المقالات
22 فبراير 2019
المحبة الأخوية
نتكلم عن محبة القريب قدّم السيد المسيح مثل السامري الصالح بعد أن سأله ناموسي: «ماذا أعمَلُ لأرِثَ الحياةَ الأبديَّةَ؟» فأجابه السيد المسيح عن المحبة، محبة الله والقريب، ثم أضاف: «اِفعَلْ هذا فتحيا» (لوقا10: 25-28)، ثم أعطي لنا مثل السامري الصالح ويأتي سؤال أمامنا ونحن نتأمل في هذا المثل: ماذا ستفعل لو كنت مكان أحدهم؟ فقد مرّ عليه أولاً كاهن ولم يعطه اهتمامًا، ومر عليه لاوي من نفس جنسه وأيضًا لم يهتم، ثم مر عليه هذا السامري – الذي حسب العُرف في ذلك الزمان كان يُعتَبَر عدوًا – فإذ به يهتم جدًا بالجريح الذي لا يعرفه ولا يعرف عنه شيئًا، وهذا الاهتمام ليس وقتيًا ولكنه مستمر. وعندما سأل الرب في المثل «"فأيَّ هؤُلاءِ الثّلاثَةِ ترَى صارَ قريبًا للّذي وقَعَ بَينَ اللُّصوصِ؟" فقالَ: "الّذي صَنَعَ معهُ الرَّحمَةَ"» (لوقا10: 36،37) ويأتي هنا سؤال مهم جدًا من الأسئلة التي شغلت الآباء: أيهما أهم: محبة القريب أم محبة الصلاة؟
أجاب القديس يوحنا الدرجي عن هذا السؤال: "المحبة أعظم من الصلاة، فالصلاة واحدة من الفضائل بينما المحبة هي أمهم جميعًا". الصلاة فضيلة وتأخذ أشكالاً كثيرة (مثل قراءة مقاطع من الكتاب، والترانيم، والأحان)، ولكن محبة القريب – أو ما نسمّيه التضامن مع القريب – فتفوق الصلاة. القديس يوحنا ذهبي الفم له عبارة عميقة جدًا تقول: "لا تنتظر أن يحبك الآخر بل اقفز نحوه بنفسك وقدّم له حبك"، ويقول القديس أثناسيوس الرسولي: "إن حياتنا وهلاكنا هما في يد القريب، فإذا كسبنا القريب فقد كسبنا الله"، وأيضًا العلاّمة اكلمينضس السكندري يقول: "عندما نرى أخانا فقد رأينا الله"، ونقرأ في الفيلوكاليا: "كما أن التفكير في لهيب النار لا يجلب لك دفئًا، كذلك الإيمان بدون محبة لا يحقّق نور المعرفة الروحية في النفس"، أي محبة القريب ربنا يسوع المسيح في تعليمه قدّم لنا مثل السامري الصالح كتعبير عن هذا التضامن الذي يصنع الرحمة (كلمة التضامن فيها نوع من المساندة للطرفين)، ونقرأ في صلواتنا الليلية ونقول: "ليس رحمة في الدينوية لمن لم يستعمل الرحمة"، كما يعملنا الكتاب في المزمور الأربعين: «طوبي لمن يتعطّف على المسكين، في يوم الشرّ ينجية الرب». لنقارن بين تصرفات الثلاثة (الكاهن واللاوي والسامري)، كنا نظنّ أن الكاهن هو الذي سيقدم رحمة، أو على الأقل اللاوي، ولكن جاءت الرحمة من الإنسان البعيد والذي بسبب الرحمة صار قريبًا جدًا وفي معجزات السيد المسيح وهي كثيرة نلمح نفس هذه الفضيلة؛ صنعها السيد المسيح مع المفلوج الذي كان له 38 سنة وليس له إنسان (يوحنا 5)! أيضًا نفس هذه الرباط (محبة القريب) هو ما صنعه السيد المسيح مع المرأة الخاطئة التي لم تجد أحدًا يقف بجوارها إلاّ شخص السيد المسيح (يوحنا 8) يقول القديس يوحنا ذهبي الفم عن الإنسان المسيحي: "أيّ مصباح بلا نور؟ وأيّ مسيحى بلا حب؟!". أحد الأدباء قال عبارة جميلة: "بحتث عن الله كثيرًا ولم أجده! وبحثت عن نفسي كثيرًا ولم أجدها! ولكن عندما فتّشت عن أخي وجدت الثلاثة"، كما علمنا الكتاب أن «مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ» (يوحنا الأولى3: 14)، ويأمرنا القديس بطرس: «وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ – قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى، وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً»، هذه «المودة الأخوية» هي محبة القريب، ومن يهمل هذه الفضيلة – يقول الكتاب: «أَعْمَى قَصِيرُ الْبَصَرِ، قَدْ نَسِيَ تَطْهِيرَ خَطَايَاهُ السَّالِفَةِ» (بطرس الثانية1: 5-10) محبة القريب تعني أن يخرج الإنسان من ذاته، ولذلك عندما يبدأ الإنسان أيّ شكل من أشكال التكريس، يكون جهاده الأول من أجل قطع الهوى وإنكار الذات والتحوّل من الذات والأنا إلى الآخر، وهذا لا يحدث إلاّ عندما تسكن فيه روح الله، ويكون داخله كما خارجه.
ماذا تعني لنا محبة القريب؟
أولاً: محبة القريب دليل على أن لك علاقة قوية بالله، يقول القديس أغسطينوس: "المحبة هي العلامة الوحيدة المميِّزة بين أولاد الله وأولاد إبليس". لذلك تبدأ صلوات قداس المؤمنين بالقبلة المقدسة، فالقبلة أسمى تعبير عن الحب، وما تصنعة أيدينا يعبِّر عمّا في قلوبنا، وعندما تتقدّم بهذه القبلة المقدسة نحو الذي بجوارك فكأنك تصالح العالم كله ممثَّلاً في الشخص الذي بجانبك.
ثانيًا: محبة القريب هي مقياس لصدق عبادتنا، العبادة تعبير عن الحب لله، ولكن تندهش معي عندما يتكلم ربنا يسوع المسيح عن أساسيات العبادة (متى 6)، هل بدأ بالصلاة أم بالصوم أم بالصدقة؟ كنّا نظن أن الرب سيبدأ بالحديث عن الصلاة، ولكنه بدأ بالصدقة! فالصدقة هي تعبير عن شعورنا بالآخر، إحساسنا به، محبتنا التي تخرج من قلوبنا تجاه القريب، بعد ذلك يتكلم عن الصلاة التي هي شعور بالله، وأخيرًا الصوم وهو شعوري بذاتي ومذلتي وحقارتي.
الأمر الثالث: محبة القريب مقياس للدينونة، سيقف كلٌ منّا أمام الديان العادل، وسيسألك: كيف عاملت إخوتك في البشرية؟ ما هي المحبة التي قدمتها نحوهم؟ يعبِّر بعض الآباء عن محبة القريب بأنها "مَسْك المنشفة بيد، وغسل الأقدام باليد الأخرى"، وقد تأخذ صورة إطعام فقير أو زيارة مريض أو كساء العريان، ولكن محبة القريب تعلن في الأساس عن إخلاءالذات، والعالم يا إخوتي جائع لهذه المحبة؛ فما الحروب والنزاعات والصراعات في العالم كله إلاّ بسبب غياب هذه الفضيلة.
«لأَنَّهُ هكَذَا يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ دُخُولٌ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الأَبَدِيِّ» (بطرس الثانية1: 11
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
16 فبراير 2019
دستور الخدمة ومبادئها السبعة
الأصحاح الرابع من رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس نسميه "دستور الخدمة"، فهو يرسم أمامنا صورة الخدمة. وسأختار عناوين رئيسية..المبدأ الأول: خدمة لاتفشل«مِنْ أَجْلِ ذلِكَ، إِذْ لَنَا هذِهِ الْخِدْمَةُ كَمَا رُحِمْنَا لاَ نَفْشَلُ». الخادم الذي يعيش مع المسيح لا يفشل أبدًا ولا يعرف روح الفشل. لا يعرف أن يقول "لا فائدة"، بل دائمًا يثق أن هناك رجاء، وهذا ما عبّر عنه بولس الرسول قائلًا: «أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي» (في٤: ١٣). أنا وحدي لا أستطيع أن أفعل شيئًا. فأول مبدأ أن الخادم لا يعرف روح الفشل، مثل ماقرأت: «الِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا».المبدأ الثاني:احترس من خطية الإنجيل المكتومخطية الإنجيل المكتوم أن تكون قارئًا الإنجيل لكنه مكتوم بداخلك، لا يخرج ولا يظهر قدامك في قراراتك ولا في أفعالك. لابد أن تكون كلمة الله حية وفعالة. حينما تتكلم وتخدم يجب أن يُرى الإنجيل واضحًا. يجب ألّا يوجد فصل خدمة إلّا ويكون الإنجيل موجودًا فيه. يجب أن نعلم كيف يكون الإنجيل حاضرًا. فإلى جانب التحضير، يوضع الإنجيل دائمًا في فصل الخدمة، الإنجيل الورق، ونهتم ونقصد القراءة منه. في سفر يقول: «طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ» (رؤ3: 1). أحترس من خطيةالإنجيل المكتوم، إنجيلك يجب أن يكون حاضرًا وفعّالًا «وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ».المبدأ الثالث: لسنا نكرز بأنفسنا«فَإِنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُمْ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ». لسنا نكرز بأنفسنا نحن كخدام وخادمات، نحن في الكرم، موجودون في ملكية الله، في الكنيسة، ونربّي أولادنا.أكثر خطية تتعب الكنيسة وآفة هذا الزمن اسمها: الذات، وهناك مثل شعبي في مصر يقول "يا فيها يا اخفيها" بمعنى "إما كلمتي تسود، وإمّا لا شيء"! هذه الخطية تطيح بكل الجهود. فاحترس أيها الخادم والخادمة، فإنه تفضُّلًا من الله أن جعلنا نوجد في الكنيسة.لسنا نكرز بأنفسنا.. والصياغة صياغة جماعية. أحيانًا كنيسة تفتخر على كنيسة أخرى وتشعر بأفضلية عنها. فلنحترس من خطية الـ"أنا"، لأن المؤهل الأول المطلوب في الخدمة هو: "إنكار الذات".نحن لسنا نكرز بأنفسنا بل بالمسيح يسوع ربنا. أنا لا شيء، فقط أريد المسيح والسماء فحسب.المبدأ الرابع: لنا هذا الكنز«وَلكِنْ لَنَا هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ للهِ لاَ مِنَّا». نحن ننكسر من أبسط خبطة، لكن في داخلنا كنز هو كنز الخدمة وكنز معرفة المسيح. لنا هذا الكنز ليكون فضل القوة لله لا منا. هناك قصة تقول بأن رجلًا كان يعمل كحاجب في محكمة، وأجره كان خمسة جنيهات. سألته ابنته عن مرتبه في الشهر، فاحتار الأب، ثم قال لها: "أنا والقاضي نتقاضى مائة جنيه في الشهر". بالمثل، أنا وحدى أساوي الخمسة جنيهات، لكن أنا مع الله قيمتنا كبيرة. ليكون فضل القوة لله لا للناس..في الماضي، عندنا في الخدمة عند تقسيم الفصول، يبدأون من الصف الثاني الابتدائي، وآخر فصل يتم توزيعه هو سنة أولى ابتدائى، فيعطونه للخادم المثالي المجتهد.. لأن أولى ابتدائي هو بداية التأسيس، فهذه المهمة لا توكل إلّا للخادم الناجح.المبدأ الخامس: لنا روح الإيمان«فَإِذْ لَنَا رُوحُ الإِيمَانِ عَيْنُهُ، حَسَبَ الْمَكْتُوب: "آمَنْتُ لِذلِكَ تَكَلَّمْتُ" نَحْنُ أَيْضًا نُؤْمِنُ وَلِذلِكَ نَتَكَلَّمُ أَيْضًا». ماذا يعني الإيمان؟ يعني أن الله حاضر، أنا اشعر بحضور الله وبوجوده اليوم. الله عامل، يعمل كل الوقت، وفعّال معي كل الوقت «وَهَاأَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ. آمِينَ». لنا روح الإيمان العامل، أنت فيما تربّي أولادك إنما تشكلهم. ربما لا نتذكر تعاليم من خدموا، لكننا نتذكر أسلوبهم.. وفي الخدمة لنا روح الإيمان، هي ليست كلية نتخرج منها ومن ثَمّ تعطينا شهادة الإيمان. القديس يوحنا ذهبي الفم يقول: "الله عندما يعطيك أو لا يعطيك، إنما يفعل هذا لخيرك". كنيستنا بالروح التي فيها، روح الإيمان، قوية وممتدة عبر التاريخ. نتذكر هنا شهداء ليبيا الذين رضعوا روح الإيمان، وعندما تعرضوا لموقف ظهر ثباتهم وإيمانهم الشديد الذي لا يتزعزع.المبدأ السادس:الداخل يتجدد بإستمرار«لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا». أي خادم فيكم يجب أن يتعب، ولكني مهما تعبت فما هو هذا التعب مقارنة ببذل المسيح نفسه من أجلي؟ إذًا كان الخارج يفنى، فالداخل يتجدد.. الخادم لا يعرف الشيخوخة. يظل الخادم من داخله أقصى سن يمكن أن يبلغه هو سن الـ٣٣ عامًا، عمق الشباب، سن ربنا يسوع المسيح بالجسد على الأرض.. فهو لا يعرف الشيخوخة مهما بلغت سنه.اسمع باستمتاع الآية «وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُيَوْمًا فَيَوْمًا»، الداخل في القلب يتجدد يومًا فيومًا، وهذا هو جمال خدمتنا. إياك أن تشيخ، احذر أن تبقي أفكارك قديمة بلا إبداع. مسيحك الذي بداخلك يجددك مثل النسر، بيتجدد فترة بفترة فتبقى في شباب دائم.يوجد مرضان يصيبوننا، الفقر فى الإبداع، والإصرار على التكرار. وعندما يكون الداخل متجددًا، تجد الأفكار متجددة، وتتبادلون الأفكار الجديدة مع بعضكم، فيتجدد داخلك وتتجدد خدمتك. المبدأ السابع: ناظرين إلى الأبدية«لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا». كنسيتنا فيها تقليد جميل، أننا دائمًا ناظرين للشرق وتلفت انتباه الجلوس أن يقفوا.. وذلك من أجل أن تذكرنا بأستمرار أننا ننتظر مجيء المسيح. أولادك وهم صغار، تتطلع إليهم أنهم في المستقبل سيكون لهم دور، ولكن الأهم أن يكون لهم نصيب فى السماء.. ناظرين للأبدية، المسيح مضى وأعد لنا مكانًا، فاحفظ هذا المكان.هذه المبادئ السبعة ضعها أمامك كدستور لخدمتك:١- خدمة لا تفشل.٢- احترس من خطية الإنجيل المكتوم.٣- لسنا نكرز بأنفسنا.٤- لنا هذا الكنز.٥- لنا روح الإيمان.٦- الداخل يتجدد باستمرار.٧- ناظرين إلى الأبدية.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
08 فبراير 2019
"تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك "
الاسبوع الماضي تاملنا فى مزمور ٣٧ وهو يصلح لفترة الصوم وبه نفحص ذاتنا
نتامل فى ايه " تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك "
فى الأسبوع الماضي ذكرنا ثلاث وسائل للتلذذ بالرب وهى
١- الصلاة و التسبيح
٢- الكتاب المقدس
٣-القداس الالهى
واليوم ناخذ امثله لشخصيات من الكتاب المقدس عاشوا هذا التلذذ ليكونوا لنا قدوة .
١- ابراهيم ابو الآباء ( تك١٢)
نجد فى حياته أن كل الدلائل تشير إلى استحاله تحقيق شيء ...كان شيخا ليس لديه أبناء لم يكن يعلم المكان الذى سيذهب إليه ولكن كان عنده وعد بان نسله سيصير مثل رمل البحر ومثل نجوم السماء فرغم ذلك كان كل اتكاله على الله ..
" ليس الله انسانا فيكذب هل يقول ولا يفعل أو يتكلم ولا يفى " (عدد١٣)
" توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد "(امثال)
٢- ايوب
كان رجلا شيخا وقور مشهور جدا وتعرض لتجربه قاسيه فقد فيها كل شيء وكان كلام الآخرين محبطا له ولكن التجربه التى دخل فيها كانت هى الوسيله التى رفعه بها الله
فعندما تتعرض لصعوبات يجب أن تتلذذ بالرب وتقول له أنا أثق أن هذا لأجل خيري .. ايوب عندما بدأ يتلذذ بالرب قال " قد علمت انك تستطيع كل شيء ولا يعثر عليك امر " وعندما تحسنت الظروف قال " بسمع الاذن سمعت عنك والان رأتك عيناى "
٣- سليمان
قال له الرب ماذا اعطيك ؟ فهل طلب مالا أو صحه أو سلطان .. طلب الحكمه والمعرفة فأعطاه حكمه واموال وسلطان وكل شيء يكفى أن اسمه فى كل التاريخ سليمان الحكيم ...الله عطاياه كثيرة تنتظر من يطلبها ..
+ايه فى نشيد الانشاد نأخذها بمعناها الروحى " ليقبلنى بقبلات فمه لان حبه اطيب من الخمر " كأن الشخص الذى يتلذذ بالله يتلقى منه قبلات روحيه من خلال الخلوة والصلاة والصوم ...والخمر هنا معناها الفرح ..
+ فى أشياء ٥٨ ( اصحاح الصوم ) " أن رددت عن السبت رجلك عن عمل مسرتك يوم قدسي ودعوت السبت لذة ومقدس الرب مكرما واكرمته عن عمل طرقك وع ايجاد مسرتك والتكلم بكلامك حينئذ تتلذذ بالرب " اى إذا جعلت يوم السبت ( يوم الأحد فى العهد الجديد ) يوم للرب وفضلته عن مسرتك تتلذذ بالرب ..
ناخذ ثلاث مفاتيح اخرى للتلذذ بالرب :
١- الوقت
يجب أن تحرص على أن تعطى وقتا للرب تتلذذ فيه بالله ...كل البشر يأخذون مثل بعض تماما كل يوم ٢٤ ساعه ولكن الحكمه فى كيف تستخدم هذا الوقت
٢- التوبه
هى مفتاح وجود اللذة مع الله فالخطيه تاتى بالكأبه أما التوبه تفتح الابواب لكى تتلذذ بالرب ..مثل الابن الضال عندما عاد وتلذذ بحضن إببه فقال عنه " كان ميتا فعاش "
٣- المحبة
يجب ممارسه المحبة مع الكل..افتح قلبك لتمتلئ من محبه الله فتستطيع ان تحب الكل ...الإنسان بدون محبة الله فى قلبه لن يستطيع أن يتلذذ بالله
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
01 فبراير 2019
” وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ.”
مزمور 37 كتبه داود النبي يتكون من 40 آيه يحكي حياة الأنسان … الأنسان المستقيم والأنسان الشرير. أحب ان تأخذوا هذا المزمور للتأمل طوال فترة الصوم هو مزمور للحياة فيه خبرات تستطيع ان تقيس عليه نفسك ويحتاج أن تقرأه بعناية وتمهل كل يوم لكيما تدخل إلى أعماقه.يصلح كتدريب خلال فترة الصوم.
لاَ تَغَرْ مِنَ الأَشْرَارِ، وَلاَ تَحْسِدْ عُمَّالَ الإِثْمِ،فَإِنَّهُمْ مِثْلَ الْحَشِيشِ سَرِيعًا يُقْطَعُونَ، وَمِثْلَ الْعُشْبِ الأَخْضَرِ يَذْبُلُونَ. اتَّكِلْ عَلَى الرَّبِّ وَافْعَلِ الْخَيْرَ. اسْكُنِ الأَرْضَ وَارْعَ الأَمَانَةَ.وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ. سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَاتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِي، وَيُخْرِجُ مِثْلَ النُّورِ بِرَّكَ، وَحَقَّكَ مِثْلَ الظَّهِيرَةِ.انْتَظِرِ الرَّبَّ وَاصْبِرْ لَهُ، وَلاَ تَغَرْ مِنَ الَّذِي يَنْجَحُ فِي طَرِيقِهِ، مِنَ الرَّجُلِ الْمُجْرِي مَكَايِدَ. كُفَّ عَنِ الْغَضَبِ، وَاتْرُكِ السَّخَطَ، وَلاَ تَغَرْ لِفِعْلِ الشَّرِّ، لأَنَّ عَامِلِي الشَّرِّ يُقْطَعُونَ، وَالَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبَّ هُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. بَعْدَ قَلِيلٍلاَ يَكُونُ الشِّرِّيرُ. تَطَّلِعُ فِي مَكَانِهِ فَلاَ يَكُونُ. أَمَّا الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ الأَرْضَ، وَيَتَلَذَّذُونَ فِي كَثْرَةِ السَّلاَمَةِ.الشِّرِّيرُ يَتَفَكَّرُ ضِدَّ الصِّدِّيقِ وَيُحَرِّقُ عَلَيْهِ أَسْنَانَهُ. الرَّبُّ يَضْحَكُ بِهِ لأَنَّهُ رَأَى أَنَّ يَوْمَهُ آتٍ! الأَشْرَارُ قَدْ سَلُّوا السَّيْفَ وَمَدُّوا قَوْسَهُمْ لِرَمْيِ الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ، لِقَتْلِ الْمُسْتَقِيمِ طَرِيقُهُمْ. سَيْفُهُمْ يَدْخُلُ فِي قَلْبِهِمْ، وَقِسِيُّهُمْ تَنْكَسِرُ. اَلْقَلِيلُ الَّذِي لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ مِنْ ثَرْوَةِ أَشْرَارٍ كَثِيرِينَ. لأَنَّ سَوَاعِدَ الأَشْرَارِ تَنْكَسِرُ، وَعَاضِدُ الصِّدِّيقِينَ الرَّبُّ. الرَّبُّ عَارِفٌ أَيَّامَ الْكَمَلَةِ، وَمِيرَاثُهُمْ إِلَى الأَبَدِ يَكُونُ. لاَ يُخْزَوْنَ فِي زَمَنِ السُّوءِ، وَفِي أَيَّامِ الْجُوعِ يَشْبَعُونَ.لأَنَّ الأَشْرَارَ يَهْلِكُونَ، وَأَعْدَاءُ الرَّبِّ كَبَهَاءِ الْمَرَاعِي. فَنُوا. كَالدُّخَانِ فَنُوا.الشِّرِّيرُ يَسْتَقْرِضُ وَلاَ يَفِي، أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيَتَرَأَّفُ وَيُعْطِي. لأَنَّ الْمُبَارَكِينَ مِنْهُ يَرِثُونَ الأَرْضَ، وَالْمَلْعُونِينَ مِنْهُ يُقْطَعُونَ.مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ تَثَبَّتُ خَطَوَاتُ الإِنْسَانِ وَفِي طَرِيقِهِ يُسَرُّ. إِذَا سَقَطَ لاَ يَنْطَرِحُ، لأَنَّ الرَّبَّ مُسْنِدٌ يَدَهُ. أَيْضًا كُنْتُ فَتىً وَقَدْ شِخْتُ، وَلَمْ أَرَ صِدِّيقًا تُخُلِّيَ عَنْهُ، وَلاَ ذُرِّيَّةً لَهُ تَلْتَمِسُ خُبْزًا. الْيَوْمَ كُلَّهُ يَتَرَأَّفُ وَيُقْرِضُ، وَنَسْلُهُ لِلْبَرَكَةِ.
تأمل في مزمور 37 : 4 ” وَتَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ.:” وكلمة رقيقة تتكلم عن الأنسان وحضور إرادته ليتلذذ بالرب. هناك إنسان يأكل الطعام طعام لكن لا يتلذذ به وهنا المرتل داود النبي يقول لنا هذا الأختبار الروحي بالتلذذ بالرب وهي كلمة جامعة لكثير من المعاني أي أفرح عش تذوق. الأنسان البعيدعن الله يجد لذته في أمور كثيرة ففي مثل الزارع يقول عن البذار التي وقعت في أرض ملآنه شوك وحال نمت أختنقت من هموم الحياة ولذاتها. فمن الممكن أن يجد أحد لذته في ماله وأقرب مثل الغني الغبي الذي قدمه لنا السيد المسيح حين قال الغني أهدم مخازني وأبني أعظم ولم يكن يعلم ان في هذه الليلة تؤخد حياته منه …وجد لذاته في هذا وأنتهى الى التراب. وهناك من يجد لذته في القتال والعنف والحرب وهذا إنحراف نفسي ومرض وهناك من يجد لذته في مضايقة الآخرين وهناك من يجد لذته في أن يبعدعن الله وسفر أيوب نجد “يقولون لله أبعد عنا وبمعرفتك لا نسر” وهؤلاء أصبحوا بالملايين في العالم تحت مسميات كثيرة مثال الزواج المثلي والألحاد وعبادة الشيطان … في بعده عن الله أوجد لنفسه آله آخرى. بعض الناس تجد لذتها في الانحراف الأخلاقي كالخلاعة بصفة عامة ومن يسقط في هذه الهوة لا يشعر براحة أو سكينة في قلبه حتى لو كان هناك لذة في وقتها لكن بعدها يشعر بفراغ كبير وكأنه تائه وهذا يؤدي به الى لذات آخرى فمثلا لذة إدمان المخدرات بكل أشكالها فالنفس الشعبانة تدوس العسل وللنفس الجائعة كل مر حلو. كل من يجد لذته بعيدا عن الله لا تدوم لذته إلا لوقت قليل. لنتذكر سليمان الحكيم الذي كان له كل شئ كل ما نتخيله لديه حتى وقف يوما وقدم لنا هذا الأختبار الرائع “مهما أشتهته عيناي لم أمسكه عنها، لم أمنع قلبي عن كل فرح ثم إلتفت أنا إلى كل أعمالي إذ الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس” هذه إختبارات حقيقية سجلت في الكتاب المقدس لنستفيد بها
أما إنسان الله يتلذذ به وما أبهجه فمن يعيش مع الله كل ما في يده يستمتع به مهما كان قليل بسيط لكن يشعر أن بركة الرب هي تغني والقديس بولس الرسول عاش نصف حياته بعيدا عن الله يضطهد كنيسة الله بإفراط لكن عندما أكتشف موضه اللذة الحقيقية والأصيل في شخص الله قال ” مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟…. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.” (رو 😎 وفي رسالة فيلبي يقول ” أَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ” ألهذا المقدار لذتك في الوجود والحضور لدى الله على الدوام؟! حتى قال ” بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ،” قد وزن كل الأشياء في كقة والمسيح في كفة فوجد كفة المسيح هي الرابحة فكل هذا ليس له قيمة أمام عيناي.
الأنسان يتلذذ مع الله في كل الأحوال وليس وقت الفرج حتي في التجارب فيعقوب الرسول يقول ” احسبوه كل فرح يا أخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة ” يتلذذ مع الله في وقت الخسارة ووقت المكسب في غنى أو فقر . ولذا نسأل أنفسنا هل لدي هذا الشعور؟ أم وقتي ؟ أم في الكنيسة وسط العبادة ؟ الشعور الروحي هذا حاضر وموجود أشخاص كثيرة وجدوا لذتهم لدى الله كمريم أخت مرثا أخوات لعازر فمريم عند أرجل السيد المسيح تتلذذ بالرب شبعانه وفرحانه بيه أما مرثا وعملها مهم المسيح قال لها إنتي تهتمين وتضطربين من أجل أمور كثيرة ولكن الحاجة إلى واحد. كثيرا ما نهتم بأمور كثيرة فنتشتت ولكن الحادة إلى واحد. الإنسان يمارس مسئوليته وعمله ويكون نافع لآخرين لكن شعورك الداخلي تجد لذتك في يد الله الذي تعطي وليس في العطية.
كيف لنا أن نتلذذ ؟ :أضع أمامك بعض الوسائط الروحية في بداية الصوم لأن الصوم يساعدك على ذلك وأيضا في نهاية العام وتعلمنا كنيستنا ان ننهي السنة في صوم ونستقبل السنة الجديدة أيضا بصوم وخلاله شهر كيهك المليان بالتسبيح وفرصة أن حرارتنا الروحيىة ترتفع
1 – الصلاة والتسبيح : هي الفترة والوقت الذي تأخذه في حياتك وتحوله لحساب الله0 فالمسيح علمنا أن نصلي كل حين فإعمالنا ومسئوليتنا صلاة أمام الله وأيضا الوقت الخاص الذي تمنحه لنفسك أمام الله . العالم يشغلنا جدا بامور كثيرة لكن الوقت الخاص للصلاة وقت المقابلة الشخصية بينك وبين المسيح. الصلاة هي شكل من اشكال اللذه فداد النبي يقول ” يَا اَللهُ، إِلهِي أَنْتَ. إِلَيْكَ أُبَكِّرُ. عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي، يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلاَ مَاءٍ،” هذا العطش يتحول إلى لذة الوجود مع الله. ولهذا كنيستنا بها صلوات الأجبية إي ساعة وندعيها صلوات السواعي حتي يكون اليوم كله به حياة المسيح مع حياة الأنسان فيصير اليوم كله شهوة تلذذ بحضور الله فيه. الأجبية وسيلة للتلذذ بالحضور أمام الله0 القديس إسحق السرياني يقول من عملات التلذذ : “أحيانا تصير الجمل حلوة ي فم الأنسان أثناء الصلاة ولذلك يأخد الأنسان في ترديد الجملة الواحدة مرات عديدة جدا ولا تسمح للإنسان أن ينتقل منها لأنه لا يشبع إطلاقا” ومن هنا كانت الصلاة السهمية ويكرر الأنسان العبارة لأنها حلوة في فمه ومشاعرها. وكما أن كل شئ يحتاج وقتا لينمو الإنسان ليصل إلى حالة التلذذ بالله يحتاج وقتا. والقديس مار إسحق يقول عن الإنبا إنطونيوس ” كان يصلي طوال الليل حتى إذا بدأت الشمس في الظهور يقول لها لماذا تعويقيني؟ أتشرقين لكيما تأخذيني من اشواق النور الحقيقي ” . في شهر كيهك من الشهور المحبوبة لها طابع شعبي جميل وفرصة وانت تحضر التسبحة أن تركز وتصطاد عبرات تجعلك في حالة تلذذ مع الله.
2 – الجلوس مع الله والإستماع إليه كما نستمع لمرشدينا ومن يعلمنا أي تجلس وتستمع إلى كلمة الله في الأنجيل المقدس فآرميا النبي يقول ” وُجِدَ كَلاَمُكَ فَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ كَلاَمُكَ لِي لِلْفَرَحِ وَلِبَهْجَةِ قَلْبِي، لأَنِّي دُعِيتُ بِاسْمِكَ يَا رَبُّ إِلهَ الْجُنُودِ ” وداود النبي يقول ” شريعتك هي لذتي” تأملوا في عبارة تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك أي مالم تنطقه بعد. الله يشعر بما في قلبك قبل أن يخرج بكلمات مسموعة. وأهم ما في سؤل القلب السلام الداخلي ما حولنا يجعلنا نعبش في عاصفة من الضوضاء. عمل مهم أن تأخد وقتا تخصصه لقراءة الأنجيل بنفس صافية. وأرجو أن تكون فترة الصوم والأستعداد لسنة جديدة إلا تترك حياتك تسير على نفس الوتيرة فبعض الفلاسفة يقولون “لا يصح أن نقول أن الوقت يمضي لكن الأصح أن نقول أننا نمضي “. الكتاب المقدس هو أنفاس الله وعندما تجلس مع الكتاب المقدس تجلس مع المؤلف ذاته كتدريب عام لنقرأ هذا المزمور كل يوم لنستفيد به
3- الأسرار وبالأخص سر الأفخارستيا : فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب. واحده سألت من الرب وأياها ألتمس ان أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي القداس عيش في كل كلمة مشاركا فيه كليا. الأنسان عندما يتمتع بصلوات القداس وتفهم المعنى الداخلي لكل كلمة. في القداس نصير في طريق القداسة وهو وسيلة الثبات في المسيح
لناخذ هذا المزمور تدريب يومي ومنه يكون إعترافك آخر السنة وتقول أغسلني فأبيض أكثر من الثلج. هذا المزمور يحتاج الكثير من التأملات إن شاء الرب وعشنا نقضي الأسابيع القادمة في هذا الصوم في هذا التأمل لألهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
19 يناير 2019
ثلاثية عيد الغطاس
أهنئكم أيها الأحباء بعيد الغطاس المجيد، أحد الأعياد السيدية الكبرى، وهو العيد الذي يتوسط خمسة أعياد تأتي في فترة أربعين يومًا منذ ميلاد وتجسد ربنا يسوع المسيح. هذا العيد يأتي قبله عيدان: عيد الميلاد وعيد الختان، ويأتي بعده عيدان: عيد عرس قانا الجليل وعيد دخول السيد المسيح إلى الهيكل؛ وهذه الأعياد الخمسة في فترة أربعين يومًا تبدأ من عيد الميلاد.
مشهد يوم عماد السيد المسيح مشهد هام جدًا في الكتاب المقدس وفي حياتنا. وأدعوك معي الآن أن تتجول بذهنك ونأتي لنقف للّحظة التي أتى فيها السيد المسيح وسط جموع أخرى أتت إلى يوحنا المعمدان عند نهر الأردن لكي ما تتجاوب هذا النداء الذي أطلقه يوحنا: «توبوا لأنه قد اقترب منكم ملكوت الله». إننا أمام ثلاث مفردات مهمة: السيد المسيح ويوحنا المعمدان والماء. أريد أن أحدثكم عن هذه الثلاثة.
السيد المسيح:
عندما تجسد رأته لأمنا العذراء مريم ويوسف النجار. والرعاة والمجوس زاروه وهو طفل رضيع. وبعد ذلك قُدِّم للهيكل في اليوم الأربعين الذي هو عيد دخول المسيح الهيكل، ورآه بعض الكهنة. ثم جاء الهروب إلى مصر، وكثير من المصريين رأوه. وظهر في سن 12 سنة وسط المعلمين الكبار في الهيكل، وصار يجادلهم. وبقي في الناصرة من سن 12 إلى 30 سنة يعمل نجارًا، لأنه معروف عند اليهود أن من لم يتعلم حرفة يتعلم السرقة. وجاء العام الثلاثون في عمر الرب المتجسد، وهو سن النضج بحسب اليهود، وفيه هذه السن بدأ المسيح خدمته الجهارية بواقعة العماد المقدس.
أتى السيد المسيح وسط الجموع، ولم يكن يوحنا يعرفه قبلًا. وحين وصل إليه المسيح انزعج يوحنا ورفض أن يعمّد الرب، فرد عليه السيد المسيح وقال له برقة بالغة: «اسمَحِ الآنَ، لأنَّهُ هكذا يَليقُ بنا أنْ نُكَمِّلَ كُلَّ برٍّ» (مت3: 15)، فقام يوحنا المعمدان بعماد السيد المسيح وحدثالظهور الإلهي "الثيئوفنيا". وهذا الظهور الإلهي حدث لكي يُعلّن لنا الله الواحد المثلث الأقانيم: الابن في الماء، وصوت الآب من السماء «هذا هو ابني الحَبيبُ الّذي بهِ سُرِرتُ»، والروح القدس في شكل حمامة يظهر ويستقر على الابن (مت3: 16، 17). ويظهر لنا إيماننا بوحدانية الثالوث حين نقول في بداية قانون الإيمان: "نؤمن بإله واحد..."، لكن هذا الواحد الذي نؤمن به هو «الله محبة»، محبته متدفقة لا تقف. وفي عيد الغطاس الآب المحب صار منه هذا الصوت «هذا هو ابني الحَبيبُ الّذي بهِ سُرِرتُ»، والابن المحبوب ربنا يسوع المسيح كان صاعدًا من الماء، والروح القدس في شكل حمامة.
ونحن دومًا نمارس سر المعمودية في سن مبكرة جدًا، والطفل عمره أيام، نغطّسه في الماء ثلاث غطسات كما دُفِن المسيح ثلاثة أيام، ولذلك يقول الكتاب: «مَدفونينَ معهُ في المَعموديَّةِ، الّتي فيها أُقِمتُمْ أيضًا معهُ» (كو2: 12). المسيح دُفِن وقام بعد ثلاثة أيام، ونحن نجتاز هذه الخبرة من خلال المياه، مدفونين في مياه المعمودية. والمعمودية هي أول سر يناله الطفل بعد ميلاده، وهو بعد صغير جدًا، ويتعمد على إيمان والديه، ومثلما يرضعانه الغذاء واللبن، هكذا يغذونه بالإيمان، فيشبّ قويًا مكتوبًا اسمه في السموات، ويصير مولودًا من الماء ومن الروح. هذا هو الجزء الأول في المشهد.
يوحنا المعمدان
جاء ثمرة لصلوات كثيرة مرفوعة من زكريا الكاهن أبيه وأمه أليصابات، وفي الوقت المناسب جاءت إليه البشارة وأنجبت اليصابات ونزع الله عارها. ويوحنا المعمدان نسمّيه خاتم أنبياء العهد القديم. وُلِد قبل السيد المسيح بستة أشهر، وعاش في البرية ناسكًا متقشّفًا زاهدًا، ولذلك كانت هيئته مهيبة. وعندما نزل إلى ضواحي اليهودية لكي ما يكرز للناس بالتوبة وأن يعدّوا طريق الرب، كان يريد أن يوقظ ضمائر الناس، لأن الخطية تجعل الضمير نائمًا. وتعلمون أن نهاية يوحنا المعمدان أنه قُطِعت رأسه، وفضّل أن حياته تنتهي بلا رأس عن أن يحيا بلا ضمير، اختار أن ينال الاستشهاد لكن لا يبيع ضميره الحي.
وكان في كرازته ينادي للبشر «توبوا، لأنَّهُ قد اقتَرَبَ ملكوتُ السماواتِ» أو ملكوت الله في شخص المسيح، فالمسيح اقترب مجيئه، إلى أن جاء المسيح وتعمد منه.
يوحنا المعمدان هو الذي قال بعين النبوة عن شخص المسيح: «هوذا حَمَلُ اللهِ الّذي يَرفَعُ خَطيَّةَ العالَمِ!» (يو1: 29). "حَمَل" يعني ذبيحة، "الذي يرفع" وذلك بالصليب، "خطية العالم كله": فالسيد المسيح لم يأتِ لجنسية أو لشعب معين، ولكن جاء لكل العالم: «هكذا أحَبَّ اللهُ العالَمَ حتَّى بَذَلَ ابنَهُ الوَحيدَ، لكَيْ لا يَهلِكَ كُلُّ مَنْ يؤمِنُ بهِ، بل تكونُ لهُ الحياةُ الأبديَّةُ» (يو3: 16).
يوحنا المعمدان نسميه أيضًا "السابق"، لأنه سبق المسيح بالزمن بستة أشهر. و"الصابغ" لأنه قام بعماد السيد المسيح. وأخيرًا "الشهيد" لأن حياته انتهت مستشهدًا ولم يرد أن يبيع ضميره وقبل الموت، وظل ضميره حيًا. وهكذا صار صوت يوحنا المعمدان هو صوت الحق.
الماء
الماء عنصر الحياة على الأرض، وأينما وُجِد الماء وُجِدت الحياة. كزكب الأرض 70% من مساحته هي ماء، وأنت أيها الإنسان 70% من وزنك هو مياه في الجسم، ولذلك الماء هو أغلى شيء لأن فيه حياة البشر.
في بدء الخليقة فصل الله الماء عن الأرض، والماء له دور في تاريخ الخلاص في الطوفان وفي عبور بني إسرائيل البحر. والماء له تاريخ طويل جدا سواء في الهلاك أو في الشفاء. تذكروا معي أن السيد المسيح تقابل مع السامرية عند المياه، وشفى المريض الذي له 38 سنة عند بركة المياه، وانفتحت عينا المولود أعمى من خلال المياه. وفي الكنيسة توجد قداسات تقديس الماء، وفي كل القداسات نستخدم المياه سواء في تقديس الأسرار أو نرشه للبركة في ختام الصلوات. والماء علامة حياة فنحن نولد من الماء والروح.
وهذه فرصة طيبة أن ألفت نظركم إلى قيمة الماء في حياتنا، نحن المصريين نعيش حول نهر النيل في حوالي 8% من مساحة البلاد لأننا نحيا حول النهر. وفي العهد القديم كان نهر النيل أحد آلهة قدماء المصريين وكانوا يعبدونه. ونهر النيل كما تعرفون ممتد لأكثر من أربعة آلاف كيلو متر، ويمر على عشر بلاد، مصر هي البلد الأخير في مجراه. ومع ازدياد عدد السكان بالنسبة لموارد المياه المتاحة، فلابد أن ننتبه إلى قيمة نقطة المياه. هناك حوالي مليار من البشر -كبار وصغار- لا يجدون مياهًا للشرب! ولذلك يا إخوتي الأحباء لابد أن نلتفت جدًا لقيمة المياه، ومَن يهدر المياه أو يسيء استخدامها فهذه تُعتبَر خطية. الأدوية التي تنقذ حياة الناس تُصنع من الماء، الماء للشرب، الماء للأكل، الماء للزرع، الماء للحياة... حينما تشرب ماءً ضع في الكوب على قدر ما تشرب فقط، وكذلك عندما تغسل أي شيء، فكّر كيف تقتصد في الماء.
ونحن في عيد الغطاس نحتفل بتذكار ميلادنا في المعمودية، ويا ليت كل أسرة تذكر تاريخ معمودية أولادها وبناتها وتحتفل به كما تحتفل بعيد الميلاد الجسدي. لا نقول هذا لأن المعودية تذكار تاريخي، ولكن تذكار للتوبة ولنقاوة القلب، وأننا دُفِنّا مع المسيح وقمنا من بين الأموات.
قديمًا في عيد الغطاس كانوا يخرجون من الكنيسة ويزورون نهر النيل، وكان البطريرك يأخذ من ماء اللقان وياقي منه في النيل لتقديس مائه، ونصلي طوال السنه: "اذكر يا رب مياه النهر باركها".
نصلي لكي يحفظ مسيحنا بلادنا من كل شيء، كما نصلي من أجل كل المسئولين فيها، ومن أجل القيادة السياسية وكل من يحملون هم هذا الوطن، ونصلي أن يحفظ الله بلادنا من أي شر.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
17 يناير 2019
” القديس يوحنا المعمدان صوت الحق “
أولاً: الأدوار التي قام بها يوحنا المعمدان في حياته:
1ـ إعداد الشعب لاستقبال السيد المسيح:
” ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكى الذى يهيئ طريقك قدامك “، وهذه نبوة جاءت في سفر ملاخي … فأول دور قام به يوحنا هو تهيئة شعب لاستقبال السيد المسيح، وهذا يوضِّح أن أي شيء يحتاج لإعداد ، حتى مجيء المسيح يحتاج لإعداد يحتاج لمقدمة وتهيئة للعقول والنفوس.
2ـ الشاهد الأساسي على مجيء السيد المسيح:
” هوذا حمل اللَّه الذى يرفع خطية العالم “، فضلاً عن شهادته فى وقت عماد السيد المسيح: ” أنِّي قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقرَّ عليه، وأنا لم أكن أعرفه ولكن الذي أرسلني لأُعمِّد بالماء ذاك قال لي: الذي ترى الروح نازلاً ومُستقرَّاً عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن اللَّه “.
3ـ قدَّم مِثالاً قوياً فى التلميذ الأمين الزاهد للسُّلطة:
يقول عن نفسه: ” أنا مُجرَّد صوت … أمَّا السيد المسيح هو اللَّه “، ويتضح لحضراتكم الفرق بين الصوت وبين الكلمة حتى في مفهومنا البشري. فظهر أمامنا أنه التلميذ الأمين الزاهد للسلطة رغم أنه كان إنساناً مهوباً فى المجتمع اليهودي ( شكله، لبسه، كلامه، أفعاله، … ) كانت تجعله شخصية مهوبة جداً في هذا المجتمع، لها كل الوقار، لها كل الاحترام لكن زاهد في السُّلطة، ولمَّا أشار على السيد المسيح قال العبارة الشهيرة: ” ينبغي أن هذا يزيد وأنِّي أنا أنقص “، لا تنسوا يا أخوتي الأحباء أنه في كل إنسان توجد ذات وهذه الذات قد تمنعه من أنه يعمل ( ممكن ذات الإنسان تمنعه أنه يعتذر وحتى إن كان الخطأ واضح … ). أحياناً نُسمِّي الذات بالكرامة، وأحياناً نُسمِّيها الكبرياء وأحياناً الحساسية ولها تسميات كثيرة.
لكن هذا الرجل العظيم يوحنا المعمدان انتصرعلى ذاته فزهد في السُّلطة وكأن لسان حاله كان يقول: ” ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ “. كان ينظر لذاته بهذه الصورة. لذلك قال عبارته الجميلة: ” هوذا حمل اللَّه الذي يرفع خطية العالم، هذا الذي قلت فيه يأتي بعدي رجل قد تقدَّمني
لأنه كان من قبلي “. ما هى هذه الروح الجميلة؟ فالناس كانت تعرفه قبل أن تعرف المسيح، لكن فى تكوينه الشخصي نجد أن البرية أعطته هذا المعنى معنى الزهد …
ورُبَّما نسمع ونقرأ في التاريخ ماذا تصنع السُّلطة في الإنسان، ولكن يوحنا المعمدان كان يعرف دوره تماماً أو ما نسميه بالحدود، أحياناً يسمونها فضيلة الإلتزام، لكن هو إنسان في داخله ذاته لا تُحاربه وذاته ليست عدواً له، نحن في المفهوم المسيحي والآبائى لنا في الأعداء ( الشيطان وإغراءات العالم وذات الإنسان ) هذه هى أعداء الإنسان الثلاثة.
الذات يمكن أن تتحكَّم فى الإنسان صغيراً أو كبيراً في منصب أو في غير منصب، حتى في الحياة الرهبانية عندما يترك الإنسان كل ماله بحسب الوصية الرهبانية ويعيش فى الفقر يترك كل ماله ولكنه قد لا يستطيع أن يترك ميوله، فتتحكَّم فيه ذاته وتضيع منه أكاليل ونِعَمْ كثيرة، أمَّا يوحنا فكان منتبهاً كثيراً.
4ـ يوحنا شهد له السيد المسيح أنه أعظم مواليد النساء:
جاء بالصلاة وجاء بعد وقت طويل وكان إستجابة الصلاة، وعندما مارس حياته كان يعرف وظيفته بالتحديد ويقول: ” مَن له العروس فهو العريس، وأمَّا صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحاً من أجل صوت العريس إذاً فرحى قد كَمل “، وهذه فيها تخلية عن الذات تماماً.
كان يعرف دوره ويقبله، وعلى الأقل ليس مُرغماً أو أن الظروف وضعته في هذا الدور ولكن يقول: فرحي قد كمل في شخصيته عندما رأى المسيح وعندما رأه في العماد، العريس هو المسيح والعروس الكنيسة ويوحنا المعمدان يفرح بالعروس وبالعريس وفرحه أعطاه أكاليل مجد كثيرة.
5ـ التوبة:
كان يرى أن التوبة هى الأساس، أساس دخول الملكوت وكان يُنادي: ” توبوا فإنه اقترب ملكوت السموات “، فكان موضوع التوبة هو الذى يشغله … فتصوَّر عظمة هذا الرجل أنه يتخلَّى عن ذاته يزهد في أي سُلطة … يشغله شيء واحد فقط: التوبة، ولذلك تضع الكنيسة القديس يوحنا المعمدان كأول نموذج في السنة القبطية.
ثانياً : مصادر القوة فى حياة يوحنا المعمدان:
1ـ أسرته:
تربَّى على يد زكريا الكاهن وأليصابات زوجته، كان زكريا وأليصابات زوجته بارَيْن زكريا الكاهن إنسان يخاف اللَّه، وأليصابات إنسانة بارَة أمام اللَّه، وإذا كان الأب والأم هكذا يكون الابن مثلهما.
بلا شك وجود هذا الأب المُصلِّي والذي يحمل طاقة إيمان في داخله والخائف الرب وكان مع زوجته يسلكان الاثنين بلا لوم ( ضميرهم مستيقظ يستطيع أن يزن نفسه في كل موقف ) فنشأ يوحنا المعمدان فى هذا الجو الجميل: بيت ترتفع فيه الصلوات وترتفع فيه قامة الإيمان وليس له إلاَّ أن يعيش
لربنا ومع ربنا. ونتخيَّل أليصابات وهى تُربِّي يوحنا وتحكي له الدموع والصلوات والسهر والعار الذي تراه في عيون الناس وفي ألسنتهم لأنها كانت عاقرة، وتحكي عن ليالى الألم، وكم من ليالي قضتها وهى في بكاء شديد وكأن السماء صامته والصلوات التى ترتفع لا تجد من مجيب، وعندما أتت فرحة ميلاده وأسمته يوحنا ( اللَّه يتحنَّن ) تهيأ لي أن القديسة أليصابات والقديس زكريا الكاهن كانا لا يمَلّوا من أنهم يُقدِّموا لهذا الصبي وصايا اللَّه من صغره.
أحيانا في التربية المُعاصرة نجد أن الأب والأم يتركا أبناءهم للتليفزيون وللإنترنت وللأصحاب يُربُّون أولادهم ويغيب دورالأب والأم المسئول عن هذه العطية.
بقدر ما تهتموا بتعليم الأبناء فى صغرهم بقدر ما يكون لكم أكاليل في السماء. ويقول أحد الآباء: ” إن إكليل التربية يساوي إكليل نُسك راهب “، ما أجمل أن نُربِّي أبناءنا بالنعمة من الإنجيل والصلوات والكنيسة وسير القديسين.
إن هذا القديس الذي عاش في البرية كان مصدر قوته الأول هو الأسرة لذلك يمكن أن نقول أن الأسرة أيقونة الكنيسة والأسرة صانعة قديسين.
2ـ نذيراً:
كما قال الملاك: ” يكون عظيماً أمام الرب وخمراً ومُسكراً لا يشرب “، ” نذير: يعني: ” مخصص للَّه مُكرس للَّه “، وهل كُلنا سنُكرَّس؟
أريد أن ألفت نظرك لشيء مهم: في سر الميرون يُرشَم الطفل المُعمَّد في جسده 36 رشماً بتشمل الطفل كله، وهذه الرشومات هى بمثابة تكريس عام … وأن هذا الطفل صار مُكرَّساً ومُخصَّصاً أو إن شئتم الدقة مفروزاً للَّه، و هذا الطفل ينمو وقلبه مُكرَّساً ومُخصصاً للَّه، في يوم المعمودية يتخصَّص الإنسان ويتكرَّس للمسيح ويُدعى الطفل مسيحياً، أخذ سر المعمودية وأخذ سر الميرون ونال سر الإفخارستيا ويبدأ طريقه نحو الأبدية.
يوحنا المعمدان كان نذيراً للرب … كان مخصصاً بحياته كلها وكل ما يُفكِّر فيه هو علاقته باللَّه، وهذا الفكر هام جداً، لذلك نسمع نداء السيد المسيح: ” يا ابني أعطني قلبك “، يُريد أن يكون قلبك مُخصَّص ومُكرَّس له لا يشغله شيء آخر وهذا مهم لنا … يجب أن نهرب من أمور تشغل قلوبنا وعقولنا وحياتنا ولا تفيدنا فى الأبدية. خليك واعي ونذير للرَّبّ ومُخصصاً لعمل المسيح وهذا ليس معناه أن تترك دراستك وعملك لكن قلبك هو للَّه يسكنه المسيح.
3ـ البرية:
يقول لنا الكتاب: ” أمَّا الصَّبي فكان ينمو ويتقوَّى بالروح، وكان في البراري إلى يوم ظهوره لإسرائيل “، ولذلك نجد أديرتنا في الصحراء، وعندما نزور البَرِّيَّة ونزور آبائنا الرهبان ونتمتع بهم وبالحياة الديرية الجميلة تكون البَرِّيَّة أحد مصادر القوة في حياتك لأنَّ فيها انحلال من كل الرباطات الموجودة في العالم، وتدخل الكنيسة وتقضي وقت سواء في قداس أو تمجيد أو صلوات خاصة وتستشعر قوة صلوات الآباء
الذين عاشوا عبر أجيال وأجيال في الدير والخشوع وتنال قوة وإن كانت زياراتك للبرية قليلة يمكنك أن تستعيض عن ذلك بأقوال الآباء وسيرهم وجهادهم الروحي الذي عاشوا به والفكر الروحي.
4ـ الإمتلاء من الروح القدس:
من بطن أمه يمتلئ من الروح القدس، نعمة خاصة، ونوال الروح القدس أعطاه هذه القوة، وامتلائه من الروح القدس وهو فى بطن أمه من بداية تكوينه وهو عمره شهوراً قليلة صار ممتلئ بعمل اللَّه وبالروح القدس.
هذه هى مصادر القوة في حياة يوحنا والتى جعلت يوحنا في آواخر أيامه وقبل السجن يشهد الشهادة الحية ويقول: ” لا يحل لك “، ويقولها بصوت حق وبقوة وكان يعلم أن هذه تُكلِّفه حياته، ولكن الحق كان أسمَى من الحياة، وكانت النتيجة أنه ينال إكليل الاستشهاد وتُقطع رأسه ولكن يظل صوته وتظل شخصيته ويظل النموذج الذي يُقدّمه القديس يوحنا نموذج رائع لنا كلنا في حياتنا وفي جهادنا.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
16 يناير 2019
عيد الثيئوفنيا …الظهور الآلهي
يأتي قبله عيدين الميلاد والختان وبعده عيدين عرس قانا الجليل ودخول المسيح الهيكل ….فهو يتوسط الخمسة أعياد التي نعيد بها خلال 40 يوم منذ ميلاد المسيح .
هذا هو اللقان الوحيد الذي يصلى ليلا يسبقه صوم يوما هو البرامون أي الأستعداد ونحن صمنا الأربعاء والخميس لأننا سنعيد الجمعة حيث سنعبر عن فرحتنا بالعيد جسديا من خلال الطعام .
مشهد عماد السيد المسيح مهم جدا في الكتاب المقدس وفي حياتنا فلنتجول بإذهاننا ونري السيد المسيح وسط الجموع التي جاءت لتلبي نداء يوحنا المعمدان بالتوبة لأنه أقترب ملكوت السموات. تفاجأ يوحنا بالسيد نازلا وسط المياه طالبا المعمودية ….هذا المشهد أريد أن أحدثك عن 3 مفردات به ….السيد المسيح- يوحنا المعمدان – المياه
السيد المسيح
تجسد وسط عائلته رأه الكثير…. والديه والرعاة ثم المجوس وفي اليوم الثامن أختتن ودخل الهيكل ثانية عندما تم 40 يوما ثم الهروب الى مصر حيث تباركت مصر به في كل ربوعها سيناء مصر القديمة الدلتا الصعيد
ثم عاد الى الناصرة وظهر عند سن الثانية عشر في الهيكل يحاور المعلمين الكبار وبقي هناك حتى سن الثلاثين حيث تعلم حرفة النجارة ففي اليهودية من لم يتعلم حرفة يتعلم السرقة.وعندما أتم الثلاثين سن النضوج عند اليهود فهم لا يستمعوا لأحد دون هذا السن بدء خدمته الجهارية بالعماد المقدس….فكان الظهور الألهي لكي يعلمنا أن الله واحد مثلث الأقانيم صوت الأب والمسيا في النهر والروح القدس كحمامة. نؤمن بإله واحد هو المحبة العاملة المتدفقة التي لا تقف أبدا.
لذلك نمارس أيماننا والطفل رضيع بعماده وتغطيسه ثلاثة مرات فنحن مدفونين معه في المعمودية ويصير أول عمل للرضيع يناله على إيمان والديه ليشب قويا مكتوب إسمه في السماوات مولود من الماء والروح.
يوحنا المعمدان
جاء لثمرة صلوات كثيرة مرفوعة من والديه زكريا الكاهن وامه إليصابات وفي الوقت المناسب جاءت البشارة وولد خاتم إنبياء العهد القديم قبل السيد المسيح بستة أشهر. عاش في البرية ناسكا نازها هيئته مهيبة نزل لضواحي اليهودية يدعوا الى التوبة كصوت صارخ في البرية يريد ان يوقظ الجميع من غفلة الخطية التي تتسبب في نوم الضمير. أختار أن تقطع رأسه في نهاية حياته وأن لا يعيش بلا ضمير نال الأستشهاد كي لا يبيع ضميره
في بداية كرازته نادي بإقتراب ملكوت السموات التي كانت في شخص السيد المسيح. هو الذي قال بعين النبوة” هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم كله” أي ذبيحة المسيح المرفوعة على عود الصليب المقدمة للجميع. لقب بالسابق لأنه أتى قبل المسيح والصابغ لأنه عمده والشهيد لأنه صوت الحق الذي قال لا يحل لك.
الماء
عنصر الحياة علي الأرض فإينما وجد ماء وجدت حياة فتجدهم يبحثون عنه في الكواكب كدليل على وجود الحياة. 70% من مساحة الأرض مياه و70% من تكوين الأنسان مياه. لذلك الماء أغلى شئ لأن فيه حياة الأنسان . له تاريخ في الكتاب المقدس من الطوفان وعبور البحر تاريخ هلاك وتاريخ حياة .. المسيح قابل السامرية عند بئر المياه شفي المخلع المريض لثمانية وثلاثون عاما عند البركة والمولود أعمى غسل عينيه في الماء ونحن نصلي قداسات تقديس المياه ونستخدمه في صلواتنا كرش المياه ويصير علامة ميلاد في المعمودية.
للماء قيمة في حياتنا اليومية فنهر النيل الذي يمثل 8% من مسلحة مصر نلتف كلنا حوله لأنه مصدر الحياه تاركين الصحراء. وفي العهد القديم كان عند المصريين آله لذلك في الضربات تم تحويله لدم.
يعتبر من أطول أنهار العالم يمر على 10 بلاد نحن آخرها …لكن هل تعلم أن هناك مليار من البشر لا يجدون مياه لنلتفت لقيمة المياه وعدم إهدارها فهي للشرب والأكل والزرع حتى صناعة الدواء
يزورنا الآن رئيس وزراء أثيوبيا ونحن نرحب به ونرحب بالتفاهم القائم والعلاقات الطيبة على مستوى الكنيسة والدولة….
لنحافظ على كل نقطة مياه ونتجنب أي إهدار لها فقيراط المياه يستطيع أن ينقذ إنسان.
عيد الغطاس نحتقل بذكرى ميلادنا في المعمودية لنحتفل بمعمودية أولادنا كأعياد ميلادهم فهو ليس تذكار تاريخي لكن للتوبة وحياة نقاوة القلب….فهل تعلمون أن قديما بعد الأنتهاء من الصلوات كانوا ينزلون مياه النيل للتقديس برغم أننا في طوبة.
ليحفظ مسيحنا بلادنا من كل شر ونصلي من أجل المسئوليين والقيادة السياسية فبلادنا لها مكانة عالية على جميع الأصعدة ..ليحفظ الله لادنا من أي شر ومن أي عنف ويبارك كنيسته وخدمتها وصلواتها فالمعمودية وأن كانت مرة واحدة لكنها تقديس للحياة كلها
يحميكم الله ويبارك في حياتكم والكنيسة التي بها نحن الآن تقوم بعمل التجديدات في ستر الهيكل والصحن أيضا وسوف نحتفل على مستوى الكنيسة بمرور 100 عام على إنشاء مدارس الأحد و50 عام على ظهور العذراء في الزيتون و50 عام على إنشاء الكاتدرائية ويتصادف أن يكونوا في نفس عام إفتتاح الكاتدرائية الجديدة كاتدرائية “ميلاد المسيح”ليبارككم المسيح .
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
07 يناير 2019
الرسالة البابوية لعيد الميلاد المجيد
باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد، آمين أهنئكم بالعام الجديد وأهنئكم بعيد الميلاد المجيد، أول الأعياد السيدية التي نحتفل بها كل عام.أقدم تهنئتي إلى الجميع، إلى كل الآباء المطارنة والآباء الأساقفة، الآباء الكهنة القمامصة والقسوس، إلى كل الشمامسة والخدام والخادمات، إلى أعضاء وأراخنة مجالس الكنائس، وأيضًا إلى كل الشعب القبطي المسيحي في كنائسنا المنتشرة عبر الأرض في كل مكان، في أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية وأيضًا في أفريقيا وفي آسيا وفي أستراليا.أهنئكم جميعًا بهذا العيد، عيد الميلاد المجيد. وعيد الميلاد هو بداية جديدة نحتفل بها في كل عام. نتذكر الخليقة الأولى عندما خلق الله آدم وحواء، وأوجدهما وبدأ بهما حياة طيبة. كانا يتمتعان بالحياة مع الله، وعاشا هذه الحياة النقية الجميلة. ولكن عندما دخلت الخطية إلى حياتهما، تفككت العلاقة القوية التي تربطهما بالله، وصار آدم خائفًا ومختبئًا وصارت حواء بالمثل، وطُرِدا من أمام الله. وعاش الإنسان وتكاثر في الأرض حسب الوصية. وامتدت الشعوب والأجناس والأمم في الأرض في أماكن كثيرة، في أفريقيا وفي آسيا وفي أوروبا، سام وحام ويافث. وانتشر الإنسان وانتشرت معه الخطية. وانتشر الصراع، وانتشرت الجريمة، وانتشر العنف. وصار الإنسان في حروب مستمرة، داخلية أو خارجية، ونسمع عن الصراعات الكثيرة جدًا في العالم. ونعود فنتساءل ما هو الحل أمام هذه الصراعات؟ كيف يواجهها الإنسان؟الواقع أننا في قصة الميلاد يمكن أن نجد إجابة عن هذا السؤال. والإجابة عن هذا السؤال تتمثل في أن الإنسان يجب أن يعيش في فكر وروح مرحلة الطفولة. لقد جاء السيد المسيح مولودًا في بيت لحم اليهودية، رضيعًا صغيرًا وطفلًا وصبيًا. وفي كل مرة نحتفل بالميلاد، نحتفل بالطفولة. ويمكن أن نقول أن الطفولة هي مفتاح الحل، كيف؟ طبعًا لا أقصد بالطفولة الأعمار الأولى لسن الإنسان، ولكن أقصد روح الطفولة والبراءة التي نجدها في كل طفل.في أيقونة الميلاد نجد أن أمنا العذراء مريم في ملابسها الزرقاء تعبر عن السماء الثانية. والنجوم الكبيرة الموجودة على هذه الملابس ترمز إلى بتوليتها قبل الميلاد وأثناء الميلاد وبعد الميلاد. هي تحتضن هذا الرضيع الطفل الصغير، مولود بيت لحم، وتجدون أنه مُقمَّط بأقماط تشبه الكفن، فهو جاء ليموت، وليقدم نفسه عن العالم كله. وتجدون بجوار المذود حيوانان يمثلان اليهود والأمم. وفي أسفل الصورة تجدون صورة للخروف الذي كان يُقدَّم كذبائح، رمزًا إلى الذبيحة الدائمة، ذبيحة وصلب ربنا يسوع المسيح من أجل فداء البشرية. ونجد الصورة تتمتع بظلال الليل حيث كان ميلاد ربنا يسوع المسيح.الطفولة مفتاح للحل بصفاتها وبروحها. والكتاب المقدس في إنجيل معلمنا متى 18 يذكر أن ربنا يسوع المسيح يعلمنا: «إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ» (مت18: 3). كيف نرجع؟ الرجوع يكون من خلال الصفات التي يتمتع بها الأطفال. وهذه الصفات تمثلها شخصيات كثيرة في قصة الميلاد.أولًا دعونا أن ننظر إلى صفة البساطة التي يتحلى بها الأطفال. سنجدها واضحة جدًا في الرعاة البسطاء الذين كانوا في البرّية والبادية يرعون قطعانهم. وظهر لهم الملاك وأخبرهم بالبشرى السعيدة. والرعاة لا يعيشون في مكان واحد، يتنقلون من مكان إلى مكان. ولكن ما يغلف حياتهم هو البساطة في ترحالهم، في مأكلهم، في مشربهم، في سكناهم. البساطة هي كل شيء. يحتاج الإنسان أن يعود إلى البساطة.الأمر الثاني الذي يتميز به الطفل الصغير هو صفة الثقة والإيمان واليقين. أنه يصدق كل شيء من خلال براءته. نجد ذلك في أحداث وقصص الميلاد مع القديس زكريا الكاهن وزوجته أليصابات. زكريا الكاهن عندما استمع إلى بشرى الملاك الذي بشره نجده صار صامتًا، مثلما كان رحم اليصابات صامتًا، ومثلما كانت تبدو السماء كأنها صامتة. ولكن في الوقت المناسب أعطاهم الله ابنهما أعظم مواليد النساء يوحنا المعمدان الذي تكلم عنه الكتاب كثيرًا. ونجد القديسة أليصابات تقول في عبارة قوية «الَّتِي فِيهَا نَظَرَ إِلَيَّ، لِيَنْزِعَ عَارِي بَيْنَ النَّاسِ» (لوقا1: 25)، هكذا كانت أليصابات لديها نعمة التصديق والثقة واليقين.الصفة الثالثة التي نجدها في الأطفال، هي صفة النقاوة. الطفل صفحة بيضاء، يمتاز بالنقاوة الشديدة وبالطهارة. وهذه الصفة نجدها واضحة جدًا في أمنا العذراء مريم التي تلقت بشارة الملاك وكانت إجابتها على هذه البشارة تتميز بنقاوة بالغة: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» (لوقا1: 34). وعندما يشرح لها الملاك «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ» (لوقا1: 38). هذه الصفة نجدها في الطفولة. العالم يحتاج إلى هذه الصفة الآن.الصفة الرابعة التي نجدها في حياة الأطفال أيضًا، صفة الفرح والتسبيح. فنحن نعرف أن الأطفال يحبون الموسيقى، والأغاني، والترانيم. في قصة الميلاد نجد مشهد الملاكة الذين ظهروا بفرح مثل جوقة كبيرة بصوتهم السمائي وكلماتهم المضيئة التي تقول: «الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ» (لوقا2: 14). انها عبارات ممزوجة بالموسيقى تشع بالفرح العجيب. العالم يحتاج أن يتعلم سر الموسيقى لأنها فن رفيع يهذّب مشاعر الإنسان. فلا يقترب من الخطية لأنه مُرهَف الحس يعيش بفرح دائم متغلبًا على كل صراعات الحياة، حيث يجد أن الحياة أمامه جميلة جدًا.الصفة الخامسة التي نجدها في الطفولة هي صفة الحكمة. تسألني كيف الحكمة؟ إن الحكمة من صفات الكبار. في كثير من الأحيان نجد الصغار تصدر في تصرفاتهم وفي اجاباتهم حكمة بالغة إلى الحد الذي يساعد في حل مشكلات الكبار. الحكمة نجدها في المجوس الحكماء الذي أتوا من المشرق لكي ما يقدموا هداياهم الذهب واللبان والمر.هذه الصفات الخمس، هي صفات نراها في مرحلة الطفولة. تدعونا قصة الميلاد أن نعيش فيها. وبها نستطيع أن نواجه الصراعات التي تعم العالم وتنتشر في العالم.أنا سعيد أن أرسل لكم هذه الرسالة وأهنئكم بهذا الفرح العظيم الذي يكون للجميع. ويزيد سعادتنا في هذا العيد أننا على أرض مصر مع سيادة الرئيس نفتتح كنيستنا الجديدة في العاصمة الإدارية الجديدة التي تبنيها مصر. هذه العاصمة التي تُبنى كمشروع ضخم جدًا يضارع في مساحته مساحة دولة مثل سنغافورة. وهو مشروع ممتد ومشروع طموح للغاية. وكان السيد الرئيس المصري في العام الماضي 2017 قد أعلن عن بدء إنشاء أكبر كنيسة وأكبر مسجد على أرض مصر في العاصمة الإدارية. وها نحن في هذا العيد نفتتح المرحلة الأولى من هذه الكاتدرائية التي نسميها كاتدرائية ميلاد المسيح مع سيادة الرئيس الذي أوفى بما وعد، وشكرًا لكل الأحباء في القوات المسلحة وفي الهيئة الهندسية التي تبنّت هذا المشروع، وأيضًا معهم شركات البناء والمهندسين والفنيين والعمال وهم بالمئات.كل سنة وحضراتكم طيبون، تمنياتي وتهنئتي للجميع في كل كنائسنا عبر العالم كله. راجيًا الصلاة دائمًا من أجل السلام ومن أجل أن تعم الحياة الهادئة كل أرجاء الأرض. لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد، آمين.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
04 يناير 2019
عيد الميلاد المجيد
عيد الميلاد المجيد نفتتح به العام الجديد ,عندما خلق الله الانسان تمتع الانسان ان يكون فى حضرة الله وتمتع ان يكون فى معيه مع الله وان يكون فى الحضرة الالهية ولكن جاءت الخطية والخطية فى ابسط معناها هى كسر الوصية الالهية لان كسر الوصية هو كسر للطاعة وايضاً كسرالوصية يجرح المشاعر, جاءت الخطية وبدأ السقوط وانفصل الانسانعن الله وطرد وعندما صار بعيداً عن المعية الالهية صار يفكر فى عبادات بعيدة تارة يفكر فى الحيوانات لكيما يعبدها وتارة يفكر فى الفلك والنجوم والبحر والجبال ليعبدها وتارة يفكر فى الاوثان ويصنعها بيديه ثم يعبدها وبعد ان ارهقته الحيل صار يفكر فى نفسه لكيما يعبد ذاته وبدأ الانسان رحلة الظلمة ,ظلمة الخطية يبتعد عن الله فى عبادات كثيرة جعلته شريداً ووحيداً وكانه يعيش فى فراغ , عاش الانسان يعبد ذاته وصارت ذاته امامه باى صورة من الصور فى شهوات ورغبات ثم ايضاً صار حاله ردياً
فبدأ يتجه الى العنف لانه عاش الانانية ثم الامر الثالث انه عاش بالخوف فصار
الانسان كائناً خائفاً حتى فى ساعات الفرح فصار الخوف يسكن قلبه.
وصارت هذه الضعفات
الثلاثة:
1- ذاته
2- الانانية
3- الخوف
تشكل الكيان الانسانى واتجاسر واقول انه بدأ يفقد انسانيته وبدأ الانسان يتخلى عن الانسانية الصورة الجميلة التى ارادها الله يوم خليقته
,فقد خلقه فى اجمل صورة وعاشوا فى سعادة لا يمكن ان نصفها ولكن كل هذا فقده الانسان وجاء ميلاد السيد المسيح.
ميلاد السيد المسيح قسم الزمن الى ما قبل الميلاد وما بعده, نسمى ما قبل الميلاد العهد القديم وما بعده العهد الجديد, وبدأ الله يفتش عن الانسان الضائع التائه الخائف الانانى الذى يعبد ذاته وبدأ الله يضع امامه علاجات هذه الضعفات الثلاث وهذه العلاجات تمثلت فى انشودة الملائكة ” المجد لله فى الأعالى وعلى الارض السلام وبالناس المسرة” وهى انشودة فرح تقدم العلاج لضعفات
الانسان الذى تغرب عن خالقه:-
1- المجد لله فى العالى …. أنت ايها الانسان خلقت لكيما تقدم مجداً وتسبيحاً ولكن عندما رأى الانسان ذاته ونفسه اتجه الى عبادة الذات وشهواته ورغباته حتى قال بعض الفلاسفة ان الانسان بئر من الرغبات التى لا تشبع, فصار الانسان يضخم عقله واختراعاته وكانه يقول لا حاجة لى الى الله وصار الانسان كبيراً فى عينى نفسه وسقط فى بئر الكبرياء وتناسى الله كثيراً وحلت به النظرة الترابية الارضية فقط ولم يعد يقدم تمجيد لله .. التمجيد يبين ان الانسان قريب من الله ,فالتمجيد يبين ان فى قلب الانسان مخافة الله كما هو مكتوب رأس الحكمة مخافة الله , عندما تسكن الحكمة فى قلب الانسان يستطيع ان يمجد الله ويشعر بالحضرة الالهية فى كل عمل يعمله ويستطيع ان يستعد انسانيته.
“جعلت الرب امامى فى كل حين لانه عن يمينى فلا اتزعزع ” كما يقول داود النبى,
الانسان الخائف الله هو الذى يكون مواطنا صالحاً فى اى مجتمع , يكون انسان اميناً
فى كل ما اوتمن عليه.قدموا مجداً لله وانظروا الى السماء دائماَ …
2- على الارض السلام … انانية الانسان جعلته
يتجه الى القسوة والقمع والظلم نسمع عن الالام الكثيرة فى بلادان كثيرة فانانية
الانسان تعميه على ان يرى الآخر , فتحولت الانانية الى صراع وحروب وقتال وارهاب ,
والعلاج ان يكون الانسان صانع سلام ولا يستطيع ان يصنع سلام ما لم يمتلئ قلبه اولا من مخافة الله كما هو مكتوب “طوبى لصانعى السلام لانهم ابناء الله يدعون”,
فالذى يصنع سلاما هو ممدوح من الله والذى يصنع سلاماً فى كل مجتمع وكل مسئولية هو الذى يدعى ابناً لله والله يحبه كثيراً.
3- بالناس المسرة … صار الانسان خائفاً وخوفه
يلاحقه فى كل مرحلة من مراحل حياته والسبيل فى الناس المسرة .. الفرح فيجب ان يكون
الانسان مفرحاً أينما حل , فاذا عاش الانسان ايضاً بمخافة فقدم تمجيداً لله وصنع
سلاماً بين البشر فيستطيع ان يقتنى عطية الفرح المجيدة التى لا توصف , ويكون سبب فرح ليس لنفسه فقط بل لكل من حوله.
قصة الميلاد ليست قصة تاريخية أو مجرد حدث زمانى أنما هى
رسالة انسانية لكل أحد, ايها الانسان الذى ابتعد عن الله والذى تاهه فى دوامات
الحياة الكثيرة والذى فى اوقات كثيرة يفقد انسانيته ويتناسى وجوده ..أيها الانسان
ان اردت ان تكون حسب مشئية الله فأطلب ان تسكن المخافة فى قلبك لانها بداية طريق الحكمة .. قدم تمجيدا لله على الدوام .. اصنع السلام فى كل مكان فى داخلك فى قلبك
فلا تترك الخطية تتملك فى قلبك .. لتنال فرحاً على الارض هنا ويمتد بك الى الحياة
الابدية…
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد