المقالات

27 مارس 2020

الصليب... خلاصنا

لقد مات الرب يسوع مصلوبًا، فأصبح الصليب هو أساس خلاصنا، ولم يعد فقط أداة الألم والدم والموت، ولم يعد عارًا، بل صار عنوانًا للمجد وسبيلاً للفداء وافتخارًا لكل إنسان مسيحي. ويقول يوحنا كاسيان: إن في رشم الصليب ملخص لأهم عقائدنا وإيماننا القويم، لأننا بالصليب نعترف: 1- بالثالوث الأقدس. 2- بوحدانية الله. 3- بتجسد المسيح. 4- بفداء المسيح. 5- بخطايانا لأننا كنا أبناء الشمال والظلمة. 6- بخلاصنا لأننا صرنا أبناء اليمين والنور. وبالجملة صار الصليب عنوان مجد للمسيحي حيث يقول القديس يوحنا فم الذهب: "إن إشارة الصليب التي كانت قبلاً فزعًا لكل الناس، الآن يعشقها ويتبارى في اقتنائها كل واحد، حتى صارت في كل مكان بين الحكام والناس، بين الرجال والنساء، المتزوجين والبتوليين. لا يكف الناس عن رسمها ونفشها واستخدامها وقت الطعام، ووقت السفر، في الكنائس، وفي المنازل، في الليل والنهار، في الأفراح وفي الأحزان.. إنها عطية لا يُعبَّر عنها". وإن كنا نرى الصليب في كل الأسفار المقدسة، وفي كتابات الآباء، وفي حياتهم وملابسهم، فإن واحدًا من الأنبياء –هو داود النبي– وقبل المسيح بألف عام، قد سجل مزامير كثيرة عن الصليب والآلام، ولكنه أيضًا رسم مفاعيل الصليب بالكلمات التي كتبها في (المزمور 103: 10-12) حيث قال: (1) لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب آثامنا (ع 10)، وهذه هي فلسفة عمل الصليب وخلاص المسيح لنا. (2) لأنه مثل ارتفاع السماوات فوق الأرض قويت رحمته على خائفيه (ع 11)، وهذه هي العارضة الرأسية في الصليب: الرحمة. (3) كبعد المشرق من المغرب، أبعد عنا معاصينا (ع 12)، وهذه هي العارضة الأفقية في الصليب: الغفران. وهذا المزمور -103- يمثل تمجيدًا لعمل الصليب والخلاص في حياة الإنسان ولذلك يبدأ بالشكر والحمد «باركي يا نفسي الرب. وكل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس. باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته: 1- الذي يغفر جميع ذنوبك. 2- الذي يشفي كل أمراضك. 3- الذي يفدي من الحفرة حياتك. 4- الذي يكللك بالرحمة والرأفة. 5- الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك.» ويعبّر عن ذلك القديس غريغوريوس اللاهوتي في ليتورجيا القداس حيث يقول: "المسيح يخلصنا أي يغفر خطايانا، وينقذ حياتنا من الفساد، ويكلِّلنا بالمراحم والرأفات.. فالمسيح هو الذي سعى في طلب الضال، وتعب مع الذي سقط، وكنور حقيقي أشرق للضالين وغير العارفين، ووضع ذاته آخذًا شكل العبد، وبارك طبيعتنا فيه، وأكمل الناموس عنّا، وأزال لعنته، وهو الذي أبطل الخطية بجسده.. وأظهر لنا تدبير تعطفه..." والقديس بولس الرسول الفيلسوف واللاهوتي الأول في فهم المسيحية، بعد أن عاش زمانًا بعيدًا عن المسيح بل ومضطهدًا له، وفي رؤيا طريق دمشق تغير كل شيء فيه، وصار الصليب هو نقطة الانطلاق في فكره اللاهوتي، فيعترف بأن في الصليب الحكمة الحقيقية ولا يريد أن يعرف إلّا يسوع مصلوبًا ويفتخر قائلاً «الذي به قد صُلِب العالم لي وأنا للعالم..» (غلاطية 6: 14)هذا هو الصليب الذي نحتفل به ثلاث مرات سنويًا: في 10 برمهات (19 مارس)، وفي 17 توت (27 سبتمبر)، والمرة الثالثة بينهما يوم الجمعة العظيمة، جمعة الصلبوت، حيث أطول أيام السنة التي نقضيها في الكنيسة في صلوات وألحان وقراءات وميطانيات، متأملين في صليب خلاصنا وقد رُسِم أمام عيوننا يسوع المسيح مصلوبًا بيننا ولأجلنا (غلاطية 3: 1). قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
18 مارس 2020

صليب الألم... صليب الأمل

يقولون إن المسيح هو أعظم نجار في التاريخ، حيث بنى جسرًا يصل الأرض بالسماء، فقط بعارضتين من الخشب وثلاثة مسامير... هذا هو الصليب الذي صار مذبحًا عليه الذبيحة الدائمة، مسيحنا القدوس، الإله المتأنس من أجل خلاص جنس البشر، لأنه «هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل (صُلب) ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يو3: 16). وصار الصليب فاتحة خلاص انتظرته أجيال وأجيال كما نقرأ في أسفار العهد القديم.ومن المدهش أن يكون «الصليب» في معناه وتاريخه وأحداثه وآثاره هو صورة الألم الشديد والقاسي، وفي نفس الوقت هو صورة الأمل الرائع والواسع أمام الإنسان، وهذا هو سر عظمة الصليب الذي يعشقه كل مسيحي يعيش إيمانه القويم، ويُعبّر عنه باللحن والصلاة والفن والموسيقى والعبادة، ومن خلاله ينال البركة والراحة والسلام والفرح والأمل.صليب الألم:منذ سقوط آدم وحواء وكسر الوصية الإلهية ورفضها وكسر قلب الله الذي خلقهما وأبدعهما وأحبهما جدًا ووضعهما على قمة الخلقة والخليقة.. وكلتهما اختارا طريق الخطية التي عمت العالم فيما بعد، وانتشرت انتشار النار في الهشيم، حتى عبر داود النبي المعتبر بين الأنبياء «... هأنذا بالإثم صُوِّرت، وبالخطية حبلت بي أمي» (مزمور 51: 5).لقد كانت خطة الخلاص على امتداد الزمن والأجيال في حلقات متصلة، ولكن بقيت علامة الصليب رمزًا للعقوبة والألم والعذاب، وصار الألم من أجل الإيمان طريقًا إلى المجد لأنه مشاركة مع المسيح في آلامه.نقرأ هذه الكلمات: «إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني» (مت16: 24). «ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا» (لوقا14: 27). وهكذا صــــــــار حمل «صليب الألم» أحد مفردات حياة المسيحي مهما تنوع هذا الألم بين المرض أو الضيق أو الفشل أو الاضطهاد وغير ذلك. وهذا يبين كيف تنظر المسيحية إلى قضية «الألم» حيث صار هناك رفيق وصديق يحمل معك صليب الألم أو سبق وحمله عنكَ. وهذا ما عبّر عنه بولس الرسول حين قال: «مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ» (غلاطية2: 20).إن الصلب مع المسيح يعني معانٍ كثيرة: مثل قبول الألم سواء الجسدي أو النفسي أو المعنوي. ويعني أيضًا قبول الموت أو الاستشهاد الفعلي من أجل الإيمان. وقد يعني حياة النُسك والصوم والتوبة والتعفّف وبذل الوقت أو الجهد أو المال حبًا في المسيــــــــــــح ومــــــــــن أجـــــــــل مجد كنيسته.إذا أردت عزيزي القارئ أن تقرأ عن صورة الألم الشديد الذي حمله المسيح من أجلك، افتح الأصحاح 53 من سفر إشعياء وأعلم أنه «إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير..» (يوحنا12: 24و25).نقول في ذكصولوجية عيد الصليب: «الصليب هو سلاحنـــــــــــا. الصليــــــــــب هو رجاؤنـــــــــا. الصليب هـــــــــــــو ثباتنــــــــــا فــــــــي ضيقاتنا وشدائدنا».صليب الأمل:يقول القديس يوحنــــــــــا ذهبــــــــــي الفم: «الصليـــــــــب جعـــــــــــل الأرض سمــــــــــاء. هدم حصونًا وحطم قوة الشرير... حطـــم قيودنا.. وفتح الفردوس.. وأوصل جنس البشر إلى ملكوت السموات... تأملوا الخير الذي عاد علينا... أنشدوا تسابيح التمجيد للغالب.. صيحوا بالصوت العالي: يا موت أين نصرتك؟ ويا هاوية أين شوكتك؟». لم يكن قبر المسيح هو نهاية الصليب، بل كان نصرة الصليب ومحطة انطلاق وأمل ورجـــــــاء نحو الملكوت.إذا كانت العارضة الأفقية في الصليب تمثل الامتداد الذي يكون بين إنسان وآخر.. وعادة تكون آلام الإنسان بسبب إنسان آخر بأي صورة؛ فإن العارضة الرأسية تمثّل الرجاء والأمل المفتوح أمام الإنسان، والذي يصعد عليه نحو الله بواسطة الصلاة المستمرة. وإذا كنا نحتفل بتذكار الصليب المقدس يوم الجمعة الكبيرة، فإننا نحتفل بتذكار القيامة يوم الأحد.. إنه صليب الألم يوم الجمعة الكبيرة، وصليب الفرح يوم الأحد الذي صار هو العيد الأسبوعي للقيامة المجيدة.. إنه يوم النور. دائمًا يوجد أمل ورجاء لأن الصليب هو إعلان محبة الله الدائمة للإنسان صنعة يديه، إذ صار قوة خلاص وقوة رجاء، وهذا ما نعلنه في تسبحة البصخة ونكرره ونحن نصلي في أسبوع الآلام إذ نقول: «لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد. يا عمانوئيل إلهنا وملكنا» (رؤ5: 12،13؛ 7: 12). إنه صاحب القوة ومصدرها، ورجاؤنا في المجد، وبركة حياتنا وعزة وفخر إيماننا القويم، ومكتوب:«إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه» (رؤ8: 17)«وإن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضًا معه، وإن كنا نصبر فسنملك أيضًا معه» (2تي2: 11)«أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا» (يو11: 25)كل أسبوع آلام وأفراح القيامة وجميعكم بخير قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
13 مارس 2020

هل تحب من يحبك فقط؟

«لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟ وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا؟» (متى5: 46، 47).حين يطرح الله سؤالًا للإنسان يكون لديه أكثر من هدف: فقد يكون لتغيير فكره، أو يكون دعوة للاستيقاظ من غفلة، أو قد يكون لكشف ضعف معين، أو للتأكد من وجود فضيلة في حياة هذا الإنسان..وسؤال الله لنا اليوم: هل تحب من يحبك فقط؟ سؤال هام ونحن في بدايه أيام الصوم الكبير. ففي العهد القديم في شريعه موسى قيل: عين بعين وسن بسن، أمّا في العهد الجديد - إذ جاء يسوع المسيح لا لينقض بل ليكمل - فيقول: هل تحب من يحبك فقط؟ فالمعاملة بالمثل ليست من المسيحية في شيء. وقد يتساءل البعض كيف أحب من لا يحبني؟ والإجابة عند الله أنه يريدنا أن نعامل الناس كما يعاملهم هو، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين، بدون تمييز؛ إجابه واضحة من الطبيعة التي تعامل الناس كما يعاملهم الله، فهو يعامل البشر من خلال الحب ومن خلال الرحمة. من خلال الحب كالشمس التي تشرق كل يوم، ومن خلال الرحمة مثل المطر، فالمطر يجعل الأرض تثمر معطية الخير للبشر.الشرائع القانونية في العهد القديم كما في العهد الجديد، تناسب بين الجريمه والعقاب. فإن أصاب أحد عين إنسان في العهد القديم ينال عقابًا يتناسب مع الجريمة. لكن لما جاء السيد المسيح وضع أمامنا مبدئين للتعامل مع كل البشر بدون استثناء، فلا يوجد فرق بين البشر: لا لون لا جنس ولا عرق ولا اعتقاد ولا أي شيء. المبدأ الأول: يجب ألا نلجأ إلى الانتقام لأن الانتقام يزيد الشر. فإن رددت على الشر بشر أصبح هناك شرَّان، ويتضاعف الشر، وندخل في دائرة لا تنتهي. فلابد أن نكسر حلقة الشر، ولا نلجأ إلى الانتقام لأن الله يقول: «لي النقمة أنا أجازي» (رومية12: 19). هو يري وهو يدبّر.المبدأ الثاني: أن يكون الإنسان محسنًا نافعًا للآخرين، وليس مجرد السكوت على الشر. فإن كنت لا تنتقم هذا نصف الطريق، والنصف الثاني أن تكون نافعًا للآخر. يقول لنا الرب: «مَنْ سخَّرَكَ ميلًا واحِدًا فاذهَبْ معهُ اثنَينِ. مَنْ سألكَ فأعطِهِ... ومَنْ أرادَ أنْ يُخاصِمَكَ ويأخُذَ ثَوْبَكَ فاترُكْ لهُ الرِّداءَ أيضًا (أي أن تكرمه)» (متى5: 40-42). هذه المحبة التي نقدمها للآخر هي التي تكسر فيه شوكه الشر، فليست هناك وسيلة لنزع الشر من الناس سوى أن تحبهم. فكيف يخرج الشر من إنسان إلّا إذا رأى آخر يحبه؟ لذا أضع أمامك هذا السؤال ثانيةً: «هل تحب من يحبك فقط؟». هذه ليست المسيحية، فالإنجيل يقول: «إنْ أحبَبتُمُ الّذينَ يُحِبّونَكُمْ، فأيُّ أجرٍ لكُمْ؟ أليس العَشّارونَ أيضًا يَفعَلونَ ذلكَ؟». المسيحية هي شريعه الكمال، وتفوق الإنسانية. هي تجعل من الإنسان أكثر رفعة من الإنسان الترابي. لكن الإنسان الروحي بالأكثر يسلك بشريعة الكمال واضعًا أمامه شخص السيد المسيح. فمثلًا الوصية التي تطالبنا: «من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر» نجد صعوبة في تنفيذها بحسب الطبيعة البشرية، التي تفترض أن أرد اللطمة بمثلها، فمن يلطمني يفعل شرًا، وإن رددت عليه بطريقته أكون فعلت شرًا مثله. حينها أجد أنني تساويت به ودخلت في دائرة لا تنتهي. فالله حين قال: «من لطمك على خدك الأيمن حوّل له الآخر أيضًا» قصد أن أصبر عليه، وأعطي له فرصه ليراجع نفسه، حتى ينتبه لنفسه ويدرك خطأه وهذا ليس ضعفًا، بل فيه كسب للآخر. لقد رأيت مرة موقف بهذه الصورة بنفس الفعل كما في آيات الإنجيل، لدرجة أن الشخص الذي ضَرَب بدأ يبكي ويصرخ ويركع على الأرض، وبدأ يحس بمقدار الخطأ الذي ارتكبه.صوره أخرى هي «من أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك...»، هنا حالة خصام أو حالة ضرر لحق بما تمتلكه؛ كيف تعالج مثا هذا الموقف؟ كيف من أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك، تترك له الرداء؟! اترك له الرداء أي اصنع معه سلامًا، اِكسر شوك الشر التي فيه. «مَنْ سخَّرَكَ ميلًا واحِدًا فاذهَبْ معهُ اثنَينِ»، من سخرك تعني من ظلمك وكبت حريتك، والكتاب يقول لنا عن مثل هؤلاء أن اذهب معه ميلين! حكيت لكم قبلًا عن شاب تخرج من كليه الآداب ولم يعثر على وظيفة، فعمل نقّاشًا في بلد شقيق، وطلب منه شخص أن يبيّض له منزله، وسأله عن المدة التي يحتاجها لإتمام العمل، فأجاب الشاب بأنه يحتاج 20 يومًا تقريبًا. وفي اليوم الـ18، أي قبل انتهاء العمل بيومين، افتعل صاحب البيت خلافًا مع الشاب وطرده حتى لا يعطيه أجره، وهذا ظلم. انصرف الشاب حزينًا لكنه عاد في اليوم التالي طالبًا من صاحب المنزل أن يسمح له بالانتهاء من العمل. تعجب صاحب المنزل، وأخذ يراقب الشاب الذي أكمل عمله بمنتهى الأمانة، وعندما أنهى عمله سأله عن كيف استطاع أن يفعل هذا؟ فأجابه الشاب: "أنا اتفقت معك أن أبيّض لك بيتك. أنت صرفتني وظلمتني وهذا شأنك، لكن أنا سأتمم ما اتفقت معك عليه". وانبهر الرجل بالشاب وأمانته، وجعله شريكًا له في كل أعماله، وانفتحت له أبواب الرزق الواسع جدًا... وقيسوا على هذا أمثلة كثيرة ممكن أن يعيش فيها الإنسان. مقاومة الشر بمثله ممكن تزيده، لكن الشر لا يمكن أن يُهزَم إلّا بالخير والصلاح. شريعة المسيحية التي قدمها لنا السيد المسيح في العظه على الجبل هي لكل يوم، وهي آيات عملية صالحة للتطبيق في كل يوم.السؤال الذي يطرحه الرب علينا: هل تحب الذي يحبك فقط؟ إذا أحببت من يحبك فقط، فأنت لا تحيا المسيحية الكاملة بعد، بل لا زلت في نصف الطريق، لكن عندما تمتد محبة الإنسان لكل أحد يكون قد وضع قدمه على طريق شريعة المسيح. تذكروا يوسف الصديق مع إخوته الذين أبغضوه، أمّا هو فلم يحمل لهم أيّة بغضة برغم كل ما فعلوه معه؛ فمواجهه الشر لا تكون إلا بالخير العملي. تذكروا أيضًا السيد المسيح وهو على الصليب مُحاطًا بمن أبغضوه، ولكننا وجدناه يطلب لأجلهم: «يا أبَتاهُ، اغفِرْ لهُمْ، لأنَّهُمْ لا يَعلَمونَ ماذا يَفعَلونَ» (لوقا23: 34). أحيانًا في مجتمعاتنا لا يوجد عدو بالمعنى الحصري للكلمة، لكن قد يوجد من لا نقبله، فماذا تفعل مع مثل هذا؟ هل تخاصمه؟ تتجنبه؟ تشوه صورته؟ تشكوه؟ كل هذه العلاجات مرفوضة، أمامك علاج واحد: أن تزيد محبتك له! أظنكم تذكرون قصة المعلم إبراهيم الجوهري عندما شكا له أخوه أن هناك من يعايره ويشتمه، فأجابه المعلم إبراهيم الجوهري بأنه سيقطع لسان هذا الشخص، فسُرَّ أخوه بهذا. أمّا المعلم إبراهيم فقد أكثر العطايا لذلك الشخص، وهكذا قطع لسان الشر. واجه البغضة بالإحسان، و«صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم». عجيبة المسيحية! تصور أنك لا تفعل مثل الذي يسيء إليك، بل تحوّل هذه الإساءة لمادة للصلاة. الإنسان الذي يسيء إليك بالكلام أو بإطلاق الإشاعات أو تشويه السمعة... الخ، يقول لنا السيد المسيح أن العلاج هو أن نصلي لاجلهم! لا تنسوا أن من يسيئون إليكم هم أيضًا لها قيمتها أمام الله مهما كانوا. إن كان حبك لمن يحبك فقط، فأنت لم تعرف المسيح بعد، ولذلك في هذا الصوم ارفع قلبك واطلب من الله أن ينزع من من قلبك أيّة بغضة أو إساءة أو خاطر رديء تجاه أي إنسان. عندما نتحرر من الكراهية والمشاعر السلبية نستطيع أن نقتني فضائل عظمى من الله، نستطيع أن نقتني الحب الكامل، حب الأعداء. نقتني حب الرحمة التي نقدمها لكل إنسان. من يقرأ في تاريخ العصور الحديثة يجد أن الجمعيات التي ظهرت في العالم لتخدم الناس في أي مكان، نشات بفكر إنجيلي، مثل جمعية الصليب الأحمر التي تخدم مصابي الحروب. المسيحية ترتقي بالإنسان العادي ليكون مسموحًا بنعمه الروح القدس، ليصير الإنسان روحيًا، ويستق أن يُطلَق عليه "مسيحي" بالحق وليس بالكلام، بالفعل وليس بالمهظر. هل تحب من يحبك فقط؟ هذا هو سؤال السبت الأول في الصوم المقدس. وإجابة السؤال نجدها في العظة على الجبل (متى5: 38-48). يعطينا مسيحنا أن تكون حياتنا حياة نقية، ونمتلك طاقة الحب من أجل كل أحد. لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن إلى الأبد. آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
06 مارس 2020

الصوم الكبير قانون وسلوك

بدا أيام الصوم الكبير الغنية في روحياتها والممارسات الكنسية فيها، والتي تأتي مرة واحدة كل عام، نقدم فيها توبتنا الجماعية بالهدوء، والسكون، والصمت، والنُسك، والتقشُّف، وفحص النفس، وتنقية القلب، والدخول إلى الأعماق، بهدف أن يكون الإنسان "إنسان الله". وكما قال القديس مار إسحق السرياني فإن الصوم "هو تقديم كل الفضائل، وبداية المعركة، وتاج المسيحية، وجمال البتولية، وحفظ العفّة، وأبو الصلاة، ونبع الهدوء، ومعلّم السكوت، وبشير الخيرات". والكتاب المقدس يزخر باللذين صاموا قبلًا أمثال: موسى النبي (خر34: 28) – داود النبي (2صم1: 11) – أخاب الملك (1مل21: 27) – عزرا (10: 6) – نحميا (1: 3) – استير (4: 1) – دانيال (9: 3) – أهل نينوى (يون3: 5-9) – حنّة النبية (لو2: 37) – بولس الرسول (أع9:9) – بطرس الرسول (أع10:10) – الرسل (أع13: 2) – كرنيليوس (أع10: 3) – والسيد المسيح (متى 4: 2).وهذا الصوم المقدس الذي يمتد إلى 47 يومًا ويلحقه أسبوع الآلام، ولكن يسبقه وبنفس الطقس الكنسي 3 أيام صوم يونان ونينوى؛ يُعتبَر بالمعنى الرمزي خزينًا روحيًا لمسيرة الإنسان الروحية خلال العام. ولذا وضعت له الكنيسة طقوسًا وألحانًا متميزة، وصار له قانون نقرأه في إنجيل قداس الرفاع، وصار له سلوك نقرأه أيضًا في الكاثوليكون في قداس الرفاع.أولًا: قانون الصوم نقرأ عنه في (مت6:6)«أمّا أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصَلِّ إلى أبيك الذي في الخفاء، وأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية».والمقصود بالقانون أنه نظام الحياة أثناء الصوم، ويعتمد على خطوتين: الأولى: "ادخل إلى مخدعك"، أي إلى قلبك الداخلي الذي لا يراه إلّا الله، واجتهد في تنقية هذا القلب الذي سوف تقدمه لله عندما تقف أمامه. والثانية: "اغلق بابك"، أي أغلق فمك عن الطعام والكلام، واجتهد أن يكون حديثك مع الله أكثر وأكثر، وطعامك مثل طعام الفردوس حيث النباتات، وفترات الخلوة الصائمة بالانقطاع عددًا من الساعات كل يوم.يقول القديس باسيليوس الكبير: "الصوم الحقيقي هو ضبط اللسان، وإمساك الغضب، وقهر الشهوات".ثانيًا: سلوك الصوم:نقرأ عنه في (رسالة بطرس الثانية 1: 5-7)، حيث يقدم لنا سلوكيات الصوم المبنية على الإيمان، والهادفة إلى أن يكون الإنسان "إنسان المحبة"، وبالترتيب التالي:أ- قدسوا في إيمانكم فضيلة: الإيمان إحساس غير منظور، ولكن يُعبَّر عنه بالفضيلة التي يعيشها الإنسان، وتظهر في سلوكه اليومي مثل الوداعة والتسامح والقلب المنفتح والمعتدل.ب- وفي الفضيلة معرفة: نعيش الفضيلة ونمارسها بمعرفة حقيقية والتي نستقيها من الوصايا الكتابية التي هي ينابيع المعرفة الصادقة في كلا العهدين، ولذلك نقرأ النبوات والمزامير والأناجيل والرسائل عبر أيام الصوم يوميًا.جـ- وفي المعرفة تعفُّفًا: والتعفُّف هو الانضباط الذي نمارسه في نقاوة ووقار، فلا يهم الفم فقط بل والعين والأذن والسمع وكل أعضاء الجسد، كما يقول يوحنا ذهبي الفم. وكل هذا عن وعي وإدراك لكي تسمو الروح فوق الجسد.ء- وفي التعفف صبرًا: عامل الوقت أحد عوامل استقرار الحياة الروحية وثباتها. وهذا يحتاج الصبر الذي به نقتني نفوسنا التي اشتراها المسيح بدمه الكريم على عود الصليب.هـ- وفي الصبر تقوى: التقوى تعني المخافة القلبية التي قال عنها داود النبي: «جعلتُ الرب أمامي في كل حين، إنه عن يميني فلا أتزعزع». المخافة هي التي تحرسنا من الخطية بكل أشكالها، ومن خلال الصبر تكون المخافة الحاضرة في كل ما نمارسه في حياتنا.و- وفي التقوى المودة الأخوية: ونعمة المودة الأخوية والتي تجعل من الآخرين أقرباء وأحباء لنا مهما كانت درجات الاختلاف والتنوع معهم. المودة هي أن تكون ودودًا لطيفًا وديًا ومتواضع القلب مع الجميع.ز- وفي المودة الأخوية محبة: وهي لباس الكمال بحسب تعبير بولس الرسول: «وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال» (كو3: 14).وهكذا تكون سلوكيات الصوم حيث تمتلئ حياة الإنسان بالمحبة الكاملة، والتي تفيض منه لكل أحد بلا توقف.كل صوم وأنتم جميعًا طيبين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
28 فبراير 2020

كيف تصلي؟

كل فصل من أناجيل الصوم الكبير يحمل سؤالًا، وكأن أيام الصوم هي بمثابة أسئلة يطرحها الله علينا لتكشف لنا مقدار معرفة الإنسان الروحية وطبيعته وتعمقه وعمقه في هذة الحياة الروحية. كلمة الله أجابت عن أسئلة كثيرة في السنوات الماضية وهذا العام (2017) سوف نأخذ القراءة الإنجيلية في كل يوم جمعة طوال أيام الصوم في السبعة أسابيع.إنجيـــــــل الجمعـــــــــــة الأولـــــــــــى مـــــــــــن الصـــــــــوم (لوقا11 : 1-10) يبـــــــــدأ بســـــــــؤال واضـــــــح جــــــدًا، فقـــــــد طلب التلاميذ من السيد المسيـــــح قائلين: «يا رَبُّ، عَلِّمنا أنْ نُصَلّيَ...»، ولذلك السؤال يكــــــون كيف تصلي؟ كثيرون ينظرون إلى الصــــلاة على أنها فعل روحي، وبعضهم يعتبرها فنًّا، ولكننا نرى الصلاة حياة. حياة الصلاة هي ليست حياة لوقت معين ولا في مناسبة معينة ولا في مكان معين، الصلاة حياة يعيشها الإنسان طول حياته، والوصية التي قالها السيد المسيح أن صلوا كل حين ولا تملوا، فكأن الصلاة مرتبطة بالتنفس في كل حين. والصلاة هنا تعني العلاقة التي تربط بينك وبين الله، وهذه العلاقة علاقة داخلية في القلب وليست مظهرية أو خارجية، فصمتك قد يكون صلاة، وترنيمك صلاة ووقفتك صلاة، حتى أننا نقرأ في سفر النشيد عن عروس النشيد «أنا نائمَةٌ وقَلبي مُستَيقِظٌ (بالصـــــــلاة)» (نش2:5)، وكأن نبضات القلب هي تعبير عن نبضات الحب، حب الإنسان لله وحب التواجد في حضرته على الدوام. والصلاة لا تأخذ شكــــــلًا واحـــــــدًا، مشاعرك تكون صلاة، ودموعك تكون صلــــــوات، وسجودك صلوات، وصمتك يُحسب صـــــــلاة. وداود النبي يقول هذا التعبير الجميل: «مِنَ الأعماقِ صَرَختُ إلَيكَ يا رَبُّ» (مز1:130)، لا أحـــــــد يسمـــــــع هذة الصرخة غير الله، أعمــــــاق القلب وأعمــــــــاق النفس البشرية هي التي تصلي وتخاطب الله، والله يسمع ويستجيب. لذلك في كل قداس نصليه في الكنيسة نسمع نداءً من الأب الكاهـن في صورة سؤال: «أين هي قلوبكم؟»، فيـــــرد المصلـــــون ويقولون: «هي عند الرب»، ليست قلوبنا على الأرض وإنما في السماء. تقدم التلاميذ للسيد المسيح وطلبوا السؤال الذي نطلبـــه: «علمنـــــــا يــــا رب أن نصلـــــي»، هل تحتاج الصـــــــلاة أن نتعلمهــــــا؟ هل نحتاج إرشادًا لنصلي؟ هل لابد من الحكمـــــة؟ نعم! لذلك أعطاهم السيد المسيح النموذج المثالي للصلاة، وهي التي نسميها الصـــــلاة الربانيـــــة وأحيانًا نسميها صلاة الصلوات. وسلمنا الرب هذه الصـــــــلاة في عبارات موجزة قليلة ولكنها واسعـــــة المعانـــــــي، وصــــــارت هذة الصلاة هي الصلاة الرسمية في المسيحية، ونصليها شرقًا وغربًا، ويمكن أن نعتبرها بمثابة البذرة التي نشأت منها كل صلواتنا.وهذه الصلاة قصيرة ولكن عميقـــــة المعنى، وأريد أن أتأمل معكم في هذه الصـــــــلاة في عشرة معانٍ متكاملة...المعنــى الأول: أن فيها روح البنـــــوة، فحين تصلي وتقول: أبانا في بدء الصــلاة، معناها إني أنا ابن لك يا رب. شعور البنوة حلو يريح الإنسان.المعنــــى الثانـــــي: ننادي الله «أبانا» بصيغة الجمع وليس أبي، وكأن كل الموجودين إخوتي، أي روح الأخوة التي تجمعنا، فلنا أب واحد هو الله الآب. ولذلك قيمة الصلاة أنها تجمعنا معًا. أيضًا حين نخاطب الكاهن ندعوه «أبونا» وأيضًا بصيغة الجمع، والكنيسة الإثيوبية تنادي الأب البطرك والأب الأسقف والأب الكاهن بكلمه «أبونا» حتى اليوم.المعنـــى الثالــــث: وهو روح المهابـــة، فأنت تقف أمام أبينا الذي في السماء، وتحمل نسمة حياة من السماء. لست مخلوقًا أرضيًا بل مخلوق من السماء. وحين تقف أمام الحضرة السماوية فيجب أن يكون ذلك بمهابة وخشوع.المعنى الرابـــع: «ليتقدس اسمك» رغم أنهما كلمتان والعبارة قصيرة، ولكن ليتقدس اسمك يا رب في حياتي، وهذه روح القداسة. أحيانًا في مسيره حياه الإنسان ينسى اسم الله وينسى تقديس اسم الله، ولذلك نعتبر القسم خطية لأن الإنسان يستخدم اسم الله بلا مصداقية. في إنجيل يوحنا تجد هذه الآية الجميلة «لأجلِهِمْ أُقَدِّسُ أنا ذاتي» (يو19:17)، الأب في بيته يقدس نفسه أي يجعل نفسه أمينًا على أسرته، الخادم في الكنيسة وكل مسئول في المجتمع يقدسون أنفسهم من خلال الأمانة في المسئولية. ليتقدس اسمك يا رب في كلامي فلا يكون غامضًا أو ملتويًا بل بالحق.المعنــى الخامــــس: «ليأتِ ملكوتك» وهنا روح الاستعداد. فالإنسان المؤن ينتظر ملكوت الله أو ينتظر أن يكون له نصيب في السماء. ليأتِ ملكوتك أي الإحساس اليومي بأنك مدعو لهذا الملكوت، مدعو أن يكون لك حياة في السماء، الحياة الأبدية التي بلا نهاية. مثل العذارى الحكيمات والجاهلات يشرح لنا كيف أن العذارى الحكيمات انتظرن العريس مستعدات بالزيت، أمّا الغير مستعدات فيسميهم الكتاب المقدس الجاهلات، فلم يكن لهن نصيب وأُغلِق الباب دونهن.المعنــــى الســــادس: «لتكن مشيئتك» وهذه المشيئة تعني روح التسليم. الإنسان الذي يعيش في مشيئة الله، الذي يرى كل شيء يصنعه الله أنه خير، يعيش في حياة الرضا والقبول، هو في يدي الله يقود حياته من يوم ليوم ومن سنة لسنة ومن مسئولية لمسؤلية. المعنـــــى السابــــع: «كما في السماء كذلك على الأرض»، عبــــــاره مفصليــــة: قبلهـــــا ثلاث عبارات تخـــــص الله. نريـــــد يــــا رب أن الأرض التي خلقتها لنا تكون مثل السماء، أريد كنسيتي مثل السماء، وكذلك وطني، بل والبشرية كلها تكون كما السماء. السماء كلها سعادة وفرح وصفاء، ونريد أن تكون الأرض هكذا. السماء قلبها واسع وكلها سلام، ونريد سلامًا على الأرض... وهذه نسميها روح الاتكال أو سماوية الطابع.المعنـــــــى الثامـــــن: «خبزنا كفافنــــــا أعطنـــــا اليوم»، ونسميها روح القناعـــــة. والقناعة صورة من صور الرضـــــا أو الشبع الداخلــــي، ولن يأتي الرضا أو الشبــــع الداخلـــي مــــــــن أمـــــــــور ماديــــــه أبدًا، ولكن بقدر ارتباطك ووجودك في الحضرة الإلهية بقدر ما يكون شبعـــــك، لأن القلب لا يشبـــــع بطعام ولا بماديات ولا بالتراب بل بالله فقط. المعنى التاسع: «اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا». الله صاحب المغفرة، ولكنه أعطى للإنسان قوة المسامحة، والمعادلة أكثر من رائعة! فعلى قدر ما تسامح الآخر على قدر ما تحصل على غفران الله، ورغم بساطتها إلّا أن الإنسان أحيانًا ما ينساها! وهذه نسميها روح المغفرة. أتعجب حين يحدث خلاف بين اثنين ويستمر لأيام بل وسنين، وأتساءل: ألا تصلون أبانا الذي...؟! المعنــى العاشــــر: «لا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير». هي روح الحرص، نحن نعيش في عالم فيه الخير والشر، وفيه ضعفات كثيرة وخطايا متنوعة، فكيف يحترس الإنسان لنفسه، ونحن نعلم أن الخطيه يسبقها غفلة أو نسيان للوصية، لذا نقف أمام ربنا ونقول: لا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير. طالما تحصنت بروح الصلاة الدائمة فلا يقدر العدو أن يؤذيك ما لم تؤذِ أنت نفسك. الصلاة الربانية تقــــدم لك نموذجًا للصلاة، سواء روح البنوة أو الأخوة أو المهابة أو القداسة أو روح الاستعداد أو الاتكال على الله أو القناعة أو المغفرة أو االحرص والانتباه. كل هذه مفاهيم تدخل في الصلاة. مشكلة الإنســـــــان المعاصــــــر أنه يحيــــــــا في عصر السرعة، لكن الحياة الروحية ليست بهذه السرعة. فحين تزرع لبد أن تنتظر ثلاثة أو أربعة شهور حتى تثمر، وهناك نباتات تحتاج لسنين، فلكل شيء وقت. في هذا مثل صديق نصف الليل (لو11) يعلمنا اللجاجة أي استمرار الطلبة أمام الله، وكأنك تقول لله إنه ليس لي غيرك ولا أستطيع أن أذهب لأحد آخر. وقد سمعتم عن القديسة مونيكا التي ظلت تصلي 20 سنة وبدموع من أجل ابنها أغسطينوس، حتى تغير وصار قديسًا. لم تصلِّ يومًا ولا اثنين بل 20 سنة! قيسوا على هذا كثيرًا. ولذلك اللجاجة أحد عناصر نجاح الصلاة. والله عندما يعطيك أو لا يستجيب إنما يفعل هذا لخيرك. ولذلك في آخر هذا الفصل يقول لنا «اسألوا تُعطَوْا، اُطلُبوا تجِدوا، اِقرَعوا يُفتَحْ لكُمْ»، إياك من اليأس أو الشك إن كان الله يسمع صلواتك، بل هو يسمع كل كلمة، يسمع مشاعرك من الداخل وأنين قلبك. اسألوا باللسان، اطلبوا بمشاعر القلب، اقرعوا باللسان والمشاعر والإرادة. لقد أعطانا الله نعمة الصلاة، ونعمة التواجد في الحضرة الإلهية، ونعمة الاستجابة، كل إنسان ومهما كان ضعفه ومهما كانت كلماته يستطيع أن يصلي، والله يسمع ويستجيب الصلاة. يعطينا مسيحنا أن تكون حياتنا كلها صلاة، كما يقول داود النبي: «أمّا أنا فصلاة»... قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
21 فبراير 2020

خليقة جديدة

«إِنْ كَانَ أَحَـــدٌ فِي الْمَسِيـــــحِ فَهُـــــــوَ خَلِيقَــــــةٌ جَدِيـــــدَةٌ: الأَشْيَــــاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُــــــوَذَا الْكُــــــلُّ قَدْ صَارَ جَدِيــــدًا» (2كو5:71)إن كان أحد في المسيح يسوع فهو خليقة جديدة، أنت الذي تعيش إيمانك في المسيح تعيش هذه الخليقة الجديدة. ولكن هذه الخليقة الجديدة لها مواصفات يجب أن تعرفها، ويجب أن تكون أمامك على الدوام، هذه المواصفات هي التي تجعل منك في الحقيقة خليقة جديدة. وأود أن أذكركم أن كلمة «جديدة» في مفهوم الكتاب المقدس تعني أنها جديدة في كل يوم، فهي لا تخضع للزمن. إذا أتيت بشيء جديد اليوم سوف يصبح بعد شهر قديمًا وبعد سنة يصبح أقدم وهكذا، ولكن في المسيح يسوع كلمة جديدة تعني جديدة في كل صباح، فلا تعرف غلبة الزمن عليها، ولا تعرف القِدَم، لأنك في المسيح يسوع دائمًا جديد، وهذه الحياة الجديدة هي مسئولية لكل أحد فينا. مـــــــاذا يعنــــــــي أن يكــــــــون للإنســـــــــان الخليقـــــة الجديدة؟الأشياء العتيقة التـــــي مضــــت يُقصَــــد بهـــــا الإنسان الذي يتخلّى عن خطاياه كل يــوم، ومن هنا تكون الخليقة الجديدة ثلاثية الأبعاد، هي تعني: قلبًا جديدًا وطبيعة جديدة وفكرًا جديدًا. 1) القلب الجديدنصلي كـــــــل يـــــــــوم ونقــــــــول: «قلبًا نقيــــًــــا أخلــــــق فيّ يا الله، وروحًا مستقيمًا جــــــدّده في أحشائي»، وهذه هي طلبة الصباح والمساء، بل طلبة كل وقت. ما أشهى أن يكون قلب الإنسان جديدًا دائمًا؛ فالقلب العتيق والممتلئ بالشرور والمُلوَّث بالخطايا والأفكار، قلب لا يصلح أن يكون ضمن الخليقة الجديدة. القلب الجديد يتجدّد بروح التوبة الدائمة، وروح التوبة تبدأ دائمًا في الصلوات المرفوعة، فعندما تنفرد بالحبيب وتنفرد في علاقاتك الشخصية بربنا يسوع المسيح، وترفع قلبك وتضعه في يد المسيح وتطلب منه قلبًا نقيًا، فهذه هي البداية لكي يكون قلبك جديدًا. وروح الصلاة هي الذي عبّر عنها ربنا يسوع المسيح في الأصحاح السادس في إنجيل معلمنا متى (الإنجيل الذي قرأناه في أحد الرفاع) وقال: «ادخل إلى مخدعك وأغلق بابك». إننا نحيا في هذه الأيام في طقس الصوم، والصوم هو الفترة التي ندخل فيها داخل القلب لأننا خارج الصوم تكون قلوبنا مشغولة بأشياء كثيرة. فما أشهى أن يخصّص الإنســــــان وقتًا كــــــل يوم، وإن صاحبته الأصوام فيكون الفعل الروحي أقوى وأقوى، بحيث أن هذا القلب يتجدد بروح الصلاة. وهذا الأمـــــر يــــا أحبائـــــي فـــــي غايــــــة الأهمية لأن هذا الزمان به أشياء كثيرة تسرق وقتنا للأرض، ويأتي السؤال: هل لديك وقت تخصصه لربنا؟ أن تقتطع من الوقت الذي يمنحه الله لك لكي ما تعيـــــده وتقدمه إلى الله؟ أحيانًا يا إخوتي الأحباء تمر بشارع مغلق ومكتوب عليه «مُغلَق للتحسينات»، قلبك في المخدع هو مُغلَق للتحسينات، والمقصود بالتحسينات هو روح التوبة.2) الطبيعة الجديدة هذه الطبيعــــــة ننالهــــــا من خــــــلال وسائـــط النعمة، ونقرأ في المزمــــــور الأول عن الرجـــــل الصالح الذي يكون كالشجرة المغروسة علـــــى مجاري المياه، ومجاري المياه تعني وسائط النعمة، نِعَم الروح القدس التي يعطيها لنا من خلال الأسرار، وفي بداية الأسرار في سر المعمودية حيث يلبس الطفل المُعمَّد الملابس البيضاء ويوضع الزنــــــــار الأحمـــــر حول كتفــه رمزًا لدم المسيح، لأنه صـــــار خليقة جديدة. ونسمي سر المعمودية «سر الولادة الجديدة». وهذه الطبيعة تستمر من خلال سر التناول المقدس أو سر الإفخارستيا، الذي يُعطى عنا خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه، حياة أبدية طبيعة جديدة، وهذه الطبيعة الجديدة هي مسئولية كل واحد فينا.. يوجد أناس كثيرون لديهــــم قلق وخوف واضطراب وأمراض نفسية، هل تعلمون ما هو السبب؟ أنهم لم يدخلوا بعد في الطبيعة الجديـــــدة، حتى وإن كـــــان بعضهـــــــم مسيحيــــــون لكن ليس لهم التلامـــــــس الشخصــــــي والعلاقة الشخصيـــة مـــــــع الله. أيهــــــــــا الحبيــــــب تملّك الطبيعة الجديدة دائمًا، وعش بالأسرار المقدسة ووسائط النعمة هذه الطبيعة، وعش فيها بالحياة وليست بالعادة كشخص يذهب للتناول كالعادة، فهذه المفاهيم الروحية هي مفاهيم قوية بالطبيعة الجديدة.3) الفكر الجديد:لا أريد أن أسميه فكرًا جديدًا، ولكن يمكن أن أسميه نظرة جديدة أو رؤية جديدة. هناك شخص لا ترى عيناه إلّا الأشياء القبيحة، بل إذا رأت ما هو حســـــــن أحيانًا، فهو يقلبـــــه للعكس! هؤلاء هم الذين ينشرون الإشاعات ويقولون الأخبـــــــار السيئـــــــة ويخيفــــــــون النـــاس. ويوجد آخرون لديهم رؤية جديدة، والسبب الرئيسي فيها هو كلمة الله المقدسة والارتباط بالإنجيل. الإنجيل يعطيك روح الاستنارة، ودوام العلاقة مع الكلمة المقدسة تعطيك هذه النظرة الجديدة. من خلال الإنجيل نرى الحياة عطية الله العظيمة للإنسان، لذلك توصي الكنيسة بقراءة الإنجيل يوميًا، وأوجدت قراءات منتظمة في صلواتها لكي يكون هنام تعامل يومي مع كلمة الله. يقول الرسول إن: «كلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وفَعّالَةٌ وأمضَى مِنْ كُلِّ سيفٍ ذي حَدَّينِ، وخارِقَةٌ إلَى مَفرَقِ النَّفسِ والرّوحِ والمَفاصِلِ والمِخاخِ، ومُمَيِّزَةٌ أفكارَ القَلبِ ونيّاتِهِ» (عب4:21).الخلاصة أن الأشياء العتيقة قد مضت، الخطايا واهتمامات العالم واهتمامات التراب، هوذا الكل قد صــــــــار جديدًا، جديدًا بالقلـــــــب الجديـــــــد من خــــــــــلال الصلــــــــوات، وبالطبيعـــــــة الجديدة من خلال الأسرار، وبالنظرة الجديدة من خلال الكلمة المقدسة.التدريب الذي تأخده هو أن تصلــــي: «يا رب اجعلني من هذه الخليقة الجديدة، وأعطني القلب النقي، أعطني القلــــــــب الجديد، وأعطني هذه الطبيعة الجديدة في حياتـــــــي على الدوام، وأعطني الرؤية والنظرة الجديدة دائمًا». قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
14 فبراير 2020

من أجلك نُمات كل النهار

باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. تحل علينا نعمته وبركته من الآن وإلى الأبد” نحتفل بهذا الصباح المبارك بعيد دخول السيد المسيح الى الهيكل وهو في تمام الاربعون يوماً أي اننا في هذا اليوم بعد 40 يوما من عيد الميلاد المجيد وحسب الطقس اليهودي الذي كان معمولا به حيث ذهبت امنا العذراء والقديس يوسف النجار لكي ما يقدموا قربان شكر على هذا الابن الوليد، ونحتفل أيضا في هذا الصباح المبارك بتذكار الشهداء الجدد في السنوات الأخيرة والمجمع المقدس لكنيستنا الارثوذكسية القبطية في جلسته الأخيرة في شهر يونيه قرر ان يكون هناك احتفال لهؤلاء الشهداء كما اننا نحتفل بدخول السيد المسيح للهيكل نحتفل بدخول شهدائنا الى السماء وهو تذكار لكل الشهداء في السنوات الأخيرة وسنحتفل به سنويا الى جوار عيد الشهداء المعروف في كنيستنا بعيد النيروز اللي نحتفل به في اول السنه القبطية في شهر توت من كل عام ونحتفل أيضا في هذا اليوم 18 فبراير 8 أمشير بإقامة 15 شماسا من ابنائكم لكى ما يصيروا كهنة للخدمة في مدينة الإسكندرية وكنائسها وعندما تجتمع كل هذه المناسبات مع بعضها نتذكر عبارة قالها القديس يوحنا ذهبي الفم ” الشهيد يموت مرة واحدة من اجل سيدة فأما الراعي يموت كل يوم من أجل قطيع سيده “ وهذه الكلمات التي قالها القديس يوحنا ذهبي الفم في القرن الرابع الميلادي هي صدى لكلمات بولس الرسول “من أجلك نُمات كل النهار” إذا عمل الراعي هو عمل اماته ونجاح الراعي ان انه نجح في هذه الإماتة من اجلك نموت كل نهار. والمقصود بهذه الكلمة أيها الأحباء كلمة “البذل والتعب والتضحية “التي يقدمها الراعي في خدمته فالراعي الذي لا يبذل ولا يتعب ولا يضحى لا يستحق ان يكون راعيا للقطيع، وحسب هذه الكلمات التي نتعلمها من الاباء ولكن كيف يكون الراعي في عمل الاماته أزاي كيف تكون حياته؟؟ وهذا الكلام الموجه للأخوة الشمامسة المتقدمين للكهنوت ولكل الإباء الحضور معنا ولكل الشعب فتوجد خمسة مجالات يستطيع الراعي ان يمارس فيها عمل الاماته والتعب + المجال الأول :مجال الصلاة +المجال الثاني :مجال الدراسة والقراءة والتعليم +المجال الثالث: مجال الافتقاد افتقاد كل أنسان +المجال الرابع : مجال المصالحة وصنع السلام + المجال الخامس : مجال الوقت المجال الأول مجال الصلاة فالكاهن يقام مصليا ومعروف عن كنيستنا انها كنيسة مصلية والصلوات فيها كثيرة وطويلة وعميقة وتمتلئ بالروحانيات سواء كانت كلمات او الحان او ممارسات نقدمها لله بحيث يصير كيان الانسان كيان صلاة والكاهن يقام كي ما يتحفظ بالصلاة، ليست الصلاة التي يؤديها من شفتيه ولكن الصلاة التي يرفعها من قلبه يقدم هذه الصلاة سواء في القداسات او العشيات او الصلاة بصفة عامة وهذه الصلوات التي يقدمها هي تعبير حب وده اللي خلى الإباء يقولوا ان “عرق تعب الصلاة اذكى من كل البخور ” الوقوف امام المذبح والوقوف امام الله والصلوات العامة وصلوات المناسبات يجب ان تؤدى من القلب ومن الروح ولا تكون بالشفاه فقط بل يجب ان تكون نابعه من القلب كقول معلمنا داود النبي من الأعماق صرخت اليك يارب …تعب في ان يصحى بدرى و يلتزم بالمواعيد ويلتزم بوقت ممارسة الاسرار بلا شك هو مجال تعب ولكن في تعزية وهذا هو المجال الاول من اجلك نمات كل النهار فلا يترك نفسه للكسل او الراحة بل صار مثل ذبيحه من اجلك نمات كل نهار. والمجال الثاني : “مجال الدراسة والقراءة والتعليم” وهو مجال مهم لكل كاهن يجب ان يقرأ ويدرس ويعيش ما يقرأه ولكن اذا توقف عن القراءة والدراسة والمعرفة وتأمل يجمد وكأنه لا يقدم طعام وقد تجد اطعمة بائته ونتذكر كلمة الله الحي الفعالة شيء مهم ان كانت توجد دراسات تقدم سواء من الأماكن المسيحية مثل معهد الرعاية ودراسته في الإكليريكية وشيء مهم انه يدرس ويتقدم دائما من كلمة الله، ومع الدراسة والخدمة يحتاج الى الفكر الكنسي والأرثوذكسي ليعيش داخله ويفهم تماما عقيدته وتراث كنيسته وهذا التقليد الذى يحياه وليس بصورة التزمت وبما يتناسب مع الزمن الذى نحن نعيش فيه لابد يقرأ ويعرف ويذاكر ويحضر لذلك، ولا يصح ان تقف وتتكلم دون ان تكون محضراً ودارساً لا تقول أي كلام هذا إلتزام داخلي لا يأتي إلا من خلال الدراسة ولقراءة ولذلك نقول من أجلك نموت كل النهار . +المجال الثالث : مجال الافتقاد افتقاد كل أنسان وهو من اهم المجالات فالكاهن يقوم لكى ما يذهب الى الناس، عمل الافتقاد له بركة كبيرة وكل الإخوة المتقدمين للكهنوت شباب ربنا يديم عليهم الصحة وعمل الافتقاد عمل أساسي في حياة الخادم فما احلى دخول الكاهن الى البيت وسؤاله عن الاسرة وكل أفراد البيت واحساسه بهم وأيضا احساهم به. وعمل الافتقاد عمل أساسي وهو الذى يحفظ الرعية وتمارس فيه الابوة انت لما بتصلى في القداس ابونا بيصلى وعندما تقف تتعلم من أبونا الوعظ لكن في الافتقاد نشعر بك كأب والابوة هى الصورة الجميلة التي يريدها كل المؤمنين. شعب الكنيسة لا يريد من الكاهن الا صورة واحدة ممكن يكون شاطر في شيء لكن الشعب يريدوا ان يروه اباً والابوة الحقيقة والأبوة هي التي تستر وتحب وتستر وهى التي تعلم وتربى وهكذا فعمل الافتقاد بلا شك فيه تعب واسال على الجميع واساعدهم ولكن التعزية في هذا التعب ان يراك كل احد كأب له ولكن اذا قرأنا في تاريخ كنيستنا كل القديسين حتى المعاصرين كما في مدينة الإسكندرية القمص بيشوى كامل واباء مباركين أخريين كانت الصورة المحفورة في ذاكرتهم هي الابوة لكن عمل الافتقاد عمل أساسي وضروري وعمل معزى لانك تطمئن بنفسك على أحوال الرعية “من اجلك يارب نموت كل النهار “ +المجال الرابع هو مجال المصالحة وصنع السلام الكاهن هو مسؤول عن سلام المجتمع والرعية لكن عدو الخير لا يتركنا دائما يقسم الاسرة الاخوات يختلفوا والأزواج تكون بينهم عكارة ونحتاج ابونا يدخل بحكمه وصلواته ومحبته وصنع السلام ويعقد جلسات طويلة ربما بالساعات علشان يصالح اثنين ويقربهم لبعض او يساعدهم يفهموا بعض ولكن مجهود طيب لانه يصنع سلام “وطوبى لصانعي السلام لانهم أبناء الله يدعون” هو الكاهن الوحيد الذي ممكن يساعدني ويقف معي ويبقى دائما، ولدينا امل ان يد الله تتدخل وتقرب النفوس الغضبانة من بعضها والزعلانة ويكون الكاهن ناشراً للسلام وموجداً للسلام وقبل ان يصنع سلام بافراد الرعية يصنع سلام بين الخدام والشمامسة ومابين الإباء الكهنة لو الكنيسة فيها عدد من الإباء كيف يكون حمامة سلام؟ الحمامة دائماً رمز للسلام والسمو ويكون الكاهن بهذه الصورة ولا يميل لطرف ضد طرف لأن الاثنين أبناءه. عمل السلام عمل المحبة عمل المصالحة كل هذه تكون تحت من مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَار،انا يارب بقدملك كل الساعات بتاعتى والنهار علشان بحبك وبقدمها لك يارب من أجل كل ابنائك يكونوا عايشين بسلام وممكن كلمة من الكاهن تطمئن انسان ده ممكن كلمة حكمة من كاهن تريح انسان ويتصالح مع الاخر ولذلك عمل المصالحة وصنع السلام احد الاعمال الرئيسية اللي بيقوم بها الكاهن فى خدمة الرعية ورعاية كل اسرة هذه الخدمة كلها تحتاج وقت تحت جهد وتحتاج زمن وكل هذا يندرج تحت ومن اجلك نمات كل النهار قلت المجال الأول مجال الصلاة والمجال الثاني مجال الدراسة والقراءة والتعليم والمجال الثالث مجال الافتقاد افتقاد كل أنسان والمجال الرابع هو مجال المصالحة وصنع السلام +اما المجال الخامس والأخير فهو مجال الوقت الكاهن انسان مثل كل البشر لديه كل يوم 24 ساعه لكن مسؤولياته ليست مثل كل الناس ويحتاج لعمل التوازن في الوقت الخاص له خاصة التوازن بين الخدمة وبين الأسرة الخطأ ان ينسى اسرته “زوجة واولاد وبنات “ومن الخطأ ان يهمل ان لا يعطى الوقت الكافي لهذه الأسرة خاصة لو أبناءه كانوا صغيرين ومحتاجين يشوفوا بابهم ومامتهم ويشعروا بمجال الاسرة لذلك المجال الخامس هو نوع من التوازن انت أيها الاب الكاهن انت مدير وقتك ولأنك مدبر حسناً في اسرتك لذلك اختاروكم وزكوك علشان تصير كاهناً وتخدم مذبح الرب وعلشان كده يجب ان يراعى الكاهن تماماً احتياجات اسرته وعندما تكون أسرته ناجحة يكون هو أيضا انساناً ناجحاً وخادماً ناجحاً فالتوازن بين الخدمة لا يصح ان تأخذ الخدمة كل وقته ولا يتبقى شيء للبيت لا يصح لان ده معناه ان البيت ينشف ويجف لأنه دخل في دائرة الإهمال لذلك يجب ان تكون متوازناً في الوقت بين خدمتك ومسؤولياتك في الخدمة واحتياجات الخدمة التي لا تنتهى وفى نفس الوقت بين مسليات اسرتك واحتياجاتها واهتمامك بزوجتك وبأولادك هذه المجالات الخمسة يمكن ان نراها في كلمات القديس بولس الرسول ” من أجلك نُمات كل النهار” وهذا المقياس اقدمه للإباء والأخوة الجدد وهذا مقياس يقيس خدمتك ويرى كيفيتها في مراعاة خدمتك كل يوم، يمكن الواحد في البداية نشيط ويعمل ويجتهد وكل شيئ جميل ودائماً يقولوا في الامثال المصرية الغربال الجديد له شده ” الكاهن يجب ان يكون جديداً كل يوم لذلك نصلي فى مزمور التوبة روحا مستقيما جدده في أحشائي بمعنى أن الكاهن يكون له سنه او اثنين او عشره يجب ان يكون جديداً كل يوم، وهذه الحكاية حتى لا يشعر في داخله ان صلاحيته ككاهن انتهت له اب اعتراف له قانون روحي وله خلواته وممارساته الروحية كل هذه يااخواتى تجعل من الكاهن انسانا ناجحا وخدمته مشهود له ليست على الأرض فقط بل في السماء أيضا لذلك الأسبوع الماضي رسمنا مجموعه كهنة وبعض البلاد اليوم في اسكندرية نأخذ 3 أيام من الأربعين يوم اللى هيقضوها في الدير يوم 8والحق(8،9،10) مارس ونكون منهم حلقة دراسية خاصة عن التدبير الكنسي والتنمية ودى للجداد فقط في المقر البابوى الملحق بدير الانبا بيشوى هنا إقامة كاملة في الدير ولن يخرجوا خلال ال3 أيام الاولى ستكون خاصة بالدراسة لانها دراسة مكثفة ليكونوا متخصصين سيحضروا معاهم من يوم ال8 مارس حتى 10 مارس وممنوع الزيارات تماما 3 أيام لانه سيكوت هناك حلقة دراسية عن التدبير الكنسة والتنمية وهذه اول مرة يتم تنفيذها ليكون الكاهن ناجح خلال خدمته خاصة فنره الأربعين يوم التي يقضيها وهى فتره مقدسة يعطينا المسيح أيها الأحباء ان يفرح هؤلاء اللى رشحتهم وزكتهم بعد اختبارات طويلة وفى الاخر انا قعدت مع كل واحد فيهم ومع زوجاتهم واولادهم وتطمئنا لهذا الامرلذلك بعد كل هذا المشوار الكهنوت يعتبر بداية لذلك ابوه صحيحه لكى يكون كهنوتك صحيحا ايضاً ومبارك باسم كل الأباء الأحباء الإباء الأساقفة الحضور معنا وكل الكهنة نشكر نيافه الأنبا صرابامون مطران ورئيس دير الأنبا بيشوي، وادي النطرون، البحيرة،وكل الاباء الرهبان في هذا الدير العامر الذين استضيفونا نقيم فيها هذه السيامات المفرحة ونصلى ان يعطى الله نعمه خاصة لهؤلاء الجدد ربنا يبارك في حياتهم وفى خدمتك وخدمة كل الاباء الكهنة ودائما نقول مع المسيح «إِنَّ الْحَصَادَ كَثِيرٌ، وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ. “لإلهنا كل المجد والكرامة من الأن والى الابد امين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
07 فبراير 2020

خدمة الكاهن

خدمة الكاهن في الكنيسة القبطية الارثوذكسية خدمة فعالة ومؤثرة للغاية، فالكاهن في طقس كنيستنا عندما يُسام ويُقام يصير راعيًا وخادمًا لكل الرعية التي يؤتمن عليها.واختيار الكاهن ليس نهاية المطاف بل أنه بداية، فالكاهن كان شماسًا وكان خادمًا وكان معروفًا ومشهودًا له من الجميع. وعملية إعداد إنسان ليصير كاهنًا منذ أن كان طفلًا صغيرًا في مدارس الأحد، إلى أن نال بداية التعليم المسيحي في بيته وأسرته بعد معموديته؛ إنه طريق طويل يمر بخطوات كثيرة، حتى يكون لائقًا لهذه الخدمة المملؤة بركة.خدمة الكاهن أيها الأحباء يمكن أن نضعها في أربعة نقاط أساسية: أاولًا: الكهنوت أمانة، ثانيًا: الكهنوت نقاوة، ثالثًا: الكهنوت سلامة، رابعًا: الكهنوت اتضاع.اولًا: الكهنوت أمانةبلا شك الكاهن يُستودع أسرار الله ويُستودع أسرار الكنيسة، والأمانة هي العنصر الأساسي والرئيسي في حياتنا، وجميعنا يعرف قيمة هذه الكلمة، لأن عكسها كلمة لا نقبلها ولا يقبلها إنسان، بل هي كلمة تجرح الأذن عكس كلمة أمانة. ولذلك الوصية تقول في السقر الأخير من الكتاب المقدس: «كُنْ أمينًا إلَى الموتِ فسأُعطيكَ إكليلَ الحياةِ» (رؤيا2: 10). وكلمة "كُن" تعني استمرارية هذه الأمانة طول العمر. ومن يُسام كاهنًا يكون أمينًا في كل كلمة، في كل تعليم، في كل زيارة، في كل قداس، في كل إرشاد؛ تلازمه الأمانة. يقول الكتاب المقدس: «كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» (متى25: 23)، فالله يبارك في القليل الذي كنت أمينًا عليه حتى لو كان كلمة واحدة، فتفتح فمك ويعطيك روحًا ونطقًا وكلامًا. أنت أمين على كل شخص في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أنت أمين على خدمة الرعية بكل أوجه الخدمات، أنت أمين في كل أوجه العلاقات والمعاملات مع كل أحد.ثانيًا: الكهنوت نقاوةالكاهن عندما يتقدم لتقديس الذبيحة وفي القداس، هو يعلن أمام الله ويعترف أنه غير مستحق ولا مستوجب، فلا يصحّ أن نخدم الله بأيدٍ غير نقية. لا يصح أن نخدم الله بأفواه غير نقية، لا يصح أن نخدم الله بعقول بها أفكار رديئة، لا يصح... فالكهنوت نقاوة.وكلمة نقاوة في كنيستنا تعني حياة التوبة المستمرة، حياة التوبة الدائمة. أنت أيها الكاهن والمتقدم للكهنوت يجب أن تنقّي سريرتك دائمًا، ويجب أن تنقّي قلبك دائمًا، ولا تجعل قلبك يحوي خطايا وأفكارًا رديئة، لذلك اهتم بمقابلة أب اعترافك باستمرار فأنت تحتاج إلى هذا، فليس معنى أنك ترتدي ملابس الكهنوت وأنك تصير كاهنًا وتقيم الأسرار وتعقد الاجتماعات وتخدم الناس، لا يعني ذلك أنك لا تحتاج إلى التوبة، بل إنني اتجاسر كأول المحتاجين إلى التوبة.ولذلك عندما يُسام الكاهن يقضي أربعين يومًا في خلوة ثم ينزل الخدمة، ولا نسمح له بأخذ الاعترافات قبل سنة (ممكن يبدأ بعد 6 شهور في أخذ اعترافات الصغار، لكن بعد سنة يبدأ لكن قليلًا)، لأن عمل الاعترافات يحتاج إلى أن يكون هو أيضاَ نقيًا ومعترفًا دائمًا وتائبًا، ويعيش هذه الحياة، حياة النقاوة دائمًا.ثالثًا: الكهنوت سلامةوسلامة تعني أنك صانع سلام، فالكاهن يُقام لكي ما يصير إنسانًا صانع سلام في مجتمعه وفي خدمته، مع الكهنة إخوته، مع الأب الأسقف الذي يخدم تحت رعايته، أن يكون صانع سلام في وسط أسرته ومع زوجته ومع أولاده، يكون صانع سلام مع نفسه، ومع ذوي الاحتياجات الخاصة، ومع إخوة المسيح الفقراء بكل وجه من وجوه الفقر. يجب أن يكون صانع سلام، وأن يكون بشوشًا مبتسمًا، وألّا يكون غضوبًا مصطدمًا مع أحد، وأن يكون الكاهن سهل جدًا عليه أن يعتذر، ويقدم من قلبه اعتذارًا عما يكون قد بدر منه... الكهنوت مسئولية.ولذلك يا إخواتي عندما نقيم كاهنًا يحضر آباء أساقفة يمثلون الكنيسة، وآباء كهنة، وشمامسة، والهيكل مفتوح والمذبح مفتوح، ونقيمه بعد مشوار طويل كما ذكرت، وبعد أن يتعهد الكاهن أمام الله وأمام الكنيسة، والموضوع ليس بسيطًا، ولا هو مجرد تغيير شكل أو اسم أو ثياب. الشخص الذي تدعوه الكنيسة للكهنوت تفترض فيه النقاوة الكاملة، فسوف يقف أمام الله يومًا ويقدم حسابًا عن وكالته. صحيح أن عمل الكاهن الأساسي هو الصلاة، وهي اهتمامه الأول، ولا يشغله شيء عنها، لكن إذا لم يكن مصليًا من قلبه وله قانونه الخاص في صلواته، سيكون شخصًا مؤديًا للصلاة! ومن يقبل هذا؟! لا السماء تقبل، ولا الأرض تقبل.ولذلك يا أبنائي الأحباء، وأولادنا المتقدمين إلى نوال هذا السر العظيم: يجب أن تكون صانع سلام كامل. نسمع أحيانًا عن خلاف بين الكهنة في كنيسة أو خدمة أو إيبارشية، هذه يا إخوتي خطية تحرمك من الملكوت، ولا تكون لخدمتك أيّة نتيجة أو أي ثمر، وتكون خادعًا لنفسك. لذلك الكهنوت يحتاج إلى كل تدقيق، وأن يكون الكاهن واعيًا (كما نقول في التعبير الشعبي المصري: "عينه في وسط رأسه)، منتبهًا لرعيته ونفسه وأسرته والخدام والشمامسة، راعيًا كل القطيع، الرجال والنساء، الصغار والكبار، وكل أحد.رابعًا: الكهنوت اتضاعإنها لحظات رهيبة أن يقف الانسان أمام المذبح ويقدم الأسرار المقدسة، فعلى يديك تصير هذه الأسرار التي تمارسها كنيستنا، عن طريق استدعاء الروح القدس الذي يقدس الأسرار. وقد بتكون كاهنًا منفردًا في كنيسة، أو مع آباء كهنة آخرين، وقد تكون هناك كنيسة واحدة في البلد التي تخدم فيها، وقد تذهب لمكان ليس فيه كنيسةمن الأساس لكي تخدم أعدادًا صغيرة وترعاهم، كيفما يكون حقل الخدمة الذي دُعيت إليه.كل هذا يحتاج إلى اتضاعك، فالاتضاع هو السبيل إلى الملكوت ولا سبيل آخر، مهما كنت عالمًا في اللاهوت أو العقيدة أو الكتاب المقدس، أو الاجتماعات أو الخدمة والافتقاد... فاتضاعك هو الذي يقودك إلى الملكوت وإلى نصيبك السماوي، وما أجمل أيقونة الكاهن المتضع الذي منه نأخذ الشريعة، والذي نحتكم إلى مشورته الروحية. ما أشهى وما أجمل أن يكون الكاهن في هذه الصورة المتضعة كسيده ربنا يسوع المسيح! الكاهن اتضاع، وهذا الاتضاع لا يظهر أبدًا إلّا من خلال كلامك، وأفعالك، وطريقتك، وأسلوبك، وافتقادك، وردودك على الأسئلة، ومناقشاتك، حتى في خلواتك، والمؤتمرات التي تشترك فيها؛ في كل هذه يظهر هذا الاتضاع. اتضاعك هو الذي يحملك ويقدمك إلى المسيح، وتسمع الصوت القائل: «ادخل الى فرح سيدك».هذا هو الكهنوت يا إخوتي الأحباء. والأبناء الذين نقدمهم لكي ما يصيروا كهنة يحتاجون أن يتعلموا هذا الكهنوت: أمانة، ونقاوة، وسلامة، واتضاع؛ بكل ماتحملة هذه الكلمات الأربع من معانٍ ومن شمول. ولذلك من نقدمهم في هذا اليوم، وبعد اختبارات وجلسات وتزكيات كثيرة، وطبعًا عندما نختار أنسانًا ليصير كاهنًا نختاره بمخافة الله ولا نحابي الوجوه أبدًا. وفي اختيار الكاهن يقف أمامنا شيئان: "صلاحية الإنسان، واحتياج المكان". وفي هذا الصباح الباكر سنقدم 29 شماسًا ليصيروا كهنة، بعضهم كهنة كنائس في القاهرة وفي الأقصر وفي المحلة الكبرى وفي كندا. وبعض الكهنة سيُرسمون كهنة عموميين لكي ما يخدموا تحت أيدي الأب الاسقف على حسب احتياجات الخدمة. وأيضًا هناك كهنة سيُرسمون لخدمة الكرازة خارج مصر. وهناك كهنة يُسامون لخدمة الإرشاد الروحي. ونحن نصلي من أجل أن يقبل الرب تكريسهم الكامل لهذه الخدمة المقدسة.وهذا العام سنبتدئ بعمل شيء جديد وهام، فقد اقتطعنا ثلاثة أيام من فترة الأربعين يومًا التي يقضيها الكاهن الجديد في الدير الذي يختارة، وفي هذه الثلاثة أيام سنعقد للكهنة الجدد كورسًا خاصًا ومنهجًا خاصًا تحت عنوان "التدبير الكنسي والتنمية"، حيث سنستضيف الكهنة الجدد في المقر البابوي بدير الأنبا بيشوي، وسيلقي المحاضرات مجموعة من المتخصصين على مدار ثلاثة أيام (8-10 مارس). والهدف من مثل هذه الكورسات المتخصصة أن الكاهن أكثر تأهيلًا للخدمة المتسعة والمطلوبة منه. صلواتكم جميعًا من أجل هؤلاء، ومن أجل خدمتهم، ومن أجل بذلهم وتضحياتهم، ونصلي أن يعطيهم الله نعمة ويسندهم، فالكاهن لا ينجح في خدمته إلا بصلوات من يرعاهم، والصلوات هي التي تساعده وتسنده وتفرح قلب ربنا. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
31 يناير 2020

العقل والروح والنفس

أريد أن أتحدث عن العقل والروح والنفس وكيف تكون غير نافعه وتصير نافعه فيما بعد.معني انسيمس هو اسم نافع او مفيد، واستخدم بولس الرسول معنى هذا الاسم ليحول هذا العبد الهارب الغير نافع الى نافع، الَّذِي كَانَ قَبْلًا غَيْرَ نَافِعٍ لَكَ، وَلكِنَّهُ الآنَ نَافِعٌ لَكَ وَلِي، كلمتك عن الجسد واعضاء الجسد وقد تكون غير نافعه ونتعلم كيف نحولها لنافعه.واكلمك اليوم عن العقل وشخصية يونان النبى العقل هبه من ربنا مثل التعبير الشعبى العقل زينه، وهذا العقل هو العطية العظمى للانسان التى جعلت للانسان عقل يفكر ويبدع ويطور، وهل ياترى انت تستخدم كل عقلك ولا جزء منه ولا عقلك به موضوعات لا تليق او لا تفرح او شر ماذا يوجد بعقلك، وعقلك لا يعرفه احد سوى انت فقط.إن كان الإنسان من كلامه نستطيع أن نحكم على عقله، لكن ربما يكون عقلك لا يخدمك، أو يدمر أفكارك الذاتية المتعبة، ومثال على ذلك يونان النبى، إنسان ظهر فى العهد القديم، وعاش عمرا طويلا، لكن يوجد موقف معين ومشهد فى التاريخ ظهر عقله يفكر ازاى، يونان لما تدرس شخصيته ستجد بها أخطاء كثيرة، لكن الآن ستجد بها 3 خطايا معينه وقع فيها يونان بسب العقل. الخطية الأولى: الاستهتار، والاستهانة بكلام الله وليس لديه مخافة لكلمة الله، وجود المخافة تحكم تصرفاته مثل جملة (اتقِ ربنا) ربنا قاله روح نينوي راح ترشيش ويستهتر بكلمة الله وربنا أراد أن يوقظه، فهاج البحر ليصحى من نوم العقل. أما الخطية الثانية: العناد، عناد الانسان يكون بعقله زى ما بنقول: فلان مخه ناشف، عناد الإنسان، وعندما يعاند يكون بلا طاعة ويبرر موقفه وحياته ولا يهتم لإرشاد أحد، كم من مشكلة بطلها العناد، نام يونان نومًا ثقيلًا خطية عناده سببت هيجان بحر بأكمله، وكادت أن تغرق سفينة بأكملها، وفقد الطاعة حتى نجد الله وأراد أن يفيقه من غفلته فاحضر كائن أكثر طاعة وهو الحوت، والعناد أفقد يونان السلام الداخلى لأنه عاند الله”. وأوضح قداسة البابا بأن الخطية الثالثة هي الأنانية، كان بيحب نفسه أكثر من أي أحد آخر كان بلا توبة وهى تظهر الأنا للإنسان وأنانيته، ويجب أن نعرف رؤيتنا لنفسنا، ويونان كان ساقطًا فى هذه الخطية، وعقله جعله يقع فى الاستهتار والعناد والأنانية. وتساءل قداسة البابا خلال العظة: كيف نجعل عقلنا عقلا نافعا؟ أولًا: نجعل عقلنا دائمًا فى حالة تفكير غير مشتت ونكون أفكارا ناجحة، ما تزرعه بعقلك ستحصده، وحتى تنجح اشحن عقلك بالقراءة بكل صورها بالمعرفة ، ولا تجعل عقلك “هايف وفاضي”، مثل بعض البرامج التى لا تبنى الإنسان واجلس فى مجالس تحترم العقل، واجعل عقلك نافعا وبناء ويستطلع خبرات الآخرين، وابعد عن القراءات المتعبة وعلى قمة قراءتك الناجحة يتربع الكتاب المقدس، والكتاب ليس كتابًا بل إنه مكتبة متنوعة أسفار ومزامير، اجعل عقلك ينفعك ويفيدك. أما من ناحية النفس، والنفس تشمل العواطف والعادات والمواهب والقدرات، عاطفة الإنسان التى تجعله إنسانًا يحب ويحنو ويشعر بالآخر وعواطف الإنسان قد تكون انساقت فى غرائز غير نافعة محبات أرضية بصور وأشكال مثل بعض الكتب تجد محور حياة شخص المال أو النساء أو الشهرة.والطفل وهو صغير بيترشم فى أماكن كثيرة فى جسده ليقدس الله وتصير أعضاؤه نافعة.عندما تقترب من الله يصير قلبك جميلًا يحب الجميع، وعندما تبتعد عن الله يصغر قلبك ولا تجد غير نفسك، العاطفة المقدسة والمباركة التى من خلالها نشأت كل الخدمات الإنسانية التى نسمع عنها مثل خدمة التمريض والصليب الأحمر وهم لديهم عاطفة متدفقة لخدمة البشر كلهم، مثل عندما نقرأ سيرة الآم تريزا لما خدمت بالعاطفة ملايين من الفقراء والمرضى، اجعل عاطفتك قى هذا العام الجديد عاطفة منضبطة، واجعل عاطفتك يقودها الله ومحبتك لله فقط من أجل الله تتعب فقط وليس من أجل أي مجد من خلال عاطفتك تكون خدمتك.ومن ناحية العادات بعضها سلبى وسيئة وبعضها إيجابى ومفيد، والإنسان بعادات قد يدمر آخرين مثل الإدمان قد يدمر الأسرة بأكملها، ومثل شراهة المأكل، وتوجد عادات نافعة مثل قراءة الإنجيل، ويجب فحص عاداتك، والتخلص من عاداتك السيئة الضارة غير المفيدة، واحتفظ بالعادات الإيجابية والمفيدة فقط والمنضبطة، واعد الله وكن صادقًا فى وعدك و لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل