المقالات

24 نوفمبر 2024

انجيل قداس الأحد الثالث من شهر هاتور

تتضمن الحث على الأعراض عن الاشياء الجسدية والاهتمام بطلب الكنوز الباقية مرتبة على قوله بفصل اليوم: "من منكم وهو يريد أن يبنى برجاً لا يجلس أولا ويحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله" ( لو ١٤ : ٢٥ - ٣٥ ) إذا كان الملوك والتجار والمزارعون لا ينفقون أموالهم ولا يبذرون الناتج منها إلا إذا أعجبهم تقدير فوائد المتاجر وتعين لهم خصب الزراعات فأنهم حينئذ ينهضون وينفقون اما إذا حسبوا التكاليف والنفقات وتعينت لهم الخسائر والغرامات فانهم حينئذ يعرضون ولا يتكلفون وإذا كان هذا فعل هؤلاء في الحاضرات فكيف لا نفعل نحن في الباقيات ؟ وما بالنا نضيع أموالنا باطلاً وننفق كنوزنا مجاناً ونجعل أتعابنا واجتهادنا للكيمان والمزابل ولا نتصرف فيما كما ينبغى وكيف لا نفكر فى مثل هذا قائلين: أين فوائد أتعابنا أمس وما قبله؟ أين ثمرة أجتهادنا في سني عمرنا ؟ أين هي أطعمتنا واشربتنا واجتماعاتنا ؟ أليس قد ذهب سعينا باطلاً؟ وما حصلنا سوى الخسران والهوان فكيف لا نسأل عن المرتجاة ونختار الأراضي النقية قبل أن ننفق أموالنا باطلاً. ونضيع البذار في السباخ عبثاً.وما بالنا ننظر أتعابنا كل يوم متتابعة وكنوزنا خالية من الباقيات ولا ننهض من نومنا ونتيقظ من غفلتنا ونجتهد في تحصيل حظوظنا ونسلك في مسالك الفائزين. يا للعجب من كون الذين يرومون الأموال تراهم دائماً هائمين مجتهدين متحايلين فلا يلتذون بطعام ولا بشراب ولا بنوم ولا براحة. لكنهم يرومون الزيادة بمفارقتها ولا نجتهد نحن كذلك في فوائد الباقيات .ونتهافت على الإكثار بالسمائيات وكيف لا نسمع قول ربنا حيث ينبهنا دائماً بقوله: " لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يفسد السوس ... " ( مت ١٩:٦) وبقوله " وبقوله " لا تهتموا للغد لأن الغد يهتم بما لنفسه "( مت ٣٤:٦) وقوله : " اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي "( يو ٢٧:٦) وقوله "أدخلوا من الباب الضيق. لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذى يؤدى إلى الهلاك وكثيرون هم الذين يدخلون منه . ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدى إلى الحياة . وقليلون هم الذين يجدونه" ( مت ١٣:٧-١٤) فإن قلت ما هو الباب الضيق ؟ أجبتك : هو شريعة الله التي تقمع شهواتنا ثم الطاعة والأمساك والإماتة ونحو ذلك مما هو تقيل على أصحاب الشهوات وطالبي الأرضيات ولكنه طيب وخفيف على الروحيين والناظرين إلى العتيدات اما الباب الواسع والطريق الرحب فهو الشهوة والحرية غير المرتبة والحنجرة والمال ونحو ذلك ارايتم كيف يمدح العيشة التقشفية ويذم العيشة الناعمة ؟ . وكيف يثني على السائرين في المسالك الضيقة ويعطى الويل للمتنعمين أو ما سمعتم قوله : " كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لى تلميذاً" وقوله: " الملح جيد ،ولكن إذا فسد الملح فبماذا يصلح " ( لو ٢٣:١٤-٣٤) ومعناه انكم انتم الذين ينبغي لكم أن تصلحوا الأمم بحسن سيرتكم وإضاءة أعمالكم وحبكم للفضيلة تفسدون وتفقدون حرارة الروح التي فيكم فلا تصلحون إلا للاحتقار فتطردون وتداسون فسبيلن أن نتفهم هذه الأشياء ولا ننساها بل نتذكرها دائماً لنفوز بالخيرات بتعطف وتحنن ربنا وإلهنا الذى له المجد إلى الأبد أمين. القديس يوحنا ذهبي الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
17 نوفمبر 2024

إنجيل قداس الأحد الثاني من شهر هاتور

تتضمن ايضاح ما هو مشاهد من عدم تأثير التعليم.مرتبة على فصل مثل الزارع. ( مت ۱۳ : ۱-۲۳ ) إن حالة الكرازة فى هذا العصر تغير ما كان يحدث في أوائل العصر الرسولي فأن بطرس الرسول أول خطبة بسيطة في أورشليم جذب إلى الأيمان ثلاثة ألاف نفس أع٤١:٢ وبثاني خطبة أنضم نحو خمسة آلاف رجل أع٤:٤ اما في هذا العصر فنجاح الكرازة قليل جداً. وهو أمر عجيب للغاية ! ويقول البعض في نجاح الكرازة في العصر الرسولى كان بسبب العجائب. وذلك لأن الذين آمنوا بكرازة بطرس الأولى كانوا قد شاهدوا الرسل وهم أميون يتكلمون بلغات مختلفة فأمنوا أع ٧:٢-٨ وإن الذين أمنوا بكرازته الثانة كانوا قد شاهدوا ذلك الذي ولد من بطن أمه أعرج يمشى أع٢:٣-٨. وان الوالي أمن لأنه رأى ان لعنة بولس الرسول أعمت عين الساحر في الحال أع٦:١٣-١٢ وقد شهد بذلك أيضاً البشير بقوله: اما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان. والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالأيات التابعة أع٢٠:١٦ على انه يوجد كثيرون قد أمانوا بدون يشاهدوا عجائب ولا ايات منهم وزير كنداكة ملكة الحبشة فانه عند ما بشره فيلبس الرسول بيسوع أمن في الحال واعتمد أع ٢٧:١-٣٨ بدون مشاهدة ايات. وكذلك أهل أثينا عندما بشرهم بولس الرسول أمن منهم ديونيسيوس الأريوباغى وامرأة أسمها دامرس وأخرون معها أع٣٤:١٧. فإذا كانت الأيات هي كل السبب فى جذب الناس إلى الأيمان. فلماذا لم يؤمن فرعون الذى شاهد أعظم العجائب ؟ وبدلا من كونه يؤمن نراه قد قسا قلبه. ولماذا لم يؤمن الفريسيون ؟ فأنهم عندما شاهدوا ابراء السيد له المجد للمجنون الأخرس بدلا من أن يؤمنوا قالوا أنه: " برئيس الشياطين يخرج الشياطين" مت٣٢:٩-٣٤ وقال أخرون أن عدم نجاح الكرازة هو من عدم استقامة الواعظ. وعدم مطابقة أعماله لوعظه وحجتهم في ذلك قول بولس الرسول: "فانت إذن الذي تعلم غيرك الست تعلم نفسك. الذي تكرز ان لا يسرق أتسرق "رو٢١:٢-٢٢ على أن الرسول لم يقل أن الكرازة لم تثمر بسبب عدم استقامة الوعظ. ولا من عدم أنطباق أعماله على وعظه وإنما اراد بذلك توبيخ ذلك الواعظ الذميم السيرة الذى لا يصلح أمور نفسه قبل غيره. وسيدنا له المجد قد أزال كل شك وريب من هذا القبيل بقوله: " على كرسى موسى جلس الكتبة والفريسيون. فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فأحفظوه وأفعلوه. ولكن حسب اعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون لا يفعلون " مت١:٢٣-٢١ حقا هذا. فإنه كما أن الخصب لا يكون من حسن الزارع. كذلك تأثير الكرازة وعدمه لا يكون من قداسة الواعظ وعدمها. وإلا لكان قد أمن جميع الناس بكرازة قدوس القديسين. لكن نحن ما لنا وهذا كله. ومثل الزارع قد حل كل أعتراض كما ترى ذلك فيما يلي: إن سيدنا له المجد بفصل أنجيل اليوم قد مثل الكرازة الأنجيلية بالزرع. وهو تمثيل في غاية المناسبة. لأنه كما ان الزارع يلقى البذار من يده في الأرض. كذلك الواعظ يلقى كلمة الله من فمه فى مسامع المؤمنين. وكما أن الزرع أما أن يصادف أرضا جيدة فينمو ويثمر . أو لا يصادف فلا يثمر . كذلك التعليم بالكلمة أما ان يصادف أستعداد الإنسان وميله فيثمر في نفسه أو لا يصادف فلا يأتي بفائدة.ينتج من هذا أن ليس كل الذين يسمعون الكلمة يخلصون. لأن التأثير يختلف حسب أختلاف السامعين. وهو ما ضرب من أجله هذا المثل. فأن ربنا له المجد قد شبه فيه الواعظ بالزارع والعالم بالحقل. وكلمة الله بالبذار وذلك لأن غلة الزرع هي قوت للجسد. كما أن ثمرة كلمة الله هي خلاص للنفس اننا نتعلم من فصل انجيل هذا اليوم أن السامعين لكلمة الله أربعة انواع: النوع الأول : هم الذين يسمعون الكلمة بدون أكتراث. ويشبهون الزرع الذي سقط على الطريق فانداس واكلته طيور السماء. لأن قلوبهم غير مستعدة وقاسية حتى أن كلمة الله لا تؤثر فيها ولذا تراهم يجلسون في الكنيسة أن أتوا إليها فارقين في بحار التفكير بأمور يعرفونها هم. وأن انتبهوا فإلى ملابس الشعب او الواعظ وصوته. وأن سمعوا الوعظ فبقصد الانتقاد على الواعظ والتنديد عليه لا السماع كلمة الله. وفاتهم أنهم في تلك اللحظة يكونون في حضرة الله تعالى. ويأتي وقت يردد فيه كلا منهم قول الحكيم: "كيف أنى أبغضت الأدب ورذل قلبي التوبيــــخ ولم أسمع لصوت مرشدى" أم ١٢:٥-١٤ النوع الثاني : هم الذين يسمعون الكلمة بفرح ولكن إلى حين. ويشبهون الزرع الذي سقط على الصخر. ولما نبت جف لأنه لم تكن له رطوبة. لأنهم يسمعون التعليم بأبتهاج وتنتعش عواطفهم من شدة الفرح ولكن بما أنهم ليس فيهم أصل للأقرار بالخطايا. ولا محبة فيهم ولا قداسة فأن فرحهم لا يدوم. لأنهم عند أول تجربة يعثرون ويسقطون. نعم أنهم يسمعون الكلمة بأشتياق حار لكنهم لا يفهمون البشرى فهما تاما وخصوصا من جهة كونهم خطاة ومعرضين لغضب الله. فتراهم يسلمون بحقائق البشرى ويتصورنها. ولكنهم لا يجددون ذهنهم بأتضاع قلوبهم وبخضوع ارادتهم وتقديس أهوائهم. ويأخذون آرائهم عن الدين من شهادة البشر ويلتذون بسماع الوعظ عن واعظ ويبغضون الأخرين. لا يتأملون في أمروهم "ولا يمتحنون ذواتهم. وبالأجمال " لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها" ٢تى٥:٣ فهذا النوع ديانته باطلة أيضا كالنوع الأول. وأن امتاز عنه بفرحه وقت سماع الكلمة.النوع الثالث : هم الذين يسمعون الكلمة لكنهم لا يستفيدون لارتباكهم بهموم الحياة ويشبهون الزرع الذى سقط بوسط الشوك فنبت معه الشوك وخنقه، لأنهم يقبلون الكلمة بفرح وتنموا فيهم نمواً يبشر بثمرة صالحة. فتراهم كأنهم أخذون فـــي التجديد. ولكنهم بسب هموم الحياة الحاضرة وملذاتها وغرور الغني وسائر الشهوات. يسقطون ويصيرون بلا ثمر. فأن قلت ما السبب الداعى لسقوط هذه الأنواع الثلاثة منم الناس وهلاكهم ؟ أجبتك. أن سبب النوع الأول هو عدم الأكتراث وسبب هلاك النوع الثاني هو فقد . وسبب هلاك النوع الثالث هو محبة العالم أى نعم فأن عدم الأكتراث. المبادئ ،وسبب هلاك النوع الثالث هو محبة العالم أى نعم فأن عدم الأكتراث يضر بكثيرين والتوانى يضر بأخرين وغرور الحياة الدنيا يهلك البقية أما النوع الرابع فهم الذين يسمعون الكلمة ويقبلونها ويحفظونها. ويشبهون الزرع الذي سقط على الأرض الصالحة. ولما نبت صنع ثمراً مئة ضعف. لأنهم يقبلون الكلمة بأيمان حقيقى ورغبة صحيحة ككلمة الله كما هى بالحقيقة. لا ككلمة بشر ١تس١٣:٢. فيثمرون أثمار التقوى وعمل كل ما يحب الله فتظهر فيهم نعمته. وتعلمهم أن يتجنبوا الفجور وكل الشهوات فيعيشون بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر . تى١١:٢-١٢ فسبيلنا أن نواظب على الحضور إلى الكنيسة لسماع كلمة الله بإصغاء تام وبكل ورع وتقوى. تاركين عنا هموم العالم وغروره. ولذات الجسد وكل شهواته. لتكن كل تأملاتنا في ما نسمعه وليس لنرى الغير لأجل الانتقاد. حتى نفهم كل ما يتلى على مسامعنا فنثمر أثمار الفضيلة ونفوز بالخلاص بتعطف وتحنن ربنا وإلهنا يسوع المسيح الذى له المجد إلى الأبد. أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
10 نوفمبر 2024

انجيل قداس الأحد الأول من شهر هاتور

تتضمن إيضاح ما هو مشاهد من عدم تأثير التعليم مرتبة على فصل مثل الزارع (لو ٨ : ٤ - ١٥ ) إن حالة الكرازة فى هذا العصر تغير ما كان يحدث في أوائل العصر الرسولي فأن بطرس الرسول أول خطبة بسيطة في أورشليم جذب إلى الأيمان ثلاثة ألاف نفس أع٤١:٢ وبثاني خطبة أنضم نحو خمسة آلاف رجل أع٤:٤ اما في هذا العصر فنجاح الكرازة قليل جداً. وهو أمر عجيب للغاية ! ويقول البعض في نجاح الكرازة في العصر الرسولى كان بسبب العجائب. وذلك لأن الذين آمنوا بكرازة بطرس الأولى كانوا قد شاهدوا الرسل وهم أميون يتكلمون بلغات مختلفة فأمنوا أع ٧:٢-٨ وإن الذين أمنوا بكرازته الثانة كانوا قد شاهدوا ذلك الذي ولد من بطن أمه أعرج يمشى أع٢:٣-٨. وان الوالي أمن لأنه رأى ان لعنة بولس الرسول أعمت عين الساحر في الحال أع٦:١٣-١٢ وقد شهد بذلك أيضاً البشير بقوله: اما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان. والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالأيات التابعة أع٢٠:١٦ على انه يوجد كثيرون قد أمانوا بدون يشاهدوا عجائب ولا ايات منهم وزير كنداكة ملكة الحبشة فانه عند ما بشره فيلبس الرسول بيسوع أمن في الحال واعتمد أع ٢٧:١-٣٨ بدون مشاهدة ايات. وكذلك أهل أثينا عندما بشرهم بولس الرسول أمن منهم ديونيسيوس الأريوباغى وامرأة أسمها دامرس وأخرون معها أع٣٤:١٧. فإذا كانت الأيات هي كل السبب فى جذب الناس إلى الأيمان. فلماذا لم يؤمن فرعون الذى شاهد أعظم العجائب ؟ وبدلا من كونه يؤمن نراه قد قسا قلبه. ولماذا لم يؤمن الفريسيون ؟ فأنهم عندما شاهدوا ابراء السيد له المجد للمجنون الأخرس بدلا من أن يؤمنوا قالوا أنه: " برئيس الشياطين يخرج الشياطين" مت٣٢:٩-٣٤ وقال أخرون أن عدم نجاح الكرازة هو من عدم استقامة الواعظ. وعدم مطابقة أعماله لوعظه وحجتهم في ذلك قول بولس الرسول: "فانت إذن الذي تعلم غيرك الست تعلم نفسك. الذي تكرز ان لا يسرق أتسرق "رو٢١:٢-٢٢ على أن الرسول لم يقل أن الكرازة لم تثمر بسبب عدم استقامة الوعظ. ولا من عدم أنطباق أعماله على وعظه وإنما اراد بذلك توبيخ ذلك الواعظ الذميم السيرة الذى لا يصلح أمور نفسه قبل غيره. وسيدنا له المجد قد أزال كل شك وريب من هذا القبيل بقوله: " على كرسى موسى جلس الكتبة والفريسيون. فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فأحفظوه وأفعلوه. ولكن حسب اعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون لا يفعلون " مت١:٢٣-٢١ حقا هذا. فإنه كما أن الخصب لا يكون من حسن الزارع. كذلك تأثير الكرازة وعدمه لا يكون من قداسة الواعظ وعدمها. وإلا لكان قد أمن جميع الناس بكرازة قدوس القديسين. لكن نحن ما لنا وهذا كله. ومثل الزارع قد حل كل أعتراض كما ترى ذلك فيما يلي: إن سيدنا له المجد بفصل أنجيل اليوم قد مثل الكرازة الأنجيلية بالزرع. وهو تمثيل في غاية المناسبة. لأنه كما ان الزارع يلقى البذار من يده في الأرض. كذلك الواعظ يلقى كلمة الله من فمه فى مسامع المؤمنين. وكما أن الزرع أما أن يصادف أرضا جيدة فينمو ويثمر . أو لا يصادف فلا يثمر . كذلك التعليم بالكلمة أما ان يصادف أستعداد الإنسان وميله فيثمر في نفسه أو لا يصادف فلا يأتي بفائدة.ينتج من هذا أن ليس كل الذين يسمعون الكلمة يخلصون. لأن التأثير يختلف حسب أختلاف السامعين. وهو ما ضرب من أجله هذا المثل. فأن ربنا له المجد قد شبه فيه الواعظ بالزارع والعالم بالحقل. وكلمة الله بالبذار وذلك لأن غلة الزرع هي قوت للجسد. كما أن ثمرة كلمة الله هي خلاص للنفس اننا نتعلم من فصل انجيل هذا اليوم أن السامعين لكلمة الله أربعة انواع: النوع الأول : هم الذين يسمعون الكلمة بدون أكتراث. ويشبهون الزرع الذي سقط على الطريق فانداس واكلته طيور السماء. لأن قلوبهم غير مستعدة وقاسية حتى أن كلمة الله لا تؤثر فيها ولذا تراهم يجلسون في الكنيسة أن أتوا إليها فارقين في بحار التفكير بأمور يعرفونها هم. وأن انتبهوا فإلى ملابس الشعب او الواعظ وصوته. وأن سمعوا الوعظ فبقصد الانتقاد على الواعظ والتنديد عليه لا السماع كلمة الله. وفاتهم أنهم في تلك اللحظة يكونون في حضرة الله تعالى. ويأتي وقت يردد فيه كلا منهم قول الحكيم: "كيف أنى أبغضت الأدب ورذل قلبي التوبيــــخ ولم أسمع لصوت مرشدى" أم ١٢:٥-١٤ النوع الثاني : هم الذين يسمعون الكلمة بفرح ولكن إلى حين. ويشبهون الزرع الذي سقط على الصخر. ولما نبت جف لأنه لم تكن له رطوبة. لأنهم يسمعون التعليم بأبتهاج وتنتعش عواطفهم من شدة الفرح ولكن بما أنهم ليس فيهم أصل للأقرار بالخطايا. ولا محبة فيهم ولا قداسة فأن فرحهم لا يدوم. لأنهم عند أول تجربة يعثرون ويسقطون. نعم أنهم يسمعون الكلمة بأشتياق حار لكنهم لا يفهمون البشرى فهما تاما وخصوصا من جهة كونهم خطاة ومعرضين لغضب الله. فتراهم يسلمون بحقائق البشرى ويتصورنها. ولكنهم لا يجددون ذهنهم بأتضاع قلوبهم وبخضوع ارادتهم وتقديس أهوائهم. ويأخذون آرائهم عن الدين من شهادة البشر ويلتذون بسماع الوعظ عن واعظ ويبغضون الأخرين. لا يتأملون في أمروهم "ولا يمتحنون ذواتهم. وبالأجمال " لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها" ٢تى٥:٣ فهذا النوع ديانته باطلة أيضا كالنوع الأول. وأن امتاز عنه بفرحه وقت سماع الكلمة.النوع الثالث : هم الذين يسمعون الكلمة لكنهم لا يستفيدون لارتباكهم بهموم الحياة ويشبهون الزرع الذى سقط بوسط الشوك فنبت معه الشوك وخنقه، لأنهم يقبلون الكلمة بفرح وتنموا فيهم نمواً يبشر بثمرة صالحة. فتراهم كأنهم أخذون فـــي التجديد. ولكنهم بسب هموم الحياة الحاضرة وملذاتها وغرور الغني وسائر الشهوات. يسقطون ويصيرون بلا ثمر. فأن قلت ما السبب الداعى لسقوط هذه الأنواع الثلاثة منم الناس وهلاكهم ؟ أجبتك. أن سبب النوع الأول هو عدم الأكتراث وسبب هلاك النوع الثاني هو فقد . وسبب هلاك النوع الثالث هو محبة العالم أى نعم فأن عدم الأكتراث. المبادئ ،وسبب هلاك النوع الثالث هو محبة العالم أى نعم فأن عدم الأكتراث يضر بكثيرين والتوانى يضر بأخرين وغرور الحياة الدنيا يهلك البقية أما النوع الرابع فهم الذين يسمعون الكلمة ويقبلونها ويحفظونها. ويشبهون الزرع الذي سقط على الأرض الصالحة. ولما نبت صنع ثمراً مئة ضعف. لأنهم يقبلون الكلمة بأيمان حقيقى ورغبة صحيحة ككلمة الله كما هى بالحقيقة. لا ككلمة بشر ١تس١٣:٢. فيثمرون أثمار التقوى وعمل كل ما يحب الله فتظهر فيهم نعمته. وتعلمهم أن يتجنبوا الفجور وكل الشهوات فيعيشون بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر . تى١١:٢-١٢ فسبيلنا أن نواظب على الحضور إلى الكنيسة لسماع كلمة الله بإصغاء تام وبكل ورع وتقوى. تاركين عنا هموم العالم وغروره. ولذات الجسد وكل شهواته. لتكن كل تأملاتنا في ما نسمعه وليس لنرى الغير لأجل الانتقاد. حتى نفهم كل ما يتلى على مسامعنا فنثمر أثمار الفضيلة ونفوز بالخلاص بتعطف وتحنن ربنا وإلهنا يسوع المسيح الذى له المجد إلى الأبد. أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
03 نوفمبر 2024

انجيل قداس الأحد الرابع من شهر بابه

تتضمن توبيخ الذين يحزنون على الأموات مرتبة على فصل أحياء ابن الارملة بمدينة نايين( لو ۷ : ۱۱-۱۷ ) لا ينبغي لنا أن ننوح ونندب على أمواتنا بعد ان حقق لنا سيدنا له المجد قيامة الأموات فما بالنا الآن نبكى على الاموات بحرقة ونتخذ النائحات والنادبات وقد قهر سيدنا له المجد الموت وانتزع ملكه وسلطانه. فما بالك ياهذا تنوح كثيرا وتكابد احزانا وهموما. وقد صار موتنا نوما يعرض من شأنه الزوال ولقد كان يجب علينا أن نضحك بالخارجين عنا لأنهم يقولون: لو صدق هؤلاء بقيامة الأموات كما يدعون لما عمل نساؤهم على الاموات هذه الفعال وأنت أيتها المرأة ما بالك تندبين بالبكاء والعويل وتكثرين من الحزن والنحيب. وتتخذين النوائح والصارخات والنادبات. وتخدشين وجهك وتنهشين سواعدك وتقصين شعر رأسك وتلطمين على خدك ولا تسمعين لقول سيدنا: "أن الصبية لم تمت لكنها نائمة . إلا تنظرين حياتها بعد موتها الذى دعاه المخلص نوما؟ فإن قلت لم لا تقوم ابنتي الآن كما قامت تلك ؟ قلت فإن كان هذا عملك على الميتة الواحدة هكذا. فما الفائدة أن تعيش ابنتك مدة ثم تموت مرة أخرى. ثم أقول لك ولسائر المؤمنين: أما تعلمون يا هؤلاء اننا في الدنيا معذبون معاقبون مكابدون أحزانا وهموما يطول وصفها. لأن الله قد قال لأبينا الأول حينما وجده مخالفا للوصية الأولى: "ملعونة الارض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك. وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها لانك تراب وإلى التراب تعود ثم قال للمرأة: تكثيرا أكثر أتعاب حبلك بالوجع تلدين أولادا. وإلــــــى رجلـــــك يكون اشتياقك وهو يسود عليك". وإذا كان هذا فما بالنا نندب من خلصه الله من عالم الآفات. ونبكي بحرقة على من رفع من اراضي الاحزان والاتعاب. ولماذا ننظر اناساً آخرين يرهبون الموت ويظنونه موجباً للعدم مطلقاً. وآخرين يثلبون الله تعالى إذ يعدون هذه شدائد وضعها عليهم ويقــــرون بالعجز عنها. ويا للعجب من كونك تفعل مثل هذه الفعال ثم توزع عن ميتك الأموال وتقدم لأجله القرابين وتسأل الكهنة أن يذكروه في الصلوات كثيراً !! فإن قلت إنما افعل ذلك لكي يجد راحة وعوناً. قلت وهل يجد راحة إلا الأحياء؟ فإن كان حياً فما بالك تندب كالاموات. فلا ينبغي لنا إذن أن نحزن على أمواتنا بل يجب علينا أن نسر ونفرح لنقلهم من ارض الحزن والشقاء إلى اماكن النعيم. حيث لا غم ولا حزن ولا أسف ولا ندم ولا هم ولا أنين. الملكوت الذى لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر. فإن قلت إن الحزن لذواتنا طبع لازم. فكيف تخرج الطبيعيات عن العمل بحسب ما يقتضيه طبعها ؟ أجبتك أن الذنب ليس هو لطبيعتك الحيوانية. بل لعقلك المصرف لها. لأنك لو ثقفت عقلك وروضته بالنظر في الناموس دائماً لغلب الطباع الجسيمة وقهرها وفعل ما تقتضيه طباعه الشريفة فإن قلت إنما يحملني على البكاء والحزن هو انه كيف يموت ولا وارث له؟ وكيف يخلف الاموال والعقار والخدم والحقول وغير ذلك لقوم آخرين؟ قلت وهل الارجح عندك أن يرث داراً تسقط سريعاً وخداماً منحلين بطبيعتهم المائتة. وثياباً يفسدها السوس والارضة أو يكون وارثاً لنعيم الملكوت حيث لا تصل العوادي المفسدة إلى ما هنالك. وليس يصير وارثا مع أخوة يحاكمونه ويخاصمونه على التعادل في قسمة الميراث. بل يكون وارثاً مع المسيح نفسه. فإن قلت ولمن يخلف الامـــوال والاملاك والحقول والعبيد والإماء؟ أجبتك أنه ينبغى أن يخلفها للمسيح بتركها للفقراء والمحتاجين. فإن قلت وكيف ينتفع بها وقد صار في محلة الاموات؟ قلت لك بأن تتصدق بها عنه على الفقراء والبائسين والأرامل والأيتام والمحتاجين وتقدمها عنه قرابين ليجدها هناك سليمة عديمة الفساد والزوان هذا وإن كان بعض الأعاجم يحرقون مع الميت جميع ذخائره وقناياه. فلم لا ترسل أنت مع ابنك قناياه سالمة من الحريق لينتفع بها هناك. لأنه إن كان قد ذهب من الدنيا وهو خاطئ مزقت عنه كتاب خطاياه وإن كان غير خاطئ كان له بها زيادة الشرف والسرور أمام خالقه فإن قلت كنت أريد أن لا يفارقني. قلت إذا أردت أن تتمتع بجمال منظره فعش كعيشته الأولى حيث كان طفلا صغيرا فإنك ستقابله سالما وتجتمعان كلاكما دائما في النعيم. فإن فكرت أنه لا يعود إلى هناك فلم لا تفكر أنك أنت ستصير إليه بعد قلبل ويكون لك الحظ الأوفر في ذلك حيث تنتقل صائرا إليه ولا تنتقل مفارقا له. فإن خرج من الدنيا خاطئا فقد وقفت مساعى خطاياه عن التقدم بزيادة. فإن الله تعالى لو علم انه ينتقل عن خطيئته لما بادر إليه مختطفا بسرعة قبل الشروع في التوبة. وإن كان قد خرج من الدنيا بارا صالحا فقد حفظ عليه بره وصلاحه وخلصه من عالم الآفات والحزن اخبرني يا هذا ما الذي تراه في الدنيا من السعادة حتى تحزن على المفارقين لها؟ إنك دائما ترى الاضداد محيطة بك ودائرة عليك وأنت متقلب بين ضروب الآفات وأصناف الانكاد. تارة تطلب ما لا تجد. وتارة تفقد الموجودات والمحبوبات. وتارة تشكو ثقل الامراض والأوصاب. وتارة تعذر الاكتساب. وتارة تتوجع لألم الخلان والأقران. وتارة تتأوه لمصاعب الكبر. وترة تتمنى الموت لورود النوازل العامة كالغلاء والجلاء وعدم الأمطار وقيام الأعداء والمعاندين وتواتر الحروب والفتن وغير ذلك. فلم لا تصبر على فراق الأحباب. وتسر بنقلهم من دار المصائب والحزن. ونجمع رأينا على تصديق كلام ربنا في الاجتماع بهم هناك مبهجين مسرورين. وأنت أيتها المرأة إذا رأيت أن الذى أعطاك الأولاد هو الذي أخذهم إليه ليعطيهم أكثر مما عندك وأنك صائرة إلى الاجتماع بهم بعد قليل. فكيف تندبين وتحزنين عليهم؟ فإن قلت اننى أرملة ووحيدة ولا ولد لى ولا معين قلت وكيف تقولين هذا وقد رجع أمرك إلى قاضى الأرامل وأب الأيتام. ألم تسمعى الرسول حيث يعطيك الطوبي بقوله إن رجاءها في الله وحده ؟ فلو علمت ما هي حقيقة العيشة الحاضرة ومعانى الحياة الأجلة لأعرضك بجملتك عن هذه. ورغبت مسارعك إلى تلك فسبيلنا أن ننهض عقولنا ونطهر سرائرنا ونجتهد بصالح الأعمال للانتقال إلى ملكوت ربنا الذى له المجد إلى ابد الآبدين أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
27 أكتوبر 2024

انجيل قداس الأحد الثالث من شهر بابه

تتضمن تقبيح رذيلة الحسد والنهى عنها مرتبة على فصل ابراء المجنون الاعمى والاخرس ( مت ۱۲ : ۲۲-۲۸ ) سمعتم اليوم إيها الأحباء فصل أبراء المجنون الأعمى والأخرس وقد عرفتم حكم العامة العادل وقولهم عن سيدنا له المجد: " ألعل هذا هو ابن داود . ثم ميلان الفريسيين عن العدل بقولهم عنه انه: " لا يخرج الشياطين إلا بيعلزبول رئيس الشياطين ولابد انكم تتساءلون فيما بينكم عن السبب الذي دفع الفريسيين لحكمهم هذا الحكم الفاسد فأجيبكم أنه الحسد وهو الحزن لخير يحرزه قريب الحسود ان سيدنا له المجد انار بصيرة الأعمى. والحسد أعمى بصيرة الفريسيين. فلا تتعجبوا من هذا لأن الأهواء النفسانية تظلم بصيرة الأنسان بقدر ما ينير الله ذهنه. فإن قلت لماذا لم يتفق العامة مع الفريسيين؟ أجبتك لأن العامة كانوا سليمين من داء الحسد أما الفريسيون فكانوا حسودين بكل معنى الكلمة إن الحسد أيها الأحباء هو ثانى الخطايا التي دخلت إلى العامل عن يد قايين القاتل الأول كما قال الكتاب المقدس: وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قرباناً للرب. وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه. ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر فاغتاظ قايين جداً وسقط على وجهه. فقال الرب لقايين لماذا اغتظت ولماذا سقط وجهك. إن احسنت إفلا رفع؟ وان لم تحسن فعند الباب خطية رابضة واليك اشتياقها وانت تسود عليها وكلم قايين هابيل أخاه. وحدث إذ كان في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله" هذه هي نتيجة الحسد. فأن قلت ما هو الحسد ؟ أجبتك أنه أختلاف قلب الحسود على الناس لكثرة أموالهم واغتمامه بسرورهم. أو هو حزن الحسود لخير يحصل لقريبه. وتمنيه بأن يكون له ذلك الخير دون سواه. ولكن البعض من الناس يخلطون الحسد بالغيرة وقد أخطأوا فى ذلك. لأن الغيرة إنما هي شئ داخلي يدفع الانسان إلى الاقتداء بالغير من ذو الفضل. نعم أن الغيور يحزن كما يحزن الحسود ولكن الفرق بين الاثنين عظيم لأن هذا إنما يحزن لحصول الخير لقريبة متمنيا أن يكون له كما سبق القول. أما الغيور فإنه يحزن على توانيه وعدم أحرازه لما احرزه غيره من الخير. فالحسد إذن رذيلة. والغيرة فضيلة لأن الله جل وعز قد غار على أورشليم وعلى صهيون غيره عظيمة والرسول بولس يقول: "حســـــنا هي الغيرة في الحسني" وهذا بخلاف الحسد الذى يقول عنه الحكيم: "من يقف قدام الحاسد" نعم أن الحسد هو جرثومة وأصل الشرور إذ منه ينبعث القتل والبغضة والنميمة والثلب . وإشتهاء الضرر للغير واشباه هذه. فمن منكم لا يعرف أن الأنسان بالحسد يصبح شبيه بابليس الذى بحسده دخل الموت إلى العالم أن الحسود من دأبه أن يفرح بنزول المصائب على قريبه ويحزن حينما يراه مسرورا هادئ البال. وبهذا صار كالحيوان البحرى الذي يسر ويلعب عند هيجان البحر ويحزن وينقطع صوته عند سكوته وهدوئه. فالحسد يجر إلى صاحبه غالبا شقا وحزنا وغما. كما أنه يزيد مركز المحسود ويرفعه إلى حيث لا يريد الحسود وها أنا مورد لكم ما يؤيد ذلك من الكتاب المقدس: كان يعقوب يحب ابنه يوسف أكثر من سائر أخوته ولذلك حسدوه وابغضوه وحدث أنه راى حلما وقصه عليهم فازدادت كراهيتهم له واشتد حنقهم عليه فارادوا قتله لولا رأوبين الذى أقنع اخوته بطرحه في بئر ثم نجا بواسطة قافلة الاسماعيليين الذين باعوه إلى فوطيفار خصى فرعون. وبالاجمال قد لاحظته العناية الالهية فصار سيدا على كل أرض مصر. وفي زمن اشتداد الجوع جاء أخوته وسجدوا له وهم لا يعرفون لمن يسجدون وقال الكتاب أيضا عن حسد شاول لداود: إنه حينما عاد داود من قتل الجبار جليات الفلسطيني خرجت النساء من جميع مدن اسرائيل بالغناء والرقص للقاء شاول الملك بدفوف وبفرح وبمثلثات. فأجابت النساء اللاعبات وقلن: ضرب شاول ألوفه وداود ربواته. فاحتمى شاول جدا. وساء هذا الكلام فى عينيه. وقال: أعطين داود ربوات وأما أنا فاعطينني الألوف. وبعد فقط تبقى له المملكة. فكان شاول يعاين داود من ذلك اليوم وقد حاول قتله بيده أكثر من مرة ثم بواسطة عبيده فلم يتمكن لا هو ولا عبيده من ذلك. لأن عين الله كانت عليه . أخيرا قضى شاول وصار داود ملكا مكانه وقال الكتاب أيضا إنه بسبب الحسد أمر الله الأرض ففتحت فاها وبلعت قورح وداثان وأبيرام وكل من كان لقورح مع كل الأموال قد ثبت إذن أن ما يتمناه الحسود لغيره من شر يعود عليه هو نفسه.فسبيلنا أيها الأحباء أن نظهر ذواتنا من هذه الرذيلة وأمثالها استجلابا لرضاء إلهنا وفادينا يسوع المسيح الذى له المجد إلى دهر الدهور كلها أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
20 أكتوبر 2024

إنجيل قداس الأحد الثاني من شهر بابه

تتضمن الحث على الاعراض عن العالميات وتذكر القيامة والمجازاة مرتبة على فصل ركوب السفينة( لو ٥ : ١-١١ ) إذا كان الذين سمعوه أقوال ربنا زمناً يسيراً تركوا كل شئ وتبعوه متزرعين بسلاح الشجاعة ومسرعين إلى السماع بالقبول وقد ظهرت أثار تصديقهم وثمرات إيمانهم فأنهم القوا انفسهم في البحار الزاخرة وصادموا أهوال تلاطيم الأمواج وعواصف الرياح ومشوا على المياه الكائنة في الأعماق وقاوموا الملوك وقهروا الفلاسفة وجذبوا سلاطين العالم إلى العمل بمرادهم فما بالنا نحن الذين نسمعه يخاطبنا دائماً تارة بذاته وتارة برسله وتارة بأنبيائه، وتارة بعظات التابعين له ونحن مع ذلك لا نتيقظ من غفلتنا ونسارع إلى ما فيه خلاصنا وحتى م لا نبتعد عن الميل إلى التنعم والسكر وحب الغنى والاهتمام بأجسامنا البالية إذا لا ينبغي لنا أن نقر معترفين بالدخول تحت نير المسيح ونوجد مخالفين له لأنه قد أشترط على مطيعيه أن يكفروا بذواتهم ويهملوا شهوات نفوسهم ويتبعوه حاملين صلبانهم ومعلوم أنه حيث يكون الكفر بالنفس فلا لذة توجد هناك ولا سكر ولا غنى وغير ذلك من المحبوبات العالمية وحيث يوجد الميل مع الشهوات واللذات الدنياوية فهناك توجد المناقضة لشروط المسيح وإذ نقصنا شروط ربنا خالفناها بأعمالنا الأثيمة فكيف نوجد بهجين مسرورين؟ وهل نكون في حالتنا تلك إلا بمنزلة الأطفال الذين يخالفون آباءهم ويفعلون ما يشتهون؟ وهم مع ذلك غافلون ذاهلون عن عقوباتهم الواقعة بهم وشيكاً وإلا فكيف يحسن بالعقلاء الإلتذاذ بنيل الشهوات الخسيسة مع الخلود في عذاب الجحيم وكيف اننا لا نصور في عقولنا دائماً إنقراض آجالنا؟ وانقطاع حياتنا بسرعة وفساد أجسامنا وتفرق أوصالنا ورهيب مجلس القضاء وجلوس الديان للمحاكمة واجتماع الأمم ودوام سعادة المطيعين وطول شقاوة العاصين فنتيقظ من ثق نومنا ونفعل مراد ربنا فإن قلت ياهذا اني فعلت جرائم كثيرة ولا اعلم كيف اتخلص منها؟ قلت: أنا أرشدك إلى مسالك الخلاص وهو أن تستحضر خطاياك في ذهنك وتعدها في فكرك ثم تهرب من قبحها وتبتعد عن سماجتها وتقرع باب رحمة المسيح بالبكاء والندم والصوم والصلاة والعفة والطهارة والرحمة والمحبة وأمثال هذه ثم تذكر واحدة واحدة من خطاياك أمام الكاهن وتسارع إلى فعل اضدادها. فتقابل الزنا بالعفة والدعارة بالطهارة والكبرياء بالتواضع والطمع بالقناعة والغضب بالحلم. والحسد بالمحبة وهلم جرا. ثم تضبط الشهوات وتبتعد عن الزوجة وقتاً محدداً مع البكاء والصلوة والصوم. وإن كنت اقتنيت مالا بطريق الظلم فتصدق بقدره اضعافاً من حاصل قناياك. وإن كنت اتبعت الشهوات الأخرى. ولبست الثياب الفاخرة. ونوعت ألوان المأكل وسكرت من الخمر ونظرت إلى النساء بعين الفسق فاستعمل الأصوام والصلوات والتقشف في المآكل. والتزهد عن رفيع اللباس. وغض الطرف عن النظر إلى النساء دائماً. وإن كنت قد اسأت إلى غيرك فاصفح عن المسيئين اليك وبارك لاعنيك. إياك وأن تهمل شيئاً من ذلك لأن حالات النفوس المهملة من التقويم والادب كحالات الاجسام وأعراضها. فكما ان الانسان إذا أهمل أمور جسمة. وأستعمل الإكثار من الطعام طيباً ورديئاً. ثم أعرض عن استعمال الأدوية النافعة والمسهلات اللازمة. تولدت العفونة واحترقت الاخلاط داخله وتفاقمت الامراض عليه وعزت المداواة وآل حاله إلى الهلاك. كذلك حال النفوس فإنها إذا لم تقوم بالتعليم والادب. وتتريض بالطهارة والعفة تغرق بسرعة في بحار الذنوب وتتلوث بأوساخ المساوئ وتكثر من الخطايا المميتة كالمرأة الصدئة التي لا يمكن للصاقل صقلها فإذا علمنا مما تقدم أن الأدب نافع لنا وعائد بالخير علينا. فلا نضجر والحالة هذه من تأديب ربنا. لأنه كما أن الأب الشفوق يؤدب ولده المحبوب عنده لخيره وفائدته محبة منه وشفقة عليه كذلك الآب السماوى فإنه يؤدبنا لكي نرجع إليه. وندخل في طاعته ليتراءف علينا ويرحمنا ويهبنا سعادة الملكوت والنعيم بنعمة ربنا يسوع المسيح الذى له المجد والوقار. إلى الأبد آمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
13 أكتوبر 2024

الاحد الاول من شهر بابة

تتضمن تقبيح الكذب والنهى عنه مرتبه على فصل ابراء المخلع. ( مر ۲ : ۱ - ۱۱ ) إن سيدنا له المجد قد أبرأ مخلعين: الأول عند بركة الضأن التي يقال لها بالعبرانية "بيت حسدا" والثاني أبرأه فى كفر ناحوم. وقد سمعتم خبره بالفصل الذي تلى على مسامعكم اليوم وملخصه إن السيد دخل بيتا في كفر ناحوم فاجتمع حوله كثيرون من الكتبة وغيرهم وكان يخاطبهم بالكلمة. وإذا بأربعة رجال جاءوا يحملون مفلوجا وقدموه اليه. فلما رأى إيمانهم قال للمفلوج: يا بنى مغفور لك خطاياك" ففكر الكتبة في قلوبهم قائلين: لماذا يتكلم هكذا بتجاديف. من يقدر يغفر خطايا إلا الله وحده فأظهر السيد غيرة شديدة ضدهم لم يظهر مثلها من قبل. فإن الفريسيين قد نددوا عليه قائلين: "إنه بيعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين" واليهود شتموه مرة قائلين له: "انك سامرى وبك شيطان" ولكنه لم يقاوم بمثل هذه المقاومة ولا بمثل هذه الغيرة والحمية التي قاوم بها الكتبة هذه المرة. وكانوا يستحقون أكثر من ذلك لأنهم ظنوه كاذبا وغاشا. فأراد أن يبين سلطانه على مغفرة الخطايا وقوته على إظهار الخفايا . فقال لهم: "لماذا تفكرون بهذا في قلوبكم. أيما أيسر أن يقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك. أم أن يقال قم أحمل سريرك وامش" فلم يجاوبوه فعاد قائلا لهم: "ولكن لكى تعلموا أن لابن الانسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا قال للمفلوج لك أقول قم أحمل سريرك واذهب إلى بيتك. فقام للوقت وحمل السرير قدام الكل حتى بهت الجميع ومجدوا الله قائلين: " ما رأينا مثل هذا قط" وهذه الحمية موبخاً الكتبة على خبثهم وسوء فكرهم. وكثرة نفاقهم وكذبهم. لان الكذب مبغوض ومكروه من الله. وقد نهانا عنه في شريعة التوراة بالوصية التاسعة حيث قال: "لا تشهد على قريبك "زور وفي شريعة الإنجيل قال: "ليكن كلامكم نعم نعم لا لا . وما زاد على ذلك فهو من الشرير" أراد السيد المسيح له المجد أن يعلن لنا بغضه للكذب. فظهر بهذه الغيرة ولنبين لمحبتكم نتيجة الكذب وكيف أنه مكروه من الله. وكيف يعاقب الكاذب بأشد العقوبات. فأصغوا لي بآذانكم وقلوبكم قد جاء بالعهد القديم ان فرعون كذب ثلاث مرات الأولى لما غطت الضفادع أرض مصر الثانية لما ملأ الذبان بيوته وبيوت عبيده الثالثة لما ضرب البرد الناس والبهائم في كل أرض مصر فقد وعد فرعون في كل مرة من هذه الثلاث بأنه يطلق الشعب لكى يعبدوا الرب إلهم ولكنه لم يطلقهم. فكان عقابه أنه غرق هو وكل جيشه مع مركباته وفرسانه في قاع البحر بحيث لم يبق منهم ولا واحد وجاء به أيضاً ان نعمان الآرامي كان مريضاً بداء البرص فأتى إلى اليشع النبي فطهره من دائه ولم يقبل منه الهدايا التي أحضرها معه ليقدمها مكافأة له بعــــد تطهيره. فرأى تلميذه جيحزى وسمع كل ذلك فركض وراء نعمان ومعه أثنان من رفقائه ولما لحقه قال له: هوذا قد جاء لسيدى اثنان من بنى الانبياء في هذا الوقت وهو يقول لك أعطهما وزنة من الفضة وحلتى ثياب. فأعطاه نعمان بدل الوزنة وزنتين من الفضة مع حلتى الثياب كما طلب. فأخذ جيحزى كل ذلك ومضى فأخفاه في بيته ثم عاد فدخل على سيده أليشع ووقف أمامه فقال له: من أين يا جيحزى؟ فقال لم يذهب عبدك إلى هنا أو هناك. فقال له ألم يذهب قلبي حين رجع الرجل للقائك. أهو وقت لأخذ الفضة ولأخذ الثياب فبرص نعمان يلصق بك وبنسلك إلى الأبد فخرج من أمامه أبرص كالثلج وجاء بالعهد الجديد إن المؤمنين فى زمان الرسل كانوا بقلب واحد ونفس واحدة ولم يكن أحد يقول إن شيئاً من أمواله له بل كان عندهم كل شئ مشتركاً وأن كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها بأثمان المبيعات ويضعونها عند أرجل الرسل فكان يوزع على كل واحد كما يكون له احتياج ورجل اسمه حنانيا وأمرأته سفيره باع ملكا واختلس من الثمن وامرأته لها خبر ذلك وأتى بجزء ووضعه عند أرجل الرسل فقال بطرس يا حنانيا لماذا ملاً الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل أنت لم تكذب على الناس بل على الله فلما سمع حنانيا هذا الكلام وقع ومات وصار خوف عظيم على جميع الذين سمعوا بذلك فنهض الاحداث ولفوه وحملوه خارجاً ودفنوه ثم حدث بعد مدة نحو ثلاث ساعات أن أمرأته دخلت وليس لها خبر ما جرى فأجابها بطرس قولى لى أبهذا المقدار بعتما الحقل فقالت نعم بهذا المقدار فقال لها بطرس ما بالكما اتفقتما على تجربة روح الرب هو ذا أرجل الذين دفنوا رجلك على الباب وسيحملونك خارجاً فوقعت في الحال عند رجليه وماتت فدخل الشباب ووجدوها ميتة فحملوها خارجاً ودفنوها بجانب رجلها" فمن يسمع بمثل هذا القصاص ولا يبغض الكذب من كل قلبه ؟ !! هذا وان قلتم لماذا كان الله يقتص من مخالفى الوصايا بصرامة في الزمان العابر أما في هذه الأيام فلا شئ من ذلك؟ مع أن البشر اليوم يخالفون أكثر من سالفيهم ويعملون أردأ مما كان يحدث قبلاً بكثير ؟ أجبتكم بأنه يوجد يوم للدينونة وسيجازى كل واحد بحسب أعماله إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً أما تأديباته قديماً فإنما كانت بشدة ليعلم البشر إن الله يبغض الكذب والكاذبين ويكره النفاق والمنافقين فالكذب إذن مضر بقائليه مشين بسامعيه وناقليه لأنه يفرق الأخ من أخيه والآب من ابنه والابن من ابيه فكم من ذوى حسب ونسب وكم من رجال شرفاء وعقلاء حكماء تربوا في المهد وتعلموا العلم والحكمة وعرفوا أسرار الأمور ولكنهم لم يعرفوا كيف يتخلصوا من رذيلة الكذب فإن قلت لماذا؟ أجبتك بسبب تحكم العادة على حرية الإرادة لأن العادة إذا تمكنت من إنسان تصير كطبيعة له وليس بأمر يسير يقهرها الإنسان مهما كان بل يقهر الجسد والجام الشهوات وطلب المساعدة من الله.فسبيلنا أيها الأحباء أن لا نكون من هؤلاء بل ليكن الصدق رائدنا في جميع معاملاتنا ومحادثاتنا عملا بنواهى ربنا حتى نجوز أيام غربتنا بسلام آمنين فنصل إلى الميناء الهادئ الأمين بتعطف وتحنن فادينا له المجد إلى دهر الدهور كلها أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
06 أكتوبر 2024

الأحد الرابع من شهر توت

.تتضمن تبكيت النساء على التزين بحلى الذهب والاعراض عن التجمل بالأعمال الصالحة مرتبة على فصل الخاطئة ( لو ۷ : ٣٧-٥٠ ) إلا تنظرين ايتها المرأة إلى سيرة النساء اللواتي كن في القديم وكيف اجتهدن في تحصيل زينة النفوس الناطقة لا الأجسام البالية حتى استحقت بعضهن بذلك أن تمسك قدمى سيدنا له المجد لكنى أقول لكن أيتها الحاضرات إن أنتن فعلتن جميع ما ينبغى بحب ونشاط نلتن أعظم مما نالته غيركن لأنكن إذا أخذتن من السرائر المقدسة باستحقاق فقد وصلتن إلى أعظم المواقف السماوية وليس هذا فقط بل وستنظرن المخلص أتيا بذلك المجد الذى لا يوصف وتسمعن صوته الفرح القائل: "تعالوا يا مباركي أبى رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم" فالأليق بك أيتها اللابسة حلى الذهب أن تضمى قونك وتتزيني بحلى أولئك إذا لا منفعة لك في أن تلبسي ثيابا فاخرة وتعلقى في عنقك الجواهر النفيسة وتتخذى الأساور ليديك والأقراط الذهب لأذنيك. وأشياء اخر كثيرة تتحلين بها مما لا تدعو الضرورة. فإن قلت أن النفس تسر بذلك وتطرب قلت إني لا أسأل عما يسر النفس الحيوانية ويطربها بل عن الضرر الحاصل بسبب لك الزينة اللحمية لأنه لا شئ في العالم أشد على النفس العاقلة من التشاغل بالأمور الفانية والاغتباط بها والتمسك بشدة عليها لأن السرور بالزائلات هو تعبد لها وإذا كنا إلى الآن تؤثر الفانيات على الباقيات فمن نوجد رافضين لها وضاحكين على المتهاتفين عليها ؟ لأن المقيمين في السجون إذا وجدوا متلذذين بحالهم تلك فكيف يكرهون المقام فيها ؟ ويتحايلون على الخروج منها وهل يطلب البقاء بها إلا الاراذل من الناس والاشقياء الذين لا بيوت لهم ولا مستقر ولكن الذين يعلمون أن لهم بيوتا مشيدة مزينة ويرون أنفسهم في السجون فإنهم يبذلون أموالهم ويصانعون الولادة والحكام ليبرروا خروجهم من هناك. يأمروا برجوعهم إلى منازلهم. وقد علمت أن الدنيا هي سجن المؤمن فكيف يجوز للعقلاء الالتذاد بالسجون إلا إذا أهملوا ذواتهم وأخربوا المنازل التي كانت لهم هناك مهيأة. فأخبريني الآن أيتها المرأة ما هي فائدة اتخاذك الحلى هنا ونحن مقيمون في السجون؟ فإن قلت أفعل هذا لكي أفوز وأظفر بالكرامة من الناظرين لي قلت وهذه علة لفساد آخر فضلا عن التشامخ والتفاخر والاعجاب وانكسار قلوب المقلين. لان الأصحاب والأقارب من النساء يتشوقن إلى مثل ذلك. فيحزن ويندبن ويشوشن بيوتهم ويرتكبن شرورا كثيرة لا نهاية لها. ويكلفن رجالهن جميع الاموال من غير وجوهها. ويحملنهم على السرقة والظلم وسائر الشرور الردية. فها قد سألتك عن المنفعة الصالحة فأجبتنى بمضرة تستلزم شرورا كثيرة تنتج من ذلك. ولقد خرجت من حين الانسانية وصرت كالنسور الطائرة نحو السماء. أو مثل الكلاب والخنازير الذين يبحثون في الأرض. ويتهافتون على الأوساخ ورمم الأموات وعظامهم. فإن قلت إنني عند المضى إلى الكنيسة أجوز بالطرق فأريد أن أكون عند الناس بزى الوقار . قلت وهذه أعظم الحالات شرا. ولهذا السبب بعينه ما كان ينبغي لك أن تلبسى ذهبا ولا حريرا لتميلي إليك أبصار الفاسقين. وتسرع اليك نواظر الزناة والاشقياء والمتنعمين فتصيرين مشهدا وملعبا . بل وتفتحين أفواه الكثيرين من الناس باللعن والسب على الأهل والأقرباء. وبناء على ذلك قد حصلت عوضا على العز على الهوان والخسران وحينئذ تدخلين الكنيسة وتخرجين بأوزار لا يحصى عددها. وتكسبين أعظم خسرات اسمعى قول الله على لسان أشعياء النبي: "من أجل أن بنات صهيون يتشامخن ويمشين ممدودات الاعناق وغامزات بعيونهم وخاطرات في و غازات مشيهن ويشخشخن بأرجلهن يصلع السيد هامة بنات صهيون ويعرى الرب عورتهن ينزع السيد في ذلك اليوم الخلاخيل والضفائر والأهلة. والحلق والأساور والبراقع والعصائب والسلاسل والمناطق. وحناجر الشمامات والأحراز. والخواتم وخزائم الأنف. والثياب المزخرفة والعطف والأردية والأكياس. فيكون عوض الطيب عفونة وعوض المنطقة حبل وأرجوهن جميعا أن يسمعن قول بولس الرسول الموجــه لهن وهو : كذلك أن النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل. لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثمن. بل كما يليق بنساء متعاهدات بتقوى الله بأعمال صالحة فلا يجوز استعمال حلى الذهب والفضة مطلقا في بيت الله ومجامع المؤمنين. لأنه ينسب لصاحبها الجفاء وقلة الانسانية. إذ أنه يكسر قلوب البائسين والملقين وأمثالهم. ويورث صلف النفس وعلوها. ويجلب الفساد والهلاك. فانظرى يا هذه كم كنت تشبعين بهذا المنظر الكاذب من بطون الجياع؟ كم كنت تسترين من أجسام العراة؟ كم كنت تطلقين من المأسورين والمعتقلين؟ كم كنت تفرحين به عن المتضايقين؟ لأنه أفضل لك كثيرا أن تنظرى في مصالح البائسين من أن تتقبى الآذان وتعلقى عدة من الأقراط مما لا يحتاج اليها. فإن كنت إنما تتخذين ذلك للمدح والشرف فانزعيها الآن واصرفيها فى مصالح المحتاجين. وانظرى كم من المديح تتقبلين من الله والناس. وكيف يتناقل شكرك بالأخبار والسير وتتشرفين وتزيدين علوا. ولو قارنوك إذ ذاك بمن لبس كثيرا من حلى الملوك لكان جمالك عند الحاضرين أكثر. لكنك والحالة هذه أنت مهيأة لكل هجو. وقد صرت سبيا لأحزان كثيرين لأنه لو سقطت لؤلؤة من عقدك على الأرض أو بين الجموع كيف كنت تشوشين بيعة الله؟ وكم يلحق الآخرين من الحزن والكآبة؟ وكم من الرجال يتعبون؟ وكم من النساء يتهمون بسببك؟ وحينذاك تكثر الضجات والمخاصمات والمحاكمات واللعنات التي لا يحصى عددها. وياليتك يا هذه لا تقولين إنك جئت لتقتربى إلى المسيح وأنت متزينة بما يأباه ويبغضه. معرضة عما يرضيه ويسره لانه لا يقدر اللابسون مثل هذه أن يدنوا عن علو مجده لأن أصل الذهب وما يتبعه إنما هو التراب وهو عائد اليه بطبعه فلا يجوز والحالة هذه الافتخار بالأرضيات. لكن إن أردت الدخول إلى الكنيسة المقدسة والاقتراب من السيد القوى. فألبسى حلل أولئك النساء الطاهرات أعنى الرحمة والمحبة والاتضاع وخشية الله والعفاف والطهارة وأمثال هذه. ولست أقول هذا لتسمع النساء فقط. بـــــل وليسمع أزواجهن أيضا ويخاطبوهن كما ينبغى. وإذا كان الافتخار بالزينة العالمية غير لائق بالنساء. فبالأحرى أن يكون بالرجال عارا وخزيا. فسبيلنا أذن أن نبتعد عن الزينة الفانية ونحافظ على التجمل بالباقيات لنفوز بملكوت ربنا يسوع المسيح الذى له المجد دائما. آمين القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
22 سبتمبر 2024

الاحد الثانى من شهر توت

تقرأ بعد أنجيل قداس الأحد الثاني من شهر توت تتضمن الحث على محبة الله والقريب من قول الأنبا ديمتريوس بطريرك انطاكية مرتبة على قوله: "تحب الرب إلهك من كل قلبك وقريبك مثل نفسك " ( لو ١٠ : ٢٥-٢٧ ) اسمعوا يا احبائى وانصتوا : أميلوا أسماعكم وأبصاركم وحواسكم الباطنة والظاهرة إلى أقوال الرب سبحانه على ألسن أنبيائه ورسله انظروا إلى القديسين والآباء واقتدوا بطرقهم الحسنة انظروا إلى الرأفة والمحبة التي للقديسين ولنتشبه بهم وبآثارهم وحبهم لله من كل قلوبكم ومحبة القريب والبعيد لأن الرب إله المجد يعطى الطوبى لمن هذه أفعاله ويؤكد قائلا: "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع الإنسان نفسه لأجل أحبائه" فالأولى بنا ألا نشق عليهم بأذيه أبدا. ولا نسعى فيهم بشر خفى أو ظاهر . واسمعوا قول الرب في انجيله المقدس: "أحب قريبك مثل نفسك" وقال أيضاً: كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم. لان هذا هو الناموس والأنبياء" وقال السادات الرسل في تعاليمهم هكذا فيا لهذا التعاليم العظيمة المملؤة ربحاً ويا لهذه الوصايا الروحانية أن كل ما لا تريده أن يصيبك لا تفعله أنت بأحد فلنرجع يا أحبائى إلى المحبة الكاملة التي ينبغي أن نعتمدها مع الله تعالى وإلى الطاعة التامة لجلاله من كل القلب والنية وحسن الطوبة وننظر إلى أبينا أبراهيم أب الأباء الذي دعى خليل الله وكون الله امتحنه لأنه كان عارفاً بضميره. ولكنه أراد بذلك أن يشيع ذكره لجميع البشر لكي يقتدوا بأثاره الجميلة فقال له: خذ ابنك وحيدك الذى تحبه واصعده لى محرقة على أحد الجبال انظروا إلى هذا الشيخ العظيم كيف انه لم يشفق على من كان يتمنا ولم يحصل عليه إلا بعد كبره وانقطاع رجائه من الولادة ولما أمره الله بذبحه أطاعة ولم يخالفه. فعرف الله فكره وباركه وأعطاه ذكراً مؤبداً وجعله أباً لجميع الشعوب والقبائل وجعل القديسين كلهم ينتسبون إليه يا أحبائى إن كنا لا ننظر إلى أبينا أبراهيم ونتشبه به في ذبح ابنه فلنتشبه بهذه الامرأة الخاطئة التي أفرغت همتها في محبة السيد المسيح له المجد وأخذت الطيب الفائق ودهنت به قدميه حتى استحقت مغفرة خطاياها الكثيرة. أيها الاخوة من منكم له دموع حارة غزيرة مثل هذه الأمرأة. فإن السيد له المجد لم يغفر لها خطاياها فقط. بل جعل لها ذكراً شائعاً مؤبداً. والقديسون يسألون أن يكونوا مثلها فسبيلنا يا أحبائى أن نتشبه بهؤلاء ولا نرخص لانفسنا في عدم الاجتهاد في تحصيل الزاد قبل الارتحال والتأهب للأنتقال فإن الوقت قريب والموت حاضر غير بعيد وبعد الموت الحساب والمجازاة عما قدمناه نسأل ربنا وإلهنا ومتولى خلاصنا أن يسامحنا بذنوبنا ويدخلنا إلى ملكوته الابدى ويعطينا نعمته السرمدية لأن له المجد والقدرة والجبروت والعظمة والوقار مع أبيه الصالح والروح القدس.الآن وكل أوان وإلى الأبد أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل