العظات
ملامح الخادم الارثوذكسى
من رسالة معلمنا بولس الرسول إلى تيطس بركاته على جميعنا آمين .. « مُقدماً نفسك في كل شيءٍ قدوةً للأعمال الحسنة ومُقدماً في التعليم نقاوةً ووقاراً وإخلاصاً وكلاماً صحيحاً غير ملومٍ لكي يُخزى المُضاد إذ ليس له شيء ردئ يقوله عنكم » ( تي 2 : 7 – 8 ) .
الملامح العامة للخادم الأرثوذكسي :
1- روح شركة (أ) جماعي ، (ب) آبائي .
2- روح عبادة (أ) مُسبح ، (ب) طقسي .
3- روح عقيدة (أ) إتزان ، (ب) أسرار .
أولاً : روح الشركة :
(أ) جماعي :
من المعروف أن مؤسس الطائفة البروتستانتية هو مارتن لوثر .. أصلاً كان ينتمي إلى الطائفة الكاثوليكية .. تعرض لحدث في حياته فنذر نفسه للرهبنة .. عاش في نسك رهيب جداً .. ولكن ليس عن حب بل عن فرض وخوف .. ثم بدأت الخلافات والإنشقاقات فانفصل عنهم وأنشأ البروتستانت .. وصار لا يحترم الكهنوت .. وبدأ في تشكيل عقيدة إنعكاس لحالته الشخصية .. وبدأ في التقليل من قيمة الجهاد .. الأسرار لأنها مبنية على الكاهن وهو رافض للكهنوت عموماً .. فأصبحت سمة هذه الطائفة التي أسسها يغلب عليها الفردية .. أي يقرأ الكتاب المقدس بمفرده .. يعبُد الله بمفرده .. وهكذا الحال .
أما الأرثوذكسية هي حياة جماعية .. الصلاة جماعي والأصوام جماعية .. أي أن الخادم الأرثوذكسي جماعي ولا يميل إلى الإنعزال والفردية .. لا يميل إلى الهوى الشخصي .. المهم رأي المجموعة .. لأننا أعضاء في جسم واحد .. نحن جماعة في فهم الإيمان .. في تلاوة الإيمان .. نحن جماعة .. كما علمنا يسوع المسيح ونحن نصلي نقول « أبانا الذي في السموات » لأننا لسنا بمفردنا أولاد الله بل الجميع إخوة لأب واحد .. لذلك نصلي على أساس أننا جميعاً إخوة مجتمعين للصلاة .
(ب) آبائي :
أي لا يترك أبداً تراثه .. ولا يغيَّر من القديم .. له مرجعية من الآباء القديسين السابقين الذين يُرشدونا ويعلمونا ما لا نستطيع فهمه حتى تكون الكنيسة فكر واحد .. ومعاني واحدة .. وليس كل فرد على حدى في فهم الآيات .. ولذلك يُقال « لا تنقل التخم القديم الذي وضعهُ آباؤك » ( أم 22 : 28 ) .. أي الحدود القديمة التي وُضِعت لأرض الميعاد وتقسيمها والمقصود هنا التعاليم والمواريث القديمة التي وضعوها القدماء القديسين .
الخادم الأرثوذكسي آبائي .. أي يُعلِّم بحسب أقوال الآباء القديسين .. أي هناك تأمين للأفكار .
ثانياً : روح العبادة :
(أ) مُسبَّح :
أي أن الخادم الأرثوذكسي يشهد له المذبح أكثر من ما يشهد له المنبر .. أي عنده روح كنسية والألحان الكنسية خاصة التي تتكرر بشكل كبير .. ومعرفة معاني الألحان .. على الخادم أن يحفظ لكي يقوم بدوره بعد ذلك في تحفيظ المخدومين .
إرتقي بمشاعرك من خلال الألحان .. لأن الألحان الأرثوذكسية تعطي رصانة لحافظها .. وحافظها لا يستطيع تقبُّل أي لحن غريب عن اللحن الأرثوذكسي الذي يُخاطب الروح وليس الجسد .
إجعل لسانك مُسبِّح دائماً .. لأن أجمل ما في التسابيح هي المعاني الروحية القوية .. فإن كل عقيدة الكنيسة مُصاغة في تسابيحها .
(ب) طقسي :
فاهم المناسبات والأعياد والأصوام .. ترتيب الكنيسة وأماكنها .. حامل الأيقونات .. أدوات المذبح .. دورة الكنيسة وروحها .. إن قل وجود الخادم الأرثوذكسي ( الطقسي ) من الكنيسة فنحن نشعر بالخطر .. تجد في الخادم الطقسي أنه يتذكر دائماً معاني القداس ويتحدث عنها .
ثالثاً : روح العقيدة :
(أ) إتزانه :
هو خادم مُتزن .. لا يميل إلى الإنفعال الشديد .. ولا يميل إلى الجمود والبرودة .. متزن في فهم المعاني واستيعابه للأمور .. منهجه العقيدي إنه يحتاج إلى جهاد مسنود بالنعمة وتؤمن بأن الجهاد بدون نعمة لا تنفع شئ .. والنعمة بدون جهاد لا تنفع شيئاً .
الخادم الأرثوذكسي عنده عقيدة معتدلة مُتزنة .. تعرف ما يُقال وما لا يُقال .. لا تعتمد على الإنفعال .. فنجد الشعب في صلاة القداس في ثبات وخشوع ورصانة دون أي انفعالات جسدية أو صراخات .
(ب) أسرار :
لا يوجد أي خادم أرثوذكسي يُحدثك عن التوبة دون أن يُحدثك عن الإعتراف .. ولا تجده يُحدثك عن طبيعة الحياة مع الله إلاَّ ويُكلمك عن المعمودية .. ولا تجده يُحدثك عن المغفرة دون أن يُحدثك عن الإفخارستيا .. إن تعليم الخادم الأرثوذكسي تعليم سرائري لأن به أسرار مخلوطة داخله لأن الأسرار ليست ابتكار أرثوذكسي نابع من اتفاق بعض آباء كهنة بعضهم البعض .. بل هي موضوعات تسلمناها من الرب يسوع عن طريق الآباء الرسل القديسين .. وهذا تجده في الإنجيل عندما قال لهم الرب يسوع مثلاً « كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء .. وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء » ( مت 18 : 18) .. إشارة للإعتراف .تقول الكنيسة للخادم أنه أمين على وديعة .. وعليك أن تتمسك أن تكون مُتزن .. وطقسي .. جماعي .. مُحب لتعاليم الآباء القديسين .. مُسبِّح .. وأن تكون سرائري ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين
الحياة المكرسة
1. معنى التكريس .
2. الحياة المُكرسة .
3. التكريس والأبدية .
أولاً .. معنى التكريس :
أي التخصيص لله .. قديماً كان الفرد وهو يَعِد الغنم وعندما يأتي إلى العدد " 10 " فيكرسها لربنا .. أي تُقدم لربنا ذبيحة أي عشور الإنسان .. أحب الله في العهد القديم يكون له في كل بيت واحد مِلْكه ( البكر ) .. وبعدها كرَّس الله سبط كامل له .. وهو سبط لاوي ويُقال عنه أنه عملاً لا يعمل .. لا يزرع ولا يجني .. وإنما شغله كله للهيكل .
إذن فكرة التكريس عند الله من العهد القديم .. أما في العهد الجديد أراد الله أن يكرس كل الشعب .. وعلامة ذلك الميرون الذي تقدسنا به من خلال المسيح .. أي لا يوجد فرق بيننا وبين أواني المذبح .. إذن لا يليق أن تعملوا عمل آخر غير مجد المسيح .. ولا يكون لكم استخدام آخر غير استخدام المسيح .. فيجب أن تعملوا عمل المسيح .
إذن التكريس تخصيص .. فَرْز .. أن يحيا الإنسان لمجد المسيح .. لحساب المسيح .. لذلك الأمر مهم جداً لأنكم مُكرسون من الله وفي ملكيته وجنوده .
التكريس هو الحب الفائق لله .. حياتنا مثل قارورة الطيب التي انسكبت على قدمي المسيح .. لا يوجد عند الإنسان أغلى من حياته حتى يسكبها على قدمي يسوع لعله يقبلها .. أنا مِلْكَك يارب .. كل شئ .. قلبي وحواسي ومشاعري .. أفراح العالم لا تجذبنا .. ملذات العالم لا تأخذنا .
ثمرة الحياة الروحية أن يشعر الإنسان أنه مُكرس لله .. التكريس عبارة عن إنسان نسى نفسه من بهاء جمال الإنجذاب للمسيح .. لا ينشغل بأمور حياته وغير مُستعبد لحياته وعمله .. بل هو أراد أن يكون عبداً بإرادته للمسيح .
ثانياً .. الحياة المُكرسة :
الحياة المُكرسة هي مِلْك المسيح الذي اشتراها .. ولذلك يعيش المُكرس خاضع له .. « هو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام » ( 2كو 5 : 15) .
المُكرس يُمثل حضور الله في وسط الشعب .. وهو يُعبِّر عن امتداد عمل الله في وسط الناس مثل الخروف العاشر .. والابن البكر .. اللاوي .. هو الشاهد لله .
المُكرس يُمثل الله أمام الناس .. ويُمثل الناس أمام الله .. أي يحمل أثقال الناس على كتفيهِ ويصلي من أجلهم .. إذن هو لا يحيا لنفسه ولإهتماماته .
المُكرس لا يبحث عن إرضاء كرامته أو ذاته .. وهو يرفع اسم مخلصه .. لا يتمسك بشئ .. يحيا الفقر والعفة والطاعة .
المُكرس يبذل حياته حتى أخر نقطة دم للآخرين .. الحياة المُكرسة هي النفوس التي تقدست لله وأعلنت ملكوته .
الحياة المُكرسة هي حياة للسماء وليست للأرض .. فهو نعمة وعطية .. ولذلك ثمرة للتكريس أن الإنسان يعيش بتول .. وإن كان الإنسان متزوج يعيش بفكر البتول وبالنقاوة .
التكريس هي حالة قلب أكثر منها حالة جسد .. التكريس هو جوهر أكثر منها شكلاً .. يعلمنا بستان الرهبان ويقول [ من السهل عليك أن تُضيف الغرباء .. لكن الأفضل لك أن تحيا أنت غريباً .. من السهل عليك أن تساعد الفقراء .. لكن الأفضل لك أن تحيا أنت فقيراً ] .
إن التكريس أن تتشبه بسيدك الذي افتقر من أجلنا وهو غني لكي يُغنينا بفقره المُكرس يعرف أن ليس له أين يسند رأسه .. فالعالم أصبح بيته والسماء هي سقف بيته الجميع مدعو لكي يعيش بقلب مُكرس للمسيح .. الحياة المُكرسة هي حياة ملائكية والمُكرس أحب أن تكون حياته مِلْك للمسيح .
ثالثاً .. التكريس والملكوت :
صعب الإنسان أن يعيش هكذا وهو يفكر في الأرض .. أما المُكرس الأرض في نظره صغيرة جداً والسماء كبيرة جداً .. إن التكريس هي حياة لا يغلبها الموت .. إذن هي حياة سمائية .. يشعر المُكرس بأن الأبدية بدأت معه من الأرض وتستمر معه في الأبدية .. هو لمحة من حياة الأبدية .الموت يهدد الإنسان وبقاؤه .. لذلك قدست الكنيسة الزواج لاستمرار الحياة على الأرض .. أما المُكرس فهو فهم أن الحياة في الأبدية وليست على الأرض .
دعامة التكريس هي الصلوات الدائمة والتسبيح الدائم والتشبه بالقديسين .. هي مذاقة للأبدية ونحن مازلنا على الأرض .ربنا يقبل حياتنا مُكرسة له ويقبل قلوبنا وعقولنا وأنفسنا وأوقاتنا على مذبح محبتنا لربنا ونطلب منه أن يقبلها ذبيحة مرضية مقبولة لديك ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين
التلمذة
من سفر الملوك الثاني بركاته على جميعنا آمين .. « ثم قال له إيليا امكُث هنا لأن الرب قد أرسلني إلى الأردن .. فقال حي هو الرب وحية هي نفسك إني لا أتركك .. وانطلقا كلاهما .. فذهب خمسون رجلاً من بني الأنبياء ووقفوا قُبالتهما من بعيدٍ .. ووقف كلاهما بجانب الأردن .. وأخذ إيليا رداءه ولفَّهُ وضرب الماء فانفلق إلى هنا وهناك فعبرا كلاهما في اليبس .. ولما عبرا قال إيليا لأليشع اطلب ماذا أفعل لك قبل أن أُوخذ منك .. فقال أليشع ليكن نصيب اثنين من روحك عليَّ .. فقال صعَّبت السؤال .. فإن رأيتني أُوخذ منك يكون لك كذلك وإلاَّ فلا يكون .. وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نارٍ وخيل من نارٍ ففصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء .. وكان أليشع يرى وهو يصرخ يا أبي يا أبي مركبة إسرائيل وفرسانها .. ولم يرهُ بعد .. فأمسك ثيابه ومزقها قطعتين .. ورفع رداء إيليا الذي سقط عنه ورجع ووقف على شاطئ الأردن .. فأخذ رداء إيليا الذي سقط عنه وضرب الماء وقال أين هو الرب إله إيليا ثم ضرب الماء أيضاً فانفلق إلى هنا وهناك فعبر أليشع .. ولما رآه بنو الأنبياء الذين في أريحا قبالته قالوا قد استقرت روح إيليا على أليشع .. فجاءوا للقائه وسجدوا له إلى الأرض .. وقالوا له هوذا مع عبيدك خمسون رجلاً ذوو بأسٍ فدعهم يذهبون ويُفتشون على سيدك لئلا يكون قد حمله روح الرب وطرحه على أحد الجبال أو في أحد الأودية .. فقال لا تُرسلوا .. فألحوا عليه حتى خجل وقال أرسلوا .. فأرسلوا خمسين رجلاً ففتشوا ثلاثة أيامٍ ولم يجدوه .. ولما رجعوا إليه وهو ماكث في أريحا قال لهم أما قلت لكم لا تذهبوا .. وقال رجال المدينة لأليشع هوذا موقع المدينة حَسَن كما يرى سيدي وأما المياه فَرَدِيَّة والأرض مُجدبة » ( 2مل 2 : 6 – 19) .
من هذا الجزء نرى نموذج للتلمذة بأن يكون الشخص بيشرب من روح مُعلمه .. إن الخدمة تلمذة وأيضاً الحياة المسيحية كلها لأنها حياة تُعاش .. والحياة يلزمها ممارسة وتسليم وقدرة .. نموذج .. لذلك نتحدث في ثلاث نقط :0
1. ضرورة التلمذة .
2. شروط التلمذة .
3. بركات التلمذة .
أولاً : ضرورة التلمذة :
صعب أن يرسم الإنسان لنفسه منهج .. لابد أن تسلك حسب منهج آباء ومُعلمين ويستلم منهج مُعاش بخبرة مُعاشة يسلك بها .. هي ضرورة لأن لا يوجد من يتقن مهنة دون أن يُمارسها .
فالحياة الروحية تحتاج ممارسة وعليه أن يستلمها من مَنْ مارسها قبلاً .. يجب أن نكون تلاميذ عند مُعلِّم يرسم الطريق له ويشجعه ويدربه .. يعيش بالإرشاد والمشورة .. وبقدر أمانة التلميذ في تنفيذ نصيحة مُعلِّمه بقدر ما نعمة ربنا تفيده .. يحتاج إلى إرشاد يقول له إذا نمى .. أو تكبَّر .. إذا اشتهى .. كل هذا يحتاج لتعليم .. نعيش في مبدأ حياة .. لذلك أحب الرب يسوع أن يُسمِّي من ساروا معه في بداية حياته ( تلاميذ ) حملوا فكره وتعاليمه وسيرته .. تلاميذ في مدرسة الروح .. التلمذة ضرورة لذلك تجد في كنيستنا الجميع تلاميذ من أصغر تلميذ في مدارس الأحد .. للخدام .. للشمامسة .. الكهنة .. الأساقفة .. للبطرك .
لا يوجد من يعيش مع الله بطريقة روحية سليمة بلا مُرشد .. لأن الذين بلا مُرشد يسقطون مثل أوراق الخريف .
ثانياً : شروط التلمذة :
+ الشعور بالإحتياج إليه .. والرغبة في التعلم .. وعندما أُعلن احتياجي روح الله يُعلمني .. أيضاً بقدر اتضاعي ننال النعمة .
سأل تلميذ مُعلمه وقال : لماذا انقطعت المشورة من أفواه المُعلمين ؟ .. فقال له عندما وجد الله أن الذي يسمع يسمع ولا يعمل إنقطعت المشورة من أفواه المُعلمين .. وقال له أيضاً : أنت تسأل عن تفاصيل المدينة وأنت لم تقلع من الميناء بعد .
إنسان يبحث عن كلمة .. ويريد الأفضل .. يشعر أنه محتاج إلى معرفة .
الإتضاع .. تجد كثيراً من يسمع ليس للتعليم بل لكي يُقيِّم .. فكيف يكون هذا تلميذ وهو لا يرغب في التعلم والإتضاع ؟!! .. الأنبا أنطونيوس باتضاعه مجرد إنسانة قالت له إن هذا المكان ليس مكان رهبان ومن يريد أن يترهب عليه أن يدخل إلى داخل البرية .. فذهب وكانت هذه المرأة وكلامها سبب بركة له .. لأن قلبه متضع ويعرف كيف يسمع .
من يقول إنه غني ومستغني كيف يتعلم .. كما رأينا في أليشع الذي رفض أن يترك إيليا .
+ الثقة في المُعلم .. كيف يسمع أحد لشخص لم يثق فيه ؟!! .. إن أليشع سمعناه يقول « يا أبي يا أبي مركبة إسرائيل وفرسانها » .. يراه جيش عظيم .. من يريد أن يتتلمذ يرى مُعلمه كملاك الله .. أحد الآباء الكهنة كان لا يحب أن يكون كاهناً بل راهب فذهب إلى أبونا بيشوي كامل وقال له ذلك فماذا أفعل ؟ فقال له أبونا بيشوي بل كاهن لأنك ستنفع الخدمة أكثر .. فنفِّذ الكاهن هذا الكلام لأنه كان يثق تماماً في مُعلمه وفي تعاليمه .
+ الطاعة .. سمعنا في السنكسار عن البطرك الذي أتت له أفكار شديدة فذهب إلى أب اعترافه وقال له ذلك .. فطلب منه أن يذهب إلى الدير ويقوم بتنظيف دورات المياه من الفضالات وتنظيف البئر أيضاً .. وظل البطرك ينفذ هذا الأمر لفترة وهو مُتخفي حتى زال عنه هذا الفكر الشرير .. بعدها ذهب ثانياً إلى أب اعترافه وقال له إن الأفكار تلاشت فطلب منه الرجوع إلى مكانه .. كل هذا بكل طاعة دون تردد .
نفِّذ قانون يعطيه لك مُعلمك .. حتى لو كنت غير مقتنع نفِّذ .. فهناك سمة في الحياة الأرثوذكسية وهي أن التسليم يسبق العقل والعقل يسبق التسليم .. الممارسة تسبق العقل لذلك نجد في الكنيسة الأرثوذكسية يتناول الطفل قبل أن يعرف .. أما الكنيسة الكاثوليكية يعرف الطفل ثم يتناول .. لذلك فإن التعليم الأرثوذكسي يعلمك كيف تكون تلميذ وكيف تكون خاضع .
ثالثاً : بركات التلمذة :
1. أن تعيش في أمان لأنك ألقيت بهمك على غيرك .. بقدر ما ألقيت بمسئولية حياتك على مُعلمك فأنت ألقيت عليه مسئولية خلاصك .. إذن التلميذ يعيش في بركة .. « بركة إله أبي » .. ومَنْ يُحمل على كتف مُعلمه الله يحميه من التيه في الطريق .. وبقدر أمانة وطاعة الفرد بقدر ما يُؤمِّن الله سلامته وخلاصه على يد مُعلمه .. حتى لو كان مُعلمه دون المستوى .. بقدر طاعتك وأمانتك الله سيُؤمِّن لك الطريق .
لذلك الآباء القديسين نسمعهم يقولون « ثق في مُعرِّفك أياً كان .. فإن لم يُعطيك الله بسبب بره .. سيُعطيك الله بسبب إتضاعك » .. « من يقبل نبياً باسم نبيٍ فأجر نبيٍ يأخذ .. ومن يقبل باراً باسم بارٍ فأجر بارٍ يأخذ » ( مت 10 : 41 ) .. إن الله سيعطيك كلمة على فم هذا الرجل أي المُعلم .. إذن من بركات التلمذة الأمان .
2. وإنها تحفظ الإتضاع .
3. تضمن تواصل الأجيال .. وتجعلك تحافظ على التراث .. ولا تمس الموروث كي يكون الفكر واحد من جيل إلى جيل .. وتقول الآية « ما سمعتهُ مني بشهودٍ كثيرين أودعهُ أُناساً أُمناء يكونون أكفاء أن يُعلِّموا آخرين أيضاً » ( 2تي 2 : 2 ) .. إن من يرفض التلمذة يرفض المرجعية ويرفض خبرات الآخرين ويعتد برأيه وفكره إقتني قلب التلميذ باستمرار .. الإنسان المجتهد والذي يعطيه روح مُتجدد الله يعطيه وعي لكي يتعلم من أي شئ .. حتى وإن كانت حشرة .. لا تفقد مبدأ التلمذة في حياتك واطلب من الله أن يعطيك روحين من روح مُعلمك ..وأن يكون دائماً محمول على نفس فكرة " إله مُعلمك " .. كن تلميذ مخلص .. فإن كل من رغب في العِلم شعر بإنه في مزيد من الجهل الله يعطينا حياة تلمذة حقيقية نعيش تلاميذ ونحيا تلاميذ ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين
اربع محطات لابد ان يعبر بها الخادم
هناك أربع محطات متداخلين لابد أن يعبر بها الإنسان وهم :0
1. معرفة المسيح .
2. التوبة للمسيح .
3. التلذذ بالمسيح .
4. خدمة المسيح .
1. معرفة المسيح :
معلمنا بولس الرسول يقول « أسعى لعلي أُدرك الذي لأجله أدركني أيضاً المسيح يسوع » ( في 3 : 12 ) .. العلاقة الشخصية بيسوع المسيح هي علاقة حب .. عِشرة .. وأن أعرف أن لي مكانة عنده .. علاقة تعتمد على الخصوصية .. فما أجمل قول معلمنا بولس الرسول عندما يقول « الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي » ( غل 2 : 20 ) .. والقديس يوحنا فم الذهب يقول « لو لم يوجد في العالم غيري لأتى ابن الله من أجلي » .. إن الله أحبنا بلا سبب كما يقول بولس الرسول .
إن معرفة المسيح لها أنواع :0
أ/ معرفة عقلية .
ب/ معرفة قلبية .
ج/ إختبارية .
وأجمل أنواع المعرفة هي المعرفة الإختبارية .. أي التي نتجت من عشرة بينه وبينك .. إعرف طبعه وصفاته .. والإنجيل خير وسيلة للتعرف عليه .. هذه العلاقة الشخصية تأتي في المخدع .. في الخفاء .. في التأمل والصلاة .. في الإنجيل .
2. التوبة :
إن جهلنا بمعرفتنا بربنا وجهلنا بمحبته هو علة جميع شرورنا .. ما أجمل التوبة التي تأتي نتيجة حب ومعرفة .. محطة مهمة على الخادم أن يقف فيها لكي يعيش التوبة كل أيام حياته .. أجمل تعريف عن الخادم الحقيقي هو تائب يقود تائبين .
حذاري أن تكون التوبة توبة شكل وليست توبة معرفة وحب .. وأن تكون مجرد اعتذار للذي أخطأت في حقه !! إن المحرك الأمين للتوبة هي محبة الله فجاهد طول حياتك لكي تعيش التوبة .
3. التلذذ بالمسيح :
أن تشعر أن العلاقة معه مُبهجة ولذيذة .. يشعر بفرح في المزمور والإنجيل .. القداس .. لذة .. كل الذين اختبروه وجدوا أن حلقه حلاوة وكله مُشتهيات ( نش 5 : 16) .. مثل حزقيال النبي الذي أخذ كلمة فقال « صارت في فمي كالعسل حلاوةً » ( حز 3 : 3 ) .
نقرأ عن الأنبا بيشوي أنه كان يعطي أحد تلاميذه أسفار معينة للقراءة وعندما نام أحد التلاميذ وهو يقرأ في سفر دانيال النبي جاء دانيال النبي للأنبا بيشوي وقال له أن يُوقظ تلميذه لأنه متعطل بسبب أنه نام وهو يقرأ السفر الخاص به .
ما أجمل التلذذ الذي كان يشعر به الآباء القديسين وهم يقرأون في الأسفار ولا يستطيعون التوقف عن القراءة إلا عندما ينتهي السفر .
محبة عميقة لمن غفر خطيتي .. أتلذذ في محبته .. ما أجمل قول القديس فليكسينوس « أنت قد جرحت نفسي أيها الحبيب وأنا لا أقوى على ضبط لهيبك لذلك سأجري مُسبحاً إياك » .
الله لذيذ ومُشبع .. ضامن ومحتوي .. وإذا رأيت في سفر النشيد عن التلذذ فيقول « حبك أطيب من الخمر ..... لذلك أحبتك العذارى » ( نش 1 : 2 – 3 ) .. حب بعذروية نفس لا تريد أن تعرف إلاَّ هو .
4. خدمة المسيح :
عندما تجده جدير بالمحبة ويقبل التوبة وجدته لذيذ .. ستجد نفسك تدعو كل إنسان أن يأتي إليه .. لذلك وجدنا بولس الرسول في رسالته لرومية يقول « إن لي حزناً عظيماً ووجعاً في قلبي لا ينقطع » ( رو 9 : 2 ) .. ثم يقول « كنت أود لو أكون أنا نفسي محروماً من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد » ( رو 9 : 3 ) .. غيرة على الجميع ويرغب أن الكل يعرفه فهذا هو إحساس الخدمة .. وجدنا أيضاً موسى النبي قديماً يقول لله « إن غفرت خطيتهم وإلاَّ فامحني من كتابك الذي كتبت » ( خر 32 : 32 ) .. غيرة على الشعب وحب ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين