكم صدقة فهوذا كل شيء يكون نقيا لكم.ولكن ويل لكم ايها الفريسيون لانكم تعشرون النعنع والسذاب وكل بقل وتتجاوزون عن الحق ومحبة الله كان ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك. ويل لكم ايها الفريسيون لانكم تحبون المجلس الاول في المجامع والتحيات في الاسواق. ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم مثل القبور المختفية والذين يمشون عليها لا يعلمون} لو 37:11-44. + هكذا كرز التلاميذ بحياة الطهارة والتعفف.. فما عاشوه وتعلموه من معلهم الصالح ساروا به وعلموه . لان غاية الوصايا هى المحبة من قلب طاهر{ واما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء (1تي 1 : 5). هكذا يوصى القديس بولس الرسول { اخيرا ايها الاخوة كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما هو مسر كل ما صيته حسن ان كانت فضيلة وان كان مدح ففي هذه افتكروا. وما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورايتموه في فهذا افعلوا واله السلام يكون معكم} فى 8:4-9. اننا رغم أغراءات العالم نسلك فى حياة الطهارة فى البتولية او فى الزواج المقدس كما يحق لإنجيل المسيح { فمن ثم ايها الاخوة نسالكم ونطلب اليكم في الرب يسوع انكم كما تسلمتم منا كيف يجب ان تسلكوا وترضوا الله تزدادون اكثر. لانكم تعلمون اية وصايا اعطيناكم بالرب يسوع. لان هذه هي ارادة الله قداستكم ان تمتنعوا عن الزنا. ان يعرف كل واحد منكم ان يقتني اناءه بقداسة وكرامة. لا في هوى شهوة كالامم الذين لا يعرفون الله. ان لا يتطاول احد ويطمع على اخيه في هذا الامر لان الرب منتقم لهذه كلها كما قلنا لكم قبلا وشهدنا.لان الله لم يدعنا للنجاسة بل في القداسة. اذا من يرذل لا يرذل انسانا بل الله الذي اعطانا ايضا روحه القدوس. واما المحبة الاخوية فلا حاجة لكم ان اكتب اليكم عنها لانكم انفسكم متعلمون من الله ان يحب بعضكم بعضا} 1تس 1:4-9 + الأهتمام بطهارة الحواس واللسان والفكر والقلب والجسد .. ان ابتعادنا عن العثرات والاعثار بالحواس يجعلنا فى بعد عن الافكار الخاطئة ، بهذا يوصينا السيد المسيح ان نبتعد عن من يعثرنا ولو كان انسان مهم لنا كاليد اليمنى او العين { ويل للعالم من العثرات فلا بد ان تاتي العثرات ولكن ويل لذلك الانسان الذي به تاتي العثرة .فان اعثرتك يدك او رجلك فاقطعها والقها عنك خير لك ان تدخل الحياة اعرج او اقطع من ان تلقى في النار الابدية ولك يدان او رجلان. وان اعثرتك عينك فاقلعها والقها عنك خير لك ان تدخل الحياة اعور من ان تلقى في جهنم النار ولك عينان} مت 7:18-9. لهذا ايضا نوصى بناتنا وابنائنا ان لا يكونوا عثرة فى ملابسهم او تصرفاتهم كما اوصانا القديس بطرس الرسول { ولا تكن زينتكن الزينة الخارجية من ضفر الشعر والتحلي بالذهب ولبس الثياب. بل انسان القلب الخفي في العديمة الفساد زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن}1بط 3:3-4. اننا نحافظ على عفة الاذان بتعودها على سماع التراتيل والعظات والعيون بتطلعاتها للسماء والقديسين والايدى بان لا تمتد الى ما لغيرها ولا نفرح بربج قبيح او رشوة او عيش مسرف بل تسرع فى خدمة المحتاجين والعطاء ونبتعد بلساننا عن الادانة والتهكم والكذب والكلام الغير بناء اما القلب اى الانسان الداخلى فيمتلئ بمحبة الله والمشاعر المقدسة والعواطف الروحية { فوق كل تحفظ احفظ قلبك لان منه مخارج الحياة} (ام 4 : 23). اننا نحرص على نقاوة قلوبنا بالتوبة والانشغال بمحبة الله والأمتلاء من ثمار ومواهب الروح القدس فلا يجد ابليس سواء بالافكار او العواطف غير المقدسة مكاناً له فى قلوبنا ونرى الله ونعاين مجده { طوبى للانقياء القلب لانهم يعاينون الله }(مت 5 : 8). كيف نقتني حياة الطهارة .. + تجنب السلبيات والعثرات .. يجب علينا ان نحرص على البعد عن كل مسببات الخطية والشهوة سواء التى تاتى من داخل الانسان او من الخارج .. فيجب علينا تجنب العثرات التى تأتى من الجسد كالطعام الدسم او الذائد الذى يولد حرارة الجسد لاسيما قبل النوم ، ونمارس الصوم باعتدال ومعه تواضع القلب والصلاة لله ليهبنا حياة الطهارة والعفة ونتجنب الكسل والفراغ ونهتم بنقاوة قلوبنا ونبعد عن الكبرياء كسبب لابتعاد نعمة الله المقوية عنا { قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح} (ام 16 : 18).كما ان البعد عن الاسباب الخارجية من قراءات او مشاهدات خاطئة او علاقات معثرة تغلق الباب على حروب الشهوة من اجل هذا يوصينا الانجيل بالبعد بل بالهروب من العثرات { اما الشهوات الشبابية فاهرب منها واتبع البر والايمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي (2تي 2 : 22). + التوبة الصادقة.. بدون التوبة الصادقة تظل الحياة في صراع، والقلب في انقسام، والسقوط والقيام متكرر، ويزرع فينا الشيطان روح اليأس والانهزام. أما العزم الصادق على الحياة مع المسيح والجهاد الدءوب للحفاظ على النعمة المعطاة بالروح، فهذه هي وحدها التي تحمينا من خطورة الانزلاق وهاوية السقوط. ليس معنى هذا أن الحرب ستنتهي للابد ، وليس معنى هذا أن لا نتعرض للتجارب ، ولكن الذي نعنيه هو أن القلب سيكره الخطيئة مهما عرضت، وسيرفضها مهما ثقلت وسينهض من الكبوة إذا النفس عثرت يشبه الآباء القديسون الفارق بين التائب وغير التائب بالحمل والخنزير، الحمل قد يعثر ولكن سرعان ما ينفض التراب ويقوم من كبوته ولا يطيق الوحل على فروته. تنعشه النظافة وتزيده صحة ووزناً، أما الخنزير فحتى لو عطرته بالعطور الغالية فإنه يجري وراء المزبلة ليأكل منها ويتقلب في مراغة الحمأة.نحتاج إلى توبة واعتراف والصلاة بالروح لننال الطهارة ونكون آنية مقدسة وهياكل طاهرة وأعضاء حية في الجسد المقدس لتنفيذ مقصد الآب . كما ان حضور القداسات والتقرب من الاسرار المقدسة يجعل المسيح يحل بالايمان فى قلوبنا ويقدسنا جسدا ونفسا وروحا . فنثبت فى المسيح كما تثبت الاغصان فى الكرمة ونأتى بثمر ويدوم ثمرنا . + الصلاة بالروح والحق.. الله روح ويريدنا ان نصلى اليه بالروح والحق وتكون صلواتنا عشرة محبة مع الله وسيرنا معه احساس صادق بوجوده الدائم معنا ، يسمع ويستجيب لنا كعريس للنفس البشرية من اجل هذا قال القديس بولس الرسول { فاني اغار عليكم غيرة الله لاني خطبتكم لرجل واحد لاقدم عذراء عفيفة للمسيح} (2كو 11 : 2). نحيا حياة الصلاة والتسبيح. إننا بالصلاة تسمو غرائزنا وتتسامى طاقتنا العاطفية إلى المحبة الكاملة الصادقة مع الله ، نشكره على احساناته ونبثه همومنا وضعفنا ونطلب منه فى صلة دائمة ان يقودنا فى موكب نصرته . + القراءة فى الإنجيل والكتب الروحية .. ان كلمة الله قوية وفعاله { لان كلمة الله حية و فعالة و امضى من كل سيف ذي حدين و خارقة الى مفرق النفس و الروح و المفاصل و المخاخ و مميزة افكار القلب ونياته} (عب 4 : 12). وهى تنقى الانسان الذى يقرائها { انتم الان انقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به} (يو 15 : 3) فيجب علينا ان نعطى لها الاهمية بالدارسة والعمل بها كما ان كتابات الاباء الغنية بالروحانية تجذبنا الى حياة النقاوة وتهبنا مادة مقدسة للصلاة وتحفظ الفكر مقدساً فى الرب . كما ان قراءة سير القديسين والتعلم من حياتهم ومصادقتهم كامثلة حية للحياة الطاهرة تقودنا الى حياة مقدسة . + الصوم المقدس .. الصوم المقبول وباعتدال وارشاد يغلب الشيطان ولاسيما نهم البطن ويقوى الروح ويضبط أهواء الجسد.. الصوم رياضة روحية عظيمة يعطى فرصة للروح أن تنطلق في العبادة بلا عائق الصوم الإنقطاعي مع الصلاة والحياة الروحية الحقة يجعل الجسد شفافا رقيقا ويخفف ارتباط الإنسان بالأرض ويوجه اهتماماته إلى السمائيات {ليس بالخبز وحدة يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} الصوم تدريب على طاعة الله واختبار إماتة شهوات الذات، فيه خشوع وانسحاق وفيه زهد عن العالم وتوبة عن الخطايا. وكلما ارتبط الصوم بالصلاة والسجدات والتذلل أمام الله يصبح فعالا ويحرق افكار النجاسة الخاطئة. +أستغلال الطاقاتك بايجابية روحية .. لدى كل إنسان منا طاقات ومنها الطاقة العاطفية والفكرية والبدنية والجنيسة فيمكننا ان نستخدمها للبناء او الهدم . علينا ان نستخدم طاقاتنا فى البناء الروحى السليم ونتسامى بغرائزنا وطاقاتنا ولا ندع انفسنا فريسة للفراغ والضياع بل نعمل وننجح ونتميز فى دراستنا وعملنا ونمارس الانشطة والخدمات الكنسية والوطنية . وننمى مواهبنا سواء القراءة او كالرسم او الموسيقي او الاشغال اليدوية او الرحلات او خدمة الكنيسة وانشطتها فى افتقاد المرضي والمحتاجين والقرى المحتاجة او بالرياضة الجسدية التى تكسب الجسم القوة والنشاط وتخفف الضغوط والتوترات { لان الرياضة الجسدية نافعة لقليل ولكن التقوى نافعة لكل شيء اذ لها موعد الحياة الحاضرة و العتيدة} (1تي 4 : 8). ان الطهارة والعفاف المسيحى يعنى قلباً ملتهباً بالحب الإلهي الذي يشبع النفس ويملأ الفراغ الداخلي ويحل مشكلة العزلة والملل والسأم، ويغمر قلب الانسان بنعمة الروح القدس الوديع الهادئ فتنطفئ كل شهوة خاطئة وتهدأ حركات الجسد واعضاءه وتمتلئ النفس فرحاً وسلاماً ونعيماً. وتنمو فينا طاقات المحبة الإيجابية ونوجهها التوجيه السليم . شئ من التاريخ المسيحى الاول من نص الدفاع عن المسيحية موجه إلى الإمبراطور الروماني هارديان للقدِّيس يوستينوس الشهيد عاش من 100م فى نابلس بفلسطين حتى استشهد فى 165م بروما الباب الثاتي : تعاليم الديانة المسيحيةالانتقال من الظلمة إلى النور – الطهارة في الزمن الماضي، كنا نُسرّ بالفجور، أما اليوم فإن الطهارة هي كل ملذَّاتنا كنا نستسلم للسِحر، أما الآن فإننا نكرِّس أنفسنا للَّه الصالح. كنا نحب المال والممتلكات ونبحث عنها أكثر من كل شيء، أما الآن كل أموالنا مشتركة يقاسمنا فيها الفقراء كانت الأحقاد تفصلنا عن بعضنا البعض، وكانت الفروق بين العادات والتقاليد لا تسمح لنا بقبول الغريب في بيتنا، أما اليوم بعد مجيء المسيح، فإننا نعيش معًا، ونصلِّي من أجل أعدائنا، ونحاول أن نكسب مضطهدينا الظالمين أرى أنه يحسن أن نذكِّركم ببعض تعاليم المسيح نفسه. وعليكم بفضل مقدرتكم وسلطانكم الإمبراطوري، أن تحكموا إذا كانت التعاليم التي أخذناها ونسلِّمها هي تعاليم مطابقة للحق الطهارة {كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه. فإن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها} (مت 5: 28-29). {خير لك أن تدخل ملكوت اللَّه أعور من أن تكون لك عينان وتطرح في جهنم النار}(مر 9: 47). {ليس الجميع يقبلون هذا الكلام، بل الذين أُعطي لهم. لأنه يوجد خِصيان وُلدوا هكذا من بطون أمَّهاتهم. ويوجد خِصيان خَصاهم الناس. ويوجد خِصيان خَصوا أنفسهم لأجل ملكوت السماوات. من استطاع أن يقبل فليقبل} مت 19: 11-12 وهكذا، فإن الذين بحسب القانون البشري يعقدون زواجًا مضاعفًا. اما لدينا الذين ينظرون إلي امرأة ليشتهوها متساوون في الذنب أمام ربنا. فهو لا يمنع الزنا فحسب، بل يمنع نيَّة الزنا أيضًا، لأن أفكارنا معلومة لدى اللَّه مثل أعمالنا إن رجالاً ونساء كثيرين، إذ تعلَّموا منذ الصبا في ناموس المسيح، ظلُّوا أنقياء حتى سن الستين والسبعين، وإني اَفتخر بأن أذكر لكم بعض أمثلة هؤلاء في كل الطبقات. وهل يلزم أن أذكركم أيضًا بالعدد الغفير من أولئك الذين تركوا الرذيلة لكي يخضعوا لهذه التعليم؟ والمسيح لم يدع الأبرار والأطهار للتوبة، بل الكفرة والمرذولين والأشرار. ألم يقل: "لم آت لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة" (مر 2: 17). لأن الآب السماوي يفضل توبة الخاطئ على معاقبته.. القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
26 أكتوبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (12) العطاء

مفهوم العطاء وبركاته .. مفهوم العطاء .. فى عصر يسوده التكالب على المادة والاقتناء والانانية نرى ابناء الله يعطون أنفسهم اولاً لله ثم يبذلون أنفسهم فى سعادة من أجل أخوتهم لاسيما المحتاجين والفقراء متذكرين كلمات الرب يسوع ان الغبطة فى العطاء { في كل شيء اريتكم انه هكذا ينبغي انكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع انه قال مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ} (اع 20 : 35). العطاء ليس هو عطاء المال فقط ، ولكنه يشمل العطاء في كل شئ بالبذل والمحبة والتضحية والتشجيع والخدمة والوقت والمال والعواطف الصادقة . ان العالم بما فيه من غزارة فى الانتاج وسوء فى التوزيع، ومن فيه من فقراء ومحرومين واناس بلا مسكن مناسب واناس تموت من سوء التغذية او انعدام الماء النظيف او الحرمان من الرعاية الصحية والتعليمية والاخلاقية فى حاجة ليرى محبة الله المعلنة فى المسيح يسوع من خلال المؤمنين ليري الناس اعمالنا الصالحة ويمجدوا ابانا الذى فى السموات . ان العطاء وعمل الرحمة يشمل كل أشكال الرحمة والعطاء والمساعدة المادية والمعنوية والنفسية والروحية للمحتاجين والفقراء بصفة عامة والكنيسة واحتاجاتها فى الخدمة المادية والروحية وكل عمل يهدف الى أظهار رحمة الله الحانية على كل احد فى حكمة فى العطاء والتوزيع فلا يؤخد مال المحتاجين ويعطي للمحتالين فى عالم يموت فيه ربع مليون كل يوم من الجوع يجب ان يُقدم عمل الرحمة للمحتاجين من اي جنس او دين وامة ولاسيما أهل بيتنا وخاصتنا المحتاجين {وان كان احد لا يعتني بخاصته ولا سيما اهل بيته فقد انكر الايمان وهو شر من غير المؤمن} (1تي 5 : 8). العطاء تشبه بالله واشتراك فى العمل معه ... ان الله هو الرازق ومعطي جميع الخيرات ، وهو الخالق القدير الذي يملك كل شيء والذي يعطي بسخاء ولا يعير وهو يريد ان يشركنا معه فى كل عمل صالح {ولكن من انا ومن هو شعبي حتى نستطيع ان ننتدب هكذا لان منك الجميع ومن يدك اعطيناك} (1اخ 29 : 14) . { وهو يفعل خيراً يعطينا من السماء أمطاراً وأزمنة مثمرة ويملأ قلوبنا طعاما وسروراً}أع17:14. الله هو الذى أمطر مناً من السماء أربعين عاماً ليأكل الشعب ولم تفرغ خزائنه، وأعطاهم لحماً ليأكلوا أربعين يوماً صباحاً ومساءً . وهو الذي عال إيليا النبى عندما كان الرب يرسل له غراباً بخبز ولحم صباحاً ومساءً كل يوم.. فمن أين وكيف؟ وهل تعلم أن الغربان من أشد الطيور نهماً وأكلاً للحوم؟ ثم ذهب ايليا بامر الرب إلى امرأة أرملة لديها ابن وحيد. وبسبب المجاعة لم يبق لديها إلا كف من الدقيق والزيت ليكفيها هي وابنها لوجبة واحدة قادمة { وفيما هي ذاهبة لتاتي به ناداها وقال هاتي لي كسرة خبز في يدك. فقالت حي هو الرب الهك انه ليست عندي كعكة ولكن ملء كف من الدقيق في الكوار وقليل من الزيت في الكوز وهانذا اقش عودين لاتي و اعمله لي ولابني لناكله ثم نموت. فقال لها ايليا لا تخافي ادخلي واعملي كقولك ولكن اعملي لي منها كعكة صغيرة اولا واخرجي بها الي ثم اعملي لك ولابنك اخيرا . لانه هكذا قال الرب اله اسرائيل ان كوار الدقيق لا يفرغ وكوز الزيت لا ينقص الى اليوم الذي فيه يعطي الرب مطرا على وجه الارض. فذهبت وفعلت حسب قول ايليا واكلت هي وهو و بيتها اياما. كوار الدقيق لم يفرغ وكوز الزيت لم ينقص حسب قول الرب الذي تكلم به عن يد ايليا} 1مل 11:17-17. ان عطاء المرأة من اعوازها كان أمتياز لها . الرب الخالق لا يحتاج ولكنه يحبنا ويريد أن نشترك معه في عمله ونكون جزء من تتميم مقاصده . هو يريدنا أن نكون أعضاء بره. يريد أن يعطي بنا ويشبع من خلالنا ، فنجد الشبع والعطاء يرتد إلينا فائضاً يملأ كل احتياجتنا بل ويزيد ويفيض . العطاء نمو لخبرتنا الإيمانية... قبلت الأرملة دعوة الرب لتقدم الخبز لإيليا أولاً. فاختبرت حياة الإيمان كما حصلت على المكافآت وتسديد الاحتياجات. وهناك أرملة أخرى قدمت فلسين هم كل ما عندها ومدحها السيد المسيح لانها وثقت فى الله الذي يدبر كل احتياجاتنا حسب غناه فى المجد {ذوقوا وانظروا ما اطيب الرب طوبى للرجل المتوكل عليه.اتقوا الرب يا قدسيه ، لانه ليس عوز لمتقيه. الاشبال احتاجت وجاعت واما طالبو الرب فلم يعوزهم شئ} مز 8:34-10. العطاء امتياز خاص بحياة الإيمان بالرب، لذا يدعونا للعطاء ليعلمنا حياة الايمان وليس بالحسابات البشرية المعقدة والمخاوف النفسية. أعطوا بالإيمان وأنتوا تنتظروا حصاداً وفيراً فى الارض وفى السماء { اعطوا تعطوا كيلا جيدا ملبدا مهزوزا فائضا يعطون في احضانكم لانه بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم} (لو 6 : 38) . وبينما نرى البعض يجعل من المال الها يتعبد له نري ابناء الله يستخدمون اموالهم وممتلكاتهم وحياتهم للنمو في الايمان والعطاء ويفيض عليهم الله ببركاته { لا يقدر خادم ان يخدم سيدين لانه اما ان يبغض الواحد ويحب الاخر او يلازم الواحد و يحتقر الاخر لا تقدرون ان تخدموا الله والمال. وكان الفريسيون ايضا يسمعون هذا كله وهم محبون للمال فاستهزاوا به. فقال لهم انتم الذين تبررون انفسكم قدام الناس ولكن الله يعرف قلوبكم ان المستعلي عند الناس هو رجس قدام الله} لو13:16-15. العطاء والبركة والخير .. ان الله كآب صالح يدرك حاجتنا لان نري خيراً ومكأفاة ليس في السماء فقط بل وعلى الارض ايضا { اكرم الرب من مالك ومن كل باكورات غلتك فتمتلىء خزانتك شبعا وتفيض معاصرك مسطارا } ( ام 3 : 9 – 10}.{ ايسلب الانسان الله فانكم سلبتموني فقلتم بم سلبناك في العشور و التقدمة. قد لعنتم لعنا واياي انتم سالبون هذه الامة كلها.هاتوا جميع العشور الى الخزنة ليكون في بيتي طعام وجربوني بهذا قال رب الجنود ان كنت لا افتح لكم كوى السماوات وافيض عليكم بركة حتى لا توسع} ملا 8:3-10. العطاء وعمل الرحمة ينجي من الشر واقراض لله يعود علينا بربح جزيل {من يرحم الفقير يقرض الرب وعن معروفة يجازية} ( ام 19 : 17). الله ليس بظالم حتى ينسى تعب المحبة وعمل الرحمة { هذا وان من يزرع بالشح فبالشح ايضا يحصد ومن يزرع بالبركات فبالبركات ايضا يحصد} (2كو 9 : 6). {طوبى للذي ينظر الى المسكين في يوم الشر ينجيه الرب }(مز41 :1). العطاء ومحبة الله لنا .. ان كنا نريد ان نكون محبوبين للرب يجب ان نعطي بسرور وسخاء ليس عن أضطرار او بتغصب {كل واحد كما ينوي بقلبه ليس عن حزن او اضطرار لان المعطي المسرور يحبه الله} (2كو 9 : 7).والخير الذي نصنعه اليوم نجده ولو بعد أيام كثيرة لنا ولابنائنا من بعدنا { ارم خبزك على وجه المياه فإنك تجده بعد أيام كثيرة }( جا 11 – 1 }. { كنت فتى وقد شخت ولم أر صديقاً تخلى عنه ولا ذرية له تلتمس خبزاً }( مز 37 – 25 ) . {فاذا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لاهل الايمان }(غل 6 : 10). العطاء وقبول الصلاة وغفران الخطايا .. لقد أمر الله أشعياء قائلا ناد بصوت عال لا تمسك ارفع صوتك كبوق واخبر شعبي بتعديهم وبيت يعقوب بخطاياهم أن سخط الله قد اشتد عليهم بسبب خطاياهم وكبريائهم وعدم الرحمة لديهم { يقولون لماذا صمنا ولم تنظر ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ ويعاتبهم ها أنكم للخصومة والنزاع تصومون ولتضربوا بلكمة الشر لستم تصومون كما اليوم لتسميع صوتكم في العلاء. أمثل هذا يكون صوم اختاره يوما يذلل الإنسان فيه نفسه يحني كالأسلة رأسه ويفرش تحته مسحا ورمادا هل تسمي هذا صوما ويوما مقبولا للرب. أليس هذا صوما اختاره حل قيود الشر فك عقد النير وإطلاق المسحوقين أحرارا وقطع كل نير. أليس أن تكسر للجائع خبزك و أن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك إذا رأيت عريانا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك. حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك وتنبت صحتك سريعا ويسير برك أمامك ومجد الرب يجمع ساقتك. حينئذ تدعو فيجيب الرب تستغيث فيقول هأنذا} (أش2:58-9).إن العلاج لاستعطاف الله قد أعطي لنا في كلمات الله نفسه فالتعاليم الإلهية تعلمنا ما ينبغي أن نفعله ، ان نرحم اخوتنا . لأن من لا يرحم لا يستحق مراحم الله ولا يتحصل على أي نصيب من العطف الإلهي حتى لو صلي مادام ليس لديه رحمة نحو طلبات الفقير هذا ما أعلنه الروح القدس في الإنجيل فطوبى للذي ينظر إلى المسكين في يوم الشر ينجيه الرب (مز 41: 1) وروفائيل الملاك يشهد بذلك ويحث على أن تعطي الصدقة باختيار وسخاء قائلا الصلاة جيدة مع الصوم والصدقة لان الصدقة تنجي من الموت وتطهر من الذنوب (طو: 8-9). الأجر السمائي ... ما من شئ يبقى لنا كنز فى السماء مثل أعمال الرحمة والعطاء للمحتاجين {طوبى للرحماء لانهم يرحمون (مت 5 : 7) من اجل هذا يوصينا السيد المسيح بان نكنز في السماء بعمل الرحمة { لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس والصدا وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدا وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون.لانه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ايضا} مت 19:6-21. ان مقياس دخولنا للسماء هو عطائنا ومحبتنا {ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تاسيس العالم.لاني جعت فاطعمتموني عطشت فسقيتموني كنت غريبا فاويتموني.عريانا فكسيتموني مريضا فزرتموني محبوسا فاتيتم الي. فيجيبه الابرار حينئذ قائلين يا رب متى رايناك جائعا فاطعمناك او عطشانا فسقيناك.ومتى رايناك غريبا فاويناك او عريانا فكسوناك.ومتى رايناك مريضا او محبوسا فاتينا اليك. فيجيب الملك ويقول لهم الحق اقول لكم بما انكم فعلتموه باحد اخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم} مت 34:25-40. يا له من جزاء عظيم أن نطعم السيد المسيح عندما يكون جائعا او نسقيه عندما يكون عطشانا او نستضيفه غريبا او نكسوه عريانا فى احد الفقراء ويالها من جريمة كبري أن نزدري بالمسيح متي كان جائعا او عطشانا او عريانا ..الخ . ان الصدقة تمحو الخطايا وتؤهلنا لنوال الرحمة والحياة الابدية {لان الصدقة تنجي من الموت و تمحو الخطايا وتؤهل الانسان لنوال الرحمة و الحياة الابدية }(طو12 : 9) . {لان الصدقة تنجي من كل خطيئة ومن الموت ولا تدع النفس تصير الى الظلمة} (طو4 : 1). {الماء يطفئ النار الملتهبة والصدقة تكفر الخطايا} (سيراخ 3 : 33). العطاء فى حياة السيد المسيح وتعاليمه.. السيد المسيح مثالاً وقدوة .. يقدم لنا السيد المسيح قدوة ومثالاً فى العطاء والرحمة والمحبة الباذلة لنتبع خطواته اذا كان يجول يصنع خيراً ، يشبع الجائعين ويشفى المرضى ويقيم الساقطين ويتحنن على المحتاجين ويعلم الجهال ويكرز ببشارة ملكوت الله داعياً الى التوبة {ولما راى الجموع تحنن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها} (مت 9 : 36). من أجل ذلك قيل فيه {فانكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح انه من اجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا انتم بفقره }(2كو 8 : 9). عاش كفقير وهو الذي يشبع كل حي من غناه وعندما أقلبت اليه الجموع وعلمهم {ولما صار المساء تقدم اليه تلاميذه قائلين الموضع خلاء والوقت قد مضى اصرف الجموع لكي يمضوا الى القرى ويبتاعوا لهم طعاما. فقال لهم يسوع لا حاجة لهم ان يمضوا اعطوهم انتم لياكلوا. فقالوا له ليس عندنا ههنا الا خمسة ارغفة وسمكتان. فقال ائتوني بها الى هنا. فامر الجموع ان يتكئوا على العشب ثم اخذ الارغفة الخمسة والسمكتين ورفع نظره نحو السماء وبارك وكسر واعطى الارغفة للتلاميذ والتلاميذ للجموع.فاكل الجميع وشبعوا ثم رفعوا ما فضل من الكسر اثنتي عشر قفة مملوءة. والاكلون كانوا نحو خمسة الاف رجل ما عدا النساء والاولاد} مت 15:14-21. من السيد المسيح نتعلم المحبة والخدمة الباذلة ... فالمحبة كانت الدافع والمحرك للخدمة بتواضع وبذل لخاصته وللخطاة والاشرار ولكل البشرية فى كل زمان ومكان { ليس لاحد حب اعظم من هذا ان يضع احد نفسه لاجل احبائه }(يو 15 : 13). هو السيد والرب احبنا وبذل ذاته فدءاً عنا {اما يسوع قبل عيد الفصح وهو عالم ان ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم الى الاب اذ كان قد احب خاصته الذين في العالم احبهم الى المنتهى} (يو 13 : 1) . وهكذا علم تلاميذه ويعلمنا كيف تكون الخدمة والعطاء {فدعاهم يسوع و قال لهم انتم تعلمون ان الذين يحسبون رؤساء الامم يسودونهم وان عظماءهم يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يصير فيكم عظيما يكون لكم خادما.ومن اراد ان يصير فيكم اولا يكون للجميع عبدا.لان ابن الانسان ايضا لم يات ليخدم بل ليخدم و ليبذل نفسه فدية عن كثيرين} مر42:10-45. ما لدينا هو وزنات وهبات من الله .. ان كل ما لدينا من وزنات ومواهب وأمكانيات هي عطايا من الله وما نحن الا وكلاء على مواهب وعطايا الله المتنوعة وسنعطي عنها حسابا يوم الدين {وكانما انسان مسافر دعا عبيده وسلمهم امواله. فاعطى واحدا خمس وزنات واخر وزنتين واخر وزنة كل واحد على قدر طاقته وسافر للوقت. فمضى الذي اخذ الخمس وزنات وتاجر بها فربح خمس وزنات اخر. وهكذا الذي اخذ الوزنتين ربح ايضا وزنتين اخريين. واما الذي اخذ الوزنة فمضى و حفر في الارض واخفى فضة سيده.وبعد زمان طويل اتى سيد اولئك العبيد وحاسبهم.فجاء الذي اخذ الخمس وزنات وقدم خمس وزنات اخر قائلا يا سيد خمس وزنات سلمتني هوذا خمس وزنات اخر ربحتها فوقها. فقال له سيده نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك. ثم جاء الذي اخذ الوزنتين وقال يا سيد وزنتين سلمتني هوذا وزنتان اخريان ربحتهما فوقهما.قال له سيده نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك} مت 14:25-23. لهذا يوصينا بالعطاء ويعدنا بالمكافأة {اعطوا تعطوا كيلا جيدا ملبدا مهزوزا فائضا يعطون في احضانكم لانه بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم (لو 6 : 38). ويقول لنا ان نصنع لنا اصدقاء بمال الظلم اي ما نحجبه من عشورنا ونذورنا وبكورنا عن المحتاجين {وانا اقول لكم اصنعوا لكم اصدقاء بمال الظلم حتى اذا فنيتم يقبلونكم في المظال الابدية }(لو16 : 9). وان كانت العشور والنذور والبكور هي عطايا العهد القديم ويقدمها الكتبة والفريسيين فاننا مطالبون باكثرمنها {فاني اقول لكم انكم ان لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات }(مت 5 : 20). العطاء للجميع بدون انتظار المقابل .. ان الله في خيريته يشرق شمسه على الصالحين والطالحين ويمطر على الابرار والاشرار ويتأني ويرحم الجميع ويريد منا ان نتعلم منه الرحمة والمحبة للجميع دون أنتظار لمقابل والله هو الذى يعطينا الاجر العظيم كابناء له {وكل من سالك فاعطه ومن اخذ الذي لك فلا تطالبه.وكما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا انتم ايضا بهم هكذا.وان احببتم الذين يحبونكم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يحبون الذين يحبونهم.واذا احسنتم الى الذين يحسنون اليكم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يفعلون هكذا. وان اقرضتم الذين ترجون ان تستردوا منهم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يقرضون الخطاة لكي يستردوا منهم المثل.بل احبوا اعداءكم واحسنوا واقرضوا وانتم لا ترجون شيئا فيكون اجركم عظيما و تكونوا بني العلي فانه منعم على غير الشاكرين والاشرار. فكونوا رحماء كما ان اباكم ايضا رحيم} لو30:6-36. العطاء في الخفاء ..السيد المسيح يعلمنا ايضا ان نعطي فى الخفاء لكي لا نجرح مشاعر المحتاجين ولا نعطي بدافع العجب والتفاخر وتمجيد الذات {احترزوا من ان تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم والا فليس لكم اجر عند ابيكم الذي في السماوات. فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الازقة لكي يمجدوا من الناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. واما انت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك . لكي تكون صدقتك في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية} مت1:6-4. فمن الجانب السلبي يحذّرنا الرب من ممارسة الصدقة لأجل الناس: "لكي ينظروكم" اي لأجل إشباع الذات، قائلاً: فلا تعرف شمالك الأنا (ego) ما تفعل يمينك. فإن كان اليمين يُشير إلى نعمة الله التي تعمل فينا، فإنّنا نفسد هذا العمل إن قدّمناه ليس من أجل الله، وإنما لإشباع الأنا بإعلان العمل للشمال.الأنا هو أخطر عدوّ يتسلّل إلى العبادة ذاتها والسلوك الصالح، ليحطّم ما تقدّمه نعمة الله لنا خلال يميننا، وتفقده جوهره خلال الرياء الممتزج بالكبرياء. كان المراءون يصنعون الصدقة بينما يُصوّت بالبوق قدّامهم، أي تقدّم لهم دعاية، سواء في عطائهم العام في المجامع من أجل احتياجات الجماعة أو في الأزقّة .احترزوا من السلوك بالبرّ بهذا الهدف، فتتركّز سعادتكم في نظرة الناس إليكم، "وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السماوات". فقدانكم للأجر السماوي لا يكون بسبب نظرة الناس إليكم، بل لسلوككم بهذا الهدف. لم يمنعنا الرب من صنع البرّ أمام الناس ان لم نستطيع صنعه خفية ، لكنّه يحذّرنا من أن نصنعه بغرض الظهور أمامهم . عدم الرحمة يقود للهلاك .. قدم لنا السيد المسيح مثالاً لعدم الرحمة او الشفقة بمن حولنا وكيف يقود الى الهلاك { كان انسان غني و كان يلبس الارجوان والبز وهو يتنعم كل يوم مترفها. وكان مسكين اسمه لعازر الذي طرح عند بابه مضروبا بالقروح.ويشتهي ان يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغني بل كانت الكلاب تاتي وتلحس قروحه.فمات المسكين وحملته الملائكة الى حضن ابراهيم ومات الغني ايضا ودفن. فرفع عينيه في الجحيم وهو في العذاب و راى ابراهيم من بعيد ولعازر في حضنه.فنادى وقال يا ابي ابراهيم ارحمني وارسل لعازر ليبل طرف اصبعه بماء ويبرد لساني لاني معذب في هذا اللهيب.فقال ابراهيم يا ابني اذكر انك استوفيت خيراتك في حياتك وكذلك لعازر البلايا و الان هو يتعزى وانت تتعذب} لو 19:16-25. ان لعازر البلايا قد يكون معنا في البيت او جار لنا او بعيد عنا او زميل لنا فى العمل ، ونحن يفيض عنا الخبز وهو يهلك جوعا .وقد يحتاج منا الى العطاء المعنوي والروحي والتشجيع ويجب ان نقدمه له لئلا نحرم من ملكوت الله . فلنسلك كحكماء لا كجهلاء مفتدين الوقت لان الأيام شريرة . لقد نصح دانيال النبي نبوخذ نصر بصنع الرحمة لينجو من العقاب ولم يسمع له { لذلك ايها الملك فلتكن مشورتي مقبولة لديك وفارق خطاياك بالبر واثامك بالرحمة للمساكين لعله يطال اطمئنانك} (دا 4 : 27) .من اجل هذا يدعونا القديس كيرلس الكبير ان نكون رحومين: ( لذلك فمن واجبنا أن نكون أمناء لله، أنقياء القلب، رحومين وشفوقين، أبرارًا وقديسين، لأن هذه الأمور تطبع فينا ملامح صورة الله، وتكمِّلنا كورثة للحياة الأبدية). حياة الكمال والعطاء.. قدم السيد المسيح مثالا عاليا فى الكمال المسيحى للشاب الغنى ولمن يريد {قال له يسوع ان اردت ان تكون كاملا فاذهب وبع املاكك واعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني (مت 19 : 21). وهذا مافعله الرسل { و ابتدا بطرس يقول له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك.فاجاب يسوع وقال الحق اقول لكم ليس احد ترك بيتا او اخوة او اخوات او ابا او اما او امراة او اولادا او حقولا لاجلي ولاجل الانجيل.الا وياخذ مئة ضعف الان في هذا الزمان بيوتا واخوة واخوات وامهات و اولادا وحقولا مع اضطهادات وفي الدهر الاتي الحياة الابدية} مر 28:10-30. لقد نال الرسل بحق الكرامة وعمل المعجزات وخضعت لهم الشياطين ولم يعوزهم الله شئ وللان نكرمهم وهكذا فعل الأنبا أنطونيوس أب الرهبان الذى كان يملك ما يذيد عن ثلاثمائة فدان من أجود أراضى الصعيد، فباعها ووزعها أمواله واملاكه على الفقراء وعاش في الصحراء حياة الفقر الاختياري فذاع صيته فى كل الارض ونال حكمة من الله وعمل المعجزات وأقام الاموات وللان الكثير من الاديرة تسمى باسمه ليست فى مصر فقط بل وفي كل العالم . ليست العبرة عند الله بكم العطاء لكن بكيف نعطي .. فالمرأة التى أعطت الفلسين فى الخزانه مدحها السيد لانها أعطت كل ما عندها {وتطلع فراى الاغنياء يلقون قرابينهم في الخزانة. وراى ايضا ارملة مسكينة القت هناك فلسين.فقال بالحق اقول لكم ان هذه الارملة الفقيرة القت اكثر من الجميع.لان هؤلاء من فضلتهم القوا في قرابين الله واما هذه فمن اعوازها القت كل المعيشة التي لها} لو 1:21-4.والفريسى الذى يعطي العشور بكبرياء قلب ويدين الآخرين لم يتبرر امام الله كما العشار المنسحق والمرأة ساكبة الطيب الكثير الثمن بدافع المحبة مدحها الرب وقال حيثما يكرز بالإنجيل يبشر بما فعلته تذكاراً لها. وراينا كيف قبل الله عطايا كرنيليوس القائد الاممى وارسل له بطرس الرسول ليؤمن ويعتمد هو واهل بيته وكان إيمانه بداية قبول الامم فى الايمان المسيحى {فقال كرنيليوس منذ اربعة ايام الى هذه الساعة كنت صائما وفي الساعة التاسعة كنت اصلي في بيتي و اذا رجل قد وقف امامي بلباس لامع.و قال يا كرنيليوس سمعت صلاتك وذكرت صدقاتك امام الله.فارسل الى يافا و استدعي سمعان الملقب بطرس انه نازل في بيت سمعان رجل دباغ عند البحر فهو متى جاء يكلمك.فارسلت اليك حالا و انت فعلت حسنا اذ جئت والان نحن جميعا حاضرون امام الله لنسمع جميع ما امرك به الله} أع 30:10-33. الاغنياء وصنع الصلاح والسخاء .. من أجل هذا راينا الانجيل يوصى الاغنياء ان يصنعوا صلاحا ويكونوا اسخياء فى العطاء لكي يمسكوا بالحياة الإبدية {اوص الاغنياء في الدهر الحاضر ان لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع.وان يصنعوا صلاحا وان يكونوا اغنياء في اعمال صالحة وان يكونوا اسخياء في العطاء كرماء في التوزيع. مدخرين لانفسهم اساسا حسنا للمستقبل لكي يمسكوا بالحياة الابدية} 1تيم 17:6-19. لقد ذكر الإنجيل كثيراً من الاغنياء مثل ابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف الرامي وفى تاريخنا القبطي المعلم ابراهيم الجوهري ولم تتعلق قلوبهم بغناهم او يتكلوا عليه بل وثقوا فى الاله الحي هكذا يحذرنا الكتاب لئلا ينسى الانسان الله فى غناه {احترز من ان تنسى الرب الهك ولا تحفظ وصاياه واحكامه وفرائضه التي انا اوصيك بها اليوم. لئلا اذا اكلت وشبعت وبنيت بيوتا جيدة وسكنت. وكثرت بقرك وغنمك وكثرت لك الفضة والذهب وكثر كل ما لك. يرتفع قلبك وتنسى الرب الهك} ثت 11:8-14. العطاء وشركة الجسد الواحد .. {فانه كما في جسد واحد لنا اعضاء كثيرة و لكن ليس جميع الاعضاء لهاعمل واحد . هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح واعضاء بعضا لبعض كل واحد للاخر} (رو 12 : 4- 5). فيجب علينا ان نحس باحتياجات اعضاء الجسد المحتاجة والضعيفة ونهتم بها . ولهذا راينا كيف حث القديس بولس اهل كورنثوس على العطاء من أجل الكنيسة فى اورشليم حيث كانت تعاني من الاضطهاد والمجاعة بسبب الجفاف {فرايت لازما ان اطلب الى الاخوة ان يسبقوا اليكم ويهيئوا قبلا بركتكم التي سبق التخبير بها لتكون هي معدة هكذا كانها بركة لا كانها بخل . حثه اياهم على العطاء بسخاء مشبهاً الاعطاء بالزرع. هذا وان من يزرع بالشح فبالشح ايضا يحصد ومن يزرع بالبركات فبالبركات ايضا يحصد. كل واحد كما ينوي بقلبه ليس عن حزن او اضطرار لان المعطي المسرور يحبه الله.والله قادر ان يزيدكم كل نعمة لكي تكونوا ولكم كل اكتفاء كل حين في كل شيء تزدادون في كل عمل صالح. كما هو مكتوب فرق اعطى المساكين بره يبقى الى الابد. والذي يقدم بذارا للزارع و خبزا للاكل سيقدم و يكثر بذاركم و ينمي غلات بركم.مستغنين في كل شيء لكل سخاء ينشئ بنا شكرا لله . ان خدمتهم هذة تسد اعواز القديسين وتسبب الشكر الجزيل لله} 2كو 5:9-11. أنه نعمة وبركة من الله ان يشركنا فى العمل الصالح معه و يكون لنا أحاسيس الرب نفسه تجاه أخوتنا {بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الإخوة. وأما مَنْ كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه} 1يو3: 16-17. اين ندخر اذاً اموالنا ؟... ان ما نقدمه لاخوتنا من رحمة هو كنوز لنا فى السماء {لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس والصدا وحيث ينقب السارقون ويسرقون . بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدا و حيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون (مت 6 : 19- 20). يقول القديس أغسطينوس: ( إن أراد المسيحيون أن يرفعوا قلوبهم إلى فوق عليهم أن يدخروا ما يحبونه هناك فرغم وجودهم بالجسد على الأرض إلا أنهم يقطنون مع المسيح بالقلب وإذ صعد رأس الكنيسة أمامها هكذا ينبغي أن يصعد قلب المسيحي قدامه وإذ تذهب الاعضاء إلى حيث ذهب المسيح قدامها هكذا كل إنسان في القيامة يذهب إلى حيث تقدمه قلبه. لنذهب إلى السماء بذلك الجزء (القلب) الذي يستطيع الذهاب الآن وعندئذ سيتعبه إنساننا الكامل. ينبغي ان يهدم مسكننا الأرضي فإن مسكننا السماوي أبدي لنرسل أمتعتنا مقدما إلى حيثما نستعد للرحيل).ويقول الشيخ الروحاني: (من يترحم على إنسان،يصير باب الرب مفتوحاَ لطلباته في كل ساعة. ذو الإفراز بكسرة خبز يشتري لنفسه الملكوت). أهمية العمل والتعفف .. اننا نوصي الجميع بالرحمة والعطاء وحياة الشركة بين المؤمنين وهذه هي سمة الكنيسة الاولي { وكانلجمهور الذين امنوا قلب واحد ونفس واحدة ولم يكن احد يقول ان شيئا من امواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركا }(اع 4 : 32). وفي نفس الوقت نحذر هؤلاء الذين يتعودوا على الاخذ بان يعملوا ماداموا قادرين ويكونوا أعفاء النفس واليد واللسان لكي تكون تقدمات وعطايا الكنيسة ومؤمنيها للمحتاجين بالحقيقة { فاننا ايضا حين كنا عندكم اوصيناكم بهذا انه ان كان احد لا يريد ان يشتغل فلا ياكل ايضا }(2تس 3 : 10). فالقادر على العمل لابد ان يعمل ولا يكون عبء على مجتمعه واهله، لهذا راينا القديس بولس الذى جال العالم كارازاً يحيا متعففاً عاملاً لخدمة نفسه ومن معه وفي نهاية خدمته رايناه يقول {فضة او ذهب او لباس احد لم اشته.انتم تعلمون ان حاجاتي وحاجات الذين معي خدمتها هاتان اليدان. في كل شيء اريتكم انه هكذا ينبغي انكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع انه قال مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ} أع 33:20-35.ان القديس بولس الرسول هو قدوة هنا لكل الاكليروس مع اننا نحرص على ان يحيا خدام الكنيسة حياة كريمة ويتفرغوا للعبادة والكرازة وكما قال الكتاب { الستم تعلمون ان الذين يعملون في الاشياء المقدسة من الهيكل ياكلون الذين يلازمون المذبح يشاركون المذبح. هكذا ايضا امر الرب ان الذين ينادون بالانجيل من الانجيل يعيشون. اما انا فلم استعمل شيئا من هذا ولا كتبت هذا لكي يصير في هكذا لانه خير لي ان اموت من ان يعطل احد فخري} 1كو 13:9-15. لكن على الخدام ان يكونوا امناء فيما لله مكتفين بالقليل ، صائرين أمثلة للرعيه فى العفاف المسيحي والعطاء من الاعواز. المال خادم وليس سيد مخدوم .. ان المال بالنسبة للمؤمن خادما وللخدمة وليس سيداً قاسيا {وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة كانت على جميعهم.اذ لم يكن فيهم احد محتاجا لان كل الذين كانوا اصحاب حقول او بيوت كانوا يبيعونها و ياتون باثمان المبيعات. ويضعونها عند ارجل الرسل فكان يوزع على كل واحد كما يكون له احتياج} أع 33:4-35.ويجب ان يكون لدي الجميع قناعة بما لديهم {واما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة.لاننا لم ندخل العالم بشيء وواضح اننا لا نقدر ان نخرج منه بشيء. فان كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما .واما الذين يريدون ان يكونوا اغنياء فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك.لان محبة المال اصل لكل الشرور الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الايمان وطعنوا انفسهم باوجاع كثيرة} 1تيم 6:6-10. {فاذا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لاهل الايمان }(غل 6 : 10). طوبى للرحماء لانهم يرحمون.. ايها الاله الكثير الرحمة ومصدر كل الخيرات ، يا من تشبع كل حي من غناك وتشرق شمسك على الصالحين والطالحين وتمطر على الابرار والاشرار لانك انت يا رب صالح وغفور وكثير الرحمة . نصلي اليك شاكرين عطاياك ونباركك على احساناتك يا من تعولنا منذ الصغر ولا تتركنا فى الكبر والشيخوخة ، أدم مراحمك على كنيستك وبلادنا وعالمك ولتفض علينا بمحبتك ورحمتك واحساناتك لكي نسبحك كل حين كل ايام حياتنا . ايها الرب الهنا صانع الخيرات ، اعطنا ان نتعلم منك الرحمة والكرم فى العطاء والسخاء فى التوزيع واعط الحكام والمسئولين والاغنياء وكل شعبك قلبا حكيما رحيما يشعربالآم المحتاجين والمرضى والايتام والارامل والمعوزين والمحرومين ويجزل لهم العطاء ويرسم البسمة على الشفاه ويسعى لخلاص الساقطين بعين الرحمة الإلهية التى تحب الجميع وتريدنا ان نحيا الحياة الأفضل، اعطنا الحكمة التى بها نحيا كوكلاء حكماء على نعمك المتنوعة . يارب اعطنا قلبا نقياً وروحاً مستقيما فى عمل الخير لا ينسى أحساناتك وفضلك لكي نسبحك مع داود النبى : {باركي يا نفسي الرب و كل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس.باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل امراضك.الذي يفدي من الحفرة حياتك الذي يكللك بالرحمة و الرافة.الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك. الرب مجري العدل والقضاء لجميع المظلومين . الرب رحيم و رؤوف طويل الروح وكثير الرحمة. لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب اثامنا}. ايها الرب الاله المحب هبنا ان نقتدي برحمتك واحساناتك ونسعى بالحكمة فى عمل الرحمة والاحسان لنجد رحمة من لدنك يا رحيم. القمص أفرايم الأورشليمي
المزيد
19 أكتوبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (11) الصوم

مفهوم الصوم وأهميته الروحية.. الصوم فى معناه العام يعنى الامتناع عن الطعام فترة من الزمن يعقبها تناول أطعمة نباتيه خاليه من اللحوم ومنتجاته أما المعنى الروحى فيشمل كل انواع ضبط النفس والنسك والامتناع عن الشهوات وخطايا اللسان والعواطف، الصوم ليس تحريما لانواع معينه محلله للأكل بل البعد عنها لفترة نسكاً وزهداً وتعففاً . الابتعاد عن الاطعمة التى تثقل الانسان من اجل أشباع الروح وضبط النفس وكما قال السيد المسيح { ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} (مت 4 : 4). الصوم جوع الى حياة البر والتقوى والشبع بالروحيات { طوبى للجياع والعطاش الى البر لانهم يشبعون} (مت 5 : 6). ان البطن هى سيدة الاوجاع التى متى تم ضبطها، ينضبط الانسان كله روحاً وفكراً وجسداً . فمن يقدر ان يضبط نفسه فى الأكل والشرب يستطيع ان يضبط ذاته ويقول لا لشهواته واهوائه وانفعالاته ومالك نفسه خير من مالك مدينة لذلك راينا القديس بولس الرسول يقول { بل اقمع جسدي واستعبده حتى بعدما كرزت للاخرين لا اصير انا نفسي مرفوضا }(1كو 9 : 27). لقد كان كسر الصوم بالأكل من الشجرة المحرمة علة سقوط ابوينا القدماء أدم وحواء ومن يريد ان يرجع الى الفردوس مرة اخرى عليه ان يبدأ بالصوم وضبط النفس وتقوية ارادته وأشباع روحه . ان معظم الحروب والخصومات على المستوى الفردى والجماعى تبدأ من سعى الانسان لاشباع لذاته وشهواته وسعيه الى التملك الانانى للاشياء دون النظر الى حاجة اخوته { من اين الحروب والخصومات بينكم اليست من هنا من لذاتكم المحاربة في اعضائكم تشتهون ولستم تمتلكون تقتلون وتحسدون ولستم تقدرون ان تنالوا تخاصمون وتحاربون ولستم تمتلكون لانكم لا تطلبون. تطلبون ولستم تاخذون لانكم تطلبون رديا لكي تنفقوا في لذاتكم}.(يع 4 : 1-3). من هنا تأتى أهمية الصوم بضبط النفس وزهدها حتى فيما هو محلل لها { ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الاهواء والشهوات }(غل 5 : 24). اننا نحتاج الي اشباع الروح مع ضبط الجسد والاهتمام به وتقويته واعطائه ما يلزمه لا ما يشتهيه { اما انا فبالبر انظر وجهك اشبع اذا استيقظت بشبهك }(مز 17 : 15). الصوم وصية منذ العهد القديم {اضربوا بالبوق في صهيون قدسوا صوما نادوا باعتكاف.اجمعوا الشعب قدسوا الجماعة احشدوا الشيوخ اجمعوا الاطفال وراضعي الثدي ليخرج العريس من مخدعه والعروس من حجلتها. ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح ويقولوا اشفق يا رب على شعبك ولا تسلم ميراثك للعار حتى تجعلهم الامم مثلا لماذا يقولون بين الشعوب اين الههم} يؤ15:2-17.{ اعلموا ان الرب يستجيب لصلواتكم ان واظبتم على الصوم والصلوات امام الرب} (يهو 4 : 12). الصوم الجماعى فى قوته رايناه فى صوم وتوبة أهل نينوي { فامن اهل نينوى بالله ونادوا بصوم ولبسوا مسوحا من كبيرهم الى صغيرهم. وبلغ الامر ملك نينوى فقام عن كرسيه وخلع رداءه عنه وتغطى بمسح وجلس على الرماد. ونودي وقيل في نينوى عن امر الملك وعظمائه قائلا لا تذق الناس ولا البهائم ولا البقر ولا الغنم شيئا لا ترع و لا تشرب ماء.وليتغط بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا الى الله بشدة ويرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في ايديهم.لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حمو غضبه فلا نهلك . فلما راى الله اعمالهم انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه} يو5:3-10.والصوم الخاص راينا فى كثير من رجال الله القديسين كما صام دانيال والفتية الثلاثة القديسين { فقال دانيال لرئيس السقاة الذي ولاه رئيس الخصيان على دانيال وحننيا وميشائيل وعزريا. جرب عبيدك عشرة ايام فليعطونا القطاني لناكل وماء لنشرب. ولينظروا الى مناظرنا امامك والى مناظر الفتيان الذين ياكلون من اطايب الملك ثم اصنع بعبيدك كما ترى.فسمع لهم هذا الكلام وجربهم عشرة ايام.وعند نهاية العشرة الايام ظهرت مناظرهم احسن و اسمن لحما من كل الفتيان الاكلين من اطايب الملك} دا 11:1-15.{فوجهت وجهي الى الله السيد طالبا بالصلاة والتضرعات بالصوم والمسح والرماد }(دا 9 : 3). وكما صلى داود وصام { اما انا ففي مرضهم كان لباسي مسحا اذللت بالصوم نفسي و صلاتي الى حضني ترجع (مز 35 : 13).{ولكن الان يقول الرب ارجعوا الي بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح (يؤ 2 : 12). الصوم فى حياة وتعاليم السيد المسيح.. لكي يبين لنا السيد المسيح أهمية الصوم فانه بدء خدمته العامة بعد العماد بالاختلاء والصوم مع الصلاة لمدة اربعين يوماً { ثم اصعد يسوع الى البرية من الروح ليجرب من ابليس. فبعدما صام اربعين نهارا واربعين ليلة جاع اخيرا. فتقدم اليه المجرب وقال له ان كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا. فاجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} مت 1:4-4. الصوم يعطينا القدرة على الانتصار على تجارب الشيطان ورفض مشورته. علمنا السيد الرب كيف نشبع بكلمة الله وهو يقيت الجسد ايضا { لذلك اقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تاكلون وبما تشربون ولا لاجسادكم بما تلبسون اليست الحياة افضل من الطعام والجسد افضل من اللباس.انظروا الى طيور السماء انها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الى مخازن وابوكم السماوي يقوتها الستم انتم بالحري افضل منها.ومن منكم اذا اهتم يقدر ان يزيد على قامته ذراعا واحدة.ولماذا تهتمون باللباس تاملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل.ولكن اقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الايمان.فلا تهتموا قائلين ماذا ناكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس. فان هذه كلها تطلبها الامم لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها. لكن اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم} مت 25:4-33. نعم عمل مشيئة الله شبع للانسان الروحي فعندما ذهب التلاميذ ليبتاعوا طعاما فى السامرة ورجعوا { وفي اثناء ذلك ساله تلاميذه قائلين يا معلم كل. فقال لهم انا لي طعام لاكل لستم تعرفونه انتم.فقال التلاميذ بعضهم لبعض العل احدا اتاه بشيء لياكل.قال لهم يسوع طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني واتمم عمله} يو 31:4-34. ان الصوم قوة روحية بها نستطيع ان ننتصر على ابليس وهذا ما أكد عليه السيد المسيح عندما اتوا اليه بشاب عليه ارواح نجسة ولم يستطيع التلاميذ ان يخرجوها وشفاه السيد المسيح وعندما ساله التلاميذ لماذا ؟ { ولما دخل بيتا ساله تلاميذه على انفراد لماذا لم نقدر نحن ان نخرجه.فقال لهم هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة و الصوم} مر28:9-29. فالصوم ضرورة روحيه ، عندما كان السيد المسيح مع التلاميذ وساله اليهود { وقالوا له لماذا يصوم تلاميذ يوحنا كثيرا ويقدمون طلبات وكذلك تلاميذ الفريسيين ايضا واما تلاميذك فياكلون ويشربون. فقال لهم اتقدرون ان تجعلوا بني العرس يصومون ما دام العريس معهم.ولكن ستاتي ايام حين يرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون في تلك الايام} لو33:5-35. كان وجود المسيح له المجد وجودا للعريس والفرح معهم وعندما صعد الى السماء صام الرسل والمؤمنين الصوم الذى سُمى بصوم الرسل والذى نصومه حتى اليوم . هناك اصوام خاصة نصومها كما ان هناك أصوام جماعية تصومها الكنيسة كلها ، لقد صام المسيح لنتعلم من ونتبع خطواته لهذا نصوم الاربعين المقدسة كل عام والاربعاء والجمعة من ايام الاسبوع منذ العصر الرسولى { وانتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة ثم صليا باصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد امنوا به }(اع 14 : 23). وكما قال القديس بولس { في اتعاب في اسهار في اصوام }(2كو 6 : 5). كما نصوم صوم الميلاد استعدادا لاستقبال الله الكلمة المتجسد كما صام موسي النبى قديما اربعين يوما ليستقبل لوحى العهد . بالاضافة الى الصوم المعروف لدينا بصوم العذراء الذى صامه المتبتلين اولا ثم عامة الشعب وراينا مثال له فى الانجيل { وكانت نبية حنة بنت فنوئيل من سبط اشير وهي متقدمة في ايام كثيرة قد عاشت مع زوج سبع سنين بعد بكوريتها. وهي ارملة نحو اربع و ثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة باصوام وطلبات ليلا ونهارا. فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في اورشليم} لو36:2-38. اهتم السيد المسيح بعدم مظهرية الصوم { ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فانهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. واما انت فمتى صمت فادهن راسك واغسل وجهك. لكي لا تظهر للناس صائما بل لابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية} مت 16:6-18. يقول القديس باسليوس الكبير ( لاتكونوا عابسين وأنتم تستعيدون صحتكم. فإنه لا بدّ لنا أن نتهلل لصحة نفسنا، ولا مجال للحزن بسبب تبدّل الطعام وكأننا نؤثر ملذّات البطن على منفعة نفسنا، لأن الشبع يقف إحسانه عند حدود البطن، أما الربح الناتج عن الصوم فهو يَنفذ إلى النفس. كن فرحاً لأنك أعطيت من قبل طبيبك دواء ينزع الخطايا. لا تبدّل وجهك كما يفعل المراؤون. إن الوجه يتبدل عندما يظلم الداخل مع التظاهر الخارجي، وكأنه مخفي وراء ستار كاذبالمرائي هو الذي يكون له على المسرح وجه آخر. يرتدي قناع السيّد وهو في الحقيقة عبد. يلبس قناع الملك وهو بالحقيقة من عامة الناس. هكذا أيضاً في الحياة الحاضرة، كثيرون يتظاهرون وكأنهم على المسرح. يكونون على كل شيء في عمق القلب ويتظاهرون بوجه آخر أمام الناس. أما أنت فلا تبدّل وجهك. كما أنت هكذا أظهر للآخرين. لا تبدّل مظهرك عابساً ساعياً وراء الشهرة عن طريق التظاهر بالصوم والإمساك، لأنه لا نفع للإحسان الذي يطبَّل له، ولا ثمر للصوم الذي يشهّر أمام الناس، أي كل ما يقوم به الإنسان بغية التظاهر أمام الآخرين لا ينفذ إلى الدهر ولا يتخطى حدّه مدح الناس. أسرع بفرح إلى هبات الصوم. إنّه هبة قديمة العهد لا تعتق ولا تشيخ، بل تتجدد وتزهر على الدوام). الصوم لكى يكون مقبولا يجب ان يكون مقرونا بالتوبة والتواضع والمصالحة مع الخير { ناد بصوت عال لا تمسك ارفع صوتك كبوق واخبر شعبي بتعديهم وبيت يعقوب بخطاياهم، واياي يطلبون يوما فيوما ويسرون بمعرفة طرقي كامة عملت برا ولم تترك قضاء الهها يسالونني عن احكام البر يسرون بالتقرب الى الله. يقولون لماذا صمنا ولم تنظر ذللنا انفسنا ولم تلاحظ ها انكم في يوم صومكم توجدون مسرة وبكل اشغالكم تسخرون،ها انكم للخصومة والنزاع تصومون ولتضربوا بلكمة الشر لستم تصومون كما اليوم لتسميع صوتكم في العلاء. امثل هذا يكون صوم اختاره يوما يذلل الانسان فيه نفسه يحني كالاسلة راسه ويفرش تحته مسحا ورمادا هل تسمي هذا صوما ويوما مقبولا للرب.اليس هذا صوما اختاره حل قيود الشر فك عقد النير واطلاق المسحوقين احرارا وقطع كل نير. اليس ان تكسر للجائع خبزك وان تدخل المساكين التائهين الى بيتك اذا رايت عريانا ان تكسوه وان لا تتغاضى عن لحمك.حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك وتنبت صحتك سريعا ويسير برك امامك ومجد الرب يجمع ساقتك.حينئذ تدعو فيجيب الرب تستغيث فيقول هانذا ان نزعت من وسطك النير والايماء بالاصبع وكلام الاثم.وانفقت نفسك للجائع واشبعت النفس الذليلة يشرق في الظلمة نورك ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر.ويقودك الرب على الدوام ويشبع في الجدوب نفسك وينشط عظامك فتصير كجنة ريا وكنبع مياه لا تنقطع مياهه.ومنك تبنى الخرب القديمة تقيم اساسات دور فدور فيسمونك مرمم الثغرة مرجع المسالك للسكنى} اش1:58-12. لقد اختبر ابائنا القديسين الصوم وفائدته ومارسوه بمحبة وبه سمت ارواحهم وتهذبت نفوسهم وقويت ارواحهم وقالوا فيه الكثير حسب خبرتهم . قال القديس مكسيموس (من غلب الحنجرة فقد غلب كل الأوجاع) شيخ حدثته أفكاره من جهة الصوم قائلة (كل اليوم وتنسك غدا فقال لن أفعل ذلك .لكنى أصوم اليوم وتتم ارادة الله غدا. الصوم عند الاباء هو صوم الجسد عن الطعام وصوم اللسان عن الكلام البطال وصوم القلب عن الشهوات ونقاوته من الخطايا قال مار اسحق (الذى يصوم عن الغذاء ولايصوم قلبه عن الحنق والحقد ولسانه ينطق بالأباطيل فصومه باطل لأن صوم اللسان أخير من صوم الفم وصوم القلب أخير من الاثنين). قال القديس باسيلوس الكبير ( أن الصوم الحقبقى هو سجن الراذئل أعنى ضبط اللسان وامساك الغضب وقهر الشهوات الدنسة). ونجد ان المقدرة على الصوم تأتى بالتدريج فقد قال أنبا أولوجيوس لتلميذه (يا بنى عود نفسك اضعاف بطنك بالصوم شيئا فشيئا لأن بطن الانسان أنما تشبه زقا فارغا فبقدر ما تمرنه وتملأه تزداد سعته كذلك الأحشاء التى تحشى بالأطعمة الكثيرة ان أنت جعلت فيها قليلا ضاقت وصارت لا تطلب منك الا القليل) . الصوم عند الاباء هو الحصن الذى نحتمى فيه والصلاة هى السلاح (حصن الانسان الروحي هو الصوم وسلاحه هو الصلاة فمن ليس له صوم دائم فلا يوجد حصن يمنع عنه العدو ومن ليست له صلاة نقية فليس له سلاح يقاتل به الأعداء). الصوم انتصار على اوجاع الجسد الروحية ، قال القديس يوحنا القصير (اذا أراد ملك أن يأخد مدينة الأعداء فقبل كل شئ يقطع عنهم الشراب والطعام وبذلك يذلون فيخضعون له هكذا أوجاع الجسد اذ ضيق الانسان على نفسه بالجوع والعطش ازاءها فانها تضعف). القصد الالهى من الصوم هو الجهاد المستمر بإيمان ضد الذات واغراءات العالم والجسد حتى نصل إلى نقاوة القلب التى بها نعاين الله ونشبع به . الصوم وحياة الفضيلة والنمو الروحي . الصوم رياضة روحية .. قل لي بماذا تهتم اقول لك من انت؟ اننا على قدر ما نهتم بارواحنا واشباعها بالله وبمحبته والنمو فى الفضيلة نصير اناس روحيين { فان الذين هم حسب الجسد فبما للجسد يهتمون و لكن الذين حسب الروح فبما للروح. لان اهتمام الجسد هو موت و لكن اهتمام الروح هو حياة وسلام.لان اهتمام الجسد هو عداوة لله اذ ليس هو خاضعا لناموس الله لانه ايضا لا يستطيع. فالذين هم في الجسد لا يستطيعون ان يرضوا الله} رو 5:8-8. من اجل هذا يقول لنا مخلصنا الصالح { اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الابدية الذي يعطيكم ابن الانسان لان هذا الله الاب قد ختمه }(يو 6 : 27). الصوم اذاً ليس هدفاً فى حد ذاته لكنه وسيلة للأهتمام بالروحيات والشبع بكلمة الله . من أجل هذا راينا سليمان الحكيم الذى اعطاه الله حكمة عندما أهمل الروحيات واهتم باشباع شهواته وملذاته سقط وعبد الهه غريبه {ومهما اشتهته عيناى لم أمنعة عنهما }(جا 2: 1). ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه وعصفت به الشهوات الكثيرة فالصوم يقاوم الاخطاء ويقوى الروح ويضبط النفس ويعطي صحة للجسد .+ الصوم وحياة التوبة .. ان الصوم هو الفترة المناسبة للتوبة والتذلل الى الله ، ومع ان التوبة عمل مستمر للانسان الروحى الا ان الصوم فترة للتخلص من الاخطاء لاسيما خطايا اللسان والعادات الضارة ، حيث تقوى الارادة ويكون صوم الفم عن الطعام وانشغاله بعمل ارادة الله دافع للتواضع والتذلل { اذللت بالصوم نفسي }(مز 35 : 13). والصوم خاصة فى مواجهة الضيقات يجعل الله ينظر الى تواضعنا حيث تتعمق صلواتنا ونطلب تدخل الله هكذا عندما راي الله كيف صام وتاب وتواضع اهل نينوي غفر لهم خطاياهم . وفي صوم استير والشعب كله، حينما تعرضوا لمؤامرة هامان(أش 4: 16). وكيف كانت استجابة الرب سريعة و عجيبة. كذلك نسمع عن صوم نحميا لما جاءته الأخبار أن { سور أورشليم منهدم، أبوابها محروقة بالنار } (نح 1: 3، 4). ويروى سفرنحميا أيضاً كيف كانت استجابة الرب سريعة وعجيبة.. كذلك يروى لنا الكتاب كيف صام عزرا وهو باك، وكيف كان تأثير ذلك في تنقية الشعب وتطهيره. وفى تاريخ الكنيسة راينا كيف ان الصوم نقل جبل المقطم فى أيام البابا ابرام ابن زرعه . هكذا نصلى فى قسمة الصوم الكبير ونقول كيف ان الصوم والصلاة صنعا المعجزات وكانا عونا للقديسين فى الضيقات . الصوم والتداريب الروحية .. الصوم فترة مقدسة يكون فيها الجسد خفيف مما يساعد على الصلاة والسهر والقراءة فى الكتب الروحية والسجود لله فى مطانيات وركوع طلباً لمراحم الله { لذلك انا ايضا ادرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله و الناس} (اع 24 : 16). اننا نري حتى أتباع البوذية والهندوسية يصلون لسمو روحى عالي بالصوم والتدريب فكم يجب علينا نحن ان ندرب انفسنا على حياة التقوى والاستنارة الروحية نحن الذين يجب ان ننقاد لروح الله ونأتي بثمر ويدوم ثمرنا { واعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى عهارة نجاسة دعارة.عبادة الاوثان سحر عداوة خصام غيرة سخط تحزب شقاق بدعة. حسد قتل سكر بطر وامثال هذه التي اسبق فاقول لكم عنها كما سبقت فقلت ايضا ان الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله.واما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان. وداعة تعفف ضد امثال هذه ليس ناموس.ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الاهواء والشهوات.ان كنا نعيش بالروح فلنسلك ايضا بحسب الروح} غل 19:5-25. نحن يجب ان نقرن الصوم بالتداريب الروحية ومنها الصلاة الدائمة والتامل فى محبة الله والشبع بكلامه واقتناء الفضائل الروحية كالصمت والهذيذ فى وصايا الله ورفع القلب بالحديث مع الله والصلاة من اجل الآخرين ولاسيما المتضايقين والمشكلات التى تواجه الكنيسة وأعضائها ليتدخل الله ويحلها. الصوم ونجاح الخدمة .. ان نجاح الخدمة يحتاج لايدى مرفوعة بالصلاة كل حين والصوم يرفع من حرارتنا الروحية . ان الرسل فيما هم يصومون ويصلوا كان الرب يعمل معهم وينجح خدمتهم { وفيما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس،افرزوا لى برنابا وشاول العمل الذي دعوتهما إليه. فصاموا حينئذ وصلوا، ووضعوا عليهما الأيادى} أع 13: 2، 3. وراينا اثر الصوم روحياً فى اخراج الشياطين وفي ذلك قال السيد الرب في معجزة إخراجه لشيطان عنيد لم يقو التلاميذ على اخراجه.، حينئذ قال الرب { وأما هذا الجنس، فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم }مت 17: 21. ذلك لأن صلاة الصائم تكون لها روحياتها وتأثيرها. من اجل هذا قال القديس بولس الرسول { بل في كل شئ نظهر أنفسنا كخدام لله.. في أتعاب في اسهار في أصوام} 2كو 6: 4 ، 5. الصوم والعطاء .. الصائم يشبع بالصلاة ويبرهن على محبة لله بالنسك الجسدى ويعبر عن محبته لاخوته ويجعلنا نشعر بالآم الفقراء وحاجتهم فنعطيهم بسخاء ومحبة غير متغضين عن اخوتنا { صالحة الصلاة مع الصوم والصدقة خير من ادخار كنوز الذهب} (طو 12 : 8). من اجل هذا يوصينا الانجيل بالعطاء وان نكنز كنوزنا فى السماء {لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس والصدا وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدا وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون.لانه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ايضا} 19:6-21. ان ما نقدمة لاخوتنا المحتاجين نقدمه لله ويبقى لنا كنزاً لا يفنى {لان الصدقة تنجي من الموت وتمحو الخطايا وتؤهل الانسان لنوال الرحمة والحياة الابدية (طو 12 : 9). الصوم ونقاوة القلب . الصوم فترة يقل فيها شغب الجسد وتتقوى الروح وفرصة للدخول الى حياة العمق والتأمل وفحص القلب والضمير والنفس . اذ لا يعرف الانسان الا روح الإنسان الساكن فيه وفي الصوم تصفو النفس ويتنقى القلب ونتوب ونرجع الي الله . فلنحرص اذاً ان يكون صومنا ليس مجرد استبدال طعام حيوانى باخر نباتى ولا مجرد الامتناع عن الطعام لفترة من الزمن ثم نأكل ما لذ وطاب بل يجب ان يكون صومنا فرصة للنمو الروحى وضبط النفس وتقوية الارادة وحرارة الروح . نشبع فى الصوم بالصلاة ونتوب ونتخلص من الضعفات والخطايا ونلتصق بالله وكلمته القوية والفعالة والقادرة على أشباع ارواحنا وبكل الوسائط الروحية التى تشعل محبة الله فى القلب ونهتم بان نكنز لنا كنوزاً فى السماء بالعطاء للمحتاجين والفقراء والصلاة من أجل المتضايقين وخدمة المحتاجين والضعفاء والعمل على نقاوة القلب وقداسته فطوبى لانقياء القلب لانهم يعاينون الله . الصوم والصحة النفسية والجسدية .. أن فوائد الصوم لصحة الإنسان وسلامة بدنه كثيرة جداً، منها ما يتعلق بالحالة النفسية للصائم وانعكاسها على صحته الجسدية ، حيث أن الصوم يساهم مساهمة فعالة في علاج الاضطرابات النفسية والعاطفية، وتقوية إرادة الصائم، ورقة مشاعره، وحبّه للخير، والابتعاد عن الجدل والمشاكسة والميول العدوانية، وإحساسه بسمو روحه وأفكاره، وبالتالي تقوية وتدعيم شخصيته، وزياة تحمّلها للمشاكل والأعباء بالاضافة الى مساعدته في علاج الكثير من أمراض الجسم، كأمراض جهاز الهضم، مثل التهاب المعدة الحاد، وأمراض الكبد، وسوء الهضم، وكذلك في علاج البدانة وتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها. كتب الطبيب السويسري بارسيليوس (إن فائدة الجوع قد تفوق بمرّات استخدام الأدوية). أما الدكتور فيليب، فكان يصوم مرضاه من الطعام لبضعة ايام، ثم يقدّم لهم بعدها وجبات غذائية خفيفة، ولذلك فأهمية الصوم تكمن في أنه يساعد على القيام بعملية التخلص من الخلايا القديمة، والخلايا الزائدة عن حاجة الجسم . ان فوائد الصيام كثيرة تشمل كل أبعاد الحياة الإنسانية، بحيث أنها تدخل في كل خلية من خلايا الجسم.. فيسهم الصوم فى .. 1- الوقاية من الأورام .. وهو يقوم بدور مشرط الجراح الذي يزيل الخلايا التالفة والضعيفة في الجسم، باعتبار أن الجوع يحرك الأجهزة الداخلية في الجسم لمواجهة ذلك الجوع، ما يفسح المجال للجسم لاستعادة حيويته ونشاطه، ومن جانب آخر، فإنه يقوم بعملية بناء الخلايا والأعضاء المريضة، ويتم تجديد خلاياها، فضلاً عن دور الوقاية من كثير من الزيادات الضارة مثل الرواسب والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية، والأورام في بدايات تكونها. 2 ـ التوازن في الوزن .. يقوم بدور إنقاص الوزن لمن يعاني السمنة، ولكن بشرط أن يصاحبه اعتدال في كمية الطعام بعد فترة الانقطاع عن الطعام ، والاكتفاء بالخضروات والبقول والفاكهة المفيده للجسم . 3ـ الحماية من السكر.. يقوم بعملية خفض نسبة السكر في الدم إلى أدنى معدلاتها، ويتم ذلك من خلال إعطاء البنكرياس فرصة للراحة، لأن البنكرياس يفرز الأنسولين الذي يحوّل السكر إلى مواد نشوية ودهنية تخزن في الأنسجة، وعندما يزيد الطعام عن كمية الأنسولين المفرزة يصاب البنكرياس بالإرهاق ويعجز عن القيام بوظيفته، فيتراكم السكر في الدم وتزيد معدلاته بالتدريج حتى يظهر مرض السكر، ويحتاج الامر منا الى متابعة طبيعه لدي المتخصصين. 3ـ علاج الأمراض الجلدية.. إن الصيام يفيد في علاج الأمراض الجلدية، ويعمل على زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض المعدية الجرثومية. والتقليل من حدة الأمراض الجلدية التي تنتشر في مساحات كبيرة من الجسم مثل مرض الصدفية.وتخفيف أمراض الحساسية والحد من مشاكل البشرة الدهنية. ومع الصيام تقل إفرازات الأمعاء للسموم وتناقص نسبة التخمر الذي يسبب دمامل وبثوراً مستمرة. 4ـ الوقاية من داء النقرس والآم المفاصل .. النقرس ينتج عادة عن زيادة التغذية والإكثار من أكل اللحوم، ومعه يحدث خلل في تمثيل البروتينات المتوافرة في اللحوم داخل الجسم، مما ينتج عنه زيادة ترسيب حامض البوليك في المفاصل، خاصة مفصل الأصبع الكبير للقدم، وعند إصابة مفصل بالنقرس فإنه يتورم ويحمر ويصاحب هذا ألم شديد، وقد تزيد كمية أملاح البول في الدم ثم تترسب في الكلى فتسبب الحصوة، وإنقاص كميات الطعام علاج رئيسي لهذا المرض. ويعالج آلام المفاصل الذي يتفاقم مع مرور الوقت، فتنتفخ الأجزاء المصابة به، ويرافق الانتفاخ آلام مبرحة، وتتعرض اليدان والقدمان لتشوهات كثيرة، وذلك المرض قد يصيب الإنسان في أية مرحلة من مراحل العمر، ولكنه يصيب بالأخص المرحلة ما بين الثلاثين والخمسين ، ولكن ثبت بالتجارب العلمية أنه يمكن للصيام أن يكون علاجاً حاسماً لهذا المرض، وقد أرجعوا هذا إلى أن الصيام يخلص الجسم تماماً من النفايات والمواد السامة. 5ـ الحماية من جلطة القلب والمخ.. أكد الكثيرون من أساتذة الأبحاث العلمية والطبية أن الصوم ينقص من الدهون في الجسم ما يؤدي إلى نقص مادة الكوليسترول ، وهي عادة تترسب على جدار الشرايين، وبزيادة معدلاتها مع زيادة الدهون في الجسم تؤدي إلى تصلب الشرايين، كما تسبب تجلط الدم في شرايين القلب والمخ . لقد أستيقظ وعي العالم المتقدم على أهمية الصوم والأطعمة النباتية ويسعي الكثيرين اليه فى ارفف الاسواق فى الدول المتقدمة لا سعيا الى تقوية الروح بل من أجل صحة الجسد . لهذا وجب علينا نحن المؤمنين ان نرجع الى الصوم كفضيلة روحية من اجل صحة الجسد والنفس والروح . ان عقولنا تصبح أكثر تعقلا واصفى ذهناً وأنفسنا اقوى ارادةً وأكثر سمواً . نستطيع ان نضبط غرائزنا ونقوى ارادتنا بالصوم . اما الروح فلها طعام أخر يشبعها انه الجوع الى الله والشبع بالحديث معه وقراءة كتابه والتأمل فى محبته وصفاته وعمل ارادته { قال لهم يسوع طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني واتمم عمله} (يو 4 : 34). القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
12 أكتوبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (10) الصلاة

مفهوم الصلاة وحاجتنا اليها.. الصلاة هى حديث محبة بين الابناء وأبيهم السماوى ، فيها نسبح الله على أحسناته ونشكره على محبته وأبوته وعطاياه ومعاملاته الطيبة معنا ونعترف له بخطايانا طالبين منه الغفران وبها نتوب ونتغيروننمو ويقوي إيماننا ويزداد رجائنا وتثبت محبتنا لله . بالصلاة نتقدم لله بطلباتنا ونعرض عليه همومنا واحزاننا واشتياقاتنا ،الصلاة ليس فرض او واجب يؤديه الإنسان لكي يُرضي الله. لأن الفرض هو واجب مفروض على الإنسان فإذا أدَّاه الإنسان فقد وفّى الفرض حقّه وأكمله. أما الصلاة الحقيقية فهي علاقة حية تنبع من قلب الإنسان فتكون صلاته إنما نتيجة هذه العلاقة الصادقة القلبية بين الله والإنسان. ان الصلاة علاقة قلبية خالية من عبودية الخوف كما هو مكتوب {إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا آبا الآب} رو 15:8 . نصلي بروح البنوة والمحبة ونخاطب الله قائلين يا ابانا الذى فى السموات وهو يسمع ويستجيب وكما قال لنا { وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه} (مت 21 : 22). ان الصلاة هي قوة المؤمن ودعامة حياته الروحية فى علاقته بالله ونفسه والآخرين ، بالصلاة نظهر حبنا لله وأيماننا به وامانتنا له ونعترف به مصدراً لكل البركات ونلتجأ اليه فى مختلف ظروف حياتنا وبها نكشف ذواتنا امامه ونكتشفها على حقيقتها ونسعى لنكون أهلاً للبنوة الحقيقة لله وننال خلاصنا وطلباتنا ونجاتنا من أبليس . بالصلاة نظهر محبتنا للقريب فنطلب عن سلام الكنيسة واعضائها والعالم وخلاصه ونصلى من أجل كل أحد المرضى والمسافرين والراقدين والارامل والايتام والمحتاجين ، من اجل الساقطين والقائمين والمتضايقين والمسجونين والذين ليس لهم احد يذكرهم ونصلى من أجل كل شئ حتى الزروع والاهوية والمياة . من أجل هذا يجب ان نجعل الصلاة من أهم اولوياتنا ونعطيها الوقت المناسب كالصباح الباكر ونمهد لها ان كانا نصلى فى النهار او المساء بالاستعداد الحسن كأن نتأمل او نقرأ شئ روحى ونهدئ حواسنا وأفكارنا ولا ندع الفكر يطيش منا فى أفكار غير روحية بل نضبط فكرنا فى المسيح مصلين بالروح والحق نصلي بلساننا وقلبنا يلهج بالصلاة والروح تبتهل ويكون الفكر منجمع للوقوف امام الله ضابط الكل ، كما يجب ان نحترم الصلاة فنصلى وقوف او فى سجود او ركوع {فاريد ان يصلي في كل مكان رافعين ايادي طاهرة بدون غضب و لا جدال} (1تي 2 : 8). اننا نحتاج للصلاة لتحيا وتشبع ارواحنا وكما نغذى أجسادنا بالطعام اكثر من مرة فى اليوم لنواصل مسيرة الحياة ونستطيع ان نعمل وان يتغلب الجسم على الامراض التى يمكن ان تصيبه فكذلك تحتاج أرواحنا وحياتنا الروحية للثبات فى الله كما تثبت الاغصان فى الكرمة لنثمر ثمرا روحيا ونبتعد عن السقوط او الجفاف والفتور الروحى . لقد قال احد الاباء اننا نحتاج للصلاة كحاجة الجسد للتنفس وان كان التنفس يتم بحركة لا ارادية من الانسان لكن الصلاة تحتاج منا الى الارادة الواعية او التغصب فى بداياتها حتى نشعر باهميتها وفائدتها وتغذيتها لارواحنا ونفوسنا وعقولنا واجسادنا. ان الصلاة هى سر نصرة المؤمن على أعدائه الروحيين واغراءات الحياة المادية ودوماتها وبها نحصل على كل البركات والعطايا الروحية وتُعلم طلباتنا لله . وكما قال القديس مار اسحاق السريانى (الذى يتهاون بالصلاة ويظن ان له باب آخر للتوبة غير الصلاة فهو مخدوع من الشياطين) من اجل هذا يوصينا السيد المسيح بالسهر والصلاة { فاحترزوا لانفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار وسكر وهموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة.لانه كالفخ ياتي على جميع الجالسين على وجه كل الارض. اسهروا اذا وتضرعوا في كل حين لكي تحسبوا اهلا للنجاة من جميع هذا المزمع ان يكون وتقفوا قدام ابن الانسان} لو 34:21-36. عندما حاصر الاعداء الشعب قديما صرخ يهوشفاط الى الله { وقال يا رب اله ابائنا اما انت هو الله في السماء وانت المتسلط على جميع ممالك الامم وبيدك قوة وجبروت وليس من يقف معك. يا الهنا اما تقضي عليهم لانه ليس فينا قوة امام هذا الجمهور الكثير الاتي علينا ونحن لا نعلم ماذا نعمل ولكن نحوك اعيننا. وان يحزيئيل بن زكريا بن بنايا بن يعيئيل بن متنيا اللاوي من بني اساف كان عليه روح الرب في وسط الجماعة.فقال اصغوا يا جميع يهوذا وسكان اورشليم وايها الملك يهوشافاط هكذا قال الرب لكم لا تخافوا ولا ترتاعوا بسبب هذا الجمهور الكثير لان الحرب ليست لكم بل لله. ليس عليكم ان تحاربوا في هذه قفوا اثبتوا وانظروا خلاص الرب معكم يا يهوذا واورشليم لا تخافوا ولا ترتاعوا غدا اخرجوا للقائهم والرب معكم. ولما جاء يهوذا الى المرقب في البرية تطلعوا نحو الجمهور واذا هم جثث ساقطة على الارض ولم ينفلت احد} 2أخ 12:20-24. هكذا نحن اذ نحارب اعداء الشر الروحيين نتمسك بالصلاة { اذ اسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون.هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ومستاسرين كل فكر الى طاعة المسيح} 2كو4:10-5. تتنوع الصلوات من صلاة فردية يصليها المؤمن فى مخدعه وبمفرده ، منها ما هو مسلم لنا فى الكنيسة من صلوات الأجبية فى ساعات اليوم بدء من باكر النهار حتى النوم ومنتصف الليل ومنها الصلوات الارتجاليه التى نصليها فى البيت او الطريق او العمل او الخدمة كحديث محبة مع الله فيتقدس اليوم ونستمطر مراحم الله ومعونته لنا فى رحلة الحياة ونشعر بحضوره وحفظه ورعايته كل وقت .وهناك الصلوات العائلية التى نصليها معا كاسرة مسيحية متحدة كاعضاء بالله تعلن محبتها وطلباتها لله { لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله }(في 4 : 6).الى صلوات جماعية نصليها معا فى الكنيسة ونتحد فيها بالسيد المسيح رئيس ايماننا ومكمله كما مارست الكنيسة الصلاة معا منذ العصر الرسولى { وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة واذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب.مسبحين الله ولهم نعمة لدى جميع الشعب وكان الرب كل يوم يضم الى الكنيسة الذين يخلصون} أع 46:2-47. قد يشتكى البعض من فتور صلواتهم وعدم الرغبة فى الصلاة ، لكن يجب ان نغصب أنفسنا على الصلاة حتى فى فترات الجفاف والفتور فالله ينظر الى امانتنا فى الصلاة وتدب فينا الحرارة وعلينا ان نفحص ذواتنا هل ذلك الفتور بسبب شهوات فى القلب تُبرد حرارتنا فنتوب عنها أم بسبب تعب الجسد والاعصاب فنختار الوقت المناسب للصلاة ونعمل على البعد عن مسببات التعب وحلها أم هل ذلك بسبب حروب من الشيطان فتغلب عليها بالتواضع والصبر والجهاد ، فالصلاة تحتاج الى تغصب وكما قال السيد المسيح {ملكوت السماوات يغصب والغاصبون يختطفونه} (مت 11 : 12). {وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء اما اولئك فلكي ياخذوا اكليلا يفنى واما نحن فاكليلا لا يفنى }(1كو 9 : 25) . {وايضا ان كان احد يجاهد لا يكلل ان لم يجاهد قانونيا} (2تي 2 : 5). علينا ان نبتعد عن العثرات التى تحاربنا وقت الصلاة ونمهد للصلاة بالقراءة الروحية الجيده التى هي ينبوع للصلوات النقية ، وعلينا ان نصلي صلوات الساعات متذكرين أعمال الرب من أجلنا مقدسين زمن حياتنا على الارض قدر أمكانياتنا طالبين من الرب ان يعلمنا كل حين ان نصلي له بالروح والحق ونعد أنفسنا برفع القلب كل حين بالمحبة والصلاة الى الله . السيد المسيح وتعاليمه عن الصلاة الصلاة هى صلتنا بمصدر الحياة والقوة { يا سامع الصلاة اليك ياتي كل بشر} (م 65 :2).وهي خبرة إيمانية بها نظهر امام الله ونقدم طلباتنا وابتهالاتنا ويستجيب لنا { اعلموا ان الرب يستجيب لصلواتكم ان واظبتم على الصوم والصلوات امام الرب} (يهو 4 : 12). وهى مطلب الهي { فاطلب اول كل شيء ان تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لاجل جميع الناس} (1تي 2 : 1). لقد صلى سليمان قديما الى الله { فالتفت الى صلاة عبدك والى تضرعه ايها الرب الهي واسمع الصراخ والصلاة التي يصليها عبدك امامك اليوم. لتكون عيناك مفتوحتين على هذا البيت ليلا ونهارا على الموضع الذي قلت ان اسمي يكون فيه لتسمع الصلاة التي يصليها عبدك في هذا الموضع} 1مل 28:8-29.فسمع الله صلاته واجابه { ان الرب تراءى لسليمان ثانية كما تراءى له في جبعون. وقال له الرب قد سمعت صلاتك وتضرعك الذي تضرعت به امامي قدست هذا البيت الذي بنيته لاجل وضع اسمي فيه الى الابد وتكون عيناي وقلبي هناك كل الايام} 1مل 2:9-3.{ ولما انتهى سليمان من الصلاة نزلت النار من السماء واكلت المحرقة والذبائح وملا مجد الرب البيت }(2اخ 7 : 1). والله حاضر فى كل مكان وزمان يسمع صلواتنا { افلا ينصف الله مختاريه الصارخين اليه نهارا وليلا وهو متمهل عليهم. اقول لكم انه ينصفهم سريعا} لو 7:18-8. وكما استجاب لطلبات الكنيسة من اجل نجاة الرسل وارسل ملاكه ليفكهم من القيود ويخرجهم وكما قبل صلوات كرنيليوس وارسل له ملاك يخبره بقبول صلواته {فلما شخص اليه ودخله الخوف قال ماذا يا سيد فقال له صلواتك وصدقاتك صعدت تذكارا امام الله }(اع 10 : 4). هكذا يقبل الله صلواتنا النقية كرائحة بخور مقدس ويستجيب لها . لقد سأل التلاميذ السيد المسيح يوماً قائلين علمنا يارب ان نصلي ، وقد علمهم { متى صليتم فقولوا ابانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك ليات ملكوتك لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض. خبزنا كفافنا اعطنا كل يوم. واغفر لنا خطايانا لاننا نحن ايضا نغفر لكل من يذنب الينا ولا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير} لو2:11-4. ثم ضرب لهم مثالاً فى اهمية الصلاة والمداومة عليها { ثم قال لهم من منكم يكون له صديق ويمضي اليه نصف الليل ويقول له يا صديق اقرضني ثلاثة ارغفة.لان صديقا لي جاءني من سفر وليس لي ما اقدم له. فيجيب ذلك من داخل ويقول لا تزعجني الباب مغلق الان واولادي معي في الفراش لا اقدر ان اقوم واعطيك .اقول لكم وان كان لا يقوم ويعطيه لكونه صديقه فانه من اجل لجاجته يقوم ويعطيه قدر ما يحتاج. وانا اقول لكم اسالوا تعطوا اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم.لان كل من يسال ياخذ ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له. فمن منكم وهو اب يساله ابنه خبزا افيعطيه حجرا او سمكة افيعطيه حية بدل السمكة. او اذا ساله بيضة افيعطيه عقربا. فان كنتم وانتم اشرار تعرفون ان تعطوا اولادكم عطايا جيدة فكم بالحري الاب الذي من السماء يعطي الروح القدس للذين يسالونه} لو 5:11-13. ان الله كآب صالح يريد ان نلتقى به فى الصلاة ونتحدث معه فى محبة ونطلب ان يتقدس اسمه بسلوكنا واقوالنا وحياتنا وان يحل ملكوته فى قلوبنا وكنيستنا وبلادنا لتتم مشيئته الصالحة على الارض ونجد فيه الشبع والسعادة وننال منه مغفرة الخطايا. ان السيد المسيح ، كلمة الله المتجسد علمنا لا بالكلام بل بالعمل والحق { انه ينبغي ان يصلى كل حين ولا يمل} (لو 18 : 1).كانت صلاته هى علاقة حب بين الاب والابن الكلمة ورايناه يصوم ويصلى اربعين يوما على جبل التجربة لبدء خدمته العامة وفى الاوقات الهامة كاختيار الرسل حتى الآمه وصلبه وكثيرا ما كان يقضي النهار فى الخدمة والكرازة وأما الليل فكان يقضية فى الصلاة {وفي تلك الايام خرج الى الجبل ليصلي وقضى الليل كله في الصلاة لله }(لو 6 : 12).انه رغم ان الابن الكلمة في الآب والآب فيه لكن عندما تجسد فأنه تخلي عن مجده السماوي آخذاً صورة عبد (في5:2-11). وأطاع وصلي وصام وتمم مشيئة الآب في الجسد لفداء العالم (يوحنا 38:6). فحياة المسيح الجسدية وطاعته لله كان دافعها علاقته بالله الآب وحياة الصلاة يجب علينا أن نتعلمها منه . لقد ترك لنا مثالاً حياً لأهمية الصلاة لنتبع حياته وتعاليمه . وكنموذج لصلاة السيد المسيح نراه يصلى الي الاب قبل الصلب مع وعن تلاميذه ومن يؤمنوا بكلامهم به { لست اسال ان تاخذهم من العالم بل ان تحفظهم من الشرير. ليسوا من العالم كما اني انا لست من العالم. قدسهم في حقك كلامك هو حق. كما ارسلتني الى العالم ارسلتهم انا الى العالم.ولاجلهم اقدس انا ذاتي ليكونوا هم ايضا مقدسين في الحق. ولست اسال من اجل هؤلاء فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. ليكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الاب في وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك ارسلتني. وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحدا كما اننا نحن واحد. انا فيهم و انت في ليكونوا مكملين الى واحد وليعلم العالم انك ارسلتني واحببتهم كما احببتني. ايها الاب اريد ان هؤلاء الذين اعطيتني يكونون معي حيث اكون انا لينظروا مجدي الذي اعطيتني لانك احببتني قبل انشاء العالم.ايها الاب البار ان العالم لم يعرفك اما انا فعرفتك وهؤلاء عرفوا انك انت ارسلتني ، وعرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم} يو15:17-26.ان السيد المسيح يدعونا للسهر والصلاة ونحن نتعلم من حياته وتعاليمه ونعمل بها بدافع المحبة والطاعة والثقة {اسهروا و صلوا لئلا تدخلوا في تجربة } (مر 14 : 38).{ انظروا اسهروا وصلوا لانكم لا تعلمون متى يكون الوقت }(مر 13 : 33). لقد واظب الرسل على حياة الصلاة متعلمين من السيد المسيح {وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات} (اع 2 : 42). وعلمونا ان نواظب على الصلاة والتناول من الاسرار المقدسة {ولما صلوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه وامتلا الجميع من الروح القدس وكانوا يتكلمون بكلام الله بمجاهرة (اع 4 : 31).{وانما نهاية كل شيء قد اقتربت فتعقلوا واصحوا للصلوات }(1بط 4 : 7).لهذا ينبغي علينا ان نصلي كل حين ولا نمل صلوا بلا انقطاع (1تس 5 : 17)عالمين ان صلواتنا تصل الى عرش النعمة ونجد بها عوناُ في حينه {وجاء ملاك اخر ووقف عند المذبح ومعه مبخرة من ذهب واعطي بخورا كثيرا لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب الذي امام العرش} (رؤ 8 : 3). سر الصلوات المستجابة .. التوبة والتواضع والطهارة .. الصلاة ليس كلمات تردد من الشفاة كما عاتب الرب الشعب قديما {يقترب الي هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه واما قلبه فمبتعد عني بعيدا }(مت 15 : 8).بل هي عشرة محبة تنبع من القلب المنسحق امام الله {ذبائح الله هي روح منكسرة القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره} (مز 51 : 17). لابد ان نتوب عن خطايانا ونقلع عن اثامنا ونتطهر ليسمع لنا الله ويستجيب ، ان الخطية تمنع عنا خلاص الله وتفصلنا عنه { ها ان يد الرب لم تقصر عن ان تخلص ولم تثقل اذنه عن ان تسمع. بل اثامكم صارت فاصلة بينكم وبين الهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع. لان ايديكم قد تنجست بالدم واصابعكم بالاثم شفاهكم تكلمت بالكذب ولسانكم يلهج بالشر.ليس من يدعو بالعدل وليس من يحاكم بالحق يتكلون على الباطل ويتكلمون بالكذب قد حبلوا بتعب وولدوا اثما} اش 1:59-4. ان التوبة مع التواضع تجعل الله يقبل اليه الخاطئ ويبرره { لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة }(مر 2 : 17). الله يستجيب لصلوات المتضعين التائبين كما علمنا فى مثل الفريسى والعشار لكى نرجع اليه بقلوب متواضعة فنجد رحمة ومغفرة {وقال لقوم واثقين بانفسهم انهم ابرار ويحتقرون الاخرين هذا المثل. انسانان صعدا الى الهيكل ليصليا واحد فريسي والاخر عشار. اما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا اللهم انا اشكرك اني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار.اصوم مرتين في الاسبوع واعشر كل ما اقتنيه.واما العشار فوقف من بعيد لا يشاء ان يرفع عينيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلا اللهم ارحمني انا الخاطئ.اقول لكم ان هذا نزل الى بيته مبررا دون ذاك لان كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع} لو 9:18-14. الإيمان والشكر لله .. يجب ان نأتى الى الله بثقة وايمان غير مرتابين البته {ولكن ليطلب بايمان غير مرتاب البتة لان المرتاب يشبه موجا من البحر تخبطه الريح وتدفعه }(يع 1 : 6). ولدينا وعد الله الصادق {وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه }(مت 21 : 22). قد تتأخر اوتتعدل او تتغير أستجابة الله لصلواتنا لمعرفة الله لما هو مفيد لنا والأفضل والوقت المناسب لأستجابة الصلاة ومع هذا يجب ان نشكر الله فى كل حين وعلي كل شئ ونواظب على الصلاة بشكر وبلجاجة ، لقد كان زكريا واليصابات بارين أمام الله وسالكين فى وصاياه بدون لوم او عيب ومع هذا تأخر فى الاستجابة لصلواتهما من اجل الانجاب ليأتى بيوحنا المعمدان لهما بعد الكبر لكن فى الوقت المناسب ليعد الطريق أمام السيد. وتأخر شفاء المرأة النازفة الدم اثنتى عشر سنة وأظهر السيد المسيح عظم إيمانها أمام الجميع . وانت صلي واطلب ان يتمم الله مشيئته الصالحة والكاملة فى حينه الحسن كما علمنا ان نقول لتكن مشيئتك . {واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر} (كو 4 : 2). اننا نصلى ونطلب ولنا دالة عند الله فى ابنه الذى تجسد وتألم وصلب وقام من اجل خلاصنا وتبريرنا { وفي ذلك اليوم لا تسالونني شيئا الحق الحق اقول لكم ان كل ما طلبتم من الاب باسمي يعطيكم الى الان لم تطلبوا شيئا باسمي اطلبوا تاخذوا ليكون فرحكم كاملا }(يو 16 : 24). مع الصفح وعدم الرياء والصوم .. لكى ننال المغفرة من الله وتستجاب لصواتنا يجب ان نحمل المحبة لاخوتنا ونطلب لهم الخير من الله ونسامح ونغفر للمسئين الينا لكى نكون ابناء الله العلي الذى يشرق شمسه على الابرار والاشرار ويمطر على الصالحين والطالحين ويصبر ويتأنى على الجميع {فانه ان غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم ايضا ابوكم السماوي.وان لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم ابوكم ايضا زلاتكم} مت 14:6-15. لهذا يأمرنا المخلص ان نتصالح مع اخوتنا لتقبل صلواتنا {فان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب اولا اصطلح مع اخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك} مت23:5-24. الصفح والمغفرة للآخرين يجعلنا نتشبه بالله ويجعل القلب مسكناً للروح القدس .ان الله لا يخفى عليه شئ وكل شئ مكشوف قدامه فيجب ان نصلى لا كما لقوم عادة ولا من اجل نوال المديح من الناس او نكرر الكلام باطلاً اي بدون فهم أو عمق بل بمحبة ولجاجة وصدق { ومتى صليت فلا تكن كالمرائين فانهم يحبون ان يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم.واما انت فمتى صليت فادخل الى مخدعك واغلق بابك وصل الى ابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية.وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالامم فانهم يظنون انه بكثرة كلامهم يستجاب لهم.فلا تتشبهوا بهم لان اباكم يعلم ما تحتاجون اليه قبل ان تسالوه} مت 5:6-8. ويجب ان نقدم صلواتنا مع الصوم والصدقة كجناحى الصلاة المقبولة {فقال لهم هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة والصوم }(مر 9 : 29). اليك يارب نصلي .. نشكرك يا الهنا الرحيم على كل حال ومن اجل كل حال وفى سائر الاحوال . ونبارك عظيم محبتك نحو جنس البشر يا من يسعى دوما لخلاصنا ويطلب الضال ويسترد المطرود ويجبر الكسير ويعصب الجريح ، يامن دائما تعلن محبتك لنا وتبحث عنا وتغفر خطايانا وتريد ان تجمعنا تحت جناحى محبتك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها . فان كنا نحن جحود لهذه المحبة ونبتعد بارادتنا عنك فانت الرحوم تصبر وتتأني وبربط المحبة تجذبنا اليك . لهذا تباركك نفوسنا وارواحنا وافكارنا ونصلى لكي يعمل روحك القدوس جاذباُ لنا بشبكة المحبة لنتحول اليك راجعين ولمغفرتك طالبين وعن الخطية تائبين ولارادتك الصالحة الكاملة نكون صانعين . يالله الهنا اليك نصلي فى كل مكان وزمان وبالأكثر فى الضيقات والشدائد فانت خالقنا وملجائنا وصخرتنا وراعينا . يا سامع الصلاة ،اليك يأتي كل بشر فاسمع صلوات عبيدك وانظر الى تنهد ابنائك الصارخين اليك ليلاً ونهاراً ، اقضى وانصف يارب المظلومين وحرر المأسورين وأقم الساقطين وأعطى رجاء للبائسين وقوم الركب المنحينة والايدى المرتخية شددها ليقوى بك إيماننا وتذداد محبتنا وينمو رجائنا ونصل بك الى مينا السلامة وبر الأمان . ايها الملك السمائي الحاضر فى كل مكان . كنز الصالحات وينبوع ومصدر النعم الالهية ، نصلى اليك ان تجعلنا مستقيمين فى محبتك وعمل الخير وارفع عن كنيستنا وبلادنا وعالمك الغلاء والوباء والحروب والزلازل ونجنا من طوفان بحر هذا العالم الزائل وأبطل مؤامرات الشياطين واعوانهم ، ارحمنا يارب فاننا ضعفاء ومساكين وعرفنا ارادتك لنكون لها طائعين وهبنا النعمة والقوة والحكمة لنسلك فى وصاياك كل حين وعند مجئيك الثانى نسمع ذلك الصوت الحنون والممتلئ فرحاً تعالوا اليٌ يامباركى ابى رثوا الملكوت المعد لكم . أمين القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
05 أكتوبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (9) الصبر

مفهوم الصبر ومظاهره .. الصبر هو التجلد والاحتمال وطول الأناة ، والتماسك في وجه الاستفزاز والظلم وهو ليس موقفاً سلبياً، بل هو موقف إرادي ايجابي . والدافع له هو محبة الله، ومن ثم محبة المسيحى للآخرين.وتوجد لكلمة الصبر في اللغة العربية مرادفات ومعاني عديدة منها ، المثابرة، طول الأناة، التأني، التسامح، ضبط النفس، تمالك النفس والأعصاب، كظم الغيظ ، سعة الصدر، التروي . والصبر ثمرة من ثمار الروح القدس التي تحتاج الي جهاد ومعرفة في أقتنائها ،كما انها لا تعني عدم العمل او الركون لتدخل الله في حل المشكلات دون البحث في حلها واتخاذ افضل الوسائل للوصول للحل او علاج وانهاء المشكلات التي نواجهها في حكمة وقوة وجهاد وعمل بتأنى . الصبر يعني انه يجب أن نفكر قبل كلّ عمل نُقدم عليه. نفكر أولا ثمّ نعمل.من أجل ان يدرك الإنسان ما يدور حوله ويعرف ما الذي يساعده وما الذي يعيقه، ما الربح وما الخسارة من وراء كلّ عمل يقوم به. قد نجد البعض يستعجل في الردّ على كلّ كلمة أو نظرة أو حركة من الغير. وردّهم هذا يمكن أن يكون وبالاُ عليهم. وبالصبر ينبغي أن يترووا وأن يفكّروا قبل القيام بأي عمل وأن يتعوّدوا ضبط أعصابهم وكبح جماح أنفسهم حتى ان سمعوا ما لا يرضيهم فيكون تعاملهم بروح التسامح وسعة الصدر. وما أكثر أضرار عدم الإحتمال الناتج من عدم فهم الطبيعة البشرية الضعيفة وعدم اللجوء إلى الوسائط الروحية الفعالة لتهدئة الأعصاب وعلينا ان نعرف جميعاً أن الصبر مُر. لكن نهايته راحة وفرح، بينما نفاذ الصبر، وعدم الإحتمال، مدعاة لغضب الله، ومجلبة لإمراض كثيرة نفسية وعصبية وبدنية، واسأل عديمي الصبر، وما أصابهم من عدم احتمالهم وتذمرهم وغضبهم . وتذكر قول الكتاب {ها نحن نطوب الصابرين، قد سمعتم بصبر أيوب، ورأيتم عاقبة الرب}(يع5: 11).فأصبر واشكر وانتظر فرج الرب، الذي سوف يأتي في الوقت المناسب. الطبيعة والحياة تعلمنا الصبر فقد وضع الله للطبيعة قوانين ومنها نتعلم الصبر وطول البال اننا نلقى البذار فى بدء الربيع ونتعهدها بالري والتسميد حتي تثمر وتنضج الثمار وهناك اشجار معمرة تحتاج لبض سنوات حتى تثمر والطفل يولد ويتعلم مع الوقت كيف يجلس ويحبو ثم يمشى ويتكلم ويتعلم حتى ياتى الى فترة النضج .ان مشكلة البعض انه يريد ان يقول للشئ كن فيكون وما يمكن ان يجنيه بعد سنوات من الكفاح يريده الان ، لكننا نحتاج الى الصبر وطول البال حتى فى مجال العمل والعلاقات البشرية والتطور والنمو النجاح . للصبر مجالات كثيرة فى حياتنا .فنحن نصبر حتي يستجيب الله لصلواتنا فقد يأتي الرد متأخراً لحكمة عند الله. نصبر ونتأني علي أنفسنا ونترجى مراحم الله ولا نيأس بل نجاهد لنتخلص من أخطائنا وخطايانا وننمو فى الفضائل الروحية والتقوى ونصبر على ابنائنا واخوتنا وأقاربنا فمع الوقت لابد ان تنصلح احوالهم ويعرفوا محبة الله ومحبتنا لهم . نصبر علي الخطاة حتي يرجعوا لأنهم لا يفهمون مقاصد الله والعدو يعمي بصائرهم، نتأني علي اخوتنا الضعاف فقد تتحول ضعفاتهم إلي قوة عن طريق صبرنا عليهم. نتأني علي المظالم التي في الأرض عالمين ان ربنا قادم سريعاً ليضع لها حداً {فتأنوا انتم ايها الاخوة وثبتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب} (يع 8:5). نتأني علي الضعفاء ونستميح لهم العذر لقلة بصيرتهم وضعف عقولهم او اختبارهم وقد نساعدهم بصبرنا علي تحسن احوالهم بقدر المستطاع.. نتأني علي خصومنا وافتراءاتهم فالحق لابد ان ينتصر، والصليب مع آلامه يتبعه القيامة مع امجادها. الله فى صبره وطول انأته .. ان الله يُطيل أناته على العالم كله ، الخطاة والجاحدين ، ومن أجل طول أناته لم يهلك البشر ولم يفنى العالم بكثرة شره بل أرتفع على الصليب ليحمل عقاب خطايانا وفتح ذراعية قائلاً { تعالوا إلى يا جميع المتعبين وثقيلى الأحمال وأنا أريحكم} لقد قاد الله بصبرة وطول أناته كثيرين إلى التوبة ومن أجل طول أناته يشرق شمسه على الأبرار والأشرار. فهو {إله الصبر}(رو 15: 5). كما أن الله {بطيء الغضب}(خر 34: 6)، {طويل الروح}(عد 14 :8 ، نح 9: 17) و {طويل الأناة}( إر 15: 15).وقد تجلى صبر الله في تعامله مع الأنسان الخاطيء الذي لا يستحق سوى غضبه ودينونته (إش 48: 9). وعندما قتل قايين أخاه {جعل الرب لقايين علامة لكى لا يقتله كل من وجده} (تك 4: 15)، كما أنه بعد الطوفان وضع قوسه في السحاب ليكون علامة ميثاق بينه وبين كل نفس حية على الأرض (تك 9: 11- 17). وكم من المرات صبر على تمرد وعصيان شعبه القديم (عد 14: 22، هو 11: 8، 9). كما تجلى صبره فى ارساله يونان النبي ليدعو اهل نينوى الخطاة للتوبة (يون: 10، 4: 9 –11). وكم من مرة تأنى على أورشليم (مت 23: 37، مرقس 12: 1- 11، لو 13: 1 – 9و 34). ويتأنى المسيح في مجيئه الثاني ليعطي للخطاة فرصة للتوبة (2 بط 3 : 9). المسيح هو المثال الكامل للمؤمنين في الصبر (2 تس 3: 5، رؤ 1: 9)، فيجب علينا أن"نحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع، الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزى" (عب 12: 1و 2)، فقد احتمل إهانات رؤساء الكهنة والشيوخ وغيرهم، بل وتعييرات اللصين على الصليب (مت 27: 38- 44، مرقس 15: 28- 32) من اجل هذا يطالبنا بسماع وصاياه والتامل فيها والتحلى بالصبر حتى نأتي بالثمر الروحى {و الذي في الارض الجيدة هو الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح و يثمرون بالصبر (لو 8 : 15). ويقول لنا اننا نربح أنفسنا والملكوت والآخرين بالصبر{بصبركم اقتنوا انفسكم} (لو 21 : 19) و يمتدح الصبر في المؤمنين عامة والخدام خاصة، فيقول لملاك كنيسة أفسس وخادمها : "أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك" (رؤيا 2 : 2)... ويقول لملاك كنيسة فيلادلفيا : {لأنك حفظت كلمة صبري، أنا أيضاً سأحفظك من ساعة التجربة العتيدة أن تأتي علي العالم كله، لتجرب الساكنين علي الأرض} (رؤ3 : 10). وحينما أعلنت الرؤيا ليوحنا بينما كان منفياً في جزيرة بطمس كتب يقول {أنا يوحنا أخوكم وشريككم في الضيقة، وفي ملكوت يسوع المسيح وصبره}(رؤ1 : 9)من اجل هذا يكتب القديس بولس الرسول إلي تلميذه الأسقف تيموثاوس { صادقة هي الكلمة إنه إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضاً معه. إن كنا نصبر فسنملك أيضاً معــــه}(2تيمو 2 : 11 ، 12). امتدح الإنجيل فضيلة الصبر لشعب كنيسة تسالونيكي وقال: {متذكرين عمل ايمانكم، وتعب محبتكم، وصبر رجائكم في ربنا يسوع المسيح} (1تس1: 3) وأكد الرسول على أن الإنسان المحب والمتضع يصبر على ضعفات الناس ملتمساً لهم العذر كبشر (1كو13).وتحدث سفر الرؤيا عن صبر القديسين والشهداء، على ظلم الأشرار، واضطهاداتهم الظالمة حتى نالوا أكاليلهم في النهاية (رو5: 3)، (يع1: 3) وينبغي علينا أن نصبر مثلهم (1بط2: 20) لنكون معهم، كما قال القديس بولس {بالإيمان والأناة يرثون المواعيد} (عب6: 12). { إنكم تحتاجون إلى الصبر، حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون المواعيد} (عب10: 36). فالله يسند الصابر الشاكر.وشدد الكتاب على أن يكون كل الخدام – على كافة درجاتهم – صبورون في التعامل مع مرضى الروح (الخطاة) (1تي6: 11). وأن يرتضوا باحتمال الآلام والضيقات بصبر وشكر حتى تعبر. أعطى الله درساُ فى الصبر والاحتمال لاب الاباء ابراهيم كما جاء فى التقليد اليهودى .. أن ضيفاً قدم الي أبراهيم يوماً فرحب أبينا إبراهيم بالضيف وذبح له عجلاً وأعد الأطعمة.وقبل ان يأكلا ويبيتا طلب منه الصلاة معاً ، فالسفر في الغابات خطر ويعرض الضيف للحيونات المتوحشة .. وقبِل الشيخ ذو الستين ربيعاً وعندما طلب أبينا إبراهيم من الضيف أن يصليا أخرج الضيف وثناً من جيبه وأخذ يصلى إليه ويسجد له ! هنا قال له أبينا إبراهيم إن هذا خطأ لأن هناك الله خالق السماء والأرض له نسجد ونصلى هنا لم يقبل الضيف نصيحة رجل الإيمان وأستمر في صلاته وإذ بأبينا إبراهيم يحتد عليه ويطرد الشيخ من عنده لأنه عابد وثن وفي ذات الليلة كلم الله أبينا إبراهيم معاتباً قائلاً "يا إبراهيم ستون سنه وأنا صابر على هذا الرجل ومحتمله ، أما قدرت أن تصبر عليه ليلة واحدة". أن الحب والصبر يصنع المعجزات والاحتمال يقيم الأموات والغضب لا يصنع بر الله.ولو صبر أبينا إبراهيم على الرجل وقدم له حباً لربما تغير الرجل وعبد الرب اله إبراهيم من أجل محبة إبراهيم وكرم ضيافته وحسن استقباله. ان صبر الله علينا يجب ان يكون فرصتنا للتوبه { ام تستهين بغنى لطفه و امهاله و طول اناته غير عالم ان لطف الله انما يقتادك الى التوبة} (رو 2 : 4) .إن الله يريد أن يظهر قدرته أمام تحديات ابليس وأتباعه ويريد أن يصب عليهم غضبه وانتقامه، لكن لطف الله يتدخل ليقتاد الشريد، والضال، والمخدوع، والتائه إلي طريق الحياة والخلود، والسعادة الأبدية.ولكن لصبر الله علينا حد هو فترة حياتنا القصيرة علي الارض فإذا انتقصت هذه السنون كلمح البصر، أنتهت فرصة التوبة، وتعذر الرجوع، وضاعت علي الإنسان فرصة الاستفادة من لطف الله وصبره. ثمار الصبر فى حياتنا الصبر أساس الصداقات الناجحة والدائمة والدرع الواقى لمنع الخصومات ولذلك قال سليمان الحكيم {الرجل الغضوب يهيج الحقد ، وبطء الغضب يسكن الخصام} (1م 5 : 19). فإن أردت أن تحيا سعيداً وتعمر مديداً لا تغضب وكن صبوراً لكى لا تحطم سعادتك بيديك فالإنسان الهادئ يجلب السعادة لنفسه ، ولمن حوله ،ولمن يتعاملوا معه ويكون قوياً يستطيع أن يتعلم ويعطى من نفسه قدوة تبنى الآخرين. وقد صبر داود على حروب شاول 39 سنة، حتى مات واستراح من رذائله وصار ملك بعده .وقال القديس يعقوب الرسول: { قد سمعتم بصبر ايوب ورأيتم عاقبة الرب} (يع 5: 11) لقد صبر أيوب على التجربة فاسترداد ماله وابنائه وصحته وسمعته وباركه الله .وقال بولس الرسول {أنا أصبر على كل شيء} (2تي2: 10). {إنكم تحتاجون إلى الصبر} (عب10: 36). وأيضاً {صابرين في الضيق} (رو12: 12) .بصبر على أخطاء أصدقائك تكسبهم ويحبوك وبصبرك على أعدائك يحترموك وربما يتحولوا الى اصدقاء لك وان لا فقد ربحت نفسك وتأخذ المكأفاة من الله وثق انه مع الصبر ستنتهى الضيقة بالانتصار والفرج . الصبر فضيلة تهبنا حلم ووداعة .. نحتاج ان نكتسبها بالتعلم والجهاد الروحى تجعل الانسان حليم ووديع ومحبوب لا يثور ولا يغضب ويفكر قبل ان يتكلم ويتصرف ، عندما يُفتَقَد الصبر، يخمد صلاح النفس وتنمو الخطيئة. الصبر يزيّن النفس بماسات ليست من الأرض بل من أورشليم العلوية. الصبر يزيد من طاعة الكلمات الإلهية التي كُتِبَت في الماضي، وتُكتَب الآن، وسوف تكتَب في المستقبل. الصبر هو المحبة والطاعة. يزيد الصبر عندما يهتمّ الإنسان بالله . الصبر هو كلمة عذبة، سلاح لا يُغلَب، زينة لا تُقَدَّر للرجل، بركة من الله ، الإنسان الصابر، ينتظر بإيمان تدخل الرب في المشاكل وحلها في الوقت المناسب. فالإيمان يقود إلى الإنتظار، وتسليم الأمر لله إلى أن يشاء الله، ويقدم الشكر مقدماً، ويحصل المؤمن على الرجاء (رو15: 4) الذي يجعله لا يتذمر، بل يشكر باستمرار، فينال ثمر صبره (لو8: 15). الصبر ضبط للنفس .. ان ضبط النفس فضيلة سامية { البطيءالغضب خير من الجبار و مالك روحه خير ممن ياخذ مدينة }(ام 16 : 32).عندما تواجه آخرين فيتصرفوا معك بدون لياقة وبعدم احترام فأضبط نفسك ولا تفقد رجاءك فيهم ، بل بطول أناتك أكسبهم وأعلم أن رابح النفوس حكيم ، والمثل يقول "أن قطرات من العسل تصطاد من الذباب أكثر مما يصطاده برميل من العلقم" فليكن لك الروح الوديع وسعه الصدر ولا تتبرم وتتذمر وأصبر . عندما كان داود النبى مطارداً من أمام أبنه أبشالوم أخذ أحد العامة يسبه وهو يلقى عليه بالأحجار فقال قائد جيش لداود : دعنى أقتله فرفض داود فى صبر وتواضع قائلاً : لا.. دعه لينظر الله إلى أتضاع عبده. ومن أجل تواضع داود رده الله إلى مملكته وأهلك أعدائه. وأنت أعلم أن الله يقاتل عنك وأنت صامت فلا تقابل الأخطاء بالأخطاء فالنار لا تطفأ بالنيران بل بالماء.أحتمل الافتراءات ولا تنتقم لنفسك والتمس الأعذار للناس كضعف بشرى يحتاج إلى العلاج والوقوف مع من يسئ إليك في خندق المحبة والتأنى والترفق به ولا تفقد الأمل في الإصلاح وسيأتى اليوم وستجنى ثمر الصلاح. الصبر والتنقية والقداسة : الصبر مدرسة لتنقية المؤمن من الضعفات والشوائب ولتقوية الإيمان وبنيان حياة المؤمن لتحقيق القداسة التي هي إرادة الله من أجلنا ، فالرب يؤدب أولاده لكى يشتركوا في قداسته (عب 12: 4- 13). فهذا التأديب أنما هو لخير المؤمن ومنفعته. فهو أحد الإشياء التي تعمل للخير (رو 8: 28)، لذلك يجب على المؤمن أن يفرح في كل حين (في 4:4 )، بل وحينما يقع في تجارب متنوعة عالماً أن الضيق ينشيء صبراً (رو 5: 3) ، كما ينشيء امتحان الإيمان صبراً (يع 1: 2-3). لقد احتمل ابائنا القديسين حتى الاضطهاد والاستشهاد من اجل الثبات على إالايمان من اجل هذا كرمهم الله والكنيسة فى كل زمان { حتى اننا نحن انفسنا نفتخر بكم في كل كنائس الله من اجل صبركم وايمانكم في جميع اضطهاداتكم والضيقات التي تحتملونها }(2تس 1 : 4).والسيد المسيح يعلق اقتناء النفس بالصبر، فبعد أن يعرض الضيقات العتيدة أن تصادف المؤمنين فى العالم، يصف الدواء{بصبركم إقتنوا أنفسكم} (لوقا21: 19) . وعن ذلك يقول القديس يعقوب الرسول {عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبراً، وأما الصبر فليكن له عمل تام. لكى تكونوا تامين كاملين غير ناقصين فى شئ} (يعقوب1: 3 – 4). الصبر والهدوء والصمت .. ان الصبر يثمر فينا حياة الهدوء والصمت { لانه هكذا قال السيد الربقدوس اسرائيل بالرجوع و السكون تخلصون بالهدوء و الطمانينة تكون قوتكم} (اش 30 : 1). الصبر يعطى للانسان هدوء الحواس واللسان {هدوء اللسان شجرة حياة واعوجاجه سحق في الروح } (ام 15 : 4) . لهذا يوصينا الانجيل على الاسراع فى الاستماع والابطاء فى التكلم او الغضب {اذا يا اخوتي الاحباء ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع مبطئا في التكلم مبطئا في الغضب }(يع 1 : 19) ولذلك نري معلمنا داود النبي في محنته القاسية المريرة يقول {صمت يارب لا أتكلم لأنك أنت أمرت}وسليمان الحكيم يعلمنا حكمة الصمت فيقول {لكل شيء زمان ولكل أمر تحت السموات وقت...للسكوت وقت وللتكلم وقت}. الصبر يهبنا الخلاص والملكوت السماوى .. الصبر لازم لخلاصنا ، كما هو ايضاً ضرورة لدخول الملكوت فمن يصبر للمنتهي فهذا يخلص ولذلك نري يعقوب الرسول يوصي بشدة جماعة المؤمنين فيقول {فتأنوا ايها الاخوة إلي مجيء الرب، هوذا الفلاح ينتظر ثمر الأرض الثمين متأنياً عليه حتي ينال المطر المبكر والمتأخر، فتأنوا انتم وثبتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب... خذوا يا اخواتي مثالاً لإحتمال المشقات والأناه، الأنبياء الذين تكلموا بإسم الرب ها نحن نطوب الصابرين، قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب} (يع 5 : 7 ـ 11) ويمتدح الرسول بولس تلميذه تيموثاوس من اجل هذه النعمة ـ نعمة الصبر ـ اسمعوه يقول {وأما أنت فقد تبعت تعليمي وسيرتي وايماني واناتي ومحبتي وصبري واضطهاداتي وآلامي... اية اضطهادت احتملت ومن الجميع أنقذني الرب، وجميع الذين يريدون ان يعيشوا بالتقوي في المسيح يسوع يضطهدون} (2تيم 3 : 10 ـ 12). من اجل هذا قال القديس مكاريوس الكبير : طول الروح هو الصبر والصبر هو الغلبة، والغلبة هي الحياة، والحياة هي الملكوت، والملكوت هو اللّه، البئر عميقة لكن ماءها طيب عذب، الباب ضيق والطريق كربة، لكن المدينة مملوءة فرحاً وسروراً، والبرج حصين، لكن داخله كنوزاً جليلة، الصوم ثقيل صعب، لكنه يوصل الي ملكوت السموات، فعل الصلاح عسير شاق لكنه ينجي من النار برحمة ربنا الذي له المجد.لهذا فطوبي للصابرين لانهم ينالوا أكليل الحياة {طوبي للرجل الذي يحتمل التجربة لانه اذا تزكي ينال اكليل الحياة} (يع1 : 12). علمنا يارب ان نصبر ايها الرب الاله طويل الانأة كثير الرحمة ، اصبر وتأنى على خلقتك رغم بعدنا وجحودنا وخطايانا لكننا نترجى مراحمك وصبرك علينا كما يصبر الزارع على اشجاره وينقب حولها ويضع السماد لتثمر ، وانت اله الصبر والرجاء ، طويل البال ، تأني علينا وعلى عالمك المسخن بالجراح ، فابليس يعمل جاهدا ليبعدنا عنك وانت كآب صالح قادر على كل شئ ردنا اليك يالله كعظيم رحمتك . اعطنا ان نتعلم منك وان نسرع الى التوبة والرجوع اليك لنستفيد من صبرك علينا ورحمتك بنا وعلمنا ان نصبر ونتسامح تجاه الآخرين محتملين اياهم بمحبة حقيقية وصبر كامل ورجاء ثابت ومحبة بلا رياء لنكون على صورتك ومثالك وصبرك علمنا ان نقابل السئية بالحسنة ، والكراهية بالمحبة ، والشر بالخير ، والتسرع والغضب بالصبر والهدوء ، علمنا ان نكون شفوقين محتملين بعضنا بعض بالمحبة ، مسرعين الى حفظ وحدانية الروح برباط الصلح الكامل ، صانعين ارادتك كل حين . القمص أفرايم الأورشليمى
المزيد
29 سبتمبر 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (8) الرجاء

الرجاء واهميته فى حياتنا .. + الرجاء قيمة روحية وفضيلة هامه فى حياة كل إنسان منا فهو قوة دافعة للأمل والعمل للوصول الى مستقبل أفضل فى هذه الحياة وهو دافع للتقوى والفضيلة من اجل الوصول الى الملكوت السماوى. الرجاء المسيحى يعتمد علي محبة الله الاب السماوى والقادر على كل شئ والذى يتوق لخيرنا { لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين} (عب 10 : 23). فالرجاء دافع للاتحاد بالله والصلاة اليه والعمل بوصاياه للتغلب على كل مصاعب رحلة الحياة بقوة الله وعمل نعمته ، فللخاطئ رجاء فى الله بالتوبة ، وللمريض رجاء فى مقدرة الله فى شفائه والمحزون له رجاء فى العزاء ، والمظلوم له رجاء فى الانصاف وللمحتاج ثقة فى قدرة الله على أشباع احتياجاته، ولمن يعانون من المشاكل النفسية أو العائلية او الاجتماعية رجاء فى الله ليحلها ويخلصهم . حتى للدول رجاء بالتخطيط والعمل والمتابعة مع الصلاة ،فى التغلب على مشكلاتها. فهناك أمور حتى مهما بلغنا الاتقان فى التخطيط والعمل تحتاج لمعونه وقوة الله وحفظه للتغلب عليها ، ان العالم يقف عاجزاً امام قوى الطبيعة من أعاصير وزلازل وبراكين ويتمسك بالرجاء فى الله ، رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين. + من أخطر الحروب الروحية وأقسى الاشياء التى تحارب الانسان انقطاع الرجاء او اليأس . ان اليأس يجعل الحياة ثقيلة بل مستحيلة ويتسبب فى عدم التكيف مع الوسط المحيط والفشل والاحباط والكأبة واخيرا قد يقود الى الانتحار فالرجاء حصن لمن يتمسك به وسبب فى هلاك من يفقده { ارجعوا الى الحصن يا اسرى الرجاء اليوم ايضا اصرح اني ارد عليك ضعفين} (زك 9 : 12). لقد راينا كيف اخطأ اثنين من الرسل . فالقديس بطرس الرسول ليلة الآم السيد المسيح انكر وجحد السيد المسيح ويهوذا تأمر مع اليهود وسلمه لهم ، لكن بطرس رجع الى نفسه وبكى بكاءاً مراً وتاب وقبل الله توبته ورده الى رسوليته اما يهوذا فندم ولكن فقد رجائه ومضى وشنق نفسه وهلك { اذ كان معدودا بيننا وصار له نصيب في هذه الخدمة. فان هذا اقتنى حقلا من اجرة الظلم واذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت احشاؤه كلها. وصار ذلك معلوما عند جميع سكان اورشليم حتى دعي ذلك الحقل في لغتهم حقل دما اي حقل دم.لانه مكتوب في سفر المزامير لتصر داره خرابا ولا يكن فيها ساكن ولياخذ وظيفته اخر} أع 17:1-20 + اننا نضع رجائنا فى الله لانه قادر على كل شئ { من اله ابيك الذي يعينك ومن القادر على كل شيء الذي يباركك تاتي بركات السماء من فوق وبركات الغمر الرابض تحت} (تك 49 : 25).{ وهم يرتلون ترنيمة موسى عبد الله وترنيمة الخروف قائلين عظيمة وعجيبة هي اعمالك ايها الرب الاله القادر على كل شيء عادلة وحق هي طرقك يا ملك القديسين }(رؤ 15 : 3). من اجل ذلك نطلبه ونلتمس معونته { اطلبوا الرب و قدرته التمسوا وجهه دائما} (مز 105 : 4). واثقين ان غير المستطاع لدى الناس مستطاع لديه { فنظر اليهم يسوع وقال عند الناس غير مستطاع ولكن ليس عند الله لان كل شيء مستطاع عند الله }(مر 10 : 27). ان رجائنا فى الله لانه قادر على كل شئ وهو اله محب ومحبته لا تعتمد على صلاحنا بل على ابوته وصلاحه { اردد هذا في قلبي من اجل ذلك ارجو. انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول. هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك. نصيبي هو الرب قالت نفسي من اجل ذلك ارجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه} مر21:3-25. من أجل هذا نحن نتمسك بالرجاء لان الهنا امين وقادر ومحب { الذين اراد الله ان يعرفهم ما هو غنى مجد هذا السر في الامم الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد} (كو 1 : 27). ونحن نتمسك بوعوده الصادقة الامينة { لا تخف لاني معك لا تتلفت لاني الهك قد ايدتك و اعنتك و عضدتك بيمين بري} (اش 41 : 10). من اجل ذلك قال المرنم { الاتكال على الرب خير من الاتكال على البشر ، الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء} مز8:118-9. والله لكى يبث فينا روح الرجاء يعطينا الكثير من الوعود لنثق فيه ويقول لنا انه أحن من الام علي ابنائها { هل تنسى المراة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين و انا لا انساك. هوذا على كفي نقشتك اسوارك امامي دائما} اش 15:49-16. السيد المسيح رجائنا ... + قبل ان ياتى السيد المسيح ويحل بيننا على الارض كانت انظار البشرية تتطلع الى مجيئه وخلاصه فهو المخلص الموعود به لسحق رأس الحية ، ابليس (تك15:3) قال افلاطون الفيسلوف المعتبر نبى للامم انه يتوق ويشتاق الى ان يأتى شخص المخلص الذى يعلمنا كل شئ. وتنبأ عنه بلعام { ثم نطق بمثله وقال وحي بلعام بن بعور وحي الرجل المفتوح العينين. وحي الذي يسمع اقوال الله ويعرف معرفة العلي الذي يرى رؤيا القدير ساقطا وهو مكشوف العينين. اراه ولكن ليس الان ابصره ولكن ليس قريبا يبرز كوكب من يعقوب ويقوم قضيب من اسرائيل فيحطم طرفي مواب ويهلك كل بني الوغى} عد15:24-17. ولهذا قال اشعياء النبي{ ليتك تشق السماوات وتنزل } (اش 64 : 1).قال هذا بعد ان تنبأ عن مولده من العذراء {ولكن يعطيكم السيد نفسه اية ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل} اش 14:7.وتنبأ عن طبيعته الالهية {لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية} اش 6:9-7. من اجل ذلك قال السيد المسيح {فاني الحق اقول لكم ان انبياء وابرارا كثيرين اشتهوا ان يروا ما انتم ترون و لم يروا و ان يسمعوا ما انتم تسمعون و لم يسمعوا} مت 17:13. + وعندما جاء السيد المسيح تهللت الملائكة واعلنت الملائكة بشري الخلاص للرعاة {واذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب اضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما. فقال لهم الملاك لا تخافوا فها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب} لو9:2-11. وبارك سمعان الشيخ الرب وقال ان الطفل المولود نوراً اعلن للأمم {و كان رجل في اورشليم اسمه سمعان وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر تعزية اسرائيل والروح القدس كان عليه. وكان قد اوحي اليه بالروح القدس انه لا يرى الموت قبل ان يرى مسيح الرب. فاتى بالروح الى الهيكل و عندما دخل بالصبي يسوع ابواه ليصنعا له حسب عادة الناموس.اخذه على ذراعيه و بارك الله و قال الان تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام.لان عيني قد ابصرتا خلاصك.الذي اعددته قدام وجه جميع الشعوب. نور اعلان للامم ومجدا لشعبك اسرائيل}لو25:2-32. + جال السيد المسيح يصنع خيرا ويعلم الشعب ويعلن اقتراب ملكوت الله { وكان يسوع يطوف المدن كلها والقرى يعلم في مجامعها ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب.ولما راى الجموع تحنن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها} مت 35:9-36.وعندما قالت له المرأة السامرية ان المسيح عندما يأتى سيخبرهم بكل شئ { قالت له المراة انا اعلم ان مسيا الذي يقال له المسيح ياتي فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء.قال لها يسوع انا الذي اكلمك هو} يو25:4-26. وبعدما أكمل السيد المسيح خدمته الجهارية فى العالم بسط ذراعيه على عود الصليب ليجذب اليه الكل ، الامم واليهود ، من شمال الارض الى مغاربها ومن الشمال الى الجنوب ليجذبنا الى الأحضان الابوية كما قال { وانا ان ارتفعت عن الارض اجذب اليٌ الجميع} يو 32:12. وتحققت به نبؤة اشعياء النبي {قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق الى النصرة.وعلى اسمه يكون رجاء الامم}.اش 3:42، مت 20:12-13. + ان السيد المسيح كان وسيبقى رجاءاً لكل أحد ومن يتكل عليه لا يخزى ابدا { فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح.الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله. وليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية والتزكية رجاء. والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} رو 1:5-5. السيد المسيح رجاء الخطاة فى التوبة والقبول والغفران {هو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا }(1يو 2 : 2). فمن كان يتصور ان مريم المجدلية الخاطئة تتوب وتتحول الى مبشرة بالقيامة حتى للامبراطور واي قوة وشجاعة حصلت عليها بالإيمان لتشهد لبشرى الخلاص . كذلك المرأة السامرية تتوب وتذهب تعلن بشرى الخلاص لاهل السامرة . ومن كان يتصور ان انسانا محباٌ للمال كزكا العشار يتغير بمقابلة صادقة مع المخلص والمحرر {فوقف زكا وقال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف. فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم.لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك} لو 9:19-11. وهكذا راينا شاول الطرسوسى المضهد للكنيسة يتقابل فى الطريق بعد القيامة مع المخلص ويهتدى الى الإيمان ويتحول الى مبشر يقدم حياته حباً فى مخلصه . السيد المسيح رجاء المتعبين فهو القائل { تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم.لان نيري هين وحملي خفيف} مت 28:11-30. لقد ذهب الى مريض بركة بيت حسدا الذى تباعد عنه الأهل والاصدقاء وقدم له الشفاء ، وكما قدم الشفاء للعميان قديما يستطيع اليوم وفى كل وقت ان يهب النظر والبصيرة الروحية لنا لنعاين مجد الله ونرى حكمته فى الاحداث من حولنا. وهو الذى اشفق على المرأة التى أمسكت فى ذات الفعل ودافع عنها ومنحها سلاما ومغفرة وهى منكسرة ، هو الذى نظر لدموع القديسة مونيكا من أجل ابنها أغسطينوس وعمل بنعمته فيه ليرجع الى الله ويصير قديساً . السيد المسيح رجاء للمنبوذين والضعفاء والمحتاجين لقد ذهب للبرص وكان مرض يعتبر نجاسة ولمسهم بيده الشافية وشفاهم وهو الذي يبحث عن الخروف الضال ليرده وعن الابن الضال ليهبه البنوة والمجد ويبحث عن من ليس له أحد يذكره لان كل نفس لها قيمة غاليه لديه يفرح كآب صالح ان يجمع الى بيته الجميع ، من اجل هذا قال الرب فى حزقيال النبى قائلا : { انا ارعى غنمي و اربضها يقول السيد الرب.و اطلب الضال واسترد المطرود واجبر الكسير واعصب الجريح واحفظ السمين والقوي وارعاها بعدل} حز15:34-16. لقد نظر الى الجوعى فى البرية فاشبع الالاف بخمسة خبزات وسمكتين وفاض عنهم اثنتى عشر قفة مملؤة ، وانبع الماء قديما من صخرة فى سينا للشعب عندما عطش ولم يجد ماء والصخرة كانت تشير الي السيد المسيح المشبع ، حتى العاصفير يقوتها ويقول لنا ان واحداً منها ليس منسيا أمام الله { اليست خمسة عصافير تباع بفلسين و واحد منها ليس منسيا امام الله. بل شعور رؤوسكم ايضا جميعها محصاة فلا تخافوا انتم افضل من عصافير كثيرة} لو6:12،7. ان السيد المسيح رجاء المحزونين .. هو الذى تحنن على الارملة بنايين وهى تودع ابنها المحمول على النعش {فلما اقترب الى باب المدينة اذا ميت محمول ابن وحيد لامه وهي ارملة ومعها جمع كثير من المدينة. فلما راها الرب تحنن عليها و قال لها لا تبكي. ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال ايها الشاب لك اقول قم.فجلس الميت وابتدا يتكلم فدفعه الى امه} لو 12:7-15.وهو الذى أقام لعازر من القبر بعد اربعة ايام مشفقا على اختيه مرثا ومريم وهو الذى يعزى كل نفس فى ارض غربتها واثقين انه هو {قال لها يسوع انا هو القيامة والحياة من امن بي ولو مات فسيحيا }(يو 11 : 25). { لا تتعجبوا من هذا فانه تاتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته.فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة والذين عملوا السيات الى قيامة الدينونة} يو 28:5-29. السيد المسيح رجاء الامم الذى شفى ابنة المرأة الكنعانية ومدح ايمانها وشفى غلام قائد المئة اليونانى مادحا ثقة وايمانه به . هو رجاء المنكسرين والفقراء والمظلومين والمحتاجين { مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية. واكرز بسنة الرب المقبولة.ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه. فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم } لو 18:4-21. السيد المسيح رجاء الخائفين والمضطهدين . فهو أمس واليوم والى الابد ، وعندما كانت الريح مضادة على التلاميذ والامواج تتقاذف السفينة وخافوا جاء اليهم { و اما السفينة فكانت قد صارت في وسط البحر معذبة من الامواج لان الريح كانت مضادة. وفي الهزيع الرابع من الليل مضى اليهم يسوع ماشيا على البحر. فلما ابصره التلاميذ ماشيا على البحر اضطربوا قائلين انه خيال ومن الخوف صرخوا. فللوقت كلمهم يسوع قائلا تشجعوا انا هو لا تخافوا . مت 24:14-27. وهو الذي يدافع عن المظلومين والمضطهدين من أجل اسمه فهو الذى ارسل ملائكه ليخرج الرسل من الحبس وبكت شاول على اضطهاده للمؤمنين فى دمشق وجعله يتوب ويبشر بالإيمان المسيحي{ اما شاول فكان لم يزل ينفث تهددا وقتلا على تلاميذ الرب فتقدم الى رئيس الكهنة. وطلب منه رسائل الى دمشق الى الجماعات حتى اذا وجد اناسا من الطريق رجالا او نساء يسوقهم موثقين الى اورشليم. وفي ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء. فسقط على الارض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. فقال من انت يا سيد فقال الرب انا يسوع الذي انت تضطهده صعب عليك ان ترفس مناخس} أع 1:9-5. السيد المسيح رجائنا الابدي.. ان حياتنا الارضية ما هي الا بخار ماء يظهر قليلاُ ثم يضمحل اذا قيست بالابدية وسيأتى السيد المسيح كما انطلق الى السماء فى صعوده ليأخذ قديسيه معه للسماء { و قالا ايها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون الى السماء ان يسوع هذا الذي ارتفع عنكم الى السماء سياتي هكذا كما رايتموه منطلقا الى السماء} أع 11:1. { ايها الاحباء الان نحن اولاد الله و لم يظهر بعد ماذا سنكون و لكن نعلم انه اذا اظهر نكون مثله لاننا سنراه كما هو. وكل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر} 1يو 2:3-3. ونحن فى كل مرة نصلى قانون الإيمان نعلن انتظارنا ورجائنا بقيامة الاموات وحياة الدهر الأتي. ان هذا الرجاء تعزية المؤمنين وفرحهم كما يقول الرسول {فرحين في الرجاء صابرين في الضيق}(رو12:12)، وأيضاً {فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة لأنكم تحتاجون إلى الصبر حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد. لأنه بعد قليل جداً سيأتي الآتي ولا يبطئ} (عب35:10-37).وهذا هو العلاج الناجح الذي قدّمه الوحي في رسالة يعقوب للمؤمنين المتألمين والمظلومين، قائلاً لهم {فتأنوا أيها الأخوة إلى مجيء الرب... فتأنوا أنتم وثبّتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب}(يع7:5،12. إن مجيء المسيح الثاني هو الرجاء الموضوع أمامنا، بحسب وعد الرب لهم {وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذكم إليَّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً(يو3:14). ولقد فاه الرب بهذه الكلمات الثمينة لإزالة الاضطراب من قلوب تلاميذه المتألمين لغيابه عنهم. ويجب أن يكون نصب عيوننا المسيح ورجاء الحياة معه . إن الرجاء المسيحي ليس هو أن يأتي المسيح ويأخذ المؤمن إليه عند موته إنما رجاؤنا هو شخص الرب نفسه ليحل فى قلوبنا ويتمجد بنا وفينا سواء بحياة او انتقال . الرجاء وتقويته ونتائجه فى حياتنا .. + الصلاة هى الباب المفتوح نحو السماء الذى يوصل طلباتنا وتضرعاتنا الى الله وبالأكثر عندما تكون مقرونة بالصوم والتواضع والصدقة ونقاوة القلب { الصدقة هي رجاء عظيم عند الله العلي لجميع صانعيها }(طو 4 : 12). الصلاة هى التي انقذت الشعب قديما من مؤامرة هامان لابادة لابادة شعب الله { الاله القدير على الجميع فاستجب لاصوات الذين ليس لهم رجاء غيرك و نجنا من ايدي الاثماء وانقذني من مخافتي} (اس 14 : 19). وهى التى خلصت القديس بولس الرسول من مخاطر كثيرة {فاننا لا نريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة ضيقتنا التي اصابتنا في اسيا اننا تثقلنا جدا فوق الطاقة حتى ايسنا من الحياة ايضا. لكن كان لنا في انفسنا حكم الموت لكي لا نكون متكلين على انفسنا بل على الله الذي يقيم الاموات. الذي نجانا من موت مثل هذا و هو ينجي الذي لنا رجاء فيه انه سينجي ايضا فيما بعد. و انتم ايضا مساعدون بالصلاة لاجلنا لكي يؤدى شكر لاجلنا من اشخاص كثيرين على ما وهب لنا بواسطة كثيرين}. 1كو 7:1-11. فلا تيأسوا ابداً من رحمة الله بل لنتوب عن خطايانا بتواضع وبر { فيكون للذليل رجاء و تسد الخطية فاها }(اي 5 : 16){ان لان للشجرة رجاء ان قطعت تخلف ايضا ولا تعدم خراعيبها }(اي 14 : 7).وثقوا فى الله الذي { و على اسمه يكون رجاء الامم }(مت 12 : 21). لان الله كاب صالح يريد لنا رجاء وحياة ابدية { لاني عرفت الافكار التي انا مفتكر بها عنكم يقول الرب افكار سلام لا شر لاعطيكم اخرة و رجاء }(ار 29 : 11). + القراءة فى الكتاب المقدس وسير القديسين اننا اذ نستنير بالكتاب المقدس نستمد قوة ورجاء من معرفتنا لصفات الله ووعودة الامينة ومعاملاته مع قديسية ونثق فى الله العامل فى الاحداث والتاريخ من أجل خلاصنا {لان كل ما سبق فكتب كتب لاجل تعليمنا حتى بالصبر و التعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء }(رو 15 : 4). القراءة فى سير رجال الله ترينا كيف قاد الله شعبه وقديسيه فى موكب نصرته عبر التاريخ ونعرف حكمة وقصد الله ونكون مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذي فينا { بل قدسوا الرب الاله في قلوبكم مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسالكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة و خوف} (1بط 3 : 15). + الصبر والثبات.. ان الاكاليل لا توضع الا على رؤوس المنتصرين ولكى ننتصر يجب ان ندخل الحروب الروحية ونتعلم ونتقوى { واما نحن الذين من نهار فلنصح لابسين درع الايمان و المحبة وخوذة هي رجاء الخلاص} (1تس 5 : 8). لقد دخل يوسف الصديق بوتقة التجارب من اخوتة ومن الغرباء وعاني الظلم والحبس ليتقوي ويشتد عوده وينتصر ويرتفع { الضيق ينشئ صبرا والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يخزي } رو 3:5-5 لذلك نستمر فى الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين الي رئيس الايمان ومكمله الرب يسوع { لاننا لهذا نتعب و نعير لاننا قد القينا رجاءنا على الله الحي الذي هو مخلص جميع الناس ولا سيما المؤمنين }(1تي 4 : 10). + القيامة والحياة الابدية حتى عندما يفتقدنا الله ويأخذ لديه عزيز لنا يجب ان لا نحزن {ثم لا اريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم }(1تس 4 : 13). بل نثق ان هذا هو تحقيق لرجائنا الابدى ان نستوطن عن الرب {و ربنا نفسه يسوع المسيح و الله ابونا الذي احبنا واعطانا عزاء ابديا و رجاء صالحا بالنعمة }(2تس 2 : 16) فكما قام السيد المسيح منتصرا هكذا احبائنا لديه قيام فالله الهنا ليس اله اموات بل اله احياء لان الجميع عنده أحياء{ مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات.لميراث لا يفنى و لا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم. انتم الذين بقوة الله محروسون بايمان لخلاص مستعد ان يعلن في الزمان الاخير. الذي به تبتهجون مع انكم الان ان كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة. لكي تكون تزكية ايمانكم وهي اثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار توجد للمدح و الكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح. ذلك وان لم تروه تحبونه ذلك وان كنتم لا ترونه الان لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد.نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس} 1بط 3:1-9. نتائج وثمار الرجاء ... الانسان المؤمن كلما زادت عنده قوة الرجاء كلما أنعكس هذا على حياته العملية وظهر فى تفكيره وسلوكه نتائج الرجاء المبارك وثماره الصالحة في حياتنا الرجاء يعطينا قوة وغلبة نقول مع القديس بولس الرسول { استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني (في 4 : 13). فكما قال السيد { فقال له يسوع ان كنت تستطيع ان تؤمن كل شيء مستطاع للمؤمن} (مر 9 : 23). ان منظروا الرب لا يخزون ابدا { واما منتظروا الرب فيجددون قوة يرفعون اجنحة كالنسور يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون }(اش 40 : 31). الرجاء يجعلنا ايجابيين فى الحياة نثق ان بعد ظلمة الفجر الحالكة لابد من ان يشرق لنا شمس البر والشفاء والخلاص معه . الرجاء يثمر فينا عدم خوف وطمأنينة .. فنحن نثق فى الله القادر على كل شئ ولن يفصلنا عنه شئ لقد قالوا قديما ليوحنا ذهبي الفم ان الملكة ستنفيه فقال لهم للرب الارض وما عليها ، المسكونة وجميع الساكنين فيها ، فان الله فى كل مكان وقادر ان يقودنا في أمان . يخاف الانسان الذى لا يثق فى الله ومحبته ورعايته اما المؤمن فواثق حتى لو كان فى بطن الحوت { ارجعوا الان ايها الخطاة واصنعوا امام الله برا واثقين بانه يصنع لكم رحمة }(طو 13 : 8). القداسة والجهاد .. من ثمار الرجاء الصالح ، نستعد بالقداسة والتقوى لملاقاة الله ونثق ان الله يعمل فى الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة لصالحنا ومستقبلنا {اذاً يا أخوتي الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين، مُكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب}1تس 3:1. ونعمل ان نكون سواء ونحن مستوطنين فى الجسد كنا او متغربين عنه ان نكون مرضيين عنده .ان حياتنا فترة غربة قصيرة واذ نحيا على رجاء الحياة الابدية فاننا نستهين بكل شئ من أجل الرجاء المبارك .الفرح فى كل الظروف .. اذ نضع المسيح امامنا ويحل بالإيمان فينا فان الضيقات تختفى والاتعاب تزول ويكون الله فرحنا ورجائنا {فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة } (رو 12 : 12) انْ من يتطلع إلى الله والسماء ، لابد أن يمتلئ قلبه بالتعزية والفرح وسط هموم الحياة، ويشتاق إلى ذلك العريس السمائى {لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل مجد ابديا} (2كو 4 : 17){الذين اراد الله ان يعرفهم ما هو غنى مجد هذا السر في الامم الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد } (كو 1 : 27). فلنتمسك اذا بالرجاء وليكن لنا إيمان ورجاء راسخ فى الله { لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين }(عب 10 : 23). هبنا رجاءاً صالحاً.. + ايها الرب الاله ،يا رجاء من ليس له رجاء ، معين من ليس له معين ، عزاء صغيري النفوس ومينا الذين فى العاصفة . هبنا رجاء صالح باللإيمان والثقة فيك . انت يا مصدر الرجاء وعون المساكين والصارخين اليك ليلاً ونهاراً ، لا تترك شعبك بل بالمراحم أجمعنا تحت ظل حمايتك ، رد الضالين واعصب المجروحين واجبر المنكسرين ولتكن انت رجائنا فى ضيقاتنا وشدائدنا لاننا لا نعرف أخر سواك أسمك القدوس هو الذي نقوله فلتحيا نفوسنا بروحك القدوس ولا يقوى علينا موت الخطية ولا على كل شعبك يالله ضابط الكل. +يا صانع الخيرات الرحوم ، نسالك من أجل كل نفس منحنية لتقومها وكل محتاج لتغدق عليه من غناك ومن اجل المسجونين لتحررهم والحزانى لتعزيهم والبائسين لتهبهم رجاء فيك ، نسالك من أجل المرضي والمنطرحين لتشفيهم والذين ليس لهم أحد يذكرهم والمتغافلين عن أمر خلاصهم يا من ارسل يونان النبي قديما لشعب لا يعرف شماله من يمينه ليرجعوا من الظلمات الى النور ، افتقد الجميع بخلاصك يارب. + نصلى من أجل كنيستنا ورعاتها ورعيتها ومن أجل بلادنا واهلها ومستقبلها الامن المستقر ، لتقودنا حكاماً ومحكومين ، كباراً وصغاراً ، رجال ونساء وأطفال ، لنصل الى الحرية الحقيقة والتحرر من الخطية والظلم والجهل والمرض والفقر . ليحيا كل منا آمن على نفسه وماله وعرضه وارضه ومستقبله ، يارب استجب لصلواتنا ولا تخيب رجائنا فليس لنا في الضيق معين سواك . القمص افرايم الاورشليمى
المزيد
21 سبتمبر 2020

تأملات في عيد الصليب المجيد

المسيحية والصليب المسيحية والصليب هما أمران متلازمان ، وصنوان لا يفترقان .. فأينما وحينما يرى الصليب مرفوعا أو معلقا ، يدرك المرء أنه أمام مؤسسة مسيحية أو مؤمنين مسيحيين .. ولا عجب فالصليب هو شعار المسيحية ، بل هو قلبها وعمقها واعلان لعظمة محبة الله للبشر فلقد تأسست المسيحية على أساس محبة الله المعلنة لنا بالفداء على الصليب ، وعندما نتكلم عن قوة الصليب لا نقصد قطعتى الخشب أو المعدن المتعامدتين ، بل نقصد الرب يسوع الذى علق ومات على الصليب عن حياة البشر جميعا ، والخلاص الذى أتمه ، وما صحبه من بركات مجانية ، نعم بها البشر قديما ، وما زالوا ينعمون ، وحتى نهاية الدهر ...والفكرة الشائعة عن الصليب أنه رمز للضيق والألم والمشقة والأحتمال .. لكن للصليب وجهين : وجه يعبر عن الفرح ، ووجه يعبر عن الألم . ونقصد بالأول ما يتصل بقوة قيامة المسيح ونصرته .. ونقصد بالثانى مواجهة الإنسان للضيقات والمشقات .. ويلزم المؤمن فى حياته أن يعيش الوجهين ،بالنسبة للمؤمن المسيحى ، فإن الصليب بهذه المفاهيم ، هو حياته وقوته وفضيلته ونصرته .. عليه يبنى إيمانه ، وبقوة من صلب عليه يتشدد وسط الضيقات وما أكثرها .. هذا ماقصده القديس بولس الرسول بقولـه : " ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع ، الذى من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب ، مستهينا بالخزى .. فتفكروا فى الذى احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا فى نفوسكم " ( عب 12 : 2 ، 3 (ملايين المؤمنين فى انحاء العالم عبر الأجيال حملوا الصليب بحب وفرح ، وأكملوا مسيرة طريق الجلجثة ، فاستحقوا أفراح القيامة ... هذا بينما عثر البعض فى الصليب ، وآخرون رفضوا حمله ، فألقوه عنهم . ولم يكن مسلك هؤلاء الرافضين سوى موتا إيمانيا وروحيا لهم " نحن نكرز بالمسيح مصلوبا ، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة . وأما للمدعوين يهودا ويونانيين ، فبالمسيح قوة الله وحكمة الله " ( 1 كو 1 : 23 ، 24 (كيف حملت الكنيسة الصليب .. هناك مفاهيم كثيرة يمكن أن تدخل تحت عنوان " الكنيسة والصليب " الصليب لا يصف حقبة من حياة الكنيسة مضت وانتهت ، انه هو حاضر الكنيسة وحياتها ومستقبلها المعاصر لقد حملت الكنيسة الصليب واحتضنته وبه انتصرت على كل قوى الشر التى واجهتها وهذا هو نداء الرب يسوع المسيح للكنيسة بان تتبعه فتحمل صليبها كل يوم . ان الكنيسة تشهد للمصلوب والصليب وسط عالم وضع فى الشرير . عاشت الكنيسة ومؤمنيها كحملان بين ذئاب ففى إرسالية السبعين رسولا التدريبية ، حينما أرسلهم الرب يسوع أثنين أثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا أن يأتى ، قال لهم " اذهبوا ، ها أنا أرسلكم مثل حملان بين ذئاب " ( لوقا 10 : 3 ) .والحملان صورة للمؤمنين بالمسيح فى وداعتهم وبساطتهم .. أما الذئاب فرمز لأهل العالم فى غدرهم وشرهم .. طبيعة الكنيسة كما أسسها المسيح وكما يريدها دائما . إن الحمل صورة للرب يسوع الذى قيل عنه إنه لا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته ..صورة للمسيح الوديع الذى دعانا أن نتعلم منه الوداعة وتواضع القلب فنجد راحة لنفوسنا .. المسيح حمل الله الذى بلا عيب يدعو كل من يتبعونه أن يكونوا حملانا . هكذا يقدمهم للعالم . والعجيب ، أنه فى النهاية – كما يقول القديس أغسطينوس – حولت الحملان الذئاب وجعلت منهم حملانا ويعنى أغسطينوس بذلك الشعوب الوثنية التى آمنت بالمسيح وتغيرت طبيعتها بفضل هذه الحملان . متجردة من المقتنيات " لا تقتنوا ذهبا ولا فضةولا نحاسا فى مناطقكم ، ولا مزودا للطريق ولا ثوبين ولا عصا " ( متى 10 : 9 ، 10 ) .." لا تحملوا شيئا للطريق " ( لوقا 9 : 3 ) ... هذا ما أوصى به السيد المسيح رسله وتلاميذه حينما أرسلهم فى إرساليات تدريبية .. لقد جردهم من كل شىء : من المال والطعام والثياب وحتى العصا التى يدافع بها عن نفسه فى الطريق الموحشة .. لقد جردهم من كل شىء ليكون هو لهم كل شىء . لا تحملوا شيئا للطريق : لأنه هو نفسه الطريق .. المسيح للنفس المؤمنة هو كل شىء .. هو غناها فمن التصق به وافتقر إلى شىء ؟ .. وهو غذاء النفس ، وكساؤها .. ألم يوصينا بولس الرسول أن نلبس الرب يسوع المسيح ( رو 13 : 14 ) . مشابهة لصورة ابن الله .. يصف القديس بولس الرسول أولئك الذين يحبون الله المدعوين حسب قصده أنهم " مشابهين صورة إبنه ليكون هو بكرا بين إخوة كثيرين " ( رومية 8 : 29 ) . .. وأحد أوجه الشبه مع ابن الله هو الألم ... يتنبأ إشعياء النبى عن السيد المسيح فيقول عنه أنه " رجل أوجاع ومختبر الحزن " ( إش 53 : 3 ) ... هذه صفة أصيلة فى المسيح المخلص . فلقد تجسد ابن الله من أجل فداء البشر ، والفداء استلزم الألم والصليب . وإن كان المسيح قد تألم ، فليس التلميذ أفضل من معلمه ، ولا العبد أفضل من سيده ( متى 10 : 24 ) . الصليب فى حياة المسيح : إن كان إشعياء النبى قد تنبأ عن المسيح أنه رجل أوجاع ومختبر الحزن ( إش 53 : 3 ) ، فإن هذه الآلام والأحزان لم تبدأ فى جثسيمانى ، بل بدأت منذ ولادته بالجسد ...لقد ولد الطفل يسوع وهو يحتضن الصليب ، وظل يحتضنه فى حب ويحمله حتى علق عليه عند الجلجثة .. ونحن وإن كنا نجهل معظم حياة الرب يسوع بالجسد حتى بدأ خدمته الكرازية فى سن الثلاثين ، لكننا نستطيع أن نتبين ملامح الصليب ونراها من خلال بعض المواقف . نرى الصليب فى مولده ، حينما ولد فى مذود للبهائم إذ لم يكن ليوسف ومريم موضع ( لو 2 : 7 ) ... نراه فى مذبحة أطفال بيت لحم ( متى 2 : 16 ، 17 ) ... وفى الهرب إلى مصر طفلا والتغرب بين ربوعها حتى مات هيرودس الملك الطاغية الذى كان يطلب نفس الصبى ليقتله ( متى 2 : 14 ، 20 ) . ويلخص بطرس الرسول مسلك المسيح واحتماله الآلام بقولـه " لأنكم لهذا دعيتم ، فإن المسيح أيضا تألم لأجلنا ، تاركا لنا مثالا لكى تتبعوا خطواته .. الذى لم يفعل خطية ولا وجد فى فمه مكر " (1 بطر 2 : 21 ، 22 ) .. قال رب المجد يسوع " إن أراد أحد أن يأتى ورائى ، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى " ( متى 16 : 24 ) . وإن كان المسيح قد دعانا أن ننكر ذواتنا ، فلقد أنكر هو نفسه وأخفى لاهوته فى بعض المواقف ... فلقد أنكر نفسه حاملا الصليب حينما تقدم إلى يوحنا المعمدان كأحد الخطاة ليعتمد منه ( متى 3 : 13 ، لوقا 3 : 21 ) .. وأنكر نفسه فى تجربة إبليس له ( متى 4 : 1 – 10 ) ... وحينما قدم عظته على الجبل أفتتحها بتطويب المساكين بالروح والحزانى فى العالم ( متى 5 : 3، 4 ) ..كان المسيح يحتضن الصليب حينما شتم ولم يكن يشتم عوضا ، ولا يهدد ، بل كان يسلم لمن يقضى بعدل (1 بط 2 : 23 ) وحين أنكر اليهود بنوته لأبيه السماوى . ( يو 6 : 42 ) .وحين وجه اليهود إليه أقذع شتائمهم أنه سامرى وبه شيطان ( يو 8 : 48 ) ، وأنه لا يخرج الشياطين إلا بقوة بعلزبول رئيس الشياطين ( متى 12 : 24 ) ...وحينما أتهمه الفريسيون والكتبة أنه ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت ( يو 9 : 16 ، 5 : 18 ) ...وفى غيرها كثير جدا كان المسيح يحتضن الصليب . أما عن حتمية حمل كل مؤمن للصليب فقال :" من لا يأخذ صليبه ويتبعنى فلا يستحقنى . من وجد حياته يضيعها . ومن أضاع حياته من أجلى يجدها " ( متى 10 : 38 ، 39 ) .." إن أراد أحد أن يأتى ورائى ، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى ، فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ، ومن يهلك نفسه من أجلى يجدها " ( متى 16 : 24 ، 25 ، لوقا 9 : 23 ، 24 ) ..." من لا يحمل صليبه ويأتى ورائى فلا يقدر أن يكون لى تلميذا " ( لو 14 : 27 ) . كمبدأ عام فى حياة المؤمنين قال المسيح " اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق " ( لو 13 : 24 ) ... " لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذى يؤدى إلى الهلاك ، وكثيرون هم الذين يدخلون منه . ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذى يؤدى إلى الحياة ، وقليلون هم الذين يجدونه " ( متى 7 : 13 : 14 ) ..أما عن تعليمه بخصوص الضيقات فقد قال :" فى العالم سيكون لكم ضيق ، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم " ( يو 16 : 33 ) تأتى ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله . وسيفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا الآب ولا عرفونى . لكنى قد كلمتكم بهذا حتى إذا جاءت الساعة تذكرون أنى أنا قلته لكم " ( يو 16 : 2 – 4 ) . " وسوف تسلمون من الوالدين والأخوة والأقرباء والأصدقاء ويقتلون منكم . وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمى . ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك . بصبركم اقتنوا أنفسكم " ( لو 21 : 16 – 19 ) . لكن لمن يحملون الصليب الوعد بالنصرة على الشيطان والعالم والتعزية والسلام الداخلى والدخول الى ملكوت السموات . تحت ظلال الصليب ايها الرب الاله الذى أحبنا وحبه خلاصنا من الموت بقوة التجسد والفداء على الصليب ، نشكرك على محبتك وخلاصك ونؤمن بابوتك وحنانك وفدائك المعلن لنا من خلال سر التجسد العجيب. ونعترف بقوة صليبك المعلنه لخلاصنا فيه وبه . ان كلمة الصليب عثرة للبعض وجهالة للبعض الأخر ، يرفضها الجهلاء غير عالمين عظمة المحبة المعلنه فى الصليب ان يموت البار من أجل خلاص الأثمة معلنا حبه للبشرية مريداً ان يحتضنها ويقدمنا قربانا لله ابيه . نعم بالصليب نؤمن وبالمصلوب ننادى وبه نهزم قوى الشر والشيطان والعالم . وبايماننا بالفداء سنصل للقيام من الخطية والضعف والحزن والفشل لنصل الى قوة القيامة . انت يا سيدى تعلن على الصليب تواضعك ومحبتك وفدائك ، تعلمنا كيف يبذل الحب نفسه من أجل أحبائه ، وكيف ننتصر على الذات والشهوات والشيطان فاعطانا يا سيد القوة لنقول للمسئين الينا { يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون } علمنى يارب ان أجاهد ضد الخطية وان أحمل صليبك بشجاعة وفرح لنصل الى ملكوتك السماوى ويستعلن لنا قوة الصليب والفداء. القمص أفرايم الاورشليمى
المزيد
27 يوليو 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (7) الإيمان

الايمان ومكانته فى الحياة الروحية + الإيمان هو قلب الحياة الروحية النابض والحافز نحو اقتناء حياة الفضيلة والبر . ثقتنا فى ان الله موجود ويرى ويراقب ويعين ويقوى وينجى الذين يطلبونه تدفعنا الى عبادته والصلاة الواثقة اليه ، ومعرفتنا انه محب وغافر الاثم للراجعين اليه تدفعنا الى التوبة اليه والحياة معه والعمل على رضاه { ولكن بدون ايمان لا يمكن ارضاؤه لانه يجب ان الذي ياتي الى الله يؤمن بانه موجود وانه يجازي الذين يطلبونه} عب 11:6. ومعرفتنا ان الله قدوس وعادل وان يكأفى الذين يفعلون الخير ويعاقب فاعلى الأثم تجعلنا نسرع الى عمل الخير ونبتعد عن الشر {ولهذا عينه وانتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة }(2بط 1 : 5). ايماننا بابوة الله الصالحة يجعلنا نهابه ونحبه ونطيع وصاياه عالمين انها لخيرنا { مخافة الرب اول محبته والايمان اول الاتصال به} (سيراخ 25 : 16). الايمان بالحياة الأبدية يجعلنا نسعى الي الوصول اليها لنكون مع ابائنا القديسين متحملين كل ضيقات الزمان الحاضر من اجل المجد العتيد ان يستعلن فينا { فانما نحن بنو القديسين وانما ننتظر تلك الحياة التي يهبها الله للذين لا يصرفون ايمانهم عنه ابدا} (طو 2 : 18). نعمل على ان نحيا فى الإيمان لنصل الى نهاية الرحلة { نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس} (1بط 1 : 9). + الايمان السليم بالله ومحبته وعمل روحه القدوس يقودنا الى حياة روحية سليمه نحيا بها وفق العقائد الأساسية التى نادى بها الله من خلال انجيله المقدس وعاشته الكنيسة عبر تاريخها الطويل وبه انجبت الملايين من القديسين ابناء لله وملكوته السماوى . فالايمان عقيدة تقود الى حياة الفضيلة والتقوى والبر { والبار بايمانه يحيا} (حب 2 : 4). ان الايمان يحتاج الى العمل والجهاد ضد الخطية والشهادة لايماننا باعمالنا فيكون لنا الإيمان العامل بالمحبة { هكذا الايمان ايضا ان لم يكن له اعمال ميت في ذاته. لكن يقول قائل انت لك ايمان وانا لي اعمال ارني ايمانك بدون اعمالك وانا اريك باعمالي ايماني.انت تؤمن ان الله واحد حسنا تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون.ولكن هل تريد ان تعلم ايها الانسان الباطل ان الايمان بدون اعمال ميت. الم يتبرر ابراهيم ابونا بالاعمال اذ قدم اسحاق ابنه على المذبح. فترى ان الايمان عمل مع اعماله وبالاعمال اكمل الايمان.وتم الكتاب القائل فامن ابراهيم بالله فحسب له برا ودعي خليل الله.ترون اذا انه بالاعمال يتبرر الانسان لا بالايمان وحده} يع 17:2-22. ان رجال الإيمان كما يقول قداسة البابا شنوده الثالث ليس من دافعوا عن العقيدة فقط بل من حيوها وعاشوها فان كل رجال الايمان عاشوا الايمان وبرهنوا علي يقينهم بالله ومحبتهم له { بالايمان نوح لما اوحي اليه عن امور لم تر بعد خاف فبنى فلكا لخلاص بيته فبه دان العالم و صار وارثا للبر الذي حسب الايمان. بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ان ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى اين ياتي. بالايمان تغرب في ارض الموعد كانها غريبة ساكنا في خيام مع اسحق و يعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه.لانه كان ينتظر المدينة التي لها الاساسات التي صانعها و بارئها الله. بالايمان سارة نفسها ايضا اخذت قدرة على انشاء نسل و بعد وقت السن ولدت اذ حسبت الذي وعد صادقا. في الايمان مات هؤلاء اجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها واقروا بانهم غرباء ونزلاء على الارض. فان الذين يقولون مثل هذا يظهرون انهم يطلبون وطنا. فلو ذكروا ذلك الذي خرجوا منه لكان لهم فرصة للرجوع. ولكن الان يبتغون وطنا افضل اي سماويا لذلك لا يستحي بهم الله ان يدعى الههم لانه اعد لهم مدينة} عب 11:7-16. + الإيمان كما عرفه القديس بولس الرسول { واما الايمان فهو الثقة بما يرجى والايقان بامور لا ترى} عب 11:1. هو ثقة فى الله وتصديق لكلامه والايقان بالامور التى لا نراها واعلنها لنا الله من خلال الإنجيل المقدس { بالايمان نفهم ان العالمين اتقنت بكلمة الله حتى لم يتكون ما يرى مما هو ظاهر} عب 3:11. فنحن بالإيمان نسلك لا بالعيان وان كان الإيمان يتماشى وينمو مع الفهم والتبصر والتعقل ولكن الايمان يحتاج الى اناس تنفتح بصيرتهم الروحية نحو عالم الروح { كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما اعده الله للذين يحبونه. فاعلنه الله لنا نحن بروحه لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله. لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله. ونحن لم ناخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله.التي نتكلم بها ايضا لا باقوال تعلمها حكمة انسانية بل بما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات} 1كو 9:2-13. ذلك لان { الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا }(يو 4 : 24). السيد المسيح ودعوته للإيمان.. + لقد جاء السيد المسيح متجسدا فى ملء الزمان ليدعونا للإيمان فمنذ بدء خدمته { جاء يسوع الى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله.ويقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وامنوا بالانجيل} مر14:1-15.حتى قبيل صعوده اوصى تلاميذه قائلاً { اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها. من امن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن} مر15:15-16. وهكذا نرى الايمان بالله كما جاء فى الإنجيل طريقنا للخلاص والدخول الى ملكوته السماوى .لقد لخصت الكنيسة منذ عصرها الرسولى عقيدتها المسيحية فى قانون الإيمان المسيحى انطلاقاً من مبادئ الانجيل المقدس التى كرز بها السيد المسيح ورسله القديسين من بعده وذلك فى مواجهة الهرطقات الايمانية والذى نردده فى كل صلواتنا ونحياه وبه نثق فى الدخول الى الحياة الإبدية . اننا نؤمن ونعترف باله واحد الله الاب ضابط الكل خالق السماء والارض ، مايرى وما لايرى ، ونؤمن بيسوع المسيح ربنا كلمة الله المتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء الذى صلب من اجل خلاصنا على عهد بيلاطس البنطى وقام فى اليوم الثالث وصعد الى السموات وايضا ياتى فى مجده ليدين الاحياء والاموات، وبالروح القدس الرب المحيي الناطق فى الانبياء . ونؤمن بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسوليه وبمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا وبالمجى الثانى للسيد المسيح الذى يعطى فيه كل واحد بحسب اعماله فى حياة الدهر الاتى . + ان الله فى المسيحية ليست مجرد قوة عليا تضبط وتدير الكون بل هو اب محب يسعى لاعلان خلاصه ورحمته للبشر ومن اجل ذلك جاء الينا فى ملء الزمان متجسدأ بالروح القدس من العذراء مريم { في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله ... و الكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا} يو 1:1، 14.فالسيد المسيح هو العقل الالهى متجسدا دون ان يحد التجسد من اللاهوت كما تخرج الفكرة من العقل وتتحول الى كلمات مكتوبة او الى رسومات هندسية يتم تجسيمها فى مبنى مجسم وتبقى الفكرة فى العقل البشري ، وكما تتجسم الصورة بالارسال التلفزيونى الى صورة حية تتحدث الينا وتتحرك ولا نحد الارسال والصورة فى اجهزتنا التلفزيونية فقط ، فالله واحد كائن بذاته ناطق بعقله حي بروحه القدوس { فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الاب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد} (1يو 5 : 7).وهذا ما أمر السيد المسيح ان يكرزوا به لجميع الامم وهذا ما فعلوه الرسل { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس ، وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} مت 19:28-20. + لقد بين الله محبته لنا ليس بالكلام واللسان بل بالعمل والحق { و لكن الله بين محبته لنا لانه ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا} (رو 5 : 8).ويجب ان نؤمن بالتجسد والفداء وناتى الى النور ونفعل الحق والبر لكي نخلص { وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان. لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم.الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد.وهذه هي الدينونة ان النور قد جاء الى العالم واحب الناس الظلمة اكثر من النور لان اعمالهم كانت شريرة.لان كل من يعمل السيات يبغض النور ولا ياتي الى النور لئلا توبخ اعماله.واما من يفعل الحق فيقبل الى النور لكي تظهر اعماله انها بالله معمولة} يو 14:3-21. لقد آمنا بالعمل الخلاصى الذى للسيد المسيح وهو قادر ان يتمجد فينا بالايمان لنكون واحداً فيه { لان الكلام الذي اعطيتني قد اعطيتهم وهم قبلوا وعلموا يقينا اني خرجت من عندك وامنوا انك انت ارسلتني . من اجلهم انا اسال لست اسال من اجل العالم بل من اجل الذين اعطيتني لانهم لك.وكل ما هو لي فهو لك وما هو لك فهو لي وانا ممجد فيهم. ولست انا بعد في العالم واما هؤلاء فهم في العالم وانا اتي اليك ايها الاب القدوس احفظهم في اسمك الذين اعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن} يو 8:17-11. ونحن نؤمن بمحبة الاب المعلنة فى المسيح يسوع { لان الاب نفسه يحبكم لانكم قد احببتموني و امنتم اني من عند الله خرجت} (يو 16 : 27). + لقد سأل اليهود السيد المسيح ماذا نفعل هى نعمل اعمال الله ؟ { فقالوا له ماذا نفعل حتى نعمل اعمال الله. اجاب يسوع و قال لهم هذا هو عمل الله ان تؤمنوا بالذي هو ارسله} يو 28:6-29. فالذى يؤمن يخلص والذى لا يؤمن يدان { فقال لهم انتم من اسفل اما انا فمن فوق انتم من هذا العالم اما انا فلست من هذا العالم.فقلت لكم انكم تموتون في خطاياكم لانكم ان لم تؤمنوا اني انا هو تموتون في خطاياكم.فقالوا له من انت فقال لهم يسوع انا من البدء ما اكلمكم ايضا به} يو 23:8-25. كما ان أعماله الالهية وسلطانه تشهد للاهوته { ان كنت لست اعمل اعمال ابي فلا تؤمنوا بي . ولكن ان كنت اعمل فان لم تؤمنوا بي فامنوا بالاعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا ان الاب في وانا فيه (يو 10 : 37- 38). لقد صلب المسيح ومات بالجسد وقبر لكن اللاهوت لا يموت ولا يحد من اجل ذلك برهن على قيامته للتلايمذ وظهر لهم مراراً وعندما شك توما الرسول فى قيامته وكان بطبعه شكاكا علم المخلص وظهر للتلاميذ وبكته على شكه واكد حقيقة قيامته { وبعد ثمانية ايام كان تلاميذه ايضا داخلا وتوما معهم فجاء يسوع والابواب مغلقة ووقف في الوسط وقال سلام لكم.ثم قال لتوما هات اصبعك الى هنا وابصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا.اجاب توما وقال له ربي والهي. قال له يسوع لانك رايتني يا توما امنت طوبى للذين امنوا ولم يروا. وايات اخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. واما هذه فقد كتبت لتؤمنوا ان يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم اذا امنتم حياة باسمه} يو26:20-31. ولنا إيمان وثقة فى رئيس ايماننا ومكمله الرب يسوع وانه قادر ان يقودنا بحكمته الى ملكوت ابيه الصالح + الإيمان المطلوب منا بالله ليس شئ نظرى { انت تؤمن ان الله واحد حسنا تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون} (يع 2 : 19) . ولكن يجب تظهر ثماره العملية فى حياتنا من محبة لله والغير وعمل الخير { لانه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئا ولا الغرلة بل الايمان العامل بالمحبة} (غل 5 : 6). فالثمار الصالحة هى شهادة صادقة على صدق وصحة ايماننا كما قال السيد المسيح له المجد { من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا.هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة واما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية. لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية ولاشجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة. كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار. فاذا من ثمارهم تعرفونهم. ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات} مت 16:7-21. ونحن نصلى الى الله فى ايمان انه يستجيب لصلوات المؤمنين به الصارخين اليه ليلاً ونهاراً { لذلك اقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فامنوا ان تنالوه فيكون لكم }(مر 11 : 24). النمو فى الإيمان ونتائجه فى حياتنا الروحية + ان الإيمان فضيلة وقامة روحية يجب علينا ان ننمو ونتدرج فيها الى ان نصل الى قامة الكمال الانسانى الممكن . يجب علينا ان نحيا فى الايمان ونصلى ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبنا { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي }(غل 2 : 20).يجب ان نثق فى رعاية{فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الايمان(مت 6 : 30). لا تخافوا اذاً من الظروف المحيطة ولا يتزعزع إيماننا كما خاف التلاميذ قديما عندما راوا الريح المضادة تتقاذف سفينة حياتهم فبكتهم الرب لقلة إيمانهم {فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الايمان ثم قام و انتهر الرياح والبحر فصار هدو عظيم (مت 8 : 26) . لكن يجب ان نعلم انه بضيقات كثيرة ندخل ملكوت السموات {يشددان انفس التلاميذ و يعظانهم ان يثبتوا في الايمان و انه بضيقات كثيرة ينبغي ان ندخل ملكوت الله }(اع 14 : 22).ولكن ليكن لنا فى الايمان سلام ورجاء {و ليملاكم اله الرجاء كل سرور و سلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس (رو 15 : 13). + نصلى لله كي ينمى ويقوى أيماننا به واثقين فى حنانه وابوته ورعايته ، اننا عندما نقرأ فى حياة رجال الإيمان والقديسين الذين ارضوا الرب ونصادقهم نتشجع ونتشدد فى الأيمان من اجل هذا يوصينا الانجيل ان نتعلم من حياة رجال الايمان وبساطة ايمانهم وقوة رجائهم {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم }(عب 13 : 7). لقد آمن نوح بكلام الله له وبنى الفلك على ارض يابسة حتى جاء الطوفان واخذ حتى الذين صنعوا الفلك { بالايمان نوح لما اوحي اليه عن امور لم تر بعد خاف فبنى فلكا لخلاص بيته فبه دان العالم وصار وارثا للبر الذي حسب الايمان} عب 7:11. ونحن يجب ان نحيا إيماننا للنجو من طوفان بحر العالم . لقد عاش بيننا قداسة البابا كيرلس السادس وكان رجلاً مملؤاً من الإيمان وله صداقة وطيدة باهل السماء الذين كان يرسلهم كمساعدين له فى خدمة اولاده وبناته العتيدين ان يرثوا الخلاص . يجب ان نبتعد عن الشكاكيين ومن يعثرونا فى الإيمان ونصلى خصيصا ليقوى ايماننا ويشتد رجائنا وتذداد محبتنا ونربى اولادنا وبناتنا على الإيمان الحى {اذ اتذكر الايمان العديم الرياء الذي فيك الذي سكن اولا في جدتك لوئيس وامك افنيكي ولكني موقن انه فيك ايضا (2تي 1 : 5). لنداوم على الصلاة والتوبة والتناول والقراءة والتأمل والاتحاد بالله متمثلين بابائنا القديسين {لكي لا تكونوا متباطئين بل متمثلين بالذين بالايمان والاناة يرثون المواعيد} (عب 6 : 12). + لنجنى ثمار الإيمان فى حياتنا الذى من نتائجه ان نحيا فى سلام فايماننا بان الله ضابط الكل وصانع الخيرات وإيماننا باننا ابناء الله الراعى الصالح يجعلنا نثق فى رعايته وتدبيره وحمايته لنا من اجل هذا قال داود النبي {الرب راعي فلا يعوزني شيء.في مراع خضر يربضني الى مياه الراحة يوردني. يرد نفسي يهديني الى سبل البر من اجل اسمه ، ايضا اذا سرت في وادي ظل الموت لا اخاف شرا لانك انت معي عصاك وعكازك هما يعزيانني. ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي مسحت بالدهن راسي كاسي ريا.انما خير ورحمة يتبعانني كل ايام حياتي واسكن في بيت الرب الى مدى الايام} مز 1:23-6. السلام ثمرة حلوه من ثمار الايمان لهذا قال الانجيل {فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح.الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون و نفتخر على رجاء مجد الله} رو1:5-2.لقد جاء الينا الله الكلمة المتجسد وصار ابناً للإنسان لكى يجعلنا ابناء بالتبني لله ونلنا نعمة وبركة ورفعة تجعلنا نحيا كابناء لله وورثة للملكوت السماوى فلنثق فى رئيس سلامنا الذى وعد ان ابواب الجحيم لم تقوى على كنيسته . لقد كان القديسين الرسل فى السجن لكن ثقتهم فى الله جعلتهم فى سلام يسبحوا الله { فالقوا ايديهم على الرسل ووضعوهم في حبس العامة ،ولكن ملاك الرب في الليل فتح ابواب السجن واخرجهم و قال.اذهبوا قفوا وكلموا الشعب في الهيكل بجميع كلام هذه الحياة} أع18:5 -20. وكما ارسل الله ملاكه وسد افواه الاسود عن دانيال النبى هو يقدر ان يسد افواه جميع القائمين علينا القائلين هل يستطيع الهكم ان ينجيكم من اتون النار والاضطهاد {قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا انا قد غلبت العالم }(يو 16 : 33). + حياة التسليم والثقة فى الله هى ثمرة جميلة من ثمار الإيمان ، فنحن نصلى { لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض} (مت 6 : 10). اننا نعمل ما يجب علينا ونسلم حياتنا لله القدير الحكيم برضى وشكر وعدم تذمر، حياة التسليم هى اعتراف بحكمة الله وتوجيهه للاحداث {ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده} (رو 8 : 28). لقد دعي الله ابونا ابراهيم ان يترك ارضه وشعبه وعشيرته فاطاع {بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ان ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى اين ياتي} عب 8:11. وقدم ابنه على مذبح المحبة لله واثقا ان الله قادر ان يقيمه { بالايمان قدم ابراهيم اسحق وهو مجرب قدم الذي قبل المواعيد وحيده. الذي قيل له انه باسحق يدعى لك نسل.اذ حسب ان الله قادر على الاقامة من الاموات ايضا الذين منهم اخذه ايضا في مثال} عب 17:11-19. وهكذا فعل عندما ارسل عبده لعازر الدمشقى ليتخذ زوجة لاسحاق ابنه من أور الكلدانيين { الرب اله السماء الذي اخذني من بيت ابي و من ارض ميلادي و الذي كلمني والذي اقسم لي قائلا لنسلك اعطي هذه الارض هو يرسل ملاكه امامك فتاخذ زوجة لابني من هناك} تك 7:24. لذلك استحق ابراهيم ان يدعى اب لنا {لهذا هو من الايمان كي يكون على سبيل النعمة ليكون الوعد وطيدا لجميع النسل ليس لمن هو من الناموس فقط بل ايضا لمن هو من ايمان ابراهيم الذي هو اب لجميعنا. كما هو مكتوب اني قد جعلتك ابا لامم كثيرة امام الله الذي امن به الذي يحيي الموتى ويدعو الاشياء غير الموجودة كانها موجودة. فهو على خلاف الرجاء امن على الرجاء لكي يصير ابا لامم كثيرة كما قيل هكذا يكون نسلك } عب 16:4-18.على دروب اب الاباء ابراهيم سار ابائنا الرسل القديسين تاركين كل شئ حتى ارادتهم الخاصة ليسيروا مع الله ونحن نسير على ذات النهج ونقول مع القديس بولس {سلمنا فصرنا نحمل }(اع 27 : 15). + التغلب على الصعاب والفرح .. الايمان قوة جبارة بها يستطيع المؤمن ان يقول أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقويني { فنظر اليهم يسوع وقال عند الناس غير مستطاع ولكن ليس عند الله لان كل شيء مستطاع عند الله } (مر 10 : 27). فنحن يجب ان نقاوم ابليس وجنوده فى تواضع وثقة راسخين فى الايمان{فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه.ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم. اصحوا واسهروا لان ابليس خصمكم كاسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو فقاوموه راسخين في الايمان عالمين ان نفس هذه الالام تجرى على اخوتكم الذين في العالم} (1بط 5 : 6- 9). فالايمان يهبنا النصرة والغلبة التى يتبعها الفرح والرضا {وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم ايماننا }(1يو 5 : 4).فلنصلى ونعمل على التغلب على العقبات التى تواجهنا طالبين من الرب المعونة والقوة والنجاح وهو يستجيب {الى الان لم تطلبوا شيئا باسمي اطلبوا تاخذوا ليكون فرحكم كاملا }(يو 16 : 24). + الصبر كفضيلة يتأتي نتيجة لحياة الإيمان بالله وعمله ، فنحن لا نعرف الوقت ولا الاسلوب المناسب لبلوغ اهدافنا من اجل هذا ننتظر بصبر وسكوت خلاص الرب { هنا صبر القديسين هنا الذين يحفظون وصايا الله و ايمان يسوع }(رؤ 14 : 12). نصبر فى التجارب {احسبوه كل فرح يا اخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة.عالمين ان امتحان ايمانكم ينشئ صبرا. واما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء} يع 2:1-4. نصبرفى أقتناء الفضائل والسير فى طريق الكمال {ولهذا عينه وانتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة. وفي المعرفة تعففا وفي التعفف صبرا وفي الصبر تقوى} 2بطر5:1-6. نصبر حتى ناتي بالثمار المطلوبة { الذي في الارض الجيدة هو الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح ويثمرون بالصبر (لو 8 : 15) فبصبرنا نربح أنفسنا لله وملكوته {بصبركم اقتنوا انفسكم }(لو 21 : 19) . والى متي نصبر؟ ان الصبر يرافقنا حتى النهاية {و تكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي و لكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص} (مت 10 : 22). فلنثق اذا فى الله الصانع الخير العامل فى التاريخ والاحداث ونحيا فى سلام وتسليم وشكر وفرح وصبر واثقين انه سيصل بسفينة حياتنا الى بر الامان وميناء السلام والحياة الابدية. يارب قوي إيماننا .. + وسط صحراء الحياة نصرخ اليك لتقوى إيماننا وتنمي رجائنا بك يا الله ، وعندما نواجه امواج الحياة العاتية والرياح المضادة التي تضرب بسفينة حياتنا نصلى ان تأتى سريعا لتأمر البحر ان يهدأ والرياح ان تسكت لتسير سفينة حياتنا وانت وسطها وقائدها لتصل الى بر الأمان ، وسط الضيق واتون التجارب نصلى لتطفئ نيران الاتون المتقدة وتنجنا من سهام أبليس المتقدة ناراً لنقول مع المرتل ان سرت فى وادى ظلال الموت فلا أخاف شرا لانك انت معى . + نطلب اليك فى رجاء وثقة ان تعين المجربين وتقوى الضعفاء وتقيم الساقطين وترفع البائسين وتنصف المظلومين وتحل المقيدين وتبشر المساكين وتعصب المجروحين وتجبر المنكسرين وتعين من ليس لهم معين ، فانت رجائنا فى يائسنا وقوتنا فى ضعفنا وحكمتنا فى جهلنا وفرحنا فى ضيقنا وعزائنا فى أحزاننا اليك نرفع الدعاء فكن لنا معين ايها الرب الاله . + يا اله ابائنا القديسين الذين أمنوا بك وساروا في رضاك وعملوا ارادتك ، كما كنت مع ابائنا القديسين ابراهيم واسحاق ويعقوب وكما باركت وقدست ابائنا القديسين انطونيوس واثناسيوس وكيرلس ومقاريوس وكما قدت كنيستك المقدسة عبر العصور ، انت قادر ان تقودنا وكل شعبك يا ضابط الكل لنصل بك ومعك الى حياة الإيمان الراسخ والرجاء الثابت والمحبة الكاملة لنهتف هتاف النصرة { قد جاهدت الجهاد الحسن اكملت السعي حفظت الايمان. واخيرا قد وضع لي اكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره ايضا} 2تيم 7:4-8. القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل