لا يكفي يا إخوة أن نعرف من هو الرب بكثرة المعارف التي من الكتب، بل يلزم أن نعرفه شخصياً، ولا يمكن أن نعرفه شخصياً إلا إذا تقابلنا معه؛ نأخذه، ونختبره، غياه،
ندخله، نسلکه نعقله .كل من لم يجد يسوع بعد يظن أنه غير معروف عند يسوع ولكن حينما تقبل إليه ونعرفه حينئذ نعرف أنه كان يرانا، كان يتتبعنا ، كان يرصد حركاتنا، كان يتعقبنا في كل مكان.لا يمكن أن تعرف يسوع إلا بالكنيسة لأن الكنيسة تعرفه، هو استودع نفسه للكنيسة الروح يرافق أسرار الكنيسة بالإيمان لا بالعيان المسيح ظاهر في تواضعه، تواضع لتجده، ليس هو في كبرياء الإختفاء.
١- المسيح ينتظرنا
كل مرة نقف فيها أمام المسيح لنصلي بحرارة وتوسل، تتلاقى حينئذ مشيئتنا مع مشيئته فننال رحمة وبكثرة الصلاة وإخلاصها تتقارب المشيئتان.
المسيح يتقابل معنا في الصلاة، ونحن نتعرف على مشيئته:
لا يمكن أن يتقابل معنا المسيح أو نتعرف على مشيئته إلا بالصلاة. المسيح ينتظر صلاتنا ويترقبها «هنـذا واقـف علـى البـاب وأقرع» (رؤ٢٠:٣). وهو أعلن لنا في الإنجيل أهمية وضرورة الصلاة، مُلِحاً أن نصلي في كل حين وباستمرار وبشرط أن لا نمل من الصلاة؛ لماذا؟ لأنـه في الصلاة يستطيع أن يتصل بنا ويعلن لنا مشيئته ويعطينا نعمته. + الخطية مكروهة لدى الآب ومُحزنة للمسيح، لأنها تسببت في الصليب والآلام الفادحة التي عاناها الرب بدون رحمة من بني البشر. ولكن بمجرد وقوف الخاطئ أمام الله الآب متمسكاً بالصليب متوسلاً بدم المسيح، تسقط عنه الخطيئة ويرفع عنه حُكمها وتزول لعنتهـا مـن
عليه؛ لذلك جيد أن يحمل الإنسان الصليب ويقبله كثيراً وقـت الصلاة.
عن الصائم، يُشبهه الكاتب بطائر مهاجر تحت ظروف قاسية، لأن الطائر يُهاجر من أجل حياته هارباً من شتاء قارس يُهدده بالموت، لذلك وضع الله فيه غريزة الهجرة إلى أرض دافئة لاستبقاء حياته غريزة الوصول إلى الوطن السماوي.والمسيح شبه المسير إلى الملكوت بإنسان مسافر في طريق ضيق. وقد وضع الله في الطائر المهاجر غريزة معرفة طريقه وسط العواصف والضيقات وكل الموانع والحواجز التي تفوق الوصف، لكي يبلغ هدفه.
إنها الهجرة الداخلية إلى الله : هكذا بالنسبة للإنسان المسيحي أعطي غريزة الهجرة الداخلية، غريزة الوصول إلى الوطن السماوي إلى الله من وطن أرضي، من خيمة مطوية، إلى وطن سماوي ،دائم إلى مدينة أسسها الله، وإلى حياة تدوم.
كيف سيدين المسيح المسكونة بالعدل
- هل سيظهر الحمل الوديع بصورة الغاضب المنتقم ؟
- هل ستخرج كلمات اللعنة من فمه على الخطاة،ويترك عنه حنانه الذي غُلب يوماً من فرط تباريحه، وغفر لهم حتى حماقة صلبه؟
- هل تستريح أحشاء رحمته وهو يأمر بإبعاد الخطاة عنه إلى الأبد؟
هل يتعذب الخطاة عذابهم الأبدي وهو راض عن ذلك كل الرضى؟
إن كان الجواب على هذا نعم؛ فهل تغيّرت طبيعة المسيح؟ ويا له من تغيير! وإن كان الجواب : لا ؛ فكيف ستتم كلماته التي قالها عن الدينونة وهي صادقة وأمينة ومستحقة كل قبول؟
مخافة الله
كلمة لكل نفس تريد . أن تجاهد وتحيا مع الله.
مخافة الله تراث الكنيسة من العهد القديم:
لقد استلمت الكنيسة تراثاً طويلاً وعميقاً من العهد القديم. وأغلى وأجمل ما في هذا التراث أن الله في العهد القديم خالق مهوب، سيد ورب: إن كنتُ أباً فأين كرامتي، وإن كنتُ سيّداً فأين هيبتي» (ملاخي ١: ٦). الله في العهد القديم سيّد ورب له كل الهيبة والكرامة. هذا ميراث استلمناه. الكنيسة والمسيحية في هذه الأيام بدأت تضعف، ليس فقط ضعف المحبة، ولكن لأن الأساس الذي تُبنى عليه المحبة ليس موجوداً، ألا وهو مخافة الله.
الأب عندما يربي ابنه، يُربِّيه على المخافة، فيبدأ الطفل يشعر بمخافة نحو " أبيه. وعندما يكبر الطفل، يحبه والده ويعتبره ، أخاً له. ولكن إن لم تكن المحبة متأصلة على المخافة، فإنها لن تعيش بمعنى آخر، لو أن الابن عاش مدللاً ولم يتعلم المخافة، ثم يحاول أن يُكوِّن علاقة على أساس المحبة، فلابد أن تفشل هذه العلاقة، لأن الابن - في هذه الحالة - سوف يستهزئ بأبيه، وأبوه لن ينال هيبته ولا كرامته، وللأسف هذه الصفة هي السائدة في هذا الجيل.
الخليقة الجديدة للإنسان أو الميلاد الثاني
سألني صديق: هل يمكن أن تلخص لي موضوع الخليقة الجديدة التي تقول عنها أنها الميلاد الثاني للإنسان؟ فقلتُ له:لقد تولى نيقوديموس عني وعن البشرية كلها هذا السؤال لَمَّا تعثر في خطوات الخوف والريبة ليقابل المعلّم ويسأله هذا السؤال بصورة أخرى أهــــم، وهي: كيفية الدخول إلى ملكوت الله؟ ومَنْ هو الذي يُؤهل لهذا الشرف
الأسمى؟فأجابه المعلم وقال: «الحق الحق أقول لك: إن كان أحدٌ لا يُولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله (يو (3:3) فبرهن نيقوديموس عن عدم استعداده للفهم، وأسقط من إجابة المسيح كل ما فيها عدا عبارة يُولد الإنسان ثانية، ورد عليه بسؤال جاهل: كيف يمكن الإنسان أن يُولد وهو شيخ؟ ألعله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانيةً ويُولد؟» (يو 4:3)فعلم الرب صعوبة الأمر على ذهن اليهودي وأعطاه كيفية الميلاد من فوق ولكن والإنسان هنا على الأرض، فقال له: «الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يُولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله» (يو 5:3) ولكي يقطع المسيح خط الرجعة على تفكير نيقوديموس حتى لا يفكر في إمكاني