العظات

دراسة فى سفر العدد ج 7 موسى يدان بسبب المرأة الكوشية

الأصْحَاح الثَّانِي عَشَر : تُوْجَدٌ قِصَّة مَعْرُوفَة الله يُعْطِينَا فِيهَا مَعَانِي تِفَرَّحْنَا كُلِّنَا .. عِنْدَمَا تَكَلَّمْ هَارُون وَمَرْيَم عَلَى مُوسَى النَّبِي بِسَبَبْ زَوَاجُه مِنْ المَرْأة الكُوشِيَّة .. الكُوشِيِينْ غُرَبَاء عَنْ شَعْب الله وَهُمْ شَعْب مَلاَمِحَهُمْ غِير مَقْبُولَة دَكْنِين اللُون لِذلِك هُمْ جِنْس غِير مَقْبُول وَالشَكْل أيْضاً غِير مَقْبُول ﴿ وَتَكَلَّمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُون عَلَى مُوسَى بِسَبَبِ الْمَرْأَةِ الْكُوشِيَّةِ الَّتِي اتَّخَذَهَا ﴾ ( عد 12 : 1 ) .. لِنَرَى كَمْ دَافَعْ الله عَنْ مُوسَى وَمُوسَى صَلَّى لله كَيْ لاَ يُعَاقِبْ مَرْيَم وَهَارُون .. الله عَفَى عَنْ هَارُون لأِنَّهُ سَمَعَ لِمَرْيَم لكِنْ مَرْيَم عُوقِبَتْ وَعُزِلَتْ سَبْعَة أيَّام وَضُرِبَتْ بِالبَرَص .. وَالبَرَص عَلاَمِة خَطِيَّة فَاعْتُبِرَت مَرْيَم نَجِسَة تُنَجِّس المَحَلَّة فَعُزِلَت سَبْعَة أيَّام وَتَعَطَّل الشَّعْب عَنْ الرَحِيل بِسَبَبْ مَرْيَم ﴿ لأَِنَّهُ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ امْرَأَةً كُوشِيَّةً .. فَقَالاَ هَلْ كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَحْدَهُ ﴾( عد 12 : 1 – 2 ) .. قَالاَ ألَيْسَ نَحْنُ أنْبِيَاء مِثْل مُوسَى ؟!! .. مَرْيَم وَهَارُون هُنَا أعْطَيَا لأِنْفُسْهُمَا حَقٌ إِدَانِة مُوسَى .. ﴿ أَلَمْ يُكَلِّمْنَا نَحْنُ أَيْضاً .. فَسَمِعَ الرَّبُّ .. وَأَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيماً جِدّاً أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ﴾ ( عد 12 : 2 – 3 ) .. الله سَمَعْ وَمُوسَى النَّبِي لَمْ يَكُنْ قَدْ سَمَعْ .. وَلَمَّا سَمَعْ مُوسَى لَمْ يَتَكَلَّمْ أوْ يُعَاقَبْ .. مُوسَى كَانَ حَلِيم جِدّاً لَمْ يَرُدٌ الإِسَاءَة بِالإِسَاءَة .. لِمَاذَا تَكَلَّمْ مَرْيَم وَهَارُون عَنْ مُوسَى النَّبِي ؟ رُبَّمَا غِيرَه .. يَقُول الآبَاء عِنْدَمَا إِخْتَار مُوسَى النَّبِي السَّبْعِينَ رَجُلاً كَمَا قَالَ لَهُ الله لِيَحْمِلُوا مَعَهُ مَسْئُولِيِة الشَّعْب رُبَّمَا لَمْ يَكُنْ مُوسَى قَدْ أخَذَ رَأي هَارُون وَمَرْيَم فِي إِخْتِيَارِهِمْ .. وَلَمْ يَتَكَلَّمَا مَرْيَم وَهَارُون لكِنَّهُمَا وَجَدَا زَوَاجُه مِنْ المَرْأة الكُوشِيَّة فُرْصَة لِيَتَكَلَّمَانْ عَلَيْهِ الشَّعْب كَانَ يَتَذَمَّر عَلَى الأكْل وَالشُرْب أمَّا الأنْبِيَاء فَلَهُمْ حَرْب أُخْرَى .. فَإِنْ كَانُوا قَدْ تَرَفَعُوا عَنْ أعْمَال الجَسَد فَلَهُمْ حَرْب الذَّات وَالغِيرَه وَالكِبْرِيَاء و هُنَاك حَرْب الجَسَد وَهُنَاك حَرْب النَّفْس .. الطَّعَام هُوَ عَالَمْ الشَّعْب وَدُنْيَاه لكِنْ مَرْيَم وَهَارُون لَهُمَا حَرْب أُخْرَى وَكَمَا يَقُول مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَانْشِقَاقٌ أَلَسْتُمْ جَسَدِييِّنَ ﴾ ( 1كو 3 : 3 ) .. مُوسَى رَجُلْ حَلِيم وَالحُلْم هُوَ كَمَال ضَبْط النَّفْس .. هُوَ كَمَال طُول الأنَاة .. كَانَ مُوسَى أحْلَم رَجُل عَلَى الأرْض رَجُلْ الله نَعْرِفُه مِنْ حِلْمُه وَالبَعِيد عَنْ الله تَعْرِفُه مِنْ سُرْعِة غَضَبُه لِذلِك قَالَ الآبَاء ﴿ لاَ تَسْتَصْحِب غَضُوباً ﴾ .. قَاوِم الغَضَبْ بِشِدَّة .. مُوسَى لَمْ يَأتِي بَعْدُه وَلَمْ يَكُنْ قَبْلُه رَجُلْ حَلِيم مِثْلُه الكَلاَم لَمْ يِتْعِبْ مُوسَى النَّبِي كَمَا أتْعَبْ الرَّبَّ نَفْسُه فَسَمَعَ الرَّبَّ قَبْل مُوسَى .. لِذلِك تَعَلَّمْ أنْ تَكُون حَلِيماً لأِنَّهُ يُوْجَدٌ إِله يَسْمَعْ وَيُدَافِعْ عَنَّك فَضَعْ إِتِّكَالَك كُلُّه عَلِيه .. وَإِنْ كَانَ مُوسَى صَامِتْ فَالله لَمْ يَصْمُتْ .. جَيِّدٌ أنْ يِدَافِعْ الله عَنْ إِنْسَان وَهُوَ صَامِتْ .. ﴿ فَقَالَ الرَّبُّ حَالاً لِمُوسَى وَهَارُون وَمَرْيَمَ اخْرُجُوا أَنْتُمُ الثَّلاَثَةُ إِلَى خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ .. فَخَرَجُوا هُمُ الثَّلاَثَةُ .. فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي عَمُودِ سَحَابٍ وَوَقَفَ فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَدَعَا هَارُون وَمَرْيَمَ فَخَرَجَا كِلاَهُمَا .. فَقَالَ اسْمَعَا كَلاَمِي ﴾( عد 12 : 4 – 6 ) .. هُنَا شَعَر هَارُون وَمَرْيَم بِخَطَأهِمَا وَعَرَفَا أنَّهُ سَيُوَجَه لَهُمَا تَوْبِيخ وَعُقُوبَة مِنْ الله ﴿ إِنْ كَانَ مِنْكُمْ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَبِالرُؤْيَا أَسْتَعْلِنُ لَهُ فِي الْحُلْمِ أُكَلِّمُهُ .. وَأَمَّا عَبْدِي مُوسَى فَلَيْسَ هكَذَا بَلْ هُوَ أَمِينٌ فِي كُلِّ بَيْتِي .. فَماً إِلَى فَمٍ وَعِيَاناً أَتَكَلَّمُ مَعَْهُ لاَ بِالأَلْغَازِ .. وَشِبْهَ الرَّبِّ يُعَايِنُ .. فَلِمَاذَا لاَ تَخْشَيَانِ أَنْ تَتَكَلَّمَا عَلَى عَبْدِي مُوسَى ﴾ ( عد 12 : 6 – 8 ) .. إِنْ كُنْتُمَا نَبِيَان فَأنَا أُكَلِّمْكُمَا بِالرُؤْيَا .. هكَذَا كُلَّ الأنْبِيَاء .. أمَّا عَبْدِي مُوسَى فَلاَ تَتَكَلَّمَا عَلَيْهِ .. كَرَامِة الإِنْسَان أنْ يُدَافِعْ عَنْهُ الله وَسَنَرَى مَاذَا يَقُول الله عَنْ مُوسَى .. لَوْ إِتَّهَمَك أحَدٌ فِي أمْرٍ مَا بِالزُور أُصْمُتْ وَسَتَرَى مَاذَا تَكُون فِي عَيْنَيَّ الله .. وَلِنَرَى مَاذَا قَالَ هَارُون وَمَرْيَم عَنْ مُوسَى وَمَاذَا قَال الله عَنْهُ .. قَالَ الله أنَّ عَبْدِي مُوسَى أمِين عَلَى كُلَّ بَيْتِي أُكَلِّمَهُ فَماً إِلَى فَمٍ أمَّا أنْتُمْ فَأُكَلِّمَكُمْ بِالألْغَاز .. مُوسَى النَّبِي لَهُ صِفَة الحُلْم وَمَشْهُودٌ لَهُ مِنْ الله بِالأمَانَة وَالتَّقْوَى وَالإِسْتِقَامَة بَيْنَمَا هُوَ لَيْسَ كذَلِك فِي عَيْن النَّاس ﴿ فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْهِمَا وَمَضَى .. فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ عَنِ الْخَيْمَةِ إِذَا مَرْيَمُ بَرْصَاءُ كَالثَّلْجِ ﴾ ( عد 12 : 9 – 10) .. عَلاَمِة إِنْصِرَاف الله إِرْتِفَاع السَّحَابَة عَنْ الخَيْمَة وَإِذَا مَرْيَم بَرْصَاءِ كَالثَّلْجِ .. ﴿ فَالْتَفَتَ هَارُون إِلَى مَرْيَمَ وَإِذَا هِيَ بَرْصَاءُ .. فَقَالَ هَارُون لِمُوسَى أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي لاَ تَجْعَلْ عَلَيْنَا الْخَطِيَّة الَّتِي حَمِقُنَا وَأَخْطَأْنَا بِهَا ﴾ ( عد 12 : 10 – 11) .. هَارُون قَالَ لِمُوسَى نَحْنُ الإِثْنَان قَدْ أخْطَأنَا .. جَيِّدٌ هُوَ الإِنْسَان الَّذِي لاَ يُدَافِعْ عَنْ نَفْسُه أمَام الله بَلْ يَعْتَرِفْ بِخَطَأُه .. نَفْس الكَلِمَة الَّتِي وَبَّخْ بِهَا الله دَاوُد النَّبِي وَقَالَ لَهُ ﴿ قَدِ انْحَمَقْتَ ﴾ ( 1صم 13 : 13) .. الخَطِيَّة فِي نَظَر الله حَمَاقَة وَغَبَاوَة ﴿ فَلاَ تَكُنْ كَالْمَيْتِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ رَحِمِ أُمِّهِ قَدْ أُكِلَ نِصْفُ لَحْمِهِ ﴾( عد 12 : 12) .. هَارُون يَقُول لِمُوسَى تَوَسَلْ إِلَى الله .. إِفْعَل أي شِئ لأِنَّ أُخْتِنَا قَدْ تَمُوْت مِنَّا .. مُوسَى لَمْ يُعَاتِبْهُمَا وَلَمْ يَفْتَح فَاه وَلَمْ تَخْرُج كَلِمَة رَدِيئَة مِنْ فَمِهِ لكِنَّهُ عِنْدَمَا رَأى مَرْيَم قَدْ أُصِيبَتْ بِالبَرَص لَمْ يُعَامِلْهُمَا بِالعِين بِالعِين وَالسِّنْ بِالسِّنْ بَلْ قَالَ ﴿ اللَّهُمَّ اشْفِهَا ﴾ ( عد 12 : 13) .. يَا الله أُسْتُرْنَا نَحْنُ خُدَّامَك لأِنَّهُ قَدْ يَقُول الشَّعْب هؤُلاَء هُمْ الأنْبِيَاء .. هؤُلاَء هُمْ الإِخْوَة مَعاً .. يَا الله أُسْتُرْنَا ﴿ فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى وَلَوْ بَصَقَ أَبُوهَا بَصْقاً فِي وَجْهِهَا أَمَا كَانَتْ تَخْجَلُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ .. تُحْجَزُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ وَبَعْدَ ذلِكَ تُرْجَعُ ﴾ ( عد 12 : 14) .. الله يَقُول لِمُوسَى إِنْ وَبَّخٌ مَرْيَم أبُوهَا ألاَ تَخْجَل سَبْعَة أيَّام ؟!! .. قَدِيماً كَانَ البَصْقٌ فِي الوَجْه تَوْبِيخ فِي العَهْد القَدِيم لِذلِك بُصِقَ فِي وَجْه يَسُوع .. وَأيْضاً كَانَتْ الأرْمَلَة الَّتِي يَرْفُض الوَلِي الزَّوَاج مِنْهَا لإِقَامِة نَسْل لِلزُوج المُتَوَفِي كَانَتْ تَبْصِقٌ فِي وَجْه الوَلِي .. أي أنَّ البَصْقٌ كَانَ عَلاَمِة قَصَاص أمَرَ الله أنْ تُحْجَز مَرْيَم سَبْعَة أيَّام خَارِج المَحَلَّة ثُمَّ تَرْجَعْ .. ﴿ فَحُجِزَتْ مَرْيَمُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ﴾( عد 12 : 15) مُوسَى النَّبِي رَمْز لِلخَادِم .. عَلَى الشَّخْص أنْ لاَ يَدِينْ الخَادِم .. رَجُلْ الله لَهُ مَنْ يُدِينُه حَتَّى إِنْ كَانَ قَدْ رَأى فِيهِ تَصَرُّفْ خَطَأ وَلِنَرَى أنَّ الله لَمْ يَحْتَمِل أنْ يَتَكَلَّمْ مَرْيَم وَهَارُون عَلَى مُوسَى وَخَطَأُه الله ضَرَبَ مَرْيَم بِالبَرَص .. هذِهِ شَنَاعِة الخَطِيَّة وَالخَطِيَّة مَكْرُوهَة عِنْدَ الله .. إِرْتِفَاع السَّحَابَة إِشَارَة لإِرْتِفَاع حُضُور الله .. عِنْدَمَا تَدِينْ تَشْعُر أنَّ نِعْمَة الله قَدْ فَارَقَتَك .. الإِدَانَة خَطِيَّة مُرَّة لاَ تَتَكَلَّمْ عَنْ أحَدٌ لأِنَّ لَهُ مَنْ يَدِينُه .. ﴿ مَنْ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ عَبْدَ غَيْرِكَ .. هُوَ لِمَوْلاَهُ ﴾( رو 14 : 4 ) فِي بُسْتَان الرُّهْبَان قِصَّة تَحْكِي وَتَقُول أنَّ رَاهِبْ سَمَعْ عَنْ خَطِيِّة رَاهِبْ آخَر فَقَالَ ( أُوفْ ) .. وَتَكَلَّمْ مَعَ آخَر عَنْ خَطَايَا هذَا الرَّاهِبْ وَعِنْدَمَا عَادَ إِلَى قَلاَيَتُه وَجَدَ مَلاَك يَقِفْ عِنْدَ بَابْ القَلاَيَة وَيَسْألُه قَائِلاً الله يَسْألَك فِي أي مَكَانْ يَضَعْ الله هذَا الأخ ؟ .. إِنْ أخْطَأ إِنْسَان أُسْتُر عَلِيه لأِنَّهُ كَمَا يَقُول الكِتَاب ﴿ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا ﴾ ( يع 3 : 2 ) .. لِذلِك خَطِيِّة الإِدَانَة ثَمَنْهَا غَالِي أيْضاً مُوسَى النَّبِي يُشِير لِلعَهْد القَدِيم وَالوَصِيَّة .. مَرْيَم إِحْتَقَرَت مُوسَى كَثِيرُون يَحْتَقِرُون الوَصِيَّة .. عِنْدَمَا أحْتَقِر الإِنْجِيل وَأُهْمِلُه أخْرُج خَارِج الجَمَاعَة المُقَدَّسَة وَأُضْرَبْ بِالخَطِيَّة .. المَرْأة الكُوشِيَّة تَرْمُز لِلأُمَمْ كِنِيسِة العَهْد الجَدِيد .. سَوْدَاء وَجَمِيلَةٌ .. إِمْرَأة مَنْبُوذَة صَارَتْ زَوْجَة لِمُوسَى الَّذِي هُوَ رَمْز لِلْمَسِيح .. الْمَسِيح لَهُ المَجْد إِقْتَرَنْ بِالأُمَمْ كِنِيسِة العَهْد الجَدِيد فَتَكَلَّمْ عَلِيه إِخْوَتُه أي اليَهُودٌ وَقَالُوا سَيَدْخُل أُنَاس فَاعِلِي إِثْم دَاخِلْنَا نَحْنُ أبْنَاء الشَّرِيعَة عِنْدَمَا إِقْتَرَنْ مُوسَى النَّبِي بِالمَرْأة الكُوشِيَّة صَارَ مَرْفُوض مِنْ إِخْوَتُه لِذلِك أخْرَج الله اليَهُود مِنْ الحِسْبَة كُلَّهَا .. هكَذَا خَرَجَ اليَهُود خَارِج الكِنِيسَة سَبْعَة أيَّام ثُمَّ سَيَعُودُوا فِي مِلْء الزَّمَان كَمَا خَرَجَتْ مَرْيَم خَارِج المَحَلَّة سَبْعَة أيَّام ثُمَّ عَادَتْ .. مَرْيَم إِحْتَقَرَتْ مُوسَى وَاليَهُود إِحْتَقَرُوا الْمَسِيح نَفْسُه عَلَى أنَّهُ مَسِيح العَشَّارِينْ وَالزُّنَاة فَلَمْ يَتْبَعُوه .. تُطْرَدٌ مَرْيَم خَارِج المَحَلَّة سَبْعَة أيَّام ثُمَّ تَعُودٌ هكَذَا طُرِدَ اليَهُود حَتَّى يَأتِي مِلْء الزَّمَان فَيَعُودُوا مَرَّة أُخْرَى فِي رِسَالِة بُولِس الرَّسُول لأِهْل رُومْيَة يَقُول ﴿ إِنْ كَانَ اللهُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُظْهِرَ غَضَبَهُ وَيُبَيِّنَ قُوَّتَهُ احْتَمَلَ بِأَنَاةٍ كَثِيرَةٍ آنِيَةَ غَضَبٍ مُهَيَّأَةً لِلْهَلاَكِ .. وَلِكَيْ يُبَيِّنَ غِنَى مَجْدِهِ عَلَى آنِيَةِ رَحْمَةٍ قَدْ سَبَقَ فَأَعَدَّهَا لِلْمَجْدِ ﴾ ( رو 9 : 22 – 23 ) .. مُوسَى النَّبِي إِرْتَبَطْ بِالكُوشِيَّة فَاغْتَاظَتْ مَرْيَم أي اليَهُود هُوَ سَيَرْتَبِطْ بِالإِثْنَان لكِنْ اليَهُود رَفَضُوا ذلِك لِذلِك قَالَ ﴿ الَّذِينَ لَمْ يَسْعَوْا فِي أَثَرِ الْبِرِّ أَدْرَكُوا الْبِرَّ الْبِرَّ الَّذِي بِالإِيمَانِ .. وَلكِنَّ إِسْرَائِيلَ وَهُوَ يَسْعَى فِي أَثَرِ نَامُوسِ الْبِرِّ لَمْ يُدْرِكْ نَامُوسَ الْبِرِّ ﴾( رو 9 : 30 – 31 ) .. أي الَّذِينَ عَاشُوا مَعَ مُوسَى أي مَرْيَم وَهَارُون وَيَسْعَيَان مَعَهُ فِي أثَر البِرِّ لَمْ يُدْرِكَا البِرِّ بَيْنَمَا المَرْأة الكُوشِيَّة أدْرَكَتْ .. ﴿ أَنَّ القَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيّاً لإِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ .. وَهكَذَا سَيَخْلُصُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ ﴾ ( رو 11 : 25 – 26 ) .. القَسَاوَة قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِياً أي مَرْيَم وَهَارُون .. لكِنْ هَلْ سَيُخَاصِمْ مُوسَى مَرْيَم وَهَارُون إِلَى النِّهَايَة ؟ .. لاَ .. لأِنَّ الأمَّة اليَهُودِيَّة هِيَ شَعْب الله لِذلِك لَنْ يَنْسَاهُمْ الله لأِنَّهُمْ أبْنَاء إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب .. ﴿ لأَِنَّ هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ ﴾ ( رو 11 : 29 ) .. لِذلِك سَتَخْرُج مَرْيَم سَبْعَة أيَّام فَقَطْ خَارِج المَحَلَّة ثُمَّ تَعُودٌ وَكَأنَّ شَيْء لَمْ يَحْدُث .. هكَذَا سَيَعُودٌ اليَهُود إِلَى حِضْن الله العَجِيب أنَّ مُوسَى النَّبِي صَرَخَ وَتَشَفَّعْ عَنْ مَرْيَم أمَام الله رَغْم أنَّهُ هُوَ المُدَان مِنْهَا .. هكَذَا الْمَسِيح وَهُوَ عَلَى الصَّلِيب تَضَّرَع مِنْ أجْل اليَهُود الَّذِينَ صَلَبُوه وَالَّذِينَ جَدَّفُوا عَلِيه وَقَالَ ﴿ يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ ﴾ ( لو 23 : 34 ) .. هُمْ تَكَلَّمُوا عَلِيه وَقَالُوا لَوْ كَانَ نَبِي لَعَلَمَ مَنْ هذِهِ المَرْأة وَمَا حَالَهَا إِنَّهَا خَاطِئَةٌ ( لو 7 : 39 ) .. وَقَالُوا إِنْ كَانَ إِبْن الله فَلْيَنْزِل عَنْ الصَّلِيب ( مت 27 : 40 ) .. أمَّا هُوَ فَكَانَ يَشْفَعْ فِيهُمْ .. الله يَقُول لِمَرْيَم وَهَارُون أنَا أتَكَلَّم مَعَ الأنْبِيَاء بِالرُؤْيَا لكِنْ مَعَ مُوسَى أتَكَلَّمْ فَماً إِلَى فَمٍ وَبِالعَيَان لَيْسَ بِالألْغَاز .. نَحْنُ كَشَفَ لَنَا الله فِي إِبْنِهِ يَسُوع كُلَّ الأسْرَار الَّذِي مُذَخَّر فِيهِ كُلَّ كُنُوز النِّعْمَة .. وَالإِعْلاَنَات الإِلَهِيَّة ظَهَرَتْ فِيهِ هُوَ زَوَاج مُوسَى مِنْ المَرْأة الكُوشِيَّة هُوَ إِقْتِرَان رَبَّ المَجْد يَسُوع بِكِنِيسِة الأُمَم إِلَى أنْ يَعُودٌ اليَهُودٌ الشَّعْب كُلُّه تَعَطَّل بِسَبَبْ مَرْيَم عِنْدَمَا عُزِلَتْ سَبْعَة أيَّام .. أي مُمْكِنْ إِنْسَان خَاطِئ يِعَطَّل الكِنِيسَة وَبَار يِرْفَعْ غَضَبْ عَنْ شَعْب كَمَا بِصَلاَة الأنْبَا بُولاَ .. وَكَمَا قَالَ ﴿ طُوفُوا فِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ وَانْظُرُوا وَاعْرِفُوا وَفَتِّشُوا فِي سَاحَاتِهَا هَلْ تَجِدُونَ إِنْسَاناً أَوْ يُوْجَدُ عَامِلٌ بِالْعَدْلِ طَالِبُ الْحَقِّ فَأَصْفَحَ عَنْهَا ﴾ ( أر 5 : 1) .. أي وَاحِدٌ خَاطِئ يُعَطِّل الكِنِيسَة لأِنَّ الخَطِيَّة مُوَجَّهَة إِلَى ثَلاَثَة الله وَالنَّفْس وَالكِنِيسَة .. لِذلِك خَاطِئ وَاحِدٌ يَجْلِب غَضَبْ الله عَلَى شَعْب وَبَار وَاحِدٌ يَعْفُو عَنْ شَعْب إِعْتَذَرٌ هَارُون وَالجَيِّدٌ أنَّهُ بَعْد إِنْتِهَاء المَوْقِفْ مُوسَى النَّبِي لَمْ يُعَاتِبْ مَرْيَم وَهَارُون بِكَلِمَة وَمَرْيَم وَهَارُون فِي خِزْي .. ﴿ وَلَمْ يَرْتَحِلِ الشَّعْبُ حَتَّى أُرْجِعَتْ مَرْيَمُ وَبَعْدَ ذلِكَ ارْتَحَلَ الشَّعْبُ مِنْ حَضَيْرُوتَ وَنَزَلُوا فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ ﴾ ( عد 12 : 15 – 16) * فَارَان * مَعْنَاهَا * الفَمْ المَفْتُوح * .. أي اليَهُودٌ أوْ مَرْيَم الَّذِينْ تَعَطَّلُوا لَمَّا يَدْخُلُوا يَتَمَتَّعُوا بِالفَمْ المَفْتُوح أي شَرِكَة التَّسْبِيح أوْ الشَرِكَة المُقَدَّسَة .. وَبَعْد ذلِك يَذْهَبُون إِلَى بَرِّيَّة قَادِش .. وَقَادِش تَعْنِي مُقَدَّس .. أي سَيَتَمَتَّعُوا بِالشَرِكَة المُقَدَّسَة رَفَضَ اليَهُودٌ عُطْل الكِنِيسَة اليَهُودِيَّة سَبْعَة أيَّام أي كَمَال الأزْمِنَة وَلكِنْ سَيَعُودُوا إِلَى حِضْن الله لِيَرْتَحِلاَ مَعاً الكَنِيسَتَان اليَهُودٌ وَالأُمَمْ لِيَسْتَمْتِعَا بِالشَرِكَة المُقَدَّسَة .. وَكَمَا يَقُول الكِتَاب ﴿ لأَِنَّ بِهِ لَنَا كِلَيْنَا قُدُوماً ﴾ ( أف 2 : 18) .. أي كَنِيسِة اليَهُودٌ وَالأُمَمْ .. أفْرَح بِالله رَغْم إِنِّي كُوشِيَّة لكِنَّهُ إِقْتَرَنَ بِي .. وَكَمَا يَقُول الآبَاء أنَّنَا صِرْنَا سَبَبْ كَلاَم لله .. رَغْم عَدَم إِسْتِحْقَاقَنَا إِرْتَبَطَ الله بِنَا .. رَغْم إِنِّي سَوْدَاء لكِنَّهُ يَقُولُ لِي ﴿ كُلُّكِ جَمِيلٌ يَا حَبِيبَتِي لَيْسَ فِيكِ عَيْبَةٌ ﴾ ( نش 4 : 7 ) رَبِّنَا يُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدٌ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

نظرة شاملة إلى سفر العدد

أسْفَار مُوسَى الخَمْسَة هِيَ قِصَّة مُعَامَلَة الله مَعَ الإِنْسَان :- سِفْر التَّكْوِين يُعْلِنْ أنَّ الله إِخْتَارْنِي وَأحَبَّنِي مِنْ خِلاَل إِبْرَاهِيم سِفْر الْخُرُوج يُعْلِنْ أنَّ الله خَلَّصَنِي مِنْ سُلْطَان وَعُبُودِيِّة إِبْلِيس وَمَذَلِّة الحَيَاة سِفْر اللاَّوِيِّين يُعْلِنْ أنَّ الله قَدَّسَنِي بِشَرَائِعْ وَتَطْهِيرَات تُعْطِي حَيَاة قَدَاسَة لِلإِنْسَان سِفْر الْعَدَد يُعْلِنْ أنَّ الله رَافَقْنِي بِعِنَايِة الله بِشَعْبُه فِي البَرِّيَّة وَحَتَّى مَشَارِف أرْض المَوْعِد سِفْر التَّثْنِيَة يُعْلِنْ أنَّ الله عَلَّمَنِي وَهَذَّبَنِي بِالوَصَايَا فِي الأصْحَاح الحَادِي عَشَر مِنْ سِفْر العَدَد يُظْهِر مُرَافَقَة الله لِلإِنْسَان وَعِنَايَتُه بِهِ جِدّاً وَعِنَاد الإِنْسَان لَهُ .. فَيَقُول { وَكَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ وَسَمِعَ الرَّبُّ فَحَمِيَ غَضَبُهُ } ( عد 11 : 1 ) .. { وَاللَّفِيفُ الَّذِي فِي وَسْطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً . فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضاً وَبَكَوْا وَقَالُوا مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً . قَدْ تَذَكَّرْنَا السَّمَكَ الَّذِي كُنَّا نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّاناً وَالْقُِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاثَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا . لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ } ( عد 11 : 4 – 6 ) يَحْكِي عِنَايِة الله بِالإِنْسَان وَجُحُود الإِنْسَان إِتِجَاه الله .. أيْضاً سِفْر العَدَد يَحْكِي تَنْظِيمَات الله لِلشَّعْب بَعْد أنْ قَالَ لِمُوسَى إِحْصِي الشَّعْب وَقَسِّمَهُمْ تَقْسِيمَه مُعَيَّنَة وَضَعْ لِكُلَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَظِيفَة هذِهِ هِيَ حِكَايِة كُلَّ نَفْس فِي بَرِّيِّة العَالَمْ وَيَحْكِي عَنْ مَتَاعِبْ وَتَذَمُّر الشَّعْب ضِدٌ الله لِذلِك نُرِيدْ أنْ نَتَعَلَّمْ بَعْض الدُرُوس مِنْهَا :- عِنَايِة الله بِنَا .. الله يَعُول شَعْبُه بِطُرُق كَثِيرَة .. إِنْ كَانَ الشَّعْب قَدْ خَرَجَ مِنْ أرْض مِصْر وَعَاشَ فِي البَرِّيَّة إِلاَّ أنَّ الله أعْطَاهُمْ إِحْسَاس أنَّهُ المَسْئُول الأوَّل عَنْهُمْ وَعَنْ إِطْعَامِهِمْ وَمَلاَبِسْهِمْ وَمُحَارَبِة الأعْدَاء مِنْ مِصْر وَحَتَّى أرْض كَنْعَان .. المُشْكِلَة أنَّ الشَّعْب كَانَ يُعَانِدْ خِطِّة الله .. نَجِدٌ أنَّ الله دَبَّر عَمُود سَحَاب وَعَمُود نَار وَمُحَارَبِة الأعْدَاء وَيَضْمَنْ لَهُمْ الوُصُول لكِنَّهُمْ يُرِيدُون الرُّجُوع سِفْر العَدَد يُمَثِّل حُبْ الله لأِوْلاَدُه وَرِعَايْتُه لَهُمْ بِتَفَاصِيلْهَا الدَّقِيقَة لِذلِك عِنْدَمَا كَانَ الشَّعْب يَتَذَمَّر كَانَ يَصْمُت .. لكِنَّهُ أحْيَاناً كَانَ يَغْضَبْ لأِنَّ الإِنْسَان لاَ يَشْعُر بِعَمَلْ الله مَعَهُ الله خَلَقَ آدَم وَأعْطَاه كُلَّ حُبْ وَهَيَّأ لَهُ كُلَّ الأُمُور وَمُقَابِلْ ذلِك آدَم يُفَكِّر كَيْفَ يَكُون هُوَ الإِله .. وَالكِتَاب يُقِيمْ دَائِماً مُقَارَنَة بَيْنَ مَوْقِفْ الإِنْسَان وَمَوْقِفْ الله .. مُوسَى النَّبِي مَعَ الله فَوْقَ الجَبَلْ يَسْتَلِمْ مِنْهُ الشَّرِيعَة لِيَرْفَعَهُمْ لأِقْصَى دَرَجَة وَهُمْ أسْفَل الجَبَل يَسْجُدُون لِلعِجْل الَّذِي صَنَعُوه ( خر 32 : 8 ) هُوَ يُعْطِيهُمْ المَنَّ وَيَعْتَنِي بِهُمْ وَهُمْ يَقُولُون سَئَمَتْ أنْفُسَنَا هذَا الطَّعَام السَّخِيف ( عد 21 : 5 )وَهُنَا يَقُولُون { قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا }القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ يَقُول لِمَاذَا هذَا التَّمَرُّد فَكَيْفَ كَانُوا سَيُعَامِلُونَ الله إِنْ كَانُوا مُسْتَرِيحِين فِي أرْض مِصْر ؟!! أرَادُوا أكْل الَّلحْم وَتَذَكَّرُوا السَّمَك الَّذِي كَانُوا يَأكُلُوه مَجَّاناً فِي أرْض مِصْر وَلَمْ يَكُنْ سَمَك يُشْتَهَى بَلْ كَانَ سَمَك الصَّيْد الصَّغِير الحَجْم وَكَانُوا يُلْقُونَ لَهُمْ كِمِيَات مِنْهُ عَلَى الأرْض وَيَنْظُرُوهُمْ وَهُمْ يَتَزَاحَمُون عَلَيْهِ وَيُسْقِطُونَ بَعْض وَيَضْحَك المِصْرِيُون عَلَيْهِمْ أي كَانُوا يَأكُلُوهُ بِمَهَانَة وَمَذَلَّة وَلِلأسَفْ الإِنْسَان يَشْتَاق لِمَذَلَتِهِ وَكَمَا تَقُول صَلاَة الغُرُوب { لِكُلِّ إِثْمٍ بِحِرْصٍ وَنَشَاطْ فَعَلْت } .. لِذلِك سِفْر العَدَد يُعْلِنْ عَنْ تَدْبِير الله لِلإِنْسَان وَعِنَايَتُه بِهِ وَجُحُود الإِنْسَان { وَكَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ } .. هُنَاك مُلاَحَظَة مُهِمَة وَهيَ أنَّ جِيلْنَا كَثِير التَّمَرُّدٌ وَالتَّذَمُّر وَلاَ يَعْرِف الشُكْر وَالقَنَاعَة وَقَلِيلاً مَا تَجِدٌ إِنْسَان قَانِعْ شَاكِر .. فَتَجِدٌ الشَّخْص مُتَمَرِّدٌ عَلَى سَفَرُه أوْ إِسْتِقْرَارُه .. الدِّرَاسَة .. حَال البَلَدْ .. دَائِمْ الشَكْوَى غِير مُسْتَرِيح لأِي وَضْع يَحْيَاه .. لِنَنْتَبِه أنَّ هذِهِ الشَكْوَى الدَّائِمَة تُتْعِبْ الله وَالشَكْوَى تَصْعَدْ لأُِذُنَيَ الرَّبَّ .. عِنْدَمَا نُدْرِك مَكَانَتْنَا عِنْدَ الله وَتَدْبِيرُه لَنَا فَهذَا الأمر يُسَبِّب مَرَارَة لله مِنْ شَكْوِتْنَا .. مِثْل أب يِتْعَبْ لأِجْل أوْلاَدُه وَهُمْ لاَ يَشْكُرُوه عَلَى تَعَبُه بَلْ يَقُولُون لَهُ مَاذَا تَفْعَلْ لأِجْلِنَا ؟فِي هذِهِ المَرَّة حَمَى غَضَبْ الله عَلَى شَعْبُه فَمَاذَا فَعَلْ ؟ .. { فَاشْتَعَلَتْ فِيهُمْ نَارُ الرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ فِي طَرَفِ الْمَحَلَّةِ } ( عد 11 : 1 ) .. " المَحَلَّة " هِيَ المَكَان الَّذِي يَحِلُّونَ فِيهِ .. النَّار إِشْتَعَلِتْ فِي طَرَف المَحَلَّة .. هُنَا يُرِيدْ أنْ يَقُول لَك لاَ تَكُنْ سَطْحِي فِي الطَّرَف مَعَ الله فِي حَيَاتَك بَلْ أُدْخُلٌ إِلَى العُمْق إِلَى المَنْطِقَة الدَّافِئَة .. أُدْخُلٌ إِلَى عُمْق العِشْرَة مَعَ الله .. إِلَى عُمْق الإِنْجِيل لاَ تَكُنْ فِي الأطْرَاف لأِنَّ النَّار تَشْتَعِل فِي الأطْرَاف .. أُدْخُلٌ إِلَى عُمْق الكَنِيسَة عُمْق الجَمَاعَة المُقَدَّسَة .. صَرَخَ الشَّعْب لِمُوسَى وَمُوسَى صَرَخَ إِلَى الله فَخَمَدَت النَّار وَكَأنَّهُمْ يَقُولُون لَيْسَ لَنَا وَجْه أنْ نَتَكَلَّمْ مَعَ الله مُبَاشَرَةً لِذلِك صَرَخُوا لِمُوسَى عِنْدَمَا إِشْتَكُوا طَالِبِينَ أكْل الَّلحْم قَالَ الله لِمُوسَى سَأُطْعِمَهُمْ لَحْم فَقَالَ مُوسَى لله هَلْ تَسْتَخِف بِي هَلْ سَتَأتِي بِسَمَك البَحْر كُلُّه كَيْ تُطْعِمَهُمْ أم تَذْبَح لَهُمْ غَنَمْ وَبَقَر البَرِّيَّة ( عد 11 : 22 )الله يَقُول لِمُوسَى سَتَرَى .. الله بَسِيطْ مَعَ أوْلاَدُه وَأعْطَاهُمْ السَّلْوَى مَسِيرِة يَوْم أي كِمِيَّة كَبِيرَة جِدّاً مِنْ الطُّيُور وَكَأنَّك تَسِير يَوْم كَامِل وَفَوْقَك طُيُور السَّلْوَى وَقَالَ لَهُمْ كُلُوا بِنَهَمْ وَشَهْوَة حَتَّى يَخْرُج الَّلحْم مِنْ مَنَاخِرْكُمْ حَتَّى يَصِير لَكُمْ الَّلحْم كَرَاهَة .. هذَا مَا اشْتَهُوه صَارَ كَرَاهَة لَهُمْ .. قَالَ لَهُمْ { تَأْكُلُونَ لاَ يَوْماً وَاحِداً وَلاَ يَوْمَيْنِ وَلاَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عِشْرِينَ يَوْماً . بَلْ شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرِكُمْ وَيَصِيرَ لَكُمْ كَرَاهَةً لأَِنَّكُمْ رَفَضْتُمُ الرَّبَّ الَّذِي فِي وَسْطِكُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَهُ قَائِلِينَ لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ }( عد 11 : 19 – 20 ) .. تَدْبِير الله وَجُحُود الإِنْسَان وَكَمْ أنَّ الله يَتَأنَّى لكِنَّهُ يَغْضَبْ القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ يَقُول { نُشْكُر الله لأِنَّهُ كَثِيراً مَا يَتَأنَّى عَلَى طِلْبَاتْنَا وَلاَ يُعْطِينَا إِيَّاهَا لِئَلاَّ تَصِير لَنَا كَرَاهَة } .. قَدْ يُعْطِيك الله طَلَبَك وَلكِنَّك قَدْ تَقُول لَيْتَنِي مَا طَلَبْتَهُ سِفْر العَدَد يُعْلِنْ إِحْسَانَات الله الَّتِي كَثِيراً مَا تُقَابَلْ مِنْ الإِنْسَان بِالإِسَاءَة الله إِهْتَمْ بِتَنْظِيمْ الشَّعْب وَتَرْتِيب الأسْبَاط وَعَمَل الخِدْمَة وَمَا هُوَ عَمَل اللاَّوِيِّين أوْلاَد هَارُون ؟ هَارُون كَانَ لَهُ ثَلاَثَة أبْنَاء جَرْشُون وَقَهَات وَمَرَارِي فَقَالَ قَهَات يَحْمِل قُدْس الأقْدَاس .. جَرْشُون يَحْمِل أغْطِيِة خَيْمَة الإِجْتِمَاع .. مَرَارِي يَحْمِل الأعْمِدَة .. أي أنَّ الله يَهْتَمْ بِالتَّفَاصِيل جِدّاً .. الله يَقُول أُرِيدْ مَنْ يَعِيش فِي نَذْر لِيَّ .. وَيُعْطِي شَرِيعَة النَّذْر .. سِفْر العَدَد يُمَثِّل الله الرَّاعِي الحَقِيقِي لِشَعْبُه الَّذِي يَهْتَمْ بِهِ وَبِدَقَائِق الخِدْمَة وَيَضَعْ الشَّرَائِعْ وَالنَّامُوس وَطَقْس الخِدْمَة .. وَهذِهِ هِيَ جُذُور الطَقْس الكَنَسِي أنَّ الله يُحَدِّد مَهَام وَرُتَبْ وَيُرَتِبْ نَاس تَعِيش فِي نَذْر لَهُ وَيُعْطِي شَرَائِع لِلنَّذْر أنْ لاَ يَشْرَب خَمْر وَلاَ يَعْلُو مُوسَى رَأسَهُ .. لاَ يَشْرَب خَمْر أي لاَ يَسْكَر بِمَحَبِّة العَالَمْ .. وَلاَ يَعْلُو مُوسَى رَأسُه لأِنَّ الشَّعْر يَنْبُت مِنْ الجَسَدٌ فِي صُورَِة شِئ مَيِتْ وَكَأنَّ أعْمَال الجَسَدٌ وَإِنْ كَانَتْ خَرَجَتْ مِنْ الجَسَدٌ إِلاَّ أنَّهُ لاَ يَهْتَمْ بِهَا .. لاَ يَمِس مَيِتْ أي لاَ يَتَنَجَّس الطَّقْس وَتَرْتِيب الخِدْمَة وَتَوْزِيعْ الوَظَائِفْ وَنَاس فِي نَذْر لَهُ أي لاَوِي رَمْز لِكَهَنُوت العَهْد الجَدِيد وَرَمْز لِعَمَل الشَّمَاس وَالكَّاهِنْ وَالأُسْقُفْ .. جُذُور الحَيَاة الطَّقْسِيَّة فِي سِفْر العَدَد تَرَى التَّدْبِير الإِلهِي وَالغَضَبْ الإِلهِي وَجُذُور الحَيَاة الطَّقْسِيَّة .. جَيِّدٌ أنْ تَشْعُر إِنْ كَانَ الله يُدَبِّر كُلَّ شَيْء لكِنَّهُ يُدَبِّرُه بِك .. لِذلِك البُرُوتُسْتَانْت الَّذِينَ يَلْغُون التَّكْرِيس وَالكَهَنُوت نَقُول لَهُمْ سَتَرُوا جُذُور كُلَّ هذِهِ الأُمُور فِي سِفْر العَدَد .. مِنْ ضِمْن الفُرُوق مَعَ البُرُوتُسْتَانْت فِي قِصَّة مَارْتِنْ لُوثَر أنَّهُ أُعْثِرفِي الكَهَنُوت وَوَجَدَهُمْ أُنَاس سُلْطَة وَمَال فَكَرَه الشَّعْب الكَهَنُوت لأِنَّهُمْ تَاجِرُوا بِمَصَائِرْهُمْ بِصُكُوك الغُفْرَان وَلَمَّا قَالَ مَارْتِنْ لُوثَر لاَ يُوْجَدٌ كَهَنُوت تَبَعَهُ كَثِيرُون فَلَغَى نَذْرُه لأِنَّهُ كَانَ رَاهِبْ وَتَزَوَّج نَقُول لَهُ إِقْرأ سِفْر العَدَد بِهِ شَرِيعِة النَّذِير سِفْر العَدَد يَظْهَر فِيهِ الله كَمُرْشِدٌ .. الشَّعْب يِتُوه فِي البَرِّيَّة وَيَضَلْ وَيَتَذَمَّر وَالله يُرْشِدُه مُوسَى نَفْسُه يَتَحَيَّر فِي أمرٍ مَا مَعَ الشَّعْب يَقُولُون لَهُ يُوْجَدٌ مَنْ لَمْ يَعْمَل الفِصْح فَمَاذَا يَفْعَل ؟مُوسَى يَقُول المَفْرُوض أنَّ هذَا يُقْطَعْ مِنْ شَعْب الله لكِنْ لِنَنْتَظِر أمر الرَّبَّ .. جَيِّدٌ أنَّ مُوسَى أنَّهُ يَسْأل الله أوَّلاً .. فَيَقُول لَهُ الله لِيَعْمَلُه فِي الشَّهْر القَادِم .. أيْضاً فِي تَقْسِيمْ الأرْض سَأل الله وَعِنْدَمَا إِسْتَثْقَل مُوسَى العَمَل صَرَخٌ لله فَقَالَ لَهُ الله إِخْتَار سَبْعِين شِيخٌ يَحْمِلُون مَعَك المَسْئُولِيَّة لكِنْ نَفْس الرُّوح الَّتِي فِيك سَأضَعْهَا فِي السَّبْعِين ( عد 11 : 24 – 25 ) .. الله عِنْدُه حُلُول وَهُوَ المُرْشِد .. وَالعَجِيب أنَّ الوَقْت الَّذِي يَتَذَمَّر فِيهِ الشَّعْب عَلَى الله يَظِلٌ الله فِي خِيرُه .. كَانُوا يَشْتَكُون شَرّاً فِي أُذُنُه وَهُوَ يُعْطِيهُمْ المَنَّ كُلَّ صَبَاح .. قَدْ تَقُول لَوْ كَانَ مَنَعَ عَنْهُمْ المَنَّ عَدَد مِنْ الأيَّام قَدْ يَذِلُوهُمْ فَيَتَأدَبُوا .. لكِنَّهُ لَمْ يَفْعَل بَلْ مَازَالَتْ يَدَهُ مَبْسُوطَة لَهُمْ لأِنَّهُ صَالِحٌ .. مَا مَعْنَى صَلاَحٌ الله ؟ صَلاَحٌ الله لاَ يَتَوَقَفْ عَلَى البُعْد الإِنْسَانِي .. صَلاَحٌ الله مُطْلَقٌ وَلَيْسَ صَلاَحٌ رَدٌ فِعْل .. هُمْ يَشْتَكُون وَيَقُولُون سَئِمَتْ أنْفُسْنَا هذَا الطَّعَام السَّخِيف وَهُوَ مَازَالَ يُعْطِي المَنَّ سِفْر العَدَد يُعْلِنْ مُرَافَقَة الله لِشَعْبُه رَغْم كُلَّ ضَعْفُه وَتَعَبُه .. مُوسَى النَّبِي نَفْسُه كَانَ يَمُر بِلَحَظَات ضَعْف وَشَك وَخُوْف وَتَمَرُّدٌ وَالله لَمْ يَتْرُكُه .. حَتَّى أنَّ النَّاس ثَارُوا ثَوْرَة .. هُمْ خَارِجُون مِنْ أرْض مِصْر وَذَاهِبُون لأِرْض كَنْعَان قِيلَ لَهُمْ عَنْهَا أنَّهَا أرْض تَفِيض لَبَنْ وَعَسَل .. فَأرْسَل مُوسَى إِثْنَي عَشَرَ جَاسُوس لِيَتَجَسَّسُوا وَلَمَّا رَجَعُوا عَشَرَة مِنْهُمْ أشَاعُوا مَذَمَّة فِي الأرْض وَقَالُوا{ هِيَ أَرْضٌ تَأْكُلُ سُكَّانَهَا } ( عد 13 : 32 ) .. فَثَارَ الشَّعْب وَقَالُوا نَحْنُ تَعَبْنَا أرْبَعِينَ سَنَة فِي البَرِّيَّة وَالتِيه مِنْ أجْل أرْض تَأكُلْ سُكَّانْهَا ؟ وَرَغْم كُلَّ هذَا مَازَالَ الله مُتَمَسِّك بِمَوَاعِيدُه وَيُبَارِك شَعْبُه سِفْر العَدَد يَتَكَلَّمْ عَنْ تَمَرُّدٌ الإِنْسَان وَالحَيَاة المَادِيَّة لِلإِنْسَان وَارْتِدَادُه لأِرْض العُبُودِيَّة وَالخَطِيَّة حَتَّى أنَّ الله كَانَ يُمْكِنُه أنْ يُوَصِلْهُمْ لأِرْض المَوْعِد فِي مُدَّة أقْصَاهَا شَهْر لكِنَّهُ أتَاهَهُمْ أرْبَعِينَ سَنَة كَيْ يَضْمَنْ عَدَم رُجُوعِهِمْ لَوْ لَمْ يَضِلُّوا الطَّرِيقٌ وَكَانَتْ فِتْرِة وُصُولِهِمْ لأِرْض المَوْعِد قَصِيرَة لَرَأيْنَا إِرْتِدَادِهِمْ فِي مَجْمُوعَات مُتَتَالِيَة لأِرْض مِصْرلكِنَّهُ أرَادَ أنْ يَحْمِيهُمْ بِبَعْض حَتَّى إِنْ أرَادَ أحَدْهُمْ العَوْدَة لِمِصْر يُثْنِيه أخِيه قَائِلاً إِنَّ المَسَافَة طَوِيلَة .. أي أنَّ حَتَّى زَيَغَانُهُمْ كَانَ نِعْمَة مِنْهُ وَمَا أجْمَل قَوْل دَاوُد { تَيَهَانِي رَاقَبْتَ }( مز 56 : 8 ) .. أي حَتَّى إِبْتِعَادِي عَنْكَ كُنْتَ تُرَاقِبُه لِذلِك فِي سِفْر العَدَد الله يُقَدِّر جِدّاًمَوْقِفْ الإِنْسَان المُتَمَسِّك بِإِيمَانُه .. الإِنْسَان الَّذِي يَتَحَدَّى الكُلَّ بِإِيمَانُه وَمَا أجْمَل مَوْقِفْ كَالِب وَيَشُوع بَعْد أنْ أشَاعَ العَشْرَة جَوَاسِيس مَذَمَّة فِي الأرْض { لكِنْ كَالِبُ أَنْصَتَ الشَّعْبَ إِلَى مُوسَى وَقَالَ إِنَّنَا نَصْعَدُ وَنَمْتَلِكُهَا لأَِنَّنَا قَادِرُونَ عَلَيْهَا }( عد 13 : 30 ) .. إِيمَان .. مِنْ أيْنَ إِيمَانَك يَا كَالِب .. " قَادِرُونَ عَلَيْهَا " ؟ .. { وَأَمَّا الرِّجَالُ الَّذِينَ صَعِدُوا مَعَْهُ فَقَالُوا لاَ نَقْدُِرْ أَنْ نَصْعَدَ إِلَى الشَّعْبِ لأَِنَّهُمْ أَشَدُّ مِنَّا . فَأَشَاعُوا مَذَمَّةَ الأَرْضِ الَّتِي تَجَسَّسُوهَا ...... قَدْ رَأَيْنَا هُنَاكَ الْجَبَابِرَةَ بَنِي عَنَاقٍ مِنْ الْجَبَابِرَةِ . فَكُنَّا فِي أَعْيُنِنَا كَالْجَرَادِ وَهكَذَا كُنَّا فِي أَعْيُنِهِمْ } ( عد 13 : 31 – 33 ) .. صِغَر نَفْس ..صِغَر النَّفْس هُوَ حَال إِنْسَان يَنْظُر لِنَفْسُه خَارِج دَائِرَة الله فَيَحْتَقِر نَفْسُه .. لِذلِك فَرَح الله بِمَوْقِفْ كَالِب وَيَشُوع حَتَّى أنَّهُ قَالَ نَاس أشَاعُوا مَذَمَّة فِي الأرْض وَكَالِب وَيَشُوع قَالاَ { الأَرْضُ الَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا الأَرْضُ جَيِّدَةٌ جِدّاً جِدّاً . إِنْ سُرَّ بِنَا الرَّبُّ يُدْخِلْنَا إِلَى هذِهِ الأَرْضِ }( عد 14 : 7 – 8 ) .. هذَا مَوْقِفْ الإِنْسَان مِنْ الله .. إِنْسَان يَشْعُر أنَّ الحَيَاة مَعَ الله لَذِيذَة جِدّاً وَآخَر يُشِيعْ مَذَمَّة وَيَقُول إِنَّهَا صَعْبَة بَلْ وَمُسْتَحِيلَة .. إِنْسَان يَقُول الحَيَاة مَعَ الله جَيِّدَة جِدّاً إِنْ سُرَّ الله يُعْطِينَا إِيَّاهَا وَآخَر يَقُول رَأيْتُ فِيهَا بَنِي عَنَاق .. إِنْسَان يَقُول .. لاَ .. هُمْ خُبْزِنَا قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلَّهُمْ أي غِير مَوْجُودِينْ .. لِذلِك قَالَ الله لِمُوسَى النَّبِي { حَتَّى مَتَى يُهِينُنِي هذَا الشَّعْبُ وَحَتَّى مَتَى لاَ يُصَدِّقُونَنِي } ( عد 14 : 11) .. أي الَّذِي لاَ يُصَدِّق الله يُهِينُه سِفْر العَدَد يُعْلِنْ أنَّ الإِنْسَان فِي رِحْلِتُه مُعَرَّض لِحُرُوب كَثِيرَة لكِنْ الله مَعَهُ لاَ يَتْرُكُه وَإِنْ تَرَكَ الإِنْسَان نَفْسُه لِفِكْرُه وَآرَاء مَنْ حَوْلُه قَدْ يُعْثَر لكِنْ لَوْ تَمَسَّك بِرَجَاءُه وَمَوَاعِيدْ الله وَالكَلِمَة يَقُول مَعَ كَالِب وَيَشُوع إِنَّهَا أرْض جِيِّدَة جِدّاً جِدّاً .. سِفْر العَدَد يُمَثِّل رِحْلِة الإِنْسَان فِي الحَيَاة كُلَّهَا حَتَّى يَرِث أرْض المِيعَاد وَبِكُلَّ مَا فِيهَا مِنْ مَشَقَات وَتَعْزِيَات .. يُوْجَدٌ حُرُوب كَثِيرَة لكِنْ تُوْجَدٌ أيْضاً نِعَمْ .. يُوْجَدٌ مُضَايِقُون لكِنْ أيْضاً يُوْجَدٌ كَالِب وَيَشُوع .. وَإِنْ كَانِتْ النِسْبَة صَعْبَة 10 : 2 .. فَالعَشَرَة جَوَاسِيس هَيَّجُوا الشَّعْب كُلُّه فَصَارُوا شَعْب كَامِلٌ وَلَيْسَ عَشْرَة أشْخَاص ضِدٌ كَالِب وَيَشُوع .. لِنَفْرِض أنَّ الله إِخْتَارَك مِنْ ضِمْن جَمَاعَة مُخْتَارَة لاَبُدْ أنْ تَعْرِف أنَّكَ قِلَّة وَمَسْئُولِيِتَك إِقْنَاع الأغْلَبِيَّة .. كَمْ نَشْتَكِي مِنْ أشْغَالْنَا وَحَيَاتْنَا وَدِرَاسِتْنَا وَحَتَّى الكِنِيسَة وَ .... نَجِدٌ فِيهَا أُنَاس كَثِيرُونَ بَعِيدُونَ عَنْ الله يُشِيعُونَ مَذَمَّة .. مَعَ مَنْ أنْتَ ؟سِفْر العَدَد يَقُول لَك لاَ تَطْرَح ثِقَتَك الَّتِي لَهَا مُجَازَاة حَتَّى وَإِنْ كَانَ عَشَرَة ضِدٌ إِثْنَان إِثْبَتْ .. وَإِنْ هَيَّج العَشَرَة المُجْتَمَعْ كُلُّه فَصَارَ مُجْتَمَعْ ضِدٌ إِثْنَان أيْضاً إِثْبَتْ لأِنَّ الإِثْنَان هُمَا اللَّذَان أرْسَلْهُمَا الله لِيَتَحَمَّلاَ مَسْئُولِيِة جَذْب النَّاس لِمَلَكُوتُه وَلِيُصَدِق النَّاس مَوَاعِيدْ الله فَإِنْ لَمْ تُصَدِّق أنْتَ مَوَاعِيدُه فَأيْنَ رِسَالْتَك ؟ لِذلِك قَالَ الله مَادُمْتُمْ تَشُكُّونَ فِي مَوَاعِيدِي فَلَنْ تَدْخُلُوا الأرْض .. وَبِالفِعْل لَمْ يَدْخُلْ الجِيلْ كُلُّه الخَارِج مِنْ أرْض مِصْر أرْض المَوْعِدْ .. وَعِنْدَمَا قَالُوا لله أخْرَجْتَنَا مِنْ مِصْر لِنَمُوت نَحْنُ وَأوْلاَدْنَا فِي البَرِّيَّة ( خر 14 : 11 ) قَالَ لَهُمْ سَتَمُوتُوا أنْتُمْ مَاعَدَا كَالِب وَيَشُوع وَأوْلاَدَكُمْ فَهُمْ فَقَطْ سَيَدْخُلُون الأرْض .. هَلْ نَتَخَيَّل أنَّ كَالِب وَيَشُوع مَظْهَرِيّاً كَانَ غَالِبَان ؟ .. لاَ لكِنْ كَمَا قَالَ بُولِس الرَّسُول { وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ } ( 2تي 3 : 14) سِفْر العَدَد يُعْلِنْ سُهُولِة سُقُوطْ الإِنْسَان فِي التَّمَرُّد وَالعِصْيَان لكِنْ ثِق فِي عَمَل الله .. الْمَسِيح رَافَقْنِي فِي كُلَّ مَرَاحِلْ حَيَاتِي .. فِي أرْض مِصْر فِي البَرِّيَّة فِي كَنْعَان وَالأبَاء شَبَّهُوا هذِهِ الثَّلاَثَة بِمَرَاحِلْ النَّفْس :- 1- مِصْر:- هِيَ مَرْحَلِة الجِهَادٌ ضِدٌ فِرْعُون وَالتَّخَلُّص مِنْ سُلْطَان فِرْعُون .. وَقَدْ تَتَخَيَّلْ أنَّكَ بَعْد التَّخَلُّص مِنْ فِرْعُون قَدْ إِسْتَرَحْت لكِنَّك تَدْخُلْ مَرْحَلَة جَدِيدَة بِحُرُوب جَدِيدَة وَأُسْلُوب جِدِيدٌ .. مَرْحَلِة مِصْرهِيَ مَرْحَلِة المَعْمُودِيَّة وَجَحْدٌ الشَّيْطَان وَالخُرُوج مِنْ يَدْ فِرْعُون . 2- البَرِّيَّة:- هِيَ مَرْحَلِة عَطَايَا الله .. المَنَّ .. التَّجَلِّيَات .. شَرَائِعْ الله .. لكِنْ بِهَا حُرُوب وَشُكُوك وَأوْجَاع بِأي رُوح تُوَاجِه هذِهِ الأُمُور ؟ بِرُوح كَالِب وَيَشُوع أم بِرُوح الجَمَاعَة ؟ الَّذِي يَصْمُد بِرُوح كَالِب وَيَشُوع يَدْخُلْ المَرحَلَة الثَّالِثَة . 3- َكنْعَان:- مَرْحَلِة الرَّاحَة الأبَدِيَّة . حَتَّى فِي مَرَاحِلْ الجِهَاد الرُّوحِي سَيَأخُذْ الإِنْسَان جِهَاد ضِدٌ خَطَايَاه وَيَأخُذْ نُصْرَة وَيَدْخُلْ البَرِّيَّة وَيَجِدٌ حُرُوب أُخْرَى تَخْتَلِفْ فِي نَوْعِهَا لكِنْ مُشْتَرَكَة فِي جَوْهَرْهَا لأِنَّ هَدَف عَدُو الخِير هُوَ عَدَم وُصُولْنَا لِكَنْعَان .. قَدْ تَمُر بِالمَرَاحِلْ الثَّلاَثَة خِلاَل حَيَاتَك كُلَّهَا وَقَدْ تَمُر بِهَا خِلاَل يَوْمَك المُهِمْ أنْ لاَ تَنْظُر إِلَى الوَرَاء وَلاَ تَشْتَاق لِمَذَلِّة مِصْر وَلاَ تَرْغَبْ فِي الرُّجُوع لكِنْ جَاهِدْ بِاسْتِمْرَار فِي ثِقَة أنَّ مَنْ أخْرَجَك مِنْ مَذَلِّة مِصْر وَرَافَقَك فِي البَرِّيَّة قَادِرْ أنْ يُدْخِلَك كَنْعَان رَبِّنَا يِكَمِّلْ نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

دراسة فى سفر العدد ج6- التعلق بشهوات الماضى

الأصْحَاح الحَادِي عَشَرَ :- أثْنَاء رِحْلِة الشَّعْب فِي البَرِّيَّة كَانَ الله يَقُودَهُمْ بِعَمُود سَحَاب وَعَمُود نَار .. وَكَانَ يُنْزِل لَهُمْ المَنَّ كُلَّ يَوْم .. وَيُبَدِّدْ عَنْهُمْ الأعْدَاء .. كَانَ يُحَوِّطَهُمْ وَيَحْرُسَهُمْ وَيُعْطِيهُمْ القُوْت اليَوْمِي لكِنْ حُبُّهُمْ لأِرْض مِصْر مَازَالَ فِيهُمْ رَغْم أنَّ الله دَعَاهُمْ لِلخُرُوج مِنْهَا .. { وَكَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ } ( عد 11 : 1) .. شَكْوِتْهُمْ لِلشَّر وَصَلَتْ إِلَى أُذُنَيَ الله .. أحْيَاناً يَشْتَكِي الإِنْسَان وَلاَ يَعْلَمْ أنَّ شَكْوَتَهُ تَصِلْ إِلَى الله .. لاَ .. الشَكْوَى وَصَلَتْ إِلَى الله وَجَرَحِتُه .. جِيلْنَا جِيلْ مُتَمَرِّدْ لاَ يَشْكُر الله مِنَّا مَنْ يَقُول أنَّ البَلَد حَالْهَا رَدِئ أوْ الدِرَاسَة رَدِيئَة .. وَقَدْ يَقُول أنَّ الكَنِيسَة لاَ تَعْجِبُه .. هذَا التَّمَرُد لأِنَّ النَّفْس لاَ تَتَعَامَلٌ مَعَ مَحَبِّة الله .. الَّذِي يَتَعَامَلٌ مَعَ مَحَبِّة الله يَقُول { بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ وَلاَ تَنْسِي كُلَّ حَسَنَاتِهِ } ( مز 103 : 2 ) .. الله كَانَ يَتَوَقَعْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل أنْ يَشْكُرُوه عَلَى مَا فَعَلَهُ مَعَهُمْ وَأنَّهُ أنْقَذَهُمْ مِنْ العُبُودِيَّة وَيَقُودَهُمْ فِي البَرِّيَّة وَيَجْعَلَهُمْ فِي عَدَم إِحْتِيَاج .. لكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا كَثِيراً مَا يُلْهِينَا عَدُو الخِير عَنْ مَا هُوَ إِيجَابِي فَنَرَى السَلْبِي فَقَطْ وَنَتَذَمَر وَنَتَضَايَق فِي هذِهِ المَرَّة حَزَنَ الله مِنْ الشَّعْب وَقَالَ لَهُمْ أنَا أخْرَجْتُكُمْ مِنْ عُبُودِيِّة وَسُلْطَان فَرْعُون وَحَمَلْتَكُمْ كَمَا عَلَى أجْنِحَة النُسُور وَأنْتُمْ مُتَمَرِدُون .. { وَسَمِعَ الرَّبُّ فَحَمِيَ غَضَبُهُ } .. كُلَّ مَرَّة يَسْمَعْ وَيَصْمُت لكِنْ فِي هذِهِ المَرَّة قَالَ أنَا صَانِعْ بِكُمْ خَيْرٌ وَأقُودَكُمْ فِي البَرِّيَّة بِعَمُود سَحَاب وَعَمُود نَارفَلِمَاذَا الشَكْوَى ؟{ فَاشْتَعَلَتْ فِيهُمْ نَارُ الرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ فِي طَرَفِ الْمَحَلَّةِ } إِشْتَعَلَتْ فِيهُمْ نَار الرَّبَّ أرَادَ تَأدِيبَهُمْ لكِنْ لَمْ تَشْتَعِل النَّار فِي الشَّعْب كُلُّه بَلْ مِنْ حَنَان الله جَعَلَهَا تَشْتَعِل فِي طَرَف المَحَلَّة وَكَأنَّهُ يُرِيهِمْ عَيِّنَه مِنْ تَأدِيبَاتِهِ فَلَمَّا رَأُوا النَّار جَرُوا وَصَرَخُوا إِلَى مُوسَى النَّبِي { فَصَرَخَ الشَّعْبُ إِلَى مُوسَى فَصَلَّى مُوسَى إِلَى الرَّبِّ فَخَمِدَتِ النَّارُ } ( عد 11 : 2 ) .. لأِنَّ لَيْسَ لَهُمْ وَجْه لِيَصْرُخُوا لله مُبَاشَرَةً فَلَجَأُوا إِلَى مُوسَى النَّبِي .. وَهذِهِ هِيَ قُوَّة الشَّفَاعَة صَلَّى مُوسَى إِلَى الرَّبَّ فَخَمَدَت النَّار .. { فَدُعِيَ اسْمُ ذلِكَ الْمَوْضِعِ تَبْعِيرَةَ لأَِنَّ نَارَ الرَّبِّ اشْتَعَلَتْ فِيهِمْ } ( عد 11 : 3 ) إِشْتَكُوا شَر وَغَضَبْ الله عَلَيْهِمْ لأِنَّهُمْ لَمْ يَشْكُرُوه وَلَمْ يُسَبِّحُوه فَإِشْتَعَلِت فِيهُمْ نَار الرَّبَّ تَأدَّبُوا قَلِيلاً وَهَدَأُوا وَفَهَمُوا الدَّرْس وَاسْتَوْعَبُوه .. لكِنْ كَانَ فِي وَسَطِهِمْ جَمَاعَة تُسَمَّى" اللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ " .. { وَاللَّفِيفُ الَّذِي فِي وَسْطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً . فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضاً وَبَكَوْا وَقَالُوا مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً } ( عد 11 : 4 ) .. " مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً " ؟ .. إِشْتَهُوا اللَّحْم { قَدْ تَذَكَّرْنَا السَّمَكَ الَّذِي كُنَّ نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّاناً وَالْقُِثَّاءَ وَالْبَطِّيخَ وَالْكُرَّاتَ وَالْبَصَلَ وَالثُّومَ . وَالآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا . لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ } ( عد 11 : 5 – 6 ) قَالُوا أيْنَ أيَّام زَمَان زَمَنْ اللَّحْم وَالسَّمَك الَّذِي كُنَّا نَأكُلَهُ مَجَّاناً فِي مِصْر وَكُلَّ هذَا كَانَ بِسَبَبْ اللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ .. يَقُول القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ لَوْ كَانُوا مُسْتَرِيحِين فِي مِصْر فَمَاذَا كَانُوا يَفْعَلُون ؟ .. فِي مِصْر كَانُوا يَأكُلُونَ السَّمَك الصَّغِير وَكَانَ المِصْرِيُون يُلْقُونَهُ أمَامَهُمْ وَهُمْ يَتَزَاحَمُون عَلَيْهِ وَكَانَ المِصْرِيُون يَضْحَكُونَ مِنْ تَزَاحِمْهُمْ وَتَسَاقُطْهُمْ مِنْ أجْل هذَا السَّمَك الصَّغِير جِدّاً .. أي كَانُوا يَذِلُّوهُمْ وَيَضْحَكُونَ عَلَيْهِمْ .. تُرَى هَلْ تَشْتَهُونَ الذُّلْ ؟ الله أتَاهَهُمْ فِي البَرِّيَّة وَقَادَهُمْ بِعَمُود سَحَاب وَنَار وَبَدَّدْ عَنْهُمْ أعْدَائَهُمْ كَيْ لاَ يَعُودُوا مَرَّة أُخْرَى إِلَى مِصْر لكِنْ لِلأَسَفْ مَازَالَتْ قُلُوبِهِمْ تَشْتَهِي مِصْر أمر عَجِيب أنَّ إِحْسَان الله يُقَابَلْ بِجُحُود .. هذِهِ هِيَ قِصَّة الله مَعَ الإِنْسَان .. الله خَلَقَ آدَم وَحَوَّاء فِي الفِرْدُوس لِيَتَنَعَمُوا بِهِ لكِنْ فِتْرَة بَسِيطَة وَتَمَرَّدْ الإِنْسَان لأِنَّهُ أرَادَ أنْ يَمْتَلِك هُوَ الفِرْدُوس أيْضاً لَمَّا خَرَجَ الشَّعْب مِنْ عُبُودِيِة فِرْعُون عَبَدُوا العِجْل بَيْنَمَا كَانَ مُوسَى مَعَ الله عَلَى الجَبَل يَسْتَلِمْ مِنْهُ الوَصَايَا لِيَضْمَنْ بِهَا الله لَهُمْ حَيَاة .. لِنَرَى هذَا التَّنَاقُض العَجِيبْ مِنْ الإِنْسَان إِتِجَاه الله يَقُولُون { الآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا . لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هذَا الْمَنِّ } .. وَمَرَّة أُخْرَى يَقُولُون { قَدْ كَرِهَتْ أَنْفُسُنَا الطَّعَامَ السَّخِيفَ } ( عد 21 : 5 ) .. كَيْفَ ؟ وَالمَنَّ هُوَ الْمَسِيح " المَنَّ " مَعْنَاه " مَنْ " ؟ أي مَوْضِعْ حِيرَة وَلَمَّا نَزَلَ لَهُمْ المَنَّ قَالُوا أنَّهُ مُسْتَدِير وَطَعْمُه حُلْو وَهذَا هُوَ الْمَسِيح الَّذِي لَيْسَ لَهُ بِدَايَة وَلاَ نِهَايَة وَحَلْقُه حَلاَوَةٌ وَكُلُّه مُشْتَهَيَاتٌ( نش 5 : 16) وَهُوَ عَطِيَّة مِنْ عِنْدَ الآب لَنَا .. لِذلِك لَمَّا رَأُوا المَنَّ قَالُوا مَنْ هذَا ؟ أي شَيْء عَاقِلٌ .. وَبَعْد ذلِك يَقُولُون يَبَسَتْ أنْفُسَنَا ؟!!! الله يُعْطِي لِلنَّاس بَرَكَات يَوْمِيَّة وَيُقَدِّم لَنَا نَفْسُه مَجّاناً كُلَّ يَوْم عَلَى المَذْبَح ذَبِيحَة لأِجْلِنَا وَنَقُول لَهُ مَلَلْنَا هذَا المَنَّ .. مَلَلْنَا القُدَّاس ؟!!! يَبَسَتْ أنْفُسَنَا .. الله يُرِيدْ لِشَعْبُه حَيَاة سَلِيمَة مُتَمَتِّعَة بِهِ بَعِيدَة عَنْ أرْض العُبُودِيَّة وَلكِنْ لِلأَسَفْ هُمْ إِشْتَهُوا الذُّلْ .. هذِهِ هِيَ شَهْوِة المَاضِي اللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ هُمْ قَوْم زَائِدْ عَلَى الشَّعْب قَدْ يَكُونُوا مَصْرِيِّينْ خَرَجُوا مِنْ مِصْر مَعَهُمْ لأِنَّ بَنِي إِسْرَائِيل قَالُوا نَحْنُ ذَاهِبُون إِلَى أرْض تَفِيضُ لَبَنْ وَعَسَلْ فَقَالَ لَهُمْ هذَا اللَّفِيف نَذْهَبْ مَعَكُمْ وَخَرَجُوا مَعَهُمْ لكِنَّهُمْ أتْعَبُوهُمْ وَخَاصَّةً أنَّهُمْ لاَ يَعْبُدُون الله فَكَانُوا سِر شَكْوَى وَتَذَمُّر الشَّعْب .. كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا دَاخِلُه لَفِيف يَشْتَهِي شَهْوِة الذَّات تَتَحَالَفْ مَعَ الشَّهْوَة وَالإِثْنَان يَتَحَالَفَان مَعَ مَحَبِّة العَالَمْ فَيَكُون هذَا التَّحَالُف لَفِيف يُعَادِينَا وَيُسَيْطِر عَلَيْنَا .. لِذلِك قَالَ الله لاَ تَكُنْ فِي طَرَف المَحَلَّة بَلْ كُنْ فِي وَسَطْهَا قَرِيب مِنْ اللاَّوِيِّين وَمَحْمِي فِي التَّابُوت وَلاَ تَبْتَعِدْ أي لاَ تَكُون سَطْحِي فِي عِلاَقَتَك مَعَ الله حَتَّى لاَ تَتَعَرَّض إِلَى أعْدَاء لكِنْ كَيْ تَكُون فِي أمَان إِقْتَرِب إِلَى العُمْق .. إِقْتَرِب إِلَى المَنْطِقَة الدَّافِئَة اللَّفِيف هُمْ جَمَاعَة مُتَذَمِرِينْ مِثْل الزَّوَان وَسَطْ الحِنْطَة أوْ مِثْل الثَّعَالِب الصَّغِيرَةالمُفْسِدَة لِلكُرُوم .. هؤُلاَء يُعَبِّرُون عَنْ خَطَايَا صَغِيرَة تَبْدأ فِي القَلْب ثُمَّ تَخْرُج لِلحَوَاس وَمِنْهَا لِلإِرَادَة ثُمَّ الفِعْل – تَدَرُّج – وَبِذلِك تُسَيْطِر عَلَى الإِنْسَان كُلُّه فَتَسْلِبُه إِرَادَتُه .. يَشْتَكُون شَرَّاً .. اللَّفِيف كَانَ مَوْجُود وَالتَّارِيخ لَمْ يَذْكُره .. هكَذَا هُنَاك خَطَايَا أنْتَ مُحْتَضِنْهَا وَلاَ تَظْهَر لكِنْ فِي يَوْمٍ مَا أوْ مَوْقِفْ مَا تَظْهَر .. لِذلِك رَاقِبْ الجَمَاعَة وَالأطْرَاف وَاللَّفِيف الَّذِي فِي وَسَطْهِمْ الَّذِي وَصَلَ بِهُمْ إِلَى حَالِة التَّذَمُّر وَشَهْوِة الذُّل وَالإِسْتِخْفَاف بِعَطَايَا الله وَالأُمُور الرُّوحِيَّة .. الإِنْسَان الَّذِي يَحْيَا مَعَ الله يَذُوق عِذُوبَة بَيْنَمَا البَعِيدْ عَنْ الله لاَ يَرَى عَطَايَاه لِذلِك أدَّبَهُمْ الله .. { فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى الشَّعْبَ يَبْكُونَ بِعَشَائِرِهِمْ كُلَّ وَاحِدٍ فِي بَابِ خَيْمَتِهِ وَحَمَيَ غَضَبُ الرَّبِّ جِدّاً } ( عد 11 : 10) مُوسَى النَّبِي إِحْتَار لأِنَّ الشَّعْب كُلُّه كَانَ يَبْكِي لكِنْ هذَا الأمر جَعَلَ غَضَبْ الله يَحْمَى عَلَيْهِمْ فَأَرَادَ أنْ يُؤَدِّبَهُمْ مَرَّة أُخْرَى لكِنْ مُوسَى يَقُول لله أنْتَ تَغْضَبْ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يِتْعِبُونَنِي .. { فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ لِمَاذَا أَسَأْتَ إِلَى عَبْدِكَ وَلِمَاذَا لَمْ أَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى أَنَّكَ وَضَعْتَ ثِقَلَ جَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ عَلَيَّ . أَلَعَلِّي حَبِلْتُ بِجَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ أَوْ لَعَلِّي وَلَدْتُهُ حَتَّى تَقُولَ لِي احْمِلْهُ فِي حِضْنِكَ كَمَا يَحْمِلُ الْمُرَبِّي الرَّضِيعَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفْتَ لآِبَائِهِ مِنْ أَيْنَ لِي لَحْمٌ حَتَّى أُعْطِيَ جَمِيعَ هذَا الشَّعْبِ . لأَِنَّهُمْ يَبْكُونَ عَلَيَّ قَائِلِينَ أَعْطِنَا لَحْماً لِنَأْكُلَ }( عد 11 : 11 – 13) .. مُوسَى يَقُول لله هَلْ أنَا حَبَلْت بِهذَا الشَّعْب جَمِيعَهُ وَوَلَدْتَهُ ؟ لِمَاذَا تَضَعْنِي وَسَطِهِمْ ؟ هُمْ يَبْكُون يُرِيدُون أنْ يَأكُلُوا لَحْماً .. الشَّعْب غَاضِبْ مِنْ الله لكِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعْ أنْ يُوَاجِه الله أوْ يُكَلِمَهُ مُبَاشَرَةً فَإِشْتَكَى لِمُوسَى وَمُوسَى كَلَّمْ الله .. أحْيَاناً التَّذَمُّر يَنْتَقِل لِلقَائِدْ مُوسَى تَكَلَّمْ مَعَ الله بِإِسْلُوب غِير لاَئِق وَقَالَ لَهُ لِمَاذَا أسَأت إِلَى عَبْدَك ؟ .. { فَإِنْ كُنْتَ تَفْعَلُ بِي هكَذَا فَاقْتُلْنِي قَتْلاً إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ . فَلاَ أَرَى بَلِيَّتِي } ( عد 11 : 15) .. قَالَ مُوسَى لله أنَا غَيْر قَادِر عَلَى حِمْل مَسْئُولِيِة هذَا الشَّعْب جَمِيعَهُ .. فَقَالَ لَهُ الله إِحْضِر لِي سَبْعِين رَجُلاً لِيَتَحَمَلُّوا هُمْ عَنْكَ المَسْئُولِيَّة وَ آخُذْ مِنْ الرُّوح الَّتِي عَلَيْكَ وَأضَعْ عَلَيْهِمْ .. أي إِكْلِيلَك سَيَنْقَسِمْ أنَا وَضَعْتَك فِي هذَا المَكَان وَأنَا أُعِينَك .. لِمَاذَا تَتَذَّمَر ؟ أنَا أعَنْتَك فِي الحُرُوب فَتَذَكَّر ذلِك .. نَفْس التَّذَمُّر قَالَهُ إِيلِيَّا النَّبِي عِنْدَمَا هَرَبْ وَقَالَ لله قَتِلُوا أنْبِيَاءَك وَهَدَمُوا مَذَابِحَك وَبَقَيْتُ أنَا وَحْدِي ( 1مل 19 : 10) فَقَالَ لَهُ الله لاَ تَحْزَن إِمْسَح إِلِيشَعْ نَبِي وَسَآخُذْ مِنْ رُوحِي الَّتِي عَلَيْك وَأضَعْ فِيهِ .. هذِهِ نَتِيجِة التَّذَمُّر لكِنْ العَجِيب أنَّهُ رَغْم تَمَرُّد مُوسَى النَّبِي وَإِيلِيَّا النَّبِي إِلاَّ أنَّهُمَا ظَهَرَا عَلَى جَبَلْ التَّجَلِّي مَعَ يَسُوع .. { فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى اجْمَعْ إِلَيَّ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ شُيُوخُ الشَّعْبِ وَعُرَفَاؤُهُ وَأَقْبَلْ بِهِمْ إِلَى خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ فَيَقِفُوا هُنَاكَ مَعَْكَ . فَأَنْزِلَ أَنَا وَأَتَكَلَّمَ مَعَْكَ هُنَاكَ وَآخُذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْكَ وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ فَيَحْمِلُونَ مَعَْكَ ثِقَلَ الشَّعْبِ فَلاَ تَحْمِلُ أَنْتَ وَحْدَكَ وَلِلشَّعْبِ تَقُولُ تَقَدَّسُوا لِلْغَدِ فَتَأْكُلُوا لَحْماً } ( عد 11 : 16 – 18) .. الله كَلَّمَهُ فِي مُشْكِلَتَيْنِ مُشْكِلِة عَدَم تَحَمُّلِهِ فَجَعَلَ مَعَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً .. وَمُشْكِلِة أكْل اللَّحْم وَهذَا مَا جَرَح الله .. قَالَ الله لِمُوسَى قُلْ لِلشَّعْب تَقَدَّسُوا لِلغَدْ فَتَأكُلُوا لَحْماً .. شَهْوِتْكُمْ سَأُعْطِيكُمْ .. { لأَِنَّكُمْ قَدْ بَكَيْتُمْ فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ قَائِلِينَ مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْماً . إِنَّهُ كَانَ لَنَا خَيْرٌ فِي مِصْرَ } .. وَكَأنَّ الله يُذَكِّرَهُمْ بِكَلاَمِهِمْ لِتَبْكِيتَهُمْ { فَيُعْطِيكُمُ الرَّبُّ لَحْماً فَتَأْكُلُونَ . تَأْكُلُونَ لاَ يَوْماً وَاحِداً وَلاَ يَوْمَيْنِ وَلاَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَلاَ عِشْرِينَ يَوْماً . بَلْ شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَنَاخِرَكُمْ وَيَصِيرَ لَكُمْ كَرَاهَةً لأَِنَّكُمْ رَفَضْتُمُ الرَّبَّ الَّذِي فِي وَسْطِكُمْ وَبَكَيْتُمْ أَمَامَهُ قَائِلِينَ لِمَاذَا خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ } ( عد 11 : 18 – 20 ) .. سَتَأكُلُون بِنَهَمْ وَتُشْبَعُون شَهْوَة حَتَّى تَكْرَهُوا أكْل اللَّحْم .. الله إِعْتَبَر هذَا الكَلاَم إِهَانَة لَهُ .. لكِنْ لِلأسَفْ مُوسَى النَّبِي لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَسْتَوْعِبْ كَلاَم الله .. فَقَالَ لَهُ { سِتُّ مِئَةِ أَلْفِ مَاشٍ هُوَ الشَّعْبُ الَّذِي أَنَا فِي وَسَْطِهِ . وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ أُعْطيهِمْ لَحْماً لِيَأْكُلُوا شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ } ( عد 11 : 21 ) ألاَ تَعْرِف العَدَد يَا الله ؟ فَهذَا الشَّعْب بِهِ سِت مَائَة ألْف رَجُل كَيْفَ تُعْطِيهُمْ لَحْماً لِيَأكُلُوا شَهْراًمِنْ الزَّمَان ؟{ أَيُذْبَحُ لَهُمْ غَنَمٌ وَبَقَرٌ لِيَكْفِيَهُمْ أَمْ يُجْمَعُ لَهُمْ كُلُّ سَمَكِ الْبَحْرِ لِيَكْفِيهُمْ . فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى هَلْ تَقْصُرُ يَدُ الرَّبِّ . الآنَ تَرَى أَيُوَافِيكَ كَلاَمِي أَمْ لاَ } ( عد 11 : 22 – 23 ) .. يَا مُوسَى أنْتَ تَمَادَيْتَ مَعَ الله .. مُوسَى يَتَكَلَّمْ بِتِلْقَائِيَّة مَعَ الله .. لكِنْ الله قَالَ لِمُوسَى لَنْ تَقْصُر يَدِي .. قَالَ لَهُ الله إِجْمَعْ لِي سَبْعِينَ رَجُلاً .. وَالآنْ يَتَحَاوَر مَعَهُ .. عَجِيب أنَّ الله يَتَنَازَل مَعَ الإِنْسَان إِلَى مُسْتَوَاه الضَّعِيف .. يَتَكَلَّمْ مَعَ الإِنْسَان كَإِنْسَان وَكَأنَّ مُوسَى وَالله يَقُولاَن لِبَعْضِهِمَا سَنَرَى وَبِالفِعْل { فَخَرَجَ مُوسَى وَكَلَّمَ الشَّعْبَ بِكَلاَمِ الرَّبِّ وَجَمَعَ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ الشَّعْبِ وَأَوْقَفَهُمْ حَوَالِيِ الْخَيْمَةِ . فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي سَحَابَةٍ وَتَكَلَّمَ مَعَْهُ وَأَخَذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْهِ وَجَعَلَ عَلَى السَّبْعِينَ رَجُلاً الشُّيُوخَ . فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِمِ الرُّوحُ تَنَبَّأُوا وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَزِيدُوا } ( عد 11 : 24 – 25 ) .. عِنْدَمَا جَمَعَ السَّبْعِينَ رَجُلاً لَمْ يَأتُوا كُلُّهُمْ بَلْ تَخَلَّفْ مِنْهُمْ إِثْنَان وَأتَى ثَمَانِيَة وَسُتُونَ رَجُلاً .. وَلَمَّا حَلَّ عَلَيْهِمْ الرُّوح تَنَبَّأُوا لكِنْ هُنَاك إِثْنَان غَائِبَان كَانَا فِي المَحَلَّة وَلكِنَّهُمْ وَجَدُوهُمَا يَتَنَبَّآن فِي نَفْس اللَّحْظَة أي يَقُولاَن كَلاَم رُوحِي وَأتَى يَشُوع بْن نُون إِلَى مُوسَى النَّبِي وَقَالَ لَهُ أنَّ هُنَاك إِثْنَان غَرِيبَانِ يَتَنَبَّآن إِرْدِعْهُمَا { فَقَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ تَغَارُ أَنْتَ لِي . يَا لَيْتَ كُلَّ شَعْبِ الرَّبِّ كَانُوا أَنْبِيَاءَ إِذَا جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَهُ عَلَيْهِمْ } ( عد 11 : 29 ) .. هُنَا يَقُول الآبَاء تَأمُّل جَمِيلٌ .. أنَّ الإِثْنَان اللَّذَان لَمْ يَحْضِرَا حُلُول الرُّوح عِنْدَ الخَيْمَة يُمَثِّلاَن كَنِيسَة الأُمَمْ لكِنْ رَغْم أنَّهُمَا لَمْ يَحْضَرَا حُلُول الرُّوح القُدُس لكِنَّهُمَا كَانَا فِي المَحَلَّة .. هكَذَا نَحْنُ لَمْ نَكُنْ فِي العُلِّيَّة لكِنَّنَا كُنَّا مَدْعُوِّينْ لِلعُلِّيَّة وَنَفْس الرُّوح الَّتِي حَلَّتْ فِيهَا حَلَّتْ عَلَيْنَا مِثْلَ هذَان الرَّجُلاَنِ .. هذِهِ دَعْوِة كَنِيسِة الأُمَمْ .. الرَّجُلاَن هُمَا " أَلْدَاد " وَمَعْنَاه " مُحِبْ لِلرَّبَّ " .. وَالآخَر " مِيدَاد " وَمَعْنَاه " مَحْبُوب "َهُمَا يُمَثِّلاَن كَنِيسَة الأُمَمْ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي يُوْم الخَمْسِينْ لكِنَّهَا مَدْعُوَة ذَهَبَ مُوسَى إِلَى المَحَلَّة { فَخَرَجَتْ رِيحٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ وَسَاقَتْ سَلْوَى مِنَ الْبَحْرِ وَأَلْقَتْهَا عَلَى الْمَحَلَّةِ نَحْوَ مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَا وَمَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنْ هُنَاكَ حَوَالِيِ الْمَحَلَّةِ وَنَحْوَ ذِرَاعَيْنِ فَوْقَ وَجْهِ الأَرْضِ } ( عد 11 : 31 ) .. تَخَيَّل أنَّكَ تَسِير لِمُدِّة يُوْم كَامِلٌ وَفَوْقَكَ طِير السَّمَاء فَكَمْ يَكُون عَدَدَهُ ؟وَفِي عَرْض ذِرَاعَيْن أي حَوَالِي مِتْر وَنِصْف .. مِنْ كَثْرِة عَدَد الطُّيُور وَضَعُوا لَهَا شِبَاك وَظَلُّوا يَشْوُونْ وَيَأكُلُون لِمُدِّة شَهْر وَأكَلُوا بِشَهْوَة عَالِيَة وَنَهَمْ وَحَدَثَ مَا قَالَهُ الله " وَجَمَعُوا مِنْهُ كِمِيَات كَبِيرَة لِيَأكُلُوا "{ وَإِذْ كَانَ اللَّحْمُ بَعْدُ بَيْنَ أَسْنَانِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَنْقَطِعَ حَمَيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى الشَّعْبِ وَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدّاً } ( عد 11 : 33 ) .. أحْيَاناً الله يَقُول إِنْ طَلَبْت طَلَبْ غِير مُوَافِقٌ لأِرَادَتِي سَأُعْطِيه لَك لَيْسَ لأِنِّي أُرِيدْ ذلِك بَلْ لِيَكُون كَرَاهَة بِالنِسْبَة لَك .. وَالقِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيّ الفَمْ يَقُول{ نُشْكُر الله لأِنَّهُ لاَ يُعْطِينَا كُلَّ مَا نَسْألُه حَتَّى لاَ يَكُون مَا يُعْطِينَا كَرَاهَة لَنَا }إِنَّهُ لاَ يَسْتَجِيب لِطَلَبْنَا حَتَّى لاَ يُضِير لَنَا كَرَاهَة مِثْلَ هذَا اللَّحْم رَغَمْ تَمَرُّد الشَّعْب إِلاَّ أنَّ الله لَمْ يَقْطَعْ إِرْسَال المَنَّ كُلَّ صَبَاح .. رَغْم جُحُود وَتَمَرُّد الإِنْسَان إِلاَّ أنَّ الله مَازَالَ يُعْطِينَا نَفْسُه وَيَدُه مَفْتُوحَة لِلخِير وَلاَ يَنْضَبْ خَيْرُه أبَداً .. جَمِيلَة قِصَّة الله مَعَ شَعْبُه فِي البَرِّيَّة لأِنَّهَا قِصَّة الإِنْسَان مَعَ الله وَأنَّ كُلَّ هذِهِ الأُمُور كُتِبَتْ لأِجْلِنَا ( 1كو 10 : 11) رَبِّنَا يِكَمِّلْ نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمَتِهِ لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

دراسة فى سفر العدد ج5

الأصْحَاح العَاشِر :- { وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً . اصْنَعْ لَكَ بُوقَيْنِ مِنْ فِضَّةِ . مَسْحُولَيْنِ تَعْمَلُهَا فَيَكُونَانِ لَكَ لِمُنَادَاةِ الْجَمَاعَةِ وَلاِرْتِحَالِ الْمَحَلاَّتِ . فَإِذَا ضَرَبُوا بِهِمَا يَجْتَمِعُ إِلَيْكَ كُلُّ الْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ . وَإِذَا ضَرَبُوا بِوَاحِدٍ يَجْتَمِعُ إِلَيْكَ الرُّؤَسَاءُ رُؤُوسُ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ وَإِذَا ضَرَبَتُمْ هُتَافاً تَرْتَحِلُ الْمَحَلاَّتُ النَّازِلَةُ إِلَى الشَّرْقِ } ( عد 10 : 1 – 5 ) .. كُلَّ ضَرْبَة لَهَا مَعْنَى وَالضَرَبَات بِالأبْوَاق لِلَّذِينَ فِي المَحَلَّة فِي الأطْرَاف وَلاَ يَرَوْن السَّحَابَة فَيَسْمَعُوا الأبْوَاق .. وَكُلَّ بُوق لَهُ مَعْنَى .. هُمَا بَوقَانْ إِنْ ضَرَبَ بِبُوق وَاحِدٌ ضَرْبَة سَرِيعَة غَيْر مَا يَضْرَب بِالإِثْنَانِ مَعاً غَيْر مَا يَضْرَب بِبُطْئ الضَرْب بِالبُوقَيْن رَمْز لِكَلِمَة الله فِي العَهْدَين .. وَالبُوقَان مَصْنُوعَان مِنْ فِضَّة وَالفِضَّة تُشِير لِكَلِمَة الله .. أيْضاً { كَلاَمُ الرَّبَّ كَلاَمٌ نَقِي كَفِضَّة مُصَّفَاة } ( مز 11 مِنْ مَزَامِير بَاكِر ) .. أي لاَبُدْ أنْ نَجْتَمِعْ عَلَى كَلِمَة الإِنْجِيل .. نَحْنُ أتَيْنَا لِنَسْمَع نِدَاء البُوق .. أسَاس إِجْتِمَاعْنَا كَلِمَة الإِنْجِيل إِنْ أرَدْنَا أنْ نَسْتَقِر أوْ نَرْتَحِلْ بِالإِنْجِيل .. هُوَ الكَلِمَة الَّتِي تُسَيِّر حَيَاتْنَا .. لَوْ ضَرَبُوا بِالبُوقَيْنِ مَعاً فَهذَا مَعْنَاه أنْ يَجْتَمِعُوا عِنْدَ خَيْمَة الإِجْتِمَاع لِبَعْض التَّعْلِيمَات وَإِنْ ضَرَبُوا بِبُوق وَاحِدٌ فَهذَا مَعْنَاه إِجْتِمَاع رؤُسَاء أُلُوف الشَّعْب .. كَلِمَة الله شَفْرَة لاَ يَفْهَمْهَا إِلاَّ المُدَرَّبِينْ عَلَى سَمَاع كَلِمَة الله .. إِذاً هُنَاك مَنْ يَسْمَعْ وَلاَ يَفْهَمْ وَمَنْ يَسْمَعْ وَيَفْهَمْ ضَرْب الهُتَاف مَعْنَاه الإِرْتِحَال وَلكِنْ لِكَثْرِة عَدَد الشَّعْب كَانُوا مُقَسَّمِينْ إِلَى أرْبَعَة مَجْمُوعَات لِذلِك كَانُوا يَرْتَحِلُوا بِتَرْتِيب .. الجَمَاعَة الشَّمَالِيَّة أوَّلاً .. أي عِنْدَ سَمَاع هُتَاف طَوِيل يَرْتَحِلْ الثَّلاَثَة أسْبَاطْ الَّذِينَ فِي الشَّمَال أوَّلاً .. ثُمَّ بُوق آخَر طَوِيل فَيَرْتَحِلْ الأسْبَاطْ الثَّلاَثَة الَّذِينَ فِي الجَنُوب .. وَهكَذَا .. أي أنَّ كُلَّ ضَرْبَة لَهَا تَرْتِيب مُعَيَّنْ .. كَلِمَة الله لَهَا تَرْتِيبْ .. فَهُنَاك قِرَاءَات لِلخَمَاسِينْ وَأُخْرَى لِلآحَاد وَقِرَاءَات لأِيَّام الصُوم المُقَدَّس وَ بُوق تَفْهَمْ مِنْ الصُوْت مَا تَقُولَهُ الكَنِيسَة الآنْ تَقُول لَك عَيِّدْ وَمَرَّة أُخْرَى تَقُول لَك تَضَرُّع وَ مِثَال لِذلِك نَحْنُ فِي شَهْر نَسِئ آخِر أشْهُر السَّنَة تَتَكَلَّمْ الكَنِيسَة عَنْ المَجِئ الثَّانِي هذَا بُوق يَضْرَب وَمَنْ يَتَدَرَّبْ عَلَى سَمَاع البُوق يَفْهَمْ { وَبَنُو هَارُون الْكَهَنَةُ يَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ } ( عد 10 : 8 ) .. أي تَفْسِير الكَلِمَة مِنْ حَقٌ الكَهَنَة فَقَطْ .. لاَ يَضْرَب البُوق سِوَى أوْلاَد هَارُون .. كَلِمَة الله سِرْ فَرَحْنَا هِيَ القَائِدْ فِي حَيَاتْنَا لكِنْ مَنْ لَهُ حَقٌ تَفْسِير الإِنْجِيل الكَهَنَة أي الكَنِيسَة خَاصَّةً فِي أُمُور الإِيمَان وَالعَقِيدَة وَكَمَا يَقُول الأبَاء { لاَ أعْرِف الإِنْجِيل إِلاَّ مَشْرُوحاً مِنْ الأبَاء .. حَيَّ فِي العِبَادَة .. مُفَسَّر بِالقِدِّيسِينْ } حَيَّ فِي القِدِّيسِينْ .. لَيْسَ أحَدٌ يَضْرَب بِالبُوق إِلاَّ الكَهَنَة فَقَطْ لِذلِك الإِنْسَان الرُّوحِي الكَنَسِي يَفْهَمْ البُوق .. عِنْدَمَا يَدْخُلْ الكَنِيسَة وَيَسْمَعْ إِنْجِيل الرَّاعِي الصَّالِح يَفْهَمْ أنَّ اليَوْم تِذْكَار بَطْرِيَرْك وَعِنْدَمَا يَسْمَعْ إِنْجِيل العَذَارَى الحَكِيمَات يَفْهَمْ أنَّ اليَوْم تِذْكَار أحَدٌ العَذَارَى .. عِنْدَمَا يَتَكَلَّمْ الإِنْجِيل عَنْ " لاَ تَخَافُوا مِنْ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الجَسَدَ " ( مت 10 : 28 ) يَفْهَمْ أنَّ اليَوْم تِذْكَار شَهِيدْ تُرَى مَا مَعْنَى بُوق اليَوْم ؟ هَلْ هُوَ إِرْتِحَال أم تَعَالِيمْ أم ؟ الَّذِي لَهُ آذَان مُدَرَّبَة أي مَنْ إِنْضَمَّ إِلَى جَمَاعِة إِسْرَائِيل يَفْهَمْ إِرْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيل .. حَمَى مُوسَى النَّبِي إِسْمُه يَثْرُون وَهُوَ كَاهِنْ وَثَنِي ..أرَادَ مُوسَى النَّبِي أنْ يَأخُذَهُ مَعَهُ فِي الإِرْتِحَال لكِنْ لَيْسَ لِيَثْرُون فِصْح أوْ خِتَان أوْ وَصَايَا ..فَمَاذَا يَفْعَل مُوسَى ؟ قَالَ لَهُ أنْتَ مِنْ البَرِّيَّة فَتَعَالَ مَعَنَا كَمُرْشِدْ .. { فَقَالَ لاَ تَتْرُكْنَا لأِنَّهُ بِمَا أَنَّكَ تَعْرِفُ مَنَازِلْنَا فِي الْبَرِّيَّةِ تَكُونُ لَنَا كَعُيُونٍ } ( عد 10 : 31 ) .. فِي البِدَايَة يَثْرُون إِقْتَنَعْ لكِنْ مُوسَى النَّبِي طَلَبَ مِنْهُ أنْ يَكُون كَعُيُون لَهُ فِي البَّرِّيَّة يُرْشِدُه الطَّرِيقٌ وَقَالَ لَهُ كَيْ يُقْنِعُه { اِذْهَبْ مَعَْنَا فَنُحْسِنَ إِلَيْكَ لأَِنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ بِالإِحْسَانِ } ( عد 10 : 29 ) .. فَذَهَبَ مَعَهُمْ يَثْرُون مُوسَى النَّبِي يَفْرَح بِالرَّبَّ لأِنَّهُ يَقُودُه بِعَمُود سَحَاب وَعَمُود نَار .. فَهَلْ ضَعْف مِنْهُ أنْ يَطْلُب يَثْرُون ؟ .. لاَ .. هذَا لَيْسَ ضَعْف إِيمَانِي لكِنْ الله قَدْ يَسْتَخْدِم وَسِيلَة لَيْسَتْ هِيَ خَطَأ .. أي أنَّ الله إِسْتَخْدِم عَمُود السَّحَاب وَعَمُود النَّار وَاسْتَخْدِم أيْضاً يَثْرُون .. مُوسَى النَّبِي يَتَكِلْ بِالكَمَال عَلَى الله لكِنْ إِسْتَخْدِم يَثْرُون هكَذَا الإِنْسَان المَوْضُوع فِي قَلْبُه الله يَسْتَخْدِم كُلَّ الوَسَائِل .. وَإِنْ كَانَ هذَا لُون مِنْ ألْوَان الضَّعْف فِي مُوسَى لكِنْ الله يَسْتَخْدِم الإِنْسَان حَتَّى بِضَعْفُه الأبَاء يَقُولُون أنَّ يَثْرُون يُمَثِّلْ كَنِيسَة الأُمَمْ وَكَأنَّ كَنِيسَة العَهْد القَدِيم أوْ كَنِيسَة النَّامُوس تَدْعُو كَنِيسَة الأُمَمْ لِتَشْتَرِك مَعَهَا فِي البَرَكَات الرُّوحِيَّة لِتَصِلْ مَعَهَا إِلَى أرْض المَوْعِد .. يَثْرُون يُمَثِّلْ كَنِيسِة العَهْد الجَدِيد وَالأُمَمْ وَالغُرَبَاء عَنْ شَعْب الله – كَنِيسَة العَهْد القَدِيم – وَعَنْهُ لِيَشْتَرِك مَعَهُ فِي البَرَكَات .. هكَذَا الله دَعَانَا نَحْنُ لِنَرِث نَفْس المَجْد وَنَفْس البَرَكَة .. دَعَانَا لِشَرِكَتِهِ وَدَعَانَا أوْلاَدُه .. يَثْرُون رَفَضْ مَرَّة وَمَرَّتَان وَ ..... وَكَأنَّ الله مُصِر عَلَى دَعْوِة كَنِيسِة الأُمَمْ حَتَّى لَوْ إِمْتَنَعِتْ .. وَكَأنَّهُ يَقُول لَهُ نَعَمْ نَحْنُ مَعَنَا سَحَاب وَنَار لكِنْ مُمْكِنْ تَكُون مَعَنَا فَأنْتَ تَعْرِف الأمَاكِنْ الَّتِي بِهَا مَاء أوْ الأمَاكِنْ الخَطِرَة أوْ أي إِنْ كَانَ الله يَقُودْ شَعْبُه لكِنْ هُنَاك طَبِيعَة بَشَرِيَّة { فَارْتَحَلُوا مِنْ جَبَلِ الرَّبِّ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَتَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ رَاحِلٌ أَمَامَهُمْ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لِيَلْتَمِسَ لَهُمْ مَنْزِلاً . وَكَانَتْ سَحَابَةُ الرَّبِّ عَلَيْهِمْ نَهَاراً فِي ارْتِحَالِهِمْ مِنَ الْمَحَلَّةِ }( عد 10 : 33 – 34 ) .. جَمِيلٌ مَنْظَر شَعْب بَنِي إِسْرَائِيل وَأمَامَهُمْ السَّحَابَة .. مَا أجْمَلٌ أنْ نَقُول{ جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي } ( مز 16 : 8 ) .. هَلْ أنَا أسِير بِفِكْر إِلهِي أم بَشَرِي ؟ هَلْ يَسِير أمَامِي تَابُوت العَهْد أي الله ؟ رَاجِعْ نَفْسَك .. { كَانَ مُوسَى يَقُولُ قُمْ يَارَبُّ فَلْتَتَبَدَّدْ أَعْدَاؤُكَ وَيَهْرُبْ مُبْغِضُوكَ مِنْ أَمَامِكَ } ( عد 10 : 35 – 36 ) .. كَانُوا يَسِيرُونَ فِي طَرِيقٌ صَعْب بَلْ مَمْلُوء أعْدَاء فَقَدْ يَخْرُج لَهُمْ قُطَّاع طُرُق أوْ أعْدَاء لِذلِك قَالَ مُوسَى لله " قُمْ يَارَبَّ لِيَتَبَدَّد أعْدَاءَك " لأِنَّ أمَامَهُمْ الْعَمُّونِيُّون وَالْمُوآبِيُّون حَتَّى أنَّ الله قَالَ لَهُمْ أنْ لاَ يَتَعَامَلُونَ مَعَهُمْ أوْ يَلْتَمِسُونَ مِنْهُمْ خَيْراً .. مُوآب وَعَمُّون هُمَا إِبْنَا لُوطٌ مِنْ بِنْتَيْهِ بِالزِّنَا بَعْد هُرُوبِهِمْ مِنْ سَدُوم وَعَمُورَة فَقَدْ كَانَتْ بَنَاتْ لُوطٌ قَدْ تَلَوَّثَتْ أفْكَارِهِنَّ مِنْ مُعَاشَرَة سَدُوم وَعَمُورَة فَجَاءَت لَهُنَّ فِكْرَة مُضَاجَعَة أبَاهُنَّ فَوَلَدَتْ وَاحِدَة مِنْهُنَّ مُوآب وَالأُخْرَى وَلَدَتْ عَمُّون لِذلِك نَسْلَهُمَا يُمَثِّلْ ثَمَر الشَّر وَالخَطِيَّة .. مُوسَى النَّبِي طَلَبْ مِنْ الله أنْ يُبَدِّدْ أعْدَائُه وَعِنْدَمَا كَانُوا يَسْتَقِرُّون { وَعِنْدَ حُلُولِهِ كَانَ يَقُولُ ارْجِعْ يَارَبُّ إِلَى رِبْوَاتِ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ }( عد 10 : 36 ) .. قِيَادِة الله فِي البَرِّيَّة تُمَثِّل قِيَادِة الله لِحَيَاة الإِنْسَان فِي رِحْلِة غُرْبَتِهِ عَلَى الأرْض .. جَيِّدٌ أنْ نُبَارِك الله كُلَّ حِينٍ لأِنَّهُ يَغْلِبْ أعْدَائِي وَيُعْطِي نُصْرَة .. لَمَّا يَأتِي فِكْر شِرِّير قُلْ " قُمْ يَارَبّ لِيَتَبَدَّدْ جَمِيعْ أعْدَاءَك " .. نَعَمْ يُقَابِلْنِي العَمُّونِي وَالمُوآبِي وَهُنَاك مَنْ يُرِيدْ هَلاَكِي لكِنْ أنْتَ يَا الله بَدِّدَهُمْ رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمَتِهِ لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

دراسة فى سفر العدد ج4

الأصْحَاح السَّابِعْ :- يَنْقَسِمْ إِلَى قِسْمَيْنِ 1/ تَدْشِينْ المَذْبَحٌ : رَبَّ المَجْد يَسُوع يُرِيدْ كُلَّ شَيْء مِلْكَهُ وَمَادَامَ كُلَّ شَيْء مِلْكَهُ فَلاَبُدْ أنْ يَتَقَدَّس لِذَا قَالَ { قَدَّسَهُ وَجَمِيعَ أَمْتِعَتِهِ } ( عد 7 : 1 ) .. الله يُرِيدْ أنْ يُقَدِّس النَّفْس لأِنَّ المَذْبَحٌ يُشِير إِلَى النَّفْس " أَمْتِعَتِهِ " يَقْصِدٌ بِهَا كُلَّ مَا بِدَاخِلٌ النَّفْس .. الله يُرِيدْ أنْ يُقَدِّس النَّفْس وَجَمِيعْ أمْتَعِتْهَا أي العَوَاطِفْ وَالغَرَائِز وَالطُمُوحَات وَ .... الله يُرِيدْ كُلَّ النَّفْس .. قَدَّسَهُ وَجَمِيعَ أَمْتِعَتِهِ .. المَذْبَحٌ وَجَمِيعُ أمْتِعَتِهِ مَسَحَهُ وَقَدَّسَهُ .. لِذلِك فِي سِر المَيَّرُون كُلَّ جُزْء فِينَا يُمْسَحٌ لِيُعْلِنْ مِلْكِيَتَهُ لِكُلَّ جُزْء فِينَا .. { الْمَذْبَحَ وَجَمِيعَ أَمْتِعَتِهِ وَمَسَحَهَا } . 2/ قَرَابِينْ الأسْبَاطٌ :- { قَرَّبَ رُؤَسَاءُ إِسْرَائِيلَ رُؤُوسُ بُيُوتِ آبَائِهِمْ هُمْ رُؤَسَاءُ الأَسْبَاط الَّذِينَ وقَفُوا عَلَى الْمَعْدُودِينَ } ( عد 7 : 2 ) .. كُلَّ سِبْطٌ لَهُ رَئِيس .. الله يُرِيدْ مِنْ كُلَّ سِبْط تَقْدِمَة فَقَالَ { أَتَوْا بِقَرَابِينِهِمْ أَمَامَ الرَّبِّ } ( عد 7 : 3 ) .. جَيِّدٌ هُوَ الإِنْسَان الَّذِي يَقِفْ أمَام الله بِقَرَابِينَهُ .. مَاذَا يُرِيدْ الله ؟ الله لاَ يُرِيدْ عَطَايَا مَادِيَّة فَقَطْ بَلْ يُرِيدْ عِبَادَة عَقْلِيَّة .. يُرِيدْ عُجُول شِفَاه .. يُرِيدْ نَفْسَك وَإِرَادَتَك وَحَوَاسَك وَمَشَاعِرَك .. جَيِّدْ عِنْدَمَا يَقُول أَتَوْا بِقَرَابِينِهِمْ أَمَامَ الرَّبِّ .. الله لَهُ عِنْدَنَا تَقْدِمَات كَثِيرَة جِدّاً .. الله يُرِيدَك أنْ تَقِفْ أمَامَهُ غِير فَارِغ اليَدَيْنِ .. يُرِيدَك أنْ تَقِفْ أمَامَهُ مَمْلُوء مِنْ الثِّمَار الصَّالِحَة كُلَّ شَخْص يَقِفْ أمَامَهُ وَمَعَهُ شَيْء .. رُؤَسَاء الأسْبَاط جَمَعُوا مِنْ كُلَّ شَخْص أوْ مِنْ كُلَّ فَرْد فِي السِبْط كَيْ يَشْتَرِك الكُلَّ وَيَنُوب عَنْهُمْ رُؤَسَاء الأسْبَاط ..أَتَوْا بِقَرَابِينِهِمْ أَمَامَ الرَّبِّ مَا هِيَ قَرَابِينْ الإِثْنَى عَشَرَ سِبْط ؟ .. { سِتَّ عَجَلاَتٍ مُغَطَّاةً وَاثْنَىْ عَشَرَ ثَوْراً . لِكُلِّ رَئِيسَيْنِ عَجَلَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ ثَوْرٌ وَقَدَّمُوهَا أَمَامَ الْمَسْكَنِ } ( عد 7 : 3 ) .. " سِتَّ عَجَلاَتٍ " أي سِتَّ عَرَبَات بِخُيُول يَجُرَهَا إِثْنَى عَشَرَ ثَوْر .. أي كُلَّ ثُورِينْ يَقُودَانِ عَجَلَةٌ .. إِثْنَى عَشَرَ ثَوْر أي لِكُلَّ سِبْط ثُوْروَكُلَّ سِبْطَان يَشْتَرِكَانْ فِي عَجَلَةٌ .. يَقُول لَهُ أنَا أُرِيدْ هذِهِ القَرَابِينْ كُلَّ سِبْطَان يَشْتَرِكَان فِي عَجَلَةٌ وَكُلَّ رَئِيس سِبْط يُقَدِّم ثُوْر .. { خُذْهَا مِنْهُمْ فَتَكُونَ لِعَمَلِ خِدْمَةِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاع } ( عد 7 : 5 ) أي أنَّ قَرَابِينَهُمْ هِيَ لِخِدْمِة خَيْمَة الإِجْتِمَاع نَعْرِف أنَّهُ يُوْجَدٌ ثَلاَثَة أنْوَاع مِنْ المَهَام لأِوْلاَدٌ هَارُون جَرْشُون وَقَهَات وَمَرَارِي بَنُو جَرْشُون يَحْمِلُون الأغْطِيَة وَبَنُو قَهَات يَحْمِلُون القُدْس نَفْسَهُ المَذْبَح وَالمَنَارَة وَ أمَّا بَنُو مَرَارِي فَيَحْمِلُون الأعْمِدَة أوْ ألْوَاح الخَيْمَة .. أيُّهُمْ أثْقَلٌ حِمْلاً ؟ بِالطَبْع بَنُو مَرَارِي أحْمَالُهُمْ ثَقِيلَة لِذلِك قَالَ الله يَأخُذُون أرْبَعْ عَجَلاَت وَثَمَانِيَة ثِيرَان .. أمَّا بَنُو جَرْشُون فَيَأخُذُون عِجْلَتَان وَأرْبَعَة ثِيرَان .. إِذاً بَنُو قَهَات لَنْ يَأخُذُونَ شَيْء لأِنَّ أحْمَالِهِمْ خَفِيفَة وَمَا يَحْمِلُوه سَيَحْمِلُوهُ عَلَى الأكْتَاف وَلاَ يَحْتَاج لِثِيرَان .. مَذْبَح البُخُور وَالمَنَارَة وَالتَّابُوت لاَ يُوضَعُون عَلَى ثِيرَان .. بِهذَا يُعْلِنْ لَنَا الله أنَّهُ كُلَّمَا إِقْتَرَبْت إِلَى الأقْدَاس كُلَّمَا صَارَ الحِمْل خَفِيف وَكَمَا يَقُول رَبَّ المَجْد يَسُوع { نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ } ( مت 11 : 30 ) .. أحْيَاناً يَتَخَيَّلٌ الإِنْسَان أنَّ الطَّرِيقٌ الرُّوحِي مُسْتَحِيل وَالحَيَاة مَعَ الله خَيَال وَأنَّهَا ثَقِيلَة .. القِدِيس الأنْبَا أنْطُونْيُوس يَقُول { إِعْلَمُوا يَا أوْلاَدي أنَّ لَيْسَت كُلَّ الوَصَايَا صَعْبَة وَلاَ ثَقِيلَة بَلْ نُور حَقِيقِي وَسُرُور أبَدِي لِكُلَّ مَنْ أكْمَل طَاعَتِهِ } هؤُلاَء هُمْ بَنُو قَهَات الَّذِينَ يَحْمِلُون مُحْتَوَيَات القُدْس عَلَى أكْتَافِهِمْ الَّذِينَ لاَ يَشْعُرُون أنَّ الوَصَايَا ثَقِيلَة .. الشَّخْص البَعِيدْ يَسْتَثْقِل الوَصَايَا جِدّاً .. عَلَى قَدْر بُعْدِي عَلَى قَدْر شُعُورِي أنَّ الوَصَايَا مُسْتَحِيلَة وَعَلَى قَدْر قُرْبِي عَلَى قَدْر شُعُورِي أنَّ الوَصَايَا مُمْكِنَة بِالْمَسِيح جَيِّدٌ هُوَ الله الَّذِي يُعْطِي أُمور تُسَهِّل الخِدْمَة – عَجَلاَت – جَيِّدْ أنْ تُفَكِّر كَيْفَ تُسَهِّلٌ الخِدْمَة كَيْفَ تُسَاعِدْ فِي شَيْء .. كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا يُقَدِّم شَيْء يُقَدِّم كَلِمَة الله .. قَدْ تُقَدِّم شَرِيطْ كَاسِتْ أوْ تُقَدِّم نَبْذَة أوْ تَدْعُوا أحَدٌ لأِجْتِمَاع أوْ عِظَة .. جَيِّدٌ أنْ تَشْعُر أنَّكَ عَجَلَة تُسْتَخْدَم لِحَمْل الأقْدَاس الله يُرِيدَهُمْ كُلُّهُمْ أنْ يَشْتَرِكُوا فِي تَقْدِمَة وَاحِدَة مِنْ نُوْع وَاحِدٌ كَيْ يَجْعَلَهُمْ يَشْعُرُون بِالرُّوح الوَاحِدٌ .. لِذلِك عِنْدَمَا أرْسَلَ رَبَّنَا يَسُوع تَلاَمِيذَهُ أرْسَلَهُمْ إِثْنَيْنِ إِثْنَيْنِ .. إِبْتَدَأَ يَقُول لَهُمْ كُلَّ وَاحِدٌ مِنْكُمْ يُقَدِّم تَقْدِمَتُه .. الأصْحَاح السَّابِعْ هُوَ أطْوَل أصْحَاح فِي السِفْر لأِنَّ بِهِ تَقْدِمَة مُكَرَّرَة إِثْنَى عَشَرَ مَرَّة .. أي حَوَالِي سِتَّة أعْدَاد فِي الأصْحَاح مُكَرَّرِينْ إِثْنَى عَشَرَ مَرَّة ذَكَرْ تَقْدِمَة كُلَّ سِبْط وَكَرَّرْهَا .. قَدْ تَقُول كَانَ يَكْفِي أنْ يَذْكُرْهَا مَرَّة وَاحِدَة .. يَقُول .. لاَ .. لأِنَّ كُلَّ وَاحِدٌ مِنْكُمْ تَقْدِمَتُة كَرِيمَة فِي عَيْنَيَّ لاَبُدْ أنْ أذْكُرْهَا لَهُ .. كَانَ مُمْكِنْ يَقُول قَدِّم فُلاَن وَفُلاَن وَقَدِّم فُلاَن مِثْلَمَا قَدَّم فُلاَن .. لاَ .. هُوَ يُرِيدْ أنْ يَذْكُر مَا قَدَّمَهُ كُلَّ وَاحِدٌ رَغْم أنَّهُ قَدَّم كَمَنْ قَدَّمَ قَبْلَهُ .. الله يَقُول أُرِيدْ أنْ أذْكُر تَقْدُمَاتَك .. تَقْدُمَاتَك كَرِيمَة فِي عَيْنَيَّ مَذْكُورَة عِنْدِي .. مَحْفُوظَة عِنْدِي وَسَأذْكُرْهَا حَتَّى وَإِنْ كَانَتْ مُكَرَّرَة تَقْرأ { وَفِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ رَئِيسُ بَنِي رَأُبَيْنَ أَلِيصُورُ بْنُ شَدَيْئُورَ . قُرْبَانُهُ طَبَقٌ وَاحِدٌ مِنْ فِضَّةٍ وَزْنُهُ مِئَةٌ وَثَلثُون شَاقِلاً وَمِنْضَحَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ فِضَّةٍ سَبْعُونَ شَاقِلاً عَلَى شَاقِلِ الْقُدْسِ كِلْتَاهُمَا مَمْلُوءَتَانِ دَقِيقاً مَلْتُوتاً بِزَيْتٍ لِتَقْدِمَةٍ } ( عد 7 : 30 – 31 ) .. كُلَّ سِبْط قَدَّم نَفْس التَّقْدِمَة طِبَقٌ مِنْ فِضَّة وَذَبِيحَة وَالطَّبَقٌ بِهِ دَقِيق مَلْتُوت بِزَيْتٍ .. نَفْس التَّقْدِمَة يُكَرِّرْهَا وَكَأنَّهُ يُرِيدْ أنْ يَقُول الله يَفْرَح بِتَقْدِمَاتَك وَيَذْكُرْهَا لَك .. الله يَذْكُر الفِلْسَيْنِ .. قَدْ نَمِلٌ عِنْدَمَا نَقْرأ التَّقْدِمَات مُكَرَّرَة .. وَقَدْ تَتَخَيَّل عِنْدَمَا تَقْرأ هذَا الأصْحَاح أنَّ التَّقْدِمَة التَّالِيَة مُخْتَلِفَة عَنْ الَّتِي سَبَقَتْهَا لكِنَّك تَجِدْهَا مُكَرَّرَة لأِنَّهُ يُرِيدْ أنْ يَقُول كُلَّ وَاحِدٌ تَقْدِمَتُه مَقْبُولَة وَمَحْفُوظَة عِنْدِي وَأنَا أفْرَح بِهَا إِبْتَدَأَ يُعْطِي تَرْتِيب لِكُلَّ وَاحِدٌ مَاذَا يُعْطِي وَمَتَى .. جَمِيل فِي التَّقْدُمَات أنَّهُ يَقُول قَدِّم لِي طَبَقٌ وَاحِدٌ مِنْ الفِضَّة وَزْنَهُ مَائَة وَثَلاَثُونَ شَاقِل .. الله يُحِب الفِضَّة وَالفِضَّة تُشِير فِي الكِتَاب المُقَدَّس إِلَى الوَصَايَا .. أي إِحْفَظ وَصَايَاي .. أيْضاً الله يَتَكَلَّمْ عَنْ الوَزْن وَلَيْسَ الحَجْم .. مَا الفَارِق ؟ يَقُول قَدْ يَكُون الشَيْء حَجْمَهُ كَبِير لكِنْ وَزْنَهُ قَلِيل وَقَدْ يَكُون شَيْء وَزْنَهُ ثَقِيل لكِنْ حَجْمَهُ صَغِير الله يَهْتَمْ بِالشَّكْل أم الجَوْهَر ؟ بِالطَّبْع الله لاَ يَعْنِيه الشَّكْل بَلْ الوَزْن .. أي قَدْ يَكُون شَكْلِي أمَام الله جَيِّدٌ وَأعْمَل أعْمَال كَثِيرَة مَظْهَرْهَا جَيِّدٌ لكِنْ المُهِمْ مَا وَزْنَهَا أمَام الله ؟ لِذلِك يَذْكُر الله الوَزْن وَلَيْسَ الشَّكْل أوْ الحَجْم .. وَكَأنَّهُ يَقُول كَرَامَتَك عِنْدَ الله بِوَزْنَك وَوَزْنَك هُوَ بِرَّك هذَا مَا تُوزَنْ بِهِ طَبَقٌ مِنْ الفِضَّة بِهِ دَقِيق مَلْتُوت بِزَيْتٍ .. الفِضَّة رَمْز لِكَلِمَة الله وَالفِدَاء وَالْمَسِيح قَدَّم نَفْسَهُ كَفَّارَة عَنْ خَطَايَانَا .. وَالدَقِيق رَمْز لِلجَسَدٌ وَالزَّيْت رَمْز لِلرُّوح .. وَكَأنَّهُ يَقُول لَك .. هذِهِ التَّقْدِمَة تَرْمُز إِلَى عَمَل الله مَعَنَا مِنْ فِدَائِهِ وَتَجَسُّدِهِ وَإِرْسَالِهِ الرُّوح القُدُس .. الفِضَّة رَمْز لِلفِدَاء وَالدَقِيق رَمْز لِلتَّجَسُّدٌ .. وَالزَّيْت رَمْز لِعَطِيِة الرُّوح القُدُس . الأصْحَاح السَّابِعْ يُكْتَمَلٌ بِنَفْس الأُسْلُوب لِتَشْعُر أنَّ الله يُكْرِم عَطَايَاك .. يَقُول فِي نِهَايِة الأصْحَاح { فَلَمَّا دَخَلَ مُوسَى إِلَى خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ لِيَتَكَلَّمَ مَعَْهُ كَانَ يَسْمَعُ الصَّوْتَ يُكَلِّمُهُ مِنْ عَلَى الْغِطَاءِ الَّذِي عَلَى تَابُوتِ الشَّهَادَةِ مِنْ بَيْنَ الْكَرُوبَيْنِ فَكَلَّمَهُ } ( عد 7 : 89 ) .. كَانَ يَسْمَعْ صَوْت الله مِنْ بَيْنَ الكَرُوبَيْن .. مَا أجْمَلٌ الإِنْسَان الَّذِي يَسْمَعْ صَوْت الله وَلَهُ أذَان مُدَرَّبَة .. مُوسَى النَّبِي يَدْخُلٌ قُدْس الأقْدَاس لكِنِّي أنَا غَيْر مُمْكِنْ لِي أنْ أدْخُلٌ كَيْ أسْمَعْ صَوْت الله أقُول لَك الله جَعَلَ قُدْس أقْدَاسَك فِي قَلْبَك .. أُدْخُلٌ إِلَى دَاخِلٌ قَلْبَك وَسَتَسْمَعْ الصُوْت وَسَيُكَلِّمَك مِنْ عَلَى الغَطَاء .. وَمَا هُوَ الغَطَاء ؟ هُوَ إِشْتِيَاقَات قَلْبَك الَّتِي أنْتَ تَحْفَظْهَا وَكَمَا قَالَ { عَلَى كُلِّ مَجْدٍ غِطَاءً } ( أش 4 : 5 ) .. لاَ يُمْكِنْ أنْ تَكُون مُقَدَّسَات مُعَرَّاة .. المُقَدَّسَات تُغَطَّى .. كَلِمَة الله مُخَبَّأة فِي الدَّاخِلٌ لِذلِك التَّابُوت بِهِ لَوْحَيَّ العَهْد ..كَلِمَة الله مُخَبَّأة بِالدَّاخِلٌ لِذلِك يَقُول الله يُرِيدْ أنْ يُكَلِّمَك مِنْ عَلَى الغَطَاء الَّذِي دَاخِلٌ قَلْبَك وَيُرِيدْ أنْ يُسْمِعَك صَوْتَهُ . الأصْحَاح الثَّامِن :- { وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً . خُذِ اللاَّوِيِّينَ مِنْ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَطَهِّرْهُمْ } ( عد 8 : 5 – 6 ) .. جَيِّدٌ أنْ تَشْعُر أنَّكَ الآنْ فِي العَهْد الجَدِيد مِنْ اللاَّوِيِّين .. اللاَّوِيِّين هُمْ فِئَة مُخْتَارَة مِنْ الشَّعْب لِيَتَقَدَّسُوا لِيَكُونُوا مِلْك لله فِي العَهْد القَدِيم .. فِي العَهْد الجَدِيد لاَ تُوْجَدٌ فِئَة مُخْتَارَة بَلْ الكُلَّ مُخْتَار بِدَلِيل أنَّنَا كُلُّنَا مَمْسُوحِينْ وَإِنْ كَانَ مِنَّا الكَهَنَة فَهذَا عَلَى سَبِيل الإِخْتِيَار وَالدَّعْوَة لكِنْ الكَّاهِنْ مَدْعُو لِلقَدَاسَة مِثْلَهُ مِثْلَ أي فَرْدٍ فِي الشَّعْب وَالكَّاهِنْ سَيَرِث المَلَكُوت مِثْلَهُ مِثْلَ أي فَرْدٍ فِي الشَّعْب لَنْ يَشْفَعْ فِيهِ كَهَنُوتُه بَلْ قَدْ يَكُون كَهَنُوتُه ثِقَل عَلَيْهِ { خُذِ اللاَّوِيِّينَ مِنْ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَطَهِّرْهُمْ . وَهكَذَا تَفْعَلُ لَهُمْ لِتَطْهِيرِهِمِ . انْضِحْ عَلَيْهِمْ مَاءَ الْخَطِيَّةِ وَلِيُمِرُّوا مُوسَى عَلَى كُلِّ بَشَرِهِمْ وَيَغْسِلُوا ثِيَابَهُمْ فَيَتَطَّهرُوا } ( عد 8 : 6 – 7 ) .. كَيْفَ ؟ بِنَضْح مَاء الخَطِيَّة عَلَيْهِمْ .. مَاء ذَبِيحَة التَّقْدِمَة وَذَبِيحِة التَّطْهِير هِيَ الَّتِي تُقَدِّسَهُمْ .. وَهُنَا كَلِمَة عَنْ تَقْدِيس المَنَارَة فِي بِدَايِة الأصْحَاح .. فَالمَنَارَة هِيَ عَمَلٌ الْمَسِيح بِالإِسْتِنَارَة الَّتِي بِهَا أشْعُر أنَّهَا نُور تُنِير ظُلْمَتِي .. قَالَ لَهُ قَدِّس المَنَارَة وَقَدِّسَهُمْ .. هَيَّا نَرْبُطْ الإِثْنَانِ مَعاً .. النَّفْس الَّتِي إِسْتَنَارَت بِنُور الْمَسِيح تَتَطَّهَر .. النَّفْس الَّتِي عَرَفَتْ الطَّرِيقٌ " المَنَارَة " لاَ تَخَاف عَلَيْهَا .. النَّفْس الَّتِي الْمَسِيح سِرَاجُهَا هِيَ نَفْس تَتَطَّهَر بِنُور الْمَسِيح كَمَا نَقُول لَهُ { بِنُورَك يَارَبَّ نُعَايِنْ النُّور } ( مَا يُقَال فِي جُزْء " تَفَضَّل يَارَبَّ "فِي صَلاَة النُّوم ) .. قَالَ لَهُ خُذْ اللاَّوِيِّين وَآتِي بِهِمْ أمَام الشَّعْب وَأمَام هَارُون وَمُوسَى .. هَارُون وَمُوسَى فِي العَهْد القَدِيم يَرْمُزَان إِلَى الشَّرِيعَة وَالكَهَنُوت .. هَارُون يُمَثِّلٌ الكَهَنُوت وَمُوسَى يُمَثِّلٌ الشَّرِيعَة إِنْضَح عَلَيْهِمْ بِمَاء الخَطِيَّة .. قَدِيماً كَانُوا يُقَدِّمُون بَقَرَة ذَبِيحِة خَطِيَّة وَيُوضَعْ رَمَادَهَا فِي مَاء وَيُنْضَح بِهِ عَلَى النَّجِسِينْ لِذلِك قَالَ بُولِس الرَّسُول { مَرْشُوشَةً قُلُوبُنَا } ( عب 10 : 22 ) أتَى بِهَا مِنْ العَهْد القَدِيم .. قَالَ الله لِمُوسَى إِنْضَح بِمَاء الخَطِيَّة عَلَى اللاَّوِيِّين .. مَاء الذَّبِيحَة الَّتِي لِلخَطِيَّة يَصِير هُوَ هُوَ لِلتَّطْهِير .. المَاء الَّذِي لَهُ قُوَّة التَّطْهِير فِي العَهْد الجَدِيد هُوَ مَاء المَعْمُودِيَّة الَّتِي لَهَا قُوَّة المَوْت وَقُوَّة الحَيَاة .. نُدْفَنْ وَنَخْرُج .. أي هِيَ العُقُوبَة الَّتِي نَأخُذْهَا مِنْ جَرَّاء خَطَايَانَا وَنَخْرُج .. نَنَال حُكْم المَوْت وَحُكْم الحَيَاة .. نَأخُذْ مَاء الخَطِيَّة وَمَاء التَّطْهِير فِي نَفْس الوَقْت إِذاً هِيَ مَاء مُحْيِيَّة نَشْتَرِك فِي المَاء فِي حُكْم المُوْت وَنَشْتَرِك فِي حُكْم الصُّعُود مِنْ المَاء فِي حُكْم الحَيَاة وَالغَلْبَة .. قَالَ لَهُ طَّهِرَهُمْ بِمَاء الخَطِيَّة هؤُلاَء الَّذِينَ صَارَ المَوْت وَالقِيَامَة يَعْمَل فِيهُمْ طَّهِرَهُمْ قَالَ لَهُ أيْضاً إِحْلَق لَهُمْ شَعْرِهِمْ .. سَابِقاً قُلْنَا إِنَّ تَرْك الشَّعْر لِلرَّجُلٌ إِهْدَار لِكَرَامَتِهِ عَكْس المَرْأة وَأنَّ الشَّعْر يَنْبُت مِنْ الجَسَدٌ فَهُوَ إِشَارَة لأِعْمَال الجَسَدٌ .. هذَا الشَّعْر النَّفْس المُكَرَّسَة لله تَقُول لَهُ سَأُهْمِلٌ أعْمَال الجَسَدٌ لأِنِّي لاَ أُبَالِي بِالعَتِيق .. سَأخْلَعْ كُلَّ أعْمَال العَتِيق وَألْبِس الجَدِيد .. سَأنْزِل وَأتَطَّهَر بِمَاء الخَطِيَّة وَأنْزَع عَارِي لِذلِك كَيْ يُمَارِس الإِنْسَان الخَطِيَّة لاَبُدْ أنْ يَشْتَرِك فِي هذِهِ الذَّبِيحَة كَيْ يَتَمَتَّعْ الإِنْسَان بِبَرَكَات الصَّلِيب فِي حَيَاتِهِ كَيْ يَخْدِم .. بَعْدَمَا يَتَطَّهَرُوا يَبْدَأُون فِي تَقْدِيم القُرْبَان { فَتُقَدِّمُ اللاَّوِيِّينَ أَمَامَ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ وَتَجْمَعُ كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَتُقَدِّمُ اللاَّوِيِّينَ أَمَامَ الرَّبِّ فَيَضَعُ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْدِيهُمْ عَلَى اللاَّوِيِّينَ } ( عد 8 : 9 – 10 ) .. الشَّعْب يَأتِي بِاللاَّوِيِّين وَيَضَعْ النَّاس أيْدِيهِمْ عَلَيْهِمْ .. هكَذَا كَمَا كَانَ الخَاطِي يَأتِي بِالذَّبِيحَة وَيَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهَا فَتَنْتَقِلٌ الخَطِيَّة إِلَيْهَا هذَا يَعْنِي أنَّ الله أرَادَ أنْ يَخْتَار اللاَّوِيِّين كَيْ يَحْمِلُوا خَطَايَا الشَّعْب وَكَأنَّ خَطَايَا الشَّعْب صَارَ يَحْمِلْهَا اللاَّوِيِّين فَيُعْتَبَرُوا أنْفُسَهُمْ قَدْ صَارُوا ذَبَائِح فِديَة عَنْ خَطَايَا الشَّعْب لِذلِك الكَّاهِنْ يُطْلِق لَحْيَتَهُ وَيَلْبِس إِسْوِدٌ لأِنَّهُ صَارَ فِدْيَة عَنْ الشَّعْب .. طَرَحَ عَنْهُ كُلَّ أثْقَال وَتَرَكَ مَسَرَّات العَالَمْ وَعَاشَ نَذِير لله .. هذِهِ فِكْرِة أنَّهُ يُطْلِق لَحْيَتَهُ وَيَلْبِس إِسْوِدٌ وَفِي نَفْس الوَقْت يَشْعُر أنَّ كُلَّ نَقَائِص الشَّعْب هِيَ نَقَائِصَهُ وَخَطَايَا الشَّعْب هِيَ خَطَايَاه لِذلِك يَقُول { مِنْ أجْلٌ خَطَايَاي خَاصَّةً وَنَجَاسَات قَلْبِي }( مَا يَقُولَهُ الكَّاهِنْ فِي نِهَايِة القُدَّاس الغِرِيغُورِي بَعْد صَلاَة القِسْمَة ) .. { خَطَايَاي وَجَهَالاَت شَعْبَك } يُعْتَبَر اللاَّوِيِّين فِدْيَة عَنْ الشَّعْب وَأنَّهُمْ حَامِلِينْ خَطَايَا الشَّعْب وَعِوَض الشَّعْب .. كُنَّا نَرَى فِي دَاوُد هذَا الأمر وَنَجِدٌ مُوسَى يَخُر عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَمَا يَغْضَب الله عَلَى الشَّعْب حَتَّى أنَّ الكِتَاب قَالَ أنَّ مُوسَى فِي أحَدٌ المَرَّات أتَى بِالغُبَار عَلَى وَجْهِهِ .. لِمَاذَا يَا مُوسَى فَأنْتَ بَرِئ أُتْرُك الله يَتَصَرَّفْ مَعَ الشَّعْب لأِنَّهُ أخْطَأ .. يَقُول لاَ .. أنَا لَسْتُ بَرِئ .. أيْضاً يُعَاتِبْ الله فِي أحَدٌ المَرَّات وَيَقُول لَهُ أنَا حَمَلْت كُلَّ هذَا الشَّعْب وَوَلَدْتَهُ ( عد 11 : 12) وَكَأنَّهُ بِكُلَّ أمَانَة يَشْعُر بِنَقَائِصِهِمْ وَأثْقَالِهِمْ أنَّهَا لَهُ وَهُوَ يُقَدِّم نَفْسَهُ فِدْيَة عَنْ الشَّعْب .. قَالَ الله لِمُوسَى طَهَّر اللاَّوِيِّين لِيَكُونُوا لِي { وَتُفْرِزُ اللاَّوِيِّينَ مِنْ بَيْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَيَكُونُ اللاَّوِيُّونَ لِي . وَبَعْدَ ذلِكَ يَأْتِي اللاَّوِيُّونَ لِيَخْدُمُوا خَيْمَةَ الاِجْتِمَاعِ فَتُطَهِّرُهُمْ وَتُرَدِّدُهُمْ تَرْدِيدً لأِنَّهُمْ مَوْهُوبُونَ لِي هِبَةً مِنْ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ }( عد 8 : 14 – 16) .. جَيِّدٌ أنْ يَحْيَا الإِنْسَان مَوْهُوب لله .. جَيِّدٌ أنْ يَعِيش بِفِكْر أنَّ نَفْسَهُ لَيْسَت مِلْكُه وَحَيَاتِهِ لَيْسَت مِلْكُه وَهُوَ مَوْهُوب لله .. نَحْنُ كَجَمَاعَة مَفْدِيَّة وَجِنْس مُخْتَار إِسْمِنَا { شَعْبُ اقْتِنَاءٍ } ( 1بط 2 : 9 ) لأِنَّهُ إِقْتَنَانَا بِدَمِهِ .. أي نَحْنُ نَحْيَا فِي مِلْكِيَتِهِ نَحْنُ لَهُ مَوْهُوبُون لَهُ هِبَةً وَلاَبُدْ أنْ نُثْبِت ذلِك فِي حَيَاتِنَا وَأفْكَارَنَا وَاهْتِمَامَاتِنَا .. اللاَّوِي كَانَ لاَ يَعْمَلٌ أي عَمَلٌ سِوَى خِدْمِة الهِيكَل فَقَطْ لاَ يَعْمَلٌ فِي حَقْل أوْ زَرْع أوْ جَنْي أوْ ..... لِذلِك كَانَ مَكَانَهُمْ فِي تَوْزِيعْ الأسْبَاط أقْرَب نَاس لِلخَيْمَة .. الأسْبَاط كَانُوا مُنْتَشِرِينْ فِي أرْبَعَة مَجْمُوعَات حَوْلَ الخَيْمَة فِي شَكْل صَلِيب .. اللاَّوِيِّين حَوْلَ الخَيْمَة بِطَرِيقَة مُبَاشِرَة قَرِيبِينَ مِنْهَا جِدّاً الله كَانَ يُحَدِّدٌ لَهُمْ المُدَّة الَّتِي كَانُوا يَخْدِمُونَ فِيهَا مِنْ سِنْ 25 سَنَة حَتَّى 50 سَنَة .. أي أنَّهُ يَقُول أنَا أُرِيدْ قُوَّة وَشَبَاب وَحَيَوِيَّة وَطَاقَة .. { وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً هذَا مَا لِلاَّوِيِّينَ . مِنِ ابْنِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَة فَصَاعِداً يَأْتُونَ لِيَتَجَنَّدُوا أَجْنَاداً فِي خِدْمَةِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ . وَمِنِ ابْنِ خَمْسِينَ سَنَةً يَرْجِعُونَ مِنْ جُنْدِ الْخِدْمَةِ وَلاَ يَخْدُمُونَ بَعْدُ } ( عد 8 : 23 – 25 ) .. يَظِلٌ خَمْس سَنَوَات فِتْرِة إِخْتِبَارمِنْ سِنْ 25 سَنَة حَتَّى 30 سَنَة .. وَبَعْد سِنْ ألـ 50 سَنَة يَرْجَعُون عَنْ الخِدْمَة .. قَدْ نَقُول أنَّ الإِنْسَان يَنْتَهِي بَعْد عُمْر الخَمْسِين .. لاَ .. الشَّبَاب فِي الكِتَاب لَيْسَ هُوَ عُمْر بَلْ هُوَ حَالَة .. يُوْجَدٌ شَاب شِيخ وَشِيخ شَاب .. مَا الَّذِي يَحْكُمْ عَلَى الإِنْسَان بِالشَيْخُوخَة ؟ شَيْئَان نَشَاطْ رُوح الله دَاخِلَهُ وَعُبُودِيَتَهُ لِلخَطِيَّة .. يَظِلْ عُمْرَك شَبَاب دَائِماً أمَام الله كُلَّمَا إِزْدَادَ نَشَاطْ رُوح الله دَاخِلَك كُلَّمَا تَقَدَّمْت فِي الأيَّام وَتَعَتَّقْت فِي الفَضِيلَة كُلَّمَا صِرْتَ شَبَاب أكْثَر أمَام الله لِذلِك نَجِدٌ الإِنْسَان الَّذِي بِهِ رُوح الله ضَعِيف يَقُول يَا الله قَصِّر الأيَّام وَتَجِدُه مُحْبَطْ أمَّا الإِنْسَان الَّذِي بِهِ جِدَّة نَشَاطْ الرُّوح تَجِدٌ عِنْدَهُ أحْلاَم وَيَكُون عُمْرُه تُسْعُونَ عَاماً وَعِنْدَهُ طُمُوحَات وَعِنْدُه مَائَة عَام وَلَدَيْهِ طُمُوحَات وَاشْتِيَاقَات رُوح لَمْ تَتَحَقَّق بَعْد .. مَا الَّذِي يُعَجِّلٌ بِالشَيْخُوخَة ؟ عُبُودِيِة الخَطِيَّة تُعْطِي يَأس وَضُمُوروَمِنْ هُنَا يَنْحَصِر الرُّوح وَعِنْدَمَا يَنْحَصِر الرُّوح يُصَاب الإِنْسَان بِكَآبَة فَيَشْعُر وَهُوَ فِي عُمْر الثَّلاَثِينْ أنَّ عُمْرُه مَائَة عَام .. وَمِنْ هُنَا يُرَكِّزْ الكِتَاب عَلَى أنَّ عُمْر الإِنْسَان لاَ يُقَاس بِالأيَّام بَلْ بِنَشَاطْ الرُّوح دَاخِلَهُ .. الشَّبَاب فِي الإِنْجِيل حَالَة وَلَيْسَ تَقْيِيمْ لِحَيَاة لِذلِك طَلَبَ اللاَّوِيِّين مِنْ عُمْر الخَمِسَة وَالعُشْرُونَ عَاماً لِيَتَجَنَّدُوا أجْنَاداً فِي خَيْمَة الإِجْتِمَاع .. جَيِّدٌ أنْ يَشْعُر الإِنْسَان أنَّهُ يُقَدِّم أيَّامَهُ كُلَّهَا فِي حَالِة جُنْدِيَّة لِشَخْص رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح المُبَارَك . الأصْحَاح التَّاسِع :- يَتَكَلَّمْ عَنْ الحَرَكَة فِي البَّرِّيَّة أنَّهَا كَانَتْ بِقِيَادِة السَّحَابَة وَعَمُود النَّار .. فِي البِدَايَة كَانَ يُشِير لِعَمَل الفِصْح وَعِنْدَمَا رَتَّبُوا أنْفُسَهُمْ وَسَكَنُوا وَبَنُوا الخَيْمَة قَالُوا نَعْمَل الفِصْح وَمَعَ بِدَايِة عَمَل الفِصْح وَاجَهُوا مُشْكِلَة وَهيَ أنَّ البَعْض كَانَتْ لَدَيْهِمْ ظُرُوف وَلَمْ يَعْمَلُوا الفِصْح .. لِنَفْرِض إِنْسَان عِنْدَهُ مَيْت وَمُتَنَجِس بِمَيْت فَلاَ يَلِيقٌ أنْ يَعْمَل الفِصْح .. مَاذَا يَفْعَل ؟هؤُلاَء ذَهَبُوا إِلَى مُوسَى النَّبِي { وَقَالَ لَهُ أُولئِكَ النَّاسُ إِنَّنَا مُتَنَجِّسُونَ لإِنْسَانٍ مَيْتٍ . لِمَاذَا نُتْرَكُ حَتَّى لاَ نُقَرِّبَ قُرْبَانَ الرَّبِّ فِي وَقْتِهِ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ . فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى قِفُوا لأِسْمَعَ مَا يَأْمُرُ بِهِ الرَّبُّ مِنْ جِهَتِكُمْ } ( عد 9 : 7 – 8 ) .. قَالُوا لِمُوسَى لِمَاذَا نَحْنُ لاَ نُقَدِّم قُرْبَان ؟ جَمِيلٌ فِي مُوسَى أنَّهُ لَمْ يُجِيبْهُمْ بِسُرْعَة وَلَمْ يَقُلٌ لَهُمْ مَاذَا أفْعَل لَكُمْ الله يَفْعَل بِكُمْ مَا يُرِيدْ .. لاَ .. قَالَ لَهُمْ إِنْتَظِرُوا حَتَّى أعْرِف مَا يَأمُر بِهِ الله مِنْ جِهَتِكُمْ .. جَيِّدٌ أنَّهُ صَلَّى قَبْل أنْ يَأخُذْ قَرَار .. جَيِّدٌ هُوَ الإِنْسَان الغِير مُتَسَرِّع .. أنَا أُرِيد أنْ أعْرِف مَاذَا يُرِيدْ أنْ يَقُول الله .. المُشْكِلَة أكْبَر مِنِّي وَلاَ أعْلَمْ مَاذَا يُرِيدْ الله مِنْكُمْ جَيِّدٌ الإِنْسَان أنْ يَشْعُر بِأنَّ عِنْدَهُ رُوحٌ مَشُورَة يُحَاوِل أنْ يَتَكَلَّمْ فِعْلاً بِأقْوَال الله وَلَيْسَ بِفِكْرِهِ هُوَأوْ كَلاَمَهُ هُوَ .. جَيِّدٌ هُوَ الإِنْسَان الَّذِي لاَ يَشْعُر أنَّ عِنْدَهُ كُنُوز المَعْرِفَة وَيَأخُذْ قَرَارَات لِذلِك قَالَ الكِتَاب { لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ } ( 1تي 4 : 16 ) الله جَاوِبَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ نَفْس الشُّرُوط تُقِيمُوهَا وَلكِنْ فِي الشَّهْر التَّالِي فِي نَفْس اليَوْم أي لَوْ كَانَ الفِصْح فِي اليُوْم الرَّابِعْ عَشَر مِنْ الشَّهْر هؤُلاَء المُتَنَجِّسِينْ يُقِيمُوا الفِصْح فِي اليَوْم الرَّابِعْ عَشَر مِنْ الشَّهْر الَّذِي يَلِيه .. هذَا يُعَلِّمْنَا أنَّ الله عِنْدَهُ رُوح الوَصِيَّة وَلَيْسَ شَكْل الوَصِيَّة .. الشَّكْل عِنْدُه لاَ يَهِمْ وَكَأنَّهُ يَقُول لَك كُلَّ مَشَاكِلَك لَهَا عِنْدِي حَلٌ .. إِعْرِض مَشَاكِلَك وَأنَا أجِدٌ لَهَا الحَلٌ وَلاَ تَتْرُك عَدُو الخِير يَقُول لَك لاَ فَائِدَة مِنْ هذَا الأمر أوْ ذَاكَ بَلْ تُوْجَدٌ فَائِدَة وَيُوْجَدٌ الحَلٌ .. فِي الْمَسِيح يَسُوع سَنُقَدِّم الفِصْح .. جَيِّدٌ أنَّ الوَصِيَّة بِهَا مُرُونَة وَفِي نَفْس الوَقْت لاَ يُوْجَدٌ بِهَا تَسَيُّبْ .. جَيِّدٌ أنَّهُ يُوْجَدٌ رُوح الوَصِيَّة وَلاَ يُوْجَدٌ فِي نَفْس الوَقْت إِسْتِهْتَار .. مِثْلَمَا قَدَّمَ أبْيَاثَار خُبْز التَّقْدِمَة لِدَاوُد النَّبِي هذَا الخُبْز الَّذِي لاَ يَحِق لِغَيْر الكَهَنَة أنْ يَأكُلُوه .. لِذلِك عَلَيْنَا أنْ نَعْرِف أنَّ الله يُعْطِينَا حَلٌ وَفِي نَفْس الوَقْت نَحْذَر الإِسْتِهْتَار .. إِبْتَدَأَ الله يَقُودَهُمْ فِي البَّرِّيَّة .. جَيِّدٌ عِنْدَمَا كَانَ يَقُول أنَّ النَّفْس الَّتِي لاَ تُقَدِّم قُرْبَان تُقْطَعْ .. هذَا حُكْم الكَنِيسَة عَلَى النَّفْس الَّتِي لاَ تَتَقَدَّم إِلَى المَذْبَح .. النَّفْس الَّتِي تَبْتَعِدٌ عَنْ الأسَرَار تُبْعِدٌ نَفْسَهَا عَنْ شَرِكَة الجَمَاعَة المُقَدَّسَة السَّحَابَة كَانَتْ تُغَطِّي المَسْكَن نَهَاراً وَلَيْلاً .. الله يَقُود فِي البَّرِّيَّة .. يُغَطِّي فِي المَسَاء نَار وَعَمُودٌ السَّحَاب يَقُود نَهَاراً .. لِيل يُنِير وَيُضِئ وَسَحَاب يَقُود بِالنَّهَار .. { حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَرْتَحِلُونَ وَحَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ كَانُوا يَنْزِلُونَ } ( عد 9 : 18) .. مُجَرَّدٌ أنْ تَسْتَقِر السَّحَابَة يَجْلِسُون وَمُجَرَّدٌ أنْ تَتَحَرَّك يَرْتَحِلُون .. تَسْأل أحَدْهُمْ مَتَى تَسِيرُون ؟ يَقُول لاَ أعْلَمْ .. تَسْأل رَئِيس السِبْط مَتَى تَرْتَحِلُون ؟ يَقُول لاَ أعْلَم .. تَسْأل مُوسَى النَّبِي نَفْسَهُ مَتَى تَسِيرُون ؟ يَقُول لاَ أعْلَم وَقْتَمَا تَتَحَرَّك السَّحَابَة جَيِّدٌ هُوَ الإِنْسَان الَّذِي يَسِير بِحَسَبْ فِكْر الله وَلَيْسَ بِحَسَبْ فِكْرُه الذَّاتِي .. يَقُول { نَحْنُ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا نَعْمَلُ وَلكِنْ نَحْوَكَ أَعْيُنُنَا } ( 2أخ 20 : 12 ) .. سَنَتَحَرَّك مُجَرَّدٌ أنْ تَتَحَرَّك السَّحَابَة مُجَرَّدٌ أنْ تَأمُرْنَا بِأمْرٍ سَنَشْعُر .. قُلٌ لِي وَجِّه قَلْبَك فِي إِتِجَاه مُعَيَّنْ سَأفْعَل حَسَبْ أمْرَك وَأخْضَعْ حَسَبْ قَوْل الرَّبَّ كَانُوا يَسِيرُون وَحَسَبْ قَوْل الرَّبَّ كَانُوا يَسْتَقِرُون .. جَيِّدٌ أنْ يَعِيش الإِنْسَان حَسَبْ قَوْل الرَّبَّ مَتَى يَتَحَرَّك .. لكِنْ عَلَيْنَا شَيْئ مُهِمْ وَهُوَ أنْ تُتَابِعْ عُيُونَنَا السَّحَابَة حَتَّى لاَ تَتَحَرَّك هِيَ وَنَحْنُ وَاقِفُون .. لاَبُدْ أنْ تَكُون عَيْنِي عَلَى الإِنْجِيل .. عَلَى الوَصِيَّة .. لاَبُدْ أنْ أعْرِف مَاذَا يُرِيد الله مِنِّي حَتَّى لاَ يَأمُرْنِي أمر وَأنَا لاَ أُدْرِكَهُ لِذلِك لاَ تُفَارِق عَيْنَيْكَ السَّحَابَة .. { أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسْلُكُهَا . أَنْصَحُكَ . عَيْنِي عَلَيْكَ } ( مز 32 : 8 ) .. العَالَمْ مَمْلُوء فِخَاخ إِحْذَر العَالَمْ فَهُوَ مَمْلُوء مِنْ مَكْر العَدُو وَزَيَغَان العَالَمْ كَثِير وَكَثِيرُونَ تَاهُوا فِيهِ وَسَارُوا بِفِكْرِهِمْ .. تَكُون السَّحَابَة مَوْجُودَة وَيَقُول لَك هَيَّا سِير مَعِي تَقُول لَهُ لاَ لَيْسَ الآنْ .. يَقُول لَك لَقَدْ تَأخَّرْت هَيَّا سِير أنَا أعْرِف الطَّرِيق سِير خَلْفِي .. إِحْذَر .. حَسَبْ الأمر إِرْتَحِلٌ وَحَسَبْ الأمر سِر رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

دراسة فى سفر العدد ج3- تقديس المحلة وشريعة النذير

الأصْحَاح الخَامِس :- المَحَلَّة هِيَ المَكَان الَّذِي يَحِل فِيهِ الشَّعْب .. { وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً أَوْصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَنْفُوا مِنَ الْمَحَلَّةِ كُلَّ أَبْرَصَ وَكُلَّ ذِي سَيْلٍ وَكُلَّ مُتَنَجِّسٍ لِمَيْتٍ } ( عد 5 : 1 – 2 ) إِنْ كَانَ الله يَسْكُنْ وَسَطْ شَعْبِهِ إِذاً لاَبُدْ أنْ يَكُونَ الكُلَّ مُقَدَّس لِذلِك يَقُول نَقِّي المَحَلَّة مِنْ كُلَّ أبْرَص .. لِمَاذَا الأبْرَص ؟ قَدِيماً كَانَ البَرَص نَجَاسَة .. أي إِنْزَعُوا كُلَّ خَطَايَا الدَنَسْ فَلاَ يَلِيق أنْ يَسْكُنْ الله وَسَطْنَا وَفِي وَسَطْنَا أبْرَص أوْ دَنِس أوْ نَجَاسَة .. أي أنَّ الله لَنْ يَحِلْ دَاخِلَك إِلاَّ إِذَا تَنَقِيت { إِنْ رَاعَيْتُ إِثْماً فِي قَلْبِي لاَ يَسْتَمِعُ لِيَ الرَّبُّ } ( مز 66 : 18 ) .. إِجْتَهِدْ أنْ يَسْتَرِيح الله دَاخِلَك فَنَقِّي المَحَلَّة دَاخِلَك .. الله يُرِيدْ أنْ يَسْكُنْ فِي قَلْبِكَ لِذلِك يُرِيدَك أنْ تُنَقِّي قَلْبَك تُوْجَدْ فِي الكِتَاب تَعْبِيرَات ثَوَابِتْ مَثَلاً .. الذَّكَر يُشِير لِلنَّفْس ..الأُنْثَى تُشِير لِلجَسَد .. نَقِّي الذَّكَر وَالأُنْثَى أي النَّفْس وَالجَسَد .. النَّفْس هِيَ المَشَاعِر وَالمُيُول .. كَيْ يَسْكُنْ الله دَاخِلَك لاَبُدْ أنْ تُنَقِّي دَوَافِعَك وَمُيُولَك وَمَشَاعِرَك .. لاَبُدْ أنْ يَكُون الكَيَان كُلَّهُ فِي حَالِة نَقَاوَة كَيْ يَسْكُنْ الله النَّفْسَ وَالجَسَد { الذَّكَرَ وَالأُنْثَى تَنْفُونَ . إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ تَنْفُونَهُمْ لِكَيْلاَ يُنَجِّسُوا مَحَلاَّتِهِمْ حَيْثُ أَنَا سَاكِنٌ فِي وَسَْطِهِمْ . فَفَعَلَ هكَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ وَنَفُوهُمْ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ كَمَا كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى هكَذَا فَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ } ( عد 5 : 3 – 4 ) .. الله أمَرْ مُوسَى بِالتَّنْقِيَة وَالشَّعْب هُوَ الَّذِي نَفَّذْ .. أي لَنَا دُور بَعْضِنَا إِتِجَاه بَعْض نُنَقِّي بَعْض وَإِنْ كَانَ وَسَطْنَا دَنِس نُنَقِيه .. { اعْزِلُوا الْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ }( 1كو 5 : 13 ) .. إِنْ عَاشَ أحَدٌ وَسَطْنَا بِطَرِيقَة خَاطِئَة نُنْذِرَهُ وَنُصَلِّي لأِجْلِهِ لِذلِك لاَبُدْ أنْ نَهْتَمْ بِنَقَاوِة بَعْضُنَا البَعْض .. { نَفُوهُمْ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ } .. جَيِّدْ أنْ تَعْرِف أنَّ نَتِيجِة خَطِيِتَك نَفْي النَّفْس مِنْ حَضْرِة الله .. سَتُطْرَح مِنْ حَضْرَتِهِ أحْيَاناً إِتِكَالْنَا عَلَى مَرَاحِمْ الله تَجْعَلْنَا لاَ نَكْتَرِث بِخَطَايَانَا .. لاَ .. لَيْسَ مَعْنَى أنَّ الله رَحِيمْ أنْ نُصِرْ عَلَى خَطَايَانَا .. لَنْ يَسْكُنْ الله دَاخِلْنَا إِنْ كَانَ يُوْجَدْ دَنَس .. الله يُنَقِّي تَنْقِيَة جَمَاعِيَّة وَشَخْصِيَّة هذَا مَا حَدَث فِي الكِنِيسَة لَنَا تَوْبَة عَلَى مُسْتَوَى المَخْدَع الشَّخْصِي وَالإِعْتِرَاف الشَّخْصِي وَتُوْبَة عَلَى مُسْتَوَى الجَمَاعَة .. الله يُرِيدْ أنْ يُنَقِّي الإِنْسَان نَفْسَهُ { وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا عَمِلَ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ شَيْئاً مِنْ جَمِيعِ خَطَايَا الإِنْسَانِ وَخَانَ خِيَانَةً بِالرَّبِّ فَقَدْ أَذْنَبَتْ تِلْكَ النَّفْسُ فَلْتُقِرَّ بِخَطِيَّتِهَا الَّتِي عَمِلَتْ وَتَرُدَّ مَا أَذْنَبَتْ بِهِ بِعَيْنِهِ وَتَزِدْ عَلَيْهِ خُمْسَهُ وَتَدْفَعْهُ لِلَّذِي أَذْنَبَتْ إِلَيْهِ } ( عد 5 : 5 – 7 ) .. فَلْتُقِر بِالخَطِيَّة الَّتِي عُمِلَتْ هذَا هُوَ الإِعْتِرَاف .. الَّذِينَ يُهَاجِمُون سِر التُوْبَة وَالإِعْتِرَاف فَلْيَقْرأوا سِفْر العَدَد .. الإِعْتِرَاف مُنْذُ العَهْد القَدِيمْ .. الشَّرِيعَة تَقُول إِنْ أخَذَ إِنْسَان شِئ مِنْ إِنْسَان آخَرْ فَلْيُقِرْ بِذلِك وَيَرُدْ مَا أخَذَهُ وَيَزِيد عَلَيْهِ خُمْسَهُ .. الإِقْرَار بِالخَطِيَّة إِعْتِرَاف لكِنْ الَّذِي يُثْبِت جَمَال التُوْبَة أنْ تُرَدْ لَيْسَ كَافِ أنْ تَعْتَرِف أنَّ دَاخِلَك أفْكَار خَاطِئَة بَلْ لاَبُدْ أنْ تُخْرِجْهَا وَمَعَهَا زِيَادَة أي جُذُورْهَا وَالأُمُور الَّتِي لَيْسَت لَك وَسَلَبْتَهَا أي أسْبَاب الخَطِيَّة .. { كُلَّ أسْبَاب الخَطِيَّة إِنْزَعْهَا مِنْ أنْفُسَنَا }( إِبْصَالِيِة السَبْت ) .. جَيِّدْ أنْ تَشْعُر أنَّكَ عِنْدَمَا تُخْطِئ لاَبُدْ أنْ تَرُدْ مَا سَلَبْتَهُ هذَا يَجْعَلَك تُفَكِّرْ لأِنَّكَ سَتَرُدْ بِالزِّيَادَة يَقُول الله لَيْسَ فَقَطْ تَرُدْ مَا سَلَبْتَهُ بِزِيَادَة بَلْ تُقَدِّم أيْضاً كَبْش كَفَّارَة .. الله كُلِّيّ القَدَاسَة لِذلِك لاَبُدْ أنْ تَشْعُرْ أنَّ مَا يُعْطِيك الغُفْرَان هُوَ الذَّبِيحَة .. أي الْمَسِيح .. إِذاً لَيْسَ الإِعْتِرَاف كَافِي وَلاَ نَزْع الخَطِيَّة مِنْ جُذُورْهَا كَافِي بَلْ لاَبُدْ مِنْ ذَبِيحِة التَنَاوُل .. { الَّذِي يُكَفِّرُ بِهِ عَنْهُ } ( عد 5 : 8 ) .. كَبْش الكَفَّارَة الَّذِي لَنَا هُوَ الْمَسِيح .. كُلَّ إِنْسَان أخْطَأ فِي شِئ يُقِرْ بِهِ وَيَرُدَهُ ثُمَّ يَقُول لَك هَات كَبْش كَفَّارَة .. فَتَقُول لَهُ لَيْسَ لَدَيَّ كَبْش فَيُجِيبَك أنَا كَبْش الكَفَّارَة .. أنَا الذَّبِيحَة .. أنَا أُقَدِّم عَنْكَ وَبَدَلاً مِنْكَ أيْضاً مِنْ ضِمْن مَا أرَادَ الله تَنْقِيَتَهُ إِنْ وُجِدَت إِمْرَأة حُبْلَى وَشَكَّ بِهَا زَوْجِهَا وَقَالَ أنَّ مَا بِهَاهُوَ مِنْ زِنَى .. لِذلِك كَانَتْ فِي العَهْد القَدِيم شَرِيعِة المَاء المُرِّ وَهذِهِ الشَّرِيعَة تَقُول إِنْ إِعْتَرَفِت المَرْأة بِخَطِيِّتْهَا يُطَلِّقْهَا رَجُلَهَا وَلاَ تَأخُذْ أي حَقٌ مِنْ حُقُوقِهَا .. وَإِنْ لَمْ تُقِرْ بِالخَطِيَّة بَلْ أصَرَّت عَلَى أنَّهَا لَمْ تُخْطِئ يَأتِي الكَاهِنْ بِبَعْض المَاء وَيَقْرأ بَعْض الوَيْلاَت عَلَى قِطْعَة وَرَق ثُمَّ يُذِيب هذِهِ الوَرَقَة فِي المَاء .. هُوَ يَقْرأ الوَيْلاَت وَهيَ تَقُول آمِينْ .. ثُمَّ يُعْطِيهَا المَاء المُذَاب فِيهِ الوَرَقَة لِتَشْرَب .. إِنْ كَانَتْ مُخْطِئَة يَتَوَرَم جِسْمَهَا وَيَسْقُطْ فَخْذَيْهَا وَتَنْتَفِخ بَطْنَهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُخْطِئَة لاَ تَتَأثَّرْ بِشِئ فَيَعْتَذِرْ لَهَا زَوْجَهَا وَيَجْعَلْهَا الله مُثْمِرَة بِالأوْلاَدْ { وَيَسْتَحْلِفُ الْكَاهِنُ الْمَرْأَةَ وَيَقُولُ لَهَا إِنْ كَانَ لَمْ يَضْطَجِعْ مَعَْكِ رَجُلٌ وَإِنْ كُنْتِ لَمْ تَزِيغِي إِلَى نَجَاسَةٍ مِنْ تَحْتِ رَجُلِكِ فَكُونِي بَرِيئَةً مِنْ مَاءِ اللَّعْنَةِ هذَا الْمُرِّ . وَلكِنْ إِنْ كُنْتِ قَدْ زُغْتِ مِنْ تَحْتِ رَجُلِكِ وَتَنَجَّسْتِ وَجَعَلَ مَعَْكِ رَجُلٌ غَيْر رَجُلِكِ مُضْجَعَهُ . يَسْتَحْلِفُ الْكَاهِنُ الْمَرْأةَ بِحَلْفِ اللَّعْنَةِ وَيَقُولُ الْكَاهِنُ لِلْمَرْأَةِ يَجْعَلُكِ الرَّبُّ لَعْنَةً وَحَلِفاً بَيْنَ شَعْبِكِ بِأَنْ يَجْعَلَ الرَّبُّ فَخْذَكِ سَاقِطَةً وَبَطْنَكِ وَارِماً . وَيَدْخُلُ مَاءُ اللَّعْنَةِ هذَا فِي أَحْشَائِكِ لِوَرَمِ الْبَطْنِ وَلإِسْقَاطِ الْفَخْذِ . فَتَقُولُ الْمَرْأَةُ آمِينَ آمِينَ وَيَكْتُبُ الْكَاهِنُ هذِهِ اللَّعَنَاتِ فِي الْكِتَابِ ثُمَّ يَمْحُوهَا فِي الْمَاءِ الْمُرِّ وَيَسْقِي الْمَرْأَةَ مَاءَ اللَّعْنَةِ الْمُرِّ فَيَدْخُلُ فِيهَا مَاءُ اللَّعْنَةِ لِلْمَرَارَةِ ....... فَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَنَجَّسَتْ وَخَانَتْ رَجُلَهَا يَدْخُلُ فِيهَا مَاءُ اللَّعْنَةِ لِلْمَرَارَةِ فَيَرِمُ بَطْنُهَا وَتَسْقُطُ فَخْذُهَا فَتَصِيرُ الْمَرْأَةُ لَعْنَةً فِي وَسَطِ شَعْبِهَا . وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْمَرْأَةُ قَدْ تَنَجَّسَتْ بَلْ كَانَتْ طَاهِرَةً تَتَبَرَّأُ وَتَحْبَلُ بِزَرْعٍ } ( عد 5 : 19 – 28 ) الكَاهِنْ يُحَذِّرْ المَرْأة فِي بِدَايِة تَتْمِيمْ الشَّرِيعَة أنَّهُ سَيَظْهَرْ عَلَيْهَا عَلاَمَات اللَّعْنَة وَهيَ تَقُول آمِين فَإِنْ كَانَتْ خَاطِئَة تَظْهَر عَلَيْهَا عَلاَمَات اللَّعْنَة بَعْد أنْ تَشْرَب المَاء وَلكِنْ إِنْ لَمْ تَكُنْ خَاطِئَة تَبْرأ وَتَحْمِل بِزَرْعٍ أي يُعْطِيهَا الله ثَمَرْ كَثِير .. مَا هذَا ؟ هُنَاكَ مَعْنَى جَيِّدْ .. أجْمَل تَشْبِيه كَعِلاَقِة النَّفْس البَشَرِيَّة مَعَ الله هِيَ عِلاَقِة الزِّيجَة أي إِتِحَادْنَا مَعَهُ كَإِتِحَادْ عَرُوس بِعَرِيسْهَا .. أقْوَى عِلاَقَة لِنَفْرِض أنَّ النَّفْس زَاغِتْ عَنْ مَحَبِّة الله وَارْتَبَطِتْ بِآخَر ؟ هذَا زِنَى .. يَشْكُو العَرِيس عَرُوسه وَالعَرُوس تُنْكِرْ .. فَتُقَام شَرِيعِة المَاء المُرِّ .. مَا هِيَ الكَلِمَة المُذَابَة فِي المَاء ؟ هِيَ كَلِمَة الله الَّتِي تَدْخُلْ دَاخِلْنَا وَتَتَسَبَّبْ فِي كَشْف مَرَضْنَا أي تُدِينَنَا أوْ تَكُون سَبَبْ ثَمَرْ فِينَا قَدِيماً كَانَتْ المَرْأة الزَّانِيَة تُحْتَقَرْ .. أمَّا الأن فَلَكَ رَجَاء فِي الْمَسِيح يَسُوع فَهُوَ قَبَل الزَّانِيَة .. وَيَقُولُ لَكَ الرَّبَّ أنْتَ تُخْطِئ دُونَ أنْ تَشْعُرْ لِذلِك عِنْدَمَا تَرْتَوِي بِكَلِمَة الله الكَلِمَة تُدِينَك لكِنْ إِنْ شَعَرْت بِتَعْزِيَة مِنْهَا فَإِنَّهَا تُثْمِرْ أي تُبَرِّرْ النَّفْس وَتَصِير بَهْجَة وَخَلاَص .. كَثِيرُونَ مِنَّا يَشْتِكُون أنَّهُمْ لاَ يَفْهَمُونَ الكِتَاب .. هذَا مَعْنَاه خَطِير وَهُوَ أنَّهُ يُوْجَدْ زِنَى دَاخِلْنَا وَأنَّهُ يُوْجَدْ آخَر غَيْر الله وَبِالتَّالِي لاَ تُثْمِرْ الكَلِمَة وَلاَ تُعَزِّي .. بَعْض مِنْ التَّقْلِيد اليَهُودِي يَقُول أنَّ هذِهِ الشَّرِيعَة أُقِيمَت مَعَ أُمِنَا العَذْرَاء عِنْدَمَا شَكَّ فِيهَا يُوسِف البَار وَكَلِمَة الله دَاخِلْهَا أثْمَرِت .. قَدْ تَقُول أنَا غِير قَادِرْ عَلَى التَّفَاعُلْ مَعَ كَلِمَة الله وَلاَ أفْهَمْهَا لِذلِك قَرَرْت تَرْك الإِنْجِيل وَعَدَم القِرَاءة فِيهِ لاَ هذَا أمر خَاطِئ .. إِقْرأ وَسَتَفْهَمْ . الأصْحَاح السَّادِس :- مَادَامَتْ المَحَلَّة مُقَدَّسَة وَرُفِضَ مِنْهَا كُلَّ أبْرَص وَأُقِيمَت شَرِيعَة المَاء المُرِّ لِلتَّأكُدْ مِنْ النَقَاوَة سَتَجِدْ نِفُوس تُرِيدْ التَّقْدِيس بِالكَمَال لله أي نَذِيرَة لله .. ثَمَرْ الرُّوح أنْ يَخْرُج مِنْهَا مُبَشِرِينْ .. نَذِيرِينْ .. عَذَارَى .. إِرْتِفَاع في التَّقْدِيس .. لَمَّا تَقَدَّسُوا أرَادُوا أنْ يُنْذِرُوا حَيَاتِهِمْ لله { وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ . إِذَا انْفَرَزَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأةٌ لِيَنْذُرَ نَذْرَ النَّذِيرِ لِيَنْتَذِرَ لِلرَّبِّ فَعَنِ الْخَمْرِ وَالْمُسْكِرِ يَفْتَرِزُ وَلاَ يَشْرَبْ خَلَّ الْخَمْرِ وَلاَ خَلَّ الْمُسْكِرِ وَلاَ يَشْرَبْ مِنْ نَقِيعِ الْعِنَبْ وَلاَ يَأْكُلْ رَطِبْاً وَلاَ يَابِساً } ( عد 6 : 1 – 3 ) .. مِنْ جَمَال عِشْرِتَك مَعَ الله تَشْتَاق أنْ تَتَفَرَّغ لَهُ .. تَتَفَرَّغ مِنْ كُلَّ مَسَرَّات العَالَمْ لِتَكُون لَهُ وَحْدَهُ .. أُرِيدْ أنْ أنْفَصِل عَمَّنْ حَوْلِي .. لاَ أعْمَل عَمَلْ آخَر لِغَيْر الله .. أُرِيدْ أنْ أكُون لله وَلاَ تُوْجَدْ عَلَيَّ عُقُوبَة .. { بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً } ( تك 3 : 19 ) .. وَتَكُون حَيَاتِي سَمَاوِيَّة .. هذِهِ هِيَ شَرِيعِة النَّذِيرْ هُنَاكَ أنْوَاع مِنْ النَذْر .. فَهُنَاك مَنْ يُنْذِرْ حَيَاتُه كُلَّهَا .. وَهُنَاكَ مَنْ يُنْذِرْ فِتْرَة مُعَيَّنَة وَآخَر يُنْذِرْ حَتَّى تُحَلْ مُشْكِلَة تِتْعِبه .. شَمْشُون كَانَ نَذِيرْ مَدَى الحَيَاة .. أمَّا مَعَ بُولِس الرَّسُول فَالأمر إِخْتَلَفْ فَقَدْ نَذَرَ بَعْض اليَهُود أنْفُسَهُمْ حَتَّى يُمِيتُوا بُولِس .. النَّذِير يَتْرُك شَعْره وَلَهُ شُرُوط . شُرُوطْ النَّذْر :- (1) { عَنِ الْخَمْرِ وَالْمُسٍْكِرِ يَفْتَرِزُ } ( عد 6 : 3 ) .. مَا هُوَ الخَمْر ؟ الخَمْر لَهُ إِشَارَات عَدِيدِة فِي الكِتَاب .. مِنْهَا أنَّهُ يُشِير لأِفْرَاح العَالَمْ أي أنَّ النَّذِيرْ لاَ يَجِدْ مَسَرَّتَهُ وَلاَ فَرَحه فِي أفْرَاح العَالَمْ بَلْ يُفْطَمْ عَنْ مَسَرَّات العَالَمْ لِذلِك شَمْشُون وَيُوحَنَّا المَعْمَدَان كَانَا لاَ يَشْرَبَان الخَمْر .. لاَبُدْ أنْ تَبْتَعِدْعَنْ أفْرَاح العَالَمْ وَلاَ تَشْتَاق لَهُ .. لكِنْ لَيْسَ أي خَمْر بَلْ الخَمْر وَالمُسْكِر .. وَالمُسْكِر هُوَ المَسَرَّات الَّتِي بِهَا خَطِيَّة لكِنْ الخَمْر هُوَ مَبَاهِج العَالَمْ فَقَطْ .. إِذاً النَّذِير يَبْتَعِدْ عَنْ أفْرَاح العَالَمْ وَشُرُوره .. المُسْكِر دَرَجَة أعْلَى مِنْ الخَمْر . (2) { كُلَّ أَيَّامِ نَذْرِ افْتِرَازِهِ لاَ يَمُرُّ مُوسَى عَلَى رَأْسِهِ . إِلَى كَمَالِ الأيَّامِ الَّتِي انْتَذَرَ فِيهَا لِلرَّبِّ }( عد 6 : 5 ) .. أي إِنْ نَذَرَ نَفْسَهُ سِتَّة أشْهُر لاَ يَمُر مُوسَى عَلَى رَأسِهِ سِتَّة أشْهُر .. وَإِنْ نَذَرَ نَفْسَهُ العُمْر كُلَّهُ لاَ يَحْلِق رَأسَهُ طَوَال حَيَاتُه .. شَمْشُون كَانَتْ قُوَّتَهُ فِي شَعْرِهِ .. مَعْرُوف أنَّ إِرْخَاء الشَّعْر لِلمَرَأة تَاج لَهَا لكِنَّهُ عِيب لِلرَّجُلٌ .. وَكَأنَّ الرَّجُلٌ النَّذِير بِإِرْخَاءِهِ لِشَعْرِهِ يَقُول لِمَنْ حَوْلَهُ لَمْ تَعُدْ نَظْرِه النَّاس لِي مُهِمَّة بَلْ صَارَ شَكْلِي غِير مَقْبُول وَلاَ أهْتَمْ بِذلِك .. أي لاَ يَهْتَمْ بِكَرَامَات وَلاَ أفْرَاح العَالَمْ أيْضاً الأبَاء يَقُولُون أنَّ الشَّعْر يَنْبُت مِنْ الجَسَد وَالجَسَد يَمِيل لِلخَطِيَّة وَالشَّعْر هُوَ الشِئ المَيِّت الخَارِج مِنْ الجَسَد الحَيَّ .. بُصِيلِة الشَّعْر فَقَطْ هِيَ الجُزْء الحَيَّ أمَّا بَاقِي الشَّعْرفَهُوَ مَيِّتْ .. هذَا مَعْنَاه أنَّ النَّذِير لله يَقُول كُلَّ مَا يَخْرُج مِنْ جَسَدِي أُلْقِيه خَلْفِي وَأعْتِبِرُه شِئ أُضَّحِي بِهِ مِنْ أجل الله .. وَكُلَّمَا طَالَ شَعْرِي كُلَّمَا يَخْرُج مِنْ جَسَدِي مَا يُقَدَّم لله .. سَأُقَدِّم لَهُ مُوْت مِنْ حَيَاة .. كُلَّ مَا يَنْبُت مِنْ جَسَدِي مِنْ قُوَّة أُقَدِّمَهُ لله .. وَكُلَّ جِهَادْ أُقَدِّمَهُ لله .. جَيِّدْ أنْ أقُول لِنَفْسِي لَيْتَكَ تَسْتَغْنَى عَنْ كَرَامَات العَالَمْ وَكُلَّ مَا يَنْتُج مِنْ جَسَدِي يُقَدَّم لِحِسَابَك يَاالله وَسَأحْتَقِر مَبَاهِج العَالَمْ لأِنَّكَ أنْتَ يَاالله مَسَرَّتِي . (3) { كُلَّ أَيَّامِ انْتِذَارِهِ لِلرَّبِّ لاَ يَأْتِي إِلَى جَسَدِ مَيْتٍ . أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَأَخُوهُ وَأُخْتُهُ لاَ يَتَنَجَّسْ مِنْ أَجْلِهِمْ عِنْدَ مَوْتِهِمْ لأِنَّ انْتِذَارَ إِلهِهِ عَلَى رَأْسِهِ } ( عد 6 : 6 – 7 ) .. لِمَاذَا ؟ مَعْرُوف أنَّ المَوْت فِي العَهْد القَدِيم نَجَاسَة .. إِذاً مُلاَمَسِة المَيْت نَجَاسَة .. أي أنْتَ إِنْفَصَلْت عَنْ العَالَمْ وَمُتَّ عَنْهُ لِذلِك مَهْمَا كَانَ المَيِّتْ قَرِيب لَك .. أب .. أخ .. أُم .. أُخْت .. فَأنْتَ لاَ تَلْمِسَهُ لأِنَّكَ فُطِمْت عَنْ المَشَاعِر البَشَرِيَّة لأِنَّكَ فُطِمْت عَنْ النَّجَاسَة .. أي لاَبُدْ أنْ تَقْطَع كُلَّ رِبَاطَات الجَسَد وَلاَ تَكُنْ مِلْك لأِحَدٌ بَلْ أنْتَ لِلجَمِيع وَكَمَا قَالَ رَبَّ المَجْد يَسُوع { دَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ }( مت 8 : 22 ) .. فَيَكُون كُلَّ رَجُلٌ هُوَ أبُوك وَكُلَّ إِمْرَأة هِيَ أُمَّك وَكُلَّ شَابَّة هِيَ أُخْتَك وَكُلَّ شَاب هُوَ أخُوك إِنْ مَاتَ أحَدٌ عِنْدَك فَجْأة وَلَمَسْتَهُ تَكُون مُدَّة نَذْرَك السَّابِقَة كَأنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَلِتَعِدْ نَذْرَك مِنْ جَدِيدْ أي تُجَاهِدْ فِتْرَة ثُمَّ تَتَنَجَّس فَتَعُود لِلجِهَادْ مِنْ جَدِيدْ .. { أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ }( في 3 : 13) .. { لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ }( لو 9 : 62 ) .. حَتَّى وَإِنْ كَانَ المَيِّتْ قَدْ مَاتَ فَجْأة فَعَلَيْكَ أنْ تَكُونَ يَقِظ وَسَاهِر دَاخِلِياً أي إِنْ رَأيْتَ مَنْظَر رَدِئ لاَبُدْ أنْ يَكُون دَاخِلَك يَقَظَة رُوحِيَّة لِتَعْبُر عَنْهُ وَإِلاَّ فَلْتُعِيدْ المُدَّة مِنْ جَدِيدْ الله يَفْتَح لَكَ صَفَحَات جَدِيدَة حَتَّى نِهَايِة أيَّام النَّذْر{ وَأَمَّا الأيَّامُ الأُولَى فَتَسْقُطُ لأِنَّهُ نَجَّسَ انْتِذَارَهُ } ( عد 6 : 12 ) .. عِنْدَمَا يُتَمِّمْ نَذْرَهُ سَوَاء فِتْرِة سَنَة أوْ أشْهُر أوْ ........ لاَبُدْ مِنْ تَقْدِيم ذَبِيحَة بَعْد نِهَايِة النَّذْر .. بَعْد تَنْقِيَة المَحَلَّة كَانَتْ ذَبِيحَة وَبَعْد النَّذْر ذَبِيحَة .. { يَوْمَ تَكْمُلُ أَيَّامُ انْتِذَارِهِ يُؤْتَى بِهِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ فَيُقَرِّبُ قُرْبَانَهُ لِلرَّبِّ خَرُوفاً وَاحِداً حُوْلِيّاً صَحِيحاً مُحْرِقَةً وَنَعْجَةً وَاحِدَةً حُوْلِيَّةً صَحِيحَةً ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَكَبْشاً وَاحِداً صَحِيحاً ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ } ( عد 6 : 13 – 14 ) .. الذَّبَائِح كُلَّهَا إِشَارَة لِلْمَسِيح .. أي بِدُون صَلِيب يَتَعَطَّل نَذْرَك وَبِدُون صَلِيب نَذْرَك غِير مَقْبُول لِذلِك لاَبُدْ أنْ نَهْتَمْ بِشَخْص الْمَسِيح الَّذِي أكْمَلَ كُلَّ الذَّبَائِح بِذَبِيحَتِهِ .. لاَبُدْ أنْ تَكُون ذَبِيحِتْنَا مِنْ خِلاَلِهِ .. كُلَّ جِهَادْنَا بَاطِلٌ خَارِج الْمَسِيح وَغِير فَعَّال بِدُون الإِفْخَارِسْتِيَا .. تَخَيَّل أنَّكَ تُجَاهِدْ وَتَغْصِب نَفْسَك لِتَبْتَعِدْ عَنْ خَطِيَّة .. هذَا جَيِّدْ لكِنْ لاَبُدْ أنْ تُقَوِّي نَفْسَك بِالتَنَاوُل .. ذَبَائِح كَثِيرَة فِي العَهْد القَدِيم بِإِخْتِلاَف كِمِيَّتْهَا أوْ ثَمَنْهَا أوْ حَجْمَهَا لكِنْ كُلَّهَا تَرْمُز لِلْمَسِيح لَهُ المَجْد بَعْد إِنْتِهَاء النَّذْر يَحْلِق النَّذِير رَأسَهُ وَيَحْرِق شَعْرَهُ وَيَشْرَب خَمْر .. هذَا عَلاَمِة أنَّكَ قَدَّمَتَ ذَبِيحَة مِنْ جَسَدَك الَّتِي هِيَ أعْمَال جَسَدَك ضَعْهَا فِي نَار الذَّبِيحَة .. جِهَادَك بَاطِلٌ بِدُون ذَبِيحَة وَلِذلِك يَحْرِق شَعْرَهُ بِنَار الذَّبِيحَة كَذَبِيحِة حُب .. الخَمْر هُنَا يُشِير لِلفَرَح فَرَح الرُّوح لِذلِك بَعْد صُعُود الْمَسِيح أرْسَلَ الرُّوح القُدُس الَّذِي هُوَ الخَمْر المُفْرِحَة لِلكَنِيسَة جِهَادْنَا الرُّوحِي مَهْمَا كَانَتْ دَرَجْتُه لاَبُدْ أنْ يَعْقُبَهُ فَرَح وَأي جِهَادْ لاَ يَعْقُبَهُ فَرَح هُوَ إِجْتِهَادْ نَفْسِي وَلَيْسَ رُوحِي .. أي إِنْسَان إِعْتَذَرَ لأِخِيهِ لكِنَّهُ لَمْ يَفْرَح هذَا جِهَادْ نَفْسِي لكِنْ الَّذِي يَفْرَح بِالإِعْتِذَارأوْ الصَّلاَة أوْ ...... فَهذَا مِنْ الرُّوح .. أي جِهَادْ رُوحِي يَعْقُبَهُ فَرَح { وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً كَلِّمْ هَارُونَ وَبَنِيهِ قَائِلاً هكَذَا تُبَارِكُونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلِينَ لَهُمْ يُبَارِكُكَ الرَّبُّ وَيَحْرُسُكَ . يُضِئُ الرَّبُّ بِوَجْهِهِ عَلَيْكَ وَيَرْحَمُكَ . يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجْهَهُ عَلَيْكَ وَيَمْنَحُكَ سَلاَماً . فَيَجْعَلُونَ اسْمِي عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَنَا أُبَارِكُهُمْ } ( عد 6 : 22 – 27 ) .. الله أعْطَى هَارُون وَبَنِيهِ عِبَارَة يُبَارِكُونَ بِهَا الشَّعْب .. الله يُحِب أنْ يُعْطِي كَرَامَات لِشَعْبِهِ وَهذِهِ طَرِيقِة مُبَارَكَة الشَّعْب وَهيَ أيْضاً مُبَارَكَة كَاهِنْ العَهْد الجَدِيد لِشَعْبِهِ .. الكِنِيسَة أخَذِتْهَا بَرَكَة { يَارَبَّ خَلِّص شَعْبَك . بَارِك مِيرَاثَك ...... إِرْفَع شَأن الْمَسِيحِيِّينْ } ( مَا يَقُولُه الكَاهِنْ فِي خِتَام عَشِيَّة وَبَاكِرْ ) .. إِجْتَهِدْ أنْ تَسْمَع مُبَارَكِة الكِنِيسَة بِفَرَح وَالكَاهِنْ هُوَ كَاهِنْ الْمَسِيح إِذاً أنْتَ تَسْمَع المُبَارَكَة مِنْ فَمْ الْمَسِيح إِفْرَح بِالطَّقْس وَافْهَمُه .. هذِهِ بَرَكَة مِنْ الله وَكَأنَّهُ يَقُول لَك لاَ تَخْرُج مِنْ الكِنِيسَة بِدُون بَرَكِة الكَاهِنْ .. الأب الكَاهِنْ يُبَارِكَك بِإِسْم الْمَسِيح وَبِالبَرَكَة الَّتِي مِنْ فَمْ الْمَسِيح كُنْ مُتَجَاوِب مَعَ بَرَكَتِهِ رَبِّنَا يِكَمِلْ نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

دراسة فى سفر العدد ج2

سِفْر العَدَد يُمَثِّلْ مُرَافَقَة الله لَنَا فِي رِحْلِة غُرْبِتْنَا وَصَلاَح الله وَعَمَلُه وَمَحَبَّتَهُ لأِجل الإِنْسَان رَغمْ كُلَّ جُحُود الإِنْسَان .

دراسة فى سفر هوشع

فِي سِفْر هُوشَع النَّبِي 2 : 5 – 7 { لأِنَّ أُمَّهُمْ قَدْ زَنَتِ . الَّتِي حَبِلَتْ بِهِمْ صَنَعَتْ خِزْياً لأِنَّهَا قَالَتْ أَذْهَبُ وَرَاءَ مُحِبِّيَّ الَّذِينَ يُعْطُونَ خُبْزِي وَمَائِي صُوفِي وَكَتَّانِي زَيْتِي وَأَشْرِبَتِي . لِذلِك هأَنَذَا أُسَيِّجُ طَرِيقَكِ بِالشَّوْكِ وَأَبْنِي حَائِطَهَا حَتَّى لاَ تَجِدَ مَسَالِكَهَا . فَتَتْبَعُ مُحِبِّيهَا وَلاَ تُدْرِكُهُمْ وَتُفَتِّشُ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَجِدُهُمْ . فَتَقُولُ أَذْهَبُ وَأَرْجِعُ إِلَى رَجُلِي الأوَّلِ لأِنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ خَيْرٌ لِي مِنَ الآنَ } فِي عَصْر رَحْبَعَام حَدَثَ إِنْقِسَام لِلمَمْلَكَة إِلَى مَمْلَكَتَيْنِ مَمْلَكِة الشَّمَال وَهيَ مَمْلَكِة إِسْرَائِيل أوْ مَمْلَكِة السَّامِرَة .. وَمَمْلَكِة الجَنُوب وَهيَ مَمْلَكِة يَهُوذَا أوْ مَمْلَكِة أُورُشَلِيم وَكَانَ بِهَا الهِيكَل فَكَانَتْ مَمْلَكِة يَهُوذَا أكْثَرْ تَقْوَى مِنْ مَمْلَكِة إِسْرَائِيل الَّتِي كَانَتْ مَمْلُؤة عِبَادَات أصْنَام وَكُلَّ مُلُوكْهَا أشَرَاربَيْنَمَا بَعْض مُلُوك يَهُوذَا صَالِحِينْ هُوشَع النَّبِي هُوَ النَّبِي الوَحِيدْ الَّذِي خَرَجَ مِنْ مَمْلَكِة الشَّمَال بَيْنَمَا مُعْظَمْ الأنْبِيَاء بِإِسْتِثْنَاء هُوشَع خَرَجُوا مِنْ مَمْلَكِة الجَنُوب وَإِنْ كَانُوا قَدْ وَجَّهُوا كَلاَمَهُمْ أيْضاً إِلَى مَمْلَكِة الشَّمَال .. لِذلِك كَانَ الله دَائِماً يُنْذِر مَمْلَكِة الشَّمَال وَلكِنْ لَمَّا وَجَدَ أيْضاً أنَّ مَمْلَكِة الجَنُوب قَدْ إِنْتَقَلَتْ إِلَيْهَا عَدْوَى الشَّر أنْذَرْهَا هِيَ أيْضاً بِالتَّخَلِّي وَالسَبْي فَحَدَثَ أوَّلاً سَبْي مَمْلَكِة الشَّمَال ثُمَّ بَعْدَهَا سَبْي مَمْلَكِة الجَنُوب .. لِذلِك هُوشَع يُمَثِّلْ صُوْت الله لِمَمْلَكِة إِسْرَائِيل العَاصِيَة الشِّرِّيرَة .

دراسة فى سفر العدد ج1

{ وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى فِي بَرِّيَّةِ سِينَاءَ فِي خَيْمَةِ الاِجْتَمَاعِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ الثَّانِي فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِخُرُوجِهِمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ قَائِلاً أَحْصُوا كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِعَشَائِرِهِمْ وَبُيُوتِ آبَائِهِمْ بِعَدَدِ الأسْمَاءِ كُلَّ ذَكَرٍ بِرَأْسِهِ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِداً كُلَّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ فِي إِسْرَائِيلَ } ( عد 1 : 1 – 3 ) .. رُبَّمَا البَعْض يَعْتَبِرَهُ سِفْر أعْدَاد .. لاَ .. بَلْ هُوَ سِفْر بِهِ رَوْعَة لأِنَّهُ يُمَثِّل مَرْحَلِة وُجُودْهُمْ فِي البَرِّيَّة بِتَفَاصِيلْهَا وَهذِهِ البَرِّيَّة تُمَثِّلْ مَرْحَلِة غُرْبِتْنَا فِي العَالَمْ إِلَى أنْ نَتَمَتَّع بِدُخُول كَنْعَان لِذلِك أمَرَ الله فِي سِفْر العَدَد مَرَّتَيْن بِالإِحْصَاء مَرَّة فِي البِدَايَة وَمَرَّة فِي النِّهَايَة أي يُرِيدْ أنْ يَقُول هذَا عَدَدْكُمْ عِنْدَمَا خَرَجْتُمْ مِنْ مَصْر بِيَدٍ رَفِيعَة وَهذَا عَدَدْكُمْ لَمَّا دَخَلْتُمْ كَنْعَان .. الفَرْق هُوَ مَنْ ضَلَّ فِي الطَّرِيقٌ سِفْر التَّكْوِين هُوَ سِفْر الإِخْتِيَار وَالدَّعْوَة لأِنَّ الله إِخْتَارَ شَعْبَهُ مِنْ وَسَطْ الشُّعُوب .. إِخْتَارْنَا قَبْل تَأسِيس العَالَمْ كَمَا إِخْتَارَ إِبْرَاهِيم وَنَحْنُ أوْلاَده . سِفْر الْخُرُوج هُوَ سِفْر الخَلاَص .. خَلَّصْنَا .. أي لَمْ يَخْتَارْنَا فَقَطْ بَلْ وَخَلَّصَنَا وَيَقُول أنَا فَدَيْتَكُمْ بِالدَّم .. إِخْتَارْنَا فِي سِفْر التَّكْوِين لِيُخَلِّصْنَا فِي سِفْر الخُرُوج مِنْ سُلْطَان فَرْعُون . سِفْر اللاَّوِيِّين سِفْر تَقْدِيسْنَا .. أي أعْطَى شَرَائِع لِتَقْدِيسْنَا .

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل