المقالات

01 أكتوبر 2023

الأحد الثالث من شهر توت

تتضمن الحث على التوبة مرتبة على قوله تعالى لزكا أسرع وانزل لأنه ينبغى أن أمكث اليوم في بيتك ( لو ١٩: ١-١٠ ) قد سمعتم فصل اليوم يقول عن زكا رئيس العشارين. إنه طلب أن يرى يسوع ولم يقدر من الجمع لانه كان قصير القامة فركض متقدماً وصعد إلى جميزة لكى يراه لأنه كان مزمعاً أن يمر من هناك. فلما جاء يسوع إلى المكان نظر إلى فوق فرأه وقال له: يا زكا اسرع وانزل لأنه ينبغى أن أمكث اليوم في بيتك" فأسرع ونزل وقبله فرحاً. وبسبب ان وظيفة التعشير كانت مرذولة في ذلك الوقت وكان جباتها يعتبرون لصوصاً في أعين الشعب. لذلك تذمر الحاضرون ونددوا على السيد قائلين: "إنه دخل ليبيت عند رجل خاطئ ولاحظ ذلك زكا ووقف قائلاً: "هل أنا يارب أعطى نصف أموالى للمساكين. وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف" فقال له يسوع: "اليوم حصل خلاص لهذا البيت علمتم من هذ أيها الأحباء أن طبيب الأرواح والأجسام حاضر وأنه في كل زمان ومكان قادر أن يشفى أمراضنا فكيف لا نقبل اليه فرحين مسرورين؟ وإذا كان ذوو الأمراض والعاهات يتركون المنازل والخلان والأهل والأوطان والأسباب والمكاسب والزراعات ويتبعون المسيح حيث كان فما بالنا نستصعب المضى إلى مجامع المؤمنين. وإذ كان أحد من الناس يتألم عضو من أعضائه. فانك تراه يلازم محل عيادة الأطباء ويبالغ فى الحمية واستعمال الأدوية حتى يعود ذلك العضو صحيحا كما كان. فكيف نهمل نحن العناية بالنفس ولعلها تكون في غالب الأوقات عليلة بضروب الأسقام ونحن لا ننظر اليها، وإذا كان الذين يشاهدون الحبوس والسجون ومراكز الولايات ينظرون إلى قوم مغلولين بالسلاسل وآخرين بالقيود وآخرين مكبلين بالخشب، وآخرين يضربون بالسياط وآخرين يعلقون وآخرين يشتمون ويهانون وغير ذلك، فيخافون الله ويحذرون الاعمال الموجبة لمضيهم إلى هناك طول عمرهم وإن كان العقاب زمنياً. فكيف لا نرهب نحن من مجلس القضاء المقبل واجتماع الأمم وجلوس الديان للمحاكمة وهول العذاب والتهاب الجحيم والخلود مع الشياطين. وإذا كان سيدنا له المجد قد بذل ذاته عنا. ومزق كتاب رقنا وغسل ادناس خطايانا. واعتنى بمداواة أمراضنا. فكيف نوجد لأوامره مخالفين؟ وإذا كان أحدنا يخطئ مرة واحدة لمن أحسن اليه فيعد شريراً وغادراً. فكيف نوجد نحن مخالفين دائماً لأوامر إلهنا وغافلين عن عميم إحسان ربنا وماذا نستحق من العذاب والعقوبة يوم الحساب ؟ فسبيلنا إذن أن تحذو حذو زكا. ونصعد إلى جميزة التأملات والصلوات الحارة فنشاهد جمال الفضيلة فنقتنيها. ونتمتع بمحاسن التوبة فنفوز بنعمة الخلاص. ونستحق سماع صوت فادينا يقول لنا. "اليوم" حصل خلاص لهذا البيت". له المجد إلى دهر الدهور كلها آمين القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
02 سبتمبر 2023

انجيل عشية يوم الأحد الرابع من شهر مسری

تتضمن دحض آراء الذين ينكرون قيامة الأمــوات مرتبة على قول الفريسيين : " متى يأتى ملكوت الله ( لو ۱۷ : ۲۰-۳۷ ) أين الذين ينكرون جهنم ومجلس القضاء الرهيب وإجتنـاع الأمـم جميعـا وجلوس الديان للمحاكمة . وإرتفاع مراتب الصالحين وسوء حال الخطـاة والنـوح والبكاء والعويل وصرير الاسنان . لأنه إذا كان الذين أتوا إلى العالم قبل المسيح ولـم يسمعوا بذكر قيامة ولا مجازاة . قد عذبوا في الدنيا بالحريق والغـرق . مثـل أهـل سدوم وعمورة والذين هلكوا بالطوفان . وهم سيعاقبون في جـهنم ايضـا بعقوبـات أخرى كثيرة . فالاجدر بنا نحن أن نعاقب بأكثر واشد من عقوبـات أولئـك . لاننـا سمعنا بتكرار إعلان تفاصيل هذه الامور كلها . ولعلك أيها العزيز تقول كيف يسوغ أن يدفع إلى جـهـنـم مـن لـم يـسـمـع بذكرها . لانه يقول لو كنت أنذرتنا بما سيصيبنا فيها من العذاب لعلنا كنا نتيقظ مـن غفلتنا . فأقول إنهم إذا كانوا لم يرتعدوا عن الخطايا بالعقوبات الحـاضرة . فـالأجدر أنهم لا يزدجرون بالسماع عن تلك . ألا تسمع قول سيدنا له المجـد : إنـهم كـانوا يأكلون ويشربون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح السفينة ؟ ولا يرتدعون بالوعـد ولا الوعيد لانه إذا كان الزاني والغاش والغاصب والخاطف وأمثالهم يقعون في أيـــدى الولاة ويعاقبون على جرائمهم بأنواع العذاب . ثم يعودون إلى تلك المعـاصى متـى خرجوا من سجونهم . وهم لا يفعلون ذلك مرة أو مرتين بل مراراً كثيرة . حتـى أن بعضهم يعذبون عذابات متنوعة ومع ذلك لا يتأدبون . والذي لا تردعه العــوارض الحاضرة كيف يزدجر بتهديد ما بعد الموت . فإن قلت وكيف يطابق عدل الله أن يعاقب على الجرائم عقوبة هنا يوقعـها الولاة وعقوبة أخرى في جهنم . أقول أنه لو أخذ بعض الولاة لصاً فتاكاً قد قتل اناساً كثيرين وارتكب أنواع المعاصي . فامر بضرب عنقه لكان الحاضرون يســتعجزون رايه . ويقولون كان الواجب أن يعذبه عذاباً شديداً ويجلده بالسياط ويتقلـه بـالقيود والاغلال ثم يأمر بقتله لانه قد قتل اناسا كثيرين فلا تكفى معاقبته بقتله دفعة واحدة . فإذا كان هذا نظرنا إلى احكام غيرنا وحكمنا على غير ذواتنـا . فلمـاذا لا نحكم على انفسنا بمثل هذا . ونتذكر اننا في كل عام بل في كل شهر بل في كل يـوم نخطئ خطايا عديدة تستوجب عقوبات كثيرة . ثم إذا أصابنا على سبيل العقاب عـن هذه المعاصي عارض من عوارض الزمان كمرض طويل أو ظلم من الولاة أو فقـد عزيز لنا . نتضجر ونتذمر ونغفل عن جرائمنا الماضيـة ولا نذكـر شـيئا منـها . ونحتسب أن ذلك قد أصابنا ظلما لا عن جرم ارتكبناه . وإذا نظرنـا إلـى خطايـا الآخرين تضبطها جيدا ونعين العقوبات الواجبة لهم . ونلوم الولاة إذا قصـروا فـي معاقبتهم . فلماذا لا ننظر إلى خطايانا ونحاسب أنفسنا عليها قبل أن يحاسبنا ربنا ؟ وإذا كان بجريرة عاقب الله أهل سدوم وعمورة ذلك العقاب العظيم . حيـث ارسل عليهم طباق السحب التي أزعجتهم بالرعود والبروق والعواصف الثائرة . ثـم أمطرت عليهم النار والصواعق وأهلكت الرجال والناس والبهائم والطيور وحشـوات الأرض . فماذا يجب على من خالف الشرع ونبذ الوصايا والســن وأتبـع دواعـى الشهوات وارتكب المعاصي الكثيرة ؟ فإن قلت وما هي أنواع المعاصي لنجتنبـها ؟ قلت : أولها تجاسرنا على تناول الاسرار المقدسة ونحن غير مستحقين لها . فإن قلـت وكيف يجب علينا الموت بسبب ذلك ؟ قلت : اسمع قول الله لموسى في التوراة عـن القربان المهيأ من شحوم الكباش والثيران وغير ذلك : إن كل نفس تقرب من هـذه المائدة وهي غير مستحقة تهلك تلك النفس من شعبها . فإذا كان الله لما تقدم ليصنـع مثالا لهذا الجسد المقدس وضع فرضاً من لحوم الحيوان وحذر من الدنو منها بغـير استحقاق هذا التحذير الرهيب . فكم يجب على من يتقدم إلى تناول الأسرار الإلهيـة وهو ملطخ بأدناس الخطايا ؟ وكم يستحق أولئك الذيـن يظلمـون الفقـراء ويأكلون طعام الارامل ؟ . المقدسة وإذا كان الذين يتأخرون عن التصدق عليهم يعاقبون . فمـاذا ينـال الذيـن يأخذون اموالهم ظلماً ؟ وماذا أقول عن الزناة والفسـاق والسكيرين واللصـوص والخاطفين والظالمين وأمثالهم من المخالفين لأوامر الله ؟ كم ضعفاً مـن العقوبـات يستحق عليهم عاجلاً أو أجلا . فسبيلنا أن نطهر انفسنا ونحاسب ذواتنا ونتوب عن خطايانا ونسارع إلى مـا يقربنا من ربنا الذي له المجد إلى الابد . آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
26 أغسطس 2023

انجيل عشية يوم الأحد الثالث من شهر مسری

تتضمن الحث على فهم الأقـوال الالهيـة وتـأمل معانيها ومدح الفضيلة وذم الرذيلة . مرتبة على قـول البشير : " وفيما هو يتكلم بهذا رفعت أمرأة صوتها مـن الجمـع وقالت له : طوبى للبطن الذى حملـك .. أمـا هـو فـقـال : بـل للذيـن يسمعون كلام الله ويحفظونه ' ( لو ١١ : ٢٧-٣٦ ) إذا كانت أقوال ربنا له المجد تتلى كل يوم . فما بالنا لا نتقدم إلـى سـماعها بهدوء ونشاط . ونقابلها بالتعظيم والوقار . ونبحث عن معانيها كما ينبغى . ونسـارع مجتهدين إلى العمل بموجبها . وإلا فلماذا ترتفع إلى ذروة الفضيلة ؟ وكيـف نـسـمع ربنا له المجد يعطى الطوبي للذين يسمعون الأقـوال ويغرسـونـها فـي أراضـي افهامهم . ونوجد نحن هكذا مهملين . وإذا كان الأغنياء الهائمون بأموالهم يتعـاهدون الدخـول إلـى خزائنـهم . ويتفقدون أمتعتهم . ويحفظون تلك الامتعة من فساد الارضة والسوس . ويعرضونـها تارة للندي . وترة للشمس . وتارة يقفلون الخزائن عليها . فما بـالك يـاهذا لا تفتقـد نفسك كذلك . بل تدعها هائمة خالية من الفضائل . تارة يفسدها السكر . وتـارة حـب المال . وتارة حب الرتب العالية . وتارة الاهمال والنسيان . من فيا للعجب ! كيف تصون ثيابك وتحافظ عليها من المفسدات وتـدع نفسـك الشريفة معرضة لشائر المهلكات ؟ وكيف يعجبك قبح الرذائـل ولا تنظـر حسـن صورة الفضيلة وبهاء مجدها . فأن قلت وهل للفضيلة صورة يتأملـها النـاظرون ؟ أجبتك نعم لها رأس وعينان . وفم ويدان ورجلان . وغير ذلك الاعضـاء التـى تفوق سائر الاجسام حسناً . فإن قلت وما رأس الفضيلة وباقي اجزائها ؟ قلت : خـوف بالاتضاع والعفاف . ووجهها مسفراً بالخشوع مــن خـشـية الله . وعيناهـا مكحلتان بالوقار والحياء . أما فهما فمزين بجواهر الحكم الإلهية والتسابيح وأغــانى الروح ، وقلبها ينبوع الفهم والرحمة . ويداها محليتان بالعطاء والاسعاف . وقدماهـا مجدتان بالسعي في قضاء حاجات المقلين . وزيادة المحبوســــــين وافتقـاد البائسـين واشباه ذلك . مكللاً فما بالنا نصف فلاناً بكثرة المال . وفلاناً بكثرة الحشــــم . وفلانـاً بخصـب الزراعات . وفلاناً يسعة المتاجر . وأمثال هذه الزائلات . ونهمل صانعي الفضيلـة . ونعرض الفائزين . ولم لا نقول أن فلاناً كصير الصدقات . وفلانـاً يقبـل الغربـاء . وفلاناً يقرض المعسرين . وفلاناً يفرج عن المتضايقين ؟ وننظر بعين الرحمـة إلـى عمل الحسنات . ونبتعد عن الاغتباط بالزائلات . والتشبه بأصحابها . حيث أن ذهبـهم وفضتهم قد صدئا . وثيابهم أكلتها الأرضة والسوس . وكنوزهم قـد تطـرق إليـها اللصوص . ولو أمكنني أن أريكم نفوس الأغنياء لجذبها إلى الوسط لتروها فنــهربوا من قباحتها . لأنها مظلمة مصدئة مدنسة متآكلة جهاتها . فمن هذا يظلمها حب المـلل . ومن هنا بصدئها حب الجسد . ومن هنا يثقبها عطب الزراعات . ومن هنـا خسـارة المتاجر . ومن هنا جور المظلومين . ومن هنا غصب الغاصبين . ومن هنا فوات ما الله .تربح فيه الامثال ولم يبادر اليه سريعا . اما نفوس الفقراء الطائعين الله ربهم . فأنك تراها تلمــع كـالذهب وتضـئ كالجواهر الكريمة . وتزهو كالورد . وتنتشر رائحتها مثل نشر العنبر الفائق . سـالمة من الصدأ والوسخ . متعالية عن بواعث المفسدات . لانهم حيث لا مال لهم ولا قنايـا عالمية . فلا يتسلط عليهم سوس ولا أرضه . ولا سراق ولا غاضبون ولا شئ مـن العوارض الأرضية . فالغنى ربما يقف أمام ولاة الارض وحكامها . أما الفقير فيقـف أمام ملك السماء والارض . ذاك يفرح بخدمة البشر المائتين سريعاً . وهذا يخدم الله الحي الدائم . ذاك يتصرف في اليسير من المقتنيات . أما هذا فينظر إلى العـالم كلـه كالبهاء وينزله منزلة لعبة يلعب بها الصبيان . فما الذي يكون أشرف من هذا الفق الذي يملك في السموات والأرض ؟ وما هي الحاجة إلى العبيـد والحشـم والخيـل والمراكب ؟ وهو عتيد أن يحلق في الهواء ويركب متـن السـحاب ويكـون مـع ير المسيح دائماً . فسبيلنا يا معشر المؤمنين . أن نهمل الفانيات بطبائعها . ونطلب الغني الـذي لا يزول کی نتمتع في نعيم ربنا وإلهنا يسوع المسيح . الذي له المجد دائمـاً أبـداً . امین . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
19 أغسطس 2023

انجيل عشية يوم الأحد الثاني من شهر مسری

تتضمن الحث على التواضع واجتناب الرياء . مرتبـة على مثل الفريسي والعشار . ( لو ۱۸ : ۹-۱۷ ) إذا كان ربنا له المجد لكثرة رحمته لنا ومحبته لجنسنا ينبهنا من غفلتنـاويصدنا عن الأمور المخالفة لمشيئته فيأمرنا تارة بالامتناع عن التفاخر بـــالأموال . وتارة عن الكبرياء . وتارة عن الشهوات البدنية وبالتواني عن عمل الفضيلة وأمثـال ذلك . ولهذا ضرب المثل بالخاطئ المتواضع والصالح المفتخـر . فأظـهر فضيلـة التواضع ورذيلة الكبرياء . فما بالك تجنح إلى حب المال ، وتهوى المناصب العاليـة . وتفتخر بالأمور الباطلة وتتباهى على المقلين وتتناظر مع المكثرين ؟ ولـو أمعنـت النظر جليا لرأيت طالب الرفعة على الناس أشد تعبا ونصبا . لأن الذي يطلب العلـو على الذين في الوهاد المنخفضة يسكن في قمة الجبل . فلا يلتذ بعلو المكان بقدر مـا يكايد من الخوف وحر الصيف وبرد الشتاء وعواصف الرياح وسـطوة الوحـوش الضارية ، وكذلك أقول في طالب الرئاسة والحاسد لـثروة الأغنيـاء فـإن الملـوك والعظماء وذوى الغني لا يلتذون بالنعم التي حصلوا عليها كما يتألمون مـن مشـقة تلك النعم وهمومها . لأن الملوك يتكلفون إستخدام العسـاكر وإجتـلاب المـهمات الحربية ومقاومة الاعداء وتدبير المملكة . ويخافون حتـى مـن افـراد عائلاتهم ويتوهمون في طعامهم وشرابهم . ويكونون دائما على حذر في حال نومهم وقيامـهم وجلوسهم وركوبهم . وجميع هؤلاء الآباء العظماء يمرضون بالروح مرضـا كـثـير الأعراض . كالوحوش المذكورة سابقا . فينبت لبعضهم رأس الحب الرئاسـة . ورأس للأفتخار . ورأس لحب الغلبة . ورأس للتظاهر بالصوم والصـلاة والصدقـة . ورأس للرياء والتظاهر بالزهد في الدنيا ممن يغيرون على حكامها كالذئاب الخاطفة . وهـم لأجل إبتعادهم عن الله ومخالفتهم لوصاياه . يعــدون لأنفسـهم عذابـا عظيمـا . إذ يقصدون المديح من الناس وهم في الحقيقة أهل للمذمة . والسيد له المجد يقول وأنـت إذا صليت فادخل مخدعك وصل إلى ابيك سرا . وإذا صنعت رحمة فـلا تصـوت قدامك بالبوق وإذا تصدقت فلا تعلم شمالك بما صنعت يمينك حتى تكون صلواتـك وصدقاتك الله وحده لننال الثوب الجميل في قيامة الصديقين . وأنا لا أقول هذا طلبـا لإفاء الصدقات مطلقا . بل لكي لا يكون التظاهر بها هـو الغايـة المقصـودة . وإلا فالمتحنن بضميره والمتصدق طاعة لأوامر الله ، لا طلبا للمديح من الناس . يكون لـه الثواب عند الله سواء كان ذلك سرا أم علانية . غير أن الصدقات الخفية أفضل لأنـك تطلب بها رضى الله مجردا . وتستر من تصدقت عليه من نظر الناس . وترفع عنـه الخجل من الاصحاب والمعارف . وهو قد يكون من أرباب البيوت الكبيرة المحترمة لا يريد الظهور بأخذ الصدقة فيموت جوعا ولا يرضى بمذلـة نفسـه . وإذا كـانت الصدقة منك مجردة في سبيل الله لا للافتخار . يكون ثوابك مضاعفا . لأنك لم تقبـل المجد من المادحين . ويا للعجب كيف أن الذين يتعلمون الصراع ورمي السهام وعمـل الزجـاج والخزف وغير ذلك من الصناعات يكابدون الاتعاب ويجتهدون في اعمالـهم ينالوا المديح من أرباب تلك الصنائع ! ؟ لان هذا هو الذي يعطيهم الإرتفاع وحسـن الصيت بخلاف مديح غيرهم من الذين لا يعرفون تلك الصناعة فإنه لا يفيدهم شيئا . فإذا كان هؤلاء فما بالك أنت لا تتبع مثل هذا فـي الفضيلـة . لكنـك تعـد كنوزك للصوص والخاطفين ؟ لان من يصنع الفضيلة لطلب المديح من الناس تؤخـذ أمواله مجانا بما إن الذين يراءى أمامهم بصلاته يسلبون أجر صلاته . وهؤلاء يـأخذ الذين يراءون أمامه أجر صدقاتهم . لان سيدنا له المجد يقول عن المرائيـن : الحـق أقول لكم أنهم قد أخذوا أجرهم . ومن أخذ أجرة فقد ضاع عمله باطلا . فسبيلنا أن نتجنب الإفتخار بعمل الصالحات أمام الناس . ونفكر دائمـا فـي نقائصنا لنفوز بملكوت ربنا . الذي له المجد إلى الابد آمین.. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
12 أغسطس 2023

انجيل عشية يوم الأحد الأول من شهر مسری

تتضمن الحث على التجرد لقتال السياطين لاسيما في أوقات الرحمة والصدقة . مرتبة على فصل انجي ركوب السفينة . ( مر 6 : 45-56 ) إذا كان الذين يلاقون أهوال البحار والرياح العاصفة يحتاجون إلى شـجاعة خاصة ودربه وإيمان وطيد لتدركهم المعونة الإلهية ويخلصوا . فكم بالحرى الذيـن يخوضون لجج المحاربة الشيطانية . ويتخبطون بين أمواج التجارب والمحن فأنـ يحتاجون إلى قوة الايمان وشجاعة العزم ليخلصوا من عذاب الجحيم . فما بالنا نحـن المتدرعين بسلاح المسيح لا نثابر في طريق الجهاد ؟ وما بالنا قبل الوصـول إلـى طريق المعركة نهرب من عدونا ونسلمه مفاتيح مدينتنا . إني أقول ذلك الآن مخاطبا الذين يزجرون الفقـراء وينتـهرون المسـاكين وذوى الحاجة . ويقولون إن هؤلاء كذابون محتالون متصنعون . يتكسبون من غـير احتياج لكي يذخروا الأموال . افرض يا صاح أن هذا الذي يطلب منك رغيفـا قـد كملت فيه صفات الخداعين المحتالين ولكن أنظر إليه من جهة أخرى لتـدرك قـدر إحسان خالقك إليك . إذ ترى هذا السائل شـريكك فـى البشـرية . ومسـاويك فـى الاستظلال بالسماء والاستضاءة بالشمس والقمر . وفي الانتفاع بالأمطار والأثمـار . ورفيقك في البنوية الله . وقد أتاك ذليلا خاضعا لك يطلب منك أقل جزء مما أعطـاك الله . أفما يحق عليك أن ترحمه إذا دعته الحاجة إلى الوقوف ببابك ؟ وإن كنـت لا تعطيه شيئا من مالك فلا تقابله بالشتيمة والاهانة . ولعمري ان الذين ينبهونك من منامك بطبولهم وزمورهـم ويلـهونك عـن أشغالك الضرورية . تستأنس بهم وتعطيهم منحا كثيرة . وهكذا اولئك الذيـن يغنـون ويرقصون فانهم يأخذون منك العطايا وأنت غير عـابس ولا متضجـر . ولكـن إذا قصدك فقير بائس يحتاج إلى احسانك اليه بأقل شئ مما أعطيته لأولئك فانك تقذفـه بشتى الظنون وتقابله بالشتيمة والاهانة . فإن قلت إننى أفعل ذلك به لعلمي أنه غـير محتاج إلى الصدقة . أقول وانت طالما طلبت من الله وكانت عندك ألوف كثيرة مـن الذهب والفضة وهو يعطيك . ولا يقول لك إن عندك كفايتك من الأموال . مـع أنـه يعلم ذلك يقينا لاكما تظن أنت الفقير . فإن قلت إن هذا الفقـر قـد تـعـود البطالـة . والكسل وهو صحيح الجسم يقدر على الأعمال والاتعاب . قلت وكيف تطلـب أنـت من الله وأنت خال من الاعمال ؟ . فإن قلت انني مجتهد في الاعمال نـهارا وليـلا . قلت وما هي هذه الاعمال ؟ فإن قلت البيع والشراء والاخـذ والعطـاء والمتـاجر والزراعات وغيرها . قلت أننى أسالك عن الاعمال المرضية الله . والنافعة لك النف الحقيقي ألا وهي الصلوات والصدقات والعناية بالمحتاجين والانتصار للمظلوميـن مع حصول لوازم الحيوة وأراك خاليا منها . فها أنت تركن إلـى البطالـة والكسـل وتطلب من الله الزائد عن الحاجة . أفتراه مع ذلك يقول لك انك خـال مـن عمـل الصالحات وتلتمس زيادة الارزاق . فيحجب عنك نور الشمس والقمر ويحبس عنـك مطر السماء وخصب الأرض ونسيم الرياح ؟ كلا ولكنه يفيــض عليـك خيراتـه الكثيرة حتى تشبع منها ويفضل عنك لآخرين . فإن قلت ان هذا الطالب أحيانا يكـون عبدا هاربا من مولاه . فلماذا لا يشتغل ويعيش ولا يضايق الناس ؟ فيقول لك العبـد أليس أنت أيضا هارب عن أمور مولاك ووصاياه ولست بطالا فقط ؟ بل تفعل كـل ما يغضبه تعالى . فإنه تارة يجدك زانيا . وتارة سارقا . وتارة ظالما . وتارة سكيرا . وتارة تعاشر الأشرار . وترتعش من الخمر يداك . وتحمر من السكر عيناك . فـأنت تلومني على البطالة وأنا الومك على ارتكاب هذه الشرور . هذا واني لا أقول لك ذلك على سبيل قبول عذر المتسولين في البطالة . بـل لئلا تجد أنت حجة على البطالين . وإلا فالبطالة مذمومة على كل حال من الجميـع . وقد قال بولس الرسول من لا يحب أن يعمل فلا يأكل " وهذا الكـلام موجـه إلـى المتسولين . ثم أقول لك أيها السامع انه لا يجوز أن تقابل المحتاج بالألفاظ القاســـية الجافية . وتقول له قد أعطيتك أمس أو أعطيتك اليوم دفعتين . فإن هذا مما ينبغـى ان تخاطب به نفسك ايضا . فنقول لها عندما نطلب الغذاء اما اكلت أمس مرتين أو مـا تناولت الطعام باكر ؟ لكنك بالعكس ترغب أن تشحن جوفك من الطعام بعـد نـوال الكفاف وسد الضرورة المحتاج إليها . فاسمع قول إلهنا عز وجل : من سألك فاعطـه ومن اراد أن يقترض منك فلا تمنعه ( ۱ ) . وكذلك قوله بيعوا مالكم واعطوا صدقة ( ۲ ) وبعضل القديسين يقول ليس شئ يقرب العبد إلى الله مثل رحمة المحتـاج . وبولـس الرسول يقول مادام لنا زمان فلنعمل الخير ولا نكل منه لنصل إلى زمان نحصد فيـه الباقيات ولا نمل منها ( ۳ ) . فسبيلنا ان نبادر إلى مساعدة اخوتنا المساكين في أوقات شدائدهم . ونتلقـاهم بالبشاشة والاقوال اللينة ليقبلنا سيدنا . ويعد لنا خيرات الملكوت التي لا نهاية لها ولا انقضاء لسعادتها . ونتمتع بنعمة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد إلى الابد . آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
29 يوليو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الرابع من شهر أبيب

تتضمن الحث على السعي في مداواة النفـوس . وأن يحترس القائم من السقوط لأن رجوعه إلى الحالـة الأولى يكون بصعوبة مرتبة على فصل انجيل إبـراء عبد قائد المئة ( لو ۷ : ۱-۱۰ ) إذا كان سيدنا له المجد قد ظهر شافيا لأمراضنا وغافرا لخطايانا . فما بـالك الآن لا تنهض من وهدة كسلك وتنتبه من غفلة جهلك . وتطلب منه بإيمان خـالص وعزم ثابت كرئيس المئة لينقذك من الأمراض والعاهات ؟ ويا للعجب كيف ترى المرضى يهتمون بمداواة أجسادهم ويقصدون الأطبـاء ويسافرون إلى البلاد البعيدة . وينفقون الأموال الجزيلة وهم لا يعلمون هل تنجـح مداوتهم أم لا ؟ وأنت ترى الطبيب الماهر المستغنى عن اتخـاذ الآلات والعقاقير وطلب الأجرة قائلا للعازر : أخرج من القبر . وللمخلع : احمـل سـريرك واذهـب . وللميت المحمول : أيها الشاب قم . وللخاطئة : مغفورة لك خطايـاك . وامثـال ذلـك كثير . وهو طالب منك وراغب في مداواتك . وأنت تنعطف عنـه هـاربـا وتتوانـى متكاسلا . فأن كنت قائما فاحذر من السقوط من ذروة الفضيلة . لأن اناسـا كـثـيرين رفضوا الأموال والمنازل الرفيعة وفارقوا الأهـل والأصدقـاء وسكنوا الـبراري وكهوف الجبال وعذبوا أجسادهم بكثرة الصوم والصلوة . وإحتمال حر الصيف وبرد الشتاء . وهجروا جميع اللذات والمناظر الجميلة . وبلغوا غاية الفضيلة حتـى كـادوا يصلون إلى السماء . ولكنهم لما غفلوا يسيرا وتوانو في مقاصدهم عثروا في مصـائد العدو وسقطوا في حفرة الخطية . وأناس غيرهم نهضوا من نقائصهم وفـارقوا مـا كانوا يألفونه من الغنى واللهو والسكر وبقية المعاصي . وتمسكوا بأذيـال التقـوى فرفعتهم من اعماق الرذائل وبلغت بهم إلى التشبه بالسمائين وحينئـذ سـدوا أفـواه الذين يزعمون أن الساقطين لا ينهضون . ولذلك أطلب من القيام أن يحفظوا أنفسهم من السقوط . ويشـيدوا اسـوار مدينتهم ويتجهزوا بمهمات الحصار ويتيقظوا لمدافعة عدوهم . ومن الواثقين بأنفسـهم أن يتخذوا ويتيقظوا ولا يغفلوا عن تدارك أنفسهم مخافة أن يسقطوا . فإن الساقط إلى الارض من أعالي الفضيلة يعثر عليه الرجوع إلى محلـه . لان الذيـن يقتحمـون الحروب ويحملون ثقل الحديد من الذروع والخـوذ . ويخوضـون مـعـامع القتـال ويظفرون بنواصي الاعداء . أولئك متى اهملوا ذواتـهم وركنـوا إلـى شـجاعتهم المعهودة وانعطفوا متهاونين بأعدائهم وأدركتهم رعبة القتال وسـقطوا فـي وسـط المعركة إلى الارض فإنه يصعب عليهم رجوعهم إلى ظهور خليلهم والنهوض إلـى مكافحة الاعداء . وكذلك أقول في رئيس السفينة المسافر إلى البلاد البعيدة . فإنـه إذ انفق الاموال وأستأجر الرجال . واتخذ الآلات والعدد وكابد أهوال البحر وقرب مـن ميناء السلامة ثم أغفل النظر في مصالح السفينة فترة بسيطة للوثوق بأنه قد وصـل إلى المدينة . ووافق غفلته تلك هبوب رياح عاصفة فان السفينة تهلك وينقلـب ذلـك الرئيس يختبط بين الامواج . ويعسر عليه أن ينتشل نفسه من تلك اللجج . وربما لا يمكنه ذلك فيموت غرقا . وهذا اقوله للفاترين المستحوذ عليهم ضعـف الهمـة . وأمـا ذوو العـزم والشجاعة من المجاهدين مثل داود المغبوط وأمثاله فأنهم ينهضون ولا يضطجعون .لكنهم يحتاجون في النهوض إلى العناء العظيم والتعب الطويـل والنـوح والبكـاء والتنهد ولبس المسوح والنوم على الرماد وإحتمال المحن والتجارب . كما فعل ذلـك السعيد المذكور . وكذلك هؤلاء المفرطون يشبهون التاجر الكثير المال . الذي جمـع أصناف البضائع وقصد السفر إلى البلاد الغريبة . وكابد متاعب الاسـفار وأهـوال الطرق وشقاء الغربة ومكافحة اللصوص . ولما قرب من المدينة وابتهج بـــالوصول سالما توسد وهجع أمنا . فخرج عليه جماعة من اللصـوص كـانوا مراقبيـن لـه ومنتظرين غفلة منه . فنهبوا الاموال وقتلوا من حوله من الرجال وخرج من بينـهم عاريا جريحا . لكنه لقوة عزمه وشدة شجاعته لم تضعف همته ولا فـتـرت حـرارة نفسه . بل غسل جراحاته وضمدها وعاد إلى بلدته واحتمل ما بقى له من المال ولـم يزلل يتردد في تلك الطرق ويسعى حتى حصل ما فقد منه وعاد إلى وطنه غانما . كذلك ينبغي لنا إذا عثرنا بالاشراك الشيطانية أن ننـهـض مـن سـقوطنا مسرعين ونبادر إلى التوبة باكين . لنفوز بغفران ذنوبنا وننال رحمة الرؤوف الـذي له المجد إلى الابد آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
22 يوليو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الثالث من شهر أبيب

تتضمن الحث على عمل الفضائل لنظفر في القيامـة بصدور المجالس وأوائل المتكئات . ومـدح سـيرة الرهبان وتبكيت المتنعمين مرتبة على قوله تعالى : " متى دعيت من أحد إلى عرس فلا تتكى في المتكاء الأول " ( لو ١٤ : ٧ - ١٥) إذا كنا قد علمنا أن المجد في القيامة هو السيرة الفاضلـة . فينبغـى لنـا أن نترك الاهتمام بالاباطيل الزائلة . ونجتهد في عمل الصالحات لنحصل هنـاك علـى الجلوس في صدور المجالس والتنعم في وليمة سيدنا له المجد . وأنتم ترون قوما من إخوتكم الذين عرفوا حقائق الأمور الحاضرة ورفضوها . وطلبـوا الامـور الباقيـة وأختاروها . فلبسوا حلل الاتضاع والوداعة . وأعدوا أنفسهم لقتال العدو وقهروه . لا بالسيوف والرماح ولا بالسهام والحراب . لكنهم كما ترونـهم عـراة مـن الـدروع والاتراس . مجردين من الاسلحة العالمية ، وهم مع ذلك يفعلون ما لا يفعله الابطـال بأسلحتهم . لانهم كل يوم يحاربون الاعداء والاضداد . ويقهرون الشهوات العالميـة ويغلبونها . فيصدق فيهم كلام بولس الرسول حيث يقول : أما الذين هم للمسـيح فقـد صلبوا أجسادهم مع الاهواء والشهوات " . فانهم بالحقيقة يراهم النـاظرون كأنـهم أموات مطروحون وقد قتلوا ذواتهم بسيف الروح . حيث لا سكر بالخمر ولا شـراهة في المأكل . ولا تنعم باللذات البدنية . فإننا نرى للسكير رؤوسا كثـيرة كمـا للغـول والحية الكثيرة الرؤوس . اللذين يذكرهما أصحاب الخرافات . فينبت له من هنـا رأس للزنى . ومن هنا رأس للغضب . ومن هناك رأس للأفتخار . ورأس للصلـف ورأس لحب الغلبة . ورؤوس أخرى كثيرة تنبت لاعمال أخرى قبيحة شبيه بتلك . أما هؤلاء الفائزون فقد قطعوا هذه الرؤوس من أصلها . لانهم قطعوا سـببها الذي هو السكر . ألا تنظر إلى الجبابرة ذوى القوة والشجاعة المشهورين بالغلبة فـي معارك الحروب . كيف تقيدوا بقيود المسكرات فاصبحوا مطروحين من غير قتـال . وأمواتا من غير جراحات . لا بل هم أضعف كثيرا من الذين يسقطون فـى وقـائع الحروب . لان اولئك قد يتحركون . أو يفهمون كلام المخاطبين لهم وأما هؤلاء فإنـهم للوقت يسقطون كالاموات ولا يتحركون ولا يتنبهون على شئ . وكما أن قائد الجيش إذا سقط قتيلا تتبدد عساكره . وينصرف كل واحد منهم إلى حيث تتوجه إرادته وهواه . كذلك إذا سقط الرئيس القائم على تدبـير الإنسـانية الذي هو العقل . تنصرف كل واحدة من الشهوات بحسب طبيعتها الحيوانية . وحينئـذ يخوض ذلك السكران في لجة هذه الشهوات من غير خـوف ولا حيـاء . ويكـون نصيبه مع الهالكين . ثم يضاف إلى ذلك إهتمام هؤلاء بالاطعمة وما يتفننون به مــن أنواع المأكل والمشارب . وشدة عنايتهم بتسمين الدجاج والخراف . واجتلاب الفواكه . وعلم الحلويات . وهم يتنافسون في كثرة الاطعمة ونظامها . ويتفاخرون في اصطنـاع الولائم المخالفة للناموس . ولهذا هرب أولئك الفائزون من التشاغل بهذه الاباطيل . لانـهم لا يتخـذون .أشراكا لصيد الطيور . ولا حظائر لتسمين الخراف والدجاج . ولا يتأنفون في تنويـع الاطعمة والأشربة . ولكنهم يأكلون لقيام الحياة فقط . وهذا الإهتمام الفارغ والجـهاد الباطل لا يوجدان عندهما أصلا . فما أعظم الفرق بين هؤلاء وأولئك وأما الطـرق التي وردت منها أثمان هذه الاطعمة وما يتعلق بها . فلعل أكثرها من ظلم الارامـل ودموعهن . وأتعاب الايتام وإغتصاب أموالهم . والرياء والطمع والمظالم وهلم جـرا . وأما النتائج التي تنشأ عن الشراهة في الطعام والشراب لهؤلاء المسرفين . فـهى غالبا النخمة والكظة والهيضة والهوس والخلاعة والتهتك في الاحـاديث السـفيهة . وأخيرا ترى الفارس وسلاحه متقيين على الارض . وعدوه يقلقه برمحه كيف يشـاء . وأما عند الفائزين فتجد أضداد كل هذه الأمور . لا على المائدة فقط . بل في جميـع الأحوال الداخلية والخارجية . وحينئذ يظهر الفرق بين الفريقين لدى أهـل العقـول وارباب البصائر . ويعلمون أن مائدة هؤلاء الخاسرين تزول وتضمحـل رفاهيتـها سريعا . اما مائدة اولئك الرابحين فترتقى من الخساسة إلى الشرف وتحـوز مـجـدا دائما إلى الابد . فيكون هؤلاء مغلوبين من أعدائهم وأولئك غالبين ظافرين . هـؤلاء تفسد موائدهم وتتلاشى . وأولئك لا يمس موائدهم الفساد . هؤلاء يصنعــون مـوائـد يحضرها إبليس وجنوده ويسرقونهم إلى عذاب الجحيم . لانه حيثما يكـون السـكر والغناء والملاهي فالشيطان حاضر . وأولئك يصنعون موائد أدبية يحضرها المسـيح سيدهم . ويعد لهم الطعام السماوى وأنواع الطيبات الابدية . حيـ ث لا ينـهمون ولا يشرهون ولا يسكرون ولا يغنون . حتى أنهم يتشبهون بالملائكة الذين لا اجسام لهم . ولذلك يحملون راية الظفر ويأخذون اكليل الغلبة . فسبيلنا أن نترك الإجتهاد في اعداد الولائم العالمية . ونبادر إلـى الاهتمـام بالامور المسيحية . ونستحضر إلى منازلنا الفقراء والغرباء . لكي ننال المجازاة فـى قيامة الصديقين من ربنا الذي له المجد إلى الابد . آمین . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
15 يوليو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الثاني من شهر أبيب

تتضمن وعظ الكهنة وتنبيه الرؤساء والمرؤوسين . مرتبة على فصل انجيل وكيل الظلم : ( لو ١٦ : ۱-۱۸ ) إذا كان الكهنة هم الوكلاء على المؤمنيـن . والرعـاة للأغنـام الناطقـة . والحافظون لنظام الشريعة المقدسة . والمقلدون مراتب الرعاية . فما بالهم يتغـافلون عن الوكالة ويتشاغلون عنها ؟ ويا للعجب من كون الذين يتقلدون الوكالة من الناس . تراهم مشمرين عـن ساعد الجد . متيقظين لصالح وكالتهم . باذلين الجهد في نمو الأموال واتساع المتـاجر ووفرة الزراعات متخوفين من مصيبة تدهمهم وخسارة تلحقهم . وأنت يا وكيل الخراف الناطقة . يا أمين المتاجر الروحية . لماذا توجد هكذا نائما ومهملا !!! فلا تبالي أيها الكسلان بقوله تعالى : " أعط حساب وكالتك لأنـك لا تقدر أن تكون وكيلا بعد" . وكيف لا تفزع من سطوته حينمـا تظـهر مضيعـا للأموال مفرطا في قطيعه تعالى غير متحفظ على الوزنات ؟ وكيف لا تـهرب مـن غضبه عندما يقول لأولئك القساة : " أربطوا رجليه ويديه وخــذوه واطرحـوه فـى الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصريرالأسنان" ألم تسمع قول الكتاب عن يعقوب اسرائيل لما قبل الوكالة على غنم لابــان خاله كيف أنه اختار النظر في صالحها عن راحة نفسه . فهجر لذيذ المأكل ، وفـارق حلاوة المنام ، وجعل السهر له عادة وطبعا . حتى أعادها إلى خاله متكاثرة العـدد . حسنة الأشكال . جميلة المنظر وإذا كان يعقوب راعي الغنم الحيوانية قد أجهد نفسه هكذا وأتعب حياته في رعاية تلك القطعان حتى آل به الإجتهاد في حفظها والتشوق إلى نموهـا وكثرتـها لمكابدة الأتعاب الجمة والشقاء المتكاثر . مع احتمال حر الصيـف وبـرد الشـتاء . وملاقاة اللصوص ومكافحة الوحوش الضارية . والاعتناء بجبر الكسـير ومعالجـة الجربان . ونقل الاغنام إلى الأماكن المخصبة والمياة الصافية . ومكابدة شـدائـد هـذا عظم مقدارها . مع أن صاحب الأغنام ليس بملك . ولا صاحب نقمة . بل هو لابـان خاله . الكافر العابد للأوثان فأي عذر إذن يقدمه المتقلدون لرعاية قطيع المسيح . أولئك الذيـن يـهملون خرافهم ولا يعتنون بمصالح الرعية . بل يتركونها عرضة لافتراس الذئاب الخاطفـة والوحوش الضارية . للضيعان والتيهان . للنهب والسلب ؟ مع أن مالكـهـا ليـس هـو راعيا مثل لابان . ولا هو كأحد المائتين . ورعيته ليست كالرعية البهيمية المشـتراه بالثمن . بل هو ملك الملوك ورب الأرباب ورعيته قطعان ناطقة اشتراها المسـيح بدمه الكريم . .. اسمع قول الله تعالى مبكتا أولئك الساقطين حيث يقول على لسان حزقيـــــال النبى : " ويل لرعاة اسرائيل الذين كانوا يرعون أنفسهم . ألا يرعى الرعـاة الغنم تأكلون الشحم وتلبسون الصوف وتذبحون السمين ولا ترعون الغنم . المريـض لـم تقووه . والمجروح لم تعصبوه . والمكسور لم تجبروه . والمطـرود لـم تـسـتردوه . والضال لم تطلبوه . بل بشدة وبعنف تسلتطم عليهم . فتشتت بلا راع وصارت مـأكلا لجميع وحوش الحقل . ضلت غنمي في كل الجبال وعلى كـل تـل عـال . وعلـى الأرض تشتتت غنمي ولم يكن من يسأل أو يفتش . فلذلك أيها الرعاة أسمعوا كـلام الرب حي أنا يقول السيد الرب من حيث إن غنمي صارت غنيمـة ومـأكلا لكـل وحوش الحقل إذ لم يكن راع ولا سأل رعاتي من غنمي ورعى الرعاة أنفسهم ولـم يرعوا غنمي . فلذلك أيها الرعاة اسمعوا كلام الرب . هأنذا علـى الرعـاة وأطلـب غنمي من يدهم واكفهم عن رعى الغنم ولا يرعى الرعاة أنفسهم بعد فأخلص غنمـى من أفواههم فلا تكون لهم مأكلا .. هأنذا أسال عن غنمي وأفتقدها كما يفتقد الراعـي قطيعه يوم يكون وفي وسط غنمه المشتتة . هكذا أفتقد غنمي وأخلصها مـن جميـع الأماكن التي تشتت اليها في يوم الغيم والضباب . واخرجها من الشعوب واجمعـها من الأراضي وأتى بها إلى أرضها وأرعاها على جبال اسرائيل وفي الأودية وفـى جميع مساكن الأرض واسمع قوله تعالى أيضاً إلى الرعية : " وأنتم يا غنمي هأنذا أحكم بيـن شاة وشاة بين كباش وتيوس . أهو صغير عندكم أن ترعوا المرعـى الجيـد وبقيـة مراعيكم تدوسونها بأرجلكم وان تشربوا مـن الميـاة العميقـة والبقيـة تكدرونــها بأقدامكم . وغنمي ترعى من دوس اقدامكم وتشرب من كدر أرجلكم ... هأنذا أحكـم بين الشاة السمينة والشاة المهزولة . لأنكم بــــهزتم ( ۲ ) بـالجنب والكتـف ونطحتـم المريضة بقرونكم حتى شتتموها إلى خارج . فأخلص غنمي فلا تكون من بعد غنيمـة وأحكم بين شاة وشاة وأقيم عليها راعياً واحداً ". فسبيلنا أيها الأحباء بعد الذي سمعناه من شدة وعيد الله للمهملين أن لا ننسى قوله أيضاً له المجد " أنتم نور العالم .. فليضئ نوركم وهل يؤتى بســــــراج ليوضع تحت المكيال أو تحت السرير أليس ليوضع على المنارة " وان نتنبه من غفلتنا . ونتيقظ من نومنا . ونحافظ على صالح وكالتنا . لنفوز بمديح ربنا الـذي لـه المجد إلى الابد أمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
08 يوليو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الأول من شهر أبيب

تتضمن الحث على عمل الفضيلة الموصلـة لرتبـه أولئك الافاضل مرتبة على قول البشير : " ودعا تلاميذه الاثنى عشر واعطاهم قـوة وسلطانا علـى جميـع الشياطين وشـفاء الأمراض " ( لو ٩ : ١- ٦) . إن كان الاثنى عشر رجلا لفضل سيرتهم القوا خمـيـرة فـي قلـوب أهـل المسكونة جميعها فما بالنا نحن الذين لا يحصى عددنا لا يمكننا أن نصلح ونتلافـى الآخرين ؟ وقد كان ينبغي لنا أن نكون خميرا صالحا ونخمر ألوفا من الناس . فـان قال احدكم إن اولئك كانوا رسلا مؤيدين بالروح . أقول إنهم كانوا أولا يسيرون العالم ويتعاطون الصنائع ويتقلبون تحت تصاريف الاحوال ويشاركوننا فـي القيـام بحاجات المعيشة . ولما أهملوا أنفسهم وصيروها آنية طاهـرة بأعمالهم الصالحـة به استحقوا بذلك نوال مواهب الروح فان قلت ما هي الاعمال التي أهلتهم لنيـل هـذه المواهب ؟ أجبتك هي الإزدراء بالأموال وما يتعلق بها من التنعم والسرف والسـكر وبقية اللذات البدنية والإتضاع وإنسحاق القلب والروح وعـدم الصلـف والكبريـاء وبقية أنواع الفضائل . وإن قلت إن اولئم كانوا يصنعون الآيات فليس لنا أن نتشـبهم . أجبتك إلى متى نتعلل بالمعجزات ونجعلها سبباً لإهمالنا ؟ وكيف لا ننظر إلـى الذين أخرجوا الشياطين باسم ربنا ثم عثروا بحجر الاضطجاع والافتخار فسقطوا إلى قاع الرذيلة وعوقبوا عقاباً شديداً . وإذا كان هؤلاء صنعـوا المعجـزات التـي بواسطتها اجتذبوا الناس . فماذا صنع يوحنا الصابغ حتى اجتذب الكثيرين من أهـل المدن والقرى إلى معمودية الغفران ؟ وكذلك داود وأيوب وإبراهيم وإسحق ويعقوب . أية آية صنعوا حتى ظـهرت اعمالهم وأشرقت أنوار فضائلهم وجعلهم الله قدوة للمقتدين ؟ أمـا تـعلـم يـاهذا أن التماس ظهور الآيات قد جلب على كثيرين ضرراً عظيماً . كما فعل سيمون الساحر الذي طلب أن يتبع سيدنا ليستفيد عمل الآيات . فقال له : للثعـالب أوجـرة ولطيـور السماء أوكار وابن البشر ليس له موضع يسند اليه رأسه . وأمثال هـؤلاء يطلبـون عمل الآيات بعضهم لتحصيل المال وبعضهم لإكتساب المجد الباطل فقط . ولكـن الاهتمام بالسيرة الفاضلة والاجتهاد في عمل الصالحات هو الذي يريـده الله منـا . ولذلك قال : ليرى الناس أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات . ولم يقلى : ليروا آياتكم لأن الفاضل السيرة يخلص أنفس كثيرين . بعضهم بتعاليمـه وبعضـهم بالاقتداء بسيرته . وبعضهم بطلب التشبه بفضيلته . ولست أعنى بالسيرة الفاضلـة أن تصوم دائماً وتفرش تحتك الرماد وتلبس مسوح الشعر . بل الفاضل السيرة هـو ذاك الذي يزهد في جمع الاموال ويطعم الجائع ويكسو العريان ويحب جميع خليقـة الله ويبتعد عن الغضب ويتجنب الحسد . ولا يبغض ولا يكذب ولا يسرق ولا يفعل مـا يخالف الناموس لان الذي يسير هذه السيرة يقهر الشيطان عدوه . وقهره إيـاه هـو عمل كل عجيبة لان الشيطان قد قهر ألوف ألوف مـن النـاس واستولى عليـهم بسلطانه . فاذا أنت بارزته في ميدان الحرب وظهرت منـك لوائـح الغلبـة عليـه وطعنته برمحك فألقيته إلى الأرض . وسلبت سيفه وكسرت ترسه وشدخت رأسـه وهزمت عسكره واخذت تاج الظفر ولبست إكليل الغلبة . وأي فخر يكـون كفخـرك وأي آية تشبه أيتك هذه العظيمة ؟ القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل