المقالات

17 نوفمبر 2023

مائة درس وعظة ( ٤٠ )

بهجة طهارتي « الرحمة والطهارة » الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه : افتقاد الـيـتـامي والأرامل في ضيقتهم ، وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم ( يع ١: ٢٧ ) يمكن للإنسان أن يحمل ديانته وإيمانه المسيحي من خلال اسـمه ، ولكن مفتاح الديانة الحقيقية المقبولة أمام الله هو الإنسان الذي يعمل عمل الرحمة ويحفظ نفسه طاهرا أولا . أنواع البشر: ١- الإنسان الطبيعي الذي يعيش الإنسانية ، مبـادئ وأفكارا ( اخلاقا - علاقات إنسانية) ، باعتبار أن الإنسان هو قمة الخليفة. ٢- الإنسان الجسداني الشخص الذي يعيش على مستوى التراب ومستوى الجسد فقط ، وهو شخص يقع في خطايا متنوعة ، إن كانت : حب الشهوة ، حب القنية ، حب التطلع والمناصب . ٣- الإنسان الروحاني هو إنسان يرتقي فوق الإنسان الطبيعي وروحاني ، بمعنى أن الروح هو الذي يقوده وهو صاحب الديانة الطاهرة النقية. ثانيا ، جناحا الديانة الطاهرة الجناح الأول : الرحمة : افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم والمعنى هو أن الإنسان لكي تكون ديانته طاهرة نقية عليه أن يبحث عن كل إنسان في ضيقة .. لذلك إن أردت أن تعبر أن لك ديانة حقيقية وطاهرة يجب أولا أن تفتقد اليتامي والأرامل في ضيقتهم ، وليس الافتقاد بمعنى الاحتياجات المادية فقط ، ولكن هناك احتياجات أكثر إلحاحا وأكثر عمقا ، لذلك فكر كيف تبحث عن هؤلاء وكيف تخدمهم . الجناح الثاني : الطهارة : حفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم هذه الرسالة كتبت في القرن الأول الميلادي ، ولم تكن هناك كل وسائل الاتصال الموجودة حاليا ، وكان التواصل الإنساني ليس له غير صورة واحدة هي أن الإنسان يقابل إنسانا ، ولكن يقول لنا حفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم ، لأن العالم قد وضع في الشرير وانت لك مسئولية شخصية عن نفسك لأن الدنس موجود في العالم ، والشـر موجود في العالم ، هل تحفظ نفسك من دنس العالم؟! نحن في صلاة الساعة التاسعة نصلي ونقول : « امت حواسنا الجسمانية .. وطبعا ليس المقصود الحواس الجسمانية نفسها ( اللمس والعين والسمع .. ولكن المقصود امت الشر الذي فيها ، فالحواس كما هي مداخل للمـعـرفـة يمكن أن تكون مداخل للشر. فالجناح الثاني هو أن تحيا في القداسة ، والكتاب المقدس يقول « إرادة الله هي قداستكم .. وبهذه القـداسـة يستطيع الإنسان أن يعاين الله ، في قلبك توجد أنواع عديدة من المحبة ، ولكن يجب أن يتدرب الإنسان كيف يطرد محبة هذه بحب آخر ، وإلا كيف نحيا في السماء فمهما تعاظمت اختراعات الإنسان ستبقى في الأرض فقط ، فاحترس لئلا تكون هذه النهضات العلمية والانتشار الإنساني في العالم سببا لدنس العالم . قدس حـواسك ، وضع على كل حاسة حارسا ١- العين : أهرب من المشاهدة الضارة ٢- السمع: تجنب مجالس المستهزئين والأحاديث الضارة ٣- التذوق : ينضبط بالصوم. ٤- اللمس : أهرب من الأماكن المزدحمة ، واحفظ نفسك عفيفا . ٥- الشم : احفظ نفسك من المغالاة في التزين والتنعم . احفظ حواسك نقية ، وامزج جهادك بنعمة الله. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
01 يناير 2024

الله يفتقد الإنسان

عيد الميلاد المجيد فاتحة أعيادنا في السنة الميلادية الجديدة، واحتفالنا به ليس تاريخيا ولا كنسيا فقط، وإنما هو مناسبة فوق الزمان إذ فيه وبه يفتقد الله بنفسه البشرية جمعاء. إنه حدث ليس له مثيل في تاريخ البشر، إذ أن «الله، بعد ما كلم الآباء بالأنبياء - خلال العهد القديم - قديما، بأنواع وطرق كثيرة، كَلْمَنا نحن البشر في العهد الجديد - في هذه الأيام الأخيرة في ابنه السيد المسيح - الَّذِي جَعَله وارثا لكل شيء، الذي به أيضًا عمل العالمين» (عبرانيين ٢،١:١). ولكن ما معنى أن الله بالتجسد يفتقد الانسان؟! الانسان ثمين جدا عند الله.. هو لذته وصنعة يديه.. هو المخلوق الذي توج به الله خليقته. إن جاز التعبير هو شغل الله الشاغل. الله يهتم بخليقته، عالمنا وكل ما فيه من قضايا وأحوال مادية ومعنوية منظورة أو غير منظورة، ولكن وسط كل هذا أراد أن يكرم الجسد الإنساني وأن يقدسه ويرفع من قيمته ، فاتخذ جسدا وحل بيننا نحن البشر (يوحنا ١٤:١) التجسد حدث فريد، ولكنه ليس ماضيًا أو أثريا، ولا مسيحيتنا متحفًا، إنما المسيح الذي أتى إلى بيت لحم يأتي اليوم لمن يقبله بالإيمان في أي زمان وفي أي مكان ولأي انسان التجسد كان الطريق إلى الفداء لأنه هكذا أحَبَّ اللَّهُ العَالَم حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يوحنا 3: ١٦) (راجع تيموثاوس الأولى ٣: ١٦). التجسد جعلنا ندرك قوة هذا الاسم «عمانوئيل» «الله معنا» (متی ۱: ۲۳)، ليس مجازيًا ولا معنويا، بل واقعيًا وشخصيًا، وفاعلية هذا الاسم الممتد معنا عبر الزمان "وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر. آمین" (متی ۲۰:۲۸) كثيرون يفكرون في المسيح على أنه في «الماضي» وآخرون يفكرون في المسيح الذي سيأتي في «المستقبل» أما نحن فنؤمن بالمسيح الحاضر معنا والعامل فينا: إنه بالحقيقة حياتنا كلنا وخلاصنا كلنا ورجاؤنا كلنا وشفاؤنا كلنا وقيامتنا كلنا. سنه جديدة حلوة مع يسوع، فيها بركات الفرح والسلام والمحبة لجميعكم، ولبلادنا العزيزة مع أطيب أمنياتي قداسة البابا تواضروس الثانى.
المزيد
05 يناير 2024

مائة درس وعظة (٤٢)

ميلاد المسيح « احتياجي إليك » المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة ( لو١٤:٢). ميلاد السيد المسيح له المجد قسم الزمن إلى ما قبل الميلاد وما بعده، تسمى ما قبل الميلاد العهد القديم، وما بعده العهد الجديدة أولا احتياجي إلى الله:- ١- استرد إنسانيتي:- بالخطية فقد الإنسان إنسانيته، وتخلى عن الصورة الجميلة التي أرادها الله له يوم خلقته، وجاء ميلاد المسيح ليسترد الإنسان انسانيته وصورته الجميلة. ٢- أتمتع بحضرته:- خلق الله الإنسان ليتمتع بحضرته ولكن ما جاءت الخطية بدأ السقوط ،وانفصل الإنسان عن الله وطرد. ٣- استنير بنوره:- عندما صار الإنسان بعيدا عن المعية الإلهية فكر في عبادات بعيدة. تارة يفكر في الحيوانات، وتارة يفكر في الفلك إلخ ليعيدها وبعد أن أرهقته الحيل فكر في نفسه لكيما يعبد ذاته، وبدأ رحلة الظلمة التي جعلته شريداً وجاء المسيح وانار القلوب. ثانيا: نتائج الخطية:- ١- عبادة الذات عاش الإنسان يعبد ذاته وصارت ذاته امامه بصور متعددة في شهوات ورغبات متنوعة ٢- روح الأنانية:- انفصال الإنسان عن الله جعله يتجه إلى العنف لأنه عاش الأنانية. ٣- سكني الخوف صار الإنسان كائناً خائفاً حتى في ساعات الفرح فصار الخوف يسكن قلبه. ثالثاً: علاج الضعفات:- بدأ الله يفتش عن الانسان الخائف الأناني الذي يعبد ذاته، ويضع أمامه علاجاً لهذه الصعقات الثلاثة وهذا العلاج تمثل في انشودة الملائكة، والتي تقدم العلاج لضعفات الإنسان الذي تغرب عن خالقه ١- المجد لله في الأعالي:- خلق الله الإنسان لكيما يتمتع بالحضرة الإلهية ويعبر عن ذلك بالتمجيد والتسبيح ولكن عندما رأى الإنسان ذاته اتجه إلى عبادة الذات وشهواته ورغباته حتى قال بعض الفلاسفة إن الإنسان بئر من الرغبات التي لا تشبع فصار الإنسان يضحم عقله واختراعاته وكأنه يقول لا حاجة لى إلى الله وصار الإنسان كبيرا في عيني نفسه وسقط في بئر الكبريا وتناسي الله كثيرا وحلت به النظرة الترابية الأرضية فقط ولم يعد يقدم تمجيداً لله فالتمجيد يبين أن في قلب الإنسان مخافة الله كما هو مكتوب رأس الحكمة مخافة الله (سى١ :١٦) عندما تسكن الحكمة في قلب الإنسان يستطيع أن يمجد الله ويشعر بالحضرة الالهية في كل عمل يعمله. الإنسان الخائف الله هو الذي يكون مواطناً صالحاً في أي مجتمع ويكون انساناً أميناً في كل ما اؤتمن عليه ٢- على الأرض السلام:- انانية الإنسان جعلته يتجه إلى القسوة والقمع والظلم فأنانية الإنسان تعميه على أن يرى الآخر فتحولت الأنانية إلى صراع وحروب وإرهاب والعلاج أن يكون الإنسان صانع سلام ولا يستطيع أن يصنع سلاما ما لم يمتلئ قلبه أولاً من مخافة الله كما هر مکتوب "طوبی لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون" (مت ٩:٥ ) فالذي يصنع سلاماً هو ممدوح من الله. ٣- بالناس المسرة : - صار الإنسان خائفا وخوفه يلاحقه في كل مرحلة من مراحل حياته. والحل هو في الناس المسرة. فيجب أن يكون الإنسان مفرحاً إينما حل فإذا عاش الإنسان ايضاً بمخافة قدم تمجيداً لله وصنع سلاما بين البشر فيستطيع أن يقتني عطية الفرح المجيدة التي لا توصف، ويكون فرح ليس لنفسه فقط بل لكل من حوله قدم تمجيدا لله على الدوام... اصنع السلام في كل مكان. لتنال فرحاً على الأرض هنا ويمتد بك إلى الحياة الأبدية. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
01 مارس 2024

سهل لنا طريق التقوى

ضمن سلسلة صلوات نصليها في القداس ونتأمل فيها على التوالي نصل اليوم إلى عبارة: "سهل لنا طريق التقوى". ونجد معلمنا بولس الرسول يوصي تلميذه تيموثاوس قائلاً: "وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللَّهِ فَاهْرُبْ مِنْ هَذَا، وَاتَّبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالْإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةُ" (اتي ٦: ١١-١٤). ما هي التقوى؟ التقوى هي مجموع الإيمان والمحبة، ويسبقها الأساس. والتقوى هي المخافة، أي أن يكون الله حاضرا أمامك في كل وقت وفي كل عمل، كما يقول داود النبي: جَعَلْت الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، لأنَّهُ عَنْ يَمِينِي فَلا أَتَزَعْزَعُ" (مز ١٦: ٨). هناك من يتقي الله ومن لا يتقي الله، ومن يعيش في مخافة الله ومن هو بعيد عنها. أشكال التقوى التقوى صفة تلازم الإنسان الروحاني المتدين ولها أشكال متعددة ١ - التقوى في الصلاة فتجد منظر الإنسان أثناء الصلاة مؤثرا. ٢- التقوى في قراءة الكتاب: فتجده يقرأ الكتاب المقدس بروحانية واحترام والتزام، فلا ينشغل بشيء آخر مهما كان. ٣- التقوى في الخدمة فتكون خدمته بروح الاتضاع. ٤- التقوى في المال فيستخدم المال الموجود بيده بحكمة وتدبير حسن سواء كان فقيرا أو غنيا. ٥- التقوى في العلاقات علاقاته بالآخرين بها محبة وسلام وبساطة قلب بدون خبث أو دوران أو اصطناع. ٦- التقوى في العمل أو الخدمة فيسهل التعامل معه، ولا يصطدم مع احد. أمثلة لأناس لم يعيشوا بالتقوى ١- حنانيا وسفيرة قاما بتمثيل دور الأبرار الذين يحضرون ممتلكاتهم ويلقونها تحت أقدام الرسل (أع ٥)، لكنهما كانا يكذبان. أخذوا صورة التقوى الخارجية فغابت عنهم التقوى الحقيقية. ٢- عخان بن كرمي عندما دار شعب إسرائيل حول أريحا فسقطت أسوارها وكان انتصارًا عظيما، ثم هزم الشعب أمام علي القرية الصغيرة وسألوا الله عن السبب، قال: "فِي وَسَطِكَ حَرَامٌ يَا إِسْرَائِيلُ" (يش ۷ :۱۳)، لأن عخان كان قد سرق من الغنيمة. أمثلة لأناس عاشوا بالتقوى ١- يوسف الصديق لما تعرض للتجربة وهو بمفرده قال عبارته الخالدة: "كَيْفَ أَصْنَعُ هَذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ" (تك (۳۹ :۹) وصار مثالاً لاجتياز اختبار التقوى بنجاح ٢- أيوب الصديق قال عنه الكتاب "رَجُل كَامِلٌ وَ مُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي اللَّهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ" (أي ١: ٨). ٣- داود النبي لما وقف كصبي صغير امام جليات الجبار، قال له: "أَنتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفِ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ" ( اصم ١٧ :٤٥). إن حضور الله أمامه في كل حين ومخافة الله الموجودة في قلبه أعطته شجاعة. ٤- دانيال النبي كان في الأسر، وأخذوه لخدمة الملك، وكان لابد أن يأكل من ذبائح الأوثان، "أما دَانِيَالُ فَجَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ وَلَا بِخَمْرٍ مَشْرُوبِهِ" دا ۱ :۸)، وطلب أن يأكل القطاني (بقوليات) وأن يجربوه، وبعد عشرة أيام نجح في الاختبار لأنه جعل الله أمامه. ٥- كرنيليوس قائد المئة الروماني شخص وثني لكنه: "تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللَّهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ، يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ، وَيُصَلِّي إِلَى اللَّهِ فِي كُلِّ حين" (أع ۱۰ :۲) ، لذلك أمر الله بطرس أن يعلمه الإيمان، فتعمد وصار مسيحيًا لأن مخافة الله كانت في قلبه.لو كل إنسان عاش في مخافة الله ووضع الله أمامه في كل حين لا نصلحت كل المجتمعات وأغلقت السجون، وانتهت التوترات، وقلت القضايا. لذلك نصلي: "سهل لنا طريق التقوى". سهل لنا طريق التقوى" كل من في موضع مسئولية: (أ ) الراعي الراعي لا يجب أن يكون عنيفًا، أو متشددًا، أو حرفيا بل يسهل الطريق، مثلاً في: ١- الاعتراف على الراعى أن يتذكر أن الكنيسة علمتنا أن نقول سهل لنا طريق التقوى". ويأخذ مثالاً له حكمة القديس إيسوذورس في تعامله مع القديس موسى الأسود، الذي كان قبل توبته معتادا على الأكل بشراهة، فسهل له الأمر وتدرج معه على مدى زمني طويل، إلى أن صار يصوم يومين يومين. ٢- الصلاة بالأجبية البعض غير معتاد على الصلاة بالأجبية، فلا يُطلب من هؤلاء أن يصلوا السبع صلوات بالكامل، بل يمكن أن تكون البداية بالصلاة الربانية فقط وبعد فترة تضاف صلاة الشكر، ثم مزمور التوبة، ثم بعض المزامير وهكذا . ب- الآباء والأمهات هناك آباء متشددون، وأمهات متسلطات. هناك آباء عندهم جمود ولا يتحركون مع الزمن الذي نعيش فيه، وهناك أمهات ناموسيات أو حرفيات. فلا تكن هكذا بل إذا أخطأ ابنك أو ابنتك خذهم في حضنك، واعلم إنك لو كسرت نفس ابنك هذا الكسر لن يُجبر. وعبارة "سهل" لنا طريق التقوى" داخل البيت تشمل التشجيع.يجب أن تفكروا كيف تسهلون طريق الحياة لأولادكم، كيف تسندونهم، وتقفون بجانبهم.ترك الشاب أغسطينوس بيته، ووقع في خطايا، لكن كانت أمه تسهل له طريق التقوى بالنصائح الهادئة وبالتشجيع وبالصبر والوداعة، فعاد أغسطينوس بعد أكثر من عشرين سنة وصارقديسا. ج- الخدام أحيانًا أمين الخدمة لا يعرف سوى القوانين الجافة، وهذه يمكن أن تكون لها نتائج سلبية. د- الوعاظ بعض الوعاظ يخيفون الناس، ويهددونهم، ويتكلمون عن الموت، لكن البعض الآخر يسهل الطريق فيشجع الأحياء ويقول: "لا تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ" (مي ٧: ۸). هـ- آباء البرية كانت عند آباء البرية حكمة ومخافة. ففي مرة سألوا أنبا يوسف أيهما أفضل الكلام أم الصمت؟ فكان رده: "إذا كان الكلام من أجل الله فهو جيد،وإن كان الصمت من أجل الله فهو جيد". و- المعلم هناك معلم يجعل الطالب نابغا في المادة التي يقوم بتدريسها، لأنه يسهل المادة ويوصل المعلومة بطريقة سهلة ولطيفة. وهناك آخر لا يعرف. خلاصة الأمر في ثلاث نقاط ١- التقوى هي المخافة وهي رأس الحكمة "رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ" (مز ۱۱۱: ۱۰). فلكي تكون إنسانا حكيمًا عش في مخافة الرب. ويقول معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس: "روض نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى.. التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ" ( ١ تي٧:٤، ٨) ٢- لكي تعيش في التقوى اجعل حياتك كلها شكر ورضى واحتمال ابتعد عن الضيق والتذمر والشكوى والتأفف. ٣- لكي تعيش في التقوى يجب أن يكون قلبك مفتوحًا بالمحبة لكل أحد، لتستطيع أن تسهل حياة الآخرين. إن كنت تنتقد الآخرين وتدينهم فكيف ستسهل طريقهم؟ يقول معلمنا بولس الرسول:قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، وفِي الْمَعْرِفَةِ تَعففًا، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى، وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأخوِيَّةِ مَحَبَّة" ( ۲بط ١: ٥-٧). إذن هناك علاقة بين الإيمان والمحبة التي تمارسها في حياتك اليومية وأنت تعيش بالتقوى. تدريب إن تسهيل طريق التقوى هو أحد مبادئ الحياة الناجحة فليت كل واحد منا يسهل الطريق للآخرين، ويساعدهم، ويقويهم، ويشجعهم،ویسندهم.سهل حياة من حولك في المجتمع، أسرتك، الجيران، الأحباء لا تكن ممن يعقدون الأمور ولا تكن عقبة ولا تكن مصطدم، بل كن حلالاً للمشاكل، واجعل حياتك بسيطة وجميلة. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
26 يناير 2024

كيف تكون إنسان ناجح في حياتك ؟

اقرأ معكم فصل من رسالة معلمنا يوحنا الحبيب الإصحاح الخامس كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ. وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ الْوَالِدَ يُحِبُّ الْمَوْلُودَ مِنْهُ أَيْضًا. بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ اللهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا اللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ. فَإِنَّ هذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ اللهِ: أَنْ نَحْفَظَ وَصَايَاهُ. وَوَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً، لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا. مَنْ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ الْعَالَمَ، إِلاَّ الَّذِي يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ؟”ونحن في اجتماع شباب في هذا السن الجميل نعيش في هذا العالم المتصل ببعضه ومعنا أجهزة تصلنا بالعالم كله أحدثك عن ثلاثة أشياء :- ١- نفسك ٢- الزمان ٣- كيف تكون إنسان ناجح في حياتك ؟ الله عندما خلق الإنسان، قال له سأعطيك أشياء اميزك بها عن باقي الكائنات. – أولًا: أعطى له عقل والبشر سموه “العقل زينة”، وصار العقل زينة للإنسان وجماله، ويوجد من لديه عقل فارغ ويوجد من لديه عقل تحترمه ويبدع ويفكر به. – ثانيًا: أعطى له الحرية ورمز لها باليد وكل شئ في الحياة مصنوع بهذه الأصابع، وأعطى له اليد رمز للحرية ضع اليد مع العقل تبدع كل يوم ما هو جديد وتخيل أنه أعطانا الشجر وبعقله الإنسان صنع من الشجر أشكالًا كثيرة. – ثالثًا: أعطى له قلب خاص بالإنسان والله، وهو محطة نتقابل فيها مع الله، والله أعطانا (عقل ويد وقلب) وصرت إنسانًا متميزًا، عاقلًا، عاملًا، كائنًا روحيًا، وصارت حياتك على صورة الله ومثاله. وصرت كائنًا وأنت على الأرض نكلم الله، وفي المعمودية صرت مولودًا من السماء ومدشنًّا بالميرون مخصص أي مكرس، وابتديت تتناول، وفتح أمامك طريق الأبدية وصرت متميزًا، والله لن يتدخل في حريتك والارتباط بالكنيسة في ذهننا هو يؤكد لك أننا نسير في طريق الأبدية. ولذلك كلنا نحمل جنسيات كثيرة لكن يوجد جنسية أخرى قالها بولس الرسول في رسالة تيموثاوس، وهي أنك صرت أبن الله في الرعوية ومدعو للأبدية وحياتك لها معني . أعرف أن الله خلقك ويريدك أن تعرف أنك صرت على صورته ومثاله وهيكل لله ومستودع للمسيح، لهذا قال بولس الرسول “استطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني” (في ٤ : ١٣) وصارت صورتك الجميلة وأعطاك الكنيسة التي تحميك وتحوط عليك. ٢- الزمن الذي نعيشه به تغيرات شديدة جدًا صار فيه تواصل وتقارب بين البشر بصورة لم نشاهدها من قبل وفي عام ١٩٣٦ تم اختراع التليفزيون وبعد الحرب العالمية الأولى أي بعد ٣٠ عاما اخترعوا الكمبيوتر وكان حجمه كبير وصغروه وسمي PC وبعد ٤٠ عاما الـ TV تزوج الـ PC وخلفوا الموبايل أو الجوال أو النقال أو المحمول، لكن من يوم اختراعه للأسف قلبك توقف وصار استعمالنا في هذا الجهاز الصغير أكثر من أعداد البشر وصار الإنسان يتعامل مع آلة، وليس بشر وصارت الآلة بيني وبينك، وهذا غير المقابلة وجهًا لوجه، لأن التعامل الإنساني يشعرنا ببعض ولكن الآلات بلا مشاعر، والعالم صار يعتمد علي هذا لكن بعد انفصال التليفون عن السلك صار لك عالمك ودخل الإنسان في الأنانية وبهذه الطريقة انتشر العنف والإرهاب والإلحاد، وهذا نتيجة انقطاع التواصل الإنساني وصار عالم غريب.وأصبح يوجد مرض الخوف من فقدان الموبايل وأصبح مرض رسمي مسجل طبيًا، فانتم الشباب وحياتكم وسنكم هذا، كيف نعيش في هذا الزمن؟ الإنسان أصبح يفقد إنسانيته والعالم يتغير. ٣- فماذا أفعل لكي أكون إنسان ناجح ؟ يجب أن اضع خمسة خطوط عريضة، ولكن يجب أولًا أن نضع أمام أعيننا هذه الآية”وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا.” (١ يو ٥ : ٤). – أول خط عريض، كن واثقًا في إيمانك فلا يتزعزع ففي العهد القديم، الناس استهزأت بنوح، ولكن في يوم أتيذى الطوفان ولم يكن في الفلك سواه هو وأسرته، ولولا ثقته هذه ما كان يبني الفلك ولم يهتز إيمانه، ثق في إيمانك مثل نوح. – كن إنسان صاحب مبادئ لا تسير مع الموجة مثل السمك الميت، دانيال عندما أخذ للسبي، وقيل له كُل هذا الأكل يقول الكتاب “أَمَّا دَانِيآلُ فَجَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ” (دا ١ : ٨)، وكان صاحب مبدأ، ابني لنفسك مبادئ مثل يوسف. – كن إيجابي في علاقاتك كن شخص ايجابي، فكر صح في المجتمع، في البلد ولا تكن سلبي، أكثر مثل في الإنجيل يوجد صورة ايجابية عندما تقابل المسيح مع السامرية، كن إيجابي في رأيك وفي تعبيرك عن أي موضوع إذا وجدت مشكلة عبر وقل. – كن إنسان شاهد لمسيحك، أنت تحمل اسم المسيح وتكون شاهد له مثل شهداء ليبيا في بلد غريبة وتعليمهم محدود يبحثون عن لقمة عيش، وتعرضوا لهذا الموقف ولكن شهدوا لمسيحهم وكانت كرازتهم للعالم كله، كن شاهدًا بكلامك أو دراستك مثل الدكتور مجدى يعقوب يخدم آلاف الناس. – كن دائما مصلياً .. بلا صلاة تضيع وما رفعت صلاة إلا ووصلت للمسيح، وكنيستنا مليئة بالصلوات، “طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا.” (يع ٥: ١٦)، هذا كلام الإنجيل الصلوات تفعل أشياء كثيرة، فكن إنسانًا مصليًا، وأعرف أن الصلاة تصنع المعجزات. بالأمس زارنا الرئيس الفرنسي، وشاهد أيقونة شهداء ليبيا بالكاتدارئية، أيقونة شهداء البطرسية، وسئلنا رد فعلكم ايه؟ قولت له نصلي من أجل كل الناس. الخلاصة: ١- كن إيجابي في حياتك ناجحًا. ٢- كن إنسان واثق في إيمانك. ٣- كن إنسان صاحب مبادئ. ٤- كن إنسان إيجابي في علاقاتك. ٥- كن إنسان مصليًا لكل أحد. ربنا يحافظ عليكم، ونردد مع بعض هذه الآية مرة أخرى “وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا.” (١ يو ٥ : ٤).ضعوها أمامكم، ربنا يحافظ عليكم و لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
16 فبراير 2024

دخول المسيح الهيكل

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين، تحل عينا نعمته ورحمته وبركته من الأن وإلى الأبد آمين. هذا اليوم هو يوم عيد دخول السيد المسيح إلى الهيكل وهو العيد الذي يأتي في اليوم الأربعين لميلاد السيد المسيح وفي فترة الأربعين يوم نحتفل فيها بأعياد سيدية (الميلاد – الختان – الغطاس – عرس قانا الجليل – دخول الهيكل) وهو أحد الأعياد السيدية الصغرى وهذا العيد نحتفل ونصلي فيه بنغمة الفرح وهو ثابت التاريخ ويأتي دائمًا يوم ٨ أمشير، وهذا العيد يمثل قيمة كبيرة ومعنى مهم لنا، أنه عندما قامت العذراء مريم والقديس يوسف النجار بتتميم الناموس وقدموا الطفل وقدموا شكر لله وذبيحة، فهذا العيد يمثل لنا الدخول إلى السماء لذلك نحن نصلي في صلاة الساعة الثالثة ونقول “إذا ما وقفنا في هيكلك المقدس نحسب كالقيام في السماء” هذا العيد يمثل الحياة الجديدة وهناك رمزية للأشخاص الأربعة الذين ظهروا فيه (العذراء مريم والقديس يوسف النجار وسمعان الشيخ وحنة النبية)وهؤلاء الأربعة يمثلوا طبيعة الإنسان الذين يكون له مكان في الحياة الجديدة في السماء وسوف نتكلم عن الفضيلة في الشخصيات الأربعة. ١- أمنا العذراء: نأخذ منها روح الوداعة ونقاوة القلب ونعتبرها كنز الفضائل وهى فخر جنسنا ولكن أهم ما يميزها وداعتها الشديدة والوداعة هى التي تفتح طريق للسماء، والقديس أغسطينوس يقول “نحن لا نطوب أمنا العذراء لأنها حملت السيد المسيح في بطنها، نحن نطوب أمنا العذراء لأنها قبل أن تحمل المسيح في بطنها حملته في قلبها”، عندما يحمل الإنسان المسيح في قلبه هذه بداية وشكل الطريق إلى الحياة الجديدة إلى السماء ويكون المسيح بالحقيقة ساكن في قلب الإنسان وعندما يسكن المسيح في قلب الإنسان تظهر منه كل الفضائل وأولها الوداعة التي قال عنها السيد المسيح ” تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ ” إذا سكن السيد المسيح وارتاح في هذا القلب وأصبح هو قائد حياة الإنسان ليس بالأسم ولكن بالفعل فهذه أول صفة تجعل الإنسان له طريق أن يكون في علاقة شخصية بالسيد المسيح ويسكن قلبه. ٢- القديس يوسف النجار: نسميه حارس سر التجسد، وهو رجل شيخ كبير استخدمه الله لكي ما يحرس أمنا العذراء في حبلها وولادتها ويرافقها في الطريق إلى مصر، والصفة الثانية هى كيف يكون الإنسان حارس على نفسه؟ الإنسان يولد طفل صغير وتهتم به أسرته وكنيسته ومجتمعه حتى يكبر ويصل إلى حياة النضوج، ولكن كيف يكون الإنسان حارس على حياته على الفضيلة وعلى المسيرة الروحية؟ الحارس يجب أن يكون يقظ ومنتبه على حراسة النفس والعقل والقلب، القديس يوسف النجار لم نسمع منه كلمة ولكن حياة القديس يوسف النجار تشبه حياة كل إنسان عندما يحرس نفسه، أحيانا عندما يقع الإنسان في مشكلة أو خطية يتسائل أين كان عقلي لذلك يقولوا “الغفلة تسبق كل خطية لكن اليقظة تسبق الحياة الفاضلة” يجب أن يكون الإنسان منتبه لحياته باستمرار، القديس يوسف النجار يقدم لنا الصفة الثانية التي تساعدنا في مسيرة حياتنا نحن السماء وهى أن يكون الإنسان حارسًا لنفسه وقلبه وفكره داود النبي قال ” اجْعَلْ يَا رَبُّ حَارِسًا لِفَمِي. احْفَظْ بَابَ شَفَتَيَّ “. ٣- القديس سمعان الشيخ: وهو أحد الذين شاركوا في ترجمة العهد القديم من العبرانية إلى اليونانية وعندما جائت كلمة عذراء لم يقبلها وأراد أن يكتب فتاة ولكن ظهر له ملاك وقال له سوف تعيش حتى ترى هذا الأمر وجاء يوم بعد سنوات كثيرة “وحمله على ذراعيه” وهذه العبارة اشارة إلى العمل الذراع عندما يذكر في الكتاب المقدس يشير إلى العمل، وعبارة “حمله على ذراعيه” توجيه لنا من أجل العمل الأمين، كل شيء يكون في يدك أثناء عملك يجب أن تكون أمين عليه، وسمعان الشيح المتقدم في الأيام يحمل الطفل الذي عمره ٤٠ يوم ويقول ” الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ ” الخلاص الذي تم على الصليب والسيدة العذراء تقول ” تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي ” فكل الأحوال تدور حول الخلاص، سمعان الشيح حمل السيد المسيح على ذراعيه وهذا تعبير عن الإنسان الذي يعمل بأمانة كأنه يحمل المسيح وهى رمز للإنسان الذي يعمل وجاد في عمله ودراسته وأسرته والجد معناه الأجتهاد، وقال سمعان الشيح ” الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ ” وأنه انتهى من مهمته، فالصفة الثالثة في مسيرة الإنسان إلى الحياة الجديدة أن يعمل وكأنه يحمل المسيح على ذراعيه يعمل بأمانة واجتهاد وباستمرار. ٤- حنة النبية: أمنا العذراء كانت إنسانه بتول وظلت بتول ويكرم فيها كل البتولين ويكرم فيها كل جنس البشر، حنة النبية إنسانه أرملة عاشت ٧ سنوات فقط في الزيجة ثم أنتقل زوجها فعاشت بقية عمرها أرملة وعاشت تمجد الله عاشت في أصوام وصلوات نهارًا وليلًا ولذلك الكنيسة تمجد الترمل لأنه يعطي نوع من التفرغ، القديسة حنة النبية بنت فنوئيل كان أهم صفة لديها الرجاء، كان لديها رجاء أنها ترى من يفدي إسرائيل وعندما رأت السيد المسيح كانت في قمة سعادتها، حنة النبية تمثل الإنسان المترجي الله دائمًا، عدو الخير عندما يحارب الإنسان يحاربه باليأس أو بالشك أما القديسة حنة كانت تتميز بهذه الروح المتفائله المجتهده وظلت منتظرة 84 سنة وهى تعيش في هذا الجو الروحي الذي يحمل رجاء لله. هؤلاء الأربعة يمثلوا احتياجتنا ونحن نسير في طريق حياتنا إلى السماء • أمنا العذراء تمثل الوداعة ونقاوة القلب. • القديس يوسف النجار يمثل الإنسان الحارس صاحب اليقظة المستمرة على حياته. • القديس سمعان الشيخ يمثل الإنسان الذي يعمل بجد وأمانة. • القديسة حنة النبية تمثل الإنسان صاحب الرجاء والأمل والحياة المتفائلة باستمرار. ونضعهم بجانب بعض ونقول” إذا ما وقفنا في هيكلك المقدس نحسب كالقيام في السماء” هذا العيد هو عيد فرح، ونفرح بتدشين هذه الكنيسة المباركة ونتذكر في هذا اليوم شهداء ليبيا من ٦ سنوات وكانت قصة استشهدهم كبيرة، أولادنا الذين استشهدوا وبعد ثلاث سنوات تم العثور على رفاتهم واعيدت إلى مصر ووضعت في كنيسة في قرية العور في سمالوط في محافظة المنيا ونتذكر هولاء الشهداء الأبرار ونتذكر صورتهم والرسالة العظيمة الكرازية التي قاموا بها وقدموها للعالم كله، وعندما قاموا بتصوير فيديو لموتهم كان الهدف ترهيب المصريين والأقباط ولكن الله يخرج من الجافي حلاوة واستخدم هذا الفيديو ليكون وسيلة كرازة رائعة للعالم كله واسم الكنيسة القبطية الذي حملوه هؤلاء الشباب اسم موجود في كل مكان، واتذكر عندما ذهبت لأمريكا وذهبت لزيارة الكاردينال الكاثوليكي وجدت في مكتبه أيقونة شهداء ليبيا وطلب مني أن نتصور معهم ونأخذ بركتهم قبل أن نجلس ونتحدث،ربنا يحفظكم دائمًا ويبارك في حياتكم. لإلهنا كل مجد وكرامة من الأن وإلى الأبد آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
24 نوفمبر 2023

مائة درس وعظة ( ٤١ )

رجاء الأمم "رجائى فيك" "على أسمه يكون رجاء الأمم "مت٢١:١٢" ما أجمل كلمة رجاء .. أقرب كلمةلكلمة « رجاء » هي كلمة « أمل » .. كانت البشرية في العهد القديم بلا رجاء .. يقدم الإنسان الذبيحة اليوم ، ويحتاج أن يقدمها غداً ، فلا يوجد من يمسح الخطية ، وكانت الخطية تستشري في الجسد الإنساني ، ومن هنا نشأت الصراعات والحروب والعنف ، كاد يفقد الإنسان رجاءه ، متى يجيء المسيح .. جاء المسيح وتجسد وبث روح الرجاء في البشرية « يا رجـاء من ليس له رجـاء معين من ليس له معين ، عـزاء صغيري القلوب » ، كما تصلي في أوشية المرضى .. والآن يحارب عدو الخير الإنسان لكي ما يفقده رجاءه الذي ناله. أولاً : مشاهد كتابية: ١- أبونا إبراهيم : طلب منه الله أن يخرج من أرضـه ويترك عشيرته للأرض التي يريها له لو كان إبراهيم بلا رجاء لطلب أولا أن يرى هذه الأرض ويقارن بينها وبين الأرض التي يعيش فيها. للإنسان عينان : عين الإيمان وعين الرجـاء الإيمان لا يكون إيماناً إلا بالرجـاء والرجاء لا يكون رجاء إلا بالإيمان. ۲- داود النبي في سفر المزامير يقول : « رجائي فيك .. هذه العبارة تتكرر كثيرا في صلواته ومزاميره. ۳- يوحنا اللاهوتي : العهد الجديد في آخر سفر الرؤيا يتحدث عن الرجاء « أمين تعال أيها الرب يسوع ، ( رؤ ٢٢ : ٢٠ ). ٤- بولس الرسول بعين الرجاء قال : لى اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح ، ذاك افضل جدا ، ( فی ١ : ٢٣ ). ثانياً : فاعلية الرجاء : 1- طاقة أمل : يمد الإنسان بالطاقة . فتصير حياته بلا پاس . يحاربنا عدو الخير بشيء من الأثنين الياس ، أو الشك عندما يمتلك الإنسان الرجاء يمتلك طاقة لحياته شيء مهم أن يكون للإنسان في حياته اليومية هذه النظرة المملوءة بالرجاء. ۲- قوة جذب: تضعف جذب العالم للإنسان ، العالم بكل شهواته واكاذيبه يجذب الإنسان ، ولكن رجاء الإنسان في الحياة الجديدة يجعله غير مرتبط بالأرض .. وهذا ما فعله الأباء القديسون الناسكون والشهداء ، الرجاء يرفع الإنسان من مستوى الأرض إلى مستوى السماء. ٣- أمانة شهادة: الرجـاء يجعلنا شهوداً حقيقيين للمسيح ( كـان فشلنا في الأول هو دافعنا للنجاح ،وعندما فشلنا في المرة الثـانيـة حاولنا في المرة الثالثة ولكننا فشلنا ) ، هذه مقولة أحد الأطباء في مذكراته أثناء محاولاته مع مجموعة لاختراع دواء للسل . ٤- بعد جدید : الرجاء يعطى للإنسان بعداً جديداً في حياته .. إن وجدت ضيقات ومتاعب .. تذكر عبارة "معين من ليس له معين " ، وتذكر أن السيد المسيح جاء لكي يكون على اسـمـه رجـاء الأمم صار للبشرية بعد الرجاء بمجيء المسيا. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
02 فبراير 2024

ثبت أساس الكنيسة

لموضوع تأملنا نقرأ من رسالة معلمنا بولس الرسول لأهل أفسس: "لأن بِهِ لَنَا كِلَيْنَا (اليهود والأمم) قُدُومًا فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الْآبِ. فَلَسْتُمْ إِذَا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللَّهِ، مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا مَعًا، يَنْمُو هَيْكَلاً مُقَدَّسًا فِي الرَّبِّ الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيُّونَ مَعًا، مَسْكَنَا اللَّهِ فِي الرُّوحِ" (أف٢: ١٨ -۲٢) الأواشي أي الطلبات في كنيستنا نصلي مجموعة من الأواشي: نصلي أوشية المرضى والراقدين والمسافرين، ونصلي أوشية من أجل رئيس أرضنا أي المسئول المدني على الأرض، ونصلي من أجل الزروع والثمار ونبات الحقل، ومن أجل الهواء، ومياه الأنهار (كنا نصلي من أجل نهر النيل فقط لكن لما انتشرت كنائسنا في العالم صرنا نصلي من أجل الأنهار والأمطار والينابيع)، هذه مجموعة من الأواشي الكبيرة. وهناك أيضًا أواشي من أجل سلام الكنيسة، والبابا والأساقفة والكهنة والشمامسة ومن أجل الاجتماعات. طلبة: "نعم نسألك أيها المسيح إلهنا ثبت أساس الكنيسة هي مجموعة من الطلبات الجميلة المركزة نصليها بعد التقديس في القداس. هذه الطلبات قصيرة تناسب الجميع، ومن الممكن أن تحفظها وتصلي بها في بيتك مع صلواتك الخاصة الأجبية، التسبحة الخ.). ويمكنك أن تقف عند طلبة معينة تهمك في مرحلة خاصة من حياتك وترددها كثيرا.في هذه الطلبات نصلي من أجل المكرسين والمتبتلين، وكذلك نطلب "حياة صالحة للذين في الزيجة. فمثلاً لو كنت تعرف أسرة بها مشكلة يمكنك أن تصلي هذه الطلبة مع ذكر أسماء أفراد الأسرة.وضمن هذه الطلبات نطلب: "نجاحًا للطلبة وعملا للمحتاجين، بسبب نسب البطالة العالية واحتياج البعض إلى عمل فنصلي من أجلهم.نصلي أيضًا من أجل انقسامات الكنيسة. ومن قلبنا نصلي أن تصير الكنيسة واحدة لأن المسيح واحد.نطلب أيضا: "حل تعاظم أهل البدع"، وأهل البدع هم من يخرجون بابتداع في الإيمان والعقيدة مثل أريوس ومقدونيوس ونسطور إلخ. وذكر التعاظم بالتحديد هو لأن الصفة السائدة لأهل البدع هي الكبرياء، فالمبتدع لا يسمع لأحد، لأنه يظن في نفسه أنه يملك كل العلم، وتكون النتيجة أنه يُعثر كثيرين هي طلبات متعددة وسوف نركز هنا على الطلبة الأولى منها: نعم نسألك أيها المسيح إلهنا ثبت أساس الكنيسة ما المقصود بالكنيسة؟ ليس المقصود هو مبنى الكنيسة إنما المقصود ١- الهيكل أي الفرد بحسب تعبير معلمنا بولس الرسول: "أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللَّهِ، وَرُوحُ اللَّهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟" ( ١ كو : (١٦)، فكل فرد هو هيكل الله، أي جزء من الكنيسة. ٢- الأسرة أو الكنيسة التي في بيتك: لأن كل بيت من بيوتنا هو كنيسة ترفع فيه الصلوات الفردية لكل فرد من الأسرة) والجماعية (أثناء تجمع الأسرة). ٣- الكنيسة التي تنتمي إليها من الأمور الجميلة في حياتنا كأقباط داخل مصر وخارجها إننا حينما نتقابل نسأل بعضنا البعض: "بتروح كنيسة إيه؟" فالانتمانية الكنسية تعبير مهم جدا عندنا. ما المقصود بالأساس؟ الأساس هو الجزء الرئيسي في المكان. فحينما أقول "ثبت أساس الكنيسة" أقصد اجعل كنيستي القبطية ثابتة ولها أساس قوي كما سنشرح حدث صراع على من هم لبولس ومن هم لأبولس وصار هناك ،حزبان، فقال لهم معلمنا بولس الرسول: "فَإِنَّنَا نَحْنُ (بولس وأبولس) عَامِلَانِ مَعَ اللَّهِ، وَأَنْتُمْ فَلَاحَةُ اللَّهِ، بِنَاءُ اللَّهِ (كل منا بناء) حَسَبٍ نِعْمَةِ اللَّهِ الْمُعْطَاةِ فِي كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ قَدْ وَضَعْتُ أَسَاسًا، وَآخَرُ يَبْنِي عَلَيْهِ. وَلَكِنْ فَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ كَيْفَ يَبْنِي عَلَيْهِ. فَإِنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاسًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي وُضِعَ الَّذِي هُوَ يَسُوع المَسِيحُ (۱ کو ۳ :۹ - ١١) إذن الأساس هو المسيح. وفي مصر الذي وضع أساس الإيمان بالمسيح هو القديس مار مرقس الرسول الذي استشهد في أراضي مدينة الإسكندرية. وعلى هذا الأساس الذي وضعه بدأ كل جيل يبني، واليوم هذا البناء يرتفع إلى عشرين قرنا من الزمان. لذلك فإن القديس مار مرقس له مكانة خاصة عندنا، فنحتفل بأعياده، ونعمل القداسات والتماجيد، ونسمي كنائس باسمه ونسمي أولادنا على اسمه إلخ. ما هو المقصود بالثبات؟ الثبات صفة جيدة، والإنسان الثابت في حياته ومبادئه وتصرفاته يمتدح، أما المتغير والمتلون فهو غير مقبول.ثلاثة معاني رئيسية للثبات: ١- ثبت الخلاص في القلوب: أي ثبت خلاص المسيح الذي تممه من ألفي عام في قلوبنا نانوا انكم ولوا قلوبكم، لأن مجيء الرَّبِّ قَدِ اقْتَرَبَا (يع ٨:٥).نحن في زمن تخرج فيه كل يوم موضة جديدة، وتتزايد الخطايا وتنتشر ، بل أحيانا تصدر من أماكن علمية عالمية لها وضعها ولها صوت في العالم، فتخرج الخطية مغلفة بغلاف علمي لكن المسيح جاء من أجل الصليب ومن أجل خلاص الإنسان. فهل أنت تشعر وتعرف قيمة الخلاص الذي قدمه المسيح على الصليب مرة واحدة من أجلك؟ هل تعلم إنه لولا خلاص المسيح لما كان لك مكان في السماء؟ هل تعرف أن مفتاح السماء هو من خلال صليب المسيح؟ هل هذه الحقائق داخلك؟. في أيام نوح، عمل الفلك خلاصا نجى به ثمانية أنفس، وكل العالم انتهى. أما فلك خلاصنا نحن فهو المسيح حيث نحتمي، كما تقول عروس النشيد: خت ظله (ظل الصليب) اشتهيت أن أجلس وثمرته حلوة الخلقي (نش ٣:٢)هل تتأمل في الصليب كل يوم وفيما صنعه المسيح من أجلك؟ هل تنظر إلى المسيح الذي يقول: تعالوا إلى يا جَمِيعَ المُتعبين والتقيلي الأحمال وأنا أريحُكُمْ (مت ۱۱: ۲۸)، أم أن المسيح تاه وسط زحام الحياة، ولا تتذكره إلا داخل الكنيسة؟ حينما تقول طلبة "ثبت أساس الكنيسة" قل: يارب ثبت خلاصك في قلبي اجعلني أشعر بحضورك، وبيدك الممدودة، وبالصليب الذي قدمت عليه نفسك ذبيحة من أجل خطايانا. ففي نهاية كل قداس يقول الكاهن في نهاية الاعتراف: "يعطى عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه". هذه النعمة الكبيرة التي نحن مقيمون فيها نعمة وجود الصليب الذي يفتح أمامنا الطريق، ويكون خلاص المسيح هو الصورة الجميلة التي نتمتع بها هي كل يوم. ٢- ثبت الاستنارة في العقول: مشكلة الإنسان في هذا الزمان هو ظلام العقل.. كثيرون عقلهم مظلم لا يرى إلا الدنس والخطية، ويعيش في التراب. أما نحن فنطلب من الله أن يجعل عقلنا مستنيرا في قطع صلاة الساعة الثالثة نقول: "أيها الملك السمائي المعزي روح الحق الحاضر في كل مكان المالئ الكل كنز الصالحات ومعطي الحياة، هلم تفضل وحل فينا وطهرنا من كل دنس أيها الصالح". من أين نحصل على الاستنارة؟ أولاً: الاستنارة تبدأ في سر المعمودية. ومن الأمور الرائعة في كنيستنا إنها تحرص أن يتم سر المعمودية والطفل عمره أيام، لكي يولد الإنسان من فوق بالماء والروح، لأن هذا ما سيعطيه استنارة العقل.يقول كليمندس السكندري: "إذ نعتمد نستنير".ويقول القديس باسيليوس: "المعمودية ثوب منير"، والقديس ديونيسيوس يقول: "المعمودية لها مفعولان التطهير والاستنارة". ثانيا: الاستنارة تأتي من الكتاب المقدس المفتوح على الدوام. كما قال ربنا يسوع المسيح: "الكَلامِ الَّذِي أَكَلِّمُكُمْ به هو روح وحياة (يو ٦: ٦٣). قربك من إنجيلك الشخصي المفتوح باستمرار يعطيك استنارة. إذا ابتعدت عن الإنجيل فإن عقلك يصير مظلما، وأحكامك خاطئة، وأفكارك غير سليمة، مشورتك غير صحيحة أنت تحتاج هذه الاستنارة لتتمكن من فهم الحياة وأيضا الكتاب المقدس تتفرع منه الصلوات والتسابيح إلخ. ثالثًا: الاستنارة تأتي من ممارسة باقي الأسرار مثل سر التوبة وسر التناول. إن الممارسات الكنسية ليست مجرد ممارسات تطيب خاطرنا وتطمئنا بعض الوقت. أبدًا إن دوام استمرارك في الحياة الروحية هو الذي يعطيك استنارة، والأسرار تساعدك من أجل استنارة حياتك. حرب التشكيك في المسيحية في هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي، هناك من يشكك في المسيحية باستهزاء وباستفزاز لابد أن تعرف أن مسيحيتك بدأت من ألفي عام وأن تعرف أنه لا يوجد سؤال في المسيحية ليست له إجابة، حتى إن كنت أنت لا تعرف الإجابة لكن هناك إجابة. لقد ظهرت في تاريخ المسيحية هرطقات كثيرة كلها انتهت في التراب.يجب أن تعرف أن عدو الخير يستخدم بعض الأشرار الذين يدخلون للإنسان من باب التشكيك فعدو الخير ليس له إلا حربين حرب اليأس وحرب التشكيك. وحرب الشك تزيد ويطرح سؤالاً ليشكك السامع.. قل له أنت لا تعرف شيئًا ولا تكن مثل الريش في مهب الريح بل كن منتبها. كن قويًا واعرف أن إيمانك الذي تعيش فيه اليوم هو هو منذ أن تسلمته الكنيسة من ألفي عام إنه إيمان ثابت وقوي، وإيمان له أساس. لكن أيضا لا تكن مهملاً في حق نفسك: اقرأ، اعرف ،اسأل افهم اكتب فمن عنده فراغ تلهو به الأفكار أما من هو ثابت فلا يلهو به أحد. اطلب ثبت أساس الكنيسة، وثبت الاستنارة في العقول ولا تنسى أن الروح القدس أي بعشار متى الرسول وصيره تلميذا للمسيح، وبصياد محدود المعرفة بطرس الرسول) وجعله ينطق بالإلهيات، وبمضطهد للكنيسة (بولس الرسول) وحوله إلى كارز و عملاق و شهید من عدة سنوات قدمت كنيستنا على مرأى من العالم كله، ۲۱ شهيدًا في ليبيا. كانوا شبابا من قرية صغيرة جدًا في صعيد مصر، وإمكانياتهم محدودة للغاية، لكن إيمانهم كان قويا وباستشهادهم ثبتوا إيمان الملايين.وفي زيارتي الأخيرة للفاتيكان (مايو (۲۰۲۳م)،أخذنا كهدية منا للكنيسة الكاثوليكية، قطعة صغيرة من كل سترة من ملابس إعدام هؤلاء الشباب الحمراء الملطخة بدمائهم. وكم كان بابا روما في غاية التأثر، وللوقت أمر بوضع سيرتهم في سنكسار الكنيسة الكاثوليكية الذي تتم قراءته في العالم كله وسألونا على اليوم، فقلنا لهم إننا اخترنا يوم ١٥ فبراير من كل عام وأطلقنا عليه "عيد الشهداء المعاصرين وهو عيد استشهادهم فكتبوا سيرتهم في سنكسارهم يوم ١٥ فبراير، فصار هذا عيد يحتفل به في كل العالم. ومن شدة تأثر البابا فرانسيس بابا روما قال إنه سوف يعمل مذبحًا في الفاتيكان باسم شهداء الأقباط في ليبيا.إن الاستنارة تثبت في عقلك بعمل الروح القدس الذي يستطيع أن يحول كل شيء. أما الأشخاص الذين يسببون بلبلة العقول فنصلي من أجلهم، ونثق أن الروح القدس سوف يصطادهم ويحولهم ويصيرهم شهودًا للمسيح. ٣- ثبت اشتياقنا للسماء : من الأمور الجميلة في كنيستنا أننا نتجه للشرق في الصلاة وحتى في جلوسنا في الكنيسة. يقول الشماس وقت القداس "وإلى الشرق انظروا"، لأن الشرق هو موطن النور وموطن مجئ السيد المسيح.يا ترى هل شوقك للسماء موجود؟ أم إنه باهت؟ أم إنك مشغول بأمور كثيرة؟إن أحد أسباب قوة الإنسان المسيحي هو اشتياقه الدائم للسماء، ونظرته الدائمة للسماء. ولذلك في کنیستنا صلوات نسميها مجمع القديسين (في القداس والتسبحة) وكأننا نقوم برحلة للمواطنين الموجودين في السماء (العذراء مريم، وآباءنا الرسل، ومار مرقس، والشهداء، والقديسين والنساك، والخدام). كان الغني الغبي مشغولاً، ولم يكن عنده اشتياق للسماء: "قَالَ: أَعْمَلُ هَذَا أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أعظم وأجمع هناك جميع غلاتِي وَخَيْرَاتِي وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةً لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ إِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي فَقَالَ لَهُ الله يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك، فهذه التي اعددتها لمن تكون (لو ١٨:١٢-٢٠) نحن حينما نردد صلاة: "أبانا الذي في السموات" فإننا نخاطب أبانا الذي في السموات، ونجعل فكرنا في السموات.هل عندك حنين للأبدية؟ أم إنك مشغول بالأرض والحاضر والمستقبل والمال وحتى بالخدمة لابد أن مكانك في السماء يكون موضع انشغالك ويكون حاضرًا أمامك في كل حين ولا تظن أن السماء رخيصة لا، السماء غالية وتحتاج ثمنًا عاليا تحتاج إيمانا غاليا وتعبا روحيا غاليا وإصرارًا. ونحن حتى في المثل العامي نقول: "الغالي ثمنه فيه" كل يوم في القداس نشتاق للأبدية وللسماء وكل يوم عمرنا يزداد فنقترب من السماء والأبدية. نطلب ثبت أساس الكنيسة وثبت اشتياقنا للسماويات، لأن الكنيسة هي المكان الذي نقدر أن نعيش فيه ونفهم السماء التي نحن مدعوون إليها ونصلي بما ورد في نهاية الكتاب المقدس: "آمين. تعالَ أَيُّهَا الرب يسوع (رو ۲۰:۲۲). الخلاصة: "ثبت أساس الكنيسة" هي الطلبة الأولى: ثبت أساس كل فرد ثبت أساس كل أسرة، ثبت أساس الكنيسة التي نخدم فيها، ثبت أساسنا وعقيدتنا وإيماننا وتراثنا وحياتنا. لا تنسى أن كنيستنا القبطية هي الكنيسة الوحيدة التي زارتها العائلة المقدسة ببركة خاصة لأهل مصر لا تنسى أن كنيستنا قدمت أعدادًا كبيرة من الشهداء والنساك والمعلمين لا تنسى تاريخ كنيستنا المجيد، وتراثنا الغني من أيقونات وموسيقى وألحان ولغة القبطية وطقوس. لا تنسى أن الرهبنة نشأت في حضن الكنيسة القبطية وانتشرت منها للعالم كله كنيستنا غنية ومرتفعة بارتفاع عشرين قرنا من الزمان ولها أساس قوي وحجر زاويتها هو ربنا يسوع المسيح. إنها كنيسة قوية وعلية ولامعة.لنعش ونتمتع جميعًا بكنيستنا التي لها هذا الأساس القوي مبنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نفسة حجر الزاوية الَّذِي فِيهِ كُل الْبِناءِ مركبا معا، ينمو هيكلا مقدسًا فِي الرَّبِّ الَّذِي فِيهِ أنتم أيضا مبنيون معا، مسكنا لله في الروح" (آف٢٠:٢-٢٢).نعمة الله تكون معنا والمجد الله دائما أبديًا أمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
07 يناير 2024

كن ولوداو مثمرا

عندما نحتفل بميلاد السيد المسيح فأننا نحتفل بحدث كونى له جوانبه المتعددة سواء كتابيا أو تاريخيا أو جغرافيا أو نبويا أو روحيا أو إنسانيا ... إلخ ولكن المهم أن نعرف أن السيد المسيح هو الذى اختار ظروف ميلاده بعكس أي إنسان في العالم، لأن كل منا ولد من عائلة لم يخترها وفى بلد لم يختره وفي زمن لم يختره وفي ظروف اجتماعية أو ثقافية أو سياسية لم يخترها، لقد كان بإمكان السيد المسيح أن يولد في بلد الفلسفة مثل أثينا أو بلاد السلطة مثل روما، ولكنه اختار فلسطين حيث قرية بسيطة وأناس بسطاء وبيت فقير، كما أنه اختار فتاة فقيرة ليولد منها.وكان وقت ميلاده متزامنا مع حدث الاكتتاب الإحصاء، الذي أصدره أغسطس قيصر لكل الإمبراطورية الرومانية (لوقا ٢-١) وهو بذلك أخذ رقم مواطن أرضى حيث كثيرا ما قال عن نفسه، إنه ابن الإنسان. وفي ذات السياق نجد أن السيد المسيح يحمل اسمين لكل منهما دالته القوية فى حياة كل من يؤمن به الاسم الأول يسوع ويعني مخلصا (متی ۱: ۲۱) وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم. إنه اسم يشير إلى بداية الخلاص من آثار خطية آدم وحواء، أما الاسم الثانى فهو « عمانوئيل (متی ۲۲:۱) هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا، وهذا هو غنى ميلاد وتجسد السيد المسيح، إذ صار حبا فينا نحن البشر يسكن فينا ومعنا في محبة فائقة المعرفة ولكل ما سبق صار حدث الميلاد حدثا غنيا بكل تفاصيله وأحداثه من اللافت للنظر أنه حدث مثمر بمعنى أن كل شخصياته قدمت شيئًا أو على الأدق ولدت ثمرا مفرحا فالقديسة مريم العذراء ولدت السيد المسيح وقد اختارها بحسب تعبير الملاك لأنها الممتلئة نعمة (لو ۱ : ۲۸) ثم جاءت قرية بيت لحم المغمورة وغير المعروفة والصغرى بين جيرانها فقدمت مذودا بسيطا للحيوانات ليكون مكان السيد المسيح ويصير الأشهر عالميا، وكثيرا ما نجد فى أيقونات الميلاد صورة المذود به حيوانات أهمها الثور والحمار كما تقول النبوة في (إشعيا ٣:١٠) الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف شعبي لا يفهم، ثم يأتى الرعاة الذين كانوا في البادية يرعون قطعانهم فيقدموا شغفا وفرحا إذ صاروا أول من علم بميلاد المسيح، ومن بلاد بعيدة يأتى المجوس، هؤلاء الحكماء والعلماء والذين تتبعوا نجما في المشرق حتى وصلوا إلى بيت لحم وقدموا هداياهم ذهبا ولبانا ومرا (مت۱۱:۲) حتى الملائكة فى السماء قدموا تسابيح الفرح والبهجة وأنشودتهم الخالدة المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة كل هؤلاء قدموا شيئًا وأثمروا بحياتهم وبعطاياهم على تنوع ما قدموه. والسؤال الآن عزيز القارئ هل أنت ولود في حياتك؟ هل أنت مثمر في أيام عمرك ماذا قدمت في ماضيك؟ وماذا تقدم في حاضرك؟ وماذا ستقدم في مستقبلك؟ سوف أجيب على هذه التساؤلات واستعرض معك كيف تكون ولودا ومثمرًا وحياتك غنية ما تقدمه من خلال أمثلة ونماذج: ١- البعض يلد أبناء وبنات على مستوى الجسد من خلال الزواج المقدس ومن خلال التربية الحكيمة ينشأ أفراد نافعون جدا، فيصير الإنسان مواطنا صالحًا بكل ما تعنيه هذه الكلمة. ومفيدا في المجتمع والكنيسة والعالم كله.فالأب والأم في الأسرة القوية والمستقرة والسعيدة والتي نسميها كيان الحب، تستطيع أن تربى وتعلم ليس علمًا فقط بل أخلاق ومبادئ وقيم وتستطيع أن تغذى المجتمع والوطن بنماذج منيرة وخادمة تعمل على إثراء الحياة الاجتماعية والحياة الإنسانية في شتى المجالات. ٢- والبعض يلد أبناء وبنات على المستوى الإنساني خلال التلمذة الأمينة والمستمرة في الخدمة الاجتماعية المتنوعة هؤلاء الذين يقومون بتسليم الخبرة والمهارة إلى تلاميذ لهم سواء في مجالات الصناعة أو الزراعة أو الاقتصاد. وهذا التسليم الأمين والممتد عبر سنوات وسنوات هو الذي يثرى حياة البشر ويكون سببا فى تقدمهم وتسديد احتياجاتهم على تنوع أشكالها، وعلى المستوى الروحى والكنسى فى مجال التكريس بأنواعه حيث يتتلمذ الإنسان على أبيه الروحى فى تلمذة روحية مستمرة يتسلم فيها الخبرة الروحية والتقوية والتي يمكن أن يفيد بها آخرين وهكذا يلد الإنسان آخرين في سائر المجالات. ٣- والبعض يقدم على مستوى العلوم الاختراعات أو الابتكارات أو الاكتشافات والتي تجعل حياة البشر أكثر سعادة ورفاهية وسلاما كمن يقدم ويكتشف أدوية عديدة تشفى ملايين من البشر مثل الكسندر فلمنج مكتشف البنسلين هؤلاء يلدون من عقولهم واجتهاداتهم الجديد والجديد في كل جيل يعملون من أجل صالح الإنسان إنما كان ومازال قطار العلم والعلماء يمضى في تقديم كل ما هو عظيم ومفيد لحياة البشر وعلاج أمراضهم وتسهيل حياتهم ورفعة مستويات حياتهم. ٤- والبعض يقدم ويلد مواهب متنوعة في شتى المجالات سواء الأدبية أو الثقافية أو الفنية أو الرياضية، وهذه المواهب تصير نجوما في سماء البشرية ويعتز أى مجتمع أنه قدم مواهب فذة مثلما قدمت مصر طه حسين ونجيب محفوظ في مجال الأدب وغيرهم في مجالات الموسيقى والفن والرياضة وأسماء عديدة لامعة ليس في فقط، وإنما في كل العالم. ٥- والبعض يقدم خدمات جليلة للإنسانية لا يمكن أن تنسى ولأن حاجات الإنسان عديدة وخدمة أي إنسان وكل إنسان هي الغاية العظمى لهؤلاء البشر الذي أعطاهم الله هذه الخصوصية في خدمة الآخرين مثل خدام المعاقين وذوى الهمم وخدمة المدمنين وخدمة اليتامى وخدمة المغتربين وخدمة حالات الجنوح بين الفتيان والفتيات وخدمة الأرامل وخدمة المسجونين وخدمة أطفال الشوارع وخدمة الذين ليس لهم أحد أن يخدمهم أو يهتم بهم. ومن الأمثلة الرائعة في زماننا خدمة البروفيسور مجدى يعقوب في مجال طب القلوب والخدمة المدنية الرائعة التي يقدمها مع فريقه النشيط من خلال سلاسل الأمل أنقذت حياة الآلاف من الصغار والكبار، وغيره كثيرون والتي جدا.أنه درس الميلاد الأعظم أن تكون ولودًا ومثمرا وليس عقيما مجدبا، إنسانيتك تحتاج منك أن تلد وتقدم وتثمر في وسط أسرتك أو كنيستك أو مجتمعك أو وطنك أو عالمك الذي تعيش فيه. إننا في هذه المناسبة السعيدة وبداية العام الميلادي الجديد نتقدم بخالص التهنئة لجموع شعب مصر العظيم وفي المقدمة سيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية وكافة المسئولين ومعاونيه، مصلين أن يحفظ الله بلادنا الحبيبة سالمة أمنة وأن تتخطى كل الصعاب والأزمات التي سببتها حروب ونزاعات لا طائل من ورانها ... ونصلي من أجل سلام العالم خاصة في مناطق الصراع والنزاع وليمنح الله فرحا ونعيما لكل من يعيش أمينًا مخلصا لبلاده ووطنه ومجتمعه ودمتم في رعايته السامية. مصر وكل عام وجميعكم بخير. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل